باب المنصوبات والمخفوضات من الأسماء وإعراب الأفعال
متممة الأجرومية في علم العربية
محتويات
- باب المنصوبات
- باب المفعول به
- فصل في المنادى
- فصل في بيان المنادى المضاف إلى ياء المتكلم
- باب المفعول المطلق
- باب المفعول من أجله
- باب المفعول معه
- باب الحال
- باب التمييز
- باب المستثنى
- باب المخفوضات من الأسماء
- باب إعراب الأفعال
- باب النعت
- باب العطف
- باب التوكيد
- باب البدل
- االعودة إلي كتاب متممة الأجرومية في علم العربية
باب المنصوبات
المنصوبات خمسة عشر وهي: المفعول به، ومنه ، والمنادى كما سيأتي بيانه،ـ والمصدر ويسمى المفعول المطلق، وظرف الزمان ، وظرف المكان يسمى مفعولا فيه، والمفعول لأجله، والمفعول معه، والمشبه بالمفعول به، والحال، والتمييز، وخبر كان وأخواتها، وخبر الحروف المشبهة بليس، وخبر أفعال المقاربة، واسم إن وأخواتها، واسم لا التي لنفي الجنس، والتابع للموصول وهو أربعة أشياءٍ كما تقدم.
باب المفعول به
المفعول به هو الاسم الذي يقع عليه الفعل نحو: ضربت زيداً، وركبت الفرس؛ واتقوا الله؛ يقيمون الصلاة؛ وهو على قسمين: ظاهر ومضمر، فالظاهر ما تقدم ذكره، والمضمر قسمان متصل نحو أكرمني وأخوته، ومنفصل نخو: إياي وإخوته،وقد تقدم ذلك في فصل المضمر، والأصل في أن يتأخر عن الفاعل نحو : و ورث سليمان داوود،وقد يتقدم على الفاعل جوازاً نحو: ضرب سعدى موسى، و وجوباً نحو: زان الشجرة نوره، وقد يتقدم على الفعل والفاعل ومنه ما اضمر عامله جوازاً نحو: قالوا خيراً و وجوباً في مواضع منها باب الاشتغال وحقيقته أن يتقدم اسم ويتأخر عنه فعل أو وصف مشتغل بالعمل في ضمير الاسم السابق أو في ُملابسه عن العمل في الاسم السابق نحو : زيداً اضربه، و زيدا أنا ضاربه الآن أو غداً، وزيداً ضربت غلامه، وقوله تعالى: {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ } (13) سورة الإسراء؛ فالنصب في ذلك كله بمحذوف وجوباً يفسره ما بعده والتقدير : اضر زيداً اضربه؛ أنا ضارب زيداً أنا ضاربه، أهنت زيداً ضربت غلامه، وألزمنا كل إنسان ألزمناه.
فصل في المنادى
ومنها المنادى نحو: يا عبدَ الله، فإن أصله أدعو عبد الله، فحذف الفعل وأنيب "يا" عنه، والمنادى خمسة أنواع:المفرد العلم، والنكرة المقصودة، والنكرة غير المقصودة، والمضاف، والمشبه بالمضاف.
فأما المفرد العلم والنكرة المقصودة فيبنيان على ما يرفعان به في حالة الإعراب، فيبنيان عللا الضم إن كانا مفردين نحو: يا زيدُ، يا رجلُ، أجمع تكسير نحو: يا زيودُ يا رجالُ، أو جمع مؤنث سالم نحو: يا مسلماتُ، أو مركبا مزجيا يا معدُ يكرب، ويبنيان على الألف في التثنية نحو: يا زيدان، ويا رجلان ، وعلى الواو في الجمع نحو: يا زيدون.
والثلاثة الباقية منصوبة لا غير، وهي النكرة غير المقصودة، كقول الأعمى: يا رجلاً خذ بيدي، والمضاف نحو يا عبدَ الله، والمشبه بالمضاف نحو: يا حسناً وجهه، ويا طالعاً جبلاً، ورحيماً بالعباد، وتقدم في باب لا التي لنفي الجنس بيان المشبه بالمضاف، وبيان المراد بالمفرد في هذا الباب والله أعلم.
