محتويات
- متن الحديث
- معني الكلمات
- تعليق النووي في شرح مسلم
- شرح القرطبي في التذكرة
- رأي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
- رأي ابن عثيمين
- رأي عبد الرحمن السحيم
متن الحديث
حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صِنْفَانِ مِنْ أَهْل النَّار لَمْ أَرَهُمَا : قَوْم مَعَهُمْ سِيَاط كَأَذْنَابِ الْبَقَر ، يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاس ، وَنِسَاء كَاسِيَات عَارِيَات مَائِلَات مُمِيلَات رُءُوسهنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْت الْمَائِلَة ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّة ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحهَا ، وَإِنَّ رِيحهَا لَتُوجَد مِنْ مَسِيرَة كَذَا وَكَذَا
المصدر: صحيح مسلم رقم 2128 » كتاب اللباس والزينة » باب النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات
معني الكلمات
- البخت: واحدتها البختية وهى الناقة طويلة العنق ذات السنامين (موطأ مالك،603، 2/287 النسخة الرقمية)
البختية الأنثى من الجمال البخت وهي جمال طوال الأعناق ويجمع على بخت وبخات وقيل الجمع بخاتي (لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، 2/9 )
2- سنم: سنام البعير والناقة أعلى ظهرها والجمع أسنمة وفي الحديث نساء على (رؤوسهن كأسنمة البخت) هن اللواتي يتعممن بالمقانع على رؤوسهن يكبرنها بها وهو من شعار المغنيات ( لسان العرب - ابن منظور ، 12/306)
تعليق النووي في شرح مسلم
قوله صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات ، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها توجد من مسيرة كذا وكذا ) هذا الحديث من معجزات النبوة ، فقد وقع هذان الصنفان ، وهما موجودان . وفيه ذم هذين الصنفين قيل : معناه كاسيات من نعمة الله عاريات من شكرها ، وقيل : معناه تستر بعض بدنها ، وتكشف بعضه إظهارا بحالها ونحوه ، وقيل : معناه تلبس ثوبا رقيقا يصف لون بدنها .
وأما ( مائلات ) فقيل : معناه عن طاعة الله ، وما يلزمهن حفظه . ( مميلات ) أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم ، وقيل : مائلات يمشين متبخترات ، مميلات لأكتافهن . وقيل : مائلات يمشطن المشطة المائلة ، وهي مشطة البغايا . مميلات يمشطن غيرهن تلك المشطة . ومعنى ( رءوسهن كأسنمة البخت ) أن يكبرنها ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة أو نحوهما . راجع شرح النووي على صحيح مسلم 17/191
شرح القرطبي في التذكرة
قال الإمام أبو عبد الله القرطبي الأنصاري في كتاب التذكرة
فصل : قال الحافظ ابن دحية أبو الخطاب : قوله صنفان من أهل النار لم أرهما الصنف فيما ذكر عن الخليل الطائفة من كل شيء و السوط في اللغة اسم العذاب و إن لم يكن له ثم ضرب قال الفراء
و قال ابن فارس في المجمل السوط من العذاب النصيب و السوط خلط الشيء بعضه ببعض و إنما سمي سوطا لمخالطته و إنما أراد النبي صلى الله عليه و سلم عظم السياط و خروجها عن حد ما يجوز به الضرب في التأديب و هذه الصفة للسياط مشاهدة عندنا بالمغرب إلى الآن و غيره
و قوله نساء كاسيات عاريات يعني أنهن كاسيات من الثياب عاريات من الذين لانكشافهن و إبدائهن بعض محاسنهن
و قيل : كاسيات ثيابا رقاقا يظهر ما خلفها و ما تحتها فهن كاسيات في الظاهر عاريات و في الحقيقة
و قيل : كاسيات في الدنيا بأنواع الزنية من الحرام و ما لا يجوز لبسه عاريات يوم القيامة ثم قال عليه السلام [ مائلات مميلات ] قيل : معناه زائغات عن طاعة الله تعالى و طاعة الأزواج و ما يلزمهن من صيانة الفروج و التستر عن الأجانب و مميلات يعلمن غيرهن الدخول في مثل فعلهن
