باب النكاح
كتاب فتح المعين في الفقه الشافعي
محتويات
- باب النكاح
- فصل في الكفاءة
- فصل في نكاح الأمة
- فصل في الصداق
- فصل في القسم والنشوز
- فصل في الخلع
- فصل في الطلاق
- فرع في حكم المطلقة بالثلاث
- فصل في الرجعة
- فصل في أحكام الإيلاء
- فصل في بيان أحكام الظهار
- فصل في العدة
- فصل في النفقة
- فرع في فسخ النكاح
- فصل في بيان أحكام الحضانة ونفقة المملوك
- الفهرست الرئيسية
باب النكاح
وهو لغة الضم والاجتماع ومنه قولهم تناكحت الأشجار: إذا تمايلت وانضم بعضها إلى بعض.
وشرعا عقد يتضمن إباحة وطئ بلفظ إنكاح أو تزويج وهو حقيقة في العقد مجاز في الوطء على الصحيح سن أي النكاح.
لتائق أي محتاج للوطء وإن اشتغل بالعبادة.
قادر على مؤنة من مهر وكسوة فصل تمكين ونفقة يومه
للأخبار الثابتة في السنن وقد أوردت جملة منها في كتابي إحكام أحكام النكاح1 ولما فيه من حفظ الدين وبقاء النسل.
وأما التائق العاجز عن المؤن فالأولى له تركه وكسر حاجته بالصوم لا بالدواء.
وكره لعاجز عن المؤن غير تائق.
ويجب بالنذر حيث ندب.
وسن نظر كل من الزوجين بعد العزم على النكاح وقبل الخطبة الآخر غير عورة مقررة في شروط الصلاة.
فينظر من الحرة وجهها ليعرف جمالها وكفيها ظهرا وبطنا ليعرف خصوبة بدنها.
وممن بها رق ما عدا ما بين السرة والركبة وهما ينظران منه ذلك.
ولا بد في حل النظر من تيقنه خلوها من نكاح وعدة وأن لا يغلب على ظنه أنه لا يجاب.
وندب لمن لا يتيسر له النظر أن يرسل نحو امرأة لتتأملها وتصفها له.
وخرج بالنظر: المس فيحرم إذ لا حاجة إليه.
مهمة [في بيان النظر المحرم والجائز وغير ذلك] يحرم على الرجل ولو شيخا هما تعمد نظر شيء من بدن أجنبية حرة أو أمة بلغت حدا تشتهى فيه ولو شوهاء أو عجوزا وعكسه خلافا للحاوي كالرافعي وإن نظر بغير شهوة أو مع أمن الفتنة على المعتمد لا في نحو مرآة كما أفتى به غير واحد وقول الأسنوي تبعا للروضة الصواب حل النظر إلى الوجه والكفين عند أمن الفتنة: ضعيف وكذا اختيار الأذرعي قول جمع يحل نظر وجه وكف عجوز يؤمن من نظرهما الفتنة.
ولا يحل النظر إلى عنق الحرة ورأسها قطعا وقيل يحل مع الكراهة النظر بلا شهوة وخوف فتنة إلى الأمة إلا ما بين السرة والركبة لأنه عورتها في الصلاة.
وليس من العورة الصوت فلا يحرم سماعه إلا إن خشي منه فتنة أو التذ به كما بحثه الزركشي.
وأفتى بعض المتأخرين بجواز نظر الصغير للنساء في الولائم والأفراح والمعتمد عند الشيخين عدم جواز نظر فرج صغيرة لا تشتهى وقيل يكره ذلك.
وصحح المتولي حل نظر فرج الصغير إلى التمييز وجزم به غيره وقيل يحرم.
ويجوز لنحو الأم نظر فرجيهما ومسه زمن الرضاع والتربية
للضرورة وللعبد العدل النظر إلى سيدته المتصفة بالعدالة ما عدا ما بين السرة والركبة كهي ولمحرم ولو فاسقا أو كافرا نظر ما وراء سرة وركبة منها كنظرها إليه ولمحرم ومماثل مس ما وراء السرة والركبة نعم: مس ظهر أو ساق محرمة كأمه وبنته وعكسه لا يحل إلا لحاجة أو شفقة وحيث حرم نظره حرم مسه بلا حائل لأنه أبلغ في اللذة.
نعم: يحرم مس وجه الأجنبية مطلقا وكل ما حرم نظره منه أو منها متصلا حرم نظره منفصلا: كقلامة يد أو رجل وشعر امرأة وعانة رجل فيجب مواراتهما.
وتحتجب وجوبا مسلمة عن كافرة وكذا عفيفة عن فاسقة أي بسحاق أو زنا أو قيادة.
ويحرم مضاجعة رجلين أو امرأتين عاريين في ثوب واحد وإن لم يتماسكا أو تباعدا مع اتحاد الفراش خلافا للسبكي وبحث استثناء الأب أو الأم لخبر فيه بعيد جدا.
ويجب التفريق بين ابن عشر سنين وأبويه وإخوته في المضجع وإن نظر فيه بعضهم بالنسبة للأب أو الأم.
ويستحب تصافح الرجلين أو المرأتين إذا تلاقيا.
ويحرم مصافحة الأمرد الجميل كنظره بشهوة.
ويكره مصافحة من به عاهة كالأبرص والأجذم.
ويجوز نظر وجه المرأة عند المعاملة ببيع وغيره للحاجة إلى معرفتها وتعليم ما يجب تعلمه كالفاتحة دون ما يسن على الأوجه والشهادة تحملا وأداء لها أو عليها وتعمد النظر للشهادة لا يضر وإن تيسر وجود نساء أو محارم يشهدن على الأوجه.
ويسن خطبة بضم الخاء من الولي.
له أي للنكاح الذي هو العقد بأن تكون قبل إيجابه فلا تندب أخرى من المخاطب قبل قبوله كما صححه في المنهاج بل يستحب تركها خروجا من خلاف من أبطل بها كما صرح به شيخنا وشيخه زكريا رحمهما الله لكن الذي في الروضة وأصلها ندبها.
