الباب السادس في تأويل رؤيا الإسلام والسلام والمصافحة والطهارة والأذان والإقامة
كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين
محتويات
- الباب السادس في تأويل رؤيا الإسلام
- الباب السابع في تأويل السلام والمصافحة
- الباب الثامن في تأويل الرؤيا الطهارة
- الباب التاسع في تأويل رؤيا الأذان والإقامة
- االعودة إلي كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين
الباب السادس في تأويل رؤيا الإسلام
@قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله كل مشرك رأى في منامه أو رآه غيره كأنه في الجنة أو حلى أساور من فضة فإنه يسلم لقوله تعالى: {وحلوا أساور من فضة}. وكذلك لو رأى أنه يدخل حصنا فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله تعالى لا إله إلا أنا حصني فمن دخله أمن من عذابي فإن رأى مشرك أنه أسلم أو رأى أنه يصلي نحو القبلة أو رأى أنه يشكر الله تعالى هدي للإسلام وإن كان في دار الشرك فرأى في منامه أنه تحول إلى دار الإسلام فإنه يموت عاجلا لأن دار الإسلام دار الحق فإن رأى مسلم في منامه كأنه يقول أسلمت استقامت أموره واستحكم إخلاصه فإن رأى مسلم كأنه يسلم ثانيا سلم من الآفات
(ومن رأى) من المشركين كأنه كان ميتا فحيي فإنه يسلم وكذلك إذا رأى سعة في صدره فإنه يسلم وكذلك إذا رأى نفسه في سفينة في البحر فإنه يسلم.
الباب السابع في تأويل السلام والمصافحة
@ (من رأى) كأنه يصافح عدوا أو يعانقه ارتفعت من بينهما العداوة ونبتت الإلفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال المصافحة تزيد في المودة
(ومن رأى) أن عدوه سلم عليه فإنه يصلب إليه الصلح
(ومن رأى) أنه سلم على من ليس بينه وبينه عداوة أصاب المسلم عليه من المسلم فرحا وإن كانت بينهما عداوة فإنه يظفر بالمسلم ويأمن بوائقه
(ومن رأى) كأنه سلم على شيخ لا يعرفه فإن ذلك أمان من عذاب الله عز وجل وإن رأى أنه سلم على شيخ يعرفه فإنه ينكح امرأة حسناء وينال أنواع الفواكه لقوله تعالى: {لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون} {سلام قولا من رب رحيم}. فإن سلم عليه شاب لا يعرفه فإنه يسلم من شر أعدائه ومن كان يخطب إلى رجل فرأى كأنه يسلم على ذلك الرجل فرد عليه جواب سلامه لم يزوجه وكذلك إن كانت بينه وبين رجل تجارة فرأى في منامه كأنه سلم عليه فرد عليه جوابه استقامت تلك التجارة بينهما فإن لم يرد جوابه لم تستقم.
