عنوان الكتاب: أسنى المطالب في شرح روض الطالب
المؤلف: زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري - شهاب أحمد الرملي - محمد بن أحمد الشوبري
تحقيق: زهير الشاويش الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت- دمشق- عمان الطبعة: الثالثة، 1412هـ / 1991م
عدد الأجزاء: 12 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
موضوع: الفقه علي مذهب الشافعي
فهرس كِتَاب الطَّلَاقِ
الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيّ إثْبَاتًا وَنَفْيًا
[الطَّرَفَ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ]
(كِتَابُ الطَّلَاقِ)
(قَوْلُهُ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَمْلُوكٌ لِلزَّوْجِ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْأَجْنَبِيِّ بِغَيْرِ نِيَابَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْ قَوْلِيَّةٍ لَا بِالتَّنْجِيزِ وَلَا بِالتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ) قَالَ شَيْخُنَا قَدْ قَسَّمَ الْأَصْحَابُ الطَّلَاقَ إلَى وَاجِبٍ كَطَلَاقِ الْمَوْلَى وَطَلَاقِ الْحَكَمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ إذَا رَأَيَاهُ وَإِلَى مُسْتَحَبٍّ كَمَا إذَا كَانَ يُقَصِّرُ فِي حَقِّهَا لِبُغْضٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ عَفِيفَةٍ أَوْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ وَإِلَى مَحْظُورٍ كَطَلَاقِ الْبِدْعَةِ وَإِلَى مَكْرُوهٍ وَهُوَ عِنْدَ اسْتِقَامَةِ الْحَالِ قَالُوا وَلَيْسَ فِيهِ مُبَاحٌ وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى جَوَازِهِ إذَا كَانَ لَا شَهْوَةَ لَهُ وَلَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِمُؤْنَتِهَا مِنْ غَيْرِ حُصُولٍ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ طَلَاقُهَا (قَوْلُهُ فَالسُّنِّيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا) وَلَوْ بِوَطْءٍ فِي دُبُرِهَا وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُهَا مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ (قَوْلُهُ لَيْسَتْ بِحَامِلٍ إلَخْ) وَلَا حَالَةٍ يَسْتَعْقِبُ الطَّلَاقَ الشُّرُوعُ فِي الْعِدَّةِ إلَّا أَنْ يُجَامِعَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ أَوْ فِي الْحَيْضِ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَمْ يَبِنْ الْحَمْلُ
(3/263)
أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» (وَالْبِدْعِيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا بِلَا عِوَضٍ مِنْهَا فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ قَوْله تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وَزَمَنُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ (أَوْ) فِي (طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ فِيهِ وَلَوْ) كَانَ الْجِمَاعُ أَوْ الِاسْتِدْخَالُ (فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ) (إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ حَمْلُهَا) وَكَانَتْ مِمَّنْ قَدْ تَحْبَلُ لِأَدَائِهِ إلَى النَّدَمِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُطَلِّقُ الْحَائِلَ دُونَ الْحَامِلِ وَعِنْدَ النَّدَمِ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ فَيَتَضَرَّرُ هُوَ وَالْوَلَدُ وَلِأَنَّ عِدَّتَهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا تَكُونُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَلَوْ كَانَتْ حَائِلًا تَكُونُ بِالْأَقْرَاءِ وَرُبَّمَا يَلْتَبِسُ الْأَمْرُ وَتَبْقَى مُرْتَابَةً فَلَا يَتَهَيَّأُ لَهَا التَّزَوُّجُ.
وَأَلْحَقُوا الْجِمَاعَ فِي الْحَيْضِ بِالْجِمَاعِ فِي الطُّهْرِ لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِيهِ وَكَوْنِ بَقِيَّتِهِ مِمَّا دَفَعَتْهُ الطَّبِيعَةُ أَوَّلًا وَتَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ وَأَلْحَقُوا الْجِمَاعَ فِي الدُّبُرِ بِالْجِمَاعِ فِي الْقُبُلِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ بِهِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلَوْ فِي حَيْضٍ أَنَّ مَا قَبْلَهُ شَامِلٌ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ قَالَ أَوْ حِيضَ قَبْلَهُ كَانَ أَوْلَى وَكَأَنَّهُ غَلَّبَ قَوْلَهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ عَلَى ذَلِكَ (وَكَذَا) طَلَاقُ (مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ دَوْرَهَا مِنْ الْقَسْمِ) فَإِنَّهُ يُدْعَى كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا طَلَّقَهَا بِغَيْرِ سُؤَالِهَا وَإِلَّا فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبِدْعِيٍّ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى رَأْيٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا بِسُؤَالِهَا مُسْقِطَةٌ لَحَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ فَيَجُوزُ هُنَا قَطْعًا
(أَمَّا الصَّغِيرَةُ وَالْحَامِلُ) مِنْ الْمُطَلِّقِ (وَلَوْ حَاضَتْ وَغَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ وَالْآيِسَةُ وَالْمُخْتَلِعَةُ فَلَا بِدْعَةَ لَهُنَّ وَلَا سُنَّةَ) لِانْتِقَاءِ مَا ذُكِرَ فِيهِمَا وَلِأَنَّ افْتِدَاءَ الْمُخْتَلِعَةِ يَقْتَضِي حَاجَتَهَا إلَى الْخَلَاصِ بِالْفِرَاقِ وَرِضَاهَا بِطُولِ التَّرَبُّصِ وَأَخْذَهُ الْعِوَضَ يُؤَكِّدُ دَاعِيَةَ الْفِرَاقِ وَيُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ وَالْحَامِلُ وَإِنْ تَضَرَّرَتْ بِالطُّولِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَقَدْ اسْتَعْقَبَ الطَّلَاقَ شُرُوعُهَا فِي الْعِدَّةِ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَدْ تُضْبَطُ الْأَقْسَامُ عَلَى الْإِبْهَامِ بِأَنْ يُقَالَ الطَّلَاقُ إنْ حَرُمَ إيقَاعُهُ فَبِدْعِيٌّ وَإِلَّا فَسُنِّيٌّ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَوِرُهَا التَّحْرِيمُ وَلَيْسَ بِسُنِّيٍّ وَلَا بِدْعِيٍّ فِي غَيْرِهَا
(وَقَدْ يَجِبُ الطَّلَاقُ فِي الْإِيلَاءِ) عَلَى الْمُوَلَّى (وَ) فِي (الشِّقَاقِ) عَلَى الْحَكَمَيْنِ (إذَا أَمَرَ) الْمُطَلِّقُ (بِهِ فَلَا بِدْعَةَ فِيهِ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ مَعَ رِضَا الزَّوْجَةِ بِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الْأَوْلَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِتَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ أَحْوَجُهَا بِالْإِيذَاءِ إلَى الطَّلَبِ وَهُوَ غَيْرُ مَلْجَأٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ فِيهَا الْوُجُوبُ الْمُخَيَّرُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا إمَّا الطَّلَاقُ أَوْ الْفَيْئَةُ أَوْ الْوُجُوبُ الْعَيْنِيُّ بِحَمْلِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ.
(وَيُسْتَحَبُّ الطَّلَاقُ لِخَوْفِ تَقْصِيرِهِ) فِي حَقِّهَا لِبُغْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ لِعَدَمِ عِفَّتِهَا) بِأَنْ لَا تَكُونَ عَفِيفَةً وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ طَلَاقَ الْوَلَدِ إذَا أَمَرَهُ بِهِ وَالِدُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا أَمَرَهُ بِهِ لَا لِتَعَنُّتٍ وَنَحْوِهِ (وَيُكْرَهُ عِنْدَ سَلَامَةِ الْحَالِ) لِخَبَرِ «لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْحَلَالِ أَبْغَضَ إلَى اللَّهِ مِنْ الطَّلَاقِ» .
(وَلَوْ سَأَلَتْهُ) الطَّلَاقَ (بِلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا) الْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِهَا فِي الْحَدِيثِ أَمْرُ نَدْبٍ وَالْقَرِينَةُ عَلَى كَوْنِهِ أَمْرًا لَامُ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ فَلْيُرَاجِعْهَا لِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَ لَفْظَ مُرْهُ وَالْفَاءَ وَقِيلَ لِيُرَاجِعْهَا لَكَانَ أَمْرًا لِلْغَائِبِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرْهُ مُرَادٌ بِهِ الْأَمْرُ مِنْ قِبَلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالُوا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَلِكِ لِوَزِيرِهِ قُلْ لِفُلَانٍ يَفْعَلْ كَذَا أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ الْمَلِكِ وَالْقَرِينَةُ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ مُبْلِغٌ لِأَمْرِ الْمَلِكِ وَمِثْلُهُ يَأْتِي هَا هُنَا.
(قَوْلُهُ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) إذَا لَمْ يَسْتَعْقِبْ الطَّلَاقَ الْعِدَّةُ أَوْ كَانَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ فِي الْحَيْضِ قَبْلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِمِ بِحَالِهَا وَبِتَحْرِيمِ طَلَاقِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا. اهـ. وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ نَحْوَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْبِدْعِيِّ وَقَوْلُهُ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ) بِنَاءً عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ اسْتِئْنَافُهَا الْعِدَّةَ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ) وَلَا يَمْنَعُ تَحْرِيمُهُ وُقُوعَهُ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ مَبْنِيٍّ عَلَى التَّغْلِيبِ فَلَا يَمْنَعُهُ تَضَرُّرُ الْمَمْلُوكِ كَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ) أَيْ الْمُحْتَرَمَ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى رَأْيٍ) أَيْ مَرْجُوحٍ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ هُنَا قَطْعًا) أَيْ إنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ الْمَارِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ هُنَا الْجَزْمُ بِالْجَوَازِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً وَقَالَ لَهَا سَيِّدُهَا إنْ طَلَّقَك الزَّوْجُ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرَّةٌ فَسَأَلَتْهُ ذَلِكَ لِأَجَلٍ الْعِتْقِ بَلْ يَتَّجِهُ هَذَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ حَائِضًا.
وَالصُّورَةُ مَا ذَكَرْنَاهُ فَسَأَلَتْهُ لِلْخَلَاصِ مِنْ الرِّقِّ إذْ دَوَامُهُ أَضُرُّ بِهَا مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَقَدْ لَا يَسْمَحُ بِهِ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَمُوتُ فَيَدُومُ أَسْرُهَا بِالرِّقِّ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ فِي الْحَيْضِ لَمْ يَكُنْ بِدْعِيًّا وَإِنْ طَالَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قَصَدَ خَلَاصَهَا مِنْ أَصْلِ الرِّقِّ وَأَنْعَمَ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ
(قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ وَالْآيِسَةُ) أَيْ وَالْمُتَحَيِّرَةُ
(قَوْلُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمُرَادُهُ يَعْنِي الرَّافِعِيَّ الْفَيْئَةُ بِاللِّسَانِ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ فِي الْحَيْضِ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ فَالْحُكْمُ مِنْ حَيْثُ هَؤُلَاءِ يَتَقَيَّدُ بِفَيْئَةِ اللِّسَانِ بَلْ لَا تَكْفِي فِيمَا إذَا طَلَبَتْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ.
(قَوْلُهُ بِحَمْلِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ الطَّلَاقَ قَدْ يَتَعَيَّنُ كَمَا لَوْ آلَى ثُمَّ غَابَ أَوْ آلَى وَهُوَ غَائِبٌ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَوَكَّلَتْ فِي الْمُطَالَبَةِ فَذَهَبَ وَكِيلُهَا إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الزَّوْجُ وَطَالَبَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُ بِالْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ فِي الْحَالِ وَبِالسَّيْرِ إلَيْهَا أَوْ بِحَمْلِهَا إلَيْهِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَسِيرُ إلَيْهَا لَمْ يُمَكَّنْ بَلْ يُجْبَرْ عَلَى الطَّلَاقِ عَيْنًا. اهـ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَا تَكُونَ عَفِيفَةً) أَوْ تَارِكَةً لِلصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ وَاجِبِ الدِّينِ أَوْ كَانَتْ تُؤْذِي أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ كَانَتْ مُفْسِدَةً لِمَالِهِ أَوْ يَخَافُ مِنْ الْقَالَةِ لِبُرُوزِهَا وَتَبَرُّجِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فُجُورَهَا أَوْ بَانَ كَوْنُهَا عَقِيمًا
(3/264)
عِوَضٍ أَوْ اخْتَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ حَرُمَ) إذْ لَا تُعْلَمُ بِذَلِكَ حَاجَتُهَا إلَى الْخَلَاصِ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ خَلْعُهُ فِي الطُّهْرِ الْمَذْكُورِ جَائِزٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ أَخْذَهُ الْعِوَضَ يُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ وَلَيْسَ فِيهِ تَطْوِيلُ عِدَّةٍ عَلَيْهَا.
(فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا أَنْ يُرَاجِعَ) مُطَلَّقَتُهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ الطُّهْرُ الثَّانِي لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ بَقِيَّةُ صُوَرِ الْبِدْعِيِّ وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا الرَّجْعَةَ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَجِبُ قَالَ الْإِمَامُ وَمَعَ اسْتِحْبَابِ الرَّجْعَةِ لَا نَقُولُ إنَّ تَرْكَهَا مَكْرُوهٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهَا وَلِدَفْعِ الْإِيذَاءِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ صَرَّحَ فِيمَا قَالَهُ بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا وَالِاسْتِنَادُ إلَى الْخَبَرِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَا نَهْيَ فِيهِ (فَإِنْ رَاجَعَ وَالْبِدْعَةُ لِحَيْضٍ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِي الطُّهْرِ مِنْهُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلِئَلَّا يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْ الرَّجْعَةِ مُجَرَّدَ الطَّلَاقِ وَكَمَا يُنْهَى عَنْ النِّكَاحِ لِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ يُنْهَى عَنْ الرَّجْعَةِ وَلَا يُسْتَحَبُّ الْوَطْءُ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ اكْتِفَاءً بِإِمْكَانِ التَّمَتُّعِ (أَوْ) رَاجَعَ وَ (كَانَتْ الْبِدْعَةُ لِطُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ) أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَلَمْ يَبِنْ حَمْلُهَا (وَوَطِئَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ) فِيهِ (فَلَا بَأْسَ بِطَلَاقِهَا فِي الطُّهْرِ الثَّانِي وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا إلَّا بَعْدَ الطُّهْرِ أَوْ رَاجَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَطَأْهَا (اُسْتُحِبَّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِيهِ) أَيْ فِي الطُّهْرِ الثَّانِي لِئَلَّا تَكُونَ الرَّجْعَةُ لِلطَّلَاقِ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ طَلَّقَ غَيْرَ مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ دَوْرَهَا مِنْ الْقَسْمِ بِخِلَافِ مَنْ طَلَّقَ هَذِهِ لِلُزُومِ الرَّجْعَةِ لَهُ لِيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا.
(فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي آخِرِ حَيْضِك فَسُنِّيٌّ) لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي آخِرِ (طُهْرِك فَبِدْعِيٌّ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الطُّهْرُ الْمُحْتَوَشُ بَيْنَ دَمَيْنِ لَا لِانْتِقَالٍ مِنْهُ إلَى الْحَيْضِ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مُقَيَّدَانِ لِضَابِطَيْ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ.
(وَ) الطَّلَاقُ (الْمُعَلَّقُ بِصِفَةٍ صَادَفَتْ زَمَنَ الْبِدْعَةِ بِدْعِيٌّ) لَكِنْ (لَا إثْمَ فِيهِ) أَوْ زَمَنَ السَّنَةِ سُنِّيٌّ فَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِهِ بِدْعِيًّا أَوْ سُنِّيًّا بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ لَا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ إذْ لَا ضَرُورَةَ حِينَئِذٍ وَلَا نَدَمَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ أَثِمَ بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَيْضِ وَبِالْجُمْلَةِ (فَلْيُرَاجَعْ) اسْتِحْبَابًا (وَتَعْلِيقُهُ حَالَ الْحَيْضِ مُبَاحٌ) .
(فَرْعٌ) لَوْ (طَلَّقَهَا) وَلَوْ فِي الطُّهْرِ (حَامِلًا) بِحَمْلٍ (لِغَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ أَوْ مِنْ زِنًا سَابِقٍ) عَلَى الطَّلَاقِ (وَقَعَ بِدْعِيًّا لِتَأَخُّرِ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ) لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ وَانْقِضَاءِ النِّفَاسِ بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْهُ (وَذَكَرَ) الْأَصْلُ (فِي الْعَدَدِ فِي حَمْلِ الزِّنَا خِلَافَ هَذَا) لَيْسَ خِلَافَهُ بَلْ ذَاكَ فِيمَا إذَا حَاضَتْ وَهَذَا فِيمَا إذْ لَمْ تَحِضْ بِقَرِينَةِ تَعْلِيقِهِ السَّابِقِ وَإِذَا رَاجَعَ الْحَامِلَ الْمَذْكُورَةَ فَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا حَتَّى تَضَعَ ثُمَّ يَنْقَطِعَ نِفَاسُهَا ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ لِئَلَّا تَكُونَ الرَّجْعَةُ لِلطَّلَاقِ.
(وَلَا بِدْعَةَ) وَلَا سُنَّةَ (فِي فَسْخِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ ضَرَرٍ نَادِرٍ فَلَا يُنَاسِبُهُ تَكْلِيفُ رِعَايَةِ الْأَوْقَاتِ وَلِأَنَّهُ فَوْرِيٌّ غَالِبًا فَلَوْ كَانَ كَالطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ لَأُخِّرَ عَنْ زَمَنِ الْبِدْعَةِ إلَى زَمَنِ السُّنَّةِ فَيَتَنَافَى الْفَوْرِيَّةُ وَالتَّأْخِيرُ (وَ) لَا فِي (عِتْقِ مَوْطُوءَةٍ) لَهُ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ أَعْظَمُ (وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ ثَلَاثِ طَلْقَاتٍ) لِمَا فِي خَبَرِ اللِّعَانِ أَنَّ الْمُلَاعَنَ قَالَ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَوْ كَانَ بِدْعِيًّا لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ بِاللِّعَانِ وَذَلِكَ لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مِثْلِهِ وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ فَجَازَ مُجْتَمِعًا وَمُتَفَرِّقًا كَعِتْقِ الْعَبِيدِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعِتْقَ مَحْبُوبٌ وَالطَّلَاقُ مَبْغُوضٌ وَكَمَا لَا يَحْرُمُ جَمْعُهَا (لَا يُكْرَهُ وَ) لَكِنْ (يُسْتَحَبُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى طَلْقَةٍ فِي الْقُرْءِ) لِذَاتِ الْأَقْرَاءِ وَفِي الشَّهْرِ لِذَاتِ الْأَشْهُرِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّجْعَةِ أَوْ التَّجْدِيدِ إنْ نَدِمَ (وَإِلَّا فَفِي الْيَوْمِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُفَرِّقْ الطَّلْقَاتِ عَلَى الْأَيَّامِ (وَيُفَرِّقُهُنَّ عَلَى الْحَامِلِ طَلْقَةً فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ خُلْعُهُ فِي الطُّهْرِ الْمَذْكُورِ جَائِزٌ إلَخْ) بَلْ هُوَ حَرَامٌ قَطْعًا فَقَدْ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فِيهِ وَمَا لَمْ تَسْأَلْهُ بِخِلَافِ الْحَيْضِ لِأَنَّ الْبِدْعَةَ فِيهِ لِحَقِّهَا وَقَدْ رَضِيَتْ فَسَقَطَ وَهَاهُنَا الْبِدْعَةُ لِحَقِّ الْوَلَدِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِرِضَاهَا
[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا أَنْ يُرَاجِعَ مُطَلَّقَتُهُ]
(قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا أَنْ يُرَاجِعَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ طَلَّقَهَا لِمَا تَحَقَّقَهُ مِنْ فُجُورِهَا أَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ شَاعَ ذَلِكَ عَنْهَا أَوْ زَنَتْ بَعْدَ طَلَاقِهِ إيَّاهَا وَنَحْوِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُسْتَحَبَّ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا وَلَا تَبْعُدُ كَرَاهَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُرَاغَمَةِ الْغَيْرَةِ وَالْمُرُوءَةِ وَجَلْبِ الْوَقِيعَةِ فِيهِ وَلَا سِيَّمَا إذَا حَمَلَتْ مِنْ زِنًا وَظَهَرَ ذَلِكَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُسْتَحَبَّ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَلَا تَبْعُدُ كَرَاهَتُهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ طَلَّقَ غَيْرَ مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي آخِرِ حَيْضِك]
(قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي) أَيْ أَوْ عِنْدَ. (قَوْلُهُ فَسُنِّيٌّ لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ تَمَّ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي آخِرِ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ أَوْ طُهْرُك فَبِدْعِيٌّ) مِثْلُهُ مَا لَوْ تَمَّ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي آخِرِ الطُّهْرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ مُعْتَدَّةً قَبْلَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ.
(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ أَثِمَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِتَعْصِيبِهِ كَإِنْشَائِهِ الطَّلَاقَ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُخَالِفُهُ وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ يَقَعُ بِدْعِيًّا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ مِنْهُ وَهَذَا كَرَجُلٍ رَمَى إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ آدَمِيًّا فَقَتَلَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ الطَّلَاقُ فِي زَمَانِ الْحَيْضِ وَإِيجَادُ الصِّفَةِ لَيْسَ بِتَكْلِيفٍ نَعَمْ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ يَقْرُبُ إنْ نَظَرْنَا إلَى الْمَعْنَى وَلَوْ وُجِدَ التَّعْلِيقُ وَالصِّفَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالِاخْتِيَارِ فِي حَالِ الْحَيْضِ فَيَظْهَرُ التَّحْرِيمُ نُظِرَ إلَى اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى هَذَا إنْ كَانَ فِي حَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ وُجِدَ التَّعْلِيقُ فِي حَيْضَةٍ وَالصِّفَةُ فِي حَيْضَةٍ أُخْرَى فَفِيهِ احْتِمَالٌ إنْ نَظَرْنَا إلَى اللَّفْظِ لَا إلَى الْمَعْنَى وَقَوْلُهُ أَثِمَ بِإِيقَاعِهِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِوُقُوعِهِ فَإِنَّ الصِّفَةَ وُقُوعٌ لَا إيقَاعٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَثِمَ بِإِيقَاعِ التَّعْلِيقِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
[فَرْعٌ طَلَّقَهَا حَامِلًا بِشُبْهَةٍ أَوْ مِنْ زِنًا سَابِقٍ عَلَى الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ وَلَا فِي عِتْقِ مَوْطُوءَةٍ إلَخْ) لِأَنَّهُ إنْعَامٌ عَلَيْهَا وَهِيَ مُغْتَبِطَةٌ بِهِ وَهُوَ أَبَرُّ لَهَا مِنْ أَنْ يُؤَخِّرَ إعْتَاقَهَا إلَى أَنْ تَطْهُرَ فَرُبَّمَا يَنْدَمُ فَلَا يُعْتِقُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ وَقَدْ يَمُوتُ السَّيِّدُ قَبْلَ طُهْرِهَا فَيَسْتَمِرُّ رِقُّهَا.
(3/265)
الْحَالِ وَيُرَاجَعُ وَأُخْرَى بَعْدَ النِّفَاسِ وَالثَّالِثَةُ بَعْدَ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ) وَقِيلَ يُطَلِّقُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ طَلْقَةً وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي إضَافَتِهِ) أَيْ الطَّلَاقُ (إلَى السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ) بِشَرْطٍ وَبِدُونِهِ (فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ أَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ) مَثَلًا (فَأَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ فَأَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَكَانَتْ حَالَ الْإِضَافَةِ أَوْ الدُّخُولِ فِي حَالِ سُنَّةٍ أَوْ بِدْعَةٍ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَإِلَّا فَحِينَ تُوجَدُ الصِّفَةُ) تَطْلُقُ (فَإِنْ دَخَلَتْ الدَّارَ) فِي صُورَتَيْ التَّطْلِيقِ السَّابِقَتَيْنِ وَكَانَتْ (صَغِيرَةً لَمْ تَحِضْ) أَوْ نَحْوُهَا مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ كَحَامِلٍ (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) وَلَغَا الْوَصْفُ إذْ لَيْسَ فِي طَلَاقِهَا سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ حَاضَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ (فَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (فِي قَوْلِهِ) لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ (لِلسُّنَّةِ بِالطُّهْرِ مِنْ حَيْضٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِي أَحَدِهِمَا) مَعَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَامَعَهَا فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ لِعَدَمِ السُّنَّةِ (وَ) يَقَعُ الطَّلَاقُ (فِي قَوْلِهِ) لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ (لِلْبِدْعَةِ بِظُهُورِ دَمِ الْحَيْضِ أَوْ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي الطُّهْرِ) مَعَ الدُّخُولِ (وَعَلَيْهِ النَّزْعُ) عَقِبَ الْإِيلَاجِ (فَلَوْ اسْتَدَامَ) الْوَطْءَ (مِنْ غَيْرِ نَزْعٍ فَلَا حَدَّ) وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَعُلِمَ التَّحْرِيمُ لِأَنَّ أَوَّلَهُ مُبَاحٌ (وَلَا مَهْرَ) لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْوَطَآتِ وَلَوْ نَزَعَ وَعَادَ فَهُوَ ابْتِدَاءُ وَطْءٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ.
(فَرْعٌ اللَّامُ فِيمَا يُعْهَدُ انْتِظَارُهُ وَتَكَرُّرُهُ لِلتَّأْقِيتِ) كَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ وَهِيَ مِمَّنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا فِي حَالِ السُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ لِأَنَّهُمَا حَالَتَانِ مُنْتَظَرَتَانِ يَتَعَاقَبَانِ تَعَاقُبَ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي وَيَتَكَرَّرَانِ تَكَرُّرَ الْأَسَابِيعِ وَالشُّهُورِ فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ لِرَمَضَانَ مَعْنَاهُ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَأَنْتِ طَالِقٌ نَعَمْ لَوْ قَالَ أَرَدْت الْإِيقَاعَ فِي الْحَالِ قُبِلَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ مَعَ احْتِمَالِ اللَّفْظِ لِذَلِكَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَ) اللَّامُ (فِيمَا لَا يُعْهَدُ) انْتِظَارُهُ وَتَكَرُّرُهُ (لِلتَّعْلِيلِ كَطَلَّقْتُكِ لِرِضَا زَيْدٍ أَوْ لِقُدُومِهِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ) أَوْ لِلسُّنَّةِ (وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَوْ حَامِلٌ) أَوْ نَحْوُهَا (مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ) وَإِنْ لَمْ يَرْضَ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَقْدُمْ وَالْمَعْنَى فَعَلْت هَذَا لِيَرْضَى أَوْ يَقْدُمَ وَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ قَوْلِ السَّيِّدِ أَنْت حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى (فَلَوْ نَوَى) بِهَا (التَّعْلِيقَ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) وَيَدِينُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْت طَلَاقَهَا مِنْ الْوَثَاقِ (وَلَوْ قَالَ فِي الصَّغِيرَةِ وَنَحْوِهَا) أَنْتِ طَالِقٌ (لِوَقْتِ الْبِدْعَةِ) أَوْ لِوَقْتِ السُّنَّةِ (وَنَوَى التَّعْلِيقَ قُبِلَ) لِتَصْرِيحِهِ بِالْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ كَمَا مَرَّ نَقْلُ الْأَصْلُ ذَلِكَ عَنْ بَسِيطِ الْغَزَالِيِّ تَفَقُّهًا وَأَقَرَّهُ (وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ بِرِضَا زَيْدٍ أَوْ بِقُدُومِهِ تَعْلِيقٌ) كَقَوْلِهِ إنْ رَضِيَ أَوْ قَدِمَ (وَقَوْلُهُ) لِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ (لَا لِلسُّنَّةِ كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ وَعَكْسِهِ) أَيْ وَقَوْلُهُ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لَا لِلْبِدْعَةِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَقَوْلُهُ سُنَّةٌ لِطَلَاقٍ أَوْ طَلْقَةٌ سُنِّيَّةٌ كَقَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ وَقَوْلُهُ بِدْعَةُ الطَّلَاقِ أَوْ طَلْقَةٌ بِدْعِيَّةٌ كَقَوْلِهِ لِلْبِدْعَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَائِضٍ وَنَحْوِهَا) مِمَّنْ طَلَاقُهَا بِدْعِيٌّ (إنْ كُنْت فِي حَالِ سُنَّةٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا طَلَاقَ وَلَا تَعْلِيقَ) حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ إذَا صَارَتْ فِي حَالِ السُّنَّةِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ وَأَنْت طَاهِرٌ فَإِنْ قَدِمَ وَهِيَ طَاهِرٌ طَلُقَتْ لِلسُّنَّةِ وَإِلَّا فَلَا تَطْلُقُ لَا فِي الْحَالِ وَلَا إذَا طَهُرَتْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُ وَهِيَ طَاهِرٌ بِمَا إذَا لَمْ يُجَامِعْهَا فِي طُهْرِهَا قَبْلَ الْقُدُومِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدِمَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَا تَطْلُقُ إذَا طَهُرَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنَّ ذَاتَ الْأَقْرَاءِ لَا تَطْلُقُ إلَى آخِرِهِ فَلَمَّا قَدِمَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْآنَ بَلْ بَعْدُ فِي حَالِ السُّنَّةِ (أَوْ) قَالَ لِذَاتِ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ (أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا) أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا (وَقَالَ أَرَدْت) الْوُقُوعَ (فِي الْحَالِ لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَعْمَلُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ لَا فِيمَا يُخَالِفُهُ صَرِيحًا وَإِذَا تَنَافَيَا لَغَتْ النِّيَّةُ وَعُمِلَ بِاللَّفْظِ لِأَنَّهُ أَقْوَى (فَإِنْ قَالَ) لَهَا فِي حَالِ الْبِدْعَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي إضَافَة الطَّلَاقُ إلَى السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ بِشَرْطٍ وَبِدُونِهِ]
الطَّرَفُ الثَّانِي فِي إضَافَتِهِ لِلسُّنَّةِ) (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إلَخْ) قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ بِالسُّنَّةِ أَوْ فِي السُّنَّةِ كَقَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلطَّاعَةِ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ صَغِيرَةً لَمْ تَحِضْ أَوْ نَحْوَهَا إلَخْ) لَوْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً لَمْ يَقَعْ فِي زَمَانِ الشَّكِّ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ كَانَتْ مُتَحَيِّرَةً فَمَا الْحُكْمُ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقَدْ يَشْمَلُهُ كَلَامُ الدَّارِمِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي الطُّهْرِ) مِثْلُ إيلَاجِ الزَّوْجِ إيلَاجُ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ.
(قَوْلُهُ وَاللَّامُ فِيمَا لَا يُعْهَدُ لِلتَّعْلِيلِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ بِهَا (قَوْلُهُ لِرِضَا زَيْدٍ) أَوْ لِفُلَانٍ (قَوْلُهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَوْ حَامِلٌ) هَلْ الْمُتَحَيِّرَةُ فِي مَعْنَى الصَّغِيرَةِ وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لَمْ أَرَ لَهُمْ فِيهَا شَيْئًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ فِي مَعْنَى الصَّغِيرَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فَعَلْت هَذَا لِيَرْضَى إلَخْ) لِأَنَّ اللَّامَ وَضَعَهَا لِلتَّعْلِيلِ وَإِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي التَّوْقِيتِ إذَا اقْتَرَنَتْ بِذِكْرِ الْوَقْتِ أَوْ بِمَا مَرَّ وَيَجْرِي مَجْرَى الْوَقْتِ وَلَمْ يُوجَدُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَحُمِلَ عَلَى التَّعْلِيلِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ مَنْ يَعْرِفُ الْوَضْعَ وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ بِرِضَا زَيْدٍ إلَخْ) أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ بِرِضَا اللَّهِ تَعَالَى يَعْتِقُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ رِضَاهُ بِهِ.
[فَرْعٌ قَالَ لِحَائِضٍ وَنَحْوِهَا إنْ كُنْت فِي حَالِ سُنَّةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدِمَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الْقُدُومُ وَهِيَ طَاهِرٌ قَدْ وُجِدَ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا صِفَةُ السُّنَّةِ فَنَنْظُرُ فَإِذَا وُجِدَتْ طَلُقَتْ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنَّ ذَاتَ الْأَقْرَاءِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَعْمَلُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ) لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَا لَفْظَ لَهُ (قَوْلُهُ لَا فِيمَا يُخَالِفُهُ صَرِيحًا) لِأَنَّ قَوْلَهُ طَلَاقًا سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ طَلْقَةً حَسَنَةً أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهِ لَيْسَتْ صَرِيحَةً بَلْ ظَاهِرَةً
(3/266)
(أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا الْآنَ) أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا الْآنَ (وَقَعَ) فِي الْحَالِ (لِلْإِشَارَةِ) إلَى الْوَقْتِ وَيَلْغُو اللَّفْظُ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ طَلَّقْتُك لَا لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْبِدْعَةِ أَوْ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا وَقَعَ فِي الْحَالِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ ذَاتَ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ أَمْ لَا لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ فَحَالُهَا مَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَتْ فَالْوَصْفَانِ مُتَنَافِيَانِ فَسَقَطَا وَبَقِيَ أَصْلُ الطَّلَاقِ (فَإِنْ أَرَادَ بِالسُّنِّيِّ الْوَقْتَ وَالْبِدْعِيِّ الثَّلَاثَ فِي قَوْلِهِ) لِذَاتِ أَقْرَاءٍ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا (سُنِّيًّا بِدْعِيًّا قُبِلَ وَإِنْ تَأَخَّرَ الطَّلَاقُ) أَيْ وُقُوعُهُ لِأَنَّ ضَرَرَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ أَكْثَرُ مِنْ فَائِدَةِ تَأَخُّرِ الْوُقُوعِ.
(فَصْلٌ لَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ فَالصَّغِيرَةُ وَنَحْوُهَا) مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ (تَطْلُقُ فِي الْحَالِ ثَلَاثًا) كَمَا لَوْ وَصَفَهَا كُلَّهَا بِالسُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ (وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ) تَطْلُقُ (طَلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ وَطَلْقَةً) ثَالِثَةً (فِي الْحَالِ الثَّانِي) لِأَنَّ التَّبْعِيضَ يَقْتَضِي التَّشْطِيرَ ثُمَّ يَسْرِي كَمَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ بَعْضُهَا لِزَيْدٍ وَبَعْضُهَا لِعَمْرٍ وَيُحْمَلُ عَلَى التَّشْطِيرِ (فَلَوْ قَالَ أَرَدْت عَكْسَهُ) أَيْ إيقَاعَ طَلْقَةٍ فِي الْحَالِ وَطَلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ الثَّانِي (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ اسْمَ الْبَعْضِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ الْأَجْزَاءِ (وَلَوْ أَرَادَ بَعْضَ كُلِّ طَلْقَةٍ) أَيْ إيقَاعَهُ فِي الْحَالِ (وَقَعَ الثَّلَاثُ فِي الْحَالِ) بِطَرِيقِ التَّكْمِيلِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا (بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَسَكَتَ وَهِيَ فِي حَالِ السُّنَّةِ) أَوْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ (وَقَعَ فِي الْحَالِ وَاحِدَةٌ) فَقَطْ لِأَنَّ الْبَعْضَ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ النِّصْفِ وَإِنَّمَا حُمِلَ فِيمَا مَرَّ عَلَى التَّشْطِيرِ لِإِضَافَتِهِ الْبَعْضَيْنِ إلَى الْحَالَيْنِ فَسَوَّى بَيْنَهُمَا (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (خَمْسًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا فِي الْحَالِ) أَخْذًا بِالتَّشْطِيرِ وَالتَّكْمِيلِ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَةٌ لِلسُّنَّةِ وَطَلْقَةٌ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ طَلْقَةٌ فِي الْحَالِ وَ) وَقَعَ (فِي الْمُسْتَقْبَلِ طَلْقَةٌ وَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَتَيْنِ لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ وَقَعَ الْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ الطَّلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ وَصْفٌ لِلطَّلْقَتَيْنِ فِي الظَّاهِرِ فَيَلْغُو لِلتَّنَافِي وَيَبْقَى الطَّلْقَتَانِ وَهَذَا (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ) فَإِنَّهُ يَقَعُ الْجَمِيعُ فِي الْحَالِ (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ أَحْسَنُ الطَّلَاقِ وَأَتَمُّهُ وَنَحْوُهُ) مِنْ صِفَاتِ الْمَدْحِ كَأَجْمَلِهِ وَأَفْضَلِهِ وَأَعْدَلِهِ (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلسُّنَّةِ) فَلَا يَقَعُ إنْ كَانَتْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى حَالِ السُّنَّةِ.
(وَأَقْبَحِهِ) أَيْ وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ أَقْبَحُ الطَّلَاقِ (وَنَحْوُهُ) مِنْ صِفَاتِ الذَّمِّ كَأَسْمَجِهِ وَأَفْضَحِهِ وَأَفْحَشِهِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْحَرَجِ) أَوْ طَلَاقُ الْحَرَجِ (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ) فَلَا يَقَعُ إنْ كَانَ فِي حَالِ السُّنَّةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى حَالِ الْبِدْعَةِ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْحُسْنِ الْبِدْعِيَّ) لِأَنَّهُ فِي حَقِّهَا أَحْسَنُ لِسُوءِ خُلُقِهَا (وَبِالْقَبِيحِ السَّيِّئَ) لِحُسْنِ عِشْرَتِهَا (لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا إلَّا فِيمَا يَضُرُّهُ) بِأَنْ كَانَتْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ فِي الْأُولَى وَفِي حَالِ السُّنَّةِ فِي الثَّانِيَةِ فَيُقْبَلُ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ وَفِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ (وَإِنْ فَسَّرَ الْقَبِيحَ بِالثَّلَاثِ قُبِلَ) مِنْهُ وَهَذِهِ قَدَّمَهَا مَعَ زِيَادَةِ قَبِيلِ الْفَصْلِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ هُنَا فَإِنْ فَسَّرَ كُلَّ صِفَةٍ بِمَعْنًى فَقَالَ أَرَدْت كَوْنَهَا حَسَنَةً مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ وَقَبِيحَةً مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ حَتَّى تَقَعَ الثَّلَاثُ أَوْ بِالْعَكْسِ قُبِلَ مِنْهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ.
(وَإِنْ قَالَ لِطَاهِرٍ غَيْرِ مَمْسُوسَةٍ أَنْت طَالِقٌ فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً وَالْقُرْءُ) هُنَا (هُوَ الطُّهْرُ) وَإِنْ لَمْ يَحْتَوِشْ بِدَمَيْنِ لِصِدْقِ الِاسْمِ وَإِنَّمَا شُرِطَ الِاحْتِوَاشُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِتَكَرُّرِ الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِإِظْهَارِ احْتِوَاشِهَا الدِّمَاءَ (بَانَتْ فِي الْحَالِ بِطَلْقَةٍ فَإِنْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا قَبْلَ الطُّهْرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَقَوْلَا عَوْدِ الْحِنْثِ) يَجْرِيَانِ فِي وُقُوعِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْعَوْدِ (أَوْ) جَدَّدَهُ (بَعْدَهُمَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) الْأُولَى قَوْلُ الْأَصْلِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ قَبْلَ التَّجْدِيدِ (أَوْ) قَالَهُ لِطَاهِرٍ (مَمْسُوسَةٍ وَقَعَ لِكُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةٌ) سَوَاءٌ أَجَامَعَهَا فِيهِ أَمْ لَا وَتَكُونُ الطَّلْقَةُ سُنِّيَّةً إنْ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ وَبِدْعِيَّةً إنْ جَامَعَهَا فِيهِ وَتُشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ بِالطَّلْقَةِ الْأُولَى أَمَّا إذَا قَالَهُ لِحَائِضٍ فَلَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْقُرْءَ عِنْدَنَا الطُّهْرُ كَمَا مَرَّ (أَوْ) قَالَهُ (لِحَامِلٍ أَوْ صَغِيرَةٍ أَوْ آيِسَةٍ) كُلٌّ مِنْهُمَا مَمْسُوسَةٌ (وَقَعَ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ) كَمَا مَرَّ فِي غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ (فَإِنْ رَاجَعَ الْحَمْلَ وَقَعَتْ أُخْرَى بِالطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ ثُمَّ تُسْتَأْنَفُ الْعِدَّةُ) لِهَذِهِ الطَّلْقَةِ سَوَاءٌ أَوْطَأَهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ أَمْ لَا (فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْوَضْعِ فَإِنْ كَانَتْ الْحَامِلُ حَائِضًا) وَقْتَ التَّعْلِيقِ (لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ) لِتُوجَدَ الصِّفَةُ (وَلَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ طُهْرِهَا لِأَنَّ الْحَمْلَ قُرْءٌ وَاحِدٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْقُرْءَ مَا دَلَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَهَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ مَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ سُنِّيًّا الْآنَ) أَوْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
[فَرْعٌ قَالَ طَلَّقْتُك لَا لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْبِدْعَةِ أَوْ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا]
(قَوْلُهُ أَوْ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا) أَوْ طَلْقَةً حَسَنَةً قَبِيحَةً أَوْ جَمِيلَةً فَاحِشَةً أَوْ لِلْحَرَجِ وَالْعَدْلِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ]
(قَوْلُهُ لِأَنَّ اسْمَ الْبَعْضِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ الْأَجْزَاءِ) أَيْ حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ بَعْضُهَا لِزَيْدٍ وَبَعْضُهَا لِعَمْرٍو ثُمَّ فَسَّرَ الْبَعْضَ بِدُونِ النِّصْفِ قُبِلَ (قَوْلُهُ كَأَجْمَلِهِ وَأَفْضَلِهِ إلَخْ) أَيْ وَأَكْمَلِهِ وَأَجْوَدِهِ أَوْ خَيْرَ الطَّلَاقِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لِلطَّاعَةِ.
(قَوْلُهُ وَأَفْحَشِهِ) أَيْ وَأَفْظَعِهِ وَأَرْدَئِهِ وَأَتْلَفَهُ وَشَرِّ الطَّلَاقِ وَأَضَرِّهِ وَأَمَرِّهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْحَسَنِ الْبِدْعِيَّ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت بِقَوْلِي أَحْسَنِ الطَّلَاقِ أَعْجَلَهُ أَوْ لَمْ أَعْرِفْ مَعْنَاهُ.
(قَوْلُهُ وَالْقُرْءُ هُنَا الطُّهْرُ) لَا شَكَّ أَنَّا وَجَدْنَا هُنَا قَرِينَةً تَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالطُّهْرِ وَهِيَ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ لَمَّا كَانَ حَرَامًا كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ عَدَمَ إرَادَتِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ وَإِرَادَةَ الْمَعْنَى الْآخَرِ وَحِينَئِذٍ صَارَ هَذَا الْحُكْمُ عَامًّا لِمَنْ يَعْلَمُ تَحْرِيمَ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ أَيْضًا وَلَوْ كَافِرًا
(3/267)
الْحَمْلِ وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْقُرْءَ هُنَا الطُّهْرُ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ) لَهَا أَنْت طَالِقٌ (فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً) فَإِنَّ طَلَاقَهَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ طُهْرِهَا (وَإِنْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (تَكَرَّرَ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ الْأَقْرَاءِ) وَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ مِنْهُ.
(فَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ (بِكُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً لِلسُّنَّةِ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَكَمَا ذُكِرَ فِيمَا لَوْ لَمْ يَقُلْ لِلسُّنَّةِ (إلَّا أَنَّ ذَاتَ الْأَقْرَاءِ لَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ فِي طُهْرٍ جُومِعَتْ فِيهِ) لِعَدَمِ وَصْفِ السُّنَّةِ (وَمَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا) إمَّا (لِلسُّنَّةِ أَوْ بِلَا قَيْدٍ وَنَوَى التَّفْرِيقَ) لَهَا (عَلَى الْأَقْرَاءِ مُنِعَ) أَيْ لَمْ يُقْبَلْ (ظَاهِرًا) لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ دَفْعَةً فِي حَالِ السُّنَّةِ فِي الْأُولَى وَفِي الْحَالِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يُعَارِضُهُ فِي الْأُولَى ذِكْرُ السُّنَّةِ إذْ لَا سُنَّةَ فِي التَّفْرِيقِ (إلَّا إنْ تَلَفَّظَ بِالسُّنَّةِ وَكَانَ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ) لِلثَّلَاثِ كَالْمَالِكِيِّ فَيَقْبَلُ ظَاهِرُ الْمُوَافَقَةِ تَفْسِيرَهُ اعْتِقَادَهُ وَتَبِعَ فِي تَقْيِيدِهِ بِالسُّنَّةِ أَصْلَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَمَلًا بِاعْتِقَادِ الْحَالِفِ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَأُمِرَتْ) زَوْجَتُهُ (بِالِامْتِنَاعِ) مِنْهُ ظَاهِرًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا فِيهِ (وَجَازَ) لَهُ (الْوَطْءُ) لَهَا (بَاطِنًا) إذَا رَاجَعَهَا وَكَانَ صَادِقًا وَفِي ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ (وَلَهَا التَّمْكِينُ) مِنْ وَطْئِهِ لَهَا (إنْ صَدَّقَتْهُ) بِقَرِينَةٍ (وَهَذَا مَعْنَى التَّدْيِينُ) وَهُوَ لُغَةً أَنْ تَكِلَهُ إلَى دِينِهِ وَإِذَا صَدَّقَتْهُ فَرَآهُمَا الْحَاكِمُ مُجْتَمِعَيْنِ فَهَلْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ أَقْوَاهُمَا فِي الْكِفَايَةِ نَعَمْ (وَيُدَيَّنُ مَنْ طَلَّقَ صَغِيرَةً لِلسُّنَّةِ) أَوْ بِلَا قَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ (وَقَالَ أَرَدْت إذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ) لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَانْتَظَمَ مَعَ كَوْنِ اللَّفْظِ لَيْسَ نَصًّا فِي إفْرَادِهِ (وَإِنْ قَالَ) (أَنْت طَالِقٌ وَأَرَادَ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (لَا إنْ شَاءَ اللَّهُ دُيِّنَ) وَالْفَرْقُ أَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْوَهُ كَأَنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ بِرَفْعِ حُكْمِ الطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ وَمَا عَدَاهُ مِنْ صُوَرِ التَّعْلِيقِ يُخَصِّصُهُ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ وَقَوْلُهُ مِنْ وَثَاقٍ تَأْوِيلٌ وَصَرْفٌ لِلَّفْظِ مِنْ مَعْنًى إلَى مَعْنًى فَكَفَتْ فِيهِ النِّيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً قَالَ فِي الْأَصْلِ وَشَبَّهُوا ذَلِكَ بِالنَّسْخِ لَمَّا كَانَ رَفْعًا لِلْحُكْمِ بِالْكُلِّيَّةِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِاللَّفْظِ بِخِلَافِ التَّخْصِيصِ فَلِذَلِكَ جَازَ بِاللَّفْظِ وَبِغَيْرِهِ كَالْقِيَاسِ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ النُّسَخُ جَائِزٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الصَّحِيحِ كَالتَّخْصِيصِ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ.
(وَلَوْ خَصَّصَ عَامًّا كَنِسَائِي) طَوَالِقُ (أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَأَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً دُيِّنَ) لِمَا مَرَّ (وَلَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ (ظَاهِرًا) لِمُخَالَفَتِهِ عُمُومَ اللَّفْظِ الْمَحْصُورِ إفْرَادُهُ الْقَلِيلَةُ (إلَّا بِقَرِينَةٍ) تُشْعِرُ بِإِرَادَةِ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ غَيْرِ الطَّلَاقِ (كَحَلِّهَا مِنْ وَثَاقٍ) عِنْدَ قَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت حَلَّهَا مِنْ وَثَاقِهَا (وَقَوْلُ الْمُسْتَثْنَاةِ وَهِيَ تُخَاصِمُهُ تَزَوَّجْت) عَلَيَّ إذَا قَالَ عَقِبَهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصِمَةِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِقُوَّةِ إرَادَتِهِ بِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِأَكْلِ خُبْزٍ) أَوْ نَحْوِهِ (ثُمَّ فَسَّرَ بِنَوْعٍ خَاصٍّ) فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ وَمَا حُكِيَ عَنْ النَّصِّ فِي لَا آكُلُ مِنْ أَنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِنَوْعٍ يُحْمَلُ عَلَى وُجُودِ الْقَرِينَةِ أَوْ عَلَى الْقَبُولِ بَاطِنًا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ (وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت) التَّكْلِيمَ (شَهْرًا لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ) فَلَا تَطْلُقُ إذَا كَلَّمَتْهُ بَعْدَ شَهْرٍ وَهَذَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحَقِّ آدَمِيٍّ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ ثُمَّ قَالَ قَصَدْت شَهْرًا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَالضَّابِطُ) فِيمَا يُدَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يُدَيَّنُ (أَنَّهُ إنْ فَسَّرَ) كَلَامَهُ (بِمَا يَرْفَعُ الطَّلَاقَ فَقَالَ) بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (أَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ) عَلَيْك (أَوْ) أَرَدْت (إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ (أَوْ) فَسَّرَهُ (بِتَخْصِيصٍ بِعَدَدٍ كَطَلَّقْتُك ثَلَاثًا وَأَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ) كَقَوْلِهِ (أَرْبَعَتُكُنَّ) طَوَالِقُ (وَأَرَادَ إلَّا ثَلَاثَةً لَمْ يُدَيَّنْ وَإِنْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ (مِنْ مُقَيِّدٍ لِلطَّلَاقِ أَوْ صَارِفٍ) لَهُ (إلَى مَعْنًى آخَرَ أَوْ مُخَصِّصٍ) لَهُ بِبَعْضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْقُرْءَ هُنَا الطُّهْرُ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ لِلِابْتِدَاءِ قُوَّةً فَأَثَّرَ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ الْخَالِي عَنْ الِاحْتِوَاشِ.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَهَا التَّمْكِينُ إنْ صَدَّقَتْهُ) فَإِنْ قَالَتْ لَا أَعْلَمُ صِدْقَهُ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَهَا وَإِذَا عَلِمَ الْقَاضِي الْحَالَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَتَحْرُمُ بِهِ بَاطِنًا وَقَبْلَ تَفْرِيقِهِ لَيْسَ لِمَنْ ظَنَّ صِدْقَ الزَّوْجِ نِكَاحُهَا وَفِيمَا بَعْدَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا تَحْرِيمُهُ (قَوْلُهُ أَقْوَاهُمَا فِي الْكِفَايَةِ نَعَمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِلَا قَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ قَالَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّسْخُ بِالْقِيَاسِ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ كَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَاخْتَارَهُ وَحَكَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ إنَّهُ الْمَذْهَبُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك فَلَا نَقْلَ فِيهَا وَكَثِيرًا مَا يُسْأَلُ عَنْهَا وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ فِيهَا أَنَّهُ إنْ قَدَّمَ غَيْرَ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ أَخَّرَهَا فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك وَلَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُهَا طَلُقَتْ وَهَكَذَا أَقُولُ فِي إلَّا إنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي إلَّا أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا طَلُقَتْ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَرَأَيْت فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُهَا قَالَ الشَّيْخُ الْقَفَّالُ إنْ قَالَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ طَلُقَتْ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَصِحُّ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ قَالَ الْقَفَّالُ وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ طَالِقٌ إلَّا عَمْرَةَ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ سِوَاهَا طَلُقَتْ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا) لَوْ ادَّعَى فِي الْمُشْتَرَكِ إرَادَةَ أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ قُبِلَ ظَاهِرًا عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ بِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ) فَإِنَّ قَصْدَهُ تَصْدِيقُ نَفْسِهِ وَنَفْيُ التُّهْمَةِ وَأَنَّهُ مَا أَوْحَشَهَا بِإِدْخَالِ ضِرَّةٍ عَلَيْهَا وَمَنْعِهَا مِنْ سُؤَالِ الطَّلَاقِ.
(3/268)
نِسَائِهِ (كَقَوْلِهِ) بَعْدَ أَنْتِ طَالِقٌ (أَرَدْت إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (أَوْ) أَنَّك (طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ) أَرَدْت (إلَّا فُلَانَةَ بَعْدَ) قَوْلِهِ (كُلُّ امْرَأَةٍ) لِي طَالِقٌ (أَوْ نِسَائِي) طَوَالِقُ (دُيِّنَ) وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ لَفْظَ الْأَرْبَعَةِ وَنَحْوَهَا مِنْ الْأَعْدَادِ نَصٌّ فِي الْعَدَدِ الْمَعْلُومِ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي بَعْضِهِ غَيْرُ مَفْهُومٍ بِخِلَافِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لِمَمْسُوسَةٍ كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَوَلَدَتْ وَاحِدًا طَلُقَتْ بِالطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (أَوْ) وَلَدَتْ (تَوْأَمَيْنِ مَعًا فَطَلْقَتَيْنِ) تَطْلُقُ (بِالطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ أَيْضًا) لِأَنَّهَا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ وَكُلَّمَا تَقْضِي التَّكْرَارَ (فَلَوْ تَعَاقَبَا) بِأَنْ وَلَدَتْ أَحَدَهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ (طَلُقَتْ) طَلْقَةً (بِوِلَادَةِ الْأَوَّلِ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (لَا) طَلْقَةً أُخْرَى (بِالطُّهْرِ مِنْ) وِلَادَةِ (الثَّانِي لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهِ) أَيْ بِوَضْعِهِ (أَوْ) قَالَ لَهَا (كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ) لِلسُّنَّةِ (فَوَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ وَفِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ طَلُقَتْ) طَلْقَةً (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ (فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَطْهُرَ) مِنْ النِّفَاسِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَطَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتَطْلُقُ طَلْقَةً أُخْرَى وَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا إنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ وَإِلَّا فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَطْهُرَ كَذَا ذَكَرُوهُ (وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا) وَلَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ (لَا تَطْلُقُ لِانْقِضَاءِ عِدَّةِ) الطَّلَاقِ (الْمُتَجَزِّئَةِ) أَيْ بِوَضْعِ الْآخَرِ أَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا فَنَكَحَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ فَلَا تَقَعُ طَلْقَةٌ أُخْرَى بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ.
(وَإِنْ قَالَ لِحَامِلٍ مِنْ زِنًا أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَالْحَمْلُ كَالْمَعْدُومِ) إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُ (فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَمْسُوسَةٍ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ أَوْ) كَانَتْ (مَمْسُوسَةً وَلَمْ تَرَ الدَّمَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ النِّفَاسِ وَكَذَا) إنْ رَأَتْهُ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ (الْحَيْضِ إنْ عَلَّقَ وَهِيَ حَائِضٌ) كَالْحَائِلِ بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ حَيْثُ يَقَعُ طَلَاقُهَا فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا إذْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ كَمَا مَرَّ.
(وَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (بِصِيغَةِ الشَّكِّ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ لَا فِي الْحَالَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا بَلْ (فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ الْيَقِينُ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا لَا تَطْلُقُ حَتَّى يَجِيءَ الْغَدُ وَهَذَا فِيمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ أَمَّا غَيْرُهَا فَيَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً سُنِّيَّةً) أَوْ حَسَنَةً (فِي دُخُولِ الدَّارِ كَإِذَا) أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً سُنِّيَّةً أَوْ حَسَنَةً إذَا (دَخَلْت الدَّارَ) فَتَطْلُقُ إذَا دَخَلَتْهَا طَلْقَةً سُنِّيَّةً حَتَّى لَوْ كَانَتْ فِي حَيْضٍ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ أَوْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ أَوْ جَامَعَهَا فِيهِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ (قَالَهُ) إسْمَاعِيلُ (الْبُوشَنْجِيُّ وَإِنْ عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِالسُّنَّةِ وَهِيَ طَاهِرٌ فَادَّعَى جِمَاعَهَا فِيهِ) حَتَّى لَا تَطْلُقَ فِي الْحَالِ وَأَنْكَرَتْ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَكَمَا لَوْ قَالَ الْمَوْلَى وَالْعِنِّينُ جَامَعْت قَالَهُ الْبُوشَنْجِيُّ أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ (وَ) قَوْلُهُ لَهَا (طَلَّقْتُك طَلَاقًا كَالثَّلْجِ أَوْ كَالنَّارِ يَقَعُ فِي الْحَالِ) وَيَلْغُو التَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنْ قَصَدَ التَّشْبِيهَ بِالثَّلْجِ فِي الْبَيَاضِ وَبِالنَّارِ فِي الْإِضَاءَةِ طَلُقَتْ فِي زَمَنِ السُّنَّةِ أَوْ التَّشْبِيهَ بِالثَّلْجِ فِي الْبُرُودَةِ وَبِالنَّارِ فِي الْحَرَارَةِ وَالْإِحْرَاقِ طَلُقَتْ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ. .
الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ
الْأَوَّلُ مِنْ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ الْمُطَلِّقُ وَشَرْطُ تَنْجِيزِهِ وَتَعْلِيقِهِ
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ وَهِيَ خَمْسَةٌ)
(الْأَوَّلُ الْمُطَلِّقُ وَشَرْطُ تَنْجِيزِهِ وَتَعْلِيقِهِ التَّكْلِيفُ) وَالِاخْتِيَارُ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَمُخْتَارٍ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بَعْدَ الْأَهْلِيَّةِ لِفَسَادِ عِبَارَتِهِ وَلِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» وَيُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ وَسَيَأْتِي.
الرُّكْنُ الثَّانِي فِيمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ
الْأَوَّلُ فِي اللَّفْظِ وَهُوَ) (صَرِيحٌ) وَهُوَ مَا لَا يَحْتَمِلُ ظَاهِرُهُ غَيْرَ الطَّلَاقِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ (وَكِنَايَةٍ) وَهِيَ مَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ فَهِيَ (تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ فَالصَّرِيحُ الطَّلَاقُ وَالسَّرَاحُ) بِفَتْحِ السِّينِ (وَالْفِرَاقُ) وَالْخُلْعُ وَالْمُفَادَاةُ كَمَا تَقَدَّمَ لِاشْتِهَارِهَا فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ أَوْ طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ) أَوْ مِنْ الْعَمَلِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِمَمْسُوسَةٍ كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ]
(قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا لَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ) قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْحَامِلَ مِنْ شُبْهَةٍ لَيْسَ طَلَاقُهَا سُنِّيًّا وَلَا بِدْعِيًّا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ طَلَاقَهَا لَا يَسْتَعْقِبُ شُرُوعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَحَدُّ الْبِدْعِيِّ مُنْطَبِقٌ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِدْعِيٌّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ)
(قَوْلُهُ وَشَرْطُ تَنْجِيزِهِ وَتَعْلِيقِهِ التَّكْلِيفُ) قَدْ يُتَصَوَّرُ طَلَاقُ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ فِيمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا فِي حَالِ التَّكْلِيفِ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ إلَخْ) السَّكْرَانُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَلَكِنْ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ التَّكَالِيفِ كَمَا أَنَّ الْمُرْتَدَّ الْمَجْنُونَ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعُقَلَاءِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِعَاقِلٍ وَهَذَا مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّ السَّكْرَانَ مُكَلَّفٌ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ فِي حَالِ سُكْرِهِ بِالْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى مَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُهُ وَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ كَوْنِ السَّكْرَانِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ ظَاهِرًا وَاعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ وَقَوْلُهُ وَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُهُ قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ وُقُوعُ حَجِّ الْمَجْنُونِ نَفْلًا.
[الرُّكْنُ الثَّانِي فِيمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ]
[الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي لَفْظِ الطَّلَاقُ]
(قَوْلُهُ فَالصَّرِيحُ الطَّلَاقُ وَالسَّرَاحُ وَالْفِرَاقُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الدَّارِمِيُّ قَالَ ابْنُ خَيْرَانَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا الطَّلَاقَ فَهُوَ صَرِيحُهُ حَسْبُ أَيْ وَالْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ كِنَايَةٌ لَهُ قَطْعًا وَنَحْوُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ فِي الْحِلْيَةِ لَوْ قَالَ عَرَبِيٌّ فَارَقْتُك وَلَمْ يَعْرِفْ عُرْفَ الشَّرْعِ الْوَارِدِ فِيهِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا يُحَرِّمُ وَمَا قَالَاهُ ظَاهِرٌ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ إنَّ كُلَّ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ أَحْرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الصَّرِيحِ سَوَاءٌ كَانَ
(3/269)
وَوُرُودِهَا فِي الْقُرْآنِ مَعَ تَكَرُّرِ بَعْضِهَا فِيهِ وَإِلْحَاقِ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهَا بِمَا تَكَرَّرَ بِجَامِعِ اسْتِعْمَالِهِمَا فِيمَا ذُكِرَ (كَأَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقٌ) بِالتَّشْدِيدِ (وَيَا طَالِقُ وَيَا مُطَلَّقَةُ) بِالتَّشْدِيدِ (أَمَّا مُطْلَقَةٌ بِالتَّخْفِيفِ فَكِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِهَا الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ (وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ الطَّلَاقُ أَوْ طَلِقَةٌ أَوْ نِصْفُ طَلِقَةٍ أَمَّا أَنْتِ كُلٌّ طَلِقَةٌ وَنِصْفُ طَالِقٍ فَصَرِيحٌ) لَيْسَ أَنْتِ كُلٌّ طَلِقَةٌ فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ بَلْ فِي السَّقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَ مِنْهَا صَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ إذْ الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ وَاَلَّذِي فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ أَنَّ أَنْتِ لَك طَلِقَةٌ بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الْكَافِ صَرِيحٌ أَمَّا أَنْتِ كُلٌّ طَلِقَةٌ فَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ كَأَنْتِ طَلِقَةٌ (وَالْفِعْلُ مِنْ لَفْظَيْ الطَّلَاقِ وَالسَّرَاحِ صَرِيحٌ) كَفَارَقْتُك وَسَرَّحْتُك فَهُمَا كَطَلَّقْتُك (وَالْمُشْتَقُّ مِنْهُمَا) كَمُفَارَقَةٍ وَمُسَرَّحَةٍ (كَالْمُشْتَقِّ مِنْ الطَّلَاقِ) أَيْ كَمُطَلَّقَةٍ (وَ) قَوْلُهُ (أَنْتِ وَطَلِقَةٌ أَوْ وَأَنْتِ وَالطَّلَاقُ) أَيْ قَرَنْت بَيْنَكُمَا (كِنَايَةٌ) وَلَا مَعْنًى لِلْوَاوِ وَالثَّانِيَةُ فِي أَوْ وَأَنْتِ (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ مِنْ الْعَمَلِ وَسَرَّحْتُك إلَى كَذَا وَفَارَقْتُك فِي الْمَنْزِلِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (كِنَايَةٌ إنْ قَارَنَهُ الْعَزْمُ عَلَى الزِّيَادَةِ) الَّتِي أَتَى بِهَا (أَوْ تَوَسَّطَ) هـ (لَا إنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ فَقَالَ مِنْ وَثَاقٍ) أَوْ نَحْوَهُ فَلَا تَكُونُ كِنَايَةً بَلْ صَرِيحٌ فَتَأْثِيرُ النِّيَّةِ مَشْرُوطٌ بِالْإِتْيَانِ بِهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا يَأْتِي أَوَّلَ الْفَصْلِ الْآتِي.
(وَتَرْجَمَةُ) لَفْظِ (الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ) لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي مَعْنَاهَا عِنْدَ أَهْلِهَا شُهْرَةَ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عَدَمِ صَرَاحَةٍ نَحْوِ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ عِنْدَ النَّوَوِيِّ بِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ ذَاكَ وَإِنْ اشْتَهَرَ فِيهِ (وَ) تَرْجَمَةُ (صَاحِبَيْهِ) أَيْ الطَّلَاقُ وَهُمَا الْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ (كِنَايَةٌ) كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي تَرْجَمَتِهِمَا الْوَجْهَانِ فِي تَرْجَمَةِ الطَّلَاقِ لَكِنْ بِالتَّرْتِيبِ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الصَّرَاحَةِ لِأَنَّ تَرْجَمَتَهُمَا بَعِيدَةٌ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ فِي الطَّلَاقِ قَالَ الْإِمَامُ وَهُوَ أَظْهَرُ وَبِهِ أَجَابَ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ انْتَهَى وَعِبَارَةُ الْإِمَامِ هُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَعِبَارَةُ الرُّويَانِيِّ فِي حِلْيَتِهِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا عِنْدِي وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ اخْتِيَارٌ لَهُمَا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَبِهِ جَزَمَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ فِي الْخُلْعِ عَنْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَكَلَامُ الْمُحَرَّرِ يَقْتَضِيهِ وَقَدْ بَسَطَ الْأَذْرَعِيُّ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ فَالْمَذْهَبُ مَا فِي الْمُحَرَّرِ لَا مَا فِي الرَّوْضَةِ (وَ) قَوْلُهُ (أَلْقَيْت عَلَيْك طَلْقَةً صَرِيحٌ وَفِي وَضَعْت عَلَيْك) طَلْقَةً (أَوْ لَك طَلْقَةٌ) (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ لِوُجُودِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَضَمَّنْ إيقَاعًا. وَقَوْلُ الْقَائِلِ لَك هَذَا الثَّوْبُ يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ عَنْ الْمِلْكِ وَيَحْتَمِلُ الْهِبَةَ وَقِيَاسٌ صَرَاحَةً أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي تَرْجِيحُ صَرَاحَةً وَضَعْت عَلَيْك طَلْقَةً وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِ صَرَاحَةً لَك طَلْقَةٌ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا كِنَايَةٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
عِنْدَنَا صَرِيحًا أَمْ كِنَايَةً وَكُلُّ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ كِنَايَةً أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْكِنَايَةِ وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا عِنْدَنَا لِأَنَّا نَعْتَبِرُ عُقُودَهُمْ فِي شِرْكِهِمْ بِمُعْتَقِدِهِمْ فَكَذَا إطْلَاقُهُمْ. اهـ. وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ التَّصْرِيحَ بِخِلَافِهِ وَلَا رِفَاقِهِ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا حَكَمْنَا فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ بَيْنَهُمْ بِمَا نَحْكُمُ بِهِ بَيْنَنَا نَعَمْ لَا نَتَعَرَّضُ إلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ تَرَافُعٍ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ حَكَمْنَا فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) أَيْ وَأَنْتِ سَرَاحٌ أَوْ السَّرَاحُ أَوْ أَنْتِ أَطْلَقُ مِنْ امْرَأَةٍ فُلَانٍ وَامْرَأَةُ فُلَانٍ مُطَلَّقَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ نِصْفُ طَالِقٍ فَصَرِيحٌ) كَقَوْلِهِ نِصْفُك طَالِقٌ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ إنْ أَنْتِ لَك طَلْقَةٌ بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الْكَافِ إلَخْ) سَتَأْتِي هَذِهِ فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُمَا (فَرْعٌ) فِي الْوَدَائِعِ لِابْنِ سُرَيْجٍ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ كُلَّ تَطْلِيقٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ لِلطَّلَاقِ غَايَةً وَهَذِهِ غَايَتُهُ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ الْعَمَلِ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا يَعْمَلُ كَبَنَاتِ الْمُلُوكِ (قَوْلُهُ وَفَارَقْتُك فِي الْمَنْزِلِ كِنَايَةٌ) قَدْ ذَكَرُوا فِيمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَقَالَ لِإِحْدَاهُنَّ فَارَقْتُك أَنَّهُ فَسْخٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ (قَوْلُهُ إنْ قَارَنَهُ الْعَزْمُ عَلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي أَتَى بِهَا) فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالزِّيَادَةِ وَنَوَاهَا قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ الطَّلَاقِ دُيِّنَ فَإِنْ كَانَتْ قَرِينَةٌ كَمَا لَوْ قَالَهُ وَهُوَ يُحِلُّهَا مِنْ وَثَاقٍ قُبِلَ ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ.
(فَرْعٌ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَا كِدْت أَنْ أُطَلِّقَك فَهُوَ إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّفْيَ الدَّاخِلَ عَلَى كَادَ أَنْ لَا يُثْبِتَهُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَأَخَذْنَاهُ بِهِ لِلْعُرْفِ.
(قَوْلُهُ وَتَرْجَمَةُ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ) سُئِلْت عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ وَهُوَ لَا يُفَرِّقُ هُوَ وَلَا قَوْمُهُ بَيْنَ الطَّاءِ وَالتَّاءِ فَيَنْطِقُونَ بِالتَّاءِ مَكَانَ الطَّاءِ فَقَالَ أَنْت تَالِقٌ أَوْ التَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ وَالشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ وَالسِّرَاجُ الْعَبَّادِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعَصْرِيِّينَ وَقَاسُوهُ عَلَى تَرْجَمَةِ الطَّلَاقِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ تَرْجَمَةَ الطَّلَاقِ مَوْضُوعَةٌ فِي لُغَةِ الْعَجَمِ لِلطَّلَاقِ فَلَمْ تَحْتَمِلْ غَيْرَهُ بِخِلَافِ التَّلَاقِ بِالتَّاءِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِغَيْرِ الطَّلَاقِ فَإِذَا اُشْتُهِرَ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ يَكُونُ كِنَايَةً فِيهِ كَحَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَحْوِهِ فَأَجَبْت بِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمَذْكُورَةَ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا إلَّا بِنِيَّةٍ وَقَدْ شَمِلَهَا قَوْلُهُمْ إذَا اُشْتُهِرَ فِي الطَّلَاقِ سِوَى الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ الصَّرِيحَةِ كَحَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ فَفِي الْتِحَاقِهِ بِالصَّرِيحِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْمُتَقَدِّمُونَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا. اهـ. وَيُؤَيِّدُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهَا عِنْدَ نِيَّتِهِ أَنَّ حَرْفَ التَّاءِ قَرِيبٌ مِنْ مَخْرَجِ الطَّاءِ وَيُبْدَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الْوَالِدُ فِي " لَازِمٌ لِي، وَوَاجِبٌ عَلَيَّ " مَمْنُوعٌ. (قَوْلُهُ كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَلَامٌ الصَّغِيرُ يَفْهَمُهُ وَالْفَرْقُ اشْتِهَارُ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي كُلِّ لُغَةٍ بِخِلَافِ لَفْظِ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ) هُوَ الْأَصَحُّ.
(3/270)
(فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْكِنَايَةِ نِيَّةٌ) بِالْإِجْمَاعِ (مُقَارِنَةٌ) لِلَّفْظِ. (وَلَوْ) كَانَتْ مُقَارِنَةً (لِبَعْضِ اللَّفْظِ) كَفِي وَالِاكْتِفَاءِ بِالْبَعْضِ وَلَوْ بِآخِرِهِ صَحِيحُهُ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا وَنَقَلَ فِي تَنْقِيحِهِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهَا لِأَوَّلِ اللَّفْظِ فَلَا يَكْفِي وُجُودُهَا بَعْدَهُ إذْ انْعِطَافُهَا عَلَى مَا مَضَى بَعِيدٌ بِخِلَافِ اسْتِصْحَابِ مَا وُجِدَ وَلِأَنَّهَا إذَا وُجِدَتْ فِي أَوَّلِهِ عُرِفَ قَصْدُهُ مِنْهُ فَالْتَحَقَ بِالصَّرِيحِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ نَصُّ الْأُمِّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَبِهِ الْفَتْوَى كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الشَّرْحَيْنِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ لَهُ أَنَّهُ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَصَحَّحَ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ اشْتِرَاطَ مُقَارَنَتِهَا لِجَمِيعِ اللَّفْظِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَاللَّفْظُ الَّذِي يُعْتَبَرُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ هُوَ لَفْظُ الْكِنَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ.
فَمَثَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ لِقَرْنِهَا بِالْأَوَّلِ بِقَرْنِهَا بِالْبَاءِ مِنْ بَائِنٍ وَالْآخَرَانِ بِقَرْنِهَا بِالْخَاءِ مِنْ خَلِيَّةٍ لَكِنْ مَثَّلَ لَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ بِقَرْنِهَا بِأَنْتِ مِنْ أَنْتِ بَائِنٌ وَصَوَّبَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْأَوَّلَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْكِنَايَاتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ جُعِلَتْ لِصَرْفِ اللَّفْظِ إلَى أَحَدِ مُحْتَمَلَاتِهِ وَالْمُحْتَمَلُ إنَّمَا هُوَ بَائِنٌ مَثَلًا وَأَمَّا أَنْتِ فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْمُخَاطَبِ لَكِنْ أَثْبَتَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ وَأَيَّدَ الِاكْتِفَاءَ بِهَا عِنْدَ أَنْتِ بِمَا إذَا أَوْقَعَ أَنْتِ زَمَنَ الطُّهْرِ وَطَالِقٌ زَمَنَ الْحَيْضِ فَإِنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ قَالَ يَكُونُ الطَّلَاقُ سُنِّيًّا وَيَحْصُلُ لَهَا قُرْءٌ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَنْتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُزْءًا مِنْ الْكِنَايَةِ فَهُوَ كَالْجُزْءِ مِنْهَا لِأَنَّ مَعْنَاهَا الْمَقْصُودَ لَا يَتَأَدَّى بِدُونِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْكِنَايَةُ (كَأَنْتِ خَلِيَّةٌ) وَ (بَرِيَّةٌ) أَيْ مِنِّي وَ (بَتَّةٌ) وَ (بَتْلَةٌ) أَيْ مَقْطُوعَةُ الْوَصْلَةِ وَ (بَائِنٌ) مِنْ الْبَيْنِ وَهُوَ الْفِرَاقُ.
(وَحَرَامٌ وَلَوْ) مَعَ عَلَيَّ أَوْ (زَادَ) فِيهِ (أَبَدًا) فَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ صَرِيحًا لِأَنَّ التَّحْرِيمَ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ وَقَدْ يُظَنُّ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ بِالْيَمِينِ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ وَأَنْتِ (حُرَّةٌ) وَ (وَاحِدَةٌ) وَ (اعْتَدِّي) أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِلْعِدَّةِ فِي الْجُمْلَةِ (وَتَسَتَّرِي) أَيْ لِأَنَّك حَرُمْت عَلَيَّ بِالطَّلَاقِ فَلَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَرَاك (وَاسْتَبْرِئِي زَوْجَك) وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَ (الْتَحِقِي بِأَهْلِك) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك سَوَاءٌ أَكَانَ لَهَا أَهْلٌ أَمْ لَا وَ (حَبْلُك عَلَى غَارِبِك) أَيْ خَلَّيْت سَبِيلَك كَمَا يُخَلَّى الْبَعِيرُ فِي الصَّحْرَاءِ وَزِمَامُهُ عَلَى غَارِبِهِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الظَّهْرِ وَارْتَفَعَ مِنْ الْعِتْقِ لِيَرْعَى كَيْف شَاءَ (لَا أَنْدَهُ سَرْبَك) أَيْ لَا أَهْتَمُّ بِشَأْنِك لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَأَنْدَهُ أَزْجُرُ وَالسَّرْبُ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ مَا يُرْعَى مِنْ الْمَالِ كَالْإِبِلِ وَذَكَرَ الْمُطَرِّزِيُّ أَنَّ السِّرْبَ بِكَسْرِ السِّينِ الْجَمَاعَةُ مِنْ الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ فَيَجُوزُ كَسْرُ السِّينِ هُنَا أَيْضًا (وَاعْزُبِي) بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ زَايٍ أَيْ تَبَاعَدِي عَنِّي.
