كتاب طريقة تعليم اللغة العربية
محتويات
- القواعد النحوية وأساليب تدريسها
- ماهية النحو
- النحو لغة واصطلاحا
- أول من وضع النحو
- أهمية علم النحو
- علاقة النحو بالمهارات اللغوية
- أهداف تدريس القواعد النحوية
- طرائق تدريس القواعد النحوية
- الغرض من التطبيق الشفوي
- الغرض من التطبيق الكتابي
- الطريقة المعدلة النص الأدبي
- طريقة النشاط
- طريقة البدء بالمشكلة ( جون ديوي)
- أفضل الطرائق في تدريس القواعد النحوية
- االعودة إلي كتاب طريقة تعليم اللغة العربية
القواعد النحوية وأساليب تدريسها
نشأت اللغة العربية في أحضان الجزيرة العربية نقية خالصة فقد كان العرب قبل الإسلام يتحدثون العربية بصورة صحيحة , ولا يحتاجون إلى أعمال فكر وروية , ولا تتعثر ألسنتهم . وكان اختلاطهم بغيرهم من الأمم قليلا , إذ كان ينحصر في التجارة مع اليمن أو الشام أو في مجاورتهم للفرس والروم , ولما جاء الإسلام ونشر رايته , دخل الناس في دين الله عز وجل , وخرج المسلمون لنشر دين الله جل جلاله خارج شبة الجزيرة العربية , وكان طبيعيا أن تتأثر لغة العرب فتتسرب إليها كلمات أجنبية أو تتغير أبنية بعض الألفاظ أو يختل ضبط بعض حروفها , أو تركيب جملها وأساليبها .
وقد كان العرب شديدي العناية بالإعراب , وكان حسهم به دقيقا يقظا , فهو عنوان الثقافة والأدب الرفيع , ذلك لأن العربية تجري على قوانين ومقاييس يعدّ الانحراف عنها خطأ ولحنا فيها , وكذلك مفرداتها في صيغها ومعانيها , وكل لغة تجري على قوانين يجب مراعاتها , وتجنب مخالفتها , وقد اشتهر أن العرب يخطئون في المعاني لا في الألفاظ , وذلك أن العربية سليقة لهم , فلا يحيدون عن الصواب فيها .
ولقد بدأ ظهور اللحن في أول الأمر يسيرا , ثم ما لبث أن ازداد نتيجة لاختلاط العرب بالأعاجم , وكان أول ظهور اللحن في الأعراب وأواخر الكلمات التي تختلف المعاني باختلافها , ثم امتد إلى الصيغ والأبنية , لذلك عني علماء اللغة ببيان ما يلحن فيه الناس كي يجتنبوه , ويعودوا إلى السداد .
ومن البواعث التي أدت إلى وضع علم النحو , يرجع إلى الحرص الشديد على أداء نصوص القرآن الكريم أداء سليما إلى أبعد حدود السلامة والفصاحة , وكان الخوف بسبب اتساع وشيوع اللحن على الألسن . فالنحو نشأ لفهم القرآن الكريم وفرق كبير بين من يسعى لفهم النطق وعلم يسعى لحفظه من اللحن , واللحن هو لغة خاصة بفئة قليلة معينة لا يفهمها إلا من انتمى إليها , وقد يستعمل أفرادا ألفاظا وعبارات معروفة في اللغة الشائعة ولكنهم يعنون بها أشياء لا يدل عليها ظاهر الكلام وقد ظهر اللحن أول ما ظهر بين المستضعفين من العرب والناشئين منهم وبين الموالي في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم , بالحواضر والمدن .
ماهية النحو
النحو لغة واصطلاحا
النحو : إعراب الكلام العربي , أو انتحاء سمة كلام العرب في تصرفه من إعراب وتثنية وجمع وتكسير وإضافة ونسب وغير ذلك .
النحو اصطلاحا :
النحو علم يبحث فيه عن أحوال أواخر الكلم عربا وبناء . ولا شك أن أفضل تعريف لمفهوم النحو هو تعريف " ابن جني " وهو انتحاء سمت كلام العرب في تصرفه من إعراب وغيره كالتثنية والجمع والتكسير والإضافة والنسب والتركيب وغير ذلك , ليلحق من ليس من أهل اللغة العربية بأهلها في الفصاحة , فينطق بها وإن لم يكن منهم , وإن شذ بعضهم عنها رد به إليها .
أما المفهوم الحديث لعلم النحو فهو علم البحث في التراكيب وما يرتبط بها من خواص كما أنه يتناول العلاقات بين الكلمات في الجملة وبين الجملة في العبارة .
