كتاب اللباس والسلام وال وعيادة المريض وتشييع الميت
رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين للإمام النووي
محتويات
- كتَاب اللّبَاس
- باب استحباب الثوب الأبيض
- باب استحباب القميص
- باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعا
- باب استحباب التوسط في اللباس
- باب تحريم لباس الحرير عَلَى الرجال ، وتحريم جلوسهم
- باب جواز لبس الحرير لمن بِهِ حكة
- باب مَا يقول إِذَا لبس ثوباً جديداً أَوْ نعلاً أَوْ نحوه
- باب استحباب الابتداء باليمين في اللباس
- باب مَا يقوله عِنْدَ النوم
- باب جواز الاستلقاء عَلَى القفا
- باب في آداب المجلس والجليس
- باب الرؤيا وَمَا يتعلق بها
- كتَاب السَّلاَم
- باب فضل السلام والأمر بإفشائه
- باب كيفية السلام
- باب آداب السلام
- باب استحباب إعادة السلام
- باب استحباب السلام إِذَا دخل بيته
- باب السلام عَلَى الصبيان
- باب تحريم ابتدائنا الكافر بالسلام وكيفية الرد عليهم
- باب استحباب السلام إِذَا قام من المجلس
- باب الاستئذان وآدابه
- باب بيان أنَّ السنة إِذَا قيل للمستأذن : من أنت ؟
- باب استحباب تشميت العاطس إِذَا حمد الله تَعَالَى
- باب استحباب المصافحة عِنْدَ اللقاء وبشاشة الوجه
- كتاب عيَادة المريض وَتشييع المَيّت
- باب عيادة المريض
- باب مَا يُدعى به للمريض
- باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله
- باب استحباب وصية أهل المريض
- باب جواز قول المريض : أنَا وجع ، أَوْ شديد الوجع
- باب تلقين المحتضر : لا إله إِلاَّ اللهُ
- باب مَا يقوله بعد تغميض الميت
- باب ما يقال عند الميت وَمَا يقوله من مات له ميت
- باب جواز البكاء عَلَى الميت بغير ندب وَلاَ نياحة
- باب الكف عن مَا يرى من الميت من مكروه
- العودة إلي الصفحة الرئيسية من رياض الصالحين
3- كتَاب اللّبَاس
117- باب استحباب الثوب الأبيض ، وجواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود وجوازه من قطن وكتان وشعر وصوف وغيرها إِلاَّ الحرير
قَالَ الله تَعَالَى : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَاري سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ [ الأعراف : 26 ] ، وقال تَعَالَى : وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأسَكُمْ [ النحل : 81 ] .
778- وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله ، قَالَ :
(( الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ البَيَاضَ ؛ فَإنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
779- وعن سَمُرَة ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( الْبَسُوا البَيَاضَ ؛ فَإنَّهَا أطْهَرُ وَأطْيَبُ ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ )) رواه النسائي والحاكم ، وقال : (( حديث صحيح )) .
780- وعن البراءِ ، قَالَ : كَانَ رسول الله مَرْبُوعاً( ) ، وَلَقَدْ رَأيْتُهُ في حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مَا رَأيْتُ شَيْئاً قَطُّ أحْسَنَ مِنْهُ . متفقٌ عَلَيْهِ .
781- وعن أَبي جُحَيفَةَ وَهْب بن عبد الله ، قَالَ : رَأيتُ النبيَّ بِمكّةَ وَهُوَ بالأبْطَحِ في قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ مِنْ أَدمِ ، فَخَرَجَ بِلاَلٌ بِوَضُوئِهِ ، فَمِنْ نَاضِحٍ وَنَائِلٍ ، فَخَرَجَ النبيُّ وعليه حُلَّةٌ حَمْرَاءُ ، كَأنِّي أنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ سَاقَيْهِ ، فَتَوَضّأ وَأذَّنَ بِلاَلٌ ، فَجَعَلْتُ أتَتَبَّعُ فَاهُ هاهُنَا وَهَاهُنَا ، يقولُ يَمِيناً وَشِمَالاً : حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ ، ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ لاَ يُمْنَعُ . متفقٌ عَلَيْهِ .
(( العنَزة )) بفتح النون : نحو العُكازَة .
782- وعن أَبي رمْثَة رفَاعَةَ التَّيْمِيِّ ، قَالَ : رأيتُ رسولَ الله وعليه ثوبانِ أخْضَرَان . رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح .
783- وعن جابر : أنَّ رسول الله دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاء . رواه مسلم .
784- وعن أَبي سعيد عمرو بن حُرَيْثٍ ، قَالَ : كأنّي أنْظُرُ إِلَى رسول الله وعليه عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ ، قَدْ أرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ . رواه مسلم .
وفي روايةٍ لَهُ : أنَّ رسول الله خَطَبَ النَّاسَ ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ .
785- وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كُفِّنَ رسول الله في ثلاثةِ أثْوَاب بيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ .متفقٌ عَلَيْهِ
(( السَّحُولِيَّة )) بفتح السين وضمها وضم الحاء المهملتين : ثيابٌ تُنْسَبُ إِلَى سَحُول : قَرْيَة باليَمنِ (( وَالكُرْسُف )) : القُطْنُ .
786- وعنها ، قالت : خرج رسول الله ذات غَدَاةٍ ، وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مرَحَّلٌ مِنْ شَعرٍ أسْوَد . رواه مسلم .
(( المِرْط )) بكسر الميم : وَهُوَ كساءٌ وَ(( المُرَحَّلُ )) بالحاء المهملة : هُوَ الَّذِي فِيهِ صورةُ رحال الإبل ، وهِيَ الأَكْوَارُ .
787- وعن المغيرة بن شُعْبَةَ ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ رسول الله ذاتَ لَيْلَةٍ في مسير ، فَقَالَ لي : (( أمَعَكَ مَاءٌ ؟ )) قلتُ : نَعَمْ ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَمَشَى حَتَّى تَوَارَى في سَوَادِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ جَاءَ فَأفْرَغْتُ عَلَيْهِ مِنَ الإدَاوَةِ ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يُخْرِجَ ذِرَاعَيْهِ مِنْهَا حَتَّى أخْرَجَهُمَا مِنْ أسْفَلِ الْجُبَّةِ ، فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأسِهِ ، ثُمَّ أهْوَيْتُ لأَنْزَعَ خُفَّيْهِ ، فَقَالَ : (( دَعْهُمَا فَإنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ )) وَمَسحَ عَلَيْهِمَا . متفقٌ عَلَيْهِ .
وفي رواية : وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الكُمَّيْنِ .
وفي رواية : أنَّ هذِهِ القَضِيَّةَ كَانَتْ في غَزْوَةِ تَبُوكَ .
118- باب استحباب القميص
788- عن أُمِّ سَلَمَة رضي الله عنها ، قالت : كَانَ أحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى
رسول الله الْقَمِيص . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
119- باب صفة طول القميص والكُم ( ) والإزار
وطرف العمامة وتحريم إسبال شيء من ذلك على سبيل الخيلاء
وكراهته من غير خيلاء
789- عن أسماءَ بنتِ يزيد الأنصاريَّةِ رَضِيَ الله عنها ، قالت : كَانَ كُمُّ قَمِيص رسول الله إِلَى الرُّسْغِ . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
790- وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ النبيَّ ، قَالَ : (( مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ )) فَقَالَ أَبُو بكر : يَا رسول الله ، إنَّ إزاري يَسْتَرْخِي إِلاَّ أنْ أَتَعَاهَدَهُ ، فَقَالَ لَهُ رسول الله : (( إنَّكَ لَسْتَ مِمَّنْ يَفْعَلُهُ خُيَلاءَ )) رواه البخاري وروى مسلم بعضه .
791- وعن أَبي هريرة : أنَّ رسول الله ، قَالَ : (( لا يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إزاره بَطَراً )) متفقٌ عَلَيْهِ .
792- وعنه ، عن النبيِّ ، قَالَ : (( مَا أسْفَل مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإزْارِ فَفِي النار )) رواه البخاري .
793- وعن أَبي ذر ، عن النبيِّ ، قَالَ : (( ثلاثةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) قَالَ : فقَرأها رسول الله ثلاثَ مِرار ، قَالَ أَبُو ذرٍّ : خَابُوا وَخَسِرُوا ! مَنْ هُمْ يَا رسول الله ؟ قَالَ : (( المُسْبِلُ( ) ، وَالمنَّانُ( ) ، وَالمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالحَلِفِ الكاذِبِ )) رواه مسلم .
وفي رواية لَهُ : (( المُسْبِلُ إزَارَهُ )) .
794- وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبيِّ ، قَالَ : (( الإسْبَالُ في الإزار ، وَالقَمِيصِ ، وَالعِمَامةِ ، مَنْ جَرَّ شَيْئاً خُيَلاءَ لَمْ ينْظُرِ الله إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ )) رواه أَبُو داود والنسائي بإسناد صحيح .
