كتاب بغية المسترشدين باعلوي الحضرمي علي المذهب الشافعي
محتويات
- الرجعة
- الإيلاء والظهار واللعان
- العدد
- الاستبراء
- النفقات
- فسخ النكاح بالإعسار
- نفقة الأقارب
- الرضاع والحضانة
- االعودة إلي كتاب بغية المسترشدين باعلوي الحضرمي
الرجعة
[فائدة]: قال بج: يصح ارتجاع كل مكلف ولو بتطليق الحاكم في حق المولى فخرج به الفسخ فلا رجعة فيه لأنه شرع لدفع الضرر، ويسن الإشهاد عليها سواء بلفظ صريح أو كناية أو إقرار، إذ لا يصدق في الرجعة ولا يقرّ على الزوجية بعد علمنا بتطليقه وانقضاء العدة إلا ببينة وهذا فائدة الإشهاد اهـ. ونظم بعضهم شروط الرجعة فقال:
شروط الارتجاع تعدّ سبعاً ** فهاك السبع في نظم مجاد
طلاق غير مستوف لعد ** وقبل مضي وقت الاعتداد
وبعد دخولها ووجود وطء ** بلا عوض يكون ولا ارتداد
(مسألة: ج) ادعى الرجعة لم يصدق إلا ببينة تشهد بأنه راجع قبل انقضاء العدة، فإن لم تكن بينة صدقت هي كوارثها بيمينها على نفي العلم.
(مسألة): تحصل الرجعة بقوله: راجعت ورجعت وارتجعت ومراجعة ومرتجعة، وتشترط إضافتها إليها أو إلى ضميرها أو الإشارة، كراجعت فلانة، أو راجعتها، أو راجعتك أو هذه، أو أنت مراجعة، ولا تشترط إضافتها إليه كإليّ أو إلى نكاحي بل هو سنة، فهذه صرائح ومثلها رددتها أو أمسكتها لكن بشرط الإضافة إليه، وتحصل أياً بالكناية مع النية كتزوّجتها ونكحتها ولو بصورة العقد.
(مسألة: ب): علق الطلاق بصفة وشك في وجودها فراجع ثم بان وجودها صحت مراجعته كما رجحه النووي ومال إليه ابن حجر، ومثله لو شك في لفظ أيقع به طلاق أم لا؟ فراجع احتياطاً وإن بان وقوعه، لأن العبرة في العقود بما في نفس الأمر فقط.
الإيلاء والظهار واللعان
[فائدة]: جرى في التحفة والنهاية والفتح والإمداد على أن المرأة المولي عنها زوجها، يعني الحالف عن وطئها مطلقاً أو أكثر من أربعة أشهر، مخيرة بين مطالبته بالفيئة أي الوطء وتكفير يمينه أو الطلاق، وجرى في المغني كالحاوي على أنها تطالبه بالفيئة أوّلاً فإن امتنع فبالطلاق.
[فائدة]: الأعضاء الباطنة كالظاهرة في حكم التشبيه بها في الظهار سواء المشبه والمشبه به، قاله في الفتح والإمداد، لكن اعتمد في التحفة والنهاية عدم صحة الظهار بالتشبيه بها، سواء المشبه والمشبه به أيضاً إلا القلب، فاستوجه في التحفة أن تشبيهه كناية ظهار، واعتمد في التحفة والنهاية والمغني والروض وشرحه، حرمة الاستمتاع بالمظاهر منها كالحائض يعني بما بين السرة والركبة، ورجح في الفتح والإمداد تبعاً للمنهاج حرمة الجماع فقط.
(مسألة: ي ش): نكح حاملاً من الزنا فولدت كاملاً كان له أربعة أحوال، إما منتف عن الزوح ظاهراً وباطناً من غير ملاعنة، وهو المولود لدون ستة أشهر من إمكان الاجتماع بعد العقد أو لأكثر من أربع سنين من آخر إمكان الاجتماع، وإما لاحق به وتثبت له الأحكام إرثاً وغيره ظاهراً، ويلزمه نفيه بأن ولدته لأكثر من الستة وأقل من الأربع السنين، وعلم الزوج أو غلب على ظنه أنه ليس منه بأن لم يطأ بعد العقد ولم تستدخل ماءه، أو ولدت لدون ستة أشهر من وطئه، أو لأكثر من أربع سنين منه، أو لأكثر من ستة أشهر بعد استبرائه لها بحيضة وثم قرينة بزناها، ويأثم حينئذ بترك النفي بل هو كبيرة، وورد أن تركه كفر، وإما لاحق به ظاهراً أيضاً، لكن لا يلزمه نفيه إذا ظن أنه ليس منه بلا غلبة، بأن استبرأها بعد الوطء وولدت به لأكثر من ستة أشهر بعده وثم ريبة بزناها، إذ الاستبراء أمارة ظاهرة على أنه ليس منه لكن يندب تركه لأن الحامل قد تحيض،
وإما لاحق به ويحرم نفيه بل هو كبيرة، وورد أنه كفر إن غلب على ظنه أنه منه، أو استوى الأمران بأن ولدته لستة أشهر فأكثر إلى أربع سنين من وطئه، ولم يستبرئها بعده أو استبرأها وولدت بعده بأقل من الستة، بل يلحقه بحكم الفراش، كما لو علم زناها واحتمل كون الحمل منه أو من الزنا، ولا عبرة بريبة يجدها من غير قرينة، فالحاصل أن المولود على فراش الزوج لاحق به مطلقاً إن أمكن كونه منه، ولا ينتفي عنه إلا باللعان والنفي، تارة يجب، وتارة يحرم، وتارة يجوز، ولا عبرة بإقرار المرأة بالزنا، وإن صدقها الزوج وظهرت أماراته.
(مسألة): قذف زوجته بالزنا وادعى أن الحمل ليس منه لزمه الحدّ، ولم يبرأ إلا بعفوها أو باللعان، ويلحقه الولد ويرثه ما لم ينفه حال اللعان، ويلزمه نفيه فوراً إن تحقق أنه ليس منه، وقد ألحقه الشرع به كما تقدم، وإذا لاعن أو أقرت بالزنا ولم ترجع عن إقرارها لزمها الحد وهو الرجم للحرة الموطوءة في نكاح صحيح، وإلا فجلد مائة وتغريب عام إلى مسافة القصر للحرة ونصفهما لمن بها رق ما لم تلاعنا أيضاً.