ويذهب بعض رجال التربية في العصر الحديث إلى أن قواعد اللغة بالنسبة للطلبة تشكل وسيلة لا غاية فلا تقتصر لذاتها , بل هي وسيلة إلى صحة التعبير ولذا ينبغي أن يقتصر في دراسة النحو على ما يحتاجون إليه من القواعد اللازمة لتقويم ألسنتهم وتصحيح أسلوبهم , ويتفق مع رجال التربية في هذه النظرة " الجاحظ " الذي يقول أما النحو فلا تشغل قلب الصبي به إلا بمقدار ما يؤديه إلى السلامة من فاحش الحسن ومن مقدار جهل العوام في كتاب إن كتبه . وإنما يرغب في بلوغ غاية النحو ومجاوزة الاقتصار فيه من لا يحتاج إلى تعرف جسيمات الأمور . ومن ليس له حظ غيره , ولا معاش سواه وعويص النحو لا يجدي في المعاملات ولا ينظر إليه في شئ .
فمن هنا انقسم المربون إلى فريقين : فبعضهم يرى أن بالإمكان الاستغناء عن تدريس القواعد النحوية في حصص مستقلة والاكتفاء بالتدريب على الأساليب اللغوية السليمة قراءة وكتابة ومحادثة واستماع , وحجتهم في ذلك :
• أن الطفل يلجأ إلى محاكاة الأنماط اللغوية التي يسمعها من المحيط ويحسن استعمالها دون الحاجة إلى شرحها له , فمن هنا يمكن تعليم القواعد النحوية دون أن ندرسه تلك القواعد .
• أن اللغة نشأت قبل نشأت القواعد النحوية بحيث كان الأعراب ينطقون اللغة بفطرتهم وسليقتهم دون الحاجة إلى تعلم قواعد اللغة .
• أن القواعد النحوية صعبة وجافة تنفر الطلبة , علاوة على أنها قليلة الجدوى في صيانة اللسان والقلم عن الخطأ وفي إقدار الطلبة على التعبير .
• إن تعلم القواعد النحوية في حصص مستقلة يجعل الطلبة يعدونها غاية في حد ذاتها .
أما الفريق الثاني يرى فيها غير ذلك , وان تدريس القواعد النحوية أمر لا مفر منه : وحجتهم في ذلك :
• أن القواعد النحوية تساعدنا في اكتشاف الأخطاء وتجنبها في النطق والكتابة .
• أن المحاكاة الآن غير متوفرة حيث تسيطر العامية حتى على حصص اللغة العربية .
• القواعد النحوية تربي في الطلبة القدرة على القياس المنطقي والبحث العلمي ودقة التفكير والتعليل والاستنباط .
• أن صعوبة القواعد النحوية ناجمة عن طبيعة المنهاج المدرسي والمدرسين وأساليب الامتحانات وليست عن القواعد النحوية في حد ذاتها .
وخلاصة القول إذا كان المعارضون يريدون تدريس القواعد النحوية بطريقة عرضية من خلال حصص اللغة أثناء تدريس المحفوظات والقراءة والنصوص والتعبير ؛ فلتكن في الحلقة الأولى من التعليم الأساسي , وتأجيل تعليم القواعد النحوية المنظمة والمقصودة كما أرادها المؤيدون إلى آخر الحلقة الثانية , واختيار القواعد النحوية التي لها أهميتها الوظيفية في الحياة اليومية للطلبة .
أول من وضع النحو :
إذا كان النظام اللغوي يتكون من العناصر الآتية : الأصوات , والأبنية , والدلالات , والتراكيب , والإعراب , فإن النظام النحوي يشمل قواعد : التركيب , الإعراب , والأبنية . وهناك بواعث دعت إلى وضع النحو , ولعل خير طريقة لاستخلاص هذه البواعث , هي أن ننظر في النصوص الآتية التي تحدثت عن هذا الموضوع :
# في طبقات النحويين واللغويين للزبيدي :
• أول من صنع النحو أبو الأسود الدؤلي ( 67هـ ) , هو أول من وضع قواعد علم النحو , وهو أبو الأسود ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر الدؤلي , نسبة إلى الدؤل وهي قبيلة من كنانة , فقد قيل أنه كان يعلم أولاد والي العراق زياد بن أبيه فقال له يوما : أصلح الله جل جلاله الأمير , إني أرى العرب فقد خالطت الأعاجم وتغيرت ألسنتهم , أفتأذن لي أن أضع للعرب ما يقيمون به كلامهم ؟ فقال زياد : لا , فجاء رجل لزياد وقال : توفي أبانا وترك بنون ( والصواب : توفي أبونا وترك بنين ) فقال زياد : ادعوا لي أبا الأسود , فلما حضر , قال ضع للناس ما نهيتك أن تضع لهم .