795- وعن أَبي جُرَيٍّ جابر بن سُلَيْم ، قَالَ : رَأَيْتُ رَجُلاً يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيهِ ، لا يَقُولُ شَيْئاً إِلاَّ صَدَرُوا عَنْهُ ، قُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ قالوا : رسولُ الله . قُلْتُ : عَلَيْكَ السَّلامُ يَا رسول الله – مرّتين – قَالَ : (( لاَ تَقُلْ : عَلَيْكَ السَّلامُ ، عَلَيْكَ السَّلامُ تَحِيَّةُ المَوْتَى ، قُلْ : السَّلامُ عَلَيْكَ )) قَالَ : قُلْتُ : أنْتَ رسول اللهِ ؟ قَالَ : (( أنَا رسول الله الَّذِي إِذَا أصَابَكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَه عَنْكَ ، وَإِذَا أصَابَكَ عَامُ سَنَةٍ( ) فَدَعَوْتَهُ أَنْبَتَهَا لَكَ ، وَإِذَا كُنْتَ بِأَرْضٍ قَفْرٍ أَوْ فَلاَةٍ فَضَلَّتْ رَاحِلَتُكَ ، فَدَعَوْتَهُ رَدَّهَا عَلَيْكَ )) قَالَ : قُلْتُ : اعْهَدْ إِلَيَّ . قَالَ : (( لاَ تَسُبَّنَ أحَداً )) قَالَ : فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرّاً ، وَلاَ عَبْداً ، وَلاَ بَعِيراً ، وَلاَ شَاةً ، (( ولاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئاً ، وأَنْ تُكَلِّمَ أخَاكَ وَأنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ ، إنَّ ذَلِكَ مِنَ المَعْرُوفِ ، وَارْفَعْ إزَارَكَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ ، فَإنْ أبَيْتَ فَإلَى الكَعْبَينِ ، وَإيَّاكَ وَإسْبَالَ الإزَار فَإنَّهَا مِنَ المخِيلَةِ . وَإنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ المَخِيلَةَ ؛ وَإن امْرُؤٌ شَتَمَكَ وعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلاَ تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ ، فَإنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ )) رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح ، وقال الترمذي : (( حديث حسن صحيح )) .
796- وعن أَبي هريرة ، قَالَ : بينما رَجُلٌ يُصَلَّي مسبلٌ إزَارَهُ ، قَالَ لَهُ رسول الله : (( اذْهَبْ فَتَوَضَّأ )) فَذَهَبَ فَتَوَضّأَ ، ثُمَّ جَاءَ ، فَقَالَ : (( اذْهَبْ فَتَوَضّأ )) فَقَالَ لَهُ رجُلٌ : يَا رسولَ اللهِ ، مَا لَكَ أمَرْتَهُ أنْ يَتَوَضّأَ ثُمَّ سَكَتَّ عَنْهُ ؟ قَالَ : (( إنّهُ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ مُسْبِلٌ إزَارَهُ ، وَإنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ صَلاَةَ رَجُلٍ مُسْبلٍ )) رواه أَبُو داود بإسناد صحيح عَلَى شرط مسلم .
797- وعن قيس بن بشر التَّغْلِبيِّ ، قَالَ : أخْبَرَني أَبي - وكان جَلِيساً لأَبِي الدرداء - قَالَ : كَانَ بِدمَشْق رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِ النَّبيِّ يقال لَهُ سهل بن الْحَنْظَلِيَّةِ ، وَكَانَ رَجُلاً مُتَوَحِّداً قَلَّمَا يُجَالِسُ النَّاسَ ، إنَّمَا هُوَ صَلاَةٌ ، فإذا فَرَغَ فَإنَّمَا هُوَ تَسْبِيحٌ وَتَكْبيرٌ حَتَّى يَأتي أهْلَهُ ، فَمَرَّ بنا وَنَحْنُ عِنْدَ أَبي الدَّرداء ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدرداءِ : كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلاَ تَضُرُّكَ . قَالَ : بَعَثَ رسول الله سَرِيَّةً فَقَدِمَتْ ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَلَسَ في المَجْلِسِ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ رسُولُ الله ، فَقَالَ لِرَجُلٍ إِلَى جَنْبِهِ : لَوْ رَأيْتَنَا حِيْنَ التَقَيْنَا نَحْنُ وَالعَدُوُّ ، فَحَمَلَ فُلانٌ وَطَعَنَ ، فَقَالَ : خُذْهَا مِنِّي ، وَأنَا الغُلاَمُ الغِفَاريُّ ، كَيْفَ تَرَى في قَوْلِهِ ؟ قَالَ : مَا أرَاهُ إِلاَّ قَدْ بَطَلَ أجْرُهُ . فَسَمِعَ بِذلِكَ آخَرُ ، فَقَالَ : مَا أرَى بِذلِكَ بَأساً ، فَتَنَازَعَا حَتَّى سَمِعَ رسول الله ، فَقَالَ: (( سُبْحَانَ الله ؟ لاَ بَأسَ أنْ يُؤجَرَ وَيُحْمَدَ )) فَرَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاء سُرَّ بِذلِكَ ، وَجَعَلَ يَرْفَعُ رَأسَهُ إِلَيْهِ ، وَيَقُولُ : أأنْتَ سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ رَسُول الله ؟ فيقول : نَعَمْ ، فما زال يُعِيدُ عَلَيْهِ حَتَّى إنّي لأَقُولُ لَيَبْرُكَنَّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، قَالَ : فَمَرَّ بِنَا يَوْماً آخَرَ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْداء : كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلاَ تَضُرُّكَ ، قَالَ : قَالَ لنا رسول الله :
(( المُنْفِقُ عَلَى الخَيْلِ ، كَالبَاسِطِ يَدَهُ بالصَّدَقَةِ لاَ يَقْبضُهَا )) ، ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوماً آخَرَ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْداء : كَلِمَةً تَنْفَعنَا وَلاَ تَضُرُّكَ ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( نِعْمَ الرَّجُلُ خُرَيمٌ الأسَديُّ ! لولا طُولُ جُمَّتِهِ وَإسْبَالُ إزَارِهِ! )) فَبَلَغَ ذَلِكَ خُرَيْماً فَعَجَّلَ، فَأَخَذَ شَفْرَةً فَقَطَعَ بِهَا جُمَّتَهُ إِلَى أُذُنَيْهِ ، وَرَفَعَ إزارَهُ إِلَى أنْصَافِ سَاقَيْهِ . ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوْماً آخَرَ فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْداء : كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلاَ تَضُرُّكَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله ، يقول : (( إنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إخْوانِكُمْ ، فَأصْلِحُوا رِحَالكُمْ ، وَأصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَأنَّكُمْ شَامَةٌ في النَّاسِ ؛ فإِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفُحْشَ وَلاَ التَّفَحُّش )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسنٍ ، إِلاَّ قيس بن بشر فاختلفوا في توثِيقِهِ وَتَضْعِيفِهِ( ) ، وَقَدْ روى لَهُ مسلم( ) .
798- وعن أَبي سعيد الخدريِّ ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله : (( إزْرَةُ المُسْلِمِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ ، وَلاَ حَرَجَ – أَوْ لاَ جُنَاحَ – فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الكَعْبَيْنِ ، فمَا كَانَ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ فَهُوَ في النَّارِ ، وَمَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَراً لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ .
799- وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قَالَ : مررتُ عَلَى رسولِ الله وفي إزَارِي استرخاءٌ ، فَقَالَ : (( يَا عَبدَ اللهِ ، ارْفَعْ إزَارَكَ )) فَرَفَعْتُهُ ثُمَّ قَالَ : (( زِدْ )) فَزِدْتُ ، فَمَا زِلْتُ أتَحَرَّاهَا بَعْدُ . فَقَالَ بَعْضُ القَوْم : إِلَى أينَ ؟ فَقَالَ : إِلَى أنْصَافِ السَّاقَيْنِ . رواه مسلم .
800- وعنه ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله : (( مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ )) فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بذُيُولِهِنَّ ؟ قَالَ : (( يُرْخِينَ شِبْراً )) قالت : إِذَاً تَنْكَشِفُ أقْدَامُهُنَّ . قَالَ : (( فَيرخِينَهُ ذِرَاعاً لاَ يَزِدْنَ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
120- باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعاً
قَدْ سَبَقَ في بَابِ فَضْل الجُوعِ وَخشُونَةِ العَيْشِ جُمَلٌ تَتَعَلَّقُ بهذا الباب .