وَ (اُغْرُبِي) بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ رَاءٍ أَيْ صِيرِي غَرِيبَةً بِلَا زَوْجٍ وَ (اذْهَبِي) أَيْ إلَى أَهْلِك لِأَنِّي طَلَّقْتُك (لَا اذْهَبِي إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ (إنْ نَوَاهُ بِمَجْمُوعِهِ) لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ بَلْ هُوَ لِاسْتِدْرَاكِ مُقْتَضَى قَوْلِهِ اذْهَبِي فَإِنْ نَوَاهُ بِقَوْلِهِ اذْهَبِي وَقَعَ وَ (وَدَعِينِي) وَ (بَرِئْت مِنْك وَلَا حَاجَةَ لِي فِيك) أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَ (تَجَرَّعِي) أَيْ كَأْسَ الْفِرَاقِ وَ (ذُوقِي) أَيْ مَرَارَتَهُ وَ (تَزَوَّدِي) أَيْ اسْتَعِدِّي لِلُّحُوقِ بِأَهْلِك فَقَدْ طَلَّقْتُك (وَيَا بِنْتِي إنْ أَمْكَنَ) كَوْنُهَا بِنْتَه وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَادَةِ لِلْمُلَاطَفَةِ وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ (وَتَزَوَّجِي) وَانْكِحِي أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (وَأَحْلَلْتُك) أَيْ لِلْأَزْوَاجِ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (وَرَدَدْت عَلَيْك الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ) هَذَا كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَإِنْ قَالَ رَدَدْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَكِنَايَةٌ فِي وَاحِدَةٍ (وَفَتَحْت عَلَيْك الطَّلَاقَ) أَيْ أَوْقَعْته وَفِي نُسْخَةٍ الطَّرِيقَ وَفِي أُخْرَى طَرِيقِي أَيْ لِلْوَصْلَةِ إلَى الْأَزْوَاجِ (وَلَعَلَّ اللَّهَ يَسُوقُ إلَيْك الْخَيْرَ) أَيْ بِالطَّلَاقِ (وَبَارَكَ اللَّهُ لَك) أَيْ فِي الْفِرَاقِ (لَا إنْ قَالَ) بَارَكَ اللَّهُ (فِيك) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ لِأَنَّ مَعْنَاهُ بَارَكَ اللَّهُ لِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي كِنَايَةِ الطَّلَاق النِّيَّة]
فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْكِنَايَةِ نِيَّةٌ) (قَوْلُهُ وَالِاكْتِفَاءُ بِالْبَعْضِ وَلَوْ بِآخِرِهِ صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا) لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُقُوعِ وَقَدْ قَارَنَتْهُ النِّيَّةُ (قَوْلُهُ لَكِنْ مَثَّلَ لَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ بِقَرْنِهَا بَانَتْ مِنْ أَنْتِ بَائِنٌ) مَعْلُومٌ أَنَّ نِيَّتَهُ بِبَائِنٍ طَالِقٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الطَّلَاقَ بِمَجْمُوعِ قَوْلِهِ اذْهَبِي إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ لَا يَحْتَمِلُهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ أَثْبَتَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ وَأَيَّدَ الِاكْتِفَاءَ بِهَا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ فِيمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَظَرٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ النُّبَلَاءِ لِأَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ إنَّمَا قَالَ بِكَوْنِهِ سَيِّئًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِمَجْمُوعِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ بَلْ شَرَعَ فِي التَّطْلِيقِ حَالَةَ الطُّهْرِ فَلَمْ يَقْصِدْ تَطْوِيلَ الْعِدَّةِ وَلَا نِزَاعَ أَنَّ لِقَوْلِهِ أَنْتِ أَثَرًا فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَلِذَلِكَ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ بِكَوْنِهِ سُنِّيًّا وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ قُرْءٌ فَبَعِيدٌ جِدًّا لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ اللَّفْظِ أَوْ مَعَ آخِرِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ إلَّا فِي حَالِ الْحَيْضِ وَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَقَعَ سُنِّيًّا (قَوْلُهُ وَبَائِنٌ) هِيَ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ كَطَالِقٍ وَيَجُوزُ فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ بَائِنَةٌ (قَوْلُهُ وَحَرَامٌ وَلَوْ زَادَ أَبَدًا إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَضَافَ إلَى قَوْلِهِ تَصَدَّقْت صَدَقَةً لَا تُبَاعُ أَوْ لَا تُوهَبُ فَإِنَّ الْأَصَحَّ صَرَاحَتُهُ فِي الْوَقْفِ وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَهُمَا بِثَلَاثَةِ فُرُوقٍ أَحَدُهُمَا أَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ مَحْصُورَةٌ بِخِلَافِ الْوَقْفِ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ بَيْنُونَةٍ مُحَرَّمَةٍ لَا تَحِلُّ لِي أَبَدًا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالطَّلَاقِ بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَفْسُوخُ وَالزَّائِدُ فِي أَلْفَاظِ الْوَقْفِ يَخْتَصُّ بِالْوَقْفِ الثَّالِثِ تَصَدَّقْت بِكَذَا يَقْتَضِي زَوَالَ الْمِلْكِ وَلَهُ مَحْمَلَانِ مَحْمِلُ الصَّدَقَةِ الَّتِي تَحْتَمِلُ الْمِلْكَ وَمَحْمِلُ الصَّدَقَةِ الَّتِي هِيَ الْوَقْفُ فَالزِّيَادَةُ تُعَيِّنُ الْمَحْمَلَ الثَّانِي بِخِلَافِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ خَطَأٌ (قَوْلُهُ وَتَجَرَّعِي) أَمَّا جَرَّعْتنِي وَغَصِصْتنِي فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ (قَوْلُهُ وَأَحْلَلْتُك) أَوْ أَنْتِ أَوْلَى النَّاسِ بِنَفْسِك أَوْ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرِي فِيك أَوْ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك فِي أَوْ أَبْعَدَك اللَّهُ أَوْ أَحْلَلْت أُخْتَك لِي
(3/271)
فِيك وَهُوَ يَشْعُرُ بِرَغْبَتِهِ فِيهَا (وَوَهَبْتُك لِأَهْلِك أَوْ لِلنَّاسِ) أَوْ لِأَبِيك أَوْ لِلْأَزْوَاجِ أَوْ لِلْأَجَانِبِ فَهُوَ كِنَايَةُ.
(وَكَذَا حَلَالُ اللَّهِ) أَوْ حِلُّ اللَّهِ (عَلَيَّ حَرَامٌ) أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (وَلَوْ تَعَارَفُوهُ طَلَاقًا) وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّ الصَّرِيحَ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْقُرْآنِ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ الْحُرُمُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ مَا فَعَلْت كَذَا (فَلَوْ حَلَفَ بِهِ وَلَهُ نِسَاءٌ فَحَنِثَ طَلُقَتْ إحْدَاهُنَّ) فَقَطْ (إنْ لَمْ يُرِدْ الْجَمِيعَ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ (فَلْيُعَيِّنْهَا) كَمَا لَوْ حَلَفَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ الْجَمِيعَ وَقَعَ عَلَيْهِنَّ (وَكُلِي) أَيْ زَادَ الْفِرَاقِ (وَاشْرَبِي) أَيْ شَرَابَهُ (لَا قُومِي وَأَغْنَاك اللَّهُ) وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ إلَّا بِتَعَسُّفٍ كَأَحْسَنَ اللَّهُ جَزَاءَك وَمَا أَحْسَنَ وَجْهَك وَتَعَالِي وَاقْرُبِي وَاغْزِلِي وَاقْعُدِي.
(وَالْعِتْقُ) أَيْ صَرَائِحُهُ (وَكِنَايَاتُهُ كِنَايَاتٌ) فِي الطَّلَاقِ كَعَكْسِهِ أَيْ كَمَا أَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتِهِ كِنَايَاتٌ فِي الْعِتْقِ لِمَا بَيْنَ مِلْكَيْ النِّكَاحِ وَالْيَمِينِ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ (لَا) قَوْلُهُ (اعْتَدَّ وَاسْتَبْرِئْ رَحِمَك) إنْ قَالَهُ (لِلْعَبْدِ) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ الْعِتْقُ وَإِنْ نَوَاهُ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ (وَأَمَّا) قَوْلُهُ (أَنَا مِنْك طَالِقٌ أَوْ خَلِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ) أَوْ نَحْوُهَا (فَكِنَايَةٌ) إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقُهَا وَقَعَ لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا حَيْثُ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا فَصَحَّ حَمْلُ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهِ عَلَى حِلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِهَذَا الْحَجْرِ مَعَ النِّيَّةِ فَاللَّفْظُ مِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ كِنَايَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ أَنَا مِنْك حُرٌّ لَيْسَ كِنَايَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُحِلُّ النِّكَاحَ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالْعِتْقُ يُحِلُّ الرِّقَّ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْعَبْدِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقَهَا لَمْ تَقَعْ سَوَاءٌ أَنَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ أَمْ طَلَاقَ نَفْسِهِ أَمْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا لِأَنَّهُ إضَافَةٌ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ مِنْ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحَلِّهِ وَتَصْوِيرُهُمْ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ لَفْظَةِ مِنْك وَكَلَامُ الْقَاضِي يَقْتَضِي عَدَمَ اعْتِبَارِهَا وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ وَلِهَذَا حَذَفَهَا الدَّارِمِيُّ (لَا اسْتَبْرِئِي رَحِمِي مِنْك) أَوْ أَنَا مُعْتَدٌّ مِنْك فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ لِاسْتِحَالَتِهِ فِي حَقِّهِ (وَالظِّهَارُ كِنَايَةٌ فِي عِتْقِ الْأَمَةِ) فَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَتْ لِأَنَّهُ لَا نَفَاذَ لِلظِّهَارِ فِيهَا كَمَا لَا نَفَاذَ لِلطَّلَاقِ فِيهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَصْلُحُ كِنَايَةً عَنْ الْعِتْقِ (لَا فِي الطَّلَاقِ) إذْ لَيْسَ الظِّهَارُ كِنَايَةً فِيهِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ كِنَايَةً فِي الظِّهَارِ وَإِنْ احْتَمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ لِمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ مِنْ إفَادَةِ التَّحْرِيمِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَنْفِيذُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَلَا يُشْكِلُ بِأَنْتِ حَرَامٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ نَفَذَ لِأَنَّ هَذَا صَرِيحُ اشْتِهَارٍ أَوْ مَا فِي الْقَاعِدَةِ صَرِيحٌ وَضْعًا عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ ظِهَارًا) (وَقَعَ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَجَازَ أَنْ يُكَنِّيَ عَنْهُ بِالْحَرَامِ (وَلَوْ نَوَاهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ تَخَيَّرَ) وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ مِنْهُمَا وَلَا يَثْبُتَانِ جَمِيعًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُزِيلُ النِّكَاحَ وَالظِّهَارَ يَسْتَدْعِي بَقَاءَهُ وَقِيلَ إنْ نَوَى فِي الثَّانِيَةِ الظِّهَارَ أَوَّلًا صَحَّا مَعًا أَوْ الطَّلَاقَ أَوَّلًا وَكَانَ بَائِنًا فَلَا مَعْنَى لِلظِّهَارِ بَعْدَهُ أَوْ رَجْعِيًّا كَانَ الظِّهَارُ مَوْقُوفًا فَإِنْ رَاجَعَهَا فَهُوَ صَحِيحٌ وَالرَّجْعَةُ عَوْدٌ وَإِلَّا فَهُوَ لَغْوٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ.
لَكِنْ رَجَّحَ فِي الْأَنْوَارِ الثَّانِيَ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْأَصْلُ ذِكْرًا وَمَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ تَعَاقُبِ الْبَيِّنَتَيْنِ مُؤَيِّدٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِقَرْنِ النِّيَّةِ لِبَعْضِ اللَّفْظِ (أَوْ) نَوَى (تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ وَطْئِهَا) أَوْ فَرْجِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَوْ رَأْسِهَا كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَطْلَقَ ذَلِكَ أَوْ أَقَّتَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَكُلِي وَاشْرَبِي إلَخْ) وَكُلِي وَاشْرَبِي مِنْ كِيسِك فَإِنَّك قَدْ طَلُقْت.
(قَوْلُهُ وَالْعِتْقُ وَكِنَايَاتُهُ كِنَايَاتٌ فِي الطَّلَاقِ كَعَكْسِهِ) لَوْ وَكَّلَ سَيِّدُ الْأَمَةِ زَوْجَهَا فِي عِتْقِهَا أَوْ عَكْسِهِ فَطَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا وَقَالَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ مَعًا وَقَعَا وَيَصِيرُ كَإِرَادَةِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِذَا تَأَمَّلْت مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ كِنَايَاتِ الْعِتْقِ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ تَوَقَّفْت فِي كَوْنِ كَثِيرٍ مِنْهَا كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ لِلَّهِ وَيَا مَوْلَايَ وَيَا مَوْلَاتِي وَإِذَنْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ مَا أَطْلَقُوهُ هُنَا عَلَى إرَادَةِ الْغَالِبِ لَا أَنَّ كُلَّ كِنَايَةٍ هُنَاكَ كِنَايَةٌ هُنَا (قَوْلُهُ لَا أَعْتَدُّ وَاسْتَبْرِ رَحِمَك لِلْعَبْدِ) قَالَ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ الْحُسْبَانِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْتَحِقَ بِهَذَا مَا لَوْ قَالَ تَقَنَّعْ أَوْ تَسَتَّرْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُخَاطَبُ بِهِ عَادَةً لِبُعْدِهِ عَنْ الْمُرَادِ وَلَوْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ فَوَجْهَانِ وَيَنْبَغِي اخْتِصَاصُهُمَا بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَمَةُ مَوْطُوءَةً فَإِنْ كَانَتْ كَانَ ذَلِكَ كِنَايَةً قَطْعًا وَأَلْحَقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ كَالْمَيْتَةِ أَوْ كَالْخِنْزِيرِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ خِدْمَتُك عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلَهُ تَجَرَّعِي وَذُوقِي فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَلَا يَجْرِي فِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ إلَّا إذَا كَانَ مُرَادُهُ دَوَامَ الْمِلْكِ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ كِنَايَةً (قَوْلُهُ وَتَصْوِيرُهُمْ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي اعْتِبَارُ لَفْظَةِ مِنْك) وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّهُ إذَا حُذِفَ لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ مَذْكُورًا وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى نِيَّتِهِ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا قَالَ طَالِقٌ وَنَوَى أَنْتِ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الزَّوْجَةِ إنْ وَقَوْلُ الزَّوْجِ طَلَّقْت نَفْسِي كَقَوْلِهِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَإِنْ كَانَ لَهُ زَوْجَاتٌ وَقَصَدَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ فَيُعَيِّنُ.
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ ظِهَارًا]
(فَصْلٌ قَالَ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ) (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ نَوَى فِي الثَّانِيَةِ الظِّهَارَ أَوَّلًا صَحَّا مَعًا إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ هَذَا التَّفْصِيلُ فَاسِدٌ عِنْدِي لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ إذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّصَرُّفَاتُ لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ بِإِرَادَتِهِمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ اهـ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمِنْهَاجِ وَلِذَا أَطْلَقَ الْإِرْشَادُ كَأَصْلِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُحَرَّرِ وَإِنْ نَوَاهُمَا مَعًا فَمَعْنَاهُ جَمِيعًا لِيُوَافِقَ إطْلَاقَ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَا الْمَعِيَّةَ الْمُقَابِلَةَ لِلتَّرْتِيبِ صَوْنًا لِكَلَامِهِ عَنْ الِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ أَوْ تَحْرِيمُ عَيْنِهَا أَوْ وَطْئِهَا كُرِهَ وَلَمْ تَحْرُمْ إلَخْ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ
(3/272)
(كُرِهَ) لِإِيجَابِهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْكَرَاهَةُ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي الظِّهَارِ (وَلَمْ تَحْرُمْ) هِيَ عَلَيْهِ لِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَالَ إنِّي جَعَلْت امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامًا فَقَالَ كَذَبْت لَيْسَتْ عَلَيْك حَرَامًا ثُمَّ تَلَا {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ} [التحريم: 1] (وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ) وَإِنْ لَمْ يَطَأْ كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ أَخْذًا مِنْ قِصَّةِ «مَارِيَةَ لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: 1] {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] » أَيْ أَوْجَبَ عَلَيْكُمْ كَفَّارَةً كَكَفَّارَةِ أَيْمَانِكُمْ (وَلَيْسَ ذَلِكَ يَمِينًا) لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ (وَكَذَا) يُكْرَهُ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ وَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ يَمِينًا (إذَا لَمْ يَنْوِ) بِهِ (شَيْئًا) لِعُمُومِ مَا مَرَّ وَشُمُولِ كَلَامِهِ لِمَا عَدَا لُزُومَ الْكَفَّارَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ) (قَالَ أَرَدْت بِهِ الْيَمِينَ مِنْ الْوَطْءِ) أَيْ عَلَى تَرْكِهِ (لَمْ تَسْقُطْ الْكَفَّارَةُ) إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِأَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَهَذَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ (وَلَوْ) (حَرَّمَ) الشَّخْصُ (غَيْرَ الْإِبْضَاعِ) كَأَنْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الطَّعَامُ أَوْ الْعَبْدُ حَرَامٌ عَلَيَّ (فَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِبْضَاعِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالِاحْتِيَاطِ وَلِشِدَّةِ قَبُولِهَا التَّحْرِيمَ بِدَلِيلِ تَأْثِيرِ الظِّهَارِ فِيهَا دُونَ الْأَمْوَالِ وَكَالْأَمْوَالِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّخْصِ لِآخَرَ لَيْسَ بِزَوْجَةٍ وَلِأَمَةٍ لَهُ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ.
وَأَمَّا الْأَمَةُ فَقَدْ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِتَحْرِيمِ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُحَرَّمِ) لِقِصَّةِ مَارِيَةَ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ كَأُخْتِهِ لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ (وَفِي) وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ (الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَنَحْوِهَا) كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَالْمُسْتَبْرَأَةِ (وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِي زَوْجَةٍ أَحْرَمَتْ أَوْ اعْتَدَّتْ بِشُبْهَةٍ) أَحَدُهُمَا لَا لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا وَثَانِيهِمَا نَعَمْ لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِاسْتِبَاحَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ وَجَزَمَ الرُّويَانِيُّ بِالْأَوَّلِ فِي أَمَتِهِ الْمُعْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْقَاضِي بِهِ فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْمُرْتَدَّةِ (وَلَا كَفَّارَةَ) بِذَلِكَ (فِي رَجْعِيَّةٍ) لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا (وَوَجَبَتْ فِي حَائِضٍ وَصَائِمَةٍ وَنَحْوِهَا) كَنُفَسَاءَ وَمُصَلِّيَةٍ لِأَنَّهَا عَوَارِضُ سَرِيعَةُ الزَّوَالِ فَإِنْ أَرَادَ تَحْرِيمَ وَطْئِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (هَذَا) أَيْ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِتَحْرِيمِ أَمَتِهِ الْمَذْكُورَةِ (إذَا نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِ الْأَمَةِ) أَوْ نَحْوِ عَيْنِهَا مِمَّا مَرَّ (أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَى عِتْقًا نَفَذَ) لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِيهِ (أَوْ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا لَغَا) لِاسْتِحَالَتِهِمَا فِي حَقِّ الْأَمَةِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (حَرَّمَ كُلَّ مَا يَمْلِكُ وَلَهُ نِسَاءٌ وَإِمَاءٌ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَتَكْفِيه) كَفَّارَةٌ (وَاحِدَةٌ) كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ جَمَاعَةً فَكَلَّمَهُمْ وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ أَنْتُنَّ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَمَا نَقَلَهُ فِي الظِّهَارِ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ فِي هَذِهِ ضَعِيفٌ وَلِهَذَا حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ (وَلَوْ حَرَّمَ زَوْجَتَهُ مَرَّاتٍ) كَأَنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (فِي مَجْلِسٍ كَفَاهُ كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ (وَكَذَا) فِي (مَجَالِسَ وَنَوَى التَّأْكِيدَ لَا) إنْ نَوَى (الِاسْتِئْنَافَ) فَلَا يَكْفِيه كَفَّارَةٌ بَلْ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَرَّاتِ وَمِثْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَا لَوْ نَوَاهُ مَعَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ خِلَافَهُ (فَإِنْ أَطْلَقَ فَقَوْلَانِ) أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ التَّعَدُّدِ كَمَا فِي تَكَرُّرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَ) قَوْلُهُ لَهَا (أَنْت حَرَامٌ) (كِنَايَةٌ) فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ (إنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ) فَإِنْ قَالَهَا فَهُوَ صَرِيحٌ.
(فَرْعٌ لَوْ) (قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ) أَوْ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ (فَكَقَوْلِهِ) أَنْتِ (حَرَامٌ عَلَيَّ) فِيمَا مَرَّ وَشُمُولُ كَلَامِهِ لِمَا عَدَا لُزُومَ الْكَفَّارَةِ فِيمَا إذَا نَوَى التَّحْرِيمَ أَوْ أَطْلَقَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا تَرْجِيحُ لُزُومِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ظَاهِرِ النَّصِّ وَعَنْ الْإِمَامِ ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (لَا إنْ قَصَدَ) بِهِ (الِاسْتِئْنَافَ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
[فَرْعٌ لَا يَلْحَقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ سُؤَالُ الْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ]
(فَرْعٌ) (لَا يَلْحَقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ سُؤَالُ الْمَرْأَةِ) الطَّلَاقَ (وَلَا قَرِينَةٌ) مِنْ غَضَبٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ خِلَافَ مَا تُشْعِرُ بِهِ الْقَرِينَةُ وَاللَّفْظُ فِي نَفْسِهِ مُحْتَمِلٌ (وَلَا) يَلْحَقُهَا بِهِ (مُوَاطَأَةٌ كَالتَّوَاطُؤِ عَلَى جَعْلِ) قَوْلِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَطَلَّقْتُك) كَأَنْ قَالَ مَتَى قُلْت لِامْرَأَتِي أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنِّي أُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا (بَلْ يَكُونُ ابْتِدَاءً) أَيْ كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ بِهِ لِاحْتِمَالِ تَغْيِيرِ نِيَّتِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا مُوَاطَأَةَ إلَى آخِرِهِ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ (وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الْأَصْحَابُ (إنَّ) قَوْلَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّشْرِيكُ هُنَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ لَا يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ اتِّفَاقًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ طَلُقَتْ وَلَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَحْرُمْ وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ) وَإِنْ اشْتَهَرَ لَفْظُ الْحَرَامِ فِي الطَّلَاقِ وَاللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ حِلُّ الْوَطْءِ عَلَى إخْرَاجِهَا كَمَا يَتَوَقَّفُ الْوَطْءُ فِي الظِّهَارِ وَعَلَى التَّكْفِيرِ وَالْفَرْقُ غِلَظُ حُرْمَةِ الظِّهَارِ فَإِنَّ النُّطْقَ بِهِ حَرَامٌ وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْ الْكَبَائِرِ وَأَمَّا النُّطْقُ بِالتَّحْرِيمِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ (قَوْلُهُ وَكَالْأَمْوَالِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّخْصِ لِآخَرَ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ بِتَحْرِيمِ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُحْرِمِ) شَمِلَ الْمُسْتَوْلَدَةَ (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَبْرَأَةُ) أَيْ وَالْمُكَاتَبَةُ (قَوْلُهُ أَوْ اعْتَدَّتْ بِشُبْهَةٍ) أَيْ أَوْ ارْتَدَّتْ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَا لِصِدْقِهِ فِي وَضْعِهَا) هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ لِاسْتِحَالَتِهِمَا فِي حَقِّ الْأَمَةِ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُمْهُورُ وَإِنْ قَالَ الرِّيمِيُّ فِي نِيَّةِ الظِّهَارِ أَنَّهُ كَمَا لَوْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا.
[فَرْعٌ حَرَّمَ عَلَى نَفْسه كُلَّ مَا يَمْلِكُ وَلَهُ نِسَاءٌ وَإِمَاءٌ]
(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَا لَوْ نَوَاهُ مَعَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ التَّعَدُّدِ) هُوَ الْأَصَحُّ.
(3/273)
(أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ صَرِيحٌ فِي الْكَفَّارَةِ مَجَازٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَعْنَى لُزُومِ الْكَفَّارَةِ) أَيْ لَيْسَ لُزُومُهَا مَعْنًى لِلَّفْظِ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِهِ (فَإِنْ) (ادَّعَتْ) فِي تَلَفُّظِهِ بِكِنَايَةِ (نِيَّتِهِ) لِلطَّلَاقِ (فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَتْ) يَمِينَ الرَّدِّ (حُكِمَ بِالطَّلَاقِ) فَرُبَّمَا كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ ثُمَّ جَحَدَ أَوْ اُعْتُمِدَتْ قَرَائِنُ يَجُوزُ الْحَلِفُ بِمِثْلِهَا.
[فَصْلٌ مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ فِي الطَّلَاق مُتَعَلِّقَةٍ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ]
(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ (وَقَوْلُهُ) لَهَا (لَمْ يَبْقَ بَيْنِي وَبَيْنَك شَيْءٌ وَبَيْعٌ) (الطَّلَاقُ) لَهَا (بِصِيغَتِهِ) أَيْ الْبَيْعُ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ (بِلَا عِوَضٍ) أَوْ بِعِوَضٍ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْخُلْعِ (أَوْ) قَوْلُهُ (أَبْرَأْتُك أَوْ عَفَوْت عَنْك أَوْ بَرِئْت مِنْ نِكَاحِك أَوْ بَرِئْت إلَيْك مِنْ طَلَاقِك) (كِنَايَةٌ) وَمَعْنَاهُ فِي الْآخِرَةِ تَبَرَّأْت مِنْك بِوَاسِطَةِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْك (لَا) قَوْلُهُ (بَرِئْت مِنْ طَلَاقِك) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَاهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَبْعُدُ إيقَاعُهُ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِهِ بَرِئْت مِنْ عُهْدَتِهِ أَوْ مِنْ سَبَبِ إيقَاعِهِ فَإِنَّ سَبَبَهُ مِنْك.
(وَقَوْلُهُ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ لَا فَرْضٌ) عَلَيَّ (صَرِيحٌ) لِلْعُرْفِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَعَدَمُهُ فِي الثَّالِثِ قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُزَنِيّ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فَهُوَ كِنَايَةٌ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّهُ صَرِيحٌ وَهُوَ الْأَوْجَهُ بَلْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْحَقُّ فِي هَذَا الزَّمَنِ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ فَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ.
(وَ) قَوْلُهُ (طَلَّقَك اللَّهُ وَأَعْتَقَك اللَّهُ وَأَبْرَأَك اللَّهُ لِزَوْجَتِهِ) فِي الْأُولَى (وَأَمَتِهِ) فِي الثَّانِيَةِ وَغَرِيمِهِ فِي الثَّالِثَةِ (صَرِيحٌ) فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْإِبْرَاءِ إذْ لَا يُطَلِّقُ اللَّهُ وَلَا يُعْتِقُ وَلَا يُبْرِئُ إلَّا وَالزَّوْجَةُ طَالِقٌ وَالْأَمَةُ مُعْتَقَةٌ وَالْغَرِيمُ بَرِيءٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ بَاعَك اللَّهُ وَأَقَالَك كِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ وَيُعْرَفُ بِأَنَّ الصِّيَغَ هُنَا قَوِيَّةٌ لِاسْتِقْلَالِهَا بِالْمَقْصُودِ بِخِلَافِ صِيغَتَيْ الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ.
(وَ) قَوْلُهُ (طَلَاقُك عَلَيَّ وَلَسْت زَوْجَتِي) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (كِنَايَةٌ) وَفَارَقَ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا عَلَيَّ الطَّلَاقُ عَلَى قَوْلِ الصَّيْمَرِيِّ بِاحْتِمَالِهِ طَلَاقُك فَرْضٌ عَلَيَّ مَعَ عَدَمِ اشْتِهَارِهِ بِخِلَافِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ (وَيَقَعُ بِأَنْتِ طَالِقَانِ وَطَوَالِقُ طَلْقَةٌ) فَقَطْ (وَكَذَا) يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ (أَنْت طَالِقٌ بِالتَّرْخِيمِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ (وَقِيلَ لَا يَقَعُ بِهِ وَإِنْ نَوَى وَإِنْ قَالَ ذُو زَوْجَةٍ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا أَنْت طَلُقَتْ لِلِاسْتِغْرَاقِ) لِأَنَّهُ يَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ (كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك وَسِوَاك) أَيْ أَوْ سِوَاك (طَالِقٌ) فَلَا تَطْلُقُ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَوَجْهُهُ أَنَّ إلَّا أَصْلُهَا الِاسْتِثْنَاءُ فَلَزِمَ الِاسْتِغْرَاقُ إذْ هُوَ إخْرَاجٌ بَعْدَ إدْخَالٍ، وَغَيْرُ وَنَحْوُهَا أَصْلُهُمَا الصِّفَةُ فَيَكُونُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَى الْمُغَايَرَةِ لِلْمُخَاطَبَةِ فَقَطْ وَسَوَّى السُّبْكِيّ بَيْنَ إلَّا وَغَيْرِهِ فَقَالَ الَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ قَدَّمَ غَيْرَ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ أَخَّرَهَا طَلُقَتْ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي إلَّا فَإِنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي إلَّا أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ طَلُقَتْ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَالْعَجَبُ مِنْ صَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ إلَّا وَغَيْرِهَا مُسْتَنِدًا إلَى كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَكَلَامُ الْخُوَارِزْمِيَّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إلَّا وَغَيْرِهَا وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ (وَبِخِلَافِ قَوْلِهِ لِنِسْوَةٍ هِيَ) أَيْ زَوْجَتُهُ (فِيهِنَّ أَنْتُنَّ طَوَالِقُ إلَّا هَذِهِ) وَأَشَارَ إلَيْهَا أَوْ إلَّا زَوْجَتِي فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ عَيَّنَهُنَّ وَاسْتَثْنَى زَوْجَتَهُ.
(وَقَوْلُهُ بِطَلَاقِك لَأَفْعَلَنَّ) كَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ أَوْ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ]
قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي) أَيْ أَوْ يَلْزَمُنِي وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِغُلَامِهِ اعْمَلْ الشُّغْلَ الْفُلَانِيَّ فَقَالَ لَا أُحْسِنُهُ فَقَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَنَّك تَعْرِفُ أَيْنَ يَسْكُنُ إبْلِيسُ فَإِنْ قَصَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْغُلَامَ حَاذِقٌ فَطِنٌ نَبِيهٌ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ الْأُمُورُ الْعُرْفِيَّةُ غَالِبًا يَقَعُ طَلَاقُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ إلَخْ) قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا إلَّا أَنْ يَسْبِقَنِي الْقَضَاءُ وَالْقَدْرُ ثُمَّ فَعَلَهُ وَقَالَ أَرَدْت إخْرَاجَ مَا يُقَدَّرُ مِنْهُ عَنْ الْيَمِينِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا تَطْلُقُ وَقَوْلُهُ أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي صَرِيحٌ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ أَلْزَمْتُك أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك فِرَاقِي أَوْ طَلَاقِي كَانَ صَرِيحًا (قَوْلُهُ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّهُ صَرِيحٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ) وَلِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ النَّقْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فس.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ سَائِرُ زَوْجَاتِهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَإِنْ كَانَ وَضْعُ اللُّغَةِ يَقْتَضِي الطَّلَاقَ لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَمْ يُحْمَلْ عَلَى الثَّلَاثِ وَإِنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْعُمُومِ قَالَ شَيْخُنَا سُئِلَ وَالِدِي عَمَّنْ قَالَ وَالطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَلَاقٌ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ التَّعْلِيقَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُحْلَفُ بِهِ إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ فَإِنْ نَوَاهُ بِهِ وَقَعَ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ بَيْنَ جَرِّ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَعَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي تَمْهِيدِهِ مَا يَعْتَادُهُ النَّاسُ فِي الْعِتْقِ حَيْثُ يَقُولُونَ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَثِيرًا مَا يَنْطِقُونَ بِهِ مَجْرُورًا مَقْسَمًا بِهِ فَيَقُولُونَ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ بِزِيَادَةِ وَاوِ الْقَسَمِ وَذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنَّ مَدْلُولَ ذَلِكَ هُوَ الْقَسَمُ بِهِمَا فِي حَالِ لُزُومِهَا فَتَأَمَّلْهُ وَهُمَا لَا يَصْلُحَانِ لِلْقَسَمِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَضْلًا عَنْ التَّقْيِيدِ ثُمَّ تَكَرُّرِ السُّؤَالِ لَهُ عَنْ قَوْلِك مَثَلًا الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا مِنْ غَيْرِ وَاوِ الْقَسَمِ بَلْ وَعَنْ قَوْلِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي فَقَطْ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ مُطْلَقًا أَوْ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ ثُمَّ أَلْحَقَ بِخَطِّهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَيُوَجَّهُ بِأَنْ يَلْزَمُنِي مُسْتَعْمَلٌ فِي الْحَالِ لِلْعُرْفِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَقَعُ بِهِ وَإِنْ نَوَى) أَيْ لِأَنَّ التَّرْخِيمَ لَا يَقَعُ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ إلَّا نَادِرًا فِي الشِّعْرِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ) لَمْ يَتَوَارَدْ كَلَامُ الْقَفَّالِ وَالْخُوَارِزْمِيّ عَلَى تَصْوِيرٍ وَاحِدٍ ع (قَوْلُهُ فَقَالَ وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ بِطَلَاقِك لَأَفْعَلَنَّ كَذَا) إذَا قَالَ وَالطَّلَاقِ لَا أَفْعَلُ كَذَا بِالْجَرِّ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَهُ ر
(3/274)
(أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك وَلَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ لَغْوٌ) أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُحْلَفُ بِهِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ حِينَ التَّعْلِيقِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ لَيْسَ بِكَلَامٍ وَيُفَارِقُ وُقُوعَهُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ بِحُصُولِ الْإِفْهَامِ بِهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا (وَكَذَا) يَلْغُو قَوْلُهُ (أَنْت طَالِقٌ أَوْ لَا) بِإِسْكَانٍ لِوَاوٍ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِفْهَامٌ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَ هَلْ أَنْت طَالِقٌ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (إنْشَاءً) لِلطَّلَاقِ (فَتَطْلُقُ) وَلَا يُؤَثِّرُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ أَوْ لَا وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَ كَأَصْلِهِ الْمَسْأَلَةَ كُلَّهَا فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فَهِيَ مُكَرَّرَةٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَهُوَ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ طَلُقَتْ.
(وَإِنْ نُسِبَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِ أُمِّهَا فَقَالَ) زَوْجُهَا (بِنْتُ فُلَانٍ طَالِقٌ وَنَوَاهَا طَلُقَتْ) وَلَا يَضُرُّ التَّجَوُّزُ فِي نِسْبَتِهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ النِّكَاحِ (وَإِلَّا فَلَا) تَطْلُقُ (وَلَوْ قَالَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ) إنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقَهَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ وَمَا وَقَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ اسْتَنَدَ فِيهِ إلَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمْ وَالْأَصَحُّ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُتَقَدِّمِينَ الْأَوَّلُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ.
(وَلَيْسَ) قَوْلُهُ (بَانَتْ مِنِّي امْرَأَتِي أَوْ حَرُمَتْ عَلَيَّ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ) فَيَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ (وَإِنْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ مُدَّةٍ ثَلَاثًا ثُمَّ فَسَّرَ الْكِنَايَةَ بِالطَّلَاقِ لِيَرْفَعَ الثَّلَاثَ) أَيْ وُقُوعَهَا لِمُصَادِفَتِهَا الْبَيْنُونَةَ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ أَيْ تَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى مُدَّةٍ.
(وَإِنْ قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَأَرَادَ) زَيْنَبَ (غَيْرَ زَوْجَتِهِ قُبِلَ) كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْقَبُولِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ وَقَالَ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ إنَّهُ الصَّحِيحُ الَّذِي عِلِّيّه الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا إنْ سَبَقَ اسْتِدْعَاؤُهَا) بِأَنْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْت زَيْنَبَ ثُمَّ قَالَ نَوَيْت زَيْنَبَ غَيْرَهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ لِدَلَالَةِ الْحَالِ (وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ أَنَّ سُؤَالَ الْمَرْأَةِ لَا يُلْحِقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ) وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ زَيْنَبَ لَيْسَ كِنَايَةً عَنْ الزَّوْجَةِ وَإِنَّمَا هُوَ صَرِيحٌ فِيهَا وَالْإِبْهَامُ إنَّمَا حَصَلَ بِتَسْمِيَةِ غَيْرِهَا بِاسْمِهَا فَهُوَ كَالْمُشْتَرَكِ يَنْصَرِفُ إلَى أَحَدِ مُسَمَّيَاتِهِ بِالْقَرِينَةِ نَعَمْ قَدْ يُنَازَعُ فِي أَنَّ الْقَرِينَةَ هُنَا تَقْتَضِي طَلَاقَ زَوْجَتِهِ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ طَلَّقْتُك إلَى طَلَّقْت زَيْنَبَ يُشْعِرُ بِإِرَادَةِ غَيْرِهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَرَادَهُ سَوَاءٌ أَسَبَقَ سُؤَالُهَا أَمْ لَا فَتَطْلُقُ ثُمَّ التَّنَاقُضُ الْمُشَارُ إلَيْهِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ الَّتِي شُرِحَتْ عَلَيْهَا تَبَعًا لِأَصْلِهَا أَمَّا عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ مِنْ تَرْكِهِ قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ زَيْنَبُ إلَى آخِرِهِ فَلَا تَنَاقُضَ.
(وَقَوْلُهُ لِلْوَلِيِّ زَوِّجْهَا إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ) بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَهَا تُزَوِّجِي أَوْ انْكِحِي لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّهُ كِنَايَةٌ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ وَطَالِقٌ فَلْيُفَسَّرْ الْأَوَّلُ) أَيْ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى تَفْسِيرِهِ وَلَا يُجْعَلُ الثَّانِي تَفْسِيرًا لَهُ.
(وَإِنْ) كَرَّرَ كِنَايَةً كَأَنْ (قَالَ اعْتَدِّي نَاوِيًا) بِهِ الطَّلَاقَ (وَكَرَّرَهُ غَافِلًا عَنْ التَّأْكِيدِ وَالِاسْتِئْنَافِ فَعَلَى أَيِّهِمَا يُحْمَلُ؟ قَوْلَانِ) أَوْجَهُهُمَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ فَإِنْ نَوَى التَّأْكِيدَ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ الِاسْتِئْنَافُ فَثِنْتَانِ إنْ كَرَّرَ مَرَّةً وَإِلَّا فَثَلَاثٌ (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَلْفَاظُ) وَنَوَى الطَّلَاقَ (تَعَدَّدَ) بِعَدَدِهَا وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ عَنْ جَدِّهِ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُخَالِفٌ لِلرَّاجِحِ فِي اخْتِلَافِ الصَّرَائِحِ مِنْ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا لَوْ اتَّفَقَتْ وَلَعَلَّ مَا قَالَهُ شُرَيْحٌ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ فِي اخْتِلَافِ الصَّرَائِحِ.
(وَلَوْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْ امْرَأَتَك فَقَالَ طَلَّقْت أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى السُّؤَالِ فِي الْأُولَى وَالتَّفْوِيضِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَى امْرَأَتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ وَلَا دَلَالَةٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ امْرَأَتِي وَنَوَى الطَّلَاقَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ كَانَ أَبَوَا زَوْجَتَيْهِ) مُسَمَّيَيْنِ (مُحَمَّدَيْنِ وَغَلَبَ عَلَى إحْدَاهُمَا) عِنْدَ النَّاسِ (زَيْدٌ فَقَالَ بِنْتُ مُحَمَّدٍ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) بِنْتُ مُحَمَّدٍ مُعَيَّنًا (حَتَّى يُرِيدَ نَفْسَهُ) أَيْ الْمُعَيَّنَ فَتَطْلُقُ بِنْتُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي اسْمِ الشَّخْصِ بِتَسْمِيَةِ أَبَوَيْهِ لَا بِتَسْمِيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ إلَخْ) لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْتِ فِي أَوَّلِ الطَّلَاقِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ نُسِبَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِ أُمِّهَا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا ابْنَةُ غَيْرِهِ أَمَّا إذَا كَانَ يَجْهَلُ ذَلِكَ وَيَعْتَقِدُ أَنَّهَا ابْنَةُ مَنْ اُشْتُهِرَ نَسَبُهَا إلَيْهِ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ ظَاهِرًا كَمَا لَوْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي أَوْ طَلَّقْت نِسَاءَ الْعَالَمِينَ وَزَوْجَتِي لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ طَلَاقَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ حَتَّى يَصِحَّ الْعَطْفُ.
(قَوْلُهُ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَالَ أَرَدْت الْإِخْبَارَ بِأَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَعَرَفَ ذَلِكَ الطَّلَاقَ ثُمَّ رَأَيْت مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْقَاضِي الطَّبَرِيِّ قَالَ الدَّارَكِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْيَزِيِدِيّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فُلَانَةُ طَالِقٌ فَسَمَّى امْرَأَتَهُ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت أَجْنَبِيَّةً اسْمُهَا اسْمُ امْرَأَتِهِ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ مِنْ زَوْجِهَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ فُلَانَةُ امْرَأَتِي أَوْ طَلَّقْت فُلَانَةَ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْقَبُولِ إلَخْ) لَوْ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ وَاسْمُهَا فَاطِمَةُ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْت فَاطِمَةَ ثُمَّ قَالَ نَوَيْت فَاطِمَةَ أُخْرَى طَلُقَتْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِدَلَالَةِ الْحَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت فَاطِمَةَ ثُمَّ قَالَ نَوَيْت فَاطِمَةَ أُخْرَى قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ لِلْوَلِيِّ زَوِّجْهَا إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ) لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَسْلِيطَ الْوَلِيِّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهَا.
(قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ) هُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ تَعَدَّدَ بِعَدَدِهَا) أَيْ إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ.
(قَوْلُهُ فَتَطْلُقُ بِنْتُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) يُتَّجَهُ تَحْلِيفُهُ عِنْدَ طَلَبِ الْأُخْرَى ذَلِكَ
(3/275)
النَّاسِ وَقَدْ تَتَعَدَّدُ الْأَسْمَاءُ (وَلَوْ قِيلَ لِزَيْدٍ يَا زَيْدُ فَقَالَ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت) زَيْدًا (غَيْرِي قُبِلَ) مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ فَلَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ إذَا أَرَادَ نَفْسَهُ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا وَهُوَ مَنْقُولُ الْأَصْلِ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا رَجَّحَهُ مِنْ أَنَّهَا لَا تَطْلُق إلَّا عِنْدَ إرَادَتِهِ نَفْسَهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ إلَّا حِينَئِذٍ وَلِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ الْقَبُولِ فِي مَسْأَلَةِ زَيْنَبَ السَّابِقَةِ (وَلَوْ قِيلَ) لَهُ (أَطَلَّقْت) امْرَأَتَك (فَقَالَ) لِلْقَائِلِ (اعْلَمْ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَعْلَمَ وَلَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْعِلْمُ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي قَبْلَ التَّدْبِيرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْت تَعْلَمُ أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي بِيَدِي حُرٌّ حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقُولُ لَهُ عَالِمًا بِحُرِّيَّتِهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ ثَمَّ مُعَلَّقٌ بِاعْتِرَافِهِ بِعِلْمِ الْمُخَاطَبِ بِخِلَافِهِ هُنَا.
(فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (قَالَتْ) لَهُ (طَلِّقْنِي ثَلَاثًا فَقَالَ) لِفُقَهَاءَ (اُكْتُبُوا لَهَا ثَلَاثًا فَفِي كَوْنِهِ كِنَايَةً تَرَدُّدٌ) أَيْ احْتِمَالَانِ لِأَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ أَحَدُهُمَا لَا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ فِعْلُ الْكَاتِبِ وَلَمْ يُفَوِّضْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ إلَيْهِ حَتَّى يَقَعَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُ وَثَانِيهِمَا وَهُوَ أَقْرَبُ نَعَمْ بِتَقْدِيرِ اُكْتُبُوا لَهَا ثَلَاثًا لِأَنِّي طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا (وَقَوْلُهُ أَنْت كَذَا أَوْ كَمَا أُضْمِرَ أَوْ امْرَأَتِي الْحَاضِرَةُ طَالِقٌ وَكَانَتْ غَائِبَةً لَغْوٌ) فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَاهُ إذْ لَا إشْعَارَ لِلْأَوَّلَيْنِ بِالْفُرْقَةِ وَلَا لِلثَّالِثِ بِهَا فِي الْغَائِبَةِ.
(وَلَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَيَّنَ نَفْسَهُ وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُعَبِّرُ بِغَيْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا لَمْ يَقَعْ (وَقَوْلُهُ) لِابْنِهِ الْمُكَلَّفِ (قُلْ لِأُمِّك أَنْت طَالِقٌ) وَلَمْ يُرِدْ التَّوْكِيلَ (يَحْتَمِلُ التَّوْكِيلَ) فَإِذَا قَالَهُ لَهَا طَلُقَتْ كَمَا تَطْلُقُ بِهِ لَوْ أَرَادَ التَّوْكِيلَ (وَ) يَحْتَمِلُ (الْإِخْبَارَ) أَيْ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَيَكُونُ الِابْنُ مُخْبِرًا لَهَا بِالْحَالِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُدْرَكُ التَّرَدُّدِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ إنْ جَعَلْنَاهُ كَصُدُورِ الْأَمْرِ مِنْ الْأَوَّلِ كَانَ الْأَمْرُ بِالْإِخْبَارِ بِمَنْزِلَةِ الْإِخْبَارِ مِنْ الْأَبِ فَيَقَعُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وَبِالْجُمْلَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَفْسِرَ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ عَمِلَ بِالِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ بَلْ بِقَوْلِ الِابْنِ لِأُمِّهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ.
(وَيَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ) فِي الطَّلَاقِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْوَكَالَةَ) يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يُطَلِّقُ لِمُوَكِّلِهِ وَقِيلَ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي أَوَاخِرِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الصَّارِفِ بِأَنْ لَا يَقُولَ طَلَّقْتهَا عَنْ غَيْرِ الْمُوَكِّلِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الدِّيَاتِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَكِيلُ الْمُقْتَصِّ قَتَلْته بِشَهْوَةِ نَفْسِي لَا عَنْ الْمُوَكِّلِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ كَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ لَا يَقَعُ إلَّا لِمُوَكِّلِهِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ (وَإِنْ قَالَ) الْوَكِيلُ (طَلَّقْت مَنْ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقَ بِلَفْظِي فَوَجْهَانِ) فِي أَنَّ الَّتِي وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِهَا هَلْ تَطْلُقُ أَوْ لَا وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ فِي السِّكَّةِ طَالِقٌ وَزَوْجَتُهُ فِيهَا طَلُقَتْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ فِي هَذِهِ لَوْ قَالَ امْرَأَةُ كُلِّ مَنْ فِي السِّكَّةِ طَالِقٌ وَهُوَ فِي السِّكَّةِ إلَى آخِرِهِ إنَّمَا يَتَّجِهُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ.
(وَإِنْ قِيلَ) لَهُ (إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتُك طَالِقٌ فَقَالَ نَعَمْ وَكَانَ قَدْ فَعَلَهُ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْهُ وَإِنَّمَا أَجَازَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ نَقْلِهِ هَذَا عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي قَالَ الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ قِيلَ لَهُ طَلَّقْتهَا فَقَالَ نَعَمْ وَهَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي تَعْلِيقِهِ الْأَوَّلِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا لَمْ تَطْلُقْ) زَوْجَتُهُ (بَاطِنًا) وَإِنَّمَا تَطْلُقُ ظَاهِرًا (وَإِنْ قَالَ) لِإِحْدَى نِسَاؤُهُ (أَنْت طَالِقٌ مِائَةً فَقَالَتْ تَكْفِينِي ثَلَاثٌ فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك فَكِنَايَةٌ فِي الضَّرَائِرِ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ عَلَى كُلٍّ ثَلَاثٌ وَكَانَ التَّقْدِيرُ أَنْتِ طَالِقٌ بِثَلَاثٍ وَهُنَّ طَوَالِقُ بِالْبَاقِي وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطِبْهُنَّ وَإِنَّمَا رَدَّ عَلَيْهِنَّ شَيْئًا لَاغِيًا (هَذَا قَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ قَالَتْ تَكْفِينِي وَاحِدَةٌ) فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك (طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَالضَّرَائِرُ طَلْقَتَيْنِ إنْ نَوَى) الطَّلَاقَ (أَوْ قَالَتْ تَكْفِينِي ثَلَاثًا) صَوَابُهُ ثَلَاثٌ فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك (لَغَا مَا أَلْقَاهُ عَلَى الضَّرَائِرِ) بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ لَغْوٌ وَقِيَاسُ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وُقُوعُ ثَلَاثٍ عَلَى الضَّرَائِرِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْخِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَغَوِيّ فِي الشِّقَّيْنِ مَعًا وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ.
(وَقَوْلُهُ حَرَّمْتُك وَالنِّيَّةُ نِيَّةُ زَيْدٍ كَحَرَّمْتُك) بِدُونِ ذِكْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْقُولُ الْأَصْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَثَانِيهُمَا وَهُوَ أَقْرَبُ نَعَمْ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يُرِدْ التَّوْكِيلَ) فَإِنْ أَرَادَ التَّوْكِيلَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَقُولَ الِابْنُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَفْسَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَيَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْوَكَالَةَ لِانْتِفَاءِ الصَّارِفِ عَنْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ الْوَكِيلَ إذَا أَطْلَقَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَنْ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الصَّارِفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ) هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا فِيمَا لَا يَصِحُّ فِيهِ الْوُقُوعُ لِنَفْسِهِ أَمَّا مَا يَصِحُّ فِيهِ الْوُقُوعُ لَهُ فَلَا شَكَّ فِي اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ كَمَا سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ.
(قَوْلُهُ فَقَالَ نَعَمْ إلَخْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَنْت سَرَقْت مَالِي فَأَنْكَرَ فَقَالَ إنْ كُنْت سَرَقْته فَامْرَأَتُك طَالِقٌ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ قَالَ طَالِقٌ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَحْدَهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مَا لَمْ يَقُلْ امْرَأَتِي وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ سَرَقْت مَالِي فَقَالَ مَا سَرَقْته فَقَالَ إنْ كُنْت سَرَقْته فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيْك حَرَامٌ فَقَالَ نَعَمْ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ عَلَى مَذْهَبِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ عِنْدَهُمْ هَذَا اللَّفْظُ كِنَايَةٌ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ وَاللَّفْظُ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ كَانَتْ تَكْفِينِي وَاحِدَةٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ صَوَابُهُ ثَلَاثٌ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْأُولَى صَوَابٌ أَيْضًا بِجَعْلِ فَاعِلِ يَكْفِينِي ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الطَّلَاقِ لِفَهْمِهِ مِنْ طَالِقٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ لَغْوٌ) فَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ بَعْدَ التَّنْقِيبِ التَّامِّ أَنْ جُعِلَ ذَلِكَ كِنَايَةً فِي الضَّرَائِرِ إلَّا الْمُتَوَلِّي.
(3/276)
الْبَاقِي (وَالْبَاقِي لَغْوٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فِي هَذَا وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ فَعَلْت كَذَا فَأَنْكَرَ فَقَالَ الْحِلُّ عَلَيْك حَرَامٌ وَالنِّيَّةُ نِيَّتِي أَنَّك مَا فَعَلْت كَذَا فَقَالَ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك مَا فَعَلْته لَغَا قَوْلُهُ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك وَيَكُونُ كَمَا لَوْ تَلَفَّظَ بِهِ ابْتِدَاءً (وَإِنْ قِيلَ لِمَنْ أَنْكَرَ) شَيْئًا (امْرَأَتُك طَالِقٌ إنْ كُنْت كَاذِبًا فَقَالَ طَالِقٌ) طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ إنْ كَانَ كَاذِبًا لِتَرَتُّبِ كَلَامِهِ عَلَى كَلَامِ الْقَائِلِ (إلَّا إنْ أَرَادَ غَيْرَهَا) فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إشَارَةٌ إلَيْهَا وَلَا تَسْمِيَةٌ (أَوْ قَالَ بِنْتِي أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ) وَأَنْت يَا زَوْجَتِي (أَوْ) قَالَ (نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْت يَا زَوْجَتِي لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ عَطَفَهَا عَلَى نِسْوَةٍ لَمْ يَطْلُقْنَ.
(الطَّرَفُ الثَّانِي) فِي الْفِعْلِ الْقَائِمِ (مَقَامَ اللَّفْظِ فَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ) مِنْ عُقُودٍ وَحُلُولٍ كَإِقْرَارٍ وَدَعْوًى كَالنُّطْقِ (فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا) أَحْكَامُهُ (وَلَوْ) كَانَ (كَاتِبًا) لِعَجْزِهِ مَعَ دَلَالَتِهَا عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ النُّطْقُ (لَكِنْ) (لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ) بِإِشَارَتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (وَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ) بِهَا وَلَا يَحْنَثُ بِهَا فِي الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْكَلَامِ (فَإِنْ أَفْهَمَتْ الْفَطِنَ) أَيْ الذَّكِيَّ (وَغَيْرَهُ الطَّلَاقَ مَثَلًا فَصَرِيحٌ أَوْ) أَفْهَمَتْ الْفَطِنَ (وَحْدَهُ فَكِنَايَةٌ) تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَقِيلَ يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا رَجَّحَهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (وَتَفْسِيرُهُ صَرِيحُ إشَارَتِهِ) فِي الطَّلَاقِ (بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَتَفْسِيرِ اللَّفْظِ الشَّائِعِ فِي الطَّلَاقِ بِغَيْرِهِ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرٌ إلَّا بِقَرِينَةٍ (وَلَوْ أَشَارَ نَاطِقٌ) بِالطَّلَاقِ (وَ) إنْ (نَوَى) كَأَنْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اذْهَبِي (لَغَا) وَإِنْ أَفْهَمَ بِهَا كُلَّ أَحَدٍ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الْعِبَارَةِ إلَى الْإِشَارَةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ قَاصِدٍ لِلطَّلَاقِ وَإِنْ قَصَدَهُ بِهَا فَهِيَ لَا تُقْصَدُ لِلْإِفْهَامِ إلَّا نَادِرًا وَلَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ لَهُ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ فَإِنَّهَا حُرُوفٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْهَامِ كَالْعِبَارَةِ (فَلَوْ قَالَ) مَنْ لَهُ امْرَأَتَانِ (امْرَأَتِي طَالِقٌ مُشِيرًا لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَقَالَ أَرَدْت الْأُخْرَى قُبِلَ) مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ بِالْإِشَارَةِ شَيْءٌ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ بَلْ يُطَلَّقَانِ جَمِيعًا وَالتَّرْجِيحُ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ آخَرَ الْبَابِ الْخَامِسِ (وَإِنْ قَالَ) لِأَحَدِهِمَا (أَنْت طَالِقٌ وَهَذِهِ فَهَلْ) لَفْظُهُ (هَذِهِ كِنَايَةٌ أَوْ صَرِيحٌ وَجْهَانِ) عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي مَا لَمْ يَنْوِ خِلَافَهُ لِأَنَّهُ عَطَفَهَا عَلَى مَنْ طَلُقَتْ وَكَمَا لَوْ قَالَ مَنْ أَكْرَهَ عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ إلْحَاقًا لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ طَلَاقِ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا.
(فَصْلٌ كَتْبُ الطَّلَاقِ) وَلَوْ صَرِيحًا (كِنَايَةٌ وَلَوْ مِنْ الْأَخْرَسِ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ قَرَأَهُ) أَيْ مَا كَتَبَهُ حَالَ الْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا (فَصَرِيحٌ فَلَوْ قَالَ قَرَأْته حَاكِيًا) مَا كَتَبْته (بِلَا نِيَّةً) لِلطَّلَاقِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَهُوَ يَحُلُّ الْوَثَاقَ وَقَالَ نَوَيْت حَلَّهُ (وَفَائِدَتُهُ) أَيْ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ (إذَا لَمْ يُقَارِنْ الْكَتْبَ النِّيَّةُ) فَإِنْ قَارَنَهَا طَلُقَتْ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ (وَمِثْلُهُ) فِيمَا ذُكِرَ (الْعِتْقُ وَالْإِبْرَاءُ وَالْعَفْوُ) عَنْ الْقِصَاصِ وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ غَيْرَ النِّكَاحِ. .
[فَرْعٌ كَتَبَ أَنْتِ أَوْ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ]
(فَرْعٌ) لَوْ (كَتَبَ أَنْت) أَوْ زَوْجَتِي (طَالِقٌ وَنَوَى) الطَّلَاقَ (طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ كِتَابُهُ) إلَيْهَا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ طَرِيقٌ فِي إفْهَامِ الْمُرَادِ كَالْعِبَارَةِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَحْتَمِلُ النَّسْخَ وَالْحِكَايَةَ وَتَجْرِبَةَ الْقَلَمِ وَالْمِدَادِ وَغَيْرِهَا (وَإِنْ كَتَبَ إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَرَأْته أَوْ فَهِمَتْهُ مُطَالَعَةً) وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ مِنْهُ (طَلُقَتْ) فَإِنْ قَرَأَتْ أَوْ فَهِمَتْ بَعْضَهُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَلَوْ قُرِئَ عَلَيْهَا لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ الشَّرْطِ مَعَ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ بِعَزْلِ الْقَاضِي لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى اللَّفْظِ وَعَزْلُ الْقَاضِي عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَقْصُودِ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْقُضَاةِ أَنْ تُقْرَأَ عَلَيْهِمْ الْكُتُبُ (إلَّا إذَا كَانَتْ أُمِّيَّةً وَعَلِمَ) الزَّوْجُ بِأَنَّهَا أُمِّيَّةٌ فَتَطْلُقُ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ وُجِدَ (لَا إنْ جَهِلَ) أَنَّهَا أُمِّيَّةٌ فَلَا تَطْلُقُ نَظَرًا إلَى حَقِيقَةِ اللَّفْظِ.
(وَلَوْ كَتَبَ إذَا وَصَلَك) أَوْ بَلَغَك أَوْ أَتَاك (كِتَابِي) فَأَنْت طَالِقٌ (طَلُقَتْ بِوُصُولِهِ) إلَيْهَا رِعَايَةً لِلشَّرْطِ (لَا) إنْ وَصَلَ إلَيْهَا (مَمْحِيٌّ) مَا فِيهِ وَفِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَغَا قَوْلُهُ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك إلَخْ) لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ وَاللَّفْظُ مِنْ وَاحِدٍ فَأَمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ وَاحِدٍ وَاللَّفْظُ مِنْ آخَرَ فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْغَيْرَ لَا يَقُومُ مَقَامَ غَيْرِهِ فِي النِّيَّةِ.
[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْفِعْلِ الْقَائِمِ مَقَامَ اللَّفْظِ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ]
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْفِعْلِ الْقَائِمِ مَقَامَ اللَّفْظِ) (قَوْلُهُ فَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ كَالنُّطْقِ) قَالَ الْإِمَامُ فِي الْأَسَالِيبِ وَكَانَ السَّبَبُ فِيهِ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِيهَا بَيَانٌ وَلَكِنَّ الشَّارِعَ تَعَبَّدَ النَّاطِقِينَ بِالْعِبَارَةِ فَإِذَا عَجَزَ الْأَخْرَسُ لِخَرَسِهِ عَنْ الْعِبَارَةِ أَقَامَتْ الشَّرِيعَةُ إشَارَتَهُ مُقَامَ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُهُ) يَشْمَلُ مَا لَوْ عَلَّقَ عَلَى مَشِيئَةِ زَيْدٍ وَكَانَ نَاطِقًا ثُمَّ خَرِسَ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ مُنْشَؤُهُمَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ التَّعْلِيقِ أَوْ بِحَالِ وُجُودِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَفْهَمَتْ الْفَطِنَ وَغَيْرَهُ الطَّلَاقَ فَصَرِيحٌ) كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ كَمْ طَلَّقْت امْرَأَتَك فَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ) وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا.
[فَصْلٌ كِتَابَةُ الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ أَوْ فَهِمَتْهُ مُطَالَعَةً طَلُقَتْ) نَعَمْ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ إنَّمَا أَرَدْت الْقِرَاءَةَ بِاللَّفْظِ قَبْلَ قَوْلِهِ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ إطْلَاقِ قِرَاءَتِهَا إيَّاهُ عَلَى مُطَالَعَتِهَا إيَّاهُ وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِهِ وَبَيْنَ جَوَازِ إجْرَاءِ ذِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ الْقُرْآنَ عَلَى قَلْبِهِ وَنَظَرِهِ فِي الْمُصْحَفِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ أُمِّيَّةً وَعَلِمَ الزَّوْجُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقْرَأَهُ عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ طَالَعَهُ أَوْ فَهِمَهُ أَوْ قَرَأَهُ خَالِيًا ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ إذْ الْغَرَضُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فِيهِ بَقِيَ مَا لَوْ عَلَّقَ بِقِرَاءَتِهَا وَكَانَتْ قَارِئَةً وَهُوَ يَعْلَمُ ثُمَّ نَسِيَتْ الْقِرَاءَةَ أَوْ عَمِيَتْ ثُمَّ جَاءَ الْكِتَابُ أَهَلْ تَطْلُقُ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهَا وَلَوْ عَلَّقَهُ بِقِرَاءَتِهَا عَالِمًا بِأَنَّهَا غَيْرُ قَارِئَةٍ ثُمَّ تَعَلَّمَتْ وَوَصَلَ كِتَابُهُ هَلْ تَكْفِي قِرَاءَةُ غَيْرِهَا الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ فِي الثَّانِيَةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ التَّعْلِيقِ وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِي الْأُولَى لِذَلِكَ وَلَا نَقْلَ عِنْدِي فِيهِمَا.
(3/277)
نُسْخَةٍ مَمْحِيًّا فَلَا تَطْلُقُ كَمَا لَوْ ضَاعَ (إلَّا إنْ بَقِيَتْ الْآثَارُ مَقْرُوءَةً) أَيْ يُمْكِنُ قِرَاءَتُهَا فَتَطْلُقُ كَمَا لَوْ وَصَلَ وَالْمَكْتُوبُ بِحَالِهِ وَالْأَوْلَى قِرَاءَةُ مَمْحِيٍّ عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى بِكَسْرِ الْحَاءِ فَيَكْتُبُ مَمْحٍ مِنْ امَّحَى بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ لُغَةٌ فِي انْمَحَى لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ مَنْقُوصٌ وَإِعْرَابُ الْمَنْقُوصِ نَصْبًا كَإِعْرَابِهِ رَفْعًا وَجَرًّا فِي لُغَةٍ وَلَا يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِإِسْكَانِ الْمِيمِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ رُبَاعِيًّا مَعَ أَنَّهُ ثُلَاثِيٌّ تَقُولُ مَحَى لَوْحَهُ يَمْحُوهُ مَحْوًا وَيَمْحِيه مَحْيًا وَيَمْحُهُ فَهُوَ مَمْحُوٌّ وَمَمْحِيٌّ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَلَوْ انْمَحَى إلَّا مَوْضِعَ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ) لِوُصُولِ الْمَقْصُودِ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ تَطْلُقُ إنْ قَالَ كِتَابِي كَمَا ذُكِرَ لَا إنْ قَالَ كِتَابِي هَذَا أَوْ الْكِتَابُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُقَالُ تَصْوِيرُهُ بِكِتَابِي يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّالِثِ وَقَدْ اسْتَحْسَنَهُ الْأَصْلُ.
(وَلَا أَثَرَ) فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ (لِبَقَاءِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِهِ مَوْضِعَ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ وُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَإِنْ عُلِّقَ بِبُلُوغِ الطَّلَاقِ) أَوْ وُصُولِهِ أَوْ إتْيَانِهِ (فَسَلِمَ) مِنْ الِانْمِحَاءِ (مَوْضِعُ الطَّلَاقِ وَقَعَ قَطْعًا) فَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ لَمْ يَقَعْ وَلَا حَاجَةَ بِقَوْلِهِ قَطْعًا (وَقِرَاءَةُ بَعْضِ الْكِتَابِ) أَوْ فَهْمُهُ مُطَالَعَةً (إنْ عُلِّقَ بِقِرَاءَتِهِ كَوُصُولِ بَعْضِهِ إنْ عُلِّقَ بِوُصُولِهِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثُمَّ (وَإِنْ عُلِّقَ بِوُصُولِ الْكِتَابِ ثُمَّ بِوُصُولِ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ بِوُصُولِ الْكِتَابِ طَلْقَتَيْنِ) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ (أَوْ) عُلِّقَ (بِوُصُولِ نِصْفِ الْكِتَابِ فَوَصَلَ كُلُّهُ طَلُقَتْ) لِاشْتِمَالِ الْكُلِّ عَلَى النِّصْفِ.
(وَإِنْ كَتَبَ غَيْرَهُ أَوْ كَنَّى) بِلَفْظِ (بِإِذْنِهِ وَ) لَوْ (نَوَى هُوَ) الطَّلَاقَ (لَغَا) فَالْعِبْرَةُ بُنَيَّةِ الْكَاتِبِ وَالْكَانِي (وَالْكَتْبُ عَلَى الْأَرْضِ) أَوْ نَحْوِهَا (كِتَابَةٌ لَا عَلَى الْمَاءِ وَالْهَوَاءِ) وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْبَيْعِ (وَإِنْ كَتَبَ أَنْت طَالِقٌ وَاسْتَمَدَّ) بِالْقَلَمِ مِنْ الدَّوَاةِ نُظِرَ (إنْ كَانَ) الِاسْتِمْدَادُ (لِحَاجَةٍ ثُمَّ كَتَبَ تَعْلِيقًا) كَإِذَا أَتَاك كِتَابِي (صَحَّ التَّعْلِيقُ) ظَاهِرًا فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْكِتَابُ (وَإِلَّا وَقَعَ فِي الْحَالِ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِنْ كَانَ السُّكُوتُ لِحَاجَةٍ تَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِالشَّرْطِ وَإِلَّا وَقَعَ فِي الْحَالِ (وَإِنْ أَنْكَرَ) الزَّوْجُ (الْكِتَابَ) أَيْ كَتْبَ الطَّلَاقِ (أَوْ النِّيَّةَ) وَادَّعَتْهُ الزَّوْجَةُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ.
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ التَّفْوِيضُ) لِلطَّلَاقِ وَهُوَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَاحْتَجُّوا لَهُ أَيْضًا «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ وَبَيْنَ مُفَارَقَتِهِ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [الأحزاب: 28] » إلَى آخِرِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِيَارِهِنَّ الْفُرْقَةَ أَثَرٌ لَمْ يَكُنْ لِتَخْيِيرِهِنَّ مَعْنًى وَاسْتُشْكِلَ بِمَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِاخْتِيَارِهَا الدُّنْيَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إيقَاعِهِ بِدَلِيلِ {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: 28] (قَوْلُهُ طَلِّقِي نَفْسَك) لِزَوْجَتِهِ (أَوْ اعْتِقِي نَفْسَك لِأَمَتِهِ تَمْلِيكٌ) لِلطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِغَرَضِهِمَا (كَالْهِبَةِ) وَنَحْوِهَا فَكَأَنَّهُ يَقُولُ مَلَّكْتُكُمَا نَفْسَكُمَا فَيَمْلِكَانِهَا بِالطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ (لَا تَوْكِيلٌ) بِذَلِكَ دَفْعٌ لِمَا قِيلَ إنَّهُ تَوْكِيلٌ كَمَا فِي التَّفْوِيضِ لِأَجْنَبِيٍّ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ لَهُمَا فِيهِ غَرَضًا وَلَهُمَا بِالزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ اتِّصَالًا (فَإِنْ كَانَ) التَّفْوِيضُ (بِمَالُ فَيُمْلَكُ بِعِوَضٍ) كَالْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ بِلَا عِوَضٍ كَالْهِبَةِ (وَشَرْطُهُ) أَيْ التَّفْوِيضُ أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهِ (التَّكْلِيفُ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَا مَعَ غَيْرِ مُكَلَّفَةٍ لِفَسَادِ الْعِبَارَةِ (وَالتَّطْلِيقُ فَوْرًا لِتَضَمُّنِهِ الْقَبُولَ) وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ يَقْتَضِيه فَلَوْ أَخَّرَتْ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ ثُمَّ طَلَّقَتْ لَمْ يَقَعْ (إلَّا أَنْ قَالَ) طَلِّقِي نَفْسَك (مَتَى شِئْت) فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ وَإِنْ اقْتَضَى التَّمْلِيكُ اشْتِرَاطَهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لِمَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ سُومِحَ فِي تَمْلِيكِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَبَعْضِ مُخْتَصِرِي الرَّوْضَةِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّفْوِيضَ تَمْلِيكٌ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَوَجَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا ذُكِرَ وَالْأَصْلُ إنَّمَا ذَكَرَهُ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ وَصَوَّبَهُ فِي الذَّخَائِرِ وَهُوَ الْحَقُّ وَالْإِعْتَاقُ كَالطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ وَفِيمَا يَأْتِي وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَبْحَثَ مَوْضُوعٌ لَهُ.
(وَلِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ) عَنْ التَّفْوِيضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَوْ انْمَحَى إلَّا مَوْضِعَ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ) لَوْ قَالَ إذَا جَاءَك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَتَاهَا بَعْضُ الْكِتَابِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الطَّلَاقِ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَك خَطِّي فَأَنْت طَالِقٌ فَذَهَبَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ الْبَعْضُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَقِيَ ذِكْرُ الطَّلَاقِ.
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَسَكَتَ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ بِكِتَابَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَإِلَّا فَكِتَابَةُ صَرِيحِ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ خَطَّهُ لَمْ تَطْلُقْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بَلْ يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى إثْبَاتِ قِرَاءَتِهِ أَوْ نِيَّتِهِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلشُّهُودِ الشَّهَادَةُ عَلَى أَنَّهُ خَطَّهُ إذَا شَاهَدُوهُ وَقْتَ كِتَابَتِهِ وَكَانَ الْخَطُّ مَحْفُوظًا عِنْدَهُمْ لِيَأْمَنُوا التَّزْوِيرَ.
[الطَّرَفُ الثَّالِثُ التَّفْوِيضُ فِي الطَّلَاقُ]
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ التَّفْوِيضُ) .
(فَرْعٌ) فَوَّضَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ إلَى رَجُلَيْنِ فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً وَالْآخَرُ ثَلَاثًا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَيْهَا وَاخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ فَيَثْبُتُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ قَالَ الْفُورَانِيُّ لَا يَقَعُ سَيَأْتِي عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّطْلِيقُ فَوْرًا) كَأَنْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ التَّطْلِيقَ هُنَا جَوَابُ التَّمْلِيكِ فَكَانَ كَقَبُولِهِ وَقَبُولُهُ فَوْرِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَخَّرَتْ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ قَالَتْ عَلَى الْفَوْرِ قَبِلْت (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَبَعْضِ مُخْتَصِرِي الرَّوْضَةِ) كَالْأُصْفُونِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ) وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْحِجَازِيُّ وَنَقَلَهُ فِي التَّدْرِيبِ عَنْ النَّصِّ وَقَالَ جَرَى عَلَيْهِ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّمْلِيكِ وَمَنْ أَثْبَتَ الْقَوْلَيْنِ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ إذَا فَوَّضَ الطَّلَاقَ إلَيْهَا وَجَعَلَهُ عَلَى التَّرَاخِي فَاَلَّذِي رَمَزَ إلَيْهِ الْأَصْحَابُ فِي خِلَالِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ رَأَيْنَاهُ تَمْلِيكًا عَلَى مَا حَكَيْنَاهُ فِي الْجَوَابِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.
(3/278)
(قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّطْلِيقِ (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) أَيْ التَّفْوِيضُ (فَقَوْلُهُ إذَا جَاءَ الْغَدُ أَوْ زَيْدٌ) مَثَلًا (فَطَلِّقِي نَفْسَك لَغْوٌ) كَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (وَإِنْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ إذَا جَاءَ الْغَدُ) مَثَلًا (فَأَمْرُ امْرَأَتِي) أَيْ فِي الطَّلَاقِ (بِيَدِك وَقَصَدَ التَّقْيِيدَ بِالْغَدِ تَقَيَّدَ) الطَّلَاقُ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ الطَّلَاقُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَصَدَ إطْلَاقَ الطَّلَاقِ لَهُ بَعْدَ وُجُودِ الْغَدِ أَوْ أَطْلَقَ (فَلَهُ الطَّلَاقُ بَعْدَهُ) مَتَى شَاءَ كَمَا لَهُ الطَّلَاقُ فِيهِ وَشُمُولُ كَلَامِهِ لِمَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (أَمْرُهَا بِيَدِك إلَى شَهْرٍ) أَوْ شَهْرًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَهُ التَّطْلِيقُ) فِيهِ لَا بَعْدَهُ (وَإِنْ قَالَ) لَهَا (طَلِّقِي نَفْسَك فَعَلَّقَتْهُ بِقُدُومِ زَيْدٍ لَغَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهَا التَّعْلِيقَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ الَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ (وَإِنْ قَالَتْ) بَعْدَ قَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَك (كَيْف أُطَلِّقُ نَفْسِي ثُمَّ طَلَّقَتْ وَقَعَ) الطَّلَاقُ وَالْفَصْلُ بِذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ لِقَصْرِهِ (وَلَوْ وَكَّلَهَا أَوْ وَكَّلَ آخَرَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ لَمْ يَصِحَّ) كَمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ أَيْضًا فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِهِ يُوجَدُ لَا مَحَالَةَ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْأَيْمَانِ فَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لَهَا بَيِّنِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَيَا) عِنْدَ قَوْلِهِمَا الطَّلَاقَ (طَلُقَتْ) كَمَا تَطْلُقُ بِالصَّرِيحِ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ لَفْظُهُمَا بِالْكِنَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ لَمْ يُفَوِّضْ الطَّلَاقَ وَإِذَا لَمْ تَنْوِ هِيَ مَا امْتَثَلَتْ (وَتَطْلُقُ إذَا قَالَ) لَهَا (طَلِّقِي) نَفْسَك (فَقَالَتْ سَرَّحْت) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الصَّرَاحَةِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ (لَوْ كَنَّى) وَنَوَى (فَصَرَّحَتْ هِيَ أَوْ وَكِيلُهُ) فِي الطَّلَاقِ (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ صَرَّحَتْ فَكَنَّتْ هِيَ أَوْ وَكِيلُهُ وَنَوَيَا (إلَّا إنْ أَمَرَهُمَا بِأَحَدِهِمَا فَخَالَفَا) كَأَنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك أَوْ لَهُ طَلِّقْهَا بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَوْ قَالَ بِكِنَايَتِهِ فَعَدَلَا عَنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ إلَى غَيْرِهِ وَلَا تَطْلُقُ لِمُخَالَفَتِهِمَا صَرِيحَ كَلَامِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ طَلِّقْهَا بِلَفْظِ التَّطْلِيقِ فَطَلَّقَهَا بِلَفْظِ التَّسْرِيحِ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ تَطْلُقْ لِلْمُخَالَفَةِ (وَإِنْ أَجَابَتْ زَوْجَهَا بِطَلَّقْتُك فَكِنَايَةٌ كَقَوْلِهِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ) بِجَامِعِ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لَهَا نَاوِيًا لِلتَّفْوِيضِ) لِلطَّلَاقِ (اخْتَارِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت أَوْ) قَالَ (اخْتَارِي) فَقَطْ (فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي وَنَوَتْ) فِيهِمَا (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (وَإِنْ تَرَكَا النَّفْسَ مَعًا فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَتْ نَفْسَهَا إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِ أَحَدِهِمَا مَا يُشْعِرُ بِالْفِرَاقِ وَثَانِيهِمَا يَقَعُ إذَا نَوَتْ نَفْسَهَا وَبِهِ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ الْجَزْمُ بِهِ وَجَرَيْت عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَلَوْ قَالَتْ) بَعْدَ قَوْلِهِ اخْتَارِي نَفْسَك أَوْ اخْتَارِي فَقَطْ (نَاوِيَةً) لِلطَّلَاقِ (اخْتَرْت أَهْلِي أَوْ الْأَزْوَاجَ) أَوْ غَيْرَك (طَلُقَتْ) لِإِشْعَارِهَا بِالْفِرَاقِ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ نَاوِيَةً مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) إنْ أَجَابَتْهُ (بِاخْتَرْت زَوْجِي) أَوْ الزَّوْجَ (أَوْ النِّكَاحَ) فَلَا تَطْلُقُ لِعَدَمِ إشْعَارِهِ بِهِ (وَإِنْ قَالَتْ) فِي جَوَابِهِ (أَخْتَارُ لَمْ تَطْلُقْ) لِاحْتِمَالِ الِاسْتِقْبَالِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ (إلَّا إنْ قَصَدَتْ) بِهِ (الْإِنْشَاءَ) فَتَطْلُقُ (وَالْقَوْلُ فِي عَدَمِ اخْتِيَارِهَا) لِلطَّلَاقِ (فَوْرًا قَوْلُهُ) لِلْأَصْلِ وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الِاخْتِيَارِ مُمْكِنَةٌ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ التَّخْيِيرِ أَوْ فِي اخْتِيَارِ الزَّوْجَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى.