ثم كتب الناس في هذا العلم بعد أبي الأسود إلى أن أكمل أبوابه الخليل بن أحمد الفراهيدي ( 165هـ) , وذلك في زمن هارون الرشيد , وقد أخذ عن الخليل تلميذيه سيبويه ( أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر ) 180 هـ الذي أكثر من التفاريع ووضع الأدلة والشواهد من كلام العرب لقواعد هذا العلم . وأصبح ( كتاب سيبويه ) أساسا لكل ما كتب بعده في علم النحو , ودون العلماء علم الصرف مع علم النحو , وإذا كان النحو مختصا بالنظر في تغير شكل آخر الكلمة بتغير موقعها في الجملة , فإن الصرف مختص بالنظر في بنية الكلمة ومشتقاتها وما يطرأ عليها من الزيادة أو النقص .
• في أخبار النحويين البصريين للسيراملي :
أخذ أبو الأسود عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - النحو , فكان لا يخرج شيئا مما أخذه عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه وكرم الله وجهه - إلى أحد .
أهمية علم النحو :
إن حيوية النحو في القديم تبعث على أنه علم نص , وغير خاف , أنه9 نشأ في حضن القرآن الكريم , ومن أن النحاة القدماء لم يوقفوا دراستهم على الجانب النظري فحسب , بل تخطو ذلك إلى الجانب التطبيقي , وقد اتخذوا من القرآن والشعر القديم , وشعر معاصريهم أحيانا مادة خصبة للتطبيق النحوي , ومن هنا وجدت في خزانة التراث عشرات الكتب لشرح القرآن وتفسيره وإعرابه , وشرح مختارات الشعر ودواوين بعض الشعراء شرحا يقوم في جانب كبير منه على فهم العلاقات النحوية , ولذلك استطاعت الدراسات النحوية القديمة أن تحيا وتتخطى إلينا القرون والأجيال .
ويعد علم النحو أثر رائع من آثار العقل العربي , لما فيه من دقة ملاحظة ونشاط في جمع ما تعرف , وهو لهذا يحمل المتأمل فيه على تقديره ويحق للعرب أن يفخروا به , وقد اكتسب هذا النحو الدقة والعناية نتيجة لارتباطه بدين البشرية الخاتم , ولغة كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
وتكمن أهميته أيضا الاستعانة به على فهم كلام العرب , والاحتراز عن الخطأ في الكلام . كما أن علم النحو وقواعده لا يمكن الاستغناء عنها لأنها تفيد في ضبط الكلام لفظا وقراءة وكتابة , وتساعد في التمييز بين الألفاظ المتكافئة , كقوله تعالى : ( فمن تطوع خيرا فهو خير له ) , فالنحو مقياس دقيق تقاس به الكلمات أثناء وضعها في الجمل كي يستقيم المعنى .
والنحو نظام عالمي يحمي اللغة من فوضى التعبير واختلاط المقاصد , ويجعلها سهلة ميسرة جميلة , وبذلك يضمن لأبناء المجتمع لغة موحدة يتفاهمون بها , وتتوحد من خلالها عقد لهم وتتألف قلوبهم , وتتقارب أساليبهم , وتبعدهم عن التشرذم النابع من الخضوع إلى اللهجات , فيسهل عليهم الالتفاف حول أهداف واحدة مشتركة , تعلموها يوم انضبط التفكير بالتعبير والتعبير بالتفكير وبذلك تتم لهم وحدة التواصل بين الماضي والحاضر والأصالة والمعاصرة .
والنحو علم يخدم العلوم كلها , التجريبية , والإنسانية , والآداب والسياسة والقانون والفنون , وهو لا يخدم تخصص اللغة العربية وحدها , كما يتصور بعض الناس ,.بل هو علم يحكم نظام اللغة العربية , لغة العلم والقبول والآداب , ويوصلها إلى مقاصدها التعبيرية , في نقل العلوم بثقة وأمانة إلى المتعلمين والمخاطبين , وجميع أبناء المجتمع , في الماضي والحاضر والمستقبل .
