اسم المقالة: الوقف في الفقه
المؤلف: -
الموضوع: الفقه الإسلامي
المحتويات
- تعريفه و أنواعه ومشروعيته
- الوقف قبل الاسلام
- حال الوقف في عصر النبي
- أوقاف الصحابة
- حال الوقف بعد ضعف الدولة العباسية
- حال الوقف في الدولة الفاطمية الباطنية في مصر
- حال الوقف في الدولة الأيوبية في مصر
- حال الوقف في دولة المماليك البحرية
تعريفه:
الوقف في اللغة: الحبس . يقال : وقف يقف وقفا أي حبس يحبس حبسا ( 1 ) .
وفي الشرع: حبس الأصل وتسبيل الثمره . أي حبس المال وصرف منافعه في سبيل الله .
أنواعه :
والوقف أحيانا يكون الوقف على الأحفاد أو الأقارب ومن بعدهم الى الفقراء ويسمى هذا بالوقف الأهلي أو الذري واحيانا يكون الوقف على ابواب الخير ابتداء ويسمى بالوقف الخيري .
مشروعيته:
وقد شرع الله الوقف وندب اليه وجعله قربة (2) من القرب التي يتقرب بها اليه , ولم يكن أهل الجاهلية يعرفون الوقف وانما استنبطه الرسول – صلى الله عليه وسلم- ودعا اليه وحبب فيه برا بالفقراء وعطفا على المحتاجين..
فعن أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " اذا مات الانسان انقطع عمله الا من ثلاثة أشياء: : صدقة جاريه أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" (3) والمقصود بالصدقه الجاريه " الوقف"
ومعنى الحديث : أن عمل الميت ينقطع تجدد الثواب له الا في هذه الأشياء الثلاثة لأنها من كسبه : فولده , وما يتركه من علم , وكذا الصدقه الجاريه كلها من سعيه.
واخرج ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ان مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علما نشره أو ولدا صالحا تركه أو مصحفا ورثه أو مسجدا بناه أو بيتا لابن سبيل بناه أو نهرا أجراه أو صدقه أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته".
(1) وأما أوقفت فهي لغة شاذه.
(2) القربة: هي ما جعل الشارع له ثوابا
(3) رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
الوقف قبل الاسلام
ومنذ فجر التاريخ وحتي الآن..فانّ مايتوفّر من معلومات حول الماضي السحيق يدلّ على أنّ الوقف كان سائداً بين الأقوام والأمم المختلفة، بصور شتّى.
ولم يكن للوقف قبل الاسلام صيغة مقرّرات محدّدة، لكنّ الدّلائل التي تُلقى في صفحات التاريخ تشير الى تخصيص أموال وأملاك للمعابد والامور الخيرية والأشخاص، ممّا هو غير عديم الشَّبَه بالوقف في الدين الاسلامي، على سبيل المثال، جاء في كتاب دانيال النبيّ باللغة الآرامية: «أُمْحُ ذنوبك وخطاياك بالإحسان الى الفقراء»، وكانت أوقاف إبراهيم خليل الرحمن مشهورة أيضاً.
أمّا في الاقتصاد الاسلامي فقد شُرّع الوقف تشريعاً واضحاً، ودُوِّنت قوانينه ونُظمه على نحو مدهش. وفي الواقع أنّ وضع مثل هذه القوانين التي تحكي وعياً عميقاً و نظراً عالياً بعيداً إنّما يدلّل بأفضل وجه على أنّ تعليمات هذا الدين الحنيف نابعة من الوحي.
حال الوقف في عصر النبي
أوقاف الصحابة في عهد النبي @:
ذكر الخصاف في الأوقاف عن محمد بن عبدالرحمن عن سعد بن زراة قال: ما أعلم أحداً من أصحاب رسول الله @ من أهل بدر من المهاجرين والأنصار إلا وقد وقف من ما له حبساً، لا يشترى، ولا يورث ولا يوهب، حتى يرث الله الأرض ومن عليها( ).
ومن أوقاف الصحابة } ما يلي:
1 – وقف عمر بن الخطاب > ( ).
2 – وقف عثمان >، حيث إنه لما حصر وأحيط بداره، أشرف على الناس فقال: أنشدكم بالله، أتعلمون أن رسول الله @ لما قدم المدينة لم يكن بها بئر يستعذب إلا بئر رومة، فقال رسول الله @: من يشتريها من خالص ماله، فيكون دلوه فيها كدلاء المسلمين، وله خير منها في الجنة، فاشتريتها من خالص مالي،
حال الوقف بعد ضعف الدولة العباسية.
لما ضعفت الدولة العباسية، نشأت دول عديدة، واستقلت عن الخلافة العباسية في مصر والشام، ويصعب حصر هذه الدول في هذا المبحث، ولكن لعلي أن أشير في هذا المبحث إلى أهم هذه الدول، مبيناً كذلك حال الوقف خلال حكم هذه الدول للعالم الإسلامي.
حال الوقف في الدولة الفاطمية الباطنية في مصر:
تطورت الأوقاف في الدولة الفاطمية الباطنية في مصر، فقد جعل للوقف ديوان مستقل يشرف على جباية ريع الأحباس، سواء التي حبسها الأفراد أم الرؤساء، وهذا الديوان يشرف كذلك على الأوقاف، وعلى وجوه صرف ريعها وعلى شروط الواقفين فيها( ).
