كتاب بغية المسترشدين باعلوي الحضرمي علي المذهب الشافعي
محتويات
- كتاب البيع
- ما يحرم من المعاملات وما يكره
- الربا
- قبض المبيع والاستبدال
- بيع الأصول والثمار
- معاملة الرقيق
- اختلاف المتعاقدين
- العهدة
- السلم والقرض
- الرهن
- تعلق الدين بالتركة
- التفليس
- الحجر
- وليّ المحجور
- الصلح
- االعودة إلي كتاب بغية المسترشدين باعلوي الحضرمي
كتاب البيع
[فائدة]: تنقسم العقود ثلاثة أقسام: جائزة من الطرفين، ولازمة منهما، وجائزة من طرف لازمة من الآخر. وقد نظم الكل بعضهم فقال:
من العقود جائز ثمانيه ** وكالة وديعة وعاريه
وهبة من قبل قبض وكذا ** ك شركة جمالة قراضيه
ثم السباق ختمها ولازم ** من العقود مثلها وهاهيه
إجارة خلع مساقاة كذا ** وصية بيع نكاح الغانيه
والصلح أيضاً والحوالة التي ** تنقل ما في ذمة لثانيه
وخمسة لازمة من جهة ** وهي ضمان جزية أمانيه
كتابة وهي الختام يا فتى ** فاسمع بأذن للصواب واعيه
وذكر ذلك أحمد الرملي في شرح الزبد، وزاد على الأوّل الوصاية والقضاء، وعلى الثاني الهبة بعد القبض لغير الفرع والمزارعة والسلم والمأخوذ بالشفعة والوقف والصداق والعتق على العوض، وعلى الثالث هبة الأصل لفرعه والهدنة والإمامة اهـ.
[فائدة]: قال في القلائد: نقل أبو فضل في شرح القواعد عن الجوري الإجماع على جواز إرسال الصبي لقضاء الحوائج الحقيرة وشرائها، وعليه عمل الناس بغير نكير، ونقل في المجموع صحة بيعه وشرائه الشيء اليسير عن أحمد وإسحاق بغير إذن وليه وبإذنه حتى في الكثير عنهما، وعن الثوري وأبي حنيفة، وعنه رواية ولو بغير إذنه، ويوقف على إجازته، وذاكرت بذلك بعض المفتين فقال: إنما هو في أحكام الدنيا، أما الآخرة إذا اتصل بقدر حقه بلا غبن فلا مطالبة اهـ.
(مسألة: ج): اشترى طعاماً كثيراً وأمتعة من غير صيغة بيع لا صريح ولا كناية جاز ذلك عند من جوّز بيع المعاطاة ولا إثم، وعلى المذهب يحرم ويطالب به في الدنيا لا في الآخرة على الأصح.
[فائدة]: الاستجرار وهو أخذ الشيء شيئاً فشيئاً في أوقات، إن كان مع تقدير الثمن كل مرة ففيه خلاف المعاطاة، وإلا فباطل قطعاً على ما قاله النووي، اهـ إتحاف شرح المنهاج.
(مسألة: ك): قال البائع: بعتك لموكلك، فقال: اشتريت لنفسي لم يصح، كما لو قال: بعتك أو وهبتك، وأراد البيع أو الهبة لنفسه فقال: قبلت لموكلي لعدم المطابقة خلافاً لشرح الروض، بخلاف ما لو قال: بعتك ونوى الموكل، فقال: قبلت لموكلي أو لفلان فلا يضر إن كان وكيلاً عنه وإلا لم يصح وإن أجازه فلان لأنه عقد فضولي.
(مسألة: ي): لا يصح بيع نحو الكتب والثياب والأواني المكتوب فيها قرآن أو اسم معظم أو علم شرعي ولو معلقاً في تميمة لكافر، وإن تحقق احترامه له اتفاقاً، وكالبيع نحو النذر والهبة من كل تملك اختياراً، نعم تجوز معاملته بالدراهم المكتوب عليها ذلك، وكذا بيع البيوت المكتوب على سقفها شيء من ذلك، قال في الإمداد و (م ر) خلافاً للتحفة: أما بيعها للمسلم فيحل مطلقاً، نعم إن ظن أنه لا يصونها عن النجاسة حرم لإعانته على معصية أو لا يحترمها كإدخالها الخلاء كره.
[فائدة]: يستثنى من شرط الرؤية في المبيع فقاع الكوز فيصح بيعه وإن لم يره لأنه من مصالحه كما في التحفة، قال بج هو بضم الفاء يباع في قناني القزاز ويسد فمها خوفاً من حموضته، وسمي بذلك لأن الرغوة التي تخرج من فم الكوز تسمى فقاعاً، وفي القاموس: الفقاع كرمان هو الذي يشرب وهو ما يتخذ من الزبيب، فيكون من تسمية الكل باسم جزئه، وذلك الزبيب يسمى بالفقاع اهـ ع ش.