العدد
(مسألة): عدة الطلاق بائناً أو رجعياً، والفسخ ووطء الشبهة والوفاة للحامل بوضع الحمل المنسوب لذي العدة حرة كانت أو أمة، وأما غير الحامل فللوفاة بأربعة أشهر وعشر للحرة، ونصفها للأمة، ولغير الوفاة بثلاثة أقراء للحرة، وقرءين لغيرها، والقرء طهر بين دمين أي ولو حيضاً ونفاساً، كما اعتمده في التحفة والنهاية والدميري والناشري وغيرهم، خلافاً للنووي في الروضة والفتاوى والبغوي وأبي مخرمة والأسنى، وحينئذ فمن طلقت ولم تر حيضاً أصلاً وقد رأت دم النفاس اعتدت بالأقراء على الأوّل المعتمد وبالأشهر على الثاني، أما لو ولدت ولم تر دماً أصلاً فتعتد بالأشهر اتفاقاً، هذا إن كانتا من ذوات الأقراء، وإلا كصغيرة وآيسة فثلاثة أشهر لحرة ونصفها لأمة.
(مسألة: ك): عدة الفسخ كعدة الطلاق لا الوفاة، وحكم المفسوخ نكاحها حكم البائن في وجوب السكنى واستحباب الإحداد.
(مسألة: ش): فورقت غير حامل وهي من ذوات الأقراء، فانقطع حيضها لعارض يعرف كرضاع ومرض وجوع، لم يحل لها التزويج بغير ذي العدة قطعاً حتى يعاودها الدم، فتعتد بالأقراء أو تبلغ سنّ اليأس فتعتد بالأشهر، ولا يبالى بطول مدة الانتظار، كما نقل عن إجماع الصحابة، وأطبق عليه المتقدمون والمتأخرون، وإن انقطع لا لعلة فكذلك على المذهب الجديد، وبه قال أبو حنيفة وفي القديم، وبه قال مالك وأحمد، وأفتى به جمع متأخرون أنها تتربص تسعة أشهر ثم تعتد بثلاثة أشهر، فإن قضى به شافعي لرجحانه عنده أو مساواة الجديد أو لضرورة كالاحتياج للنفقة وفيه أهلية الترجيح نفذ قضاؤه وصح العقد قطعاً وإلا نقض، ويجوز الإفتاء لمن هو كذلك، مع بيان أنه ليس من مذهب الشافعي ليقلد المستفتي ذلك اهـ، ونحوه (ب) وزاد: وقضى به سيدنا عمر، واختاره البلقيني، وأفتى به ابن عبد السلام والبارزي والحضرمي وابن شكيل وابن كبن وأبو حميش وابن مطير، وكفى بهؤلاء أسوة وقوّة، فالأولى لمن ليس لها ولي خاص ولم تجد حاكماً يرى ذلك أن تحكم عدلاً بشرطه.
(مسألة: ش): تجب العدة بوطء الصبي والخصي اكتفاء بالسبب وهو الوطء، لأن اشتغال الرحم الذي شرعت العدة لاستبانته أمر باطن، فاعتبر سببه وهو غيبة الحشفة أو قدرها، كما ذلك شأن الشرع الشريف من تعلق الحكم بالوصف العام الظاهر المنضبط الذي هو مظنته، كتعليق الإسلام بكلمته الظاهرة ولو مع الإكراه لنحو حربي، دون الاعتقاد الذي به حصول النجاة، وتعليق النقض باللمس والنوم اللذين هما مظنة الخروج، وتعليق القصر بالسفر الذي هو مظنة المشقة وعكسه بالإقامة، مع أن المغلب في هذا الباب التعبد، فمن ثم وجبت العدة، وإن تيقن براءة الرحم كأن طالت غيبة الزوج كثيراً ثم فارق فتجب العدة حينئذ. والحاصل أن العدة أربعة أقسام: تعبد محض كعدة من تيقن براءة رحمها بفراق صبي يقطع بأنه لا يولد له، وصبية يقطع بأنها لا تحمل، ومن مات زوجها قبل الدخول، ومعنى محض كعدة الحامل، واجتماع الأمرين والمعنى أغلب، كموطوءة يمكن حبلها ممن يولد لمثله، فإن معنى براءة الرحم أغلب من التعبد بالعدد بالنسبة للزوجة لا الأمة إذا اكتفى فيها بحيضة أو شهر واجتماعهما، والتعبد أغلب كمعتدة الوفاة المدخول بها وأقراؤها تنقضي قبل عدتها، فالعدد الخاص أغلب في التعبد.
(مسألة): يجب الإحداد على المتوفي عنها زوجها، وهو ترك الطيب والدهن كالمحرم، فيحرم عليها لغير ضرورة أو حاجة ما يحرم عليه من الطيب في الثوب والبدن والطعام ودهن نحو الرأس، نعم يلزمها إزالة طيب عليها حال الشروع في العدة، ولا كفارة عليها باستعماله بخلافه فيهما، ولها استعمال نحو أظفار عند طهرها من نحو حيض والحلي وكل صبوغ لزينة واكتحال ولو بصبر لا لرمد، فتكتحل ليلاً وتمسحه نهاراً، قاله في الفتح. ويندب الإحداد للبائن وفي قول يجب، وكذا للرجعية ما لم تظن عود الزوج لها وخرج بما ذكر نحو غسل الرأس ولو بسدر وامتشاطه والاستحداد وقلم الأظفار فلا يحرم وبالزوج غيره فيحرم فوق ثلاث مطلقاً، وكذا دونها لغير قريب وعالم وصالح، ويجب على كل معتدة مطلقاً ملازمة المسكن بإجماع الأئمة الأربعة، بل تركه كبيرة لقوله تعالى: {ولا يخرجن} كما في الزواجر.
