باب الجناية
كتاب فتح المعين للميباري في الفقه الشافعي
محتويات
باب الجناية
مِن قَتْلٍ وَقَطْعٍ وغَيْرِهُما. والقَتْلُ ظُلْماً أكْبَر الكَبائِر بعد الكُفْرِ وَبِالقَوْدِ أو العَفْو لا تَبْقى مُطالَبةٌ أُخْرَويَّة. وَالفِعْلُ المُزْهِقُ ثَلاثةُ: عَمْد، وشِبْه عَمْد، وخَطَأ (لا قَصاصَ إلا في عَمْدٍ) بِخلافِ شُبْهَه والخَطأْ (وهو قَصْد فِعْل) ظُلْماً (و) عَيْن (شخْصِ) يعني الإِنْسان: إذ لَو قَصَد شخَصاً ظَنَّه ظبياً فبانَ إنساناً كان خَطأ (بما يقتل) غالباً جارِحاً كانَ كغَرْزِ إبرة بمْقتَل كدِماغٍ وعَيْنٍ وخاصِرَةٍ وإحْليلٍ ومَثانَة وعِجانٍ وهو ما بين الخَصْيَة والدُبُر أو لا: كَتَجْويعٍ وسَحْرٍ (وقَصْدهُما) أي الفِعْل والشَّخْصُ (بغيره) أي غير ما يقْتَلُ غالباً (شِبْه عَمْد) سواء أقُتِل كَثيراً أم نادِراً كضَرْبَة يُمْكِن عادَة إحالة الهلاكِ عَلَيْهَا، بخلافِها بنحو قَلَم أو مع خِفَّتِها جداً فهدْرٌ ولو غرز إِبرَةٍ بغير مقتل، كألية وفخِذ، وَتَألَّم حتى ماتَ فعَمدَ وإنْ لم يَظْهَرْ أَثَرٌ وماتَ حالاً فشِبْهُ عَمْدٍ وَلَوْ حَبسه كَأَن أَغْلَق باباً عليْه ومَنعَهُ الطَّعامَ والشَّرابَ أو أحَدَهُما والطَّلبَ لذلك حتى ماتَ جوعاً أو عَطَشاً، فإِن مَضَت مدَّة يموتُ مثلُه فيها غالباً جوعاً أو عَطشاً فعَمد لِظُهورِ قَصْد الإِهلاك به. ويختلف ذلك باختلاف حال المحبوس والزَّمَنِ قُوَّةً وحرّاً، وحدَّ الأطباءُ الجوعَ المُهلِكَ غالِباً باثنين وسَبْعين ساعةٍ متَّصلة، فإِم لم تَمَضِ المدة المذكورة ومات بالجوع: فإِن لم يكن به جوع أو عطش سابق فشِبْه عَمْد فيَجِبُ نِصْفُ دِيَّتِه لِحصولِ الهلاك بالأمرين، ومال ابن العماد فيمن أشار لإِنسانٍ بسِكيْن تخويفاً له فسقَطَت عليه من غير قَصْد إلى أنه عَمْدٌ موجبٌ للقَوْد. قال شيخنا: وفيه نظر، لأنه لم يقصد عينه بالآلة فالوجه أنه غير عمد. انتهى.
[تنبيه]: يجب قصاص بسبب كمُباشَرةٍ فيجب على مُكْرهٍ بغير حق بأن قال اقْتُل هذا وإلا لأَقْتُلنَّك فَقَتَله، وعلى مُكْرهٍ أيضاً، وعلى من ضيفٍ بمَسْمومٍ يَقْتُلُ غالباً غير مميز، فإِن ضيفَ به مُميزاً أو دسَّه في طَعامِه الغالبِ أَكْلَه مِنْه فأَكَلَهُ جاهِلاً فَشِبْهَ عَمْدٍ فَيلْزمُه دِيَّتَهُ ولا قَوْد لِتنَاوُلِه الطَّعامَ باخْتياره وفي قولِ قَصاصٍ لِتَغْريرهِ وفي قول لا شيء تغليباً لِلمُباشَرة، وعلى مَن ألقى في ماءٍ مُغْرقٍ لا يمكُنه التَّخلص مِنْه بِعَومٍ أو غيره وإن التَقَمهُ حوت ولو قبل وُصولِه الماء، فإِنْ أَمْكَنه تخلُّصُ بعَوْم أو غيره ومَنَعهُ مِنهُ عارِضٌ كمَوْجٍ وريحٍ فهلَك فشِبه عَمْدٍ ففيه ديَّته، وإن أمكنه فتركَهُ خوفاً أو عناداً فلا دية.
