كتاب بغية المسترشدين باعلوي الحضرمي علي المذهب الشافعي
محتويات
كتاب النكاح
[فائدة]: أخرج الإمام مالك في الموطأ أن رسول الله قال: "إذا تزوّج أحدكم المرأة أو اشترى الجارية فليأخذ بناصيتها وليدع بالبركة" اخـ. وليقل: "اللهم بارك لي في أهلي وبارك لأهلي فيّ وارزقهم مني وارزقني منهم، واجمع بيننا ما جمعت في خير، وفرق بيننا ما فرقت في خير، بارك الله لكل منا في صاحبه" اهـ من كتاب البركة. وروى أبو داود: "إذا تزوّج أحدكم فليقل: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرّها وشر ما جبلتها عليه" اهـ. وليقل: "اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم".
[فائدة]: إذا سكنت المرأة في إحدى حجرتين أو علو أو سفل أو دار وحجرة، وأراد الرجل الأجنبي أن يسكن الأخرى، اشترط أن لا تتخذ المرافق كمطبخ وخلاء وبئر ومـمرّ وسطح ومصعد له، فإن اتحد واحد حرمت المساكنة لأنها حينئذ مظنة الخلوة المحرمة، كما لو اختلفا في الكل ولم يغلق الباب بينهما أو يسد أو غلق وكان ممرّ أحدهما على الآخر أو بابه في مسكن الآخر، نعم تنتفي الحرمة في هذه الصور بأن يكون معها محرم مميز متيقظ ولو أنثى أو أعمى ذا فطانة، بحيث يغلب على الظن انتفاء الفاحشة، أو كان له امرأة كأجنبية يحتشمها لخوف أو حياء، ولو لم يكن في الدار إلا بيت وصفة لم يساكنها ولو محرماً، فعلم أنها تجوز خلوة رجل ثقة بأجنبيتين ثقتين يحتشمهما لا رجلين بأجنبية مطلقاً اهـ فتاوى ابن حجر.
(مسألة): قال في التحفة: وإنما حلَّت خلوة رجل بامرأتين يحتشمهما بخلاف عكسه، لأنه يبعد وقوع فاحشة بامرأة متصفة بذلك مع حضور مثلها ولا كذلك الرجل، ومنه يؤخذ أنه لا تحل خلوة رجل بمرد يحرم نظرهم مطلقاً بل ولا أمرد بمثله وهو متجه، ولا تجوز خلوة رجل بغير نساء ثقات وإن كثرن، وفي التوسط عن القفال: لو دخلت امرأة المسجد على رجل لم تكن خلوة لأنه يدخله كل أحد اهـ. وإنما يتجه ذلك في مسجد مطروق لا ينقطع طارقوه عادة، ومثله في ذلك الطريق أو غيره المطروق كذلك.
[فائدة]: تزوّج امرأة وقد أزيل شعر رأسها قبل تزوّجه بها فالظاهر حرمة النظر إليه كما لو أزيل منها وهي في نكاحه ثم طلقها، لأن العقد إنما شمل الأخرى الموجودة وقته ولأنها صارت أجنبية في الثانية، ولا نظر لانفصاله في وقت كان يجوز له فيه النظر اهـ ع ش. وقال الباجوري في مبحث حرمة نظر الرجل: وخرج بالبالغ الصبي لكن المراهق كالبالغ ومعنى حرمة النظر فيه أنه يحرم على وليه تمكينه منه ويحرم على المرأة أن تنكشف له كغير المراهق إن كان يقدر على حكاية ما يراه بشهوة، فإن قدر عليه بغير شهوة فكالمحرم، وإن لم يكن يقدر على حكاية شيء فكالعدم، فعلم أن غير البالغ أربعة أقسام اهـ.
الصيغة
[فائدة]: ما يفعله بعض العاقدين للنكاح من زيادة خطبة مختصرة بعد خطبته المشهورة الواردة عنه بقوله: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله الخ، ثم يعقد لا أصل له في السنة، ولا يروى عن أحد من المشايخ كابن حجر و (م ر): وإن ذكرها في الإحياء بل هي خلاف الأولى، إذ لا فائدة لتكرير خطبتين معاً اهـ جواب الشريف أحمد بن حسن الحداد.
(مسألة: ب): قال للولي: زوّجني موليتك فلانة، فقال: زوّجتكها صح، كما لو قال له المتوسط: زوّجت فلاناً بنتك، فقال: زوّجتها منه وقبل الزوج بشرطه.
(مسألة: ش): لو قال الولي للزوج بعد الإيجاب: قبلت لم يضر وإن لم يكن من مصالح العقد، لأن الكلام الأجنبي اليسير لا يضر بمن انقضى كلامه بخلافه ممن طلب جوابه وهو الزوج هنا، وحينئذ لو ابتدأ الزوج فقال للولي: زوّجني ابنتك، فقال: استوص بها خيراً زوّجتك ضرّ إذ هو حينئذ ممن طلب جوابه.
(مسألة: ش): تزوّج امرأة بشرط أن لا يخرجها من بيت أبيها، فإن لم يكن في صلب العقد فلا أثر له تقدم أو تأخر فلا يلزم به شيء، أو في صلبه: كزوّجتك ابنتي بشرط أن لا تخرجها من بيتي صح النكاح ولغا الشرط وفسد المسمى ولزم مهر المثل ككل شرط لا يخل بمقصود النكاح، ولهما أو لأحدهما به غرض، والقديم كمذهب أحمد صحة الشرط النافع لها فتخير عند فقده، وقال شريح: يلزمه الوفاء به.
(مسألة: ش): غيرت اسمها ونسبها عند استئذانها في النكاح فزوّجها القاضي بذلك الاسم، ثم ظهر أن اسمها ونسبها غير ما ذكرته، فإن أشار إليها حال العقد بأن قال: زوّجتك هذه أو نوياها به صح النكاح سواء كان تغيير الاسم عمداً أو سهواً منه أو منها، إذ المدار على قصد الولي ولو قاضياً والزوج كما لو قال: زوّجتك هنداً ونويا دعداً عملا بنيتهما.
الزوجان
(مسألة): من شروط النكاح علم الزوج بالمنكوحة، فلو تزوج من لا يعرف نسبها ولا عينها وتعذرت معرفتها بعد لم يصح وإن أشار إليها الولي، نعم لو قال: زوّجتك بنتي أو إحدى بناتي أو بنتي فلانة ونويا معينة ولو غير المسماة صح إذ تغتفر الكناية في المعقود عليه، قاله في التحفة والنهاية قال ع ش: فلو اختلفت نيتهما لم يصح، وتعيين الزوج فزوّجت أحدكما باطل، كما لو قال وليّ الطفل: زوّجت ابني بنتك ولم يسمه للجهل بالزوج، نعم قال ع ش: يؤخذ من كلام (م ر): أنه لو قال الولي: زوجت موليتي هذا ولم يعرف اسمه ونسبه صح اهـ. وحيث قلنا تغتفر الكناية في الزوجة لا يقدح ذلك في الشهادة، إذ المقصود حضور الشاهد وضبطه صورة العقد وإن تعذرت الشهادة عليهم، كما لو كانا ابني الزوجين، ويحنئذ لو دعوا للأداء لم يشهدوا إلا بصورة العقد التي سمعوها لا غير كما في التحفة.
