الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بها و تعدد المساجد التي تقام فيها الجمعة
كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري
محتويات
- تعدد المساجد التي تقام فيها الجمعة
- تعدد المساجد التي تقام فيها عند الشافعية
- تعدد المساجد التي تقام فيها عند المالكية
- تعدد المساجد التي تقام فيها عند الحنابلة
- تعدد المساجد التي تقام فيها عند الحنفية
- هل تصح صلاة الجمعة في الفضاء؟
- صلاة الجمعة في الفضاء عند المالكية
- صلاة الجمعة في الفضاء عند الحنابلة
- صلاة الجمعة في الفضاء عند الشافعية
- صلاة الجمعة في الفضاء عند الحنفية
- الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بها
- الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بها عند لمالكية
- الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بها عند الحنفية
- الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بها عندالشافعية
- لجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بها عند الحنابلة
- االعودة إلي كتاب الصلاة
- االعودة إلي كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري
تعدد المساجد التي تقام فيها الجمعة
* الغرض من صلاة الجمعة هو أن يجتمع الناس في مكان واحد خاشعين لربهم، فتتوثق بينهم روابط الإلفة، وتقوى صلات المحبة، وتحيا في أنفسهم عاطفة الرحمة والرفق، وتموت عوامل البغضاء والحقد، وكل منهم ينظر إلى الآخر نظرة المودة والإخاء، فيعين قويهم ضعيفهم، ويساعد غينيهم فقيرهم، ويرحم كبيرهم صغيرهم، ويوقر صغيرهم كبيرهم، ويشعرون جميعاً بأنهم عبيد اللّه وحده، وأنه هو الغني الحميد، ذو السلطان القاهر، والعظمة التي لا حد لها.
ذلك بعض أغراض الشريعة الإسلامية من حيث الناس على الاجتماع في العبادة؛ ومما لا ريب فيه أن تعدد المساجد لغير حاجة يذهب بهذه المعاني السامية، لأن المسلمين يتفرقون في المساجد. فلا يشعرون بفائدة الاجتماع، ولا تتأثر أنفسهم بعظمة الخالق الذي يجتمعون لعبادته خاضعين متذللين، فمن أجل ذلك قال بعض الأئمة: إذا تعددت المساجد لغير حاجة فإن الجمعة لا تصح إلا لمن سبق بها في هذه
المساجد، فمن سبق بيقين كانت الجمعة له، وأما غيره فإنه يصليها ظهراً، وإليك بيان آراء المذاهب في هذا الموضوع تحت الخط
تعدد المساجد التي تقام فيها عند الشافعية
(الشافعية قالوا: إما أن تتعدد الأمكنة التي تقام فيها الجمعة لغير حاجة إلى هذا التعدد، أو تتعدد لحاجة، كأن يضيق المسجد الواحد عن أهل البلدة، فإذا تعددت المساجد أو الأمكنة التي تقام فيها الجمعة لغير حاجة كانت الجمعة لمن سبق بالصلاة، بشرط أن يثبت يقيناً أن الجماعة التي صلت في هذا المكان سبقت غيرها بتكبيرة الإحرام، أما إذا لم يثبت ذلك، بل ثبت أنهم صلوا جميعاً في وقت واحد، بأن كبروا تكبيرة الإحرام معاً، أو وقع شك في أنهم كبروا معاً، أو سبق أحدهم بالتكبير فإن صلاتهم تبطل جميعاً، وفي هذه الحالة يجب عليهم أن يجتمعوا معاً، ويعيدوها جمعة إن أمكن ذلك، وإن لم يمكن صلوها ظهراً. أما إذا تعددت لحاجة، فإن الجمعة تصح في جميعها، ولكن يندب أن يصلوا الظهر بعد الجمعة.
