كتاب بغية المسترشدين باعلوي الحضرمي علي المذهب الشافعي
محتويات
- الخيار والإعفاف ونكاح الرقيق
- الصداق
- الوليمة
- القسم والنشوز
- االعودة إلي كتاب بغية المسترشدين باعلوي الحضرمي
الخيار والإعفاف ونكاح الرقيق
(مسألة: ش): ادّعت عنته فأقرّ به، وادّعى أنه مسحور عنها لم يمنع ضرب المدة والفسخ بعد، سواء كانت دعواه السحر قبل المدة أو بعدها أو أثناءها صدّقته أم لا، وإن قلنا بالضعيف إن مرض الزوج وحبسه أثناءها لا يحسب إذ العنة لا يعتبر فيها العجز الخلقي بل الحادث مثله، ومن ثمَّ لو عنّ عن امرأة دون غيرها أو عن الكبر فقط كان الأمر كذلك.
(مسألة: ش): الحب الفارسي المعروف بالشحر لا يثبت به الخيار في النكاح كالاستحاضة والقروح السائلة والبخر والصنان ونحوها، إذ الخيار منحصر بأسباب ليست هذه منها، ومجرد العيافة لا تقتضي الإقدام على الفسخ فلو حكم حاكم بذلك نقض.
(مسألة: ك): اختلف الزوجان في الوطء صدق النافي منهما، نعم تستثنى مسائل يصدّق فيها مدّعيه منها العنين إذا ادعى الوطء في مدة ضرب السنة، وفيما إذا أعسر الزوج بالمهر يصدّق في الوطء لتمنع من الفسخ بالإعسار، وكالمولى يصدق فيه أيضاً وفيما لو علق طلاقها للسنة وادعى الوطء في طهرها يصدق لبقاء العصمة، وتصدق هي فيما لو اختلفا في أن الطلاق قبل الوطء أو بعده، وأتت بولد يلحقه، وفيما لو شرطت بكارتها فوجدت ثيباً وادّعت افتضاضه فتصدّق لدفع الفسخ لا المهر، وفيما لو تزوجت لتحلّ لحليلها الأول فتصدق في الوطء.
(مسألة: ك): عتق الأمة كلها تحت رقيق تخيرت في فسخ النكاح وعدمه على الفور، نعم إن جهلت التعتق أو الخيار به صدّقت بيمينها إن أمكن، فإن فسخته قبل الوطء فلا مهر، أو بعده بعتق بعده فالمسمى، أو قبله فمهر مثل. ولو عتق بعضها أو كوتبت أو عتق عبد تحته أمة فلا خيار، وإن ملك أحد الزوجين الآخر ملكاً تاماً انفسخ النكاح بينهما ولا يحتاج إلى فسخ.
(مسألة: ش): ملك زوجة أصله لم ينفسخ نكاح الأصل على الأصح عندنا، وعند أحمد: وإن كان الأصل لا يحل له نكاح الأمة حين ملك الفرع، إذ يغتفر في الدوام غالباً ما لا يغتفر في الابتداء، كما لو أيسر الشخص بعد نكاحه الأمة فنكح حرة لا ينفسخ نكاحه للقاعدة المذكورة، أما لو حلت الأمة للأصل الآن كأن كان رقيقاً أو الابن معسراً لا يلزم إعفافه فلا ينفسخ نكاحه قطعاً، وإذا لم ينفسخ النكاح فأولاده الحادثون أرقاء كالسابقين لرضاه برق ولده ابتداء أي حين نكحها، عالماً برقها راضياً برق ولده منها، إذ القاعدة أن الفرع يتبع الأم في الرق، سواء كان الواطىء حراً أو عبداً، بزنا أو نكاح، أو شبهة بأن ظنها زوجته الأمة، ولا يخرج من ذلك إلا إذا استولد هو أو أصله الحر أمته، فإن الولد ينعقد حراً، ويثبت الاسيتلاد للمستولدة، ويقدر انتقالها إلى ملك الأصل قبيل وقوع مائه لشبهة وجوب الإعفاف، والشبهة تقتضي حرية الولد غالباً بخلاف النكاح السابق.