فصل في بيان المنادى المضاف إلى ياء المتكلم
إذا كان المنادى مضافاً إلى ياء المتكلم جاز فيه ست لغات: إحداها: حذف الياء والاجتزاء بالكسرة نحو: يا عبادِ، ويا قومِ وهي الأكثر، والثانية: إثبات الياء ساكنة نحو: يا عبادي، والثالثة: إثبات الياء مفتوحة نحو: يا عباديَ الذين أسرفوا، والرابعة: قلب الكسرة فتحة وقلب الياء ألفاً نحو: يا حسرتا على ما فرطت ؛ والخامسة: حذف اللف والاجتزاء بالفتحة نحوك يا غلامَ؛
والسادسة: حذف اللف وضم الحرف الذي كان مكسوراً كقول بعضهم يا أم لا تفعلي بضم الميم وقرئ: ربُ السجن؛ بضم الباء وهي ضعيفة،
فإن كان المنادى مضاف أبا أو أما جاز فيه مع هذه اللغات أبع لغات أخر إحداها: إبدال الياء تاء مكسورة، نحو يا أبت ويا أمت و بها قرأ السبعة غير ابن عامر وفي: يا أبت، الثانية: فتح التاء و بها قرأ ابن عامر، والثالثة: يا أبتا بالتاء والألف وبهما قرئ شاذاًن الرابعة: يا أبتي بالياء، وإذا كانت المنادى مضافاً إلى مضاف إلى الياء مثل: يا غلام غلامي لم يجز فيه إلا إثبات الياء مفتوحة ساكنة، إلا إذا كان ان عم أو ان أم فيجوز فيها أربع لغات: حذف الياء مع كسر الميم، وفتحها و بها قرئ السبعة في قوله تعالى: {قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ } (94) سورة طه؛ وإثبات الياء كقول الشاعر:
يا ابن أمي ويا شقيق نفسي [ أنت خلفتني لدهر شديد]
وقلب الياء ألفاً كقوله:
يا ابنة عما لا تلومي واهجعي [ فليس يخلو منك يوما مضجعي]
باب المفعول المطلق
المفعول المطلق
وهو المصدر الفضلة المؤكدة لعامله أو المبين لنوعه أو عدده؛ فالمؤكد لعامله نحو: { وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (164) سورة النساء، وقولك ضربت ضرباً، والمبين لنوع عامله نحو: { فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ} (42) سورة القمر، وقولك ضربت زيداً ضربَ الأمير، والمبين لعدد عامله نحو: { فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} (14) سورة الحاقة؛ وقولك ضربت زيدا ضربتين، وهو قسمان لفظي ومعنوي فإن وافق لفظ فعله فهو لفظي كما تقدم، وإن وافق معنى فعله فهو معنوي نحو جلست قعوداً، وقمت وقوفاً، والمصدر هو اسم الحدث الصادر من الفعل وتقريبه أن يقال هو الذي يجيء ثالثا في تصريف الفعل نحو: ضرب يضرب ضرباً، وقد تنصب أشياء على المفعول المطلق وإن لم تكن مصدراً؛ وذلك على سبيل النيابة عن المصدر نحو:كل وبعض مضافين إلى المصدر نحو: { فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ } (129) سورة النساء؛ {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ} (44) سورة الحاقة؛ وكالعدد نحو: { فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } (4) سورة النور؛ فثمانين مفعول مطلق وجلدة تمييز، وكأسماء الآلات نحو: ضربته سوطاً أو عصاً أو مقرعةً.
باب المفعول من أجله
ويسمى المفعول لأجله والمفعول له وهو الاسم المنصوب الذي يذكر بياناً لسبب وقوع الفعل نحو: قام زيد إجلالا لعمرو، وقصدتك ابتغاء معروفك، ويشترك كونه مصدرا واتحاد زمنه وزمان عامله واتحاد فاعلهما كما تقدم في المثالين، وقوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ } (31) سورة الإسراء؛ وقوله: { الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ } (265) سورة البقرة؛ ولا يجوز : تأهب السفر، لعدم اتحاد الزمان، ولا جئتك محبتك إياي لعدم اتحاد الفاعل بل يجب جره باللام تقول: تأهبت للسفر ، وجئتك لمحبتك إياي.
باب المفعول معه
المفعول معه: هو الاسم المنصوب الذي يذكر بعد واو بمعنى مع لبيان من فعل معه الفعل مسبوقاً بجملة فيها فعل أو اسم فيه معنى الفعل وحروفه نحو: جاء الأمير والجيش، واستوى الماء والخشبة، وأنا سائر والنيل، وقد يجب النصب على المفعولية نحو المثالين الأخيرين ونحو: لا تنه عن القبيح وإتيانَه، ومات زيد وطلوعَ الشمس، وقوله تعالى: { فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ } (71) سورة يونس؛ وقد يترجح على العطف نحو : قمت وزيداً، وقد يترجح العطف عليه نحو: المثال الأول ونحو: جاء زيد وعمرو فالعطف فيهما وفيما أشبههما أرجح، لأنه الأصل.