و قيل : مائلات متبخترات في مشهين مميلات يملن رؤوسهن و أعطافهن من الخيلاء و التبختر و مميلات لقلوب الرجال إليهن لما يبدين من زينتهن و طيب رائحتهن
و قيل : يتمشطن الميلاء و هي مشطة البغايا و المميلات : اللواتي يمشطن غيرهن المشة الميلاء قال صلى الله عليه و سلم [ رؤوسهن كأسنمة اليخت ] معناه يعظمن رؤوسهن بالخمر و المقانع و يجعلن على رؤوسهن شيئا يمسي عندهم التازة لا عقص الشعر و الذاوئب المباح للنساء حسب ما ثبت في الصحيح عن أم سلمة قالت قلت : يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي الحديث
راجع كتاب التذكرة للقرطبي 1/425
__________________________________
التحذير: ابن باز وابن عثيمين وعبد الرحمن السحيم هم من كبار علماء الوهابية
رأي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
وقد فسر العلماء هذا الحديث بأنهن كاسيات من نعم الله، عاريات من شكرها، وقال جماعة في تفسير الحديث: كاسيات بالثياب الرقيقة والقصيرة، عاريات لأن هذه الملابس لا تستر، فهن في حكم العاريات، وهذا منكر عظيم يجب على المرأة أن تتستر بالستر الكامل عن خادمها وعن زوج أختها وعن إخوان زوجها وعن غيرهم من الأجانب، يجب أن يكون الستر كاملاً في جميع بدنها ورأسها ووجهها عن غير محارمها، وإذا تركت بعض ذلك صارت في حكم الكاسيات العاريات، وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: (مائلات مميلات)، فمعناه عند أهل العلم، مائلات عن الصواب عن الحق عن العفة والاستقامة إلى الفساد والفحش، مميلات لغيرهن إلى ذلك، فهن مائلات عن العفة والاستقامة إلى الفساد والزنا والفواحش وغير الحق، مميلات لغيرهن من النساء يعني يدعين إلى الفاحشة، ويتوسطن في الفاحشة، أما من فسر ذلك بالمشطة المائلة فهذا غلط ليس بشيء، الصواب أن المراد مائلات عن الحق، عن العفاف والاستقامة إلى الفساد وغير الاستقامة، مميلات لغيرهن من النساء عن العفة والاستقامة إلى الفساد، نسأل الله العافية. أما رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، هذه علامة لهن من علاماتهن تنصيب الرؤوس يجمعن عليها أشياء تضخمها وتكبرها وكأنها علامة لهن في بعض البلدان اللاتي تتعاطى هذه الأعمال السيئة.
فالرجال الذين في أيديهم سياط كأذناب البقر هم من يتولى ضرب الناس بغير حق من شرط أو من غيرهم ، سواء كان ذلك بأمر الدولة أو بغير أمر الدولة . فالدولة إنما تطاع في المعروف ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إنما الطاعة في المعروف ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ) فقد فسر ذلك أهل العلم بأن معنى " كاسيات " يعني من نعم الله .
" عاريات " يعني من شكرها ، لم يقمن بطاعة الله ، ولم يتركن المعاصي والسيئات مع إنعام الله عليهن بالمال وغيره ، وفسر الحديث أيضا بمعنى آخر وهو أنهن كاسيات كسوة لا تسترهن إما لرقتها أو لقصورها ، فلا يحصل بها المقصود ، ولهذا قال : " عاريات " ، لأن الكسوة التي عليهن لم تستر عوراتهن .
" مائلات " يعني : عن العفة والاستقامة . أي عندهن معاصي وسيئات كاللائي يتعاطين الفاحشة ، أو يقصرن في أداء الفرائض ، من الصلوات وغيرها .
" مميلات " يعني : مميلات لغيرهن ، أي يدعين إلى الشر والفساد ، فهن بأفعالهن وأقوالهن يملن غيرهن إلى الفساد والمعاصي ويتعاطين الفواحش لعدم إيمانهن أو لضعفه وقلته ، والمقصود من هذا الحديث الصحيح هو التحذير من الظلم وأنواع الفساد من الرجال والنساء .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ) ، قال بعض أهل العلم : إنهن يعظمن الرءوس بما يجعلن عليها من شعر ولفائف وغير ذلك ، حتى تكون مثل أسنمة البخت المائلة ، والبخت نوع من الإبل لها سنامان ، بينهما شيء من الانخفاض والميلان ، هذا مائل إلى جهة وهذا مائل إلى جهة ، فهؤلاء النسوة لما عظمن رءوسهن وكبرن رءوسهن بما جعلن عليها أشبهن هذه الأسنمة .