(مسألة: ب): تزوج عبد حرة برضاها ورضا وليها أو أمة لزمه نفقة المعسرين في كسبه، فإن استخدمه سيده لزمه نفقتها إن ساوت أجرته أو نقصت عنها، فإن زادت ولم يتبرّع بالزائد قرر ما زاد بذمّة العبد حتى يعتق إن رضيت بذمّته، وإلا فلها الفسخ بشرطه، هذا إن سلَّم الأمة سيدها ليلاً ونهاراً، فإن سلمها ليلاً فقط فليس بها إلا المهر فقط اهـ. وعبارة ك: يخير سيد العبد المتزوج بين تركه عند زوجته والإنفاق عليها حينئذ من كسبه، وبين السفر به والتكفل بالمؤن، هذا إن لم يطلب العبد الزوجة، وتأبى هي أو سيدها من المسير معه وإلا سقطت.
(مسألة): لا يصح تزوج العبد عندنا إلا بإذن سيده الرشيد، فلو غاب بعض ملاكه أو حجر عليه امتنع التزويج حتى يأذن الغائب ويكمل المحجور، ولا يقوم الحاكم كالوكيل والولي مقامه، وإن رأى المصلحة في ذلك بخلاف أمة المحجور، والفرق أنه يستفاد بنكاحها المهر والنفقة والعبد يغرمهما.
(مسألة: ج): ذكر الفقهاء صريحاً ومفهوماً أنه لا يصح تزويج العبد المتعلق برقبته مال إلا بإذن من له الجناية كالعبد المرهون مثلاً وهو مشكل جداً، إذ لا يخلو العبيد غالباً عن الجنايات، مع أن العمل قديماً وحديثاً على تزويجهم من غير تفتيش ولا نكير، والظاهر أن وجه العمل المسوّغ للقضاة والنوّاب هو الاعتصام والأخذ بالأصل الذي هو عدم تعلق الحق بالرقاب عند الشك في ذلك، ولا عبرة بالغالب والظاهر، إذ الأصل مقدَّم عليهما، لأنه الأضبط المتيقن بخلافهما، وكفى بذلك حجة ومستنداً سيما إذا ضاق الأمر، ومن المسوّغ أيضاً قولهم: إن تزويج الموسر عبده اختيار للفداء، بل ذكر الزركشي في قواعده وغيره من العلماء خلافاً قوياً في بيع العبد الجاني مطلقاً فضلاً عن تزويجه، فحينئذ لا يكلف النائب التفتيش عن العبد المأذون له في النكاح من سيده عما تعلق برقبته لأن الأصل عدمه، إذ لا تثبت الجناية إلا ببينة أو إقرار السيد، وكذا العبد بموجب قصاص، فكان اللائق والأحسن بقاء العمل على ذلك أخذاً بالأصل وتقليداً لمن سلف، لأنهم أورع منا وأعرف، والفحص عن ذلك يؤدي إلى الحرج والتشويش لما فيه من التعطيل، بل ترك التزويج يؤدي إلى مفاسد كما لا يخفى والدين يسر. ومن القواعد: المشقة تجلب التيسير، وإذا ضاق الأمر اتسع، وعند الضرورات تباح المحظورات، ولا جرم أن التسهيل في مثل هذا الحال هو اللائق بالحال خصوصاً في هذا الزمان لكثرة الظلم والغصوب؛ وبالجملة فللنوّاب الآن مندوحة وهي عمل من قبلهم من غير تفتيش ولا نكير.
الصداق
(مسألة: ش): ما صح ثمناً صح صداقاً ولا عكس، إذ المنافع يصح إصداقها، ومتى وجدت في أحد شقي العقد كان إجارة صحيحة إن وجدت شروطها وأركانها وإلا ففاسدة، والذي يظهر في ضابط ما يصح صادقاً أن يقال: كل ما قوبل بعوض وكان معلوماً ولم يكن بضعاً صح صداقاً ومالاً فلا، فخرج ما لم يقابل بعوض والمجهول والبضع ابتداء كزوجتك على أن تزوجني، أو رفعاً كعلى أن تطلق زوجتك ودخل القصاص.