(مسألة: ب): لا يصح بيع غائب لم يره المتعاقدان أو أحدهما كبيع حصته في مشترك لم يعلم كم هو، فطريقه أن يبيعه الكل، أي إن كان معلوماً بكل الثمن فيصح في حصته بحصتها من الثمن، وطريق تمليك المجهول المناذرة ونحوها، وفي قول يصح بيع المجهول، وبه قال الأئمة الثلاثة، وحيث قلنا بالبطلان فالمقبوض به كالمغصوب، ولا يخفى ما يترتب عليه من التفريع والحرج، فالأولى بالعالم إذا أتاه العوام في مثل ذلك أن يشدّ النكير فيما أقبل ويرشدهم إلى التقليد في الماضي، إذ العاميّ لا مذهب له، بل إذا وافق قولاً صحيحاً صحت عبادته ومعاملته، وإن لم يعلم عين قائله كما مر في المقدّمة، بل هو المتعين في هذا الزمان كما لا يخفى اهـ. قلت: وقوله فطريقه أن يبيعه الخ اعتمد صحة ذلك في الإمداد و (م ر) وابن زياد تبعاً للقفال والروياني، وخالفهم في التحفة وابن مخرمة قالا لعدم العلم بالحصة حينئذ.
[فائدة]: باع أرضاً بحقها من السقي جاز، وكذا لو باع بعضها بحقه فيصح أيضاً، كما لو باعها معه لاثنين ويملك المشتريان كله كما لو كان للبائع، ومثله الممرّ ونحوه، ويغتفر الجهل بالحقوق حالة البيع، قاله الردّاد عن الرافعي اهـ قلائد. وصيغة دخول الأنموذج في المبيع أن يقول: بعتك البر الذي عندي مع الأنموذج اهـ بج. وقال زي: وقولهم وفي السفينة رؤية جميعها أي حتى ما في الماء منها كما شمله كلامهم، لأن بقاءها فيه ليس من مصلحتها، وهذا ما تعم به البلوى، فتباع السفينة وبعضها مستور بالمياه اهـ.
(مسألة: ب ك): لا يصح بيع الماء وحده من نحو بئر ونهر، فإن وقع البيع على قراره أو بعضه شائعاً صحّ، ولا تشترط رؤية ما تحت الأرض من المنبع والقرار لتعذره كأساس الدار، لكن لا بد من اشتراط دخول الماء الموجود حال العقد، إذ لا يدخل في مطلق البيع مع اختلاطه بالحادث فيؤدي إلى الجهالة والنزاع، وحكم ما إذا باعه ساعة أو ساعتين مثلاً من قرار العين أنهما إن أرادا مدلوله الحقيقي مع تقدير ما بطل أو جزءاً معيناً في محل البيع أو المجرى المملوك صح، كما لو لم يريدا شيئاً، واطرد في عرفهما التعبير بالساعة في مثل هذا التركيب عن الجزء المعين من القرار المملوك، وكذا إن لم يطرد على الراجح كما قاله ابن حجر قال: والحاصل أنه لا يصح بيع الماء من نحو بئر أو نهر وحده مطلقاً للجهل به، وأن محل نبع الماء إن ملك ووقع البيع على قراره أو بعض منه معين صحّ ودخل كل الماء أو ما يخص ذلك المعين، وإن لم يملك المحل بل ما يصل إليه لم يصح بيع الماء لأنه غير مملوك لصاحب الأرض، ولهذا إذا خرج من أرضه كان على إباحته، وإذا باع القرار لم يدخل الماء الذي هو مملوك له، وإنما يدخل استحقاق الأرض المسمى بالشرب.
(مسألة: ش): اشترى أثواباً وأجل ثمنها إلى جزير الحوير ثم خلطها بما لا يتميز، فإن جرى ذكر الأجل في صلب العقد أبطله، وحينئذ يلزم المشتري أقصى قيم الأثواب من القبض إلى الخلط إذ المقبوض ببيع فاسد كمغصوب، وإن لم يجر في صلبه لم يؤثر ولزمه الثمن المعقود عليه أي حالاً.
(مسألة: ك): حيث كانت الفلوس رائجة مضبوطة لم يشترط إلا ذكر العدد لا غير، فلو قال: بعتك هذه الدراهم بعشرين غازية محمدية صح، ولا فرق بين أن تكون ثمناً أو مثمناً، فإن كانت الغوازي فضة تعينت أن تكون هي الثمن هنا لدخول الباء عليها، كما لو قلنا بالمعنى المجازي وهو دخول الفلوس في مطلق النقد.
(مسألة: ش): اشترى بفلوس ثم قبل قبضها زاد السلطان في حسابها أو نقص لم يلزمه إلا عدد الفلوس المعقود عليها ولا عبرة بما حدث، بل وإن نقصت قيمتها إلى الغاية ما لم تصر إلى حدّ لا تعدّ عرفاً أنها من تلك الفلوس التي كان يتعامل بها فلا يجب قبولها حينئذ، ولو فقدت الفلوس فقيمتها يوم الطلب إن كان لها قيمة حينئذ أيضاً وإلا فقبله، والقول قول الغارم حيث لا بينة أو تعارضتا وكالبيع نحو القرض.
