مباحث الحضانة
كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري
محتويات
- مباحث الحضانة
- تعريفها - مستحقها
- تعريفها وستحقها عند الحنفية
- تعريفها وستحقها عند المالكية
- تعريفها وستحقها عند الشافعية
- تعريفها وستحقها عند الحنابلة
- شروط الحضانة
- شروط الحضانة عند الحنفية
- شروط الحضانة عند الشافعية
- شروط الحضانة عند الحنابلة
- شروط الحضانة عند المالكية
- مدة الحضانة
- مبحث هل للحاضن أن يسافر بالمحضون؟
- هل للحاضن أن يسافر بالمحضون عند الحنفية
- هل للحاضن أن يسافر بالمحضون عند المالكية
- هل للحاضن أن يسافر بالمحضون عند الشافعية
- هل للحاضن أن يسافر بالمحضون عند الحنابلة
- مبحث أجرة الحضانة
- أجرة الحضانة عند الحنفية
- أجرة الحضانة عند المالكية
- أجرة الحضانة عند الشافعية
- أجرة الحضانة عند الحنابلة
- االعودة إلي كتاب الطلاق
- االعودة إلي كتاب النكاح
- االعودة إلي كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري
مباحث الحضانة
تعريفها - مستحقها
الحضانة - بفتح الهاء وكسرها - والفتح أشهر، معناها لغة، مصدر حضنت الصغير حضانة تحملت مؤنته وتربيته، مأخوذة من الحضن - بكسر الحاء - وهو الجنب، لأن الحضانة تضم الطفل إلى جنبها، وفي الشرع حفظ الصغير، والعاجز، والمجنون والمعتوه، مما يضره بقدر المستطاع، والقيام على تربيته ومصالحه، من تنظيف وإطعام، وما يلزم راحته أما مستحق الحضانة، ففيه تفصيل المذاهب (1).
تعريفها وستحقها عند الحنفية
(1) (الحنفية - قالوا: الحضانة تثبت للأقارب من النساء والرجال، على الترتيب الآتي: فأحق الناس بالحضانة الأم، سواء كانت متزوجة بالأب، أو مطلقة، ثم من بعدها أمها، وأم أمها، وهكذا. ولا بد أن تكون أم الأم صالحة للحضانة، وليس لأم الأم الحق في أن تحتضن ابن بنتها المتزوجة في بيت زوجها، لأنه عدو له، فللأب في هذه الحالة أن يأخذه منها، فإذا ماتت أم الأم، أو تزوجت بغير محرم الصغير انتقل حق الحضانة لأم الأب، وإن علت، أما إذا كانت متزوجة بمحرمه، كما إذا كانت جدة متزوجة بجده، فإن حضانتها لا تسقط، فإن ماتت أو تزوجت انتقل الحق للأخت الشقيقة، فإن ماتت أو تزوجت انتقل إلى الأخت لأب. ثم من بعدها الأخت الشقيقة، ثم من بعدها بنت الأخت لأم.
وهذا الترتيب لا خلاف فيه عند الحنفية، واختلفوا فيما وراءه، كما إذا اجتمعت خالة وأخت لأب، فقيل: الأخت لأب أولى، وقيل: الخالة أولى، أما بنت الأخت لأب مع الخالة، فإن الصحيح أن الخالة أولى، وتقدم الخالة لأب وأم، هي شقيقة الأم ثم من بعدها الخالة لأم، ثم من بعدها الخالة للأب، وبنات الإخوة أولى من العمات، وتقدم العمة الشقيقة، ثم العمة لأب، ثم هؤلاء يدفع إلى خالة الأم الشقيقة، ثم إلى خالتها لأم، ثم لأب، ثم إلى عمة الأم، على هذا الترتيب.
وبالجملة فجهة الأمهات مقدمة على جهة الآباء، أما بنات العم، وبنات الخال، وبنات العمة، وبنات الخالة، فلا حق لهن في الحضانة.
فإذا لم يكن للصغير امرأة من أهله المذكورات تستحق الحضانة، انتقلت الحضانة إلى عصبته من الرجال، فيقدم الأب، ثم أبو الأب، وإن علا، ثم الأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ الشقيق، ثم ابن الأخ لأب، وكذا أبناء أبنائهم، وإن سفلوا، ثم العم الشقيق، ثم العم لأب، ثم ابن العم الشقيق ثم ابن العم لأب، بشرط أن يكون المحضون ذكراً، أما الأنثى فلا تدفع إلى أبناء الأعمام، لأنها ليست محرماً بالنسبة لهم، فإذا لم يكن للصغيرة إلا أبناء الأعمام فالنظر في ذلك للقاضي، فإن شاء دفعها إليهم، وإلا دفعها عند امرأة أمينة.