801- وعن معاذ بن أنسٍ : أنَّ رسول الله ، قَالَ : (( مَنْ تَرَكَ
اللِّبَاس تَوَاضُعاً للهِ ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، دَعَاهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ عَلَى رُؤوسِ الخَلائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أيِّ حُلَلِ الإيمَانِ شَاءَ يَلْبَسُهَا )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
121- باب استحباب التوسط في اللباس وَلاَ يقتصر عَلَى مَا يزري بِهِ لغير حاجة وَلاَ مقصود شرعي
802- عن عمرو بن شعيب ، عن أبيهِ ، عن جَدِّهِ ، قَالَ: قَالَ رسول الله : (( إنَّ اللهَ يُحِبُّ أنْ يُرَى أثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
122- باب تحريم لباس الحرير عَلَى الرجال ، وتحريم جلوسهم عَلَيْهِ واستنادهم إِلَيْهِ وجواز لبسه للنساء
803- عن عمر بن الخَطَّابِ ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( لاَ تَلْبَسُوا الحَرِيرَ ؛ فَإنَّ مَنْ لَبِسَهُ في الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
804- وعنه ، قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ الله ، يقول : (( إنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وفي رواية للبخاري : (( مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ في الآخِرَةِ )) .
قَوْله : (( مَنْ لاَ خَلاقَ لَهُ )) أيْ : لاَ نَصِيبَ لَهُ .
805- وعن أنس ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ في الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
806- وعن علي ، قَالَ : رأيتُ رسولَ الله أخَذَ حَريراً ، فَجَعَلَهُ في يَمِينهِ ، وَذَهَبَاً فَجَعَلَهُ في شِمَالِهِ ، ثُمَّ قَالَ : (( إنَّ هذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُور أُمّتي )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ .
807- وعن أَبي موسى الأشْعَري : أنَّ رسول الله ، قَالَ : (( حُرِّمَ لِبَاسُ الحَرِير وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي ، وَأُحِلَّ لإنَاثِهِمْ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
808- وعن حُذَيْفَةَ ، قَالَ : نَهَانَا النَّبيُّ أنْ نَشْرَبَ في آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ ، وأنْ نَأْكُلَ فِيهَا ، وعَنْ لُبْس الحَريرِ وَالدِّيبَاج ، وأنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ . رواه البخاري .
123- باب جواز لبس الحرير لمن بِهِ حكة
809- عن أنسٍ ، قَالَ : رَخَّصَ رسولُ الله لِلزُّبَيْرِ وعَبْدِ الرَّحْمان بن عَوْفٍ رضي الله عنهما في لُبْس الحَريرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِما . متفقٌ عَلَيْهِ .
124- باب النهي عن افتراش جلود النمور والركوب عَلَيْهَا
810- عن معاوية ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( لاَ تَرْكَبُوا الخَزَّ( ) وَلاَ النِّمَارَ( ) )) حديث حسن ، رواه أَبُو داود وغيره بإسناد حسن .
811- وعن أَبي المليح ، عن أبيه : أنَّ رسول الله نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ . رواه أَبُو داود والترمذيُّ والنسائيُّ بأسانِيد صِحَاحٍ .
وفي رواية للترمذي : نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أنْ تُفْتَرَشَ .
125- باب مَا يقول إِذَا لبس ثوباً جديداً أَوْ نعلاً أَوْ نحوه
812- عن أَبي سعيد الخدْريِّ ، قَالَ : كَانَ رسول الله إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوباً سَمَّاهُ باسْمِهِ – عِمَامَةً ، أَوْ قَميصاً ، أَوْ رِدَاءً – يقولُ : (( اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أنْتَ كَسَوْتَنِيهِ ، أسْأَلكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ ، وَأَعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
126- باب استحباب الابتداء باليمين في اللباس
هَذَا الباب قَدْ تقدم مقصوده وذكرنا الأحاديث الصحيحة فِيهِ( ) .
4- كتَاب آداب النَوم والاضْطِجَاع
وَالقعُود والمَجلِس وَالجليس وَالرّؤيَا
127- باب مَا يقوله عِنْدَ النوم
813- عن البَراءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : كَانَ رسول الله إِذَا أوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَن ، ثُمَّ قَالَ : (( اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نفسي إلَيْكَ ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ ، وَألْجَأتُ ظَهْرِي إلَيْك ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إلَيْكَ ، لاَ مَلْجَأ وَلاَ مَنْجا مِنْكَ إِلاَّ إلَيكَ ، آمَنْتُ بكِتَابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أرْسَلْتَ )) رواه البخاري بهذا اللفظ في كتاب الأدب من صحيحه .
814- وعنه ، قَالَ : قَالَ لي رسول الله : (( إِذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأ وُضُوءكَ لِلْصَّلاَةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَن ، وَقُلْ ...)) وذَكَرَ نَحْوَهُ ، وفيه : (( وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
815- وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كَانَ النبيُّ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إحْدَى عَشرَةَ رَكْعَةً ، فَإذا طَلَعَ الفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَن حَتَّى يَجيءَ الْمُؤَذِّنُ فَيُؤْذِنَهُ . متفقٌ عَلَيْهِ .
816- وعن حُذَيْفَةَ ، قَالَ : كَانَ النَّبيُّ إِذَا أخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : (( اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أمُوتُ وَأحْيَا )) وَإِذَا اسْتَيْقَظ قَالَ : (( الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أحْيَانَا بَعْدَمَا أمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُشُورُ )) رواه البخاري .
817- وعن يَعيشَ بن طِخْفَةَ الغِفَارِيِّ رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ أَبي : بينما أَنَا مُضْطَجِعٌ في الْمَسْجِدِ عَلَى بَطْنِي إِذَا رَجُلٌ يُحَرِّكُنِي برجلِهِ ، فَقَالَ : (( إنَّ هذِهِ ضجْعَةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ )) ، قَالَ : فَنظَرْتُ ، فَإذَا رسولُ الله . رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح .
818- وعن أَبي هريرة ، عن رسول الله ، قَالَ : (( مَنْ قَعَدَ مَقْعَدَاً لَمْ يَذْكُرِ الله تَعَالَى فِيهِ ، كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تَعَالَى تِرَةٌ ، وَمَنِ اضْطَجَعَ مَضجَعاً لاَ يَذْكُرُ اللهَ تَعَالَى فِيهِ ، كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسن .
(( التِّرَةُ )) : بكسر التاء المثناة من فوق ، وَهِيَ : النقص ، وقِيلَ : التَّبعَةُ .
128- باب جواز الاستلقاء عَلَى القفا ووضع إحدى الرِّجلين عَلَى الأخرى إِذَا لم يخف انكشاف العورة وجواز القعود متربعاً ومحتبياً
819- عن عبدِ اللهِ بن زيد رضي الله عنهما : أنَّه رأى رسولَ الله مُسْتَلْقِياً في الْمَسْجِدِ ، وَاضِعاً إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى . متفقٌ عَلَيْهِ .
820- وعن جابر بن سَمُرَة ، قَالَ : كَانَ النبيُّ إِذَا صَلَّى الفَجْرَ تَرَبَّعَ في مَجْلِسِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسْنَاء . حديث صحيح ، رواه أَبُو داود وغيره بأسانيد صحيحة .
821- وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قَالَ : رأيتُ رسول الله بفناءِ الكَعْبَةِ مُحْتَبِياً بِيَدَيْهِ هكَذا ، وَوَصَفَ بِيَدَيْهِ الاحْتِبَاءَ ، وَهُوَ القُرْفُصَاءُ( ) . رواه البخاري .
822- وعن قَيْلَةَ بنْتِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنها ، قالت : رأيتُ النَّبيَّ وَهُوَ قَاعِدٌ القُرْفُصَاءَ ، فَلَمَّا رَأَيْتُ رسولَ الله المُتَخَشِّعَ في الجِلْسَةِ أُرْعِدْتُ مِنَ الفَرَقِ( ) . رواه أَبُو داود والترمذي .
823- وعن الشَّريدِ بن سُوَيْدٍ ، قَالَ : مَرَّ بي رسولُ الله وَأَنَا جَالِسٌ هكَذَا ، وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِيَ اليُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي ، وَاتَّكَأتُ عَلَى أَليَةِ يَدي ، فَقَالَ : (( أَتَقْعُدُ قِعْدَةَ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ؟! )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح .
129- باب في آداب المجلس والجليس
824- عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( لا يُقِيمَنَّ أحَدُكُمْ رَجُلاً مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ ، وَلكِنْ تَوَسَّعُوا وَتَفَسَّحُوا )) وكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَامَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ مَجْلِسِهِ لَمْ يَجْلِسْ فِيهِ . متفقٌ عَلَيْهِ .
825- وعن أَبي هريرة : أنَّ رسول الله ، قَالَ : (( إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسٍ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ )) رواه مسلم .
826- وعن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنهما ، قَالَ : كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا النَّبيَّ ، جلَسَ أحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
827- وعن أَبي عبد الله سَلْمَان الفارسي ، قَالَ : قَالَ رسول الله :
(( لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَتَطهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيب بَيْتِهِ ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَينِ ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى )) رواه البخاري .
828- وعن عمرو بن شُعَيْب، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ : أنَّ رسول الله ، قَالَ : (( لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلاَّ بإذْنِهِمَا )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال: (( حديث حسن )) .