(مسألة: ي): باع ماله ومال أولاد أخيه، فإن أقام هو أو وارثه أو المشتري بينة برشادة البائع عليهم واحتياجهم لبيع المال وأنه بثمن مثله يوم البيع صح في الكل، وإلا حلف كل من أولاد الأخ على نفي العلم بذلك، وردت الحصة إليهم ورجع المشتري على بائعه بالثمن.
(مسألة): باع المشترك بينه وبين أخيه المحجور، ثم تناذر هو والمشتري في حصة البائع فقط بحصته من الثمن المنذور به، وإن حضر المحجور وأجاز لإلغاء عبارته، بل لو كان كاملاً وحضر ولم يصدر منه رضا لم يصح في حصته إذ لا ينسب لساكت كلام، نعم إن كان له ولاية على المحجور وباعه لحاجته بثمن المثل صح في الكل.
(مسألة): باع حصناً مشتركاً بينه وبين ابنه المتوفي، فإن كان وارثاً حائزاً لتركة ابنه صح في الكل بكل الثمن، سواء قال: بعتك كل الحصن أو أطلق، وإن لم يكن حائزاً صح في حصته مع ما ورثه بحصة ذلك من الثمن، نعم لو كان على الابن دين ولم يملك المشتري الحصة المذكورة من الوصي أو الوارث ثم الحاكم لم يصح إلا في حصة الأب فقط، فإن ملكها كذلك صح في الجميع إن بيعت لقضاء الدين.
(مسألة: ي): عامل غيره بنحو بيع بشرط أن لا تتوجه عليه دعوى بمعنى أنه إن ثبت لأحد حق فيما عامله به لا يرجع عليه فيما أخذ منه بطلت المعاملة إن وقع الشرط في صلب العقد أو زمن الخيار، لا إن وقع خارجها عنهما فتصحّ ويلغى الشرط فللمشتري الرجوع إذا بان مستحقاً.
ما يحرم من المعاملات وما يكره
(مسألة: ي): كل معاملة كبيع وهبة ونذر وصدقة لشيء يستعمل في مباح وغيره، فإن علم أو ظنّ أن آخذه يستعمله في مباح كأخذ الحرير لمن يحل له، والعنب للأكل، والعبد للخدمة، والسلاح للجهاد والذب عن النفس، والأفيون والحشيشة للدواء والرفق حلت هذه المعاملة بلا كراهة، وإن ظن أنه يستعمله في حرام كالحرير للبالغ، ونحو العنب للسكر، والرقيق للفاحشة، والسلاح لقطع الطريق والظلم، والأفيون والحشيشة وجوزة الطيب لاستعمال المخذِّر حرمت هذه المعاملة، وإن شكّ ولا قرينة كرهت، وتصحّ المعاملة في الثلاث، لكن المأخوذ في مسألة الحرمة شبهته قوية، وفي مسألة الكراهة أخف.
(مسألة: ب): يحرم بيع التنباك ممن يشربه أو يسقيه غيره، ويصح لأنه مال كبيع السيف، ونحو الرصاص والبارود من قاطع الطريق، والأمرد لمن عرف بالفجور، والعنب ممن يتخذه خمراً ولو ظناً، فينبغي لكل متدين أن يجتنب الاتجار في ذلك، ويكره ثمنه كراهة شديدة. أما بيع آلة الحرب من الحربي فباطل، ويجوز خلط الطعام الرديء بالطعام الجيد إن كان ظاهراً يعلمه المشتري، وليس ذلك من الغشّ المحرم، وإن كان الأولى اجتنابه، إذ ضابط الغشّ أن يعلم ذو السلعة فيها شيئاً لو اطلع عليه مريدها لم يأخذها بذلك المقابل فيجب إعلامه حينئذ.
(مسألة): ظاهر كلام ابن حجر و (م ر) حرمة التفريق بين الجارية وولدها قبل التمييز بغير العتق والوصية من كل تصرف مع البطلان، وقال أبو مخرمة: يحرم النذر كالوقف بولد الجارية ويصحان، فعلى الأوّل لو نذرت له امرأة ببنت جارية قبل التمييز فوطئها أثم وعزر إن علم الحال ولزمه مهرها وضمنها ضمان غصب ولا يرجع بنفقتها وإن جهل الحكم لأنه المورّط لنفسه، وعلى الثاني لا يلزمه شيء، نعم لو ادعى النذر وادعت الإعطاء ولا بينة صدقت ولزمه ما ذكر على كلا القولين والأَولى في مثل هذه الصلح (مسألة: ش): لا يحرم التفريق بين الجارية وولدها بعد التمييز بل يكره، أما قبله فلا يصح البيع، ويأثم كل من البائع والمشتري إن علما الحال.