(مسألة: ش ك): يجوز للشخص نكاح المعتدة منه بطلاق دون الثلاث، أو بوطء شبهة أو نكاح فاسد لأن الماء ماؤه، إذ التعبد بالعدة إنما يكون لغير ذي العدة، لكن الأولى أن لا يعقد عليها حتى تنقضي العدة.
(مسألة: ي ش): يجوز نكاح الحامل من الزنا سواء الزاني وغيره ووطؤها حينئذ مع الكراهة.
(مسألة): عقد على امرأة ثم فارقها قبل الدخول حل له نكاح بنتها، إذ لا تحرم البنت إلا بوطء الأم بنكاح أو شبهة أو ملك اليمين، بخلاف أم الزوجة وزوجة الأب والابن فيحرمن بمجرد العقد.
(مسألة): زنى ببنت زوجته وجب عليه الحدّ ولا ينفسخ نكاح الأم، بخلاف ما لو وطئها بشبهة كأن ظنها حليلته، فينفسخ النكاح وتحرمان عليه مؤبداً إن وطىء الأم، وإلا حرمت الأم مؤبداً لا البنت فله نكاحها، ويلزمه المهر بوطء الزنا والشبهة ما لم تطاوعه على الزنا، إذ لا مهر لبغي، ولو نكح امرأة فبانت محرمة برضاع ببينة أو إقرار فرق بينهم، فإن حملت منه كان الولد نسيباً لاحقاً بالواطىء لا يجوز نفيه، وعليها عدة الشبهة ولها مهر المثل لا المسمى، وللوطء المذكور حكم النكاح في الصهر والنسب لا في حل النظر والخلوة ولا في النقض، فيحرم على الواطىء نكاح أصولها وفروعه، وتحرم هي على أصوله وفروعه، ويجوز النظر إلى المحرم المذكورة بلا شهوة.
(مسألة: ك): وطىء امرأة بنكاح أو شبهة أو أكره على الزنا بها أو وطئها مجنوناً حرم عليه أصولها وفروعها، وحرمت هي على أصوله وفروعه، بخلاف النظر والمباشرة بلا وطء فيما ذكر ووطء الزنا فلا يحرمان، لأن الله امتنّ على عباده بالصهر والنسب ولأن الزنا لا حرمة له، وقال أبو حنيفة: يثبته.
(مسألة: ك): امرأة تاركة الصلاة، إن كان تركها لها جحداً لوجوبها أو وجوب ركن منها مجمع عليه أو فيه خلاف واه فهي مرتدة لا يجوز لأحد ولو كافراً ومرتداً نكاحها فلتستتبّ ثم يضرب عنقها، ويجوز إغراء الكلاب على جيفتها ومالها فيء، أو كسلاً مع اعتقاد وجوبها قتلت حداً بعد الاستتابة ندباً وتجهز كالمسلمين، ويجوز نكاحها لكن غيرها من أهل الدين أولى.
(مسألة: ش): أخبره عدل وكذا فاسق وقع في قلبه صدقه بموت أحد زوجاته الأربع جاز له التزوّج بخامسة، ثم لو بان حياتها حال عقده بالخامسة تبين بطلانه، ولها مهر مثلها إن دخل بها ولم تكن عالمة بحياة ضرتها، أو عالمة وظنت حلّ العقد بالخامسة لجهلها الممكن، وإلا فهي زانية لا تستحق مهراً، والولد منها حر نسيب تثبت له سائر الأحكام.
(مسألة: ش): يجوز لنحو الأب تزويج موليته إذا أخبرته الأم ببلوعها بالسنّ كأن قالت: ولدت يوم قدوم الباشا أو وقعة كذا، وقد علم أن ذلك منذ خمس عشرة سنة، وصدقها هو والزوجان لأن العبرة في العقود بقول أربابها، بخلاف الحاكم لا يصح عقده ظاهراً ما لم يثبت عنده البلوغ ببينة إذ يسهل الاطلاع على السنّ، بل لو أراد الولي تصحيح النكاح من الحاكم لم يجبه قبل الثبوت، وبخلاف ما لو ادعت البنت البلوغ بالحيض أو الاحتلام فتصدق مطلقاً بلا يمين.
(مسألة: ب ك): أخبرها عدل بموت زوجها أو طلاقه وصدقته جاز لها التزويج بغيره بعد خلوّها من الموانع، ولوليها الخاص أن يعقد لها، إذ العبرة في العقود بقول أربابها.
(مسألة: ش): ادعى على امرأة مزوّجة بآخر أنها زوْجته، فإن علمت زوجية الأوّل أوّلاً وادعت تطليقه، فإن أقامت بينة وإلا حلف ونزعت من الثاني ولا شيء له عليها، وإن لم تعلم زوجيته بل تزوّجت امرأة فادعى آخر أنه تزوّجها قبل الثاني، فإن أقام بينة أو أقر له الزوجان بسبق عقده سلمت له، كما لو أقرت المرأة فقط وادعت طلاقه فحلف أنه لم يطلق، والحال أنه لم يصدر منها إقرار بنكاح الثاني ولا إذن فيه ولا تمكين، وإلا فإقرارها لغو، كما لو نكحت بإذن ثم ادعت رضاعاً محرماً فلا يلتفت إليها حينئذ اهـ. وعبارة (ي): امرأة تحت رجل مقرة له بالزوجية ادعى عليها آخر أنها زوجته هربت منه وأن نكاحه سابق، فأقرت له بذلك، وأقرت أيضاً أنها تزوّجت بعد هربها بآخر قبل الذي هي تحته ومات عنها واعتدت ولها منه أولاد ولها من الثالث أولاد أيضاً، فإن أقرت للأوّل ولم تدع عليه طلاقاً حكم له بالزوجية وبطلان الأخيرين وأنها زانية، ثم إن صدقها الأخيران وإلا حلفت للمكذب،
فإن نكلت حلف ولزمها مهر المثل، وإن ادعت الطلاق وانقضاء العدة وأثبتتهما بشاهدين انقطع نكاح الأوّل، وإن لم تثبت الطلاق حلف على نفيه وحكم ببقائه، لكن لا تحد بوطء الأخيرين للشبهة، وإن لم تقر للأوّل بالنكاح وعجز عن البينة فليست زوجته، ثم إن أثبتت بينة بنكاح الثاني ثبت الإرث ونسب الأولاد وغيرهما من أحكام النكاح، وإن لم تثبته لم يثبت إلا سقوط الحد ولزوم العدة عليها، وحكم الأولاد حكم مجهول النسب، وأما إقرارها بنكاح الثالث، فإذا حكم بأنها ليست زوجة الأوّل وأثبتت نكاح الثاني وموته وانقضاء عدته صح نكاح الثالث مطلقاً صدّقها أو كذبها، وإن أثبتت النكاح فقط أو صدقها فيه دون الموت لم يصح نكاح الثالث، وإذا لم يصح نكاح الثاني أو الثالث ترتبت على بطلانه أشياء منها عدم التوارث بينها وبينه، وسقوط مهرها ونفقتها، ووجوب الحد عليها، وهذه الثلاثة لا تختلف بين علم الواطىء حال الوطء بالفساد وجهله، وكذا يثبت نسب الأولاد ومحرمية المصاهرة والعدة عليها إن جهل الواطىء الفساد ووجوب الحد على العالم به منهما.
