مكروهات الوضوء
كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري
محتويات
- مكروهات الوضوء
- تعريف الكراهة
- تعريف الكراهة عند الحنفية
- تعريف الكراهة عند المالكية
- تعريف الكراهة عند الشافعية
- تعريف الكراهة عند الحنابلة
- االعودة إلي كتاب الطهارة
- االعودة إلي كتاب الصلاة
- االعودة إلي كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري
مكروهات الوضوء
تعريف الكراهة
* أما مكروهات الوضوء: فمنها الإسراف في صب الماء، بأن يزيد على الكفاية، وهذا إذا كان الماء مباحاً، أو مملوكاً للمتوضئ، فإن كان موقوفاً على الوضوء منه، كالماء المعد للوضوء في المساجد، فإن الإسراف فيه حرام.
وفي تعريف الكراهة، وبيان مكروهات الوضوء تفصيل المذاهب
تعريف الكراهة عند الحنفية
(الحنفية قالوا: الكراهة تنقسم إلى قسمين: كراهة تحريمية، فالمكروه تحريماً ما كان إلى الحرام أقرب، ويمكن توضيحه بأنه ترك واجب من الواجبات التي هي أقل من الفرض، ويقال لها: سنة مؤكدة عندهم، أما المكروه تنزيهاً، فهو ما لا يعاقب على فعله، ويثاب على تركه ثواباً يسيراً، ويقابل المندوب، أو المستحب، أو نحو ذلك من السنن غير المؤكدة.
فمكروهات الوضوء، كراهة تحريمية هي ترك سنة مؤكدة من السنن التي تقدم ذكرها، ومكروهاته كراهة تنزيهية هي ترك مندوب، أو مستحب، أو فضيلة من الأمور التي ذكرناها تحت ذلك العنوان، على أن بعض الحنفية عد بعض المكروهات ليقاس عليها غيرها، فمنها ضرب الوجه بالماء بشدة، كما يفعل بعض العامة، فإنه يتناول الماء بيديه، ثم يضرب به وجهه بعنف، كأنه يريد أن يقتص من نفسه، وفعل هذا مكروه، ومنها المضمضة والاستنشاق باليد اليسرى، والامتخاط باليد اليمنى؛ ومنها تثليث مسح رأسه، أو أذنيه بماء حديد، بل المطلوب أن يمسح رأسه بماء جديد، ثم يعيد مسحها بيده من غير أن يأخذ ماء جديداً، ثم يمسح أذنيه كذلك، من غير أن يأخذ لها ماء جديداً، فإذا كرر المسح بماء جديد، فقد فعل مكروهاً، ومنها أن يتخذ لنفسه إناء خاصاً يتوضأ منه، دون غيره، كما يكره أن يعين لنفسه مكاناً خاصاً، هكذا قال الحنفية فيكتبهم، ولكن قواعدهم تخصص هذا الحكم بما إذا لم يخف على نفسه من عدوى المرض، أو ظن أن في حجز إناء خاص به صيانة له من النجاسة. أو نحو ذلك من الأغراض المشروعة، فإنه لا يكره مطلقاً، بل قد يلزمه ذلك إن ظن إيصال الضرر إليه، ومن المكروهات أن يزيد عن ثلاث مرات في غسل وجهه ويديه؛ فإن زاد على ذلك؛ كأن غسل وجهه أربع مرات، أو خمس مرات، فلا يحلو إما أن يعتقد أن هذه الزيادة مطلوبة منه في الوضوء؛ أو غير مطلوبة، فإن اعتقد أنها مطلوبة منه في أعمال الوضوء كانت الكراهة تحريمية؛ وإن اعتقد أنها غير مطلوبة، وإنما يفعل ذلك لتبرد في زمن الحر، أو النظافة، أو نحو ذلك، فإن الكراهة تكون تنزيهية، وذلك لأن التنظيف، والتبرد له وقت غير وقت العبادة، وكما يكره الإسراف في الوضوء كراهة تنزيهية، كذلك يكره التقتير كراهة تنزيهية، والتقتير عند الحنفية هو أن يكون تقاطر الماء عن العضو المغسول غير ظاهر، وهذا مخالف للمالكية، كما ستعرفه بعد.
وهذا كله فيما إذا كان الماء الذي يتوضأ منه مملوكاً له. أما إذا كان موقوفاً. كما دورات مياه المساجد ونحوها؛ فإن الإسراف فيه حرام على كل حال: ومنها أن يتوضأ بموضع متنجس، خوفاً من أن يصيبه شيء من النجاسة بسبب سقوط الماء عليها، وتلوثه بها.