[فرع]: لو أمْسَكَه شَخْصٌ ولو لِلْقَتْل فَقَتَلَهُ آخر فالقَصاصُ على القاتِل دون المُمْسك، ولا قصاصَ على مَنْ أُكْرِهَ على صُعودِ شَجَرةٍ فَزَلقَ وماتَ، بل هو شبه عمْد إن كانَتْ مما يَزلَقُ على مِثْلها غالباً وإلا فخَطأً (وعدم قصد أحدهما) بأن لم يَقصِدْ الفِعْل كأَن زَلَقَ فوقع على غيره فقتَلهُ أو قَصَدَه فقط، كأن رمى لِهَدفٍ فأصابَ إنْساناً ومات (فخَطأ. ولو وُجد) بشخص (من شخصين معاً) أي حال كونهما مُقتَرِنينِ في زمن الجناية بأن تقارنا في الإصابة (فعلان مزهقان) للروح (مذففان) أي مسرعانِ للقَتْل (كَحَزِّ) للرقِبة (وقدّ) للجثة (أو لا) أي غير مذففين (كقطع عضوين) أي جرحين أو جرح من واحد وعشرة مثلاً من آخر فمات منهما (فقاتلان) فيقتلان: إذ رب جرح له نكاية باطناً أكثر من جروح فإِن ذفف أي أسرع للقتل أحدهما فقط فهو القاتِل فلا يَقتُل الآخر، وإن شككنا في تَذفيفِ جُرحِه، لأَن الأصْلَ عَدَمُهُ، والقَوْدَ لا يجب بالشَّكّ (أو) وُجِدا بِه مِنْهما (مرتباً ف) القاتِل (الأول إن أنهاهُ إلى حركة مذبوح) بأن لم يبقَ فيه إدراكٌ وإبصارٌ ونطقٌ وحركة اخْتيارِيّات ويُعزَّر الثاني وإن جنى الثاني قبل إنهاءِ الأَولِ إليْها وذَفَّف كحزَ بِه بعد جرح فالقاتل الثاني، وعلى الأول قصاصٌ العضو أو مال بحسب الحال وإن لم يُذفِّف الثاني أيضاً ومات المجني بالجنايتين كأن قطع واحد من الكوع والآخر من المِرفَق فقاتِلانِ لوجُودِ السِّراية منهما.
[فرع]: لو اندمَلَت الجِراحَة واستمَّرت الحِمى حتى ماتَ فإِن قال عَدلا طب إنها من الجرح فالقَوْد، وإلا فلا ضَمان (وشرط) أيْ لِلْقَصَاصِ في النَّفْسِ في القَتْل كونه عَمْداً ظُلماً فلا قَوْد في الخَطأ وَشِبْه العَمْد وغير الظلم و (في قَتيلِ عِصْمَة) بإِيمانٍ أوْ أمانٍ يَحقَنُ دَمُه بِعَقْدِ ذِمَّة أو عَهْدٍ فيهدر الحربي والمرتدُّ وزانٍ مُحْصَن قَتلَهُ مُسْلم ليس زانياً محصناً سِواءً أثبتَ زِناه بِبَينِّة أم بإِقْرار لم يَرْجِعْ عنه. وخرج بقولي ليس زانياً محصناً الزاني المحصَن فيقتل به ما لم يأمُره الإِمامُ بِقَتْله. قال شيخنا: ويظهر أن يلحَقَ بالزاني المُحصَن في ذلك كل مُهدَر كتارِكِ صلاةِ وقاطع طريق مُتحتَّمٌ قَتْله.