(وَ) الْقَوْلُ (فِي الْبَيِّنَةِ) إثْبَاتًا وَنَفْيًا (قَوْلُ النَّاوِي) لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ نَعَمْ لَوْ قَالَتْ مَا نَوَيْت فَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ نَوَيْت طَلُقَتْ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَكَذَا) الْقَوْلُ فِيهَا (قَوْلُهُ مَنْ وُكِّلَ فِي الطَّلَاقِ فَكَنَّى) بِهِ كَأَنْ قَالَ لَهَا أَنْت بَائِنٌ أَوْ أَمْرُك بِيَدِك وَزَعَمَ أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ وَلَمْ تُكَذِّبْهُ وَكَذَّبَهُ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ (لَا إنْ كَذَّبَاهُ مَعًا) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ (وَإِنْ فَوَّضَهَا) أَيْ فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ (فِيمَا شَاءَتْ مِنْ الثَّلَاثِ) كَأَنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي أَوْ طَلِّقِي نَفْسَك مِنْ ثَلَاثِ طَلْقَاتٍ مَا شِئْت (مَلَكَتْ مَا دُونَهَا) مِنْ وَاحِدَةٍ وَثِنْتَيْنِ وَلَا تَمْلِكُ الثَّلَاثَ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ (وَإِنْ كَرَّرَ) قَوْلَهُ (اخْتَارِي وَأَرَادَ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ بِاخْتِيَارِهَا فَإِنْ أَرَادَ عَدَدًا وَقَعَ أَوْ أَطْلَقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَمْرُك بِيَدِك فَتَزَوَّجَ فَفِي مَصِيرِهِ مُفَوِّضًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِتَفْوِيضٍ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَلَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ الَّذِي عِنْدِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصْلٌ قَالَ لَهَا بَيِّنِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَيَا الطَّلَاقَ]
(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ طَلَّقَهَا بِلَفْظِ التَّطْلِيقِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَرْعٌ قَالَ لَهَا نَاوِيًا لِلتَّفْوِيضِ لِلطَّلَاقِ اخْتَارِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت]
(قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا يَقَعُ إنْ نَوَتْ نَفْسَهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ إذْ الْقَرِينَةُ دَلَّتْ عَلَى الْمَحْذُوفِ فَكَانَ كَالْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَتْ أَخْتَارُ) أَيْ أَوْ أَطْلُقُ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ الِاسْتِقْبَالِ) لَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَ النُّحَاةِ الْمُضَارِعُ إذَا تَجَرَّدَ فَالْحَالُ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْحَالِ وَعَارَضَهُ أَصْلُ بَقَاءِ النِّكَاحِ.
(قَوْلُهُ وَلَا تَمْلِكُ الثَّلَاثَةَ) لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ كَمَا لَوْ قَالَ ضَعُوا عَنْ الْمُكَاتِبِ مَا شَاءَ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشَاءَ الْكُلَّ.
(3/279)
وَقَعَ بِعَدَدِ اللَّفْظِ إنْ لَمْ تُخَالِفْهُ فِيهِمَا وَإِلَّا وَقَعَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ.
(وَلَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا عَبَثًا) وَنَوَتْ (فَصَادَفَتْ التَّفْوِيضَ) لَهَا وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا (طَلُقَتْ) كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ حَيٌّ فَبَانَ مَيِّتًا بَلْ أَوْلَى (وَإِنْ جَعَلَ طَلَاقَهَا بِيَدِ اللَّهِ وَيَدِ زَيْدٍ لَغَا إنْ قَصَدَ الشِّرْكَةَ) فَلَيْسَ لِزَيْدٍ أَنْ يُطَلِّقَهَا (لَا) إنْ قَصَدَ (التَّبَرُّكَ) أَوْ أَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ فَلَا يَلْغُو قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ قَصَدَ الشِّرْكَةَ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ الْعَطْفِ (وَقَوْلُهُ) لَهَا (جَعَلْت كُلَّ أَمْرٍ لِي عَلَيْك بِيَدِك كِنَايَةٌ فِي التَّفْوِيضِ) إلَيْهَا وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا مَا لَمْ يَنْوِهَا هُوَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَ) قَوْلُهُ (طَلِّقِي نَفْسَك فِي غَدٍ لَغْوٌ) وَإِنْ ضَمَّهُ إلَى غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَك الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ كَمَا صَوَّرَ بِهِ الْأَصْلُ فَيَلْغُو فِيهِ قَوْلُهُ وَغَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي أَوْ أَبِينِي نَفْسَك فَطَلَّقَتْ) نَفْسَهَا (وَنَوَيَا الثَّلَاثَ وَقَعَتْ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ وَقَدْ نَوَيَاهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِيَاهَا بِأَنْ نَوَى أَحَدُهُمَا عَدَدًا وَالْآخَرُ أَقَلَّ مِنْهُ (فَأَقَلُّ النِّيَّتَيْنِ) يَقَعُ لِأَنَّهُ الْمُتَّفِقُ عَلَيْهِ وَالْأَوْلَى فَأَقَلُّ الْمَنْوِيَّيْنِ (وَلَوْ لَمْ يَنْوِ) هُوَ أَوْ هِيَ (شَيْئًا وَقَعَتْ وَاحِدَةً) وَإِنْ نَوَى عَدَدًا وَطَلَّقَتْ بِالصَّرِيحِ لِأَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِي الْعَدَدِ وَهِيَ لَمْ تَنْوِ عَدَدًا (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَقَالَتْ بِلَا نِيَّةٍ طَلَّقْت وَقَعْنَ) لِأَنَّ قَوْلَهَا هُنَا جَوَابٌ لِكَلَامِهِ فَهُوَ كَالْمُعَادِ فِي الْجَوَابِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَلَفَّظْ هُوَ بِالثَّلَاثِ وَنَوَاهَا لِأَنَّ الْمَنْوِيَّ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ عَوْدِهِ فِي الْجَوَابِ إذْ التَّخَاطُبُ بِاللَّفْظِ لَا بِالنِّيَّةِ (أَوْ) قَالَتْ (طَلَّقْت وَاحِدَةً وَقَعَتْ) لِأَنَّهَا الْمُوقِعَةُ أَوْ ثِنْتَيْنِ وَقَعَتَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ زَادَتْ الثِّنْتَيْنِ) الْبَاقِيَتَيْنِ عَلَى الْوَاحِدَةِ الَّتِي أَوْقَعَهَا (فَوْرًا وَلَوْ بَعْدَمَا رَاجَعَ وَقَعْنَ) أَيْ الثَّلَاثُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَطْلُقَ الثَّلَاثَ دَفْعَةً وَبَيْنَ قَوْلِهَا طَلَّقْت وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَلَا يَقْدَحُ تَخَلُّلُ الرَّجْعَةِ مِنْ الزَّوْجِ وَالتَّصْرِيحُ بِفَوْرِيَّةِ الزِّيَادَةِ وَبِحُكْمِ مَا إذَا لَمْ يُرَاجِعْ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا) أَوْ ثِنْتَيْنِ (فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ لِأَنَّهَا الْمَأْذُونُ فِيهِ وَالْمُتَّفِقُ عَلَيْهِ (وَالْوَكِيلُ كَذَلِكَ) أَيْ كَالْمَرْأَةِ فِيمَا ذُكِرَ فَلَا يَقَعُ بِطَلَاقِهِ إلَّا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ (أَوْ) قَالَ (طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً أَوْ) قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك (وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَشِيئَةَ وَإِنْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْعَدَدِ فَقَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا وَعَكْسُهُ) بِأَنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً (لَغَا) فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ لِصَيْرُورَةِ الْمَشِيئَةِ شَرْطًا فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ وَالْمَعْنَى طَلِّقِي إنْ اخْتَرْت الثَّلَاثَ فَإِذَا اخْتَارَتْ غَيْرَهُنَّ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى تَفْوِيضِ الْمُعَيَّنِ وَالْمَعْنَى فَوَّضْت إلَيْك أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَإِنْ شِئْت فَافْعَلِي مَا فَوَّضْت إلَيْك وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ وَلَا نُفُوذَ مَا يَدْخُلُ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّلَاقِ أَيْضًا فَقَالَ إنْ شِئْت طَلِّقِي ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً كَانَ كَمَا لَوْ أَخَّرَهَا عَنْ الْعَدَدِ.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ
فَيُشْتَرَطُ قَصْدُ اللَّفْظِ بِمَعْنَاهُ) أَيْ مَعَهُ لِيُزِيلَ مِلْكَ النِّكَاحِ فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إنَّ الْبَاءَ فِي بِمَعْنَاهُ تَحْرِيفٌ وَإِنَّمَا صَوَابُهُ بِاللَّامِ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قَصْدُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى مَعًا وَاعْتُبِرَ قَصْدُ الْمَعْنَى لِيَخْرُجَ حِكَايَةُ طَلَاقِ الْغَيْرِ وَتَصْوِيرُ الْفَقِيهِ وَالنِّدَاءُ بِطَالِقٍ لِمُسَمَّاةٍ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ وَقَصْدُهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ ظَاهِرًا عِنْدَ عُرُوضِ مَا يَصْرِفُ الطَّلَاقَ عَنْ مَعْنَاهُ كَهَذِهِ الْمُخْرِجَاتِ لَا مُطْلَقًا إذْ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ قَصَدَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَفَهِمَ مَعْنَاهُ وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَاهُ كَمَا فِي حَالِ الْهَزْلِ بَلْ لَوْ قَالَ مَا قَصَدْته لَمْ يُدَيَّنْ وَمِنْ هُنَا قَالُوا الصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ وَعَلَى اعْتِبَارِ قَصْدِ الْمَعْنَى فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ بَعْضِ فُضَلَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى أَيْ وَفَهْمُهُ وَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَعَ ذَاكَ قَصْدُ الْإِيقَاعِ قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ فَقَالَ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ إنَّمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ إذَا نَوَى حَقِيقَةَ الطَّلَاقِ وَقَصَدَ إيقَاعَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ (فَحِكَايَةُ الطَّلَاقِ) كَقَوْلِهِ قَالَ فُلَانٌ زَوْجَتِي طَالِقٌ (وَكَذَا طَلَاقُ النَّائِمِ) وَالْمُبَرْسَمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَغْوٌ وَإِنْ قَالَ) بَعْدَ اسْتِيقَاظِهِ (أَجَزْته أَوْ أَوْقَعْته) لِعَدَمِ قَصْدِ مَعْنَاهُ وَلِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ وَذَكَرَ مِنْهَا النَّائِمَ» .
(وَكَذَا سَبْقُ اللِّسَانِ) إلَى لَفْظِ الطَّلَاقِ لَغْوٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ اللَّفْظَ (لَكِنْ يُؤَاخَذُ بِهِ وَلَا يُصَدَّقُ) فِي دَعْوَاهُ السَّبْقَ (ظَاهِرًا إنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ بِخِلَافِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ) وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ إنَّمَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ كَمَالَ التَّفْوِيضِ.
(قَوْلُهُ وَالْوَكِيلُ كَذَلِكَ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إذَا وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَقَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَقَعَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ فَتَسْمِيَةُ بَعْضِهِ كَتَسْمِيَةِ كُلِّهِ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ لَهُ طَلِّقْهَا طَلْقَةً فَطَلَّقَهَا نِصْفًا وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا مُؤَقَّتًا كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ شَهْرًا. اهـ. وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ نِصْفَ طَلْقَةٍ فَطَلَّقَهَا كَذَلِكَ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إذَا وَكَّلَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ فِي فَصْلٍ فِي إيقَاعِ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْعَدَدِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّلَاقِ أَيْضًا فَبَحْثُ الشَّارِحُ الْآتِي مَرْدُودٌ.
[الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ]
(الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ) (قَوْلُهُ وَكَذَا سَبْقُ اللِّسَانِ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ طَلَبْتُك فَسَبَقَ لِسَانِي إلَى طَلَّقْتُك وَمِنْ صُوَرِ سَبْقِ اللِّسَانِ أَنْ يَرَاهَا طَالِعَةً فِي سُلَّمٍ أَوْ حَبْلٍ فَيَقُولُ إلَى أَيْنَ أَنْتِ طَالِقَةٌ ثُمَّ يَقُولُ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ إلَى أَيْنَ أَنْتِ طَالِعَةٌ أَوْ يَرَاهَا ذَاهِبَةً فِي طَرِيقٍ فَيَقُولُ إلَى أَيْنَ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ وَقَالَ أَرَدْت إلَى أَيْنَ أَنْتِ مُنْطَلِقَةٌ
(3/280)
مَا إذَا كَانَتْ قَرِينَةٌ كَأَنْ دَعَاهَا بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ إلَى فِرَاشِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ الْآنَ طَاهِرَةٌ فَسَبَقَ لِسَانُهُ وَقَالَ أَنْتِ الْآنَ طَالِقَةٌ (وَلَوْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ) فِي دَعْوَاهُ السَّبْقَ (بِأَمَارَةٍ فَلَهَا مُصَادَقَتُهُ) أَيْ قَبُولُ قَوْلِهِ (وَكَذَا لِلشُّهُودِ) الَّذِينَ سَمِعُوا الطَّلَاقَ مِنْهُ وَعَرَفُوا صِدْقَ دَعْوَاهُ السَّبْقَ بِأَمَارَةٍ (أَنْ لَا يَشْهَدُوا) عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَذَكَرَ أَوَاخِرَ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ لَفْظَ رَجُلٍ بِالطَّلَاقِ وَتَحَقَّقَ أَنَّهُ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِمُطْلَقِ الطَّلَاقِ وَكَانَ مَا هُنَا فِيمَا إذَا ظَنُّوا وَمَا هُنَاكَ فِيمَا إذَا تُحَقَّقُوا كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُمْ وَمَعَ ذَلِكَ فِيمَا هُنَا نَظَرٌ (فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا أَوْ طَارِقًا أَوْ طَالِبًا) أَوْ نَحْوَهَا مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تُقَارِبُ حُرُوفَ طَالِقٍ (فَنَادَاهَا يَا طَالِقُ طَلُقَتْ وَ) لَكِنْ (إنْ ادَّعَى سَبْقَ اللِّسَانِ) إلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ (قُبِلَ مِنْهُ) ظَاهِرًا لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ (أَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا فَنَادَاهَا) بِهِ (لَمْ تَطْلُقْ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ نِدَاءَهَا بِاسْمِهَا (إلَّا إنْ نَوَى) الطَّلَاقَ فَتَطْلُقُ وَصُورَةُ عَدَمِ طَلَاقِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَنْ تُوجَدَ التَّسْمِيَةُ بِطَالِقٍ عِنْدَ النِّدَاءِ فَإِنْ زَالَتْ ضَعُفَتْ الْقَرِينَةُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ نِدَاءِ عَبْدِهِ الْمُسَمَّى بِحَرْبِيٍّ حُرٌّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَضَبَطَ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ يَا طَالِقْ بِإِسْكَانِ الْقَافِ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إنْ قَالَ يَا طَالِقُ بِالضَّمِّ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ بِنَاءَهُ عَلَى الضَّمِّ يُرْشِدُ إلَى إرَادَةِ الْعَلَمِيَّةِ وَإِنْ قَالَ يَا طَالِقًا بِالنَّصْبِ تَعَيَّنَ صَرْفُهُ إلَى التَّطْلِيقِ وَيَنْبَغِي فِي الْحَالَيْنِ أَنَّا لَا نَرْجِعُ لِدَعْوَى خِلَافِ ذَلِكَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّ اللَّحْنَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ.
(فَصْلٌ يَقَعُ طَلَاقُ الْهَازِلِ وَعِتْقُهُ وَكَذَا نِكَاحُهُ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) فَلَا يُدَيَّنُ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ فِي مُعْرِضِ الدَّلَالِ أَوْ الِاسْتِهْزَاءِ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْتُك وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَتَى بِاللَّفْظِ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ وَعَدَمُ رِضَاهُ بِوُقُوعِهِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لَا أَثَرَ لَهُ لِخَطَأِ ظَنِّهِ كَمَا لَا أَثَرَ لَهُ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ وَلِخَبَرِ «ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ وَقِيسَ بِالثَّلَاثَةِ غَيْرُهَا وَخُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَبْضَاعِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَزِيدِ اعْتِنَاءٍ عَلَى أَنَّ التِّرْمِذِيَّ رَوَى أَنَّ هَزْلَ الْعِتْقِ جَدٌّ وَإِنَّمَا لَمْ يُدَيَّنْ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْرِفْ اللَّفْظَ إلَى غَيْرِ مَعْنَاهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت عَنْ وَثَاقٍ لِأَنَّهُ ثَمَّ صَرَفَ اللَّفْظَ عَنْ ظَاهِرِهِ إلَى مَعْنًى آخَرَ.
(وَلَوْ ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً) لِكَوْنِهَا فِي ظُلْمَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ زَوَّجَهُ أَبَاهُ فِي صِغَرِهِ أَوْ وَكِيلُهُ فِي كِبَرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ نَحْوَهَا (أَوْ نَسِيَ النِّكَاحَ فَطَلَّقَهَا طَلُقَتْ ظَاهِرًا) لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي مَحَلِّهِ وَظَنُّ غَيْرِ الْوَاقِعِ لَا يَدْفَعُهُ (وَفِي الْبَاطِنِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى) صِحَّةِ (الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ) وَعَدَمِهَا وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْوُقُوعُ (وَلَوْ جَفَاهُ جَمْعٌ) كَأَنْ كَانَ وَاعِظًا وَطَلَبَ مِنْ الْحَاضِرِينَ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ فَقَالَ مُتَضَجِّعًا مِنْهُمْ (طَلَّقْتُكُمْ وَفِيهِمْ امْرَأَتُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ) بِهَا (لَغَا) فَلَا تَطْلُقُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ أَفْتَى بِخِلَافِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ وَلِأَنَّ النِّسَاءَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَوْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ بِإِمَارَةٍ فَلَهَا مُصَادَقَتُهُ) وَلَا يُكْرَهُ لَهَا وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا النُّشُوزُ عَنْهُ فَإِنْ نَشَزَتْ لَمْ يُجْبِرْهَا الْحَاكِمُ وَإِنْ أَثِمَتْ لِوُقُوعِ طَلَاقِهِ فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ وَكَانَ مَا هُنَا فِيمَا إذَا ظَنُّوا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَالِعًا أَوْ طَارِقًا إلَخْ) لَوْ كَانَ الزَّوْجُ أَلْثَغَ يُبْدِلُ الرَّاءَ لَامًا وَاسْمُهَا طَارِقٌ فَلَا شَكَّ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ إنَّهُ أَرَادَ النِّدَاءَ وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ اسْمُ زَوْجَتِهِ طَاهِرَةً أَوْ اسْمًا آخَرَ فَأَرَادَ أَنْ يُنَادِيَهَا بِاسْمِهَا فَسَبَقَ إلَى لِسَانِهِ يَا طَالِقُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَالْمُكْرَهِ (قَوْلُهُ وَصُورَةُ عَدَمِ طَلَاقِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَنْ تُوجَدَ التَّسْمِيَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّ اللَّحْنَ لَا يُؤَثِّرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصْلٌ طَلَاقُ الْهَازِلِ وَعِتْقُهُ وَنِكَاحُهُ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا]
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يَقَعُ طَلَاقُ الْهَازِلِ) أَيْ وَاللَّاعِبِ قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا عَطْفُهُ اللَّعِبَ عَلَى الْهَزْلِ يَقْتَضِي تَغَايُرَهُمَا وَكَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ يَقْتَضِي تَرَادُفَهُمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْفَائِقِ الْهَزْلُ وَاللَّعِبُ مِنْ وَادِي الِاضْطِرَابِ وَعَطْفُهُ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْوَاوِ مِنْ بَابِ عَطْفِ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَذْكُرَا فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ إلَّا لَفْظَ الْهَزْلِ فَقَطْ وَإِنَّمَا جَمَعَ الْمُحَرَّرُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ فِي الشَّرْحِ صَوَّرَ الْهَازِلَ فِيمَا إذَا لَاعَبَهَا بِالطَّلَاقِ وَفِي النِّهَايَةِ الْهَازِلُ الَّذِي يَقْصِدُ اللَّفْظَ دُونَ مَعْنَاهُ وَاللَّاعِبُ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْهُ اللَّفْظُ دُونَ قَصْدٍ.
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْوُقُوعُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَحَذَفَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ذِكْرَ الْبِنَاءِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِهِ (قَوْلُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَأَنْ حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عَلَى زَيْدٍ فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهِمْ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَقَالَ هُوَ الَّذِي أَعْتَقِدهُ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الطَّلَاقِ لُغَةً الْهَجْرُ وَالْمُفَارَقَةُ وَشَرْعًا حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْوَاعِظِ عَلَى الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّهُ هُنَا مُتَعَذِّرٌ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي جَمِيعِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ وَشَرْطُ حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ عَدَمُ تَضَادِّهِمَا فَتَعَيَّنَتْ اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ لَا تُفِيدُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ بِكِنَايَتِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ بَلْ لَوْ صَرَّحَ وَقَالَ طَلَّقْتُكُمْ وَزَوْجَتِي لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَكُتِبَ أَيْضًا فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَوْ زَاحَمَتْهُ امْرَأَةٌ فِي طَرِيقٍ فَقَالَ تَأَخَّرِي يَا حُرَّةُ فَبَانَتْ أَمَتَهُ لَا تَعْتِقُ وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْهُ فِي أَوَائِلِ الْعِتْقِ وَأَقَرَّاهُ وَهِيَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ هُنَا عَلَى أَنَّ النِّدَاءَ بِالصَّرِيحِ صَرِيحٌ كَقَوْلِهِ يَا طَالِقُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ حَقِيقَةُ الطَّلَاقِ لُغَةً الْهَجْرُ وَالْمُفَارَقَةُ وَشَرْعًا حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْوَاعِظِ عَلَى الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّهُ مُتَعَذِّرٌ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي جَمِيعِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ وَشَرْطُ حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ عَدَمُ تَضَادِّهِمَا فَتَعَيَّنَتْ اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ لَا تُفِيدُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ بَلْ لَوْ صَرَّحَ وَقَالَ طَلَّقْتُكُمْ وَزَوْجَتِي لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِيمَنْ قَالَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا فَاطِمَةُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى نِسْوَةٍ لَمْ يَطْلُقْنَ فَكَانَ لَغْوًا بِاعْتِبَارِ مَا عَطْفٌ
(3/281)
لَا يَدْخُلْنَ فِي خِطَابِ الرِّجَالِ إلَّا بِدَلِيلٍ انْتَهَى وَاعْتُرِضَ بِمَنْعِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ إذْ مَعْنَاهُ الْفُرْقَةُ وَقَدْ نَوَاهَا وَبِأَنَّ دَلِيلَ الدُّخُولِ هُنَا مَوْجُودٌ وَهُوَ مُشَافَهَةُ الْحَاضِرِينَ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ فِيهِمْ لَا يَمْنَعُ الْإِيقَاعَ كَمَنْ خَاطَبَهَا يَظُنُّهَا غَيْرَهَا وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا قَطْعُ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْوَاعِظُ بِخِلَافِ مَنْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ يَظُنُّهَا غَيْرَهَا وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِحَسَبِ الْقَصْدِ لِلتَّغْلِيبِ وَلَا قَصْدَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (لُقِّنَ) الزَّوْجُ (الطَّلَاقَ) أَيْ كَلِمَتُهُ (بِلُغَةٍ لَا يَعْرِفُهَا) فَقَالَهَا (جَاهِلًا مَعْنَاهَا فَقَصَدَ بِهِ) الْأَوْلَى بِهَا (الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ) كَمَا لَوْ قَصَدَهُ بِلَفْظٍ لَا مَعْنَى لَهُ وَكَمَا لَوْ لُقِّنَ كَلِمَةَ الْكُفْرِ فَقَالَهَا لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ وَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ لَفَظَ عَجَمِيٌّ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُلَقَّنَ وَأَنْ لَا يُلَقَّنَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَكَذَا) لَا يَقَعُ (لَوْ قَصَدَ) بِهَا (مَعْنَاهَا بِالْعَرَبِيَّةِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهَا لَمْ يَصِحَّ قَصْدُهُ (وَيُؤَاخَذُ) بِمَعْنَاهَا فِيمَا ذُكِرَ (ظَاهِرًا مُخَالِطُ أَهْلِهَا) وَيُدَيَّنُ.
(فَصْلٌ) فِي الْإِكْرَاهِ (لَا يَصِحُّ طَلَاقٌ وَإِسْلَامٌ) وَغَيْرُهُمَا مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ (مِنْ مُكْرَهٍ بِبَاطِلٍ) لِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَلِخَبَرِ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ لَوْ صَدَرَ مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ وَصَحَّ إسْلَامُهُ فَإِذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِبَاطِلٍ لَغَا كَالرِّدَّةِ نَعَمْ تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ فِيهَا مُكْرَهًا بَطَلَتْ (لَا حَقَّ) أَيْ لَا مِنْ مُكْرَهٍ بِحَقٍّ (فَيَصِحُّ إسْلَامُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ بِالْإِكْرَاهِ) لَهُمَا عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ وَكَذَا طَلَاقُ الْمَوْلَى وَاحِدَةً بِإِكْرَاهِ الْقَاضِي لَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَتَقَدَّمَ تَصْوِيرُ أَمْرِهِ بِالطَّلَاقِ دُونَ الْفَيْئَةِ (لَا) إسْلَامُ (الذِّمِّيِّ) لِأَنَّهُ مُقَرٌّ عَلَى كُفْرِهِ بِالْجِزْيَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُعَاهِدَ كَالذِّمِّيِّ (فَلَوْ أَكْرَهَ الْقَاضِي) الزَّوْجَ (الْمَوْلَى عَلَى) الطَّلْقَاتِ (الثَّلَاثِ) فَتَلَفَّظَ بِهَا (وَقُلْنَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (لَغَا) الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ غَيْرُهُ (وَإِلَّا وَقَعَتْ وَاحِدَةً) وَلَغَا الزَّائِدُ (وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ بِصِيغَةٍ) مِنْ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ (أَوْ صِفَةٍ) مِنْ تَنْجِيزٍ أَوْ تَعْلِيقٍ أَوْ تَوْحِيدٍ لِلطَّلَاقِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ أَوْ ضِدِّهِ (فَأَتَى بِغَيْرِهَا أَوْ) عَلَى الطَّلَاقِ (بِتَخْيِيرٍ) فِيهِ أَوْ فِي الزَّوْجَاتِ كَطَلِّقْ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ حَفْصَةَ أَوْ عَمْرَةَ (أَوْ) عَلَى طَلَاقٍ (مُبْهَمٍ) مَحَلُّهُ كَطَلِّقْ إحْدَى زَوْجَتَيْك (فَعَيَّنَ) فِي التَّخْيِيرِ أَوْ الْإِبْهَامِ (أَوْ عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ فَقَالَ هِيَ وَعَمْرَةُ طَلْقَانِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِظُهُورِ قَصْدِ الِاخْتِيَارِ بِعُدُولِهِ عَمَّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ (فَلَوْ قَالَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ أَوْ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ عَمْرَةُ لَا حَفْصَةُ) وَإِنْ عُطِفَتْ عَمْرَةُ عَلَى مَنْ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ مَنْ لَمْ تَطْلُقْ هُنَا مَحَلٌّ لِطَلَاقِ الزَّوْجِ حَالَةَ إيقَاعِهِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي وَفِي نِسَاءِ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي.
(فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى الْمُكْرَهُ التَّوْرِيَةَ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت بِطَلَاقِ فَاطِمَةَ غَيْرَ زَوْجَتِي أَوْ الطَّلَاقَ مِنْ وَثَاقٍ (قُبِلَ) مِنْهُ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا لِأَنَّهُ لَا طَلَاقَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ التَّوْرِيَةَ (وَلَا يَلْزَمُهُ) لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (التَّوْرِيَةُ) بِأَنْ يُرِيدَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ (فَلَوْ تَرَكَهَا عَالِمًا) بِهَا وَلَوْ (مِنْ غَيْرِ دَهْشَةٍ) أَصَابَتْهُ بِالْإِكْرَاهِ (لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى اللَّفْظِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ تُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ وَيُفَارِقُ الْمَصُولَ عَلَيْهِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْهَرَبُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ بِأَنَّ النُّفُوسَ يُحْتَاطُ لَهَا مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهَا وَالتَّوْرِيَةُ مِنْ وَرَّيْت الْخَبَرَ تَوْرِيَةً أَيْ سَتَرَتْهُ وَأَظْهَرْت غَيْرَهُ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ وَرَاءِ الْإِنْسَانِ كَأَنَّهُ يَجْعَلُهُ وَرَاءَهُ حَيْثُ لَا يُظْهَرُ ذِكْرَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَمَعْنَاهَا أَنْ يُطَلِّقَ لَفْظًا هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَعْنًى وَيُرِيدُ بِهِ مَعْنًى آخَرَ يَتَنَاوَلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ.
(وَلَوْ أُكْرِهَ) عَلَى الطَّلَاقِ (فَقَصَدَ الْإِيقَاعَ) بِهِ (وَقَعَ) لِقَصْدِهِ فَصَرِيحُ لَفْظِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ كِنَايَةٌ (وَلَوْ أُكْرِهَ غَيْرُ الزَّوْجِ الْوَكِيلُ) فِي الطَّلَاقِ عَلَيْهِ (لَغَا) طَلَاقُ الْوَكِيلِ فَلَا يَقَعُ وَإِنْ وُجِدَ اخْتِيَارُ مُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ أَمَّا لَوْ أَكْرَهَهُ الزَّوْجُ فَيَقَعُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ.
[فَصْلٌ حَدُّ الْإِكْرَاهِ]
(فَصْلٌ حَدُّ الْإِكْرَاهِ أَنْ يُهَدِّدَ الْمُكْرَهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِكْرَاهِ (بِعَاجِلٍ) مِنْ أَنْوَاعِ الْعِقَابِ (يُؤَثِّرُ لِعَاقِلٍ لِأَجْلِهِ الْإِقْدَامَ عَلَى مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ) بِهِ مَا هَدَّدَهُ بِهِ إنْ امْتَنَعَ مِمَّا أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ (وَعَجَزَ عَنْ الْهَرَبِ) وَالْمُقَاوَمَةِ (وَالِاسْتِغَاثَةِ) بِغَيْرِهِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الدَّفْعِ وَخَرَجَ بِعَاجِلِ الْآجِلِ فَلَا يَحْصُلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ مُجَرَّدُ الْهَجْرِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ فِي مَحَلِّ الزَّوْجِيَّةِ فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا قَطْعُ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يُرِدْ الْوَاعِظُ ذَلِكَ فِي مُخَاطَبَتِهِ لِلْحَاضِرِينَ فَلَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ عِصْمَةٌ يَقْطَعُهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ مُفَارَقَتَهُمْ وَمُتَارَكَتَهُمْ وَعَدَمَ الِاجْتِمَاعِ بِهِمْ وَهَذَا صَارِفٌ عَنْ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا فَلَا يَقَعُ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ طَلَاقٌ.
[فَرْعٌ لُقِّنَ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ بِلُغَةٍ لَا يَعْرِفُهَا فَقَالَهَا جَاهِلًا مَعْنَاهَا]
(قَوْلُهُ لُغَةُ الطَّلَاقِ بِلُغَةٍ لَا يَعْرِفُهَا) شَمِلَ الْعَجَمِيَّ وَالْعَرَبِيَّ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُلَقَّنَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصْلٌ فِي الْإِكْرَاهِ فِي الطَّلَاق]
(قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ تَصْوِيرُ أَمْرِهِ بِالطَّلَاقِ دُونَ الْفَيْئَةِ) صُورَتُهُ أَنْ يَتَعَيَّنَ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ آلَى مِنْ غَائِبَةٍ أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِالْفَيْئَةِ وَمَضَى زَمَنُ إمْكَانٍ لِلِاجْتِمَاعِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَأْمُرُهُ بِالطَّلَاقِ عَيْنًا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُعَاهِدَ أَيْ وَالْمُسْتَأْمَنَ كَالذِّمِّيِّ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَكْرَهَ الْقَاضِي إلَخْ) قَالَ الكوهكيلوني فِي الضَّابِطِ إنَّ كُلَّ مَا لَا يَلْزَمُهُ حَالَ الطَّوَاعِيَةِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ بِالْإِكْرَاهِ وَكُلَّ مَا يَلْزَمُهُ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ كَطَلَاقِ زَوْجَةِ الْمَوْلَى وَبَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْأَدَاءِ.
[فَرْعٌ ادَّعَى الْمُكْرَهُ عَلَى الطَّلَاقَ التَّوْرِيَةَ]
(قَوْلُهُ لَوْ ادَّعَى الْمُكْرَهُ التَّوْرِيَةَ إلَخْ) كُلُّ قَرِينَةٍ إذَا ادَّعَاهَا الْمُخْتَارُ يُدَيَّنُ بِهَا فِي الْبَاطِنِ إذَا ادَّعَاهَا الْمُكْرَهُ تُقْبَلُ ظَاهِرًا.
(فَصْلٌ) حَدُّ الْإِكْرَاهِ
(3/282)
بِهِ الْإِكْرَاهُ كَقَوْلِهِ لِأَضْرِبَنَّكَ غَدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إيقَاعُ مَا هَدَّدَهُ بِهِ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَا سِيَّمَا إذَا عُرِفَ مِنْ عَادَةِ الظَّالِمِ إيقَاعُ ذَلِكَ انْتَهَى وَمَعَ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ عَاجِلًا لَا يُشْتَرَطُ تَنْجِيزُهُ بَلْ يَكْفِي التَّوَعُّدُ لَفْظًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَيَخْتَلِفُ الْإِكْرَاهُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَسْبَابِ) الْمُكْرَهِ عَلَيْهَا فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ إكْرَاهًا فِي شَخْصٍ دُونَ آخَرَ وَفِي سَبَبٍ دُونَ آخَرَ (فَالتَّخْوِيفُ بِالْحَبْسِ الطَّوِيلِ وَالصَّفْعِ ظَاهِرًا) أَيْ فِي الْمَلَأِ وَتَسْوِيدِ الْوَجْهِ (وَالطَّوَافِ) فِي السُّوقِ أَيْ التَّخْوِيفِ بِكُلٍّ مِنْهَا (لِذِي مُرُوءَةٍ وَإِتْلَافِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (لَا) إتْلَافِ الْمَالِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (الَّذِي لَا يُضَيِّقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُكْرَهِ كَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي حَقِّ الْمُوسِرِ (إكْرَاهٌ عَلَى الطَّلَاقِ) وَنَحْوِهِ (لَا عَلَى الْقَتْلِ) وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ إتْلَافُ الْمَالِ الْمَذْكُورِ إكْرَاهًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَحَمَّلُهُ وَلَا يُطَلِّقُ بِخِلَافِ الْمَالِ الَّذِي يُضَيِّقُ عَلَى الْمُكْرَهِ (وَ) الْإِكْرَاهُ (بِإِتْلَافِ الْمَالِ إكْرَاهٌ فِي إتْلَافِ الْمَالِ) وَحُصُولُ الْإِكْرَاهِ بِمَا ذُكِرَ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ لَكِنْ فِي بَعْضِ تَفْصِيلِهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي حُكِيَ عَنْ النَّصِّ وَصَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَقَالَ فِي الشَّرْحَيْنِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِمَحْذُورٍ مِنْ نَحْوِ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ أَخْذٍ مَالٍ أَوْ إتْلَافِهِ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ اسْتِخْفَافٍ وَتَخْتَلِفُ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ وَلَا يَخْتَلِفُ بِهِ مَا قَبْلَهَا وَقِيلَ يَخْتَلِفُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ وَنَحْوُهُ (لَا بِطَلِّقْ زَوْجَتَك وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي) أَوْ كَفَرْت أَوْ أَبْطَلْت صَوْمِي أَوْ صَلَاتِي فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ (وَلَا بِتَخْوِيفٍ مِنْ قِصَاصٍ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ طَلِّقْ امْرَأَتَك وَإِلَّا اقْتَصَصْت مِنْك فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ (وَإِنْ قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ لَا نُخَلِّيك حَتَّى تَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّك تَكْتُمُنَا) أَيْ لَا تُخْبِرُ بِنَا (فَحَلَفَ) بِذَلِكَ (فَهُوَ إكْرَاهٌ) مِنْهُمْ لَهُ عَلَى الْحَلِفِ (فَإِذَا أَخْبَرَ بِهِمْ لَمْ تَطْلُقْ) زَوْجَتُهُ (أَوْ أُكْرِهَ) بِأَنَّ حَمَلَهُ ظَالِمٌ (عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى زَيْدٍ أَوْ مَالِهِ) وَقَدْ أَنْكَرَ مَعْرِفَةَ مَحَلِّهِ فَلَمْ يُخَلِّهِ حَتَّى يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ (فَحَلَفَ بِهِ كَاذِبًا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يُكْرَهْ عَلَى الطَّلَاقِ بَلْ خُيِّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّلَالَةِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ طَلَّقْت مُكْرَهًا) فَأَنْكَرَتْ زَوْجَتُهُ (وَهُنَاكَ قَرِينَةٌ كَالْحَبْسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (وَإِلَّا فَلَا كَدَعْوَى الْإِغْمَاءِ) بِأَنْ طَلَّقَ مَرِيضٌ ثُمَّ قَالَ كُنْت مُغْمًى عَلَيَّ فَإِنَّهُ إنْ عُهِدَ لَهُ إغْمَاءٌ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا (فَإِنْ ادَّعَى الصِّبَا) بَعْدَ طَلَاقِهِ بِقَيْدٍ زَادَ بِقَوْلِهِ (وَأَمْكَنَ) صِدْقُهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ مَعَ تَصْدِيقِهِ فِي دَعْوَى النَّوْمِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ قَالَ طَلَّقْت وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ نَائِمٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى وَوَجْهُ النَّظَرِ بِأَنَّهُ لَا أَمَارَةَ عَلَى النَّوْمِ بِخِلَافِ الصِّبَا وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَةَ النَّوْمِ لِهَذَا النَّظَرِ وَتَعَجَّبَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ جَزَمَ فِي الْأَيْمَانِ بِعَدَمِ تَصْدِيقِ مُدَّعِي عَدَمِ قَصْدِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ظَاهِرًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِمَا وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ تِلْكَ لَا تُشْبِهُ هَذِهِ فَإِنَّ الزَّوْجَ تَلَفَّظَ ثَمَّ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ ثُمَّ ادَّعَى صَرْفَهُ بِعَدَمِ الْقَصْدِ وَالْمُدَّعَى هُنَا طَلَاقٌ مُقَيَّدٌ بِحَالَةٍ لَا يَصِحُّ فِيهَا الطَّلَاقُ فَقُبِلَ قَوْلُهُ لِعَدَمِ مُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ.
(فَصْلٌ) فِي طَلَاقِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ (يَنْفَدُ طَلَاقُ الْمُتَعَدِّي بِالسُّكْرِ) بِشُرْبِ خَمْرٍ (وَشُرْبِ دَوَاءٍ مُجَنِّنٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ) وَذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ أَوْ إتْلَافُ عُضْوِ أَحَدِهِمْ (قَوْلُهُ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ إلَخْ) لِيَجْتَمِعَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُ مَا فِي الزَّوَائِدِ لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا تَبَعًا لِلشَّاشِيِّ فِي الْمُعْتَمَدِ وَقَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا تَوَعَّدَ بِأَخْذِ الْقَلِيلِ مِنْ مَالِ مَنْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَخْتَلِفُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي إلَخْ) قَالَ الْحُسْبَانِيُّ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَظْهَرُ عَدَمُ الْوُقُوعِ إذَا قَالَهُ مَنْ لَوْ هَدَّدَ بِقَتْلِهِ كَانَ مُكْرَهًا كَالْوَلَدِ وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ عَدَمُ الْوُقُوعِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا بِتَخْوِيفٍ مِنْ قِصَاصٍ) أَيْ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ لَا نُخَلِّيك إلَخْ) أَيْ وَقَدْ هَدَّدُوهُ بِمَا هُوَ إكْرَاهٌ (قَوْلُهُ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى زَيْدٍ أَوْ مَالِهِ فَحَلَفَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيُسْأَلُ عَنْهُ كَثِيرًا أَنَّ الْمَكَسَةَ أَوْ أَعْوَانَهُمْ يُمْسِكُونَ التَّاجِرَ وَغَيْرَهُ وَيَقُولُونَ بِعْت بِضَاعَةً بِلَا مَكْسٍ أَوْ خُفْيَةً أَوْ حِدْت عَنْ الطَّرِيقِ فَيُنْكِرُ فَيَقُولُونَ احْلِفْ بِالطَّلَاقِ بِأَنَّك لَمْ تَصْنَعْ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ خَوْفًا مِنْ شَرِّهِمْ إذْ لَوْ اعْتَرَفَ ضَرَبُوهُ وَأَخَذُوا مَالَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا إذْ لَا غَرَضَ لَهُمْ فِي حَلِفِهِ وَلَمْ يُكْرِهُوهُ عَلَيْهِ عَيْنًا وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَرْعٌ قَالَ طَلَّقْت مُكْرَهًا فَأَنْكَرَتْ زَوْجَتُهُ]
(قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ فِيهِ نَظَرٌ) وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ كُنْت نَائِمًا وَقْتَ تَلَفَّظْت بِالطَّلَاقِ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَغْشِيًّا عَلَيَّ وَنَازَعَتْهُ الْمَرْأَةُ وَقَالَتْ تَنَاوَمْت أَوْ تَجَانَنْت أَوْ تَغَاشَيْتَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلَوْ قَالَ كُنْت مَجْنُونًا فَقَالَتْ مَا جُنَّ قَطُّ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ فَالنَّوْمُ لِمَا عُهِدَ مِنْهُ قَبْلَ قَوْلِهِ كَالْمَجْنُونِ لِمَا عُهِدَ مِنْهُ وَقِيَاسُهُ فِي الْمَرِيضِ إذَا عُهِدَ مِنْهُ الْغَشْيُ فَإِنْ لَمْ يُعْهَدْ فَتُصَدَّقُ هِيَ وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ وَتَعَجَّبَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا إيرَادٌ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ هَا هُنَا قَيَّدَ إقْرَارَهُ بِحَالَةٍ لَا يَصِحُّ فِيهَا الطَّلَاقُ فَقُبِلَ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ وَعَدَمِ مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ شَخْصًا وَقَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ عُرِفَ الصِّبَا وَعُهِدَ الْجُنُونُ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْيَمِينِ الَّتِي أَوْرَدَهَا فَصُورَتُهَا مَا إذَا أَتَى بِصَرِيحِ الْيَمِينِ ثُمَّ قَالَ لَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِمُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِمَا) أَيْ فَكَانَ يَنْبَغِي رَدُّ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ بِهَذَا.
[فَصْلٌ فِي طَلَاقِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ]
(قَوْلُهُ يَنْفُذُ طَلَاقُ الْمُتَعَدِّي بِالسُّكْرِ إلَخْ) لِأَنَّهُ كَالصَّاحِي فِي قَضَاءِ صَلَوَاتِ زَمَنِ سُكْرِهِ وَكَذَا فِي وُقُوعِ طَلَاقِهِ وَغَيْرِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِيَنْزَجِرَ
(3/283)
بِلَا حَاجَةٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ السُّكْرُ بِمَا ذُكِرَ كَزَوَالِ عَقْلِهِ بِوَثْبَةٍ (وَلَوْ كَانَ) السُّكْرُ (طَافِحًا) عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَسْقُطُ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ لِعِصْيَانِهِ بِإِزَالَةِ عَقْلِهِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ وَخَالَفَ الْإِمَامُ فِي الطَّافِحِ (وَكَذَا تَنْفُذُ سَائِرُ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ مِمَّا لَهُ وَعَلَيْهِ) مَعًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَوْ مُنْفَرِدَيْنِ كَالْإِسْلَامِ وَالطَّلَاقِ وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ نُفُوذِ طَلَاقِهِ مَا لَوْ طَلَّقَ بِكِنَايَةٍ لِاحْتِيَاجِهَا إلَى النِّيَّةِ كَمَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَخَرَجَ بِالْمُتَعَدِّي غَيْرُهُ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُسْكِرٌ أَوْ شَرِبَ دَوَاءً مُجَنِّنًا لِحَاجَةٍ فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ (وَالرُّجُوعُ فِي مَعْرِفَةِ السُّكْرِ إلَى الْعُرْفِ قُلْت وَلَا حَاجَةَ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ) الْقَائِلِ بِنُفُوذِ تَصَرُّفِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ (إلَى مَعْرِفَةِ السُّكْرِ لِأَنَّهُ إمَّا صَاحٍ وَإِمَّا سَكْرَانُ زَائِلُ الْعَقْلِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّاحِي بَلْ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ السُّكْرِ فِي غَيْرِ الْمُتَعَدَّى) بِهِ (وَفِيمَا إذَا قَالَ إنْ سَكِرْت فَأَنْت طَالِقٌ فَيُقَالُ أَدْنَاهُ) أَيْ أَدْنَى السُّكْرِ الْمُقَابِلِ لِأَنْهَاهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ طَافِحًا (أَنْ يَخْتَلَّ كَلَامُهُ الْمَنْظُومُ وَيَنْكَشِفَ سِرُّهُ الْمَكْتُومُ) كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ أَدْنَى وَقَدْ جَعَلَهُ الْأَصْلُ حَدًّا لِلسَّكْرَانِ مَعَ حُدُودٍ أُخَرَ وَجَعَلَ أَقْرَبَهَا مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الرُّجُوعِ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَلَوْ قَالَ السَّكْرَانُ بَعْدَمَا طَلَّقَ إنَّمَا شَرِبْت الْخَمْرَ مُكْرَهًا أَيْ وَثَمَّ قَرِينَةٌ أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ مَا شَرِبْته مُسْكِرٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يُسْتَفْسَرَ فَإِنْ ذَكَرَ مَا يَكُونُ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا فَذَاكَ وَإِلَّا قُضِيَ عَلَيْهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ إكْرَاهًا وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ.
الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَحَلُّ وَهُوَ الْمَرْأَةُ
فَإِنْ قَالَ طَلَّقْتُك) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ (فَذَاكَ) وَاضِحٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ جِسْمُك أَوْ جَسَدُك أَوْ شَخْصُك أَوْ جُثَّتُك أَوْ ذَاتُك طَالِقٌ طَلُقَتْ (وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْهَا) مَعْلُومًا كَالنِّصْفِ أَوْ مُبْهَمًا كَالْبَعْضِ شَائِعًا كَمَا مَثَّلْنَا أَوْ مُعَيَّنًا أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا ظَاهِرًا كَانَ كَالْيَدِ أَوْ بَاطِنًا كَالْكَبِدِ (وَلَوْ) كَانَ الْجُزْءُ (مِمَّا يَنْفَصِلُ) مِنْهَا فِي الْحَيَاةِ (كَالشَّعْرِ وَالظُّفْرِ طَلُقَتْ) كَمَا فِي الْعِتْقِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إزَالَةُ مِلْكٍ يَحْصُلُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْغَى وَتَبْعِيضُهُ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي حُكْمِ النِّكَاحِ فَوَجَبَ تَعْمِيمُهُ (لَا الْفَضَلَاتِ) كَرِيقٍ وَعَرَقٍ وَبَوْلٍ (وَلَوْ لَبَنًا وَمَنِيًّا) فَلَا تَطْلُقُ الْمَرْأَةُ بِطَلَاقِ شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا وَاللَّبَنُ وَالْمَنِيُّ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا دَمًا فَقَدْ تَهَيَّآ لِلْخُرُوجِ بِالِاسْتِحَالَةِ كَالْبَوْلِ وَكَالْفَضَلَاتِ الْأَخْلَاطِ كَالْبَلْغَمِ وَالْمَرْتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَالشَّحْمُ وَالسَّمْنُ وَالدَّمُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا جُزْءٌ مِنْ الْبَدَنِ وَبِهَا قِوَامُهُ فَإِذَا أَطْلَقَ شَيْئًا مِنْهَا طَلُقَتْ الْمَرْأَةُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي السَّمْنِ هُوَ مَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَبَعْضِ نُسَخِ الْكَبِيرِ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ كَالْحَسَنِ وَالْقَبِيحِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهَا مَعْنًى قَائِمٌ بِالذَّاتِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ إنَّ تِلْكَ النُّسْخَةَ سَقِيمَةٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ السَّقِيمَةُ هَذِهِ وَالسَّمْنُ لَيْسَ مَعْنِيٌّ بَلْ هُوَ زِيَادَةُ لَحْمٍ فَيَكُونُ كَاللَّحْمِ وَأَلْحَقَ الْمُتَوَلِّي بِالدَّمِ رُطُوبَةَ الْبَدَنِ (لَا الْجَنِينَ) لِأَنَّهُ شَخْصٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ (وَلَا الْعُضْوَ الْمُلْتَحِمَ) بِالْمَرْأَةِ (بَعْدَ الْفَصْلِ) مِنْهَا لِأَنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ قَطْعِهِ وَعَدَمِ تَعْلِيقِ الْقِصَاصِ بِهِ (وَلَا الْمَعَانِي الْقَائِمَةَ بِالذَّاتِ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْحَرَكَةِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ) الْمَعْنَوِيَّةِ كَالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ وَالْمَلَاحَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَجْزَاءً مِنْ بَدَنِهَا (فَإِنْ قَالَ اسْمُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إنْ لَمْ يُرِدْ) بِهِ (الذَّاتَ) فَإِنْ أَرَادَهَا بِهِ طَلُقَتْ (أَوْ) قَالَ (رُوحُك أَوْ نَفْسُك) بِإِسْكَانِ الْفَاءِ (طَالِقٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ مِمَّا لَهُ وَعَلَيْهِ مَعًا) خَرَجَ بِهِ النَّائِبُ عَنْ غَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ نُفُوذِ طَلَاقِهِ مَا لَوْ طَلَّقَ بِكِنَايَةٍ إلَخْ) أَمَّا لَوْ نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ طَلَاقُهُ بِهَا (قَوْلُهُ مَعَ حُدُودٍ أُخَرَ إلَخْ) عَنْ الْمُزَنِيّ أَنَّهُ الَّذِي لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَبَيْنَ أُمِّهِ وَامْرَأَتِهِ وَقِيلَ إنَّهُ الَّذِي يُفْصِحُ بِمَا كَانَ يَحْتَشِمُ مِنْهُ وَقِيلَ الَّذِي يَتَمَايَلُ فِي مَشْيِهِ وَيَهْذِي فِي كَلَامِهِ وَقِيلَ الَّذِي لَا يَعْلَمُ مَا يَقُولُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يُسْتَفْسَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[الرُّكْنُ الرَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ الْمَحَلُّ]
(الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَحَلُّ) (قَوْلُهُ كَالشَّعْرِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ لَوْ أَشَارَ إلَى شَعْرَةٍ فَقَالَ هَذِهِ الشَّعْرَةُ مِنْك طَالِقٌ طَلُقَتْ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا فَرْجَك طَلُقَتْ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَالِاسْتِثْنَاءُ لَا يَسْرِي وَلَوْ قَالَ يَا حَفْصَةُ أَنْت طَالِقٌ وَرَأْسُ عَمْرَةَ بِرَفْعِ رَأْسِ طَلُقَتَا وَقِيلَ إذَا لَمْ يَنْوِ فَفِي طَلَاقِ عَمْرَةَ وَجْهَانِ وَلَوْ قَالَ رَأْسِ عَمْرَةَ بِجَرِّ الرَّأْسِ لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ فَإِنَّهُ أَقْسَمَ بِرَأْسِهَا عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ (قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْهَا) كَفَرْجِك أَوْ دُبُرِك (قَوْلُهُ ظَاهِرًا كَانَ كَالْيَدِ) أَوْ بَاطِنًا كَالْكَبِدِ لَوْ قَالَ أُنْثَيَاك أَوْ إحْدَى أُنْثَيَيْك طَالِقٌ أَفْتَى الْفَقِيهُ أَحْمَدُ الرَّسُولُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قَالَ لِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ أُنْثَيَيْنِ مِنْ دَاخِلِ الْفَرْج وَقَالَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ وَأَظُنُّهُ قَالَ إحْدَاهُمَا لِنَبْتِ الشَّعْرِ وَالثَّانِيَةُ لِنُزُولِ الْمَنِيِّ. اهـ. وَلَمْ نَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَلَعَلَّ قَوْلَهُمْ عُضْوٌ يَشْمَلُهُ فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ. اهـ. نَاشِرِيّ وَقَوْلُهُ أَفْتَى الْفَقِيهُ أَحْمَدُ الرَّسُولُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَالْقُونَوِيِّ فِي شَرْحِ الْحَاوِي (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ زِيَادَةُ لَحْمٍ فَيَكُونُ كَاللَّحْمِ) يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا ضَمَانَهُ فِي الْغَصْبِ فِيمَا لَوْ سَمِنَتْ ثُمَّ هَزَلَتْ فَأَوْجَبُوا ضَمَانَ كُلِّ سِمَنٍ تَكَرَّرَ بِخِلَافِ الصَّنْعَةِ إذَا زَالَتْ ثُمَّ عَادَتْ (قَوْلُهُ وَلَا الْمَعَانِي إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ وَلَا أَصْلُهُ لِمَا إذَا قَالَ عَقْلُك طَالِقٌ وَقَدْ اسْتَفْتَيْت عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَجَبْت فِيهَا بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفِقْهِ أَنَّ الْعَقْلَ عَرَضٌ وَلَيْسَ بِجَوْهَرٍ. اهـ. قَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ وَأَنَّهُ مِنْ الْمَعَانِي وَقَوْلُهُ وَأَجَبْت فِيهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ اسْمُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) إنْ لَمْ يُرِدْ الذَّاتَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت اسْمَهَا دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ قَبُولِهِ
(3/284)
لَا نَفَسُك بِفَتْحِ الْفَاءِ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُمَا أَصْلُ الْآدَمِيِّ وَقَدْ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ نَفَسِك بِفَتْحِ الْفَاءِ لِأَنَّهُ أَجْزَاءٌ مِنْ الْهَوَاءِ تَدْخُلُ الرِّئَةَ وَتَخْرُجُ مِنْهَا لَا جُزْءٌ مِنْ الْمَرْأَةِ وَلَا صِفَةٌ لَهَا وَمِثْلُهُ ظِلُّك وَطَرِيقُك وَصُحْبَتُك صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا) تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ (حَيَاتُك) طَالِقٌ (إنْ أَرَادَ بِهَا الرُّوحَ) أَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ (لَا) إنْ أَرَادَ بِهَا (الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالْحَيِّ) كَسَائِرِ الْمَعَانِي.
(فَرْعٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ عَلَى الْجُزْءِ ثُمَّ يَسْرِي) إلَى بَاقِي الْبَدَنِ كَمَا فِي الْعِتْقِ (فَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَيَمِينُك طَالِقٌ فَقُطِعَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَطْلُقْ كَمَنْ خَاطَبَهَا) بِذَلِكَ (وَلَا يَمِينَ) لَهَا لِفِقْدَانِ الْجُزْءِ الَّذِي يَسْرِي مِنْهُ الطَّلَاقُ إلَى الْبَاقِي كَمَا فِي الْعِتْقِ وَكَمَا لَوْ قَالَ فَلِحْيَتُك أَوْ ذَكَرُك طَالِقٌ وَصَوَّرَ الرُّويَانِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا فَقَدَتْ يَمِينَهَا مِنْ الْكَتِفِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الْكَفِّ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ (وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَوْ لِمُلْتَقَطَةٍ يَدُك أُمُّ وَلَدِي) فِي الْأُولَى (أَوْ) يَدُك (ابْنِي) فِي الثَّانِيَةِ (لَغَا) فَلَا يَثْبُتُ بِهِ اسْتِيلَادٌ وَلَا نَسَبٌ لِعَدَمِ السِّرَايَةِ فِيهِمَا.
الرُّكْنُ الْخَامِسُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْمَحَلِّ
فَيَقَعُ فِي الْعِدَّةِ طَلَاقُ رَجْعِيَّةٍ) لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكِ الرَّجْعَةِ (لَا) طَلَاقٌ (بَائِنٌ) لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا (وَقَوْلُهُ) لِأَجْنَبِيَّةٍ (إنْ تَزَوَّجْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ لَغْوٌ) لِذَلِكَ وَلِخَبَرِ «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ وَلَا عِتْقَ إلَّا بَعْدَ مِلْكٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ بِلَفْظِ «لَا طَلَاقَ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ وَلَا عَتَاقَ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ» وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ أَيْ لَا طَلَاقَ وَاقِعٌ وَلَا مُعَلَّقَ وَلَا عَتَاقَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ كَالنَّذْرِ بِنَحْوِ قَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ حَيْثُ يَلْزَمُهُ النَّذْرُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ رَقَبَةً لِأَنَّ ذَاكَ الْتِزَامٌ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ (فَإِنْ قَالَ) لِرَقِيقٍ (إنْ مَلَكْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقك أَوْ فَأَنْت وَصِيَّةٌ لِزَيْدٍ فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ النَّذْرِ الْتِزَامٌ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ وَصُورَةُ الْوَصِيَّةِ أَوْلَى بِذَلِكَ وَثَانِيهِمَا لَا لِتَعَلُّقِهِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ (وَ) إنْ قَالَ (لِغَيْرِ حَامِلٍ) أَوْ لِحَامِلٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَكَانَ الْأَوْلَى وَالْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ لِأَمَتِهِ أَوْ لِحَائِلٍ (إنْ وَلَدْت فَوَلَدُك حُرٌّ فَوَلَدَتْ عَتَقَ) الْوَلَدُ لِأَنَّهُ مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِي الْأَصْلِ فَمَلَكَهُ فِي الْفَرْعِ كَمَا أَنَّ مُسْتَحِقَّ الدَّارِ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَنَافِعِ الْمَعْدُومَةِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَا تَلِدُهُ الْأَمَةُ ثُمَّ عَلَّقَ بِذَلِكَ فَوَلَدَتْ لَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ تَنْزِيلًا لِاسْتِحْقَاقِهِ مَنَافِعَهَا فِي الْوِلَادَةِ مَنْزِلَةَ مِلْكِهِ لَهَا وَكَلَامُهُمْ جَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ.
(وَلَوْ عَلَّقَ الْعَبْدُ) الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ (بِدُخُولِهَا فَعَتَقَ ثُمَّ دَخَلْت أَوْ بِعِتْقِهِ فَعَتَقَ وَقَعْنَ) أَيْ الثَّلَاثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلثَّالِثَةِ حَالَةَ التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ مَلَكَ التَّعْلِيقَ فِي الْجُمْلَةِ وَلِأَنَّهُ مَلَكَ أَصْلَ النِّكَاحِ الْمُقَيَّدِ بِمِلْكِ الثَّلَاثِ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ وَقَدْ وُجِدَتْ وَشُبِّهَ ذَلِكَ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ حَالَ الْبِدْعَةِ (وَإِنْ عَلَّقَ) الزَّوْجُ (طَلَاقَهَا) بِصِفَةٍ كَدُخُولِ الدَّارِ (فَأَبَانَهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ قَبْلَ التَّزْوِيجِ لَمْ تَطْلُقْ) لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالدُّخُولِ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ (وَكَذَا) إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّزْوِيجِ (إذْ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ الْحِنْثُ فِيهِ) أَيْ فِي الطَّلَاقِ (وَلَا فِي غَيْرِهِ كَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَالْعِتْقِ بَعْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ) أَيْ مِلْكِ النِّكَاحِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالرَّقَبَةِ فِي الثَّالِثِ وَبَعْدَ تَجَدُّدِهِ وَذَلِكَ لِتَخَلُّلِ حَالَةٍ لَا يَصِحُّ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَرُفِعَ حُكْمُ الْيَمِينِ وَلِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ سَبَقَ هَذَا النِّكَاحَ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ كَالتَّعْلِيقِ فِي حَالِ عَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ (وَلَا يَضُرُّهُ) أَيْ عَوْدُ الْحِنْثِ فِيمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ) الظَّاهِرُ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ إذْ الْحَيَاةُ صِفَةٌ تَقْتَضِي الْحِسَّ وَالْحَرَكَةَ الْإِرَادِيَّةَ وَتَفْتَقِرُ إلَى الْبَدَنِ وَالرُّوحِ.
[فَرْعٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ عَلَى الْجُزْءِ ثُمَّ يَسْرِي إلَى بَاقِي الْبَدَنِ]
(قَوْلُهُ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الْكَفِّ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْيَدَ هَلْ تَطْلُقُ إلَى الْمَنْكِبِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ هَلْ تَطْلُقُ إلَى الْمَنْكِبِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[الرُّكْنُ الْخَامِسُ فِي الطَّلَاقِ الْوِلَايَةُ عَلَى الْمَحَلِّ]
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إنْ تَزَوَّجْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ لَغْوٌ) رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ آبَائِهِ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنَّ أُمِّي عَرَضَتْ عَلَيَّ قَرَابَةً فَقُلْت هِيَ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِلْكٌ قُلْت لَا قَالَ لَا بَأْسَ» وَرُوِيَ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ يَوْمَ أَتَزَوَّجُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ فَقَالَ طَلَّقَ مَا لَا يَمْلِكُ» وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ صَرِيحَانِ فِي إبْطَالِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ لَا طَلَاقَ إلَخْ) اسْتَدَلَّ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49] وَعَلَّلَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْعَقْدِ فَبَطَلَ أَثَرُهُ.
(تَنْبِيهٌ)
قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَرُفِعَ إلَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ فَفَسَخَهُ انْفَسَخَتْ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ أَنَّهُ يَمِينٌ أَوْ لَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ قَالَ الْهَرَوِيُّ لَيْسَ ذَلِكَ بِفَسْخٍ بَلْ هُوَ حُكْمٌ بِإِبْطَالِ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْيَمِينَ الصَّحِيحَةَ لَا تُفْسَخُ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ النَّذْرِ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ) قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ مَلَكْت هَذَا الْعَبْدَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ أَوْ فَهُوَ حُرٌّ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَّقَ بِذَلِكَ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَلَّقَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَبَعْدَ الْقَبُولِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالدُّخُولِ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ) لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنَاوَلَتْ فِعْلًا وَاحِدًا وَقَدْ وُجِدَ فِي حَالٍ لَا يَقَعُ فِيهَا فَانْحَلَّتْ (قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَهُ) قَالَ الْغَزِّيِّ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت فَأَبَانَهَا ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا لَمْ تَنْحَلَّ يَمِينُهُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ بَعْدَ نِكَاحِهَا طَلُقَتْ عَلَى أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلَوْ تَزَوَّجَ فِي الْبَيْنُونَةِ ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا لَمْ تَطْلُقْ بِمَا جَرَى فِي الْبَيْنُونَةِ فَلَوْ كَانَ قَالَ إذَا تَزَوَّجْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْك فَأَبَانَهَا وَتَزَوَّجَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَلَا تَطْلُقُ إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا امْرَأَةً بَعْدَ أَنْ نَكَحَهَا. اهـ. مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُقُوعِ طَلَاقِهَا بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ سَبَقَ هَذَا النِّكَاحَ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يُرَادَ بِهِ النِّكَاحُ الثَّانِي لِسَبْقِهِ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ وَقَدْ انْقَطَعَ.
(3/285)
ذُكِرَ (تَخَلُّلُ) الطَّلَاقِ (الرَّجْعِيِّ وَالرَّجْعَةِ) بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَوُجُودِ الصِّفَةِ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَيْسَتْ نِكَاحًا مُجَدَّدًا وَلَا تَخَلُّلُ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ مَا ذُكِرَ (وَلَوْ قَالَ إنْ أَبَنْتُكِ ثُمَّ نَكَحْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَلَغْوٌ) فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالدُّخُولِ لِمَا مَرَّ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بِقَوْلِهِ وَدَخَلْت الدَّارَ وَجَعَلَهُ عَقِبَ نَكَحْتُك كَمَا فَعَلَ الْأَصْلُ كَانَ أَخْصَرَ.
(وَمَنْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَتَهُ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ الثَّلَاثِ) وَلَوْ بَعْدَ الزَّوْجِ (عَادَتْ إلَيْهِ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا) دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ الطَّلَاقِ لَمْ يُحْوِجُ إلَى زَوْجٍ آخَرَ فَالنِّكَاحُ الثَّانِي وَالدُّخُولُ فِيهِ لَا يَهْدِمَانِهِ كَوَطْءِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ أَمَّا بَعْدَ اسْتِكْمَالِهَا فَتَعُودُ إلَيْهِ بِالثَّلَاثِ لِأَنَّ دُخُولَ الثَّانِي بِهَا أَفَادَ حِلَّهَا لِلْأَوَّلِ وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ الْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لِاسْتِغْرَاقِهِ فَكَانَ نِكَاحًا مُفْتَتَحًا بِأَحْكَامِهِ.
(فَصْلٌ لِلْحُرِّ) طَلْقَاتٌ (ثَلَاثٌ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] أَيْنَ الثَّالِثَةُ فَقَالَ {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] » (وَلِلْعَبْدِ) مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا (طَلْقَتَانِ) فَقَطْ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُمَلِّكُ فَاعْتُبِرَ بِمَالِكِهِ وَمَشْرُوعٌ لِحَاجَةِ الرَّجُلِ فَاعْتُبِرَ بِجَانِبِهِ وَالْمُبَعَّضُ كَالْعَبْدِ (وَإِنْ طَلَّقَهَا الذِّمِّيُّ) الْحُرُّ (طَلْقَةً ثُمَّ اُسْتُرِقَّ) بَعْدَ نَقْضِهِ الْعَهْدَ (ثُمَّ نَكَحَهَا) بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (عَادَتْ) لَهُ (بِطَلْقَةٍ) فَقَطْ لِأَنَّهُ رَقَّ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ عَدَدِ الْعَبِيدِ (وَكَذَا لَوْ سَبَقَ مِنْهُ) قَبْلَ اسْتِرْقَاقِهِ (طَلْقَتَانِ) ثُمَّ نَكَحَهَا عَادَتْ إلَيْهِ بِطَلْقَةٍ (لِأَنَّهَا لَمْ تَحْرُمْ) عَلَيْهِ (بِهِمَا) فَطَرَيَانُ الرِّقِّ لَا يَرْفَعُ الْحِلَّ الثَّابِتَ (وَمَنْ عَتَقَ بَعْدَ طَلْقَةٍ) أَوْقَعَهَا عَلَى زَوْجَتِهِ ثُمَّ رَاجَعَهَا أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ (بَقِيَ لَهُ طَلْقَتَانِ) لِأَنَّهُ عَتَقَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ عَدَدِ الْعَبِيدِ (أَوْ) عَتَقَ (بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ) فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِمُحَلِّلٍ لِاسْتِيفَائِهِ عَدَدَ الْعَبِيدِ فِي الرِّقِّ وَلِأَنَّهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِهِمَا فِي الرِّقِّ فَلَا تُرْفَعُ الْحُرْمَةُ بِعِتْقٍ يَحْدُثُ بَعْدَهُ كَمَا قُلْنَا إنَّ الذِّمِّيَّ الْحُرَّ إذَا طَلَّقَ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ لَا يَرْتَفِعُ الْحِلُّ بِرِقٍّ يَحْدُثُ بَعْدَهُ (وَكَذَا) لَا يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ (لَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (هَلْ وَقَعَتَا) أَيُّ الطَّلْقَتَانِ (قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ) لِأَنَّ الرِّقَّ وَوُقُوعَ الطَّلْقَتَيْنِ مَعْلُومَانِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الرِّقِّ حِينَ أَوْقَعَهُمَا (فَإِنْ ادَّعَى تَقَدُّمَ الْعِتْقِ) عَلَيْهِمَا (وَأَنْكَرَتْ هِيَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِوَقْتِ الطَّلَاقِ (إلَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى يَوْمِ الطَّلَاقِ) كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ (وَادَّعَى الْعِتْقَ قَبْلَهُ) فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الرِّقِّ قَبْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى يَوْمِ الْعِتْقِ وَمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتٍ.
(فَصْلٌ طَلَاقُ الْمَرِيضِ) فِي الْوُقُوعِ (الصَّحِيحِ) أَيْ كَطَلَاقِهِ فِيهِ (فَيَتَوَارَثَانِ) أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي) الطَّلَاقِ (الرَّجْعِيِّ) مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا لِبَقَاءِ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ فِي الرَّجْعِيَّةِ بِلُحُوقِ الطَّلَاقِ لَهَا كَمَا مَرَّ وَصِحَّةِ الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ مِنْهَا وَوُجُوبِ نَفَقَتِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَالِّهَا (لَا) فِي الطَّلَاقِ (الْبَائِنِ) لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ.
الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ
[الطَّرَف الْأَوَّلُ نِيَّةِ الْعَدَدِ فِي الطَّلَاقِ]
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ وَفِيهِ أَطْرَافٌ)
ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ فِي نِيَّةِ الْعَدَدِ فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ) أَوْ نَحْوُهُ (وَنَوَى ثَلَاثًا) مَثَلًا (وَقَعْنَ) لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهَا سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا (أَوْ أَنْتِ وَاحِدَةٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً سَوَاءً رَفَعَ) فِيهِمَا (وَاحِدَةٌ أَوْ نَصَبَ وَنَوَى ثَلَاثًا وَقَعْنَ) لِاحْتِمَالِ الْحَمْلِ عَلَى وَاحِدَةٍ مُلَفَّقَةٍ مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ عَلَى تَوَحُّدِ الْمَرْأَةِ عَنْ زَوْجِهَا بِمَا نَوَاهُ وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ وُقُوعُهَا أَيْضًا فِي الْجَرِّ وَالسُّكُونِ وَيُقَدَّرُ الْجَرُّ بِأَنْتِ ذَاتُ وَاحِدَةٍ أَوْ مُتَّصِفَةٌ بِوَاحِدَةٍ أَوْ بِكَوْنِ الْمُتَكَلِّمِ لَحَنَ وَاللَّحْنُ لَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ عِنْدَنَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ.
وَأَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا ذُكِرَ فِي حَالِ النَّصْبِ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَخَالَفَ فِيهِ الْمِنْهَاجَ تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَ وُقُوعَ وَاحِدَةٍ فَقَطْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] ثُمَّ قَالَ {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وَلَمْ يُفَرِّقْ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ أَنْ تَتَزَوَّجَ قَبْلَ الثَّانِيَةِ وَبَيْنَ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ فَقَدْ يَدْخُلُ بِهَا الزَّوْجُ وَقَدْ لَا يَدْخُلُ فَدَخَلَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ كُلُّهَا تَحْتَ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ.
[فَصْلٌ لِلْحُرِّ طَلْقَاتٌ ثَلَاثٌ]
(قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ بِمَالِكِهِ) كَعَدَدِ الزَّوْجَاتِ.
[فَصْلٌ طَلَاقُ الْمَرِيضِ فِي الْوُقُوعِ الصَّحِيحِ]
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ)
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ إلَخْ) أَشَارَ بِقَوْلِهِ بَائِنٌ إلَى أَنَّ الْكِنَايَةَ كَالصَّرِيحِ فِيمَا ذَكَرَهُ لِحَدِيثِ «رُكَانَةَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ فَحَلَّفَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ لَوَقَعَ وَيُشْتَرَطُ فِي نِيَّةِ الْعَدَدِ اقْتِرَانُهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ فَإِنْ نَوَاهَا فِي أَثْنَائِهِ فَعَلَى مَا مَرَّ فِي نِيَّةِ أَصْلِ الطَّلَاقِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِي التَّأْكِيدِ إرَادَتُهُ فِي أَوَّلِ التَّأْسِيسِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي اقْتِرَانِ نِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ سَأَلْت عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ أَنْتُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا وَلَمْ يَقْصِدْ تَوْزِيعًا وَلَا إيقَاعَ الثَّلَاثِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ فَهَلْ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ فَأَجَبْت بِأَنَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَنْ يَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتُمَا طَالِقَانِ مِنْ الْكُلِّيِّ التَّفْصِيلِيِّ فَهُوَ حُكْمٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى انْفِرَادِهَا كَصِيغَةِ الْعُمُومِ فَكَانَ قَوْلُهُ ثَلَاثًا رَاجِعًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَا إلَى مَجْمُوعِهِمَا وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْعَصْرِيِّينَ أَنَّهُ أَجَابَ بِوُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى تَوْزِيعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِمَا كَأَنَّهُ قَاسَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْقَعْت عَلَيْكُمَا أَوْ بَيْنَكُمَا ثَلَاثًا وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي مَا أَجَبْت بِهِ وَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةً (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ وُقُوعُهَا أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا ذُكِرَ فِي حَالِ النَّصْبِ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَخَالَفَ فِيهِ الْمِنْهَاجُ إلَخْ) وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ أَنْتِ اثْنَتَانِ إذَا نَوَى بِهِ ثَلَاثًا فَيَجِيءُ فِيمَا يَظْهَرُ فِيهِ الْخِلَافُ هَلْ يَقَعُ مَا نَوَى أَوْ لَا يَقَعُ إلَّا اثْنَتَانِ قَالَ شَيْخُنَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ بَائِنٌ ثَلَاثًا وَنَوَى
(3/286)
عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ مِنْ أَنَّ وَاحِدَةً صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَالنِّيَّةُ مَعَ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْمَنْوِيَّ لَا تُؤَثِّرُ (فَإِنْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ ثَلَاثًا وَنَوَى الطَّلَاقَ لَا الثَّلَاثَ وَقَعْنَ) لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ وَكِنَايَةٌ فِي الْعَدَدِ وَقَدْ نَوَاهُ وَكَذَا إنْ نَوَى الثَّلَاثَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) قَالَ (أَنْت بَائِنٌ ثَلَاثًا وَنَوَى وَاحِدَةً فَهَلْ يُنْظَرُ إلَى اللَّفْظِ) فَيَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِهَا (أَوْ) إلَى (النِّيَّةِ) فَوَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِالثَّلَاثِ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ (وَجْهَانِ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي الْجَزْمُ بِالْأَوَّلِ وَذِكْرُ الثَّلَاثِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِثَالٌ فَالثِّنْتَانِ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (وَلَوْ أَرَادَ الثَّلَاثَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا (فَمَاتَتْ أَوْ أَمْسَكَ فُوهُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ لَا قَبْلَهُ وَقَعْنَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَاهَا بِأَنْتِ طَالِقٌ لِتَضَمُّنِ إرَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ قَصْدَهَا وَقَدْ تَمَّ مَعَهُ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي حَيَاتِهَا أَوْ قَبْلَ إمْسَاكٍ فِيهِ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا مُبَيِّنٌ لِأَنْتِ طَالِقٌ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَا يُقَالُ تَبِينُ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَلَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَقِيلَ يَقَعُ وَاحِدَةً وَقِيلَ لَا شَيْءَ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ إنْ نَوَى الثَّلَاثَ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَقَصَدَ أَنْ يُحَقِّقَهُ بِاللَّفْظِ فَثَلَاثٌ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَصَحَّحَ فِي الْأَنْوَارِ قَوْلَ الْبُوشَنْجِيُّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ الْمَنْقُولُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَفَّالِ وَغَيْرِهِمَا أَمَّا إذَا حَصَلَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ لِخُرُوجِهَا عَنْ مَحَلِّ الطَّلَاقِ أَوْ إمْسَاكٍ فِيهِ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِهِ (وَرِدَّتُهَا وَإِسْلَامُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا (كَمَوْتِهَا) فِيمَا ذُكِرَ.