الباب الثامن في تأويل الرؤيا الطهارة
@ (قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله) الأولى بالطهارات بتقديم الذكر: الختان، وهي من الفطرة. فمن رأى كأنه اختتن فقد عمل خيرا طهره الله به من الذنوب وأحسن القيام بأمر الله تعالى ولو قال قائل إنه يخرج من الهموم لم يبعد فإن رأى كأنه أقلف فإن القلفة زيادة مال ووهن في الدين وهذه الرؤيا تدل على أن صاحبها يترك الدين لأجل الدنيا فإن رأى أنه اختتن فسال منه دم كثير خرج عن ذنوبه وأقبل على إقامة سنن صلى الله عليه وسلم والسلوك من الفطرة أيضا وهذه رؤيا أهل السنة فمن رأى أنه يستاك فإنه يكون محسنا إلى أقاربه واصلا لرحمه فإن رأى أنه يستاك بشيء نجس فإنه ينفق مالا حراما في طاعة
(ومن رأى) أنه يتوضأ وضوءه لصلاة فإنه أمان من الله تعالى
(ومن رأى) أنه جنب فإنه يسافر ويطلب حاجة لا سوى لها
(ومن رأى) أنه اغتسل فإنه يقضي حاجة الاغتسال يطهر الذنوب ويكشف الهموم
(ومن رأى) أنه اغتسل ولبس ثيابا جددا فإن كان معزولا عن ولاية ردت إليه وإن كان فقيرا أثرى وغنى وإن كان مسجونا خلى سبيله وإن كان مريضا عوفي وإن كان تاجرا قد كسدت تجارته أو صانعا قد تعذرت عليه صنعته استقام أمرها وتجدد لهما أمر في أتم دولة وإن كان ضرورة حج وإن كان مهموما فرج الله همه وإن كان مديونا قضى الله دينه لأن أيوب حين اغتسل ولبس ثيابا جددا وهب الله له أهله ومثلهم معهم وذهب همه وصح جسمه فإن رأى أنه اغتسل ولبس ثيابا خلقة فإنه يذهب همه ويفتقر
(ومن رأى) أنه يغتسل إلا أنه لم يتم أمره ولم ينل ما يطلبه
(ومن رأى) كأنه يتوضأ أو يغتسل في سرب فإنه يظفر بشيء كان سرق له
(ومن رأى) كأنه يتوضأ ودخل في الصلاة خرج من الهموم وشكر الله تعالى على الفرج
(ومن رأى) كأنه يتوضأ بما لا يجوز الوضوء به فهو في هم ينتظر الفرج ولا يناله وإن تاجرا أنه يصلي بغير وضوء فإنه يتجر من غير رأس مال وأن رأى أمير هذه الرؤيا فلا يجتمع له جند وأن رآها محترف لم يستقر به قرار
(ومن رأى) أنه يصلي بغير وضوء في مكان لا تجوز الصلاة فيه متحير في أمره لا يجد منه خلاصا وقيل الوضوء في المنام أمانة يؤديها أو دين يقضيه أو شهادة يقيمها وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت رجلا من أمتي قد بسط عليه العذاب في القبر فجاءه وضوءه فاستنقذه من ذلك
(ومن رأى) أنه يتيمم فقد دنى فرجه وقربت راحته لأن التيمم دليل الفرج القريب من الله تعالى.
الباب التاسع في تأويل رؤيا الأذان والإقامة
@ (أخبرنا) أبو بكر بن عبد الله ابن قريش قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي قال حدثنا وهب ابن جرير قال حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصار عن أبيه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بالذي رأيته من الأذان فقال إن هذه لرؤيا حق فقم فألقها على بلال فإنه أندى صوتا منك قال فجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سمع أذان بلال يجر ثوبه وقال يا رسول الله رأيت مثل ما أرى عبد الله بن زيد فقال الحمد لله فذاك أثبت (وأخبرنا) أبو بكر قال أخبرنا الحسن بن سفيان عن إسماعيل بن عبيد الحراني عن محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هم بالبوق وأمر بالناقوس فتنحت فأرى عبد الله ابن زيد الأنصاري في المنام قال رأيت رجلا عليه ثوبان أخضر أن يحمل ناقوسا فقلت يا عبد الله أتبيع الناقوس قال ومنا تصنع به قلت ننادي به للصلاة قال أفلا أدلك على ما هو خير لك من ذلك قلت بلى قال تقول الله أكبر ثم لقنني كلمات الأذان ثم مشى هنيهة ولقنني كلمات الإقامة فلما