اسم الكتاب: الصواعق الإلهية في الرد علي الوهابية
المؤلف: سليمان بن عبدالوهاب
الموضوع: ضلالة الوهابية
محتويات
- المقدمة
- الفصل الأول: الحذر من تكفير المسلمين
- الفصل الثاني: اعذار الجاهل والمخطئ
- الفصل الثالث: قد يجتمع في المسلم الكفر والإسلام
- الفصل الرابع: عدم كفر الخوارج
- الفصل الخامس: عدم كفر أهل الردّة
- الفصل السادس: عدم كفر القدرية
- الفصل السابع: عدم كفر المعتزلة
- الفصل الثامن: عدم كفر المرجئة
- الفصل التاسع: عدم كفر الجهمية
- الفصل العاشر: مذهب السلف في عدم تكفير الفرق الإسلامية
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي
الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له واشهد ان محمداً عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون صلى الله عليه وعلى آله الى يوم الدين.
اما بعد: من سليمان بن عبدالوهاب الى حسن بن عيدان. سلام على من اتبع الهدى. وبعد:
قال الله تعالى (ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) (الاية) وقال النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة وانت كتبت الى كثيرا من مرة تستدعي ماعندي حيث نصحتك على لسان ابن اخيك فها انا اذكر لك بعض ماعلمت من كلام اهل العلم فان قبلت فهو المطلوب والحمدلله وان ابيت فالحمدلله فانه سبحانه لا يعصى قهراً وله في كل حركة وسكون حكمة.
فنقول:
اعلم ان الله سبحانه وتعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وانزل عليه الكتاب تبياناً لكل شيء فانجز الله له ما وعده واظهر دينه على جميع الاديان وجعل ذلك ثابتاً الى آخر الدهر حين انخرام انفس جميع المؤمنين وجعل (امته) خير الامم كم اخبر بذلك بقوله كنتم خير امة اخرجت للناس وجعلهم شهدآء على الناس قال تعالى (وكذلك جعلناكم امة وسطاً لتكونوا شهدآء على الناس واجتباهم) كما قال تعالى هو اجتباكم وماجعل عليكم في الدين من حرج الاية وقال
النبي صلى الله عليه وسلم انتم توفون سبعين امة انتم خيرها واكرمها عند الله ودلائل ما ذكرنا لا تحصى وقال صلى الله عليه وسلم لا يزال امر هذه الامة مستقيماً حتى تقوم الساعة رواه البخاري وجعل اقتفاء اثر هذه الامة واجباً على كل احد بقوله تعالى (ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ماتولى ونصله جهنم وسائت مصيرا) وجعل اجماعهم حجة قاطعة لا يجوز لاحد الخروج عنه ودلائل ماذكرنا معلومة عند كل من له نوع ممارسة في العلم.
اعلم ان ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ان الجاهل لا يستبد برأيه بل يجب عليه ان يسئل اهل العلم كما قال تعالى (فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) وقال صلى الله عليه وسلم هل لا اذا لم يعلموا سئلوا فانما دوآء العيى السؤال وهذا اجماع قال في غاية السؤال قال الامام ابو بكر الهروي اجمعت العلمآء قاطبة على انه لا يجوز لاحد ان يكون اماماً في الدين والمذهب المستقيم حتى يكون جامعاً هذا الخصال (وهي) ان يكون حافظاً للغات العرب واختلافها ومعاني اشعارها واصنافها واختلاف العلماء والفقهآء ويكون عالماً فقيهاً وحافظاً للاعراب وانواعه والاختلاف عالماً بكتاب الله حافظاً له ولا ختلاف قرائته واختلاف القراء فيها عالماً بتفسيره ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وقصصه عالماً باحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم مميزاً بين صحيحها وسقيمها ومتصلها ومنقطعها ومراسيلها ومسانيدها ومشاهيرها واحاديث الصحابة موقوفها ومسندها