(مسألة: ب): المهر والصداق مترادفان على الأصح، وقيل: الصداق ما وجب تسميته في العقد، والمهر ما وجب بغير ذلك، وله أسماء جمع بعضهم منها تسعة فقال:
مهر صداق نحلة وفريضة ** طول حباء عقد أجر علائق
ويجوز إخلاء العقد من تسميته إجماعاً مع الكراهة، ولا تحصل التسمية بقوله: زوجتك بمهر المثل من غير تقدير، أو بمثل ما في يدي من الدراهم ولا علم له بها، وقد تجب التسمية، كأن كان الزوج محجوراً عليه ورضيت رشيدة بدون مهر المثل، وكما لو كانت محجورة أو مملوكة محجور أو رشيدة وأذنت مطلقاً ورضي الزوج بأكثر من مهر المثل، لأن ترك التسمية يوجبه وهو بخس بهنّ، ويسنّ كونه فضة ومن عشرة دراهم إلى خمسمائة، وأن يسلم بعضه قبل الدخول، وما صح ثمناً صح مهراً ومالاً كخمر وحبة برّ يفسد مسماه، ويصح النكاح بمهر المثل، ومهر المثل هو ما يرغب به في مثلها نسباً وصفة، فيراعى أقرب ما ينسب إليها، فلو اعتدن مسامحة نحو قريب أو تأجيلاً جاز للولي ولو حاكم العقد به، إذا علمت ذلك ظهر لك صحة ما جرت به العادة بجهتنا من التواطؤ على مهر معروف لا يزيد ولا ينقص، ولا يختلف باختلاف الأشخاص، بل هو الأليق والأقرب للتقوى في زمان البلوى، وقد أغمضوا الجفن لذلك في كثير من مسائل الكفاءة والشهادات، مع أن هذا المسمى في جهتنا مساو لمهر المثل فيها لما تواطأوا عليه، أخذاً من اعتبار الاعتياد والتسامح، حتى جرت به العادة قديماً وحديثاً، وللعادة مجال وتحكيم في كثير من الأحكام ونظر الأوّلين أتم، بل من محاسن أهل جهتنا ترك المطالبة به رأساً لاعتياد المسامحة فيه والتحليل من غالب النساء لا سيما الأشراف، بل يعدّ بعضهم المطالبة به من غير اللائق مع علمهم بوجوبه.
(مسألة: ب). تزوجها بمال كثير لا يملكه حال العقد صح وكان ديناً بذمته، نعم إن كانت مجبرة وهو معسر ففيه الخلاف المشهور اهـ. قلت: ومر في الولي في (ح ك) أنه يشترط لتزويج المجبر كون الزوج موسراً بمهر المثل، وإلا لم يصح النكاح على المعتمد.
(مسألة: ش): عتقت تحت رقيق بعد الدخول أو قبله ولم تعلم به إلا بعد الوطء فلسيدها مهر رقيقة لا لها، لأن موجبه الأصلي العقد، نعم إن لم يجب لها مهر إلا بالوطء لسكوت السيد عنه وعدم فرضه قبل عتقها كان المهر لها، وهو مهر عتيقة لا أمة.
(مسألة: ك): عقد بنوع مما يتعامل به كدراهم وفلوس وأطلق، فإن كان غالباً انصرف العقد المطلق إليه، سواء كان فلوساً أو مغشوشاً أو مكسراً أو ناقصاً، وإلا فلا بد من التعيين ولو باتفاقهما عليه نية، وإن تساوت المعاملة عليه بأن لم يختلف قيمة وغلبة من غير تعيين سلم من أيها شاء.
(مسألة: ك): عقد شخص عقد النكاح وأخلّ ببعض شروطه فسد العقد، ويلزم نحو المهر المباشر وهو الزوج لا العاقد، كما لا يلزم الغارّ إذ المباشرة أقوى من السبب.
(مسألة: ش): دفع لمخطوبته مالاً ثم ادعى أنه بقصد المهر وأنكرت صدقت هي إن كان الدفع قبل العقد وإلا صدق هو اهـ. قلت: وافقه في التحفة، وقال في الفتاوى وأبو مخرمة: يصدق الزوج مطلقاً، ويؤخذ من قولهم صدقت أنه لو أقام الزوج بينة بقصده المذكور قبلت.
