باب الفرائض
كتاب فتح المعين في الفقه الشافعي
محتويات
باب الفرائض
أي مسائل قسمة المواريث جمع فريضة بمعنى مفروضة.
والفرض لغة التقدير وشرعا هنا نصيب مقدر للوارث.
وهو من الرجال عشرة: ابن وابنه وأب وأبوه وأخ مطلقا وابنه إلا من الأم وعم وابنه إلا للام وزوج وذو ولاء.
من النساء تسع: بنت وبنت ابن وأم وجدة وأخت وزوجة وذات ولاء.
ولو فقد الورثة كلهم فأصل المذهب أنه لا يورث ذوو الأرحام ولا يرد على أهل الفرض فيما إذا وجد بعضهم بل المال لبيت المال ثم إن لم ينتظم المال رد ما فضل عنهم عليهم غير الزوجين بنسبة الفروض ثم ذوي الأرحام وهم أحد عشر: ولد بنت وأخت وبنت أخ وعم وعم لأم وخال وخالة وعمة وأبو أم وأم أبي أم وولد أخ لام.
الفروض المقدرة في كتاب الله ستة: ثلثان ونصف وربع وثمن وثلث وسدس.
فالثلثان فرض أربعة لاثنين فأكثر من بنت وبنت ابن وأخت لأبوين ولأب وعصب كلا من البنت
وبنت الأبوين والأخت لأبوين أو لأب.
أخ ساوى له في الرتبة والإدلاء فلا يعصب ابن الابن البنت ولا ابن ابن الابن بنت ابن لعدم المساواة في الرتبة ولا يعصب الأخ لأبوين الأخت لأب ولا الأخ لأب الأخت لأبوين لعدم المساواة في الإدلاء وإن تساويا في الرتبة وعصب الأخريين أي الأخت لأبوين أو لأب الأوليان وهما البنت وبنت الابن والمعنى أن الأخت لأبوين أو لأب مع البنت أو بنت الابن تكون عصبة فتسقط أخت لأبوين اجتمعت
مع بنت أو بنت ابن أخا لأب كما يسقط الأخ لأب.
ونصف فرض خمسة لهن أي لمن ذكرنا حال كونهن منفردات عن أخواتهن وعن معصبهن ولزوج ليس لزوجته فرع وارث ذكرا كان أو أنثى.
وربع فرض اثنين له أي للزوج معه أي مع فرعها1 وربع لها أي لزوجة فأكثر دونه أي دون فرع له.
وثمن لها أي للزوجة معه أي مع فرع لزوجها.
وثلث فرض اثنين لام ليس لميتها فرع وارث ولا عدد اثنان فأكثر من إخوة ذكرا كان أو أنثى ولولديها أي ولدي أم فأكثر يستوي فيه الذكر والأنثى.
وسدس فرض سبعة لأب وجد لميتهما فرع وارث وأم لميتها ذلك أو عدد من إخوة وأخوات اثنان فأكثر وجدة أم أب وأم أم وإن علتا سواء كان معها ولد أم لا.
هذا إ لم تدل بذكر بين أنثيين فإن
أدلت به كأم أبي أم لم ترث بخصوص القرابة لأنها من ذوي الأرحام وبنت ابن فأكثر مع بنت أو بنت ابن أعلى منها وأخت فأكثر لأب مع أخت لأبوين وواحد من ولد أم ذكرا كان أو غيره وثلث باق بعد فرض الزوج أو الزوجة لام مع أحد زوجين وأب لا ثلث الجميع ليأخذ الأب مثلي ما تأخذه الأم فإن كانت مع زوج وأب فالمسألة من ستة للزوج ثلاثة وللأب اثنان وللام واحد وإن كانت مع زوجة وأب فالمسألة من أربعة للزوجة واحد وللام واحد وللأب اثنان واستبقوا فيهما لفظ الثلث محافظة على الأدب في موافقة قوله تعالى: {وورثه أبواه فلامه الثلث} [4 سورة النساء الآية: 11] وإلا فما تأخذه الأم في الأولى سدس وفي الثانية ربع.
ويحجب ولد ابن بابن أو ابن ابن أقرب منه ويحجب جد بأب وتحجب جدة لام بأم لأنها أدلت بها وجدة لأب بأب لأنها أدلت به وأم بالإجماع ويحجب أخ لأبوين بأب وابن وابنه وإن نزل ويحجب أخ لأب بهما أي بأب وابن وبأخ لأبوين وبأخت لأبوين معها بنت أو بنت ابن كما سيأتي ويحجب أخ لام بأب وأبيه وإن علا وفرع
وارث للميت وإن نزل ذكرا كان أو غيره ويحجب ابن أخ لأبوين بأب وجد وابن وابنه وإن نزل وأخ لأبوين أو لأب ويحجب ابن أخ لأب بهؤلاء الستة وبابن أخ لأبوين لأنه أقوى منه ويحجب عم لأبوين بهولاء السبعة وبابن أخ لأب وعم لأب بهؤلاء الثمانية وبعم لأبوين وابن عم لأبوين بهؤلاء التسعة وبعم لأب وابن عم لأب بهؤلاء العشرة وبابن عم لأبوين ويحجب ابن ابن أخ لأبوين بابن أخ لأب لأنه أقرب منه وبنات الابن بابن أو بنتين فأكثر للميت إن لم يعصب أخ أو ابن عم فإن عصبت به أخذت معه الباقي بعد ثلثي البنتين بالتعصيب والأخوات لأب بأختين لأبوين فأكثر إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن ويحجبن أيضا بأخت لأبوين معها بنت أو بنت ابن.