ثم يكون ورعاً ديناً صائناً لنفسه صدوقا ثقة يبني مذهبه ودينه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فاذا جمع هذه الخصال فحينئذ يجوز ان يكون اماما وجاز ان يقلد ويجتهد في دينه وفتاويه واذا لم يكن جامعاً لهذه الخصال اواخل بواحدة منها كان ناقصاً ولم يجز ان يكون اماماً وان يقلده الناس قال (قلت) واذا ثبت ان هذه شرائط لصحة الاجتهاد والامامة فقد كل من لم يكن كذلك ان يقتدي بمن هو بهذه الخصال المذكورة (وقال) الناس في الدين على قسمين مقلد ومجتهد والمجتهدون مختصون بالعلم وعلم الدين يتعلق بالكتاب والسنة واللسان العربي الذي وردا به فن كان فيما يعلم الكتاب والسنة وحكم الفاظهما ومعرفة الثابت من احكامهما والمنتقل من الثبوت بنسخ او غيره والمتقدم والمؤخر صح اجتهاده وان يقلده من لم يبلغ درجته وفرض من ليس بمجتهدان يسئال ويقلد وهذا لا اختلاف فيه انتهى انظر قوله وهذا لا خلاف
فيه وقال ابن القيم(1) في اعلام الموقعين لا يجوز لاحد ان ياخذ من الكتاب والسنة مالم يجتمع فيه شروط الاجتهاد ومن جميع العلوم قال احمد المنادي سأل رجل احمد بن حنبل(2) اذا حفظ الرجل ماية الف حديث هل يكون فقيها قال لا قال فمأتيي الف حديث قال لا قال فثلاث ماية الف حديث قال لا قال فاربع مأية قال نعم قال ابو الحسين فسالت جدي كم مان يحفظ احمد قال اجاب عن ستماية الف حديث قال ابو اسحاق لما جلست في جامع المنصور للفيتا ذكرت هذه المسئلة فقال لي رجل فانت تحفظ هذا المقدار حتى تفتي الناس قلت لا انما افتي بقول من يحفظ هذا المقدار (انتهى) ولو ذهبنا نحكي من حكى الاجماع لطال وفي هذا لكفاية للمسترشد وانما ذكرت هذه المقدمة لتكون قاعدة يرجع اليها فيما نذكره فان اليوم ابتلى الناس بمن ينتسب الى الكتاب والسنة
ويستنبط من علومهما ولا يبالي من خالفه واذا طلبت منه ان يعرض كلامه على اهل العلم لم يفعل بل يوجب على الناس الاخذ بقوله ويمفهومه ومن خالفه فهو عنده كافر هذا وهو لم يكن فيه خصلة واحدة من خصال اهل الاجتهاد ولا والله عشر واحدة ومع هذا فراج كلامه على كثير من الجهال فانا لله وانا اليه راجعون (الامة) كلها تصيح بلسان واحد ومع هذا لا يرد لهم في كلمة بل كلهم كفار او جهال (اللهم) اهدالضال ورده الى الحق فنقول قال الله عز وجل ان الدين عندالله الاسلام وقال تعالى (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه) وقال تعالى (فان تابوا واقاموا الصلوة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) وفي الاية الاخرى فاخوانكم في الدين قال ابن عباس حرمت هذه الاية دماء اهل القبلة
وقال ايضاً لا تكونوا كالخوارج تؤولوا آيات القرآن في اهل القبلة وانما نزلت في اهل الكتاب والمشركين فجهلوا علمها فسفكوا بها الدماء وانتهكوا الاموال وشهدوا على اهل السنة بالضلالة فعليكم بالعلم بما نزل فيه القرءان انتهى وكان ابن عمر يرى الخوارج شرار الخلق قال انهم عمدوا في ايات نزلت في الكفار فجعلوها في المسلمين رواه البخاري عنه فحينئذ ذكر الله عز وجل (ان الدين عند الله الاسلام) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل في الصحيحين الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله (الحديث) وفي حديث ابن عمر الذي في الصحيحين بني الاسلام على خمس شهادة ان لا له الا الله وان محمداً عبده ورسوله (الحديث) وفي الحديث وفد عبد القيس امركم بالايمان
____________
(1) ابن قيم الجوزية توفي سنة 751 هـ [ 1350 م.].
(2) احمد ابن حنبل توفي سنة 241 هـ [ 855 م. ] في بغداد.