(مسألة: ك): من شروط التزوّج بالأمة أن لا تكون تحته حرة تصلح للاستمتاع ولو في عدة الرجعية، لأن الواحدة تعفّ الرجل وزيادة غالباً، فلو فرض وجود رجل لا تعفه واحدة وخاف الزنا فنادر، وأن لا يكون قادراً على من تصلح للتمتع من الحرائر أو الإماء بالملك ولو بائناً منه بغير الثلاث ووجد ما ترضى به.
(مسألة): كالأمة في عدم صحة نكاح الحر لها، من أوصى بحملها دائماً فأعتقها الوارث لأنها وإن كانت حرة فأولادها أرقاء كما في التحفة والنهاية والمغني، وهل ذلك عام حتى للموصى له بالأولاد أم يختصّ الحكم بغيره؟ إذ العلة وهو إرقاق الولد منتفية هنا تأمل، وقال في الفتح: والأوجه امتناع خالصة الرقّ مع وجود مبعضة، لأن إرقاق بعض الولد أهون من إرقاق كله لا ولود مع وجود عقيم.
وليّ المرأة
(مسألة: ش): أصل المذهب أن الفاسق لا يلي النكاح بل تنتقل الولاية للأبعد ثم القاضي، فلو امتنع الولي من التزويج إلا ببذل مال فلها مع خاطبها التحكيم، وكذا إن قلنا الفاسق يلي وامتنع من تزويجها.
(مسألة: ك): يشترط في الولي عدم الفسق على الراجح، فإذا لم يصح عقده لم يصح توكيله لأنه فرعه، كوكيل وليّ أحرم موكله هذا في غير سيد الأمة، أما هو فيزوجها ويوكل ولو فاسقاً، لأن تزويجه لها بالملك لا بالولاية، كما أن الإمام الأعظم لا ينعزل بالفسق، فيزوّج بناته إذا لم يكن لهن وليّ خاص غيره كبنات غيره، ويوكل غيره الأهل لذلك، ولا تشترط العدالة في الولي مطلقاً، فلو تاب في المجلس توبة صحيحة زوّج في الحال، وإن كان وصف العدالة لا يثبت إلا بعد مضي سنة، نعم فيه إشكال من حيث إن من شروط التوبة ردّ المظالم وقضاء الصلوات، وقد لا يتمكن من ذلك فوراً مع قولهم زوج حالاً، لكن صرح (ع ش) بأن التوبة في حق الولي لا يشترط فيها قضاء نحو الصلاة، حيث وجدت شروط التوبة بأن غرم مصمماً على ردها، ويؤيده أن ما هنا أوسع بدليل أن الحرفة الدنيئة التي لا تليق بالولي لا تمنع تزويجه، وأن المستور يزوّج، وكذا الصبي إذا بلغ، والكافر إذا أسلم، ولم يصدر منهما مفسق اهـ. ونحوه في (ي) وزاد: والقول الثاني وهو الذي عليه عمل الناس منذ أزمنة، بل لا يسعهم إلا هو، وأفتى به المتأخرون، وصححه ابن عبد السلام والغزالي، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وجماعات أن الفاسق يلي مطلقاً، ومال إليه في التحفة فيما إذا كانت تنتقل إلى فاسق من بعيد وحاكم.
(مسألة: ش): الولي الذي قام به مانع من نحو صبا وخلل وحجر سفه، وكذا فسق على المعتمد من خلاف قويّ منتشر كالعدم، بناء على الأصح أن ذا المانع لا يسمى ولياً، فعليه لا يعتبر رضاه بغير الكفء مطلقاً، وقيل: يعتبر إن كان صحيح العبارة كسفيه وفاسق، لأن ذا المانع له ولاية متأخرة اهـ. وفي فتاوى أخرى له: فلا يعتبر رضاه أي من ذكر في الكفاءة إن كان مسلوب العبارة كصبي ومجنون على المعتمد، بخلاف ما لو كانت عبارته صحيحة كفاسق ومحجور سفه فيعتبر رضاه فيما يظهر وإن لم يل التزويج، وإذا قلنا بانتقال الولاية بأحد الموانع المذكورة فالأصح انتقالها للأبعد والثاني للحاكم، فالاحتياط أن تأذن لكل من الأبعد والحاكم ثم يوكل أحدهما الآخر.
(مسألة: ي): غاب وليها مسافة القصر انتقلت الولاية للحاكم لا للأبعد في الأصح، ثم ينبغي استئذانه أو الإذن له خروجاً من هذا الخلاف القائل به الأئمة الثلاثة، فلو زوج الأبعد حينئذ كان الوطء شبهة يثبت به نسب الأولاد، وتحريم المصاهرة، ومهر المثل للموطوءة والعدة، لأجل النظر واللمس والخلوة وعدم النقض، ويجب التفريق بينهما، ولواطئها العقد بها في عدته ولها المسمى حينئذ.
(مسألة): زوج ابنته والحال أنها غائبة عن بلد العقد صح النكاح بشرط إذن الثيب، وكذا البكر إن كان الزوج غير كفء على المعتمد، بخلاف الحاكم لا يزوّج إلا من في محل ولايته، ولو فسق الأب أو جنّ انتقلت إلى بقية العصبة الأقرب فالأقرب، ولو طلبها ابن عمها الكفء فامتنع وليها، فسافر بها الخاطب إلى مرحلتين ثم حكَّما عدلاً بتزويجهما ثم أذنت له صح نكاحه ولا اعتراض عليه، بل لو حكما بالبلد عند امتناع الولي أو فسقه جاز أيضاً بشرطه.
(مسألة): لا يجوز تولي طرفي عقد النكاح إلا للجد في تزويج ابن ابنه المحجور عليه بصبا، أو جنون بنت ابنه الآخر البكر عند فقد أبويهما، أو قيام مانع بهما من الولاية لا نحو غيبة وإحرام، بشرط أن يأتي بصيغتي الإيجاب والقبول، وأن يقرن القبول بواو العطف فيقول: وقبلت الخ، كما رجحه في التحفة، خلافاً لـ (م ر) وخرج بالجد المذكور نحو العم والحاكم في تزويج ابنه المحجور بموليته فلا يتولى الطرفين، بل تنتقل ولاية المرأة حينئذ للحاكم، كما لو كانت بنت الابن ثيباً في مسألة الجد، إذ من شرط تولية الطرفين الإجبار، وهذا نظير ما لو أراد الولي أو الحاكم كالسلطان تزويج موليته لنفسه، فتنتقل الولاية للحاكم في الأولى لا للأبعد، ولحاكم آخر ولو متولياً منه في الأخيرتين، كما قاله ابن حجر و (م ر) وغيرهما.