وإذا كان الصغيرة عدة أخوال، فإنها تدفع للأصلح منهم، وإن تساووا في الصلاحية فإنها تدفع للأسن، وكذا إذا كان لها عدة أعمام، فإذا لم يكن لها عصبة، فإن حضانتها تكون للأخ لأم، ثم من بعده ابنه، ثم للعم لأم، ثم للخال لأب وأم، ثم للخال لأب، ثم للخال لأم، وإذا كان لها جد لأم كان أولى من الخال ومن الأخ لأم.
تعريفها وستحقها عند المالكية
المالكية - قالوا: يستحق الحضانة أقارب الصغيرة من إناث وذكور على الترتيب الآتي ذكره، فأحق الناس به أمه، ثم أمها، يعني جدته لأمه وإن علت، ثم الخالة الشقيقة، ثم الخالة لأم، ثم خالة الأم، ثم عمة الأم، ثم أم الأب، ثم أم أمه، وأم أبيه، والقربى منهن نقدم على البعدى. والتي من جهة أمه تقدم على التي من جهة أبيه، ثم بعد الجدة من جهة الأب تنتقل الحضانة إلى الأب، ثم إلى الأخت، ثم إلى عمة الصغير أخت أبيه، ثم إلى عمة أبيه - أخت جده - ثم إلى خالة أبيه، ثم بنت الأخ الشقيق، ثم لأم، ثم لأب، ثم إلى بنت الأخت كذلك وإذا اجتمع هؤلاء يقدم منهن الأصلح للحضانة، وبعضهم رجح تقديم بنات الأخ على بنات الأخت، ثم بعد هؤلاء تنتقل الحضانة إلى الوصي سواء كان ذكراً أو أنثى ثم الأخ الصغير، ثم أبن الأخ، ويقدم عليه الجد من جهة الأم، ثم العم ثم ابنه، ويقدم الأقرب على الأبعد ثم المعتق أو عصبته نسباً.
تعريفها وستحقها عند الشافعية
الشافعية - قالوا: للمستحقين في الحضانة ثلاثة أحوال: الحالة الأولى: أن يجتمع الأقارب الذكور مع الإناث. الحالة الثانية: أن يجتمع الإناث فقط، الحالة الثالثة: أن يجتمع الذكور فقط. فأما الحالة الأولى: فتقدم الأم على الأب، ثم أم الأم، وإن علت، بشرط أن تكون وارثة، فلا حضانة لأم أبي أم، لأنها غير وارثة، ثم بعدهن الأب، ثم أمه، ثم أم أمه وإن علت، إذا كانت وارثة، فلا حضانة لأم أبي أم أب، لأنها لا ترث، فإذا عدمت هذه الأربعة وهي الأم وأمهاتها والأب وأمهاته. وإذا اجتمع ذكور وإناث، قدم الأقرب فالأقرب من الإناث ثم الأقرب من الذكور، مثلاً إذا اجتمع إخوة وأخوات، وخالة وعمة، قدمت الأخوات الإناث، لأنهن أقرب وأولى بالتقديم من الذكور، ثم الإخوة الذكور، لأنهم أقرب من الخالة والعمة، ثم العمة، وعند الاستواء في القرابة والذكورة والأنوثة، كأخوات بنات وإخوة ذكور، فإنه يقرع بين البنات، فمن خرجت القرعة عليه قدم على غيره.
وأما الحالة الثانية، وهي اجتماع الإناث فقط، فتقدم الأم، ثم أمهاتها، ثم أمهات الأب، ثم الأخت، ثم الخالة، ثم بنت الأخت، ثم بنت الأخ، ثم العمة، ثم بنت الخالة، ثم بنت العمة، ثم بنت العم، ثم بنت الخال، وتقدم الشقيقات على غير الشقيقات، وتقدم من كانت لأب على من كانت لأم.