بالله وحده اتدرون مالايمان بالله وحده شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله الحديث وهو في الصحيحين وغير ذلك من الاحاديث وصف الاسلام بالشهادتين وما معهما من الاركان وهذا اجماع من الامة بل اجمعوا ان من نطق بالشهادتين اجريت عليه احكام الاسلام لحديث امرت ان اقاتل الناس ولحديث الجارية اين الله قالت في السماء قال من انا قالت رسول الله قال اعتقها فانها مؤمنة وكل ذلك في الصحيحين ولحديث كفوا عن اهل لا اله الا الله وغير ذلك قال ابن القيم اجمع المسلمون على ان الكافر اذا قال لا اله الا الله وان محمداً رسول الله فقد دخل في الاسلام انتهى وكذلك اجمع المسلمون ان المرتد اذا كانت ردته بالشرك فان توبته بالشهادتين واما القتال ان كان ثم امام قاتل الناس حتى يقيموا الصلوة ويؤتوا الزكاة وكل هذا مسطور مبين في كتب اهل العلم من طلبه وجده فالحمد لله على تمام الاسلام
الفصل الأول: الحذر من تكفير المسلمين
اذا فهمتم ماتقدم فانكم الأن تكفرون من شهد ان لا اله الا الله وحده وان محمدا عبده ورسله واقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان وحج البيت مؤمنا بالله وملائكته وكتبه ورسوله ملتزما لجميع شعائر الاسلام وتجعلونهم كفار او بلادهم بلاد حرب فنحن نسئلكم من امامكم في ذلك وممن اخذتم هذا المذهب عنه فان قلتم كفرناهم لانهم مشركون بالله والذي منهم ما اشرك بالله لم يكفر من اشرك بالله لان سبحانه قال (ان الله لا يغفر ان يشرك به) (الاية) وما في معناها من الايات وان اهل العلم قد عدوا في المكفرات من اشرك بالله (قلنا) حق الايات حق وكلام اهل العلم حق ولكن اهل العلم قالوا في تفسير اشرك بالله اي ادعى ان لله شريكا كقول المشركين هؤلاء شركاؤنا وقوله تعالى (وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء واذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون) اجعلوا الالهة الهاً واحدا الى غير ذلك مما ذكره الله في كتابه ورسوله واهل العلم ولكن هذه التفاصيل التي تفصلون من عندكم ان من فعل كذا فهو مشرك وتخرجونه من الاسلام من اين لكم هذا التفصيل استنبطتم ذلك بمفاهيمكم فقد تقدم لكم من اجماع الامة انه لا يجوز لمثلكم الاستنباط الكم في ذلك قدوة من اجماع او تقليد من يجوز تقليده مع انه لا يجوز للمقلدان يكفر ان لم تجمع الامة على قول متبوعه فبينوا لنا من اين اخذتم مذهبكم هذا ولكم علينا عهد الله وميثاقه ان بينتم لنا حقاً يجب المصير اليه لنتبع الحق ان شاء الله فان كان المراد مفاهيمكم
فقد تقدم انه لا يجوز لنا ولا لكم ولالمن يؤمن بالله واليوم الاخر الاخذبها ولا نكفر من معه الاسلام الذي اجمعت الامة على من اتى به فهو مسلم فاما الشرك ففيه اكبر واصغر وفيه كبير واكبر وفيه مايخرج من الاسلام وفيه مالا يخرج من الاسلام وهذا كله باجماع وتفاصيل مايخرج ممالا يخرج يحتاج الى تبين ائمة اهل الاسلام الذي اجتمعت فيهم شروط الاجتهاد فان اجمعوا على امر لم يسع احد الخروج عنه وان اختلفوا فالامر واسع فان كان عندكم عن اهل العلم بيان واضح فبينوالنا وسمعاً وطاعة والا فالواجب علينا وعليكم الاخذ بالاصل المجمع عليه واتباع سبيل المؤمنين وانتم تحتجون ايضاً بقوله عز وجل (لئن اشركت ليحبطن عملك) وبقوله عز وجل في حق الانبياء (لو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون) وبقوله تعالى (ولا يأمركم ان تتخذوا الملائكة والنبيين ارباباً) فنقول نعم كل هذا حق يجب الايمان به ولكن من اين لكم ان المسلم الذي يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله اذا دعى غائباً او ميتاً او نذر له او ذبح لغير الله او تمسح بقبر