(مسألة: ك): يشترط لصحة نكاح المجبر أن يزوّجها من كفء موسر بمهر المثل، وعدم عداوة بينها وبين الزوج، وعدم عداوة ظاهرة بحيث لا تخفى على أهل محلتها بينها وبين الولي، وشرط جواز الإقدام لا الصحة كونه بمهر المثل حالاً من نقد البلد، نعم لو جرت العادة بتزويج الأقارب بدون مهر المثل صح العقد بدونه وكان مهر المثل، كما لو اعتدن التأجيل أو غير نقد البلد اهـ. وفي ج: زوج بكراً صغيرة بصبي غير موسر بالمهر لم يصح على المعتمد الذي عليه الشيخان وغيرهما، لأن شرط الإجبار يسار الزوج بالهر، واعتمده مشايخنا وبه يعملون، حتى إنهم يملكون أولادهم شيئاً من المال قبل العقد، وحينئذ فحبس المرأة وتتبع الأقوال الخارجة إضرار بها أيّ إضرار وسببه الجهل.
(مسألة: ش): زوجها أبوها إجباراً بكفء، فشهدت بينة ولو أربع نسوة حسبة بأنها كانت ثيباً بوطء قبل عقد الأب حكم بكون المرأة خلية عن النكاح، فإن ادعت ذلك على الزوج مع غيبته أو وهو حاضر لم يخالطها لم تسمع دعواها وبينتها، نعم إن طلبت من الحاكم أن يزوّجها أو الولي بحضرة الحاكم فقال: كنت مزوجة بمن عقد له أبوك جبراً، فادعت أنها كانت ثيباً بوطء قبله وأقامت بينة سمعت وثبت عدم كونها مزوّجة بالأول، وإن ادعت في وجه الزوج فإن صدقها أو أقامت البينة المذكورة، أو نكل عن اليمين على نفي العلم فحلفت المردودة بطل النكاح أيضاً وإلا استمر، كما لو تقيد البينة بالثيوبة بالوطء أو يقبل العقد لإمكان زوالها بغير الوطء أو بعد العقد أو تخلق ثيباً، ولا عبرة بالحمل فيما لو بانت حاملاً، إذ البكر قد تحمل كما شوهد كثيراً اهـ. قلت: وقوله إذ البكر الخ. أي كأن توطأ وهي غوراء لم تزل بكارتها أو تستدخل المني، أو توطأ في الدبر فتحمل بذلك من غير زوال بكارة.
(مسألة: ش): زوّجت خرساء بالإشارة من صبي قبل له وليه، ثم ادعى وليها غير المجبر أن تزويجه إياها قبل بلوعها فلا أثر لدعواه في الصحة وعدمها، بل إن علم صحة النكاح بوقوعه بعد بلوغ المرأة فذاك، وإلا فهو محكوم ببطلانه استصحاباً لأصل الصبا، ثم إن ادعى ولي الصبي أو هو بعد بلوغه على المرأة لا على وليها، إذ لا تسمع الدعوى على غير المجبر أن النكاح بعده فصدقته بالإشارة، أو أقام بينة بالبلوغ أو ردت اليمين فحلف ثبت النكاح، وإن عارضتها بينتها بعدم البلوغ في الحيض، وكذا السن في بعض الصور، لأن الأولى معها زيادة علم.
(مسألة): تزوّج ابنة عمه فأتت له بولد ثم فارقها، وأرادت التزويج بغيره كان وليها ابن عمها المذكور عند عدم أقرب منه، ثم ابنه الذي هو ابنها، فيزوّجها بالقرابة لا بالبنوّة، كما لو كان الابن قاضياً فيزوّج أمه بالولاية، إذ البنوّة غير مقتضية للولاية لا مانعة لها بخلاف الرق، ولو فقدت العصبة من النسب زوجها الحاكم، وليس للوصي وولي مالها ورشيدها تزويجها، وإن أوصي إليه بذلك على المعتمد.
(مسألة): عتقت الجارية وأبوها كان ولاية النكاح والإرث له، سواء عتق قبلها أو بعدها، وإن اختلف معتقهما، ثم لبقية عصبتها، ثم معتقها، ثم عصبته، ثم معتق الأب، فلو أرادت التزويج برقيق ووليها غائب لم يصح إلا برضاه على المعتمد.
(مسألة: ش ك): أذنت لوليها قبل أن تخطب أو وهي مزوّجة أو في العدة، ثم خطبت وزوجها بعد زوال المانع صح، كما يصح توكيل وليها حينئذ وهي كذلك، وزاد في ش: ويستفيد به تكرير العقد فيما لو أذنت له في التزويج كلما طلقت واعتدت لا في توكيل الولي، لكن ينفذ فيه أيضاً لعموم الإذن اهـ. وفي ك أيضاً: أذنت لوليها أن يزوجها برجل تحته أختها إذا طلقها صح الإذن ولم يحتج لتجديده بعد.
(مسألة: ك): أذنت لوليها مطلقاً ولم تعلم من هو أو في زوج غيرمعين كفى، وقولها: رضيت أن أزوج، أو رضيت فلاناً متضمن للإذن للولي، فله أن يزوجها بغير تجديد إذن، لكن محله إن لم ترجع عن الإذن وإلا احتاج إلى تجديده.
(مسألة: ش): يكفي قول المرأة عند الاستئذان: آذنت بالمدّ وفتح الذال في تزويجي أو أن تزوجني، فإن لم تعين الزوج زوّجها من كفء، وإن عينته كفى قولها زوجني فلاناً، ويكفي لفظ التوكيل، ويجوز للحاكم الإقدام على تزويج موليته، لكن بعد شهادة عدلين بإذنها من غير سبق دعوى من الزوج لتعذرها حينئذ.
(مسألة: ي): بدوية قالت لوليها: أنت وكيل بجوازتي من تحت فلان أي بعقد فلان صح إذنها، إذ قولها بجوازتي الخ ليس بشرط لصحة العقد، بل يصح عقد غير المعين المذكور.
(مسألة): أذنت لوليها بلفظ التوكيل صح، إذ المعنى واحد، ولو قالت: وكلتك كلما عزلت فأنت وكيل صح في الحال، ولا يعود وكيلاً إذا انعزل، لكن ينفذ عقده لعموم الإذن، ذكره ابن حجر وغيره، فلو ادّعت عزله قبل العقد، فإن أثبتته بشاهدين أو صدقها الزوج بان بطلانه وإلا فلا، وإن صدقها الولي، وقيل وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد: إن الوكيل لا ينعزل إلا ببلوغ الخبر ممن تقبل روايته، وإذا لم تثبت العزل ولم يصدقها الزوج حلف على نفي العلم، فإن ردّهاحلفت على البت وبطل النكاح.