باب الحال
الحال هو الاسم المنصوب المفسر لما انبهم من الهيئات إما من الفاعل نحو: جاء زيد راكباً، وقوله تعالى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا } (21) سورة القصص؛ ومن المفعول نحو: ركبت الفرس مسرجاًن وقوله تعالى: { وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً } (79) سورة النساء، ومنها نحو: لقيت عبد الله راكبين؛ ولا يكون الحال إلا نكرةً فإن وقع بلفظ المعرفة أُوِّل بنكرة نحو: جاء زيد وحَده، أي منفرداً، والغالب كونه مشتقاً،
وقد يقع جامداً مؤولا بمشتق نحو: بدت الجارية قمراً أي: مضيئة؛ بعته يدًا بيد أي متقابضين؛ وادخلوا رجلاَ رجلاً، أي مترتبين ولا يكون إلا بعد تمام الكلام أي: بعد جملة تامة بمعنى أنه ليس أحد جزأي الجملة وليس المراد أن يكون الكلام مستغنياً عنها بدليل قوله تعالى: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا } (37) سورة الإسراء؛ ولا يكون صاحب الحال إلا معرفة كما تقدم في الأمثلة نحو: في الدار جالساً رجلان، وقوله تعالى : { فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ} (10) سورة فصلت، وقوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ} (208) سورة الشعراء؛ وقراءة بعضهم: {وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ } (89) سورة البقرة مصدقاً بالنصب؛ ويقع الحال ظرفاً نحو: رأيت الهلال بين السحاب، وجار ومجرور نحو: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ } (79) سورة القصص؛ ويتعلقان بمستقر أو استقر محذوفين وجوباً؛ ويقع جملة خبرية مرتبطة بالواو والضمير نحو: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ } (243) سورة البقرة؛ { اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } (36) سورة البقرة؛ أو بالواو نحو: {قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } (14) سورة يوسف.
باب التمييز
هو الاسم المنصوب المفسر لما انبهم من الذوات أو النسب؛ والذات المبهة أربعة أنواع:
إحداها: العدد نحو: اشتريت عشرين غلاماً، وملكت تسعين نعجة؛
والثاني: المقدار كقولك: اشتريت قفيزاً براً ومناً وسمناً وشبراً أرضا؛
والثالث: شبه المقدار نحو مثقال ذرة خيراَ؛ فخيراً تمييز لمثقال ذرة؛
والرابع: ما كان فرعاً للتمييز نحو: هذا خاتم حديداً، وباب ساجاً ، وجبة خزاً.
والمبين إبهام النسبة إما محول عن الفاعل نحو: تصبب زيد عرقاً،وتفقأ بكر شحماً، وطاب محمد نفساً، { وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا } (4) سورة مريم.وإما محول عن المفعول نحو: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا } (12) سورة القمر؛ أو من غيرهما نحو: { أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا } (34) سورة الكهف؛ وزيد أكرم منك أباً؛ و أجمل منك وجهاً، أو غير محول نحو: امتلأ الإناء ماءً؛ ولله ذره فارساً؛ ولا يكون التمييز إلا نكرة؛ ولا يكون إلا بعد تمام الكلام بالمعنى المتقدم في الحال. والناصب لتمييز الذات المبهمة تلك الذات ولتمييز النسبة الفعل المسند؛ ولا يتقدم التمييز على عامله مطلقاً والله أعلم.
باب المستثنى
وأدوات الاستثناء ثمانية: حرف باتفاق وهو إلا واسمان باتفاق وهما غير وسوى بلغاتها، فإنه يقال فيها سوى كرضى و سوى كهدى و سواء كسماء وسواء كبناء؛ و فعلان باتفاق وهما ليس ولا يكون ؛ ومتردد بين الفعلية والحرفية وه خلا عدا وحاشا، ويقال فيها حاش، وحَشى.
فالمستثنى بإلا ينصب إذا كان الكلام تاماً موجباً، والتام هو ما ذكر فيه المستثنى منه والموجب هو: الذي لم يتقدم عليه نفي ولا شبهه نحو قوله تعالى: فشربوا منه إلا قليلاًن وكقولك قام القوم إلا زيداَ وخرج الناس إلا عمراً، وسواء كان الاستثناء متصلا كما مثلنا، أو منقطعاً نحو: قام القوم إلا حماراً وإن كان الكلام تاماً غير موجب جاز في المستثنى البدل والنصب على الاستثناء، والأرجح في المتصل البدل، أي المستثنى بدلا من المستثنى منه فيتبعه في إعرابه نحو قوله تعالى: { مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ } (66) سورة النساء؛ والمراد بشبه النفي النهي نحو: { وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ } (81) سورة هود، والاستفهام نحو: {قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ} (56) سورة الحجر
والنصب في المستثنى المتصل عربي جيد، وقرئ به في السبع في قليل وامرأتك؛ وإن كان الاستثناء منقطعاً فالحجازيون يوجبون النصب نحو: { مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ } (157) سورة النساء، وتميم يرجحونه ويجيزون الإتباع نحو ما قام القوم إلا حماراً وإلا حمارٌ.
