المحتويات
- زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بخديجة رضي الله عنها
- خبار الكهان والأحبار والرهبان والجن ببعثته صلى الله عليه وسلم
- موقف بعض أهل الكتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم
- مبعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما
- ابتداء تنـزيل القرآن
- إسلام خديجة بنت خويلد
- فترة الوحي ونزول سورة الضحى
- فرض الصلاة
- السابقون إلى الإسلام
- انتشار ذكر الرسول في القبائل خارج مكة
- ذكر ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه
- إسلام حمزة رضي الله عنه
- الجهر بالقرآن
- إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه
- من معجزاته صلى الله عليه وسلم
- قدوم وفد النصارى الذين أسلموا من الحبشة
- ذكر الإسراء والمعراج
- طمع المشركين في الرسول صلى الله عليه و سلم بعد وفاة أبي طالب و خديجة
- بدء إسلام الأنصار
- بيعة العقبة الأولى
- أمر العقبة الثانية
- نزول الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال
- الإذن بالهجرة إلى المدينة
- تحميل الكتاب سيرة ابن هشام
- العودة إلي سيرة ابن هشام
قائد قريش وكنانة
زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بخديجة رضي الله عنها
سنه صلى الله عليه وسلم حين زواجه
خروجه صلى الله عليه وسلم إلى التجارة بمال خديجة
حديثه صلى الله عليه وسلم مع الراهب
عرض خديجة الزواج من النبي صلى الله عليه وسلم
زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من خديجة بعد استشارة أعمامه
تنبأ ورقة له صلى الله عليه وسلم
حديث تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة رضي الله عنها
سنه صلى الله عليه وسلم حين زواجه
قال ابن هشام : فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة ، تزوج خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ، فيما حدثني غير واحد من أهل العلم عن أبي عمرو المدني .
خروجه صلى الله عليه وسلم إلى التجارة بمال خديجة
قال ابن إسحاق : وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال ، تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه ، بشيء تجعله لهم ، وكانت قريش قوما تجارا ؛ فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها ، من صدق حديثه ، وعظم أمانته ، وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا ، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار ، مع غلام لها يقال له ميسرة ، فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ، وخرج في مالها ذلك ، وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام .
حديثه صلى الله عليه وسلم مع الراهب
فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان ، فاطلع الراهب إلى ميسرة ، فقال له : من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة ؟ قال له ميسرة : هذا رجل من قريش من أهل الحرم ؛ فقال له الراهب : ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي .
ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد أن يشتري ، ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة . فكان ميسرة - فيما يزعمون - إذا كانت الهاجرة واشتد الحر ، يرى ملكين يظلانه من الشمس - وهو يسير على بعيره - فلما قدم مكة على خديجة بمالها ، باعت ما جاء به ، فأضعف أو قريبا . وحدثها ميسرة عن قول الراهب ، وعما كان يرى من إظلال الملكين إياه .
خديجة ترغب في الزواج منه صلى الله عليه وسلم
وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة ، مع ما أراد الله بها من كرامته ، فلما أخبرها ميسرة مما أخبرها به بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت له - فيما يزعمون - : يا ابن عم ، إني قد رغبت فيك لقرابتك وسطتك في قومك وأمانتك وحسن خلقك ، وصدق حديثك ، ثم عرضت عليه نفسها .
وكانت خديجة يومئذ أوسط نساء قريش نسبا ، وأعظمهن شرفا ، وأكثرهن مالا ؛ كل قومها كان حريصا على ذلك منها لو يقدر عليه .
نسب خديجة رضي الله عنها
وهي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر .
وأمها : فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر .
وأم فاطمة : هالة بنت عبد مناف بن الحارث بن عمرو بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عمر بن لؤي بن غالب بن فهر .
وأم هالة : قلابة بنت سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر .
الرسول صلى الله عليه وسلم يتزوج من خديجة بعد استشارة أعمامه
فلما قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك لأعمامه فخرج معه عمه حمزة بن عبدالمطلب ، رحمه الله ، حتى دخل على خويلد ابن أسد ، فخطبها إليه ، فتزوجها .
صداق خديجة
قال ابن هشام : وأصدقها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين بكرة ، وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت ، رضي الله عنها .
أولاده صلى الله عليه وسلم من خديجة
قال ابن إسحاق : فولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولده كلهم - إلا إبراهيم - القاسمَ ، وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم ، والطاهر ، والطيب ، وزينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة ، عليهم السلام .
ترتيب ولادتهم
قال ابن هشام : أكبر بنيه القاسم ، ثم الطيب ، ثم الطاهر ؛ وأكبر بناته رقية ، ثم زينب ، ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة .
قال ابن إسحاق : فأما القاسم ، والطيب ، والطاهر ، فهلكوا في الجاهلية ؛ وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام ، فأسلمن وهاجرن معه صلى الله عليه وسلم .
إبراهيم وأمه
قال ابن هشام : وأما إبراهيم فأمه مارية القبطية .
حدثنا عبدالله بن وهب عن ابن لهيعة ، قال : أم إبراهيم : مارية سرية النبي صلى الله عليه وسلم التي أهداها إليه المقوقس من حفن من كورة أنصنا .