(مسألة: ي): مذهب الشافعي أن البكر الصغيرة لا يزوجها إلا مجبر أب أو جد فقط، والثيب لا تزوج حتى تبلغ، ومذهب الحنفية جواز تزويج غير المجبر لهما، فيقدم الأقرب فالأقرب من العصبة، ثم بعدهم الأم، فالأخت الشقيقة فللأب، فالإخوة للأم، فذوو الأرحام ثم السلطان فالقاضي، لكن إنما يزوج الأخيران من كفء بمهر المثل مطلقاً، كاللذين قبلهما في الثيب لا البكر، نعم الأب والجد لهما التزويج مطلقاً بلا قيد بكراً أو ثيباً، ويجوز التقليد ولو من غير ضرورة في التزويج وغيره لكن باجتماع شروطه، ومنها العلم بأركان النكاح في مذهب المقلد وجريانه على مذهبه في تلك القضية وما تعلق بها، كطلاق وظهار وعدم تتبع الرخص، نعم القاضي لا يجوز له التقليد مطلقاً، إذ يلزمه الجري على المعتمد اهـ. وعبارة ج ش: لا يجوز، ولا يصح لغير الأب والجد تزويج الصغيرة بحال، وإن تضررت بعدم النفقة قولاً واحداً بلا خلاف عندنا، فمن حكم أو أفتى بصحته نقض حكمه وردت فتواه، وأما تزويجها على مذهب أبي حنيفة فلا ينبغي للمحتاط لدينه أن يتساهل فيرخص في العمل بذلك، كما يفعله بعض متفقهة العصر إذ لا ضرورة إلى ذلك، لأن الضرورة حيث أطلقت هي التي يسوغ معها أكل الميتة فمتى يحكم بذلك، نعم قال ابن عجيل وإسماعيل الحضرمي وولده: يجوز مع شدة الحاجة تقليد أبي حنيفة القائل إن لكل من الأولياء حتى الحاكم تزويجها سواء فقد المجبر أو غاب، بل جوّز شريح وعروة وحماد تزويج الأجنبي للصغيرة، وكأنهم راعوا المشقة في عدم التزويج. والحاصل أنه لا ينبغي لغير متبحر في العلم عالم بشروط التقليد فتح هذه المسألة والإفتاء بها، فمن فعل ذلك فهو إما مدعي التبحر أو متهوّر اهـ. وعبارة ب: يجوز تقليد مذهب الغير في العمل في نكاح امرأة بلا ولي أو بلا شهود بشروطه المارة، ومعلوم أن تقليد المذهب الآخر صعب على فقهاء العصر فضلاً عن عوامهم، فينبغي للمستبرىء لدينه التثبت وسلوك طريق الاحتياط في مثل ذلك.
(مسألة: ش): تزوج فقيه أو عامي امرأة من نفسها على مذهب أبي حنيفة، فإن كان ملتزماً لمذهبه فلا اعتراض عليه، نعم إن رفع الأمر لقاض شافعي فنقضه بطل قطعاً، أو لمذهب الشافعي حرم ذلك، ووجب إنكاره على كل ذي قدرة ولو حنفياً بيده ثم بلسانه ثم بقلبه، إذ هو حرام في عقيدة الفاعل فيجب إنكاره كالمجمع عليه، ووجب على الشافعي نقضه، وحينئذ ترتفع شبهة الخلاف ويبطل قطعاً أيضاً، وإذا قطع بالبطلان كان وطؤه زنا، وليس لقاض حنفي الحكم بصحته حينئذ، كما لو رفع أوّلاً لحنفي فحكم بصحته فيصح قطعاً، ويجري هذا التفصيل فيما لو زوج السيد عبده الصغير بأمته إجباراً وتولى الطرفين على المذهب القديم ومذهب مالك وأبي حنيفة، فلا يجوز لشافعي كحنبلي الحكم بصحته، إذ المذهب القديم ليس مذهباً للشافعي، فإن حكم بالصحة مالكي أو حنفي صح قطعاً، إذ حكم الحاكم براجح مذهبه يرفع الخلاف ويصير كالمجمع عليه ويعزر الزوجان إن اعتقدا تحريمه، نعم إن دعت ضرورة إلى ذلك كأن احتاجت للنفقة ولحقها في إعلام وليها مشقة صح باطناً ما لم يحكم بصحته حنفي فيصح ظاهراً أيضاً، فإن رفع أوّلاً لشافعي نقضه إلا إن كان أهلاً للترجيح ورأى المصلحة في إبقائه، ولم يشترط عليه الحكم براجح المذهب، ولم يطرد به العرف في المسألتين، ولا ينبغي أن يفتح باب التجويز والتخيير، إذ يؤدي إلى مفاسد عظيمة لقضاة السوء ومتفقهتهم اتباعاً للأهوية.
(مسألة: ب ش ك): ادعت مجهولة النسب أنه لا وليّ لها قبلت، إذ العبرة في العقود بقول أربابها نعم الأحوط إثبات ذلك، وله التأخير ما لم تلح، فالأولى المبادرة وتحليفها ندباً بأن لا ولي لها، وأنها خلية عن موانع النكاح، أما معروفة النسب لو ادعت موت وليها فلا يزوّجها القاضي كالمحكم حتى يثبت ذلك، كما لو ادعت موت زوجها المعين أو طلاقه، بخلاف ما لو قالت: كنت مزوجة فطلقني الزوج واعتددت ولم تعينه فتصدق بلا يمين اهـ. وعبارة ي: اعتمد في التحفة عدم جواز إقدام الحاكم على تزويج من طلقها زوجها المعين أو مات بعد ثبوته لديه، واعتمد في الفتاوى وابن زياد وأبو قضام جواز ذلك إذا صدق المخبر، إذ العبرة في العقود بقول أربابها، ولأن تصرف الحاكم ليس حكماً وهو القياس، وأما الصحة فعلى ما في نفس الأمر إن بان الفراق صح وإلا فلا.
(مسألة: ش): العبرة بكون المرأة بمحل ولاية الحاكم وعدمه بحال التزويج لا الإذن، فلو أذنت خارجه وزوّج وهي به صح، وإن ظنها خارجه اعتباراً بما في نفس الأمر، ولا يشترط كون الزوج به، لأن حكم الحاكم نافذ في جميع أقطار الأرض بخلاف العكس، وإن كان الزوج به لكن لا يفسق لو زوّجها حينئذ، لأن تعاطي العقود الفاسدة صغيرة، فلو شك هل وقع العقد وهي به أو خارجه استصحب الأصل من كونها فيه أو خارجه قبل العقد، فإن لم يكن أصل يستصحب بطل العقد احتياطاً للنكاح، فعلم أن خروج الحاكم أو خروجها عن محل ولايته بعد الإذن لا يؤثر، فيزوج إذا رجع أو رجعت بخلاف عزله، نعم إن لم يكن في المحل الذي هي فيه قاض فحكَّمت هي وخاطبها من فيه الأهلية ولو القاضي المذكور صح، وإن بعدت عن محله إذ هو الآن محكم، ولا يشترط في المحكم كونها بمحله.
(مسألة: ش): غاب وليها مرحلتين من بلدها، فأذنت للحاكم يعني الذي شمل حكمه لبلدها وإن لم يكن بها صح، وإن قرب من محل الولي أو كانا في بلد واحدة بل وإن كان القاضي المذكور أبعد من محل الولي إلى المرأة، لأن العلة وهي غيبة الولي التي هي شرط لثبوت ولاية الحاكم وجدت ولا عبرة بالمشقة وعدمها.
(مسألة: ي): يصح تزويج الحاكم من غاب وليها بعد البحث عنه هل هو بمسافة القصر أم لا؟ فلو شك وتعذر الإذن لعدم العلم بمحله صح أيضاً ما لم يبن قريباً، ويزوّج الحاكم بنت رقيق أمها حرة أصلية، فإن كانت الأم عتيقة فولايتها لموالي الأم ما لم يعتق أبوها، وإلا انجر الولاء له ولمواليه ولم يعد.