أما الحالة الثالثة، وهي ما إذا اجتمع الذكور فقط، فيقدم الأب، ثم الجد ثم الأخ الشقيق ثم الأخ لأب، ثم الأخ لأم، ثم ابن الأخ الشقيق أو لأب، ثم العم لأبوين، ثم العم لأب ثم ابن العم كذلك ولكن لا تسلم له مشتهاة لأنه غير محرم، وإنما تسلم لثقة يعينها هو، كبنته فإن كانت مجنونة كبيرة، ولها بنت فإنها تقدم بعد الأم على الجدات، وإن كانت صغيرة لها زوج، فإنه يقدم في الحضانة على كل هؤلاء، بشرط أن تكون مطيقة للوطء.
تعريفها وستحقها عند الحنابلة
الحنابلة - قالوا: أحق الناس بالحضانة الأم، ثم أمها، ثم أم أمها، وهلم جرا، ثم الأب، ثم أمهاته وإن علت، ثم الجد ثم أمهاته ثم أخت لأبوين، ثم أخت لأم، ثم أخت لأب، ثم خالة لأبوين، ثم خالة لأم، ثم خالة لأب، ثم عمة لأبوين، ثم عمة لأم ثم عمة لأب، ثم خالات أمه، وتقدم الشقيقة، ثم التي لأم، ثم التي لأب، ثم خالات أبيه كذلك، ثم عمات أبيه كذلك ثم بنات إخوته، ثم بنات أخواته، ثم بنات أعمامه، ثم بنات عماته، ثم بنات أعمام أمه وبنات أعمام أبيه كذلك، فتقدم في ذلك كله الأشقاء، ثم الذين لأم، ثم الذين لأب، ولا حضانة عليها لمحرم، كابن العم، وابن عم الأب، وكذا لا حضانة عليها لمحرم برضاع).
شروط الحضانة
*-يشترط لاستحقاق الحضانة: منها أن يكون عاقلاً، فلا حضانة لمجنون. ولا لمعتوه ومنها أن يكون بالغاً، فلا حضانة لصغير، ومنها غير ذلك. مما هو مفصل في المذاهب (1).
شروط الحضانة عند الحنفية
(1) (الحنفية - قالوا: يشترط في الحضانة أمور: أحدها أن لا ترتد، فإن ارتدت سقط حقها في الحضانة، سواء لحقت بدار الحرب أو لا. فإن تابت رجع لها حقها.
ثانيها: أن لا تكون فاسقة غير مأمونة عليه، فإن ثبت فجورها بفسق، أو بسرقة، أو كانت محترفة حرفة دنيئة، كالنائحة، والراقصة، فإن حفها يسقط. ثالثها: أن لا تتزوج غير أبيه، فإن تزوجت سقط حقها، إلا أن يكون زوجها رحماً للصغير، كأن يكون عماً له، فإن تزوجت أجنبياً سقط حقها، فإن طلقها الزوج الثاني عاد لها حقها في الحضانة. رابعها: أن لا تترك الصبي بدون مراقبة، خصوصاً إذا كانت أنثى تحتاج إلى رعاية، فإن كانت أمها من النساء اللاتي يخرجن طول الوقت وتمهل في تربيتها، فإن حقها يسقط بذلك. خامسها: أن لا يكون الأب معسراً، وامتنعت الأم عن حضانة الصغير إلا بأجرة، وقالت عمته: أنا أربيه بغير أجرة، فإن لها ذلك، ويسقط حق أمه في الحضانة. سادسها: أن لا تكون أمة أو أم ولد، فإنه لا حضانة لها. ولا يشترط الإسلام فإن كان متزوجاً بذمية فإن لها أن تحضن ابنها منه، بشرط أن يأمن عليه الكفر والفساد، فإذا لم يأمن، كأن رآها تذهب به إلى الكنيسة، أو رآها تطعمه لحم الخنزير، أو تسقيه الخمر، فإن للأب أن ينزعه منها، فإذا ماتت الأم الحاضنة، أو لم يتوفر فيها شرط من هذه الشروط انتقلت الحضانة إلى من يليها، حسب الترتيب المتقدم، أما العقل فهو شرط مجمع عليه.