وفي العهد الفاطمي كذلك اهتم بعض الخلفاء، ومنهم الحاكم بأمر الله بالأوقاف وخصوصاً فيما يتعلق بالمساجد والمؤسسات الخيرية، وكذلك فعل الوزير الفاطمي الصالح طلائع بن زريك والذي أوقف أوقافاً كثيرة( ).
حال الوقف في الدولة الأيوبية في مصر:
لقد كثرت الأوقاف في الدولة الأيوبية، وكان سلاطين الدولة الأيوبية كذلك يولون الوقف عناية خاصة، وعلى سبيل المثال في زمن الملك
العادل نور الدين محمود بن زنكي (ت 569هـ) الذي اشتهرت الدولة في عهده بالمسارعة في إقامة المنشآت والمرافق العامة، وتموينها عن طريق الأوقاف الدارّة عليها، فقد أمر نور الدين بإنشاء المدارس والخانقاهات
وأكثر منها في كل بلد، ووقف عليها الوقوف الكثيرة، وأمر ببناء الربط والخانات في الطرقات، فأمن الناس، وحفظت أموالهم، كما أقام بدمشق داراً للحديث، ووقف عليها وعلى من بها من المشتغلين، الوقوف
حال الوقف في دولة المماليك البحرية:
في الدولة المملوكية انتشرت الأوقاف انتشاراً عظيماً، حتى شملت أراضي كثيرة في مصر والشام، وقد اعتنى المماليك بالأوقاف وأكثروا منها، ونتيجة لذلك خففت الأوقاف على الدولة عبئاً كبيراً من مرتبات أئمة المساجد، والمصالح الخاصة بتلك المساجد، والعناية بها، وأصبحت الأوقاف رافداً يمد بيت المال في الدولة المملوكية عند الحاجة إليه( ) حتى أن الدولة أخذت أموال الأوقاف على سبيل القرض في عام (649 هـ) نظراً للحاجة اليها( ).
كذلك أهتم سلاطين المماليك بالوقف على الحرمين اهتماماً كبيراً، ويدل على ذلك ما أنفقوه وأوقفوه على هذه البقاع المقدسة، أو ما يتصل بهما من خدمات، أو أماكن، وكذلك تسهيل الطرق الموصلة إليهما، وما يحتاجانه من خدمات وحماية.
وتتمثل تلك الأوقاف في قرى ومنشآت في كلٍ من مصر والشام، خصصت للصرف والإنفاق على الحرمين، وماله صلة بهما.
وقد ذُكر هذا في بعض المصادر التاريخية المعاصرة للدولة المملوكية، وقد دلت على تلك الأماكن الموقوفة وثائق وقفية مهمة، يُحتفظ بها في دور المخطوطات المهتمة بذلك، وتشتمل تلك الوثائق في مجموعة من الحجج الشرعية التي أوقفها السلاطين والأمراء وغيرهم للصرف على تلك الأماكن
حال الوقف في الدولة العثمانية:
لما تولى العثمانيون مقاليد السلطة في معظم البلاد العربية، اتسع نطاق الوقف، لإقبال السلاطين وولاة الأمر في الدولة العثمانية عليه، وصارت له تشكيلات إدارية تعنى بالإشراف عليه، وصدرت قوانين وأنظمة متعددة لتنظيم شؤونه وبيان أنواعه، ولا زال الكثير من هذه الأنظمة معمولاً بها في بعض الدول العربية( ).
غير أنه لما جاء عصر محمد علي باشا – حاكم مصر – استولى على الأوقاف كلها، وتعسف بالشعب، وطالبهم بإبراز الوثائق التي تثبت ملكيتهم لتلك الأوقاف، والتي لا يملكها إلا القليل، ولم يكن في عهد محمد علي باشا من العلماء أمثال النووي، والعز بن عبدالسلام، ومن هذا الباب، ولج محمد علي، ونفَّذ مآربه فألغى الأوقاف كلها، وأصبحت ملكاً له( ).
وقد سلك محمد علي مسلكاً خطيراً في القضاء على الأوقاف، يحسن بنا أن نشير إليه هنا، وذلك أنه يُعد من المؤيدين لحركة حزب الإصلاح في تركيا، الذي ألغى الأوقاف في تركيا، فأراد محمد علي أن يحذو حذو هذا الحزب، وينهي الأوقاف في مصر، وهذا ليس بالأمر السهل، إذ ليس من العقل أن يحدث حدثاً بدون مستند شرعي؛ لذلك عمد إلى مفتي الحنفية بالإسكندرية محمد محمود الجزايرلي، يسأله عما إذا كان لولي الأمر أن يمنع
-------------------
ENDNOTE
( ) أحكام الأوقاف للخصاف ص15.
( ) سبق ذلك في ص 10.
( ) انظر: الخطط للمقريزي 2/294 والوقف والحياة الاجتماعية بمصر ص52 إلى 54.
( ) انظر: الخطط للمقريزي 2/295.
( ) انظر: الموارد المالية بمصر في عهد الدولة المملوكية، رسالة ماجستير لم تنشر في جامعة الإمام بالرياض ص111 (1405هـ).
( ) انظر: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 7/32 لابن تغري بردي.
( ) انظر: أحكام الأوقاف د/ الكبيسي.
( ) أنظر: الوقف لأبي زهرة ص27.
------------------
التوثيق:
كتاب فقه السنه الجزء الثالث للكاتب سيد سابق
موقع htm 122. http://www.aqrazavi.org/haram/arabic/H
محاضرة فضيلة الدكتور/ أحمد بن صالح العبد السلام