واعلم أن ابن الابن كالابن إلا أنه ليس له مع البنت مثلاها والجدة كالأم إلا أنها لا ترث الثلث ولا ثلث
الباقي بل فرضها دائما السدس والجد كالأب إلا أنه لا يحجب الإخوة لأبوين أو لأب وبنت الابن كالبنت إلا أنها تحجب بالابن والأخ لأب كالأخ لأبوين إلا أنه ليس له مع الأخت لأبوين مثلاها.
وما فضل من التركة عمن له فرض من أصحاب الفروض أو الكل أي كل التركة إن لم يكن له ذو فرض لعصبة وتسقط عند الاستغراق.
وهي ابن ف بعده ابنه وإن سفل فأب فأبوه وإن علا فأخ لأبوين وأخ لأب فبنوهما كذلك فعم لأبوين فلأب فبنوهما كذلك ثم عم الأب ثم بنوه ثم عم الجد ثم بنوه وهكذا ف بعد عصبة النسب عصبة الولاء وهو معتق ذكرا كان أو أنثى ف بعد المعتق ذكور عصبته دون إناثهم ويؤخر هنا الجد عن الأخ وابنه فمعتق المعتق فعصبته.
فلو اجتمع بنون وبنات أو إخوة وأخوات فالتركة لهم للذكر مثل حظ الاثنين وفضل الذكر بذلك لاختصاصه بلزوم ما لا يلزم الأنثى من الجهاد وغيره وولد ابن كولد وأخ لأب كأخ لأبوين فيما ذكر.
----
1 في نسخة: فروعها بدلا من: فرعها.
----
فصل في بيان أصول المسائل
أصل المسألة عدد الرؤوس إن كانت الورثة عصبات كثلاثة بنين أو
أعمام فأصلها ثلاثة وقدر الذكر أنثيين إن اجتمعا أي الصنفان من نسب ففي ابن وبنت يقسم المتروك على ثلاثة: للابن اثنان وللبنت واحد ومخارج الفروض اثنان وثلاثة وأربعة وستة وثمانية واثنا عشر وأربعة وعشرون.
فإن كان في المسألة فرضان فأكثر اكتفى عند تماثل المخرجين بأحدهما كنصفين في مسألة زوج وأخت فهي من الاثنين وعند تداخلهما بأكثرهما كسدس وثلث في مسألة أم وولديها وأخ لأبوين أو لأب فهي من ستة وكذا يكتفي في زوجة وأبوين وعند توافقهما بمضروب وفق أحدهما في الآخر كسدس وثمن في مسألة أم وزوجة وابن فهي من أربعة وعشرين حاصل ضرب وفق أحدهما وهو نصف الستة أو الثمانية في الآخر وعند تباينهما بمضروب أحدهما في الآخر كثلث وربع في مسألة أم وزوجة أخ لأبوين أو لأب فهي من اثني عشر حاصل ضرب ثلاثة في أربعة.
وأصل مسألة كل فريضة فيها نصفان كزوج وأخت لأب أو نصف وما بقي كزوج وأخ لأب اثنان مخرج النصف أو فيها ثلثان وثلث كأختين لأب وأختين لام أو ثلثان وما بقي كبنتين وأخ لأب أو ثلث وما بقي كأم وعم ثلاثة مخرج الثلث أو فيها ربع وما بقي كزوجة وعم
أربعة مخرج الربع أو فيها سدس وما بقي كأم وابن أو سدس وثلث كأم وأخوين لام أو سدس وثلثان كأم وأختين لأب أو سدس ونصف كأم وبنت ستة مخرج السدس أو فيها ثمن وما بقي كزوجة وابن أو ثمن ونصف ما بقي كزوجة وبنت وأخ لأب ثمانية مخرج الثمن أو فيها ربع وسدس كزوجة وأخ لام اثنا عشر مضروب وفق أحد المخرجين في الآخر أو فيها ثمن وسدس كزوجة وجدة وابن أربعة وعشرون مضروب وفق أحدهما في الآخر.
وتعول من أصول مسائل الفرائض ثلاثة ستة إلى عشرة وترا وشفعا فعولها إلى سبعة كزوج وأختين لغير أم وإلى ثمانية كهم وأم وإلى تسعة كهم وأخ لام وإلى عشرة كهم وأخ آخر لام.
وتعول اثنا عشر إلى سبعة عشر وترا فعوا لها إلى ثلاثة عشر كزوجة وأم وأختين لغير أم وإلى خمسة عشر كهم وأخ لام وإلى سبعة عشر كلهم وأخ آخر لأم.