(والحاصل) أن المُهدَر معصومٌ على مثله في الإِهْدارِ وإن اختلفا في سببه ويدُ السَّارقِ مُهْدَرة إلا على مِثلِه سِواء المسَروق منهُ وغَيره، ومن عليه قصاصٌ كغيره في العِصْمة في حقِّ غير المستَحِق. فيُقتَل قاتِلَه ولا قِصاصَ على حربي وإن عُصِمَ بعدُ لِعَدَمِ التزامِه ولِما تَواتَر عَنْهُ عن أصْحابه مِن عَدَمِ الإِقَادَة مِمَّن أسْلمَ كوَحشي قاتل حمزة رضي الله عنهما، بخلاف الذمِّي فعليه القَوْد وإن أسْلَم (و) شَرْطٌ في قاتِل تَكْليفٍ فلا يُقْتَلُ صبيٌّ ومجنونٌّ حال القَتْل والمَذهب وجوبه على السَّكران المتَعدّي بتَناوُلِ مُسْكِرٍ فلا قَوْدَ على غير متعدّ به، ولو قالَ كُنْتُ وَقْتَ القَتْلِ صَبِياً وأمكن صِباه فيه أو مجنوناً وعَهِد جُنونه فيُصَدَّق بيمينه (ومكافأة) أي مساواة حال جناية بأن لا يفضل قتيله حال الجناية (بإِسلامٍ أو حُريةٍ أو أصالَةٍ) أو سيادةٍ فلا يقْتلُ مُسْلم ولوْ مُهْدَراً بِنحو زِنا بكافِر ولا حُرَ بمن فيه رقّ وإن قلَّ ولا أصلَ بِفرعِه وإِن سَفُل، ويُقْتَل الفِرع بأصْله، (ويُقْتَل جَمْعٌ بواحِد) كأن جَرَحوه جِراحاتٍ لها دَخل في الزهوق وإن فَحش بَعْضَها أو تفاوَتوا في عَدَدِها وإن لم يَتَواطَأوا أو كأن ألقَوْهُ من عالٍ أو في بَحر لما رَوى الشافعي رَضِيَ الله عَنْهُ وغَيره أن عمر رضي الله عنه قَتلَ خمسة أو سَبْعة قتلوا رَجُلاً غِيلة أي خَدِيعَةً بموْضِعٍ خالٍ وَقال وَلَوْ تَمالأَ عليْه أهْلُ صَنعاء لقتلهم به جميعاً، ولم يُنكَر عليه فصارَ إِجْماعاً. وَللولي العَفْو عَنْ بَعْضِهم على حِصَّته من الدية باعتبار عَددِ الرؤوسِ دون الجراحات ومن قُتِل جمعاً مرتباً قُتِل بأوَّلهم.
[فرع]: لو تصارَعا مثلاً ضِمْن بقوْد أو ديَّة كل منهما ما تولد في الآخر من الصِّراعَةِ لأن كلاًّ لم يأذَن فيما يُوءْدِّي إلى نحْو قَتْلٍ أو تَلَفِ عُضوٍ، قال شيخنا: ويَظْهَرُ أنه لا أثر لاعِتْيادِ أنْ لا مطالبة في ذلك بل لا بد في انْتِفائِها من صَريحِ الإِذن.
[تنبيه]: يَجِبُ قصاصٌ في أعضاء حَيْثُ أَمْكَنَ مِنْ غَيرهِ ظُلمٌ كَيدٍ ورِجْلٍ وأصابعٍ وأنامِلَ وذَكَر وأُنْثَيَينِ وأذنُ وسِنّ ولِسان وشَفَة وعَيْن وجِفْن ومارِن أنْفٍ وهو ما لانَ مِنْه ويشترط لِقصاصِ الطَّرف والجَرح ما شرط للنفس ولا يؤخذ يمين بيَسارٍ وأعلى بأسفل وعكسه، ولا قصاص في كسْرِ عظم، ولو قُطِعَت يد من وَسَط ذِراع اقتُصَّ في الكفِّ، وفي الباقي حكومة، ويقطع جَمعٌ بيد تحامَلوا عليها دفعة واحدةً بمحدَّد فأبانوها، ومَنْ قُتِلَ بِمُحَدَّدٍ أوْ خَنْقٍ أو تَجويع أو تَغْرِيقٍ بماء اقتُصَّ إن شاءَ بِمثْله، أو بِسحَرٍ فَبِسَيْفٍ (موجِبِ العمْد قَوْدٌ) أي قِصاصَ، سمي ذلك قوْداً لأنهم يقودون الجاني بحبْل وغيره. قاله الأزهري. (والدِّية) عند سقوطه بعفوٍ عَنْهُ عَلَيه أو بِغَيْر عفو (بدل) عنه.