وهو المرشد العلمي لاستعمال اللغة في التفكير والتعبير والتأليف والخطاب , وهو العلم الذي يكشف عن المعنى وما يتصل به من علاقات وتراكيب , توحد التفهم بين أبناء المجتمع الواحد .
يعتبر النحو حماية للمعنى من فوضى المقاس , وتحريف الكلام في مواضعه , وقد استخرجت قوانينه بالأساليب العلمية السليمة , التي ثبتت لدى العلماء اثناء استقراء نصوص اللغة , ومن فضائل هذا العلم أنه حمى لغة القرآن الكريم من تحديق القلوب الضالة لمعانيه , في علوم التفسير أو استخراج الأحكام , فكان سياجا على المعنى القرآني من ألاعيب الزنادقة وغيرهم من الفرق الضالة قديما وحديثا .
وهو العلم الذي يعلم الإنسان التحليل المنطقي السليم لفهم السليم لفهم اللغة , ويوجد لديه القدرة على التأليف إن كان متحدثا , أو الفهم إن كان مسبقا و وهو انعكاس لطرائق الأمم في التفكير والتفاهم والتعبير .
أما ( الزجاجي ) فيوضح أهمية النحو في ثلاث نقاط , هي :
# التكلم بكلام العرب .
# القراءة الصحيحة لما لا يحتمل فسادا وهو القرآن والسنة .
# الإبداع الشعري .
ويلخص ( ابن جنّي ) أهمية النحو بقوله : " ليلحق من ليس من أهل العربية بأهلها في الفصاحة فينطق بها , إن لم يكن منهم وإن شدّ بعضهم عنها ردّ به إليها . فالنحو يمكننا من الأداء اللغوي السليم , ويرد من خرج عن هذه العلاقة اللغوية إلى الصواب .
علاقة النحو بالمهارات اللغوية
علاقة النحو بمهارة الاستماع
يعد الاستماع إحدى المهارات اللغوية , ويقصد به الإنصات والفهم والتفسير ولقد أثبتت الأبحاث اللغوية أن المرء حالة الاستماع ايجابي فعال , إذ أنه يعمل على فك الأصوات التي تصل إليه من المرسل ويعمل على فهمها والحكم عليها حيث يسهم النحو في ذلك , وعن طريق الاستماع يكتسب الفرد المفردات , فنمو مهارة الاستماع تساعد في نمو الانطلاق في الحديث , والمستمع أقدر على فهم الجمل الطويلة المعقدة .
علاقة النحو بمهارتي القراءة والكتابة
من أهداف النحو تدريب الطلبة على ضبط لغتهم حديثا وقراءة وكتابة وبشكل يتلاءم مع تدرج مستواهم العقلي واللغوي في سلم التعلم التصاعد , وإثراء ثروة الطلاب اللغوية بما يكتبون من مفردات وتراكيب وأنماط ومن خلال قراءة النصوص والقدرة على اكتشاف الخطأ عند مشاهدته مكتوبا أو سماعة .
علاقة النحو بمهارة المحادثة
تعد المحادثة المهارة الثانية بعد الاستماع , وهي الوسيلة للتعبير الأولي قبل مهارة الكتابة والمحادثة وسيلة المرء لإشباع حاجاته وتنفيذ متطلباته في المجتمع الذي يحيا فيه وهي الأداة الأكثر تكرارا وممارسة واستعمالا في حياة الناس فالتركيب والأساليب والأنماط الغوية المستخدمة في المحادثة هي عناصر النحو فالقواعد لست غاية في حد ذاتها ؛ ولكنها وسيلة لصحة الأسلوب وسلامة التركيب وتقويم اللسان من الاعوجاج والزلل .
أهداف تدريس القواعد النحوية
تهدف دراسة النحو إلى إدراك مقاصد الكلام , وفهم ما يقرأ أو يسمع أو يكتب أو يتحدث به فهما صحيحا , تستقر معه المفاهيم في ذهن المؤدي أو المتلقي وتتضح به المعاني والأفكار وضوحا لا غموض فيه ولا لبس ولا إبهام لدى المتحدث أو المستمع أو القارئ أو الكاتب . هناك هدفان رئيسان لتدريس القواعد النحوية , أولهما الهدف النظري وثانيهما الهدف الوظيفي ,
تندرج تحتهما الأهداف الآتية :
1- تقويم اعوجاج اللسان وتصحيح المعاني والمفاهيم وذلك بتدريب الطلبة على استعمال الألفاظ والجمل والعبارات استعمالا صحيحا يصدر من غير تكلف .