حديث بنيان الكعبة
سبب هذا البنيان
نصيب قبائل قريش في تجزئة الكعبة
بدء الوليد بن المغيرة بهدم الكعبة
امتناع قريش عن هدم الأساس وسببه
الاختلاف بين قريش في وضع الحجر
الرسول صلى الله عليه وسلم يضع الحجر
ارتفاع الكعبة وكسوتها
حديث الحمس
قريش تبتدع الحمس
القبائل التي آمنت مع قريش بالحمس
ما زادته قريش في الحمس
اللقى عند الحمس
إبطال الإسلام عادات الحمس
اخبار الكهان والأحبار والرهبان والجن ببعثته صلى الله عليه وسلم
الكهان والأحبار والرهبان يتحدثون بمبعثه
قذف الجن بالشهب دلالة على مبعثه صلى الله عليه وسلم
ثقيف أول من فزعت برمى الجن
سؤال الرسول الأنصار عن قولهم في رجم الجن بالشهب
ذكر كاهن جنب خبر الرسول صلى الله عليه وسلم
حديث سواد بن قارب عن صاحبه من الجن
موقف بعض أهل الكتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم
اليهود لعنهم الله يعرفونه ويكفرون به
سلمة يذكر حديث اليهودي الذي أنذر بالرسول صلى الله عليه وسلم
ابن الهيبان اليهودي يتسبب في إسلام ثعلبة وأسيد ابني سعية
حديث إسلام سلمان رضي الله عنه
ذكر ورقة بن نوفل وعبيد الله بن جحش
صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإنجيل
مبعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما
أخذ الله الميثاق على الرسل الإيمان به صلى الله عليه وسلم
الرؤيا الصادقة أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم
سلام الحجر والشجر عليه صلى الله عليه وسلم
نزول جبريل عليه صلى الله عليه وسلم
ابتداء تنـزيل القرآن
متى نزل القرآن
قال ابن إسحاق : فابتدىء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتنـزيل في شهر رمضان ، بقول الله عز وجل : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) . وقال الله تعالى : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر .وما أدراك ما ليلة القدر . ليلة القدر خير من ألف شهر . تنـزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر . سلام هي حتى مطلع الفجر ) . وقال الله تعالى : ( حم والكتاب المبين . إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين . فيها يفرق كل أمر حكيم . أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين ) . وقال تعالى : ( إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان ) . وذلك ملتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين ببدر .
إسلام خديجة بنت خويلد
وقوفها بجانبه صلى الله عليه وسلم
وآمنت به خديجة بنت خويلد ، وصدقت بما جاءه من الله ، ووازرته على أمره ، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله ، وصدق بما جاء منه . فخفف الله بذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم ، لا يسمع شيئا مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له ، فيحزنه ذلك ، إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها ، تثبته وتخفف عليه ، وتصدقه وتهون عليه أمر الناس ، رحمها الله تعالى .
تبشير الرسول لخديجة ببيت من قصب
قال ابن إسحاق : وحدثني هشام بن عروة ، عن أبيه عروة بن الزبير ، عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أُبشِّر خديجة ببيت من قصب ، لا صخب فيه ولانصب . قال ابن هشام : القصب ههنا : اللؤلؤ المجوف .
جبريل يقرىء خديجة السلام من ربها
قال ابن هشام : وحدثني من أثق به ، أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال : أقرىء خديجة السلام من ربها ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا خديجة ، هذا جبريل يقرئك السلام من ربك ، فقالت خديجة : الله السلام ، ومنه السلام ، وعلى جبريل السلام .
فترة الوحي ونزول سورة الضحى
قال ابن إسحاق : ثم فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة من ذلك ، حتى شق ذلك عليه فأحزنه ، فجاءه جبريل بسورة الضحى ، يقسم له ربه ، وهو الذي أكرمه بما أكرمه به ، ما ودعه وما قلاه ، فقال تعالى : ( والضحى والليل إذا سجى . ما ودعك ربك وما قلى ) . يقول : ما صرمك فتركك ، وما أبغضك منذ أحبك . ( وللآخرة خير لك من الأولى ) : أي لما عندي من مرجعك إلي ، خير لك مما عجلت لك من الكرامة في الدنيا . ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) من الفُلْج في الدنيا ، والثواب في الآخرة . ( ألم يجدك يتيما فآوى . ووجدك ضالا فهدى . ووجدك عائلا فأغنى ) يعرفه الله ما ابتدأه به من كرامته في عاجل أمره ، ومنِّه عليه في يتمه وعيلته وضلالته ، واستنقاذه من ذلك كله برحمته .
تفسير ابن هشام لمفردات سورة الضحى
فرض الصلاة
افترضت الصلاة ركعتين ركعتين ثم زيدت
قال ابن إسحاق : وحدثني صالح بن كيسان عن عروة بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : افترضت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما افترضت عليه ركعتين ركعتين ، كل صلاة ؛ ثم إن الله تعالى أتمها في الحضر أربعا ، وأقرها في السفر على فرضها الأول ركعتين .
جبريل يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة
قال ابن إسحاق : وحدثني بعض أهل العلم : أن الصلاة حين افترضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتاه جبريل وهو بأعلى مكة ، فهمز له بعقبه في ناحية الوادي ، فانفجرت منه عين ، فتوضأ جبريل عليه السلام ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه ، ليريه كيف الطهور للصلاة ، ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رأى جبريل توضأ ، ثم قام به جبريل فصلى به ، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاته ، ثم انصرف جبريل عليه السلام .
الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم خديجة الوضوء والصلاة
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة ، فتوضأ لها ليريها كيف الطهور للصلاة كما أراه جبريل ، فتوضأت كما توضأ لها رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ثم صلى بها رسول الله عليه الصلاة والسلام كما صلى به جبريل فصلت بصلاته .
جبريل يعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم أوقات الصلاة
قال ابن إسحاق : وحدثني عتبة بن مسلم ، مولى بني تميم ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، وكان نافع كثير الرواية ، عن ابن عباس قال : لما افترضت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام ، فصلى به الظهر حين مالت الشمس ، ثم صلى به العصر حين كان ظله مثله ، ثم صلى به المغرب حين غابت الشمس ، ثم صلى به العشاء الآخرة حين ذهب الشفق ، ثم صلى به الصبح حين طلع الفجر ، ثم جاءه فصلى به الظهر من غد حين كان ظله مثله ، ثم صلى به العصر حين كان ظله مثليه ، ثم صلى به المغرب حين غابت الشمس لوقتها بالأمس ، ثم صلى به العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل الأول ، ثم صلى به الصبح مسفرا غير مشرق ، ثم قال : يا محمد ، الصلاة فيما بين صلاتك اليوم وصلاتك بالأمس .
السابقون إلى الإسلام
ذكر أن علي بن أبي طالب رضي لله عنه أول ذكر أسلم
قال ابن إسحاق : ثم كان أول ذَكَر من الناس آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصلى معه وصدق بما جاءه من الله تعالى : علي بن أبي طالب ابن عبدالمطلب بن هاشم ، رضوان الله وسلامه عليه ، وهو يومئذ ابن عشر سنين .
نعمة الله على علي بنشأته في كنف الرسول
وكان مما أنعم الله به على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أنه كان في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام .
سبب هذه النشأة
قال ابن إسحاق : وحدثني عبدالله بن أبي نجيح ، عن مجاهد بن جبر بن أبي الحجاج ، قال : كان من نعمة الله علي علي بن أبي طالب ، ومما صنع الله له ، وأراده به من الخير ، أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة ، وكان أبو طالب ذا عيال كثير ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس عمه ، وكان من أيسر بني هاشم ، يا عباس : إن أخاك أبا طالب كثير العيال ، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة ، فانطلق بنا إليه ، فلنخفف عنه من عياله ، آخذ من بنيه رجلا ، وتأخذ أنت رجلا ، فنكلهما عنه ؛ فقال العباس : نعم .
فانطلقا حتى أتيا أبا طالب ، فقالا له : إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه ؛ فقال لهما أبو طالب : إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما - قال ابن هشام : ويقال : عقيلا وطالبا - .
فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ، فضمه إليه ، وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه ؛ فلم يزل علي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله تبارك وتعالى نبيا ، فاتبعه علي رضي الله عنه ، وآمن به وصدقه ؛ ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه .
الرسول صلى الله عليه وسلم وعلي يخرجان إلى الصلاة في شعب مكة واكتشاف أبي طالب لهما
قال ابن إسحاق : وذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة ، وخرج معه علي بن أبي طالب مستخفيا من أبيه أبي طالب ، ومن جميع أعمامه وسائر قومه ، فيصليان الصلوات فيها ، فإذا أمسيا رجعا . فمكثا كذلك ما شاء الله أن يمكثا . ثم إن أبا طالب عثر عليهما يوما وهما يصليان ، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا ابن أخي ! ما هذا الدين الذي أراك تدين به ؟ قال : أي عم ، هذا دين الله ، ودين ملائكته ، ودين رسله ، ودين أبينا إبراهيم - أو كما قال صلى الله عليه وسلم - بعثني الله به رسولا إلى العباد ، وأنت أي عم ، أحق من بذلت له النصيحة ، ودعوته إلى الهدى ، وأحق من أجابني إليه وأعانني عليه ، أو كما قال ؛ فقال أبو طالب : أي ابن أخي ، إني لا أستطيع أن أفارق دين آبائي وما كانوا عليه ، ولكن والله لا يخلص إليك بشيء تكرهه ما بقيت .
وذكروا أنه قال لعلي : أي بني ، ما هذا الدين الذي أنت عليه ؟ فقال : يا أبت ، آمنت بالله وبرسول الله ، وصدقته بما جاء به ، وصليت معه لله واتبعته . فزعموا أنه قال له : أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه .
إسلام زيد بن حارثة ثانيا
قال ابن إسحاق : ثم أسلم زيد بن حارثة بن شرحبيل بن كعب بن عبدالعزى ابن امرئ القيس الكلبي ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أول ذكر أسلم ، وصلى بعد علي بن أبي طالب .
نسب زيد
قال ابن هشام : زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبدالعزى بن امرىء القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة .
وكان حكيم بن حزام بن خويلد قدم من الشام برقيق ، فيهم زيد بن حارثة وصيف ، فدخلت عليه عمته خديجة بنت خويلد ، وهي يومئذ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لها : اختاري يا عمة أي هؤلاء الغلمان شئت فهو لك ؛ فاختارت زيدا فأخذته ، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها ، فاستوهبه منها ، فوهبته له ، فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبناه ، وذلك قبل أن يوحى إليه .
إسلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه وشأنه
نسبه
قال ابن إسحاق : ثم أسلم أبو بكر بن أبي قحافة ، واسمه عتيق ، واسم أبي قحافة : عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر .
اسمه ولقبه
قال ابن هشام : واسم أبي بكر : عبدالله ، وعتيق : لقب لحسن وجهه وعتقه .
إسلامه
قال ابن إسحاق : فلما أسلم أبو بكر رضي الله عنه : أظهر إسلامه ، ودعا إلى الله وإلى رسوله .
إيلاف قريش له ودعوته للإسلام
وكان أبو بكر رجلا مألفا لقومه ، محببا سهلا ، وكان أنسب قريش لقريش ، وأعلم قريش بها ، وبما كان فيها من خير وشر ؛ وكان رجلا تاجرا ، ذا خلق ومعروف ، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر ، لعلمه وتجارته وحسن مجالسته ، فجعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام من وثق به من قومه ، ممن يغشاه ويجلس إليه .
ذكر من أسلم من الصحابة بدعوة أبي بكر رضي الله عنه
إسلام عثمان ، و الزبير و عبدالرحمن و سعد و طلحة
قال فأسلم بدعائه - فيما بلغني - عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب .
والزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤي .
وعبدالرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي .
وسعد بن أبي وقاص ، واسم أبي وقاص : مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن مرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي .
وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي ، فجاء بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استجابوا له فأسلموا وصلوا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، فيما بلغني : ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت فيه عنده كبوة ، ونظر وتردد ، إلا ما كان من أبي بكر بن أبي قحافة ، ما عكم عنه حين ذكرته له ، وما تردد فيه .
مباداة رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه
أمر الله له صلى الله عليه وسلم بمباداة قومه
فاصدع بما تؤمر
عداوة قومه له صلى الله عليه و سلم ومساندة أبي طالب له
معاتبة وفد قريش أبا طالب في شأن الرسول الله صلى الله عليه و سلم
استمرار الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته
عرض قريش عمارة بن الوليد المخزومي على أبي طالب
إظهار قريش عداوتها للمسلمين
الوليد بن المغيرة و كيده للرسول
تفرق النفر في قريش يشوهون رسالة الرسول صلى الله عليه و سلم
شعر أبي طالب في معاداة خصومه
استسقاء الرسول عليه الصلاة والسلام لأهل المدينة
انتشار ذكر الرسول في القبائل خارج مكة
نسب أبي قيس بن الأسلت
شعر ابن الأسلت في الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم
ذكر ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه
سفهاء قريش ورميه صلى الله عليه و سلم بالسحر و الجنون
أشد ما أوذي به الرسول صلى الله عليه وسلم
بعض ما نال أبا بكر في سبيل الرسول صلى الله عليه و سلم
أشد ما أوذي به رسول الله صلى الله عليه و سلم
إسلام حمزة رضي الله عنه
سبب إسلامه
قال ابن إسحاق : حدثني رجل من أسلم ، كان واعية : أن أبا جهل مر برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا ، فآذاه وشتمه ، ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه ، والتضعيف لأمره ؛ فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومولاة لعبدالله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة في مسكن لها تسمع ذلك ، ثم انصرف عنه فعمد إلى ناد من قريش عند الكعبة ، فجلس معهم .
فلم يلبث حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه أن أقبل متوشحا قوسه ، راجعا من قنص له ، و كان صاحب قنص يرميه ويخرج له ، وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة ، وكان إذا فعل ذلك لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم ، وكان أعز فتى في قريش ، وأشد شكيمة .
فلما مر بالمولاة ، وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته ، قالت له : يا أبا عُمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام : وجده هاهنا جالسا فآذاه وسبه ، وبلغ منه ما يكره ، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد صلى الله عليه وسلم .
إيقاع حمزة بأبي جهل و إسلامه
فاحتمل حمزةَ الغضبُ لما أراد الله به من كرامته ، فخرج يسعى ولم يقف على أحد ، مُعِدّا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به ؛ فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم ، فأقبل نحوه ، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه شجة منكرة ، ثم قال : أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول ؟ فرد ذلك علي إن استطعت . فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل ؛ فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة ، فإني والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا ، وتم حمزة رضي الله عنه على إسلامه ، وعلى ما تابع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله . فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع ، وأن حمزة سيمنعه ، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه .
ما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش
مفاوضة عتبة بن ربيعة الرسول صلى الله عليه وسلم
استمرارقريش في تعذيب المسلمين
مفاوضة زعماء قريش الرسول صلى الله عليه وسلم
حديث عبدالله بن أبي أمية مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
أبو جهل يتوعد الرسول صلى الله عليه وسلم
النضر بن الحارث ينصح قريشا بالتدبر فيما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم
أذى النضر بن الحارث للرسول صلى الله عليه وسلم
قريش تسأل أحبار اليهود في شأنه عليه الصلاة والسلام
حوار بين قريش والرسول
الرد على قريش فيما سألوه
ما أنزله الله في قصة أهل الكهف
استكبار قريش عن الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم
تهكم أبي جهل بالرسول صلى الله عليه و سلم و تنفير الناس عنه
الجهر بالقرآن
عبدالله بن مسعود و ما ناله من قريش في سبيل جهره بالقرآن
قصة استماع قريش إلى قراءة النبي صلى الله عليه وسلم
عدوان المشركين على المستضعفين ممن أسلم بالأذى والفتنة
قسوة قريش على من أسلم
ما لقيه بلال بعد إسلامه
من أعتقهم أبو بكر مع بلال
أبو قحافة يلوم أبا بكر لعتقه من أعتق
تعذيب قريش لآل ياسر
ما كان يعذب به أبو جهل من أسلم
فتنة المسلمين
قريش تطلب من هشام تسليم أخوه الوليد ليقتلوه على إسلامه
ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة
إشارة رسول الله صلى الله عليه و سلم على أصحابه بالهجرة
أوائل المهاجرين إلى الحبشة
شعر عبدالله بن الحارث في الهجرة إلى الحبشة
شعر عثمان بن مظعون في الهجرة إلى الحبشة
من أرسلتهما قريش في طلب المهاجرين
شعر أبي طالب للنجاشي يحضه على الدفع عن المهاجرين
حديث أم سلمة عن الرسولين اللذين أرسلتهما قريش للنجاشي
الحوار الذي دار بين المهاجرين والنجاشي
رأي المهاجرين في عيسى عليه السلام أمام النجاشي
فرحة المهاجرين بانتصار النجاشي
قصة تملك النجاشي على الحبشة
الحبشة تبيع النجاشي
تولية النجاشي الملك برضا الحبشة
حديث التاجر الذي ابتاع النجاشي
إسلام النجاشي والصلاة عليه وخروج الحبشة عليه
إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه
اعتزاز المسلمين بإسلام عمر
قال ابن إسحاق : ولما قدم عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي ربيعة على قريش ، ولم يدركوا ما طلبوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وردَّهما النجاشي بما يكرهون ، وأسلم عمر بن الخطاب ، وكان رجلا ذا شكيمة لا يرام ما وراء ظهره ، امتنع به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحمزة حتى عازُّوا قريشا ، وكان عبدالله بن مسعود يقول : ما كنا نقدر على أن نصلي عند الكعبة ، حتى أسلم عمر بن الخطاب ، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة ، وصلينا معه ،وكان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة .
قال البكائي ، قال : حدثني مسعر بن كدام ، عن سعد بن إبراهيم ، قال : قال عبدالله بن مسعود : إن إسلام عمر كان فتحا ، وإن هجرته كانت نصرا ، وإن إمارته كانت رحمة ، ولقد كنا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر ، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة ، وصلينا معه .
حديث أم عبدالله بنت أبي حثمة عن إسلام عمر
قال ابن إسحاق : حدثني عبدالرحمن بن الحارث بن عبدالله بن عياش بن أبي ربيعة ، عن عبدالعزيز بن عبدالله بن عامر بن ربيعة ، عن أمه أم عبدالله بنت أبي حثمة ، قالت :
و الله إنا لنترحَّل إلى أرض الحبشة ، وقد ذهب عامر في بعض حاجاتنا ، إذ أقبل عمر بن الخطاب حتى وقف علي وهو على شركه - قالت : وكنا نلقى منه البلاء أذى لنا وشدة علينا - قالت : فقال : إنه للانطلاق يا أم عبدالله .
قالت : فقلت : نعم والله ، لنخرجن في أرض الله ، آذيتمونا وقهرتمونا ، حتى يجعل الله مخرجا . قالت : فقال : صحبكم الله ، ورأيت له رقة لم أكن أراها ، ثم انصرف وقد أحزنه - فيما أرى - خروجنا .
قالت : فجاء عامر بحاجته تلك ، فقلت له : يا أبا عبدالله ، لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه علينا . قال : أطمعتِ في إسلامه ؟ قالت : قلت : نعم ؛ قال : فلا يسلم الذي رأيتِ حتى يسلم حمار الخطاب ؛ قالت : يأسا منه ، لما كان يُرى من غلظته وقسوته عن الإسلام .
سبب إسلام عمر
قال ابن إسحاق : وكان إسلام عمر فيما بلغني أن أخته فاطمة بنت الخطاب ، وكانت عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، وكانت قد أسلمت وأسلم بعلها سعيد بن زيد ، وهما مستخفيان بإسلامهما من عمر ، وكان نُعيم بن عبدالله النحَّام من مكة ، رجل من قومه ، من بني عدي ابن كعب قد أسلم ، وكان أيضا يستخفي بإسلامه فرقا من قومه ، وكان خباب بن الأرت يختلف إلى فاطمة بنت الخطاب يُقرئها القرآن ، فخرج عمر يوما متوشحا سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهطا من أصحابه قد ذُكروا له أنهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا ، وهم قريب من أربعين ما بين رجال ونساء ، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه حمزة بن عبدالمطلب ، وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق ، وعلي بن أبي طالب ، في رجال من المسلمين رضي الله عنهم ، ممن كان أقام من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، ولم يخرج فيمن خرج إلى أرض الحبشة .
فلقيه نعيم بن عبدالله ، فقال له : أين تريد يا عمر ؟ فقال : أريد محمدا هذا الصابئ ، الذي فرَّق أمر قريش ، وسفه أحلامها ، وعاب دينها ، وسب آلهتها ، فأقتله ؛ فقال له نعيم : والله لقد غرتك نفسك من نفسك يا عمر ، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدا ! أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم ؟ قال : وأي أهل بيتي ؟ قال : خَتَنُكَ وابن عمك سعيد بن زيد بن عمرو ، وأختك فاطمة بنت الخطاب ، فقد والله أسلما ، وتابعا محمدا على دينه ، فعليك بهما .
قال : فرجع عمر عامدا إلى أخته وختنه ، وعندهما خباب بن الأرت معه صحيفة ، فيها : ( طه ) يقرئهما إياها ، فلما سمعوا حس عمر ، تغيب خباب في مخدع لهم ، أو في بعض البيت ، وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها ، وقد سمع عمر حين دنا إلى البيت قراءة خباب عليهما ، فلما دخل قال : ما هذه الهَيْنَمة التي سمعت ؟ قالا له : ما سمعت شيئا ؛ قال : بلى والله ، لقد أُخبرت أنكما تابعتما محمدا على دينه ، وبطش بختنه سعيد بن زيد ؛ فقامت إليه أخته فاطمة بنت الخطاب لتكفه عن زوجها ، فضربها فشجها ؛ فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه : نعم لقد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله ، فاصنع ما بدا لك .
فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع ، فارعوى ، وقال لأخته : أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرءون آنفا أنظر ما هذا الذي جاء به محمد ، وكان عمر كاتبا ؛ فلما قال ذلك ، قالت له أخته : إنا نخشاك عليها ؛ قال : لا تخافي ، وحلف لها بآلهته ليردنها إذا قرأها إليها ؛ فلما قال ذلك ، طمعت في إسلامه ، فقالت له : يا أخي ، إنك نجس ، على شركك ، وإنه لا يمسها إلا الطاهر ، فقام عمر فاغتسل ، فأعطته الصحيفة ، وفيها : ( طه ) . فقرأها ؛ فلما قرأ منها صدرا ، قال : ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ! فلما سمع ذلك خباب خرج عليه ، فقال له : يا عمر ، والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه ، فإني سمعته أمس وهو يقول : اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام ، أو بعمر بن الخطاب ، فالله الله يا عمر . فقال له عند ذلك عمر : فدلني يا خباب على محمد حتى آتيه فأُسلم ؛ فقال له خباب : هو في بيت عند الصفا ، معه فيه نفر من أصحابه ، فأخذ عمر سيفه فتوشحه ، ثم عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فضرب عليهم الباب ؛ فلما سمعوا صوته ، قام رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنظر من خَلل الباب فرآه متوشحا السيف ، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فزع ، فقال : يا رسول الله ، هذا عمر بن الخطاب متوشحا السيف ؛ فقال حمزة بن عبدالمطلب : فأذنْ له ، فإن كان جاء يريد خيرا بذلناه له ، وإن كان جاء يريد شرا قتلناه بسيفه ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ائذن له ، فأذن له الرجل ، ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في الحجرة ، فأخذ حُجْزته ، أو بمجمع ردائه ، ثم جَبَذه به جبذة شديدة ، وقال : ما جاء بك يا ابن الخطاب ؟ فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينـزل الله بك قارعة ، فقال عمر : يا رسول الله ، جئتك لأومن بالله وبرسوله ، وبما جاء من عند الله ؛ قال : فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر قد أسلم .
فتفرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكانهم ، وقد عزوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة ، وعرفوا أنهما سيمنعان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وينتصفون بهما من عدوهم . فهذا حديث الرواة من أهل المدينة عن إسلام عمر بن الخطاب حين أسلم .
ما رواه عطاء ومجاهد عن إسلام عمر
قال ابن إسحاق : وحدثني عبدالله بن أبي نجيح المكي ، عن أصحابه : عطاء ، ومجاهد ، أو عمن روى ذلك : أن إسلام عمر فيما تحدثوا به عنه ، أنه كان يقول : كنت للإسلام مباعدا ، وكنت صاحب خمر في الجاهلية ، أحبها وأسر بها ، وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش بالحَزْوَرة ، عند دور آل عمر بن عبد بن عمران المخزومي ، قال : فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك في مجلسهم ذلك ، قال : فجئتهم فلم أجد فيه منهم أحدا . قال : فقلت : لو أني جئت فلانا الخمَّار ، وكان بمكة يبيع الخمر ، لعلي أجد عنده خمرا فأشرب منها .
قال : فخرجت فجئته فلم أجده . قال : فقلت : فلو أني جئت الكعبة فطفت بها سبعا أو سبعين . قال : فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي ، وكان إذا صلى استقبل الشام ، وجعل الكعبة بينه وبين الشام ، وكان مصلاه بين الركنين : الركن الأسود ، والركن اليماني . قال : فقلت حين رأيته ، والله لو أني استمعت لمحمد الليلة حتى أسمع ما يقول ! قال : فقلت : لئن دنوت منه أستمع منه لأروِّعنه ؛ فجئت من قبل الحجر ، فدخلت تحت ثيابها ، فجعلت أمشي رويدا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي يقرأ القرآن ، حتى قمت في قبلته مستقبله ، ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة .
قال : فلما سمعت القرآن رق له قلبي ، فبكيت ودخلني الإسلام ، فلم أزل قائما في مكاني ذلك ، حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته ، ثم انصرف ، وكان إذا انصرف خرج على دار ابن أبي حسين ، وكانت طريقه ، حتى يجزع المسعى ، ثم يسلك بين دار عباس بن عبدالمطلب ، وبين دار ابن أزهر بن عبد عوف الزهري ، ثم على دار الأخنس بن شريق ، حتى يدخل بيته . وكان مسكنه صلى الله عليه وسلم في الدار الرقطاء ، التي كانت بيدي معاوية بن أبي سفيان .
قال عمر رضي الله عنه : فتبعته حتى إذا دخل بين دار عباس ، ودار ابن أزهر ، أدركته ؛ فلما سمع رسول اله صلى الله عليه وسلم حسي عرفني ، فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أني إنما تبعته لأوذيه فنهمني ، ثم قال : ما جاء بك يا ابن الخطاب هذه الساعة ؟ قال : قلت : جئت لأومن بالله وبرسوله ، وبما جاء من عند الله ؛ قال : فحمد اللهَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : قد هداك الله يا عمر ، ثم مسح صدري ، ودعا لي بالثبات ، ثم انصرفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته .
قال ابن إسحاق : والله أعلم أي ذلك كان .
ذكر ثبات عمر في إسلامه و جلده
قال ابن إسحاق : وحدثني نافع مولى عبدالله بن عمر ، عن ابن عمر ، قال : لما أسلم أبي عمر قال : أي قريش أنقل للحديث ؟ فقيل له : جميل بن معمر الجمحي . قال : فغدا عليه . قال عبدالله بن عمر : فغدوت أتبع أثره ، وأنظر ما يفعل ، وأنا غلام أعقل كل ما رأيت ، حتى جاءه ، فقال له : أعلمت يا جميل أني قد أسلمت ، ودخلت في دين محمد ؟ قال : فوالله ما راجعه حتى قام يجر رداءه واتبعه عمر ، واتبعت أبي ، حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش ، وهم في أنديتهم حول الكعبة ، ألا إن عمر بن الخطاب قد صبا .
قال : و يقول عمر من خلفه : كذب ، ولكني قد أسلمت ، وشهدت أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله . وثاروا إليه ، فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رءوسهم . قال : وطَلِحَ ، فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول : افعلوا ما بدا لكم ، فأحلف بالله أن لو قد كنا ثلاثمائة رجل لقد تركناها لكم ، أو تركتموها لنا ؛ قال : فبينما هم على ذلك ، إذ أقبل شيخ من قريش ، عليه حلة حِبْـرَة ، وقميص موشى ، حتى وقف عليهم ، فقال : ما شأنكم ؟ قالوا : صبا عمر ؛ فقال : فمه ، رجل اختار لنفسه أمرا فماذا تريدون ؟ أترون بني عدي بن كعب يُسلمون لكم صاحبكم هكذا ! خلوا عن الرجل . قال : فوالله لكأنما كانوا ثوبا كُشط عنه . قال : فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى المدينة : يا أبت ، من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت ، وهم يقاتلونك ؟ فقال : ذاك ، أي بُنيّ ، العاص بن وائل السهمي .
قال ابن هشام : وحدثني بعض أهل العلم ، أنه قال : يا أبت ، من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت ، وهم يقاتلونك ، جزاه الله خيرا . قال : يا بني ، ذلك العاص بن وائل ، لا جزاه الله خيرا .
قال ابن إسحاق : وحدثني عبدالرحمن بن الحارث عن بعض آل عمر ، أو بعض أهله ، قال : قال عمر : لما أسلمت تلك الليلة ، تذكرت أيّ أهل مكة أشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة حتى آتيه فأخبره أني قد أسلمت ؛ قال : قلت : أبو جهل - وكان عمر لحنتمة بنت هشام بن المغيرة - قال : فأقبلت حين أصبحت حتى ضربت عليه بابه . قال : فخرج إلي أبو جهل ، فقال : مرحبا وأهلا بابن أختي ، ما جاء بك ؟ قلت : جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد ، وصدقت بما جاء به ؛ قال : فضرب الباب في وجهي وقال : قبحك الله ، وقبح ما جئت به .
خبر الصحيفة
ائتمار قريش بالرسول
من انحاز إلى أبي طالب ومن خرج عنه
تهكم أبي لهب بالرسول صلى الله عليه و سلم
شعر أبي طالب في تظاهر قريش على رسول الله صلى الله عليه و سلم
أبو جهل يحكم الحصار على المسلمين
ذكر ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه من الأذى
ما نزل من القرآن في أبي لهب وامرأته حمالة الحطب
أم جميل امرأة أبي لهب و رد الله كيدها عن الرسول صلى الله عليه و سلم
إيذاء أمية بن خلف للرسول صلى الله عليه و سلم
إيذاء العاص الرسول صلى الله عليه وسلم وما نزل فيه من قرآن
إيذاء أبي جهل الرسول صلى الله عليه و سلم و ما نـزل فيه
إيذاء النضر الرسول صلى الله عليه و سلم و ما نـزل فيه
مقالة ابن الزبعرى وما أنـزل الله فيه
الأخنس بن شريق وما أنزل الله فيه
الوليد بن المغيرة وما أنزل الله فيه
أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط وما أنزل الله فيهما
أبو جهل وما أنزل الله فيه
ابن أم مكتوم ، والوليد ، و نزول سورة ( عبس )
ذكر من عاد من أرض الحبشة لما بلغهم إسلام أهل مكة
سبب رجوع مهاجرة الحبشة
من دخل مكة بجوار من مهاجري الحبشة
قصة عثمان بن مظعون في رد جوار الوليد
قصة أبي سلمة رضي الله عنه في جوار أبي طالب
دخول أبي بكر في جوار ابن الدغنة ثم رد جواره عليه
الأحابيش
سبب خروج أبي بكر من جوار ابن الدغنة
حديث نقض الصحيفة
هشام بن عمرو يسعى في نقض الصحيفة
سعي هشام في ضم المطعم بن عدي له
سعي هشام في ضم أبي البختري إليه
سعي هشام في ضم زمعة له
ما حدث بين هشام و زملائه وبين أبي جهل حين اعتزموا تمزيق الصحيفة
شلت يد من كتب الصحيفة
شعر أبي طالب في مدح النفر الذين نقضوا الصحيفة
حسان يمدح هشام بن عمرو لقيامه في نقض الصحيفة
إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي
تحذير قريش للطفيل من استماع الرسول صلى الله عليه و سلم
استماعه لقول قريش ثم عدوله و سماعه من الرسول صلى الله عليه وسلم
إسلام الطفيل
آية للطفيل ليصدقه قومه
إسلام والد الطفيل
دعوته زوجه إلى الإسلام
إحراق صنم ذي الكفين
جهاده مع الرسول صلى الله عليه وسلم
قصة أعشى بني قيس بن ثعلبة
قدومه على الرسول ومدحه
نهاية الأعشى
أبو جهل يَذِلُّ للرسول صلى الله عليه و سلم
أبو جهل وأمر الإراشي الذي باعه الإبل
الرسول ينصف الإراشي من أبي جهل
ما خافه أبو جهل من رسول الله صلى الله عليه وسلم
من معجزاته صلى الله عليه وسلم
قدوم وفد النصارى الذين أسلموا من الحبشة
أبو جهل يحاول ردهم عن الإسلام
مواطنهم و ما نزل فيهم من القرآن
تهكم المشركين بالمستضعفين
ادعاء المشركين على النبي أنه يعلمه بشر
سبب نزول سورة الكوثر
ذكر الإسراء والمعراج
روايات بعض الصحابة عن الإسراء
وصفه صلى الله عليه وسلم لإبراهيم وموسى وعيسى
رواية أم هانئ عن الإسراء
قصة المعراج
فرض الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
المستهزئون بالرسول وكفاية الله أمرهم
طمع المشركين في الرسول صلى الله عليه و سلم بعد وفاة أبي طالب و خديجة
المشركون يطلبون عهدا بينهم وبين الرسول عند أبي طالب لما ثقل به المرض
رجاء الرسول إسلام أبي طالب
ما نزل فيمن طلبوا العهد على الرسول عند أبي طالب
سعي الرسول إلى الطائف يطلب النصرة
الثلاثة الذين نزل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطائف
شكواه صلى الله عليه وسلم إليه تعالى
قصته صلى الله عليه وسلم مع عداس النصراني
وفد جن نصيبين الذين استمعوا له و آمنوا به
عرض الرسول صلى الله عليه و سلم نفسه على العرب في مواسمهم
أبو لهب يفرق الناس من حوله صلى الله عليه وسلم
عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على كندة
عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على بني كلب
عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على بني حنيفة
عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على بني عامر
عرضه الرسول نفسه على العرب في المواسم
عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على سويد بن صامت
إسلام إياس بن معاذ وقصة أبي الحيسر
بدء إسلام الأنصار
اجتماعه صلى الله عليه وسلم بوفد من الخزرج عند العقبة
قال ابن إسحاق : فلما أراد الله عز وجل إظهار دينه ، وإعزاز نبيه صلى الله عليه وسلم ، وإنجاز موعده له ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي لقيه فيه النفر من الأنصار ، فعرض نفسه على قبائل العرب ، كما كان يصنع في كل موسم . فبينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج أراد الله بهم خيرا .
قال ابن إسحاق : فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أشياخ من قومه ، قالوا : لما لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال لهم : من أنتم ؟ قالوا : نفر من الخزرج ، قال : أمن موالي يهود ؟ قالوا : نعم ؛ قال : أفلا تجلسون أكلمكم ؟ قالوا : بلى .
فجلسوا معه ، فدعاهم إلى الله عز وجل ، وعرض عليهم الإسلام ، وتلا عليهم القرآن . قال : وكان مما صنع الله لهم به في الإسلام ، أن يهود كانوا معهم في بلادهم ، وكانوا أهل كتاب وعلم ، وكانوا هم أهل شرك وأصحاب أوثان ، وكانوا قد غزوهم ببلادهم ، فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم : إن نبيا مبعوث الآن ، قد أظل زمانه ، نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم .
فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ، ودعاهم إلى الله ، قال بعضهم لبعض : يا قوم ، تعلموا والله إنه للنبي توعدكم به يهود ، فلا تسبقنكم إليه . فأجابوه فيما دعاهم إليه ، بأن صدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام ، وقالوا : إنا قد تركنا قومنا ، ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم ، فعسى أن يجمعهم الله بك ، فسنقدم عليهم ، فندعوهم إلى أمرك ، وتعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين ، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك .
ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى بلادهم ، وقد آمنوا وصدقوا .
أسماء من التقوا به صلى الله عليه وسلم من الخزرج عند العقبة
قال ابن إسحاق : وهم - فيما ذكر لي - : ستة نفر من الخزرج ، منهم من بني النجار - وهو تيم الله - ثم من بني مالك بن النجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن عمرو بن عامر : أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار ، وهو أبو أمامة ؛ وعوف بن الحارث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار ، وهو ابن عفراء .
قال ابن هشام : وعفراء بنت عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار .
قال ابن إسحاق : ومن بني زريق بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج : رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق .
قال ابن هشام : ويقال : عامر بن الأزرق .
قال ابن إسحاق : ومن بني سَلِمة بن سعد بن علي بن ساردة بن تزيد ابن جشم بن الخزرج ، ثم من بني سواد بن غنم بن كعب بن سلمة : قطبة بن عامر بن حديدة بن عمرو بن غنم بن سواد .
قال ابن هشام : عمرو بن سواد ، وليس لسواد ابن يقال له : غنم .
قال ابن إسحاق : ومن بني حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة : عقبة بن عامر بن نابي بن زيد بن حرام .
ومن بني عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة : جابر بن عبدالله ابن رئاب بن النعمان بن سنان بن عبيد .
فلما قدموا المدينة إلى قومهم ذكروا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم ، فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
بيعة العقبة الأولى
رجال البيعة الأولى : رجال من بني النجار
نص البيعة
إرسال الرسول مصعب بن عمير مع وفد العقبة
أول جمعة أقيمت بالمدينة
أمر العقبة الثانية
مصعب بن عمير و العقبة الثانية
البراء بن معرور يصلي إلى الكعبة
إسلام عبدالله بن عمرو بن حرام
امرأتان في البيعة
العباس يستوثق من الأنصار
عهد الرسول عليه الصلاة والسلام على الأنصار
أسماء النقباء الاثني عشر و تمام خبر العقبة
ما قاله العباس بن عبادة للخزرج قبل المبايعة
الشيطان يصرخ بعد بيعة العقبة الثانية
الأنصار تستعجل الإذن بالحرب
قريش تجادل الأنصار في شأن البيعة
قريش تأسر سعد بن عبادة
أول ما قيل في الهجرة من الشعر
قصة صنم عمرو بن الجموح
شروط البيعة في العقبة الأخيرة
أسماء من شهد العقبة الأخيرة
نزول الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال
بسم الله الرحمن الرحيم
قال : حدثنا أبو محمد عبدالملك بن هشام ، قال : حدثنا زياد بن عبدالله البكائي ، عن محمد بن إسحاق المطلبي : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بيعة العقبة لم يؤذن له في الحرب ولم تحلل له الدماء ، إنما يؤمر بالدعاء إلى الله والصبر على الأذى ، والصفح عن الجاهل ، وكانت قريش قد اضطهدت من اتبعه من المهاجرين حتى فتنوهم عن دينهم ونفوهم من بلادهم ، فهم من بين مفتون في دينه ، ومن بين معذب في أيديهم ، ومن بين هارب في البلاد فرارا منهم ، منهم من بأرض الحبشة ، ومنهم من بالمدينة ، وفي كل وجه ؛ فلما عتت قريش على الله عز وجل ، وردوا عليه ما أرادهم به من الكرامة ، وكذبوا نبيه صلى الله عليه وسلم ، وعذبوا ونفوا من عبده ووحَّده وصدق نبيه ، واعتصم بدينه ، أذن الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في القتال والانتصار ممن ظلمهم وبغى عليهم .
فكانت أول آية أنزلت في إذنه له في الحرب ، وإحلاله له الدماء والقتال ، لمن بغى عليهم ، فيما بلغني عن عروة بن الزبير وغيره من العلماء ، قول الله تبارك وتعالى : ( أذن للذين يُقاتَلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير . الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهُدِّمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يُذكر فيها اسم الله كثيرا ، ولينصرن اللهُ من ينصره ، إن الله لقوي عزيز . الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، ولله عاقبة الأمور ) . أي : أني إنما أحللت لهم القتال لأنهم ظُلموا ، ولم يكن لهم ذنب فيما بينهم وبين الناس ، إلا أن يعبدوا الله ، وأنهم إذا ظهروا أقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وأمروا بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجميعن ، ثم أنزل الله تبارك وتعالى عليه : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ) . أي : حتى لا يُفتن مؤمن عن دينه : ( ويكون الدين لله ) . أي : حتى يُعبدالله ، لا يعبد معه غيره .
الإذن بالهجرة إلى المدينة
ذكر المهاجرين إلى المدينة
منازل المهاجرين بالمدينة