تعدد المساجد التي تقام فيها عند المالكية
المالكية قالوا: إذا تعددت المساجد في بلد واحد، فإن الجمعة لا تصح إلا في أول مسجد أقيمت فيه الجمعة من البلد، ولو كان بناءه متأخراً، مثلاً إذا كان في البلد - زوايا - لم تقم فيها الجمعة، ثم بني مسجد أقيمت فيه الجمعة، ثم بني بعده مسجد آخر أقيمت فيه الجمعة، فإن الجمعة لا تصح إلا في المسجد الذي أقيمت فيه الجمعة أولاً، ولكن هذا الحكم عندهم مشروط بأربعة شروط: أحدها: أن لا يهجر القديم بالصلاة في الجديد، بأن يترك الناس الصلاة في القديم رغبة في الجديد بدون عذر؛ ثانيها: أن يكون القديم ضيقاً، ولا يمكن توسعته، فيحتاج الناس إلى الجديد، - والمسجد الضيق هو الذي لا يسع من يغلب حضورهم الجمعة وإن لم تكن واجبة عليهم - ، ثالثها: أن لا يخشى من اجتماع أهل البلدة في مسجد واحد حدوث فتنة أو فساد، كما إذا كان بالبلدة أسرتان متنافستان إحداهما شرقي البلد، والثانية غربيها، فإنه يصح لكل منهما أن تتخذ لها مسجداً خاصاً؛ رابعها: أن لا يحكم حاكم بصحتها في المسجد الجديد.
تعدد المساجد التي تقام فيها عند الحنابلة
الحنابلة قالوا: تعدد الأماكن التي تقام فيها الجمعة في البلد الواحد إما أن يكون لحاجة أو لغير حاجة، فإن كان لحاجة، كضيق مساجد البلد عمن تصح منهم الجمعة، وإن لم تجب عليهم، وإن لم يصلوا فعلاً - فإنه يجوز، وتصح الجمعة، سواء أذن فيها ولي الأمر، أو لم يأذن، وفي هذه الحالة يكون الأولى أن يصلي الظهر بعدها، أما إن كان التعدد لغير حاجة، فإن الجمعة لا تصح إلا في المكان الذي أذن بإقامتها فيه ولي الأمر، ولا تصح في غيره حتى ولو سبقت، وإذا أذن ولي الأمر بإقامتها في مساجد متعددة لغير حاجة، أو لم يأذن أصلاً، فالصحيحة منها ما سقت غيرها بتكبيرة الإحرام، فإن وقعت الصلاة في وقت واحد، بأن كبروا تكبيرة الإحرام معاً بطلت صلاة الجميع إن تيقنوا ذلك، ثم إذا أمكن إعادتها جمعة أعادوها، وإلا صلوها ظهراً، أما إذا لم تعلم الجمعة السابقة، فإن الجمعة تصح في واحد غير معين، فلا تعاد جمعة، ولكن يجب على الجميع أن يصلوا ظهراً.
تعدد المساجد التي تقام فيها عند الحنفية
الحنفية قالوا: تعدد الأماكن التي تصح فيها الجمعة لا يضر، ولو سبق أحدها الآخر في الصلاة على الصحيح، ولكن إذا علم يقيناً من يصلي الجمعة في مسجد أن غيره سبقه من المصلين في المساجد الأخرى، فإنه يجب عليه أن يصلي أربع ركعات بنية آخر ظهر بتسليمة واحدة، والأفضل أن يصليها في منزله حتى لا يعتقد العامة أنها فرض، وقد عرفت أن الواجب عند الحنفية أقل من الفرض، وإن شئت قلت: إنه سنة مؤكدة. أما إذا شك في أن غيره سبقه فإنه يندب له أن يصلي أربع ركعات بنية آخر ظهر فقط، وعليه أن يقرأ في كل ركعة سورة أو ثلاث آيات قصار، لاحتمال أن تكون هذه الصلاة نافلة، وقد تقدم أن قراءة السورة ونحوها واجبة في جميع ركعات النفل، وهل يصلي الركعات الأربع المذكورة قبل صلاة أربع ركعات سنة الجمعة أو بعدها؟ والجواب: يصليها بعدها فإذا صلاها قبلها فقد خالف الأولى والأمر في ذلك سهل، وعلى هذا يطلب ممن يصلي الجمعة أن يصلي بعدها أربع ركعات سنة الجمعة، ثم يصلي بعدها أربع ركعات بنية آخر ظهر، على الوجه المتقدم، ثم يصلي بعدها ركعتين سنة وقت الظهر كما تقدم في السنن).
هل تصح صلاة الجمعة في الفضاء؟
اتفق ثلاثة من الأئمة على جواز صحة الجمعة في الفضاء، وقال المالكية: لا تصح إلا في المسجد وقد ذكرنا بيان المذاهب تحت الخط
صلاة الجمعة في الفضاء عند المالكية
(المالكية قالوا: لا تصح الجمعة في البيوت ولا في الفضاء، بل لا بد أن تؤدي في الجامع.