او اخذ من ترابه ان هذا هو الشرك الاكبر الذي من فعله حبط عمله وحل ماله ودمه وانه الذي اراد الله سبحانه من هذه الاية وغيرها في القرآن فان قلتم فهمنا ذلك من الكتاب والسنة قلنا لا عبرة بمفهومكم ولا يجوزلكم ولا لمسلم الاخذ بمفهومكم فان الامة مجمعة كما تقدم ان الاستنباط مرتبة اهل الاجتهاد المطلق ومع هذا لو اجتمعت شروط الاجتهاد في رجل لم يجب على احد الاخذ بقوله دون نظر قال الشيخ تقي الدين من اوجب تقليد الامام بعينه دون نظر انه يستتاب فان تاب والا قتل انتهى وان قلتم اخذنا ذلك من كلام بعض اهل العلم كابن تيمية وابن القيم لانهم سموا ذلك شركاً (قلنا) هذا حق ونوافقكم على تقليد الشيخين ان هذا شرك ولكن هم لم يقولوا كما قلتم ان هذا شرك اكبر يخرج من الاسلام وتجري على كل بلد هذا فيها احكام اهل الردة بل من لم يكفرهم عندكم فهو كافر تجري عليه احكام اهل الردة ولكنهم رحمهم الله ذكروا ان هذا شرك وشددوا فيه ونهوا عنه ولكن ما قالوا كما قلتم ولا عشر معشاره ولكنكم اخذتم من قولهم ماجاز لكم دون غيره بل في كلامهم رحمهم الله مايدل على ان هذا الافاعيل شرك اصغر وعلى تقدير ان في بعض افراده ماهو شرك اكبر على حسب حال قائله ونيته فهم
ذكروا في بعض مواضع من كلامهم ان هذا لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة الذي يكفر تاركها كما يأتي في كلامهم ان شاء الله مفصلا ولكن المطلوب منكم هو الرجوع الى كلام اهل العلم والوقوف عند الحدود التي حدوا فان اهل العلم ذكروا في كل مذهب من مذاهب الاقوال والافعال التي يكون بها المسلم مرتداً ولم يقولوا من نذر لغير الله فهو مرتد ولم يقولوا من طلب من غير الله فهو مرتد ولم يقولوا من ذبح لغير الله فهو مرتد ولم يقولوا من تمسح بالقبور واخذ من ترابها فهو مرتد كما قلتم انتم فان كان عندكم شيىء فبينوه فانه لا يجوز كتم العلم ولكنكم اخذتم هذا بمفاهيمكم وفارقتم الاجماع وكفرتم امة محمد صلى الله عليه وسلم كلهم حيث قلتم من فعل هذه الافاعيل فهو كافر ومن لم يكفره فهو كافر ومعلوم عند الخاص والعام ان هذه الامور ملأت بلاد المسلمين وعند اهل العلم منهم انها ملأت بلاد المسلمين من اكثر من سبعمائة عام
وان من لم يفعل هذه الافاعيل من اهل العلم لم يكفروا اهل هذه الافاعيل ولم يجروا عليهم احكام المرتدين بل اجروا عليهم احكام المسلمين بخلاف قولكم حيث اجريتم الكفر والردة على امصار المسلمين وغيرها من بلاد المسلمين وجعلتم بلادهم بلاد حرب حتى الحرمين الشريفين اللذين اخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الاحاديث الصحيحة الصريحة انهما لا يزالا بلاد اسلام وانهما لا تعبد فيهما الاصنام وحتى ان الدجال في اخر الزمان يطأ البلاد كلها الا الحرمين كما تقف على تقف على ذلك ان شاء الله في هذه الرسالة فكل هذه البلاد عندكم بلاد حرب كفار اهلها لانهم عبدوا الاصنام على قولكم وكلهم عندكم مشركون شركا مخرجاً عن الملة فانالله وانا اليه راجعون فوالله ان هذه الامور التي تكفرون بها الامة النذور وما معها ابن تيمية وابن القيم وهما رحمها الله قد صرحا في كلامهما تصريحا واضحا ان هذه ليس من الشرك الذي ينقل عن الملة بل قد صرحوا في كلامهم ان من الشرك ماهو اكبر من هذا بكثير كثير وان من هذه اللامة من فعله وعاند فيه ومع هذا لم يكفروه كما يأتي كلامهم في ذلك ان شآء الله تعالى (فاما النذر) فنذكر كلام الشيخ تقي الدين فيه وابن القيم وهما من اعظم من شدد فيه وسماه شركاً فنقول قال الشيخ تقي الدين النذر للقبور ولاهل القبور كالنذر لابراهيم الخليل عليه السلام او الشيخ فلان
نذر معصية لا يجوز الوفاء به وان تصدق بمانذر من ذلك على من يستحقه من الفقرآء او الصالحين كان خيرا له عند الله وانفع (انتهى) فلو كان الناذر كافراً عنده لم يأمره بالصدقة لان الصدقة لا تقبل من الكافر بل يأمره بتجديد اسلامه ويقول له خرجت من الاسلام بالنذر لغير الله قال الشيخ ايضا من نذر اسراج بئر او مقبرة او جبل او شجرة او نذر له او لسكانه لم يجز ولا يجوز الوفاء به ويصرف في المصالح مالم يعرف ربه (انتهى) فلو كان الناذر كافراً لم يأمره برد نذره اليه بل امر بقتله وقال الشيخ ايضا من نذر قنديل نقد للنبي صلى الله عليه وسلم صرف لجيران النبي صلى الله عليه وسلم (انتهى) فانظر كلامه هذا وتأويله هل كفر فاعل هذا او كفر من لم يكفره او عد هذا في المكفرات هو او غيره من اهل العلم كما قلتم انتم وخرقتم الاجماع وقد ذكر بن مفلح في الفروع عن شيخه الشيخ تقي الدين ابن تيمية والنذر لغير الله كنذره لشيخ معين للاستغاثة وقضاء اللحاجة منه كحلفه بغيره وقال غيره هو نذر معصية (انتهى)
فانظر الى هذا الشرط المذكور اي نذر له لاجل الاستغاثة به بل جعله الشيخ كالحلف بغير الله وغيره من اهل العلم جعله نذر معصية هل قالوا مثل ماقلتم من فعل هذا فهو كافرو من لم يكفره فهو كافر عياذاً بك اللهم من قول الزور كذلك بن القيم ذكر النذر لغير الله في فصل الشرك الاصغر من المدارج واستدل به بالحديث الذي رواه احمد عن النبي صلى الله عليه وسلم النذر حلفة وذكر غيره من جميع من تسمونه شركا وتكفرون به فعل الشرك الاصغر (واما الذبح) لغير الله فقد ذكره في المحرمات ولم يذكره في المكفرات الا ان ذبح للأصنام او عبد من دون الله كالشمس والكواكب وعده الشيخ تقي الدين في المحرمات الملعون صاحبها كمن غير منار الارض او من ضار مسلماً كما يأتي في كلامه ان شآء الله تعالى وكذلك اهل العلم ذكروا ذلك مما اهل به لغير الله ونهوا عن اهله ولم يكفروا صاحبه وقال الشيخ تقي الدين كما يفعله الجاهلون بمكة شرفها الله تعالى وغيرها من بلاد المسلمين من الذبح للجن ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذبايح الجن (انتهى) ولم يقل الشيخ من فعل هذا فهو كافر بل من لم يكفره فهو كافر كما قلتم انتم واما (السؤال) من غير الله فصله الشيخ تقي الدين رحمه الله ان كان السئل يسئال من المسئول مثل غفران الذنوب وادخال الجنة والنجاة من النار
وانزال المطر وانبات الشجر وامثال ذلك مما هو من خصائص الربوبية فهذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فان تاب والاقتل ولكن الشخص المعين الذي فعل ذلك لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة الذي يكفر تاركها كما يأتي بيان كلامه في ذلك ان شاء الله تعالى (فان قلت) ذكر عنه في الاقناع انه قال من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسئالهم ويتوكل عليهم كفر اجماعاً (قلت) هذا حق ولكن البلاء من عدم فهم كلام اهل العلم لوتأملتم العبارة تأملا تاما لعرفتم انكم تأولتم العبارة على غير تأويلها ولكن هذا من العجب تتركون كلامه الواضح وتذهبون الى عبارة مجملة تستنبطون منها ضد كلام اهل العلم وتزعمون ان كلامكم ومفهومكم اجماع هل سبقكم الى مفهومكم من هذه العبارة احد ياسبحان الله ماتخشون الله (ولكن) انظر الى لفظ العبارة وهو قوله يدعوهم