وإن كان الكلام ناقصاً وهو الذي لم يذكر فيه المستثنى منه ويسمى استثناء مفرغاً، كان المستثنى على حسب العوامل، فيعطى ما يستحقه لو لم توجد إلا، وشرطه كون الكلام غير إيجاب نحو: ما قام إلا زيد، وما رأيت إلا زيداً، وما مررت إلا بزيد،
وكقوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ } (144) سورة آل عمران، { وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ } (171) سورة النساء؛ {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } (46) سورة العنكبوت؛والمستثنى بغير وسوى بلغاتها مجرور بالإضافة،و يعرب غير وسوى بما يستحقه المستثنى بإلا فيجب نصبها نحو: قاموا غيرّ زيدٍ أو سوى زيدٍ، ويجوز الإتباع والنصب كما في نحو: ما قاموا غيرَُ َ زيدٍ أو سوى زيدٍ؛ ويعربان بحسب العوامل في نحو: ما قام غيُر زيد وسوى زيد، و ما رأيت غيرَ زيدَ، وما مررت بغيرِ زيدٍ؛ وإذا مدت سوى كان إعرابها ظاهراً؛ فإذا قصرت كإعرابها مقدراً على الألف؛ والمستثنى بليس ولا يكون منصوب لا غير نحو:قام القوم ليس زيداً،
والمستثنى بخلا وعدا وحاشا يجوز جره ونصبه بها نحو: قام القوم خلا زيداً وخلا زيدٍ بالجر، وعدا زيداً وعدا زيدٍ وحاشا زيداً وحشا زيدٍ؛ وإن جررت فهي حروف جر، وإن نصبت فهي أفعال؛ إلا أن سيبويه لم يسمع في المستثنى بحاشا إلا الجر؛ وتتصل ما بعدا وخلا فيتعين النصب ولا تتصل ما بحاشا تقول: قام القوم ما عدا زيداً وقال لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل
باب خبر كان واسم إن وخبر أفعال المقاربة
وأما خبر كان وأخواتها وخبر الحروف المشبهة بليس وخبر أفعال المقاربة واسم إن وأخواتها واسم لا التي لنفي الجنس فتقدم الكلام عليها في المرفوعات، وأما التوابع فسيأتي الكلام عليها إن شاء الله.
باب المخفوضات من الأسماء
المخفوضات ثلاثة: مخفوض بالحرف ومخفوض بالإضافة وتابع للمخفوض
المخفوض بالحرف
.فالمخفوض بالحرف هو ما يخفض بمن وإلى عن وعلى وفي والباء والكاف واللام وحتى والواو والتاء ورب ومذ ومنذ؛ فالسبعة الأولى تجر الظاهر والمضمر نحو: { وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ } (7) سورة الأحزاب؛ و { إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ } (48) سورة المائدة؛ {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا } (4) سورة يونس؛ {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ} (19) سورة الإنشقاق ؛ { رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ } (119) سورة المائدة؛ {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} (22) سورة المؤمنون؛ {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ َ} (20) سورة الذاريات ؛ { وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ } (71) سورة الزخرف؛ { فَآمِنُواْ بِاللّهِ } (179) سورة آل عمران؛ { آمِنُواْ بِهِ } (107) سورة الإسراء؛ {لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ } (284) سورة البقرة؛{ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ } (116) سورة البقرة؛
والسبعة الأخير؛ لا تدخل على المضمر فمنها ما لا يختص بظاهر بعينه وهو الكاف وحتى والواو ونحو: { وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} (37) سورة الرحمن؛ زيد كالأسد؛ وقد تدخل على الضمير في ضرورة الشعر ونحو: { حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (5) سورة القدر؛ وقولهم: أكلت السمكة حتى رأسها بالجر ونحو: والله والرحمن؛ ومنها ما يختص بالله ورب مضافاً للكعبة أو لياء المتكلم وهو التاء نحو تالله،وتَرَبِّ الكعبة تَرَبي، ونَدُرَ تالرحمن ؛ وتحياتك؛ ومنها ما يختص بالزمان وهو: منذ ومذ نحو: ما رأيته منذ يوم الجمعةِ أو مذُ يومين، ومنها ما يختص بالنكرات غالباً وهو ري نحو: رب رجل في الدار؛ تدخل على ضمير غائب ملازم للإفراد والتذكير والتفسير وبتمييز بعده مطابق للمعنى نحو قوله: ُرَّبه فتية، وقد تحذف رب ويبقى عملها بعد الواو كقوله:
وليل كموج البحر أرخى سدولَه علي بأنواع الهموم ليبتلي
وبعد الفاء كثيراً كقوله: فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع [ فألهيتها عن ذي تمائم محول] وبعد بل قليلا كقوله: بل مَهِمَهِ قطعت بعد مهمه. وبدونهن أقل كقوله: رسم دار وقفت في طلله كدت أقضي الحياة من جلله
وتزاد ما بعد من وعن والباء فلا تكفهن عن عمل الجر نحوك مما خطئاتهم؛ عما قليل؛ فبما نقضهم؛ وتزاد بعد الكاف ورب، والغالب أن تكفها عن العمل فيدخلان حينئذ على الجمل كقوله: أخ ماجد لم يحزني يوم مشهد كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه وٌقوله: ربما أوفيت في علم ترفعن ثوبي شمالات
وقد لا تكفهما كقوله: ربما ضربة بسف صقيل بين بصري وطعنة نجلاء وقوله: ننصر مولانا ونعلم انه كما الناس مجروم عليه وجارم
فصل المخفوض بالإضافة
وأما المخفوض بالإضافة فنحو: غلام زيد؛ ويجب تجريد المضاف من التنوين كما في غلام زيد، ومن نوني التثنية والجمع نحو: غلاما زيد؛ وكاتبو عمرو؛ والإضافة على ثلاثة أقسام: منها ما يقدر باللام وهو الأكثر نحو غلام زيد، وثوب بكر، ومنها ما يقدر بمن وذلك كثير نحو : ثوب خز، وباب ساج وخاتم حديد
ويجوز في هذا النوع نصب المضاف إليه على التمييز كما تقدم في بابه، ويجوز رفعه على أنه تابع للمضاف. ومنها ما يقدر بفي وهو قليل نحو:بل مكر الليل، وصاحبي السجن؛ والإضافة نوعان لفظية ومعنوية فاللفظية ضابطها أمران: أن يكون المضاف إليه معمولا لتلك الصفة، والمراد بالصفة اسم الفاعل نحو: ضارب زيد، واسم المفعول نحو مضروب العبد،والصفة المشبهة نحو: حسن الوجه.والمعنوية ما انتفى فيها الأمران نحو:غلام زيد، أو نحو: إكرام زيدٍ، أو الثاني فقط نحو كاتب القاضي؛ وتسمى هذه الإضافة: محضة، وتفيد تعريف المضاف إن كان المضاف إليه معرفة نحو: علامُ زيدِ، وتخصيص المضاف إن كا المضاف إليه نكرة نحو: غلامُ رجلٍ. وأما الإضافة اللفظية فلا تفيد تعريفاً ولا تخصيصاً، وإنما تفيد التخفيف في اللفظ وتسمى: غير محضة.
والصحيح أن المضاف إليه مجرور بالمضاف لا بالإضافة؛ وتابع المخفوض يأتي في التوابع إن شاء الله.
باب إعراب الأفعال
تقدم أن الفعل ثلاثة أنواع: ماض وأمر ومضارع، وأن الماضي والأمر مبنيان، وأن المعرب من الأفعال هو المضارع إذا لم يتصل بنون الإناث ولا بنون التوكيد المباشرة له ، وأن الفعل يدخله من أنواع الإعراب ثلاثة: الرفع والنصب والجزم إذا كان عُِلم ذلك فالإعراب خاص بالمضارع وهو مرفوع أبداً حتى يدخل عليه ناصب فينصبه أو جازم فيجزمه نحو: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (5) سورة الفاتحة؛ و النواصب قسمان: قسم ينصب بأن مضمرة بعده.
فالأول: أربعة: أحدها: أن وإن لم تسبق بعلم ولا ظن نحو: {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ } (28) سورة النساء؛ { وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ } (184) سورة البقرة؛ فإن سبقت بِعَلِم نحو { عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم } (20) سورة المزمل ؛ فهي مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف، والفعل مرفوع وهو وفاعله كما تقدم في باب النواسخ، فإن سبقت بظن فوجهان نحو: {وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ } (71) سورة المائدة وقرئ السبعة بالنصب والرفع؛ والثاني لن نحو: { لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ } (91) سورة طه؛ والثالث كي المصدرية المسبوقة باللام لفظاً نحو: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا } (23) سورة الحديد؛ أوتقديرا نحو: جئت كي تكرمني، فإن لم تقد اللام فكي جارة والفعل منصوب بأن مضمرة بعدها وجوباً؛ والرابع: إذن إن صدرت في أول الكلام، وكان الفعل بعدها مستقبلاً ومتصلاً بها أو منفصلاً عنها بالقسم أو بلا النافية نحو:إذن أكرمك، وإذاً والله أكرمك، وإذاً لا أجيئك، جوابا لمن قال أنا آتيك وتسمى جواب وجزاء.