تعريف الكراهة عند المالكية
المالكية قالوا: مكروهات الوضوء أولاً ترك سنة من السنن المتقدمة. وقد عرفت أن السنة عندهم ما لا يعاقب على تركها؛ ومع هذا فمنها ما هو مؤكد، ومنها ما هو غير مؤكد، ويقال له فضيلة، على أنهم أطلقوا في مكروهات الوضوء؛ فلم يقولوا: إنها كراهة تنزيه، أو غيره. والقاعدة في مذهبهم أنهم متى أطلقوا انصرفت الكراهة إلى التنزيهية؛وهي خلاف الأولى: وقد عدوا من المكروهات الإسراف في صب الماء، بأن يزيد على الكفاية، كأن يزيد على ذلك إذا اعتقد أنها من الوضوء. أما إن كانت الزيادة للنظافة، أو التبرد، فلا كراهة ما لم يكن الماء موقوفاً على الوضوء، وإلا حرم الإسراف فيه، كما إذا كان مملوكاً للغير؛ ولم يأذن باستعماله كما تقدم في "مكروهات المياه": ومنها مسح الرقبة بالماء؛ لما في ذلك من الزيادة التي يأمر بها الدين، لا فرق في ذلك بين العنق وبين الرقبة من أمام؛ خلافاً للحنفية في ذلك. فإنهم يقولون: إن مسح العنق بعد مسح الأذنين بدون ماء جديد سنة، أما مسح الحلقوم عند الحنفية فإنه بدعة، ولم ينصوا على كراهتها، ومنها أن يتوضأ في موضع متنجس بالفعل، أو موضع أعد للنجاسة، وإن لم يستعمل، كالمرحاض الجديد قبل استعماله؛ ومنها الكلام حال الوضوء بغير ذكر اللّه تعالى، وهذا متفق عليه في المذاهب، إلا أن الشافعية قالوا: إنه ليس بمكروه، ولكن عدم الكلام أولى.
تعريف الكراهة عند الشافعية
الشافعية قالوا: المكروه هو ما طلبه الشارع طلباً غير جازم، فإن تركه المكلف يثاب على تركه، وإن فعله لا يعاقب على فعله، ومكروهات الوضوء عندهم تنحصر في ترك السنة المختلف في وجوبها، بأن يقول بعضهم: إنها فرض، وبعضهم يقول: إنها سنة، ومثلها السنة المؤكدة، أما ترك غير ذلك فهو خلاف الأولى، فمن المكروه تنزيهاً الإسراف في الماء، إلا إذا كان موقوفاً، فإنه يحرم الإسراف منه، بشرط أن لا يكون في حوض أو ميضأة، فإنه لا يحرم، لعود الماء إليها، بل يكون مكرهاً فقط، ومن المكروه تنزيهاً - وهو خلاف الأولى - أن يتكلم وهو يتوضأ، ومن المكروه مبالغة الصائم في المضمضة، أو الاستنشاق، ومنه أن يتوضأ في موضع متنجس، أما مسح الرقبة والعنق، فليس بمكروه عندهم، بل قال بعضهم: إنه سنة، ومن المكروه مبالغة الصائم في المضمضة، أو الاستنشاق، ومنه أن يتوضأ في موضع متنجس، أما مسح الرقبة والعنق، فليس بمكروه عندهم، بل قال بعضهم: إنه سنة، ومن المكروه الزيادة على الثلاث، سواء كان العضو مغسولاً، أو ممسوحاً، فإن الشافعية يجعلون العضو الممسوح كالعضو المغسول في طلب التثليث، إلا إذا كان لابس خف، فإنه يكره أن يمسحه زيادة على مرة واحدة.
تعريف الكراهة عند الحنابلة
الحنابلة قالوا: المكروه هو ترك سنة من السنن المؤكدة كالوتر وركعتي الفجر، والتراويح، أما غيرها، فتركه خلاف الأولى، وهو ترك سنة من السنن المتقدمة، إلا إذا ورد نص بنهي غير جازم، فإن الترك حينئذ يكون مكروهاً؛ فمن خلاف الأولى الإسراف في صب الماء إذا كان مباحاً، أما إذا كان موقوفاً فإنه يحرم، ومنه الزيادة على الثلاث في المغسول، وعلى المرة الواحدة في الممسوح إذا قصد بالزيادة النظافة، أو التبرد، فإنه لا يكره؛ ومنه مسح الرقبة بالماء، ومنه مبالغة الصائم في المضمضة. ومنه أن يتوضأ في موضع متنجس، ومنه الكلام حال الوضوء بغير ذكر اللّه).