وفي رواية لأبي داود : (( لاَ يُجْلسُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إِلاَّ بِإذْنِهِمَا )) .
829- وعن حذيفة بن اليمان : أنَّ رسول الله لَعَنَ مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الحَلْقَةِ . رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسن .
وروى الترمذي عن أبي مِجْلَزٍ : أنَّ رَجُلاً قَعَدَ وَسَطَ حَلْقَةٍ ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ : مَلْعُونٌ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - أَوْ لَعَنَ اللهُ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الحَلْقَةِ . قَالَ الترمذي : (( حديث حسن صحيح )) .
830- وعن أَبي سعيدٍ الخدريِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله ، يقول : (( خَيْرُ المَجَالِسِ أوْسَعُهَا )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح عَلَى شرط البخاري .
831- وعن أَبي هريرة ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( مَنْ جَلَسَ في مَجْلِسٍ ، فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
832- وعن أَبي بَرْزَة ، قَالَ : كَانَ رسول الله يقولُ بأَخَرَةٍ إِذَا أرَادَ أنْ يَقُومَ مِنَ الْمَجْلِسِ : (( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنتَ أسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إليكَ )) فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رسولَ الله ، إنَّكَ لَتَقُولُ قَوْلاً مَا كُنْتَ تَقُولُهُ فِيمَا مَضَى ؟ قَالَ : (( ذَلِكَ كَفَّارَةٌ لِمَا يَكُونُ في المَجْلِسِ )) رواه أَبُو داود ، ورواه الحاكم أَبُو عبد الله في " المستدرك " من رواية عائشة رضي الله عنها وقال : (( صحيح الإسناد )) .
833- وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قَالَ : قَلَّمَا كَانَ رسول الله يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهؤلاء الدَّعَواتِ : (( اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا ، اللَّهُمَّ مَتِّعْنَا بأسْمَاعِنا ، وَأَبْصَارِنَا ، وقُوَّتِنَا مَا أحْيَيْتَنَا ، وَاجْعَلْهُ الوارثَ مِنَّا ، وَاجْعَلْ ثَأرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا ، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا ، وَلاَ تَجْعَلْ مُصيبَتَنَا فِي دِينِنَا ، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
834- وعن أَبي هريرة ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لاَ يَذْكُرُونَ الله تَعَالَى فِيهِ ، إِلاَّ قَامُوا عَنْ مِثْل جِيفَةِ حِمَارٍ ، وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةٌ )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح .
835- وعنه ، عن النبيِّ ، قَالَ : (( مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِساً لَمْ يَذْكُرُوا الله تَعَالَى فِيهِ ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ فِيهِ ، إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةٌ ؛ فَإنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ ، وَإنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
836- وعنه ، عن رسول الله ، قَالَ : (( مَنْ قَعَدَ مَقْعَداً لَمْ يَذْكُر الله تَعَالَى فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ ، وَمَنْ اضْطَجَعَ مَضْجَعَاً لاَ يَذْكُرُ الله تَعَالَى فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ )) رواه أَبُو داود .
وَقَدْ سبق قريباً ، وشَرَحْنَا (( التِّرَة )) فِيهِ .
130- باب الرؤيا وَمَا يتعلق بها
قَالَ الله تَعَالَى : وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ [ الروم : 23 ] .
837- وعن أَبي هريرة ، قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله ، يقول : (( لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبوَّةِ إِلاَّ المُبَشِّرَاتِ )) قالوا : وَمَا المُبَشِّرَاتُ ؟ قَالَ : (( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ )) رواه البخاري .
838- وعنه : أنَّ النبيَّ ، قَالَ : (( إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤيَا المُؤْمِنِ تَكْذِبُ ، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأرْبَعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وفي رواية : (( أصْدَقُكُمْ رُؤْيَا ، أصْدَقُكُمْ حَدِيثاً )) .
839- وعنه ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( مَنْ رَآنِي في المَنَامِ فَسَيَرَانِي في اليَقَظَةِ – أَوْ كَأنَّما رَآنِي في اليَقَظَةِ – لاَ يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي( ) )) متفقٌ عَلَيْهِ .
840- وعن أَبي سعيدٍ الخدرِيِّ : أنَّه سَمِعَ النبيَّ ، يقول : (( إِذَا رَأى أحَدُكُمْ رُؤيَا يُحِبُّهَا ، فَإنَّمَا هِيَ مِنَ اللهِ تَعَالَى ، فَلْيَحْمَدِ اللهَ عَلَيْهَا ، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا – وفي رواية : فَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ – وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ ، فإنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا ، وَلاَ يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ ؛ فَإنَّهَا لا تَضُرُّهُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
841- وعن أَبي قَتَادَة ، قَالَ : قَالَ النبيُّ : (( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ – وفي رواية : الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ – مِنَ اللهِ ، وَالحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَمَنْ رَأى شَيْئاً يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَن شِمَالِهِ ثَلاَثاً ، وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ ؛ فإنَّهَا لا تَضُرُّهُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
(( النَّفْثُ )) : نَفْخٌ لَطِيفٌ لا رِيقَ مَعَهُ .
842- وعن جابر ، عن رسول الله ، قَالَ : (( إِذَا رَأى أحَدُكُمْ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا ، فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاثَاً ، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلاَثاً ، وَلْيَتَحَوَّل عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ )) رواه مسلم .
843- وعن أَبي الأسقع واثِلةَ بن الأسقعِ ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله :
(( إنَّ مِنْ أعْظَمِ الفِرَى أنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيرِ أبِيهِ ، أَوْ يُرِي عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ( ) ، أَوْ يَقُولَ عَلَى رسول الله مَا لَمْ يَقُلْ )) رواه البخاري .
5- كتَاب السَّلاَم
131- باب فضل السلام والأمر بإفشائه
قَالَ الله تَعَالَى : يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أهْلِهَا [ النور : 27 ] ، وقال تَعَالَى : فَإذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً [ النور : 61 ] ، وقال تَعَالَى : وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [ النساء : 86 ] ، وقال تَعَالَى : هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ الْمُكرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ [ الذاريات : 24-25 ] .
844- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أنَّ رجلاً سأل رسول الله : أيُّ الإسْلاَمِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : (( تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
845- وعن أَبي هريرة ، عن النبيِّ ، قَالَ : (( لَمَّا خَلَقَ اللهُ آدَمَ ، قَالَ : اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولئِكَ – نَفَرٍ مِنَ المَلاَئِكَةِ جُلُوس – فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ ؛ فَإنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيتِكَ . فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، فقالوا : السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ ، فَزَادُوهُ : وَرَحْمَةُ اللهِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
846- وعن أَبي عُمَارة البراءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : أمرنا رسول الله بِسَبْعٍ : بِعِيَادَةِ المَرِيضِ ، وَاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ ، وَنَصْرِ الضَّعيفِ ، وَعَوْنِ المَظْلُومِ ، وَإفْشَاءِ السَّلاَمِ ، وَإبْرَارِ المُقسِمِ . متفقٌ عَلَيْهِ ، هَذَا لفظ إحدى روايات البخاري .
847- وعن أَبي هريرة ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( لاَ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤمِنُوا ، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أوَلاَ أدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ )) رواه مسلم .
848- وعن أَبي يوسف عبد الله بن سلام ، قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله ، يقول : (( يَا أيُّهَا النَّاسُ ، أفْشُوا السَّلاَمَ ، وَأطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصِلُوا الأرْحَامَ ، وَصَلُّوا والنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَم )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
849- وعن الطُّفَيْل بن أُبَيِّ بن كعبٍ : أنَّه كَانَ يأتي عبد الله بن عمر ، فيغدو مَعَهُ إِلَى السُّوقِ ، قَالَ : فإذَا غَدَوْنَا إِلَى السُّوقِ ، لَمْ يَمُرَّ عَبدُ الله عَلَى سَقَّاطٍ( ) وَلاَ صَاحِبِ بَيْعَةٍ ، وَلاَ مِسْكِينٍ ، وَلاَ أحَدٍ إِلاَّ سَلَّمَ عَلَيْهِ ، قَالَ الطُّفَيْلُ : فَجِئْتُ عبد الله بنَ عُمَرَ يَوْماً، فَاسْتَتْبَعَنِي إِلَى السُّوقِ ، فَقُلْتُ لَهُ : مَا تَصْنَعُ بالسُّوقِ ، وَأنْتَ لا تَقِفُ عَلَى البَيْعِ ، وَلاَ تَسْأَلُ عَنِ السِّلَعِ ، وَلاَ تَسُومُ بِهَا ، وَلاَ تَجْلِسُ في مَجَالِسِ السُّوقِ ؟ وَأقُولُ : اجْلِسْ بِنَا هاهُنَا نَتَحَدَّث ، فَقَالَ : يَا أَبَا بَطْنٍ – وَكَانَ الطفَيْلُ ذَا بَطْنٍ – إنَّمَا نَغْدُو مِنْ أجْلِ السَّلاَمِ ، فنُسَلِّمُ عَلَى مَنْ لَقيْنَاهُ . رواه مالك في المُوطَّأ بإسنادٍ صحيح .