(مسألة): طلقت حرة فادعت انقضاء عدتها قبل مضي شهر وتزوجت كانت كاذبة بدعواها فاسقة بتزوجها، إذ أقل إمكان انقضاء عدة الحرة ذات الأقراء غير الحامل والمتوفى عنها زوجها اثنان وثلاثون يوماً، ولحظتان إن طلقت في طهر، وخمسة وأربعون ولحظة في حيض، وفي الأمة ستة عشر يوماً ولحظتان إن طلقت في طهر، فإذا ادعت المرأة الانقضاء لإمكانه كما ذكرنا صدقت بيمينها، وإن اتهمت وخالف عادتها المستمرة إذ هي مؤتمنة على رحمها.
(مسألة): فورقت موطوءة وأحست بالحمل فمكثت سنة ولم تر حيضاً، ثم تزوّجت آخر فوطئها جاهلاً بالحمل فولدت كاملاً، كان النكاح الثاني باطلاً لوقوعه في عدة الأوّل، وأما الولد فإن أمكن كونه من الأول فقط بأن ولدته لدون أربع سنين من آخر إمكان الاجتماع، ودون ستة أشهر من إمكان اجتماع الثاني، فللأول أو من الثاني فقط بأن عكس ذلك، فللثاني أو منهما بأن ولد لدون الأربع في الأول، وفوق الستة في الثاني عرض على القائف، وهو مكلف حر ذكر عدل مجرّب بعرض أصناف، فإن ألحقه بأحدهما لحقه، ولا ينتفي عنه إلا باللعان، وإن ألحقه بهما أو نفاه عنهما أو تحير، أو لم يوجد قائف ترك حتى يبلغ، فينتسب إلى من يميل إليه طبعه، ثم إن لحق بالأول انقضت عدتها بوضع ذلك، واعتدت للثاني بثلاثة أقراء أو بالثاني فبالعكس، ولو مات زوجها فاعتدت بالأشهر، ثم تزوجت فظهر بها حمل وولدته لدون ستة أشهر من نكاح الثاني لم يلحقه الولد، ووطؤه شبهة يوجب المهر لا الحد، ويلحق الأول بقيده المذكور وإن أقرت بالزنا، وتعتد للثاني بعد الوضع.
(تنبيه): ينبغي بل يتعين في هذا الزمان الذي عم فيه التساهل مع الجهل للعالم كالقاضي، إذا حضر مجلس عقد النكاح أن يبحث ويفتش عن مقتضيات النكاح، كالعدة والبلوغ وكيفية مجيء الحيض والإذن والولاية ونحوها مما يغلب جهل العامة به، لئلا يقعوا في مثل هذه المخازي.
(مسألة): تنقضي عدة الحامل بوضعه ولو ميتاً أو مضغة، قال القوابل: إنها مبدأ خلق آدمي، ولو مات في بطنها واستمر أكثر من أربع سنين لم تنقض إلا بوضعه أيضاً، وإن تضررت وخافت الزنا ولم تسقط نفقتها، كما لو استمر حياً في بطنها حيث ثبت وجوده ولم يحتمل وضع ولا وطء، ولا ينافي ذلك قولهم أكثر مدة الحمل أربع سنين لأنه في مجهول البقاء، حتى لا يلحق المطلق إذا زاد على الأربع، وكلامنا في معلومه زيادة على الأربع، هذا هو الذي يظهر وهو الحق إن شاء الله تعالى، قاله سم. وقال ع ش وهو ظاهر: لكن يبقى الثبوت بماذا؟ لأنه حيث علم أن أكثر مدته أربع سنين، وزادت المدة كان الظاهر من ذلك انتفاء الحمل، وأن ما تجده في بطنها من نحو الحركة ليس مقتضياً لكونه حملاً، نعم إن ثبت بقول معصوم كعيسى عليه السلام وجب العمل به اهـ. ولو شكت حال العدة في الحمل لنحو ثقل وحركة حرم نكاحها حتى تزول الريبة بأمارة قوية، فلو تزوّجت بعد انقضاء العدة مع بقاء الريبة، ثم بان أن لا حمل صح النكاح، خلافاً لـ (م ر) وإن شكت بعد انقضائها سنّ لها التوقف.
(مسألة: ش): ونحوه (ب): تزوج مطلقة غيره في العدة لم يصح، ثم إن وطئها عالماً بالفساد فزان أو جاهلاً فشبهة، فإن وقع بعد قرءين مثلاً قطع عدة الطلاق لصيرورتها فراشاً له، فمن ثم لم تحسب مدة افتراشه، بل تتم بقية عدة الطلاق بعد تفريق الحاكم بينهما، أو اتفاقهما على الفرقة، أو طلاقها على ظن الصحة، أو موته، فلو تأخر التفريق إلى سنّ اليأس أتمت عدة الطلاق بشهر، وحينئذ تتبعض عدة الطلاق من الأقراء والأشهر، لأنها لما كانت بدلاً عن الأقراء كان الشهر بدلاً عن قرء، ثم تعتد للفاسد بالأشهر أيضاً، ويفرق بين هذا وما لو حاضت ذات أشهر قبل انقضائها فإنها تستأنف العدة بالأقراء بأن الأشهر بدل، وإنما أصالتها حيث لم يسبقها حيض، والأقراء أصل مطلقاً والقدرة عليه قبل فراغ البدل، إذا لم يتصل بالمقصود تبطله، كرؤية المتيمم الماء قبل الشروع في نحو الصلاة، بخلاف العجز عن الأصل في الأثناء مع القدرة على البدل لا يبطل ما مضى منه، كمن وجد ماء لا يكفيه فاستعمله، فإن قدرته على التراب لا تبطل ما مضى، بل يتيمم عن الباقي، فلو قدر على الماء بعد بطل تيممه لا غسله، ولو وطئت بشبهة معتدة أتمت الأولى ما لم تحمل للثاني، وإلا اعتدت له ثم أتمت الأولى، لأن الحمل لا يقبل التأخير، وللزوج الرجعة قبل الوضع وبعده إلى انقضاء عدته، لا في حال فراش واطئها، كما ليس له تجديد النكاح قبل الوضع، وليس للزوج الاستمتاع بالمعتدة عن شبهة ولو بنحو نظر بلا شهوة، أو منكوحة فاسداً وقد وطئها الأول فشرعت في عدة الثاني قبل التفريق لعدم تأثرها بمحض المخالطة بشبهة، ثم فرق بينهما أتمتها ثم اعتدت للفاسد، وهذا بخلاف ما لو وطئت بشبهة في نكاح صحيح وشرعت فيها ثم فورقت فتنتقل له إن لم تحمل من الشبهة لقوته.