صلاة الجمعة في الفضاء عند الحنابلة
الحنابلة قالوا: تصح الجمعة في الفضاء إذا كان قريباً من البناء، ويعتبر القرب بحسب العرف فإن لم يكن قريباً فلا تصح الصلاة، وإذا صلى الإمام في الصحراء استخلف من يصلي بالضعاف.
صلاة الجمعة في الفضاء عند الشافعية
الشافعية قالوا: تصح الجمعة في الفضاء إذا كان قريباً من البناء، وحد القرب عندهم المكان الذي لا يصح فيه للمسافر أن يقصر الصلاة متى وصل عنده، وسيأتي تفصيله في مباحص "قصر الصلاة" ومثل الفضاء الخندق الموجود داخل سور البلد إن كان لها سور.
صلاة الجمعة في الفضاء عند الحنفية
الحنفية قالوا: لا يشترط لصحة الجمعة أن تكون في المسجد، بل تصح في الفضاء، بشرط أن لا يبعد عن المصر بأكثر من فرسخ، وأن يأذن الإمام بإقامة الجمعة فيه، كما تقدم في الشروط).
الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بها
* اتفق الأئمة على أن الجمعة لا تصح إلا بجماعة، ولكنهم اختلفوا في عدد الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بهم، كما اختلفوا في شروط هذه الجماعة، وقد ذكرنا آراء المذاهب تحت الخط
الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بها عند لمالكية
(المالكية قالوا: أقل الجماعة التي تنعقد بها الجمعة اثنا عشر رجلاً غير الإمام، ويشترط فيهم شروط: أحدها: أن يكونوا ممن تجب عليهم الجمعة، فلا يصح أن يكون منهم عبد أو صبي أو امرأة، الثاني: أن يكونوا متوطنين، فلا يصح أن يكون منهم مقيم ببلد الجمعة لتجارة مثلاً أو مسافر نوى الإقامة أربعة أيام، الثالث: أن يحضروا من أول الخطبتين إلى تمام الصلاة، فلو بطلت صلاة واحد منهم، ولو بعد سلام الإمام، وقبل سلامه هو، فسدت الجمعة على الجميع؛ الرابع أن يكونوا مالكيين أو حنفيين، فإن كانوا من الشافعية أو الحنابلة الذين يشترطون أن يكون عدد الجماعة أربعين، فلا تنعقد الجمعة بهم إلا إذا قلدوا مالكاً أو أبا حنيفة، ولا يلزم عند إقامة أول جمعة في قرية حضور أهل القرية كلهم، بل يكفي حضور الاثني عشر على الراجح؛ ويشترط في الإمام أن يكون ممن تجب عليه الجمعة ولو كان مسافراً نوى الإقامة أربعة أيام، لكن بشرط أن تكون الإقامة بغير قصد الخطبة، فإن أقام بقصد الخطبة فلا يصح أن يكون إماماً.
الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بها عند الحنفية
الحنفية قالوا: يشترط في الجماعة التي تصح بها الجمعة أن تكون بثلاثة غير الإمام، وإن لم يحضروا الخطبة، فلو خطب بحضور واحد، ثم انصرف قبل الصلاة وحضر ثلاثة رجال بعد ذلك وصلى بهم صحت من غير أن يعيد عليهم الخطبة، ويشترط فيها أن يكونوا رجالاً ولو كانوا عبيداً أو مرضى أو مسافرين أو أميين أو بهم صمم، لأنهم يصلحون للإمامة في الجمعة، إما لكل أحد، وإما لمثلهم في الأمي والأخرس بعد أن يخطب واحد غيرهم، إذ لا يشترط أن يكون الخطيب هو إمام الجمعة، فصلاحيتهم للابتداء لغيرهم أولى، بخلاف النساء أو الصبيان، فإن الجماعة في الجمعة لا تصح بهم وحدهم لعدم صلاحيتهم للإمامة بمثلهم فيها ويشترط أن يستمروا مع الإمام حتى يسجد السجدة الأولى. فإن تركوه بعد ذلك بطلت صلاتهم وحدهم وأتمها هو جمعة، وإن تركوه قبل أن يسجد بطلت صلاة الجميع عند أبي حنيفة؛ ويشترط في الإمام أن يكون ولي الأمر الذي ليس فوقه ولي أو من يأذنه بإقامة الجمعة، وهذا شرط في صحة الجمعة، فلو لم يكن الإمام ولي الأمر أو نائبه لم تنعقد الجمعة وصلاها الناس ظهراً، ويجوز لمن أذنه الإمام بإقامة الجمعة أن ينيب غيره، وأن يصرح له بذلك.
الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بها عندالشافعية
الشافعية قالوا: يشترط في الجماعة التي تصح بها الجمعة أمور: أحدها: أن يكونوا اربعين ولو بالإمام، فلا تنعقد الجمعة بأقل من ذلك؛ فإن نقص العدد عن ذلك جاز تقليد إمام لا يشترط ذلك العدد بشرط أن يحترز المقلد عن التلفيق، كأن يكون في طهارته موافقاً لذلك المذهب؛ ويشترط فيهم أن يكونوا ممن تنعقد بهم الجمعة، بأن يكونوا أحراراً ذكوراً مكلفين متوطنين بمحل واحد، فلا تنعقد بالعبيد والنساء والصبيان والمسافرين، وأن يستمروا مع الإمام في صلاة صحيحة مغنية عن القضاء، بحيث لا تلزمهم إعادتها لعذر إلى أن تنتهي الركعة الأولى، أما الركعة الثانية فلا يشترط فيها بقاء الجماعة، بمعنى أنهم لو نووا مفارقة الإمام فيها وأتموا صلاتهم لأنفسهم صحت جمعتهم، وكذلك الإمام إذا نوى مفارقتهم فيها وأتم لنفسه. أما إذا فسدت صلاة واحد منهم قبل سلام الإمام أو بعده فإن صلاة الجمعة تبطل على الجميع، لأنه يشترط دوام العدد إلى تمامها، فإن أمكنهم إعادتها جمعة لاتساع الوقت وجبت وإلا صلوها ظهراً؛ ويشترط أيضاً أن يفتتح المقتدون صلاتهم عقب افتتاح الإمام صلاته بدون أن يتأخروا عنه زمناً لا يسع قراءة الفاتحة والركوع قبل رفعه من الركوع، فلو تأخروا عن تكبيرة الإمام حتى صار الزمن الذي بين تكبيرهم للإحرام ورفع الإمام من الركوع لا يسع قراءة الفاتحة والركوع لم تنعقد الجمعة، أما الإمام فإن كان من الأربعين فإنه يشترط فيه أن يستكمل الشروط التي شرطت في المقتدين. وإن كان زائداً عن الأربعين صح أن يكون صبياً أو عبداً أو مسافراً؛ ويشترط أن ينوي الإمام الإمامة وإن كان صبياً أو عبداً أو مسافراً؛ وكذا يشترط في المقتدين أو ينووا الاقتداء. فإن لم ينو الإمام أو المقتدون ذلك لم تنعقد، ويشترط أيضاً بقاء العدد كاملاً من أول الخطبة إلى انتهاء الصلاة.
الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بها عند الحنابلة
الحنابلة قالوا: يشترط في جماعة الجمعة شروط: 1 - أن لا يقل عددهم عن أربعين، ولو بإمام.
2 - أن يكونوا ممن تجب عليهم الجمعة بأنفسهم، وهم الأحرار الذكور البالغون المستوطنون بالمحل الذي يصح أن تقام فيه الجمعة، وهو البلد المبني بناء معتاداً، فلا يصح أن يكون من جماعة الجمعة رقيق ولا أنثى ولا صبي ولا مسافر ولا مقيم غير مستوطن ولا مستوطن بمحل خارج عن بلد الجمعة وإن وجبت عليه تبعاً، كما تقدم.
3 - أن يكونوا قد حضروا الخطبة والصلاة ولا يشترط أن يحضروا جميع الصلاة. فلو حضر الأربعون جميع الخطبة وبعض الصلاة ثم انصرفوا بعد مجيء بدلهم صحت، أما لو نقص العدد عن الأربعين في أثناء الصلاة قبل حضور ما يكمله، فإنه تبطل. وتجب إعادتها جمعة إن أمكن؛ ثم نقص عدد الأربعين حتى صاروا اثني عشر. فإن الصلاة لا تبطل عليهم، ويجب على الإمام أن يستخلف منهم من يتم بهم صلاتهم. أما هو فصلاته باطلة حيث كان مذهبه يشترط الأربعين؛ فإن كان المأمومون يرون أنه لا بد من أربعين والإمام لا يرى ذلك، ثم نقص عددهم عن الأربعين قبل حضور ما يتم به العدد المذكور، فإن الصلاة تبطل على الجميع