شروط الحضانة عند الشافعية
الشافعية - قالوا: يشترط للحضانة سبع شروط: أحدها: أن يكون عاقلاً، فلا حضانة لمجنون، إلا إذا كان جنونه قليلاً نادراً، كيوم واحد في السنة كلها. ثانيها: الحرية، فلا حضانة لرقيق. ثالثها: الإسلام، فلا حضانة لكافر على مسلم، أما حضانة الكافر للكافر، والمسلم للكافر، فإنها ثابتة. رابعها: العفة، فلا حضانة لفاسق، ولو تارك صلاة، أو تاركة صلاة. خامسها: الأمانة فلا حضانة لخائن في أمر من الأمور. سادسها: الإقامة في بلد المحضون إذا كان مميزاً، وسيأتي بيانه قريباً. سابعها: أن لا تكون أم الصغير متزوجة بغير محرم، فإن تزوجت بمحرم، كعمه فإن حضانته لم تسقط إذا رضي الزوج بضمه.
شروط الحضانة عند الحنابلة
الحنابلة - قالوا: يشترط للحضانة. أولاً: أن يكون الحاضن عاقلاً، فلا حضانة لمجنون. ثانيها: أن لا يكون رقيقاً. ثالثاً: أن لا يكون عاوزاً، كأعمى، لعدم حصول المقصود به، ومثل الأعمى ضعيف البصر. رابعاً: أن لا يكون أبرص، أو أجذم، وإلا سقط حقه في الحضانة، خامساً: أن لا تكون متزوجة بأجنبي من الطفل، فإن كان غير أجنبي كجده وقريبه، فإن لها الحضانة.
شروط الحضانة عند المالكية
المالكية - قالوا: يشترط في الحاضن ذكراً كان أو أنثى شروط. الأول: العقل، فلا حضانة لمجنون، ولو يفيق في بعض الأحيان، ولا لمن به خفة عقل وطيش. الثاني: القدرة على القيام بشأن المحضون، فلا حضانة للعاجز، كامرأة بلغت سن الشيخوخة، أو رجل هرم إلا أن يكون عندهما من يمكنه القيام بالحضانة تحت إشرافهما، ومثلهما الأعمى، والأصم، والأخرس، والمريض، والمقعد. الثالث: أن يكون للحاضن مكان يمكن حفظ البنت فيه التي بلغت حد الشهوة من الفساد، فإذا كان في جهة غير مأمونة، فإن حضانته تسقط. الرابع: الأمانة في الدين، فلا حضانة لفاسق يشرب الخمر، ومشتهر بالزنا، ونحو ذلك. الخامس: أن لا يكون الحاضن مصاباً بمرض معد يخشى على الطفل منه، كجذام، وبرص. السادس: أن يكون الحاضن رشيداً فلا حضانة لسفيه مبذر، لئلا يتلف مال المحضون: إن كان له مال. الشرط السابع: الخلو عن زوج دخل بها، إلا إذا تزوجت بمحرم، أو علم من له حق الحضانة بعدها يتزوجها وسكت مدة عام بلا عذر فإن حضانته تسقط بذلك. ولا يشترط في الحاضن أن يكون مسلماً، ذكراً كان أو أنثى. فأن خيف على الولد من أن تسقيه خمراً، أو تغذيه بلحم خنزير ضمت حضانته إلى مسلمين ليراقبوها ولا ينزع منها الولد، ولا فرق في ذلك بين الذمية والمجوسية، وإن كان الحاضن ذكراً فيشترط أن يكون عنده من يحضن من الإناث، كزوجة، أو سرية، أو خادمة ولا يصح أن يحضن غير محرم بنتاً مطيقة للوطء، كابن عمها - إلا إذا تزوج بأمها - ولو كان مأموناً).
مدة الحضانة
في مدة الحضانة تفصيل المذاهب
مدة الحضانة عند الحنفية
(1) (الحنفية - قالوا: مدة الحضانة للغلام قدرها بعضهم بسبع سنين، وبعضهم بتسع سنين، قالوا: والأول هو المفتى به، ومدتها في الجارية، فيها رأيان: أحدهما: حتى تحيض. ثانيهما: حتى تبلغ حد الشهوة، وقدر بتسع سنين، قالوا: وهذا هو المفتى به، فإذا كان الولد في حضانة أمه فلأبيه أن يأخذه بعد هذا السن، فإذا بلغ الولد عاقلاً رشيداَ كان له أن ينفرد ولا يبقى في حضانة أبيه إلا أن يكون فاسد الأخلاق، فلأبيه ضمه وتأديبه، وإذا لم يكن له أب، فلأحد أقاربه أن يضمه إليه ويؤدبه متى كان مؤتمناً، ولا نفقة للبالغ إلا أن يتبرع والده بها، وإلا أن يكون طالب علم، كما تقدم في مباحث النفقة.