(فَصْلٌ) لَوْ قَالَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ (أَنْت طَالِقٌ مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ أَعْظَمَ الطَّلَاقِ أَوْ أَكْبَرَهُ بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ أَطْوَلَهُ) أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ أَشَدَّهُ أَوْ نَحْوَهَا (وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ) فَقَطْ رَجْعِيَّةٌ (وَكَذَا لَوْ قَالَ بِعَدَدِ التُّرَابِ) بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ إنَّ التُّرَابَ اسْمُ جِنْسٍ لَا جَمْعٌ وَقَالَ الْبَغَوِيّ عِنْدِي تَقَعُ الثَّلَاثُ بِنَاءً عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الْمُبَرِّدِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْقَاضِي وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرِهِمْ وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ قَوْلَ الْبَغَوِيّ قَالَا وَلَا يَقْتَضِي الْعُرْفُ غَيْرَهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ لِأَنَّ التُّرَابَ إنْ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ جَمْعًا فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَاحِدُهُ تُرَابَةٌ (أَوْ) بِعَدَدِ (شَعْرِ إبْلِيسَ) لِأَنَّهُ نَجَّزَ الطَّلَاقَ وَرَبَطَ عَدَدَهُ بِشَيْءٍ شَكَكْنَا فِيهِ فَنُوقِعُ أَصْلَ الطَّلَاقِ وَيُلْغَى الْعَدَدُ إذْ الْوَاحِدَةُ لَيْسَتْ بِعَدَدٍ لِأَنَّ أَقَلَّ الْعَدَدِ اثْنَانِ (فَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (بِعَدَدِ أَنْوَاعِ التُّرَابِ أَوْ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ بِالْمُثَلَّثَةِ أَوْ كُلِّهِ أَوْ يَا مِائَةَ طَالِقٍ أَوْ أَنْت مِائَةُ طَالِقٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ) لِظُهُورِ ذَلِكَ فِيهَا وَالتَّصْرِيحُ بِالضَّبْطِ بِالْمُثَلَّثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) أَنْتِ (كَمِائَةِ طَالِقٍ فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا تَقَعُ ثَلَاثٌ لِوُقُوعِ الشَّبَهِ فِي الْعَدَدِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَثَانِيهُمَا وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ وَاخْتَارَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ بَعْدُ وَأَقَرَّهُ وَاخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ (أَوْ) أَنْت (طَالِقٌ) طَلْقَةً وَاحِدَةً (أَلْفَ مَرَّةٍ أَوْ كَأَلْفٍ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (بِوَزْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا) فِي الثَّلَاثِ (فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ تَقَعُ لِأَنَّ ذِكْرَ الْوَاحِدَةِ فِي الْأُولَتَيْنِ يَمْنَعُ لُحُوقَ الْعَدَدِ وَذِكْرُ الْوَزْنِ فِي الثَّالِثَةِ يُلْغَى لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُوزَنُ وَاسْتَشْكَلَ حُكْمُ الْأُولَيَيْنِ (أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَوْ إنْ لَمْ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالتَّعْلِيقِ بِلَا قَصْدٍ لَمْ يَنْفَعْ فَهُنَا أَوْلَى (إلَّا إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ الِاسْتِثْنَاءَ) فَلَمْ يُتِمَّهُ فَلَا تَطْلُقُ (وَيُصَدَّقُ) فِي دَعْوَى ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَاحِدَةً أَنَّهُ يَقَعُ الْمَنْوِيُّ عَلَى الْمُرَجَّحِ مَا يَشْهَدُ لِمَا ذُكِرَ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ الْأَجْزَاءِ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يُنْظَرُ إلَى اللَّفْظِ أَوْ النِّيَّةِ) وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكِنَايَةِ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَرَادَ الثَّلَاثَ) بِأَنْ نَوَاهَا مُقْتَرِنَةً بِلَفْظَةِ طَالِقٍ (قَوْلُهُ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ إنْ نَوَى الثَّلَاثَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ إلَخْ) هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ إذْ النِّيَّةُ إذَا لَمْ تُقَارِنْ اللَّفْظَ لَا أَثَرَ لَهَا ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّوْشِيحِ أَنَّهُ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ وَكَأَنَّهُ تَحْقِيقُ مَنَاطٍ ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَوْتَهَا قَبْلَ تَمَامٍ ثَلَاثًا وَبَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا كَمَوْتِهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مُصَرَّحًا بِهِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ بِوَقْعِ الثَّلَاثِ إذَا شَرَعَ فِي لَفْظِ ثَلَاثًا وَمَاتَتْ فِي أَثْنَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ شَرَعَ فِيهِ كَمَا قِيلَ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ ثُمَّ مَاتَتْ فَقَالَ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ دَخَلْت الدَّارَ أَنَّهُ يُقْبَلُ لِوُجُودِ بَعْضِ لَفْظِ التَّعْلِيقِ.
[فَصْلٌ قَالَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ نَحْوَهَا]
(فَصْلٌ قَوْلُهُ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مِلْءَ الدُّنْيَا) أَيْ أَوْ مِلْءَ الْبُيُوتِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهَا) أَيْ كَأَكْمَلِهِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ إنَّ التُّرَابَ اسْمُ جِنْسٍ) أَيْ وَاحِدٌ لَا يَقْتَضِي الْعَدَدَ صَرِيحًا وَلَا ضِمْنًا (قَوْلُهُ فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَاحِدُهُ تُرَابَةٌ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَا قَلِيلَ وَلَا كَثِيرَ وَقَعَ الثَّلَاثُ وَلَوْ قَالَ لَا كَثِيرَ وَلَا قَلِيلَ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ قَالَهُ فِي الْمُطَارَحَاتِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَا قَلِيلَ وَقَعَ الْكَثِيرُ وَهُوَ الثَّلَاثُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَلَمْ يَرْتَفِعْ وَفِي الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ لَا كَثِيرَ وَقَعَ الْقَلِيلُ وَهُوَ وَاحِدَةٌ وَفِي قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا قَلِيلَ رَفْعٌ لَهُ وَالطَّلَاقُ لَا يَرْتَفِعُ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ فَأَفْتَى الشَّيْخُ أَبُو الْمَعَالِي بِوُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ وَمُدْرِكُهُ ظَاهِرٌ وَأَفْتَى الْفَقِيهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ بِوُقُوعِ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ كَأَنَّهُ قَالَ طَلْقَةً وَشَيْئًا وَلَمَّا قَالَ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ وَقَعَتْ أَيْضًا طَلْقَتَانِ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ وَشَيْئًا فَتَقَعُ الثَّلَاثُ. اهـ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَكْثَرَ لَيْسَ إنْشَاءَ طَلَاقٍ بَلْ هَذَا عَطْفٌ عَلَى التَّفْسِيرِ لِلْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَقَلَّ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ تَفْسِيرًا وَالتَّقْدِيرُ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا هُوَ أَقَلُّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرُ مِنْ طَلْقَةٍ وَهَذَا الْمَجْمُوعُ لَا يَزِيدُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ قَطْعًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بِوَزْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ إلَخْ) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ مِثْقَالَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ مَثَاقِيلَ أَوْ خَمْسَةً أَوْ عَشَرَةً أَوْ عِشْرِينَ فَطَلْقَةٌ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ وَمَنَعَ إتْمَامَ الْكَلَامِ
(3/287)
الظَّاهِرَةِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْبَابِ السَّادِسِ مَا حَاصِلُهُ الْوُقُوعُ إلَّا بِقَرِينَةٍ أُخْرَى بِأَنْ مَنَعَ إتْمَامَ الْكَلَامِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ فَلَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا قَرِينَةَ فَالْقِيَاسُ الْوُقُوعُ لَا عَدَمُهُ كَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ الْإِتْمَامِ بِلَا مَانِعٍ دَالٌّ عَلَى الْإِضْرَابِ عَنْهُ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ السَّابِقُ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ إنَّ الصِّيغَةَ وَضْعُهَا التَّعْلِيقُ لِأَنَّ دَلَالَتَهَا عَلَى مَا وُضِعَتْ لَهُ مَشْرُوطٌ بِذِكْرِ مَدْخُولِهَا مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُجَامِعَ الطَّلَاقَ نَحْوُ إنْ كُنْت زَوْجَتِي.
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ فَإِنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ لَهَا أَنْت مُطَلَّقَةٌ أَنْت مُسَرَّحَةٌ أَنْت مُفَارِقَةٌ مُتَوَالِيًا) فِيهِمَا (وَكَذَا لَوْ لَمْ يُكَرِّرْ أَنْتِ) بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ مُسَرَّحَةٌ مُفَارِقَةٌ (وَقَعَ الثَّلَاثُ إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ (لَا إنْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ) فَلَا يَقَعُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ أَكَّدَ الْأُولَى بِالْأُخْرَيَيْنِ فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ تَقَعُ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ فِي الْكَلَامِ مَعْهُودٌ فِي جَمِيعِ اللُّغَاتِ (أَوْ) أَكَّدَهَا (بِالثَّانِيَةِ أَوْ) أَكَّدَ (الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ) فَطَلْقَتَانِ يَقَعَانِ عَمَلًا بِقَصْدِهِ (فَلَوْ أَكَّدَ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ فَثَلَاثٌ) لِتَخَلُّلِ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْمُؤَكَّدِ وَالْمُؤَكِّدِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا مُتَوَالِيًا عَمَّا لَوْ فَرَّقَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ تَأْكِيدٌ لِلْفَصْلِ نَعَمْ يُدَيَّنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَقَالَ أَكَّدْت الْأُولَى) بِالْأُخْرَيَيْنِ أَوْ بِإِحْدَاهُمَا (لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) لِاخْتِصَاصِهِمَا بِالْعَاطِفِ الْمُوجِبِ لِلتَّغَايُرِ (أَوْ) أَكَّدْت (الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ قُبِلَ) لِتَسَاوِيهِمَا (وَتَطْلُقُ ثَلَاثًا بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ فَطَالِقٌ لِلْمُغَايَرَةِ وَكَذَا) بِقَوْلِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ بَلْ طَالِقٌ (وَكَذَا) بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ (لَا بَلْ) طَالِقٌ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَى الْمُغَايَرَةِ (وَلَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا) مِنْ ذَلِكَ (إلَّا طَلْقَةٌ وَ) إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِهَا فَلَا يَقَعُ بِمَا بَعْدَهَا شَيْءٌ وَيُخَالِفُ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا حَيْثُ تَقَعُ بِهِ الثَّلَاثُ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا بَيَانٌ لِمَا قَبْلَهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَمَحَلُّهُ فِي الْمُنَجَّزِ (فَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا) الْأَوْلَى وَالْأَخْصَرُ فَلَوْ قَالَ لَهَا (إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ) أَوْ عَكَسَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَدَخَلَتْ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ) لِتَعَلُّقِهَا بِالدُّخُولِ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهَا وَكَمَا لَوْ قَالَهُ لِلْمَدْخُولِ بِهَا وَاسْتَشْكَلَ هَذَا فِي صُورَةِ الْعَكْسِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ نَحْوَهُ اخْتَصَّ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْأَخِيرَةِ وَتَقَعُ وَاحِدَةً وَقِيَاسُهُ هُنَا وُقُوعُ وَاحِدَةٍ مُنَجَّزَةٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ مُفَرَّقٍ فَاخْتَصَّ بِالْأَخِيرِ (لَا إنْ عَطَفَ بِثُمَّ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ فَلَا تَقَعُ الثَّلَاثُ بَلْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى وَقَعَ لِصَاحِبِ الْأَنْوَارِ إلْحَاقُ الْفَاءِ بِالْوَاوِ وَأَخْذًا مِنْ اقْتِصَارِهِمْ عَلَى تَمْثِيلِهِمْ بِثُمَّ وَهُوَ عَجِيبٌ.
(وَلَوْ كَرَّرَ) فِي مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ غَيْرِهَا (إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ) كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ (لَمْ يَتَعَدَّدْ) أَيْ الطَّلَاقُ (إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ) فَيَتَعَدَّدُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَقَصْدُ الِاسْتِئْنَافِ يَقْتَضِي اسْتِيفَاءَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ الْوُقُوعُ لَا عَدَمُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ فِي الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَرَّرَ اللَّفْظَ أَرْبَعًا فَالْحُكْمُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ كَالْحُكْمِ فِي صُورَةِ تَكْرِيرِهِ ثَلَاثًا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَخَيَّلَ أَنَّ الرَّابِعَةَ يَقَعُ بِهَا طَلْقَةٌ لِفَرَاغِ الْعَدَدِ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ التَّأْكِيدُ بِمَا يَقَعُ لَوْلَا قَصْدُ التَّأْكِيدِ فَلِإِنْ يُؤَكَّدُ بِمَا لَا يَقَعُ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ التَّأْكِيدِ أَوْلَى. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّمْهِيدِ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَقْبَلُ التَّأْكِيدَ مُطْلَقًا كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي امْتِنَاعِهِ وَبِتَقْدِيرِهِ فَالْخُرُوجُ عَنْ الْمَهِيعِ النَّحْوِيِّ لَا أَثَرَ لَهُ كَمَا أَوْضَحَهُ الْأَصْحَابُ فِي الْإِقْرَارِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ أَجَابَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيه بِحَاصِلِ مَا ذَكَرْته اهـ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ لَفْظِيٌّ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ يَجْرِي فِي الزَّوَائِدِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرَةَ لَمَّا «عَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَةَ الزُّورِ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ أَنَّهُ نَطَقَ بِذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ» إذْ يَبْعُدُ حَمْلُهُ عَلَى الثَّلَاثِ فَإِنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ كَانَ إذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ ثَلَاثًا فِي الْغَالِبِ وَقَوْلُهُ فَالْحُكْمُ عِنْدِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ نَحْوِهِ) وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَأْتِي فِي تَكْرِيرِ الْكِنَايَاتِ كَقَوْلِهِ اعْتَدِّي اعْتَدِّي اعْتَدِّي (قَوْلُهُ عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ) لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْإِيقَاعِ كَاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَلِهَذَا يُقَالُ إذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ التَّأْسِيسِ وَالتَّأْكِيدِ فَالتَّأْسِيسُ أَوْلَى (قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ تَأْكِيدٌ لِلْفَصْلِ) نَعَمْ إذَا كَانَ فَصْلُهُ لِعُذْرٍ كَأَنْ كَانَ بِهِ عِيٌّ أَوْ مَنَعَهُ سُعَالٌ طَوِيلٌ مُتَوَاصِلٌ قَبْلَ قَوْلِهِ إنَّهُ أَرَادَ التَّأْكِيدَ لِلْقَرِينَةِ الدَّالَّةَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ اتِّصَالِ الْكَلَامِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فَوَضَعَ إنْسَانٌ يَدَهُ عَلَى فِيهِ مَعَ تَمَامِ قَافِ طَالِقٍ ثُمَّ أَرْسَلَهُ بَعْدَ سَاعَةٍ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت بِهِ تَأْكِيدَ مَا تَقَدَّمَ وَكُنْت عَازِمًا عَلَيْهِ فَمَنَعَنِي وَضْعُ الْيَدِ عَلَى فِي مِنْهُ. (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا لِاخْتِصَاصِهِمَا إلَخْ) أَيْ وَيُدَيَّنُ.
(فَرْعٌ) فِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقًا فَإِنْ أَرَادَ طَلْقَتَيْنِ وَقَعَتَا وَإِنْ أَرَادَ لِتَأْكِيدٍ وَنَصَبَ عَلَى الْحَالِ قُبِلَ مِنْهُ وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِنْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ قُبِلَ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَهَا (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا إلَخْ) قَالَ الدَّارِمِيُّ لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى ثَلَاثًا أَوْ كَرَّرَهُ وَنَوَى بِالْأَوَّلِ ثَلَاثًا وَقَعْنَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَرَّرَهُ وَنَوَى بِالْأَوَّلِ ثَلَاثًا فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ وَاضِحَةٌ وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهَا جَرْيًا عَلَى ظَاهِرِ الْإِطْلَاقِ فَاسْتَحْضَرَهَا فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ فِي صُوَرِ التَّكْرَارِ لَا سِيَّمَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرَ وَالْأَرْجَحُ إلَى الْجَمِيعِ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ جَمْعِ الْمُفَرَّقِ فَالْجَوَابُ الَّذِي أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ
(3/288)
بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تُشْبِهُ الْحُدُودَ الْمُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ فَتَتَدَاخَلُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا تَعَدُّدَ فِيهِمَا كَمَا لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ فِيمَا لَوْ حَنِثَ فِي أَيْمَانٍ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي الْإِطْلَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ.
(وَلَوْ طَالَ فَصْلٌ وَتَعَدَّدَ مَجْلِسٌ) غَايَةٌ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَا لِلْمُسْتَثْنَى فَلَوْ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ وَلَا تَعَدَّدَ مَجْلِسٌ كَانَ غَايَةً لِلْمُسْتَثْنَى (فَإِنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَدَخَلَتْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لِأَنَّ الْجَمِيعَ يَقَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ حُذِفَ الْعَاطِفُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (وَيَقَعُ لِلْمَمْسُوسَةِ) أَيْ الْمَدْخُولِ بِهَا (بِقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ ثَلَاثٌ) وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْإِقْرَارِ بِقُرْبِ الِاسْتِدْرَاكِ فِي الْإِخْبَارِ وَبَعْدَهُ فِي الْإِنْشَاءِ وَبِظُهُورِ التَّعَدُّدِ فِي الطَّلَاقِ دُونَ الْإِقْرَارِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَعَادَ اللَّفْظَ هُنَا بَعْدَ فَصْلِ تَعَدَّدَ الطَّلَاقُ بِخِلَافِهِ ثُمَّ (وَ) يَقَعُ لَهَا (بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَلْ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ) طَلْقَةٌ (مُنَجَّزَةٌ وَ) طَلْقَتَانِ (مُعَلَّقَتَانِ) رَدًّا لِلشَّرْطِ إلَى مَا يَلِيه خَاصَّةً لِأَجَلٍ بَلْ وَبِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ طَالِقٌ فَطَالِقٌ طَلْقَتَانِ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِهَا وَيَقَعُ لِلْمَمْسُوسَةِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ بَلْ وَاحِدَةً ثَلَاثٌ وَلِغَيْرِهَا ثِنْتَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَ) يَقَعُ (بِقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً قَبْلَ أَوْ بَعْدَ) طَلْقَةٍ (أَوْ بَعْدَهَا أَوْ قَبْلَهَا) طَلْقَةٌ (أَوْ مَعَ) طَلْقَةٍ (أَوْ مَعَهَا) طَلْقَةٌ (أَوْ تَحْتَ) طَلْقَةٍ (أَوْ تَحْتَهَا) طَلْقَةٌ (أَوْ فَوْقَ) طَلْقَةٍ (أَوْ فَوْقَهَا طَلْقَةٌ طَلْقَتَانِ لِلْمَمْسُوسَةِ) يَقَعَانِ مَعًا فِي مَعَ بِتَمَامِ الْكَلَامِ وَمُتَعَاقِبَتَيْنِ فِي غَيْرِهَا بِتَمَامِ الْكَلَامِ بِأَنْ تَقَعَ أَوَّلًا الْمُضَمَّنَةُ ثُمَّ الْمُنَجَّزَةُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أَوْ فَوْقَ طَلْقَةٍ أَوْ تَحْتَهَا طَلْقَةٌ وَبِالْعَكْسِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ فَوْقَهَا طَلْقَةٌ أَوْ تَحْتَ طَلْقَةٍ عَلَى كَلَامٍ يَأْتِي فِي تَحْتَ وَفَوْقَ (وَكَذَا غَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ) يَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَتَانِ (فِي قَوْلِهِ مَعَ) طَلْقَةٍ (أَوْ مَعَهَا طَلْقَةٌ) لِاقْتِضَاءِ مَعَ مَعْنَى الضَّمِّ وَالْمُقَارَنَةِ فَيَقَعَانِ مَعًا بِلَا تَرْتِيبٍ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَلْفَاظِ لَا يَقَعُ بِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ لِظُهُورِ التَّرْتِيبِ فِيهَا وَتَعَذُّرِهِ فِي غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ هَذَا مَفْهُومُ كَلَامِهِ وَهُوَ فِي تَحْتَ وَفَوْقَ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَوَلِّي لَكِنْ الَّذِي نَقَلَهُ قَبْلَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُمَا كَمَعَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ مَشَى شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ.
(فَإِنْ أَرَادَ) فِي الْمَمْسُوسَةِ (بِبَعْدَ) فِي قَوْلِهِ طَلْقَةً بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ (أَنِّي سَأُطَلِّقُهَا) بَعْدَ هَذَا طَلْقَةً (دُيِّنَ) فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا (أَوْ) أَرَادَ (بِقَبْلِهَا أَنَّهُ أَوْ غَيْرَهُ) مِنْ زَوْجٍ آخَرَ (سَبَقَ مِنْهُ) (طَلَاقٌ لَهَا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ) فِيمَا إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي وَفَسَّرَ بِهَذَا وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ سَبْقِ الطَّلَاقِ مِنْهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَإِنْ قَالَ لِغَيْرِ مَمْسُوسَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) كَمَا لَوْ قَالَهُ لِلْمَمْسُوسَةِ وَسَيَأْتِي (أَوْ) قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً وَمِائَةً أَوْ إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ طَلْقَةً وَنِصْفًا أَوْ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ) طَلْقَةً بَلْ (ثَلَاثًا فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ تَقَعُ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِهَا لِعَطْفِ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهَا بِخِلَافِهِ فِي إحْدَى عَشْرَةَ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ فَهُوَ بِمَعْنَى الْمُفْرَدِ (أَوْ) قَالَ ذَلِكَ (لِلْمَمْسُوسَةِ تَعَدَّدَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) كَمَا مَرَّ بَعْضُهُ (أَوْ) قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً قَبْلَهَا) .
قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ بَعْدَهَا (كُلُّ تَطْلِيقَةٍ طَلُقَتْ الْمَمْسُوسَةُ ثَلَاثًا) مَعَ تَرْتِيبٍ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَبَاقِي الثَّلَاثِ وَطَلُقَتْ غَيْرُهَا وَاحِدَةً أَمَّا فِي بَعْدِهَا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي قَبْلِهَا فَلِأَنَّ الْوَاقِعَ إنَّمَا هُوَ الْمُنَجَّزُ لَا الْمُضَمَّنُ لِئَلَّا يَلْزَمَ الدَّوْرُ (أَوْ) قَالَ لِمَمْسُوسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَنْت (طَالِقٌ حَتَّى يُتِمَّ الثَّلَاثَ) أَوْ أُكْمِلَهَا أَوْ أُوقِعَهَا عَلَيْك (وَلَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ فَوَاحِدَةٌ) وَقِيلَ ثَلَاثٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْوَانًا مِنْ الطَّلَاقِ فَوَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا) وَلَوْ قَالَ أَنْوَاعًا مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ أَجْنَاسِهِ مِنْهُ أَوْ أَصْنَافًا لِظَاهِرِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ (وَإِنْ قَالَ لِمُطَلَّقَتِهِ يَا مُطَلَّقَةُ أَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت تِلْكَ الطَّلْقَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ أَطْلَقَ) فَلَا تَعَدُّدَ فِيهِمَا وَجَّهَهُ فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ جَرَيَانَ الْعَادَةِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُكَرِّرُ الْيَمِينَ الْوَاحِدَةَ مَرَّاتٍ.
(قَوْلُهُ أَوْ فَوْقَهَا طَلْقَةٌ إلَخْ) أَيْ أَوْ عَلَى طَلْقَةٍ أَوْ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَلْفَاظِ لَا يَقَعُ بِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُهُمَا يَقْتَضِي مُوَافَقَتَهُمَا لِلْمُتَوَلِّي.
(قَوْلُهُ لَكِنَّ الَّذِي نَقَلَهُ قَبْلَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُمَا كَمَعَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَعَ لِلْقِرَانِ فِي اللُّغَةِ وَفَوْقَ وَتَحْتَ لِلتَّرْتِيبِ الْمُنَافِي لِلْقِرَانِ وَعِبَارَةُ التَّتِمَّةِ إذَا قَالَ طَلْقَةً فَوْقَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً تَحْتَ طَلْقَةٍ فَهَذَا وَصْفٌ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْئًا مَحْسُوسًا حَتَّى يَتَعَيَّنَ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ فَيَلْغُو قَوْلُهُ فَوْقَ وَقَوْلُهُ تَحْتَ فَيَصِيرُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً طَلْقَةً وَالْحُكْمُ فِيهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ اهـ وَفِي الذَّخَائِرِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْحُكْمُ فِيهَا كَمَا لَوْ قَالَ قَبْلَ وَبَعْدَ وَتَكُونُ تَحْتَ وَفَوْقَ عِبَارَةً عَنْ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ فَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَحْتَ طَلْقَةٍ كَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ وَإِذَا قَالَ فَوْقَ طَلْقَةٍ كَأَنَّهُ قَالَ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي الظَّرْفِ عُرْفًا وَعَادَةً وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ اللَّفْظَ يَتَضَمَّنُ الْجَمْعَ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَيُؤَكَّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ بِأَنَّ تَحْتَ وَفَوْقَ ظَرْفَا مَكَان يَكُونُ لِلْجَوَاهِرِ وَالْأَجْسَامِ وَالطَّلَاقُ لَفْظٌ مِنْ قَبِيلِ الْإِعْرَاضِ لَا يُوصَفُ بِذَلِكَ فَكَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى صَرْفِ اللَّفْظِ إلَى الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ الْمُمْكِنَةِ فِي الْإِيقَاعِ إذْ لَا بُدَّ لِلْوُقُوعِ مِنْ زَمَانٍ وَالزَّمَانُ لَهُ قَبْلٌ وَبَعْدٌ وَلَيْسَ لَهُ فَوْقٌ وَتَحْتٌ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مَشَى شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ فَوَاحِدَةٌ فَقَطْ تَقَعُ) لِأَنَّهَا بَانَتْ بِهَا لِعَطْفِ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذْ لَمْ يَنْوِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الثَّلَاثَ فَإِنْ نَوَاهُنَّ بِهِ وَقَعْنَ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/289)
فَهَلْ يُقْبَلُ) مِنْهُ (أَوْ يَقَعُ) طَلْقَةً (أُخْرَى وَجْهَانِ) أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ.
(وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا) أَوْ طَلِّقْنِي وَطَلِّقْنِي وَطَلِّقْنِي أَوْ طَلِّقْنِي طَلِّقْنِي كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ (فَقَالَ طَلَّقْتُك) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ (وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَوَاحِدَةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّ الْجَوَابَ مُنَزَّلٌ عَلَى السُّؤَالِ فَيَنْبَغِي وُقُوعُ ثَلَاثٍ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَقَالَتْ بِلَا نِيَّةٍ طَلَّقْت وَالنَّظَرُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ السَّائِلَ فِي تِلْكَ مَالِكٌ لِلطَّلَاقِ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ (وَلَوْ طَلَّقَهَا) طَلْقَةً (رَجْعِيَّةً ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا لَغَا) فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ وَقَعَ طَلْقَتَانِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ أَبِي الْمَعَالِي وَصَوَّبَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْحِسَابِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ) ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ حِسَابُ الضَّرْبِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً فِي طَلْقَةٍ وَأَرَادَ مَعَ) طَلْقَةٍ (وَقَعَ طَلْقَتَانِ) كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْإِقْرَارِ (أَوْ الظَّرْفِ أَوْ الْحِسَابِ أَوْ يُرِدْ شَيْئًا فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا مُقْتَضَى الظَّرْفِ وَمُوجِبُ الْحِسَابِ وَالْمُحَقَّقُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِرَادَةِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ وَأَرَادَ مَعَ فَثَلَاثٌ أَوْ الْحِسَابُ فَإِنْ عَلِمَهُ فَطَلْقَتَانِ) لِأَنَّهُمَا مُوجِبَتَاهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ الْحِسَابَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ (فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ (وَلَوْ قَالَ أَرَدْت مَا يَقْتَضِيهِ الْحِسَابُ) لِأَنَّ مَا لَا يَعْلَمُهُ لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ (وَكَذَا) يَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ (إنْ قَصَدَ الظَّرْفَ) لِأَنَّهَا مُقْتَضَاهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا الْغَزَالِيُّ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ) وَلَمْ يُرِدْ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ (فَطَلْقَةٌ) سَوَاءٌ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ الظَّرْفَ أَوْ الْحِسَابَ أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَجَزَّأُ (وَكَذَا) يَقَعُ طَلْقَةً بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ إلَّا إنْ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ فَثِنْتَانِ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً وَرُبْعًا أَوْ) وَ (نِصْفًا فِي وَاحِدَةٍ وَرُبْعٍ) وَلَمْ يُرِدْ الْمَعِيَّةَ (فَثِنْتَانِ وَإِنْ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ فَثَلَاثٌ) بِتَكْمِلَةِ الْكَسْرِ فِي الْأَرْبَعِ.
(وَلَوْ عَلَّقَ عَدَدَ طَلَاقِ زَيْدٍ) كَأَنْ قَالَ طَلَّقْتُك مِثْلَ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ أَوْ عَدَدَ طَلَاقِهِ (أَوْ نَوَاهُ) أَيْ الْعَدَدَ (وَهُوَ يَجْهَلُهُ) فِيهِمَا (فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ فَثَلَاثٌ) إدْخَالًا لِلطَّرَفَيْنِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الضَّمَانِ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَالظَّاهِرُ اسْتِيفَاؤُهُ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ كَمَا قَدَّمْته فِي بَابِ الضَّمَانِ (وَكَذَا) يَقَعُ الثَّلَاثُ (لَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (مَا بَيْنَ الْوَاحِدَةِ إلَى الثَّلَاثِ) لِأَنَّ مَا بَيْنَ بِمَعْنَى مِنْ بِقَرِينَةِ إلَى وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (مَا بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالثَّلَاثِ فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا الصَّادِقَةُ بِالْبَيْنِيَّةِ بِجَعْلِ الثَّلَاثِ بِمَعْنَى الثَّالِثَةِ.
(النَّوْعُ الثَّانِي التَّجْزِئَةُ الطَّلَاقُ لَا يَتَجَزَّأُ) بَلْ ذِكْرُ بَعْضِهِ كَذِكْرِ كُلِّهِ لِقُوَّتِهِ سَوَاءٌ أَبْهَمَ أَمْ عَيَّنَ (فَقَوْلُهُ) أَنْتِ طَالِقٌ (بَعْضَ طَلْقَةٍ) أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ تَقَعُ بِهِ (طَلْقَةٌ وَلَوْ زَادَ فِي أَجْزَاءِ الْمُطَلِّقَةِ فَقَالَ) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ) أَوْ أَرْبَعَةَ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ (فَطَلْقَتَانِ) لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ مَتَى زَادَتْ عَلَى طَلْقَةٍ حُسِبَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ طَلْقَةٍ أُخْرَى وَأُلْغِيَ مَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ فَيَصِيرُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَنِصْفَ طَلْقَةٍ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (خَمْسَةَ أَنْصَافِهَا) أَوْ سَبْعَةَ أَثْلَاثِهَا أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا جَاوَزَتْ فِيهِ الْأَجْزَاءُ طَلْقَتَيْنِ (فَثَلَاثٌ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَيْ طَلْقَةٍ أَوْ رُبْعَ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ) أَوْ رُبْعَيْ طَلْقَةٍ (فَطَلْقَةٌ إنْ لَمْ يُرِدْ كُلًّا) أَيْ كُلَّ جُزْءٍ (مِنْ طَلْقَةٍ) فَإِنْ أَرَادَهُ وَقَعَ ثِنْتَانِ (وَكَذَا) يَقَعُ طَلْقَةً بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفُ طَلْقَتَيْنِ) وَلَمْ يُرِدْ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ لِأَنَّهَا نِصْفُهُمَا وَحَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ صَحِيحٌ فَلَا نُوقِعُ مَا زَادَ بِالشَّكِّ قَالَ الْإِمَامُ وَلَيْسَ كَقَوْلِهِ لِفُلَانٍ نِصْفُ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ لِأَنَّهُمَا شَخْصَانِ لَا يَتَمَاثَلَا فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِمَا إضَافَةٌ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَالطَّلْقَتَانِ يُشْبِهَانِ الْعَدَدَ الْمَحْضَ.
(وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَى نِصْفِ دِرْهَمَيْنِ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) لِأَنَّهُ نِصْفُهُمَا (أَوْ) لَهُ عَلَى (ثَلَاثَةِ أَنْصَافِ دِرْهَمٍ فَدِرْهَمٌ وَنِصْفٌ) لِأَنَّ الْمَالَ يَتَجَزَّأُ (وَيَقَعُ بِقَوْلِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَقْرَبُهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِذَلِكَ إذَا خَاطَبَهَا بِذَلِكَ فِي عِدَّةِ طَلْقَةٍ رَجْعِيَّةٍ قَبْلَ أَنْ يُرَاجِعَهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيَّةً إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ إذَا طَلَّقَ رَجْعِيًّا ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا وَنَوَى قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ فَلَغْوٌ وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ. اهـ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ إذَا طَلَّقَ رَجْعِيًّا ثُمَّ سَكَتَ وَرَاجَعَ أَصْحَابَهُ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا فَإِنْ قَصَدَ بِكَلَامِهِ ثَانِيًا أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ وَبَيَانٌ لَهُ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا أَنَّهَا طَالِقٌ ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا كَمَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً أَنْتِ ثَلَاثًا وَنَوَى الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ فَإِنَّهُ يَقَعُ وَإِنَّهُ إنْ قَالَ إنْ غِبْت عَنْ زَوْجَتِي سَنَةً فَمَا أَنَا لَهَا بِزَوْجٍ وَلَا هِيَ لِي بِامْرَأَةٍ فَهُوَ إقْرَارٌ فِي الظَّاهِرِ بِزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ السَّنَةِ وَتَوَقُّعِ زَوَالِهَا بِذَلِكَ مُحْتَمَلٌ فَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ ظَاهِرًا وَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ]
(قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ أَبِي الْمَعَالِي وَصَوَّبَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[الطَّرَفُ الثَّالِثُ الْحِسَابِ فِي الطَّلَاق]
[النَّوْع الْأَوَّلُ حِسَابُ الضَّرْبِ فِي الطَّلَاق]
(قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ الْحِسَابَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ فَوَاحِدَةٌ فَقَطْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا جَهِلَ مَا يُرِيدُونَ بِهِ جُمْلَةً وَرَأْسًا أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ عَدَدًا لَكِنَّهُ جَهِلَهُ فَفِيهِ نَظَرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ فَوَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَدَدًا وَنَوَى عَدَدًا مِنْ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ قَطْعًا فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ) وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ.
[النَّوْعُ الثَّانِي التَّجْزِئَةُ فِي الطَّلَاقُ]
(قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ فِي أَجْزَاءِ الْمُطَلِّقَةِ فَقَالَ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ إلَخْ) صَحِيحٌ الْبُلْقِينِيُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَةٌ فَإِنَّ الْأَجْزَاءَ الْمَذْكُورَةَ يَصِحُّ أَنْ تَقَعَ فِي وَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ فَيُقْضَى فِيهَا بِقِسْمَةِ الْمَالِ الْوَاحِدِ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ الْعَوْلِ جَوَابُهُ إنَّ الْوَصِيَّةَ وَالْوَقْفَ مَحْصُورَانِ فِي الْمَالِ فَوَجَبَ فِيهِ التَّوْزِيعُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ يُمْكِنُ إعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَمِثْلَهُ وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ لِدُخُولِ وَاوِ الْعَطْفِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ النِّصْفَيْنِ إلَى طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَمِثْلَيْهِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ.
(3/290)
أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ) أَوْ ثُلُثَيْ طَلْقَتَيْنِ (طَلْقَتَانِ) لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى أَضَافَ كُلَّ جُزْءٍ إلَى طَلْقَةٍ (وَ) يَقَعُ (بِثَلَاثَةِ أَنْصَافٍ طَلْقَتَيْنِ أَوْ) ثَلَاثَةِ أَنْصَافِ (الطَّلَاقُ ثَلَاثٌ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَانِ كَمَا مَرَّ آنِفًا فَثَلَاثَةٌ أَيْضًا فِيهِمَا ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِصَرْفِ اللَّفْظِ الْمُعَرَّفِ بِأَلْ إلَى الْجِنْسِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّهُ أَضَافَ كُلَّ جُزْءٍ إلَى طَلْقَةٍ وَعَطَفَ فَاقْتَضَى التَّغَايُرَ (وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْ الطَّلْقَةَ) وَلَمْ تَزِدْ الْأَجْزَاءُ عَلَيْهَا كَأَنْ قَالَ نِصْفُ وَثُلُثُ وَسُدُسُ طَلْقَةٍ (أَوْ) كَرَّرَهَا لَكِنْ (حَذَفَ الْوَاوَ) كَأَنْ قَالَ نِصْفُ طَلْقَةٍ ثُلُثُ طَلْقَةٍ سُدُسُ طَلْقَةٍ (أَوْ) لَمْ يُكَرِّرْهَا بَلْ (حَذَفَ الطَّلْقَةَ أَوْ الْوَاوَ) الصَّادِقُ ذَلِكَ بِحَذْفِهِمَا بِجَعْلِهِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ كَأَنْ قَالَ نِصْفُ ثُلُثِ سُدُسٍ أَوْ نِصْفٌ وَثُلُثٌ وَسُدُسٌ أَوْ نِصْفُ ثُلُثِ سُدُسِ طَلْقَةٍ (فَوَاحِدَةٌ) إذْ كُلُّهَا أَجْزَاءُ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ (فَلَوْ زَادَتْ الْأَجْزَاءُ بِلَا وَاوٍ) وَكَرَّرَ الطَّلْقَةَ (كَنِصْفِ طَلْقَةٍ ثُلُثِ طَلْقَةٍ رُبْعِ طَلْقَةٍ فَطَلْقَتَانِ) كَمَا لَوْ قَالَ ثَلَاثَةُ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ وَنِصْفَهَا وَنِصْفَهَا فَثَلَاثٌ إلَّا إنْ أَرَادَ بِالنِّصْفِ الثَّالِثِ التَّأْكِيدَ فَطَلْقَتَانِ وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْشَاءِ تَخَيَّرَ) بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ أَعْتَقْت هَذَا أَوْ هَذَيْنِ (أَوْ) عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ (شَاكًّا لَمْ تَلْزَمْ الثَّانِيَةُ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ وَلَا يُنَافِي التَّخْيِيرَ فِي الْأُولَى عَدَمُهُ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا وَلِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ حَيْثُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ إلَّا غَدًا أَوْ بَعْدَ انْتِقَالِهَا لِلْحَالَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّ ذَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخْتَرْ خِلَافَهُ وَإِنَّمَا سَكَتُوا عَنْ التَّخْيِيرِ ثُمَّ لِأَنَّ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ غَايَةً تُنْتَظَرُ بِخِلَافِهِ هُنَا.
(النَّوْعُ الثَّالِثُ التَّشْرِيكُ فَإِنْ أَوْقَعَ عَلَى أَرْبَعٍ) بِأَنْ قَالَ أَوْقَعْت عَلَيْهِنَّ (طَلْقَةً طُلِّقْنَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً أَوْ أَرْبَعًا) أَوْ ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ يَطْلُقْنَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ مَا ذُكِرَ إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِنَّ خَصَّ كُلًّا مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ أَوْ بَعْضُهَا فَتَكْمُلُ (إلَّا إنْ نَوَى تَوْزِيعَهُنَّ) أَيْ تَوْزِيعَ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ (فَثَلَاثًا ثَلَاثًا) يَقَعْنَ فِي صُورَتَيْ الْأَرْبَعِ وَالثَّلَاثِ وَثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ فِي صُورَةِ الثِّنْتَيْنِ وَلِبُعْدِ هَذَا عَنْ الْفَهْمِ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (أَوْ أَوْقَعَ) عَلَيْهِنَّ (خَمْسًا) أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا (أَوْ ثَمَانِيًا طَلُقْنَ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ فَإِنْ أَرَادَ التَّوْزِيعَ أَوْ قَالَ تِسْعًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ أَوْقَعَ بَيْنَهُنَّ ثَلَاثًا) مَثَلًا (وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ إحْدَاهُنَّ) وَأَخْبَرَ بِهِ (لَمْ يُقْبَلْ) ظَاهِرًا لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي الشَّرِكَةَ كَمَا لَوْ قَالَ أَوْقَعْت الطَّلَاقَ بَيْنَكُنَّ (وَدُيِّنَ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت طَلْقَتَيْنِ) مِنْ الثَّلَاثِ (لَعَمْرَةَ وَوَاحِدَةً لِلْبَاقِيَاتِ) وَفِي نُسْخَةٍ لِلْجَمِيعِ (قُبِلَ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَتَعَطَّلْ الطَّلَاقُ فِي بَعْضِهِنَّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعَدَدِ بَيْنَهُنَّ وَإِنْ تَفَاوَتْنَ فِيمَا يَلْحَقُهُنَّ (فَلَوْ أَوْقَعَ بَيْنَهُنَّ ثُلُثَ طَلْقَةٍ وَرُبْعَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ تَغَايُرَ الْأَجْزَاءِ وَعَطْفَهَا يُشْعِرُ بِقِسْمَةِ كُلِّ جُزْءٍ بَيْنَهُنَّ (فَإِنْ أَوْقَعَ) بِأَنْ قَالَ أَوْقَعْت بَيْنَهُنَّ (طَلْقَةً وَطَلْقَةً وَطَلْقَةً فَهَلْ يَطْلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ التَّفْصِيلَ يُشْعِرُ بِقِسْمَةِ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ (أَوْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً) كَقَوْلِهِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ (وَجْهَانِ) أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ (وَإِنْ أَوْقَعَ بَيْنَ أَرْبَعٍ أَرْبَعًا وَقَالَ أَرَدْت) أَنِّي أَوْقَعْت (عَلَى ثِنْتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَيَيْنِ) لَمْ أُوقِعْ عَلَيْهِمَا شَيْئًا (لَحِقَ الْأُولَيَيْنِ طَلْقَتَانِ طَلْقَتَانِ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ (وَ) لَحِقَ (الْأُخْرَيَيْنِ طَلْقَةٌ طَلْقَةٌ) لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ الطَّلَاقُ فِي بَعْضِهِنَّ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَلَوْ ذَكَرَهَا عَقِبَ مَسْأَلَةِ عَمْرَةَ كَالرَّافِعِيِّ كَانَ أَنْسَبَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَقَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْت كَهِيَ أَوْ مِثْلُهَا وَنَوَى طَلَاقَهَا طَلُقَتْ) وَإِلَّا فَلَا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ غَيْرَ الطَّلَاقِ وَالْمُرَادُ بِإِشْرَاكِهَا مَعَهَا جَعْلُهَا مُشَارِكَةً لَهَا فِي كَوْنِهَا مُطَلَّقَةً لَا فِي طَلَاقِهَا إذْ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ عَلَيْهَا لَا يُمْكِنُ جَعْلُ بَعْضِهِ لِغَيْرِهَا أَمَّا لَوْ قَالَ أَشْرَكْتُك مَعَهَا فِي الطَّلَاقِ فَتَطْلُقُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الظِّهَارِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ (لَوْ أَشْرَكَهَا فِي طَلَاقٍ وَقَعَ عَلَى امْرَأَةِ غَيْرِهِ وَنَوَى وَإِنْ أَشْرَكَهَا مَعَ ثَلَاثٍ) طَلَّقَهُنَّ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَنَوَى (وَأَرَادَ أَنَّهَا شَرِيكَةُ كُلٍّ) مِنْهُنَّ (طَلُقَتْ ثَلَاثًا أَوْ) أَنَّهَا (مِثْلُ إحْدَاهُنَّ طَلُقَتْ) طَلْقَةً (وَاحِدَةً وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ) نِيَّةَ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً وَلَا عَدَدًا لِأَنَّ جَعْلَهَا كَإِحْدَاهُنَّ أَسْبَقُ إلَى الْفَهْمِ وَأَظْهَرُ مِنْ تَقْدِيرِ تَوْزِيعِ كُلِّ طَلْقَةٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلَوْ أَوْقَعَ بَيْنَ ثَلَاثٍ طَلْقَةً ثُمَّ أَشْرَكَ الرَّابِعَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[النَّوْعُ الثَّالِثُ التَّشْرِيكُ فِي الطَّلَاقِ]
قَوْلُهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي الشَّرِكَةَ) أَيْ وَالتَّخْصِيصُ يُنَاقِضُهَا فَلَمْ يُقْبَلْ (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعَدَدِ بَيْنَهُنَّ) وَإِنْ تَفَاوَتْنَ فِيمَا يَلْحَقُهُنَّ وَهَذَا كَمَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ هَاتَانِ الدَّارَانِ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ (قَوْلُهُ أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا.
[فَرْعٌ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَقَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا وَنَوَى طَلَاقَهَا]
(قَوْلُهُ وَقَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى قَسَمْت الطَّلَاقَ بَيْنَكُمَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ وَصَارَ حَقٌّ فِي إحْدَاهُمَا فَلَا تَصِحُّ قِسْمَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا مِثْلُ ذَلِكَ.
(3/291)
مَعَهُنَّ وَقَعَ عَلَى الثَّلَاثِ طَلْقَةٌ طَلْقَةٌ وَعَلَى الرَّابِعَةِ طَلْقَتَانِ إذْ يَخُصُّهَا بِالشَّرِكَةِ طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ قَالَ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ لَوْ طَلَّقَ إحْدَى نِسَاؤُهُ الثَّلَاثِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِيَةِ أَشْرَكْتُك مَعَهَا ثُمَّ لِلثَّالِثَةِ أَشْرَكْتُك مَعَ الثَّانِيَةِ طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ حِصَّتَهَا مِنْ الْأُولَى طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ وَالثَّالِثَةُ طَلْقَةً لِأَنَّ حِصَّتَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ طَلْقَةٌ عَلَى مَا يَأْتِي إيضَاحُ ذَلِكَ قَرِيبًا.
(فَإِنْ أَشْرَكَهَا مَعَ امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا) هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (ثَلَاثًا) وَنَوَى (فَهَلْ تَطْلُقُ وَاحِدَةً) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ (أَوْ ثَلَاثًا) لِأَنَّهَا أَشْرَكَهَا مَعَهَا فِي كُلِّ طَلْقَةٍ (أَوْ اثْنَتَيْنِ) لِأَنَّهُ أَشْرَكَهَا مَعَهَا فِي ثَلَاثٍ فَيَخُصُّهَا طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ (وُجُوهُ الْمَذْهَبِ ثَالِثُهَا) ذِكْرُ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَتَرْجِيحُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْأَصْلِ أَخْذٌ مِنْ جَزْمِ الْجُرْجَانِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ السَّابِقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَحَلٌّ إذَا نَوَى الشَّرِكَةَ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ كَلَامَ الْمَنْثُورِ مُقَيَّدٌ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِيَةِ أَنْتِ شَرِيكَتُهَا فِي هَذَا الطَّلَاقِ وَكَذَا قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لَكِنَّ الْقَاضِيَ أَسْقَطَهُ فَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي هَذَا الطَّلَاقِ أَنَّهُ أَرَادَ الْعَدَدَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْوِهِ فَالْأَوْجَهُ فِي مَسْأَلَتِنَا إذَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ وُقُوعُ وَاحِدَةٍ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَعُمْدَةُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ التَّابِعُ لَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لِلْآخِرَتَيْنِ أَشْرَكْتُكُمَا مَعَهُمَا وَنَوَى فَإِنْ نَوَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَالْأُولَيَيْنِ مَعًا أَوْ أَنَّهَا تُشَارِكُ كُلًّا مِنْهُمَا فِي طَلْقَتِهَا طَلُقَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلْقَتَيْنِ وَإِنْ نَوَى أَنَّهَا كَوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ أَطْلَقَ فَطَلْقَةٌ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا صَحَّ ثُمَّ إنْ أَرَادَ اشْتِرَاكَهَا مَعَهَا فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِدُخُولِ الْأُولَى طَلُقَتَا بِدُخُولِهَا وَإِنْ أَرَادَ إشْرَاكَهَا مَعَهَا فِي أَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِدُخُولِهَا كَمَا فِي الْأُولَى تَعَلَّقَ طَلَاقُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدُخُولِ نَفْسِهَا فَلَوْ أَطْلَقَ فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الثَّانِي وَلَوْ قَالَ أَرَدْت تَوَقُّفَ طَلَاقِ الْأُولَى عَلَى دُخُولِ الثَّانِيَةِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ.
الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ
[الضَّرْب الْأَوَّلُ الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا فِي الطَّلَاقِ]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ ضَرْبَانِ)
الْأَوَّلُ الِاسْتِثْنَاءُ (بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا فَيُشْتَرَطُ) فِيهِ (أَنْ لَا يَسْتَغْرِقَ) الْمُسْتَثْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (وَأَنْ لَا يُفْصَلَ) بَيْنَهُمَا (بِأَكْثَرَ مِنْ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ أَوْ الْعَيِّ) أَوْ التَّذَكُّرِ أَوْ انْقِطَاعِ الصَّوْتِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ فَاصِلًا بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ يَسِيرًا (وَهُوَ) أَيْ الِاتِّصَالُ هُنَا (أَبْلُغُ مِنْ اتِّصَالِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ) فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ إذْ يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ اثْنَيْنِ مَا لَا يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ وَاحِدٍ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَقْصِدَهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ (وَلَوْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا (فَلَا يُشْتَرَطُ) مِنْ أَوَّلِهِ وَلَا يَكْفِي بَعْدَ الْفَرَاغِ إذْ لَوْ كَفَى لَلَزِمَ عَلَيْهِ رَفْعُ الطَّلَاقِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَةَ وَلَوْ كَانَ أَوْلَى (وَكَذَا) يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاتِّصَالِ وَالْقَصْدِ (فِي التَّعْلِيقِ) بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ تَقْيِيدُ كَالِاسْتِثْنَاءِ (فَقَوْلُهُ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا بَاطِلٌ لِلِاسْتِغْرَاقِ) فَتَقَعُ الثَّلَاثُ (وَلَا يُجْمَعُ الْمَعْطُوفُ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِغْرَاقِ) الْحَاصِلِ بِجَمْعِهِمَا (وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى لِإِثْبَاتِهِ) وَلَا فِيهِمَا لِذَلِكَ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْإِقْرَارِ وَهُوَ وَاحِدٌ (فَلَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةً وَقَعَتْ طَلْقَةً) لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى إذَا لَمْ يُجْمَعْ مُفَرَّقُهُ لَمْ يَبْلُغْ إلَّا مَا يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ وَهُوَ وَاحِدَةٌ (أَوْ) طَلَّقَ ثَلَاثًا (إلَّا وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ) إلْغَاءٌ لِقَوْلِهِ وَاثْنَتَيْنِ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِمَا (أَوْ) طَلَّقَ (طَلْقَتَيْنِ وَطَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً وَقَعَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّ الطَّلْقَةَ الْوَاحِدَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ طَلْقَةٍ فَيَسْتَغْرِقُ فَيَلْغُو (أَوْ) طَلَّقَ (ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ فِي مَسْأَلَتِنَا إذَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْمُزَنِيّ إنْ نَوَى الشَّرِكَةَ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ وَقَعَ طَلْقَتَانِ وَإِلَّا فَطَلْقَةٌ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ.
[فَرْعٌ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اعْلَمْ أَنَّ مَسَائِلَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمُهِمَّاتِ الَّتِي تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى وَيَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهَا وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَجْهَلُ حَقِيقَةَ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَا تَطْلُقِي وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا لَا وَاحِدَةً وَقَصَدَ بِذَلِكَ مَا يُقْصَدُ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَتَانِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ. اهـ. هُوَ وَاضِحٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَقَعُ فِي الْحَالِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَوْقَعَ ذَلِكَ عَلَى الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي الْفَتَاوَى يَمِيلُ إلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَهُوَ الْأَوْلَى نَعَمْ إنْ قَصَدَ إيقَاعَ الثَّلَاثِ مُعَلَّقَةً عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ فَذَاكَ (قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لَا يَسْتَغْرِقَ إلَخْ) وَأَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ وَلَا يُدَيَّنْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَسْمَعُهُ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي نَفِيه وَيُحْكَمُ بِالْوُقُوعِ إذَا حَلَفَتْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّهُ تَعَقَّبَ الْإِقْرَارَ بِمَا يَرْفَعُهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ يَسِيرًا) شَمِلَ مَا لَوْ عَطَسَ مَعَ فَرَاغِهِ مِنْ طَالِقٍ فَحَمِدَ وَاسْتَثْنَى مُتَّصِلًا بِالْحَمْدِ أَوْ شَمَّتَ عَاطِسًا أَوْ رَدَّ سَلَامًا ثُمَّ اسْتَثْنَى (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَوَّلِهِ) كَمَا يَكْفِي نِيَّةُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ فِي أُولَاهُمَا (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهَا) أَيْ كَدُخُولِ الدَّارِ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا بَاطِلٌ) لِلِاسْتِغْرَاقِ لِإِفْضَائِهِ إلَى اللَّغْوِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ فَإِنَّهُ وَإِنْ رَفَعَ حُكْمَ اللَّفْظِ الْمُتَقَدِّمِ جَمِيعَهُ فَالْكَلَامُ مُنْتَظَمٌ مَعَهُ إذْ هُوَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ صِيغَتُهَا التَّرَدُّدُ إذْ الْمَشِيئَةُ غَيْبٌ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ مَبْنَى الْكَلَامِ عَلَى التَّنَاقُضِ وَحَكَمْنَا بِانْتِفَاءِ الطَّلَاقِ لِأَمْرٍ اقْتَضَاهُ لَا لِاخْتِلَالِ الْكَلَامِ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَقَعَتْ ثَلَاثًا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ ثَلَاثٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ يَنْبَغِي تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَقِبَ الْجُمَلِ يَعُودُ إلَيْهَا أَنْ تَقَعَ طَلْقَتَانِ قُلْت الظَّاهِرُ
(3/292)
وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً) لِأَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ إنَّمَا حَصَلَ بِالْأَخِيرَةِ (وَكَذَا) لَوْ طَلَّقَ (ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً) طَلُقَتْ وَاحِدَةً لِجَوَازِ الْجَمْعِ هُنَا إذْ لَا اسْتِغْرَاقَ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ حُرُوفُ الْعَطْفِ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً ثُمَّ وَاحِدَةً بَلْ وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ) تَقَعُ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْ وَاحِدَةٍ وَهُوَ مُسْتَغْرَقٌ فَلَا يُجْمَعُ وَإِنْ قِيلَ بِالْجَمْعِ فِي غَيْرِ هَذِهِ لِتَغَايُرِ الْأَلْفَاظِ (وَإِنْ قَالَ) أَنْت (طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِلِاسْتِغْرَاقِ بِاسْتِثْنَاءِ الْوَاحِدَةِ مِمَّا قَبْلَهَا (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا اثْنَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَطَلْقَتَانِ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ.
(فَصْلٌ تَقَعُ بِثَلَاثٍ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ (إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً طَلْقَةٌ) لِأَنَّهُ بِتَعْقِيبِ الِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ أَخْرَجَهُ عَنْ الِاسْتِغْرَاقِ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى طَلْقَتَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْهَا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَثَلَاثٌ إلَّا وَاحِدَةٌ ثِنْتَانِ (فَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ فَطَلْقَتَانِ) لِمَا عُلِمَ قَبْلَهَا (وَ) يَقَعُ (بِثَلَاثٍ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ طَلْقَةٌ) إلْغَاءٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ (وَ) لَوْ أَتَى (بِثَلَاثٍ إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً قِيلَ) يَقَعُ (ثَلَاثٌ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَبِالْعَكْسِ (وَقِيلَ ثِنْتَانِ) إلْغَاءٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي فَقَطْ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الَّذِي قَبْلَهَا تَرْجِيحُ هَذَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَقِيلَ) تَقَعُ (ثِنْتَانِ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَبِالْعَكْسِ فَالْمَعْنَى إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ فَيُضَمُّ إلَى مَا بَقِيَ مِنْ الثِّنْتَيْنِ (وَقِيلَ وَاحِدَةٌ) إلْغَاءٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي لِمَا مَرَّ آنِفًا وَهَذَا أَوْجَهُ إذْ جَعْلُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَبِالْعَكْسِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الصَّحِيحِ لَا فِي الْمُسْتَغْرِقِ آخِرَ الْكَلَامِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَقِيلَ ثِنْتَانِ وَقِيلَ وَاحِدَةٌ قَالَ الْحَنَّاطِيُّ وَيُحْتَمَلُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يُوَجَّهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ بَاطِلٌ لِاسْتِغْرَاقِهِ فَيَلْغُو وَيَبْقَى قَوْلُهُ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً وَالثَّانِي بِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا ثَلَاثًا لَا تَقَعُ إلَّا اثْنَتَيْنِ يَقَعَانِ إلَّا وَاحِدَةً لَا تَقَعُ فَيَبْقَى وَاحِدَةٌ وَاقِعَةٌ وَالثَّالِثُ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ بَاطِلٌ لِاسْتِغْرَاقِهِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ لِتَرَتُّبِهِ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي.
(فَصْلٌ وَلَوْ زَادَ) الْمُطَلِّقُ عَلَى (الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ) مِنْ الطَّلَاقِ وَاسْتَثْنَى (انْصَرَفَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى اللَّفْظِ) الْمَذْكُورِ لَا إلَى الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَفْظِيٌّ فَيُتَّبَعُ فِيهِ مُوجِبُ اللَّفْظِ (فَتَطْلُقُ بِخَمْسٍ إلَّا ثَلَاثًا طَلْقَتَيْنِ وَبِخَمْسٍ إلَّا اثْنَتَيْنِ ثَلَاثًا وَبِأَرْبَعٍ إلَّا ثَلَاثًا طَلْقَةً وَبِسِتٍّ إلَّا أَرْبَعًا طَلْقَتَيْنِ وَبِأَرْبَعٍ إلَّا ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ ثَلَاثًا) وَبِخَمْسٍ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً ثَلَاثًا (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إلَّا أَرْبَعًا فَثَلَاثٌ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَا يُجْمَعُ مُفَرَّقُهُ.
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ بَائِنٌ إلَّا بَائِنًا أَوْ إلَّا طَالِقًا وَنَوَى بِأَنْتِ بَائِنٌ الثَّلَاثَ]
(فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ إلَّا بَائِنًا أَوْ إلَّا طَالِقًا وَنَوَى بِأَنْتِ بَائِنٌ الثَّلَاثَ وَقَعَ طَلْقَتَانِ) اعْتِبَارًا بِنِيَّتِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَلَفَّظَ بِالثَّلَاثِ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفِي مَعْنَاهُ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا طَالِقًا وَنَوَى بِأَنْتِ طَالِقٌ الثَّلَاثَ (وَقَوْلُهُ مُسْتَأْنِفًا أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا طَلْقَةً كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا طَلْقَةً) فَتَقَعُ طَلْقَتَانِ تَبِعَ فِي هَذَا أَصْلَهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ جَمْعِ الْمُفَرَّقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ صُوَرِ الْعَوْدِ إلَى الْكُلِّ وَكَيْف يَسْتَثْنِي وَاحِدَةً وَيُصَيِّرُهَا ثِنْتَيْنِ وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ وَهُوَ إلَّا وَاحِدَةً مِنْ كُلٍّ مِنْ الطَّلَاقَيْنِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ صُوَرِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَعَقِّبِ لِلْجُمَلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِهَذَا كَلَامُهُمْ فِي عَوْدِهَا لِلْكُلِّ وَتَمْثِيلُهُمْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ع فِيهِ نَظَرٌ فس.
[فَصْلٌ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ طَلْقَةٌ]
(قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَبِالْعَكْسِ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ سَأَلْت عَمَّنْ كَلَّفَ شَخْصًا الْمَبِيتَ عِنْدَهُ لَيَالِيَ فَحَلَفَ لَا يَبِيتُ غَيْرَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْمَبِيتِ عِنْدَهُ فِيهَا فَأَجَبْت بِأَنَّ مُقْتَضَى قَاعِدَتِنَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ أَيْضًا فَيَحْنَثُ بِتَرْكِهِ لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ بِحُضُورِي فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْكُو غَرِيمَهُ إلَّا مِنْ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ شَكَوَاهُ مُطْلَقًا فَأَجَابَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ إنَّمَا هُوَ نَفْيُ الشَّكْوَى مِنْ غَيْرِ حَاكِمِ الشَّرْعِ وَيُوَافِقُهُ تَصْحِيحُ النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْإِيلَاءِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مُطْلَقًا وَهُوَ نَاظِرٌ لِلْمَعْنَى مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَمُقْتَضَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي سُئِلْت عَنْهَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْمَبِيتِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِأَنَّ قَصْدَهُ إنَّمَا هُوَ نَفْيُ الزِّيَادَةِ عَلَى لَيْلَةٍ لَا إثْبَاتُ اللَّيْلَةِ فَيَخْرُجُ عَنْ مُقْتَضَى اللَّفْظِ لِمَا يُفْهَمُ عُرْفًا وَقَدْ يُقَالُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لَمَّا كَانَ الْحَلِفُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ كَانَ نَقِيضَ الِامْتِنَاعِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ التَّخْيِيرُ فِي الْمُسْتَثْنَى فَلِهَذَا لَمْ نُحْنِثْهُ بِتَرْكِهِ بِخِلَافِ الْمَاضِي وَالْحَالِ اهـ وَقَوْلُهُ فَأَجَبْت إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَأَجَابَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ وَاحِدَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصْلٌ زَادَ الْمُطَلِّقُ عَلَى الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ مِنْ الطَّلَاقِ وَاسْتَثْنَى]
(تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَقَلَّهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَفِي الِاسْتِقْصَاءِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا لِأَنَّ أَقَلَّ الْقَلِيلِ بَعْضُ طَلْقَةٍ فَبَقِيَ طَلْقَتَانِ وَالْبَعْضُ الْبَاقِي فَيَكْمُلُ وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَقَلَّ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يَقَعُ بَعْضُ الطَّلْقَةِ ثُمَّ يَكْمُلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَكْثَرَ الطَّلَاقِ وَمُقْتَضَى حَمْلِ أَكْثَرِ الطَّلَاقِ عَلَى الثَّلَاثِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَغْرِقًا فَتَقَعُ الثَّلَاثُ وَمُقْتَضَى مَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ حَمْلُهَا عَلَى طَلْقَتَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثَة أَنَّهُ يَقَعُ طَلْقَةٌ لِأَنَّهُ يَبْقَى بَعْد الِاسْتِثْنَاءِ جُزْءٌ مِنْ طَلْقَةٍ ثُمَّ تَكْمُلُ وَقَوْله فَفِي الِاسْتِقْصَاء إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَقَوْلُهُ وَمُقْتَضَى حَمْلِ أَكْثَرِ الطَّلَاقِ عَلَى الثَّلَاثِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْأَوْجُهُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ وَقَعَ الثَّلَاثُ. وَقَوْلُهُ وَمُقْتَضَى مَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ أَيْضًا يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَقَلِّهِ وَأَكْثَرِهِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا حَدّ لَهُ بِخِلَافِ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ جَمْعِ الْمُفَرَّقِ) لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ إذْ الْمُمْتَنَعُ جَمْعُهُ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِغْرَاقِ وَلَيْسَتْ مَسْأَلَتُنَا مِنْهُ إذْ لَيْسَ فِيهَا إلَّا جَمْعُ الثَّانِيَةِ إلَى الْأُولَى. اهـ. وَهُوَ مَرْدُودٌ " هُنَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ "
(3/293)
وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ ثَلَاثٌ إلْغَاءً لِلِاسْتِثْنَاءِ لِاسْتِغْرَاقِهِ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ لِذَلِكَ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ مُسْتَأْنِفًا مُؤَكِّدًا لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ (وَقَوْلُهُ) فِيمَا ذُكِرَ (إلَّا طَالِقًا كَقَوْلِهِ إلَّا طَلْقَةً) فَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَرَّرَ وَلَوْ قَالَ عَقِيبَ إلَّا طَلْقَةً أَوْ إلَّا طَالِقًا كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا كَانَ أَخَصَرَ (وَتَقَعُ بِثَلَاثٍ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ ثَلَاثٌ) لِأَنَّهُ أَبْقَى نِصْفَ طَلْقَةٍ فَتَكْمُلُ لَا يُقَالُ قَدْ اسْتَثْنَى النِّصْفَ فَيَكْمُلُ فَلَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَتَانِ لِأَنَّا نَقُولُ التَّكْمِيلُ إنَّمَا يَكُونُ فِي طَرَفِ الْإِيقَاعِ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ (وَ) يَقَعُ (بِثَلَاثٍ إلَّا طَلْقَةً وَنِصْفًا طَلْقَتَانِ) لِأَنَّهُ أَبْقَى طَلْقَةً وَنِصْفًا فَتَكْمُلُ وَلَوْ قَالَ طَلْقَةً إلَّا نِصْفًا وَقَعَتْ طَلْقَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَهَلْ يَقَعُ بِثَلَاثٍ إلَّا طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا ثَلَاثٌ) بِمَا تَقَرَّرَ آنِفًا (أَوْ وَاحِدَةً) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ الْمُفَرَّقُ فَيَلْغُو ذِكْرُ النِّصْفِ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ (وَجْهَانِ) أَقْيَسُهُمَا الثَّانِي (وَيَقَعُ بِثَلَاثٍ إلَّا طَلْقَتَيْنِ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ طَلْقَتَانِ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَكَذَا) يَقَعَانِ (بِوَاحِدَةٍ وَنِصْفٍ إلَّا وَاحِدَةً) إلْغَاءٌ لِاسْتِثْنَاءِ الْوَاحِدَةِ مِنْ النِّصْفِ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَقِيلَ يَقَعُ طَلْقَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنْ نَجْمَعَ الْمُفَرَّقَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهَا تَرْجِيحُ الثَّانِي (وَ) لَوْ أَتَى (بِثَلَاثٍ إلَّا نِصْفًا وَأَرَادَ) بِالنِّصْفِ (نِصْفَ الثَّلَاثِ أَوْ أَطْلَقَ) وَقَعَ (طَلْقَتَانِ وَإِنْ أَرَادَ) بِهِ نِصْفَ طَلْقَةٍ (فَثَلَاثٌ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثٌ إلَّا أَقَلَّهُ وَلَا نِيَّةَ فَفِي الِاسْتِقْصَاءِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا لِأَنَّ أَقَلَّ الطَّلَاقِ بَعْضُ طَلْقَةٍ فَبَقِيَ طَلْقَتَانِ وَالْبَعْضُ الْبَاقِي فَيَكْمُلُ وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ أَنَّ أَقَلَّهُ طَلْقَةٌ فَتَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ.
(وَلَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ) عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (فَقَالَ أَنْت إلَّا وَاحِدَةً طَالِقٌ ثَلَاثًا فَكَتَأْخِيرِهِ) عَنْهُ فَيَقَعُ فِي هَذَا الْمِثَالِ طَلْقَتَانِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فَتَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لِاسْتِدْرَاكِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْكَلَامِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ فِي الْأَيْمَانِ وَلِمَا نَقَلَهُ بَعْدُ عَنْ الْقَاضِي مِنْ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي قَوْلِهِ أَرْبَعَتُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا غَيْرَ وَاحِدَةٍ بِنَصْبِ غَيْرِ وَقَعَ طَلْقَتَانِ أَوْ بِضَمِّهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ يَقَعُ ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ نَعْتٌ لَا اسْتِثْنَاءٌ قَالَا وَلَيْسَ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ نَصٌّ فَإِنْ كَانَ الْمُطَلِّقُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فَالْجَوَابُ مَا قَالُوهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ كَانَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ اخْتِلَافِ وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَفْسِرَ الْعَامِّيُّ وَيُعْمَلَ بِتَفْسِيرِهِ.
(الضَّرْبُ الثَّانِي التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ طَلَاقُك (قَاصِدًا لِلتَّعْلِيقِ لَمْ تَطْلُقْ) لِخَبَرِ «مَنْ حَلَفَ ثُمَّ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَلِأَنَّ الْمَشِيئَةَ الْمُعَلَّقَ بِهَا غَيْرُهُ مَعْلُومَةٌ وَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِهَا يَقْتَضِي حُدُوثَهَا بَعْدَهُ كَالتَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ زَيْدٍ وَمَشِيئَتُهُ تَعَالَى قَدِيمَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُهَا فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِالْمَشِيئَةِ التَّعْلِيقَ بِأَنْ سَبَقَتْ إلَى لِسَانِهِ لِتَعَوُّدِهِ بِهَا كَمَا هُوَ الْأَدَبُ أَوْ قَصَدَ بِهَا التَّبَرُّكَ أَوْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ لَا طَلُقَتْ وَلَيْسَ هَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ لِأَنَّ ذَاكَ كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ وَالتَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ مُنْتَظِمٌ فَإِنَّهُ قَدْ يَقَعُ مَعَهُ الطَّلَاقُ وَقَدْ لَا يَقَعُ كَمَا تَقَرَّرَ (وَكَذَا يَمْتَنِعُ بِهَا انْعِقَادُ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ) كَالْعِتْقِ وَالنَّذْرِ وَالْيَمِينِ وَالْبَيْعِ وَالتَّعْلِيقِ لِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَمَتَى وَإِذَا) وَنَحْوِهِمَا (مِثْلُ إنْ) فِيمَا ذُكِرَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ إلَخْ) تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ فَقَدْ قَالَ إنَّهُ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ مُسْتَأْنِفًا مُؤَكِّدًا إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ.
(فَرْعٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَالْقِيَاسُ طَلْقَةٌ وَلَوْ قَالَ طَلْقَةً وَنِصْفَ إلَّا طَلْقَةً وَنِصْفَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ الْقِيَاسُ وُقُوعُ طَلْقَةٍ لِأَنَّا نُكْمِلُ النِّصْفَ فِي طَرَفِ الْإِيقَاعِ فَيَصِيرُ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهُمَا طَلْقَةً وَنِصْفَ فَبَقِيَ نِصْفُ طَلْقَةٍ ثُمَّ نُكْمِلُ لِلْإِيقَاعِ فَبَقِيَ طَلْقَةٌ وَمَنْ يَرَى التَّكْمِيلَ فِي جَانِبِ الرَّفْعِ أَيْضًا قِيَاسُهُ أَنْ يُوقِعَ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عِنْدَهُ يَصِيرُ مُسْتَغْرِقًا فَإِنَّهُ أَوْقَعَ طَلْقَةً وَنِصْفًا ثُمَّ كَمَّلْنَا ذَلِكَ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَ طَلْقَةً وَنِصْفًا ثُمَّ كَمَّلْنَا ذَلِكَ طَلْقَتَيْنِ فِي الرَّفْعِ فَقَدْ اسْتَثْنَى طَلْقَتَيْنِ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَهُوَ مُسْتَغْرِقٌ فَوَقَعَ طَلْقَتَانِ قُلْت وَيُؤَيِّدُ هَذَا هُنَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي لَفْظِهِ صُورَتُهُ صُورَةُ الْمُسْتَغْرِقِ فَقَوَّى فِيهِ جَانِبَ الِاسْتِغْرَاقِ اهـ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الرَّاجِحَ وُقُوعُ طَلْقَةٍ وَقَوْلُهُ قَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ الْقِيَاسُ وُقُوعُ طَلْقَةِ الْقِيَاسِ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَيَلْغُو ذِكْرُ النِّصْفِ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ) هَذَا التَّعْلِيلُ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ قَائِلٍ بِتَكْمِيلِ النِّصْفِ الْمُسْتَثْنَى أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ فَيُقَالُ أَوْ وَاحِدَةٌ تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ أَقْيَسُهُمَا الثَّانِي) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمَا تَرْجِيحُ الثَّانِي) فِي الْمُعَايَاةِ لِلْجُرْجَانِيِّ لَوْ قَالَ طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ فَفِي الِاسْتِثْنَاءِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ فَقَالَ أَنْت إلَّا وَاحِدَةً طَالِقٌ ثَلَاثًا فَكَتَأْخِيرِهِ) لِأَنَّ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ فِي ذَلِكَ لُغَةُ الْعَرَبِ.
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا غَيْرَ وَاحِدَةٍ]
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ نَعْتٌ لَا اسْتِثْنَاءٌ) فَتَقْدِيرُهُ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا لَيْسَتْ وَاحِدَةً.
[الضَّرْبُ الثَّانِي تَعْلِيقُ الطَّلَاق بِالْمَشِيئَةِ]
(الضَّرْبُ الثَّانِي التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ) (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَاصِدًا لِلتَّعْلِيقِ لَمْ تَطْلُقْ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ قُلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَتْ لَمْ تَقُلْ فَمَنْ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ يَنْبَنِي عَلَى تَبْعِيضِ الْإِقْرَارِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَتَبَعَّضُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا صُدِّقَتْ فَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسَأَلْت عَمَّنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَّقَ ثَلَاثًا فَأَنْكَرَ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفُّظِهِ بِذَلِكَ فَقَالَ اسْتَثْنَيْت عَقِبَهُ فَقَالَتْ الْبَيِّنَةُ لِلْحَاكِمِ وَقَدْ سَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَتَلَفَّظْ عَقِبَهُ فَاسْتَخَرْت اللَّهَ تَعَالَى وَأَفْتَيْت بِالْوُقُوعِ وَعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ وَقَوْلُهُ إلَّا صُدِّقَتْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ وَالْبَيْعُ) أَيْ وَالظِّهَارُ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَكُونُ مُظَاهِرًا أَوْ يَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الظِّهَارَ إخْبَارٌ وَالْإِخْبَارُ عَنْ الْوَاقِعِ لَا يُعَلَّقُ بِالصِّفَاتِ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الظِّهَارَ كَغَيْرِهِ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ إنْشَاءٌ لَا إخْبَارٌ.
(3/294)
(وَتَقْدِيمُ التَّعْلِيقِ) عَلَى الْمُعَلَّقِ بِهِ (كَتَأْخِيرِهِ) عَنْهُ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْت طَالِقٌ (وَلَوْ فَتَحَ) هَمْزَةَ (إنْ أَوْ أَبْدَلَهَا بِإِذْ أَوْ بِمَا) كَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْ شَاءَ اللَّهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَوْ إذْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ وَاحِدَةً) لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لِلتَّعْلِيلِ، وَالْوَاحِدَةُ هِيَ الْيَقِينُ فِي الثَّالِثِ وَسَوَاءٌ فِي الْأَوَّلِ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا صَرَّحَ الْأَصْلُ بِتَصْحِيحِهِ هُنَا لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا تَبَعًا لِتَرْجِيحِ الْمِنْهَاجِ وَلِتَرْجِيحِ الرَّوْضَةِ أَوَائِلَ التَّعْلِيقِ وَقُبَيْلَ التَّعْلِيقِ بِالْحِلِّ وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَحَلِّ الْأَوَّلِ.
(وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا) أَوْ وَاثْنَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ وَاحِدَةً) لِاخْتِصَاصِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ بِالْأَخِيرِ كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ كَمَا مَرَّ (وَفِي عَكْسِهِ) بِأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَوَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ تَطْلُقُ (ثَلَاثًا) كَذَلِكَ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) قَالَ (حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ) وَلَمْ يَنْوِ عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاطِفَيْنِ (طَلُقَتْ حَفْصَةُ) دُونَ عَمْرَةَ لِذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ طَالِقَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ الصَّحِيحَةِ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ أَنَّ ذَلِكَ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ طَالِقَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً ثَلَاثًا أَوْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ تَطْلُقْ) لِعَوْدِ الْمَشِيئَةِ إلَى الْجَمِيعِ لِحَذْفِ الْعَاطِفِ (وَلَوْ قَالَ يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا طَالِقُ) إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَقَعَتْ طَلْقَةٌ لِأَنَّ النِّدَاءَ لَا يَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ) لِاقْتِضَائِهِ حُصُولَ الِاسْمِ أَوْ الصِّفَةِ وَالْحَاصِلُ لَا يُعَلَّقُ بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَدْ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْهُ وَتَوَقُّعِ الْحُصُولِ كَمَا يُقَالُ لِلْقَرِيبِ مِنْ الْوُصُولِ أَنْتَ وَاصِلٌ وَلِلْمَرِيضِ الْمُتَوَقَّعِ شِفَاؤُهُ قَرِيبًا أَنْتَ صَحِيحٌ فَيُنْتَظَمُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي مِثْلِهِ فَعُلِمَ أَنَّ يَا طَالِقُ لَا يَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ (فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِلْقَذْفِ) بِقَوْلِهِ يَا زَانِيَةُ (وَلَا تَطْلُقُ) لِرُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الطَّلَاقِ خَاصَّةً وَتَخَلُّلُ يَا طَالِقُ أَوْ يَا زَانِيَةُ لَا يَقْدَحُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْمُخَاطَبَةِ فَأَشْبَهَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا حَفْصَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَكَذَا) تَطْلُقُ طَلْقَةً وَاحِدَةً بِقَوْلِهِ (أَنْت يَا طَالِقُ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ) لِمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَاصِدًا لِلتَّوْكِيدِ لَمْ تَطْلُقْ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
(فَرْعٌ لَا تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ أَوْ إذَا لَمْ أَوْ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ) أَيْ طَلَاقُك لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِذَلِكَ يَقْتَضِي الْوُقُوعَ بِدُونِ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى وَهُوَ مُحَالٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ اجْتَمَعَ السَّوَادُ وَالْبَيَاضُ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ لَوْ وَقَعَ كَانَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَهُ لَانْتَفَى عَدَمُ مَشِيئَتِهِ فَلَا يَقَعُ لِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ بِهِ (وَكَذَا لَا تَطْلُقُ) بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) أَيْ طَلَاقُك لِلشَّكِّ فِي عَدَمِ الْمَشِيئَةِ وَلِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمَشِيئَةِ يُوجِبُ حَصْرَ الْوُقُوعِ فِي حَالِ عَدَمِهَا وَذَلِكَ تَعْلِيقٌ بِعَدَمِهَا وَهُوَ يَمْنَعُ الْوُقُوعَ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ أَوْ إنْ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْمَشِيئَةُ) مِنْ زَيْدٍ فِي الْأُولَى (وَالدُّخُولَ مِنْهُ) فِي الثَّانِيَةِ (فِي الْحَيَاةِ طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ أَوْ) قُبَيْلَ (جُنُونٍ اتَّصَلَ بِهِ) أَيْ بِالْمَوْتِ لِتَحَقُّقِ عَدَمِ الْمَشِيئَةِ وَالدُّخُولِ الْمُعَلَّقِ بِهِ حِينَئِذٍ وَمَحَلُّ الثَّانِي فِي الْمَشِيئَةِ وَنَحْوِهَا لَا فِي الدُّخُولِ وَنَحْوِهِ كَالْجُنُونِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْإِغْمَاءِ وَالْعَيِّ أَمَّا إذَا وُجِدَ ذَلِكَ فَلَا تَطْلُقُ (وَإِنْ مَاتَ زَيْدٌ وَشُكَّ فِي مَشِيئَتِهِ) وَدُخُولِهِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِلشَّكِّ فِي الصِّفَةِ الْمُوجِبَةِ لِلطَّلَاقِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ فِي إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ فَتَطْلُقُ إنْ لَمْ تُوجَدْ مَشِيئَتُهُ لَا إنْ وُجِدَتْ وَلَا إنْ مَاتَ وَشُكَّ فِي مَشِيئَتِهِ كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَيُفَارِقُ الْحِنْثَ فِي نَظِيرِهِ فِي الْأَيْمَانِ بِأَنَّ الْحِنْثَ هُنَا يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ النِّكَاحِ بِالشَّكِّ بِخِلَافِهِ ثُمَّ لَا يُقَالُ وَالْحِنْثُ ثَمَّ يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِالشَّكِّ لِأَنَّا نَقُولُ النِّكَاحُ جَعْلِيٌّ وَالْبَرَاءَةُ شَرْعِيَّةٌ وَالْجَعْلِيُّ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الرَّهْنِ (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ الْيَوْمَ) وَلَمْ يَشَأْ فِيهِ (طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ) فَالْيَوْمُ هُنَا كَالْعُمْرِ فِيمَا مَرَّ (وَقَوْلُهُ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ لَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لِاخْتِصَاصِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ بِالْأَخِيرِ إلَخْ) مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْمُتَكَلِّمُ عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْجُمْلَتَيْنِ فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ عَادَ إلَيْهِمَا جَزْمًا كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ الْأَيْمَانِ فَتَفَطَّنْ لَهُ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يَشْهَدُ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْجَمِيعِ وَأَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ بِالنِّيَّةِ أَيْضًا. اهـ. لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ بِالْوَاوِ كَالْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا يُوَافِقُ مَا حَمَلْت عَلَيْهِ كَلَامَ ابْنِ الْمُقْرِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يَصِيرَ الْجَمِيعُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ أَيْضًا مِثْلُهُ مَا إذَا أَطْلَقَ فَيَعُودُ إلَيْهِمَا عَلَى قَاعِدَةِ الْبَابِ فَكَلَامُ الْمَتْنِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ قَالَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ عَمْرَةَ فَقَطْ طَلُقَتْ حَفْصَةُ وَحْدَهَا وَإِنْ أَرَادَهُمَا مَعًا لَمْ تَطْلُقَا وَإِنْ أَطْلَقَ رَجَعَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَيْهِمَا لِرُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْعَطْفِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إلَى جَمِيعِ الْمَذْكُورِ قَالَ شَيْخُنَا وَحِينَئِذٍ فَالْمُعْتَمَدُ مَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ رُجُوعِهِ لَهُمَا وَعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِمَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ عَمْرَةَ وَحْدَهَا دُونَ حَفْصَةَ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّ يَا طَالِقُ لَا يَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحْمَلُ فِي الْإِخْبَارِ كَأَنْتِ طَالِقٌ وَجَمِيعُ الْأَفْعَالِ كَطَلَّقْتُك أَمَّا فِي الْأَسْمَاءِ فَلَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا عَلَّلُوهُ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى إيضَاحٍ وَإِنَّ الِاسْمَ لَا يَنْتَظِمُ مِنْهُ اسْتِثْنَاءً وَمَعْنَاهُ إنَّمَا يَنْتَظِمُ مِنْ الْحُكْمِ. اهـ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَنْتَظِمُ أَنْ يُقَالَ يَا أَسْوَدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ) وَلَيْسَ اسْمُهَا طَالِقًا فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا لَمْ تَطْلُقْ بِذَلِكَ.
[فَرْعٌ لَا تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَوْ إذَا لَمْ أَوْ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ]
(قَوْلُهُ وَيُفَارِقُ الْحِنْثَ فِي نَظِيرِهِ فِي الْأَيْمَانِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَيْمَانِ إلَّا مُجَرَّدُ الْحِنْثِ وَهُوَ قَدْ حَلَفَ وَشَكَّ فِي الْمُسْقِطِ لِلْحِنْثِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَفِي الطَّلَاقِ تَرَتَّبَ عَلَى الْحِنْثِ حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ فَبِهَذَا تَرَجَّحَ جَانِبُ عَدَمِ الْحِنْثِ فِي الطَّلَاقِ.
(3/295)
يَشَأْ اللَّهُ) أَوْ زَيْدٌ (أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ تَعْلِيقٌ بِعَدَمِ مَشِيئَةِ الطَّلَاقِ لَا بِمَشِيئَةِ عَدَمِهِ فَإِنْ وُجِدَتْ الْمَشِيئَةُ) لِلطَّلَاقِ (لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَشَأْ) أَيْ الطَّلَاقَ بَلْ عَدَمَهُ (أَوْ سَكَتَ حَتَّى مَاتَ طَلُقَتْ) حَالًا فِي الْأُولَى وَقُبَيْلَ مَوْتِهِ فِي الثَّانِيَةِ هَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى لَمْ يَشَأْ الطَّلَاقَ فَإِنْ أَرَادَ إنْ لَمْ يَشَأْ عَدَمَ الطَّلَاقِ قُبِلَ مِنْهُ وَرُتِّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ.
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ)
(فَإِنْ شَكَّ فِي) وُقُوعِ (الطَّلَاقِ) مِنْهُ (أَوْ) فِي (وُجُودِ الصِّفَةِ) الْمُعَلَّقِ بِهَا كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ وَشَكَّ هَلْ كَانَ غُرَابًا أَوْ لَا (لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ) وَبَقَاءُ النِّكَاحِ (أَوْ) شَكَّ (فِي الْعَدَدِ) بِأَنْ طَلَّقَ وَشَكَّ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ (أَخَذَ بِالْأَقَلِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّائِدِ عَلَيْهِ (وَيُسْتَحَبُّ الِاحْتِيَاطُ بِمُرَاجَعَةٍ أَوْ طَلَاقٍ) لِخَبَرِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ فَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ رَاجِعٌ لِيُتَيَقَّنَ الْحِلُّ أَوْ الْبَائِنُ بِدُونِ ثَلَاثٍ جَدَّدَ النِّكَاحَ أَوْ بِثَلَاثٍ أَمْسَكَ عَنْهَا وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَالَ الرَّافِعِيُّ لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِي الْعَدَدِ أَخَذَ بِالْأَكْثَرِ فَإِنْ شَكَّ فِي وُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَنْكِحْهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.
(فَصْلٌ وَإِنْ عَلَّقَ شَخْصٌ) لَهُ زَوْجَتَانِ أَوْ أَمَتَانِ (بِنَقِيضَيْنِ كَإِنْ) أَيْ كَقَوْلِهِ إنْ (كَانَ) هَذَا الطَّائِرُ (غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ) أَنْت (حُرَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَضِرَّتُك طَالِقٌ) أَوْ رَفِيقَتُك حُرَّةٌ (وَأَشْكَلَ) حَالُهُ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقُ (عَلَى إحْدَاهُمَا) لِحُصُولِ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ (وَاعْتَزَلَهُمَا) وُجُوبًا إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ لِاشْتِبَاهِ الْمُبَاحَةِ بِغَيْرِهَا (وَعَلَيْهِ الْبَحْثُ) عَنْ الطَّائِرِ (وَالْبَيَانُ) لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ إنْ اتَّضَحَ لَهُ لِيَعْلَمَ الْمُطَلَّقَةَ أَوْ الْمُعْتَقَةَ مِنْ غَيْرِهَا وَهَذَا فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَفِي الرَّجْعِيِّ إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْبَيَانِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (أَوْ) عَلَّقَ (شَخْصَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعِتْقِ) صَوَابُهُ عِتْقٌ (أَمَتِهِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَمَتِي حُرَّةٌ وَقَالَ الْآخَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَأَمَتِي حُرَّةٌ وَأَشْكَلَ حَالُهُ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا) فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ فِي أَمَتِهِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِالتَّعْلِيقِ فَتَعْلِيقُ الْآخَرِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ كَمَا لَوْ سَمِعَ صَوْتَ حَدَثٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ قَامَ كُلٌّ إلَى الصَّلَاةِ لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِ (فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا حَنِثَ صَاحِبِي) أَوْ مَا حَنِثْت أَنَا (وَمَلَكَ أَمَتَهُ وَلَوْ بَعْدَ بَيْعِ أَمَتِهِ عَتَقَتْ مَجَّانًا) أَيْ بِلَا رُجُوعٍ بِثَمَنِهَا إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدُهُمَا شَيْئًا (اعْتَزَلَهُمَا جَمِيعًا) إنْ كَانَتَا فِي مِلْكِهِ (أَوْ مَنْ بَقِيَ) مِنْهُمَا إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فِي مِلْكِهِ وَيُؤْمَرُ بِالْبَحْثِ وَالْبَيَانِ (كَمَا لَوْ كَانَتَا حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ التَّعْلِيقِ (فِي مِلْكِهِ) وَعَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ (وَمُنِعَ التَّصَرُّفُ فِيهِمَا حَتَّى يَبِينَ) الْحَالُ وَقَوْلُهُ أَوْ مَنْ بَقِيَ شَامِلٌ لِبَقَاءِ أَمَتِهِ وَلِبَقَاءِ أَمَةِ صَاحِبِهِ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَفِيهِ كَلَامٌ أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَإِنْ قَالَ إنْ كَانَ) ذَا الطَّائِرِ (غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ حَمَامَةً فَضِرَّتُك طَالِقٌ وَلَمْ يَعْلَمْ) أَنَّهُ غُرَابٌ أَوْ حَمَامَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا (لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ]
ِ) الشَّكُّ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ التَّرَدُّدُ عَلَى السَّوَاءِ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا هُوَ قَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِمْ الْمَسْأَلَةَ بِالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ الرُّجْحَانِ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَكَّ فِي الطَّلَاقِ أَوْ وُجُودِ الصِّفَةِ لَمْ تَطْلُقْ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَلَبَةُ ظَنٍّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الِاحْتِيَاطُ إلَخْ) الِاحْتِيَاطُ لِمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا أَنْ يُطَلِّقَ طَلْقَةً مُعَلَّقَةً عَلَى نَفْيِ الطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ أَكُنْ طَلَّقْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ كَيْلًا يَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِيَتَيَقَّنَ الْحِلَّ) لِأَنَّ الْمُحَقَّقَ بِالطَّلَاقِ التَّحْرِيمُ الَّذِي يَزُولُ بِالرَّجْعَةِ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مَشْكُوكٌ فِيهَا (قَوْلُهُ لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا) حَذَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِهِ فَإِنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّتْ لِغَيْرِهِ بِيَقِينٍ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَإِنَّمَا الصَّوَابُ فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ يَلْتَزِمُ الثَّلَاثَ حَتَّى إذَا أَرَادَ تَزَوُّجَهَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا ثَلَاثًا بِيَقِينٍ.
[فَصْلٌ عَلَّقَ شَخْصٌ لَهُ زَوْجَتَانِ أَوْ أَمَتَانِ الطَّلَاق بِنَقِيضَيْنِ]
(قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَّقَ شَخْصَانِ كُلٌّ بِعِتْقِ أَمَتِهِ إلَخْ) وَفِي التَّعْلِيقِ بِنَقِيضَيْنِ لِعِتْقِ رَقِيقٍ مُعْسِرَيْنِ لَمْ يَتَفَاوَتَا فِيهِ إذَا بَاعَاهُ لِثَالِثٍ أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِلْآخَرِ يَعْتِقُ نِصْفُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِوُجُودِ الصِّفَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ يَقِينًا فِي النِّصْفِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ لِلشَّكِّ فِي الصِّفَةِ فَإِنْ تَفَاوَتَا فِيهِ عَتَقَ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ وَخَرَجَ بِمُعْسِرَيْنِ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي الْمُوسِرَانِ فَيَعْتِقُ الْجَمِيعُ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ لِتَحَقُّقِ حِنْثِ أَحَدِهِمَا فَيَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَيَسْرِي إلَى الْبَاقِي وَيُوقَفُ الْوَلَاءُ وَلِكُلٍّ أَنْ يَدَّعِيَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ عَلَى الْآخَرِ وَيُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ.
وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا الْمُعْسِرُ وَالْمُوسِرُ فَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُعْسِرِ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ إذْ لَا يَخْلُو الْحَالُ مِنْ حِنْثِهِ أَوْ حِنْثِ صَاحِبِهِ وَسِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَى نَصِيبِهِ بِخِلَافِ نَصِيبِ الْمُوسِرِ لِلشَّكِّ وَلِلْمُعْسِرِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَيُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَالْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالْإِرْثُ وَنَحْوُهُمَا وَلَوْ تَبَادَلَ الْمُعْسِرُ أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ بِالْآخَرِ تَصَرَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ كَمَا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيمَا انْتَقَلَ عَنْهُ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَ جَوَازُ التَّبَادُلِ بِالْقَطْعِ بِفَسَادِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ بِفَسَادِهِ مُعَيَّنًا كَنَظِيرِهِ فِي تَحَرِّي الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ صَوَابُهُ عِتْقُ أَمَتِهِ) مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ صَوَابٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَمَنْعُ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا حِينَ يَتَبَيَّنُ الْحَالُ) هَذَا مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ لَكِنْ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ أَوْ جَمَاهِيرُهُمْ بِتَعَيُّنِ الْعِتْقِ فِي الْمُشْتَرَى وَقَوْلُهُ هَذَا مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ كَلَامٌ أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا أَمَتَهُ وَاشْتَرَى الْأُخْرَى فَفِي الْوَسِيطِ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَا فِي الْبَسِيطِ وَقَدْ قَالَ فِيهِ إنَّهُ الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهَا لِأَنَّ تِلْكَ وَاقِعَةٌ قَدْ انْقَضَتْ كَمَا لَا تُقْضَى الصَّلَاةُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ تَحَرِّي الْقِبْلَةِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ لِأَنَّ الِاسْتِصْحَابَ ضَعِيفٌ
(3/296)
لِمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَصْلِ.
(فَصْلٌ) لَوْ (طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ) بِعَيْنِهَا (وَنَسِيَ) هَا (اعْتَزَلَهُمَا) حَتَّى يَتَذَكَّرَ فَإِنْ صَدَّقَتَاهُ فِي النِّسْيَانِ فَلَا مُطَالَبَةَ بِالْبَيَانِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَإِنْ كَذَّبَتَاهُ وَبَادَرَتْ وَاحِدَةٌ وَقَالَتْ أَنَا الْمُطَلَّقَةُ لَمْ يَكْفِ فِي الْجَوَابِ نَسِيت أَوْ لَا أَدْرِي لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَ نَفْسَهُ بَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَمَنْ ادَّعَتْ) مِنْهُمَا (الطَّلَاقَ يَحْلِفُ لَهَا يَمِينًا جَازِمَةً) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ بِطَلَاقِهَا وَلَوْ ادَّعَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يَعْلَمُ الَّتِي عَنَاهَا بِالطَّلَاقِ وَسَأَلَتْ تَحْلِيفَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَمْ تَقُلْ فِي الدَّعْوَى أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَبُولُ هَذِهِ الدَّعْوَى وَتَحْلِيفُهُ عَلَى ذَلِكَ.
(فَصْلٌ اسْمُ زَوْجَتِهِ زَيْنَبُ فَقَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَأَرَادَ) زَيْنَبَ أُخْرَى (أَجْنَبِيَّةً أَوْ أَمَتَهُ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) وَيُدَيَّنُ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ إحْدَاكُمَا يَتَنَاوَلُهُمَا تَنَاوُلًا وَاحِدًا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ زَوْجَتِهِ وَلَا بِمَا يَقُومُ مَقَامَهُ بِخِلَافِ زَيْنَبَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ لَا غَيْرَهَا (أَوْ) أَرَادَ فِيمَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحًا صَحِيحًا وَأُخْرَى نِكَاحًا فَاسِدًا وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ (فَاسِدَةَ النِّكَاحِ قُبِلَ) كَمَا لَوْ أَرَادَ الْأَجْنَبِيَّةَ فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ بَلْ أَوْلَى هَذَا مَا فِي الْفَصْلِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَصْدُقُ بِهِ وَبِأَنْ يَكُونَ اسْمُ كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ زَيْنَبَ وَيُعَلِّقُ بِقَوْلِهِ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَأَرَادَ فَاسِدَةَ النِّكَاحِ بَلْ عِبَارَتُهُ ظَاهِرَةٌ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلَوْ قَالَ لَهَا) أَيْ لِزَوْجَتِهِ (وَلِأَجْنَبِيَّةٍ) أَوْ أَمَتِهِ (أَوْ رَجُلٍ أَوْ دَابَّةٍ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ طَلُقَتْ) إنْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ (فَإِنْ نَوَى الْأَجْنَبِيَّةَ أَوْ الْأَمَةَ لَا الرَّجُلَ وَالدَّابَّةَ قُبِلَ) مِنْهُ (بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ مَعَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْأَمَةِ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالدَّابَّةِ.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَجَبَ فَوْرًا التَّعْيِينُ) لَهَا (إنْ أَبْهَمَ) الطَّلَاقَ (وَالتَّبْيِينُ إنْ عَيَّنَ) لِتَتَمَيَّزَ الْمُحَرَّمَةُ عَنْ غَيْرِهَا فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ عَصَى فَإِنْ امْتَنَعَ حُبِسَ وَعُزِّرَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَمْهَلَ لَمْ يُمْهَلْ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُمْهَلُ لِقَوْلِ الرُّويَانِيِّ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ لَوْ اسْتَمْهَلَ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا أَبْهَمَ أَوْ عَيَّنَ نَسِيَ فَإِنْ عَيَّنَ وَلَمْ يَدَّعِ نِسْيَانًا فَالْأَوْجَهُ لِكَلَامِهَا هَذَا (فِي غَيْرِ رَجْعِيٍّ) أَمَّا فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ فَوْرًا تَعْيِينٌ وَلَا بَيَانٌ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ (وَإِنْ مَاتَتَا) فَإِنَّهُ يَجِبُ فَوْرًا التَّعْيِينُ وَالتَّبْيِينُ لِيَتَبَيَّنَ حَالُ الْإِرْثِ (وَلَا يُعْذَرُ فِي دَعْوَى النِّسْيَانِ) بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ كَذَّبَتَاهُ) بَلْ يَحْلِفُ لَهُمَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (وَالطَّلَاقُ) يَقَعُ (بِاللَّفْظِ) فِيمَا إذَا طَلَّقَ إحْدَاهُمَا (وَلَوْ أَبْهَمَ) لِأَنَّهُ جَزَمَ بِهِ وَنَجَّزَهُ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَّا أَنَّ مَحَلَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرُ مُبَيَّنٍ فَيُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ أَوْ التَّبْيِينِ (لَكِنْ عِدَّةُ) الطَّلَاقِ (الْمُبْهَمِ مِنْ التَّعْيِينِ) وَالْمُعَيَّنِ مِنْ اللَّفْظِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَحَلِّ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَيَجُوزُ أَنْ تَتَأَخَّرَ الْعِدَّةُ عَنْ وَقْتِ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ كَمَا تَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِالْوَطْءِ وَتُحْسَبُ مِنْ التَّفْرِيقِ (وَيَعْتَزِلُهُمَا) إلَى التَّعْيِينِ أَوْ التَّبْيِينِ لِاشْتِبَاهِ الْمُبَاحَةِ بِغَيْرِهَا (وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمَا) إلَى ذَلِكَ لِحَبْسِهِمَا عِنْدَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
بِالْإِضَافَةِ إلَى التَّحَرِّي قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ الْأَقْيَسُ احْتِيَاطًا لِلْعِتْقِ وَلِأَنَّ الْأَمْوَالَ وَغَرَامَتَهَا أَشَدُّ مِنْ الْقِبْلَةِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِ رَقِيقِهِ كَالتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ وَأَنَّ الَّذِي عَتَقَ هُوَ رَقِيقُ الْآخَرِ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِ الْعِرَاقِيِّينَ أَمَّا عَلَى طَرِيقَتِهِمْ فَيَعْتِقُ الْمُشْتَرَى بِلَا شَكٍّ اهـ وَالْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي مَسْأَلَةِ التَّبَادُلِ مَا فِي الْبَسِيطِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَعْتِقُ الْمُشْتَرَى عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِهِ عَلَيْهَا إذَا اجْتَمَعَا فِي مِلْكِهِ عِتْقِهِ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِيهِ.
[فَصْلٌ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ بِعَيْنِهَا وَنَسِيَهَا]
(فَصْلٌ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ) (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الدَّعْوَى عَلَى الزَّوْجَةِ أَنَّهَا تَعْلَمُ سَبْقَ أَحَدِ النِّكَاحَيْنِ.
[فَصْلٌ اسْمُ زَوْجَتِهِ زَيْنَبُ فَقَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَأَرَادَ زَيْنَبَ أُخْرَى أَجْنَبِيَّةً أَوْ أَمَتَهُ]
(قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ كَالْإِسْنَوِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَصْدُرْ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ طَلَاقٌ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا يُحْكَمُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لِصِدْقِ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا صِدْقًا وَاحِدًا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْعِتْقِ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ قَالَ وَلِعَبْدٍ آخَرَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ عِتْقَ الْآخَرِ. اهـ. .
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ]
(قَوْلُهُ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَجَبَ فَوْرًا التَّعْيِينُ إلَخْ) قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ لَا اخْتِصَاصَ لِذَلِكَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِحْدَى زَوْجَتَيْ طَالِقٌ فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ يُفَرِّقُ بَيْنَ قَصْدِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْإِبْهَامِ وَلَوْ قَالَ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ مِصْرَ وَالشَّامِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَلَهُ زَوْجَتَانِ فَلَهُ تَعْيِينُ إحْدَاهُمَا لِهَذَا التَّعْلِيقِ وَقَدْ سُئِلْت عَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ فَقَالَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ يَلْزَمُنِي لَا أَنَامُ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مَا خَلَاصُهُ وَإِذَا نَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَيْف يَقَعُ الطَّلَاقُ فَأَجَبْت بِأَنَّ خَلَاصَهُ أَنْ يُعَيِّنَ إحْدَاهُمَا لِلتَّعْلِيقِ ثُمَّ يُخَالِعَهَا ثُمَّ يُجَدِّدَ الْعَقْدَ وَيَنَامَ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَأَنَّهُ إذَا نَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَبْلَ هَذَا الْخُلْعِ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِمَا وَلَهُ تُعْيِينَهُ فِيمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. اهـ. وَقَوْلُهُ فَأَجَبْت بِأَنَّ خَلَاصَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(تَنْبِيهٌ) الْقَاعِدَةُ أَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ وَيَلْزَمُ عَلَيْهَا أَنَّهُ إذَا قَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَنْ يُطَلِّقَ الْجَمِيعَ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مِمَّا نَقَلَهُ الْعُرْفُ عَنْ مَوْضُوعِهِ اللُّغَوِيِّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَالِي صَدَقَةٌ عَمَّ جَمِيعَ مَالِهِ لِعَدَمِ تَخْصِيصِ الْعُرْفِ إيَّاهُ وَالِاسْمُ الْمُعَرَّفُ فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ يَعُمُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَنْ تَقَعَ الثَّلَاثُ عِنْدَ الْحَلِفِ عَمَلًا بِالْعُمُومِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَنْقُولٌ بِالْعُرْفِ وَالْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا لَا تَلْزَمُ الْحَالِفَ مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ وَلَا خَطَرَ بِبَالِهِ وَلَا لَفْظُهُ صَرِيحٌ فِيهِ.
(3/297)
حَبْسَ الزَّوْجَاتِ وَإِذَا عَيَّنَ أَوْ بَيَّنَ لَا يَسْتَرِدُّ الْمَدْفُوعَ لِلْمُطَلَّقَةِ لِذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ تَبَيَّنَ) الطَّلَاقُ فِي إحْدَاهُمَا (فَلِلْأُخْرَى تَحْلِيفُهُ) بِأَنْ تَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّك نَوَيْتَنِي وَتُحَلِّفُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَطَلُقَتَا (لَا إنْ عَيَّنَ) فِي إحْدَاهُمَا فَلَيْسَ لِلْأُخْرَى ذَلِكَ لِأَنَّ التَّعْيِينَ اخْتِيَارٌ يُنْشِئُهُ.
(فَرْعٌ لَيْسَ الْوَطْءُ) لِإِحْدَاهُمَا فِيمَا ذُكِرَ (تَعْيِينًا) وَلَا تَبْيِينًا لِلطَّلَاقِ فِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطَأَ الْمُطَلَّقَةَ وَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ لَا يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ ابْتِدَاءً فَلَا يُتَدَارَكُ بِالْفِعْلِ وَلِذَلِكَ لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِالْوَطْءِ فَتَبْقَى الْمُطَالَبَةُ بِالتَّعْيِينِ وَالتَّبْيِينِ (فَلَوْ عَيَّنَ) الطَّلَاقَ (فِيمَنْ وَطِئَهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا طَلُقَتْ بِاللَّفْظِ مَعَ جَهْلِهَا أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ (وَإِنْ بَيَّنَ) فِيهَا (وَهِيَ بَائِنٌ لَزِمَهُ الْحَدُّ) لِاعْتِرَافِهِ بِوَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ بِلَا شُبْهَةٍ (وَالْمَهْرُ) لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ لَا حَدَّ بِوَطْئِهِ لَهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي الْأُولَى وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلِاخْتِلَافِ فِي أَنَّهَا طَلُقَتْ بِاللَّفْظِ أَوْ لَا لَكِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ يَحُدُّ فِيهَا أَيْضًا وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ (فَإِنْ بَيَّنَ فِي غَيْرِ مَوْطُوءَتِهِ قُبِلَ فَإِنْ ادَّعَتْ الْمَوْطُوءَةَ أَنَّهُ أَرَادَهَا) بِالطَّلَاقِ (وَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَتْ وَطَلُقَتْ وَلَزِمَهُ مَهْرُهَا وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ ثَبَتَ بِظَاهِرِ الْيَمِينِ (وَإِنْ قَالَ الْمُبَيِّنُ) أَيْ مُرِيدُ الْبَيَانِ (أَرَدْت هَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ مَعَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَلُقَتَا) لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُمَا بِالطَّلَاقِ وَرُجُوعُهُ بِذِكْرِ بَلْ عَنْ الْإِقْرَارِ بِطَلَاقِ الْأُولَى لَا يُقْبَلُ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ هَذَا (فِي الظَّاهِرِ) أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْمُطَلَّقَةُ مَنْ نَوَاهَا فَقَطْ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ (وَلَوْ عَطَفَ بِثُمَّ أَوْ بِالْفَاءِ) بِأَنْ قَالَ هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَهَذِهِ (طَلُقَتْ الْأُولَى فَقَطْ) لِفَصْلِ الثَّانِيَةِ بِالتَّرْتِيبِ فَلَمْ يَبْقَ لَهَا شَيْءٌ (وَكَذَا) تَطْلُقُ الْأُولَى فَقَطْ (لَوْ قَالَ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ) أَوْ بَعْدَهَا هَذِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ قَالَ) هَذِهِ (بَعْدَ هَذِهِ فَالْمُشَارُ إلَيْهَا ثَانِيًا) هِيَ الْمُطَلَّقَةُ (وَإِنْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ) وَالْمُطَالَبَةُ بِالْبَيَانِ (فَإِنْ قَالَ وَهُنَّ ثَلَاثٌ) بَعْدَ قَوْلِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ (أَرَدْت هَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ طَلُقَتْ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ وَإِنْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ فَبِالْعَكْسِ) أَيْ فَتَطْلُقُ الْأَخِيرَةُ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ (هَذَا إذَا وَصَلَ) الْأَلْفَاظَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا فَصَلَهَا (وَحُكْمُهُ) يُعْرَفُ مِمَّا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ.
(وَإِنْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَفَصَلَ الثَّالِثَةَ) عَنْ الْأُولَيَيْنِ بِوَقْفَةٍ أَوْ بِنَغْمَةٍ أَوْ أَدَاءٍ (فَالتَّرَدُّدُ) لِلطَّلَاقِ كَائِنٌ (بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُولَتَيْنِ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (فَإِنْ بَيَّنَ فِيهَا طَلُقَتْ وَحْدَهَا أَوْ فِي الْأُولَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا مَعًا) لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ فَلَا يَفْتَرِقَانِ (وَإِنْ فَصَلَ الْأُولَى) عَنْ الْأَخِيرَتَيْنِ (طَلُقَتْ) هِيَ (وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ) فَعَلَيْهِ بَيَانُ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا وَعَدَلَ إلَى ذَلِكَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ تَرَدَّدَ الطَّلَاقُ بَيْنَ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَإِنْ بَيَّنَ فِي الْأُولَى طَلُقَتْ وَحْدَهَا وَإِنْ بَيَّنَ فِي الْأُخَرَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا جَمِيعًا لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ تَبَعًا لِلنَّسَائِيِّ إنَّ قَوْلَهُ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ غَلَطٌ وَصَوَابُهُ طَلُقَتْ الْأُولَى وَتَرَدَّدَ الطَّلَاقُ بَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ لِأَنَّهُ عَطَفَ الثَّانِيَةَ بِالْوَاوِ وَالثَّالِثَةَ بِأَوْ وَقَوْلُهُ فَإِنْ بَيَّنَ فِي الْأُولَى طَلُقَتْ وَحْدَهَا غَلَطٌ مِنْ وَجْهَيْنِ كَوْنُهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ وَكَوْنُ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا وَحْدَهَا بَلْ مَعَ إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ بَيَّنَ فِي إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ طَلُقَتَا غَلَطٌ بَلْ يَقْتَصِرُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا مَعَ الْأُولَى (وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ) فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنْ سَرَدَ أَلْفَاظَهَا (احْتَمَلَ الْمَعْنَيَانِ) أَيْ فَصْلُ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَيَيْنِ وَفَصْلُ الْأُولَى عَنْ الْأُخْرَيَيْنِ (فَيَسْأَلُ) وَيَعْمَلُ بِمَا أَظْهَرَ إرَادَتَهُ (وَإِنْ عَطَفَ الثَّانِيَةَ بِأَوْ وَالثَّالِثَةَ بِالْوَاوِ) فَقَالَ أَرَدْت هَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ (فَبِالْعَكْسِ) أَيْ فَإِنْ فَصَلَ الْأُولَى عَنْ الْأُخْرَيَيْنِ فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمَا فَإِنْ بَيَّنَ فِيهَا طَلُقَتْ وَحْدَهَا أَوْ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا مَعًا وَإِنْ فَصَلَ الْأَخِيرَةَ عَنْ الْأُولَيَيْنِ طَلُقَتْ هِيَ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ اُحْتُمِلَ الْمَعْنَيَانِ (هَذَا إنْ فَصَلَ بِوَقْفَةٍ يَسِيرَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَنْتَظِمُ بِهِ مَعَهَا الْكَلَامُ فَإِنْ طَالَ) الْفَصْلُ (لَغَا مَا بَعْدَهُ) إذْ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْإِفَادَةِ.
(وَإِنْ قَالَ وَهُنَّ أَرْبَعٌ أَرَدْت هَذِهِ بَلْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ طَلُقْنَ) جَمِيعًا (وَكَذَا) تَطْلُقْنَ جَمِيعًا (لَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ) فَلَوْ عَطَفَ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ فَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهُ مِمَّا مَرَّ (فَإِنْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ لَا بَلْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَلُقَتْ الْأُخْرَيَاتُ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (وَلَا يَخْفَى عَكْسُهُ) بِأَنْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ لَا بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَتَطْلُقُ الْأُولَيَانِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (وَإِنْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَفَصَلَ الرَّابِعَةَ) عَنْ الثَّلَاثِ (فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّلَاثِ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ لَيْسَ الْوَطْءُ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ تَعْيِينًا إذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ]
قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي الْأُولَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فِي الظَّاهِرِ) أَيْ مُؤَاخَذَةً لَهُ كَالْمُقِرِّ الْكَاذِبِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْبَاطِنِ وَيُؤَاخَذُ فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ لِفَصْلِ الثَّانِيَةِ بِالتَّرْتِيبِ فَلَمْ يَبْقَ لَهَا شَيْءٌ) وَجْهُهُ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنَّ حَرْفَ ثُمَّ لَيْسَ يَتَضَمَّنُ وُقُوعًا وَلَكِنَّهُ يَقْتَضِي مَعْطُوفَهُ عَلَى الْأَوْلَى وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ وَاحِدَةٌ وَقَوْلُهُ ثُمَّ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ حَتَّى نُوقِعَ بِهِ وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذِهِ فَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَعْدَ هَذِهِ.
(قَوْلُهُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ) أَيْ وَالْبُلْقِينِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ.
(3/298)
(وَإِنْ فَصَلَ الثَّالِثَةَ عَمَّا قَبْلَهَا طَلُقَتْ الْأُولَيَانِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (وَإِنْ فَصَلَ الْأُولَى) عَمَّا بَعْدَهَا (طَلُقَتْ وَالتَّرَدُّدُ بَيْنَ الرَّابِعَةِ وَالْمُتَوَسِّطَتَيْنِ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (وَإِنْ سَرَدَ) الْأَلْفَاظَ بِأَنْ لَمْ يَفْصِلْهَا (احْتَمَلَ الْمَعَانِيَ الثَّلَاثَةَ) أَيْ فَصَلَ الرَّابِعَةَ وَفَصَلَ الثَّالِثَةَ وَفَصَلَ الْأُولَى (فَيَسْأَلُ) وَيَعْمَلُ بِمَا أَظْهَرَ إرَادَتَهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا فَصَلَ بِوَقْفَةٍ يَسِيرَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (وَقِسْ بَاقِيَ الصُّوَرِ عَلَى بَعْضِهَا) الْمَذْكُورِ فَلَوْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ طَلُقَتْ إحْدَى الْأُولَتَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَلَوْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ فَقَدْ يَفْصِلُ الْأُولَى عَنْ الثَّلَاثِ الْأَخِيرَةِ وَيَضُمُّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ فَتَطْلُقُ الْأُولَى وَيَتَرَدَّدُ الطَّلَاقُ بَيْنَ الثَّانِيَةِ وَحْدَهَا وَبَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ مَعًا وَقَدْ يُفْرَضُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ وَالْأُخْرَيَيْنِ وَالضَّمُّ فِيهِمَا فَتَطْلُقُ الْأُولَيَانِ أَوْ الْأُخْرَيَانِ وَقَدْ يُفْرَضُ فَصْلُ الرَّابِعَةِ عَمَّا قَبْلَهَا فَتَطْلُقُ الرَّابِعَةُ وَيَتَرَدَّدُ الطَّلَاقُ بَيْنَ الثَّالِثَةِ وَحْدَهَا وَبَيْنَ الْأُولَيَيْنِ مَعًا.
(وَإِنْ قَالَ هَذِهِ) الْمُطَلَّقَةُ (ثُمَّ قَالَ لَا أَدْرِي هِيَ) هَذِهِ (أَمْ غَيْرُهَا طَلُقَتْ وَوُقِفَ الْبَاقِيَاتُ) أَيْ أَمْرُهُنَّ (فَإِنْ قَالَ) بَعْدَ ذَلِكَ (تَحَقَّقْت أَنَّهَا هِيَ قُبِلَ مِنْهُ) وَلَمْ يُطَلِّقْ غَيْرَهَا (وَإِنْ بَيَّنَ فِي غَيْرِهَا حُكِمَ بِطَلَاقِهَا أَيْضًا) وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ عَنْ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ (هَذَا كُلُّهُ فِي تَبْيِينِ الْمُعَيَّنَةِ) هَذَا إيضَاحٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ قَالَ الْمُبَيَّنُ إلَى آخِرِهِ (وَإِنْ عَيَّنَ الْمُبْهَمَ) لِطَلَاقِهِ أَوْ عَيَّنَ الْمُطَلِّقُ طَلَاقَهُ الْمُبْهَمَ (فَقَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ) أَوْ هَذِهِ فَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ (لَغَتْ الثَّانِيَةُ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمُبْهَمِ إنْشَاءً لِلِاخْتِيَارِ) لَا إخْبَارٌ عَنْ سَابِقٍ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ فَيَلْغُو ذِكْرُ اخْتِيَارِ غَيْرِهَا.
[فَرْعٌ لَوْ مَاتَتَا قَبْلَ بَيَانِ الطَّلَاق أَوْ تَعْيِينِهِ وُقِفَ مِيرَاثُهُ مِنْهُمَا]
(فَرْعٌ) لَوْ (مَاتَتَا قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ وُقِفَ مِيرَاثُهُ مِنْهُمَا) حَتَّى يُبَيِّنَ أَوْ يُعَيِّنَ (فَإِنْ عَيَّنَ أَوْ بَيَّنَ وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ لَمْ يَرِث مِنْ الْمُطَلَّقَةِ) لِبَيْنُونَتِهَا مِنْهُ وَيَرِثُ مِنْ الْأُخْرَى (ثُمَّ إنْ نَوَى مُعَيَّنَةً فَبَيَّنَ فِي وَاحِدَةٍ فَلِوَرَثَةِ الْأُخْرَى تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهَا) بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ يَرُومُ الشَّرِكَةَ فِي تَرِكَتِهَا (فَإِنْ) حَلَفَ فَذَاكَ وَإِنْ (نَكَلَ حَلَفُوا وَلَمْ يَرِثْ مِنْهَا أَيْضًا) لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ (وَإِنْ حَلَفَ) كَمَا قُلْنَا (قَالَ فِي الرَّوْضَةِ) كَأَصْلِهَا (طَالَبُوهُ بِكُلِّ الْمَهْرِ إنْ دَخَلَ) بِمُوَرِّثَتِهِمْ (وَإِلَّا فَهَلْ يُطَالِبُوهُ بِالْكُلِّ) أَيْ بِكُلِّ الْمَهْرِ (لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهَا زَوْجَةٌ أَمْ بِنِصْفِهِ لِزَعْمِهِمْ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ) قَبْلَ الدُّخُولِ (وَجْهَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (وَرِثَ نِصْفَ الْمَهْرِ أَوْ رُبْعَهُ فَلَا يُطَالِبُونَهُ إلَّا بِمَا زَادَ عَلَى إرْثِهِ) وَيُدْفَعُ النَّظَرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمُطَالَبَتِهِمْ بِكُلِّ الْمَهْرِ أَوْ بِنِصْفِهِ مُطَالَبَتُهُمْ بِنَصِيبِهِمْ مِنْ ذَلِكَ وَأَقْرَبُ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ ثَانِيهِمَا لِزَعْمِهِمْ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فَهُمْ مُنْكِرُونَ اسْتِحْقَاقَ النِّصْفِ (وَإِنْ عَيَّنَ) امْرَأَةً (فِي) الطَّلَاقِ (الْمُبْهَمِ فَلَا اعْتِرَاضَ لِوَرَثَةِ الْأُخْرَى) عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّعْيِينَ إلَى اخْتِيَارِهِ.
(وَإِنْ كَذَّبَهُ وَرَثَةُ الْمُطَلَّقَةِ) يَعْنِي الْمُبَيَّنَةُ لِلطَّلَاقِ (فَلَهُمْ تَحْلِيفُهُ) أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ (وَقَدْ أَقَرُّوا لَهُ بِإِرْثٍ لَا يَدَّعِيه وَادَّعُوا) عَلَيْهِ (مَهْرًا اسْتَقَرَّ بِالْمَوْتِ) إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ فِي هَذِهِ بِوَرَثَةِ الْمُعَيَّنَةِ لِلطَّلَاقِ يُوهِمُ أَنَّهُ أَرَادَ مَسْأَلَةَ الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ وَلَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّ التَّعْيِينَ اخْتِيَارٌ لَا إخْبَارٌ فَلَا يَقَعُ فِيهِ تَكْذِيبٌ (وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ الْبَيَانِ وَالتَّعْيِينِ (قَامَ الْوَارِثُ مَقَامَهُ فِي التَّبْيِينِ لَا فِي التَّعْيِينِ) لِأَنَّ الْبَيَانَ إخْبَارٌ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ بِخَبَرٍ أَوْ قَرِينَةِ وَالتَّعْيِينَ اخْتِيَارٌ يَصْدُرُ عَنْ شَهْوَةٍ فَلَا يَخْلُفُهُ الْوُرَّاثُ فِيهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ لَا يَخْلُفُهُ وُرَّاثُهُ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَتَصْحِيحُ التَّنْبِيهِ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي التَّعْيِينِ أَيْضًا وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ مَاتَتَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَهُ وَالْأُخْرَى بَعْدَهُ أَوْ لَمْ تَمُتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى.
وَقَالَ الْقَفَّالُ إنْ مَاتَ قَبْلَهُمَا لَمْ يُعَيِّنْ وَارِثُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ مِيرَاثَ زَوْجَتِهِ مِنْ رُبُعٍ أَوْ ثُمُنٍ يُوقَفُ بِكُلِّ حَالٍ إلَى الِاصْطِلَاحِ سَوَاءٌ أَخْلَفَ زَوْجَةً أَمْ أَكْثَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمَا فَقَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَعْيِينِ إحْدَاهُمَا لِلطَّلَاقِ (فَإِنْ تَوَقَّفَ) الْوَارِثُ فِي التَّبْيِينِ بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ وَمَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الزَّوْجَتَيْنِ (وُقِفَ) مِنْ تَرِكَتِهِ (مِيرَاثُ زَوْجَةٍ) بَيْنَهُمَا (حَتَّى يَصْطَلِحَا) أَوْ يَصْطَلِحَ وَرَثَتُهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا وَإِنْ مَاتَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَوْ مَاتَتَا قَبْلَ الْبَيَانِ إلَخْ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَوْتَ إحْدَاهُمَا كَمَوْتِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَقْتَضِي أَنَّ لَهُ فِي مَوْتِ إحْدَاهُمَا تَعْيِينَ الْحَيَّةِ وَالْمَيِّتَةِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ وَهُوَ فِي الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ وُجُودُ الصِّفَةِ عَلَى مَوْتِ إحْدَاهُمَا وَاضِحٌ وَأَمَّا فِي الْمُعَلَّقِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ مَوْتُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْحِنْثِ كَقَوْلِهِ إنْ جَاءَ زَيْدٌ فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا يَدْخُلُ فُلَانٌ الدَّارَ وَلَهُ زَوْجَتَانِ فَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ لَا تَطْلُقُ إلَّا إحْدَاهُمَا كَمَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ الْحَيَّةُ نَظَرًا إلَى حَالَةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَوْ لَهُ تَعْيِينُ الْمَيِّتَةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ التَّعْلِيقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ وَالْأَصَحُّ فِي نَظَائِرِهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالَةِ التَّعْلِيقِ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْيِينُ الْمَيِّتَةِ وَإِنْ وُجِدَ الْحِنْثُ بَعْدَهَا وَقَالَ النَّاشِرِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ تَعْيِينُ الْحَيَّةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالصُّورَةُ هَذِهِ لَا سِيَّمَا فِي قَوْلِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي فَإِنَّهُ الْتَزَمَ الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الزَّوْجَاتِ فَيَقَعُ عَلَى مَنْ هِيَ فِي زَوْجِيَّتِهِ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ لِتَعَذُّرِهِ فِي غَيْرِهَا. اهـ. الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ مَا قَالَهُ النَّاشِرِيُّ إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى مَيِّتَةٍ وَقَوْلُهُ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ الْحَيَّةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ طَالَبُوهُ بِكُلِّ الْمَهْرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَمْ بِنِصْفِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وُقِفَ مِيرَاثُ زَوْجَةٍ بَيْنَهُمَا) مَحَلُّهُ مَا إذَا كَانَتَا مِمَّنْ تَرِثَانِ مِنْهُ فَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا كِتَابِيَّةً وَالْأُخْرَى وَالزَّوْجُ مُسْلِمَاتٍ فَالْأَصَحُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ شَيْءٌ وَهَذَا مِثْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ اخْتِيَارِ صَاحِبِ الشَّامِلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْوَقْفُ وَلَمْ يَنْقُلْ تَرْجِيحًا بِخِلَافِهِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا مِثْلُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/299)
قَبْلَهُ وُقِفَ مِنْ تَرِكَتِهِمَا مِيرَاثُ زَوْجٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ وَقَدْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُمَا قَبْلَهُ (ثُمَّ الْأُخْرَى بَعْدَهُ وُقِفَ مِيرَاثُ الزَّوْجِ مِنْ تَرِكَتِهَا) أَيْ الْأُولَى (وَ) وُقِفَ (مِيرَاثُ الزَّوْجَةِ) مِنْهُمَا (مِنْ تَرِكَتِهِ) حَتَّى يَحْصُلَ الِاصْطِلَاحُ (ثُمَّ إنْ بَيَّنَ الْوَارِثُ) الطَّلَاقَ (فِي الْمَيِّتَةِ) مِنْهُمَا (أَوَّلًا قُبِلَ) وَلَمْ نُحَلِّفْهُ (لِإِضْرَارِهِ بِنَفْسِهِ) لِحِرْمَانِهِ مِنْ الْإِرْثِ وَلِشَرِكَةِ الْأُخْرَى فِي إرْثِهِ (وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ) أَيْ وَرَثَةِ الزَّوْجَةِ (أَوْ) بَيْنَهُ (فِي الْمُتَأَخِّرَةِ أَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً) لَمْ تَمُتْ (فَلِوَرَثَتِهَا) فِي الْأُولَى (أَوْ لَهَا) فِي الثَّانِيَةِ (تَحْلِيفُهُ) لِأَنَّهُ يَرُومُ حِرْمَانَهُمْ مِنْ مِيرَاثِ الزَّوْجِ فَيَحْلِفُ (عَلَى الْبَتِّ) أَنَّ مُوَرِّثَهُ طَلَّقَهَا لِأَنَّ يَمِينَ الْإِثْبَاتِ يَكُونُ عَلَى الْبَتِّ (وَلِوَرَثَةِ الْمُعَيَّنَةِ لِلنِّكَاحِ تَحْلِيفُهُ) لِأَنَّهُ يَرُومُ الشَّرِكَةَ فِي تَرِكَتِهَا فَيَحْلِفُ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَنَّ مُوَرِّثَهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ وَارِثُ الزَّوْجِ (عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ) أَيْ وَرَثَةِ الزَّوْجَةِ (بِطَلَاقِ الْمُتَأَخِّرَةِ) لِلتُّهْمَةِ بِجَرِّهِ النَّفْعَ بِشَهَادَتِهِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ وَرَثَةِ الزَّوْجِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ فُلَانَةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا إنْ مَاتَ قَبْلَ الزَّوْجَيْنِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتَا قَبْلَهُ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَهُمَا فَبَيَّنَ الْوُرَّاثُ وَاحِدَةً فَلِوَرَثَةِ الْأُخْرَى تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَ مُوَرِّثَتَهُمْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ.
(فَرْعٌ لَوْ ادَّعَتْ فِي مَسْأَلَةِ الْغُرَابِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِكَوْنِ الطَّائِرِ غُرَابًا (أَنَّهُ غُرَابٌ وَأَنْكَرَ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ) أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا (لَا) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ غُرَابًا وَلَا عَلَى نِسْيَانِهِ (بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقُ (بِدُخُولِ غَيْرِهِ وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ الدُّخُولِ وَأَنْكَرَ حُصُولَهُ (فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى) نَفْيِ (الْعِلْمِ) بِذَلِكَ لِأَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ وَأَمَّا نَفْيُ الْغَرَابِيَّةِ فَهُوَ نَفْيُ صِفَةٍ فِي الْغَيْرِ وَنَفْيُ الصِّفَةِ كَثُبُوتِهَا فِي إمْكَانِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَفِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ شَيْءٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْغَرَابِيَّةِ إذَا تَعَرَّضَ لَهُ فِي الْجَوَابِ أَمَّا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَتْ بِمُطَلَّقَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى مِنْهُ بِذَلِكَ كَنَظَائِرِهِ.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ إنْ كَانَ) هَذَا الطَّائِرُ (غُرَابًا فَنِسَائِي) طَوَالِقُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ وَأَشْكَلَ) الْحَالُ بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ غُرَابٌ أَوْ غَيْرَهُ (وَصَدَّقُوهُ) أَيْ النِّسْوَةُ وَالْعَبْدُ (أَوْ كَذَّبُوهُ وَحَلَفَ) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (اعْتَزَلَهُنَّ) أَيْ النِّسْوَةُ (وَلَمْ يَسْتَخْدِمْ الْعَبْدَ) وَلَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ إلَى الْبَيَانِ لِتَيَقُّنِ التَّحْرِيمِ فِي إحْدَاهُمَا كَطَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَلَا يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا مَا دَامَ حَيًّا لِتَوَقُّعِ الْبَيَانِ (وَأَنْفَقَ عَلَى الْجَمِيعِ) إلَيْهِ أَمَّا إذَا نَكَلَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا وَيُقْضَى بِمَا ادَّعَاهُ (فَإِنْ اعْتَرَفَ بِطَلَاقِهِنَّ) بِأَنْ قَالَ حَنِثْت فِيهِ أَوْ فِي يَمِينِهِنَّ وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ فَذَاكَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ (وَ) إنْ (كَذَّبَهُ الْعَبْدُ) وَادَّعَى الْعِتْقَ (حَلَفَ) السَّيِّدُ (لَهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ وَحُكِمَ بِالطَّلَاقِ) بِالِاعْتِرَافِ (وَالْعِتْقِ) بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (وَكَذَا عَكْسُهُ) فَإِنْ اعْتَرَفَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ بِأَنْ قَالَ حَنِثْت فِيهِ أَوْ فِي يَمِينِ الْعَبْدِ فَإِنْ صَدَّقَهُ النِّسْوَةُ فَذَاكَ وَلَا يَمِينَ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ حَلَفَ لَهُنَّ فَإِنْ نَكَلَ حُكِمَ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ (وَإِنْكَارُهُ الْحِنْثَ فِي إحْدَاهُمَا اعْتِرَافٌ بِهِ فِي الْآخَرِ) فَقَوْلُهُ لَمْ أَحْنَثْ فِي يَمِينِ الْعَبْدِ كَقَوْلِهِ حَنِثْت فِي يَمِينِ النِّسْوَةِ وَقَوْلُهُ لَمْ أَحْنَثْ فِي يَمِينِ النِّسْوَةِ كَقَوْلِهِ حَنِثْت فِي يَمِينِ الْعَبْدِ (وَإِنْ ادَّعَتْ إحْدَاهُنَّ عِلْمَهُ بِالطَّلَاقِ وَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (وَحَلَفَتْ طَلُقَتْ وَحْدَهَا فَإِنْ ادَّعَتْ) عَلَيْهِ (الْأُخْرَى) ذَلِكَ الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ أُخْرَى (فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَلَا يَضُرُّهُ النُّكُولُ مَعَ غَيْرِهَا) أَيْ وَلَا يُجْعَلُ نُكُولُهُ فِي حَقِّ وَاحِدَةٍ نُكُولًا فِي حَقِّ غَيْرِهَا.
قَالَ الْبَغَوِيّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَامَتْ إحْدَاهُنَّ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِالْحِنْثِ حَيْثُ تَطْلُقُ هِيَ وَصَوَاحِبَاتُهَا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ عَامَّةٌ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَادَّعَتْ إحْدَاهُمَا الدُّخُولَ وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ هِيَ وَطَلُقَتْ دُونَ صَاحِبَتِهَا وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ طَلُقَتَا جَمِيعًا انْتَهَى وَلَوْ ادَّعَيْنَ كُلُّهُنَّ عِلْمَهُ بِالطَّلَاقِ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَحَلَفَ بَعْضُهُنَّ دُونَ بَعْضٍ حُكِمَ بِطَلَاقِ مَنْ حَلَفَتْ دُونَ مَنْ لَمْ تَحْلِفْ وَيَجْرِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ الْأَمْرِ بِالْبَيَانِ وَالْحَبْسِ وَالتَّعْزِيرِ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (وَمَتَى مَاتَ) قَبْلَ بَيَانِهِ (قُبِلَ) الْبَيَانُ (مِنْ الْوَرَثَةِ إنْ عَيَّنُوا) الْأُولَى أَنْ بَيَّنُوا (الْحِنْثَ فِي الْعَبْدِ) لِإِضْرَارِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ بِتَشْرِيكِ النِّسْوَةِ فِي التَّرِكَةِ وَإِخْرَاجِ الْعَبْدِ عَنْهَا (لَا) إنْ بَيَّنُوهُ (فِي النِّسْوَةِ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ (لِلتُّهْمَةِ) بِإِسْقَاطِ إرْثِهِنَّ وَإِرْقَاقِ الْعَبْدِ وَفِي نُسْخَةٍ قُبِلَ مِنْ الْوَارِثِ إنْ عَيَّنَ إلَى آخِرِهِ وَيُنَاسِبُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ وَلَهُ زَوْجَاتٌ زَوْجَتِي طَالِقٌ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَلَهُ تَعْيِينُهَا فِي وَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي يَتَبَيَّنُ لِي أَنَّهُنَّ يَطْلُقْنَ كُلُّهُنَّ. اهـ. وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَنْوَارِ وَقَوْلُهُ وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَنْوَارِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَرْعٌ ادَّعَتْ فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِكَوْنِ الطَّائِرِ غُرَابًا أَنَّهُ غُرَابٌ وَأَنْكَرَ]
(قَوْلُهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَفِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ شَيْءٌ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْفَرْقُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ رَأَى الطَّائِرَ فَقَدْ عَرَفَ صِفَتَهُ فَمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ غَيْرَهَا خَالَفَ مَا فِي عِلْمِهِ بِالرُّؤْيَةِ فَنَاسَبَ الْحَلِفَ عَلَى الْبَتِّ وَأَمَّا عَدَمُ الدُّخُولِ فَلَيْسَ مَرْئِيًّا وَلَا هُنَاكَ دَلَالَةٌ عَلَى نَفْيِهِ مِنْ الْحَوَاسِّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ لَازَمَهَا بِحَيْثُ قَطَعَ بِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ لَكِنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ نَادِرٌ.
[فَصْلٌ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَنِسَائِي طَوَالِقُ]
(قَوْلُهُ لَا فِي النِّسْوَةِ لِلتُّهْمَةِ) رَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ فِي تَعْيِينِ الْحِنْثِ مِنْ الزَّوْجَةِ تُهْمَةٌ فَقَدْ تَرِثُهُ هِيَ بِأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَيَتَأَخَّرَ مَوْتُهَا وَقَدْ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا تَوَارُثٌ لِرِقٍّ أَوْ اخْتِلَافِ دِينٍ وَقَدْ يَكُونُ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَلَكِنْ مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
وَقَدْ يَزِيدُ الْإِرْثُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ وَقَدْ يَكُونُ فِي تَعْيِينِ الْحِنْثِ فِي الْعَبْدِ تُهْمَةٌ فِيمَا إذَا قَتَلَهُ قَاتِلٌ وَهُوَ وَارِثُهُ وَكَانَتْ دِيَتُهُ زَائِدَةً عَلَى قِيمَتِهِ وَعَلَى حِصَّتِهَا مِنْ الْإِرْثِ وَقَدْ لَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ الزَّوْجِ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَائِنًا قَالَ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّا لَا نَقْبَلُهُ مُطْلَقًا كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ أَوْ نَرُدُّهُ مَعَ التُّهْمَةِ خَاصَّةً يُتَّجَهُ تَخَرُّجُهُ عَلَى إقْرَارِ الْخُنْثَى بِالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ فِي مَحَلِّ التُّهْمَةِ وَفِيهِ اضْطِرَابٌ
(3/300)
قَوْلُهُ (فَإِنْ تَوَقَّفَ) بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ (أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) رَجَاءَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ فِي الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي الطَّلَاقِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي السَّرِقَةِ لِتَأْثِيرِهَا فِي الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي الْقَطْعِ وَفِي النِّكَاحِ لِتَأْثِيرِهَا فِي الْمَالِ وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي النِّكَاحِ (فَإِنْ خَرَجَتْ لِلْعَبْدِ عَتَقَ وَيَكُونُ) عِتْقُهُ (مِنْ الثُّلُثِ إنْ عَلَّقَ فِي الْمَرَضِ) وَإِلَّا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ (وَلَمْ يَزْنِ) مِنْ الزَّوْجِ (إنْ ادَّعَيْنَ طَلَاقًا بَائِنًا وَإِلَّا وَرِثْنَ وَإِنْ خَرَجَتْ لَهُنَّ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ) إذْ لَا أَثَرَ لِلْقُرْعَةِ فِي الطَّلَاقِ وَلَا تُعَادُ (وَوَقَفَ إرْثُهُنَّ وَالْأَوْلَى لَهُنَّ تَرْكُهُ لِلْوَرَثَةِ) .
(فَصْلٌ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ لَوْ قَالَ) لِإِحْدَى نِسَاؤُهُ (أَنْت طَالِقٌ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَإِنْ فَصَلَ الثَّالِثَةَ عَنْ الْأُولَتَيْنِ أَوْ الْأُولَى عَنْ الْأَخِيرَتَيْنِ) أَوْ أَرَادَ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ) فِي فَرْعٍ لَيْسَ الْوَطْءُ تَعْيِينًا فَفِي الْأُولَى إنْ عَيَّنَ الثَّالِثَةَ طَلُقَتْ وَحْدَهَا أَوْ الْأُولَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا وَفِي الثَّانِيَةِ تَطْلُقُ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ (فَإِنْ كَانَ عَارِفًا بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَ الْأُولَتَيْنِ وَالثَّالِثَةِ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا) بِهِ (طَلُقَتْ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخَرَتَيْنِ) فَيُعَيِّنُهَا (وَلَوْ اصْطَفَّ) نِسْوَتُهُ (الْأَرْبَعُ) صَفًّا (فَقَالَ الْوُسْطَى مِنْكُنَّ طَالِقٌ قَالَ النَّوَوِيُّ) كَالْقَاضِي (طَلُقَتْ إحْدَى الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ) لِأَنَّ مَوْضِعَ الْوُسْطَى لِوَاحِدَةٍ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَسَيَأْتِي فِي الْكِتَابَةِ فِيمَا إذَا قَالَ ضَعُوا عَنْ الْمُكَاتِبِ أَوْسَطَ النُّجُومِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ (وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ وَإِنْ طَلَّقَ زَوْجَتَيْهِ رَجْعِيًّا ثُمَّ) قَبْلَ الْمُرَاجَعَةِ (طَلَّقَ إحْدَاهُمَا ثَلَاثًا وَأَبْهَمَ) الْمُطَلَّقَةَ (فَلَهُ التَّعْيِينُ وَلَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِاللَّفْظِ لَا بِالتَّعْيِينِ (وَلَا يَتَزَوَّجُ بِإِحْدَاهُمَا قَبْلَ التَّعْيِينِ) وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) .
الْبَابُ السَّادِسُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ) (تَعْلِيقُهُ جَائِزٌ) كَالْعِتْقِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكْرَهُ طَلَاقَهَا فَيَدْفَعُ بِتَعْلِيقِهِ تَنْجِيزَهُ وَاسْتَأْنَسُوا لَهُ بِخَبَرِ «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ كَالْحَلِفِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْخُلْعِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (فَلَا يَقَعُ قَبْلَ) وُجُودِ (الشُّرُوطِ وَلَوْ) كَانَ مَعْلُومَ الْحُصُولِ أَوْ (قَالَ عَجَّلْته) أَيْ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ لِتَعَلُّقِهِ بِالْوَقْتِ الْمُسْتَقْبَلِ كَالْجُعْلِ فِي الْجَعَالَةِ وَصَوْمِ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ نَذَرَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ بِقَوْلِهِ عَجَّلْت الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَقَعُ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ جَزْمًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُقُوعِ أُخْرَى عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ انْتَهَى وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَصِحَّ التَّعْجِيلُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَطْلُقَ فِي الْحَالِ انْتَهَى وَيُوَجَّهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى مَا بَعْدَهُ بِأَنَّ قَائِلَهُ أَلْغَى وَصْفَ التَّعْلِيقِ وَنَوَى طَلَاقًا مُبْتَدَأً.
(فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ وَقَالَ قَصَدْت الشَّرْطَ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَدِمَ عَلَى التَّعْلِيقِ إنْ قَصَدَهُ وَعَدَلَ إلَى التَّنْجِيزِ (إلَّا إنْ مَنَعَ الْإِتْمَامَ) كَأَنْ وَضَعَ غَيْرُهُ يَدَهُ عَلَى فِيهِ (وَحَلَفَ) فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا لِلْقَرِينَةِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْلِيقَ عَلَى شَيْءٍ كَقَوْلِهِ إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا وَقَدْ فَعَلَهُ (وَسَبَقَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا اعْتَرَضَ بِهِ مَرْدُودٌ وَمَا أَظُنُّهُ صَدَرَ مِنْهُ عَنْ رَوِيَّةٍ أَمَّا قَوْلُهُ فَإِنَّ الزَّوْجَ قَدْ يَرِثُ مِنْهَا فَغَلَطٌ فَإِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ وَقَدْ تَرِثُ الْمَرْأَةُ بِأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَيَمُوتَ الزَّوْجُ فِي الْعِدَّةِ اعْتِرَاضٌ سَاقِطٌ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ عَلَّلَ بِقَوْلِهِ فَيَرِقُّ الْعَبْدُ وَيَسْقُطُ إرْثُ الزَّوْجَةِ وَهَذَا يَدْفَعُ الرَّجْعِيَّةَ لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ لَا يَتَصَوَّرُ حِرْمَانُهَا حَتَّى يُتَّجَهَ إيرَادُهَا وَقَوْلُهُ وَقَدْ لَا يَرِثُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ كَمَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ رَقِيقَةً أَوْ كَافِرَةً أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَلَكِنْ مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَذُهُولٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ عَدَمَ إرْثِ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الطَّلَاقِ وَالطَّلَاقُ الْمُبْهَمُ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُقُوعُهُ حَتَّى يَنْفِيَ التُّهْمَةَ وَقَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ الْإِرْثَ قَدْ يَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ فَإِنَّ الْإِرْثَ قَدْ يَنْقُصُ عَنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَنْتَفِي التُّهْمَةُ وَمَتَى زَادَتْ حَصَلَتْ التُّهْمَةُ وَقَوْلُهُ إنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَقْتُلُهُ قَاتِلٌ فَيُتَّهَمُ فِي تَعْيِينِ الْعِتْقِ فِيهِ لِيَرِثَ دِيَتَهُ إطْلَاقٌ فِي مَوْضِعِ التَّقْيِيدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرِثُ دِيَتَهُ حَيْثُ لَا وَارِثَ لَهُ مِنْ النَّسَبِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ لَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ الزَّوْجِ كَمَا إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَائِنًا ذُهُولٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مَتَى طَلَّقَهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ طَلَاقًا بَائِنًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيَانِ الْوُرَّاثِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ رَقِيقَةً أَوْ كَافِرَةً فَيُنْظَرُ إنْ بَيَّنَ الْعِتْقَ فِي الْعَبْدِ قُبِلَ قَطْعًا لِإِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ عَيَّنَ الطَّلَاقَ فِي الزَّوْجَةِ جَاءَ الْخِلَافُ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ نَرُدُّهُ مَعَ التُّهْمَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِإِحْدَى نِسَائِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ]
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ) (قَوْلُهُ تَعْلِيقُهُ جَائِزٌ) يُشْتَرَطُ فِي التَّعْلِيقِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى الشَّرْطِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ وَأَنْ يَتَّصِلَ الشَّرْطُ بِالطَّلَاقِ وَأَنْ يَتَلَفَّظَ بِالشَّرْطِ بِلِسَانِهِ بِحَيْثُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ يُسْمِعَ غَيْرَهُ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ عَجَّلْته) أَيْ الطَّلَاقَ أَوْ قَالَ أَرَدْت تَعْجِيلَ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ) الَّذِي يَظْهَرُ لِي صِحَّةُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ الْمَاشِي عَلَى الْقَوَاعِدِ وَهَذِهِ النُّقُولُ لَا تُعَارِضُ مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَفِيهِ وَجْهٌ عَنْ حِكَايَةِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ التَّنْجِيزَ بِمَا أَوْقَعَهُ قَبْلَ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ تَعْجِيلُ الْمُعَلَّقِ مَعَ بَقَاءِ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى شَرْطِهِ وَالْأَثَرُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمُؤَثِّرِ بَلْ يُقَارِنُهُ أَوْ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ ثُمَّ لَوْ قُلْنَا بِصِحَّةِ تَعْجِيلِ الْمُعَلَّقِ مَعَ بَقَاءِ التَّعْلِيقِ لَلَزِمَ أَنْ لَا يَقَعَ بِالدُّخُولِ شَيْءٌ آخَرُ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ سَبَقَ وُقُوعَهُ وَاَلَّذِي يُوقِعُهُ لَمْ يُعَلِّقْ فَكَيْفَ يُوقِعُ مَا لَمْ يُعَلِّقْ ت.
(قَوْلُهُ بَلْ يَقَعُ فِي الْحَالِ طَلْقَةً جَزْمًا) الْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَتَطْلُقُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ
. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْلِيقَ إلَخْ) وَأَنَّ الْكَلَامَ تَمَّ وَاسْتَأْنَفَ أَنْ يُرِيدَ إنْ جَاءَ زَيْدٌ فَأَكْرِمْهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ
(3/301)
فِي بَابِ تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ (عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ خِلَافُهُ وَلَعَلَّ هَذَا أَصَحُّ) مِنْهُ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثَمَّ وَقَوْلُهُ وَسَبَقَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ ابْتِدَاءً) أَيْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَرْطِهِ مُقْتَصِرًا عَلَى فَاءِ الْجَزَاءِ (فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت الشَّرْطَ فَسَبَقَ لِسَانِي) إلَى الْجَزَاءِ (لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ظَاهِرًا) لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ وَقَدْ خَاطَبَهَا بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَالْفَاءُ قَدْ تُزَادُ فِي غَيْرِ الشَّرْطِ وَرُبَّمَا كَانَ قَصْدُهُ أَنْ يَقُولَ أَمَّا بَعْدُ فَأَنْتِ طَالِقٌ.
(وَقَوْلُهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْت طَالِقٌ بِحَذْفِ الْفَاءِ تَعْلِيقٌ) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ وَقَدْ يُسْأَلُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت التَّنْجِيزَ حُكِمَ بِهِ أَوْ التَّعْلِيقَ أَوْ تَعَذَّرَتْ الْمُرَاجَعَةُ حُمِلَ عَلَى التَّعْلِيقِ وَالتَّصْرِيحِ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَوَّبَ بِالْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ إنْ كَانَ نَحْوِيًّا وَقَعَ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ أَنْ نَافِيَةً بِدَلِيلِ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ فَتَحَ أَنْ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا قَالُوهُ فِي النَّحْوِيِّ صَحِيحٌ إنْ نَوَاهُ دُونَ مَا إذَا أَطْلَقَ لِأَنَّ إنْ الْمَكْسُورَةَ ظَاهِرَةٌ فِي الشَّرْطِ وَالْفَاءُ تُحْذَفُ كَثِيرًا (فَإِنْ جَعَلَ مَكَانَ الْفَاءِ وَاوًا) بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْت طَالِقٌ (وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ) بِالْأَوَّلِ (أَوْ التَّنْجِيزَ) بِالثَّانِي (أَوْ) قَصَدَ (جَعْلَهُمَا شَرْطَيْنِ لِعِتْقٍ وَنَحْوِهِ) كَطَلَاقٍ قُبِلَ مِنْهُ بِلَا يَمِينٍ فِي الثَّانِي وَبِيَمِينٍ فِيمَا عَدَاهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا (فَتَعْلِيقٌ) بِالدُّخُولِ (مِنْ جَاهِلٍ بِالْقَرِينَةِ) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْعَالِمِ بِهَا فَلَا يَكُونُ تَعْلِيقًا وَلَا غَيْرَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ عِنْدَهُ نَعَمْ إنْ جَعَلَ أَنْ نَافِيَةً احْتَمَلَ كَوْنُ الْوَاوِ لِلْحَالِ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ أَوْ لِلْعَطْفِ فَيَقَعُ فَيُسْأَلُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَبَقِيَ مَا لَوْ جَهِلْنَا أَنَّهُ عَالِمٌ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ جَاهِلٌ بِهَا وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُرَاجَعَةِ (وَفَرَّقَ النَّوَوِيُّ هُنَا بَيْنَ الْجَاهِلِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهِ) كَمَا تَقَرَّرَ (وَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ) أَنْت طَالِقٌ (أَنْ شَاءَ اللَّهُ) بِالْفَتْحِ كَمَا مَرَّ (وَفُرِّقَ) بَيْنَهُمَا أَيْضًا (فِي قَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (أَنْ دَخَلْت الدَّارَ بِالْفَتْحِ) كَمَا سَيَأْتِي (وَهُمَا سَوَاءٌ) فِي الْمَعْنَى وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَيُجَابُ بِأَنَّ حَمْلَ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى التَّعْلِيقِ يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ الطَّلَاقِ أَصْلًا بِخِلَافِ أَنْ دَخَلْت الدَّارَ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ أَجَابَ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّعْلِيقُ فَعِنْدَ الْفَتْحِ يَنْصَرِفُ لِلتَّعْلِيلِ بِهِ مُطْلَقًا وَالثَّانِي يَغْلِبُ فِيهِ التَّعْلِيقُ فَعِنْدَ الْفَتْحِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَالِمِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ وَكَذَا) لَوْ قَالَ (وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) دَخَلَتْ أَمْ لَمْ تَدْخُلْ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنْ قَالَ أَرَدْت تَعْلِيقَهُ بِالدُّخُولِ لَمْ يُقْبَلْ لِمُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ وَيُدَيَّنُ لِلِاحْتِمَالِ ذَكَرَهُ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ.
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ بِشَرْطٍ وَقَالَ أَرَدْت التَّنْجِيزَ) فَسَبَقَ لِسَانِي إلَى الشَّرْطِ (قُبِلَ) مِنْهُ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ (وَفِي التَّعْلِيقِ أَطْرَافٌ) سَبْعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْأَوْقَاتِ فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ غُرَّتِهِ أَوْ أَوَّلِهِ أَوْ رَأْسِهِ أَوْ دُخُولِهِ أَوْ مَجِيئِهِ) أَوْ ابْتِدَائِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ أَوْ أَوَّلِ آخِرِ أَوَّلِهِ (طَلُقَتْ بِدُخُولِ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ) لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ وَالِاعْتِبَارُ فِي دُخُولِهِ بِبَلَدِ التَّعْلِيقِ فَلَوْ عَلَّقَ بِبَلَدِهِ وَانْتَقَلَ إلَى أُخْرَى وَرُئِيَ فِيهَا الْهِلَالُ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُرَ فِي تِلْكَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ بِذَلِكَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا اخْتَلَفَتْ الْمَطَالِعُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (فِي نَهَارِ شَهْرِ كَذَا) أَوْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ (فَبِطُلُوعِ فَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ) تَطْلُقُ لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْفَجْرَ أَوَّلُ الْيَوْمِ وَأَوَّلُ النَّهَارِ (فَإِنْ أَرَادَ وَسَطَهُ) أَيْ الشَّهْرِ أَوْ آخِرَهُ (وَقَدْ قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ) أَرَادَ مِنْ الْأَيَّامِ (إحْدَى الثَّلَاثِ) الْأَوْلَى أَحَدُ الثَّلَاثَةِ (الْأَوَّلُ) مِنْهُ.