(مسألة: ب ك): مذهب الشافعي كالجمهور جواز معاملة من أكثر ماله حرام كالمتعاملين بالربا، ومن لا يورّث البنات من المسلمين مع الكراهة، وتشتدّ مع كثرة الحرام، وتركها من الورع المهم، زاد ب: قال ابن مطيران: من لم يعرف له مال وإن عهد بالظلم إذا وجد تحت يده مال لا يقال إنه من الحرام غايته أن يكون أكثر ماله حراماً ومعاملته جائزة ما لم يتيقن أنه من الحرام، ومثل ذلك شراء نحو المطعومات من الأسواق التي الغالب فيها الحرام بسبب فساد المعاملات وإهمال شروطها، وكثرة الربا والنهب والظلم، ولا حرمة في ذلك، وقد حقق ذلك الإمام السمهودي في شفاء الأشواق وغيره من الأئمة، وحكموا على مقالة الحجة الغزالي بالشذوذ، حيث رجح عدم جواز معاملة من أكثر ماله حرام اهـ. وزاد ك: وفي اجتناب الشبهة أثر عظيم في تنوير القلب وصلاحه، كما أن تناولها يكسب إظلامه وإليه يشير قوله : "ألا وإن في الجسد مضغة": الخ،
ولهذا كان الأرجح أن لمن بيده مال في بعضه شبهة أن يصرف لقوته ما لا شبهة فيه، ويجعل الآخر لنحو كسوة إن لم يف الأول بالجميع، وقد نقل الإمام الشعراني عن الدقاق أنه قال: عطشت يوماً في البادية فاستقبلني جندي بشربة فعادت قساوتها علي ثلاثين سنة اهـ. قلت: ووافق الإمام الغزالي في حرمة معاملة من أكثر ماله حرام الإمام النووي في شرح مسلم، والقطب عبد الله الحداد، نقل ذلك جعيدة علوي بن أحمد عنهما، ومن أثناء جواب للعلامة أحمد حسن الحداد بعد كلام طويل قال: وظهر من هذه الأصول والدلائل أن ما يأتي به أهل البوادي من سمن وغنم وغير ذلك يحل شراؤه منهم، ولا يتطرق إليه احتمال الحرمة، لأن اليد دلالة ظاهرة على الملك، والذي يختلط بأموالهم من النهب ونحوه ليس هو الأكثر بالنسبة إلى بقية أموالهم وطريق الفتوى غير الورع اهـ.
[فائدة]: يصح بيع المصادرة من جهة ظالم، أي كأن يترهبه سلطان لأخذ ماله فيبيع ماله لأجله لدفع الأذى الذي ناله إذ لا إكراه فيه، ومقصود من صادره حصول المال من أي جهة كان اهـ أسنى وقيده في العباب بما إذا كان له طريق سواه.
الربا
(مسألة: ب): هل يختص إثم الربا بالمقرض الجارّ لنفسه نفعاً أو يعم المقترض، فيه خلاف في فتح المعين، وأما قرض السلطان دراهم إلى أجل ثم يردها للمقرض مع زيادة، فإن كان رده للزيادة بلا شرط أو بتمليكه إياها بنحو نذر أو هبة، أو كان الآخذ له حق في بيت المال فأخذها ظفراً ونحوه فحلال وإلا فلا.
(مسألة: ك): لا تجوز معاملة الكفار بالربا، ولا تعاطيه منهم مطلقاً كالمسلمين لأنه كما قيل: لم يحلّ في شريعة قط، وتعاطي الكسب الأدنى أهون من الريا، لأنه كسب محرّم لا يليق تعاطيه بأحد أبداً.
(مسألة): التمر كله جنس وإن اختلف أنواعه وبلاده، والبر مثله، والذرة كذلك، ولا عبرة باختلاف الألوان، فحينئذ لو باع خمسة مكاييل ذرة حمراء بخمسة بيضاء إلى أجل لم يصح، إذ الشرط فيما إذا اتفق الجنس الحلول والتقابض والمماثلة كما هو معلوم.
[فائدة]: من المطعوم ما يؤكل مع غيره كالفلفل والقرفة وسائر التوابل أي الأبازير، أو للتداوي كالزعفران أو المصطكي واللبان والأهليلج والزنجبيل وبزر الفجل والبصل، وأدهان البنفسج والورد واللبان والخروع وهو الجار عندنا، والطين الأرمني لا الخراساني ولا المالح، والخروع نفسه والورد وماؤه والصمغ، وأطراف قضبان العنب وإن أكلت رطبة، ولا مسك وعنبر وعود، ولا مسوس حب ذهب لبه، ولا قشر لا يؤكل بهيئته كقشر البن، كما أفتى به ابن حجر الثاني ولا نخالة اهـ قلائد.
(مسألة: ك): الفرق بين الصحيح والمكسر أن الصحيح هو المضروب، والمكسر قطعة نقر مضروب قطعت بالقراض أجزاء معلومة، أما نحو الأرباع فهي نقود صحيحة، وأما نحو المقاصيص والذهب المشعور والمكسر فالعقد بها باطل للجهل بقيمتها.