أما الأنثى فإن كان بكراً ضمنها الأب إلى نفسه، ومثل الأب الجد، فإن لم يكن لها أب ولا جد، فإن كان لها أخ ضمها إليه بشرط أن لا يكون مفسداً، وإلا فإن كان لها عم غير مفسد ضمها إليه. وإلا فإن كان لها عصبية في رحم محرم ضمها إليه، وإن لم يكن وضعها القاضي عند امرأة ثقة، إلا إذا كانت مسنة عجوز، ولها رأي، فإنها تكون حرة، فتسكن حيث أحبت أما إذا كانت ثيباً فليس له ضمها، إلا إذا لم تكن مأمونة على نفسها، وفي هذه الحالة يكون للأب والجد ضمها جبراً، فإن لم يكن لها أب ولا جد، ولها أخ، أو عم، فله ضمها ما لم يكن مفسداً فإن كان مفسداً ضمها القاضي عند امرأة ثقة.
مدة الحضانة عند المالكية
المالكية - قالوا: مدة حضانة الغلام من حين ولادته إلى أن يبلغ، فإن كان له أم حضنته حتى يبلغ، ثم تسقط حضانتها، ولو بلغ مجنوناً، ولكن تستمر نفقته على الأب إذا بلغ مجنوناً، ومدة حضانة الأنثى حتى تتزوج، ويدخل بها الزوج بالفعل.
مدة الحضانة عند الشافعية
الشافعية - قالوا: ليس للحضانة مدة معلومة، فإن الصبي متى ميز بين أبيه وأمه، فإن اختار أحدهما كان له، وكذا يخير بين أم وجد أو غيره، أو بين أب وأخت له من أم أو خالة، وله بعد اختيار أحدهما أن يتحول للآخر وإن تكرر منه ذلك، وللأب إذا اختارته بنته أن يمنعها من زيارة أمها، وليس له أن يمنع أمها من زيارتها على العادة، وإذا زارت لا تطيل المكث، وإذا مرضت كانت أمها أولى بتمريضها في منزله إذا رضي، وإلا مرضتها في منزلها ويعودهما، بشرط أن لا يخلو بها في الحالتين، وإن اختارها ذكر مكث عندها الليل وعند أبيه النهار كي يقوم بتعليمه، أما إذا اختارتها أنثى فتستمر عندها دائماً، وإن اختارهما معاً أقرع بينهما، وإذا سكت ولم يختر أحداً كان للأم.
مدة الحضانة عند الحنابلة
الحنابلة - قالوا: مدة الحضانة سبع سنين للذكر والأنثى، ولكن إذا بلغ الصبي سبع سنين واتفق أبواه أن يكون عند أحدهما فإنه يصح، وإن تنازعا خير الصبي، فكان مع من اختار منهما، بشرط أن لا يعلم أنه اختار أحدهما لسهولته وعدم التشدد عليه في التربية وإطلاق العنان له فيشب فاسداً، فإذا علم أن رغبة الولد هكذا فإنه يجبر على البقاء عند الأصلح، فإن اختار أباه كان عنده ليلاً ونهاراً، ولا يمنع من زيارة أمه، وإن مرض الغلام كانت أمه أحق بتمريضه في بيتها، أما إذا اختار أمه فإنه يكون عندها ليلاً، ويكون عند أبيه نهاراً ليعلمه الصناعة والكتابة ويؤدبه، فإذا عاد واختار الآخر نقل إليه، وهكذا أبداً، فإن لم يختر أحدهما، أو اختارهما معاً أقرع بينهما، ثم إن اختار غير من أصابته القرعة رد إليه، ولا يخير إلا إذا كان أبواه من أهل الحضانة، فإن كان أحدهما غير أهل وجب أن يحضنه الكفء، وقيل سبع سنين يكون عند صاحب الحق في الحضانة، وعلى الوجه المتقدم، فإذا زال عقل الصبي كان من حق أمه، أما الأنثى فإنها متى بلغت سبع سنين فأكثر كانت من حق أبيها - بلا كلام - إلى البلوغ، ثم إلى الزفاف ولو تبرعت الأم بحضانتها، لأن الغرض من الحضانة الحفظ، والأب أحفظ لعرضه وإذا كانت عند الأب، كانت عنده دائماً ليلاً ونهاراً، ولا تمنع أمها من زيارتها، وكذا إذا كانت عند الأم فإنها تكون عندها ليلاً ونهاراً، ولا يمنع الأب من زيارتها، وإن مرضت فالأم أحق بتمريضها في بيت الأب، بشرط أن لا يخلو الأب بها).