وتعول أربعة وعشرون لسبعة وعشرين فقط كبنتين وأبوين وزوجة للبنتين ستة عشر وللأبوين ثمانية وللزوجة ثلاثة وتسمى
بالمنبرية لان عليا رضي الله عنه كان يخطب على منبر الكوفة قائلا: الحمد لله الذي يحكم بالحق قطعا ويجزي كل نفس بما تسعى وإليه المآل والرجعى فسئل حينئذ عن هذه المسألة فقال ارتجالا: صار ثمن المرأة تسعا ومضى في خطبته وإنما عالوا ليدخل النقص على الجميع كأرباب الديون والوصايا إذا ضاق المال عن قدر حصتهم.
فصل بفي بيان أحكام الوديعة
صح إيداع محترم بأودعتك هذا أو استحفظتكه وبخذه مع نية وحرم على عاجز عن حفظ الوديعة أخذها وكره على غير واثق بأمانته ويضمن وديع بإيداع غيره ولو قاضيا بلا إذن من المالك لا إن كان لعذر
كمرض وسفر وخوف حرق وإشراف حرز على خراب وبوضع في غير حرز مثلها وبنقلها إلى دون حرز مثلها وبترك دفع متلفاتها كتهوية ثياب صوف أو ترك لبسها عند حاجتها وبعدول عن الحفظ المأمور به من
المالك وبجحدها وتأخير تسليمها لمالك بلا عذر بعد طلب مالكها وبانتفاع بها كلبس وركوب بلا غرض المالك وبأخذ درهم مثلا من كيس فيه دراهم مودعة عنده وإن رد إليه مثله فيضمن الجميع إذا لم يتميز الدرهم المردود عن البقية لأنه خلطها بمال نفسه بلا تمييز فهو متعد فإن تميز بنحو سكة أو رد إليه عين الدرهم ضمنه فقط.
وصدق وديع كوكيل وشريك وعامل قراض بيمين في دعوى ردها على مؤتمنه لا على وارثه.
وفي قوله ما لك عندي وديعة وفي تلفها مطلقا أو بسبب خفي كسرقة أو بظاهر كحريق عرف دون عمومه فإن عرف عمومه لم يحلف حيث لا تهمة.
فائدة [في بيان أحكام الكذب] الكذب حرام وقد يجب: كما إذا سأل ظالم عن وديعة يريد أخذها فيجب إنكارها وإن كذب وله الحلف عليه مع التورية وإذا لم ينكرها ولم يمتنع من إعلامه بها جهده ضمن.
وكذا لو رأى معصوما اختفى من ظالم يريد قتله.
وقد يجوز كما إذا كان لا يتم مقصود حرب وإصلاح ذات البين وإرضاء زوجته إلا بالكذب فمباح.
ولو كان تحت يده وديعة لم يعرف صاحبها وأيس من معرفته بعد البحث التام صرفها فيما يجب على الإمام الصرف فيه وهو أهم مصالح المسلمين مقدما أهل الضرورة وشدة الحاجة لا في بناء نحو مسجد فإن جهل ما ذكر دفعه لثقة عالم بالمصالح الواجبة التقديم والأروع الأعلم أولى.
فصل في بيان أحاكم اللقطة
لو التقط شيئا لا يخشى فساده كنقد ونحاس بعمارة أو مفازة عرفه سنة في الأسواق وأبواب المساجد فإن
ظهر مالكه وإلا تملكه بلفظ تملكت وإن شاء باعه وحفظ ثمنه أو ما يخشى فساده كهريسة وبقل وفاكهة ورطب لا يتتمر فيتخير ملتقطة بين أكله متملكا له ويغرم قيمته وبين بيعه ويعرفه بعد بيعه ليتملك ثمنه بعد
التعريف فإن ظهر مالكه أعطاه قيمته إن أكله أو ثمنه إن باعه.
وفي التعريف بعد الأكل وجهان: أصحهما في العمارة وجوبه وفي المفازة قال الإمام: والظاهر أنه لا يجب لأنه لا فائدة فيه.
ولو وجد ببيته درهما مثلا وجوز أنه لمن يدخلونه عرفه لهم كاللقطة قاله القفال.
ويعرف حقير لا يعرض عنه غالبا وقيل هو درهم زمنا يظن أن فاقده يعرض عنه بعده غالبا.
ويختلف ذلك باختلاف المال: فدانق الفضة حالا والذهب نحو ثلاثة أيام أما ما يعرض عنه غالبا كحبة زبيب استبد به واجده بلا تعريف.
ومن رأي لقطة فرفعها برجله ليعرفها وتركها لم يضمنها.
ويجوز أخذ نحو سنابل الحصادين التي اعتيد الإعراض عنها ولو مما فيه زكاة خلافا للزركشي وكذا برادة الحدادين وكسرة الخبز من رشيد ونحو ذلك مما يعرض عنه عادة فيملكه آخذه وينفذ تصرفه فيه أخذا بظاهر أحوال السلف.
ويحرم أخذ ثمر تساقط إن حوط عليه وسقط داخل الجدار.
قال في المجموع: ما سقط خارج الجدار إن لم يعتد إباحته حرم وإن اعتيدت حل عملا بالعادة المستمرة المغلبة على الظن إباحتهم له.