[فائدة]: قال سم: قوله منيه المحترم العبرة في الاحترام بحال خروجه فقط، حتى لو خرج منه منيّ بوجه محترم، كما لو علا زوجته فأخذته أجنبية عالمة بأنه مني أجنبي واستدخلته كان محترماً تجب به الغرة ويلحق أباه، ومثله ما لو ساحقت امرأته التي نزل فيها ماؤه أجنبية فنزل في الأجنبية، أو استنجى بحجر فخرج منه منيّ عليه فأخذته امرأة وأدخلت ما عليه فرجها.
الاستبراء
(مسألة: ب): قال المزني وابن شريح وصاحب التقريب: لا يجب استبراء البكر والصغيرة ومن لم توطأ نظراً للمعنى، قال الروياني: وأنا أميل لهذا، قال السيوطي: وهو المختار عندي لصحة الحديث به، ونقله البخاري عن ابن عمر اهـ. وعن الليث جوازه ممن لا تحمل مثلها، ويجوز تقليد هؤلاء بشرطه المار اهـ. قلت: والحيلة عند الحنفية فيمن لم يطأها بائعها بعد طهرها، أو كانت لامرأة أو صبي، أو كانت هي صبية، أن يكاتبها مشتريها بألف مثلاً، ثم تختار الرق وتفسخ فيحل وطؤها حالاً من غير استبراء، اهـ من خط العلامة علوي بن أحمد الحداد.
(مسألة): دبر أمته ومات عتقت بموته، ولزمها الاستبراء حينئذ بوضع الحمل ولو من زنا إن كانت حاملاً، وإلا فبحيضة إن كانت من ذوات الحيض، فإن لم تكن فبشهر هذا إن لم يستبرئها قبل موته، وإلا فلا استبراء وتتزوّج حالاً.
(مسألة: ش): ادعت الأمة أنها حامل من سيدها، فإن أنكر الوطء صدّق بلا يمين، وإن أقرّ به وادعى الاستبراء، فإن صدقته أو حلف على أن الحمل ليس منه لا على سبيل الاستبراء فقط انتفى عنه الولد ما لم تضعه لدون ستة أشهر من الاستبراء وإلا لحقه الولد مطلقاً، كما لو نكل عن اليمين، ولا ترد عليها على الراجح، ولا على الولد لو نكلت أيضاً اهـ. وذكر نحوه ك لكن قال: فإن نكل السيد عن اليمين فوجهان: أحدهما ورجح أنه يتوقف اللحوق على يمينها، فإن نكلت فيمين الولد بعد بلوغه اهـ.
(مسألة: ش): باع أمته فادعت أنها حامل منه، فإن حاضت بعد وطئه انتفى عنه الحمل مطلقاً لانقطاع فراشه بالحيض الذي يدل غالباً على براءة الرحم، فحينئذ تصير فراشاً لمشتريها إن وطىء، فيلحقه الحمل وتصير به أم ولد ما لم تضعه لدون ستة أشهر من وطئه وإن لم تحض بين وطئهما فإن ولدته لدون الستة من وطء الثاني، ودون أربع سنين من وطء الأوّل، لحق الأوّل أو بالعكس لحق الثاني، أو ما بينهما من الوطأين عرض على القائف، فإن عدم بمسافة القصر أو تحير أو ألحقه بهما أو نفاه عنهما انتسب بعد بلوغه إلى من يميل إليه طبعه.
النفقات
(مسألة: ي): لا تستحق الزوجة المؤن، ويباح لها الفسخ بالإعسار، إلا إذا لم تخرج عن طاعة الزوج بنحو خروجها من البيت بغير إذنه، ومنعه من التمتع الجائز، وغلق الباب قدامه، وكأن تلزمها عدة شبهة وغصب ظالم لها، وحبسها مطلقاً، وسفرها بلا إذن أو لحاجتها، ودعواها الطلاق كذباً، وترك إجابتها للسفر معه بحراً أو براً، مع أمن الطريق وغلبة السلامة، وصومها بلا إذن فرضاً موسعاً، أو نفلاً غير عرفة وعاشوراء، واشتغالها بنحو تعليم بنات يستحي من أخذها بينهن، وتطويلها صلاة الفرض، والراتبة على أدنى الكمال بلا إذن، ومنعه من لمسها، وتغطية وجهها وتلويته منه وإن مكنته من الجماع، وعدم تسليم الأمة نهاراً، وترك إجابته إلى المسكن اللائق بها وردتها، وإجارتها عينها قبل النكاح مع بقاء المدة بعده، وإكراه نحو أبيها على خروجها من الطاعة، ولا يضر خروجها من البيت بإذن الزوج، أو ظن رضاه لجريان العرف الدال على رضا أمثاله،
هذا إن لم ينهها عنه ولم تعلم غيرته على الخروج، كما لا يضر الخروج لإشراف البيت على الخراب أو الخوف على نفسها أو مالها، وتصدق فيه بقرينة أو لطلب حق، أو تعلم فرض عين أو استفتاء في واقعة لها إن لم يعلمها ولم يسأل لها، أو إخراج معير أو ظالم أو تهدده لها، وتصدق بيمينها فيما لا يعرف إلا منها ولو نشزت والزوج حاضر يتمتع بها لم تسقط المؤن، أو نشزت فغاب أو وهو غائب ثم عادت للطاعة، فلا بد لعود المؤن من إعلامه بعودها، أو إعلام الحاكم، ثم الإشهاد، هذا إن لم تخرج من بيته، وإلا فلا بد أيضاً من مضيّ زمن مجيئه أو وكيله بعد بلوغ الخبر، ولم يعذر في عدم التوكيل، وعلم الحاكم محله، وثبوت نكاحها وإقامتها بمسكنه، وخلفها على الاستحقاق، فإن لم يعرف محله بحث الحاكم عنه، واستحقت لعودها مع علم الحاكم إن وجد، وإلا أشهدت على العود واستحقت، ومتى ثبت تمكينها بعلم الحاكم أو ببينة أو إقرار الزوج أو وليه أو حلفها المردودة لم تسقط المؤن، فلو ادعى النشوز صدقت هي.