132- باب كيفية السلام
يُسْتَحَبُّ أنْ يَقُولَ المُبْتَدِئُ بالسَّلاَمِ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ . فَيَأتِ بِضَميرِ الجَمْعِ ، وَإنْ كَانَ المُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِداً ، وَيقُولُ المُجيبُ : وَعَلَيْكُمْ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ ، فَيَأتِي بِوَاوِ العَطْفِ في قَوْله : وَعَلَيْكُمْ .
850- عن عِمْرَان بن الحصين رضي الله عنهما ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ ، فَقَالَ النبيُّ : (( عَشْرٌ )) ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ ، فَقَالَ : (( عِشْرُونَ )) ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَركَاتُهُ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ ، فَقَالَ : (( ثَلاثُونَ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
851- وعن عائشةَ رضي الله عنها ، قالت : قَالَ لي رسولُ الله : (( هَذَا جِبريلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ )) قالت : قُلْتُ : وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ . متفقٌ عَلَيْهِ .
وهكذا وقع في بعض رواياتِ الصحيحين : (( وَبَرَكاتُهُ )) وفي بعضها بحذفِها ، وزِيادةُ الثقةِ مقبولة( ) .
852- وعن أنسٍ : أنَّ النَّبيَّ كَانَ إِذَا تكلم بِكَلِمَةٍ أعَادَهَا ثَلاثَاً حَتَّى تُفهَمَ عَنْهُ ، وَإِذَا أتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سلم عَلَيْهِمْ ثَلاَثاً . رواه البخاري .
وهذا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الجَمْعُ كَثِيراً .
853- وعن المِقْدَادِ في حدِيثهِ الطويل ، قَالَ : كُنَّا نَرْفَعُ للنَّبيِّ نَصِيبَهُ مِنَ اللَّبَنِ ، فَيَجِيءُ مِنَ اللَّيْلِ ، فَيُسَلِّمُ تَسْلِيماً لاَ يُوقِظُ نَائِماً ، وَيُسْمِعُ اليَقْظَانَ ، فَجَاءَ النَّبِيُّ فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُسَلِّمُ . رواه مسلم .
854- وعن أسماء بنتِ يزيد رضي الله عنها : أنَّ رسول الله مَرَّ في المَسْجدِ يَوْماً ، وَعُصْبَةٌ مِنَ النِّسَاءِ قُعُودٌ ، فَألْوَى بِيَدِهِ بالتسْلِيمِ . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
وهذا محمول عَلَى أنَّه ، جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالإشَارَةِ ، وَيُؤَيِّدُهُ أنَّ في رِوَايةِ أَبي داود : فَسَلَّمَ عَلَيْنَا .
855- وعن أَبي أُمَامَة ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( إنَّ أوْلى النَّاسِ باللهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بالسَّلاَمِ )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ ، ورواه الترمذي بنحوه وقال : (( حديثٌ حسن )) . وَقَدْ ذُكر بعده( ) .
856- وعن أَبي جُرَيٍّ الهُجَيْمِيِّ ، قَالَ : أتيت رسول الله ، فقلتُ : عَلَيْكَ السَّلامُ يَا رسول الله . قَالَ : (( لاَ تَقُلْ عَلَيْكَ السَّلامُ ؛ فإنَّ عَلَيْكَ السَّلاَمُ تَحِيَّةُ المَوتَى )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) ، وَقَدْ سبق بِطُولِهِ .
133- باب آداب السلام
857- عن أَبي هريرة : أنَّ رسول الله ، قَالَ : (( يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى المَاشِي ، وَالمَاشِي عَلَى القَاعِدِ ، وَالقَليلُ عَلَى الكَثِيرِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وفي رواية للبخاري : (( والصغيرُ عَلَى الكَبيرِ )) .
858- وعن أَبي أُمَامَة صُدَيِّ بن عجلان الباهِلي ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله : (( إنَّ أَوْلى النَّاسِ بِاللهِ مَنْ بَدَأهُمْ بِالسَّلامِ )) رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ .
ورواه الترمذي عن أَبي أُمَامَةَ ، قِيلَ : يَا رسول الله ، الرَّجُلانِ يَلْتَقِيَانِ أَيُّهُمَا يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ ؟ ، قَالَ : (( أَوْلاَهُمَا بِاللهِ تَعَالَى )) قَالَ الترمذي : (( هَذَا حديث حسن )) .
134- باب استحباب إعادة السلام عَلَى من تكرر لقاؤه عَلَى قرب
بأن دخل ثم خرج
ثُمَّ دخل في الحال ، أَو حال بينهما شجرة ونحوهما
859- عن أَبي هريرة في حديثِ المسِيءِ صلاته : أنّه جَاءَ فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبيِّ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ ، فَقَالَ : (( ارْجِعْ فَصَلِّ فَإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ )) فَرَجَعَ فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبيِّ ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ . متفقٌ عَلَيْهِ .
860- وعنه ، عن رسول الله ، قَالَ : (( إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ ، فَإنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ ، أَوْ جِدَارٌ ، أَوْ حَجَرٌ ، ثُمَّ لَقِيَهُ ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ )) رواه أَبُو داود .
135- باب استحباب السلام إِذَا دخل بيته
قَالَ الله تَعَالَى : فَإذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً [ النور : 61 ] .
861- وعن أنسٍ ، قَالَ : قَالَ لي رسول الله : (( يَا بُنَيَّ ، إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أهْلِكَ ، فَسَلِّمْ ، يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ ، وعلى أهْلِ بَيْتِكَ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
136- باب السلام عَلَى الصبيان
862- عن أنس : أنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ، وقال : كَانَ رسول الله يَفْعَلُهُ . متفقٌ عَلَيْهِ .
137- باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه
وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهن وسلامهن بهذا الشرط
863- عن سهل بن سعدٍ ، قال : كَانَتْ فِينَا امْرَأةٌ – وفي رواية : كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ – تَأخُذُ مِنْ أصُولِ السِّلْقِ فَتَطْرَحُهُ فِي القِدْرِ ، وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ ، فَإذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ ، وَانْصَرَفْنَا ، نُسَلِّمُ عَلَيْهَا ، فَتُقَدِّمُهُ إلَيْنَا . رواه البخاري .
قَوْله : (( تُكَرْكِرُ )) أيْ : تَطْحَنُ .
864- وعن أُم هَانِىءٍ فاخِتَةَ بنتِ أَبي طالب رضي الله عنها ، قالت : أتيت النبيَّ يَوْمَ الفَتْحِ وَهُوَ يَغْتَسِلُ ، وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ ، فَسَلَّمْتُ ... وَذَكَرَتِ الحديث . رواه مسلم .
865- وعن أسماءَ بنتِ يزيدَ رضي الله عنها ، قالت : مَرّ عَلَيْنَا النّبيُّ فِي نِسوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) ، وهذا لفظ أَبي داود .
ولفظ الترمذي : أنَّ رسول الله مَرَّ في المَسْجِدِ يَوْماً ، وَعُصْبَةٌ مِنَ النِّسَاءِ قُعُودٌ ، فَأَلْوَى بِيَدِهِ بالتَّسْلِيمِ .
138- باب تحريم ابتدائنا الكافر بالسلام وكيفية الرد عليهم
واستحباب السلام عَلَى أهل مجلسٍ فيهم مسلمون وكفار
866- وعن أَبي هريرة : أنَّ رسول الله ، قَالَ : (( لاَ تَبْدَأُوا اليَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بالسَّلامِ ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ في طَرِيق فَاضطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ( ) )) رواه مسلم .
867- وعن أنسٍ ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أهْلُ الكِتَابِ فَقُولُوا : وَعَلَيْكُمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
868- وعن أُسَامَة : أنَّ النَّبيَّ مَرَّ عَلَى مَجْلِسٍ فِيهِ أخْلاَطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشْرِكينَ – عَبَدَة الأَوْثَانِ - واليَهُودِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِم النبيُّ . متفقٌ عَلَيْهِ .
139- باب استحباب السلام إِذَا قام من المجلس
وفارق جلساءه أَوْ جليسه
869- وعن أَبي هريرة ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( إِذَا انْتَهى أَحَدُكُمْ إِلَى المَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ ، فَإذَا أرَادَ أنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ ، فَلَيْسَتِ الأُولَى بِأحَقّ مِنَ الآخِرَةِ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
140- باب الاستئذان وآدابه
قَالَ الله تَعَالَى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا [ النور : 27 ] ، وقال تَعَالَى : وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُم الحُلُمَ فَلْيَسْتَأذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [ النور : 59 ] .