مبحث هل للحاضن أن يسافر بالمحضون؟
*-في جواز سفر الحاضن بالمحضون وعدمه، تفصيل المذاهب (1).
هل للحاضن أن يسافر بالمحضون عند الحنفية
(1) (الحنفية - قالوا: لهذه المسألة ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن تكون الحاضنة إما مطلقة وأن يكون الأب موجوداً وتريد الأم أن تنتقل بابنها إلى بلدة أخرى، وفي هذه الحالة لا يجوز لها الانتقال إلا بشرطين:
الشرط الأول: أن تكون مطلقة طلاقاً بائناً، أو طلاقاً رجعياً، وقد انقضت عدتها، أما إذا لم تنقض عدتها فإنها لا يجوز لها الانتقال ولا الخروج حتى تنقضي العدة.
الشرط الثاني: أن لا تكون البلدة التي تريد الانتقال إليها بعيدة ليس بينها وبين البلدة القائم بها أبوه تفاوت، بحيث يمكنه أن يزور ولده ويرجع في يومه، بصرف النظر عن سرعة المواصلات ويجوز لها أن تنتقل إلى بلدة بعيدة بشرطين:
أحدهما: أن يكون قد عقد عليها في هذا البلد.
ثانيهما: أن تكون هذه البلدة وطناً لها.
الصورة الثانية: أن يكون الأب موجوداً، وتكون الحاضنة غير الأم، فالجدة، والخالة، ونحوهما من الحاضنات، وهؤلاء لا يجوز لهن الانتقال بالولد المحضون عن البلدة التي بها أبوه بدون إذنه مطلقاً، لأنك قد عرفت أن الذي برر انتقال الأم إلى وطنها عقد الزوج عليها فيه، لأن رضاه بالعقد فيه، رضا بالإقامة، وكذا يمنع الأب من إخراج الولد من بلدة الأم ما دامت حضانتها قائمة، فإذا تزوجت غيره فللأب أن يسافر بابنه ما دامت متزوجة، فإذا عاد لها حقها رجع، وبعضهم يقول: لا يجوز له الخروج بولده إلا إذا انتهت مدة حضانتها.
الصورة الثالثة: أن يكون أبوه متوفى، وهي في عدة الوفاة، وفي هذه الحالة لا يجوز لها الخروج به إلا بإذن وليه الذي حل محل أبيه، أما بعد انقضاء عدتها فقد توقف المفتون في المسألة، وبعضهم قال: للأولياء منعها، والظاهر أنه ينبغي أن يترك الأمر في هذه الحالة لاجتهاد القاضي ليرى ما فيه مصلحة الصغير، فإن كان من مصلحته عدم الانتقال منعها، وإلا فلا.
هل للحاضن أن يسافر بالمحضون عند المالكية
المالكية - قالوا: ليس للحاضنة أن تسافر بالمحضون إلى بلدة أخرى ليس فيها أب المحضون أو وليه إلا بشروط:
الأول: أن تكون المسافة أقل من ستة برد، فإن كانت أقل فإنه يصح لها أن تستوطن فيها، ولا يسقط حقها في الحضانة، والبريد: أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال: فالمجموع - 72 ميلاً - وقدر الميل: بأربعة آلاف ذراع، بذراع الإنسان المعتدل، فللحاضنة أن تنتقل به إلى بلد دون ذلك، وليس له نزعه منها.