(مسألة: ش): دفع لمخطوبته مالاً بنية جعله في مقابلة العقد استرده إذا لم يتفق العقد ويصدق في ذلك اهـ. قلت: ورجح ذلك في التحفة، وخالف في فتاويه فقال: ولو أهدى لمخطوبته فاتفق أنهم لم يزوجوه، فإن كان الرد منهم رجع بما أنفق لأنه لم يحصل غرضه الذي هو سبب الهدية، أو منه فلا رجوع لانتفاء العلة اهـ. وأفتى الشهاب الرملي بأن له الرجوع أيضاً مطلقاً، سواء كان الرد منه أو منهم، كما لو مات فيرجع في عينه باقياً وبدله تالفاً مأكلاً ومشرباً وحلياً اهـ.
(مسألة: ش): خطب بكراً ودفع إليها مالاً بلا لفظ، سواء قصد جعله في مقابلة العقد على بكر أم لا، ثم ادعى أنها ثيب، صدق بيمينه لاسترداد المدفوع للقرينة، وهي اطراد العادة أن ما يدفع للبكر أكثر مما يدفع للثيب، ولأن الأصل عدم الاستحقاق ما لم تتيقن البكارة قبل العقد، وإن زالت بعده أو طلقها قبل الدخول.
(مسألة: ب): من الديون المتعلقة بالذمة ما يلزم الزوج مما يعتادونه من الجهاز فتستحقه الزوجة كالمهر وتستوفيه من التركة كسائر الديون اهـ. قلت: وعبارة أبي مخرمة الجهاز إذا لم تقبضه الزوجة أو وليها أو وكيلها فليس لها المطالبة به، إذ غايته أنه وعد وهو غير لازم.
(مسألة: ب): تجب المتعة لكل مطلقة إن لم يجب شطر المهر بأن وجب كله أو لم يجب شيء، وكذا بفرقة بسببه كإسلامه وردته، فإن كان بسببها كفسخ بعيب منه أو منها فلا وهي أقل متمول، ويسنّ أن لا تنقص عن ثلاثين درهماً، فإن تراضيا على شيء وإلا فرض الحاكم لائقاً بحال الزوج يساراً وإعساراً، وحالها نسباً وجمالاً ونحوهما.
[فائدة]: قال في التحفة: وكذا تجب المتعة لموطوءة طلقت بائناً أو رجعياً وانقضت عدتها، فلو مات فيها فلا، للإجماع على منع الجمع بين المتعة والإرث، وبهذا يعلم أن الأوجه أن المتعة لا تكرر بتكرر الطلاق في العدة، إذ الإيحاش لم يتكرر اهـ. ورجح (م ر) تكررها بتكرر الطلاق وأنها تجب وإن راجعها في العدة اهـ.
الوليمة
[فائدة]: لم أر أحداً من أئمتنا ضبط المسافة التي تجب إجابة الداعي لوليمة العرس إليها، ويؤخذ من متفرقات كلامهم احتمالان: أحدهما: ضبطها بمسافة العدوى قياساً على أداء الشهادة بجامع أن كلاحق آدمي. ثانيهما ضبطها بما تجب إجابة الجمعة منه لأن الجمعة فرض عين، فإذا سقطت عمن لم يسمع النداء فكذلك يسقط وجوب الإجابة وهذا أقرب، وأقرب منه احتمال ثالث وهو العرف المطرد عند كل قوم في ناحيتهم، فإن اعتادوا الدعوى من مسافة العدوى، وأن ترك الإجابة قطيعة على المدعو وجبت على القوي، وإن لم يعتادوا لم تجب، بل إن اعتادوا عدم الدعاء من خارج البلد، وإن سمع النداء لم تجب اهـ فتاوى ابن حجر.
[فائدة]: يملك الضيف ما ازدرده أي ملكاً مراعى، بمعنى أنه إذا أكله أكل ملكه، ولا يتم ملكه إلا بازدراده، فلو حلف لا يأكل طعام زيد فضيفه زيد وأكل لم يحنث، لأنه إنما أكل ملكه لا ملك زيد، نعم ما يقع من تفرقة نحو لحم على الأضياف يملكه ملكاً تاماً بوضع يده عليه، وكذا الضيافة المشروطة على أهل الذمة يملكها بوضعها بين يديه، فله الارتحال بها والتصرف فيها بما شاء، قاله (م ر) اهـ بج على الإقناع.