870- عن أَبي موسى الأشعري ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( الاسْتِئْذَانُ ثَلاثٌ ، فَإنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلاَّ فَارْجِعْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
871- وعن سهلِ بنِ سعدٍ ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( إنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئذَانُ مِنْ أجْلِ البَصَرِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
872- وعن رِبْعِيِّ بن حِرَاشٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ أنَّهُ اسْتَأذَنَ عَلَى النَّبيِّ وَهُوَ في بيتٍ ، فَقَالَ : أألِج ؟ فَقَالَ رسول الله لِخَادِمِهِ : (( أُخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمهُ الاسْتِئذَانَ ، فَقُلْ لَهُ : قُلِ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، أأدْخُل ؟ )) فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ ، فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ ، أَأَدْخُل ؟ فَأذِنَ لَهُ النَّبيُّ فدخلَ . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
873- عن كِلْدَةَ بن الحَنْبل ، قَالَ : أتَيْتُ النبيَّ ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَلَمْ أُسَلِّمْ ، فَقَالَ النَّبيُّ : (( ارْجِعْ فَقُلْ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، أَأَدْخُل ؟ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
141- باب بيان أنَّ السنة إِذَا قيل للمستأذن : من أنت ؟
أن يقول : فلان ، فيسمي نفسه بما يعرف به من اسم أَوْ كنية
وكراهة قوله : (( أنا )) ونحوها
874- وعن أنس في حديثه المشهور في الإسراءِ ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( ثُمَّ صَعَدَ بي جِبْريلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ ، فقِيلَ : مَنْ هذَا ؟ قَالَ : جِبْريلُ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، ثُمَّ صَعَدَ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فاسْتَفْتَحَ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْريل ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَسَائِرِهنَّ وَيُقَالُ فِي بَابِ كُلِّ سَمَاءٍ : مَنْ هَذَا ؟ فَيَقُولُ : جِبْريلُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
875- وعن أَبي ذرٍّ ، قَالَ : خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي ، فَإذَا رسول الله يَمْشِي وَحْدَهُ، فَجَعَلْتُ أمْشِي فِي ظلِّ القمَرِ، فَالْتَفَتَ فَرَآنِي ، فَقَالَ: (( مَنْ هَذَا ؟ )) فقلتُ : أَبُو ذَرٍّ . متفقٌ عَلَيْهِ .
876- وعن أُمِّ هانىءٍ رضي الله عنها ، قالت : أتيتُ النَّبيَّ وَهُوَ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ ، فَقَالَ : (( مَنْ هذِهِ ؟ )) فقلتُ : أنا أُمُّ هَانِىءٍ . متفقٌ عَلَيْهِ .
877- وعن جابر ، قَالَ : أتَيْتُ النبيَّ فَدَقَقْتُ البَابَ ، فَقَالَ : (( مَنْ هَذَا ؟ )) فَقُلتُ : أَنَا ، فَقَالَ : (( أنَا ، أنَا ! )) كَأنَّهُ كَرِهَهَا( ) . متفقٌ عَلَيْهِ .
142- باب استحباب تشميت العاطس إِذَا حمد الله تَعَالَى
وكراهة تشميته إذا لَمْ يحمد الله تَعَالَى
وبيان آداب التشميت والعطاس والتثاؤب
878- عن أَبي هريرة : أنَّ النبيَّ ، قَالَ : (( إنَّ الله يُحِبُّ العُطَاسَ ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ ، فَإذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ الله تَعَالَى كَانَ حَقّاً عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أنْ يَقُولَ لَهُ : يَرْحَمُكَ اللهُ ، وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَإذَا تَثَاءبَ أحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ ، فَإنَّ أحَدَكُمْ إِذَا تَثَاءبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ )) رواه البخاري .
879- وعنه ، عن النبيِّ ، قَالَ : (( إِذَا عَطَسَ أحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ : الحَمْدُ
للهِ ، وَلْيَقُلْ لَهُ أخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ : يَرْحَمُكَ الله . فإذَا قَالَ لَهُ : يَرْحَمُكَ اللهُ ، فَليَقُلْ : يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ )) رواه البخاري .
880- وعن أَبي موسى ، قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله ، يقولُ : (( إِذَا عَطَسَ أحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتُوهُ( )، فَإنْ لَمْ يَحْمَدِ الله فَلاَ تُشَمِّتُوهُ )) رواه مسلم.
881- وعن أنس ، قَالَ : عَطَسَ رَجُلانِ عِنْدَ النبيِّ ، فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ ، فَقَالَ الَّذِي لَمْ يُشَمِّتْهُ : عَطَسَ فُلانٌ فَشَمَّتَّهُ ، وَعَطَسْتُ فَلَمْ تُشَمِّتْنِي ؟ فَقَالَ : (( هَذَا حَمِدَ الله ، وَإنَّكَ لَمْ تَحْمَدِ الله )) متفقٌ عَلَيْهِ .
882- وعن أَبي هريرة ، قَالَ : كَانَ رسول الله إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ ، وَخَفَضَ - أَوْ غَضَّ - بِهَا صَوْتَهُ . شك الراوي . رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
883- وعن أَبي موسى ، قَالَ : كَانَ اليَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ رسول اللهِ ، يَرْجُونَ أنْ يَقُولَ لَهُمْ : يَرْحَمُكُم الله ، فَيَقُولُ : (( يَهْدِيكُم اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
884- وعن أَبي سعيد الخدري ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( إِذَا تَثَاءبَ أحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ ؛ فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ )) رواه مسلم .
143- باب استحباب المصافحة عِنْدَ اللقاء وبشاشة الوجه
وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة
ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء
885- عن أَبي الخطاب قتادة ، قَالَ : قُلْتُ لأَنَسٍ : أكَانَتِ المُصَافَحَةُ في أصْحَابِ رسولِ الله ؟ قَالَ : نَعَمْ . رواه البخاري .
886- وعن أنس ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ أهْلُ اليَمَنِ، قَالَ رسولُ الله : (( قَدْ جَاءكُمْ أهْلُ اليَمَنِ )) وَهُمْ أوَّلُ مَنْ جَاءَ بِالمُصَافَحَةِ( ). رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
887- وعن البراءِ ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله : (( مَا مِنْ مُسْلِمَينِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أنْ يَفْتَرِقَا )) رواه أَبُو داود .
888- وعن أنس ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رسولَ اللهِ ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أخَاهُ، أَوْ صَدِيقَهُ، أينحَنِي لَهُ ؟ قَالَ : (( لاَ )) . قَالَ : أفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ ؟ قَالَ : (( لاَ )) قَالَ : فَيَأخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ ؟ قَالَ : (( نَعَمْ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
889- وعن صَفْوَانَ بن عَسَّالٍ ، قَالَ : قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ : اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبيِّ ، فَأتَيَا رسولَ الله ، فَسَألاهُ عَنْ تِسْعِ آياتٍ بَيِّنَاتٍ ... فَذَكَرَ الْحَدِيث إِلَى قَوْلهِ : فقَبَّلا يَدَهُ وَرِجْلَهُ ، وقالا : نَشْهَدُ أنَّكَ نَبِيٌّ . رواه الترمذي وغيره بأسانيد صحيحةٍ .
890- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قِصَّة ، قَالَ فِيهَا : فَدَنَوْنَا مِنَ النَّبيِّ فَقَبَّلْنَا يَدَه . رواه أَبُو داود .
891- وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ المَدِينَةَ وَرسولُ الله في بَيتِي ، فَأتَاهُ فَقَرَعَ البَابَ ، فَقَامَ إِلَيْهِ النبيُّ يَجُرُّ ثَوْبَهُ ، فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ . رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
892- وعن أَبي ذَرٍّ ، قَالَ : قَالَ لي رسول الله : (( لا تَحقِرَنَّ منَ الْمَعرُوف شَيْئاً ، وَلَوْ أنْ تَلْقَى أخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ( ) )) رواه مسلم .
893- وعن أَبي هريرة ، قَالَ : قَبَّلَ النبيُّ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما ، فَقَالَ الأقْرَعُ بن حَابِسٍ : إنَّ لِي عَشْرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أحَدَاً . فَقَالَ رسول الله : (( مَنْ لاَ يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ ! )) متفقٌ عَلَيْهِ .
6- كتاب عيَادة المريض وَتشييع المَيّت
والصّلاة عليه وَحضور دَفنهِ وَالمكث عِنْدَ قبرهِ بَعدَ دَفنه
144- باب عيادة المريض
894- عن البَرَاءِ بن عازِبٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : أمَرَنَا رسولُ الله بعِيَادَةِ الْمَريضِ ، وَاتِّبَاعِ الجَنَازَةِ ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ ، وَإبْرَارِ الْمُقْسِمِ ، وَنَصْرِ المَظْلُومِ ، وَإجَابَةِ الدَّاعِي ، وَإفْشَاءِ السَّلاَمِ . متفقٌ عَلَيْهِ .