(مسألة): تصدق المرأة بيمينها في عدم النشوز أي بعد التمكين، وعدم تسليم النفقة، نعم لو ادعت نفقة وكسوة ماضية وكذا نفقة اليوم، كفاه في الجواب لا تستحق عليّ شيئاً، قاله في القلائد والتحفة.
(مسألة: ش): خرجت من بيت زوجها على سبيل النشوز، فلا بد لعود المؤن من عودها إليه، ولا يكفي قولها: رجعت عن النشوز فليأت إليّ، ولا يكلف الزوج الإتيان إليها وإن أمكنه، وكانت عادة البلد وهي من ذوي الأقدار، هذا هو المذهب الذي لا ريب فيه كما أفتى به القلعي، لكن ينبغي الإتيان إليها إذا طلبت منه ذلك، لما يترتب عليه من جبر القلوب والوفاء بحسن العشرة والمصاحبة بالمعروف، لا سيما إذا كانت رفيعة القدر يلحقها العار بعودها بنفسها، وحيث لم تعد سقطت مؤنها وإن طال مكثها، وترد ما أخذته من نفقة يوم النشوز وكسوة فصله، إذ يملكه الزوج بمجرد نشوزها، فتغرم ما تلف عندها بالأقصى، وما نقص بأرشه، وما لبسته بأقصى الأجر، فإن عادت للطاعة عادت مؤنها للمستقبل من اليوم والفصل لا الحال كما قاله الشيخان، وقال ابن عجيل: تعود لها كسوة الفصل الحاضر بالتوزيع، ويردّ لها ما أخذه من ذلك، ولا بأس بالفتيا به للإضرار اللاحق لها بسقوط كسوة كل الفصل بنشوز لحظة، بخلاف نفقة اليوم لا إضرار في سقوطها، وإن امتنعت من العود إلا بتسليم الصداق، فإن كان حالاً ولم تقبض منه شيئاً ولم يطأها الزوج وقد سلمت له فغير ناشزة، إذ لها الحبس حينئذ، ولو بالخروج من منزله على المعتمد لتقصيرها بعدم التسليم، فإن أعسر فلها الفسخ، وإن انتفى شرط أو امتنعت عبثاً فناشزة تجبر على العود ولو بالضرب لأنه حق لزمها، كما يجبر هو على تسليم مهرها الحال إن كان موسراً، وإن ادعى النشوز فأنكرته صدقت إن كان بسبب ظاهر كخروج لسهولة البينة، فإن كان بخفي كمنع مضاجعة أو أطلق صدق اهـ. قلت وقوله: وإن ادعى النشوز الخ. تقدم في (ي) تصديقها بعد ثبوت التمكين أي مطلقاً، وهو كذلك في فتاوى ابن حجر والتحفة والقلائد كما مر، فليحمل كلامه هنا على ما إذا لم يثبت التمكين وعدمه.
(مسألة: ش): تزوّج امرأة بشرط أن لا يخرجها من بيت أهلها لم يلزم الشرط، سواء كان في صلب العقد أم قبله، على الجديد والقديم، كمذهب مالك صحة الشرط النافع لها، نعم إن التزم ذلك بالنذر لزمه حيث ظهرت فيه القربة، كجبر خاطرها أو خاطر أمها مثلاً، لأن فيه إدخالاً للسرور على مسلم وهو مطلوب.
(مسألة: ش): خرجت بإذنه أو تيقن رضاه لزيارة الصالحين سقطت مؤنها وقسمها ولا إثم، أو بغيره سقطا وأثمت وعادا للمستقبل بعودها، ولا سقوط بالعزم على الخروج حتى تخرج وإن أثمت بالتصميم على المعصية.
(مسألة: ش): خافت في بيت زوجها من سارق أو فاسق، فخرجت أو خرج بها وليها أو أمها لم يكن نشوزاً، وتصدق في دعوى الخوف بيمينها، ويستبد بذلك الولي حيث تعذرت مراجعة الزوج، وهذا ما لو كان الزوج يقيم عند ضرّتها القديمة أو الحادثة بعد سفره أكثر من ثلاثة أيام فخرجت هي بسبب ذلك فلا يكون نشوزاً، إذ الراجح حرمة الزيادة على الثلاث، وإن تفرقن في البلاد، وقولهم: لو منعها الزوج حقها كقسم لزم القاضي توفيته محله حيث أمكن، أما إذا كان في بلد أخرى بحيث تحتاج مراجعته إلى مدة فجواز خروجها بسبب ذلك ظاهر.
(مسألة: ج): امرأة من أهل المدن تزوّجها رجل من أهل البوادي، وشرط عليه أن تكون في بلدها، فسكن معها زماناً ثم طلبها للبادية في محل غير لائق بأمثالها، لكونه يغشاه الرجال ويختلطون بالنساء، ولا يمكنها التحرز عنهم، ويحصل منها الابتذال لم يلزمها إجابته، لا للشرط المذكور لفساده بل لأن إجابتها والحال ما ذكر مفسدة أي مفسدة، والشرع مبني على درء المفاسد وجلب المصالح، فإذا تعارضتا قدمت الأولى، وحينئذ لا تسقط نفقتها، فيلزمه مدان لليسار وإدام نحو حرف من الدراهم والكسوة كل سنة شتاء وصيفاً، ومؤنة الخادمة إن كانت تخدم.
(مسألة: ج): مزوّجة إذا دخلت على زوجها اعتلاها ضيق وكرب وصياح، وإذا خرجت عن داره سكن روعها، لم يلزمها تسليم نفسها للضرر لكن تسقط مؤنها، ولا يلزم الزوج الخروج من بيته إلى بيت آخر لو فرض أنه لم يعتلها ما ذكر، فحينئذ يرشدهما الحاكم إلى الخلع ولا كراهة فيه.
(مسألة: ش): طلبها للسفر معه لزمها مع أمن الطريق والمقصد ولو في البحر الملح حيث غلبت السلامة ولم يخش منه مبيح تيمم، أو مشقة لا تحتمل لمثلها عادة، فحيث امتنعت مع الوجوب فناشزة يسقط قسمها ونفقتها، لكن لا يقوم علمه بامتناعها مقام طلبه لها، بل لا بد للسقوط من تحقق الامتناع.