(مسألة): أتى رجل إلى الحاكم يريد التزوج بامرأة، وادعى أنها أذنت لوليها الغائب، وأن وليها وكَّل الحاكم في ذلك، لم يصح تزويج الحاكم إلا بعد ثبوت ذلك على المعتمد، نعم إن كان وليها بمسافة القصر وهي بمحل ولاية الحاكم وأذنت له صح تزويجه فإن وطىء حيث قلنا ببطلانه فبشبهة، كما لو زوّجها بلا وليّ أو شهود.
[فائدة]: الأمة الموقوفة على معين يزوجها الحاكم بإذن الموقوف عليه لا منه بلا إجبار منه لها، وعلى غير معين كمسجد يزوجها أيضاً بإذن الناظر، وأما عبيد بيت المال فلا يزوجون بل يباعون، ويزوجهم سادتهم كالعبد الموقوف، لا يزوّج أبداً على المختار عند أئمة المذهب، وإن تعلق بعض المفتين بترجيح الغزالي فهو مدخول اهـ فتاوى ابن زياد. وقد صرح في التحفة في باب الوقف بأن الأتراك عبيد بيت المال أعتقهم ناظره، والحال أنه رقيق بيت المال ولا يصح عتقه.
التحكيم والتولية
(مسألة: ب ش): الحال في مسألة التحكيم أن تحكيم المجتهد في غير نحو عقوبة لله تعالى جائز مطلقاً، أي ولو مع وجود القاضي المجتهد، كتحكيم الفقيه غير المجتهد مع فقد القاضي المجتهد، وتحكيم العدل مع قد القاضي أصلاً أو طلبه مالاً وإن قل، لا مع وجوده ولو غير أهل بمسافة العدوى، وكذا فوقها إن شملت ولايته بلد المرأة، بناء على وجوب إحضار الخصم من ذلك الذي رجح الإمام الغزالي والمنهاج وأصله عدمه، ولا بد من لفظ من المحكمين كالزوجين في التحكيم كقول كل: حكمتك لتعقد لي أو في تزويجي، أو أذنت لك فيه، أو زوجني من فلانة أو فلان، وكذا وكلتك على الأصح في نظيره من الإذن للولي، بل يكفي سكوت البكر بعد قوله لها: حكميني أو حكمت فلاناً في تزويجك، ويشترط رضا الخصمين بالمحكم إلى صاحب الحكم لا فقد الولي الخاص، بل يجوز مع غيبته على المعتمد كما اختاره الأذرعي، ولا كون المحكم من أهل بلد المرأة، فلو حكمت امرأة باليمن رجلاً بمكة فزوّجها هناك من خاطبها صح وإن لم تنتقل إليه، نعم هو أولى لأن ولايته عليها ليست مقيدة بمحل، وبه فارق القاضي فإنه لا يزوج إلا من محل ولايته فقط، بل لو قالت: حكَّمتك تزوجني من فلان بمحل كذا لم يتعين إلا إن قالت: ولا تزوِّج في غيره،
وأما التولية فهي والتفويض بمعنى وليس هي التحكيم خلافاً لبعضهم، فشرطها فقد الولي الخاص والعام، فللمرأة إذا كان في سفر أو حضر وبعدت القضاة عنها ولم يكن هناك من يصلح للتحكيم أن تولي عدلاً كما نص عليه. زاد في ب: وشرط ابنا حجر وزياد في التحكيم فقد الولي الخاص، فلا يجوز مع غيبته وجوّزه الأذرعي والرداد، واقتضاه كلام ابن حجر في الفتاوى وابن سراج، قال أبو مخرمة وهو مقتضى كلام الشيخين: نعم يشكل على ذلك فيما إذا عم الفسق في زمان أو مكان كما هو المشاهد ولا يستغرب، فقد قال الإمام الغزالي: إن الفسق قد عم العباد والبلاد، ولم يكن بمحل المرأة ولي خاص ولا حاكم ولا عدل، وقد ذكروا أنه لا يجوز تحكيم الفاسق مطلقاً، فل يتعين عليها الانتقال إلى محل الحاكم وإن بعد وشق وخافت العنت؟ أو تزوّج نفسها تقليداً لمن يرى ذلك إن علمته بشروطه، وكذا إن لم تعلمه واعتقدت أنه حكم شرعي ووافقت مذهباً كما مر في التقليد، أو تولي أمرها الأمثل فالأمثل، أي الأقل فسقاً في موضعها وما قرب منه، ولو قيل يتعين انتقالها إلى الحاكم وإن بعد إن لم تخف العنت ولم تعظم المشقة ولا أمكنها تقليد مذهب معتبر، ولا تولي الأمثل فالأمثل لم يكن بعيداً ولكنت أميل إليه، بل نقل الأشخر عن فتاوى البلقيني جواز تحكيم المقلد غير العدل مع فقد قاض مجتهد وكفى به سلفاً هنا.
(مسألة: ي): غاب وليها مرحلتين ولم يكن ثم قاض صحيح الولاية بأن يكون عدلاً فقيهاً، أو ولاه ذو شوكة مع علمه بحاله بمسافة القصر حكَّمت هي والزوج عدلاً يقول كل منهما: حكمتك تزوجني من فلانة أو فلان، ولا بد من قبول المحكم على المعتمد ثم تأذن له في تزويجها، ويجوز تحكيم الفقيه العدل ولو مع وجود القاضي كغير الفقيه مع عدمه بمحل المرأة ولو مع وجود فقيه.
الكفاءة
[فائدة]: مذهب الإمام مالك عدم اعتبار الكفاءة، وقد قال ابن حجر وأبو مخرمة: إن صاحب الأمر إذا أمر باتباع مذهب وجب ولا يجوز نقضه، فحينئذ إذا سهل استئذانه في هذه الواقعة فحسن، قاله أحمد مؤذن: باجمال اهـ محمد باسودان.
(مسألة: ي): اعلم أن الذي يستفاد من كلام أئمتنا أن في الكفاءة أربعة أقوال: الأول أنه لا تكافؤ بين الزوجين إلا إذا ساواها الزوج أو زاد عليها في النسب، وعدد الآباء إلى المنتسب إليه، ووجد استواء الزوجين وآبائهما في العفة والحرية، وقرب الإسلام والشهرة بالعلم والصلاح، وبالولاية العادلة أو ضدها، فمتى كانت أرفع منه بدرجة في النسب، أو كان في آبائها من اتصف بصفة كجدها الخامس مثلاً، ولم يتصف بذلك جده المذكور، وإن اتصف بها جده السادس دون جدها لم يكافئها، لأن خصال الكفاءة لا يقابل بعضها ببعض، وهذا ما اعتمده الشيخان وجرى عليه المتأخرون كابن حجر و (م ر) . الثاني: يشترط الاستواء في النسب والعفة والحرية والحرفة مع مجرد الاشتهار بالعلم والصلاح والأمارة، ولا يشترط الاستواء بل النازل بدرجة فأكثر كفء لمن فوقه، وهذا ما اعتمده في القلائد ودعسين والعمودي، وكلام ابن قاضي يميل إلى أنه مرجح الشيخين. الثالث: اعتبار ذلك بالزوجين فقط لا آبائهما،
وهو ما رجحه الأذرعي ونقله عن الأكثر، ورجحه ابن الرفعة، وقال العمودي: هو المختار الذي دل عليه العمل من قديم الزمان.