895- وعن أَبي هريرة : أنَّ رسول الله ، قَالَ : (( حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ : رَدُّ السَّلاَمِ ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ ، وَإجَابَةُ الدَّعْوَةِ ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
896- وعنه ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله : (( إنَّ اللهَ يَقُولُ يَومَ القِيَامَةِ : يَا ابْنَ آدَمَ ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدنِي ! قَالَ : يَا رَبِّ ، كَيْفَ أعُودُكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ ؟! قَالَ : أمَا عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلاَناً مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَني عِنْدَهُ ! يَا ابْنَ آدَمَ ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمنِي ! قَالَ : يَا رَبِّ ، كَيْفَ أطْعِمُكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ ؟! قَالَ : أمَا عَلِمْتَ أنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي ! يَا ابْنَ آدَمَ ، اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي ! قَالَ : يَا رَبِّ ، كَيْفَ أسْقِيكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمينَ ؟! قَالَ : اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي ! )) رواه مسلم .
897- وعن أَبي موسى ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله : (( عُودُوا المَريضَ ، وَأطْعِمُوا الجَائِعَ ، وَفُكُّوا العَانِي )) رواه البخاري .
(( العاَنِي )) : الأسيرُ .
898- وعن ثوبان ، عن النبي ، قَالَ : (( إنَّ المُسْلِمَ إِذَا عَادَ أخَاهُ المُسْلِمَ ، لَمْ يَزَلْ في خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ )) قِيلَ : يَا رَسولَ الله ، وَمَا خُرْفَةُ الجَنَّةِ ؟ قَالَ : (( جَنَاهَا )) رواه مسلم .
899- وعن عليّ ، قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ الله ، يَقُولُ : (( مَا مِنْ مُسْلِم يَعُودُ مُسْلِماً غُدْوة إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِي ، وَإنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبحَ ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ في الْجَنَّةِ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
(( الخَريفُ )) : الثَّمرُ الْمَخْرُوفُ ، أيْ : الْمُجْتَنَى .
900- وعن أنسٍ ، قَالَ : كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبيَّ ، فَمَرِضَ ، فَأتَاهُ النَّبيُّ يَعُودُهُ ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأسِهِ ، فَقَالَ لَهُ : (( أسْلِمْ )) فَنَظَرَ إِلَى أبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ ؟ فَقَالَ : أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ ، فَأسْلَمَ ، فَخَرَجَ النَّبيُّ ، وَهُوَ يَقُولُ : (( الحَمْدُ للهِ الَّذِي أنْقَذَهُ منَ النَّارِ )) رواه البخاري .
145- باب مَا يُدعى به للمريض
901- عن عائشة رضي الله عنها : أنَّ النَّبيَّ ، كَانَ إِذَا اشْتَكى الإنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ ، أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ ، قَالَ النَّبيُّ بِأُصْبُعِهِ هكَذا – وَوَضَعَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة الرَّاوي سَبَّابَتَهُ بِالأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَها – وقال : (( بِسمِ اللهِ ، تُرْبَةُ أرْضِنَا ، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا ، يُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا ، بإذْنِ رَبِّنَا( ) )) متفقٌ عَلَيْهِ .
902- وعنها : أنَّ النَّبيَّ كَانَ يَعُودُ بَعْضَ أهْلِهِ يَمْسَحُ بِيدِهِ اليُمْنَى ، ويقولُ : (( اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ ، أذْهِب البَأسَ ، اشْفِ أنْتَ الشَّافِي لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفاؤكَ ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقماً )) متفقٌ عَلَيْهِ .
903- وعن أنسٍ أنه قَالَ لِثابِتٍ رحمه اللهُ : ألاَ أرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رسول الله ؟ قَالَ : بَلَى ، قَالَ : (( اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ ، مُذْهِبَ البَأسِ ، اشْفِ أنْتَ الشَّافِي ، لاَ شَافِيَ إِلاَّ أنْتَ ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقماً )) رواه البخاري .
904- وعن سعدِ بن أَبي وقاصٍ ، قَالَ : عَادَنِي رسول الله ، فَقَالَ : (( اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً ، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً ، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً )) رواه مسلم .
905- وعن أَبي عبدِ الله عثمان بنِ أَبي العاصِ : أنّه شَكَا إِلَى رسول الله وَجَعاً ، يَجِدُهُ في جَسَدِهِ ، فَقَالَ لَهُ رسول الله : (( ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي يَألَم مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ : بسم اللهِ ثَلاثاً ، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ : أعُوذُ بِعِزَّةِ الله وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أجِدُ وَأُحَاذِرُ )) رواه مسلم .
906- وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما ، عن النبيِّ ، قَالَ : (( مَنْ عَادَ مَرِيضاً لَمْ يَحْضُرْهُ أجَلُهُ ، فقالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ : أسْأَلُ اللهَ العَظيمَ ، رَبَّ العَرْشِ العَظيمِ ، أنْ يَشْفِيَكَ ، إِلاَّ عَافَاهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ المَرَضِ )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) ، وقال الحاكم : (( حديث صحيح عَلَى شرط البخاري )) .
907- وعنه : أنَّ النبي دَخَلَ عَلَى أعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَنْ يَعُودُهُ ، قَالَ : (( لاَ بَأسَ ؛ طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللهُ )) رواه البخاري .
908- وعن أَبي سعيد الخدري : أن جِبريلَ أتَى النَّبيَّ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، اشْتَكَيْتَ ؟ قَالَ : (( نَعَمْ )) قَالَ : بِسْمِ الله أرْقِيكَ ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ ، اللهُ يَشْفِيكَ ، بِسمِ اللهِ أُرقِيكَ . رواه مسلم .
909- وعن أَبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما : أنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رسول الله ، أنّه قَالَ : (( مَنْ قَالَ : لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أكْبَرُ ، صَدَّقَهُ رَبُّهُ ، فَقَالَ : لاَ إلهَ إِلاَّ أنَا وأنَا أكْبَرُ . وَإِذَا قَالَ : لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، قَالَ : يقول : لاَ إلهَ إلاَّ أنَا وَحْدِي لا شَريكَ لِي . وَإِذَا قَالَ : لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ ، قَالَ : لاَ إلهَ إِلاَّ أنَا لِيَ المُلْكُ وَلِيَ الحَمْدُ . وَإِذَا قَالَ : لاَ إله إِلاَّ اللهُ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللهِ ، قَالَ : لاَ إلهَ إِلاَّ أنَا وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بي )) وَكَانَ يقُولُ : (( مَنْ قَالَهَا في مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَطْعَمْهُ النَّارُ )) رواه الترمذي ،
وقال : (( حديث حسن )) .
146- باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله
910- عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما : أنَّ عليَّ بْنَ أَبي طالب ، خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رسولِ الله ، في وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ ، فقالَ النَّاسُ : يَا أَبَا الحَسَنِ ، كَيْفَ أصْبَحَ رَسُولُ اللهِ ؟ قَالَ : أصْبَحَ بِحَمْدِ اللهِ بَارئاً . رواه البخاري .
147- باب مَا يقوله مَن أيس من حياته
911- عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : سَمِعْتُ النبيَّ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إلَيَّ ، يَقُولُ : (( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وارْحَمْنِي ، وأَلْحِقْنِي بالرَّفِيقِ الأَعْلَى )) متفقٌ عَلَيْهِ .
912- وعنها ، قالت : رَأيتُ رسولَ الله وَهُوَ بِالمَوْتِ ، عِنْدَهُ قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ ، وَهُوَ يُدْخِلُ يَدَهُ في القَدَحِ ، ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بالماءِ ، ثُمَّ يَقُولُ : (( اللَّهُمَّ أعِنِّي عَلَى غَمَرَاتِ المَوْتِ أَوْ سَكَرَاتِ المَوْتِ )) رواه الترمذي .
148- باب استحباب وصية أهل المريض
ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر عَلَى مَا يشق من أمره
وكذا الوصية بمن قرب سبب موته بحد أَوْ قصاص ونحوهما
913- عن عِمْران بن الحُصَيْنِ رضي الله عنهما : أنَّ أمْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أتَت النَّبِيَّ وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَا ، فَقَالَتْ : يَا رسول الله ، أصَبْتُ حَدّاً فَأقِمْهُ عَلَيَّ ، فَدَعَا رسولُ الله وَلِيَّهَا ، فَقَالَ : (( أحْسِنْ إِلَيْهَا ، فَإذَا وَضَعَتْ فَأتِنِي بِهَا )) فَفَعَلَ ، فَأمَرَ بِهَا النَّبِيُّ ، فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا ، ثُمَّ أمَرَ بِهَا فَرُجِمَت ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا . رواه مسلم .