والثاني ما ينصب المضارع بإضمار أن بعدها وهو قسمان: ما يضمر أن بعده جوازاً ، وما يضمر بعده وجوباً ؛ فالأول خمسة وهي: لام كي نحو: { وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (71) سورة الأنعام؛ والواو والفاء وثم وأو العاطفات على اسم خاص، أي : ليس في تأويل الفعل نحو قوله:
ولبس عباءة و تقر عيني [ أحب إلي من لبس الشفوف]
وقوله:
لولا توقع معتر فأرضيه [ ما كنت أوثر أترباً على ترب
إني وقتلي سلكا ثم أعقله [ كالثور يُضرب لما عافت البقر]
وقوله تعالى: { أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا } (51) سورة الشورى؛ والثاني وهو ما تضمر أن بعده وجوباً ستة: كي الجارة كما تقدم لام الجحود نحو: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ } (33) سورة الأنفال؛ وحتى إن كان الفعل بعدها مستقبلا نحو: { حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى } (91) سورة طه؛ وأو بمعنى إلى أو بمعنى إلاَّ كقوله:
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابر
وقوله:
وكنت إذا غمزت قناة قوم كسرت كعوبها أو تستقيما
وفاء السببية و واو المعية مسبوقين بنفي محض أو طلب بالفعل نحو: { لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا } (36) سورة فاطر؛ { وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (142) سورة آل عمران، { وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي } (81) سورة طه؛
لا تأكل السمك وتشربَ اللبن
والجوازم ثمانية عشرة، وهي نوعان: جازم لفعل واحد ، وجازم لفعلين، فالأول سبعة وهي: لم، نحو: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} سورة الإخلاص؛ ولما، نحو: {كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} (23) سورة عبس، ألم، نحو: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} (1) سورة الشرح، وألما، كقوله:
على حين عاتبت المشيب على الصبا فقلت أما أصح والشيب وازع
... ولام الأمر والدعاء نحو: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ } (7) سورة الطلاق؛ { لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } (77) سورة الزخرف؛ و لا في النهي والدعاء نحو: { لاَ تَحْزَنْ } (40) سورة التوبة؛ { لاَ تُؤَاخِذْنَا } (286) سورة البقرة؛ والطلب إذا سقطت الفاء من المضارع بعده وقصد به الجزاء نحو: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ } (151) سورة الأنعام؛ وقوله:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل
والثاني وهو ما يجزم فعلين أحد عشر وهو إن نحو: {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ } (133) سورة النساء؛ وما نحو: { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ } (197) سورة البقرة؛ ومن نحو: { مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } (123) سورة النساء؛ ومهما كقوله:
[ أغرك مني ان حبك قاتلي] وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وإذما نحو: إذما تقم أقم؛ وأي نحو: { أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى } (110) سورة الإسراء؛ و متى كقوله:
[ أنا ابن جلا وطلاع الثنايا] متى أضع العمامة تعرفوني
أيان كقوله:
[إذا النعجة الغراء كانت بقفرة ] فأيان ما تعدل به الريح تنزل
وأين نحو: {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ } (78) سورة النساء؛ وأنى كقوله:
فأصبحت أنى تأتها تستجر بها تجد حطبا جزلا وناراً تاججا
وحيثما كقوله:
حيثما تستقم يقدر لك الله نجاحاً في غابر الأزمان
وهذه الأدوات الإحدى عشرة كلها أسماء إلا إن و إذما فإنهما حرفان، ويسمى الأول شرطاً، ويسمى الثاني جواباً. وإذا لم يصلح الجواب أن يجعل شرطاً وجب اقترانه بالفاء نحو: { وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ} (17) سورة الأنعام؛ {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي } (31) سورة آل عمران؛ {وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ } (115) سورة آل عمران؛ أو بإذا الفجائية نحو: { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} (36) سورة الروم؛ وذكر صاحب الأجرومية في الجوازم كيفما نحو: كيفما تفعل أفعل؛ والجزم بها مذهب كوفي ولم نقف لها على شاهد من كلام العرب، وقد يجزم بإذا في ضرورة الشعر كقوله:
[ استغن ما أغناك ربك بالغنى] وإذا تصبك خصاصة فتجمل
باب النعت
هو التابع المشتق أو المؤول به المباين للفظ متبوعة، والمراد بالمشتق اسم الفاعل كضارب، واسم المفعول كمضروب، والصفة المشبهة كحسن، واسم التفضيل كأعلم، والمراد بالمؤول بالمشتق اسم الإشارة نحو: مررت بزيد هذا، واسم الموصول نحو: مررت بزيد الذي قام، وذو بمعنى صاحب نحو: مررت برجل ذي مال، وأسماء النسب نحو: مررت برجل دمشقي، ومن ذلك الجملة وشرط المنعوت بها أن يكون نكرةً نحو: {وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ } (281) سورة البقرة.
وكذلك المصدر ويلزم إفراده وتذكيره ونقول: مررت برجل عدل ، وبامرأة عدل ، وبرجلين عدل ومررت برجال عدل، والنعت يتبع المنعوت في رفعه ونصبه وخفضه وفي تعريفه وتنكيره، ثم إن رفع ضمير المنعوت المستتر فيه تبعه أيضاً في تذكيره وتأنيثه وفي إفراده وتثنيته وجمعه وتقول: قام زيد العاقل ورأيت زيدا العاقل ومررت بزيد العاقل وجاءت هند العاقلة ورأيت هندا العاقلة ومررت بهند العاقلة وجاء رجل عاقل ورأيت رجلا عاقلا ومررت برجل عاقل وجاء الزيدان العاقلان ورأيت الزيدين العاقلين ومررت بالزيدين العاقلين، وجاء رجلان عاقلان ورأيت رجلين عاقلين، وجاء الزيدون العاقلون ورأيت الزيدين العاقلين ومررت بالزيدين العاقلين، وجاءت الهندان العاقلتان ورأيت الهندين العاقلتين ومررت بالهندين العاقلتين، وجاءت الهندات العاقلات ورأيت الهندات العاقلات ومررت بالهندات العاقلات؛ وإن رفع النعت الاسم الظاهر أو الضمير البارز لم يعتبر حال المنعوت في التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع، بل يعطى النعت حكم الفعل، فإن كان فتعله مؤنثاً أنث، وإن كان المنعوت به مذكراً وإن كان فاعله مذكراً ذكِّر وإن كان المنعوت به مؤنثا.