الرابع: مقابل الأصح أنه يعتبر فيهما ما مر في الأول، لكن يقابل بعض الخصال ببعض، فإذا فقدت خصلة في أحدهما ووجدت أخرى وحينئذ إذا زوجها أحد الأولياء المستوين، فإن كان برضا البقية صح مطلقاً أو بغير رضاهم، فإن وجدت قابلتها الكفاءة على أحد الأقوال الثلاثة: الأول صح أيضاً كما لو انتفت والعاقد عدل دونهم وإن انتفت، والكل فسقة أو فيهم عدل لم يرض بطل النكاح على الأصح، أما لو انتفت على جميع الأقوال فيبطل قطعاً وإن ظنته هي والعاقد كفؤاً، ومحل قولهم إنه لا خيار فيما إذا ظنته هي ووليها كفؤاً فبان عدمه إذا اتحذ الولي أو تعدد وأذن الكل ولو ترافعوا إلى الحاكم، فإن كان قبل العقد لم يصح الحكم بمنع التزويج، إذ لم يدخل وقته أو بعده، فإن وجدت على القول الأوّل فلا كلام في صحة النكاح، أو على الثاني أو الثالث فكذلك أيضاً، لأنهما وإن كانا مرجوحين فقد رجحهما المتأخرون وقرروهما، وعليهما عمل القضاة في جميع الأمصار، فلا يجوز لقاض إبطاله، إذ في العمل بالقول الأول من العسر والضرر ما لا يخفى، فليسع القاضي اليوم ما وسع القضاة والعلماء الأعلام قبله.
(مسألة: ك): يشترط لتزويج الولي موليته بغير الكفء تعيين الزوج لها في الاستئذان أو وصفه بأنه غير كفء، فإذا رضيت به ولو سفيهة ولو بالسكوت في البكر، ورضي سائر الأولياء المستوون في الدرجة صح النكاح، نعم لا يشترط رضا الوليّ في الجب والعنة، ويكره كراهة شديدة تزويجها من فاسق إلا لريبة، ومحل صحة النكاح إذا زوّجها الولي الخاص لا العام، قال في التحفة: ولو طلبت من لا وليّ لها أن يزوّجها السلطان بغير كفء ففعل لم يصح، وقال كثيرون أو الأكثرون: يصح، وأطال جمع متأخرون في ترجيحه وتزييف الأول وليس كما قالوا، وعلى الأول لو طلبت ولم يجبها القاضي فالأقرب أن لها أن تحكم عدلاً يزوّجها منه للضرورة، حيث لم يكن حاكم يرى ذلك لئلا يؤدي ذلك إلى الفساد اهـ. وألف البلقيني في صحة تزويجها ممن لا يكافئها تأليفاً مستقلاً أطال فيه الأدلة وبين أنّ ما رجحه الشيخان ليس مذهب الشافعي، قال: فإذا كان الشخص معتقداً ما صححاه فلينتقل عن هذا الاعتقاد قبل العقد ثم يقبل النكاح، فإن لم ينتقل ووقع الحكم بالصحة حلّ الاستمتاع ظاهراً وباطناً اهـ. وفي ب ش نحو ما نقل عن التحفة وزادا: والذي نراه الأول إلا عند مشقة أو خوف فتنة، فينبغي اعتماد ما قاله الأكثرون، بل بحث بعضهم أنه يلزم الحاكم إجابتها عند خوف الفتنة، لكن محل هذا القول في عادمة الولي لا إن غاب، ومحله أيضاً حيث لم يكن هناك من يرى تزويجها ولم تجد عدلاً تحكمه وإلا لم يلزمه، إذ لها عند امتناع الحاكم التحكيم للحاجة.
(مسألة: ش): زوّج بعض الأولياء موليته بغير كفء برضا من في درجته، ثم أبانها الزوج وأرادت التجديد منه، فلا بد من رضا الجميع الآن أيضاً على المعتمد، ولا يكتفى برضاهم السابق، ومثله القاضي مع غيبة الولي ولو تجديداً بمن رضي به الولي أولاً، بل هو أولى بالمنع من بعض الأولياء.
(مسألة: ش): زوّج المجبر موليته إجباراً من فاسق بترك الصلاة أو الزكاة لم يصح على الأظهر لعدم الغبطة، ويعزر بتزويجها غير كفء ما لم تدع إليه حاجة ويقلد تقليداً صحيحاً، بل لو خطبها كفؤان وأحدهما أكفأ لزم الولي تزويجها به، وهذا كما لو زوّج بعض الأولياء المستوين بغير رضا الباقين، والثاني يصح ولها ولهم الخيار وهو مذهب الحنفية، ولا يجوز الإفتاء به إلا لمن له أهلية التخريج والترجيح لا لعلماء الوقت اهـ. وعبارة (ك) العامي الذي لا يعلم فرائض نحو الصلاة والوضوء لا يصحان منه، كما لو قصد بفرض معين النفلية أو أخل بشيء معين من الفروض، وحينئذ يفسق بترك التعلم لعدم صحة العبادة منه، بخلاف من اعتقد جميع أفعال الصلاة فرضاً، فحينئذ من أتى من العوام بالفروض العينية على وجه صحيح فليس بفاسق، فيكافىء الصغيرة من هذه الحيثية ومن لا فلا، على أن للشافعي قولاً وهو مقابل الأظهر بصحة النكاح من غير كفء، لكن إن زوجت إجباراً أو أذنت إذناً مطلقاً تخيرت بعد علم الكبيرة وبلوغ غيرها، وقيل لا تتخير.
(مسألة: ش): ليس للهاشمي الغير المنتسب إليه كذرية عليّ كرم الله وجهه من غير فاطمة رضي الله عنها كفؤاً لذرية السبطين الحسنين ابني فاطمة الزهراء رضي الله عن الجميع، وذلك لاختصاصهم بكونهم ذريته عليه الصلاة والسلام ومنتمين أي منتسبين إليه في الكفاءة وغيرها، ويحمل قولهم: إن بني هاشم وبني المطلب أكفاء على غير أولاد السبطين، وقوله : "نحن وبنو المطلب شيء واحد"، على الموالاة والفيء وتحريم الزكاة وغيرها. ولا دليل في تزويج عليّ أم كلثوم بنت فاطمة من عمر رضي الله عن الجميع فلعلهما كانا يريان صحة ذلك اهـ. ونحوه في (ي) وزاد: إذ الكفاءة في النسب على أربع درجات: العرب وقريش وبنو هاشم والمطلب، وأولاد فاطمة الزهراء بنو الحسنين الشريفين رضوان الله عليهم، فلا تكافؤ بين درجة وما بعدها، وحينئذ إن زوجها الولي برضاها ورضا من في درجته صح، أو الحاكم فلا وإن رضيت.
(مسألة: ي): عمل ساداتنا آل أبي علوي نفع الله بهم أنهم لا يراعون بعد صحة النسب إلى سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين شيئاً مما ذكره الفقهاء من القرب والبعد والصلاح والعلم والحرفة ونحوها طلباً لما هو أهمّ من ذلك، وهو تحصين الشريفة بشريف مثلها، ولا يتأتى ذلك إلا بالإعراض عن تلك التفاصيل، فالمعترض عليهم متعنت يخشى عليه الطرد والمقت لأنهم أئمة أجلة، ما خالفوا ذلك التفصيل إلا لعلة، وعلى ذلك عمل حكام جهتنا سابقاً ولاحقاً.