149- باب جواز قول المريض : أنَا وجع ، أَوْ شديد الوجع
أَوْ مَوْعُوكٌ أَوْ وارأساه ونحو ذلك . وبيان أنَّه لا كراهة في ذلك
إِذَا لَمْ يكن عَلَى سبيل التسخط وإظهار الجزع
914- عن ابن مسعود ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى النَّبيِّ وَهُوَ يُوعَكُ ، فَمَسسْتُهُ ، فَقلتُ : إنَّكَ لَتُوعَكُ وَعَكاً شَديداً ، فَقَالَ : (( أجَلْ ، إنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
915- وعن سعدِ بن أَبي وقاصٍ ، قَالَ : جَاءني رسولُ الله يَعُودُنِي مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي ، فقلتُ: بَلَغَ بِي مَا تَرَى ، وَأنَا ذُو مَالٍ ، وَلاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَتِي .. وذَكر الحديث . متفقٌ عَلَيْهِ .
916- وعن القاسم بن محمد، قَالَ : قالت عائشةُ رضي الله عنها : وَارَأسَاهُ ! فَقَالَ النَّبيُّ : (( بَلْ أنَا ، وَارَأسَاهُ ! )) ... وذكر الحديث . رواه البخاري .
150- باب تلقين المحتضر : لا إله إِلاَّ اللهُ
917- عن معاذ ، قَالَ : قَالَ رسول الله : (( مَنْ كَانَ آخِرَ كَلامِهِ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ دَخَلَ الجَنَّةَ )) رواه أَبُو داود والحاكم ، وقال : (( صحيح الإسناد )) .
918- وعن أَبي سعيد الخدري ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله : (( لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ )) رواه مسلم .
151- باب مَا يقوله بعد تغميض الميت
919- عن أُم سلمة رضي الله عنها ، قالت : دَخَلَ رسولُ الله عَلَى أَبي سَلَمة وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ ، فَأغْمَضَهُ ، ثُمَّ قَالَ : (( إنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ ، تَبِعَهُ البَصَرُ )) فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أهْلِهِ ، فَقَالَ : (( لاَ تَدْعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ ، فَإنَّ المَلاَئِكَةَ يَؤمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ )) ثُمَّ قَالَ : (( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَبِي سَلَمَة ، وَارْفَعْ دَرَجَتْهُ في المَهْدِيِّينَ ، وَاخْلُفْهُ في عَقِبهِ في الغَابِرِينَ ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ العَالَمِينَ ، وَافْسَحْ لَهُ في قَبْرِهِ ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ )) رواه مسلم .
152- باب ما يقال عند الميت وَمَا يقوله من مات له ميت
920- عن أُم سَلَمة رضي اللهُ عنها ، قالت : قَالَ رسول الله : (( إِذَا حَضَرتُمُ المَرِيضَ أَو المَيِّتَ ، فَقُولُوا خَيْراً ، فَإنَّ المَلائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ )) ، قالت: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سلَمة، أتَيْتُ النَّبيَّ ، فقلت : يَا رسولَ الله ، إنَّ أَبَا سَلَمَة قَدْ مَاتَ، قَالَ : (( قُولِي: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلَهُ، وَأعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبى حَسَنَةً )) فقلتُ ، فَأعْقَبنِي اللهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْهُ : مُحَمَّداً . رواه مسلم هكَذا : (( إِذَا حَضَرتُمُ المَريضَ ، أَو المَيِّتَ )) ، عَلَى الشَّكِّ ، ورواه أَبُو داود وغيره : (( الميت )) بلا شَكّ .
921- وعنها ، قالت : سَمِعْتُ رسولَ الله ، يقول : (( مَا مِنْ عَبْدٍ تُصيبُهُ مُصِيبَةٌ ، فَيَقُولُ : إنّا للهِ وَإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، اللَّهُمَّ أُجِرْنِي في مُصِيبَتي وَاخْلفْ لِي خَيراً مِنْهَا ، إِلاَّ أَجَرَهُ اللهُ تَعَالَى في مُصِيبَتِهِ وَأخْلَفَ لَهُ خَيْراً مِنْهَا )) قالت : فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَة قلتُ كَمَا أمَرَني رسولُ الله ، فَأخْلَفَ اللهُ لِي خَيْراً مِنْهُ رسولَ الله . رواه مسلم .
922- وعن أَبي موسى : أنَّ رسول الله ، قَالَ : (( إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى لِمَلائِكَتِهِ : قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي ؟ فيقولونَ : نَعَمْ . فيقولُ : قَبَضْتُمْ ثَمَرَة فُؤَادِهِ ؟ فيقولونَ : نَعَمْ . فيقولُ : مَاذَا قَالَ عَبْدِي ؟ فيقولونَ : حَمدَكَ وَاسْتَرْجَعَ . فيقول اللهُ تَعَالَى : ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتاً في الجَنَّةِ ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
923- وعن أَبي هريرة ، أنَّ رسول الله ، قَالَ : (( يقولُ اللهُ تَعَالَى : مَا لِعَبْدِي المُؤمِن عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أهْل الدُّنْيَا ، ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلاَّ الجَنَّةَ )) رواه البخاري .
924- وعن أسَامَة بن زَيدٍ رضي اللهُ عنهما ، قَالَ : أرْسَلَتْ إحْدى بَنَاتِ النَّبيِّ إِلَيْهِ تَدْعُوهُ وَتُخْبِرُهُ أنَّ صَبِيَّاً لَهَا – أَوْ ابْناً – في المَوْتِ فَقَالَ للرسول : (( ارْجِعْ إِلَيْهَا ، فَأخْبِرْهَا أنَّ للهِ تَعَالَى مَا أخَذَ وَلَهُ مَا أعْطَى ، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأجَلٍ مُسَمّى ، فَمُرْهَا ، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ )) ... وذكر تمام الحديث . متفقٌ عَلَيْهِ .
153- باب جواز البكاء عَلَى الميت بغير ندب وَلاَ نياحة
أمَّا النِّيَاحَةُ فَحَرَامٌ وَسَيَأتِي فِيهَا بَابٌ فِي كِتابِ النَّهْيِ ، إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى . وَأمَّا البُكَاءُ فَجَاءتْ أحَادِيثُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ ، وَأنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أهْلِهِ ، وَهِيَ مُتَأَوَّلَةٌ ومَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ أوْصَى بِهِ ، وَالنَّهْيُ إنَّمَا هُوَ عَن البُكَاءِ الَّذِي فِيهِ نَدْبٌ ، أَوْ نِيَاحَةٌ ، والدَّليلُ عَلَى جَوَازِ البُكَاءِ بِغَيْرِ نَدْبٍ وَلاَ نِياحَةٍ أحَادِيثُ كَثِيرَةٌ ، مِنْهَا :
925- عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله عاد سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، وَمَعَهُ عَبدُ الرَّحْمانِ بْنُ عَوفٍ، وَسَعدُ بْنُ أَبي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، فَبَكَى رسولُ الله ، فَلَمَّا رَأى القَوْمُ بُكَاءَ رسولِ الله بَكَوْا ، فَقَالَ : (( ألاَ تَسْمَعُونَ ؟ إنَّ الله لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَينِ ، وَلاَ بِحُزنِ القَلبِ ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهذَا أَوْ يَرْحَمُ )) وَأشَارَ إِلَى لِسَانِهِ . متفقٌ عَلَيْهِ .
926- وعن أُسَامَة بن زَيدٍ رضي اللهُ عنهما : أنَّ رسول الله رُفِعَ إِلَيْهِ ابنُ ابْنَتِهِ وَهُوَ فِي المَوتِ ، فَفَاضَتْ عَيْنَا رسولِ اللهِ ، فَقَالَ لَهُ سَعدٌ : مَا هَذَا يَا رسولَ الله ؟! قَالَ : (( هذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللهُ تَعَالَى في قُلُوبِ عِبَادِهِ ، وَإنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
927- وعن أنسٍ : أنَّ رسول الله دَخَلَ عَلَى ابْنِهِ إبْرَاهيمَ ، وَهُوَ يَجُودُ بِنَفسِهِ ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رسولِ الله تَذْرِفَان . فَقَالَ لَهُ عبدُ الرحمانِ بن عَوف : وأنت يَا رسولَ الله ؟! فَقَالَ : (( يَا ابْنَ عَوْفٍ إنَّهَا رَحْمَةٌ )) ثُمَّ أتْبَعَهَا بأُخْرَى ، فَقَالَ : (( إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ والقَلب يَحْزنُ ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يُرْضِي رَبَّنَا ، وَإنَّا لِفِرَاقِكَ يَا إبرَاهِيمُ لَمَحزُونُونَ )) رواه البخاري ، وروى مسلم بعضه . والأحاديث في الباب كثيرة في الصحيح مشهورة ، والله أعلم .
154- باب الكف عن مَا يرى من الميت من مكروه
928- وعن أَبي رافع أسلم مولى رسول الله : أنَّ رسول الله ، قَالَ : (( مَنْ غَسَّلَ مَيتاً فَكَتَمَ عَلَيْهِ ، غَفَرَ اللهُ لَهُ أربَعِينَ مَرَّة )) رواه الحاكم ، وقال : صحيح عَلَى شرط مسلم .