ويستعمل بلفظ الإفراد ولا يثنى ولا يجمع تقول: جاء زيد القائمة أمه، وجاءت هند القائم أبوها وتقول: مررت برجل قائمة أمه بامرأة قائم أبوها، ومررت برجلين قائم أبوهما مررت برجال قائم آباؤهم، إلا أن سيبويه قال قيما إذا كان الاسم المرفوع بالنعت جمعاً كالمثال الأخير، فالأحسن في النعت أن يجمع جمع تكسير فيقال: مررت برجال قيام آباؤهم ومررت برجل قعود غلمانه، فهو أفصح من قائم آباؤهم قاعد غلمانه بالإفراد.
والإفراد كما تقدم أفصح من جمع التصحيح نحو: مررت برجال قائمين آباؤهم ورجل قاعدين غلمانه؛ هذه أمثلة النعت بالرفع للاسم الظاهر.
ومثال النعت الرافع للضمير البارز قولك: جاءني غلام امرأة ضاربته هي، وجاءتني أمة رجل ضاربها هو، وجاءني غلام رجال ضاربه هم.
وفائدته تخصيص المنعوت إن كان نكرة نحو: مررت برجل صالح، وتوضيحه إن كان معرفة نحو: جاء زيد العالم. وقد يكون لمجرد المدح نحو: بسم الله الرحمن الرحيم، أو لمجرد الذم نحو: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أو الترحم نحو: اللهم ارحم عبدك المسكين، أو للتأكد نحو: { ْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ } (196) سورة البقرة؛ وإذا كان المنعوت معلوماً بدون النعت جاز في النعت الإتباع والقطع، ومعنى القطع: أن يرفع النعت على أنه خبر مبتدأ محذوف وينصب بفعل محذوف نحو: الحمد لله الحميدُ َ؛ وأجاز فيه سيبويه الجر على الإتباع والرفع بتقدير هو والنصب بتقدير أمدح؛ وإذا تكررت النعوت لواحد فإن كان المنعوت معلوما بدونها جاز إتباعها كلها وقطعها كلها وإتباع البعض وقطع البعض بشرط تقديم المتبع وإن لم يعرف إلا بمجموعها بأن احتاج إليها وجب إتباعها كلها، وإن تعين ببعضها جاز فيما عدا ذلك البعض الأوجه الثلاثة.
باب العطف
العطف نوعان: عطف بيان وعطف نسق؛ فعطف البيان هو التابع المشبه للنعت في توضيح متبوعه إن كان معرفة نحو أقسم بالله أبو حفص عمر، و تخصيص إن كان نكرة نحو هذا خاتم حديد بالرفع؛ ويفارق النعت في كونه جامداً غير مؤول بمشتق، والنعت مشتق أو مؤول بمشتق يوافق متبوعه في أربعة من عشرة في واحد من أوجه الإعراب الثلاثة وفي واحد من التذكير والتأنيث، وفي واحد من التعريف والتنكير وفي واحد من الإفراد والتثنية والجمع، ويصح في عطف البيان أن يعرب بدل كل من كل في الغالب.
أما عطف النسق فهو التابع الذي يتوسط بينه وبين متبوعه حرف من هذه الحروف العشرة وهي: الواو، والفاء، وثم، وحتى، وأم، وأما، وبل، ولا، ولكن، فالسبعة الأولى: تقتضي التشريك في الإعراب والمعنى والثلاثة الباقية تقتضي التشريك في الإعراب فقط؛ فإن عطفت بها على مرفوع رفعت، أو على منصوب نصبت، أو على مخفوض خفضت، أو على مجزوم جزمت نحو: { وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ } (22) سورة الأحزاب؛ { وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ } (13) سورة النساء؛ { آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ } (136) سورة النساء؛ { وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ} (36) سورة محمد؛ والواو: لمطلق الجمع نحو: جاء زيد وعمرو قبله، أو معه، أو بعده، والفاء: للترتيب والتعقيب نحو: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} (21) سورة عبس، ثم: للترتيب والتراخي: {ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ} (22) سورة عبس، والعطف بحتى قليل ويشترط فيه ان يكون المعطوف بها اسما ظاهراً وأن يكون بعضاً من المعطوف عليه، وغاية له نحو : أكلت السمكة حتى رأسها؛ بالنصب؛ ويجوز الجر على أن حتى جارة كما تقدم في المخفوضات؛ ويجوز الرفع على أن حتى ابتدائية ورأسها مبتدأ والخبر محذوف، أي: حتى رأسها مأكول؛ وأم: لطلب التعيين إن كانت بعد همزة داخلة على أحد المستويين؛ و أو : للتخيير أو الإباحة بعد الطلب نحو : تزوج هنداً أو أختها، ونحو: جالس العلماء أو الزهاد، وللشك أو الإبهام أو التفضيل بعد الخبر نحو: { قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ } (19) سورة الكهف؛ { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى } (24) سورة سبأ؛ {وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى } (135) سورة البقرة؛ وإما بكسر الهمزة مثل أو بعد الطلب والخبر نحو: تجوز إما هندا أو أختها؛ وبقية الأمثلة واضحة.