(وَقَدْ قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (غُرَّتَهُ دُيِّنَ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ فِيهِمَا وَ (لِأَنَّهُنَّ) أَيْ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ (غُرَرٌ) فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا (إلَّا إنْ قَالَ أَرَدْت بِغُرَّتِهِ أَوْ بِرَأْسِ الشَّهْرِ) الْأَوْلَى بِرَأْسِهِ (الْمُنْتَصَفَ) فَلَا يُدَيَّنُ لِأَنَّ غُرَّةَ الشَّهْرِ لَا تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَرَأْسُهُ لَا تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ وَالْمُنْتَصَفُ مِثَالٌ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي رَمَضَانَ) مَثَلًا (وَهُوَ فِيهِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ فَإِنْ قَالَ) وَهُوَ فِي رَمَضَانَ أَنْت طَالِقٌ (فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ أَوْ أَنَّ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ إذَا (جَاءَ) رَمَضَانُ (فَفِي قَابِلٍ) أَيْ فَتَطْلُقُ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ الْقَابِلِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ (وَإِنْ عَلَّقَ بِآخِرِ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ أَوْ سَلْخِهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا (فَبِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ) أَيْ الشَّهْرِ (أَوْ مِنْهَا) أَيْ السَّنَةِ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ الْآخِرُ الْمُطْلَقُ وَالسَّابِقُ لِلْفَهْمِ وَاسْمُ السَّلْخِ يَقَعُ عَلَيْهِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ وَكَسَلْخِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَعَلَّ مِمَّا صَحَّ) يُحْمَلُ كَلَامُ الْبُوشَنْجِيِّ عَلَى هَذَا
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَوْ دَخَلْت الدَّارَ فَهَلْ تَطْلُقُ حَالًا أَوْ بِالدُّخُولِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا؛ لِأَنَّ " لَوْ " تَرِدُ شَرْطًا لِلِاسْتِقْبَالِ فَتَصْرِفُ الْمَاضِي إلَى الِاسْتِقْبَالِ نَحْوُ أَكْرِمْ زَيْدًا وَلَوْ أَسَاءَ أَيْ وَإِنْ وَلَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت مِنْ هَذِهِ الْكُوَّةِ فَأَنْت طَالِقٌ فَوُسِّعَتْ حَتَّى صَارَتْ بَابًا فَيَحْتَمِلُ الْوُقُوعُ الْخُرُوجَ مِنْ مَوْضِعِ الْكُوَّةِ لَا مِنْ غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ اسْمُ كُوَّةٍ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا الرَّاجِحُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ دُونَ الْعَالِمِ بِهَا فَلَا يَكُونُ تَعْلِيقًا وَلَا غَيْرَهُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي عَارِفِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ تَعْلِيقًا وَلَا غَيْرَهُ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ تَنْجِيزٌ؛ لِأَنَّهُ مُفِيدٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ جَعَلَ إنْ نَافِيَةً إلَخْ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قَصْدِ الْإِنْشَاءِ فَأَمَّا إذَا جَعَلْنَا إنْ نَافِيَةً وَأَنْتِ طَالِقٌ حَالًا كَانَ الْمَعْنَى مَا دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَيْ مَا دَخَلْت فِي الْحَالِ طَلَاقُك بَلْ دَخَلَتْ فِي حَالِ عَدَمِ طَلَاقِك وَذَلِكَ صَرِيحُ خَبَرِ لَا إنْشَاءُ تَعْلِيقٍ وَلَا طَلَاقَ فَبَطَلَ مَا ذَكَرَهُ ت.
(قَوْلُهُ وَفَرَّقَ النَّوَوِيُّ هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ ظَرْفًا فَوَقَعَ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ كَدُخُولِ جُزْءٍ مِنْ الدَّارِ
[الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاق بِالْأَوْقَاتِ]
(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْفَجْرَ أَوَّلُ الْيَوْمِ إلَخْ) الْيَوْمُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَطْعًا وَالنَّهَارُ مِنْ طُلُوعِهِ عَلَى الْأَصَحِّ
(3/302)
انْسِلَاخُهُ وَخُرُوجُهُ وَانْقِضَاؤُهُ وَمُضِيُّهُ وَنُفُوذُهُ وَ (كَذَا) تَطْلُقُ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ (إنْ عَلَّقَ بِآخِرِ أَوَّلِ آخِرِهِ) لِأَنَّ آخِرَهُ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ وَأَوَّلَهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ فَآخِرُ أَوَّلِهِ الْغُرُوبُ وَهُوَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ كَذَا قَالُوهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ قَبْلَ زَوَالِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ لِأَنَّهُ آخِرُ أَوَّلِهِ وَوَقْتُ الْغُرُوبِ إنَّمَا هُوَ الْيَوْمُ لَا آخِرُ أَوَّلِهِ (وَإِنْ عَلَّقَ بِأَوَّلِ آخِرِهِ فَبِأَوَّلِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ) مِنْهُ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ أَوَّلُ آخِرِهِ (أَوْ آخِرُهُ) أَيْ أَوْ عَلَّقَ بِآخِرِ (أَوَّلِهِ فَبِآخِرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) مِنْهُ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ آخَرُ أَوَّلِهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَقِيلَ تَطْلُقُ بِآخِرِ اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْهُ لِأَنَّهَا أَوَّلُهُ بِالْحَقِيقَةِ وَصَوَّبَهُ الشَّاشِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي النَّقْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَفِي التَّرْجِيحِ فَمِنْهُمْ مَنْ نَقَلَ الْأَوَّلَ عَنْهُمْ وَرَجَّحَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ وَالْأَقْيَسُ كَمَا قَالَ الْعِمْرَانِيُّ الثَّانِي (أَوْ بِانْتِصَافِ الشَّهْرِ فَبِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ) تَطْلُقُ (وَإِنْ نَقَصَ) الشَّهْرُ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ (أَوْ بِنِصْفِ نِصْفِهِ) الْأَوَّلِ (فَبِطُلُوعِ فَجْرِ الثَّامِنِ) تَطْلُقُ لِأَنَّ نِصْفَ نِصْفُهُ سَبْعِ لَيَالٍ وَنِصْفٌ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ وَنِصْفٌ وَاللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ فَيُقَابَلُ نِصْفُ لَيْلِهِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَيُجْعَلُ ثَمَانِ لَيَالٍ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا وَسَبْعُ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا.
(أَوْ) عَلَّقَ (بِنِصْفِ الْيَوْمِ) كَانَ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ يَوْمٍ كَذَا (فَعِنْدَ الزَّوَالِ) مِنْهُ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْيَوْمُ يُحْسَبُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ شَرْعًا وَنِصْفُهُ الْأَوَّلُ أَطْوَلُ (أَوْ) عَلَّقَ (بِمُضِيِّ يَوْمٍ وَهُوَ بِالنَّهَارِ فَفِي وَقْتِهِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي) تَطْلُقُ لِأَنَّ الْيَوْمَ حَقِيقَةً فِي جَمِيعِهِ مُتَوَاصِلًا أَوْ مُتَفَرِّقًا (أَوْ) وَهُوَ (بِاللَّيْلِ فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ) تَطْلُقُ إذْ بِهِ يَتَحَقَّقُ مُضِيُّ يَوْمٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا أَطْلَقُوهُ لَكِنْ فِيهِ تَلْفِيقُ الْيَوْمِ مِنْ الْبَعْضَيْنِ الْمُفَرَّقَيْنِ وَقَدْ مَرَّ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ يَوْمًا لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ انْتَهَى وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّفْرِيقَ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ ثَمَّ تَفْرِيقٌ تَخَلَّلَهُ زَمَانٌ لَا اعْتِكَافَ فِيهِ أَمَّا لَوْ دَخَلَ فِيهِ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ وَاسْتَمَرَّ إلَى نَظِيرِهِ مِنْ الثَّانِي أَوْ قَالَ فِي إثْنَائِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا مِنْ هَذَا الْوَقْتِ فَيَكْفِيهِ ذَلِكَ وَهُوَ نَظِيرُ مَا هُنَا لِأَنَّ زَمَنَ التَّعْلِيقِ حَصَلَ الشُّرُوعُ فِيهِ عَقِبَ الْيَمِينِ وَلَوْ فُرِضَ انْطِبَاقُ التَّعْلِيقِ عَلَى أَوَّلِ نَهَارٍ طَلُقَتْ عِنْدَ غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) قَالَ نَهَارًا أَنْتِ طَالِقٌ (أَنَّ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ إذَا (مَضَى الْيَوْمُ فَبِغُرُوبِ شَمْسِهِ) تَطْلُقُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ لَحْظَةٌ لِأَنَّهُ عَرَّفَهُ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (فَإِنْ كَانَ) قَالَهُ (لَيْلًا لَغَا) إذْ لَا نَهَارَ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَى الْمَعْهُودِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى الْجِنْسِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ بَقَاؤُهُمَا حَتَّى تَنْقَضِيَ أَيَّامُ الدُّنْيَا فَكَانَتْ صِفَةً مُسْتَحِيلَةً.
(أَوْ) قَالَ (أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ السَّنَةَ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ) قَالَهُ (لَيْلًا) وَيَلْغُو ذِكْرُ الْيَوْمِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ وَإِنَّمَا أَوْقَعَ وَسَمَّى الْوَقْتَ بِغَيْرِ اسْمِهِ نَعَمْ لَوْ قَالَ فِي صُورَةِ اللَّيْلِ أَرَدْت الْيَوْمَ التَّالِي لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ حَتَّى لَا يَقَعَ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَإِنْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ شَهْرٍ فَبِمُضِيِّ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا تَطْلُقُ (فَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (لَيْلًا فَبِمُضِيِّ قَدْرِهِ) أَيْ اللَّيْلِ أَيْ مَا سَبَقَ مِنْهُ عَلَى التَّعْلِيقِ (مِنْ لَيْلَةِ إحْدَى وَثَلَاثِينَ) تَطْلُقُ وَإِنْ كَانَ نَهَارًا كَمَّلَ بِقَدْرِ مَا سَبَقَ مِنْهُ عَلَى التَّعْلِيقِ مِنْ يَوْمِ إحْدَى وَثَلَاثِينَ وَهَذِهِ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهَا أَنْ يُعَلِّقَ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ فَإِنْ عَلَّقَ فِيهِ كَفَى بَعْدَهُ شَهْرٌ هِلَالِيٌّ كَمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إجْحَافًا وَقَلَاقَةً (فَإِنْ اتَّفَقَتْ مُقَارَنَةُ) ابْتِدَاءً (هِلَالٍ) لِلتَّعْلِيقِ (كَفَى) مُضِيُّ الشَّهْرِ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا أَمَّا إذَا عَلَّقَ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ مُعَرَّفًا فَتَطْلُقُ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ الْهِلَالِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) عَلَّقَ (بِانْقِضَاءِ سَنَةِ فَبِاثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا) بِالْأَهِلَّةِ تَامَّةً أَوَّلًا أَيْ فَبِمُضِيِّهَا تَطْلُقُ (وَيُتَمِّمُ الْمُنْكَسِرَ) مِنْ الثَّالِثَ عَشَرَ إنْ وَقَعَ كَسْرٌ بِأَنْ عَلَّقَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ كَمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ (وَإِنْ شَكَّ) بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنْ التَّعْلِيقِ (هَلْ تَمَّ الْعَدَدُ عَمِلَ بِالْيَقِينِ وَحَلَّ لَهُ الْوَطْءُ حَالَ التَّرَدُّدِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مُضِيِّ الْعَدَدِ وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ (أَوْ) عَلَّقَ (بِانْقِضَاءِ السَّنَةِ فَبِانْقِضَاءِ بَاقِيهَا عَرَبِيَّةً) تَطْلُقُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا لَحْظَةٌ لِمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْيَوْمِ (وَلَوْ قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ كَذَا قَالُوهُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) الْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ كَمَا بَيَّنُوهُ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِاللَّيْلِ فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ إلَخْ) حَكَى فِي الْمُطَالَبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ قَالَ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلْقَةً أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ طَلْقَةً وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي طَلْقَةً وَكَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَالَ وَقِيَاسُ تَنْزِيلِ الْيَوْمِ الْمُنَكَّرِ عَلَى يَوْمٍ كَامِلٍ بِالتَّعْلِيقِ أَنْ لَا تَطْلُقَ الطَّلْقَةَ الثَّانِيَةَ وَكَذَا الثَّالِثَةَ حَتَّى بِمُضِيٍّ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي وَكَذَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مَا تَكْمُلُ بِهِ سَاعَاتُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي. اهـ. وَهُوَ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا عَلَّقَ عَلَى مُضِيِّ الْيَوْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَمَالِهِ وَفِي مَسْأَلَتِهِ عَلَّقَ عَلَى الْيَوْمِ وَهُوَ صَادِقٌ بِأَوَّلِهِ فَلَا تَشَابُهَ بَيْنَهُمَا
1 -
(قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا أَطْلَقُوهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا قَالَهُ غَلَطٌ حَصَلَ بِذُهُولٍ عَمَّا قَرَّرَهُ فِي الِاعْتِكَافِ وَذَلِكَ أَنَّ الزَّمَانَ الْمَنْذُورَ لَيْسَ مَحْمُولًا عَلَى الزَّمَانِ الْمُتَّصِلِ بِالنَّذْرِ بَلْ يَجُوزُ لِلنَّاذِرِ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ وَفِعْلُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ زَمَنًا مُعَيَّنًا كَقَوْلِهِ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَشِبْهِهِ. وَأَمَّا التَّعْلِيقُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى أَوَّلِ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَّصِلَةِ فَنَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا مِنْ النَّذْرِ أَنْ يَقُولَ يَوْمًا مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَجَازَ التَّفْرِيقُ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ فُرِضَ انْطِبَاقُ التَّعْلِيقِ عَلَى أَوَّلِ نَهَارٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا تَمَّ التَّعْلِيقُ وَاسْتَعْقَبَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ أَمَّا لَوْ ابْتَدَأَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ فَقَدْ مَضَى جُزْءٌ قَبْلَ تَمَامِهِ فَلَا يَقَعُ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ وَقَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ شَعْبَانَ أَوْ رَمَضَانَ غَيْرَ ذِكْرِ شَهْرٍ قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ وَقَعَ سَاعَةَ تَكَلَّمَ. (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ عَلَّقَ فِيهِ كَفَى بَعْدَهُ شَهْرٌ هِلَالِيٌّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/303)
أَرَدْت) بِالسَّنَةِ مُنَكَّرَةً أَوْ مُعَرَّفَةً سَنَةً (رُومِيَّةً) أَوْ فَارِسِيَّةً (أَوْ) بِالسَّنَةِ مُعَرَّفَةً سَنَةً (كَامِلَةً لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ (ظَاهِرًا) لِتُهْمَةِ التَّأْخِيرِ (وَيُدَيَّنُ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَعَمْ لَوْ كَانَ بِبِلَادِ الرُّومِ أَوْ الْفُرْسِ فَيَنْبَغِي قَبُولُ قَوْلِهِ قَالَ وَلَوْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ شُهُورٍ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثَةٍ أَوْ الشُّهُورِ فَبِمُضِيِّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي وَبِمُضِيِّ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا الْآيَةَ عِنْدَ الْجِيلِيِّ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْجِيلِيِّ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ سَاعَاتٍ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ أَوْ السَّاعَاتِ فَبِمُضِيِّ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَاعَةً لِأَنَّهَا جُمْلَةُ سَاعَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ.
(فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَصُعُودِ السَّمَاءِ) وَالطَّيَرَانِ وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى إذَا أَرَادَ بِهِ الْمَعْنَى الْمُرَادَ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٍ عَنْ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: 49] (أَوْ عَقْلًا كَإِحْيَائِهَا الْمَوْتَى) وَالْجَمْعُ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ (أَوْ شَرْعًا كَنَسْخِ صَوْمِ رَمَضَانَ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْجِزْ الطَّلَاقَ وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ وَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ وَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ امْتِنَاعَ الْوُقُوعِ لِامْتِنَاعِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ بِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] وَالْيَمِينُ فِيمَا ذُكِرَ مُنْعَقِدَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ حَتَّى يَحْنَثَ بِهَا الْمُعَلِّقُ عَلَى الْحَلِفِ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَا يَصْعَدُ السَّمَاءَ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ لِأَنَّ عَدَمَ انْعِقَادِهَا ثَمَّ لَيْسَ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُسْتَحِيلِ بَلْ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْحِنْثِ لَا يُخِلُّ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا يَنْعَقِدُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْتُلَن فُلَانًا وَهُوَ مَيِّتٌ مَعَ تَعَلُّقِهَا بِالْمُسْتَحِيلِ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْبِرِّ يَهْتِكُ حُرْمَةَ الِاسْمِ فَيُحْوِجُ إلَى التَّكْفِيرِ.
(وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) سَوَاءٌ أَرَادَ وُقُوعَهُ أَمْسِ أَمْ فِي الْحَالِ مُسْتَنِدٌ إلَى أَمْسِ أَمْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَمْ مَاتَ أَمْ جُنَّ قَبْلَ بَيَانِ الْإِرَادَةِ أَمْ خَرِسَ وَلَا إشَارَةَ لَهُ مُفْهِمَةٌ لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ وَرَبَطَهُ بِمُمْتَنِعٍ فَيَلْغُو الرَّبْطُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَلَا بِدْعَةَ فِي طَلَاقِهَا (فَإِنْ أَرَادَ الْإِخْبَارِ) بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا أَمْسِ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَقَدْ رَاجَعَهَا أَوْ وَهِيَ الْآنَ مُعْتَدَّةٌ أَوْ بَائِنٌ (قُبِلَ) مِنْهُ لِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ إلَى أَمْسِ (وَاعْتَدَّتْ مِنْ أَمْسِ إنْ صَدَّقَتْهُ) وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّهُ كَانَ يُخَالِطُهَا أَوَّلًا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْعَدَدِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ (فَمِنْ الْإِقْرَارِ) تَعْتَدُّ (وَإِنْ قَالَ أَرَدْت) أَنَّهَا طَلُقَتْ أَمْسِ مِنِّي (فِي عَقْدٍ غَيْرِ هَذَا) الْعَقْدِ (أَوْ مِنْ زَوْجٍ) آخَرَ (قَبْلِي قُبِلَ) مِنْهُ (إنْ عُرِفَ) عَقْدٌ سَابِقٌ وَطَلَاقٌ فِيهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ أَصَدَّقَتْهُ فِي إرَادَتِهِ أَمْ لَا.
وَيُخَالِفُ مَا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يَحْتَجْ فِيهِ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِاعْتِرَافِهِ ثَمَّ بِطَلَاقٍ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَهُنَا أَرَادَ صَرْفَهُ عَنْهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ (فَلَا) يُقْبَلُ مِنْهُ وَيُحْكَمُ بِطَلَاقِهَا فِي الْحَالِ وَهَذَا مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ ذَكَرَ أَعْنِي الْإِمَامَ احْتِمَالًا جَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيَّ السَّقِيمَةِ وَهُوَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ (وَلَهَا) إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ (تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهَا طَلُقَتْ فِي هَذَا الْعَقْدِ أَوْ فِي عَقْدٍ غَيْرِهِ (وَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (لِلشَّهْرِ الْمَاضِي فَكَذَلِكَ) أَيْ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ (إنْ أَرَادَ التَّارِيخَ) وَكَأَنَّهُ قَالَ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرَادَ التَّعْلِيلَ أَوْ أَطْلَقَ (وَقَعَ فِي الْحَالِ) كَمَا لَوْ قَالَ لَوْ رَضِيَ فُلَانٌ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ) مَثَلًا (فَقَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ) الْأَنْسَبُ بِكَلَامِهِ الْآتِي قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِتَعَذُّرِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبْلَ آخِرِ التَّعْلِيقِ (وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ) حَتَّى لَوْ قَدِمَ زَيْدٌ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا بِأَنْ سَافَرَ ثُمَّ قَدِمَ وَقَدْ مَضَى أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ لَمْ تَطْلُقْ.
(أَوْ) قَدِمَ (بَعْدَ) مُضِيِّ (أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ) مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ (تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ قَبْلَ شَهْرٍ) مِنْ قُدُومِهِ (فَتَعْتَدُّ مِنْ حِينَئِذٍ) لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِزَمَنٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُدُومِ شَهْرٌ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ وَاعْتُبِرَتْ الْأَكْثَرِيَّةُ الصَّادِقَةُ بِآخِرِ التَّعْلِيقِ فَأَكْثَرَ لِيَقَعَ فِيهَا الطَّلَاقُ وَذِكْرُهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَاعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ الْأَصْلِ وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ فِي زَمَنٍ يَسَعُ وُقُوعَهُ زَائِدًا عَلَى الشَّهْرِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ آخِرُهُ فَيَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ مَعَ الْآخِرِ إذْ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ يَتَقَارَنَانِ فِي الْوُجُودِ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ.
(وَإِنْ خَالَعَهَا) وَقَدْ مَضَى أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ (ثُمَّ قَدِمَ) زَيْدٌ (بَعْدَ الْخُلْعِ بِشَهْرٍ) صَوَابُهُ مَا فِي الْأَصْلِ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ (صَحَّ الْخُلْعُ) وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ لِأَنَّهَا عِنْدَ الصِّفَةِ بَائِنٌ (أَوْ بِدُونِهِ) الْمُرَادُ بِدُونِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ (وَالطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي قَبُولُ قَوْلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا هُوَ الْأَصَحُّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْ السَّنَةِ دُونَ ثَلَاثَةِ شُهُورٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا حَمْلًا لِلتَّعْرِيفِ عَلَى إرَادَةِ الْبَاقِي مِنْهَا وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَتَكْمُلُ كَمَا يُسْتَفَادُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عِبَارَةِ الْقَمُولِيِّ فِي جَوَاهِرِهِ.
[فَصْلٌ عَلَّقَ الطَّلَاق بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا]
(فَصْلٌ قَوْلُهُ لَوْ عَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَصُعُودِ السَّمَاءِ إلَخْ) وَقَدْ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَتَبَ أَيْضًا وَإِنْ عَلَّقَ عَلَى عَدَمِهِ وَقَعَ.
(قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
. (قَوْلُهُ وَلَا إشَارَةَ لَهُ مُفْهِمَةٌ) أَيْ وَلَا كِتَابَةَ
(3/304)
ثَلَاثٌ لَمْ يَصِحَّ) الْخُلْعُ وَالْمَالُ مَرْدُودٌ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْخُلْعِ بِطَرِيقِ التَّبَيُّنِ أَمَّا لَوْ خَالَعَهَا وَلَمْ يَمْضِ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ فَالْحُكْمُ كَمَا ذُكِرَ لَكِنْ فِي الشِّقِّ الَّذِي لَمْ يَصِحَّ فِيهِ الْخُلْعُ إنْ كَانَ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالْقُدُومِ دُونَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ أَيْضًا صَحَّ الْخُلْعُ لِأَنَّهَا لَمْ تَطْلُقْ بِالصِّفَةِ قَبْلَهُ صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي مَعْنَى الثَّلَاثِ مَا دُونَهَا إذَا لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ أَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَصِحُّ مَعَهُ الْخُلْعُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ خُلْعِ الرَّجْعِيَّةِ (وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ) الْأَنْسَبُ بِمَا قَدَّمَهُ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ أَثْنَاءَ التَّعْلِيقِ (وَمَاتَتْ قَبْلَ قُدُومِهِ بِدُونِ شَهْرٍ) أَوْ بِشَهْرٍ (لَمْ يَرِثْهَا) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا قَبْلَ مَوْتِهَا وَمَحِلُّهُ إذَا مَاتَتْ وَهِيَ بَائِنٌ أَمَّا إذَا مَاتَتْ قَبْلَ قُدُومِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ فَيَرِثُهَا لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَكَمَوْتِهَا فِيمَا ذُكِرَ مَوْتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِإِرْثِهَا مِنْهُ وَعَدَمِ إرْثِهَا.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) نَهَارًا (أَنْت طَالِقٌ غَدَ أَمْسِ أَوْ أَمْسِ غَدٍ بِالْإِضَافَةِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (فِي الْحَالِ) لِأَنَّ غَدَ أَمْسِ وَأَمْسِ غَدٍ هُوَ الْيَوْمُ وَلَوْ قَالَهُ لَيْلًا وَقَعَ غَدًا فِي الْأُولَى وَحَالًا فِي الثَّانِيَةِ وَتَبِعَ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْحَالِ الرَّافِعِيُّ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْيَوْمِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (أَمْسِ غَدٍ أَوْ غَدَ أَمْسِ بِغَيْرِ إضَافَةٍ لَغَا ذِكْرُ أَمْسِ) وَوَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْغَدِ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْغَدِ بِالْأَمْسِ وَلَا يُمْكِنُ الْوُقُوعُ فِيهِمَا وَلَا الْوُقُوعُ فِي أَمْسِ فَتَعَيَّنَ الْوُقُوعُ فِي الْغَدِ لِإِمْكَانِهِ.
(أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (الْيَوْمَ غَدًا فَوَاحِدَةً) تَقَعُ (فِي الْحَالِ) وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي الْغَدِ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْيَوْمَ طَالِقٌ غَدًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا ذَلِكَ (وَكَذَا) تَقَعُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ فِي الْحَالِ (لَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ نِصْفَهَا الْيَوْمَ وَنِصْفَهَا الْآخَرَ غَدًا) لِأَنَّ مَا أَخَّرَهُ مُعَجَّلٌ (فَإِنْ أَطْلَقَ نِصْفَيْنِ) بِأَنْ أَرَادَ نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ غَدًا (فَطَلْقَتَانِ) إلَّا إنْ تَبَيَّنَ بِالْأُولَى وَكَذَا لَوْ قَالَ أَرَدْت الْيَوْمَ طَلْقَةً وَغَدًا أُخْرَى كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (غَدًا الْيَوْمَ طَلُقَتْ) طَلْقَةً (غَدًا فَقَطْ) أَيْ لَا فِي الْيَوْمِ أَيْضًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَعَلَّقَ بِالْغَدِ وَذِكْرَهُ الْيَوْمَ بَعْدَهُ كَتَعْجِيلِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ وَهُوَ لَا يَتَعَجَّلُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَهُ فَوَاحِدَةً) تَقَعُ (فِي الْحَالِ) وَلَا يَقَعُ فِي الْغَدِ وَلَا بَعْدَ شَيْءٍ آخَرَ إذْ الْمُطَلَّقَةُ الْيَوْمَ مُطَلَّقَةٌ فِيمَا بَعْدَهُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ فَطَلْقَتَانِ) تَقَعَانِ (فِي الْيَوْمَيْنِ) وَلَوْ زَادَ فَقَالَ وَفِيمَا بَعْدَ غَدٍ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَعَلَى هَذِهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ.
(وَكَذَا) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ (فِي اللَّيْلِ وَفِي النَّهَارِ) تَقَعُ طَلْقَةٌ بِاللَّيْلِ وَأُخْرَى بِالنَّهَارِ قَالَ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّ الْمَظْرُوفَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الظَّرْفِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ الدَّلِيلُ بِوَاضِحٍ فَقَدْ يَتَّحِدُ الْمَظْرُوفُ وَيَخْتَلِفُ الظَّرْفُ انْتَهَى وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُ ذَلِكَ بِإِعَادَةِ الْعَامِلِ (فَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ لِعَدَمِ إعَادَتِهِ (أَوْ كُلَّ يَوْمٍ تَكَرَّرَ) الطَّلَاقُ بِأَنْ يَقَعَ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلْقَةٌ حَتَّى تَكْمُلَ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ السَّابِقَ إلَى الْفَهْمِ.
(أَوْ أَنْت طَالِقٌ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (إذَا جَاءَ الْغَدُ أَوْ بَعْدَ غَدٍ طَلُقَتْ فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ الْغَدِ لَا فِي الْغَدِ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا فِي الْغَدِ لِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (يَوْمًا وَيَوْمًا لَا وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ نَوَى طَلْقَةً يَثْبُتُ حُكْمُهَا فِي يَوْمٍ دُونَ يَوْمٍ أَوْ تَقَعُ فِي يَوْمٍ دُونَ يَوْمٍ (فَوَاحِدَةٌ) وَإِنْ نَوَى طَلْقَةً تَقَعُ فِي يَوْمٍ لَا فِي تَالِيهِ وَهَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَعَ ثَلَاثٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَفَاصِلَةٍ.
(وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ الْغَدُ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ السَّاعَةَ إذَا دَخَلْت الدَّارَ لَغَا كَلَامُهُ فَلَا تَطْلُقُ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ بِوُجُودِهَا فَلَا يَقَعُ قَبْلَهُ وَإِنْ وُجِدَتْ فَقَدْ مَضَى الْوَقْتُ الَّذِي جَعَلَهُ مَحِلًّا لِلْإِيقَاعِ.
(أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (الْيَوْمَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ) فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا (فَفِي آخِرِ لَحْظَةٍ مِنْ الْيَوْمِ) تَطْلُقُ وَهُوَ إذَا بَقِيَ مِنْ الْيَوْمِ زَمَنٌ لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ إذْ بِذَلِكَ يَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ وَكَآخِرِ لَحْظَةٍ مِنْ الْيَوْمِ لَحْظَةٌ قَبْلَ الْفَسْخِ أَوْ مَوْتُ أَحَدِهِمَا أَوْ جُنُونُ الزَّوْجِ الْمُتَّصِلُ بِمَوْتِهِ أَوْ بِآخِرِ الْيَوْمِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ سَنَةٍ طَلْقَةً]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْت طَالِقٌ كُلَّ سَنَةٍ) طَلْقَةً (طَلُقَتْ وَاحِدَةً فِي الْحَالِ ثُمَّ الْمَوْعِدُ) لِوُقُوعِ الْبَقِيَّةِ مِثْلُ (ذَلِكَ الْوَقْتِ كُلَّ سَنَةٍ لَا أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ) كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ التَّكْلِيمِ سِنِينَ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْتِدَاءً) أَيْ فِي حَلِفِهِ (السَّنَةَ) أَيْ السِّنِينَ (الْعَرَبِيَّةَ) فَتَقَعُ الثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ الْقَابِلِ وَالثَّالِثَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي بَعْدَهُ (وَيُتَصَوَّرُ) هَذَا وَمَا قَبْلَهُ (بِطُولِ الْعِدَّةِ أَوْ الْمُرَاجَعَةِ) لِلزَّوْجَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَانَتْ مِنْهُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا تَقَعُ الْبَقِيَّةُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ.
(وَإِنْ قَالَ) أَنْت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْل قَالَ نَهَارًا أَنْتِ طَالِقٌ غَدَ أَمْسِ]
قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ الْغَدُ إلَخْ) لَوْ قَالَ إنْ جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ فَقَدْ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِهِ غَايَةُ الْفَوْزِ فِي دِرَايَةِ الدَّوْرِ بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْمَسْطُورَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي الْفَوَائِدِ الْمَحْضَةِ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ
(فَصْلٌ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إلَخْ)
(3/305)
طَالِقٌ (كُلَّ يَوْمٍ طَلْقَةً) أَوْ ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (وَهُوَ بِالنَّهَارِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَةً ثُمَّ الْمَوْعِدِ) لِوُقُوعِ الْبَقِيَّةِ (فَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ فَإِنْ أَرَادَ) أَنَّهَا تَقَعُ فِي مِثْلِ (ذَلِكَ الْوَقْتِ) الَّذِي عَلَّقَ فِيهِ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ قَابِلٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ وَاعْتُبِرَ فَجْرُ كُلِّ يَوْمٍ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ لِمَا فِي اعْتِبَارِ غَيْرِهِ مِنْ تَلْفِيقِ الْيَوْمِ بِلَا دَاعٍ وَإِنْ قَالَهُ وَهُوَ بِاللَّيْلِ وَقَعَ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ التَّالِيَةِ لِلتَّعْلِيقِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَإِنْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِأَفْضَلِ الْأَوْقَاتِ فَلَيْلَةُ الْقَدْرِ) تَطْلُقُ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ أَنَّهَا تَطْلُقُ أَوَّلَ آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ الْعُشْرِ الْأَخِيرِ (أَوْ) بِأَفْضَلِ (الْأَيَّامِ فَيَوْمِ عَرَفَةَ) تَطْلُقُ أَوْ بِأَفْضَلِ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ فَيَوْمِ الْجُمُعَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ يَوْمُ عَرَفَةَ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَفِي شُعَبِ الْإِيمَانِ لِلسُّلَيْمِيِّ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «سَيِّدُ الشُّهُورِ رَمَضَانُ» (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِمَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَبِالْغُرُوبِ) تَطْلُقُ (إنْ عَلَّقَ نَهَارًا وَإِلَّا فَبِالْفَجْرِ) وَكُلٌّ مِنْهُمَا عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ وَجُزْءٍ النَّهَارِ إذْ لَا فَاصِلَ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ.
(وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي) أَوْ فِي حَيَاتِي (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ فَإِنْ ضَمَّ الْقَافَ وَفَتْحَ الْبَاءِ) مِنْ قَبْلُ (أَوْ) قَالَ (قُبَيْلَ) بِالتَّصْغِيرِ (فَقُبَيْلَ الْمَوْتِ) تَطْلُقُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ فَتْحِ بَاءِ قَبْلُ غَلَطٌ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ إنَّمَا فِيهِ ضَمُّ الْبَاءِ وَإِسْكَانُهَا كَنَقِيضِهِ وَهُوَ الدُّبُرُ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ إلَّا لِضَمِّ الْقَافِ فَقَطْ انْتَهَى وَرَدَّهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ قَبْلُ هُنَا لَيْسَتْ نَقِيضَةَ بَعْدُ بَلْ بِمَعْنَى مَا يُسْتَقْبَلُ فَمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي أَيْ عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ وَذَلِكَ قُبَيْلَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِمْ كَلَامُ الْأَزْهَرِيِّ قَالَ وَفِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَسَرَ الْقَافَ أَيْضًا طَلُقَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ وَفِي رَدِّهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ لَمْ يَجْعَلْ قَبْلُ نَقِيضَةَ بَعْدُ بَلْ جَعَلَهَا نَقِيضَةَ الدُّبُرِ وَكَأَنَّ نُسْخَتَهُ الزَّمَنُ بَدَلَ الدُّبُرِ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِبَعْدُ عَلَى أَنَّ الضَّبْطَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَزْهَرِيِّ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (بَعْدَ قَبْلَ مَوْتِي فَفِي الْحَالِ) تَطْلُقُ لِأَنَّهُ بَعْدَ قَبْلَ مَوْتِهِ.
(أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَك وَنَحْوُهُ مِمَّا قَدْ يُتَعَذَّرُ) وُجُودُهُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ مِمَّا لَا يُقْطَعُ بِوُجُودِهِ كَدُخُولِ الدَّارِ (فَلَا شَيْءَ) مِنْ الطَّلَاقِ يَقَعُ (حَتَّى يَضْرِبَهَا) وَالْمُرَادُ حَتَّى يُوجَدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (فَيَتَبَيَّنُ) حِينَئِذٍ (وُقُوعُهُ عَقِبَ اللَّفْظِ) هَذَا مَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ فَحِينَئِذٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ مُسْتَنِدٌ إلَى حَالِ اللَّفْظِ لِأَنَّ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي وُجُودَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا لَا يُوجَدُ ثُمَّ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ أَجَابَ عَنْهُ غَيْرُهُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ قُبَيْلَ الضَّرْبِ بِاللَّفْظِ السَّابِقِ وَيُحْتَمَلُ الِاسْتِنَادُ إلَيْهِ عَلَى هَذَا لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي فِي أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ مَا بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الضَّرْبَ غَيْرُ مَحْدُودٍ بِخِلَافِ الْوَقْتِ ثُمَّ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ.
(أَوْ) أَنْت (طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا يَوْمُ الْأَضْحَى طَلُقَتْ عُقَيْبَ) يَوْمِ (الْأَضْحَى الْمُقْبِلِ) لِيَكُونَ قَبْلَ التَّطْلِيقَةِ (فَإِنْ أَرَادَ) الْأَضْحَى (الْمَاضِي فَفِي الْحَالِ) تَطْلُقُ كَمَا لَوْ قَالَ يَوْمُ السَّبْتِ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَأَرَادَ الْجُمُعَةَ الْمَاضِيَةَ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (قَبْلَ مَوْتِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِشَهْرٍ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ شَهْرٍ) الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الْقُدُومِ قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ (لَمْ تَطْلُقْ وَإِلَّا) بِأَنْ مَاتَ بَعْدَهُ (طَلُقَتْ قَبْلَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا) الْأَخْصَرُ قَبْلَ مَوْتِهِ (بِشَهْرٍ) لِأَنَّهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ مَوْتُ الْآخَرِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقَعَ قَبْلَ مَوْتِهَا بِشَهْرٍ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ عِيدَيْ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى بِشَهْرٍ فَتَطْلُقُ أَوَّلَ رَمَضَانَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (قَبْلَ مَا بَعْدَهُ رَمَضَانُ) وَأَرَادَ بِمَا بَعْدَهُ الشَّهْرَ (فَآخِرُ جُزْءٍ مِنْ رَجَبٍ) تَطْلُقُ (وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْيَوْمَ فَقُبَيْلَ فَجْرِ يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ) إنْ كَانَ تَامًّا (وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْيَوْمَ بِلَيْلَتِهِ فَقُبَيْلَ الْغُرُوبِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْهُ) إنْ كَانَ تَامًّا (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (بَعْدَمَا قَبْلَهُ رَمَضَانُ) وَأَرَادَ بِمَا قَبْلَهُ الشَّهْرَ (فَبِمُسْتَهَلِّ) ذِي (الْقِعْدَةِ) تَطْلُقُ (وَإِنْ أَرَادَ) بِهِ (الْأَيَّامَ) الْأُولَى الْيَوْمَ بِاللَّيْلَةِ بَعْدَهُ (فَفِي) أَوَّلِ (الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ شَوَّالٍ) تَطْلُقُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ اللَّيْلَةَ فَالْقِيَاسُ تَطْلُقُ وَبِغُرُوبِ شَمْسِ أَوَّلِ شَوَّالٍ (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى شَهْرٍ تَعْلِيقٌ) فَلَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ بَلْ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ وَيَتَأَبَّدُ الطَّلَاقُ فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إلَى سَنَةٍ فَقَالَ هِيَ امْرَأَتُهُ سَنَةً وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ تَأْجِيلَ الْإِيقَاعِ كَمَا يَحْتَمِلُ تَأْجِيلَ الْوَاقِعِ فَيُؤْخَذُ بِالْيَقِينِ (فَإِنْ أَرَادَ التَّأْقِيتَ) لِلطَّلَاقِ مَعَ تَنْجِيزِهِ (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ مُؤَبَّدًا وَ) .
قَوْلُهُ (أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً لَا يَقَعُ) عَلَيْك (إلَّا غَدًا تَعْلِيقٌ) فَلَا تَطْلُقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ أَنَّهَا تَطْلُقُ أَوَّلَ آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ الْعُشْرِ الْأَخِيرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ فَتْحِ بَاءِ قَبْلُ غَلَطٌ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا التَّغْلِيطُ مِنْ حَيْثُ الضَّبْطُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ مُسَلَّمٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ
(قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَك وَنَحْوُهُ) كَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أُطَلِّقَك. (قَوْلُهُ فَيَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ عَقِبَ اللَّفْظِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ فَآخِرُ جُزْءٍ مِنْ رَجَبٍ تَطْلُقُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَجَبٍ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الزَّمَنَ الَّذِي يَلِيهِ شَعْبَانُ لَا مُطْلَقَ الشَّهْرِ وَلَا مُطْلَقَ الْقَبْلِ فَإِنَّ مُطْلَقَ الشَّهْرِ يَقْتَضِي طَلَاقَهَا بِأَوَّلِ شَهْرِ رَجَبٍ وَمُطْلَقُ الزَّمَانِ يَقْتَضِي الطَّلَاقَ حَالًا. اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ اللَّيْلَةَ فَالْقِيَاسُ إلَخْ) هُوَ وَاضِحٌ وَسَكَتَ عَنْهُ كَأَصْلِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ
(3/306)
إلَّا بِمَجِيءِ الْغَدِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً تَقَعُ عَلَيْك غَدًا (أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَإِنْ جَاءَ الْغَدُ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) طَلْقَةً كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت طَلْقَةً أُخْرَى إذَا جَاءَ الْغَدُ قُبِلَ) مِنْهُ فَتَطْلُقُ أُخْرَى إذَا جَاءَ الْغَدُ إنْ لَمْ تَبِنْ مِنْهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ غَدًا أَوْ عَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ فَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ) وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِأَجْلِ حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ فَإِذَا عَيَّنَ الطَّلَاقَ أَوْ الْحُرِّيَّةَ تَعَيَّنَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ.
[فَصْلُ أَلْفَاظِ التَّعْلِيقِ]
(فَصْلُ أَلْفَاظِ التَّعْلِيقِ مِنْ وَإِذَا وَإِنْ) وَمَتَى (وَمَتَى مَا وَمَهْمَا وَكُلَّمَا وَأَيُّ) كَقَوْلِهِ مَنْ دَخَلَتْ مِنْكُنَّ أَوْ إذَا أَوْ إنْ أَوْ مَتَى أَوْ مَتَى مَا أَوْ مَهْمَا أَوْ كُلَّمَا أَوْ أَيُّ وَقْتٍ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ وَمِنْهَا إذْ مَا وَمَا نَحْوُ مَا فَعَلْته مِنْ كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ وَأَيَّانَ وَأَيَّامَا وَأَيْنَ وَحَيْثُ وَلَوْ وَكَيْفَ نَحْوُ كَيْفَ تَجْلِسِينَ فَأَنْت طَالِقٌ (لَكِنْ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ) وَضْعًا وَاسْتِعْمَالًا (بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ وَالْجَمِيعُ فِي التَّعْلِيقِ) إثْبَاتًا كَالدُّخُولِ (لَا تَقْتَضِي الْفَوْرَ) فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّعْلِيقُ بِهِ مَتَى وُجِدَ وَلَا دَلَالَةَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى فَوْرٍ وَلَا تَرَاخٍ (إلَّا بَعْضَ الصِّيَغِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ) وَذَلِكَ فِي تَعْلِيقِهِ بِمَشِيئَةِ زَوْجَتِهِ مُخَاطَبَةً كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت (أَوْ الْمَالِ) كَإِنْ ضَمِنْت لِي أَوْ إذَا أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْفَوْرَ لِتَضَمُّنِ الْأَوَّلِ تَمْلِيكَ الطَّلَاقِ وَالثَّانِي تَمْلِيكَ الْمَالِ (كَمَا سَبَقَ) الْأَوَّلُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالثَّانِي فِي بَابِ الْخُلْعِ وَسَيَأْتِي الْأَوَّلُ أَيْضًا مَعَ التَّعْلِيقِ بِالنَّفْيِ.
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ) وَنَفْيِهِ وَنَحْوُهُمَا (فَإِنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إنْ طَلَّقْتُك أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا) وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا (وَقَعَتْ) طَلْقَةٌ (أُخْرَى بِالتَّعْلِيقِ فَإِنْ قَالَ) لَمْ أُرِدْ التَّعْلِيقَ بَلْ (أَرَدْت أَنَّهَا تَصِيرُ مُطَلَّقَةً بِتِلْكَ) الطَّلْقَةِ (لَمْ يُقْبَلْ) ظَاهِرًا (وَدُيِّنَ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ وَقَوْلُهُ لِمَدْخُولٍ بِهَا مُضِرٌّ لِأَنَّ غَيْرَهَا كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا مَدْخُولًا بِهَا عِنْدَ تَطْلِيقِهَا فَلَوْ حَذَفَهُ وَذَكَرَ مَا ذَكَرْته عَقِبَهُ طَلَّقَهَا تَبَعًا لِأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى (فَإِنْ خَالَعَهَا أَوْ كَانَتْ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ (غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لَمْ تَقَعْ) الطَّلْقَةُ (الثَّانِيَةُ) أَيْ الْمُعَلَّقَةُ (لِأَنَّهَا قَدْ بَانَتْ بِالْأُولَى وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ) فَامْتِنَاعُ وُقُوعِ الْمُعَلَّقَةِ لَيْسَ لِتَأَخُّرِ الْجَزَاءِ عَنْ الشَّرْطِ إذْ الصَّحِيحُ تَقَارُنُهُمَا فِي الْوُجُودِ بَلْ امْتِنَاعُهُ لِلتَّنَافِي بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ إذْ الْبَيْنُونَةُ الْحَاصِلَةُ بِالشَّرْطِ تُنَافِي وُقُوعَ الْمُعَلَّقِ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ (وَإِنْ طَلَّقَهَا وَكِيلُهُ) فِي الطَّلَاقِ (وَقَعَتْ الْمُنَجَّزَةُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُعَلَّقَةِ (لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ تَطْلِيقُهُ) بَلْ تَطْلِيقُ وَكِيلِهِ وَخَرَجَ بِوَكِيلِهِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا مَلَّكْتُك طَلَاقَك فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَإِنَّ الْمُعَلَّقَ يَقَعُ أَيْضًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنَّهُ مُسْتَشْكَلٌ بِالتَّعْلِيلِ (وَإِنْ طَلُقَتْ) طَلْقَةً (بِوُجُودِ شَرْطٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى التَّعْلِيقِ) بِالتَّطْلِيقِ (لَمْ تَقَعْ أُخْرَى) لِأَنَّ وُجُودَ الصِّفَةِ لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ وَلَا إيقَاعٍ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ) الشَّرْطُ (وَقَعَتْ) أَيْ الْأُخْرَى لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ وَإِيقَاعٌ كَمَا سَيَأْتِي (وَالطَّلْقَةُ الْمُعَلَّقَةُ بِصِفَةٍ تَقَعُ مُقْتَرِنَةً بِهَا) لِأَنَّ الشَّرْطَ عِلَّةٌ وَضْعِيَّةٌ وَالطَّلَاقُ مُعَلَّقٌ بِهَا فَيَتَقَارَنَانِ فِي الْوُجُودِ كَالْعِلَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ مَعَ مَعْلُولِهَا وَإِنَّمَا التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ فِيهِمَا رُتَبِيٌّ (وَإِنَّمَا لَمْ تَطْلُقْ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا) فِي صُورَتِهَا السَّابِقَةِ طَلْقَةً (ثَانِيَةً لِأَنَّ مَعْنَى إنْ طَلَّقْتُك إنْ صِرْت مُطَلَّقَةً وَبِمُجَرَّدِ مَصِيرِهَا مُطَلَّقَةً بَانَتْ) وَالْبَيْنُونَةُ تُنَافِي وُقُوعَ أُخْرَى وَيُخَالِفُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ فِيهِ بِهِمَا وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْأُخْرَى وَالْمُنَجَّزُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْمُعَلَّقِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ وَبِمُجَرَّدِ إلَى آخِرِهِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ انْتَفَى التَّعْلِيقُ.
(فَرْعُ التَّعْلِيقِ) لِلطَّلَاقِ (مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ وَإِيقَاعٌ) يَقَعُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا الطَّلْقَةُ الْمُعَلَّقَةُ بِهِ (وَمُجَرَّدُ وُجُودِ الصِّفَةِ وُقُوعٌ) لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ (كَتَطْلِيقِ الْوَكِيلِ) فَإِنَّهُ وُقُوعٌ لِطَلَاقِ الْمُوَكِّلِ لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ مِنْهُ (وَمُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ وَلَا إيقَاعٍ وَلَا وُقُوعٍ) وَقَدْ بَيَّنَ أَمْثِلَةَ ذَلِكَ فَقَالَ (فَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالتَّطْلِيقِ أَوْ بِإِيقَاعِهِ) كَأَنْ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَأَنْت طَالِقٌ (ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ) طَلْقَةً بِالدُّخُولِ وَطَلْقَةً بِالتَّطْلِيقِ أَوْ الْإِيقَاعِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِالدُّخُولِ مَعَ الدُّخُولِ (فَلَوْ تَقَدَّمَ التَّعْلِيقُ بِالدُّخُولِ ثُمَّ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ) إنْ (أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَقَعْ الثَّانِيَةُ) أَيْ الْمُعَلَّقَةُ بِالتَّطْلِيقِ أَوْ الْإِيقَاعِ لِمَا مَرَّ أَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ الصِّفَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَأَيًّا مَا) أَيْ وَإِذَا مَا
[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ وَنَفْيِهِ]
(قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ إلَخْ) قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ طَلَّقْتُك إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَطَلَّقْتُك قَالَ الْكِنْدِيُّ عُرِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِدِمَشْقَ مَنْسُوبَةً إلَى الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَلَيْسَتْ مَذْكُورَةً فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ ثُمَّ أَجَابَ فِيهَا بِأَنَّ طَلَّقْتُك إنْ دَخَلْت الدَّارَ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَأَمَّا إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَلَّقْتُك فَلَا تَطْلُقُ إلَّا عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ قَالَ السُّبْكِيُّ أَخْطَأَ الْكِنْدِيُّ فِيمَا قَالَهُ وَالصَّوَابُ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْأُولَى يَقَعُ عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ لَا قَبْلَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَقَعُ أَصْلًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ طَلَّقْتُك مَعْنًى أَنْتِ طَالِقٌ فَيَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ لِمَدْخُولٍ بِهَا مُضِرٍّ) لَا ضَرَرِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ مُسْتَشْكِلٌ بِالتَّعْلِيلِ) يُجَابُ بِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ كَانَ الْمُطَلِّقُ حَقِيقَةً هُوَ الْمُفَوِّضُ إلَيْهَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ
(3/307)
وُقُوعٌ لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ (وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقُهُ) الثَّانِي (بِالْوُقُوعِ) كَأَنْ قَالَ بَعْدَ تَعْلِيقِهِ بِالدُّخُولِ إنْ وَقَعَ عَلَيْك الطَّلَاقُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ دَخَلَتْ (وَقَعَتْ) أَيْ الثَّانِيَةُ لِوُجُودِ الْوُقُوعِ بِوُجُودِ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ (وَالتَّعْلِيقُ) أَيْ الْمُعَلَّقُ (بِالْوُقُوعِ يَقَعُ بِطَلَاقِ الْوَكِيلِ) بَعْدَهُ (وَوُجُودُ الشَّرْطِ) بَعْدَهُ (الْمُتَقَدِّمِ) عَلَيْهِ قَوْلًا وَهَذَا مَعَ فَلَاقَتِهِ مُكَرَّرٌ كَمَا لَا يَخْفَى. .
(وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا) وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا (وَقَعَتْ الثَّلَاثُ) لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ فَيَقَعُ بِوُقُوعِ الْأُولَى ثَانِيَةٌ وَبِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ ثَالِثَةٌ (وَلَوْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (بِصِيغَةِ كُلَّمَا طَلَّقْتُك) فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا (لَمْ يَقَعْ إلَّا اثْنَتَانِ) فَلَا تَقَعُ الثَّالِثَةُ لِأَنَّ الصِّفَةَ وَهِيَ التَّطْلِيقُ لَمْ تَتَكَرَّرْ (لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَقَعُ بِمُجَرَّدِ صِفَةٍ) وَهِيَ تَطْلِيقُ الْأُولَى فَهِيَ وُقُوعٌ (لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ وَلَمْ تُعَلَّقْ) يَعْنِي الثَّالِثَةُ (إلَّا بِالتَّطْلِيقِ فَلَمْ تَقَعْ) أَيْ الثَّالِثَةُ (وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ) لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ التَّكْرَارَ (لَكِنْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ) لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا مَرَّةً أُخْرَى كَانَ بِالْمُنَجَّزَةِ مُسْتَوْفِيًا لِلثَّلَاثِ (أَوْ) قَالَ (كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إذَا أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) وَاحِدَةٌ بِالتَّنْجِيزِ وَاثْنَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِعْتَاقِهِ عَبْدَهُ) بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ أَعْتَقْت عَبْدِي فَأَنْت طَالِقٌ (ثُمَّ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ) كَالدُّخُولِ (وَعَتَقَ بِوُجُودِهَا طَلُقَتْ) لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْعِتْقِ بِالدُّخُولِ مَعَ الدُّخُولِ إعْتَاقٌ فَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِهِ (لَا إنْ تَقَدَّمَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ) عَلَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِأَنْ قَالَ لَهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهَا إنْ أَعْتَقْت عَبْدِي فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَ فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الَّذِي وُجِدَ بَعْدَ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا مُجَرَّدُ صِفَةِ الدُّخُولِ وَهُوَ لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ إنْ دَخَلْت فَأَنْت حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهَا إذَا عَتَقَ أَوْ أَوْقَعَ عَلَيْهِ الْعِتْقَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ لِوُجُودِ الْعِتْقِ بَعْدَ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ.
[فَرْعٌ قَالَ لِحَفْصَةِ إنْ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْت عَمْرَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْت عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِعُمْرَةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ طَلُقَتَا) جَمِيعًا عَمْرَةُ بِالدُّخُولِ وَحَفْصَةُ بِتَطْلِيقِ عَمْرَةَ بِالتَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ.
(وَإِنْ قَالَ لِعُمْرَةٍ إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْت عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ عَمْرَةُ طَلُقَتْ) بِدُخُولِهَا (وَحْدَهَا) إذْ لَا تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الصِّفَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ قَالَ لِحَفْصَةَ) قَبْلَ تَعْلِيقِ طَلَاقِ عَمْرَةَ بِالدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (إنْ وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى عَمْرَةَ) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ عَمْرَةُ (طَلُقَتَا جَمِيعًا) لِوُقُوعِ طَلَاقِهِ عَلَى عَمْرَةَ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.
(وَإِنْ قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْت عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ عَكَسَ) فَقَالَ لِعُمْرَةِ إنْ طَلَّقْت حَفْصَةَ فَأَنْت طَالِقٌ (ثُمَّ طَلَّقَ حَفْصَةَ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ) وَاحِدَةٌ بِالتَّنْجِيزِ وَأُخْرَى بِتَعْلِيقِ طَلَاقِهَا عَلَى تَطْلِيقِ عَمْرَةَ وَقَدْ وُجِدَ بِتَعْلِيقِهِ مَعَ صِفَتِهِ (وَ) طَلُقَتْ (عَمْرَةُ طَلْقَةً) بِتَطْلِيقِ حَفْصَةَ (وَإِنْ طَلَّقَ عَمْرَةَ بَدَلَ حَفْصَةَ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً) أَيْ طَلُقَتْ عَمْرَةُ بِالتَّنْجِيزِ وَحَفْصَةُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهُوَ تَطْلِيقُ عَمْرَةَ وَلَا يَعُودُ عَلَيْهَا مِنْ وُقُوعِ طَلَاقِ حَفْصَةَ طَلْقَةٌ أُخْرَى لِمَا مَرَّ أَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَيْسَتْ بِتَطْلِيقٍ (وَإِنْ كَانَ) تَعْلِيقُ طَلَاقِ كُلٍّ مِنْهُمَا (بِصِيغَةِ إنْ وَقَعَ طَلَاقِي) بِأَنْ قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِعُمْرَةِ إنْ وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى حَفْصَةَ فَأَنْت طَالِقٌ (وَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ) طَلْقَةً بِالتَّنْجِيزِ وَأُخْرَى بِصِفَةِ الْوُقُوعِ عَلَى الْأُخْرَى (وَ) طَلُقَتْ (الْأُخْرَى طَلْقَةً) بِالصِّفَةِ (أَوْ) كَانَ (بِصِيغَةِ كُلَّمَا) وَقَعَ طَلَاقِي وَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا (طَلُقَتَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا) إنْ كَانَ يَمْلِكُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الثَّلَاثَ.
(وَإِنْ قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْتُك فَعَمْرَةُ طَالِقَةٌ ثُمَّ عَكَسَ) فَقَالَ لِعُمْرَةِ إنْ طَلَّقْتُك فَحَفْصَةُ طَالِقٌ (ثُمَّ طَلَّقَ حَفْصَةَ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً) أَيْ طَلُقَتْ حَفْصَةُ بِالتَّنْجِيزِ وَعَمْرَةُ بِالصِّفَةِ وَلَا يَعُودُ عَلَى حَفْصَةَ مِنْ الْوُقُوعِ عَلَى عَمْرَةَ طَلْقَةٌ أُخْرَى لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مُجَرَّدَ الصِّفَةِ لَيْسَتْ بِتَطْلِيقٍ (وَإِنْ طَلَّقَ عَمْرَةَ بَدَلَ حَفْصَةَ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ) طَلْقَةً بِالتَّنْجِيزِ وَأُخْرَى بِالصِّفَةِ (وَ) طَلُقَتْ (حَفْصَةُ طَلْقَةً) بِالصِّفَةِ.
[فَرْعٌ قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا طَلَّقْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا طَلَّقْت وَاحِدَةً) مِنْكُنَّ (فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَكُلَّمَا طَلَّقَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (طُلِّقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً) لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ (وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ) ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً (فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتَطْلُقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً (إلَّا أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ طَلْقَتَانِ) لِأَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِتَطْلِيقِهَا وَقَدْ وُجِدَ فَإِنْ طَلَّقَ ثَانِيَةً تَمَّ لَهَا وَلِلْأُولَى ثَلَاثٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعُ التَّعْلِيقِ لِلطَّلَاقِ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ]
قَوْلُهُ أَوْ كَانَ بِصِيغَةِ كُلَّمَا إلَخْ) كُلَّمَا إنَّمَا تُخَالِفُ غَيْرَهَا فِي التَّعْلِيقِ بِالْوُقُوعِ لَا فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِيقَاعِ أَوْ بِالتَّطْلِيقِ.
(3/308)
ثَلَاثٌ وَالْبَاقِيَتَيْنِ طَلْقَتَانِ طَلْقَتَانِ فَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا تَمَّ لَهُمَا أَيْضًا الثَّلَاثُ فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يُقَرِّرْ قَوْلَهُ فَكَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَيْ فَكُلَّمَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ طُلِّقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً قُلْت لَا يَصْدُقُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ مَعَ الْمُسْتَثْنَى فِي طَلَاقِ الْأَخِيرَتَيْنِ.
[فَرْعٌ نَكَحَ ثَلَاثًا مُرَتِّبًا فَقَالَ إنْ طَلَّقْت الْأُولَى فَالثَّانِيَةُ طَالِقٌ]
(فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَ ثَلَاثًا مُرَتِّبًا فَقَالَ إنْ طَلَّقْت الْأُولَى فَالثَّانِيَةُ طَالِقٌ أَوْ الثَّانِيَةَ فَالثَّالِثَةُ طَالِقٌ أَوْ الثَّالِثَةَ فَالْأُولَى طَالِقٌ فَطَلَّقَ الْأُولَى طَلُقَتْ مَعَهَا الثَّانِيَةُ) بِالصِّفَةِ دُونَ الثَّالِثَةِ إذْ لَمْ يُوجَدْ بَعْدَ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا تَطْلِيقُ الثَّانِيَةِ (أَوْ) طَلَّقَ (الثَّانِيَةَ طَلُقَتْ مَعَهَا الثَّالِثَةُ) دُونَ الْأُولَى لِمِثْلِ مَا مَرَّ (أَوْ الثَّالِثَةُ طُلِّقْنَ جَمِيعًا) الثَّالِثَةُ بِالتَّنْجِيزِ وَالْأُخْرَيَانِ بِالصِّفَةِ وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ عَلَى تَطْلِيقِ الْأُولَى وَقَدْ وُجِدَ لِأَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ عَلَى طَلَاقِ الثَّالِثَةِ وَالتَّعْلِيقُ مَعَ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ (فَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ) مُبْهَمَةً (وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَالثَّالِثَةُ مُطَلَّقَةٌ) بِكُلِّ حَالٍ (وَيُوقَفُ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا) فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا وَرِثَ الْجَمِيعُ وَإِلَّا وُقِفَ.
[فَصْلٌ كَانَ تَحْتَهُ نِسْوَةٌ وَلَهُ عَبِيدٌ فَقَالَ إنَّ طَلَّقْت وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ]
(فَصْلٌ) لَوْ كَانَ تَحْتَهُ نِسْوَةٌ (أَرْبَعٌ) وَلَهُ عَبِيدٌ (فَقَالَ إنْ طَلَّقْت وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (فَعَبْدٌ) مِنْ عَبِيدِي (حُرٌّ أَوْ) طَلَّقْت (اثْنَتَيْنِ فَعَبْدَانِ) حُرَّانِ (أَوْ) طَلَّقْت (ثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ أَعْبُدٍ) أَحْرَارٌ (أَوْ) طَلَّقْت (أَرْبَعًا فَأَرْبَعَةُ أَعْبُدٍ) أَحْرَارٌ (فَطَلَّقَهُنَّ مَعًا أَوْ مُفَرِّقًا) أَيْ مُرَتِّبًا فِي الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ (عَتَقَ عَشَرَةً) مِنْ عَبِيدِهِ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَاثْنَانِ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ وَأَرْبَعَةٌ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ عَشَرَةٌ وَكَانَ غَيْرُهَا مِنْ سَائِرِ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ إلَّا كُلَّمَا وَسَيَأْتِي وَأَوْ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى وَلَوْ عَطَفَ الزَّوْجُ بِثُمَّ لَمْ يُضَمَّ الْأَوَّلُ لِلثَّانِيَّ لِلْفَصْلِ بِثُمَّ فَلَا يَعْتِقُ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ بَعْدَ الْأُولَى ثِنْتَيْنِ وَلَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَرْبَعًا وَيَعْتِقُ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ اثْنَانِ فَمَجْمُوعُ الْعَتِيقِ ثَلَاثَةٌ وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّات ثُمَّ قَالَ وَيَتَّجِهُ أَنْ تَكُونَ الْفَاءُ كَثُمَّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا قَالَهُ فِيهِمَا إنَّمَا يَأْتِي فِي طَلَاقِهِنَّ مُرَتِّبًا فَلَوْ طَلَّقَهُنَّ مَعًا عَتَقَ عَبْدٌ وَاحِدٌ (فَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ) فِي ذَلِكَ (بِكُلَّمَا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ) عَبْدًا لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا مَرَّ وَمَا عُدَّ مَرَّةً أَيْ بِاعْتِبَارٍ لَا بَعْدَ أُخْرَى أَيْ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ فَمَا عُدَّ فِي يَمِينِ الثَّانِيَةِ ثَانِيَةً لَا يُعَدُّ بَعْدَهَا أُخْرَى ثَانِيَةٌ وَمَا عُدَّ فِي يَمِينِ الثَّالِثَةِ ثَالِثَةً لَا يُعَدُّ بَعْدَهَا ثَالِثَةٌ فَيَعْتِقُ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ صُدِّقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ صُدِّقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثَلَاثٍ وَسَبْعَةٌ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ لِأَنَّهُ صُدِّقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ وَطَلَاقُ أَرْبَعٍ وَسَوَاءٌ أَتَى بِكُلَّمَا فِي التَّعْلِيقَاتِ كُلِّهَا أَمْ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ أَمْ فِي الْأُولَيَيْنِ إذْ لَا تَكْرَارَ فِي الْأَخِيرَيْنِ وَإِنَّمَا صَوَّرَهَا الْأَصْحَابُ بِالْإِتْيَانِ بِهَا فِي الْكُلِّ لِيَتَأَتَّى مَجِيءُ الْأَوْجُهِ كُلِّهَا الَّتِي مِنْهَا أَنَّهُ يَعْتِقُ عِشْرُونَ لَكِنْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَلَوْ أَتَى بِهَا فِي الْأَوَّلِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْأَخِيرَيْنِ عَتَقَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَوْ فِي الثَّانِي وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْأَخِيرَيْنِ فَاثْنَا عَشَرَ (وَتَعْيِينُ الْعَبِيدِ) الْمَحْكُومِ بِعِتْقِهِمْ (إلَيْهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَطْلَقُوا ذَلِكَ وَيَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَ مَا يَعْتِقُ بِالْوَاحِدَةِ وَبِالثِّنْتَيْنِ بِالثَّلَاثِ بِالْأَرْبَعِ فَإِنَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ تَظْهَرُ فِي الْأَكْسَابِ إذَا طَلَّقَ مُرَتِّبًا لَا سِيَّمَا مَعَ التَّبَاعُدِ وَكَأَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْ ذَلِكَ لِوُضُوحِهِ.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ كُلَّمَا صَلَّيْت رَكْعَةً فَعَبْدِي حُرٌّ وَهَكَذَا إلَى الْعَشَرَةِ فَصَلَّى عَشْرًا عَتَقَ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ عَبْدًا وَإِنْ عَلَّقَ بِإِنْ أَوْ نَحْوِهَا فَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ.
[فَصْلٌ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ أَوْ غَيْرِهِ]
(فَصْلٌ) فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ أَوْ غَيْرِهِ (كُلُّ الْأَدَوَاتِ فِي التَّعْلِيقِ بِالنَّفْيِ تَقْتَضِي الْفَوْرَ إلَّا) لَفْظَةَ (إنْ فَإِنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا لِلتَّرَاخِي (فَمَتَى قَالَ إذَا لَمْ أَوْ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ وَمَضَى زَمَنٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِعْتَاقِهِ عَبْدَهُ]
فَصْلٌ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ) . (قَوْلُهُ فَلَوْ طَلَّقَهُنَّ مَعًا عَتَقَ عَبْدٌ وَاحِدٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِكُلَّمَا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا) ؛ لِأَنَّ فِي طَلَاقِ الْأَرْبَعِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي الْمَرَاتِبِ الْأَرْبَعِ فَيَعْتِقُ بِهَا أَرْبَعَةٌ وَفِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ أَرْبَعَةٌ إلَّا فِي مَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ ثَلَاثَةٌ فَاضْرِبْ أَرْبَعَةٌ فِي عَدَدِ الْمَرَاتِبِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ تَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ أَنْقِصْ وَاحِدَةً فِي مَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ يَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَالَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ غَيْرُهُ.
(تَنْبِيهٌ) إذَا كَانَ لَهُ عَبِيدٌ وَنِسَاءٌ فَقَالَ كُلَّمَا طَلَّقْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِرَارًا لَمْ يَعْتِقْ سِوَى عَبْدٌ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ
(فَصْلٌ) . (قَوْلُهُ كُلُّ الْأَدَوَاتِ) فِي التَّعْلِيقِ بِالنَّفْيِ تَقْتَضِي الْفَوْرَ إلَّا إنْ فَإِنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجِي بِفُلَانٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَجَابَ جَمَالُ الدِّينِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَحْتَجِبِي عَنِّي وَأَفْتَى بِنَحْوِهِ ابْنُ أَبِي الصَّيْفِ وَأَفْتَى عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاشِرِيُّ بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَّا بِفَوَاتِ الصِّفَةِ وَهُوَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا أَمَّا الزَّوْجَةُ أَوْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَأَفْتَى ابْنُ عُجَيْلٍ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ تَرْجِعِي إلَى زَوْجِك الْأَوَّلِ لَا تَطْلُقُ سَوَاءٌ رَجَعَتْ أَمْ لَا وَأَجَابَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُجَيْلٍ بِنَحْوِ جَوَابِ الْجَمَّالِ وَكَانَتْ مَشَايِخُنَا يُفْتُونَ بِذَلِكَ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ جَازَ وَلَزِمَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ إذَا أَوْصَى بِإِعْتَاقِ أَمَتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ عَتَقَتْ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ لَمْ يَبْطُلْ الْعِتْقُ وَلَا النِّكَاحُ وَيَجِبُ عَلَيْهَا قِيمَتُهَا اهـ وَحَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ مَمْلُوكَةٌ قُلْنَا وَالْبُضْعُ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمِلْكِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَكَمَا فَوَّتَتْ بُضْعَهُ يَجِبُ عَلَيْهَا عِوَضُهُ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْأَمَةِ قِيمَتُهَا أَقُولُ وَكَانَ وَالِدِي يُفْتِي بِمَا أَجَابَ بِهِ الْجَمَّالُ وَبِهِ أَفْتَى. اهـ. وَقَوْلُهُ وَأَفْتَى عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاشِرِيُّ بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ وَإِذَا فِي ذَلِكَ أَنَّ حَرْفَ إنْ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَتَرَدَّدُ فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ
(3/309)
يَسَعُ الطَّلَاقَ فَلَمْ يُطَلِّقْ) فِيهِ (طَلُقَتْ لَا إنْ مُنِعَ) مِنْ الطَّلَاقِ كَأَنْ أَمْسَكَ غَيْرُهُ فَمَه أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى تَرْكِ التَّطْلِيقِ فَلَا تَطْلُقُ لِلْعُذْرِ (وَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِإِذَا مَعْنَى أَنْ قُبِلَ ظَاهِرًا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يُقَامُ مَقَامَ الْآخَرِ (فَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (بِصِيغَةِ إنْ لَمْ) أُطَلِّقْك (فَلَا تَطْلُقُ إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الطَّلَاقِ) وَالْفَرْقُ أَنَّ إنْ حَرْفُ شَرْطٍ لَا إشْعَارَ لَهُ بِالزَّمَانِ وَغَيْرَهَا ظَرْفُ زَمَانٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا قِيلَ لَك مَتَى أَلْقَاك صَحَّ أَنْ تَقُولَ إذَا أَوْ مَتَى شِئْت أَوْ نَحْوَهُمَا وَلَا يَصِحُّ إنْ شِئْت فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ إنْ فَاتَنِي تَطْلِيقُك وَفَوَاتُهُ بِالْيَأْسِ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ أَيُّ وَقْتٍ فَاتَنِي فِيهِ التَّطْلِيقُ وَفَوَاتُهُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ التَّطْلِيقُ وَلَمْ يُطَلِّقْ وَيَحْصُلُ الْيَأْسُ مِنْهُ (بِأَنْ يَمُوتَ أَحَدُهُمَا أَوْ يُجَنَّ الزَّوْجُ جُنُونًا مُتَّصِلًا بِمَوْتِهِ فَيَقَعُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْجُنُونِ) بِحَيْثُ لَا يَبْقَى زَمَنٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ لِانْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ بِمُجَرَّدِ جُنُونِهِ لِاحْتِمَالِ الْإِفَاقَةِ وَالتَّطْلِيقِ بَعْدَهَا.
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالتَّعْبِيرُ بِقُبَيْلَ غَيْرُ مُحَرَّرٍ وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ إذَا بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَكَالْجُنُونِ الْإِغْمَاءُ وَالْخَرَسُ الَّذِي لَا كِتَابَةَ لِصَاحِبِهِ وَلَا إشَارَةَ مُفْهِمَةً.
(وَإِنْ فُسِخَ النِّكَاحُ) أَوْ انْفَسَخَ (أَوْ طَلَّقَهَا وَكِيلُهُ وَمَاتَ) أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (قَبْلَ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ) أَوْ الرَّجْعَةِ (أَوْ بَعْدَهُ) وَلَمْ يُطَلِّقْ (تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ إنْ كَانَ) الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ (رَجْعِيًّا) إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ لِفَوَاتِ الْمَحِلِّ بِالِانْفِسَاخِ إنْ لَمْ يُجَدِّدْ وَعَدَمُ عَوْدِ الْحِنْثِ إنْ جَدَّدَ وَلَمْ يُطَلِّقْ فَيَتَعَيَّنُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ وَاعْتُبِرَ طَلَاقُ وَكِيلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُفَوِّتُ الصِّفَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ طَلَاقِهِ هُوَ وَهَذَا هُوَ فَائِدَةُ عَطْفِهِ طَلَاقَ الْوَكِيلِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهُ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى حُكْمِ مَا قَبْلَهُ وَاعْتُبِرَ فِي وُقُوعِهِ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ كَوْنُهُ رَجْعِيًّا لِيُتَصَوَّرَ الِانْفِسَاخُ بَعْدَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بَائِنًا (لَمْ يَقَعْ) قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ (لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ تَمْنَعُ الِانْفِسَاخَ فَيَقَعُ الدَّوْرُ) إذْ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لَمْ يَحْصُلْ الِانْفِسَاخُ فَلَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ فَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ (فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ التَّجْدِيدِ) لِلنِّكَاحِ (أَوْ عَلَّقَ بِنَفْيِ فِعْلٍ) غَيْرِ التَّطْلِيقِ (كَالضَّرْبِ فَضَرَبَهَا وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ) وَلَوْ طَلَاقًا بَائِنًا (انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْبِرَّ لَا يَخْتَصُّ بِحَالِ النِّكَاحِ وَلِهَذَا يَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ حَالَ الْبَيْنُونَةِ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ ضَرْبَ الْمَجْنُونِ فِي تَحَقُّقِ الصِّفَةِ وَنَفْيِهَا كَضَرْبِ الْعَاقِلِ وَالضَّرْبُ حَالَ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنْ أَبَانَهَا وَاسْتَمَرَّتْ الْبَيْنُونَةُ إلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَتَّفِقْ ضَرْبٌ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَسِيطِ وَإِنْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ هُنَا مَا يَقْتَضِي عَدَمَ وُقُوعِهِ أَصْلًا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ) فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا (طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ) لِحُصُولِ الْيَأْسِ حِينَئِذٍ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آخِرَ فَصْلٍ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدَ أَمْسِ (وَقَوْلُهُ إنْ تَرَكْت طَلَاقَك أَوْ) إنْ (سَكَتّ عَنْهُ) فَأَنْت طَالِقٌ (يَقْتَضِي الْفَوْرَ) فَإِذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا فِي الْحَالِ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ (بِخِلَافِ مَا إذَا نَفَاهُمَا) فَقَالَ إنْ لَمْ أَتْرُكْ طَلَاقَك أَوْ إنْ لَمْ أَسْكُتْ عَنْهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ طَلَّقَ فَوْرًا) وَاحِدَةً ثُمَّ سَكَتَ (انْحَلَّ يَمِينُ التَّرْكِ) فَلَا تَقَعُ أُخْرَى لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ طَلَاقَهَا (لَا) يَمِينُ (السُّكُوتِ) فَتَقَعُ أُخْرَى لِسُكُوتِهِ وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَحَرْفَ إذَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ وَلِهَذَا إذَا قَالَ الْقَائِلُ إنْ مِتَّ أَوْ إنْ جَاءَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ حُكِمَ بِكُفْرِهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ إذَا مِتَّ أَوْ جَاءَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ وَقَوْلُهُ حُكِمَ بِكُفْرِهِ لِتَرَدُّدِهِ قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحِلَّ كُفْرِهِ إذَا اسْتَحْضَرَ التَّرَدُّدَ بِالْفِعْلِ.
(قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ إذَا بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ) شَمِلَ الِانْفِسَاخَ بِسَبَبِ تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا بِلِعَانٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ.
(قَوْلُهُ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) وَلَيْسَ فِيهِ عَوْدُ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا بِالنِّسْبَةِ إلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَا إلَى الْمُجَدَّدِ.
(قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ هُنَا إلَخْ) عِبَارَتُهُ وَلَوْ أَبَانَهَا وَدَامَتْ الْبَيْنُونَةُ إلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَتَّفِقْ الضَّرْبُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ وَالطَّلَاقَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي اللَّيْلَةَ فِي دَارِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَا دَارَ لَهُ فَهَلْ تَطْلُقُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَطْلُقُ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ حُصُولِهَا فِي دَارِهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْتَقَهُ أَوْ جُنَّ السَّيِّدُ طَلُقَتْ لَكِنْ حَالًا أَوْ بِالْغُرُوبِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا.