(مسألة: ك): يشترط في بيع الذهب بالذهب والفضة كذلك الحلول والتقابض والمماثلة، فلو باع صابوناً بنقد لم يشترط شيء من ذلك، وإن باع مائة قرش ورطل صابون مثلاً بمائة وعشرين قرشاً مؤجلة كان من الربا المحرم الباطل شرعاً لفقد الشرط، وإن باعه الصابون وحده بدراهم مؤجلة وأقرضه الدراهم إلى أجل وليس فيه جرّ منفعة للمقرض ولا وقع شرط عقد في عقد صح الكل، لكن إن تواطآ عليه قبل العقد كره كسائر الحيل المخرجة عن الربا، وقيل يفسد، كما لو تواطآ على أن يقرضه دراهم وينذر له بزيادة من نوع المستقرض أو غيره، أو يستأجر منه قطعة بمال يسير يستحق عينها مدة بقاء الدين المقرض بذمته، أو يردها على المستقرض بأجرة تقابل تلك الزيادة،
وكذا لو اشترى منه بضاعة بثمن غال ثم باعها بثمن رخيص وهو المسمى ببيع العينة فيصح الكل، حيث توفرت الشروط مع الكراهة خروجاً من خلاف من منعه، والكراهة عندنا تنزيهية، وعند الحنفية تحريمية، وللمالكية والحنابلة تفصيل في ذلك اهـ. وفي ي بعد نحو ما تقدم: وهذا في حكم الظاهر، أما حكم من طلب المعاملة للدار الآخرة فمبني على المقاصد، فإذا قصد معطي نحو الدراهم أو الطعام بالنذر التوصل إلى الزيادة المحرمة بقوله عليه الصلاة والسلام: "كل قرض جر نفعاً فهو ربا" فقصد فاسد ووقع في الشبهات، فليس كل حكم يحكم الحاكم بصحته لا مؤاخذة بمباشرته إلا إن وافق الظاهر الباطن، وأما لو خالفه فإنما هو قطعة نار يقطعها الحاكم لذلك الفاجر، وقد حذر العلماء من هذه المعاملات وجميع الحيل الربويات، كما في النصائح والدعوة التامة للقطب الحداد.
(مسألة: ب): أعطاه شخص مائة قرش وشرط عليه أن يعطيه في كل عشرة قروش مائة رطل تمراً عين كل سنة، وأخذ منه نخلاً صورة عهده واستمر على ذلك ولم يجر بينهما عقد بيع في النخل لم يصح جميع ذلك، ولا يستحق التمر المذكور والحال ما ذكر، بل يرجع لصاحبه وليس لمعطي الدراهم إلا دراهمه فقط، ويجب على من له ولاية من ذي شوكة زجر متعاطي هذه المعاملة قبح الله فاعلها، فكم دنس الدين طغام الناس ودنس في كثير من الأحكام.
(مسألة: ب): أعطى نحو الحراث طعاماً وتمراً إلى الجذاذ، فعجز المدين عن الوفاء، فاتفق هو والدائن على أن قيمته كذا وكتباه في الذمة لم يصح لأنه بيع دين بدين وهو باطل، كما أفتى بذلك أحمد مؤذن باجمال، والحيلة في ذلك أن يبرىء الدائن المدين براءة صحيحة، ثم ينذر له نذراً صحيحاً بقدر ما تراضيا عليه، فما يجعله أهل الكيل عند تعذره بفضة باطل، بل وجميع صور الكيل مع أهل الربا مبنية على جرف هار، خصوصاً في بيع نخل لا يثمر فالحذر منها، وأما الاستبدال عما في الذمة بعوض حاضر فصحيح بشروطه المعروفة.
[فائدة]: الأردب مكيال معروف بمصر وهو أربعة وستون مناً، وذلك أربعة وعشرون صاعاً نبوية اهـ توقيف. والمن رطلان اهـ صحاح.
الخيار
[فائدة]: إذا انعقد البيع لم يتطرق إليه الفسخ إلا بأحد سبعة أسباب: خيار المجلس، أو الشرط، أو العيب، أو خلف الشرط كأن شرطه كاتباً فأخلف، والإقالة، والتحالف، وتلف العين قبل القبض اهـ مجموعة الحبيب طه ابن عمر.
(مسألة: ش): ضابط خيار العيب هو ما نقص العين أو القيمة نقصاً يفوت به غرض صحيح، والغالب في جنس ذلك المبيع عدمه، وهو عام في الحيوان وغيره، فمن عيوب الحيوان عدم أكله علفاً، الغالب في جنس ذلك الحيوان أكله له، وإن كان ذلك الحيوان من بلد لا يوجد فيها ذلك العلف فيما يظهر لشمول الضابط المذكور، ومن عيوب غير الحيوان اختصاص الدار بنزول الجند ومجاورة القصارين أو على سطحها مجرى ماء لغيره، أو بقرب الأرض قرود تأكل زرعها وتنجس ما ينقصه الغسل أو له مؤنة، وظهور رمل تحت أرض تراد للبناء، أو أحجار تضر الغرس والزرع وحموضة بطيخ.