الثاني: أن يكون السفر للإقامة والاستيطان، كما ذكرنا، أما إذا كان للتجارة أو لقضاء حاجة، فإن لها أن تسافر به ولا يسقط حقها في الحضانة، بل تأخذه معها، وللولي أن يحلفها بأنها ما أرادت بالسفر الانتقال والاستيطان، وإنما أرادت سفر التجارة مثلاً، وإنما يصح أن تسافر به مسافة قليلة بشرط أن تكون الطريق مأمونة، وأن يكون المكان الذي تريد السفر إليه مأموناً، أما الولي، فإنه إذا أراد السفر من بلدة إلى بلدة أخرى ليقيم بها وينتقل إليها مستوطناً إياها، فإن له أن يأخذ المحضون من حاضنته، ولو كان طفلاً، متى قبل ثدي مرضعة غير حاضنته، ويسقط حق الحاضنة في الحضانة إلا إذا رضيت أن تسافر معه، فإن حضانتها لا تسقط بانتقاله، وإنما يكون له حق أخذ المحضون منها، ويسقط حقها في الحضانة بشرطين: أحدهما: أن يكون الولي قاصداً السفر إلى بلد تبعد عن بلد الحاضنة مسافة ستة برد فأكثر، أما إذا كانت دون ذلك فليس له أخذه منها، لأنه يمكنه أن يشرف على الصغير في هذه الحالة. الشرط الثاني: أن يكون قاصداً الانتقال والاستيطان، أما إذا كان قاصداً التجارة، ونحوها، فإنه لا يأخذه منها ولا يسقط حقها في الحضانة، ولها أن تحلفه على أنه أراد سفر الانتقال لا سفر التجارة.
هل للحاضن أن يسافر بالمحضون عند الشافعية
الشافعية - قالوا: إذا أراد الحاضن أو الولي سفراً لحاجة أو لتجارة، بقي الولد بيد المقيم حتى يرجع من سفره، ثم إن كان مميزاً يخير في البقاء مع أيهما شاء، على الوجه المتقدم، أما إذا أراد سفر نقلة واستيطان، فإن الولد يتبع العاصب من أب أو غيره، سواء كان مسافراً أو مقيماً، بشرط أن لا يكون ببلدة الحاضن عاصب آخر مقيم، وإلا خير الولد المميز في الإقامة مع أيهما شاء، ولا حق للعاصب المسافر في أخذه، مثلاً إذا انتقل الأب من بلدة الأم الحاضنة إلى بلدة أخرى ليقيم بها، ولكن جده لا يزال مقيماً مع الحاضنة فليس للأب أخذه معه، وكذا إذا كان جد وأخ وسافر الجد وأقام الأخ، أو سافر الأخ، وأقام العم فإنه يبقى مع المقيم، ويشترط للسفر بالصغير أن تكون الطريق مأمونة، وأن يكون المكان المسافر إليه مأموناً، وإلا فأمه أحق به.
هل للحاضن أن يسافر بالمحضون عند الحنابلة
الحنابلة - قالوا: إذا أراد أحد الأبوين السفر إلى بلدة أخرى، فإن الولد يبقى مع الأب، سواء كان هو المسافر أو المقيم، بشروط. أحدها: أن تكون المسافة بين البلدين مسافة قصر فأكثر. ثانيها: أن تكون الطريق مأمونة، وتكون البلدة المنقول إليها كذلك. ثالثها: أن يكون السفر سفر نقلة واستيطان، فإن كان لتجارة أو حج كان الولد من حق المقيم. رابعها: أن لا يريد بالسفر مضارة الآخر وانتزاع الولد من يده، فإن أراد ذلك فلا يجاب إلى طلبه، وإذا انتقلا جميعاً إلى بلدة واحدة فالأم باقية على حضانتها، وإذا أخذه الأب لافتراق بلدتين، ثم عادت الأم عادت لها الحضانة).
مبحث أجرة الحضانة
في أجرة الحضانة تفصيل المذاهب
أجرة الحضانة عند الحنفية
(1) (الحنفية - قالوا: أجرة الحضانة ثابتة للحاضنة، سواء كانت أماً أو غيرها، وهي غير أجرة الرضاع، وغير نفقة الولد، فيجب على الأب، أو من تجب عليه النفقة ثلاثة: أجرة الرضاع، وأجرة الحضانة، ونفقة الولد، فإذا كان للولد المحضون مال أخذه من ماله، وإلا فعلى من تجب عليه نفقته، كما ذكرنا، وهل تشمل أجرة الحضانة النفقة بجميع أنواعها، حتى المسكن أو لا مسكن لها؟ والجواب: أن الحاضنة إذا كان لها مسكن ويسكن الولد تبعاً لها، فلا يقدر لها أجرة مسكن، وإن لم يكن لها مسكن قدر لها أجرة مسكن، لأنها مضطرة إلى إيوائه وهذا هو الذي ينبغي العمل به، وإذا احتاج الصغير إلى خادم، فإنه يقضى له به على أبيه الموسر.