وتسن خطبة أيضا قبل الخطبة وكذا قبل الإجابة فيبدأ كل بالحمد والثناء على الله تعالى ثم بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يوصي بالتقوى ثم يقول في خطبة الخطبة: جئتكم راغبا في كريمتكم أو فتاتكم وإن كان وكيلا: قال: جاءكم موكلي أو جئتكم عنه خاطبا كريمتكم فيخطب الولي أو نائبه كذلك ثم يقول لست بمرغوب عنك.
ويستحب أن يقول قبل العقد أزوجك على ما أمر الله به عز وجل من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
----
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: في بعض نسخ الخط إسقاط الأولى. انتهى أي: كتابي أحكام الزواج.
----
فروع يحرم التصريح بخطبة المعتدة من غيره رجعية كانت أو بائنا بطلاق أو فسخ أو موت.
ويجوز التعريض بها في عدة غير رجعية وهو: كأنت جميلة ورب راغب فيك.
ولا يحل خطبة المطلقة منه ثلاثا حتى تتحلل وتنقضي عدة المحلل إن طلق رجعيا وإلا جاز التعريض في عدة المحلل.
ويحرم على عالم بخطبة الغير والإجابة له خطبة على خطبة من جازت خطبته وإن كرهت وقد صرح لفظا بإجابته إلا بإذنه له من غير خوف ولا حياء أو بإعراضه: كأن طال الزمن بعد إجابته ومنه سفره البعيد.
ومن استشير في خاطب أو نحو عالم يريد الاجتماع به ذكر وجوبا مساويه بصدق: بذلا للنصيحة الواجبة. ودينة أي نكاح المرأة الدينة التي وجدت فيها صفة العدالة أولى من نكاح الفاسقة ولو بغير نحو زنا للخبر المتفق عليه "فاظفر بذات الدين" [البخاري رقم: 5090, مسلم رقم: 1466] .
ونسيبة أي معروفة الأصل وطيبته لنسبتها إلى العلماء والصلحاء أولى من غيرها: لخبر: تخيروا لنطفكم
ولا تضعوها في غير الأكفاء [راجع ابن ماجه رقم: 1968] .
وتكره بنت الزنا والفاسق.
وجميلة أولى: لخبر: "خير النساء من تسر إذا نظرت" [مستدرك الحاكم 2/161] .
وقرابة بعيدة عنه ممن في نسبه أولى من قرابة قريبة وأجنبية لضعف الشهوة في القريبة فيجئ الولد نحيفا.
والقريبة من هي في أول درجات العمومة والخؤولة.
والأجنبية أولى من القرابة القريبة ولا يشكل ما ذكر بتزوج النبي ص زينب مع أنها بنت عمته لأنه تزوجها بيانا للجواز ولا بتزوج علي فاطمة رضي الله عنهما لأنها بعيدة إذ هي بنت ابن عمه لا بنت عمه.
وبكر أولى من الثيب للأمر به في الأخبار الصحيحة إلا لعذر: كضعف آلته عن الاقتضاض.
وولود وودود أولى للأمر بهما.
ويعرف ذلك في البكر بأقاربها.
والأولى أيضا أن تكون وافرة العقل وحسنة الخلق وأن لا تكون ذات ولد من غيره إلا لمصلحة وأن لا تكون شقراء ولا طويلة مهزولة للنهي عن نكاحها.
ومحل رعاية جميع ما مر حيث لم تتوقف العفة على غير متصفة
بها وإلا فهي أولى.
قال شيخنا في شرح المنهاج: ولو تعارضت تلك الصفات فالذي يظهر أنه يقدم الدين مطلقا ثم العقل وحسن الخلق ثم الولادة ثم النسب ثم البكارة ثم الجمال ثم ما المصلحة فيه أظهر بحسب اجتهاده.
انتهى.
وجزم في شرح الإرشاد بتقديم الولادة على العقل.
وندب للولي عرض موليته على ذوي الصلاح.
ويسن أن ينوي بالنكاح السنة وصون دينه وإنما يثاب عليه إن قصد به طاعة من نحو عفة أو ولد صالح.
وأن يكون العقد في المسجد ويوم الجمعة وأول النهار وفي شوال وأن يدخل فيه أيضا.
أركان النكاح خمسة
أركانه أي النكاح خمسة:
1- زوجة
2- وزوج
3- وولي
4- وشاهدان
5- وصيغة.
وشرط فيها أي الصيغة.
إيجاب من الولي وهو كزوجتك أو أنكحتك موليتي فلانة فلا يصح الإيجاب إلا بأحد هذين اللفظين لخبر مسلم: [رقم: 1218] : "اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله" وهي ما ورد في كتابه ولم يرد فيه غيرهما.
ولا يصح بأزوجك أو أنكحك على الأوجه ولا بكناية كأحللتك ابنتي أو عقدتها لك.
وقبول متصل به أي بالإيجاب من الزوج وهو كتزوجتها أو نكحتها فلا بد من دال عليها من نحو اسم أو ضمير أو إشارة.
أو قبلت أو رضيت على الأصح خلافا للسبكي.
لا فعلت نكاحها أو تزويجها أو قبلت النكاح أو التزويج على المعتمد لا قبلت ولا قبلتها مطلقا أي المنكوحة ولا قبلته أي النكاح.
والأولى في القبول: قبلت نكاحها لأنه القبول الحقيقي.
وصح النكاح بترجمة أي ترجمة أحد اللفظين بأي لغة ولو ممن يحسن العربية لكن يشترط أن يأتي بما يعده أهل تلك اللغة صريحا في لغتهم.
هذا إن فهم كل كلام نفسه وكلام الآخر والشاهدان.
وقال العلامة التقي السبكي في شرح المنهاج: ولو تواطأ أهل قطر على لفظ في إرادة النكاح من غير صريح ترجمته لم ينعقد النكاح به. انتهى.
والمراد بالترجمة ترجمة معناه اللغوي كالضم فلا ينعقد بألفاظ اشتهرت في بعض الأقطار للإنكاح كما أفتى به شيخنا المحقق الزمزمي.
ولو عقد القاضي النكاح بالصيغة العربية لعجمي لا يعرف معناها الأصلي بل يعرف أنها موضوعة لعقد النكاح صح كذا أفتى به شيخنا والشيخ عطية.
وقال في شرحي الإرشاد والمنهاج: أنه لا يضر لحن العامي كفتح تاء المتكلم وإبدال الجيم زايا أو عكسه.
وينعقد بإشارة أخرس مفهمة وقيل لا ينعقد النكاح إلا بالصيغة العربية فعليه يصبر عند العجز إلى أن يتعلم أو يوكل وحكي هذا عن أحمد.
وخرج بقولي متصل ما إذا تخلل لفظ أجنبي عن العقد وإن قل: كأنكحتك ابنتي فاستوص بها خيرا.
ولا يضر تخلل خطبة خفيفة من الزوج وإن قلنا بعدم استحبابها خلافا للسبكي وابن أبي الشريف ولا فقل قبلت نكاحها لأنه من مقتضى العقد.
فلو أوجب ثم رجع عن إيجابه أو رجعت الآذنة في إذنها قبل القبول أو جنت أو ارتدت امتنع القبول.
فرع لو قال الولي زوجتكها بمهر كذا فقال الزوج قبلت نكاحها ولم يقل على هذا الصداق: صح النكاح بمهر المثل خلافا للبارزي.
لا يصح النكاح مع تعليق كالبيع بل أولى لاختصاصه بمزيد الاحتياط: كأن يقول الأب للآخر إن كانت بنتي طلقت أو اعتدت فقد زوجتكها فقبل ثم بان انقضاء عدتها وأنها أذنت له: فلا يصح لفساد الصيغة بالتعليق.
وبحث بعضهم الصحة في إن كانت فلانة موليتي فقد زوجتكها وفي زوجتك إن شئت كالبيع: إذ لا تعليق في الحقيقة.
ولا مع تأقيت للنكاح بمدة معلومة أو مجهولة فيفسد لصحة النهي عن نكاح المتعة وهو المؤقت ولو بألف سنة.
وليس منه ما لو قال زوجتكها مدة حياتك أو حياتها لأنه مقتضى العقد بل يبقى أثره بعد الموت.
ويلزمه في نكاح المتعة المهر والنسب والعدة ويسقط الحد إن عقد
بولي وشاهدين فإن عقد بينه وبين المرأة وجب الحمد إن وطئ: وحيث وجب الحد لم يثبت المهر ولا ما بعده1.
وينعقد النكاح بلا ذكر مهر في العقد بل يسن ذكره فيه وكره إخلاؤه عنه نعم لو زوج أمته بعيده لم يستحب.
وشرط في الزوجة أي المنكوحة خلو من نكاح وعدة من غيره وتعيين لها فزوجتك إحدى بناتي باطل ولو مع الإشارة ويكفي التعيين بوصف أو إشارة كزوجتك بنتي وليس له غيرها أو التي في الدار وليس فيها غيرها أو هذه وإن سماها بغير اسمها في الكل بخلاف زوجتك فاطمة وإن كان اسم بنته إلا إن نوياها ولو قال زوجتك بنتي الكبرى وسماها باسم الصغرى صح في الكبرى لان الكبر صفة قائمة بذاتها بخلاف الاسم فقدم عليه: ولو قال: زوجتك بنتي خديجة فبانت بنت ابنه صح إن نوياها أو عينها بإشارة أو لم يعرف لصلبه غيرها وإلا فلا.
وشرط فيها أيضا عدم محرمية بينها وبين الخاطب بنسب فيحرم به آخر لآية: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ} [4 سورة النساء الآية: 23] نساء قرابة غير ما دخل في ولد عمومة وخؤولة فحينئذ يحرم نكاح أم وهي من
ولدتك أو ولدت من ولدك ذكرا كان أو أنثى وهي الجدة من الجهتين وبنت وهي من ولدتها أو ولدت من ولدها ذكرا كان أو أنثى لا مخلوقة من ماء زناه وأخت وبنت أخ وأخت وعمة وهي أخت ذكر ولدك وخالة وهي أخت أنثى ولدتك.
فرع لو تزوج مجهولة النسب فاستلحقها أبوه ثبت نسبها ولا ينفسخ النكاح إن كذبه الزوج ومثله عكسه
بأن تزوجت مجهولا فاستلحقه أبوها ولم تصدقه.
أو رضاع فيحرم به أي بالرضاع من يحرم بنسب للخبر المتفق عليه: "ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" فمرضعتك ومرضعتها ومرضعة من ولدك من نسب أو رضاع وكل من ولدت مرضعتك أو ذا لبنها أمك من رضاع والمرتضعة بلبنك ولبن فرعك نسبا أو رضاعا وبنتها كذلك وإن سفلت بنتك والمرتضعة بلبن أحد أبويك نسبا أو رضاعا أختك وقس على هذا بقية الأصناف المتقدمة.
ولا يحرم عليك برضاع من أرضعت أخاك أو ولد ولدك ولا أم مرضعة ولدك وبنتها وكذا أخت أخيك لأبيك أو لامك من نسب أو رضاع.
----
1 قال الشيخ علوي السقاف رحمه الله: إن عقد بولي إلى قوله: وينعقد النكاح يوجد في نسخ الطبع ولم أره في شيء من نسخ الخط. انتهى.
----
تنبيه [في بيان شروط الرضاع] الرضاع المحرم وصول لبن آدمية بلغت سن حيض ولو قطرة أو مختلطا بغيره وإن قل جوف رضيع لم يبلغ حولين يقينا خمس مرات يقينا عرفا فإن قطع الرضيع إعراضا وإن لم يشتغل بشيء آخر أو قطعته المرضعة ثم عاد إليه فيهما فورا فرضعتان أو قطعه لنحو لهو كنوم خفيف وعاد حالا أو طال والثدي بفمه أو تحول ولو بتحويلها من ثدي لآخر أو قطعته لشغل خفيف ثم عادت إليه فلا تعدد في جميع ذلك وتصير المرضعة أمه وذو اللبن أباه وتسري الحرمة من الرضيع إلى أصولهما وفروعهما وحواشيهما نسبا ورضاعا وإلى فروع الرضيع لا إلى أصوله وحواشيه ولو أقر رجل وامرأة قبل العقد أن بينهما أخوة رضاع وأمكن حرم تناكحهما وإن رجعا عن الإقرار أو بعده فهو باطل فيفرق بينهما وإن أقر به فأنكرت صدق في حقه ويفرق بينهما أو أقرت به دونه فإن كان بعد أن عينته في الإذن للتزويج أو مكنته من وطئه إياها لم يقبل قولها وإلا صدقت بيمينها ولا تسمع دعوى نحو أب محرمية بالرضاع بين الزوجين.
ويثبت الرضاع برجل وامرأتين وبأربع نسوة ولو فيهن أم المرضعة إن شهدت حسبة بلا سبق دعوى كشهادة أب امرأة وابنها بطلاقها كذلك وتقبل شهادة مرضعة مع غيرها لم تطلب أجرة الرضاع وإن ذكرت فعلها كأشهد أني أرضعتها.
وشرط شهادة الرضاع ذكر وقت الرضاع وعدده وتفرق المرات ووصول اللبن إلى جوفه في كل رضعة.
ويعرف بنظر حلب وإيجار وازدراد وبقرائن كامتصاص ثدي وحركة حلقة بعد علمه أنها ذات لبن وإلا لم يحل له أن يشهد لان الأصل عدم اللبن.
ولا يكفي في أداء الشهادة ذكره القرائن بل يعتمدها ويجزم بالشهادة ولو شهد به دون النصاب أو وقع شك في تمام الرضعات أو الحولين أو وصول اللبن إلى جوف الرضيع لم يحرم النكاح لكن الورع الاجتناب وإن لم تخبره إلا واحدة نعم إن صدقها يلزم الأخذ بقولها.
ولا يثبت الإقرار بالرضاع إلا برجلين عدلين.
أو مصاهرة محرم زوجة أصل من أب أو جد لأب أو أم وإن علا من نسب أو رضاع.
وفصل من ابن وابنه وإن سفل منهما.
وأصل زوجة أي أمهاتها بنسب أو رضاع وإن علت وإن لم يدخل بها للآية. [4 سورة النساء الآية: 23]
وحكمته ابتلاء الزوج بمكالمتها والخلوة لترتيب أمر الزوجة فحرمت كسابقتيها بنفس العقد ليتمكن من ذلك.
واعلم أنه يعتبر في زوجتي الأب والابن وفي أم الزوجة عند عدم
الدخول بهن أن يكون العقد صحيحا.
وكذا فصلها أي الزوجة بنسب أو رضاع ولو بواسطة سواء بنت ابنها وبنت ابنتها وإن سفلت.
إن دخل بها بأن وطئها ولو في الدبر وإن كان العقد فاسدا وإن لم يطأها لم تحرم بنتها بخلاف أمها.
ولا تحرم بنت زوج الأم ولا أم زوجة الأب والابن.
ومن وطئ امرأة بملك أو شبهة منه كأنه وطئ بفاسد نكاح أو شراء أو بظن زوجة حرم عليه أمهاتها وبناتها وحرمت على آبائه وأبنائه لان الوطء بملك اليمين نازل بمنزلة عقد النكاح.
وبشبهة يثبت النسب والعدة لاحتمال حملها منه سواء أوجد منها شبهة أيضا أم لا لكن يحرم على الواطئ بشبهة نظر أم الموطوءة وبنتها ومسهما.
فرع لو اختطلت محرمة1 بنسوة غير محصورات بأن يعسر عدهن على الآحاد كألف امرأة نكح من شاء منهن إلى أن تبقى واحدة على الأرجح وإن قدر ولو بسهولة على متيقنة الحل أو بمحصورات كعشرين بل مائة لم ينكح منهن شيئا نعم إن قطع
بتميزها كسوداء اختلطت بمن لا سواد فيهن لم يحرم غيرها كما استظهره شيخنا.
تنبيه [في بيان نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات] اعلم أنه يشترط أيضا في المنكوحة كونها مسلمة أو كتابية خالصة ذمية كانت أو حربية فيحل مع الكراهة نكاح الإسرائيلية بشرط أن لا يعلم دخول أول آبائها في ذلك الدين بعد بعثة عيسى عليه السلام وإن علم دخوله فيه بعد التحري ونكاح غيرها بشرط أن يعلم دخول أول آبائها فيه قبلها ولو بعد التحريف إن تجنبوا المحرف ولو أسلم كتابي وتحته كتابية دام نكاحه وإن كان قبل الدخول أو وثني وتحته وثنية فتخلفت قبل الدخول تنجزت الفرقة أو بعده وأسلمت في العدة دام نكاحه وإلا فالفرقة من إسلامه ولو أسلمت وأصر على الكفر: فإن دخل بها وأسلم في العدة دام النكاح وإلا فالفرقة من إسلامها وحيث أدمنا لا يضر مقارنة مفسد هو زائل عند الإسلام فتقر على نكاح في عدة هي منقضية عند الإسلام وعلى غصب حربي لحربية إن اعتقدوه نكاحا وكالغصب المطاوعة.
قاله شيخنا ونكاح الكفار صحيح على الصحيح.
ولا يصح نكاح الجنية كعكسه على ما عليه أكثر المتأخرين.
وشرط في الزوج تعيين فزوجت بنتي أحدكما باطل ولو مع الإشارة.
وعدم محرمة كأخت أو عمة أو خالة للمخطوبة بنسب أو رضاع تحته أي الزوج ولو في العدة الرجعية لان الرجعية كالزوجة بدليل التوارث فإن نكح محرمين في عقد بطل فيهما: إذ لا مرجح أو في عقدين بطل
الثاني وضابط من يحرم الجمع بينهما كل امرأتين بينهما نسب أو رضاع يحرم تناكحهما إن فرضت إحداهما ذكرا ويشترط أيضا أن لا تكون تحته أربع من الزوجات سوى المخطوبة ولو كان بعضهن في العدة الرجعية لان الرجعية في حكم الزوجة فلو نكح الحر خمسا مرتبا بطل في الخامسة أو في عقد بطل في الجميع أو زاد العبد على الثنتين بطل كذلك.
أما إذا كانت المحرمة للمخطوبة أو إحدى الزوجات الأربعة في العدة البائن فيصح نكاح محرمتها والخامسة لأن البائنة أجنبية.
وشرط في الشاهدين أهلية شهادة تأتي شروطها في باب الشهادة وهي حرية كاملة وذكورة محققة وعدالة ومن لازمها الإسلام والتكليف وسمع ونطق وبصر لما يأتي أن الأقوال لا تثبت إلا بالمعاينة والسماع.
وفي الأعمى وجه لأنه أهل للشهادة في الجملة الأصح لا وإن عرف الزوجين ومثله من بظلمة شديدة.
ومعرفة لسان المتعاقدين.
وعدم تعينهما أو أحدهما للولاية فلا يصح النكاح بحضرة عبدين أو امرأتين أو فاسقين أو أصمين أو أخرسين أو أعميين أو من لم يفهم لسان المتعاقدين ولا بحضرة متعين للولاية فلو وكل الأب أو الأخ المنفرد في النكاح وحضر مع الآخر لم يصح لأنه ولي عاقد فلا يكون شاهدا ومن ثم لو شهد أخوان من ثلاثة وعقد الثالث بغير وكالة من أحدهما صح وإلا فلا.
تنبيه لا يشترط الإشهاد على إذن معتبرة الإذن لأنه ليس ركنا للعقد بل هو شرط فيه فلم يجب الإشهاد
عليه إن كان الولي غير حاكم وكذا إن كان حاكما على الأوجه ونقل في البحر عن الأصحاب أنه يجوز اعتماد صبي أرسله الولي إلى غيره ليزوج موليته: أي إن وقع في قلبه صدق الخبر.
فرع لو زوجها وليها قبل بلوغ إذنها إليه صح على الأوجه إن كان الإذن سابقا على حالة التزويج لان العبرة في العقود بما في نفس الأمر لا بما في ظن المكلف.
وصح النكاح بمستوري عدالة وهما من لم يعرف لهما مفسق,
كما نص عليه واعتمده جمع وأطالوا فيه وبطل الستر بتجريح عدل وإذا تاب الفاسق لم يلتحق بالمستور.
ويسن استتابة المستور عند العقد ولو علم الحاكم فسق الشاهدين لزمه التفريق بين الزوجين ولو قبل الترافع إليه على الأوجه.
ويصح أيضا بابني الزوجين أو عدويهما وقد يصح كون الأب شاهدا أيضا: كأن تكون بنته قنة.
وظاهر كلام الحناطي بل صريحه أنه لا يلزم الزوج البحث عن حال الولي والشهود.
قال شيخنا: وهو كذلك إن لم يظن وجود مفسد للعقد.
وبان بطلانه أي النكاح بحجة فيه أي في النكاح من بينة أو علم حاكم أو بإقرار الزوجين في حقهما بما يمنع صحته كفسق الشاهد أو الولي عند العقد والرق والصبا لهما وكوقوعه في العدة.
وخرج بفي حقهما حق الله تعالى كأن طلقها ثلاثا ثم اتفقا على فساد النكاح بشيء مما ذكر وأراد نكاحا جديدا فلا يقيل إقرارهما بل لا بد من محلل للتهمة ولأنه حق الله.
ولو أقاما عليه بينة لم تسمع أما بينة الحسبة فتسمع نعم محل عدم قبول إقرارهما في الظاهر أما في الباطن فالنظر لما في نفس
الأمر ولا يتبين البطلان بإقرار الشاهدين بما يمنع الصحة فلا يؤثر في الإبطال كما لا يؤثر فيه بعد الحكم بشهادتهما ولان الحق ليس لهما فلا يقبل قولهما أما إذا أقر به الزوج دون الزوجة فيفرق بينهما مؤاخذة له بإقراره وعليه نصف المهر إن لم يدخل بها وإلا فكله: إذ لا يقبل قوله عليها في المهر بخلاف ما إذا أقرت به دونه فيصدق هو بيمينه لان العصمة بيده وهي تريد رفعها فلا تطالبه بمهر إن طلقت قبل وطئ وعليه إن وطئ الأقل من المسمى ومهر المثل ولو أقرت بالإذن ثم ادعت أنها إنما أذنت بشرط صفة في الزوج ولم توجد ونفى الزوج ذلك صدقت بيمينها فيما استظهره شيخنا.
وإذا اختلفا فادعت أنها محرمة بنحو رضاع وأنكر حلفت مدعية محرمية وصدقت وبان بطلان النكاح فيفرق بينهما إن لم ترضه أي الزوج حال العقد ولا عقبه لإجبارها أو أذنها في غير معين ولم ترض بعد العقد بنطق ولا تمكين لاحتمال ما تدعيه مع عدم سبق مناقضه فهو كقولها ابتداء فلان أخي من الرضاع فلا تزوج منه.
فإن رضيت ولم تعتذر بنحو نسيان أو غلط لم تسمع دعواها وإن اعتذرت سمعت دعواها للعذر ولكن حلف هو أي الزوج لراضية اعتذرت بنسيان أو غلط.
وشرط في الولي عدالة وحرية وتكليف فلا ولاية لفاسق غير الإمام الأعظم لان الفسق نقص يقدح في الشهادة فيمنع الولاية كالرق.
هذا هو المذهب للخبر الصحيح "لا نكاح إلا بولي مرشد" [راجع فتح الباري رقم الحديث 5135, حيث نسبه للطبراني في الأوسط ونسبه غيره كذلك إلى مسند الشافعي] أي عدل.
وقال بعضهم: إنه يلي والذي اختاره النووي كابن الصلاح والسبكي ما أفتى به الغزالي من بقاء الولاية للفاسق حيث تنتقل لحاكم فاسق.
ولو تاب الفاسق توبة صحيحة زوج حالا على ما اعتمده شيخنا كغيره.
لكن الذي قاله الشيخان إنه لا يزوج إلا بعد الاستبراء واعتمده السبكي.
ولا لرقيق كله أو بعضه لنقصه ولا لصبي ومجنون لنقصهما أيضا وإن تقطع الجنون تغليبا لزمنه المقتضي لسلب العبارة فيزوج الأبعد زمنه فقط ولا تنتظر إفاقته نعم: إن قصر زمن الجنون كيوم في سنة انتظرت إفاقته وكذي الجنون ذو ألم يشغله عن النظر بالمصلحة ومختل النظر بنحو هرم ومن به بعد الإفاقة آثار خبل توجب حدة في الخلق.
وينقل ضد كل من الفسق والرق والصبا والجنون ولاية لأبعد لا لحاكم ولو في باب الولاء حتى لو أعتق شخص أمة ومات عن ابن صغير وأخ كبير كانت الولاية للأخ لا للحاكم على المعتمد.
----
1 قال الشيخ السيد البكري رحمه الله: يوجد في بعض النسخ محرمه بفتح الميم وإسكان الحاء مع الإضافة إلى الضمير والأول [أي المثبت في الشرح أعلاه] أولى منه انتهى.
----
ولا ولاية أيضا لأنثى فلا تزوج امرأة نفسها ولو بإذن من وليها ولا بناتها خلافا لأبي حنيفة فيهما.
ويقبل إقرار مكلفة به لصدقها وإن كذبها وليها لان النكاح حق الزوجين فيثبت بتصادقهما.
وهو أي الولي أب ف عند عدمه حسا أو شرعا أبوه وإن علا.
فيزوجان أي الأب والجد حيث لا عداوة ظاهرة بكرا أو ثيبا بلا وطئ لمن زالت بكارتها بنحو إصبع بغير إذنها فلا يشترط الإذن منها بالغة كانت أو غير بالغة لكمال شفقته ولخبر الدارقطني [مسلم رقم: 1421, الترمذي رقم: 1108, النسائي رقم: 3260- 3264, أبو داود رقم: 2098, 2100, ابن ماجه رقم: 1870, موطأ مالك رقم: 1114, الدارمي رقم: 2188- 2190] : "الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يزوجها أبوها" لكفء موسر بمهر المثل فإن زوجها المجبر أي الأب أو الجد لغير كفء لم يصح النكاح وكذا إن زوجها لغير موسر بالمهر على ما اعتمده الشيخان.
لكن الذي اختاره جمع محققون الصحة في الثانية واعتمده شيخنا ابن زياد.
فرع لو أقر مجبر بالنكاح لكفء قبل إقراره وإن أنكرته لان من ملك الإنشاء ملك الإقرار بخلاف غيره.
لا يزوجان ثيبا بوطء ولو زنا وإن كانت ثيوبتها بقولها إن حلفت إلا بإذنها نطقا للخبر السابق بالغة فلا تزوج الثيب الصغيرة العاقلة الحرة حتى تبلغ لعدم اعتبار إذنها خلافا لأبي حنيفة رضي الله عنه.
وتصدق المرأة البالغة في دعوى بكارة بلا يمين وفي ثيوبة قبل عقد عليها بيمينها وإن لم تتزوج ولم تذكر سببا فلا تسأل عن السبب الذي صارت به ثيبا.
وخرج بقولي قبل عقد دعواها الثيوبة بعد أن يزوجها الأب بغير إذنها بظنه بكرا فلا تصدق هي لما في تصديقها من إبطال النكاح مع أن الأصل بقاء البكارة بل لو شهدت أربع نسوة بثيوبتها عند العقد لم يبطل لاحتمال إزالتها بنحو أصبع أو خلقت بدونها وفي فتاوى الكمال الرداد: يجوز للأب تزويج صغيرة أخبرته أن الزوج الذي طلقها لم يطأها: أي إذا غلب على ظنه صدق قولها وإن عاشرها الزوج أياما ولا ينتظر بلوغها للتزويج.
ثم بعد الأصل عصبتها وهو من على حاشية النسب فيقدم أخ
لأبوين فأخ لأب فبنوهما كذلك فيقدم بنو الإخوة لأبوين ثم بنو الإخوة لأب.
فـ بعد ابن الأخ عم لأبوين ثم لأب ثم بنوهما كذلك ثم عم الأب ثم بنوه كذلك وهكذا.
ثم بعد فقد عصبة النسب من كان عصبة بولاء كترتيب إرثهم فيقدم معتق فعصباته ثم معتق المعتق ثم عصباته وهكذا.
فيزوجون أي الأولياء المذكورين على ترتيب ولا يتهم.
بالغة لا صغيرة خلافا لأبي حنيفة.
بإذن ثيب بوطء نطقا لخبر الدارقطني السابق.
ويجوز الإذن منها بلفظ الوكالة كوكلتك في تزويجي ورضيت بمن يرضاه أبي أو أمي أو بما يفعله أبي لا بما تفعله أمي لأنها لا تعقد ولا إن رضي أبي أو أمي للتعليق وبرضيت فلانا زوجا أو رضيت أن أزوج.
وكذا بأذنت له أن يعقد لي وإن لم تذكر نكاحا على ما بحث ولو قيل لها أرضيت بالتزويج؟ فقالت رضيت كفى.
وصمت بكر ولو عتيقة استؤذنت في كفء وغيره وإن بكت لكن من غير صياح أو ضرب حد: لخبر: "والبكر تستأمر وإذنها سكوتها" [مسلم رقم: 1421, الترمذي رقم: 1108, النسائي رقم: 3260- 3264] .
ويشترط لجواز مباشرته لذلك لا لصحته كونه بمهر المثل الحال من نقد البلد فإن انتفيا صح بمهر المثل من نقد البلد.
وخرج بثيب بوطء مزالة البكارة بنحو إصبع فحكمها حكم البكر في الاكتفاء بالسكوت بعد الاستئذان. ويندب للأب والجد استئذان البكر البالغة تطييبا لخاطرها أما الصغيرة فلا إذن لها وبحث ندبه في المميزة ولغيرهما الإشهاد على الإذن.
فرع لو أعتق جماعة أمة اشترط رضا كلهم فيوكلون واحدا منهم أو من غيرهم ولو أراد أحدهم أن يتزوجها زوجه الباقون مع القاضي: فإن مات جميعهم كفى رضا كل واحد من عصبة كل واحد ولو اجتمع عدد من عصبات المعتق في درجة جاز أن يزوجها أحدهم برضاها وإن لم يرض الباقون.
ثم بعد فقد عصبة النسب والولاء قاض أو نائبه لقوله صلى الله عليه وسلم: "السلطان ولي من لا ولي لها" [الترمذي رقم: 1102, أبو داود رقم: 2083, ابن ماجه رقم: 1869, 1880, الدارمي رقم: 2184] والمراد من له ولاية من الإمام والقضاة ونوابهم.
فيزوج أي القاضي بكفء لا بغيره.
بالغة كائنة في محل ولايته حالة العقد ولو مجتازة به وإن كان إذنها له وهي خارجة أما إذا كانت خارجة عن محل ولايته حالته فلا
يزوجها وإن أذنت له قبل خروجها منه أو كان هو فيه لان الولاية عليها لا تتعلق بالخاطب.
وخرج بالبالغة اليتيمة فلا يزوجها القاضي ولو حنفيا لم يأذن له سلطان حنفي فيه.
وتصدق المرأة في دعوى البلوغ بحيض أو إمناء بلا يمين: إذ لا يعرف إلا منها في دعوى البلوغ بالسن إلا ببينة خبيرة تذكر عدد السنين.
وعدم وليها الخاص بنسب أو ولاء أو غاب أي أقرب أوليائها مرحلتين وليس له وكيل حاضر في التزويج. وتصدق المرأة في دعوى غيبة الولي وخلوها من النكاح والعدة وإن لم تقم بينة بذلك.
ويسن طلب بينة بذلك منها وإلا فتحليفها.
ولو زوجها لغيبة الولي فبان أنه قريب من بلد العقد وقت النكاح لم ينعقد إن ثبت قربه.
فلا يقدح في صحة النكاح مجر قوله كنت قريبا من البلد بل لا بد من بينة على الأوجه خلافا لما نقله الزركشي والشيخ زكريا عن فتاوى البغوي.
أو غاب إلى دونهما لكن تعذر وصول إليه أي إلى الولي لخوف في الطريق من القتل أو الضرب أو أخذ المال.
أو فقد أي الولي بأن لم يعرف مكانه ولا موته ولا حياته بعد غيبة أو حضور قتال أو انكسار سفينة أو أسر عدو هذا إن لم يحكم بموته وإلا زوجها الأبعد.
أو عضل الولي ولو مجبر أي منع مكلفة أي بالغة عاقلة دعت إلى تزويجها من كفء ولو بدون مهر المثل من تزويجها به.
فروع لا يزوج القاضي إن عضل مجبر من تزويجها بكفء عينته وقد عين هو كفؤ آخر غير معينها وإن كان معينة دون معينها كفاءة.
ولا يزوج غير المجبر ولو أبا أو جدا بأن كانت ثيبا إلا ممن عينته وإلا كان عاضلا.
ولو ثبت تواري الولي أو تعززه زوجها الحاكم.
وكذا يزوج القاضي إذا أحرم الولي أو أراد نكاحها كابن عم فقد من يساويه في الدرجة ومعتق فلا يزوج الأبعد في الصور المذكورة لبقاء الأقرب على ولايته.
وإنما يزوج للقاضي أو طفله إذا أراد نكاح من ليس لها ولي قاض آخر بمحل ولايته إذا كانت المرأة في عمله أو نائب القاضي الذي يتزوج هو أو طفله.
ثم إن لم يوجد ولي ممن مر فيزوجها محكم عدل حر ولته مع خاطبها أمرها ليزوجها منه وإن لم يكن مجتهدا إذا لم يكن ثم قاض ولو غير أهل وإلا فيشترط كون المحكم مجتهدا.
قال شيخنا: نعم إن كان الحاكم لا يزوج إلا بدراهم كما حدث الآن فيتجه أن لها أن تولي عدلا مع وجوده وإن سلمنا أنه لا ينعزل بذلك بأن علم موليه ذلك منه حال التولية انتهى.
ولو وطئ في نكاح بلا ولي كأن زوجت نفسها ولم يحكم حاكم بصحته ولا ببطلانه لزمه مهر المثل دون المسمى لفساد النكاح ويعزر به معتقد تحريمه ويسقط عند الحد.
ويجوز لقاض تزويج من قالت أنا خلية عن نكاح وعدة أو طلقني زوجي واعتددت ما لم يعرف لها زوجا معينا وإلا أي وإن عرف لها زوجا باسمه أو شخصه أو عينته شرط في صحة تزويج الحاكم لها دون الولي الخاص إثبات لفراقه بنحو طلاق أو موت سواء أغاب أم حضر وإنما فرقوا بين المعين وغيره مع أن المدار والعلم يسبق الزوجية أو بعدمه حتى يعمل بالأصل في كل منهما لان القاضي لما تعين الزوج عنده باسمه أو شخصه تأكد له الاحتياط والعمل بأصل بقاء الزوجية فاشترط الثبوت ولأنها لما ذكرت معينا باسم العلم كأنها ادعت عليه بل صرحوا بأنها دعوى عليه فلا بد من إثبات ذلك
بخلاف ما إذا عرف مطلق الزوجية من غير تعيين بما ذكر فاكتفي بإخبارها بالخلو عن الموانع لقول الأصحاب: إن العبرة في العقود بقول أربابها.
وأما الولي الخاص فيزوجها إن صدقها وإن عرف زوجها الأول من غير إثبات طلاق ولا يمين لكن يسن له كقاض لم يعرف زوجها طلبت إثبات ذلك ولا فرق بين القاضي والولي حيث فصل بين المعين وغيره في ذلك دون هذا لان القاضي يجب عليه الاحتياط أكثر من الولي.
ويجوز لمجبر وهو الأب والجد في البكر توكيل معين صح تزوجه في تزويج موليته بغير إذنها وإن لم يعين المجبر الزوج في توكيله وعلى وكيل إن لم يعين الولي الزوج رعاية حظ واحتياط في أمرها فإن زوجها بغير كفء أو بكفء وقد خطبها أكفأ منه لم يصح التزويج لمخالفته الاحتياط الواجب عليه.
ويجوز التوكيل لغيره أي غير المجبر بأن لم يكن أبا ولا جدا في البكر أن كانت موليته ثيبا فليوكل بعد إذن حصل منها له فيه أي التزويج إن لم تنهه عن التوكيل وإذا عينت للولي رجلا فليعينه للوكيل وإلا لم يصح تزويجه ولو لمن عينته لأن الإذن المطلق مع أن المطلوب معين فاسد.
وخرج بقولي بعد إذنها للولي في التزويج ما لو وكله قبل إذنها له فيه فلا يصح التوكيل ولا النكاح.
نعم: لو وكل قبل أن يعلم إذنها له ظانا جواز التوكيل قبل الإذن فزوجها الوكيل صح إن تبين أنها كانت أذنت قبل التوكيل لان العبرة في العقود بما في نفس الأمر لا بما في ظن المكلف وإلا فلا.
فروع لو زوج القاضي امرأة قبل ثبوت توكيله بل بخبر عدل نفذ وصح لكنه غير جائز لأنه تعاطى عقدا فاسدا في الظاهر كما قاله بعض أصحابنا.
ولو بلغت الولي امرأة إذن موليته فيه فصدقها ووكل القاضي فزوجها صح التوكيل والتزويج.
ولو قالت امرأة لوليها أذنت لك في تزويجي لمن أراد تزويجي الآن وبعد طلاقي وانقضاء عدتي صح تزويجه بهذا الإذن ثانيا فلو وكل الولي أجنبيا بهذه الصفة صح تزويجه ثانيا أيضا لأنه وإن لم يملكه حال الإذن لكنه تابع لما ملكه حال الإذن كما أفتى به الطيب الناشري وأقره بعض أصحابنا.
ولو أمر القاضي رجلا بتزويج من لا ولي لها قبل استئذانها فيه فزوجها بإذنها جاز بناء على الأصح إن استنابته في شغل معين استخلاف لا توكيل.
فرع لو استخلف القاضي فقيها في تزويج امرأة لم يكف استخلاف لا توكيل الكتاب فقط بل يشترط اللفظ عليه منه وليس للمكتوب إليه الاعتماد على الخط هذا ما في أصل الروضة وتضعيف البلقيني له مردود بتصريحهم بأن الكتابة وحدها لا تفيد في الاستخلاف بل لا بد من إشهاد شاهدين على ذلك: قاله شيخنا في شرحه الكبير.
ويجوز لزوج توكيل في قبوله أي النكاح فيقول وكيل الولي للزوج زوجتك فلانة بنت فلان ابن فلان ثم يقول موكلي أو وكالة عنه إن جهل الزوج أو الشاهدان وكالته وإلا لم يشترط ذلك وإن حصل العلم بأخبار الوكيل ويقول الولي لوكيل الزوج زوجت بنتي لفلان بن فلان فيقول وكيله كما يقول ولي الصبي حين يقبل النكاح له قبلت نكاحها له فإن ترك لفظة له فيهما لم يصح النكاح وإن نوى الموكل أو الطفل كما لو قال زوجتك بدل فلان لعدم التوافق فإن ترك لفظة له في هذه انعقد للوكيل وإن نوى موكله.
فروع من قال أنا وكيل في تزويج فلانة فلمن صدقه قبول النكاح منه.
ويجوز لمن أخبره عدل بطلاق فلان أو موته أو توكيله أن يعمل به بالنسبة لما يتعلق بنفسه وكذا خطه الموثوق به وأما بالنسبة لحق الغير
أو لما يتعلق بالحاكم فلا يجوز اعتماد عدل ولا خط قاض من كل ما ليس بحجة شرعية.
فرع [في بيان تزويج العتيقة والأمة] : يزوج عتيقة امرأة حية عدم ولي عتيقتها نسبا وليها أي المعتقة تبعا لولايته عليها فيزوجها أبو المعتقة ثم جدها بترتيب الأولياء ولا يزوجها ابن المعتقة ما دامت حية بإذن عتيقة ولو لم ترض المعتقة: إذ لا ولاية لها فإذا ماتت المعتقة زوجها ابنها.
ويزوج أمة امرأة بالغة رشيدة وليها أي ولي السيدة بإذنها وحدها لأنها المالكة لها فلا يعتبر إذن الأمة لان لسيدتها إجبارها على النكاح.
ويشترط أن يكون إذن السيدة نطقا وإن كانت بكرا.
ويزوج أمة صغيرة بكر أو صغير أب فأبوه لغبطة وجدت كتحصيل مهر أو نفقة.
لا يزوج عبدهما لانقطاع كسبه عنهما خلافا لمالك إن ظهرت مصلحة ولا أمة ثيب صغيرة لأنه لا يلي نكاح مالكتها ولا يجوز للقاضي أن يزوج أمة الغائب وإن احتاجت إلى النكاح وتضررت بعدم
النفقة نعم: إن رأى القاضي بيعها لان الحظ فيه للغائب من الإنفاق عليها باعها.
ويزوج سيد بالملك ولو فاسقا أمته المملوكة كلها له لا المشتركة ولو باغتنام بينه وبين جماعة أخرى بغير رضا جميعهم ولو بكرا صغيرة أو ثيبا غير بالغة أو كبيرة بلا إذن منها لان النكاح يرد على منافع البضع وهي مملوكة له وله إجبارها عليه لكن لا يزوجها لغير كفء بعيب مثبت للخيار أو فسق أو حرفة دنيئة إلا برضاها وله تزويجها برقيق ودنيء نسب لعدم النسب لها.
وللمكاتب لا لسيده تزويج أمته إن أذن له سيده فيه ولو طلبت الأمة تزويجها لم يلزم السيد لأنه ينقص قيمتها.
قال شيخنا: يزوج الحاكم أمة كافر أسلمت بإذنه والموقوفة بإذن الموقوف عليهم أي إن انحصروا وإلا لم تزوج فيما يظهر.
ولا ينكح عبد ولو مكاتبا إلا بإذن سيده ولو كان السيد أنثى سواء أطلق الإذن أم قيد بامرأة معينة أو قبيلة فينكح بحسب إذنه ولا يعدل عما أذن له فيه مراعاة لحقه فإن عدل عنه لم يصح النكاح ولو نكح العبد بلا إذن سيده بطل النكاح ويفرق بينهما خلافا لمالك فإن وطئ فلا شيء عليه لرشيدة مختارة أما السفيهة والصغيرة فيلزم فيهما مهر المثل.
ولا يجوز للعبد ولو مأذونا في التجارة أو مكاتبا أن يتسرى وإن جاز له
النكاح بالإذن لان المأذون له لا يملك ولضعف الملك في المكاتب.
ولو طلب العبد النكاح لا يجب على السيد إجابته ولو مكاتبا.
ولا يصدق مدعي عتق من عبد أو أمة إلا بالبينة المعتبرة الآتي بيانها في باب الشهادة.
وصدق مدعي حرية أصالة بيمين ما لم يسبق إقرار برق أو لم يثبت لان الأصل الحرية.