(مسألة): اشترى دابة لم تجرب للسناوة، فلما علمها لم تحسنها بل بركت في المقود فلا خيار، إذ العيب المثبت للرد هو ما وجد عند البائع، وكون الدابة تحسن عمل كذا أو لا تحسنه لا يقتضيه العقد عند الإطلاق، وهذا بخلاف ما لو علم ثوراً لسناً فلم يحسنها فباعه لجاهل بذلك فله الخيار إن كانت السناوة أظهرالمقاصد منه في تلك الناحية. قاله أبو مخرمة.
(مسألة: ش): اشترى بذراً فادعى قبل بذره أنه لا ينبت، فإن علم عدم إنباته بقول خبيرين خير بين الفسخ والإجازة بلا أرش، ولا نقول يبذر قليلاً ليعلم الإنبات وعدمه، إذ بذلك يتلف بعض المبيع الموجب عدم الرد، فإن عدم الخبيران أو اختلفا صدق المشتري بيمينه، كما لو رأى عيناً فاشتراها بعد مدة وادعى تغيرها، وإن بذره فلم ينبت مع صلاحية الأرض للإنبات وتعذر إخراجه، أو صار لا قيمة له، أو حدث به عيب وادعى عدم إنباته فله أرشه فقط، وهو ما بين قيمته نابتاً وغير نابت، كمن اشترى شاة على أنها لبون فماتت قبل العلم بذلك وحلف المشتري على أنها غير لبون وإطلاق ابن الزنبور غرم البائع جميع ما خسره المشتري، والناشري غرم أجرة الباذر في غاية البعد، ومحل ما ذكر إن وقع الشرط في صلب العقد فلا أثر للمواطأة قبله، كما أن محله أيضاً إن اتفقا على صلاحية الأرض للإنبات أو ثبت ببينة، وإلا فلو أقام البائع بينة بصلاحية البذر للإنبات وعدم صلاحية الأرض والمشتري عكسه تعارضتا وصدّق المشتري.
(مسألة: ش): اشترى جارية فقيل له إنها تصرع، فقال للبائع: هل بها صرع؟ فقال لا ولا شيء من العيوب، وإن حدث بها شيء فدركي، فحدث بها الصرع فالقول قول البائع بيمينه على وفق جوابه من أنه أقبضها المشتري سالمة من الصرع، أو أنه أقبضه إياها و ما بها عيب، ولا يكفي الحلف على نفي العلم بل لا بد من القطع، ويجوز له اعتماداً على ظاهر السلامة ما لم يغلب على ظنه خلافه، وحينئذ يثبت بحلفه عدم الرد فقط لا حدوث العيب عند المشتري، فلو تقابلا فطلب البائع أرش الصرع حلف المشتري أن الصرع لم يحدث عنده، وأما تدارك البائع للمشتري بالعيب الحادث بمعنى أنه يرد به فشرط فاسد، بل لو وجد ذلك قبل لزوم العقد أفسده، فلو اتفقا على شرطه وادعاه أحدهما قبل اللزوم والآخر بعده صدّق مدعي الصحة أي وهو الثاني.
(مسألة: ي): اشترى جارية ثم ادعى أنها حرة، فإن أثبتها بعدلين، أو أقر له البائع، أو نكل فحلف هو المردودة بأن بطلان البيع وإلا فلا.
(مسألة: ب): اشترى جارية فاستبرأها ثم زوجها عبده فظهر بها مخايل الحمل فأعلم البائع به فأنكر قدمه، ثم بعد ستة أشهر ونصف من الشراء وخمسة ونصف من التزويج ولدت تاماً فترافعا إلى الحاكم صدق البائع بيمينه على البت كما لو ادعى سرقتها، وما قاله بعض أهل العصر من أن البائع يصدق في هذه بلا يمين لأن أقل الحمل ستة أشهر، فإذا زاد لحق المشتري قطعاً. أخذاً مما قالوه في العدة فلا وجه له بل تهوّر منه، إذ من المعلوم أن العيوب إما أن لا يمكن حدوثها كشجة مندملة والبيع أمس فيصدق المشتري بلا يمين، أو عكسه كجرح طري والبيع والقبض منذ سنة فيصدق البائع بلا يمين إذ يقطع بما ادعاه، أو يمكن الحدوث والقدم فيصدق بيمينه، إذا تأملت ذلك علمت قطعاً أن الحمل هنا مما يمكن قدمه كالبرص والسرقة بل أولى، لأنا إذا نظرنا لغالب الحمل وندور الولادة في الأقل ظهر لنا قوة صدق دعوى المشتري قدمه، وما استدل به البعض من لحوق الحمل بالفراش واستحقاق الوصية في مثل هذه الصورة وقاس عليهما هذه فليس بناهض لاختلاف البابين، إذ لا بد من القطع هنا بخلافه هناك فتأمله.