(قَوْلُهُ فَيَقَعُ أُخْرَى لِسُكُوتِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَّقَهَا فِي الْحَالِ لَمْ يَسْكُتْ عَنْ طَلَاقِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ ثَانِيًا بِغَيْرِ إذْنٍ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالْخُرُوجِ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ هُنَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ السُّكُوتُ فِعْلٌ فَإِذَا طَلَّقَ ثُمَّ سَكَتَ فَكَأَنَّهُ أَنْشَأَ سُكُوتًا بِخِلَافِ التَّرْكِ فَإِنَّهُ عَدِمَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْخَادِمِ فَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَرَكْت طَلَاقَك فَأَنْتِ طَالِقٌ بِمَنْزِلِهِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا طَلَّقَهَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ دُونَ الْمُعَلَّقِ وَارْتَفَعَ حُكْمُ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ التَّعْلِيقِ وَقَدْ زَالَ الشَّرْطُ بِوُقُوعِ الْمُنَجَّزِ فَلَمْ يَبْقَ لِلتَّعْلِيقِ حُكْمٌ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ أَدْخُلَ ثُمَّ دَخَلَ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ حُكْمَ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِالدُّخُولِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ سَكَتُّ عَنْ طَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا عَقِبَ ذَلِكَ يَقَعُ الْمُنَجَّزُ وَلَا يَبْطُلُ حُكْمُ التَّعْلِيقِ لِبَقَاءِ شَرْطِهِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ عَلَى السُّكُوتِ وَالْمُتَلَفِّظُ بِالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ لَا يُسَمَّى سَاكِتًا حَالَ تَلَفُّظِهِ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ سُكُوتٌ عَنْ الطَّلَاقِ فَيَبْقَى التَّعْلِيقُ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ سَكَتَ عَقِبَ الْمُنَجَّزِ لَحْظَةً وَقَعَ الْمُعَلَّقُ وَالْمُعَلَّقُ بِالسُّكُوتِ وَلَا يُسَمَّى سَاكِتًا حَالَ تَلَفُّظِهِ بِالطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ
(3/310)
الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ فِي الْأُولَى عَلَّقَ عَلَى التَّرْكِ وَلَمْ يُوجَدْ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى السُّكُوتِ وَقَدْ وُجِدَ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ سَكَتَ عَنْ طَلَاقِهَا وَإِنْ لَمْ يَسْكُتْ أَوَّلًا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ تَرَكَ طَلَاقَهَا إذَا لَمْ يَتْرُكْهُ أَوَّلًا (فَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ (بِصِيغَةِ كُلَّمَا فَمَضَى قَدْرُ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ) أَيْ قَدْرُ مَا يَسْعَهُنَّ مُتَفَرِّقَاتٍ بِلَا تَطْلِيقٍ (طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ لَمْ تَبِنْ بِالْأُولَى) وَإِلَّا فَتَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ (وَحِينَ أَوْ حَيْثُ) أَوْ مَهْمَا أَوْ كُلَّمَا (لَمْ أُطَلِّقْك كَقَوْلِهِ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك) فِيمَا مَرَّ (وَإِنْ أَرَادَ بِإِنْ مَعْنَى إذَا قُبِلَ) مِنْهُ (لِأَنَّهُ أَغْلَظُ) عَلَيْهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَرَادَ بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ إنْ (وَقْتًا) مُعَيَّنًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا (دُيِّنَ) لِاحْتِمَالِ مَا أَرَادَهُ وَهَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي إنْ فَحَوَّلَهُ الْمُصَنِّفُ إلَى غَيْرِهَا كَقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ مُحَرَّفٌ أَوْ غَلَطٌ لِأَنَّ إنْ لَا تَقْتَضِي الْوُقُوعَ إلَّا آخِرِ الْعُمُرِ فَمَا عَيَّنَهُ يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّدْيِينُ إذَا ادَّعَى أَمْرًا أَخَفَّ مِمَّا يَلْزَمُهُ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ س ظَاهِرٌ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَرَادَ بِإِذَا مَعْنَى إنْ لِأَنَّهُ ثَمَّ أَرَادَ بِلَفْظٍ مَعْنَى لَفْظٍ آخَرَ بَيْنَهُمَا اجْتِمَاعٌ فِي الشَّرْطِيَّةِ بِخِلَافِهِ هُنَا.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بِالْفَتْحِ) فِيهِمَا (وَهُوَ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) دَخَلَتْ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى التَّعْلِيلِ لَا التَّعْلِيقِ أَيْ لِعَدَمِ الدُّخُولِ أَوْ الدُّخُولِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} [القلم: 14] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلتَّعْلِيلِ فِي غَيْرِ التَّأْقِيتِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَلَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ جَاءَتْ السُّنَّةُ أَوْ الْبِدْعَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ لَأَنْ جَاءَتْ وَاللَّامُ فِي مِثْلِهِ لِلتَّأْقِيتِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ وَإِنْ سَكَتُوا عَنْهُ وَمَا قَالَهُ فِي لَأَنْ جَاءَتْ مَمْنُوعٌ وَلَوْ سُلِّمَ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا ذَلِكَ فِي إنْ جَاءَتْ فَإِنَّ الْمُقَدَّرَ لَيْسَ فِي قُوَّةِ الْمَلْفُوظِ مُطْلَقًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْ الْعَرَبِيَّةَ (فَهُوَ تَعْلِيقٌ) فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تُوجَدَ الصِّفَةُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَصْدُهُ لَهُ وَهُوَ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَدَوَاتِ (فَإِنْ قَالَ) الْعَارِفُ بِالْعَرَبِيَّةِ (أَنْت طَالِقٌ أَنْ طَلَّقْتُك بِالْفَتْحِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِإِقْرَارِهِ) وَالْأُخْرَى بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنِّي طَلَّقْتُك قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إذْ دَخَلْت الدَّارَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ لِأَنَّ إذْ لِلتَّعْلِيلِ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ إذْ وَإِذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ يُمَيِّزُ بَيْنَ أَنْ وَإِنْ انْتَهَى وَمَا بَحَثَهُ نَقَلَهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَعْتَمِدْهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ إذْ شَاءَ اللَّهُ وَإِذْ دَخَلْت وَاكْتَفَى بِذِكْرِهَا فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ وَتَقَدَّمَ ثَمَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَالِقًا فَلَا شَيْءَ) يَقَعُ (حَتَّى يُطَلِّقَهَا فَتَطْلُقُ) حِينَئِذٍ (طَلْقَتَيْنِ) وَالتَّقْدِيرُ إذَا صِرْت مُطَلَّقَةً فَأَنْتَ طَالِقٌ هَذَا (إنْ لَمْ تَبِنْ) بِالطَّلْقَةِ الْمُنَجَّزَةِ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ غَيْرُهَا نَعَمْ إنْ أَرَادَ إيقَاعَ طَلْقَةٍ مَعَ الْمُنَجَّزَةِ وَقَعَ ثِنْتَانِ وَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَعَ تَطْلِيقِي إيَّاكِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَالِقًا فَإِنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَدَخَلَتْ وَقَعَتْ الْمُعَلَّقَةُ وَإِنْ دَخَلَتْ غَيْرَ طَالِقٍ لَمْ تَقَعْ الْمُعَلَّقَةُ بِهِ الْأَصْلُ (وَقَوْلُهُ إنْ قَدِمْت طَالِقًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ تَعْلِيقُ طَلْقَتَيْنِ بِقُدُومِهَا مُطَلَّقَةً) فَإِنْ قَدِمَتْ طَالِقًا وَقَعَ طَلْقَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ وَكَالْقُدُومِ غَيْرُهُ كَالدُّخُولِ وَبِهِ عَبَّرَ الْأَصْلُ.
(وَإِنْ قَالَ أَنْت إنْ كَلَّمْتُك طَالِقًا وَقَالَ) بَعْدَهُ (نَصَبْت) طَالِقًا (عَلَى الْحَالِ وَلَمْ أُتِمَّ) كَلَامِي (قُبِلَ) مِنْهُ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا يُرَادُ عِنْدَ الرَّفْعِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا كَلَّمَهَا وَغَايَتُهُ أَنَّهُ لَحْنٌ وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِي مَسْأَلَةِ عَدَمِ الْإِرَادَةِ مُتَدَافِعٌ وَوَجْهُ عَدَمِ الْوُقُوعِ فِيهَا عَدَمُ انْتِظَامِ الْكَلَامِ.
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ) فَلَوْ (قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا وَحَمْلُهَا تَمَكَّنَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ) فِي الْحَالِ (إنْ كَانَ حَمْلُهَا ظَاهِرًا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ (أَوْ) لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا لَكِنْ (وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ التَّعْلِيقِ (وَكَذَا لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِنْهُ وَلَمْ تُوطَأْ وَالْمُرَادُ فِي هَاتَيْنِ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّهَا طَلُقَتْ مِنْ التَّعْلِيقِ لِتَبَيُّنِ الْحَمْلِ مِنْ حِينَئِذٍ وَلِهَذَا حَكَمْنَا بِثُبُوتِ النَّسَبِ (لَا إنْ وُطِئَتْ) فِي مُدَّةِ السِّنِينَ الْأَرْبَعِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَطْءً يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْوَطْءِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَلَا تَطْلُقُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَلَا إنْ وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ مِنْ التَّعْلِيقِ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا حِينَ التَّعْلِيقِ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ لِلْأَرْبَعِ حُكْمَ مَا فَوْقَهَا خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَعَلَيْهِ جَرَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ]
فَصْلٌ قَالَ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ) .
(قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا ذَلِكَ فِي إنْ جَاءَتْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ أَنْ وَإِنْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ]
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ حَمْلُهَا ظَاهِرًا) بِأَنْ ادَّعَتْهُ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ أَوْ شَهِدَ بِهِ رَجُلَانِ.
(قَوْلُهُ لِتَبَيُّنِ الْحَمْلِ مِنْ حِينَئِذٍ إلَخْ) إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ كَامِلًا فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ كَذَا قَالَاهُ وَعَلَى هَذِهِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْوَلَدُ الْكَامِلُ فَلَوْ وَلَدَتْ لِدُونِهَا مُضْغَةً لَمْ يَقَعْ لِلْعِلْمِ بِحُدُوثِهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ الْمُضْغَةَ لَا تَمْكُثُ فِي الْبَطْنِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَالْمَوْضُوعُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا حَتَّى يَكْمُلَ وَإِلَّا فَهُوَ سِقْطٌ. (قَوْلُهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الرَّاجِحُ مَا قَالَاهُ وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ حُكْمُ مَا دُونَهَا وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْكَافِي
(3/311)
ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْوَسِيطِ وَوَجْهُهُ أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ فَإِذَا أَتَتْ لِأَرْبَعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ تَبَيَّنَّا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ حَامِلًا وَإِلَّا زَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ وَنَازَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا إذَا وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَعَ قِيَامِ الْوَطْءِ وَقَالَ إنَّ كَمَالَ الْوَلَدِ وَنَفْخَ الرُّوحِ فِيهِ يَكُونُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا شَهِدَ بِهِ الْخَبَرُ فَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا احْتَمَلَ الْعُلُوقَ بِهِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ قَالَ وَالسِّتَّةُ أَشْهُرٍ مُعْتَبَرَةٌ لِحَيَاةِ الْوَلَدِ غَالِبًا وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ يَكُونُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ تَحْدِيدًا فَإِنَّ لَفَظَّةَ ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ الْمَلَكَ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ فَإِتْيَانُهُ بِثُمَّ دَلَّ عَلَى تَرَاخِي أَمْرِ اللَّهِ بِذَلِكَ وَلَا تُعْرَفُ مُدَّةُ التَّرَاخِي فَلَمَّا اسْتَنْبَطَ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْقُرْآنِ أَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ عَلِمْنَا أَنَّهَا مُدَّةُ التَّرَاخِي وَأَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ عِنْدَهَا وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ فِي قَوْلِهِمْ أَوْ وَلَدَتْهُ الْوَلَدُ التَّامِّ (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ يُسَنُّ) لِلزَّوْجِ (اجْتِنَابُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا) احْتِيَاطًا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ (فَلَوْ وَطِئَهَا) قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا أَوْ بَعْدَهُ (وَبَانَتْ حَامِلًا كَانَ) الْوَطْءُ (شُبْهَةً) يَجِبُ بِهِ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ (وَالِاسْتِبْرَاءُ) هُنَا (كَمَا فِي) اسْتِبْرَاءِ (الْأَمَةِ) فَيَكُونُ بِحَيْضَةٍ أَوْ بِشَهْرٍ بَدَلَهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قِيَامُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَهِيَ تَحْصُلُ بِذَلِكَ وَالِاسْتِبْرَاءُ (قَبْلَ التَّعْلِيقِ كَافٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ حَالِهَا فِي الْحَمْلِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ وَاسْتِبْرَاءِ الْمَمْلُوكَةِ.
(فَإِنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا) أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ (وَهِيَ مِمَّنْ يَحْمِلُ حَرُمَ وَطْؤُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ فِي النِّسَاءِ الْحِيَالُ (وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءُ أَيْ الْفَرَاغُ مِنْهُ (مُوجِبٌ) وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ يَوْمٍ إلَى آخِرِهِ فَالِاسْتِبْرَاءُ هُنَا وَاجِبٌ وَمُوجِبٌ (لِلْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ) لِظَاهِرِ الْحَالِ (فَتُحْسَبُ الْحَيْضَةُ) أَوْ الشَّهْرُ (مِنْ الْعِدَّةِ) الَّتِي وَجَبَتْ بِالطَّلَاقِ فَتُتِمُّهَا (لَا إنْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ) فَلَا يُحْسَبُ ذَلِكَ مِنْ الْعِدَّةِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى مُوجِبِهَا (فَإِنْ وَلَدَتْ) وَلَوْ (بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَالْحُكْمُ فِي تَبَيُّنِ الطَّلَاقِ وَعَدَمِهِ بِعَكْسِ مَا سَبَقَ) فَلَا تَطْلُقُ إنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَلَمْ تُوطَأْ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ لَا إنْ وُطِئَتْ وَطْئًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِيَالُهَا حِينَئِذٍ وَحُدُوثُ الْوَلَدِ مِنْ هَذَا الْوَطْءِ وَلَا إنْ وَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ مِنْ التَّعْلِيقِ لِتَحَقُّقِ الْحِيَالِ عِنْدَهُ (فَإِنْ وَطِئَهَا) قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ (وَبَانَتْ مُطَلَّقَةً) مِنْهُ (لَزِمَهُ الْمَهْرُ) لَا الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ تَحْمِلُ كَأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ أَحَبَلَتُك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَالتَّعْلِيقُ بِمَا يَحْدُثُ) مِنْ الْحَمْلِ فَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ تَطْلُقْ بَلْ يَتَوَقَّفُ طَلَاقُهَا عَلَى حَمْلٍ فَإِنْ وَضَعَتْ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْوَطْءِ (وَكُلَّمَا وَطِئَهَا وَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ تَحْبَلِي فَأَنْت طَالِقٌ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَيْأَسَ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا ذَكَرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَإِذَا وَطِئَهَا مَرَّةً مُنِعَ حَتَّى تَحِيضَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَامِلٍ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ بِدِينَارٍ فَقَبِلَتْ طَلُقَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَوَجْهُ فَسَادِهِ بِأَنَّ الْحَمْلَ مَجْهُولٌ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا جَعَلَهُ عِوَضًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَصْلُ الْقَبُولَ بَلْ شَرَطَ إعْطَاءَ الدِّينَارِ فَأَبْدَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِاشْتِرَاطِ الْقَبُولِ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ.
[فَصْل قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ بِأُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ أَحَدَهُمَا]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ أَوْ) إنْ كَانَ (فِي بَطْنِك ذَكَرٌ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ كُنْت حَامِلًا بِأُنْثَى أَوْ) إنْ كَانَ (فِي بَطْنِك أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ أَحَدَهُمَا وَقَعَ بِهِ مَا أَوْقَعَ) بِالتَّعْلِيقِ فَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ طَلْقَةً أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ (وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَكَانَ بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (فَثَلَاثٌ) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ (وَيَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ) فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ (مِنْ اللَّفْظِ أَوْ) وَلَدَتْ (خُنْثَى فَطَلْقَةٌ) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ (إلَّا إنْ بَانَ أُنْثَى) فَطَلْقَتَانِ وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى وَخُنْثَى فَطَلْقَتَانِ وَتُوقَفُ الثَّالِثَةُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُ الْخُنْثَى (وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالْوِلَادَةِ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ حِينِ اللَّفْظِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ عَبَّرَ بِأَنْ كَانَ حَمْلُك أَوْ مَا فِي بَطْنِك) ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ (فَوَلَدَتْهُمَا لَمْ يَقَعْ بِهِمَا شَيْءٌ) لِأَنَّ قَضِيَّةَ اللَّفْظِ كَوْنُ جَمِيعِ الْحَمْلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَمْ يُوجَدْ (فَلَوْ وَلَدَتْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ ذَكَرَيْنِ فَكَوَاحِدٍ) أَيْ فَكَأُنْثَى أَوْ ذَكَرٍ فَيَقَعُ بِالذَّكَرَيْنِ طَلْقَةٌ وَبِالْأُنْثَيَيْنِ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إنْ كَانَ حَمْلُك أَوْ مَا فِي بَطْنِك مِنْ هَذَا الْجِنْسِ (أَوْ) وَلَدَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ قَالَ وَالسِّتَّةُ أَشْهُرٍ مُعْتَبَرَةٌ لِحَيَاةِ الْوَلَدِ غَالِبًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ.
(قَوْلُهُ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ) أَيْ أَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ
(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ) يُجَابُ بِأَنَّ الْوَطْءَ هُنَا بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ فِي حُصُولِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ. (قَوْلُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَيْأَسَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْع قَالَ لِحَامِلٍ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ بِدِينَارٍ فَقَبِلَتْ]
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَكَانَ الْحَمْلُ حِينَ الْحَلِفِ عَلَقَةً أَوْ مَنِيًّا أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ مَعَ كَوْنِ الْحَمْلِ إذْ ذَاكَ لَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَإِنْ قِيلَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] فَالْيَمِينُ لَا تَنْزِلُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ قَالَ فِي الْقُوتِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِرَاقِيِّ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مِنْ حِينِ وُقُوعِ النُّطْفَةِ فِي الرَّحِمِ وَبِالتَّخْطِيطِ ظَهَرَ ذَلِكَ
(3/312)
(خُنْثَى وَذَكَرًا وَقَفَ) الْحُكْمُ (فَإِنْ بَانَ) الْخُنْثَى (ذَكَرًا فَوَاحِدَةً) أَوْ أُنْثَى لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ (وَعَكْسُهُ لَا يَخْفَى) حُكْمُهُ بِأَنْ وَلَدَتْ خُنْثَى وَأُنْثَى فَيُوقَفُ الْحُكْمُ فَإِنْ بَانَ الْخُنْثَى أُنْثَى فَطَلْقَتَانِ أَوْ ذَكَرًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ (وَإِنْ قَالَ إنْ وَلَدَتْ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِانْفِصَالِ مَا تَمَّ تَصْوِيرُهُ وَلَوْ مَيِّتًا) وَسَقْطًا بِخِلَافِ مَا لَمْ يَتِمَّ (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ تَمَامِ خُرُوجِهِ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الْوِلَادَةَ لَمْ تُوجَدْ حَالَ الزَّوْجِيَّةِ بَلْ عِنْدَ انْتِهَاءِ النِّكَاحِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَعَ مَوْتِي (فَإِنْ عَقَّبَتْهُ) أَيْ الْوَلَدَ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ (بِآخَرَ يَلْحَقُ الزَّوْجَ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ (انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ) أَمَّا لَوْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا فَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِذَلِكَ.
(أَوْ) قَالَ (كُلَّمَا وَلَدَتْ وَلَدًا) فَأَنْت طَالِقٌ (فَوَلَدَتْ فِي بَطْنٍ) وَاحِدٍ (ثَلَاثَةً مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِاقْتِضَاءِ كُلَّمَا التَّكْرَارَ كَمَا مَرَّ وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَامِلًا وَقْتَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (وَمَتَى تَرَتَّبُوا) أَيْ الْأَوْلَادُ فِي الْوِلَادَةِ (وَهُمْ أَرْبَعَةٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) بِوِلَادَةِ ثَلَاثَةٍ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالرَّابِعِ (أَوْ) وَهُمْ (ثَلَاثَةٌ فَطَلْقَتَيْنِ) بِوِلَادَةِ الْأَوَّلَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّالِثِ وَلَا تَطْلُقُ ثَالِثَةً إذْ بِهِ يَتِمُّ انْفِصَالُ الْحَمْلِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ فَلَا يُقَارِنُهُ طَلَاقٌ (أَوْ) وَهُمْ (اثْنَانِ فَطَلْقَةً لِانْقِطَاعِ الْعِدَّةِ بِالْأَخِيرِ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا تَقَرَّرَ (فَقَوْلُهُ لِلرَّجْعِيَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك لَاغٍ) لِمَا مَرَّ أَنَّ انْقِضَاءَهَا لَا يُقَارِنُهُ طَلَاقٌ وَلَوْ وَلَدَتْ اثْنَيْنِ مَعًا وَاثْنَيْنِ مَعًا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَخِيرَيْنِ وَإِنْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةً مَعًا ثُمَّ وَاحِدًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَتَطْلُقُ فِي عَكْسِهِ طَلْقَةً قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَإِنْ قَالَ إنْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَطَلْقَةً وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّ مَا وَلَدَتْهُ وَلَدٌ وَذَكَرٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ فَقِيهًا فَطَلْقَتَيْنِ فَكَلَّمَتْ رَجُلًا فَقِيهًا يَقَعُ ثَلَاثٌ وَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى طَلُقَتْ وَاحِدَةً لِلشَّكِّ فِي ذُكُورِيَّتِهِ وَيُوقَفُ مَا عَدَاهَا إلَى الْبَيَانِ (أَوْ إنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلْقَةً وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ وَهِيَ زَوْجَةٌ (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ الْأَشْهُرِ وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَتَعْتَدُّ بِمَا هُوَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى فَثِنْتَيْنِ وَتَعْتَدُّ بِذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا) إنْ وَلَدَتْهُمَا (مُتَعَاقِبَيْنِ) يَقَعُ ثَلَاثٌ (إنْ كَانَ بَعْدَهُمَا) وَلَدٌ (ثَالِثٌ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ) بِأَنْ يَلْحَقَ الزَّوْجَ سَوَاءٌ أَوَلَدَتْ الذَّكَرَ قَبْلَ الْأُنْثَى أَمْ بِالْعَكْسِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُمَا ثَالِثٌ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ (انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي وَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ) لِمُصَادَفَتِهِ الْبَيْنُونَةَ وَإِنَّمَا تَطْلُقُ فَتَطْلُقُ بِهِ طَلْقَةً إنْ كَانَ ذَكَرًا وَطَلْقَتَيْنِ إنْ كَانَ أُنْثَى (فَإِنْ شَكَّ فِي التَّعَاقُبِ فَالْوَاقِعُ) عَلَيْهَا (طَلْقَةٌ) وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ (وَالْوَرَعُ تَرْكُهَا حَتَّى تَنْكِحَ) زَوْجًا (غَيْرَهُ) لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلْقَةً) يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهَا (وَتَنْقَضِي بِهِ) أَيْ بِوِلَادَتِهِ (عِدَّتُهَا لِأَنَّهَا تَطْلُقُ بِاللَّفْظِ أَوْ) وَلَدَتْ (أُنْثَى فَطَلْقَتَانِ ثُمَّ تَعْتَدُّ) بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ (لِأَنَّهَا تَطْلُقُ بِالْوِلَادَةِ أَوْ) وَلَدَتْ (أُنْثَى ثُمَّ ذَكَرًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) ثِنْتَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأُنْثَى وَبِوِلَادَةِ الذَّكَرِ تَبَيَّنَ وُقُوعُ طَلْقَةٍ قَبْلَ كَوْنِهَا كَانَتْ حَامِلًا بِذَكَرٍ (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) عَنْ الثَّلَاثِ (بِهِ) أَيْ بِوِلَادَةِ الذَّكَرِ (أَوْ عَكْسِهِ) بِأَنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا ثُمَّ أُنْثَى (أَوْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا طَلُقَتْ بِالذَّكَرِ) طَلْقَةً أَيْ تَبَيَّنَ وُقُوعُهَا (وَلَا شَيْءَ بِالْأُنْثَى لِمُقَارَنَةِ الْعِدَّةِ) الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِوِلَادَتِهَا إذْ بِهَا تَنْقَضِي.
(وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ) حَوَامِلَ مِنْهُ (كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُنَّ) أَوْ أَيَّتُكُنَّ وَلَدَتْ (فَصَوَاحِبُهَا أَوْ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ فَوَلَدْنَ مَعًا طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ ثَلَاثَ صَوَاحِبَ فَيَقَعُ عَلَيْهِنَّ بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ عَلَّقَ بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلَاقَ الْوَالِدَةِ وَغَيْرِهَا (وَعِدَّتُهُنَّ بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ الْأَشْهُرِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِالْوِلَادَةِ وَالْعِدَّةُ عَقِبَ الطَّلَاقِ (أَوْ) وَلَدْنَ (مُرَتَّبًا فِي الْعِدَّةِ طَلُقَتْ الْأُولَى وَالرَّابِعَةُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) أَمَّا الرَّابِعَةُ فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةٌ وَأَمَّا الْأُولَى فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَبِوِلَادَةِ نَفْسِهَا وَكُلٍّ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ طَلْقَةٌ فِي الثَّانِيَةِ إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا عِنْدَ وِلَادَةِ الثَّالِثَةِ وَعِنْدَ وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ فِي الْأُولَى وَالطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يَنْفِي الصُّحْبَةَ وَالزَّوْجِيَّةَ فَإِنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ نِسَائِهِ دَخَلَتْ الرَّجْعِيَّةُ فِيهِ.
(وَعِدَّةُ الْأُولَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَوْ كُلَّمَا وَلَدَتْ وَلَدًا) قَالَ شَيْخُنَا عَبَّرَ هُنَا بِوَلَدٍ صَارَ شَامِلًا لِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ فَلَا يُعَارِضُهُ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ بِوِلَادَةِ ثَلَاثَةٍ مَعًا حَيْثُ لَا نِيَّةَ لِعُرُوِّ ذَاكَ عَنْ لَفْظِ وَلَدٍ وَإِنَّمَا هُوَ إنْ وَلَدْت فَصَارَ اسْمًا لِمَا تَضَعُهُ مِنْ بَطْنِهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ مَعًا وَلَوْ مُتَعَدِّدًا. (قَوْلُهُ أَوْ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ فَطَلْقَتَيْنِ إلَخْ) فَإِنْ انْفَصِلُوا مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَاعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ وَلَوْ وَضَعَتْ اثْنَيْنِ مَعًا وَاثْنَيْنِ مَعًا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْآخَرَيْنِ وَفِي ثَلَاثٍ ثُمَّ وَاحِدٍ تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَعَكْسُهُ طَلْقَةً ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي. (قَوْلُهُ وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً إلَخْ) لَوْ وَلَدَتْ مَيِّتًا وَدُفِنَ وَلَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ نُبِشَ لِيُعْرَفَ
[فَرْعٌ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً]
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُنَّ إلَخْ) قِيلَ وَتَعْلِيلُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِكُلَّمَا مِثَالٌ فَإِنْ وَغَيْرُهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ كَذَلِكَ وَهُوَ مَرْدُودٌ يَمْنَعُهُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ كُلَّمَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ لَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا فَلَا يَقَعُ فِي التَّعْلِيقِ بِهِ طَلَاقٌ بَعْدَ وُقُوعِ الْأَوَّلِ س إلْحَاقُهُ أَيَّتَكُنَّ بِكُلَّمَا مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ لِلْعُمُومِ لَا تُفِيدُ التَّكْرَارَ وَقَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ فِي التَّعْلِيقِ بِهِ طَلَاقٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ) الْمُرَادُ بِهَا وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا فِي الثَّانِيَةِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ فَأَنْتُنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ نِسَاؤُهُ دَخَلَتْ الرَّجْعِيَّةُ فِيهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ لَاحَظْنَا قَوْلَهُ فِي الْجَوَابِ بِكَوْنِهَا رَجْعِيَّةً لَمَا طَلُقَتْ الْأُولَى بِوِلَادَةِ الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهَا طَلُقَتْ بِوِلَادَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَهِيَ قَبْلَ وِلَادَتِهَا بَائِنٌ بِثَلَاثٍ وَبِهَذَا يُعْرَفُ أَنَّ الْمُرَادَ
(3/313)
بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ الْأَشْهُرِ وَالرَّابِعَةُ بِوِلَادَتِهَا (وَ) طَلُقَتْ (الثَّانِيَةُ طَلْقَةً) بِوِلَادَةِ الْأُولَى (وَالثَّالِثَةُ طَلْقَتَيْنِ) بِوِلَادَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَإِنَّمَا لَمْ تَطْلُقَا أَكْثَرَ مَنْ بَعْدَهُمَا (لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهِمَا بِالْوِلَادَةِ) أَيْ بِوِلَادَتِهِمَا إنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ ثَانِي تَوْأَمَيْهِمَا إلَى وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ وَإِلَّا طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا (وَلَوْ وَلَدْت ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَيَانِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً فِي الْأُولَى وَبِوِلَادَةِ نَفْسِهَا وَكُلٍّ مِنْ رَفِيقَتِهَا وَإِحْدَى الْأَخِيرَتَيْنِ طَلْقَةً فِي الثَّانِيَةِ (وَعِدَّتُهُمَا بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ الْأَشْهُرِ (وَ) طَلُقَتْ (الْأُخْرَيَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا بِالْوِلَادَةِ) أَيْ بِوِلَادَتِهِمَا فَلَا يَقَعُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِوِلَادَةِ الْأُخْرَى شَيْءٌ (أَوْ وَلَدَتْ ثَلَاثٌ مَعًا ثُمَّ الرَّابِعَةُ طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) أَمَّا الرَّابِعَةُ فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً وَأَمَّا الثَّلَاثُ فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً فِي الْأُولَى وَبِوِلَادَةِ نَفْسِهَا وَكُلٍّ مِنْ رَفِيقَتَيْهَا طَلْقَةً فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ الثَّلَاثُ مَعًا (طَلَّقَ غَيْرَ الْأُولَى طَلْقَةً طَلْقَةً) بِوِلَادَةِ الْأُولَى ثُمَّ تَنْقَضِي عِدَّتُهُنَّ بِوِلَادَتِهِنَّ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِنَّ شَيْءٌ آخَرُ (وَ) طَلُقَتْ (الْأُولَى ثَلَاثًا) بِوِلَادَةِ الْبَاقِيَاتِ إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ تَرَتَّبَ ثِنْتَانِ) فِي الْوِلَادَةِ (ثُمَّ) وَلَدَتْ (ثِنْتَانِ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَى ثَلَاثًا) بِوِلَادَةِ الْبَاقِيَاتِ إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا فِي الثَّانِيَةِ (وَالثَّانِيَةُ طَلْقَةً) بِوِلَادَةِ الْأُولَى (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا وَالْأُخْرَيَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ الْأُولَيَيْنِ طَلْقَةً (وَتَنْقَضِي عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا) فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ آخَرُ (أَوْ) وَلَدَتْ (ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ تَرَتَّبَ ثِنْتَانِ) عَكْسُ مَا قَبْلَهُمَا (طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِمَا مَرَّ (إلَّا الثَّالِثَةَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا) فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ آخَرُ فَهَذِهِ سَبْعُ صُوَرٍ وَبَقِيَتْ ثَامِنَةٌ وَهِيَ مَا لَوْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثِنْتَانِ ثُمَّ وَاحِدَةٌ طَلُقَتْ الْأُولَى وَالرَّابِعَةُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا مِثْلُ مَا مَرَّ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَطَلُقَتْ الْأُخْرَيَانِ طَلْقَةً طَلْقَةً وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ الْإِجْحَافِ بِوَاسِطَةِ جَمْعِهِ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الصَّوَاحِبِ وَمَسْأَلَةِ فَأَنْتُنَّ.
(فَرْعٌ وَالتَّصْوِيرُ بِمَا ذَكَرَ) بِقَوْلِهِ لِلْأَرْبَعِ كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا أَوْ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ (فَإِذَا طَلَّقَ كُلَّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (طَلْقَةً مُنَجَّزَةً ثُمَّ وَلَدْنَ عَلَى التَّعَاقُبِ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْأُولَى) عَنْ الطَّلْقَةِ (بِوِلَادَتِهَا وَازْدَادَتْ الثَّانِيَةُ) بِوِلَادَةِ الْأُولَى (ثَانِيَةً) وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا عَنْ الطَّلْقَتَيْنِ بِوِلَادَتِهَا (وَاسْتَكْمَلَ الْأُخْرَيَانِ الثَّلَاثَ) وَاحِدَةً بِالتَّنْجِيزِ وَثِنْتَانِ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لِلْأَرْبَعِ (كُلَّمَا وَلَدَتْ ثِنْتَانِ) مِنْكُنَّ (فَالْأُخْرَيَانِ طَالِقَانِ فَوَلَدْنَ مُرَتَّبًا طَلُقَتْ الْأُخْرَيَانِ) فَقَطْ (بِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ) طَلْقَةً طَلْقَةً (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا وَ) طَلُقَتْ (الْأُولَيَانِ بِوِلَادَةِ الرَّابِعَةِ) طَلْقَةً طَلْقَةً (وَ) انْقَضَتْ (عِدَّتُهُمَا بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ الْأَشْهُرِ.
[فَرْعٌ قَالَ لِحَامِلَيْنِ أَوْ حَائِلَيْنِ كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَامِلَيْنِ) أَوْ حَائِلَيْنِ (كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا) بِوِلَادَتِهِمَا طَلْقَةً طَلْقَةً (وَبِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ تَطْلُقُ الْأُولَى فَقَطْ) طَلْقَةً ثَانِيَةً إنْ بَقِيَتْ فِي الْعِدَّةِ وَتَنْقَضِي عِدَّةُ الثَّانِيَةِ بِوِلَادَتِهَا (وَإِنْ وَلَدَتْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ الْأُخْرَى ثُمَّ الْأُولَى ثُمَّ الْأُخْرَى مِنْ بَطْنٍ وَاحِدٍ طَلُقَتَا) بِالْوِلَادَتَيْنِ (الْأُولَيَيْنِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّةُ الْأُولَى) عَنْ الطَّلْقَتَيْنِ (بِوَلَدِهَا الثَّانِي) أَيْ بِوِلَادَتِهِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ آخَرُ (وَازْدَادَتْ بِهِ الْأُخْرَى) طَلْقَةً (ثَالِثَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَيْضًا) عَنْ الثَّلَاثِ (بِوِلَادِهَا الثَّانِي) أَيْ بِوِلَادَتِهِ (فَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (بِصِيغَةِ كُلَّمَا وَلَدْتُمَا) فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ (فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَوْلَادِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ (وَلَوْ مُتَعَاقِبِينَ ثُمَّ) وَلَدَتْ (الْأُخْرَى كَذَلِكَ) أَيْ ثَلَاثَةً وَلَوْ مُتَعَاقِبِينَ (طَلُقَتْ الْأُولَى ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ) الثَّلَاثَةَ (وَ) طَلُقَتْ (الثَّانِيَةُ كَذَلِكَ) أَيْ ثَلَاثًا لِوِلَادَتِهَا الثَّلَاثَةَ (إلَّا إنْ انْفَرَدَ الْأَخِيرُ) بِالْوِلَادَةِ (فَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَتَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ) فَقَطْ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ وَإِلَّا إنْ وَلَدَتْ الْأَخِيرَيْنِ مَعًا فَتَنْقَضِي بِهِمَا الْعِدَّةُ وَتَطْلُقُ طَلْقَةً فَقَطْ فَوُقُوعُ الثَّلَاثِ عَلَى الثَّانِيَةِ مَحِلُّهُ إذَا وَلَدَتْ الثَّلَاثَةَ مَعًا وَالتَّصْرِيحُ بِمَجْمُوعِ الْقَيْدِ وَالْمُقَيَّدِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ وَلَدَتْ الْأُولَى وَاحِدًا وَالثَّانِيَةُ ثَلَاثَةً مُتَعَاقِبِينَ ثُمَّ الْأُولَى اثْنَيْنِ كَذَلِكَ) أَيْ مُتَعَاقِبَيْنِ (طَلُقَتَا بِالْأَوَّلِ مِنْ الثَّانِيَةِ طَلْقَةً طَلْقَةً ثُمَّ الْإِطْلَاقُ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (حَتَّى تَلِدَ الْأُولَى) وَلَدًا (فَتَزْدَادَ بِالثَّانِي) أَيْ بِوِلَادَتِهِ مُنْضَمًّا إلَى وِلَادَةِ الثَّانِيَةِ الثَّانِي (طَلْقَةً) ثَانِيَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
بِصَوَاحِبِهَا الصَّوَاحِبُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ لِإِحَالَةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَلْ الْغَرَضُ مِنْ الْوَصْفِ التَّعْرِيفُ فَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ وَلَدَتْ طَلُقَتْ غَيْرُهَا بِوِلَادَتِهَا غ.
(قَوْلُهُ فَهَذِهِ سَبْعُ صُوَرٍ) وَبَقِيَتْ ثَامِنَةٌ عَبَّرَ الْفَتَى عَنْ الثَّمَانِ صُوَرٍ بِقَوْلِهِ طَلُقَتْ كُلٌّ بِعَدَدِ مَنْ سَبَقَهَا وَمَنْ لَمْ تُسْبَقْ ثَلَاثًا قَالَ ابْنُ الْوَرْدِيُّ ضَابِطُهُ أَنَّ الثَّلَاثَ الْقَاعِدَةُ إلَّا لِوَاضِعٍ عَقِيبَ وَاحِدَةٍ فَقَطْ فَطَلْقَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَقَطْ فَذِي تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ
[فَرْعٌ قَالَ لِلْأَرْبَعِ كُلَّمَا وَلَدَتْ ثِنْتَانِ مِنْكُنَّ فَالْأُخْرَيَانِ طَالِقَانِ]
(قَوْلُهُ حَتَّى تَلِدَ الْأُولَى فَتَزْدَادَ بِالثَّانِي إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَقَعْ عَلَى الثَّانِيَةِ بِوَلَدِهَا الثَّانِي ثَانِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عِنْدَ وِلَادَتِهِ وِلَادَةٌ لِلْأُولَى نَضُمُّهَا إلَيْهَا لِتَكُونَا وِلَادَتَيْنِ حَتَّى تَقَعَ عَلَيْهَا ثَانِيَةٌ
(3/314)
(وَتَنْقَضِي عِدَّةُ كُلٍّ) مِنْهُمَا (بِوَلَدِهَا الثَّالِثِ فَإِنْ وَلَدَتْ الْأُولَى) وَلَدًا (ثُمَّ الْأُخْرَى) وَلَدًا (ثُمَّ الْأُولَى) وَلَدًا (ثُمَّ الْأُخْرَى) وَلَدًا (وَهَكَذَا) إلَى وِلَادَةِ (ثَلَاثَةٍ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ بَطْنٍ (فَطَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) تَطْلُقَانِ إحْدَاهُمَا بِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ الْأَوَّلَ وَالْأُخْرَى بِوِلَادَتِهَا الثَّانِي وَتَنْقَضِي عِدَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِوِلَادَتِهَا الثَّالِثَ.
(فَرْعٌ سَبَقَ أَنَّ خُرُوجَ كُلِّ الْوَلَدِ شَرْطٌ فِي التَّعْلِيقِ بِالْوِلَادَةِ) أَيْ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ فَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ وَمَاتَ الزَّوْجُ أَوْ الْمَرْأَةُ لَمْ تَطْلُقْ وَوَرِثَ الْبَاقِي مِنْهُمَا الْمَيِّتَ (فَلَوْ قَالَ إنْ وَلَدْت فَعَبْدِي حُرٌّ) أَوْ فَأَنْت طَالِقٌ (لَمْ يَعْتِقْ بِخُرُوجِ بَعْضِهِ) وَلَمْ تَطْلُقْ (فَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ الْعَبْدَ حِينَئِذٍ (بِشَرْطِ الْخِيَارِ) لَهُ أَوْ لَهُمَا (وَانْفَصَلَ الْوَلَدُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عَتَقَ) الْعَبْدُ (لِأَنَّ عِتْقَهُ يَنْفُذُ مِنْهُ فِي مُدَّتِهِ) وَإِنْ انْفَصَلَ بَعْدَهَا لَمْ يَعْتِقْ.
[فَصْلٌ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِحَمْلِهَا أَوْ وِلَادَتِهَا فَادَّعَتْهُ وَكَذَّبَهَا]
(فَصْلٌ) لَوْ (عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِحَمْلِهَا أَوْ وِلَادَتِهَا فَادَّعَتْهُ وَكَذَّبَهَا فَشَهِدَ أَرْبَعٌ) مِنْ النِّسْوَةِ بِذَلِكَ (لَمْ يَقْبَلْنَ) أَيْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُنَّ لَا يُقْبَلْنَ فِيهِ (وَإِنْ قُبِلْنَ فِي) ثُبُوتِ (النَّسَبِ) وَالْمِيرَاثِ بِشَهَادَتِهِنَّ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَوَابِعِ الْوِلَادَةِ وَضَرُورَاتِهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَهَذِهِ إنَّمَا ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي صُورَةِ الْوِلَادَةِ دُونَ صُورَةِ الْحَمْلِ وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يُوَافِقُهُ أَمَّا إذَا صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ) تَلِدِينَهُ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ ذَكَرًا فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلُقَتْ وَلَوْ لَمْ تَلِدْ غَيْرَهُ إذْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ كَوْنِهِ أَوَّلًا أَنْ تَلِدَ بَعْدَهُ آخَرَ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ إذَا الْأَوَّلُ لُغَةً ابْتِدَاءُ الشَّيْءِ سَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ ثَانٍ أَمْ لَا قَالَ تَعَالَى {إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ} [الدخان: 34] {إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأُولَى} [الدخان: 35] وَهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ لَيْسَ لَهُمْ إلَّا مَوْتَةٌ وَاحِدَةٌ (أَوْ قَالَ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ) مِنْ هَذَا الْحَمْلِ (ذَكَرًا فَطَلْقَةً أَوْ) يَعْنِي وَإِنْ كَانَ (أُنْثَى فَثَلَاثًا فَوَلَدَتْ الذَّكَرَ أَوَّلًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَةِ الْأُنْثَى أَوْ عَكْسِهِ) بِأَنْ وَلَدَتْ الْأُنْثَى أَوَّلًا (طَلَّقَا ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالذَّكَرِ وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ جَهِلَ التَّعَاقُبَ) وَالْمَعِيَّةَ (لَمْ تَطْلُقْ) إذْ لَا يُوصَفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْأَوَّلِيَّةِ فِيهِمَا وَلِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ فِي الثَّانِيَةِ (فَلَوْ تَعَاقَبَا وَجَهِلَ السَّابِقَ) مِنْهُمَا (فَطَلْقَةً) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ تَطْلُقَ ثَلَاثًا قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ (وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالثَّانِي) مِنْهُمَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ جَعَلَ) وِلَادَةَ (الْأُنْثَى) مِنْ زَوْجَةٍ شَرْطًا (لِطَلَاقِ الْأُخْرَى) بِأَنْ قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَوَلَدَتْهُمَا مُرَتَّبًا (وَجَهِلَ السَّابِقَ) مِنْهُمَا (يُوقَفُ الزَّوْجُ) أَيْ يُمْنَعُ (عَنْهُمَا) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى إحْدَاهُمَا وَالْتِبَاسِهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا حَتَّى تَبِينَ الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا (فَإِنْ جَعَلَهَا) شَرْطًا (لِعِتْقٍ) بِأَنْ قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرًا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَعَبْدِي حُرٌّ فَوَلَدَتْهُمَا مُرَتَّبًا وَجَهِلَ السَّابِقَ (أَقْرَعَ) بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ (فَإِنْ خَرَجَتْ لِلْعَبْدِ عَتَقَ وَإِلَّا لَمْ تَطْلُقْ) إذْ لَا مَدْخَلَ لِلْقُرْعَةِ فِي الطَّلَاقِ وَلَا تُعَادُ الْقُرْعَةُ (فَلَوْ وَلَدَتْ مَيِّتًا وَدُفِنَ) وَلَمْ يُعْرَفْ نُبِشَ (لِيُعْرَفَ) فَيُرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ.
[الطَّرَفُ الرَّابِعُ تَّعْلِيقِ الطَّلَاق بِالْحَيْضِ]
(الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ) فَلَوْ (قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ اشْتَرَطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (حَيْضَةً كَامِلَةً فَيَقَعُ سُنِّيًّا) لِوُقُوعِهِ فِي الطُّهْرِ (أَوْ إنْ طَهُرْت طُهْرًا وَاحِدًا) فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَقَعَ بِدْعِيًّا) لِوُقُوعِهِ فِي الْحَيْضِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَلِوُقُوعِهِ سُنِّيًّا وَبِدْعِيًّا شَرْطٌ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ وَقَوْلُهُ وَاحِدًا إيضَاحٌ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ حَيْضَةً) فِي الْأُولَى (وَطُهْرًا) فِي الثَّانِيَةِ (طَلُقَتْ بِالطَّعْنِ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَيْضِ فِي الْأُولَى وَالطُّهْرِ فِي الثَّانِيَةِ (إنْ تَمَّ) كُلٌّ مِنْهُمَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ بِالطَّعْنِ فِيهِ أَنَّهُ حَيْضٌ أَوْ طُهْرٌ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِمَا تُؤْمَرُ بِهِ الْحَائِضُ فِي الْأُولَى وَالطَّاهِرَةُ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ تَبَيَّنَّا أَنَّهَا لَمْ تَطْلُقْ (وَيُشْتَرَطُ) لِطَلَاقِهَا فِيمَا ذُكِرَ (حَيْضٌ أَوْ طُهْرٌ جَدِيدٌ فَلَا يَكْفِي الِاسْتِدَامَةُ) فَلَوْ كَانَتْ حَالَ التَّعْلِيقِ حَائِضًا فِي الْأُولَى لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ أَوْ طَاهِرًا فِي الثَّانِيَةِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ سَائِرُ الْأَوْصَافِ إلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْ نَحْوِ اسْتِدَامَةِ الرُّكُوبِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْأَيْمَانِ وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ اسْتِدَامَةُ الْحَيْضِ حَيْضًا كَمَا فِي اسْتِدَامَةِ الرُّكُوبِ لِأَنَّ دَوَامَ الْحَيْضِ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهَا بِخِلَافِ دَوَامِ الرُّكُوبِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ إلَى مَا فَرَّقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا تَعْلِيقٌ مُجَرَّدٌ عَنْ الْحَلِفِ وَمَا هُنَاكَ حَلِفٌ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ حِضْت حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِا) لْحَيْضَةِ (الْأُولَى وَاحِدَةً وَبِالثَّانِيَةِ أُخْرَى) لِتَحَقُّقِ الصِّفَتَيْنِ (فَإِنْ عَطَفَ بِثُمَّ) بِأَنْ قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ إنْ حِضْت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ خُرُوجَ كُلِّ الْوَلَدِ شَرْطٌ فِي التَّعْلِيقِ بِالْوِلَادَةِ]
مَبْحَثٌ الطَّرَفُ الرَّابِعُ) (قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي الِاسْتِدَامَةُ) خِلَافًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمُتَوَلِّي. (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ إلَى مَا فَرَّقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ مَمْنُوعٌ فَالْمَوْجُودُ فِي الطَّلَاقِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ تَعْلِيقًا مُجَرَّدًا عَنْ الْحَلِفِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ حِضْت أَوْ إنْ أَدْرَكَتْ الثِّمَارَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِحَلِفٍ فَهَذَا لَا يَأْتِي فِيهِ تَنْزِيلُ الدَّوَامِ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي إذَا أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَقْلِبُ الْمُضِيَّ إلَى الِاسْتِقْبَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْقِيقِ ذَلِكَ الْفِعْلِ مُسْتَقْبَلًا أَلَا تَرَاهُ يُقَالُ أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ الْيَوْمَ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَنْ يُلْمَحَ فِيهِ تَنْزِيلُ الدَّوَامِ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْحَيْضِ فَقَوْلُ الْمُعَلِّقِ فِيهَا إنْ حِضْت فَأَنْت طَالِقٌ يَقْتَضِي فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا إذْ لَوْ أَرَادَ الْحَالَ لَقَالَ إنْ كُنْت حَائِضًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَالْفِعْلُ الْمُسْتَقْبَلُ لَا يُوجَدُ حَقِيقَةً إلَّا فِي مُسْتَأْنَفٍ
(3/315)
حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ (فَا) لطَّلْقَةُ (الثَّانِيَةُ مُعَلَّقَةٌ بِحَيْضَتَيْنِ غَيْرِ الْأُولَى) فَلَا تَقَعُ حَتَّى تَحِيضَ بَعْدَ الْأُولَى حَيْضَتَيْنِ لِأَنَّ كَلِمَةَ ثُمَّ تُشْعِرُ بِذَلِكَ وَالْفَاءُ كَثُمَّ كَمَا قَدَّمْته فِي نَظِيرِهِ (وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ وَكُلَّمَا حِضْت حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِا) لْحَيْضَةِ (الْأُولَى طَلْقَةً وَبِالثَّانِيَةِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ.
(وَلَوْ قَالَ) لِامْرَأَتَيْهِ (إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً أَوْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ لَغَتْ لَفْظَةُ الْحَيْضَةِ أَوْ الْوَلَدُ) لِاسْتِحَالَةِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي حَيْضَةٍ أَوْ وَلَدٍ وَاسْتُعْمِلَ الْبَاقِي فَإِذَا طَعَنَتَا فِي الْحَيْضِ أَوْ وَلَدَتَا طَلُقَتَا (فَإِنْ قَالَ) إنْ وَلَدْتُمَا (وَلَدًا وَاحِدًا) فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ (فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ) فَلَا تَطْلُقَانِ بِوِلَادَتِهِمَا وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ ذَلِكَ بِأَنَّا إنْ نَظَرْنَا إلَى تَقْيِيدِهِ بِالْحَيْضَةِ وَتَعَذُّرِ اشْتِرَاكِهِمَا فِيهَا لَزِمَ عَدَمُ الْوُقُوعِ أَوْ إلَى الْمَعْنَى وَهُوَ تَمَامُ حَيْضَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَزِمَ تَوَقُّفُ الْوُقُوعِ عَلَى تَمَامِهِمَا فَالْخُرُوجُ عَنْ هَذَيْنِ مُشْكِلٌ ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الْوَلَدِ مِنْ أَنَّ لَفْظَ وَاحِدٌ تَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ يَجْرِي تَعْيِينُهُ فِي الْحَيْضَةِ لِأَنَّهَا لِلْمَرْأَةِ لِوَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ وَلَدًا وَاحِدًا انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ وَلَدًا وَاحِدًا نَصٌّ فِي الْوَحْدَةِ فَأَلْغَى الْكَلَامَ كُلَّهُ وَحَيْضَةٌ ظَاهِرٌ فِيهَا فَأُلْغِيَتْ وَحْدَهَا وَبِإِلْغَائِهَا سَقَطَ اعْتِبَارُ تَمَامِ الْحَيْضَةِ.
(فَصْلٌ) لَوْ (عَلَّقَ بِحَيْضِهَا طَلَاقَهَا فَادَّعَتْ) حَيْضَهَا فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ (وَكَذَّبَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) فَيُحْكَمُ بِطَلَاقِهَا لِأَنَّهَا أَعْرَفُ مِنْهُ بِهِ وَتَتَعَذَّرُ أَيْ تَتَعَسَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الدَّمَ وَإِنْ شُوهِدَ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ حَيْضٌ لِجَوَازِ كَوْنِهِ دَمَ اسْتِحَاضَةٍ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا) لَوْ عَلَّقَ بِمَا (لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهَا) غَالِبًا (كَالنِّيَّةِ وَالْبُغْضِ وَالْحُبِّ وَلَوْ عَلَّقَ بِطَلَاقِهَا وَطَلَاقِ ضَرَّتِهَا) حَقَّهُ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ عَلَّقَ بِهِ طَلَاقَهَا وَطَلَاقَ ضَرَّتِهَا وَلَعَلَّهُ كَانَ كَذَلِكَ لَكِنْ اتَّصَلَتْ الْهَاءُ بِالطَّاءِ (فَادَّعَتْهُ) أَيْ مَا عَلَّقَ بِهِ كَحَيْضِهَا (وَكَذَّبَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا وَطَلُقَتْ وَحْدَهَا) فَلَا تَطْلُقُ الْأُخْرَى إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِيَةِ الْحَيْضِ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ حَلَّفْنَاهَا فَإِنَّ التَّحْلِيفَ لِغَيْرِهَا وَالْحُكْمُ لِلْإِنْسَانِ بِحَلِفِ غَيْرِهِ مَعَ عَدَمِ تَعْلِيقِ الْخُصُومَةِ بِهِ مُمْتَنِعٌ فَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ جَرْيًا عَلَى الْأَصْلِ فِي تَصْدِيقِ الْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ (وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِوِلَادَتِهَا أَوْ زِنَاهَا) فَادَّعَتْهُ وَكَذَّبَهَا (لَمْ تُصَدَّقْ) بَلْ تُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِالدُّخُولِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ مُتَيَسِّرَةٌ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ (وَإِنْ ادَّعَتْ عِلْمَهُ بِزِنَاهَا لَمْ يَحْلِفْ) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (وَ) لَكِنْ (تُحَلِّفُهُ إنْ ادَّعَتْ الْفُرْقَةَ) أَنَّهَا لَمْ تَقَعْ وَعَدَمُ تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ مَا ذُكِرَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ وَجْهٌ وَالْمُرَجَّحُ خِلَافُهُ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ عَلَى اضْطِرَابٍ فِيهِ (وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ طَلَاقَ زَوْجَتَيْهِ (بِحَيْضَتِهِمَا فَادَّعَتَاهُ) وَكَذَّبَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَلَا طَلَاقَ لِأَنَّ طَلَاقَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُعَلَّقٌ بِشَرْطَيْنِ وَلَمْ يَثْبُتَا بِقَوْلِهِمَا وَإِنْ صَدَّقَهُمَا طَلُقَتَا (وَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا) فَقَطْ (فَحَلَفَتْ الْمُكَذَّبَةُ) أَنَّهَا حَاضَتْ (طَلُقَتْ وَحْدَهَا) لِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِيَمِينِهَا وَحَيْضِ ضَرَّتِهَا بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ لَهَا وَالْمُصَدَّقَةُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهَا حَيْضُ ضَرَّتِهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُؤَثِّرُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَالِفِ كَمَا مَرَّ فَلَمْ تَطْلُقْ (وَتَطْلُقُ الْمُكَذَّبَةُ) فَقَطْ (بِلَا يَمِينٍ فِي قَوْلِهِ) لِزَوْجَتَيْهِ (مَنْ حَاضَتْ مِنْكُمَا فَصَاحِبَتُهَا طَالِقٌ) وَادَّعَتَاهُ وَصَدَّقَ إحْدَاهُمَا وَكَذَّبَ الْأُخْرَى لِثُبُوتِ حَيْضِ الْمُصَدَّقَةِ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ.
(فَرْعٌ لَوْ قَالَ لِثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ إنْ حِضْتُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ وَادَّعَيْنَهُ فَصَدَّقَهُنَّ إلَّا وَاحِدَةً فَحَلَفَتْ طَلُقَتْ وَحْدَهَا) أَيْ دُونَ الْمُصَدَّقَاتِ لِمَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِحَلِفِ الْمُكَذَّبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَإِنْ كَذَّبَ ثِنْتَيْنِ) وَحَلَفَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَا طَلَاقَ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (كَتَكْذِيبِ الْجَمِيعِ) إذْ لَا يَثْبُتُ حَيْضُ مُكَذَّبَةٍ بِحَلِفِهَا فِي حَقِّ أُخْرَى فَلَمْ يَثْبُتْ الْمُعَلَّقُ بِهِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُنَّ وَإِنْ صَدَّقَ الْجَمِيعَ طُلِّقْنَ.
(وَإِنْ قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا حَاضَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ) فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ إنْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا وَاحِدًا إلَخْ) أَوْ حِضْتُمَا حَيْضَةً وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ وَلَدًا وَاحِدًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَصْلٌ عَلَّقَ بِحَيْضِهَا طَلَاقَهَا فَادَّعَتْ حَيْضَهَا فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ وَكَذَّبَهَا]
(قَوْلُهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى ذَلِكَ) قَالَ تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] فَحَرَّمَ الْكَتْمَ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ قَوْلِهِنَّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283] .
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِهِ مِنْهُ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَهُ بِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا كَانَ رَاضِيًا بِأَمَانَتِهَا وَقَوْلُ الْأَمِينِ إذَا عَرِيَ عَنْ التُّهْمَةِ مَقْبُولٌ وَلَا تُهْمَةَ؛ لِأَنَّهَا تُسْقِطُ حُقُوقَهَا عَنْ الزَّوْجِ وَلَوْ قَالَ إنْ حِضْت فَضَرَّتُك طَالِقٌ وَكَذَّبَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ صَدَّقَهَا طَلُقَتْ الضَّرَّةُ وَلَوْ قَالَ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي صِدْقُهَا وَلَكِنْ أُجَوِّزُ كَذِبَهَا لَمْ تَطْلُقْ فَإِنْ قِيلَ قُلْتُمْ إنَّهُ إذَا صَدَّقَهَا طَلُقَتْ وَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ فِي تَصْدِيقِهَا إلَّا غَلَبَةُ الظَّنِّ بِهِ النَّاشِئِ عَنْ إخْبَارِهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ إذَا صَرَّحَ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، قِيلَ التَّصْرِيحُ بِالْمُسْتَنَدِ قَدْ يَمْنَعُ الْقَبُولَ كَالشَّاهِدِ بِالْمِلْكِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِيهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَإِذَا أَطْلَقَ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ سُمِعَتْ وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ الِاسْتِفَاضَةُ لَمْ تُسْمَعْ.
(قَوْلُهُ وَالْبُغْضُ وَالْحُبُّ) لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ أَحْبَبْت دُخُولَ النَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ أَحْبَبْت دُخُولَهَا فَهَلْ تَطْلُقُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَطْلُقُ.
(قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ كَانَ كَذَلِكَ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. (قَوْلُهُ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِيَةِ الْحَيْضِ بِلَا يَمِينٍ) أَوْرَدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيَقْضِي بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَقَالَ شِئْت فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ قَالَ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِهَا مُتَّهَمَةً فِي طَلَاقِ ضَرَّتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ وَقَدْ عَلَّقَهُ بِمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا. اهـ. وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْحَيْضِ بِخِلَافِ الْمَشِيئَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِوِلَادَتِهَا أَوْ زِنَاهَا لَمْ تُصَدَّقْ) مِثْلُهُ مَا إذَا قَالَ إنْ قُلْت كَذَا أَوْ سَبَيْت فُلَانًا مَثَلًا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ ادَّعَتْ وُقُوعَ ذَلِكَ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ إنَّهَا لَمْ تَقَعْ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَحْلِفُ.
(قَوْلُهُ وَعَدَمُ تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ مَا ذُكِرَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ إلَخْ) قَالَ الْغَزِّيِّ كُنْت أَبْحَثُ فِيهِ كَثِيرًا ثُمَّ وَقَفْت بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى كَلَامِ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَفَّالِ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ بِحَلِفِهِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ
(3/316)
(فَحَاضَتْ ثَلَاثٌ مِنْهُنَّ طَلُقَتْ الْأَرْبَعُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ قُلْنَ حِضْنَ فَكَذَّبَهُنَّ وَحَلَفْنَ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً) لِأَنَّ يَمِينَهَا يَكْفِي فِي حَيْضِهَا فِي حَقِّهَا (أَوْ صَدَّقَ وَاحِدَةً فَقَطْ طَلُقَتْ طَلْقَةً) بِقَوْلِهَا (وَ) طَلُقَتْ (الْمُكَذَّبَاتُ) طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ أَيْ يُطَلَّقُ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلْقَتَيْنِ طَلْقَةً بِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِقَوْلِهَا وَطَلْقَةً بِحَيْضِ الَّتِي صَدَّقَهَا الزَّوْجُ (أَوْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ طَلُقَتَا طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَ) طَلُقَتْ (الْمُكَذَّبَاتُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَوْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طُلِّقَ الْجَمِيعُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا حَاضَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَادَّعَيْنَهُ وَصَدَّقَهُنَّ طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَإِنْ كَذَّبَهُنَّ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُنَّ (وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ الْبَاقِيَاتُ طَلْقَةً طَلْقَةً) لِثُبُوتِ حَيْضِ صَاحِبَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ (دُونَهَا) فَلَا تَطْلُقُ إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّهَا حَيْضُ وَاحِدَةٍ مِنْ صَوَاحِبِهَا (وَإِنْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَةً وَاحِدَةً ثَبَتَ حَيْضُهَا (وَ) طَلُقَتْ (الْمُكَذَّبَتَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَتَيْنِ ثَبَتَ حَيْضُهُمَا (وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طُلِّقْنَ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَتَيْنِ (وَ) طَلُقَتْ الْمُكَذَّبَةُ (ثَلَاثًا) لِأَنَّ لَهَا ثَلَاثَ صَوَاحِبَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِرُؤْيَتِهَا الدَّمَ حُمِلَ عَلَى) دَمِ (الْحَيْضِ) لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ (فَيَكْفِي الْعِلْمُ بِهِ) فَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَلَوْ فُسِّرَ بِغَيْرِ دَمِ الْحَيْضِ فَإِنْ كَانَ يَتَعَجَّلُ قَبْلَ حَيْضِهَا قُبِلَ ظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ فَلَا.
[فَرْع قَالَ لِحَائِضٍ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فِي كُلِّ حَيْضَةٍ طَلْقَةً]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَائِضٍ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فِي كُلِّ حَيْضَةٍ طَلْقَةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً فِي الْحَالِ وَ) طَلُقَتْ (الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ مَعَ صِفَتِهِمَا) وَهِيَ أَوَّلُ الْحَيْضِ الثَّانِي وَأَوَّلُ الثَّالِثِ (وَفِي التَّعْلِيقِ بِنِصْفِ حَيْضَةٍ) بِأَنْ قَالَ إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ (تَطْلُقُ بِمُضِيِّ نِصْفِ أَيَّامِ الْعَادَةِ) فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ مَثَلًا طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
[الطَّرَفُ الْخَامِسُ التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ]
(الطَّرَفُ الْخَامِسُ التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ) أَمَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَتُقَدَّمُ وَأَمَّا بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ فَقَدْ يَكُونُ بِمَشِيئَةِ زَوْجَتِهِ بِخِطَابٍ وَقَدْ يَكُونُ بِمَشِيئَتِهَا بِدُونِ خِطَابٍ وَقَدْ يَكُونُ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهَا فَلَوْ (قَالَ يُخَاطِبُهَا) أَيْ مُخَاطَبًا لَهَا (أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت أَوْ إذَا شِئْت فَإِنْ قَالَتْ فَوْرًا شِئْت وَلَوْ بِتَكْرِيرِ شِئْت طَلُقَتْ) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَمْلِيكهَا الْبُضْعَ وَالتَّصْرِيحَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِتَكْرِيرِ شِئْت مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا مَجْنُونَةَ وَصَبِيَّةَ وَلَوْ مُمَيِّزَةً) فَلَا تَطْلُقُ بِذَلِكَ إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمَا فِي التَّصَرُّفَاتِ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلِّقِي نَفْسَك فَطَلُقَتْ لَمْ تَطْلُقْ فَكَذَا إذَا عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا (إلَّا إنْ قَالَ) لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ قُلْت شِئْت) لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَحْضُ تَلَفُّظِهَا بِالْمَشِيئَةِ وَقَدْ وُجِدَ، وَالصَّبِيُّ فِيمَا ذُكِرَ كَالصَّبِيَّةِ وَالسَّكْرَانَ كَالْمُكَلَّفِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ (فَإِنْ قَالَتْ) زَوْجَتُهُ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت أَوْ إذَا شِئْت (شِئْت غَدًا أَوْ) . شِئْت (إنْ شِئْت) أَوْ شَاءَ فُلَانٌ (فَشَاءَ) الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَةِ أَوْ لَمْ يَشَأْ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الزَّوْجَ عَلَّقَ بِمَشِيئَةٍ مَجْزُومٍ بِهَا وَلَمْ تَحْصُلْ (وَكَذَا) لَا تَطْلُقُ (لَوْ شَاءَتْ بِقَلْبِهَا وَلَمْ تَنْطِقْ فَإِنْ عَكَسَتْ) بِأَنْ نَطَقَتْ وَلَمْ تَشَأْ بِقَلْبِهَا بَلْ كَرِهَتْ مَا شَاءَتْهُ (طَلُقَتْ ظَاهِرًا وَكَذَا بَاطِنًا) إذْ التَّعْلِيقُ فِي الْحَقِيقَةِ بِلَفْظِ الْمَشِيئَةِ لَا بِمَا فِي الْبَاطِنِ بِدَلِيلِ إنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ أَجْنَبِيٍّ فَقَالَ شِئْت صُدِّقَ وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِمَا فِي الْبَاطِنِ لَمَا صُدِّقَ كَمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَ ضَرَّتِهَا بِحَيْضِهَا لَا تُصَدَّقُ فِي حَقِّ الضَّرَّةِ.
(وَإِنْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهَا) وَلَوْ خِطَابًا كَأَنْ قَالَ إنْ شِئْت أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ (أَوْ) عَلَّقَ (بِلَفْظِ مَتَى) كَأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَتَى شِئْت (لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ) لِانْتِفَاءِ التَّمْلِيكِ فِي الْأَوَّلِ وَلِتَصْرِيحِهِ بِجَوَازِ التَّأْخِيرِ فِي الثَّانِي كَمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ وَكَمَتَى أَيْ وَقْتِ (وَكَذَا) لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ (لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا غَيْرَ مُخَاطَبَةٍ) بِأَنْ قَالَ لَهَا وَلَوْ حَاضِرَةً زَوْجَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ لِبَعْدِ التَّمْلِيكِ بِانْتِفَاءِ الْخِطَابِ (وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ بِالْمَشِيئَةِ كَالنُّطْقِ) مِنْ النَّاطِقِ فَيَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ (وَلَوْ خَرِسَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ) فَإِنَّ مَشِيئَتَهُ كَالنُّطْقِ (وَإِنْ عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا) خِطَابًا (وَمَشِيئَةِ زَيْدٍ اُشْتُرِطَ الْفَوْرُ فِي مَشِيئَتِهَا فَقَطْ) أَيْ دُونَ مَشِيئَةِ زَيْدٍ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ لَوْ انْفَرَدَ كَمَا إنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت وَدَخَلْت الدَّارَ أُعْطِيَ كُلٌّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ حُكْمُهُ لَوْ انْفَرَدَ (وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ فِي ظَاهِرٍ وَإِنْ تَضَمَّنَ تَمْلِيكًا فَكَانَ (كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ) .
[فَرْعٌ عَلَّقَ الطَّلَاق بِمَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ أَوْ بِعَدَمِهَا]
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ) أَوْ بِعَدَمِهَا (لَمْ تَطْلُقْ) إذْ لَهُمْ مَشِيئَةٌ وَلَمْ يُعْلَمْ حُصُولُهَا فَهِيَ كَمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى (وَكَذَا لَا) تَطْلُقُ إذَا عَلَّقَ (بِمَشِيئَةِ بَهِيمَةٍ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ قَالَ لِثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ إنْ حِضْتُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ]
مَبْحَثٌ الطَّرَفُ الْخَامِسُ) . (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ أَجْنَبِيٍّ إلَخْ) اسْتَثْنَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْفُرُوقِ مَا إذَا قَالَ إذَا شِئْت بِقَلْبِك فَشَاءَ كَارِهًا لَمْ تَطْلُقْ.
(3/317)
[فَصْلٌ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ طَلَّقْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِامْرَأَتَيْهِ (طَلَّقْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا فَشَاءَتْ إحْدَاهُمَا لَمْ تَطْلُقْ) بِعَدَمِ مَشِيئَتِهِمَا هَذَا مِنْ زِيَادَةٍ (أَوْ شَاءَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (طَلَاقَهَا) أَيْ طَلَاقَ نَفْسِهَا (دُونَ ضَرَّتِهَا فَفِي وُقُوعِهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ تَعْلِيقُ طَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَشِيئَتِهَا وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَا لِأَنَّ مَشِيئَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا طَلَاقَهُمَا عِلَّةٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَعَلَى ضَرَّتِهَا.
(وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ شِئْت أَمْ أَبَيْت طَلَاقٌ مُنَجَّزٌ) إذَا لَا تَعْلِيقَ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ شِئْت أَوْ أَبَيْت تَعْلِيقٌ بِإِحْدَاهُمَا) فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِهِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ قُمْت أَوْ قَعَدْت (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (كَيْفَ شِئْت أَوْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شِئْت طَلُقَتْ شَاءَتْ أَمْ لَا) وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَشَاءَ فِي الْمَجْلِسِ الطَّلَاقَ أَوْ عَدَمَهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْعِتْقِ يَقْتَضِي رُجْحَانَ الثَّانِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ.
(وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَشَاءَتْ أَقَلَّ) مِنْهَا (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ مَشِيئَةَ أَقَلَّ مِنْهَا لَيْسَتْ مَشِيئَةً لَهَا (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَشَاءَتْ ثَلَاثًا) أَوْ ثِنْتَيْنِ (طَلُقَتْ وَاحِدَةً) لِأَنَّهَا إذَا شَاءَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَقَدْ شَاءَتْ وَاحِدَةً.
[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك) أَوْ فُلَانٌ (وَاحِدَةً فَشَاءَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ شَاءَ وَاحِدَةً فِيهِمَا وَزَادَ فِي الثَّانِيَةِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك وُقُوعَ وَاحِدَةٍ فَتَقَعُ) لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ.
(أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك) أَوْ فُلَانٌ (ثَلَاثًا فَشَاءَ ثَلَاثًا لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ شَاءَ ثَلَاثًا (أَوْ شَاءَ دُونَهَا) أَيْ الثَّلَاثِ (أَوْ لَمْ يَشَأْ) شَيْئًا (طَلُقَتْ) وَاحِدَةً.
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك]
(فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك) أَوْ نَحْوُهُ كَلَوْلَا اللَّهُ وَلَوْلَا دِينُك (لَمْ تَطْلُقْ) إذْ الْمَعْنَى لَوْلَاهُ لَطَلَّقْتُك (وَكَذَا) لَا تَطْلُقُ لَوْ قَالَ (أَنْت طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك) لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْلَا حُرْمَةُ أَبِيهَا لَطَلَّقْتهَا وَأَكَّدَ هَذَا الْخَبَرَ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك هَذَا (إنْ تَعَارَفُوهُ يَمِينًا) بَيْنَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَتَعَارَفُوهُ يَمِينًا طَلُقَتْ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ بَعْدُ وَمَحِلُّ عَدَمِ الطَّلَاقِ إذَا صُدِّقَ فِي خَبَرِهِ (فَإِنْ كَذَبَ فِيهِ طَلُقَتْ بَاطِنًا وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ بِكَذِبِهِ (فَظَاهِرًا) أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَنَا إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ إلَّا مِنْهُ.
[فَرْعٌ قَالَ لَهَا شَائِي أَوْ أَحِبِّي أَوْ اخْتَارِي الطَّلَاقَ]
(فَرْعٌ لَوْ قَالَ) لَهَا (شَائِي أَوْ أَحِبِّي أَوْ أَرِيدِي أَوْ ارْضَيْ أَوْ اهْوَيْ أَوْ اخْتَارِي الطَّلَاقَ وَأَرَادَ التَّفْوِيضَ) لِلطَّلَاقِ إلَيْهَا (فَقَالَتْ شِئْته أَوْ أَحْبَبْته) أَوْ أَرَدْته (أَوْ رَضِيته أَوْ هَوِيته أَوْ اخْتَرْته طَلُقَتْ لَا فِي) الصُّوَرِ (الثَّلَاثِ الْأَوَّلِ) فَلَا تَطْلُقُ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ لِأَنَّهُ اسْتَدْعَى مِنْهَا كُلًّا مِنْ الثَّلَاثِ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا وَلَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا وَلَا فَوَّضَهُ إلَيْهَا وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ تَفْوِيضٌ فَقَوْلُهَا شِئْت أَوْ أَحْبَبْت أَوْ أَرَدْت لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ هَذَا مَا أَفْهَمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ حَيْثُ نَقَلَ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا وَعَنْ الْبُوشَنْجِيِّ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا أَقْوَى انْتَهَى وَلَمْ يُرِدْ الْبُوشَنْجِيُّ الْحَصْرَ فِي الثَّلَاثِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا أَمْثِلَةً بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِ الْجَارِي فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ.
(وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت فَقَالَتْ أَحْبَبْت) مَثَلًا (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَحْبَبْت فَقَالَتْ شِئْت مَثَلًا (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ لَفْظَيْ الْمَشِيئَةِ وَالْمَحَبَّةِ يَقْتَضِي مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْآخَرُ وَلِهَذَا يُقَالُ الْإِنْسَانُ يَشَاءُ دُخُولَ الدَّارِ وَلَا يُقَالُ يُحِبُّهُ وَيُحِبُّ وَلَدَهُ وَلَا تَسُوغُ لَفْظَةُ الْمَشِيئَةِ فِيهِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ أَرَدْت فَتَقُولُ هِيَ شِئْت أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا تَطْلُقُ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الْبُوشَنْجِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى قَالَ فِي الْأَنْوَارِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ أَيْ لِأَنَّ اللَّفْظَيْنِ مُتَرَادِفَانِ (أَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِفُلَانٍ) غَيْرُ ذَلِكَ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يُرِيدَ) أَوْ يَشَاءَ أَوْ يَرَى (غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَبْدُ لَهُ طَلُقَتْ قُبَيْلَ مَوْتِهِ) أَوْ جُنُونِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ لِفَوَاتِ مَا جَعَلَهُ مَانِعًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (إلَّا أَنْ أَشَاءَ أَوْ يَبْدُوَ لِي طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ وَأَرَادَ رَفْعَهُ إذَا بَدَا لَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الْبَغَوِيّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَا الْبَحْثُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَحَكَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فَهُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَلَمْ يَطَّلِعْ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى هَذَا النَّصِّ فَقَالَ إنَّهُ نَصٌّ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ فَثَبَتَ أَنَّهُ نَصٌّ عَلَيْهِ وَعَلَى نَظِيرِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يُخَالِفُهُ فَيُعْمَلُ بِهِ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ لَمْ يَشَأْ فُلَانٌ فَقَالَ لَمْ أَشَأْ) أَيْ الطَّلَاقَ أَوْ سَكَتَ حَتَّى مَاتَ (طَلُقَتْ) فِي الْحَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك وُقُوعَ وَاحِدَةٍ إلَخْ) أَوْ عَدَمَ وُقُوعِهَا إذَا شَاءَهَا فَطَلْقَتَانِ
(قَوْلُهُ هَذَا مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَذَا فَهِمَهُ مِنْهُ الْأَصْفُونِيُّ وَالْحِجَازِيُّ
(قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَرَدْت فَتَقُولُ هِيَ شِئْت أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ) قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ أَشَاءَ) أَوْ يَبْدُوَ لِي طَلُقَتْ فِي الْحَالِ أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ الطَّلَاقِ
(3/318)
فِي الْأُولَى وَقُبَيْلَ الْمَوْتِ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ مَعَ زِيَادَتِهِ قُبَيْلَ الْبَابِ الْخَامِسِ.