[فرع]: لو تناول ضيف إناء طعام فانكسر منه ضمنه كما بحثه الزركشي اهـ فتح. قال في القلائد: ولا يكره الأكل قائماً لكنه في القعود أفضل، وكذا الشرب، وقيل: يكره ورجح، وقيل: خلاف الأولى ويسن تقيؤه مطلقاً، وكره في الأنوار ومختصره الشرب للماشي لا القائم.
القسم والنشوز
[فائدة]: قال (ق ل): الحقوق الواجبة للزوج على زوجته أربعة: طاعته، ومعاشرته بالمعروف، وتسليمها نفسها إليه، وملازمة المسكن، والواجبة لها عليه أربعة أيضاً: معاشرتها بالمعروف، ومؤنها، والمهر، والقسم. اهـ.
(مسألة: ش): أكثر القسم ثلاثة أيام، فلا تجوز الزيادة عليها إلا برضاهن على المعتمد ولو قدر كسفر وخوف وتفرقهنّ في البلدان فيجب القضاء والاستحلال، إذ العذر المذكور لا يجوّز المبيت زيادة على المشروع، بل يلزمه الاعتزال والمبيت في نحو مسجد أو دار صديق، فإن تعذر جاز له المبيت مع البعد عنها ما أمكن، نعم نقل البلقيني عن النص جواز الزيادة على الثلاث مع التسوية اهـ. قلت: ونقل مج عن إمام الحرمين أنه لا يجب القسم لمن ليست في بلد الزوج، وبه قال مالك اهـ.
(مسألة: ج): مزوّجة إذا دخلت على زوجها اعتراها ضيق وكرب وصياح، وإذا خرجت من بيته سكن روعها لم يلزمها التسليم للضرر، لكن تسقط مؤنثها، ولا يلزم الزوج الخروج من بيته لآخر لو فرض أنه لم يعترها ما ذكر، حينئذ يرشدهما الحاكم إلى الخلع، ولا كراهة فيه حينئذ، فإن لم يتفقا على شيء واشتد الخصام بعث حكمين يدفعان الظلامات، وينبغي كون حكمه من أهله وحكمها من أهلها، فينظران أمرهما ويفعلان الأصلح من صلح أو تفريق، وهما وكيلان عنهما، فلا بد من رضاهما بهما، ويوكل هو حكمه بطلاق وقبول عوض خلع، وتوكل هي حكمها ببذل عوض وقبول طلاق، وإن امتنعت لا لعذر فهو نشوز تأثم به وتسقط المؤن ويجوز ضربها، فإن رجعت وإلا أتى ما تقدم.
[فائدة عظيمة]: ذكر بعضهم أن من أراد أن يكون ولده، من الشيطان وجنوده، محفوظاً، وبعين العناية الإلهية في الدارين ملحوظاً، فليذكر الله قبل المباشرة أولاً بالذكر الوارد عن المصطفى وهو: "باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا" ثم يشتغل بذكر الحق تعالى باطناً من أول المباشرة إلى آخرها، ثم يحمد الله تعالى بعدها على أن جعل ذلك حلالاً، فإن ذلك مما يغفل عنه الكثير، واستحضار من يجب من أولياء الله وأنبيائه حالتئذ نافع جداً، فيسري سر ذلك الولي أو النبي في الكائن في ذلك الوقت ذكراً أو أنثى، ومن كان من أهل الذكر في تلك الحالة بلغ آماله، إذ تلك الحالة مشغلة عن الله تعالى وعن كل شيء، والغفلة فيه سم قاطع وداء شائع، وفيه من الإمدادات ما لا يخطر ببال يعلم ذلك أهل الكمال، ولا التفات إلى من يقول: إنه شهوة بهيمية بل هو منقبة نبوية، ولا يفوز بالإكثار منه إلا كامل الرجولية، اهـ من شرح رسالة للشيخ حسين عبد الشكور المقدسي.