(مسألة: ش): اشترى حماراً فوجد به ظلعاً فقال البائع كان به فبرىء، فإن اتفقا على وقوع البيع بعد مدة يغلب على الظن زواله فيها بالكلية بقول عدلين خبيرين كسنة، فما ظهر عند المشتري عيب حادث لا ردّ به، وإن ادعى البائع عوده بعد مضي المدة المذكورة والمشتري قبلها قضى لذي البينة، فإن أقاما بينتين فالأظهر تقديم بينة البائع كما أفتى به العمراني، فيما لو شهدت بينة أن فلانة ولدت سنة ثلاث عشرة، وأخرى سنة ثنتي عشرة، أنها تقدم الثانية لأن معها زيادة علم بإثباتها الولادة في وقت تنفيه الأولى، هذا إن لم يكن الاختلاف في وقت عود الظلع، وإلا كأن شهدت بينة المشتري في رمضان قبل مضي المدة من برئه، وبينة البائع في ذي القعدة بعدها قدمت الأولى لأنها ناقلة، والأخرى مستصحبة بقاء البرء إلى ذي القعدة، كما لو لم تكن بينة لأحد، فإن لم يوجد الخبيران صدق المشتري، إذ البائع موافق على وجود العيب ومدّع براءته في وقت ينفيه المشتري والأصل عدمها، نعم إن اتفقا على برئه في وقت كذا واختلفا في عوده صدق البائع بيمينه، ولو اختلف أهل الخبرة في المدة عمل بالأخير ثم الأكثر ثم بمن أثبت العود في المدة.
[فائدة]: اشترى شاة وضرعها حافل باللبن، ثم بان نقصه صدق البائع بيمينه أنه ما ترك حلبها لأجل الغرر بكثرة اجتماعه، ولا مضت مدة من عادة حلبها فلم تحلب ليدخل سهوه إذ التصرية تثبت مع السهو أيضاً، ولو اشترى شيئاً فوجده معيباً فله حبسه إلى استرداد ثمنه، نقله الرافعي عن المتولي وأقره خلافاً لما يوهمه كلام الغربي اهـ أحمد مؤذن اهـ مجموعة الحبيب طه.
[فائدة]: نظم بعضهم عيوب الرقيق فقال:
ثمانية يعتادها العبد لو يتب ** بواحدة منها يردّ لبائع
زنا وإباق سرقة ولواطة ** وتمكينه من نفسه للمضاجع
وردته إتيانه لبهيمة ** جنايته عمداً فجانب لها وع
اهـ بج.
(مسألة: ش): اشترى أثواباً فاطلع على عيب فيها بعد بيع بعضها، فإن كان العيب في الباقية فله الأرش على ما رجحه ابن حجر، خلافاً للعباب ومن تبعه أو في التي باعها، فليس له الأرش حتى ييأس من الرد أو فيهما فلكل حكمه، وليس له رد بعض المبيع مطلقاً، وإن تعذر رد الباقي إلا برضا البائع، نعم إن باع البعض من البائع ثم اطلع على عيب في الباقي فله رده على ما قاله القاضي والأسنوي، ويحصل اليأس من الرد الموجب للأرش بتلف المبيع كله وكذا بعضه، فيما ينقص بالتبعيض ولم يرض البائع برد الباقي حساً كموته أو شرعاً كعتقه، ولو وفى بالشرط من البائع أو كان ممن يعتق على المشتري ووقفه وتزويجه وإيلاد الأمة، وبحدوث عيب عند المشتري ولو بفعل البائع وإن رجى زواله، أو المشتري منه إن أيس من زواله ولو ظناً كبلّ الثوب، وإنما لم نفصل في العيب الحادث عند المشتري الأول لأن الرد فوري، فإذا تعذر حالاً استحق أرش القديم، ومن ثم لو حدث عنده عيب وزال ثم اطلع على العيب فله الرد.
قبض المبيع والاستبدال
(مسألة): المبيع قبل قبضه من ضمان البائع أي المالك، وإنما عقد وكيله أو وليه فينفسخ العقد بتلفه أو إتلاف البائع له، ويثبت الخيار بتعيينه أو تعييب غير المشتري، وإن قال للبائع: أودعتك إياه، أو عرضه البائع على المشتري فامتنع من قبوله ما لم يضعه بين يديه ويعلم به ولا مانع له منه، قاله في التحفة والنهاية، وقال أبو مخرمة: ولو امتنع المشتري من القبض ولا حاكم فلا سبيل لإسقاط الضمان.
(مسألة: ج): اشترى حماراً بشرط الخيار لهما أو لأحدهما فمات في مدة الخيار، فإن كان بعد قبض المشتري فمن ضمانه وإلا فمن ضمان البائع.
(مسألة: ش): اشترى جارية فافتضها قبل قبضها صار قابضاً منها بنسبة ما نقص الافتضاض من قيمتها، وامتنع بذلك الرد القهري لو وجد بها عيباً قديماً، فلو تلفت قبل القبض لزمه من الثمن ما نقص من قيمتها وله من أرش العيب القديم مثله، فلو نقص بافتضاضه ربع قيمتها لزمه ربع الثمن وله ربع أرش القديم، والحكم فيما إذا بقيت وقبضها كالحكم فيما إذا اطلع المشتري على عيب بعد القبض وقد حدث عنده عيب آخر اتفاقاً واختلافاً وإجابة طالب الإمساك.