وقيل: إن العطف إنما هو الواو، وأن أما حرف تفصيل كالأولى لأنه حرفها تفصيل؛ وبل: للإضراب غالباً نحو: قام زيد بل عمرو؛ لكن: للاستدراك نحو: مررت رجل صالح لكن طالح؛ ولا: لنفي الحكم عما بعدها نحو: قام زيد لا عمرو.
باب التوكيد
والتوكيد ضربان: لفظي ومعنوي؛ فاللفظي إعادة اللفظ الأول بعينه سواء كان اسما نحو: جاء زيد زيد أو فعلا نحو: أتاك أتاك اللاحقون، احبس احبس، أو حرفا نحو:
لا لا أبوح بحب بثنة إنها أخذت علي مواثقا وعهودا
أو جملة نحو : ضربت زيدا ضربت زيداً؛ والمعنوي ألفاظ معلومة وهي : النفس والعين وكل وجميع وعامة وكلا وكلتا؛ ويجب اتصالها بضمير مطابق للمؤكد نحو: جاء الخليفة نفسه أو عينه، ويمكن أن تجمع بينهما بشرط أن تقدم النفس؛ ويجب إفراد النفس والعين مع المفرد وجمعهما عللا أفعل مع الجمع واجب؛ وكل وجمع وعامة يؤكد بها المفرد والجمع ولا يؤكد بها المثنى، تقول: جاء الجيش كله أو جميعه أو عامته؛ وجاءت القبيلة كلها أو جميعها أو عامتها؛ وجاء الرجال كلهم أو جميعهم أو عامتهم، أو جاءت النساء كلهن أو جميعهن أو عامتهن؛ وكلا وكلتا يؤكد بهما المثنى نحو: جاء الزيدان كلاهما وجاءت الهندان كلتاهما.
إذا أريد تقوية المعن فيجوز أن يؤتى بعد كله، بأجمع وبعد كلتا بجَمْعَاءَ، وبعد كلهم بأجْمعين، وبعد كلهن بجُمع، قال الله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} (73) سورة ص؛ وتقول جاء الجيش كله أجمع؛ والقبيلة كلها جمعاء؛ والنساء كلهن جُمع؛ وقد يوكد بأجمع وجمعاء وأجمعين وجمع بدون كل ، نحو: {وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} (39) سورة الحجر.
وقد يوتى بعد أجمع بتوابعه وهي أكتع، وأبصع، وأبتع نحو: جاء القوم كلهم أجمعون وأكتعون وأبصعون وأبتعون، وهي بمعنى واحد ولذلك لا يعطف على نفسه.
والتوكيد تابع للمؤكد في رفعه ونصبه وخفضه وتعريفه ولا يجوز توكيد النكرة عند البصريين.
باب البدل
هو التابع المقصود بالحكم بلا واسطة، وإذا أبدل اسم من اسم أو فعل من فعل تبعه في جميع إعرابه، و البدل على أربعة أقسام الأول: بد الشيء من الشيء، ويقال له بدل الكل من الكل نحو: جاء زيد أخوك؛ قال الله تعالى: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ (7)} سورة الفاتحة ؛ وقال الله تعالى: { إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) الله (2)} سورة إبراهيم ؛ في قراءة الجر؛ والثاني بدل البعض من الكل سواء كان ذلك البعض قليلا أو كثيراً نحو: أكلت الرغيف ثلثه أو نصفه أو ثلثيه، ولا بد من اتصاله بضمير يرجع للمبدل منه، إما مذكور كالأمثلة أو مقدر كقوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع؛ أي منهم؛ الثالث بد الاشتمال نحو: أعجبني زيد علمه، ولا بد من اتصاله بضمير إما مذكور كالمثال أو مقدر كقوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النار (5)} سورة البروج ؛ أي فيه؛ والرابع: البدل المباين، وهو ثلاثة أقسام، بدل الغلط، وبدل النسيان، و إن أردت الإخبار أولا بأنك رأيت زيداً ثم بدا لك أن تخبر بأنك رأيت الفرس فهذا بدل الإضراب.
تنبيه: ومثال إبدال الفعل من الفعل قوله تعالى: { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ (69)} سورة الفرقان؛ ويجوز إبدال النكرة من المعرفة نحو: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ } (217) سورة البقرة.