فلو عفا المستَحِقُّ عَنْه مجاناً أو مُطْلقاً فلا شيء (وهي) أي الدية لقتل حرّ مسلم ذكر معصوم (مائةُ بعيرٍ مثلثة في عَمْدٍ وشبهه) أي ثلاثة أقسام، فلا نَظر لِتفَاوُتِها عَدَداً (ثلاثونَ حَقَّه وثلاثونَ جِذْعَة وأرْبعونَ خِلفَة) أي حاملاً بقول خَبيرَيْن (ومَخْمَسةٍ في خطأ من بنات مخاض و) بنات (لبونَ وبني لبون وحقاقٍ وجذَاعٍ) من كل منها عشرون، لخبر الترمذي وغيره، (إلا) إن وقع الخطأ (في) حَرَمِ (مَكَّة أو) في (أشهر حُرُم) ذي القعدة وذي الحجة والمحرّم ورجب (أو محرم رحم) بالإِضافة كأمّ وأخْتٍ (فمثلثة) كما فعله جمعٌ من الصَّحابة رضي الله عنهم وأقَرَّهم الباقون ولعِظَم حُرمة الثلاثة زجر عنها بالتغليظ مِن هذا الوجه ولا يَلْحَقُ بها حَرَمُ المدينَةِ ولا الإحرام ولا رمضان ولا أثر لمُحرم رِضاعٍ ومصاهرة. وخرج بالخطأ ضدّاه فلا يزيد واجبهما بهذه الثلاثة اكتفاء بما فيهما من التغليظِ وأما دية الأنثى والخنثى فنصف دية الذكر (ودية عمد على جان معجلة) كسائِر أبدالِ المُتْلفاتِ (و) ديَّة (غيره) من شبه عَمدٍ وخطأ وإن تثلثت (على عاقلة) للجاني (مؤجلة بثلاثِ سنين) على الغَنِيِّ مِنْهُمْ نِصْفُ دينارٍ والمتَوسِّطُ رُبْعٌ كُلّ سنة، فإِن لم يَفوا فَمِنْ بيت المال فإِن تعذرَ فعلى الجاني لخبر الصحيحين، والمعنى في كون الديَّة على العاقِلَة فيهما أَن القبائل في الجاهلية كانوا يقومونُ بنُصْرَةِ الجاني مِنْهُم ويَمنَعونَ أوْلياءَ الدَّم أخْذ حقِّهم، فأبدل الشرع تِلكَ النصرة ببذْل المالِ وخَصَّ تحملهم بالخطأ وشِبه العمَد لأنهما مما يكثر لاسيما في متعاطي الأسلحة فحَسُنَت إعانته لئلا يتضَرَّر بما هو معذور فيه وأُجِّلت الدية عليهم رفقاً بهم. وعاقلة الجاني عصباته المجمع على إرثهم بِنَسب أو وَلاءٍ إذا كانوا ذكوراً مكلفين غير أصل وفرع، ويقدم منهم الأقرب فالأقرب، ولا يُعقَلَ فقير، ولو كسوباً، وامرأة خنثى وغير مكلف (ولوْ عَدمت إبل) في المَحَل الذي يَجبُ تحصيلُها منه حِساً أو شَرعاً بأنْ وُجِدَت فيه بأكْثَرِ مِنْ ثَمَنِ المِثْل أو بَعُدَتْ وعَظُمَتِ المونَة والمَشَقَّة (ف) الواجِبُ (قيمَتُها) وَقْتَ وجوبِ التَسَّليمِ مِنْ غالِبِ نَقْد البَلد وفي القَديمِ الوَاجِب عند عَدَمها في النفْسِ الكامِلَة ألفَ مثقالٍ ذهباً أو اثنا عشرَ ألفِ درهم فضَّةٍ.
