المحتويات
- وجوب الستر على من وقع في هذه الجريمة
- ستر المسلم على نفسه
- الحدود كفارات لأصحابها
- التحريم بالمصاهرة
- أحكام بنت الزنا
- أضرار الزنا
- حكم المخنث
- حكم نكاح الزانية
- الحكم إذا زنت الزوجة أو الزوج
- حكم نكاح المتعة
- مبحث حد اللواط
- رأي الصحابة في عقوبة اللواط
- حرمة المصاهرة باللواط
- حرمة اتيان النساء في أدبارهن
- حرمة وطء البهيمة
- حكم البهيمة الموطوءة
- حكم البهيمة بعد ذبحها
- الاستمناء باليد
- العودة إلي كتاب الفقه علي المذاهب الأربعة للجزيري
وجوب الستر على من وقع في هذه الجريمة
اتفقت كلمة العلماء على أن الجريمة التي لم يصل خبرها إلى الحاكم، لا يقام من أجلها حد، وأن الجريمة التي علم بها الحاكم، ولم تثبت لديه بالإقرار، او بشهادة الشهود لا يقام الحد عليها، لما روي عن أبن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: لو كنت راجماً أحداً بغير بينة رجمت فلانة، فقد ظهر منها الريبة في منطقها وهيئتها، ومن يدخل عليها) رواه أبن ماجة، ومعنى (ظهر منها الريبة) أي أنها كانت تعلن بالفاحشة، ولكن لم يثبت عليها ذلك ببينة أو إقرار.
وفي قصة هلال بن أمية حين لاعن زوجته قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (إن أتت به على الصفة الفلانية فهو لشريك بن السحماء، وإن أتت به على الصفة الفلانية، فهو لزوجها هلال بن أمية) ولما أتت بالولد على الوجه المكروه قال صلى اللّه عليه وسلم: (لولا الإيمان لكان لي ولها شأن).
واتفقت كلمة الأئمة على أن من أقر بحد من الحدود أمام الحاكم، ولم يفسرهن فلا يطالب بتفسيره وبيانه ولا يقام عليه الحد، إن لم يثبت ويتعين، لما روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (كنت عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فجاءه رجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حداً فأقمه علي، فلم يسأله، قال: وحضرت الصلاة، فصلى مع النبي صلى اللّه عليه وسلم، فلما قضى النبي صلى اللّه عليه وسلم قام إليه الرجل، فقال: يا رسول الله إني أصبت حداً، فأقم في كتاب الله قال: أليس قد صليت معنا؟ قال: نعم. قال فإن الله قد غفر لك ذنبك، أو حدك) قال النووي في شرح مسلم، هذا الحديث معنا أنه فعل معصية من المعاصي الموجبة للتعذير، وهي هنا من الصغائر لأنها كفرتها الصلاة، ولو أنها موجبة لحد أو غيره لم تسقط بالصلاة، فقد أجمع العلماء على أن المعاصي الوجبة للحدود، لا تسقط حدودها بالصلاة. وحكى القاضي عياض عن بعضهم أن المراد الحد المعروف قال: وإنما لم يحده لأنه لمس يفسر موجب الحد ولم يستفسره النبي صلى اللّه عليه وسلم إيثاراً للستر، بل استحب تلقين الرجل صريحاً. لأن الإسلام أمر بالستر على الأعراض حتى لا تشيع الفاحشة بين المجتمع لقول الرسول صلى اللّه عليه وسلم (من ستر عورة مسلم، ستر الله عورته يوم القيامة)
وقال: (من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا مؤودة) رواه أبو داود. وقد جاء ماعز إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فأقر عنده بالزنا، واعترف بجنايته فرده النبي (أربع مرات عسى أن يتوب، ويستر نفسه، ولا يرجع إليه). وروي عن سعيد بن المسيب رضي الله تعالى عنه أنه قال: بلغني أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم قال لرجل من أسلم يقال له: هزال - وقد جاء يشكو رجلا، بالزنا - وذلك قبل نزول حج القذف - : (يا هزال لو سترته بردائك كان خيراً لك) وذلك كناية عن عدم إذاعة هذه الفاحشة، فإن الرسول صلى اللّه عليه وسلم يقول: (ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة).
أخرج الحاكم والبيهقي في صحيحيهما: أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه، ارتحل من المدينة المنورة إلى عقبة بن عامر - أمير مصر - في ذلك الوقت، فخرج إليه فعانقه، ثم قال: ما جاء بك يا أبا أيوب؟ قال: حديث سمعته من رسول الله صلى اللّه عليه وسلم يقول: (من ستر مؤمناً في الدنيا على عورة ستره الله يوم القيامة) فقال له أبو أيوب: صدقت، ثم قفل راجعاً إلى المدينة. والشاهد إذا رأى الجريمة بعينه فهو مخير في أداء الشهادة حسبة لله تعالى وغيرة على حدوده، ومحارمه أن تنتهك فقد ورد في الحديث الشريف (الحد يقام في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحاً) أو ترك الشهادة رغبة في الستر على أخيه الممن وعدم إشاعة الفاحشة لقول الرسول صلى اللّه عليه وسلم: (ومن ستر على أخيه المسلم ستر الله عليه في الآخرة) ولآن الله يحب الستر على عباده، ويكره إشاعة الفاحشة وفضيحة المسلمين، بل نفر من شيوع خبرها والحديث عنها، والميل إلى إشاعتها، فقال تعالى: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة}.
ستر المسلم على نفسه
إن الإسلام قد أوجب على المسلم إذا وقع في ذنب من هذه الكبائر، أن يقلع عن الذنب ويتوب إلى الله تعالى، ويستر على نفسه، ولا يفضحها بالتحدث بالذنب أما الناس، والتجاهر بالمعصية. وقد روي عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: (أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب شيئاً من هذه القاذورات فليستتر بستر الله، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله تعالى) ذلك لأن المجاهرة بهذه الفاحشة تبجح في عصيان الله تعالى، واستهتار بمحارمه، وجليل على انهيار المجتمع وانحلالهن وضياع الحياء من أفراده، لأن المخطئ لابد أن يكون عنده بقية من حياء يمنعه من الإعلان عن خطئه بين الناس، وحجبه عن المجاهرة بذنبه في المجتمع الذي يعيش فيه، وخلع برقع الحياء مع الله عز وجل، فالإنسان إذا فقد الحياء من الله وأما الرأي العام كان خطراً على نفسه وعلى الناس جميعاً لأنه فقد أعز شيء لديه، ولن في المجاهرة بالمعصية إشاعة للفساد وتحرضاً عليه، وحملا، للغير على اقترافه، كالمريض الذي يخالط الصحيح، فلا شك أن يعديه وينقل أثر المرض إليه،
ولهذا ندبنا الشارع الحكيم، وعلمنا رسوله الأمين صلوات الله وسلامه عله أن الواحد منا إذا وقع في معصية أن يكتم على الخبر، ويعتصم بالستر، ويطلب من الله المغفرة، ولا يحدث أحداً عما وقع منه، كما روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (من أتى من هذه القاذورات (المنكرات) فليستتر بستر الله عز وجل)، وقد شدد الإسلام النكير على المتجاهرين بالمعصية، وجعلهم من المحرومين من مغفرة الله وعفوه ورحمته. قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم (كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل العبد عملاً بالليل ثم يصبح وقد ستره الله تعالى فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا, قد بات ستره الله عز وجلن ويصبح يكشف ستر الله عليه عنه). أما أرباب الحياء والدب من الله تعالى الذين يتركون الذنوب ويكتمون على أنفسهم، ولا يحدثون الناس بهفواتهم ويندمون عما حدث منهم من المعاصي (إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه وستره من الناس وقرره بذنوبه فيقول أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا؟ فيقول نعم أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال: فإني سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم) رواه الإمام أحمد.
الحدود كفارات لأصحابها
اتفقت كلمة العلماء على أن الحدود كفارات لأربابها، لأن في إقامتها كسراً لشوكة الظالمين وإخافة لهل الشر والمفسدين، وحفظاً للمجتمع من الدمار، والهلاك، والفساد، والضياع لما روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استحلت أمتي خمساً فعليهم الدمار، إذا ظهر التلاعن، وشربوا الخمر، ولبسوا الحرير، واتخذوا القيان، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء) رواه الترمذي، والبيهقي.
فإقامة الحدود على من وقع فيها تكفر ذنبهن وترفع عنه العقاب في الدار الآخرة، لأن الله تعالى لا يجمع على عبده عقابين على ذنب واجد، فقد روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال في شأن المرأة الغامدية التي وقعت في الزنا ثم ندمت واعترفت بين يديهن وأقيم الحد عليها (لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل من أنها جادت بنفسها لله تعالى).
وكما روي عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه أنه أقسم على ماعز بن مالك السلمي الذي أقر بالزنا وندم على ذنبه، وأقيم عليه الحد وجم بالحجارة، بأن الله غفر له ذنبهن وأدخله الجنة، وتاب عليه توبة صادقة، وان إقامة الحد عليه كان فارة له فقال صلى اللّه عليه وسلم لمن اعترض عليه (والذي نفس بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها). وروى عن عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه أنه قال: كنا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب شيئاً من ذلك، فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب شيئاً من ذلك فستره الله عليه، فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه، ,إن شاء عذبه) زاد في رواية (فبايعناه على ذلك) رواه الخمسة إلا أبا داود.
فقول النبي صلى اللّه عليه وسلم (فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له) صريح في أن الحدود كفارة الذنوب. وجوابر للمحدود لا زاجرات فقط، وقد ورد في رواية للترمدذي رحمه الله أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم قال: ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به في الدنيا فالله أكرم من أن يثني العقوبة على عبده في الآخرة) قال الإمام الشافعي رحمه الله لم أسمع في الحدود حديثاً أبين من هذا، وقد روي عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: (وما يدريك لعل الحدود نزلت كفارة للذنوب) فهذه الرواية تشبه الحديث السابق وتؤيده في معناه. فإقامة الحدود مطهرات للنفوس من الذنوب والخطايا، وللمجتمع من الفساد والضياع، وهذا هو رأي جمهور العلماء من السلف، وعليه الأئمة الأربعة رحمهم الله تبارك وتعالى وذهب بعضهم إلى أن الحدود زواجر فقط، وعليه العقاب يوم القيامة. ولكن الراجح هو الرأي الأول وهو اللائق بالكرم الإلهي، والفيض الرباني، وهو الذي أخبر به الحبيب المصطفى صلى اللّه عليه وسلم
التحريم بالمصاهرة
الحنفية - قالوا: إن حرمة المصاهرة تثبت بواحد من الأمور الآتية وهي:
1 - العقد الصحيح
2 - الوطء الحلال
3 - الوطء بالنكاح الفاسد، وكذا الوطء بشبهة.
4 - اللمس بينهما بشهوة.
*(2): -لأن الشريعة الإسلامية حريصة على محو الرذائل الخلقية، والضرب على.
5 - النظر إلى بشهوة، ولا يثبت بالنظر إلى سائر الأعضاء، أو الشعر ولو بشهوة.
6 - وتثبت الحرمة بالزنا، أو اللمس، أو النظر بشهوة بدون نكاح، والمراد بالشهوة هو، يشتهي بقلبه، ويعرف ذلك بإقراره، وقيل: يصحب ذلك تحرك الآلة وانتشارها والدليل على ذلك ما روي عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: (من نظر إلى فرج امرأة لم تحل أمها ولا بنتها) وفي رواية (حرمت عليه أمها، وبنتها). وبما روي عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (ملعون ملعون من نظر إلى فرج امرأة وابنتها) فمن زنا بامرأة أو وطئها بشبهة حرمت عليه أصولها، وفروعها، وتحرم الموطوءة على أصول الواطىء وفروعه، وكذلك اللمس بشهوة من الجانبين، والنظر إلى الفرج من الجانبين، والمعتبر إنما هو لنظر إلى فرجها الباطن، دون الظاهر، والأصل في ذلك قول الله تعالى: {ولاتنكحوا لما نكح آباؤكم من النساء} والحمل على الوطء أولى، وقول الرسول صلى اللّه عليه وسلم (من نظر إلى فرج امرأة بشهوة، أو لمسها بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها، وحرمت على ابنه وأبيه) وحرمة ماء الزنا كحرمة الماء الحلال سواء بسواء في النكاح.
المالكية - قالوا: إن الزنا بالبنت لا يحرم أمها على الزاني، كما أن الزنا في الأم لا يحرم بنتها عليه، والبنت المخلوقة من ماء الزنان لا تحرم على من خلقت من مائه، ولا على أصوله وفرعه، سواء كانت أمها المزني بها مطاوعة، أم كرهاً، وسواء تحقق الرجل أنها من مائه، أم لا، فهي أجنبية عنه، ولا حرمة لماء الزنا، ولكن يكره للزاني أن يتزوجها من باب الاحتياط فقط، وتحري الحلال في النكاح، وإنجاب الذرية الصالحة. الحنابلة - قالوا: إن الوطء الحرام كالوطء الحلال كلاهما تثبت به حرمة المصاهرة، فمن زنى بامرأة حرمت على أبويه، وحرمت عليه أمها وبناتها، ولو وطئ أم امرأته حرمت عليه ابنتها، ووجب مفارقتا، وكذلك لو وطئ بنت زوجته حرمت عليه أمها (وهي زوجته) وقالوا: بحرمة نكاح الرجل ابنته من الزنا مثل الحنفية. روي أن رجلاً سأل النبي عن امرأة كان زنا بها في الجاهلية: أينكح الآن ابنتها؟ فقال: (لا أرى ذلك ولا يصلح لك أن تنكح امرأة تتطلع على ابنتها على ما اطلعت عليه منها) فقد حرم الرسول صلى اللّه عليه وسلم زواجها، وهذا نص في الباب
فالذكر من العبيد إذا زنى يجلد مائة جلدة، والأمة إذا ثبت عليها الزنا تجلد خمسين جلدة. واحتج الأئمة الأربعة على أن الأمة غير المتزوجة يقام عليها الحد بحديث أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني رضي الله تعالى عنهم (أن النبّي صلى اللّه عليه وسلم سئل عن الأمة زنت، ولم تحصن فقال: (إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو يضفير - أي بحبل مضفور - قال أبن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة، أو الرابعة، متفق عليه).
أحكام بنت الزنا
قال العلماء: البنت المتولدة من الزنا أجنبية عن الزانين فلا ترثه إن مات قبلها، ولا تنسب إليه، ولا يجب عليه الإنفاق عليها، ولا يجوز له أن يختلي بها، ولا يملك عليها ولاية التزوج، أي لا يكون ولياً عليها، ولا يصح له أن يرثها إن ماتت قبله وتركت مالاً، فهي في المحرمات والميراث أجنبية عنه، وفي حكم الزواج والمصاهرة، قريبة منه، لا يصح زواجها ولا مصاهرتها، ولا نكاح أصولها وفروعها، ولا يصح لها أن تتزوج منه ولا من أصوله وفرعه، وذلك هو القول الراجح، وساء تأكد إنا من مائه، أو شك في ذلك ما دام قد زنى بأمها، وجاء الحمل بها في أثناء الاتصال بالزنا، فترجح كفة أنها خلقت من ماء الزنا.
أضرار الزنا
لقد لخص العلماء أضرار الزنا بعد فهم الآيات والأحاديث الواردة في هذا الشأن بما يأتي:
أولاً: أن الزنا يذهب نور الإيمان من قلب الزاني (حين يزني)، ومات ولم يتب من ذنبه.
ثانياً: أن فاحشة الزنا اشد من القتل والسرقة وغيرهما، ولذلك أبيح قتل مرتكبها إن كان محصناً.
ثالثاً الزنا نذير الرعب والفزع - ولا يستجيب الله دعاء الزاني المدمن على الزنا.
رابعاً: تشتعل نار جهنم في وجهه يوم القيامة عقوبة له.
خامساً: يرمي الله الزاني في داخل فرن مشتعلة في وسط نار جهنم يصهر جسمه، ويحرق بدنه.
سادساً: رائحتهم في وسط نار جهنم تكون نتنة قذرة مثل المراحيض - حتى يتأذى منها أهل النار.
سابعاً: يمحو الله اسم الزاني من سجل الطاهرين الأبرار، ويطرد من حظيرة المؤمنين الخيار.
ثامناً: لا ينظر الله عز وجل يوم القيامة إلى الزناة نظرة رحمة ورضا، وإنما ينظر إليهم نظرة غضب.
تاسعاً: يحرم الله الجنة على الزاني الذي استحل الزنا ومرن عليهن واستمرأه ولم يتب منه، فلا يشم رائحة الجنة.
عاشراً: انتشار الزنا يسبب وجود ذرية فاسدة مخزية تؤذي المجتمع وتهدمه وتجلب له الدمار.
الحادي عشر: إذا ظهر الزنا في قرية فإن الله تعالى أنذرهم بالخراب والهلاك والدمار كما فعل بقوم لوط.
الثاني عشر: الزنا يكون سبباً في الفضيحة والعار في الدنيا والآخرة
الثالث عشر: الممتنع عن الزنا خوفاً من عذاب الله تعالى، يظلله الله في ظله يوم القيامة، ويعفو عنه ويسامحه، وينجيه من الأهوال.
الرابع عشر: البعد عن ارتكاب فاحشة الزنا، خشية من الله تعالى، يزيد في الرزق، ويجلب الخير، ويجعل في وجه المؤمن مهابة، وبهاء، ونوراً والله تعالى أعلم.
حكم المخنث
المخنث: هو الذي يشبه في كلامه النساء تكسراً وتعطفاً، أو الذي يتشبه بالنساء في ثيابهن وزينتهن، كما يفعل بعض الشبان في هذا العصر، من ترك الشعور، وإرخاء السوالف ولبس حلي النساء، وبعض ثيابهن، وترقيق أصواتهم في التحدث وغير ذلك، وقد اتفقت كلمة العلماء على أن المخنث يجب نفيه من بلاد المسلمين إلى مناطق نائية مسيرة قصر، عقاباً لهم حتى يشعر الواحد بالوحشة والحسرة لبعده عن أهله وقرناء السوء، فقد قال العلماء: لا ينفى إلا ثلاثة، بكر زان، ومخنث، ومحارب. أما إذا كان المخنث يؤتى من الخلف فإنه يحد رجماً بالحجارة حتى يموت. ولا ينفع فيه النفي إذا ثبت عليه، فقد روي عن أبن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لعن النبي صلى اللّه عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء. وقال: أخرجوهم من بيوتكم واخرج فلاناً واخرج عمر بن الخطاب فلاناً رواه البخاري رحمه الله.
وأتي النبي صلى اللّه عليه وسلم بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: (ما بال هذا؟ فقالوا يا رسول الله يتشبه بالنساء فأمر به فنفي إلى البقيع، قالوا: يا رسول الله ألا نقتله؟ قال: إن نهيت عن قتل المصلين) رواه أبو داود.
فقال العلماء: يجوز للإمام أن يعزر المخنث بما يراه رادعاً له وزاجراً عن الوقوع في الذنب ويجوز له نفيه إلى بلج لآخر مسيرة سفر، وذلك إذا لم يثبت عليه اللواطة باعتراف، أو شهادة شهود، كما ثبت في الحديث النبوي الشريف. وروي أن خالد بن الوليد، رضي الله عنه، كتب إلى أبي بكر أني وجت رجلاً في تبعض نواحي العرب ينكح كما تنكح المرأة، فجمع أبو بكر رضي الله عنه الصحابة رضوان الله عليهم وسألهم في هذا الشأن فكان من أشدهم في ذلك قولاً سيدنا على بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه. فقال: هذا ذنب لم يعص به إلا أمة واحدة، صنع الله بها ما علمتم، نرى أن نحرقه بالنار. فاجتمع رأي الصحابة على ذلك فأمر سيدنا أبو بكر خالد بن الوليد أن يحرقه بالنار، وذلك بعد رجمه وإقامة الحد عليه، وموته، لأن التحريق بالنار لا يجوز لمخلوق. والنبي صلى اللّه عليه وسلم حرم التعذيب بالنار حتى في الحيوان الأعجم. روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: بعثنا رسول الله صلى اللّه عليه وسلم في بعث فقال: (إن وجدتم فلاناً وفلاناً لرجلين من قريش سماهما، فأحرقوهما بالنار، ثم قال رسول الله ين أردنا الخروج: إن كنت أمرتكم أن تحرقوا فلاناً، وفلاناً، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما). رواه البخاري رحمه الله.
حكم نكاح الزانية
الحنفية، والشافعية - قالوا: إذا زنى رجل بامرأة يجوز له أن يتزوجها، بعد ذلك بعقد صحيح وذلك لآن ماء الزنا لا حرمة له، ولما روي أن رجلاً زنى بامرأة في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه فجلدهما مائة جلدة، لأنهما كانا غير مصنين، ثم زوج أحدهما من الآخر، ونفاهما سنة، وروي مثل ذلك عن عمر، وأبن مسعود، وجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم، وقال أبن عباس رضي الله عنهما في هذا الحكم: أوله سفاح، وآخره نكاح والنكاح مباح فلا يحرم السفاح النكاح، ذلك مثل رجل سرق من حائط ثمرة، ثم أتى صاحب البستان فاشترى منه ثمرة، فما سرق حرام، وما اشترى حلال.
المالكية - قالوا: إذا زنى الرجل بالمرأة فلا يصح له أن ينكحها حتى يستبرئها من مائه الفاسد، لأن النكاح له حرمة، ومن حرمته ألا يصب على ماء السفاح، فيختلط الحلال بالحرام ويمتزج ماء المهانة بما بماء العزة، ولأن الله تعالى يقول: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} ثم قال {وحرم ذلك على المؤمنين}. وقد وري عن أبن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (إذا زنى الرجل بالمرأة ثم نكحها بعد ذلك فهما زانيان أبداً) فإن الله تعالى يقول: {وأحل لكم ما وراء ذلك أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين} فأباح نكاح غير المسافحين وأبطل نكاح غيرهما. واتفقوا على أنه إذا عقد عليها، ولم يدخل بها حتى أستبراها من مائه الحرام فإن ذلك جائز، وروي عن عائشة رضي الله عنهما أنها سئلت عن رجل زنى بامرأة ثم تزوجا، فكرهته.
الحكم إذا زنت الزوجة أو الزوج
احتج جماعة من العلماء بقول الله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك}. فقالوا: من زنى فسد النكاح بينه وبين زوجته، وإذا زنت الزوجة فسد النكاح بينها وبين زوجها، ووجب عليه أن يفارقها. وقال بعضهم: لا يفسد النكاح بذل ولا ينفسخ العقد بالزنى من أحدهما ولكن يؤمر الرجل بطلاقها إذا وقعت الزوجة في الزنا، ولو أمسكها أثم، ولا يجوز التزوج بالزانية التي اشتهرت بذلك ولا يجوز التزوج من الزاني الذي يتظاهر بالفاحشة، واشتهر بها، إلا إذا ظهرت التوبة الصادقة عليه. وقالوا: من كان معروفاً بالزنى أو بغيره ن الفسوق معلناً به، مستهتراً بمحارم الإسلام، فتزوج من أهل بيت محافظين، وغرهم من نفسه، ثم علموا بذلك فلهم الخيار في البقاء معه، أو فراقه، وأصبح ذلك كعيب من العيوب التي تفسخ العقد، واحتجوا بقول صلى اللّه عليه وسلم (لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله) أما من لم يشتهر بالفسق فلا يصح أن يفرق بينه وبين زوجه. وقال بعضهم: إذا زنت زوجة الرجل لم يفسد النكاح، وإذا زنى الرجل لم فسد نكاحه مع زوجته. وقالوا إن الآية منسوخة - وروي أن رجلاً سأل الله صلى اللّه عليه وسلم فقال: إن امرأتي لا ترد يد لامس، فقال: طلقها، فقال: إني أحبها، فقال: أمسكها),
حكم نكاح المتعة
المتعة - كما في كتب الإمامية - هي النكاح المؤقت بأمد معلوم، أو مجهول، وغايتاً إلى خمسة وأربعين يوماً، ويرتفع النكاح بانقضاء المؤقت في المنقطعة الحيض وبحيضتين في الحائض، وبأربعة أشهر وعشر في المتوفى عنها زوجها، وحكمه: أنه لا يثبت لها مهر غير المشروط ولا يثبت لها نفقة ولا توارث ولا عدة إلا الاستبراء بما ذكر، ولا يثبت به نسب، إلا أن يشترط، وتحرم بسببه المصاهرة. وقد اتفقت كلمة الفقهاء على أن النبي صلى اللّه عليه وسلم رخص في نكاح المتعة في صدر الإسلام للضرورة ثم نهى عنها، واستمر النهي، ونسخت الرخصة، وإلى نسخها ذهب الجماهير من السلف والخلف. قال النووي: الصواب أن تحريمها وإباحتها وقعا مرتين، فكانت المتعة مباحة قبل خيبر ثم حرمت فيها، ثم أبيحت عام الفتح وهو عام أوطاس، ثم حرمت تحريماً مؤبداً، والى هذا التحريم ذهب أكثر الأمة. روي عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: (رخص رسول الله صلى اللّه عليه وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثة أيام ثم نهى عنها). رواه مسلم. وعن علي رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى اللّه عليه وسلم عن المتعة عام خيبر) متفق عليه. قال الإمام البخاري: بين على رضي الله عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه منسوخ، وأخرج أبن ماجة عن عمر بإسناد صحيح أنه خطب فقال: إن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثاً ثم حرمها، والله لا أعلم أحداً تمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة، وقال أبن عمر: (نهانا عنها رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وما كنا مسافحين) إسناده قوي.
وقال الصنعاني: والقول بأن إباحتها قطعي، ونسخها ظني غير صحيح، لأن الراوين لإباحتها، رووا نسخها، وذلك إما قطعي في الطرفين، أو ظني في الطرفين جمعياً، وفي نهاية المجتهد: إنها تواترت الأخبار بالتحريم اهـ).
مبحث حد اللواط
*-أما اللواط فإنه من الجرائم الخلقية التي لا تليق بالنوع الإنساني، وفطرته التي فطره الله عليها. فاللواط فيه عدوان ظاهر على الإنسانية، وخروج عن سنن الله الطبيعية، ولهذا سماه الله فاحشة كالزنى، قال تعالى: {أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين}: فمن ارتكب هذا الفعل الشائن فقد اختلفت فيه آراء الأئمة: فمنهم من قال: إنه يعاقب عقوبة الزاني وهي الإعدام. إن كان محصناً، أما الموطوء فعقوبته الجلد كالبكر، لأنه لا يتصور فيه إحصان. ومنهم من يقول: إن عقاب اللائط من باب التعزير، لا من باب الحد، فعلى القاضي أن يحبسه، أو يجلده، بما يراه رادعاً له عن الجريمة، فإذا تكررت منه، ولم يزدجر عزر بالإعدام(1)
(1) (اتفق الأئمة عليهم رضوان الله تعالى، على تحريم اللواط في نظر الشرع، وعلى أنه من الفواحش العظام، بل إنه لأفحش من جريمة الزنا، وإنه كبيرة من الكبائر، وذلك للأحاديث المتواترة في تحريمه، ولعن فاعله. ولكنهم اختلفوا في تحديد البينة على إثبات جريمته.
المالكية، والشافعية، والحنابلة - قالوا: إن البينة على اللواط مثل البينة على إثبات الزنا، فلا يثبت إلا بشهادة أربعة من الرجال العدول، ليس فيهم امرأة، يرون الميل في المكحلة.
الحنفية - قالوا: إن بينة اللوط غير بينة الزنا، لأن ضرره أخف منه، وجنايته اقل من جنايته، حيث لا يترتب على اللواط اختلاط النساب، ولا هتك الأعراض.. فثبتت البينة بشاهدين فقط، فلا يلحق بالزنا إلا بدليل، ولم يوجد دليل من الكتاب ولا من السنة فبقي الحكم على الأصل مثل باقي الأحكام والشهادات.
واختلف الأئمة في اللواط هل يوجب الحد أم التعزيز؟
المالكية، والحنابلة، والشافعية - قالوا: إن اللواط إذا ثبت يوجب الحد لكنهم اختلفوا في صفة الحد، قياساً على حكم الزنا، بجامع إيلاج فرج محرم، في فرج محرم.
المالكية، والحنابلة، وفي رواية عند الشافعية - قالوا: إن حد اللوط الرجم بالحجارة حتى يموت، الفاعل والمفعول به، بكراً كان أو ثيباً، ولا يعتد فيه بالإحصان وشرائطه المذكورة في حد الزنا، أو يقتلان بالسيف حداً، واحتجوا على رأيهم بأن التلوط نوع من أنواع الزنا، لأنه إيلاج فرج في فرج بشهوة ولذة، فيكون اللائط والملوط به داخلين تحت عموم الأدلة الواردة في الزاني المحصن والبكر الزاني. ولقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه (اقتلوا الفاعل والمفعول به) وقول صلى اللّه عليه وسلم (اقتلوا الأعلى والأسفل) وبما أخرجه البيهقي من حديث سعيد بن جبير، ومجاهد عن أبن عباس رضي الله عنهم أنه سئل عن البكر يوجد في اللواط، قال: (يرجم) وقال صلى اللّه عليه وسلم (اقتلوا الفاعل والمفعول به أحصنا أم لم يحصنا) رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وروى حماد بن إبراهيم، عن إبراهيم - يعني النخعي - قال: لو كان يستقيم أن يرجم مرتين لرجم اللوطي) وعن أبي موسى أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم قال: (إذا أتى الرجل الرجل فهم زانيان، وإذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان).
وقالوا: إن هذا الفعل زنا، يتعلق به حد الزنا بالنص، فأما من حيث الاسم فلأن الزنا فاحشة، وهذا الفعل فاحشة بنص القرآن الكريم، قال الله تعالى في شأن قوم لوط {أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين} ومن حيث المعنى - إن الزنا فعل معنوي له غرض، وهو إيلاج الفرج في الفرج على وجه محظور لا شبهة فيه، لقصد اللذة، وسفح الماء وقد وجد ذلك كله في اللواطه، فإن القبل والدبر كل واحد منهما فرج يجب ستره شرعاً، وهو عورة في الصلاة وخارجها، ويحرم النظر إلى واحد منهما، ولك واحد منهما مشتهى طبعاً، متلذذ بلمسه، ورؤيته، ونكاحه، حتى إن من لا يعرف الشرع لا يفصل بينهما. وقد نشرت الجرائد في العام الماضي أن مجلس الشيوخ الإنكليزي أصدر قانون يجيز زواج الرجل بالرجل، وإجراء العقد عليه، ومعاشرته معاشرة الزوجة، ونشرت صورة تثبت عقداً أجري في الكنيسة لذلك، وهذا من سخرية القدر وانحطاط النفوس - والعياذ بالله تعالى - . والمحل إنما يصير مشتهى طلباً لمعنى الحرارة واللين، وذلك لا يختلف بلا قبل والدبر، ولهذا أوجب الشارع الاغتسال بنفس الإيلاج في الموضعين، ولا شبهة في تمحيص الحرمة هنا، لأن المحل باعتبار الملك، ويتصور هذا الفعل مملوكاً في القبل، ولا يتصور الملك في الدبر، فكان تمحيص الحرمة هنا أبين وأظهر، حيث لا توجد شبهة ملك بحال، وكذلك معنى سفح الماء هنا أبلغ منه في قبل المرأة، لأن المحل هناك ينبت الولد، فيتوهم أن يكون الفعل حرثاً، وإن لم يقصد الزاني ذلك، ولا توهم في اللواطة، فكان تضييع الماء هنا أبين، وليس هذا القول على سبيل القياس، فالحد في القياس لا يثبت، ولكن هذا إيجاب الحج بالنص، وما كان اختلاف اسم المحل إلا كاختلاف اسم الفاعل.
الشافعية في رواية - قالوا: حده مثل حد الزنا فيعتبر فيه الإحصان، وهو مذهب سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وقتادة، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، وأبو طالب، والإمام يحيى، رحمهم الله قالوا يجلد البكر ويغرب، ويرجم المحصن منهما حتى يموت لأنه نوع من الزنا.
الحنفية - قالوا: لا حد في اللواط، ولكن يجب التعزير حسب ما يراه الإمام، رادعاً للمجرم، فإذا تكرر منه الفعل، ولم يرتدع، أعدم بالسيف تعزيراً، لا حداً، حيث لم يرد فيه نص صريح. قال الشوكاني رحمه الله في التعليق على هذا الرأي: ولا يخفى ما في هذا المذهب من المخالفة للأدلة المذكورة، في خصوص اللواط، والدلة الواردة في الزاني على العموم، من الآيات والحاديث المتواترة في ذلك. أبو يوسف، والإمام محمد من الحنفية - خالفوا الإمام الأعظم في هذا الرأي، فقالوا: إن اللواطه فضاء للشهوة. وربما وصلت عند تعض الرجال إلى شهوة النساء من غير تفريق، فهي شهوة في محل مشتهى على وجه الكمال. لذلك يجب إقامة حد الزنا عليهما فيجلد البكر، ويرجم الثيب المحصن المستوفي لشروط الإحصان، وأن الله تعالى سمى قوم لوط لارتكابهم هذه الفعلة الشنيعة (مفسدين) والمفسد عقابه القتل والعذاب الأليم، قال تعالى: {قال رب انصرني على القوم المفسدين} آية 30 من سورة العنكبوت. قال الصاحبان: اتفق الصحابة رضوان الله عليهم أنه لا يسلم لهما أنفسهما، وإنما اختلفوا في كيفية تغليط عقوبتهما، فأخذنا بقولهم فيما اتفقوا عليه، رجحنا قول الإمام علي رضي الله عنه، بما يوجب عليهما من الحد
رأي الصحابة في عقوبة اللواط.
لقد اختلف أصحاب رسول الله صلى اللّه عليه وسلم في كيفية حد اللواط بعد اتفاقهم على إقامته. أبو بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - قال: يقتلان بالسيف حداً ثم يحرقان بالنار، زجراً لهما، وتخويفاً لغيرهما، وهو رأي الإمام علي كرم الله وجهه، وكثير من السحابة رضي الله عنهم. قال الحافظ المنذري: حرق اللوطية بالنار أبو بكر، وعلي، وعبد الله بن الزبير، رضي الله عنهم، وهشام بن عبد الملك، وذلك بعد قتلهما بالسيف أو الرجم بالحجارة. وما أحق مرتكب هذه الجريمة، ومقارف هذه الرذيلة الذميمة، بأن يعاقب عقوبة يصير بها عبرة للمعتبرين، ويعذب تعذيباً يكسر شهوة الفسقة المتمردين، فحقيق بمن أتى بفاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد من العالمين أن يصلي من العقوبة بما يكون في اشدن، والشناعة مشابهاً لعقوبتهم، وقد خسق الله بهم القرى وجعل عاليها سافلها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل، واستأصل بذلك العذاب بكرهم ومحصنهم، وصغيرهم، وكبيرهم، ونسائهم وجالهم جزاء ارتكابهم هذه الفاحشة وسماهم القرآن ظلمة، ظلموا أنفسهم وظلموا الإنسانية كلها بهذا العمل الشنيع،
فقال تعالى في كتابه العزيز: {فما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها، وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود، مسومة عنند ربك وما هي من الظالمين ببعيد}. آية 81، 83 من هود. وروي عن أبن عباس رضي الله عنهما أنه قال:ينكان من مان مرتفع مثل جبل شاهق، أو بناء مرتفع ويهدم عليهما الجدار ويتبعان بالأحجار حتى يموتا، كما حصل لقوم لوط. وروي عن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه أنه قال:يحبسان في أنتن الواضع حت يموتا. ولكن الراجح من هذه الآراء أن حده الرجم مطلقاً، بكراً أو ثباً. فإن الله تعالى شرع فيه الرجم على الأمم السابقة فقال تعالى في شأن قوم لوط: {لنرسل عليهم حجارة من طين} ولأن القرآن الكريم سماهم فسقة خارجين عن حدود الدين، وتعاليم الشارع الحكيم فقال تعالى: {بل أنتم قوم مسرفون} وقال تبارك وتعالى: {إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون} آية 33 من العنكبوت ولأن الرسول صلى اللّه عليه وسلم لعن اللائط، وأخبر عنه بأنه مطرود من رحمة الله تعالى
فقد روى النسائي رحمه الله تعالى في صحيحه أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم قال: (لعن الله من عمل عمل قوم لوط) واللعن هو الطرد من رحمته، ولأن هذا المنكر من الفواحش التي تقوض دعائم الأمم، وتعلك المجتمع، وتفسد شبابه ونساءه، ولهذا كان الحد فيه مشدداً عن غيره فقال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (مانقض قوم العهد إلا كان القتل بينهم، ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط الله عليهم الموت) وروى الترمدذي بسند صحيح أن غريب، وروي عن أنس رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (إذا استحلت أمتي خمساً، ععليهم الدمار: إذا ظهر التلاعن، وشربوا الخمر، ولبسوا الحرير، واتخذوا القيان، والكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء) رواه البيهقي في صحيحه، ومثل هذا الحد ينطبق على من أى امرأة اجنبية في دبرها روى أبو هريرة رضي الله تبارك وتعالى عنه عن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (الذي عمل عمل قوم لوط فارجموا العلى، والأسفل،وارجموهما جميعاً). ولأن الله تعالى بين في قوم لوط أنهم خرجوا عن مقتضى الفطرة الإنسانية، وما اشتملت عيه من الغريزة الجنسية من الحكمة التي يثصدها الإنسان العاقلن والحيوان العجم، فسجل عليهم أنهم يتقون من عملهم هذا الشهون، ويقصدون اللذة وحدها، بل إنهم أخس درجة من العجماوات، وأصل سبيلاً، فإن ذكورها تطلب أناثها بدافع الشهوة لأجل النسل الذي يحفظ به نوع كل منه، فهو قصد شريف فإذا حملت النثى فلا يقربهان ولا ينزو الذكر على الذكر ابداً.
ولهذا وصفهم الله تعالى بأنهم مسرفون، وأنهم مجرمونن وأنهم ظالمون، وانهم مرنوا على عمل السيئاتن قال تعالى: رأتأتون الذكران من العالمينن وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم، بل أنتم قوم عادون} آية 165،166 نت الشعراء وقال تعالى: {قال رب انصرني على القوم المفسدين، ولماجاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين} آية 30 و 31 من العنكبوت وقال تعالى: رإنانزلون على أهل هذه القرية رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون} آية 34 من العنكبوت وقال تعالى: {ولوطا اذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين، إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون، وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون، فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين، وأمطرنا عليهم مطراً، فانظر كيف كان عاقبة المجرمين} [آيات 80،81،82،83، 48، من سورة الأعراف].
فإن عاقبة المجرمين لا تكون إلا وبالاً عليهم، ويستحقون أشد العذاب جزاء ما ارتكبوا هذه الفاحشة الشنيعة، روى الطبراني في صحيحه عن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (إذا ظلم أهل الذمة، كانت الدولة دولة العدو، وإذا كثر الزنا، كثر السباء، واذاكثر اللواط رفع الله يده عن الخلق فلا يبالي في أي واد هلكوا) رواه جابر بن عبد الله النصاري رضي الله عنهما. فاللواط من السباب التي تودي بالأمم، وتهلك الشعوب، وتجعل أهلها محرمين من معونة الله وعنايته، لآنه يدعهم إلى انفسهم ويتركهم في شهواتهم يعمهون، ويرفع عنهم ولايته ومعونته، وتأييده ونصره. وروى الترمذي عن أبن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (لا ينظر الله عز وجل إلى رجل أتى رجلاً، أو امرأة في دبرها) رواه النسائي. وروى الطبراني في الوسط عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (ثلاثة لاتقبل لهم شهادة أن لا إله إلا لله: الراكب والمركوب، والراكبة والمركوبة، والإمام الجائر).
): -أما اللواط فإنه من الجرائم الخلقية التي لا تليق بالنوع الإنساني،
اللواط يستوجب لعنة الله حقاً إن اللواط يستوجب لعنة الله وغضبه، ولعنة الملائكة، والناس أجمعين، لآنه فعل شاذ ينتافى مع العقل السليم، والذوق المستقيم ويدل على أن صاحبه قد خلع جلباب الحياء والمروءة، وتخلى عن سائر صفات أهل الشهامة، وتجرد حتى من عادات البهائم، بل أقبح وأفظع من العجماوات، فناهيك برذيلة تتعفف عنها الكلاب والحمر والخنازوير، فكيف يليق فعلها ممن هو في صورة كبيرة، أو غني أو عظيمن كلان بل هو اسف من قدره، وأشأم من خبةه ,انت، من الجيفة القذرة، وأحق بالشرور، وأولى بالفضيحة من غيره، وأهل للخزي والعار، فإن القاتل، والسارق، والزاني، لا يكون في نظر المجتمع مثل الائط بل يكونون أحسن منه حالاً، واشرف بالنسبة له لأنه خائن لعهد الله تعالى وما له من المانة فبعداً وسحقاً، وهلاكاً في جهنم ورئس المصير، ولهذا شدد علماء الإسلام في البعد عن هذه الجريمةن من إطالة النظر إلى الغلام الأمرد ولا سيما إن كان صاحب صورة جميلة. وبعضهم اشترط في تحريمها أن تكون بشهوة لأنها ذريعة للفاحشة، ومهيجة للشهوة الكامنة. عن الحسن بن ذكوان رحمه الله أنه قال: لا تجالسوا أولاد الأغنياء، فإن لهم صوراً جميلة كصورة النساء، وهم أشد فتنة من النساء. وعن النجيب بن السدي رحمه الله أه قال: كان يقال: (لايبيت الرجل في بيت مع الأمرد)، وعن أبن سهل أنه قال: سيكون في هذه الأمة قوم يقال لهم اللوطيون، وهم على ثلاثة أصناف: صنف ينظرون، وصنف يصافحون، وصنف يعملون ذلك العمل.
وعن مجاهد أنه قال: لو أن الذي يعمل ذلك العمل (يعني عمل قوم لوط) اغتسل بكل قطرة نزلت من السماء، وكل قطرة في باطن الأرض، لم يزل نجساً حتى يتوب من ذنبه. وجاء رجل إلى مجلس الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ومعه صبي حسن الوجهن جميل الصورة فقال له الإمام، من هذا منك؟ قال: أبن أختي، قال له، لا تجىء به هنا مرة ثانية، ولا تمشي معه في الطريق، لئلا يظن بك من لا يعرفك، ويعرفه. وجخل سفيان الثوري رحمه الله، الحمام العام، فدخل عليه صبي حسن الوجه، عاري الجسد، فصرخ، أغمض عينيه وقال: أخرجوه، فإني أرى مع كل امرأة شيطاناً وأرى مع كل صبي أرد بضعة عشر شيطاناً. وذلك كله لأن ضرر هذه الفعلة الشنيعة من أخطر الأضارار على الرجال والنساء، بل على الفرد والمجتمتع، والإنسانية كلها، فنسأل الله الحفظ والعصمة أنه سميع الدعاء.
حرمة المصاهرة باللواط
الحنفية، والشافعية، المالكية - قالوا: بعدم تحريم المصاهرة بسبب اللواطة.
الحنابلة - قالوا: تثبت حرمة المصاهرة باللواطة مثل الزنان فمن لاط بولد يطيق الجماع، أو لاط برجل، حرم كل منهما على أم الآخر وابنته نصاً، لأنه وطء في فرج مشتهى ينشر الحرمة كوطء المرأة فتثبت حرمة المصاهرة عقاباً لهما. وقد لخص العلماء مضار اللواط فيما يأتي.
أولاً - جناية على الفطرة البشرية السليمة، لآن النفوس السليمة تستفحشه وتراه أقبح من الزنا لقذارة المحل.
ثانياً - مفسدة للشبان بالإسراف في الشهوة، لأنها تنال بسهولة.
ثالثاً - تذل الرجال بما تحدثه فيهم من داء - الأبنة - ولا يستطيع أن يرفع رأسه بعد أن وضع نفسه.
رابعاً - تفسد النساء اللواتي تنصرف أزواجهن عنهن بسبب حبهم للواطة، فيقصورا فيما يجب عليهم من إحصانهن، وإشباع شهواتهن، فيعرضهن ذلك للتهاون في أعراضهن.
خامساً - قلة النسل، بانتشار هذه الفاحشة، لأن من لوازمها الرغبة عن الزواج والإعراض عن النساء.
سادساً - الرغبة في إتيان النساء في أدبارهن، وفي ذلك الفساد كل الفساد.
سابعاً - من يتعود هذه الفاحشة يميل إلى استمناء اليد، وإتيان البهائم، وهما جريمتان فبيحتان، شديدتا الضرر في الأبدان، مفسدتان للأخلاق، مضعيتان للصحة البدنية وهما محرمتان كاللواطة، والزنا، في جميع الملل والأديان، لما لهما من الأضرار الخطيرة المهلكة.
ثامناً - إفساد الحياة الزوجية، وتفكك العائلات والأسر، وغرس العداوة والبغضاء.
تاسعاً - يحمل الشبان على الإضراب عن الزواج وتحمل مسؤولية الأسرة، وفي ذلك ما فيه من المفاسد المقوضة لدعائم المجتمع، لأن الحيان الزوجية فيها إحصان كل من الزوجين.
عاشراً - تسبب أضراراً خطيرة للفاعل مثل مرض الزهري والسيلان وغيرهما، وأضراراً للمفعول به، فتنزل منه الأشياء الكريهة من غير أن يستطيع إمساكها. وعلى العموم فإن أضرار هذه الفاحشة لا نستطيع حصرها لكثرتها وشناعتها، وخطورتها على الفرد والمجتمع.
فإنها نذير الرعب، وداعي الخيبة، ودليل السقوط، وسبب الدناءةن وفقدان الشهامة والنجدة، وتدعو إلى انتشار الأوبئة، والأمراض الخبيثة الفتاكةن وتجلب السل والصفرة وترفع رحنة الله، وتحل غضبه، وتوجب اللعنة والعقاب على الفاعلين والمفعولين، وتوجد الصغار في نفس اللائط، وترفع الحياء من الوجوه، وترد شهادة الفاعل والمفعول به، وتوجب عليهما اشد العقاب في الدنيا والدار الآخرة. ولهذا أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم بنفي المخنث من المدينة حتى لا يفسد مجتمعها واهتم الشارع الحكيم بالنهي عنها، وفرض العقاب الرادع لها. ووردت الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم تنفر المسلمين من الوقوع فيها وتحذرهم من عواقبها الوخيمةن وتهول من شناعتهان وتبين لهم فظاعتها وخطرها الجسيم. عن أبي هريرة أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم قال: (لعن الله سبعة من خلقه من فوق سبع سمواته، وردد اللعنة على كل واحد منهم ثلاثاً، ولعن كل واحد منهم لعنة تكفيه، قال: ملعةن من عمل عمل قوم لوط، ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من أتى شيئاً من البهائم، ملعون من عق والديه، ملعون من جمع بين امرأة وابنتها، ملعون من غير حدود الأرض، ملعون من ادعى إلى غير مواليه).
حرمة اتيان النساء في أدبارهن
اتفقت كلمة علماء المسلمين على أن من أتى امرأته، أو أمته، في دبرها وترك القبل فلا يقام عليه حد، حيث لم يرد من الشارع الحكيم حد في هذه الحالات.
ولكنهم قالوا: بأن من يعمل هذا العمل الشنيع يكون آثماً، مستوجباً للعقاب الأخروي حيث ارتكب فعلاً ممنوعاً شرعاً، غير مسموح بهن بل منهي عن الوقوع فيه والالتجاء إليه، فقد وردت أحاديث كثيرة عن الرسول المعصوم صولات الله وسلامه عليه تحرم إتيان النساء في أدبارهنن روى خذيمة بن ثابت، وأبو هريرة، وعلي بن طلق رحمهم الله تعالى كلهم عن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (لا تأتوا النساء في أدبارهن).
وروي عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (هي اللوطة الصغرى) يعني إتيان النساء في أدبارهن. وروى حماد بن سلمة عن حكيم بن الثرم عن أبي تميم، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم قال: (من أى حائضاً، أو امرأة في دبرها، أو كاهناً فصدقه، فقد كفر بما نزل على محمد) رواه الترمذي والإمام أحمد. وحدد القرآن مكان النكاح وهو القبل لأنه محل الحرث، والمكان الذي ينبت منه الولد، وحرم غيره، روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن اليهود قالوا للمسلمين فيمن أى امرأة وهي مدبرة - في قبلها. جاء ولده أحول، فأنزل الله تعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا انكم ملاقوه وبشر المؤمنين} آية: 223 من البقرة. فقال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم (مقبلة ومدبرة ما كان في المخرج).
وقد وردت الأحاديث المروية من طرق متعددة بالزجر عن فعله وتعاطيه. فقد روي عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (استحيوا إن الله لا يستحي من الحق، لا يحل لكم أن تأتوا النساء في حشوشهن) وروى الإمام أحمد عن خذيمة بن ثابت (أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها) (ومن طريق أخرى) أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم قال: (استحيوا إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن) رواه النسائي وأبن ماجة من طريق خذيمة وروى الترمذي والنسائي عن أبن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (لا ينظر الله إلى رجل أى رجلاً، أو امرأة في الدبر) ثم قال الترمذي هذا حديث حسن غريب وقال عبد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر بن طاوس عن ابيه أن رواه النسائي عن طريق أبن المبارك عم عمر به نحوه - وقال عبد ايضاً في تفسيره: حدثنا إبراهيم عن الحاكم عن ابيه عن عكرمة قال، جاء رجل إلى أبن عباس وقال:كنات آتي أهلي في دبرها وسمعت قول الله تعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} فظننت أن ذلك لي حلال فقال: يا وكيع إنما قوله: {فأتوا حرثم أنى شئتم} قائمة، وقادعدة، ومقبلة، ومدبرة في أقبالهن لا تعدو ذلك إلى غيره، وروى الإمام أحمد حدثنا عبد الصمد حدثنا همام حدثنا قتادة، عن عمرو بن شعيبن عن أبيه عند جده أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطة الصغرى).
وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم، ويقول: ادخلوا النار مع الداخلين: الفاعل، والمفعول به، والنكاح يده وناكح البهيمة، وناكح المرأة في دبرها، وجامع بين امرأة وابنتها، والزاني بحليلة جاره، ومؤذي جاره حتى يلعنه).
وروى الإمام أحمد قال: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (إن الذي يأتي امرأته في دبرها لا يظر الله إليه).
وروى النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قل: قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (ملعون من أتى امرأته في دبرها) وفي رواية أخرى: (ملعون من أت النساء في أدبارهن). قال النسائي: حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن أبي هريرة قال: (إتيان الرجال النساء في ادبارهن كفر) ثم رواه عن بندار عن عبد الرحمن به قال: من أتى امرأة في دبرها وتلك كفر) هكذا رواه النسائي من طريق الثوري عن ليث عن مجاهد عن أبي هريرية عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (من أتى شيئاً من الرجال والنساء في ادبارهن فقد كفر) والمراد بالكفر في الحديث إنما هو كفر النعمة وهي النساء اللاتي احلهن الله عز وجل. وروى أبن مسعود عن النبي صلى اللّه عليه وسلم إنه قال: (محاش النساء حرام). وقال الثوري عن الصلت بن بهرام عن أبي المعتمر عن أبي جويرية قال: سأل رجل علياً عن إتيان المرأة في دبرها فقال: سفلت سفل الله بك الم تسمع قول الله عز وجل: {أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين} قال الإمام أبن كثير في تفسيره وقد تقدم قول أبن عباس، وأبن مسعود، وأبي الدرداي، وابي هريرة، وعبد الله بن عمرو، في تحريم ذلك، وهو الثابت بلا شك عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما انه يحرمه، فقد روي إنه سئل عن ذلك فقال: وهل يفعل ذلك احد من المسلمين؟ وروي أن رجلاً سأل الإمام مالك بن أنس: ما تقول في إتيان النساء في أدبارهن قال: ما أنتم إلا قوم عرب هل يكون الحرث إلا موضع الزرع؟، لا تعدوا الفرج. قال: يا أبا عبد الله إنهم يقولن إنك تقول ذلك، قال يكذبون
علي) فهذا هو الثابت عنه رحمه الله تعالى. فقد اتفقت كلمة الأئمة جميعاً الحنفية، والشافعية، والحنابلة، والمالكية من غير خلاف منهم، على تحريم هذا الفعل وشناعته وعدم جوازه بحال من الأحوال، في الزوجة والأمة وغيرهما، وهو قول سعيد بن المسيب، وابي سلمة، وعكرمةن وطاوس، وعطاء، وسعيد بن جبير، وعروة بن الزبير، ومجاهد بن جبر، والحسن البصري وغيرهم من السلف جميعاً أنكروا ذلك الفعل اشد الإنكار ومنهم من يطلق على فعله الكفر، وهو مذهب جمهور العلماءز ومما يدل على تحريم هذا العمل قول الله تعالى: {وقدموا لأنفسكم} فإن معناه من فعل الطاعات مع امتثال ما أنهاكم عنه من ترك المحرمات التي نهيتكم عنها. لذلك قال: {واتقوا الله واعلموا انكم ملاقوه} أي اتقوا الله في اتيان نسائكم، فلا تأتوهن إلا في موضع الحرث وهو الفرج، فهو سيحاسبكم على اعمالكم جميعاً ومن جملتها هذا العمل المشين وقول الله تعالى: {وبشر المؤمنين} أي المطيعين لله تعالى فيما أمرهم، التاركين ما عنه زجرهم.
): -أما اللواط فإنه من الجرائم الخلقية التي لا تليق بالنوع الإنساني،
فإن قيل: قول الله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين} يقتضي إباحة وطء النساء في أدبارهين، لورود الإباحة مطلقة غير مقيدة بشيء، ولا فالجواب على ذلك: أنه قال الله تعالى: {فأتوهن من حيث أمركم الله} ثم قال تعالى: {فأتوا حرثكم أنى شئتم} فأبانت هذه الآية الموضع المأمور به شرعاً، وهو موضع الحرث الذي يأتي منه الولد ولم يرد إطلاق الوطء بعد حظره إلا في موضع الولد، فهو مقصور عليه، دون غيره، وهو قاض مع ذلك على قوله تعالى: {إلا على أزواجهم} فكانت هذه الآية مرتبة على ما ذكر من حكم الحائض، فالآية التي في البقرة تدل على أن إباحة الوطء مقصورة على الجماع الجائز في الفرج دون غيره، لأنه موضع الحرث الذي نصت عليه الآية الكريمة حيث قال: {فأتوا حرثكم} وهو موضع الولد، قال أبو بكر الرازي الحصاص في كتابه (أحكام القرآن) عند ذكر إتيان النساء في أدبارهن: كان أصحابنا يحرمون ذلك، وينهون عنه، أشد النهي. وعن علي بن طلق رحمه الله أنه قال: سمعت رسول للث صلى اللّه عليه وسلم يقول: (لا تأتوا النساء في أستاههن، فإن الله لا يستحي من الحق) رواه الإمام أحمد والترمذي وقال: حديث حسن. من هذا يتضح أن إتيان النساء في أدبارهن عمل شنيع، وجرم فظيع، لا يقره شرع، ولا يرضى به عاقل. ومفاسده لا تعد، ولا تحصى. بل ربما كان أخطر على الفرد والسر؟؟، والجماعات، من أي جناية أخرى غيرها من أنواع المحرمات، فليتق الله هؤلاء السفلة الذين يأتون نساءهم في أدبارهن، ويعملون عمل قوم لوط، ويظنون أنه جائز في الإسلام . نسأل الله تعالى الحفظ والعصمة عن الزلل.
حرمة وطء البهيمة
اختلف الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم في حد وطء البهيمة، بعد اتفاقهم على حرمتها وشناعتها.
الحنفية - قالوا: لا حد في هذه الفاحشة حيث إنه لم يرد شيء عن ذلك في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه. ولم يثبت ان الرسول صلى اللّه عليه وسلم أقام الحد على من وقع في هذه الفاحشة. ولكن يجب عليه التعزير بما يراه الحاكم، من الحبس أو الضرب أو التوبيخ أو غير ذلك مما يكون زاجراً له ولغيره، عن ارتكابه.
المالكية - قالوا: إن حده كحد الزنا، فيلج البكر، ويرجم المحصن، وذلك لأنه نكاح فرج محرم شرعاً مشتهى طبعاً، مثل القبل، والدبر، فأوجب الحد كالزنا.
الشافعية - قالوا: عندهم ثلاثة آراء: أهرها، الحد كما قال المالكية، فحكمه مثل الزنا, القول الثاني: إنه يقتل بكراً، أو ثيباً، وذلك لما روي عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: (منوقع على بهيمة فاقتلوهن واقتلوا البهيمة) رواه غلإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي عن أبن عباس رقد روى هذا الحديث أبن ماجة في سننه، من حديث إبراهيم بن اسماعيل عن داود بن الحصين عن عكرمة، عن أبن عباس أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم قال: (من وقع على ذات محرم فاقتلوه، ومن وقع على بهيمة فاقتله، واقتلوا البهيمة). القول الثالث: إنه يعزر، ولا حد فيه، حسب ما يراه الإمام موافقة لمذهب الحنفية.
الحنابلة - قالوا: يجب عليه الحد، وفي صفة الحد عندهم روايتان، إحداهما كاللواطة وثانيهما أنه يعزر، وهو الراجح عندهم، مثل قول الحنفية. ولعل هذه الأحكام تختلف باختلاف أحوال الناس في الدين، والورع كمالاً، ونقصاً، شباباً، وكهول، فيخفف عن الآراذل والشبان، وويشدد العقاب على أشراف الناس وكبارهم، بالحد أو القتل، على قاعدة - كل من عظمت مرتبته، عظمت صغيرته، وزاد عقابه جزاء فعله لآن حسنات الارار سيئات المقربين. وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (أربعة يصبحون في غضب الله ويمسون في سخط الله، قلت: من هم يا رسول الله؟ قال: المتشبهون من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال، والذي يأتي البهيمة، والذي يأتي الرجال) رواه الطبراني رحمه الله.
حكم البهيمة الموطوءة
واختلف الأئمة في حكم البهيمة الموطوءة.
المالكية - قالوا: لا يجب قتلها سواء أكانت مما يؤكل لحمها، أم لا، وذلك لنه لم يرد في الشرع شيء صريح في الأمر بذبحها وما ورد في رواية أبن عباس في المر بقتلها رواية ضعيفة ولا يعمل بها.
الحنفية - قالوا: إن كانت البهيمة ملكه يجب قتلها، وذلك حتى لا يتكلم الناس عليه كلما رأوها ذاهبة، وراجعة، فيقولون هذه التي فعل بها فلان، فيقعون في إثم الغيبة، وتسقط مكانة الفاعل عندهم، وبما يكون قد تاب من ذنبه، ولأن الرجل إذا رآها يميل إلى مواقعتها مرة ثانية، فكان من الأحوط قتلها. ولما أخرجه البيهقي عن أبن عباس رضي الله عنهما عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (ملعون من وقع على بهيمة) وقال في رواية أخرى: (اقتلوه واقتلوها معه، لا يقال هذه التي فعل بها كذا وكذا) ومال اليهقي إلى تصحيحه لما رواه أبو يوسف بإسناده إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، أنه أتي برجل وقع على بهيمة، عزره بالضرب، وأمر بلابهيمة فذبحت، وأحرقت بالنار. وإنما قتلها حتى لا تأتي بولد مشوه، ولا تؤكل بعد ذبحها لأن لحمها قد تنجس منه. وقد روي أن راعياً أتى بهيمة فولدت حيواناً مشوه الخلقة.
أما إذا كانت البهيمة ملكاً لغيره فلا يجب ذبحها.
الشافعية - عندهم روايتان - إحدهما: إن كانت البهيمة مما يؤكل لحمها ذبحت، وإلا فلا، لأن في قتلها إتلاف المال من غير فائدة، وذلك أمر منهي عنه.
والرواية الثانية عندهم: ان البهيمة تعدم مطلقاًن سواء أكانت مما يؤكل لحمها أم لا، وذلك قطعاً للإشاعات، وستراً للفضيحن لن الله تعالى أمر بالستر على المسلم، فمن ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة.
الحنابلة - قالوا: يجب ذبح البهيمة سواء أكانت ملكه أم لا، وسواء أكانت مما يؤكل لحمها أم لا، ويجبيب عليه ضمان قيمتها فيما إذا كانت البهيمة ملكاً لغيره، لأنه تسبب في إتلافها، ومن أتلف شيئاً فعليه ثمنه، عقوبة له وذلك خيفة الفضيحة على صاحب البهيمة، وعلى الفاعل فيها، لنه كلما رأوها ذكرتهم بهذه الفعلة الشنيعة.
حكم البهيمة بعد ذبحها
واختلف الأئمة في جواز أكل لحم البهيمة الموطوءة بعمد ذبحها.
الحنفية والحنابلة - قالوا: إن البهيمة إن كانت مما يؤكل لحمها، تحرق بالنار ولا يجوز أكلها.
المالكية - قالوا: يجوز الأكل منها بعد ذبحها فيأكل منها هو وغيره، من غير تحرج، لأنه لم يرد في الشرع دليل يحرم أكلها، فيبقى الحكم على الأصل، وهو الجواز.
الشافعية - عندهم روايتان: إحداهما جواز الأكل منها هو وغيره موافقة للمالكية رحمهم الله تعالى. الرواية الثانية عندهم: أنه يحرم أكلها عليه، وعلى غيره موافقة للحنفية والحنابلة وعلى الفاعل أن يضمن قيمتها لصاحبها إن كانت ملكاً للغير تأديباً له، وعقوبة على فعله المذموم شرعاً، وعقلاً.
الاستمناء باليد
ومن نكح يده - وتلذذ بها، أو إذا أتت المرأة المرأة وهو - السحاق، فلا يقام حد في هذه الصور بإجماع العلماء، لأنها لذة ناقصة، وإن كانت محرمة، والوجاب التعزير على الفاعل حسب ما يراه الإمام زاجراً له عن المنكر. والاستمناء باليد ذنب كبير، وإثم عظيم نهى عنه الشارع، وحذر منه الرسول صلى اللّه عليه وسلم لما يترتب عليه من الأمراض الصحية والاجتماعية، وقد ورد أن صاحبه يأتي يوم القيامة ويده حبلى إذا مات ولم يتب من ذنبه.
قال تعالى في كتابه العزيز {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين} فهذا بيان في ذكر حفظهم لفروجهم إلا على أزواجهم، أو ما ملكت أيمانهم من الإماء، وهذا يفيد تحريم ما سوى الأزواج وما ملكت الايمان، ويبن الله تعالى أن نكاح الازواج وما ملكت اليمن من شأن الآدمي، دون البهائم، ثم أكد ذلك بقوله تعال: {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} فلا يحل اتعمل بالذكر، إلا في الزوجة أو في ملك اليمين، ولا يحل الاستمناء لأنه تعد على الفطرة فهذا يفيد حرمة الاستمناء باليد لأنه من شأن العادين على حدود الله تعالى الخارجين عن الفطرة الإنسانية،
وقال تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله} أي ليصبروا على الشهوة وكبح جماحها حتى يغنيهم الله من فضله ويسهل لهم طرق النكاح المشروع، فهي عادة قبيحة محرمة بالكتاب والسنة. وإن كان ذنبها أقل من الزنا، حيث أنه لم يترتب عليها ما يترتب على الزنا من الفساد واختلاط الأنساب.
المالكية - استدلوا على تحريم الاستمناء باليد بقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإن له وجاء) رواه أبن مسعود رضي الله تعالى عنه. وقالوا: لو كان الاستمناء باليد مباحاً في الرشرع لأرشد إليه الرسول صلى اللّه عليه وسلم لأنه أسهل من الصوم، ولكن عدم ذكره دل على تحريمه قال صاحب كتاب - سبل السلام - وقد أباح الاستمناء بعض الحنابلة، وبعض علماء الحنفية، إذا خاف على نفسه في الوقوع في الزنا - وهو رأي ضعيف لا يعتد به)