(مسألة): خطب امرأة فأجابت على أن ينفق على بنتها معها إلى أن تتزوّج، وأن المرأة تجلس في بيتها إلا إن رضيت أن تتبعه إلى مكانه، فسكن عندها مدة ثم طلبها دون بنتها لزمها أن تتبعه، ولا عبرة بالمواطأة المذكورة، نعم إن التزم بالنذر أن لا ينقلها عن بيتها إلا بفرخها لزمه ذلك كما قاله ابن زياد، وتقدم في ش: كما أن نفقة البنت لا تلزمه أيضاً إلا إن نذرها، وتلزم نفقة الزوجة بالتسليم التام ليلاً ونهاراً، ويحرم على وليها المنع من دخول الزوج بيتها وعدم تسليمها، بل ذلك مسقط لمؤنها.
(مسألة: ي): طلق امرأته ولم يعلمها به أثم وبرىء عن المؤن ظاهراً وباطناً وإن قصد عدم إعلامها، نعم إن كانت رجعية أو حاملاً لزمه مؤنها مدة العدّة اهـ. قلت: لكن مر أول الطلاق عن ابن زياد أنه لا بد من يمينه لسقوط المؤن عنه إن لم تصدقه فليحمل ما هنا على ذلك.
(مسألة): طلق زوجته رجعياً أو بائناً حاملاً لزمه جميع مؤنها غير نحو الطيب وآلة التنطيف ما لم تكن ناشزة حال الطلاق، وإلا فلا وجوب كالزوجة الناشزة، فلو مات وهي في العدة استمرت نفقة الحامل لا الرجعية، بل تنتقل لعدة الوفاة وتنقطع نفقتها وترثه.
(مسألة: ب ش): قولهم: تجب الكسوة لكل فصل شتاءً وصيفاً، مراده حيث كانت العادة جارية بذلك، فلو جرت عادة محل أن الكسوة لكل سنة أو أكثر عمل بها.
[فائدة]: نظم بعضهم الحقوق الواجبة للزوجة على زوجها فقال:
حقوق النكاح الواجبات لزوجة ** على الزوج بالتمكين سبع لوازم
طعام وأدم ثم سكنى وكسوة ** وآلة تنظيف متاع وخادم
(مسألة): أراد سفراً طويلاً، كلف طلاقها أو توكيل من ينفق عليها من مال حاضر، قاله في التحفة، وقال (م ر) في شرح الإيضاح: هذا فيما بينه وبين الله تعالى، أما الحاكم فلا يجبره
[فائدة]: قال محمد بن سراج: ولا تجب القهوة على الزوج مطلقاً وإن اعتادوها، لكن نقل (ع ش) عن (م ر) وجوبها، ونحوها من الفواكه المعتادة لأمثالها، قال: ويؤخذ منه وجوب ما يعتاد من الكعك في عيد الفطر، واللحم في عيد الأضحى، ولا يجب عمله عندها إلا إن اعتيد ذلك، قال: وهل يجب إعلام الزوجة بعدم وجوب خدمته مما جرت به العادة من الطبخ والكنس ونحوهما؟ الظاهر نعم، لأنها إذا لم تعلم بعدم وجوب ذلك ظنت وجوبه، وأنها لا تستحق المؤنة بتركه، فصارت كأنها مكرهة على الفعل، وحينئذ هل تجب لها أجرة؟ يحتمل لا لتقصيرها اهـ.
(مسألة): امتنع الزوج أو القريب من تسليم المؤن الواجبة عليه أو سافر ولم يخلف منفقاً، جاز لزوجته وقريبه أخذها من ماله ولو بغير إذن الحاكم، كما أن للأم وإن علت أن تأخذ للطفل من مال أبيه الممتنع أو الغائب أيضاً، لكن يتعين الأخذ من جنس الواجب فيهما إن وجد، فإن لم يكن له مال أنفقت الأم من مالها أو اقترضت ورجعت على الطفل، أو على من لزمته نفقة إن أذن القاضي لها في ذلك، أو أشهدت على نية الرجوع عند فقده وإلا فلا رجوع، وإن تعذر الإشهاد على الأوجه لندرته، وكالأم فيما ذكر بقيده قريب محتاج وجد لطفل غاب أبوه أو امتنع، ولأب أو جدّ أخذ ما وجب له من مال فرعه غير المكلف، وله إيجاره لذلك لما يطيقه، لا أم من مال فرعها، ولا ابن من مال أبيه المجنون إلا بالحاكم، وتستقرّ نفقة القريب بفرض القاضي، وكذا بإذنه في الاستقراض، فتصير ديناً في ذمّة القريب حينئذ لا بدون هذين، بل تسقط بمضي الزمان إلا نفقة خادم القريب حيث وجبت لأنها في مقابلة الخدمة، كما أن نفقة الزوجة المطيعة ولو زوجة أصل تستقرّ بمضي الزمان دون فرض الحاكم اهـ من فتح الجواد. وأفتى أحمد الرملي فيما إذا فرض الحاكم للزوجة وأولادها دراهم في مقابل مؤنتها ومؤنهم عند غيبة الزوج، وأذن لها في إنفاق ذلك عليها وعليهم، وفي الاستدانة عند تعذر الأخذ من ماله مع الرجوع عليه، بأن ذلك صحيح للحاجة الداعية إليه والمصلحة المقتضية له، بل يجب عليه ذلك عند طلبها، كما لو قدّر الزوج لزوجته نظير كسوتها دراهم فتلزم ما داما متراضيين اهـ..