2- تمكين الطالب من القراءة والكتابة والحديث بصورة خالية من أخطاء اللغة , وذلك بتعويدهم التدقيق في صياغة الأساليب والتراكيب حتى تكون خالية من الخطأ النحوي الذي يذهب بجمالها .
3- تيسير إدراك الطلبة للمعاني والتعبير عنها بوضوح , وجعل محاكاتهم للصحيح من اللغة التي يسمعونها أو يقرؤونها مبنيا على أساس مفهوم بدلا من أن تكون مجرد محاكاة آلية .
4- توقف الطلبة على أوضاع اللغة وصيغها لأن قواعد النحو إنما هي وصف علمي لتلك الأوضاع والصيغ وبيان التغيرات التي تحدث في ألفاظها .
5- إن الطلاب الذين يدرسون لغة أجنبية إلى جانب لغتهم القومية يجدون في دراسة قواعد لغتهم ما يساعدهم على فهم اللغة الأجنبية لأن بين اللغات قدرا مشتركا من القواعد العامة , كأزمنة الأفعال والتعجب والنفي والاستفهام والتوكيد .
طرائق تدريس القواعد النحوية :
أولا : طرائق تدريس القواعد النحوية في المدارس الابتدائية
يوصف الطفل في هذه المرحلة بمحدودية الخبرات , والحاجة إلى توسيع خبرته وتنمية محصوله اللغوي , وفي أثناء هذه الحلقة ينبغي أن يعطي الطفل الأمن والحرية بالقدر الذي يساعده على التعبير عن نفسه بلغته التي يستعملها , وبحيث يعبر عن سجيته في وضع طبيعي , من غير أن تفرض عليه قيود , تحد من انطلاقه , أما مهمة المعلم هنا فمحصورة في تمكين الطفل من الكلام باللغة التي يستطيعها , ونغتفر له العامية , لأن صحة الأسلوب ستأتي بالتدريج .
فإذا انتقل الطفل إلى الحلقة الثانية نمت قدراته ومهاراته اللغوية , وصارت فرص التدريب على الاستعمال اللغوي أكثر سعة , وأفسح مجالا في مختلف فروع اللغة , وفي هذه الحلقة يدرب الطالب على صحة الداء , وقوة التعبير بطريقتين :
• استمرار التدريب المباشر على التعبير .
• تدريبه على وحدات نحوية معينة مثل الضمائر والأسماء الموصولة وأسماء الاستفهام .
أما كيفية تدريب طلبة هذه المرحلة على الاستعمال اللغوي فيكون ذلك من خلال :
• استغلال دروس القراءة في تدريب الأطفال على العادات اللغوية الصحيحة .
• استغلال المواقف التعليمية أثناء المسرحيات والمحفوظات وأحاديث الطلبة في تدريبهم على بعض الاستعمالات الصحيحة الملائمة .
• التدريب عن طريق الألعاب اللغوية , وسنتحدث عنه لاحقا .
• البطاقات زهي قطع صغيرة من الورق , يكتب على كل منها عبارة أو سؤال , لتدريب الطلبة على وحدات معينة مثل الاستفهام والضمائر ونحوها .
ثانيا : طرائق تدريس القواعد النحوية في المدارس الإعدادية والثانوية :
إن الناظر إلى الكتب المدرسية المؤلفة لتدريس القواعد النحوية في المراحل المختلفة يجد أنها جمعت بين الطرق الثلاث في تدريس القواعد النحوية , الطريقة القياسية والطريقة الاستقرائية " الاستنباطية " والطريقة المعدلة القائمة على تدريس القواعد من خلال النص الأدبي , وسنعرض هنا لهذه الطرق مبتدئين بالطريقة الأقدم زمانيا وهي الطريقة القياسية .
الطريقة القياسية
وهي من أقدم الطرق التي احتلت في الماضي مكانة عظيمة في تدريس القواعد النحوية , فهي تبدأ بتقديم القاعدة النحوية ومن ثم توضيحها ببعض الأمثلة المحددة والمباشرة من قبل المعلم , ثم يأتي بعد ذلك التطبيق , فتعزز وترسخ القواعد في أذهان الطلبة بتطبيقها على حالات مماثلة .
أما الأساس الذي تقوم عليه هذه الطريقة فهو عملية القياس الاستدلالي الذي يقوم على الانتقال من الحقيقة العامة إلى الحقيقة الجزئية ومن المقدمات إلى النتائج , وهي بذلك إحدى طرائق التفكير التي يسلكها العقل البشري .
والواقع لكل طريقة أنصارها وخصومها , فأنصار هذه الطريقة يرون أنها تتيح للمعلم التحكم بالمنهج المقرر وتوزيعه على مدار العام بيسر وسهولة , كما أنها تساعد الطلبة على الإلمام بقواعد اللغة إلماما شاملا . أما خصوم هذه الطريقة ذهبوا إلى أنها ضارة وغير مفيدة لأنها تشغل عقل الطلبة بحفظ القواعد واستظهارها على أنها غاية في ذاتها , وتفاجئ الطالب بالحكم العام مما يؤدي إلى شعوره بصعوبة المادة التعليمية , كما أنها قاصرة عن إتاحة فرصة كافية للتدريب على تطبيق القواعد وتوظيفها .
* الطريقة الاستقرائية " الاستنباطية
بدأت هذه الطريقة على يد الفيلسوف الألماني فرديك هربارت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين , والتي تقوم على أساس نظرية علم النفس الترابطي والتفسير التطبيقي لها أن الطفل يتعلم الحقائق الجديدة في ضوء خبراته السابقة , فالطفل يأتي إلى المدرسة وهو مزود بثروة فكرية لفظيه تساعده في فهم المشكلات والحقائق الجديدة , وقد نشأت هذه الطريقة في المدارس العربية نتيجة الانفتاح الثقافي على الغرب , ومن خلال البعثات التعليمية إلى أوروبا , فقام هؤلاء المبعوثون بتطبيقها في المدارس العربية , ومن ثم استخدمت في مجال تدريس قواعد اللغة العربية بحيث يرتب الدرس إلى عدة نقاط يسميها هربارت : المقدمة, والعرض , والقاعدة أو الاستنباط , والتطبيق .
• تبدأ هذه الطريقة بالمقدمة التي تهيأ الطلبة لموضوع الدرس , وتثير دافعيتهم للتعلم . وقد يلجأ المعلم إلى استخدام أكثر من طريقة في إثارة الدافعية والتهيئة لموضوع الدرس , وهي بمثابة الأساس التي تقوم عليها الموضوعات الجديدة , ويكون ذلك بطرح الأسئلة الدقيقة المحددة عن موضوعات محددة لها علاقة بالموضوع الجديد .
• ثم ينتقل بعد ذلك إلى العرض وهو لب الدرس فيعرض المعلم الأمثلة والشواهد المختلفة على ورق مقوى أو على السبورة أو عن طريق الكتاب ويطلب من الطلبة قراءة النص قراءة صامتة ثم يناقشهم المعلم بعد ذلك ويعالج الكلمات الصعبة , ثم يطلب من أحد الطلبة من أحد الطلبة قراءة النص قراءة جهرية , وبعد ذلك يوجه المعلم إلى الطلبة أسئلة في النص تكون إجابتها الأمثلة الصالحة للدرس , ثم يدون هذا الجمل على السبورة ويجب على المدرس في أثناء كتابة الجمل أن يحدد الكلمات التي تربط بالقاعدة بان يكتبها بلون مخالف حتى تكون بارزة أمام الطلبة ويجب عليه أيضا أن يضبط هذه الكلمات بالشكل ثم يوجه المعلم طلابه إلى النظر إلى هذه الكلمات ثم يبدأ معهم مناقشتها .
• وأثناء المناقشة يربط المعلم بين ما تعلمه الطالب اليوم وما تعلمه في الأمس , بحيث ترتبط المعلومات وتتسلسل في ذهن الطالب . وهنا يشارك المعلم الطلبة في استقراء الأمثلة مثالا مثالا , ويتم ذلك من خلال طرح الأسئلة على الطلبة , ونوعية الأسئلة وطبيعتها قصيرة محددة الإجابة , وتتناسب ومستوى الطالب وخبراته , وإجابات الطلبة تسهل الوصول إلى استخلاص القاعدة النحوية من الأمثلة والشواهد على أن يفسح المعلم المجال أمام الطلبة لاستخلاص القاعدة بأنفسهم , وإذا نجح المعلم في الخطوات السابقة سهل على طلابه الوصول إلى القاعدة والحكم العام .
• وعليهم أن يعبروا بأنفسهم عن النتيجة التي وصلوا إليها , ولا ينبغي أن يقوم المعلم باستنباط القاعدة دون إشراك الطلبة أو يطالبهم أن يأتوا بالقاعدة نصا كما في الكتاب بل يكتفي منهم بعبارات واضحة مؤدية إلى المعنى وعلى المعلم أن يقوم بتصحيح عباراتهم , ثم يقوم المعلم بكتابة القاعدة على السبورة بخط واضح .
• ومن ثم تأتي الخطوة الأخيرة وهي التطبيق على هذه القاعدة , ولابد من التأكيد على أهمية التطبيق الذي يعزز الفهم ويسمح للطلبة بممارسة ما تم تعلمه , وعن طريقه ترسخ القاعدة في أذهان الطلبة ومن الخير ألا يسرف المعلم في شرح القاعدة واستنباطها بحيث تستغرق الحصة كلها في شرح القاعدة بل يجب أن تنتقل المعلم إلى التطبيق بمجرد أن يطمئن إلي فهم الطلبة إياها والقواعد لا يكون لها الأثر المطلوب إلا بعد الإكثار من التطبيق عليها .
ويراعى عند التطبيق :
• أن يتدرج من السهل إلى الصعب .
• أن تكون القطع والأمثلة المختارة فصيحة العبارة وسهلة التركيب .
• أن تكون الأمثلة والقطع خالية من التصنع والغموض وان تكون صلتها قوية بجوهر المادة .
والتطبيق نوعان : جزئي , وهو يأتي بعد كل قاعدة تستنبط قبل الانتقال إلى غيرها , وكليّ ويكون بعد الانتهاء من جميع القواعد التي شملها ادرس ويدور حول هذه القواعد جميعا .
والتطبيق قد يكون شفويا , أو كتابيا , يجب أن نكثر من التطبيق الشفوي لنجعل مراعاة الطلاب لقواعد النحو راسخة كأنها تصدر عن سليقة وطبع , ويكون بكتابة أسئلة متنوعة على السبورة أو على بطاقات توزع على الطلبة أو عن طريقة التدريبات الشفوية الموجودة في الكتاب ويطلب منهم الإجابة عما فيها , كما يكون بتوجيه الطلبة إلي مناقشة الأخطاء التي تقع منهم في دروس التعبير أو القراءة .
الغرض من التطبيق الشفوي
• وقوف المدرس على مواطن الضعف في طلبته والعمل على علاجه .
• ترسيخ القاعدة في أذهان الطلبة .
• تعويد الطلبة النطق الصحيح والتعبير السليم يساعد في تشجيع الطلبة ويشوقهم إلى درس القواعد ويحببها لهم , ويثير المنافسة بين جميع طلبة الفصل .
الغرض من التطبيق الكتابي
• أن يتعود الطلاب الاعتماد على النفس والاستقلال في الفهم والقدرة على التفكير والقياس والاستنباط .
• أن يربي في الطلبة دقة الملاحظة وتنظيم الأفكار .
• أن يقف المدرس ل مستوى كل طالب بدقة .
من هنا يشكل الاستقراء الذي هو أسلوب من أساليب العقل في التفكير والوصول إلى المعرفة والحكم على حقائق مشاهدة أو معلومة إلى حقائق غير مشاهدة أو مجهولة , بحيث ينتقل الفكر من الجزئي إلى القانون العام , فهي تساعد الطالب في تنظيم المعلومات الجديدة وترتيب حقائقها ترتيبا منطقيا وربطها بالمعلومات السابقة , بالإضافة إلى أن الطالب يبقى على تواصل دائم مع المعلم والدرس لأنها تقوم على أسلوب الحوار والمناقشة بين المعلم والطلاب , وتعود الطالب أيضا على دقة الملاحظة .
ولقد ألفت بعض الكتب النحوية على هذا الأساس ككتاب " النحو الواضح " لعلي الجارم ومصطفى أمين
ويأخذ خصوم هذه الطريقة عليها البطء في إيصال المعلومات إلى ذهن الطلبة والاكتفاء في بعض الأحيان بمثالين أو ثلاثة لاستنباط القاعدة , وفي هذا التفريط ما يجعلها غير سليمة , علاوة على أن الأمثلة غالبا ما تكون مقطوعة مبتورة من موضوعات مختلفة , مما يجعلها غير قادرة على تحقيق غاية تعبيرية في نفس الطلبة ولا تثير فيهم شوقا إليها ولا إلى القاعدة التي سيدرسونها .
الطريقة المعدلة النص الأدبي
لقد نشأت هذه الطريقة نتيجة لتعديل الطريقة السابقة , وهي تقوم على تدريس القواعد النحوية من خلال عرض نص متكامل المعاني , أي من خلال الأساليب المتصلة لا الأمثلة المنقطعة المتكلفة التي لا يجمع شتاتها جامع ولا تمثل معنى يشعر الطلبة أنهم بحاجة إليه .
فتبدأ بعرض نص متكامل يحتوي على معان يود الطلبة معرفتها , فيكلف المعلم الطلبة قراءة النص ومناقشتهم فيه لفهم معناه بحيث يشير المعلم إلى الجمل المكونة للنص وما بها من خصائص ثم يعقب ذلك استنباط القاعدة والتطبيق عليها . فالتدريس بهذه الطريقة يمكن المعلم من تدريس القواعد النحوية في ظلال اللغة والأدب من خلال عبارات قيمة في موضوعات تهم الطلبة .
ويرى أنصار هذه الطريقة أنها طريقة مناسبة في تحقيق الأهداف المرسومة للقواعد النحوية , عن طريق مزج هذه القواعد بالتراكيب وبالتعبير السليم الذي يؤدي إلى رسوخ اللغة وأساليبها . ولكن يرى خصوم هذه الطريقة أنهها تعمل على إضعاف الطلبة باللغة العربية لأن المبدأ الذي تقوم عليه , إنما ضياع للوقت لان الطالب ينشغل بموضوعات جانبية تصرفه عن القاعدة النحوية المراد شرحها .
طريقة النشاط
تقوم على أساس نفسي , يدعو إلى استغلال فاعلية الطلبة , فيكفلون جميع الأساليب والنصوص والأمثلة , التي تتناول قاعدة من القواعد النحوية . إذن تعتمد هذه الطريقة على نشاط الطلبة وفاعليتهم , لكن معلم اللغة العربية لا يستطيع تنفيذ طريقة النشاط بفاعلية , وذلك بسبب ضيق الوقت , وقلة عدد الحصص ويستطيع أن يتلافى هذا العيب بأنه يكتفي بأمثلة الكتاب المدرسي , ويطلب إلى الطلبة إعداده في المنزل .
طريقة البدء بالمشكلة ( جون ديوي)
وتطبق على هذه الطريقة الخطوات التالية :
• انبعاث مشكلة من أخطاء الطلبة التعبيرية أو القرائية .
• عرض الاستعمالات غير الصحيحة التي وقع فيها الطلبة مع عرض النماذج الصحيحة وتكون هذه النماذج من روائع الكلام .
• المناقشة والمقارنة بين الخطأ والصواب .
• عرض مواقف لغوية لاستخدام القاعدة والطلب من الطلبة الإتيان بأمثلة من أنفسهم .
• وضع عدد من الأسئلة عن المواقف اللغوية لمعرفة مدى تمكن الطلبة من القاعدة وفهمهم للأخطاء وأسبابها وأساليبها الصحيحة ومدى قدرتهم على التطبيق . وتعرف الطريقة التي تجمع بين طريقة النشاط وطريقة ديوي بالطريقة الاقتصادية .
أفضل الطرائق في تدريس القواعد النحوية
كما سبق وأشرنا بأنه لا يحبذ السير على طريقة واحدة في تدريس القواعد دون غيرها , بل لابد للمعلم أولا أن يدرك الظروف المحيطة , فيختار من بين الطرائق أنسبها لتلك الظروف , كما عليه أن يكون مدركا لميزات كل طريقة وعيوبها , وفي ضوء ذلك يقرر أي الطرائق سيمنح حصته النتيجة المرجوة ؛ فالمدرس حر غير مقيد , فلماذا يقيد نفسه , ويأسر حديثه ؟
والقواعد وسيلة لغاية كبرى وهي تقويم اللسان وضبط التعبير ومن الخطأ أن نقصر الاهتمام بالقواعد على الحصة المخصصة له بل على المعلم أن يأخذ نفسه وطلبته بالالتزام بضبط الكلمات ضبطا صحيحا ومراعاة تطبيق القواعد في كل الدروس وسوف يجد المعلم في موضوعات القراءة أمثلة صالحة لدراسة بعض القواعد اللغوية أو التطبيق عليها وتدريب الطلبة على سلامة ضبط والقراءة السلبية والاتجاه بالحديث بدراسة القواعد يتطلب من المعلم أن يدرس القواعد في ظلال اللغة والأدب حتى لا يجد الطالب فصلا بين مادة القواعد وبين فروع اللغة العربية وسوف يجد المعلم في دروس التعبير أو النصوص حافزا يدفع الطلبة إلى دراسة القواعد فإذا شاع بين الطلبة خطا نحوي في التعبير فمن واجب المعلم أن يشرح قاعدته وهكذا .