رأي ابن عثيمين
الشعر إذا كان على الرأس على فوق فإن هذا داخل في التحذير الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : (( صنفان من أهل النار لم أرهما بعد )) وذكر الحديث : وفيه (( نساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة) فإذا كان الشعر فوق الرأس ففيه نهى ، أما إذا كان علي الرقبة مثلا فإن هذا لا بأس به إلا إذا كانت المرأة ستخرج إلي السوق ، فإن في هذه الحال يكون من التبرج ، لأنه سيكون له علامة من وراء العباءة تظهر ، ويكون هذا من باب التبرج ومن أسباب الفتنة فلا يجوز
قال ابن حجر في فتح الباري (10 /375):ومعنى رؤوسهن كأسنمة البخت أن يكبرنها ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة أونحوها
وقال الأستاذ الدكتور الشيخ بكر عبدالله أبي زيد : وهذا نص فيه وعيد شديد، يدل على أن التبرج من الكبائر؛ لأن الكبيرة: كل ذنب توعد الله عليه بنار أو غضب أو لعنةٍ أو عذابٍ أو حِرمانٍ من الجنة
وجاء في صحيح مسلم : (رؤوسهن كأسنمة البخت) معناه يعظمن رأسهن بالخمر والعمائم وغيرها مما يلف على الرؤوس حتى تشبه أسنمة الإبل (في اللسان: البخت والبخيتة دخيل في العربية، أعجمي معرب. وهي الإبل الخراسانية، تنتج من عربية وفالج. والفالج البعير ذو السنامين، وهو الذي بين البختي والعربي) والمراد بالتشبيه بأسنمة البخت إنما هو لارتفاع الغدائر فوق رؤوسهن وجمع عقائصها هناك وتكثرها بما يضفرنه حتى تميل إلى ناحية من جوانب الرأس كما يميل السنام]. )
قوله: (رؤوسهن كأسنمة البخت). والبخت ضرب من الإبل عظام الأجسام، عظام الأسنمة؛ شبه رؤوسهن بها لما رفعن من ضفائر شعورهن على أوساط رؤوسهن. وهذا مشاهد معلوم، والناظر إليهن ملوم. قال صلى الله عليه وسلم: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء). "أخرجه البخاري". )
رأي عبد الرحمن السحيم
مـما يتوقّف فيه العُلَماء إنْزَال الأحَادِيـث على واقِع مُعيَّن، والْجَزْم بأنّ ذلـك الواقِع هو الْمَقْصُد بالحديـث. ومما فَسَرّ به العُلَماء " أسْنِمَة الـبُخْت الْمَائلَة " مَا يَقرُب من صُورة السَّنـام إذا مَالَ، وهو إمَالَة الشَّعْر عـلى جِهَة، كَفعْل الكافرات أو الفاجِـرات. والْمَعْرُوف في مَيْـل السَّنَام أنه يميل إلى أحَد جانبـي الْجَمَل، فيَكون أشْبَه بالقَصَّة المائلة. ومـما فُسِّر به الْحِديث أيضا تكـبير الرأس بِأن يُلَفّ عليه عمامـة، أو بِجَمْع الشَّعَر فوق الرَّأس أو خَلْفَه بحيث يبدو للـناظِر.
هـذا مِن جِهَـة . ومِـن جِهَة ثانية فإن الشّكل الْمُصَوَّر فـي السُّؤال هو مَحْذُور شَرْعًـا، إذ ليس الْمُرَاد مِـن الْحِجَاب هو مُجرّد سَتْـر أو تَغطِية الرأس أو البَدن، بـل الْمُرَاد إخفاء معالَم البَدَن، ولذلـك وضَع العُلماء شُرُوطا للحِجاب، وهـي مُسْتَنْبَطَة مِن أدلّة الكِتاب والسنة فَشَرَطُـوا فيه أن يَكون واسِعا فَضْفَاضًا، وهذا قـد دَلّ عليه قول أسامة بن زيد: كَسَانِي رسـول الله صلى الله عليه وسلم قِبطية كَثيفة كانـت مِمَّا أهْداها دحية الكلبي، فَكَسْـوتُها امْرأتي، فقال لي رسول الله صلـى الله عليه وسلم: مَالك لم تَلبس القِبطـية ؟ قلت: يا رسول الله كَسـَوتُها امْرأتي، فقال لي رسول الله صلـى الله عليه وسلم: مُرْها فَلْتَجْعَل تَحْتَهـا غِلالة، فإني أخاف أن تَصِف حَجْم عظامهـا. رواه الإمام أحمد وغيره، وروى نحـوه أبو داود عن دحية الكلبي رضي الله عـنه. وشَرَطوا شُرُطا أخْرَى مُسـتَنْبَطَة مِن الكِتاب والسُّـنَّـة .
ولا شـكّ أنَّ ما صُوِّر في السّؤال مِمَّا يُبْـدي حَجم رأس المرأة وحَجم شَعْرِها، ووَضْعـه بِتلك الصَّورة أنه داخِـل دُخُولا أوّليا في اللباس الكَاسـي العَاري، وقد قال عليه الصلاة والسلام: رُبّ كاسِيـة في الدّنيا عَارِيَة في الآخِرَة. رواه البخـاري. قال ابن حجر: كاسِية جَسدهـا، لكنها تَشُدّ خِمَارَها مِن وَرَائها فَيبْدُو صَـدْرَها، فَتَصِير عَارِيَة، فَتُعَاقَب في الآخـرة. اهـ. وهذا ينطبق على مَن تَلْبَس الضَّـيِّق، وعلى مَن تَلْبس العَبَـاءة على الكَتِف، لأنّهَا لا تَسْتُر تَقَاطِيع جَسَدِهـا.