(مسألة): شريفة علوية خطبها غير شريف فلا أرى جواز النكاح وإن رضيت ورضي وليها، لأن هذا النسب الشريف الصحيح لا يسامى ولا يرام، ولكل من بني الزهراء فيه حق قريبهم وبعيدهم، وأتى بجمعهم ورضاهم، وقد وقع أنه تزوّج بمكة المشرفة عربي بشريفة، فقام عليه جميع السادة هناك وساعدهم العلماء على ذلك وهتكوه حتى إنهم أرادوا الفتك به حتى فارقها، ووقع مثل ذلك في بلد أخرى، وقام الأشراف وصنفوا في عدم جواز ذلك حتى نزعوها منه غيرة على هذا النسب أن يستخفّ به ويمتهن، وإن قال الفقهاء إنه يصح برضاها ورضا وليها فلسلفنا رضوان الله عليهم اختيارات يعجز الفقيه عن إدراك أسرارها، فسلَّم تسلم وتغنم، ولا تعترض فتخسر وتندم. وفي ي المتقدم ما يومىء إلى ما أشرنا إليه من اتباع السلف، إذ هم الأسوة لنا والقدوة، وفيهم الفقهاء بل المجتهدون والأولياء بل الأقطاب، ولم يبلغنا فيما بلغنا أنه قد تجرّأ غيرهم ممن هو دونهم في النسب أو لم تتحقق نسبته على التزوّج بأحد من بناتهم قط، اللهم إلا إن تحققت المفسدة بعدم التزويج فيباح ذلك للضرورة، كأكل الميتة للمضطر، وأعني بالمفسدة خوف الزنا، أو اقتحام الفجرة أو التهمة ولم يوجد هناك من يحصنها، أو لم يرغب من أبناء جنسها ارتكاباً لأهون الشرين وأخف المفسدتين، بل قد يجب ذلك من نحو الحاكم بغير الكفء كما في التحفة.
(مسألة: ش): حد الفقيه من أدرك من كلّ باب من أبواب الفقه ما يستدل به على باقيه، والعالم هو الفقيه المذكور أو المفسر أو المحدّث، فالفقيه أخص فلا يكافىء بنتهما جاهل، نعم من لم يبلغ منهما تلك الرتبة كافأ بنته الجاهل، وتوقف فيه في التحفة فارقاً بين الكفاءة والوصية.
(مسألة: ش): يكافىء حرة الأصل من أمه أم ولد، إذ هو حر الأصل أيضاً ليس لأحد عليه ولاء، بخلاف من أمه أمة، وإن عتقت أو عتيقة، أو في آبائه عتيقان أو عتقاء أكثر أو أقرب، فلا يكافىء من ليست كذلك، كما لو كان أبوها عالماً أو قاضياً ولو غير مجتهد، ولو لم يكن هناك أفضل يصلح للولاية، أو كان في آبائها علماء أكثر أو أقرب، فلا يكافئها من لم يتصف بتلك الصفات، أما الانتساب إلى قضاة الزمان المخلطين أو المتولين مع وجود أفضل منهم فلا عبرة به كالانتساب إلى ولاة الظلم والجور.
(مسألة: ش): لا يكافىء ولد ذي الحرفة الدنيئة ومن له أبوان فيها من ليست كذلك كولد الفاسق بنت العفيف، ومن أسلم بنفسه من أسلم أبوها كما رجحه الشيخان، نعم لو تاب ذو الحرفة الدنيئة قبل موته ومضت عليه سنة ولم تكن مما يعير بها أبداً كافأها ومن باب أولى ولده، وهذا بخلاف ولد نحو الأبرص فيكافىء من ليس أبوها كذلك، إذ لا يعير بعيب أبيه مما ليس باختياره. وقال الماوردي والروياني والهروي وأبو الطيب: عبرة بفسق الأب وكفره وحرفته، ورجحه الأذرعي وجعله المنقول، فلو حكم بصحة النكاح قاضي الزيدية مثلاً، فإن ولاه ذو شوكة وحكم بجادّة مذهبه نفذ حكمه ظاهراً وكذا باطناً للضرورة، وإذا صححنا الحكم المذكور فيعلم مذهبه، فإن كان يكافىء عندهم من أبوه ذو حرفة دنيئة مثلاً من ليست كذلك كما هو عند الهروي ومن وافقه فلا خيار لها إذا بلغت لو كانت حال العقد صبية، بل لا مخلص لها إلا نحو الطلاق وإن لم يكافئها عندهم ولكن لها الخيار، فحكمه بالصحة مقيد بثبوت الخيار بعد البلوغ، فإذا اختارت الفسخ ففسخ بعيب فتعتبر شروطه.
(مسألة: ك): تتفاوت الحرف في الكفاءة كما نص عليه الأئمة في بعضها وذكروا، لما لم ينصوا عليه ضوابط يعرف بها الخسيس من غيره، فمن ذلك قول التحفة: ويظهر أن كل ذي حرفة فيها مباشرة نجاسة كالجزارة على الأصح ليس كفؤاً لذي حرفة لا مباشرة فيها، وأن بقية الحرف التي لم يذكروا فيها تفاضلاً متساوية إلا إن اطرد تفاوت في عرف بلد الزوجة اهـ. وقال في الأنوار: فأصحاب الحرف الدنيئة ليسوا بأكفاء للأشراف ولا لسائر المحترفة، فالكناس والحجام ونحو الفصاد وقيم الحمام والحائك والراعي والقصاب والبقال والطباخ والدباس والدهان ونحوهم لا يكافئون بنت الخياط والعطار والخباز والنجار، والخياط لا يكافىء بنت التاجر والبزاز والجوهري، ويشبه أن يلحق بهم الصرّاف والعطار، وهم لا يكافئون بنت القاضي والعالم والزاهد المشهور، وتتفاوت الصنائع والحرف، وما شك فيه يرجع لعرف البلد اهـ. وعلة تفاوت الحرف تكون تارة بالنظافة وتارة بطيب الرائحة وتارة بزيادة الكسب كالتجارة.
(مسألة: ك): صريح عبارة التحفة تفاوت الأرقاء في الكفاءة كالأحرار فلا بد من اعتبارها، لكن بالنسبة لتزويج غير السيد مطلقاً، وكذا له ما عدا الرق ودناءة النسب فله تزويج أمته ولو شريفة بعبد ودنيء.
(مسألة: ب): زوج حرّ ابنته الحرّة الصغيرة من رقيق لم يصح النكاح وإن رضيت إذ إذنها حينئذ لاغ.
(مسألة: ك): ونحوه ش: إذا تاب الفاسق بغير نحو الزنا ومضت له سنة كافأ العفيفة، كما قاله ابن حجر خلافاً لـ (م ر) . أما الفاسق بالزنا ونحوه مما يتلطخ به العرض فلا يكافئها مطلقاً وإن تاب وحسنت توبته باتفاقهما.