[تنبيه]: وكُل عضْوٍ مُفْردٍ فيه جَمالٍ ومَنْفَعة إذا قَطَعه وَجَبَتْ فيهِ دِيَّة كامِلَة مِثلُ دية صاحِب العضُوِ إذا قَتَله، وكذا كَلِ عُضْوَيْنِ من جِنْس إذا قَطَعَهُمَا فَفيهما الدية وفي أحَدِهما نِصْفُها، ففي قَطْعِ الأذُنَين الدية، وفي إحْداهِما النِّصف، ومثْلِهِما العَيْنانُ والشَّفتانِ والكَفَّانِ بِأصْبَعِهما والقَدمانِ بأَصْبَعِهما، وَفي كُلِّ إِصْبَعٍ عَشَر مِنَ الإِبِل، وفي كل سنّ خَمْس (و) يَثْبُتَ (القَوْد لِلوَرَثَة) العُصَبة وَذي الفُروضِ بِحَسَبِ إِرْثِهِمُ المالُ وَلَو مَعْ بُعْدِ القَرابَةِ كذي رَحِم إن وَرِثْناه أو مَعْ عَدَمِها كأَحَدِ الزَّوْحَيْنَ وَالمُعتَقُ وعُصْبَتَه.
[تنبيه]: يُحبَسُ الجاني إلى كمالِ الصبيِّ مِنَ الوَرَثة بِالبلُوغِ وَحُضورِ الغائِبِ أو إِذْنِه، فلاَ يَخْلي بِكَفيلٍ لأنه قد يَهرُبُ فَيقوتُ الحقُّ والكَلامُ في غيرِ قاطِع الطَّريقِ، أما هُو إذا تَحْتَّم قَتْلَه فيقْتُلَه الإِمام مُطْلقاً ولا يَسْتَوْفي القَوْد إلا واحدٍ مِنَ الوَرَثَة أو مِنْ غَيْرِهم بتَراضٍ منهم أو من باقيهم، أو بقُرعَةٍ بينَهم إذا لم يتراضَوا. ولو بادَرَ أحدُ المستَحِقِّين فَقَتَلَهُ عالماً تَحريمَ المُبادرَة فلا قَصاصَ عليه إن كان قبل عَفْوٍ مِنْهُ أو مِنْ غَيْرِه، وإلا فَعَلَيْهِ القَصَاصُ، ولوْ قَتَلَهُ أَجْنَبي أَخَذَ الوَرَثَة الدِّية مِن تِرْكَةِ الجاني لا مِن الأجْنَبي ولا يستوفي المُستَحِق القَوْدَ في نفسٍ أو غيرها إلا بإِذنِ الإِمام أو نائبَه فإِن استقلَّ به عُزِّر.
[تتمة]: يَجِبُ عِنْدَ هَيجانِ البَحر وخَوفِ الغَرقِ إلقاءَ غير الحيوان من المَتاعِ لسلامَة حيوانٍ مُحتَرم وإلقاءَ الدوابِّ لسلامةِ الآدمِي المحترم إن تعيَّن لدفع الغَرق وإن لم يَأْذَنِ المالِكُ. أما المِهدَر، كحَرْبي وزانٍ مُحْصَن، فلا يلقى لأجله مال مطلقاً، بل يَنْبَغِي أن يُلقى هو لأَجْلِ المالِ، كَما قالَهُ شَيخُنا، وَيَحرُم إِلقاءَ العَبيدِ لِلأَحْرارِ والدَّوابَ لما لا روحَ لَهُ، ويَضْمن ما ألقاهُ بلا إِذْنِ مالِكه، وَلَو قال لِرجُلٍ أَلقِ متاعَ زيدٍ وعليّ ضمانه إن طالبَكَ ففعَل ضَمِنَهُ المُلقْى لا الآمِرْ .
[فرع]: أفتى أبو إسحاق المروزي بحلّ سقى أمته دواء ليُسْقِطَ ولَدَها ما دامَ علقَةً أو مُضْغَةً، وبالغَ الحنفِيَّةُ فقالوا يجوزُ مُطلقاً. وكلام الإِحياء يدّ على التحْريم مُطْلقاً قال شَيخُنا وهُوَ الأوْجَه.
[خاتمة]: تَجِبُ الكَفَّارَةُ على مَن قَتلَ مَنْ يَحْرمَ قَتْلَهُ خَطأ كانَ أو عَمْداً وهي عِتْقُ رَقَبَةٍ، فإِنْ لم يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعيَن.