فصل في الطلاق
كتاب فتح المعين في الفقه الشافعي
محتويات
- فصل في الطلاق
- فرع في حكم المطلقة بالثلاث
- فصل في الرجعة
- فصل في أحكام الإيلاء
- فصل في بيان أحكام الظهار
- باب النكاح
- الفهرست الرئيسية
فصل في الطلاق
وهو لغة: حل القيد وشرعا حل عقد النكاح باللفظ الآتي وهو إما واجب: كطلاق مول لم يرد الوطء.
أو مندوب: كأن يعجز عن القيام بحقوقها ولو لعدم الميل إليها أو تكون غير عفيفة ما لم يخش الفجور بها أو سيئة الخلق: أي بحيث لا يصبر على عشرتها عادة فيما استظهره شيخنا وإلا فمتى توجد
امرأة غير سيئة الخلق1 وفي الحديث: "المرأة الصالحة في النساء كالغراب الأعصم" [مجمع الزوائد رقم: 7440] كناية عن ندرة وجودها: إذ الأعصم هو أبيض الجناحين أو يأمره به أحد والديه: أي من غير تعنت.
أو حرام كالبدعي وهو طلاق مدخول بها في نحو حيض بلا عوض منها أو في طهر جامعها فيه وكطلاق من لم يستوف دورها من القسم وكطلاق المريض بقصد الحرمان من الإرث ولا يحرم جمع ثلاث طلقات بل يسن الاقتصار على واحدة.
أو مكروه بأن سلم الحال من ذلك كله للخبر الصحيح [أبو داود رقم: 2178, ابن ماجه رقم: 2018] : أبغض الحلال إلى الله الطلاق وإثبات بغضه تعالى له المقصود منه زيادة التنفير عنه لا حقيقته لمنافاتها لحله.
إنما يقع لغير بائن ولو رجعية لم تنقض عدتها فلا يقع لمختلعة ورجعية انقضت عدتها.
طلاق مختار مكلف أي بالغ عاقل فلا يقع طلاق صبي ومجنون.
ومتعد بسكر أي بشرب خمر وأكل بنج أو حشيش لعصيانه بإزالة عقل
بخلاف سكران لم يتعد بتناول مسكر كأن أكره عليه أو لم يعلم أنه مسكر فلا يقع طلاقه إذا صار بحيث لا يميز لعدم تعديه وصدق مدعي إكراه في تناوله بيمينه إن وجدت قرينة عليه كحبس وإلا فلا بد من البينة. ويقع طلاق الهازل به بأن قصد لفظه دون معناه أو لعب به بأن لم يقصد شيئا ولا أثر لحكاية طلاق الغير وتصوير الفقيه وللتلفظ به بحيث لا يسمع نفسه واتفقوا على وقوع طلاق الغضبان وإن ادعى زوال شعوره بالغضب.
لا طلاق مكره بغير حق بمحذور مناسب كحبس طويل وكذا قليل لذي مروءة وصفعة له في الملا وكإتلاف مال يضيق عليه بخلاف نحو خمسة دراهم في حق موسر.
وشرط الإكراه قدرة المكره على تحقيق ما هدد به عاجلا بولاية أو تغلب وعجز المكره عن دفعه بفرار أو استغاثة وظنه أنه إن امتنع فعل ما خوفه به ناجزا.
فلا يتحقق العجز بدون اجتماع ذلك كله.
ولا يشترط التورية بأن ينوي غير زوجته أو يقول سرا عقبه إن شاء الله فإذا قصد المكره الإيقاع للطلاق وقع كما إذا أكره بحق: كأن قال مستحق القود طلق زوجتك وإلا قتلتك بقتلك أبي أو قال رجل لآخر طلقها أو لأقتلنك غدا فطلق فيقع فيهما.
بصريح وهو ما لا يحتمل ظاهره غير الطلاق ك مشتق طلاق ولو من عجمي عرف أنه موضوع لحل عصمة النكاح أو بعده عنها وإن لم يعرف معناه الأصلي كما أفتى به شيخنا.
وفراق وسراح لتكررها في القرآن كطلقتك وفارقتك وسرحتك أو زوجتي وكأنت طالق أو مطلقة بتشديد اللام المفتوحة ومفارقة ومسرحة أما مصادرها فكناية كأنت طلاق أو فراق أو سراح.
تنبيه: ويشترط ذكر مفعول مع نحو طلقت ومبتدأ مع نحو طالق فلو نوى أحدهما لم يؤثر كما لو قال: طالق ونوى أنت أو امرأتي ونوى لفظ طالق إلا إن سبق ذكرها في سؤال في نحو طلق امرأتك فقال: طلقت بلا مفعول أو فوض إليها بطلقي نفسك فقالت: طلقت ولم تقل: نفسي فيقع فيهما.
وترجمته أي مشتق ما ذكر بالعجمية فترجمة الطلاق صريح على المذهب وترجمة صاحبيه صريح أيضا على المعتمد.
ونقل الأذرعي عن جمع الجزم به.
ومنه أعطيت أو قلت طلاقك وأوقعت أو ألقيت أو وضعت عليك الطلاق أو طلاقي ويا طالق ويا مطلقة بتشديد اللام,
لا أنت طلاق ولك الطلاق بل هما كنايتان: كإن فعلت كذا ففيه طلاقك أو فهو طلاقك فيما استظهر شيخنا لان المصدر لا يستعمل في العين إلا توسعا ولا يضر الخطأ في الصيغة إذا لم يخل بالمعنى كالخطأ في الإعراب.
فروع: لو قالت له طلقني فقال: هي مطلقة فلا يقبل إرادة غيرها لان تقدم سؤالها يصرف اللفظ إليها ومن
ثم لو لم يتقدم لها ذكر رجع لنيته في نحو أنت طالق وهي غائبة أو هي طالق وهي حاضرة.
قال البغوي: ولو قال ما كدت أن أطلقك كان إقرارا بالطلاق انتهى.
ولو قال لوليها زوجها فمقر بالطلاق.
قال المزجد: لو قال: هذه زوجة فلان حكم بارتفاع نكاحه.
وأفتى ابن الصلاح فيما لو قال رجل: إن غبت عنها سنة فما أنا لها بزوج بأنه إقرار في الظاهر بزوال الزوجية بعد غيبته السنة فلها بعدها ثم بعد انقضاء عدتها تزوج لغيره.
فوائد [تتعلق بالطلاق] : ولو قال لآخر: أطلقت زوجتك ملتمسا الإنشاء؟ فقال: نعم أو إي وقع وكان صريحا فإذا قال:
طلقت فقط كان كناية لان نعم متعينة للجواب وطلقت مستقلة فاحتملت الجواب والابتداء.
أما إذا قال له ذلك مستخبرا فأجاب بنعم فإقرار بالطلاق ويقع عليه ظاهرا إن كذب ويدين وكذا لو جهل حال السؤال فإن قال أردت طلاقا ماضيا وراجعت صدق بيمينه لاحتماله ولو قيل: لمطلق أطلقت زوجتك ثلاثا؟ فقال طلقت وأراد واحدة صدق بيمينه لان طلقت محتمل للجواب والابتداء ومن ثم لو قالت: طلقني ثلاثا فقال طلقتك ولم ينو عددا فواحدة.
ولو قال لام زوجته: ابنتك طالق وقال: أردت بنتها الأخرى صدق بيمنه كما لو قال لزوجته: وأجنبية إحداكما طالق وقال: قصدت الأجنبية لتردد اللفظ بينهما فصحت إرادتها بخلاف ما لو قال: زينب
طالق واسم زوجته زينب وقصد أجنبية اسمها زينب فلا يقبل قوله ظاهرا بل يدين.
مهمة: [في بيان ما لو أبدل حرفا من لفظ الطلاق بآخر] ولو قال عامي أعطيت تلاق فلانة بالتاء أو طلاقها بالكاف أو دلاقها بالدال وقع به الطلاق وكان صريحا في حقه إن لم يطاوعه لسانه إلا على هذا اللفظ المبدل أو كان ممن لغته كذلك كما صرح به الجلال البلقيني واعتمده جمع متأخرون وأفتى به جمع من مشايخنا وإلا فهو كناية لان ذلك الإبدال له أصل في اللغة.
----
.1 لله دره على هذا التساؤل ما أبدعه في هذا المكان.
----
ويقع بكناية وهي ما يحتمل الطلاق وغيره.
إن كانت مع نية لإيقاع الطلاق مقترنة بأولها أي الكناية وتعبيري بمقترنة بأولها هو ما رجحه كثيرون واعتمده الأسنوي والشيخ زكريا تبعا لجمع محققين ورجح في أصل الروضة الاكتفاء بالمقارنة لبعض اللفظ ولو لآخره وهي كأنت علي حرام أو حرمتك أو حلال الله علي حرام ولو تعارفوه طلاقا خلافا للرافعي. ولو نوى تحريم عينها أو نحو فرجها أو وطئها لم تحرم وعليه مثل كفارة يمين وإن لم يطأ.
ولو قال: هذا الثوب أو الطعام حرام علي فلغو لا شيء فيه.
وأنت خلية أي من الزوج فعيلة بمعنى فاعلة أو بريئة منه وبائن أي مفارقة وكأنت حرة ومطلقة بتخفيف اللام أو أطلقتك وأنت كأمي أو بنتي أو أختي وك بنتي لممكنة كونها بنته باحتمال السن وإن كانت معلومة النسب وك أعتقتك وتركتك وقطعت نكاحك وأزلتك وأحللتك أي للأزواج وأشركتك مع فلانة وقد طلقت منه أو من غيره وك تزوجي أي لأني طلقتك وأنت حلال لغيري بخلاف قوله للولي: زوجها فإنه
صريح واعتدي أي لأني طلقتك وودعيني من الوداع: أي لأني طلقتك وك خذي طلاقك ولا حاجة لي فيك أي لأني طلقتك ولست زوجتي إن لم يقع في
جواب دعوى وإلا فإقرار وك ذهب طلاقك أو سقط طلاقك إن فعلت كذا وك طلاقك واحد وثنتان فإن قصد به الإيقاع وقع وإلا فلا وكلك الطلاق أو طلقة وكذا سلام عليك على ما قاله ابن صلاح ونقله شيخنا في شرح المنهاج.
لا منها كطلاقك عيب أو نقص ولا قلت أو أعطيت كلمتك أو حكمك فلا يقع به الطلاق وإن نوى بها المتلفظ الطلاق لأنها ليست من الكنايات التي تحتمل الطلاق بلا تعسف ولا أثر لاشتهارها في الطلاق في بعض القطر كما أفتى به جمع من محققي مشايخ عصرنا.
ولو نطق بلفظ من هذه الألفاظ الملغاة عند إرادة الفراق فقال له الآخر: مستخبرا أطلقت زوجتك؟ فقال: نعم ظانا وقوع الطلاق باللفظ الأول لم يقع كما أفتى به شيخنا.
وسئل البلقيني عما لو قال لها: أنت علي حرام وظن أنها طلقت به ثلاثا فقال لها: أنت طالق ثلاثا ظانا وقوع الثلاث بالعبارة
الأولى فأجاب بأنه لا يقع عليه طلاق بما أخبر به ثانيا على الظن المذكور انتهى.
ويجوز لمن ظن صدقه أن لا يشهد عليه.
فرع [في بيان أن الكتابة كناية فإن نوى بها الطلاق وقع] لو كتب صريح طلاق أو كنايته ولم ينو إيقاع الطلاق فلغو ما لم يتلفظ حال الكتابة أو بعدها بصريح ما كتبه نعم: يقبل قوله أردت قراءة المكتوب لا الطلاق لاحتماله ولا يلحق الكناية بالصريح طلب المرأة الطلاق ولا قرينة غضب ولا اشتهار بعض ألفاظ الكنايات فيه.
وصدق منكر نية في الكناية بيمينه في أنه ما نوى بها طلاقا فالقول في النية: إثباتا ونفيا قول: الناوي إذ لا تعرف إلا منه فإن لم تمكن مراجعة نيته بموت أو فقد لم يحكم بوقوع الطلاق لان الأصل بقاء العصمة.
فروع قال في العباب: من اسم زوجته فاطمة مثلا فقال: ابتداء أو جوابا لطلبها الطلاق فاطمة طالق وأراد غيرها لم يقبل ومن قال لامرأته: يا زينب أنت طالق واسمها عمرة طلقت للإشارة ولو أشار إلى أجنبية وقال: يا عمرة أنت طالق واسم
زوجته عمرة لم تطلق ومن قال: امرأتي طالق مشيرا لإحدى امرأتيه وأراد الأخرى قبل بيمينه ومن له زوجتان اسم كل واحدة منهما فاطمة بنت محمد وعرف أحدهما بزيد فقال: فاطمة بنت محمد طالق ونوى بنت زيد قبل انتهى.
قال شيخنا: لم يقبل في المسألة الأولى أي ظاهرا بل يدين نعم: يتجه قبول إرادته لمطلقة له اسمها فاطمة انتهى.
ولو قال: زوجتي عائشة بنت محمد طالق وزوجته خديجة بنت محمد طلقت لأنه لا يضر الخطأ في الاسم. ولو قال لابنه المكلف قل لامك: أنت طالق ولم يرد التوكيل يحتمل التوكيل فإذا قاله لها: طلقت كما تطلق به لو أراد التوكيل ويحتمل أنها تطلق وكون الابن مخبرا لها بالحال.
قال الأسنوي: ومدرك التردد أن الأمر بالأمر بالشيء إن جعلناه كصدور الأمر من الأول كان الأمر بالإخبار بمنزلة الإخبار من الأب فيقع وإلا فلا انتهى.
قال الشيخ زكريا: وبالجملة فينبغي أن يستفسر فإن تعذر استفساره عمل بالاحتمال الأول حتى لا يقع الطلاق بقوله: بل بقول الابن لامه: لان الطلاق لا يقع بالشك.
ولو قال: طلقتك ونوى عددا اثنتين أو واحدة وقع منوي ولو في
غير موطوءة فإن لم ينوه وقع طلقة واحدة ولو شك في العدد الملفوظ أو المنوي فيأخذ بالأقل ولا يخفى الورع.
فرع لو قال: طلقتك واحدة وثنتين فيقع به الثلاث كما هو ظاهر وبه أفتى بعض محققي علماء عصرنا.
ولو قال للمدخول بها: أنت طالق طلقة بل طلقتين فيقع ثلاث كما صرح به الشيخ زكريا في شرح الروض.
ويقع طلاق الوكيل في الطلاق بطلقت فلانة ونحوه وإن لم ينو عند الطلاق أنه مطلق لموكله.
ولو قال لآخر: أعطيت أو جعلت بيدك طلاق زوجتي أو قال له: رح بطلاقها وأعظها فهو توكيل يقع الطلاق بتطليق الوكيل لا بقول الزوج هذا اللفظ بل تحصل الفرقة من حين قول الوكيل: متى شاء طلقت فلانة لا بإعلامها الخبر بأن فلانا أرسل بيدي طلاقك ولا بإعلامها أن زوجك طلق.
وإذا قال له: لا تعطه إلا في يوم كذا فيطلق في اليوم الذي عينه أو بعده لا قبله.
ثم إن قصد التقييد بيوم طلق فيه لا بعده.
ولو قال لها أي الزوجة المكلفة منجزا طلقي نفسك إن شئت فهو تمليك للطلاق لا توكيل بذلك وبحث أن منه قوله: طلقيني فقالت: أنت طالق ثلاثا لكنه كناية فإن نوى التفويض إليها طلقت وإلا فلا.
وخرج بتقييدي بالمكلفة غيرها لفساد عبارتها وبمنجز المعلق فلو قال: إذا جاء رمضان فطلقي نفسك لغا. وإذا قلنا أنه تمليك فيشترط لوقوع الطلاق المفوض إليها تطليقها ولو بكناية فورا بأن لا يتخلل فاصل بين تفويضه وإيقاعها نعم لو قال: طلقي نفسك فقالت: كيف يكون تطليق نفسي؟ ثم قالت: طلقت وقع لأنه فصل يسير.
بطلقت نفسي أو طلقت فقط لا بقبلت.
وقال بعضهم: كمختصري الروضة لا يشترط الفور في متى شئت فتطلق متى شاءت وجزم به
صاحبا التنبيه والكفاية لكن المعتمد كما قال شيخنا: أنه يشترط الفورية وإن أتى بنحو متى.
ويجوز له الرجوع قبل تطليقها كسائر العقود.
فائدة [في بيان جواز تعليق الطلاق] : يجوز تعليق الطلاق كالعتق بالشروط ولا يجوز الرجوع فيه قبل وجود الصفة ولا يقع قبل وجود الشرط ولو علقه بفعله شيئا ففعله ناسيا للتعلق أو جاهلا بأنه المعلق عليه لم تطلق.
ولو علق الطلاق على ضرب زوجته بغير ذنب فشتمته فضربها لم يحنث إن ثبت ذلك وإلا صدقت فتحلف.
مهمة [في بيان حكم الاستثناء] يجوز الاستثناء بنحو إلا بشرط أن يسمع نفسه وأن يتصل بالعدد الملفوظ: كطلقتك ثلاثا إلا اثنتين فيقع طلقه أو إلا واحدة فطلقتان.
ولو قال: أنت طالق إن شاء الله لم تطلق1.
وصدق مدعي إكراه على طلاق أو إغماء حالته أو سبق لسان إلى لفظ الطلاق بيمينه إن كان ثم قرينة كحبس وغيره في دعوى كونه مكرها وكمرض واعتياد صرع في دعوى كونه مغشيا عليه وككون اسمها طالعا أو طالبا في دعوى سبق اللسان وإلا تكن هناك قرينة فلا يصدق إلا بيمينه.
تتمة من قال لزوجته: يا كافرة مريدا حقيقة الكفر جرى فيها ما تقرر في الردة أو الشتم فلا طلاق وكذا إن لم يرد شيئا لأصل بقاء العصمة وجريان ذلك الشتم كثيرا مرادا به كفر النعمة
----
1 إلا إن قصد التبرك بقوله إن شاء الله أي إنه عازم.
----
فرع في حكم المطلقة بالثلاث
حرم لحر من طلقها ولو قبل الوطء ثلاثا ولعبد من طلقها ثنتين في نكاح أو أنكحة حتى تنكح زوج غيره بنكاح صحيح ثم يطلقها وتنقض عدتها منه كما هو معلوم ويولج بقبلها حشفة منه أو قدرها من فاقدها مع افتضاض لبكر وشرط كون الإيلاج بانتشار للذكر أي معه وإن قل أو أعين بنحو إصبع ولا يشترط إنزال وذلك للآية. [2 سورة البقرة الآية: 23] .
والحكمة في اشتراط التحليل التنفير من استيفاء ما يملكه من الطلاق.
ويقبل قولها أي المطلقة.
في تحليل وانقضاء عدة عند إمكان.
وإن كذبها الثاني في وطئه لها لعسر إثباته.
وإذا ادعت نكاحا وانقضاء عدة وحلفت عليهما جاز للزوج الأول نكاحها وإن ظن كذبها لان العبرة في العقود بقول أربابها ولا عبرة بظن لا مستند له.
ولو ادعى الثاني الوطء وأنكرته لم تحل للأول ولو قالت: لم أنكح ثم كذبت نفسها وادعت نكاحا بشرطه جاز للأول نكاحها إن صدقها.
ولو أخبرته أي المطلقة زوجها الأول أنها تحللت ثم رجعت وكذبت نفسها قبلت دعواها قبل عقد عليها للأول فلا يجوز له نكاحها لا بعده: أي لا يقبل إنكارها التحليل بعد عقد الأول لان رضاها بنكاحه يتضمن الاعتراف بوجود التحليل فلا يقبل منها خلافه.
وإن صدقها الثاني في عدم الإصابة لان الحق تعلق بالأول فلم تقدر هي ولا مصدقها على رفعه كما أفتى به جمع من مشايخنا المحققين.
تتمة [في ما يثبت به الطلاق] إنما يثبت الطلاق كالإقرار به
بشهادة رجلين حرين عدلين فلا يحكم بوقوعه بشهادة الإناث ولو مع رجل أو كن أربعا ولا بالعبيد ولو صلحاء ولا بالفساق ولو كان الفسق بإخراج مكتوبة عن وقتها بلا عذر.
ويشترط للأداء والقبول أن يسمعاه ويبصر المطلق حين النطق به فلا يصح تحملها الشهادة اعتمادا على الصوت من غير أن يريا المطلق لجواز اشتباه الأصوات.
وأن يبينا لفظ الزوج من صريح أو كناية.
ويقبل فيه شهادة أبي المطلقة وابنها إن شهدا حسبة.
ولو تعارضت بينتا تعليق وتنجيز قدمت الأولى لان معها زيادة علم بسماع التعليق.
فصل في الرجعة
هي لغة: المرة من الرجوع وشرعا رد المرأة إلى النكاح من طلاق غير بائن في العدة.
صح رجوع مفارقة بطلاق دون أكثره فهو ثلاث لحر وثنتان لعبد مجانا بلا عوض بعد وطئ أي في عدة وطء
قبل انقضاء عدة فلا يصح رجوع مفارقة بغير طلاق كفسخ.
ولا مفارقة بدون ثلاث مع عوض كخلع لبينونتها.
ومفارقة قبل وطئ: إذ لا عدة عليها.
ولا من انقضت عدتها لأنها صارت أجنبية.
ويصح تجديد نكاحهن بإذن جديد وولي وشهود ومهر آخر.
ولا مفارقة بالطلاق الثلاث فلا يصح نكاحها إلا بعد التحليل.
وإنما يصح الرجوع براجعت أو رجعت زوجتي أو فلانة وإن لم يقل: إلي نكاحي أو إلي لكن يسن أن يزيد أحدهما مع الصيغة.
ويصح برددتها إلى نكاحي وبأمسكتها.
وأما عقد النكاح عليها بإيجاب وقبول فكناية تحتاج إلى نية.
ولا يصح تعليقها كراجعتك إن شئت.
ولا يشترط الإشهاد عليها بل يسن.
فروع يحرم التمتع برجعية ولو بمجرد نظر ولأحد إن وطئ بل يعزر.
وتصدق بيمينها في انقضاء العدة بغير الأشهر من أقراء أو وضع إذا أمكن وإذا أنكره الزوج أو خالفت عادتها لان النساء مؤتمنات على أرحامهن.
ولو ادعى رجعة العدة وهي منقضية ولم تنكح فإن اتفقا على وقت الانقضاء كيوم الجمعة وقال: راجعت قبله فقالت بل بعده حلفت أنها لا تعلم أنه راجع فتصدق لان الأصل عدم الرجعة قبله فلو اتفقتا على وقت الرجعة كيوم الجمعة وقالت: انقضت يوم الخميس وقال: بل انقضت يوم السبت صدق بيمينه أنها ما انقضت يوم الخميس لاتفاقهما على وقت الرجعة والأصل عدم انقضاء العدة قبله.
ولو تزوج رجل مفارقته ولو بخلع بدون ثلاث ولو بعد أن نكحت ل زوج آخر ودخوله بها عادت إليه ببقيته: أي بقية الثلاث فقط من ثنتين أو واحدة.
فصل في أحكام الإيلاء
الإيلاء خلف زوج يتصور وطؤه على امتناعه من وطؤه زوجته مطلقا أو فوق أربعة أشهر كأن يقول: لا أطوك أو لا أطوك خمسة أشهر أو حتى يموت فلان فإذا مضت أربعة أشهر من الإيلاء بلا وطء فلها مطالبته بالفيئة وهي الوطء أو بالطلاق فإن أبى طلق عليه القاضي.
وينعقد الإيلاء بالحلف بالله تعالى وبتعليق طلاق أو عتق أو التزام قربة.
وإذا وطئ مختارا بمطالبة أو دونها لزمته كفارة يمين إن حلف بالله.
فصل في بيان أحكام الظهار
إنما يصح الظهار ممن يصح طلاقه وهو أن يقول لزوجته أنت كظهر أمي ولو بدون علي وقوله أنت كأمي كناية وكالأم محرم لم يطرأ تحريمها.
وتلزمه كفارة ظهار بالعود وهو أن يمسكها زمنا يمكن فراقها فيه.