فسخ النكاح بالإعسار
(مسألة: ي): في فسخ النكاح خطر، وقد أدركنا مشايخنا العلماء وغيرهم من أئمة الدين لا يخوضون فيه، ولا يفتحون هذا الباب لكثرة نشوز نساء الزمان، وغلبة الجهل على القضاة وقبولهم الرشا، ولكن نقول: يجوز فسخ الزوجة النكاح من زوجها حضر أو غاب بتسعة شروط: إعساره بأقل النفقة، والكسوة، والمسكن لا الأدم، بأن لم يكن له كسب أصلاً، أو لا يفي بذلك، أو لم يجد من يستعمله، أو به مرض يمنعه عن الكسب ثلاثاً: أو له كسب غير لائق أبى أن يتكلفه، أو كان حراماً أو حضر هو وغاب ماله مرحلتين، أو كان عقار أو عرضاً أو ديناً مؤجلاً أو على معسر أو مغصوباً، وتعذر تحصيل النفقة من الكل في ثلاثة أيام، وثبوت ذلك عند الحاكم بشاهدين أو بعلمه، أو بيمينها المردودة إن ردّ اليمين، وحلفها مع البينة أنها تستحق النفقة، وأنه لم يترك مالاً، وملازمتها للمسكن، وعدم نشوزها، ورفع أمرها للحاكم، وضربه مهلة ثلاثة أيام لعله يأتي بالنفقة، أو يظهر للغائب مال أو نحو وديعة،
وأن يصدر الفسخ بلفظ صحيح بعد وجود ما تقدم، إما من الحاكم بعد طلبها، أو منها بإذنه بعد الطلب بنحو: فسخت نكاح فلان، وأن تكون المرأة مكلفة، فلا يفسخ وليّ غيرها، ولو غاب الزوج وجهل يساره وإعساره لانقطاع خبره، ولم يكن له مال بمرحلتين فلها الفسخ أيضاً بشرطه، كما جزم به في النهاية وزكريا والمزجد والسنباطي وابن زياد و (سم) الكردي وكثيرون، وقال ابن حجر وهو متجه مدركاً لا نقلاً، بل اختار كثيرون وأفتى به ابن عجيل وابن كبن وابن الصباغ والروياني أنه لو تعذر تحصيل النفقة من الزوج في ثلاثة أيام جاز لها الفسخ حضر الزوج أو غاب، وقواه ابن الصلاح، ورجحه ابن زياد والطنبداوي والمزجد وصاحب المهذب والكافي وغيرهم، فيما إذا غاب وتعذرت النفقة منه ولو بنحو شكاية، قال (سم): وهذا أولى من غيبة ماله وحده المجوّز للفسخ، أما الفسخ بتضررها بطول الغيبة وشهوة الوقاع فلا يجوز اتفاقاً وإن خافت الزنا،
فإن فقدت الحاكم أو المحكم أو عجزت عن الرفع إليه كأن قال: لا أفسخ إلا بمال وقد علمت إعساره وأنها مستحقة للنفقة استقلت بالفسخ للضرورة، كما قاله الغزالي وإمامه، ورجحه في التحفة والنهاية وغيرهما، كما لو عجزت عن بينة الإعسار وعلمت إعساره ولو بخبر من وقع في قلبها صدقه فلها الفسخ أيضاً، نقله المليباري عن ابن زياد بشرط إشهادها على الفسخ اهـ. وذكر غالب هذه الشروط في تعذر النفقة بغيبة الزوج في (ج) وفي (ش) أيضاً نحو ما مر وزاد: فحينئذ إذا قضى بالفسخ بتعذر النفقة بالغيبة والامتناع شافعي لترجيحه عنده، لكونه من أهله أو لكونه رأى تضرر المرأة نفذ ظاهراً وكذا باطناً فلا يجوز نقضه، ويجوز الإفتاء والعمل به للضرورة، إذ المشقة تجلب التيسير، وليس هذا من تتبع الرخص، نعم لو ادعى الزوج بعد أن له مالاً بالبلد خفي على بينة الإعسار، وأن الزوجة تعلمه وتقدر عليه وأقام بذلك بينة بان بطلان الفسخ إن تيسر تحصيل النفقة منه لا كعقار وعرض.
(مسألة: ش): إذا سلمت الأمة نفسها للزوج ليلاً ونهاراً فلها جميع المؤن، فإن أعسر فلها بالغة عاقلة الفسخ، كما أن لسيدها الفسخ بالمهر قبل الوطء وقبض البعض لا بالنفقة.
(مسألة: ي): ونحوه ج : الطريق في فسخ نكاح أمته من عبده أن يعتقها أو يكاتبها كتابة صحيحة ثم يملكها العبد بنحو نذر وإن فسخت الكتابة بعد، لأن النكاح ينفسخ بملك أحد الزوجين الآخر ولو جزءاً منه.
نفقة الأقارب
(مسألة: ج): لا يجوز بيع الأولاد لاحتياجهم للنفقة لحرمة بيع الحر، فلو باعهم الأب أو غيره كان ثمنهم متعلقاً بذمة البائع، وليس لمشتريهم عليهم يد، ونفقتهم في بيت المال ثم مياسير المسلمين.
(مسألة: ش): تجب على الفرع الموسر نفقة الوالد المحتاج وكسوته وغيرهما، وهي ما يقوم به بدنه وحاله، ويسن متأكداً أن يشبعه، بل يكره الاقتصار على القوام بلا عذر، فإن استوى اثنان فأكثر في درجة وزعت على الرؤوس ذكرهم كأنثاهم، وحدّ اليسار أن يفضل عن حاجته، وما لا يستغنى مثله عنه كمسكن وملبس وفرش وماء طهارة، وعن حاجة حليلته، وإن تعددت يومه وليلته التي تليه، ويباع فيها ملكه كالدين، وتجب أيضاً نفقة حليلة الوالد وأمته لاستمتاع وخدمة إذ يجب إعفافه وخدمته، وينبغي للولد أن يمون ولد أبيه خروجاً من خلاف من أوجبها.
[فائدة]: قال ابن حجر: وأفتى بعضهم في أخ أنفق على أخيه الرشيد وعياله سنين وهو ساكت ثم أراد الرجوع عليه بأنه يرجع أخذاً من مسألة النقوط وفيه نظر بل لا وجه له، لعدم العادة بالرجوع في ذلك، وعدم الإذن من المنفق عليه اهـ ع ش. وفي باعشن: وللوالد منع ولده من السفر حتى يترك له نفقة أو منفقاً حيث وجبت مؤنته.
الرضاع والحضانة
[فائدة]: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، ويستثنى من ذلك ست صور وهي: جواز تزوج الشخص جدة ابنه، وأخت ابن أخيه، وأمهات أخيه، وعمه وخاله من الرضاع لا النسب في الكل، كما تتزوج المرأة أخا ابنها منه أيضاً، اهـ من خط الشيخ علي بن أبي بكر علوي.