ويتوكل عليهم ويسئالهم كيف جاء بواو العطف وقرن بين الدعاء والتوكل والسؤآل فان الدعاء في لغة العرب هو العبادة المطلقة والتوكل عمل القلب والسؤآل هو طلب الذي تسمونه الأن الدعاء وهو في هذه العبارة لم يقل او سألهم بل جمع بين الدعاء والتوكل والسؤال والأن انتم تكفرون بالسؤال وحده فاين انتم ومفهومكم من هذه العبارة مع انه رحمة الله بين هذه العبارة واصلها في مواضع من كلامه وكذلك (ابن القيم) بين اصلها قال الشيخ من الصابئة المشركين ممن يظهر الاسلام ويعظم الكواكب ويزعم انه يخاطبها بحوائجه ويسجد لها وينحر ويدعو وقد صنف بعض المنتسبين الى الاسلام في مذهب المشركين من الصابئة والمشركين البراهمة كتاباً في عبادة الكواكب
وهي من السحر الذي عليه الكنعانيون الذي ملوكهم النماردة الذي بعث الله الخليل صلوات الله وسلامه عليه بالحنفية ملة ابراهيم واخلاص الدين لله الى هؤلاء وقال ابن القيم في مثل هؤلاء يقرون للعالم صانعاً فاضلا حكيماً مقدسا عن العيوب والنقائض ولكن لا سبيل لنا الى الوجهة الى جلاله لا بالوسايط فالواجب علينا ان نتقرب اليه بتوسطات الروحانيات القريبة منه فنحن نتقرب اليهم ونتقرب بهم اليه فهم اربابنا والهتنا وشفعاؤنا عند رب الارباب واله الالهة فانعبدهم الاليقربونا الى الله زلفى فحينئذ نسال حاحاتنا منهم ونعرض احوالنا عليهم ونصبوا في جميع امورنا اليهم فيشفعون الى الهنا والههم وذلك لا يحصل الامن جهة الاستمداد بالروحانيات وذلك بالتضرع والابتهال
من الصلوات والزكات والذبائح القرابين والبخورات وهؤلاء كفروا بالاصلين الذين جاءت بهما جميع الرسل احدهما عبادة الله وحده لا شريك له والكفر بما يعبد من دونه من اله
(والثاني) الايمان برسله وبما جاؤا به من عند الله تصديقا واقرارا وانقياداً (انتهى) كلام بن القيم فانظر الى الوسائط المذكورة في العبارة كيف تحملونها على غير محملها ولكن ليس هذا باعجب من حملكم كلام الله وكلام رسوله وكلام ائمة الاسلام على غير المحمل الصحيح مع خرقكم الاجماع واعجب من هذا انكم تستدلون بهذه العبارة على خلاف كلام من ذكرها ومن نقلها ترون بها صريح كلامهم في عين المسئلة وهل عملكم هذا الا اتباع المتشابه وترك المحكم انقذنا الله واياكم من متابعة الاهوآء
(واما) التبرك والمتمسح بالقبور واخذ التراب منها والطواف بها فقد ذكره اهل العلم فبعضهم عده في المكروهات وبعضهم عده في المحرمات ولم ينطق واحد منهم بان فاعل ذلك مرتد كما قلتم انتم بل تكفرون من لم يكفر فاعل ذلك فالمسئالة مذكورة في كتاب الجنائز في فصل الدفن وزيارة الميت فان اردت الوقوف على ماذكرت لك فطالع الفروع والاقناع وغيرهما من كتب الفقه (فان) قدحتم فيمن صنف هذه الكتب فليس ذلك منكم بكثير ولكن ليكن معلوما عندكم ان هؤلاء لم يحكوا مذهب انفسهم وانما حكوا مذهب احمد بن حنبل واحزابه من ائمة اهل الهدى الذين اجمعت الامة على هدايتهم ودرايتهم فان ابيتم الا العناد وادعوتم المراتب العلية والاخذ من الادلة من غير تقليد ائمة الهدى فقد تقدم ان هذا خرق للاجماع