استيقظت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال عليه السلام إن أخاكم قد رأى رؤيا فاخرج مع بلال إلى المسجد فألقها عليه فليناد بها فإنه أندى صوتا منك فخرجت معه فجعلت ألقيها وينادي بها بلال فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصوت فخرج فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله لقد رأيت مثل ما أرى (قال الأستاذ أبو سعيد رضي الله عنه) (من رأى) أنه أذن مرة أو مرتين وأقام وصلى فريضة رزق حجا وعمرة لقوله تعالى: {وأذن في الناس بالحج} والآن بعرفات يؤذن ويقام مرتان مرتان فإن رأى كأنه يؤذن على منارة فإنه يكون داعيا إلى الحق ويرجى له الحج فإن رأى كأنه يؤذن في بئر فإن يحث الناس على سفر بعيد فإن رأى كأنه مؤذن وليس في اليقظة ولى ولاية بقدر ما بلغ صوته إن كان للولاية أهلا فإن رأى كأنه يؤذن على تل أصاب ولاية من رجل أعجمي وإن لم يكن للولاية أهلا فإنه يصيب تجارة رابحة أو حرفة عزيزة فإن رأى أنه زاد في الأذان أو نقص منه أو غير ألفاظه فإنه يظلم الناس بقدر الزيادة والنقصان وإن أذن في شارع فإن كان من أهل الخير فإنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وإن كان من أهل الفساد فإنه يضرب
(ومن رأى) كأنه يؤذن على حائط فإنه يدعو رجلا إلى الصلح وإن أذن فوق بيت فإنه يموت أهله فإن أذن فوق الكعبة فإنه يظهر بدعة والأذان في جوف الكعبة لا يحمد ومن أذن على سطح جاره فإنه يخون جاره في أهله ومن أذن بين قوم فلم يجيبوه فإنه بين قوم ظلمة لقوله تعالى: {فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين}
(ومن رأى) أنه أذن وأقام فإنه يقيم سنة ويميت بدعة
(ومن رأى) صبيا يؤذن فإنه براءة لوالديه من كذب وبهتان لقصة عيسى عليه السلام والأذان في الحمام لا يحمد دينا ولا دنيا وقيل إنه يقود فإن أذن في البيت الحار فإنه يحم حمى نافض فإن أذن في البيت البارد فإنه يحم حمى حارة ومن أذن على باب سلطان فإنه يقول حقا (وحكي) عن ابن سيرين رحمه الله أنه قال الأذان مفارقة شريك لقوله تعالى: {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر}. الآية فإن أذن في قافلة فإنه يسرق لقوله تعالى: {أيتها العير إنكم لسارقون}. والأذان في البرية أو المعسكر يكون جاسوسا للصوص ومن كان محبوسا فرأى كأنه يقيم أو يصلي قائما فإنه يطلق لقوله: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة}. الآية
(ومن رأى) غير محبوس أنه يقيم إقامة الصلاة فإنه يقوم له أمر رفيع يحسن الثناء عليه فيه
(ومن رأى) كأنه أقام على باب داره فوق سرير فإنه يموت
(ومن رأى) كأنه يؤذن على سبيل اللهو واللعب سلب عقله لقوله تعالى: {وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوما لا يعقلون}. (وحكي) عن دانيال الصغير أنه قال (من رأى) كأنه أذن وقام وصلى فقد تم عمله وهو دليل الموت ومن سمع أذانا في السوق فإنه موت رجل من أهل تلك السوق ومن سمع أذانا يكرهه فإنه ينادي عليه في مكروه (قال الأستاذ أبو سعيد) الأصل في هذا الباب الأذان إذا رآه من هو أهل له كان محمودا إذا أذن في موضعه وإذا رآه من ليس بأهل أو رآه في غير موضعه كان مكروها فإن أذن في مزبلة فإنه يدعو أحمق إلى الصلح ولا يقبل منه وإن أذن في بيت فإنه يدعو امرأة إلى الصلح فإن أذن متعجرا فإنه يغشى امرأة (وحكي) أن رجلا أتى ابن سيرين فقال رأيت كأني أؤذن فقال تحج وأتاه آخر فقال رأيت كأني أؤذن فقال تقطع يداك قيل له كيف فرقت بينهما قال رأيت للأول سيما حسنة فأولت {وأذن في الناس بالحج} ورأيت للثاني سيما غير صالحة فأولت {ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون}.