(مسألة: ب): التخلية هي أن يمكن البائع المشتري من العقار المبيع، من نحو أرض وشجر ودار مع تسليم مفتاحه وفراغه من جميع أمتعة غير المشتري، كأن يقول: خليت بينك وبينه، ويشترط في الغالب مع الإذن في القبض مضيّ زمن يمكن الوصول إليه عادة، ومعلوم أن قبض المنقول يحصل بنقله والتخلية كما ذكر في القطع والعهدة بالسوية لا يفترق الحكم.
(مسألة: ش): اشترى ماء صهريج من ناظر المسجد فباع بعضه وبقي الباقي فحدث سيل ملأ الصهريج، فإن لم يصح البيع لفقده شرطه فما قبضه من الماء كالمغصوب فيرده باقياً ومثله تالفاً ويسترد الثمن، وإن صح بأن وجدت شروطه، ومنها أن يعلم العاقدان عمق الصهريج لتوقف علم الماء عليه، فإما أن يقبض كل الماء بالنقل ثم يرده إلى الصهريج فيصير حينئذ شريكاً بالباقي ولا خيار، وإما أن لا يقبض إلا ما باعه فله الخيار فيما لم يقبضه في الأظهر، فإن أجاز صار شريكاً وإلا لزمه من الثمن قسط ما قبض من الماء.
(مسألة: ك): لا يصح بيع الدين المؤجل بأنقص منه حالاً من جنسه من المدين أو غيره ربوياً أو غيره، كما لو صالح من عشرة مؤجلة على خمسة حالة لأنه جعل النقص في مقابلة الحلول وهو لا يحل، نعم يجوز شراء الدين بشروط الاستبدال ولو عجل المؤجل صح الأداء.
(مسألة: ي ك): الفرق بين الثمن والمثمن هو أنه حيث كان في أحد الطرفين نقد فهو الثمن والآخر المثمن، وإن كانا نقدين أو عرضين فالثمن ما دخلته الباء، وفائدة ذلك أن الثمن يجوز الاستبدال وهو الاعتياض عنه بخلاف المثمن، زاد ي: وشروط الاستبدال عشرة، كونه عن الثمن وأن لا يكون مسلماً فيه ولا ربوياً بيع بمثله، وأن يكون بعد لزوم العقد لا في مدة اختيار المجلس أو الشرط، وأن لا يكون البدل حالاً وبصيغة إيجاب وقبول صريحة كأبدلتك وعوّضتك، إو كناية كخذه، وأن يعين البدل في المجلس، وأن يقبضه إن اتفق هو والدين في علة الربا لا إن اختلفا كذهب بأرز، وأن تتحقق المماثلة في ربوي بجنسه كذهب بمثله، قاله (م ر) وهو الأحوط. وقال ابن حجر: لا يشترط وأن لا يزيد البدل على قيمة الدين يوم المطالبة ببلده إن وجب إتلاف أو قرض، فلو أخذ ربية فضة بمائة وستين دويداً مؤجلة، فإن كان بصيغة البيع صح وجاز الاستبدال عنه بهذه الشروط أو بصيغة القرض فلا.
بيع الأصول والثمار
[فائدة]: يدخل في بيع الأرض البناء والشجر، فلو كانت أرض مشتركة بين اثنين ولأحدهما فيها نخل خاص أو حصته في النخل أكثر منها في الأرض فباع الأرض مطلقاً دخل قدر حصة الأرض من النخل لا كل النخل خلافاً لبعضهم، اهـ تحفة وسم وع ش. ووافقهم أبو مخرمة قال: ولا يدخل شرب الأرض في بيعها إلا إن نص عليه كالوصية بها، وفي التحفة: ويلحق بالبيع كل ما ينقل الملك كالهبة والوقف، لا نحو الرهن والإجارة والتوكيل اهـ. وقال ع ش عن سم: إذا باع الوكيل مطلقاً أو ولي اليتيم دخل ما يدخل لو باع المالك اهـ جمل.
معاملة الرقيق
(مسألة: ش): لا يلزم العبد المأذون له في التجارة الاكتساب لوفاء الدين كالمفلس خلافاً لابن الرفعة، نعم إن عصى بسببه لزمه ليخرج عن المعصية، وبفرض وجوبه متى باعه السيد لم يتأتّ الاكتساب، لأن كسبه بعد الحجر لا يتعلق به دين المعاملة.
(مسألة): ما فوته العبد على غير سيده له ثلاثة أحوال، لأنه إما أن يتعلق برقبته فقط بمعنى أنه يباع فيه إن لم يفده سيده بالأقل من قيمته والمال وذلك فيما إذا جنى على غيره، أو فوت مالاً بغير رضاه أو برضاه وهو غير رشيد أو بذمته فقط، بمعنى أنه لا يطالب به حتى يعتق وهو ما فوّته بإذن مالكه الرشيد من نحو مبيع وقرض وأجرة مقبوضة، كمهر ومؤن وضمان بلا إذن من السيد في الكل، نعم إن بقي المال أو بعضه رد على مالكه أو بما في يده من تجارة مأذون له فيها وكسبه ثم ما زاد بذمته، وذلك فيما كان من غير الجناية بإذن السيد والمالك الرشيد.