[فائدة]: مذهبنا أنها لا تحرّم إلا خمس رضعات، وقال أبو حنيفة ومالك: تحرم رضعة واحدة فليتنبه لذلك والاحتياط لا يخفى.
(مسألة): أرضعت امرأة طفلة بشرطه، صارت أمها وصار أولاد المرضعة المتقدمون على الرضاع والمتأخرون عنه إخوان تلك البنت، فلو أتت البنت المذكورة بولد صارت المرضعة جدته، وصار أولادها أخواله وخالاته، ولو أرضعت إحدى زوجات رجل بلبنه طفلاً صارت أمه والرجل أباه، وأولاده منها ومن غيرها أخواته، وبقية زوجاته موطوءات أبيه.
(مسألة): تزوّج شخص بنتاً صغيرة دون الحولين، فأرضعتها أمه رضاعاً محرماً بشروطه أو أخته، وكذا زوجة أبيه أو ابنه أو أخيه، والحال أن اللبن لزوجها المذكور في الثلاث الصور، انفسخ نكاحها في الجميع وحرمت عليه مؤبداً، لأنها صارت محرمة، كما لو أرضعتها زوجته الكبيرة، فينفسخ نكاحهما ويحرمان عليه مؤبداً أيضاً، نعم لو لم يدخل بالكبيرة لم تحرم الصغيرة مؤبداً، فيجوز له نكاحها ثانياً، إذ لا تحرم الربيبة إلا بالدخول ولو أرضعتها أم زوجته الكبيرة أو بنتها أو أختها، أو زوجة أبي الكبير أو زوجة ابنها بلبنهما، انفسخ أيضاً نكاح الصغيرة والكبيرة لأنهما صارتا ممن يحرم الجمع بينهما في عقد شخص ابتداء، فيفسخ النكاح إذا طرأ عليه انتهاء،
ويفرق بين هذا وما لو نكح أختاً على أختها، حيث لم ينعقد نكاح الثانية، بأن هذه لم تجتمع مع الأولى أصلاً، لوقوع عقدها فاسداً من أصله، فلم يؤثر في بطلان الأولى، بخلاف الكبيرة هنا فإنها اجتمعت مع الصغيرة فبطلتا إذ لا مرجح، وله نكاح من شاء منهما فليتنبه لذلك فإنه مما يغفل عنه، وطريق الخلاص لمن أراد أن تصير الأجنبية له محرماً أن يعقد على الصغيرة، ثم بعد أن يطلقها ترضعها أخت زوجته أو زوجة أبيها مثلاً فتحرم المرضعة، ويحل النظر والخلوة بها بشرطه أنها صارت أم زوجته، ولو كان الرضا بعد فراقها، كما نص عليه الأئمة في المختصرات فضلاً عن المبسوطات، وحيث انفسخ نكاحه فيمن لم يدخل بها ولم يكن بفعلها، كأن دبت إلى نائمة لزم المرضعة نصف مهر مثل الصغيرة لزوجها، ولزم للصغيرة نصف المسمى، أو فيمن دخل بها لزم المرضعة له مهر المثل، ولزم للمدخول بها المسمى ولغيرها نصفه إن لم يكن بفعلها.
(مسألة: ك): أقرت امرأة أنها ارتضعت من فلانة، أو أن فلاناً أخوها مثلاً من الرضاع، قبلت إن أمكن حساً وشرعاً، بالنسبة لحرمة التناكح بينهما في حقها فقط، وإن لم تذكر شروط الرضاع، لا في حق أصولها وفروعها إلا من صدقها، فيحرم تناكحهما ظاهراً وباطناً إن صدقت وإلا فظاهراً، ولا في ثبوت المحرمية من نظر ومس، وإن أقرت أنها أرضعت غيرها قبلت شهادتها إن لم تطلب أجرة على الرضاع، ولا تكفي شهادتها وحدها، بل لا بد من عدلين أو رجل وامرأتين أو أربع نسوة هي إحداهما أو إحداهنّ، ولا بد أيضاً من تفصيل الشهادة بذكر الزمان والعدد والسنّ والحياة ووصل اللبن الجوف، وحيث لم يثبت لنحو فسق الشهود، ولم تصدق المرضعة، كره التناكح كراهة شديدة للشبهة.
(مسألة): محل تقديم الأم وأمهاتها وتخيير المميز في الحضانة ما لم تنكح من لا حضانة له فلا تستحقها المنكوحة، ولو من أقارب الطفل ممن لا حضانة له، كأبي الأم والخال على المعتمد، بخلاف من له حضانة في الجملة وإن لم يستحقها الآن، قاله في التحفة والفتح والأسنى، ومحله أيضاً إذا أقام الأب ونحو الأم ببلد واحد، أما لو أراد أحدهما سفر الحاجة كحج وتجارة ونزهة، فالمقيم أولى بالمميز وغيره حتى يعود الآخر لخطر السفر مع توقع العود، نعم بحث الزركشي وغيره أن الأم لو كانت هي المقيمة، وكان في مقامه معها مفسدة أو ضياع مصلحة، كتعليم قرآن أو حرفة، وهو ببلد لا يقوم غيره مقامه، مكن الأب من السفر به لا سيما إن اختاره الابن، قاله في الإمداد، وخرج بالحاجة سفر النقلة، كما لو كان الأب كغيره من العصبات ببلد آخر غير بلد الزوجة فله السفر به مميزاً أو غيره ولو بحراً، وتسقط حضانة الأم حينئذ، ما لم تصحبه بشرط أمن الطريق والمقصد احتياطاً لحفظ النسب ولمصلحة التعليم والصيانة وسهولة الإنفاق، نعم لو كان هناك أحد العصبات وإن بعد كان أولى به، فلا ينقله الأقرب حينئذ، كما رجحه في التحفة والنهاية، لكن اسثتنى في الإمداد والتحفة والفتح الأب والجد، فاعتمد أن للأب نقله وإن كان الجد كغيره مقيماً، وللجد وإن أقام غيره من العصبات، بل رجح في الإمداد أيضاً أن سائر العصبة مثلهما، فللأقرب نقله مع وجود الأبعد ببلد الأم.