وإنما تثبت أجرة الحضانة للأم إذا لم تكن الزوجية قائمة، أو لم تكن معتدة، فإن كانت زوجة أو معتدة لأب الطفل فإنه لا حق لها في أجرة الرضاع، ولا في أجرة الحضانة، أما حال قيام الزوجية بينهما، فالأمر ظاهر، لأن نفقتها واجبة عليه بطبيعة الحال، وأما حال العدة فكذلك، لأن لها نفقة العدة، فهي في حكم الزوجة، فإذا انقضت عدتها كان لها الحق في طلب أجرة الحضانة، ولا تجب الأجرة على أبيه إلا إذا كان الطفل فقيراً لا مال له، وإلا فمن ماله.
هذا كله إذا لم يوجد متبرع يتبرع بحضانته مجاناً، فإن وجد متبرع، وكان أجنبياً عن الصغير، وكان للصغير مال، فإنه لا يعطى للأجنبي، ولكن يعطى لمن هو أهل للحضانة بأجرة المثل من ماله. أما إن كان المتبرع من أقارب الصغير، كالعمة مثلاً فإن الأم في هذه الحالة تخير بين إمساكه مجاناً، وبين أخذه منها وإعطائه لعمته لتحضنه مجاناً، إلا إذا كان الأب موسراً. ولا مال للصغير فإن الأم أوى بحضانته بالأجرة، أما إذا كان الأب معسراً، والصغير موسر، أو كان الأب موسراً، والصغير موسر، فإنه يعطى لعمته مجاناً، وذلك لأن نفقة أمه في هذه الحالة تكون من مال الصغير، وهو ضرر عليه، كما لا يخفى، وإذا امتنعت الأم عن حضانة الصغير، فهل تجبر على حضانته أو لا؟ والجواب: أنه إذا كان للصغير ذي رحم محرم صالح لحضانته غيرها لا تجبر على الصحيح، وإلا أجبرت، كي لا يضيع الولد، أما الأب فإنه يجبر على ضمه بعد بلوغ مدة الحضانة.
أجرة الحضانة عند المالكية
المالكية - قالوا: ليس للحاضن أجرة على الحضانة، سواء كانت أماً أو غيرها، بقطع النظر عن الحاضنة، فإنها إذا كانت فقيرة ولولدها المحضون مال فإنه ينفق عليها من مال ولدها لفقرها إلا للحضانة أما الولد المحضون فله على أبيه النفقة والكسوة والغطاء والفرش، والحاضنة تقبضه منه وتنفقه عليه، وليس له أن يقول لها: أرسليه ليأكل عندي ثم يعود، وتقدر النفقة على والده باجتهاد الحاكم حسب ما يراه مناسباً لحاله، كأن يقدر له شهرياً، أو كل جمعة، أو نحو ذلك، مما تقدم في باب النفقة، وهل للحاضنة السكنى؟ والجواب: أن الصحيح تقدير السكنى باجتهاد الحاكم، فينظر إلى حال الزوجين، فإن كانت موسرة، فلا سكنى لها على الأب، وإن كانت معسرة وجب عليه لها السكنى.
أجرة الحضانة عند الشافعية
الشافعية - قالوا: أجرة الحضانة ثابتة للحاضن حتى الأم، وهي غير أجرة الرضاع، فإذا كانت الأم هي المرضعة وطلبت الأجرة على الرضاع والحضانة أجيبت، ثم إن كان للصغير مال كانت الأجرة في ماله، وإلا فعلى الأب، أو من تلزمه نفقته، ويقدر لها كفايتها بحسب حاله.
أجرة الحضانة عند الحنابلة
الحنابلة - قالوا: للحاضنة طلب أجرة الحضانة، والأم أحق بحضانته ولو وجدت متبرعة تحضنه مجاناً، ولكن لا تجبر الأم على حضانة طفلها، وإذا استؤجرت امرأة للرضاع والحضانة لزماها بالعقد، وإن ذكر في العقد الرضاع لزمتها الحضانة تبعاً، وإن استؤجرت للحضانة لم يلزمها الرضاع، وإذا امتنعت الأم سقط حقها، وانتقل إلى غيرها، على الوجه المتقدم).