(الطَّرَفُ السَّادِسُ فِي) مَسَائِلِ (الدَّوْرِ) لَوْ (قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ مَتَى طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا) لِمَوْطُوءَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ وَاحِدَةً) أَوْ ثِنْتَيْنِ (لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ أَعْتَقْتُك) أَوْ مَتَى أَعْتَقْتُك (فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا حَصَلَ الدَّوْرُ) فَعَلَى صِحَّتِهِ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْمُنَجَّزُ لَوَقَعَ الْمُعَلَّقُ قَبْلَهُ بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ وَلَوْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ لَكِنَّ الْأَصَحَّ الْمُخْتَارَ بُطْلَانُ الدَّوْرِ وَعَلَيْهِ قَالَ (وَالْمُخْتَارُ) وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ) دُونَ الْمُعَلَّقِ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ لِأَنَّهُ مَشْرُوطًا بِهِ فَوُقُوعُهُ مُحَالٌ بِخِلَافِ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ إذْ قَدْ يَتَخَلَّفُ الْجَزَاءُ عَنْ الشَّرْطِ بِأَسْبَابٍ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ سَالِمٍ بِعِتْقِ غَانِمٍ ثُمَّ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَا يَفِي ثُلُثُ مَالِهِ إلَّا بِأَحَدِهِمَا لَا يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا بَلْ يَتَعَيَّنُ عِتْقُ غَانِمٍ وَشَبَّهَ هَذَا بِمَا لَوْ أَقَرَّ الْأَخُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ يَثْبُتُ النَّسَبُ دُونَ الْمِيرَاثِ وَلِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمُعَلَّقِ وَالْمُنَجَّزِ مُمْتَنِعٌ وَوُقُوعَ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَالْمُنَجَّزُ أَوْلَى بِالْوُقُوعِ لِأَنَّهُ أَقْوَى لِافْتِقَارِ الْمُعَلَّقِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْجَزَاءَ قَبْلَ الشَّرْطِ وَهُوَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ فَيَلْغُو التَّعْلِيقُ وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ فَيَبْعُدُ سَدُّ بَابِهِ (وَكَذَا يَقَعُ) الْمُنَجَّزُ فَقَطْ لَوْ قَالَ (أَنْت طَالِقٌ) الْيَوْمَ (ثَلَاثًا إنْ طَلَّقْتُك غَدًا وَاحِدَةً) فَطَلَّقَهَا غَدًا وَاحِدَةً.
(فَإِنْ قَالَ لِمَوْطُوءَةٍ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ) مَثَلًا (فَطَلَّقَهَا قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ وَقَعَتْ الْمُنَجَّزَةُ) دُونَ الْمُعَلَّقَةِ لِأَنَّ الْوُقُوعَ لَا يَسْبِقُ اللَّفْظَ (أَوْ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّهَا (وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ فَطَلْقَتَانِ) إحْدَاهُمَا مُنَجَّزَةٌ وَالْأُخْرَى مُعَلَّقَةٌ (أَوْ) وَهِيَ (مُنْقَضِيَةٌ فَالْمُنَجَّزَةُ) دُونَ الْمُعَلَّقَةِ أَمَّا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ فَالْمُنَجَّزَةُ مُطْلَقًا (فَإِنْ كَانَ قَالَ) لِمَوْطُوءَةٍ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ (ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ السَّنَةِ فَلَا دَوْرَ) فَيَقَعُ الْمُنَجَّزُ بِكُلِّ حَالٍ (أَوْ بَعْدَهَا فَدَوْرٌ فَيَقَعُ الْمُنَجَّزُ) دُونَ الْمُعَلَّقِ (عَلَى الْمُخْتَارِ فَإِنْ طَلَّقَهَا وَكِيلُهُ أَوْ طَلُقَتْ بِصِفَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ) تَعْلِيقًا عَلَى تَعْلِيقِهِ بِالتَّطْلِيقِ كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ ثُمَّ دَخَلَتْ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ (فَلَا دَوْرَ) لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُطَلِّقْهَا وَإِنَّمَا وَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ فَيَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ فِي الْأُولَى وَالْمُعَلَّقُ بِالدُّخُولِ فِي الثَّانِيَةِ (إلَّا) بِمَعْنَى لَكِنْ (إنْ عَلَّقَ بِالْوُقُوعِ أَوْ الْحِنْثِ) كَأَنْ قَالَ إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي أَوْ حِنْثٌ فِي يَمِينِي فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ طَلُقَتْ بِصِفَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ تَعْلِيقًا فَدَوْرٌ فَيَقَعُ عَلَى الْمُخْتَارِ طَلَاقُ الْوَكِيلِ وَالْمُعَلَّقِ بِالصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقَوْلُهُ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ أُطَلِّقَك وَاحِدَةً) ثُمَّ طَلَّقَهَا (دَوْرٌ وَلَوْ طَلَّقَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) لِاشْتِمَالِ الْعَدَدِ عَلَى وَاحِدَةٍ فَعَلَى صِحَّةِ الدَّوْرِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَعَلَى بُطْلَانِهِ يَقَعُ الْمُنَجَّزُ (أَوْ) قَالَ (إنْ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ وَاحِدَةً فَإِنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا فَدَوْرٌ) فَتَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَى الْمُخْتَارِ وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَقَعَ الْمُنَجَّزُ بِكُلِّ حَالٍ.
[فَرْعٌ قَالَ إنْ آلَيْت أَوْ ظَاهَرْت مِنْك أَوْ لَاعَنْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(فَرْعٌ لَوْ قَالَ إنْ آلَيْت أَوْ ظَاهَرْت مِنْك أَوْ لَاعَنْتُك أَوْ رَاجَعْتُك أَوْ فَسَخْت النِّكَاحَ بِعَيْبِك) أَوْ حَلَفْت بِطَلَاقِك (فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَفَعَلَهُ) أَيْ مَا عَلَّقَ بِهِ (حَصَلَ الدَّوْرُ) فَلَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ الدَّوْرِ (وَيَنْفُذُ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ) مِنْ ذَلِكَ (عَلَى الْمُخْتَارِ) مِنْ بُطْلَانِ الدَّوْرِ (فَإِنْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ (بِمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اخْتِيَارِهِ كَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ أَوْ عِتْقِهَا أَوْ اسْتِحْقَاقِ) أَيْ أَوْ عَلَّقَ بِاسْتِحْقَاقِ (حَقٍّ لَهَا كَالنَّفَقَةِ) وَالْقَسْمِ وَالْفَسْخِ بِعَيْبِهِ أَوْ عِتْقِهَا وَطَلَبِ الطَّلَاقِ فِي الْإِيلَاءِ (فَاسْتَحَقَّتْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[الطَّرَفُ السَّادِسُ فِي مَسَائِلِ الدَّوْرِ]
مَبْحَثٌ الطَّرَفُ السَّادِسُ) . (قَوْلُهُ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ مَتَى طَلَّقْتُك إلَخْ) قَالَ مَتَى وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى زَوْجَتِي بِتَعْلِيقٍ أَوْ تَنْجِيزٍ فَطَلَاقُهَا مَوْقُوفٌ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلُقَتْ وَالتَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ لَاغٍ غ إذْ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ يَسْتَحِيلُ تَعْلِيقُهُ (قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ) أَيْ أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ) فَلَزِمَ مِنْ وُقُوعِهِ عَدَمُ وُقُوعِهِ فَلَمْ يَقَعْ وَهَذَا كَمَا لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِصَدَاقِهَا الَّذِي ضَمِنَهُ السَّيِّدُ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمَلَكَتْهُ فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ فَيَسْقُطُ الصَّدَاقُ قُبَيْلَ الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ الَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ عُظَمَاءَ عُلَمَاءِ مَشَايِخِي وَهُمْ الَّذِينَ انْتَهَتْ إلَيْهِمْ رِيَاسَةُ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ وَقَدْ جَمَعْت فِيهِ جُزْءًا كَبِيرًا اسْتَوْعَبْتُ فِيهِ الْأَجْوِبَةَ عَنْ شُبْهَةِ مَنْ أَفْتَى بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَنَبَّهْت فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ فِي الْمَذْهَبِ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْوُقُوعِ بَعْدَ سِتِّمِائَةٍ إلَّا عَنْ السُّبْكِيّ ثُمَّ رَجَعَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ وَإِلَّا الْإِسْنَوِيُّ وَعُمْدَتُهُ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ فَنَقَضَتْهُ بِأَنَّ الْأَكْثَرَ يَقُولُونَ بِالْوُقُوعِ وَأَوْضَحْت ذَلِكَ غَايَةَ الْإِيضَاحِ وَنَقَلْت فِيهِ قَوْلَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ فِي قَوْلِهِ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ وَبَيَّنْت أَنَّ الَّذِي نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ إنَّمَا هُوَ الدَّوْرُ الشَّرْعِيُّ وَلَمْ يُعَرِّجْ قَطُّ عَلَى هَذَا الدَّوْرِ الْجُعْلِيِّ.
(قَوْلُهُ وَوُقُوعُ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَالْمُنَجَّزُ أَوْلَى إلَخْ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا عَكَسَ التَّعْلِيقَ فَقَالَ كُلَّمَا تَلَفَّظْت بِطَلَاقِك فَلَمْ يَقَعْ عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا فَإِذَا طَلَّقَهَا انْحَلَّ الدَّوْرُ قَالَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْقَبْلِيَّ قَدْ صَارَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مُعَلَّقًا عَلَى النَّقِيضِينَ وَهُمَا الْوُقُوعُ وَعَدَمُ الْوُقُوعِ وَكُلَّمَا كَانَ لَازِمًا لِلنَّقِيضَيْنِ فَهُوَ وَاقِعٌ ضَرُورَةً لِاسْتِحَالَةِ وُقُوعِ خُلُوِّ الْوَاقِعِ عَنْ أَحَدِهِمَا وَقَدْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ فِي تَعْلِيقِهِ فَقَالَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ وُقُوعُ الْقَبْلِيِّ وَكَيْفَ يَكُونُ مُقْتَضَاهُ وَوُقُوعُهُ مُسْتَحِيلًا؛ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى صِحَّةِ الدَّوْرِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ امْتِنَاعَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ وَالْمُنَجَّزِ، وَأَمَّا التَّعْلِيقُ الثَّانِي فَهُوَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْقَبْلِيِّ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ وَهُوَ لَيْسَ بِمُسْتَحِيلٍ لَكِنَّ وُقُوعَ الْقَبْلِيِّ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ مُسْتَحِيلٌ لِلدَّوْرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ بِالتَّعْلِيقِ الثَّانِي لَوَقَعَ قَبْلَهُ الثَّلَاثُ وَجَاءَ الدَّوْرُ وَاعْتَرَضَ أَيْضًا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ الدَّوْرُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِمَا أَحْدَثَهُ مِنْ التَّعْلِيقِ لَزِمَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثَ قَبْلَهُ فَالتَّعْلِيقُ الْأَوَّلُ مَتَى وَقَعَ لَمْ يَقَعْ بِالتَّعْلِيقِ الثَّانِي شَيْءٌ فَالدَّوْرُ مُسْتَمِرٌّ بِحَالِهِ.
(3/319)
أَوْ فَسَخَتْ) بِمَا ذُكِرَ (نَفَذَ الْفَسْخُ وَثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ) وَلَا دَوْرَ وَإِنْ أَثْبَتْنَاهُ فِيمَا مَرَّ لِأَنَّ هَذِهِ فَسَوْخٌ وَحُقُوقٌ تَثْبُتُ عَلَيْهِ قَهْرًا وَلَا تَتَعَلَّقُ بِمُبَاشَرَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ فَلَا يَصْلُحُ تَصَرُّفُهُ رَافِعًا لَهَا وَمُبْطِلًا لِحَقِّ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ عَلَّقَ بِانْفِسَاخِ نِكَاحِهَا ثُمَّ ارْتَدَّ أَوْ اشْتَرَاهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ.
[فَرْعٌ قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا مُبَاحًا فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا مُبَاحًا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ وَوَطِئَهَا لَمْ تَطْلُقْ لِلدَّوْرِ لِأَنَّهُ إذَا) الْأُولَى لَوْ (وَقَعَ الطَّلَاقُ لَمْ يَكُنْ الْوَطْءُ مُبَاحًا) وَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا يُقَيَّدُ هُنَا بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ لِأَنَّ الدَّوْرَ يَحْصُلُ بِالْوَاحِدَةِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ.
(أَوْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إنْ طَلَّقْتُك طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهَا طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا) طَلْقَةً (رَجْعِيَّةً فَدَوْرٌ فَتَقَعُ الْوَاحِدَةُ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَلَا تَقَعُ عَلَى غَيْرِهِ (وَإِنْ اخْتَلَعَهَا) أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا (وَقَعَ الْمُنَجَّزُ) دُونَ الْمُعَلَّقِ (وَلَا دَوْرَ لِأَنَّ الصِّفَةَ) وَهِيَ الطَّلْقَةُ الرَّجْعِيَّةُ (لَمْ تُوجَدْ وَإِنْ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك) طَلَاقًا (رَجْعِيًّا فَأَنْت طَالِقٌ مَعَهُ ثَلَاثًا) فَطَلَّقَهَا (فَدَوْرٌ وَيَقَعُ) الْأُولَى فَيَقَعُ (مَا نَجَّزَ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَأَمَّا عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ أَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ طَلَّقْتُك رَجْعِيًّا فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ وَلَا مَعَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَيَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَا دَوْرَ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً كَانَتْ رَجْعِيَّةً ثُمَّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الطَّلْقَتَانِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَتَى دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتِ زَوْجَتِي فَعَبْدِي حُرٌّ]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (مَتَى دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْت زَوْجَتِي فَعَبْدِي حُرٌّ قَبْلَهُ وَمَتَى دَخَلَهَا وَهُوَ عَبْدِي فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَدَخَلَا مَعًا فَدَوْرٌ) فَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَلَا تَطْلُقُ الزَّوْجَةُ لِأَنَّهُمَا لَوْ حَصَلَا لَحَصَلَا مَعًا قَبْلَ دُخُولِهِمَا وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ عَبْدَهُ وَقْتَ الدُّخُولِ وَلَا الْمَرْأَةُ زَوْجَتَهُ وَقْتَئِذٍ فَلَا تَكُونُ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا حَاصِلَةً وَلَا يَأْتِي فِي هَذِهِ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِ الدَّوْرِ إذْ لَيْسَ فِيهَا سَدُّ بَابِ التَّصَرُّفِ (وَإِنْ تَرَتَّبَا) دُخُولًا (وَقَعَ) الْمُعَلَّقُ عَلَى (الْمَسْبُوقِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ السَّابِقِ فَلَوْ دَخَلَتْ الْمَرْأَةُ أَوَّلًا ثُمَّ الْعَبْدُ عَتَقَ وَلَمْ تَطْلُقْ هِيَ لِأَنَّهُ حِينَ دَخَلَ لَمْ يَكُنْ عَبْدًا لَهُ فَلَمْ تَحْصُلْ صِفَةُ طَلَاقِهَا وَلَوْ دَخَلَ الْعَبْدُ أَوَّلًا ثُمَّ الْمَرْأَةُ طَلُقَتْ وَلَمْ يَعْتِقْ (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ) فِي تَعْلِيقِهِ الْمَذْكُورِ لَفْظَ (قَبْلَهُ) فِي الطَّرَفَيْنِ (وَدَخَلَا مَعًا عَتَقَ وَطَلُقَتْ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ الدُّخُولِ بِالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ (وَإِنْ تَرَتَّبَا) دُخُولًا (فَكَمَا سَبَقَ) آنِفًا فِي نَظِيرَتِهَا.
[فَرْعٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَتَى أُعْتِقَتْ أَنْتِ أَمَتِي وَأَنْتِ زَوْجَتِي]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (مَتَى أُعْتِقَتْ) أَنْت (أَمَتِي وَأَنْت زَوْجَتِي فَهِيَ حُرَّةٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا مَتَى أَعْتَقْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَ إعْتَاقِك إيَّاهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ أَعْتَقَتْهَا الْمَرْأَةُ قَبْلَ ثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (عَتَقَتْ) لِأَنَّهَا أَعْتَقَتْهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ لَهُ (وَلَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا لَوْ طَلُقَتْ لَطَلُقَتْ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الطَّلَاقُ مُتَقَدِّمًا عَلَى اللَّفْظِ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ وَإِنَّمَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ تَلَفُّظُ الزَّوْجَةِ بِإِعْتَاقِهَا أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهَا فِي إعْتَاقِهَا (أَوْ) أَعْتَقَهَا (بَعْدَهَا) أَيْ الثَّلَاثِ (لَمْ يَقَعَا) أَيْ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْإِعْتَاقِ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لَهُ فَلَا تَعْتِقُ الْأَمَةُ لِأَنَّهَا لَوْ عَتَقَتْ لَطَلُقَتْ الزَّوْجَةُ قَبْلَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً لَهُ وَإِذَا لَمْ تَعْتِقْ لَمْ تَطْلُقْ أَيْضًا لِأَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِعِتْقِهَا.
[الطَّرَفُ السَّابِعُ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ]
(الطَّرَفُ السَّابِعُ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ) وَنَحْوِهِ (فَمِنْهَا الْحَلِفُ وَهُوَ مَا اقْتَضَى مَنْعًا) مِنْ الْفِعْلِ (أَوْ حَثًّا) عَلَيْهِ (أَوْ تَحْقِيقَ خَبَرٍ وَجَلْبَ تَصْدِيقٍ) لِلْحَالِفِ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ فَرْعُ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَنْعُ وَالْحَثُّ لِنَفْسِهِ أَمْ لِزَوْجَتِهِ أَمْ لِغَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ وَجَلْبُ تَصْدِيقٍ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (فَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (إذَا) أَوْ إنْ (حَلَفْت أَوْ أَقْسَمْت أَوْ عَقَدْت يَمِينِي) بِطَلَاقِك (فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَدْخُلِي) الدَّارَ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت أَوْ نَحْوَهَا (فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) طَلْقَةً (لِلْحَلِفِ) بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ إذْ الْأَوَّلُ مِثَالٌ لِلْمَنْعِ لَهَا مِنْ الدُّخُولِ وَالثَّانِي مِثَالٌ لِلْحَثِّ لَهَا عَلَيْهِ وَالثَّالِثُ مِثَالٌ لِتَحْقِيقِ الْخَبَرِ (وَ) تَطْلُقُ (بِوُجُودِ الصِّفَةِ الْأُخْرَى) مِنْ الدُّخُولِ أَوْ عَدَمِهِ أَوْ عَدَمِ كَوْنِ الْأَمْرِ كَمَا قَالَهُ أَوْ نَحْوَهَا إنْ وُجِدَتْ (فِي الْعِدَّةِ) طَلْقَةٌ أُخْرَى إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ رَجْعِيًّا (لَا إنْ قَالَ) بَعْدَ تَعْلِيقِهِ بِالْحَلِفِ (إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ) إنْ (حِضْت وَنَحْوَهُ) كَإِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إنْ طَهُرْت أَوْ إنْ نَفِسَتْ فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ (لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَلِفٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْعٍ وَلَا حَثٍّ وَلَا تَحْقِيقِ خَبَرٍ بَلْ مَحْضُ تَعْلِيقٍ وَكَمَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا يَقْدُمُ الْحَاجُّ وَلَا يَدْخُلُ الشَّهْرُ وَلَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ وَلَا يَجِيءُ الْمَطَرُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ لَكِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(3/320)
الرَّافِعِيُّ جَعَلَهُ فِي الْأَيْمَانِ يَمِينًا وَيَقَعُ الْمُعَلَّقُ بِالصِّفَةِ إنْ وُجِدَتْ (إلَّا إنْ ادَّعَى) الزَّوْجُ (الطُّلُوعَ) لِلشَّمْسِ مَثَلًا (فَكَذَّبَتْهُ فَقَالَ إنْ لَمْ تَطْلُعْ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ حَلِفٌ) لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ تَحْقِيقَ الْخَبَرِ وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ ذَلِكَ تَعْلِيقًا بِالطُّلُوعِ بَلْ بِتَبَيُّنِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ.
(فَإِنْ قَالَ إنْ أَوْ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَصَدَ مَنْعَهُ وَهُوَ مِمَّنْ يَمْتَنِعُ) أَوْ مِمَّنْ يُبَالِي (بِحَلِفِهِ فَحَلَفَ وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّأْقِيتَ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ مِمَّنْ لَا يَمْتَنِعُ بِحَلِفِهِ كَالسُّلْطَانِ أَوْ الْحَجِيجِ (فَتَعْلِيقٌ) مَحْضٌ لَا حَلِفٌ وَفِي مَعْنَى الْقُدُومِ الدُّخُولُ وَالْخُرُوجُ وَنَحْوُهُمَا.
[فَرْعٌ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إذَا لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ ثَلَاثًا]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إذَا لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ) أَيْ أَتَى بِهِ مُكَرَّرًا (ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ فَرَّقَهَا) أَيْ مَرَّاتِ الْحَلِفِ (قَدْرًا يَسَعُ الْحَلِفَ بِهِ) أَيْ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ وَصَلَهَا (وَقَعَ بِالثَّالِثَةِ طَلْقَةٌ إنْ سَكَتَ بَعْدَهَا) عَنْ الْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَ بِإِنْ (لِاقْتِضَاءِ إذَا لَمْ الْفَوْرِ) دُونَ إنْ لَمْ وَلَا يَقَعُ بِالْأُولَى وَلَا بِالثَّانِيَةِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ حَلَفَ بَعْدَهُمَا بِطَلَاقِهَا وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا إلَى قَصْدِ التَّأْكِيدِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّ الثَّانِيَ مَثَلًا لَا يَصْلُحُ لِلتَّأْكِيدِ إذْ شَرْطُهُ عَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي الْأَوَّلِ وَهُنَا يُؤَثِّرُ فِيهِ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لَهُ تَنْحَلُّ بِهَا بِخِلَافِهِ فِيمَا لَوْ كَرَّرَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَيُقَاسُ بِالثَّلَاثِ مَا فَوْقَهَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ لِمَدْخُولٍ بِهَا غَيْرُهَا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ أَكَرَّرَ أَمْ لَا (وَتَقَعُ الثَّلَاثُ فِي قَوْلِهِ لِمَوْطُوءَةٍ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك) فَأَنْت طَالِقٌ (بِتَكْرِيرِهِ) لَهُ (أَرْبَعًا) لِأَنَّ مَا كَرَّرَهُ حَلِفٌ فَيَقَعُ بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ طَلْقَةً لِأَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ الْأُولَى وَيَقَعُ بِالثَّالِثَةِ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ بِحُكْمِ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَتَنْحَلُّ وَيَقَعُ بِالرَّابِعَةِ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ بِحُكْمِ الْيَمِينِ الثَّالِثَةِ وَتَنْحَلُّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَرَّرَ التَّعْلِيقَ بِالدُّخُولِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِالدُّخُولِ إلَّا وَاحِدَةٌ لِأَنَّ فِي صُورَةِ الْحَلِفِ تَنْحَلُّ كُلُّ يَمِينٍ بِالْيَمِينِ الَّتِي بَعْدَهَا وَالتَّعْلِيقُ بِالدُّخُولِ لَا يَنْحَلُّ الدُّخُولُ الَّذِي بَعْدَهُ فَلَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ وَخَرَجَ بِالْمَوْطُوءَةِ غَيْرُهَا فَيَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ فَقَطْ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِهَا وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ (وَ) يَقَعُ الثَّلَاثُ (فِي قَوْلِهِ كُلَّمَا لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِك) فَأَنْت طَالِقٌ (بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ) كُلٌّ مِنْهَا يَسَعُ الْحَلِفَ بِهِ لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ.
(وَإِنْ قَالَ لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ إذَا كَلَّمْتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ أَرْبَعًا وَقَعَ بِالثَّانِيَةِ) طَلْقَةٌ (وَهِيَ يَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ وَتَنْحَلُّ بِالثَّالِثَةِ) لِأَنَّ التَّعْلِيقَ هُنَا بِالْكَلَامِ وَالْكَلَامُ قَدْ يَكُونُ فِي الْبَيْنُونَةِ وَفِيمَا مَرَّ التَّعْلِيقُ بِالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي حَالَةِ الْبَيْنُونَةِ وَقَوْلُهُ وَهِيَ يَمِينٌ إلَى آخِرِهِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ فَائِدَتَهُ إنَّمَا تَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَوْدِ الْحِنْثِ وَذَلِكَ إنَّمَا يُنَاسِبُ الْأَصْلَ.
[فَرْعٌ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ دَخَل بِإِحْدَاهُمَا إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ وَكَرَّرَهُ مِرَارًا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِمَا إلَّا طَلْقَةٌ طَلْقَةٌ) بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ (لِأَنَّ تِلْكَ) أَيْ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا (بَانَتْ) بِهَا وَلَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِالثَّالِثَةِ لِأَنَّ شَرْطَ الطَّلَاقِ الْحَلِفُ بِهِمَا وَلَا يَصِحُّ الْحَلِفُ بِالْبَائِنِ كَمَا قَالَ (فَيَلْغُو الْحَلِفُ بِهِ) أَيْ بِطَلَاقِهَا (فَإِنْ نَكَحَ الْبَائِنَ وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا) وَحْدَهَا (وَتِلْكَ) أَيْ الْمَدْخُولُ بِهَا (فِي الْعِدَّةِ) أَوْ رَاجَعَهَا (طَلُقَتْ) لِحُصُولِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا إذْ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا مَعًا (لَا الْمَنْكُوحَةِ) فَلَا تَطْلُقُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَتَجْدِيدِ النِّكَاحِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا مَا لَوْ دَخَلَ بِهِمَا فَتَطْلُقَانِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ وَمَا لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَتَطْلُقَانِ طَلْقَةً طَلْقَةً وَتَبِينَانِ (وَإِنْ قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ فَلَا طَلَاقَ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ بِطَلَاقِ إحْدَاهُمَا وَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا) بِمُوجِبِ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ (وَعَلَيْهِ الْبَيَانُ) أَوْ التَّعْيِينُ لِلْمُطَلَّقَةِ (وَكَذَا لَوْ قَالَ) إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا (فَعَمْرَةُ) مِنْكُمَا (طَالِقٌ عِوَضُ إحْدَاكُمَا) وَكَرَّرَهُ (لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِطَلَاقِهِمَا وَإِنَّمَا حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَحْدَهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ (فَلَوْ قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ وَأَعَادَهُ) مَرَّةً (ثَانِيَةً طَلُقَتَا مَعًا) لِأَنَّ طَلَاقَهُمَا هُنَا مُعَلَّقٌ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِ إحْدَاهُمَا.
[فَرْعٌ قَالَ لِنِسْوَتِهِ أَيُّمَا امْرَأَةٍ لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِهَا مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لِنِسْوَتِهِ (أَيُّمَا امْرَأَةٍ لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِهَا) مِنْكُنَّ (فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقْنَ بِإِمْكَانِ الْحَلِفِ بَلْ بِالْيَأْسِ مِنْهُ) بِمَوْتِهِ أَوْ بِمَوْتِهِنَّ أَوْ بِجُنُونِهِ الْمُتَّصِلِ بِمَوْتِهِ إذْ لَيْسَ فِي عِبَارَتِهِ تَعَرُّضٌ لِلْوَقْتِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَتَى أَوْ أَيُّ وَقْتٍ لَمْ أَحْلِفْ وَقِيلَ إذَا سَكَتَ سَاعَةً يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ فِيهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(3/321)
بِطَلَاقِهِنَّ طَلُقْنَ فَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْأَصْلُ بَعْدَ هَذَا عَقِبَ الْكَلَامِ عَلَى النَّاسِي وَالْمُكْرَهِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا فَالْأُخْرَيَاتُ طَوَالِقُ.
[فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ]
(فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ وَبِأَكْلِ نِصْفِهَا فَأَكَلَتْهَا فَطَلْقَتَيْنِ) تَطْلُقُ لِحُصُولِ الصِّفَتَيْنِ (وَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (بِصِيغَةِ كُلَّمَا) وَلَوْ فِي النِّصْفِ فَقَطْ (فَثَلَاثًا) تَطْلُقُ لِأَنَّهَا أَكَلَتْ رُمَّانَةً وَأَكَلَتْ نِصْفَ رُمَّانَةٍ مَرَّتَيْنِ.
[فَرْعٌ تَعْلِيق الطَّلَاق بِالْبِشَارَةِ يَخْتَصُّ عُرْفًا بِالْخَبَرِ]
(فَرْعٌ الْبِشَارَةُ تَخْتَصُّ عُرْفًا بِالْخَبَرِ) الْأَوَّلُ (السَّارُّ الصِّدْقُ قَبْلَ الشُّعُورِ) بِهِ وَذِكْرُ السَّارِّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِهِ إذَا أُطْلِقَ كَقَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِخَبَرٍ أَوْ أَمْرٍ عَنْ زَيْدٍ فَلَوْ قَيَّدَ كَقَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَهِيَ طَالِقٌ اكْتَفَى بِصِدْقِ الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ كَارِهًا لَهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَالْخَبَرُ يَعُمُّ) السَّارَّ وَالصِّدْقَ وَغَيْرَهُمَا (فَلَوْ قَالَ مَنْ بَشَّرَتْنِي مِنْكُنَّ بِكَذَا فَهِيَ طَالِقٌ فَبَشَّرَتَاهُ مَعًا طَلُقَتَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَنْ أَكَلَ مِنْكُمَا هَذَا الرَّغِيفَ فَهِيَ طَالِقٌ فَأَكَلَتَاهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ أَصْلًا إذْ لَمْ تَأْكُلْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَالْبِشَارَةُ لَفْظٌ عَامٌّ لَا يَنْحَصِرُ فِي وَاحِدَةٍ فَيَصْدُقُ اسْمُهَا بِبِشَارَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَطَلُقَتَا (أَوْ مُرَتَّبًا فَالْأُولَى) تَطْلُقُ (أَوْ كَذَبَتَاهُ) بِالتَّخْفِيفِ أَيْ كَذَبَتَا عَلَيْهِ (أَوْ) بَشَّرَتَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا (بَعْدَ مَا عَلِمَ بِهِ فَلَا طَلَاقَ فَإِنْ كَذَّبَتْ الْأُولَى وَصَدَّقَتْ الثَّانِيَةُ طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ) فَقَطْ (فَإِنْ قَالَ مَنْ أَخْبَرَتْنِي) مِنْكُمَا بِكَذَا (فَأَخْبَرَتَاهُ) وَلَوْ (كَذِبًا أَوْ بَعْدَ الْعِلْمِ) أَيْ عِلْمِهِ (بِالْخَبَرِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا طَلُقَتَا) لِأَنَّ الْخَبَرَ يَقَعُ عَلَى الصِّدْقِ وَالْأَوَّلِ وَغَيْرِهِمَا (وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ بِقُدُومٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَحْصُلَانِ) أَيْ الْبِشَارَةُ وَالْخَبَرُ (بِالْمُكَاتَبَةِ) كَمَا يَحْصُلَانِ بِاللَّفْظِ (لَا الرَّسُولِ) لِأَنَّهُ الْمُبَشِّرُ وَالْمُخْبِرُ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ فُلَانَةُ تُبَشِّرُك بِكَذَا أَوْ أَرْسَلَتْنِي لِأُخْبِرَك بِكَذَا فَإِنْ قَالَهُ فَهِيَ الْمُبَشِّرَةُ وَالْمُخْبِرَةُ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ مِنْ الْعِتْقِ فِي التَّدْبِيرِ وَذِكْرِ حُصُولِ الْخَبَرِ وَعَدَمِ حُصُولِهِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(فَصْلٌ لَوْ نَادَى عَمْرَةَ فَأَجَابَتْهُ حَفْصَةُ فَطَلَّقَهَا يَظُنُّهَا عَمْرَةَ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ (لَا عَمْرَةُ) لِأَنَّهَا لَمْ تُخَاطَبْ بِالطَّلَاقِ وَظَنُّ خِطَابِهَا بِهِ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَهُ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ قَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْ نِسَاؤُهُ أَنْت طَالِقٌ وَهُوَ يَظُنُّهَا غَيْرَهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا دُونَ الْمَظْنُونَةِ (فَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا) أَيْ الْمُجِيبَةَ (حَفْصَةُ وَقَصَدْتهَا) بِالطَّلَاقِ (طَلُقَتْ وَحْدَهَا) لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (أَوْ) قَالَ (قَصَدْت عَمْرَةَ) وَحْدَهَا (حُكِمَ بِطَلَاقِهَا) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّهُ نَادَاهَا وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ خَاطَبَهَا وَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا وَفِي نُسْخَةٍ بِطَلَاقِهِمَا وَهُوَ صَحِيحٌ (وَدُيِّنَ فِي حَفْصَةَ) وَوَقَعَ طَلَاقُهَا ظَاهِرًا لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِهِ عَنْهَا ظَاهِرًا.
[فَصْلٌ عَلَّقَ الْمُدَبَّرُ طَلْقَتَيْنِ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ]
(فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ الْمُدَبَّرُ طَلْقَتَيْنِ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ أَوْ الْعَبْدُ طَلْقَتَيْنِ بِوُجُودِ صِفَةٍ عُلِّقَ عِتْقُهُ عَلَيْهَا) كَأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت حُرٌّ (فَمَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ وَخَرَجَ) الْمُدَبَّرُ (مِنْ الثُّلُثِ) أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ (أَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ) الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا عِتْقُ الْعَبْدِ (بَقِيَ لَهُ طَلْقَةٌ) فَلَهُ مُرَاجَعَةُ زَوْجَتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالطَّلَاقَ وَقَعَا مَعًا فَلَمْ يَكُنْ رَقِيقًا حَالَ الطَّلَاقِ حَتَّى يَفْتَقِرَ إلَى مُحَلِّلٍ وَالْعِتْقُ كَمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ الطَّلَاقَ لَمْ يَتَأَخَّرْ فَإِذَا وَقَعَا مَعًا غَلَبَ جَانِبُ الْحُرِّيَّةِ كَمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأُمِّ وَلَدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ لِأَنَّ بَعْضَهُ رَقِيقٌ (لَا إنْ عَلَّقَهُمَا) أَيْ الطَّلْقَتَيْنِ (بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ السَّيِّدِ) مَعَ تَعْلِيقِ السَّيِّدِ عِتْقَهُ بِمَوْتِهِ فَلَا يَبْقَى لَهُ طَلْقَةٌ بَلْ تَبِينُ مِنْهُ وَتَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ (لِتَقَدُّمِ الطَّلَاقِ) عَلَى الْعِتْقِ (وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِالْغَدِ إنْ عَتَقْت فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَجَاءَ الْغَدُ عَتَقَ وَبَقِيَ لَهُ طَلْقَةٌ لِتَقَدُّمِ الْعِتْقِ) عَلَى الطَّلَاقِ.
[فَرْعٌ عَلَّقَ زَوْجُ الْأَمَةِ طَلَاقَهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا]
(فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ زَوْجُ الْأَمَةِ طَلَاقَهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا وَهُوَ وَارِثُهُ فَمَاتَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً أَوْ كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ (دَيْنٌ) لِأَنَّهَا بِمَوْتِهِ تَنْتَقِلُ إلَيْهِ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ فَلَا يُصَادِفُ الطَّلَاقُ مَحِلًّا كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِمَوْتِ نَفْسِهِ أَوْ بِمَوْتِهَا وَلِأَنَّ مَوْتَهُ يَقْتَضِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
فَصْلٌ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ (قَوْلُهُ اكْتَفَى بِصِدْقِ الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ كَارِهًا لَهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَالْبِشَارَةُ لَفْظٌ عَامٌّ لَا يَنْحَصِرُ فِي وَاحِدَةٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ مَنْ الشَّرْطِيَّةُ تُفِيدُ الْعُمُومَ وَلِأَنَّ بِشَارَةَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتُفِيدُ الْعُمُومَ إذْ التَّقْدِيرُ مَنْ بَشَّرَنِي بِشَارَةً قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَاهُ مِنْ الْحُكْمِ بِالْوُقُوعِ مُشْكِلٌ لَا يُوَافِقُ الْقَوَاعِدَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مُخْتَصَّةٌ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ قَيْدِ الْأَوَّلِيَّةِ، وَالْمَعِيَّةُ لَيْسَ فِيهَا أَوَّلِيَّةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرٌ فَأَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا مَعًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْأَوَّلِيَّةِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْبِشَارَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْأَوَّلِيَّةِ وَالْأَوَّلِيَّةُ مُنْتَفِيَةٌ فِي الْمَعِيَّةِ فَحَصَلَ أَنَّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا لَا مُعَوَّلَ عَلَيْهِ وَقَدْ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَيْمَانِ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ مَنْ تَقْتَضِي التَّبْعِيضَ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْوِلَادَةِ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَوَّلِيَّةِ فِي الْبِشَارَةِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ هُنَاكَ بِالْأَوَّلِيَّةِ وَلَيْسَ نَظِيرَ الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا نَظِيرُهَا أَنْ يَقُولَ أَوَّلُ مَنْ تُبَشِّرُنِي فَهِيَ طَالِقٌ وَقَوْلُهُ إنَّ الرَّافِعِيَّ قَدْ فَسَّرَ الْبِشَارَةَ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ الْأَوَّلَ كَمَا يَقَعُ مِنْ وَاحِدٍ يَقَعُ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ وَالْمُخْبِرِ الْأَوَّلِ فَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّحَادُ الْمُخْبِرِ وَالْمُخْبِرُ الْأَوَّلُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاتِّحَادُ وَالتَّعْلِيقُ إنَّمَا هُوَ عَلَى حُصُولِ الْخَبَرِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَهُ فَهِيَ الْمُبَشِّرَةُ وَالْمُخْبِرَةُ كَمَا سَيَأْتِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/322)
الِانْفِسَاخَ وَالطَّلَاقُ وَاجْتِمَاعُهُمَا مُمْتَنِعٌ فَيَقَعُ الْأَقْوَى وَهُوَ الِانْفِسَاخُ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ قَهْرًا وَالطَّلَاقُ يَتَعَلَّقُ وُقُوعُهُ بِالِاخْتِيَارِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَعْضَهُ وَنَوَى عِتْقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَتَلْغُو نِيَّتُهُ وَخَرَجَ بِالْوَارِثِ غَيْرُهُ كَأَنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ فَتَطْلُقُ حِينَئِذٍ (فَإِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً) وَالزَّوْجُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا (طَلُقَتْ إنْ عَتَقَتْ بِالتَّدْبِيرِ) الْأَوْلَى بِمَوْتِ سَيِّدِهَا (وَلَوْ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ) لِلْعِتْقِ كَمَا تَعْتِقُ بِهِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ إذْ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لِعَدَمِ دُخُولِهَا أَوْ بَعْضِهَا فِي مِلْكِ الْوَارِثِ حِينَئِذٍ.
[فَرْعٌ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ بِشِرَائِهَا]
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ طَلَاقَهَا) أَيْ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ (بِشِرَائِهَا وَعَلَّقَ السَّيِّدُ عِتْقَهَا بِبَيْعِهَا وَاشْتَرَاهَا) مِنْهُ زَوْجُهَا (عَتَقَتْ فِي الْحَالِ عَلَى السَّيِّدِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَقُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَمْ الْمُشْتَرِي أَمْ مَوْقُوفٌ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِيهِ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ فَالْأَمَةُ مِلْكٌ لَهُ وَقَدْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ وَإِعْتَاقُهُ فَسْخٌ فَتَعُودُ الْأَمَةُ بِالْإِعْتَاقِ إلَى مِلْكِهِ (وَطَلُقَتْ) إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى الْمُشْتَرِي وَقَدْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ (لَا إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي) فَلَا تَطْلُقُ لِمُصَادَفَةِ حَالِ حُصُولِ الْمِلْكِ وُقُوعَ الِانْفِسَاخِ (كَمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمِلْكِهَا) بِأَنْ قَالَ مَعَ تَعْلِيقِ السَّيِّدِ عِتْقَهَا عَلَى بَيْعِهَا إنْ مَلَكْتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَمَلَكَهَا فَإِنَّهَا تَعْتِقُ فِي الْحَالِ وَلَا تَطْلُقُ وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي لِمَا مَرَّ آنِفًا (وَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَطَلَّقَهَا فِي الْمَجْلِسِ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (طَلُقَتْ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ) فِيهِ (لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ وَفُسِخَ) الْعَقْدُ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَمْلِكْهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفٌ وَلَمْ يُفْسَخْ الْعَقْدُ (فَلَا) تَطْلُقُ لِانْفِسَاخٍ كَمَا مَرَّ (وَإِذَا طَلَّقَهَا) حِينَئِذٍ (دُونَ ثَلَاثٍ) رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا (فَلَهُ وَطْؤُهَا) بِمِلْكِ الْيَمِينِ (فِي عِدَّتِهِ) وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَى انْقِضَائِهَا كَمَا لَهُ نِكَاحُ مُخْتَلِعَتِهِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ.
(فَصْلٌ لَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت طَالِقٌ أَوْ) لِأَمَتِهِ أَنْت (حُرَّةٌ يَوْمَ يَقْدُمُ زَيْدٌ فَمَاتَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ (أَوْ بَاعَهَا) أَيْ الْأَمَةُ (ضَحْوَةً وَقَدِمَ ظُهْرًا تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ مِنْ الْفَجْرِ لَا عَقِيبَ الْقُدُومِ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ مُضَافٌ إلَى يَوْمِ الْقُدُومِ فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا وَقَدْ حَصَلَ الْوَصْفُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ فَمَاتَتْ أَوْ بَاعَهَا ضَحْوَةً مِثَالٌ فَلَوْ لَمْ يَقَعْ مَوْتٌ وَلَا بَيْعٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (فَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا لَغَا) أَيْ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ تَعْتِقْ لِعَدَمِ وُجُودِ الْوَصْفِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْوَقْتَ) فَتَطْلُقُ أَوْ تَعْتِقُ لِأَنَّ الْيَوْمَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي مُطْلَقِ الْوَقْتِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16] فَإِنَّهُ أَرَادَ وَقْتَ الْقِتَالِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا مُشِيرًا بِثَلَاثِ أَصَابِعَ]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت طَالِقٌ هَكَذَا مُشِيرًا بِثَلَاثِ أَصَابِعَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا كَمَا تَطْلُقُ فِي أُصْبُعٍ طَلْقَةً وَفِي أُصْبُعَيْنِ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ صَرِيحٌ فِي الْعَدَدِ وَفِي الْحَدِيثِ «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ وَعَقَدَ بِإِبْهَامِهِ فِي الثَّالِثَةِ وَأَرَادَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ مَعَ الْإِشَارَةِ يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ بِالْعَدَدِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ مُفْهِمَةً لِذَلِكَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ وَأَقَرَّهُ (فَإِنْ أَرَادَ) بِالْإِشَارَةِ فِي صُورَةِ الثَّلَاثِ (الْمَقْبُوضِينَ لَا إحْدَاهُمَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فَلَا يَقَعُ أَكْثَرُ مِنْ طَلْقَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي إرَادَةِ إحْدَاهُمَا لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مَعَ اللَّفْظِ صَرِيحَةٌ فِي الْعَدَدِ كَمَا مَرَّ فَلَا يُقْبَلُ خِلَافُهَا (فَإِنْ أَشَارَ) مَعَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (وَلَمْ يَقُلْ هَكَذَا لَغَتْ الْإِشَارَةُ وَلَمْ يَتَعَدَّدْ) أَيْ الطَّلَاقُ فِي ذَلِكَ (إلَّا بِالنِّيَّةِ وَقَوْلُ الْمُشِيرِ بِثَلَاثٍ أَنْتِ هَكَذَا لَغْوٌ) أَيْ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ (وَلَوْ نَوَى الطَّلَاقَ) لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يُشْعِرُ بِهِ وَالنِّيَّةَ لَا تُؤَثِّرُ بِغَيْرِ لَفْظٍ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت بِهَا الْأُصْبُعَ دُونَ الزَّوْجَةِ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَلَمْ يُدَيَّنْ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ الثَّلَاثَ وَنَوَى الطَّلَاقَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ بِإِحْدَاهُمَا) أَيْ الصِّفَتَيْنِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ بِإِحْدَاهُمَا (إنْ قَدِمَ) أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى الشَّرْطِ (وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ) فِيهِمَا فَلَا يَقَعُ بِالصِّفَةِ الْأُخْرَى شَيْءٌ (فَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (وَإِنْ كَلَّمْت) زَيْدًا بِتَقْدِيمِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ تَأْخِيرِهِ (وَقَعَ بِكُلِّ صِفَةٍ طَلْقَةٌ وَ) لَوْ قَالَ (إنْ دَخَلْت وَكَلَّمْت) بِتَقْدِيمِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ تَأْخِيرِهِ (اُشْتُرِطَا) أَيْ الْوَصْفَانِ أَيْ وُجُودُهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ نَادَى عَمْرَةَ فَأَجَابَتْهُ حَفْصَةُ فَطَلَّقَهَا يَظُنُّهَا عَمْرَةَ]
قَوْلُهُ أَوْ مَوْقُوفٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدُمُ زَيْدٌ]
(فَصْلٌ قَالَ أَنْت طَالِقٌ هَكَذَا مُشِيرًا) .
(قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْإِشَارَةُ مُفْهِمَةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/323)
(لِوُقُوعِ طَلْقَةٍ فَإِنْ عَطَفَ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ) كَإِنْ دَخَلْت فَكَلَّمْت أَوْ ثُمَّ كَلَّمْت (اُشْتُرِطَ تَرْتِيبُهُمَا) بِأَنْ تَقَدَّمَ فِي الْمِثَالِ الدُّخُولُ عَلَى الْكَلَامِ وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ فِي الْفَاءِ اتِّصَالُ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي التَّدْبِيرِ وَقِيَاسُهُ اشْتِرَاطُ انْفِصَالِهِ عَنْهُ فِي ثُمَّ فِي ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ (وَكَذَا) يُشْتَرَطُ تَرْتِيبُهُمَا (فِي) قَوْلِهِ (إنْ دَخَلْت إنْ كَلَّمْت لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْأَخِيرِ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلْأَوَّلِ فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِلتَّعْلِيقِ وَهُوَ يَقْبَلُهُ كَمَا أَنَّ التَّنْجِيزَ يَقْبَلُهُ وَيُسَمَّى اعْتِرَاضَ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي} [هود: 34] الْآيَةَ أَيْ إنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ فَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إنْ أَرَدْت أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ (فَإِنْ عُكِسَتْ) بِأَنْ دَخَلَتْ ثُمَّ كَلَّمَتْ أَوْ وُجِدَا مَعًا (لَمْ تَطْلُقْ وَانْحَلَّتْ) أَيْ الْيَمِينُ فَلَوْ كَلَّمَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْمَرَّةِ الْأُولَى كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ دُخُولٌ سَبَقَهُ كَلَامٌ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا بَعْضُهُ وَهُوَ الْكَلَامُ فَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ حَنِثَ وَالتَّعْلِيقُ بِإِنْ فِي الشَّرْطَيْنِ مِثَالٌ فَغَيْرُهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ مِثْلُهَا (وَلَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتُك إنْ وَعَدْتُك إنْ سَأَلْتنِي فَأَنْت طَالِقٌ اُشْتُرِطَ سُؤَالُهَا ثُمَّ وَعْدُهُ ثُمَّ إعْطَاؤُهُ) وَالْمَعْنَى إنْ سَأَلْتنِي فَوَعَدْتُك فَأَعْطَيْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بَعْدَ كَلَامِهِ عَلَى تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ قَالَ أَصْحَابُنَا هَذَا فِي حَقِّ الْعَارِفِ فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا فَعَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت وَأَرَادَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالدُّخُولِ بَعْدَ الْكَلَامِ أَوْ عَكْسَهُ قُبِلَ) مِنْهُ (مَا أَرَادَ) وَإِلَّا اُشْتُرِطَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ (أَوْ) قَالَ (إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا وَعَمْرٌو مَعَ بَكْرٍ) فَأَنْت طَالِقٌ (اشْتَرَطَ تَكْلِيمَهُمَا وَكَوْنُ عَمْرٍو مَعَ بَكْرٍ حَالَ كَلَامِهِ) كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا وَهُوَ رَاكِبٌ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَا دَخَلْت الدَّارَ مَنْ لُغَتُهُ بِهَا) أَيْ بِلَا (مِثْلُ إنْ) كَالْبَغْدَادِيِّينَ (طَلُقَتْ بِالدُّخُولِ) وَفَاعِلُ قَالَ مَنْ أَمَّا مَنْ لَيْسَتْ لُغَتُهُ كَذَلِكَ فَتَطْلُقُ زَوْجَتُهُ حَالًا.
[فَرْعٌ قَالَ أَرْبَعُكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَرْبَعُكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ) أَوْ إلَّا وَاحِدَةً (طَلُقْنَ) جَمِيعًا (وَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ) لِأَنَّ الْأَرْبَعَ لَيْسَتْ صِيغَةَ عُمُومٍ وَإِنَّمَا هِيَ اسْمٌ خَاصٌّ لِعَدَدٍ مَعْلُومٍ خَاصٍّ فَقَوْلُهُ إلَّا فُلَانَةَ رَفْعٌ لِلطَّلَاقِ عَنْهَا بَعْدَ التَّنْصِيصِ عَلَيْهَا فَهِيَ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا لَا يَقَعُ عَلَيْك وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْأَعْدَادِ فِي الْإِقْرَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُسَلَّمٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ فَإِنْ صَرَّحَ بِهِ كَأَنْ قَالَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ لَك إلَّا وَاحِدًا مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ نَظِيرَ مَا هُنَا وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَإِنْ صَرَّحَ بِاسْمِ الْعَدَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ (بِخِلَافِ أَرْبَعُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ) فَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ فِي هَذِهِ وَقَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا تَنَاقُضَ بِخِلَافِ الْأُولَى وَرَدَّهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْمُسْتَثْنَى وَتَأَخُّرِهِ وَهُوَ حَسَنٌ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَصْلُ نَقْلُ الْمَسْأَلَةَ بِطَرَفَيْهَا عَنْ الْقَاضِي وَاسْتَشْكَلَ تَعْلِيلَهَا بِمَا ذَكَرَ وَمَيْلُهُ إلَى صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مُطْلَقًا (أَوْ) قَالَ (أَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا حَتَّى يَدْخُلَ عَمْرٌو الدَّارَ) أَوْ إلَى أَنْ يَدْخُلَ (اُشْتُرِطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (تَكْلِيمُ زَيْدٍ قَبْلَ دُخُولِ عَمْرٍو الدَّارَ) وَالْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا قَبْلَ دُخُولِ عَمْرٍو الدَّارَ.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لَهُ شَخْصٌ (مُسْتَخِيرًا أَطَلَّقْت) زَوْجَتَك أَوْ طَلَّقْتهَا وَأَرَادَ الِاسْتِفْهَامَ (فَقَالَ نَعَمْ) أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يُرَادِفُهَا كَجَيْرَ وَأَجَلْ (فَإِقْرَارٌ بِهِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ (وَيَقَعُ) عَلَيْهِ (ظَاهِرًا إنْ كَذَبَ) وَيُدَيَّنُ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت) طَلَاقًا (مَاضِيًا وَرَاجَعْت صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِهِ وَإِنْ قَالَ أَبَنْتهَا وَجَدَّدْت النِّكَاحَ فَكَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ وَفَسَّرَ بِذَلِكَ (أَوْ قَالَ) لَهُ (ذَلِكَ مُلْتَمِسًا لِلْإِنْشَاءِ فَقَالَ نَعَمْ طَلَّقْت وَقَعَ وَكَذَا) يَقَعُ (إذَا اقْتَصَرَ عَلَى نَعَمْ) إذَا السُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ فَكَأَنَّهُ قَالَ نَعَمْ طَلَّقْتهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ]
قَوْلُهُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْأَخِيرِ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ أَصْحَابُنَا هَذَا فِي حَقِّ الْعَارِفِ فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا فَعَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ. اهـ. قَالَ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ لَمْ أَجِدْهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَلَكِنَّ قَوَاعِدَهُمْ تَقْتَضِيهِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ إلَخْ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ انْحِلَالِهَا حُصُولُ الْحِنْثِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي الْبَيْنُونَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ خِلَافُ الْإِصْطَخْرِيِّ وَالْيَمِينُ مَتَى تَعَلَّقَتْ عَلَى فِعْلٍ حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْوُجُودِ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِنَظِيرِهِ إلَّا إذَا دَلَّتْ صِيغَةُ التَّعْلِيقِ عَلَى التَّكْرِيرِ كَكُلَّمَا وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فِي الِاعْتِرَاضِ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ دُخُولٌ سَبَقَهُ كَلَامٌ مَمْنُوعٌ بَلْ دُخُولُ أَوَّلٍ يَسْبِقُهُ كَلَامٌ وَالدُّخُولُ الْأَوَّلُ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُهُ وَهُوَ تَقْدِيمُ الْكَلَامِ وَالدُّخُولُ الثَّانِي لَمْ يُعَلَّقْ بِهِ طَلَاقٌ وَهَذَا دَقِيقٌ فَتَأَمَّلْهُ وَاعْلَمْ أَنَّ شَيْخَنَا أَثِيرَ الدِّينِ صَحَّحَ فِي الِارْتِشَافِ أَنَّ الْأَصَحَّ اشْتِرَاطُ تَقْدِيمِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا صَحَّحَ الْفُقَهَاءُ إلَّا أَنَّ ابْنَ مَالِكٍ صَحَّحَ أَنَّ الثَّانِيَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَهُوَ لَا يُوَافِقُ شَيْئًا مِمَّا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيقُ بِإِنْ فِي الشَّرْطَيْنِ مِثَالٌ إلَخْ) نَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي التَّدْبِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فِي قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ إذَا مِتَّ إنْ شِئْت تَأَخُّرَ الْمَشِيئَةِ عَنْ الْمَوْتِ ثُمَّ قَالَ وَلْيَجْرِ هَذَا الْخِلَافُ فِي سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ كَقَوْلِهِ إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا
[فَرْعٌ قَالَ إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت وَأَرَادَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ لَيْسَتْ صِيغَةَ عُمُومٍ) قَالَ شَيْخُنَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14] .
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْأَعْدَادِ فِي الْإِقْرَارِ) أَيْ وَالطَّلَاقِ.
(قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ فِي هَذِهِ وَقَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا تَنَاقُضَ) بِخِلَافِ الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ وَمَيْلُهُ إلَى صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مُطْلَقًا) قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا فِي كُلٍّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْمَالِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كا
(3/324)
وَلِهَذَا كَانَ صَرِيحًا فِي الْأَقْرَاءِ (وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى طَلَّقْت فَقِيلَ) هُوَ (كِتَابَةً) لِأَنَّ نَعَمْ تَتَعَيَّنُ لِلْجَوَابِ وَقَوْلُهُ طَلَّقْت مُسْتَقْبَلٌ بِنَفْسِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَلَا طَلَاقَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْت أَوْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْهَا فَقَالَ طَلَّقْت أَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت فَإِنَّهُ يَقَعُ فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى السُّؤَالِ وَالتَّفْوِيضِ (وَقِيلَ) هُوَ (كَنَعَمْ) فَيَكُونُ صَرِيحًا وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَلَوْ جَهِلَ حَالَ السُّؤَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ لَا يُسْتَفْهَمُ عَنْهُ وَصَرْفُهُ إلَى الِالْتِمَاسِ مَجَازٌ يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ هُنَا.
(فَرْعٌ لَوْ قِيلَ) لَهُ (أَلَكَ زَوْجَةٌ فَقَالَ لَا لَمْ تَطْلُقْ وَلَوْ نَوَى) لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ وَقَطَعَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ ذَكَرَ تَفَقُّهًا مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَأَنَّ لَهَا تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا وَعَلَيْهِ جَرَى الْأَصْفُونِيُّ وَشَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ فِي اخْتِيَارِهِمَا كَلَامَ الرَّوْضَةِ (وَلَوْ قِيلَ) لَهُ (أَطَلَّقْت) زَوْجَتَك (ثَلَاثًا) أَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الثَّلَاثِ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى (فَقَالَ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالطَّلَاقِ) لِاحْتِمَالِ جَرَيَانِ تَعْلِيقٍ أَوْ وَعْدٍ أَوْ مُخَاصَمَةٍ تَئُولُ إلَيْهِ فَلَوْ فَسَّرَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُبِلَ (وَقَوْلُهُ) لَهَا (مَا أَنْت لِي بِشَيْءٍ لَغْوٌ) فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ (وَإِنْ نَوَى أَوْ) قَالَ (امْرَأَتِي طَلَّقَهَا زَوْجُهَا) وَالْحَالُ إنَّهَا (لَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ قَبْلَهُ (طَلُقَتْ) وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (وَقَدْ أَكَلَا تَمْرًا) مَثَلًا وَخَلَطَا نَوَاهُمَا (إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ مِنْ نَوَاك فَأَنْت طَالِقٌ تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ (بِتَفْرِيقِهِ) مِنْهَا بِحَيْثُ لَا تَلْتَقِي مِنْهُ نَوَاتَانِ اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ (إلَّا إنْ أَرَادَ التَّعْيِينَ) لِنَوَاهَا مِنْ نَوَاهُ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ (وَكَذَا إنْ قَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ جَوْزِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْيَوْمَ) وَفِي نُسْخَةٍ تَرْكُ الْيَوْمِ (أَوْ) بِعَدَدِ (حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ قَبْلَ كَسْرِهَا) أَوْ إنْ لَمْ تَذْكُرِي لِي ذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ (إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْرِيفَ) أَيْ التَّعْيِينَ (بِأَنْ تَأْخُذَ عَدَدًا تَتَيَقَّنُهُ) أَيْ تَذْكُرُ عَدَدًا تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ (ثُمَّ تُكَرِّرُهُ مَعَ زِيَادَةِ وَاحِدٍ وَاحِدٍ) فَتَقُولُ مِائَةٌ وَوَاحِدَةٌ مِائَةٌ وَاثْنَتَانِ وَهَكَذَا (وَتَحْتَاطُ) فَتُزِيدُ حَتَّى تَبْلُغَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَزِيدُهُ عَلَيْهِ فَتَكُونُ مُخْبِرَةً بِذَلِكَ الْعَدَدِ وَذَاكِرَةً لَهُ. أَمَّا إذَا قَصَدَ التَّعْرِيفَ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِمَا ذَكَرَتْهُ وَاسْتَشْكَلَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْخَبَرَ يَعُمُّ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَعَلَيْهِ فَيَتَلَخَّصُ بِأَيِّ عَدَدٍ ذَكَرَتْهُ لِحُصُولِ مُسَمَّى الْخَبَرِ بِهِ وَإِنْ كَانَ كَذِبًا كَمَا فِي تَعْلِيقِهِ بِإِخْبَارِهَا بِقُدُومِ زَيْدٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ لِلرُّمَّانَةِ وَنَحْوِهَا عَدَدًا خَاصًّا وَقَدْ عَلَّقَ بِهِ فَإِذَا أَخْبَرَتْهُ بِعَدَدِ حَبِّهَا كَاذِبَةً لَمْ تُخْبِرْ بِهِ بِخِلَافِ قُدُومِ زَيْدٍ فَيُصَدَّقُ بِالْخَبَرِ الْكَاذِبِ (فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تَعُدِّي جَوْزَهَا) أَيْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْيَوْمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ قَالَ لَهُ شَخْصٌ مُسْتَخِيرًا أَطَلَّقْت زَوْجَتَك وَأَرَادَ الِاسْتِفْهَامَ فَقَالَ نَعَمْ]
قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى طَلَّقْت إلَخْ) لَوْ لَمْ يُجِبْهُ لَفْظًا بَلْ كَتَبَ نَعَمْ أَوْ بَلَى أَوْ كَانَ ذَلِكَ أَوْ كَذَا كَانَ فَهَلْ هُوَ كَتَطْلِيقِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ كَتَطْلِيقِهِ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ هُوَ كَنَعَمْ) فَيَكُونُ صَرِيحًا وَهُوَ الْأَصَحُّ.
(قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ قِيلَ لَهُ أَلَكَ زَوْجَةٌ فَقَالَ لَا]
(قَوْلُهُ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ إلَخْ) وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَاهُ فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ ادَّعَتْ النِّكَاحَ فَأَنْكَرَ لَا يَكُونُ إنْكَارُهُ طَلَاقًا.
(قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ تَفَقُّهًا مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ) أَيْ فِي الْإِقْرَارِ
1 -
(تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَفْطَرْت اللَّيْلَةَ عَلَى حَارٍّ أَوْ بَارِدٍ وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا ابْنُ الصَّبَّاغِ فَقَالَ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فِطْرِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فَقَالَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُفْطِرًا بِدُخُولِ اللَّيْلَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا صَرِيحُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَوَّلُ مُقْتَضَى مَذْهَبِ مَالِكٍ قَالَ ابْن الْعِمَادِ وَفِيمَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ تَقْدِيمُ الْعُرْفِ الْخَاصِّ عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا بِأَكْلِ لَحْمِ الْحُوتِ وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ بِالْجُلُوسِ عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ بِسَاطًا وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ فِي سِرَاجٍ بِجُلُوسِهِ فِي الشَّمْسِ وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ سِرَاجًا وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى وَتَدٍ بِجُلُوسِهِ عَلَى الْجَبَلِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَفْطَرْت بِالْكُوفَةِ وَكَانَ بِهَا يَوْمَ الْفِطْرِ لَكِنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ قِيَاسُ قَوْلِنَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْإِفْطَارَ يَكُونُ بِالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ فَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِفَتْوَى ابْنِ الصَّبَّاغِ وَبِهِ تَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى وَلَوْ قَالَ إنْ أَدْرَكْت الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأَدْرَكَهُ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْجَمِيعَ وَهَذَا أَيْضًا مُوَافِقٌ لِفَتْوَى ابْنِ الصَّبَّاغِ قَالَ شَيْخُنَا فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَأَفْطَرَ عَلَى شَيْءٍ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا ابْنُ الصَّبَّاغِ فَقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَقَدْ أَكَلَا تَمْرًا وَخَلَطَا نَوَاهُمَا إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ مِنْ نَوَاك فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(فَصْلٌ قَالَ وَقَدْ أَكَلَا تَمْرًا إلَخْ) .
(قَوْلُهُ إلَّا إنْ أَرَادَ التَّعْيِينَ لِنَوَاهَا مِنْ نَوَاهُ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ) لَيْسَ فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِالْوُقُوعِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ جُمْلَةً كَانَ مِنْ صُوَرِ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ عَادَةً وَقَدْ ذَكَرُوا فِيهِ عَدَمَ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَقِيَ مَا لَوْ قَصَدَ التَّعْيِينَ فَعَيَّنَتْ نَوًى وَمَيَّزَتْهُ وَقَالَتْ هَذَاك نَوَاك وَلَمْ يَجْرِ مِنْهُ تَكْذِيبٌ وَلَا غَيْرُهُ فَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ تُفْهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُخَلِّصٍ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَقَدْ تَعَرَّفَ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُ مَسْأَلَةَ التَّمْرَةِ إذَا اخْتَلَطَتْ بِصُبْرَةٍ فَأَكَلَتْهَا إلَّا تَمْرَةً قَالَ فِي الْكَافِي بَعْدَ إطْلَاقِهِ الْقَوْلَ بِالْخَلَاصِ بِتَفْرِيقِ النَّوَى وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِنَوَايَ أَوْ إنْ لَمْ تُشِيرِي إلَى نَوَايَ فَأَنْت طَالِقٌ فَالطَّرِيقُ أَنْ تَعُدَّ النَّوَى عَلَيْهِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَتَقُولَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ هَذِهِ نَوَاتُك. اهـ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ قُدُومِ زَيْدٍ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّمَا خَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَرِينَةَ تُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الذِّكْرُ لَا مُطْلَقُ الْخَبَرِ الثَّانِي أَنَّ الْإِخْبَارَ إنْ كَانَ لِمَا وَقَعَ مَعْدُودًا أَوْ
(3/325)
فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَقِيلَ) تَتَلَخَّصُ مِنْ الْحِنْثِ بِأَنْ تَفْعَلَ (هَكَذَا) أَيْ بِمَا ذُكِرَ آنِفًا (وَقِيلَ يَجِبُ أَنْ تَبْتَدِئَ مِنْ الْوَاحِدِ) وَتَزِيدَ إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ إلَى الْعِلْمِ بِمَا ذَكَرَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِابْتِلَاعِ تَمْرَةٍ فِي فَمِهَا وَبِقَذْفِهَا وَبِإِمْسَاكِهَا) بِأَنْ قَالَ إنْ ابْتَلَعْتِيهَا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ قُذُفَتَاهَا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ أَمُسْكَتَيْهَا فَأَنْت طَالِقٌ (فَأَكَلَتْ بَعْضَهَا فَوْرًا وَرَمَتْ) الْبَاقِي أَوْ لَمْ تَرْمِهِ (تَخَلَّصَتْ) مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا لِأَنَّ أَكْلَ الْبَعْضِ وَرَمْيَ الْبَعْضِ أَوْ إمْسَاكَهُ مُغَايِرٌ لِكُلِّ مِنْ الثَّلَاثَةِ هَذَا (إنْ تَأَخَّرَتْ يَمِينُ الْإِمْسَاكِ) كَمَا ذَكَرَ فَإِنْ تَقَدَّمَتْ أَوْ تَوَسَّطَتْ أَوْ أَخَّرَتْ الزَّوْجَةُ أَكْلَ الْبَعْضِ لَمْ يَتَخَلَّصْ بِذَلِكَ لِحُصُولِ الْإِمْسَاكِ (فَإِنْ عَلَّقَ بِأَكْلِهَا وَعَدَمِ أَكْلِهَا) بِأَنْ قَالَ إنْ أَكَلْتِيهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ تَأْكُلِيهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَلَا خَلَاصَ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَكْلِ بَعْضِهَا فَوْرًا فَإِنْ فَعَلَتْهُ حَنِثَ فِي يَمِينِ عَدَمِ الْأَكْلِ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ أَكْلِهَا الْبَاقِي (وَلَوْ عَلَّقَ بِالْأَكْلِ فَابْتَلَعَتْ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ يُقَالُ ابْتَلَعَ وَلَمْ يَأْكُلْ وَوَقَعَ لَهُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ عَكْسُ هَذَا.
(وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (وَهِيَ عَلَى سُلَّمٍ بِالصُّعُودِ بِالنُّزُولِ ثُمَّ بِالْوُقُوفِ) أَيْ بِالْمُكْثِ (فَطَفَرَتْ) أَيْ وَثَبَتَ (أَوْ انْتَقَلَتْ إلَى) سُلَّمٍ (آخَرَ أَوْ أَضْجَعَ) السُّلَّمَ عَلَى الْأَرْضِ وَهِيَ عَلَيْهِ وَتَقُومُ مِنْ مَوْضِعِهَا (أَوْ حُمِلَتْ) وَصَعِدَ بِهَا الْحَامِلُ أَوْ نَزَلَ (بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَوْرًا) فِي الْجَمِيعِ (لَمْ تَطْلُقْ) وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِثُمَّ اعْتِبَارَ تَأْخِيرِ التَّعْلِيقِ بِالْوُقُوفِ إذْ لَوْ لَمْ تَتَأَخَّرْ طَلُقَتْ وَخَرَجَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا مَا لَوْ حُمِلَتْ بِأَمْرِهَا فَيَحْنَثُ نَعَمْ إنْ حَمَلَهَا بِلَا صُعُودٍ وَنُزُولٍ بِأَنْ يَكُونَ وَاقِفًا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا أَثَرَ لِأَمْرِهَا.
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَهُ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ أَوْ رَغِيفٍ فَأَكَلَتْ إلَّا حَبَّةً أَوْ لُبَابَةً يَقَعُ مَوْقِعًا) بِأَنْ يُسَمِّيَ قِطْعَةَ خُبْزٍ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّهَا لَمْ تَأْكُلْ الرُّمَّانَةَ أَوْ الرَّغِيفَ وَإِنْ تَسَامَحَ أَهْلُ الْعُرْفِ فِي إطْلَاقِ أَكْلِ الرُّمَّانَةِ أَوْ الرَّغِيفِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَا يَقَعُ مَوْقِعًا إذْ فُتَاتُ الْخُبْزِ الَّذِي يَدِقُّ مُدْرَكُهُ لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ فِي بِرٍّ وَلَا حِنْثٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي الرُّمَّانَةِ فِيمَا إذَا بَقِيَ بَعْضُ حَبَّةٍ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِيهِ.
[فَرْعٌ سَقَط الْحَجَر مِنْ عُلْو إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي السَّاعَةَ مَنْ رَمَاهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(فَرْعٌ) لَوْ (سَقَطَ الْحَجَرُ) مِنْ عُلْوٍ (أَوْ اتَّهَمَهَا) زَوْجُهَا بِسَرِقَةٍ (فَقَالَ) فِي الْأَوَّلِ (إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي السَّاعَةَ مَنْ رَمَاهُ أَوْ) قَالَ فِي الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ (تَصْدُقِينِي أَسَرَقْتِ أَمْ لَا فَأَنْتِ طَالِقٌ) وَلَمْ يُرِدْ تَعْيِينًا فِيهِمَا (فَقَالَتْ) فِي الْأُولَى رَمَاهُ (مَخْلُوقٌ لَا آدَمِيٌّ أَوْ) فِي الثَّانِيَةِ (سَرَقْته مَا سَرَقْته تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ لِأَنَّهَا صَادِقَةٌ بِالْإِخْبَارِ فِي الْأُولَى وَبِأَحَدِ الْإِخْبَارَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَخَلَّصْ فِي الْأُولَى بِقَوْلِهَا رَمَاهُ آدَمِيٌّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ رَمَاهُ كَلْبٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ نَحْوُهُمَا لِأَنَّ سَبَبَ الْحِنْثِ وُجِدَ وَشَكَكْنَا فِي الْمَانِعِ وَشُبِّهَ بِمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ الْيَوْمَ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ تَعْرِفْ مَشِيئَتَهُ (أَوْ) قَالَ (إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي كَمْ رَكَعَاتُ الْفَرَائِضِ) فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ (فَقَالَتْ سَبْعَ عَشْرَةَ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ) لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ (أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ) أَيْ (لِلْجُمُعَةِ) أَيْ لِيَوْمِهَا (أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ وَهِيَ) مُخْتَصَّةٌ (بِالسَّفَرِ تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ حَتَّى لَوْ قَالَ الثَّلَاثَ مَنْ لَمْ يُخْبِرْنِي مِنْكُنَّ بِعَدَدِ رَكَعَاتِ فَرَائِضِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأُخْرَى خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَالِثَةٌ إحْدَى عَشْرَةَ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لِصِدْقِهِنَّ فِيمَا ذَكَرْنَهُ مِنْ الْعَدَدِ كَمَا تَقَرَّرَ نَعَمْ إنْ أَرَادَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَيَّامِ عَيْنًا فَالْحَلِفُ عَلَى مَا أَرَادَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ لَمْ أَقُلْ كَمَا تَقُولِينَ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ) لَهُ (أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَخَلَاصُهُ) مِنْ الْحِنْثِ (أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا (مِنْ وَثَاقٍ أَوْ) أَنْتِ (قُلْت أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (كَيْفَ تَقُولُ إذَا أَرَدْت أَنْ تُطَلِّقَنِي فَقَالَ أَقُولُ أَنْت طَالِقٌ لَغَا) فَلَا تَطْلُقُ بِهِ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَمَّا يَفْعَلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (وَإِنْ عَلَّقَهُ وَهِيَ فِي نَهْرٍ) أَيْ مَاءٍ جَارٍ (بِالْخُرُوجِ) مِنْهُ (أَوْ بِاللُّبْثِ) فِيهِ الْأَوْلَى وَبِاللُّبْثِ بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ خَرَجْت مِنْهُ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ لَبِثَ فِيهِ فَأَنْت طَالِقٌ (لَمْ تَطْلُقْ) خَرَجَتْ أَوْ لَبِثَتْ (لِأَنَّهُ) بِجَرَيَانِهِ (مُفَارِقُهَا أَوْ) وَهِيَ (فِي رَاكِدٍ فَلْتُحْمَلْ مِنْهُ فَوْرًا) لِيَتَخَلَّصَ الزَّوْجُ مِنْ الْحِنْثِ (أَوْ عَلَّقَهُ بِإِرَاقَةِ مَاءِ الْكُوزِ وَبِتَرْكِهِ) فِيهِ (وَبِشُرْبِهَا وَبِشُرْبِ غَيْرِهَا إيَّاهُ) بِأَنْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
مَفْعُولًا كَرَمْيِ الْحَجَرِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْوَاقِعِ وَإِنْ كَانَ الْمُحْتَمَلُ الْوُقُوعَ وَعَدَمَهُ كَقُدُومِ زَيْدٍ كَفَى فِيهِ مُطْلَقُ الْإِخْبَارِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ يَجِبُ أَنْ تَبْتَدِئَ مِنْ الْوَاحِدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا هُوَ وَاضِحٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأُولَى وَهِيَ مَنْ لَمْ تُخْبِرْنِي بِعَدَدِ كَذَا وَبَيْنَ هَذِهِ وَهِيَ إنْ لَمْ تَعُدِّي وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِابْتِدَاءِ الْعَدَدِ
[فَرْعٌ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِابْتِلَاعِ تَمْرَةٍ فِي فَمِهَا]
(قَوْلُهُ فَأَكَلَتْ بَعْضَهَا فَوْرًا وَرَمَتْ الْبَاقِيَ إلَخْ) أَوْ رَمَتْ بَعْضَهَا فَوْرًا وَأَمْسَكَتْ الْبَاقِيَ. (قَوْلُهُ وَوَقَعَ لَهُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ عَكْسُ هَذَا) إنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ بِهِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ لَا يَتَنَاوَلُهُ وَفِي الْأَيْمَانِ الْعُرْفُ وَأَهْلُهُ يُطْلِقُونَ اسْمَ الْأَكْلِ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْمَفْهُومُ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِهِمَا أَنَّ مُجَرَّدَ الِابْتِلَاعِ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَضْغِ كَالْخُبْزِ لَا يُسَمَّى أَكْلًا فَيَصِحُّ فِي مِثْلِهِ أَنْ يُقَالَ ابْتَلَعَ وَمَا أَكَلَ وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَضْغِ كَالْعَصِيدَةِ وَالْهَرِيسَةِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ يَسِيرًا كَالسُّكَّرِ فَابْتِلَاعُهُ يُسَمَّى أَكْلًا
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ حَمَلَهَا بِلَا صُعُودٍ وَنُزُولٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ عَلَّقَ الطَّلَاق بِأَكْلِ رُمَّانَة أَوْ رَغِيف فَأَكَلَتْ إلَّا حَبَّةً أَوْ لُبَابَةً]
(قَوْلُهُ فَقَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي السَّاعَةَ مَنْ رَمَاهُ أَوْ تَصْدُقِينِي إلَخْ) أَمَّا إذَا قَالَ إنْ لَمْ تُعْلِمِينِي بِالصِّدْقِ فَإِنَّهَا لَا تَتَلَخَّصُ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَشُبِّهَ بِمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ الْيَوْمَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ فَيَقَعُ؛ لِأَنَّا عَلِمْنَا وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَشَكَكْنَا فِي رَافِعِهِ وَهُوَ وُجُودُ مَشِيئَتِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ زَيْدٌ الدَّارَ الْيَوْمَ وَمَاتَ وَشَكَّ فِي دُخُولِهِ حَيْثُ لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِشَرْطِ أَنْ يَنْتَفِيَ دُخُولُهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ فَلَمْ يَقَعْ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَرَادَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَيَّامِ عَيْنًا فَالْحَلِفُ عَلَى مَا أَرَادَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/326)
قَالَ لَهَا إنْ أَرَقْت مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ شَرِبْته أَنْت أَوْ غَيْرُك فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ تَرَكْت فَأَنْت طَالِقٌ (فَبَلَّتْ بِهِ خِرْقَةً وَضَعَتْهَا فِيهِ لَمْ تَطْلُقْ) وَكَذَا لَوْ بَلَّتْهَا بِبَعْضِهِ أَوْ شَرِبَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا بَعْضَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَإِنْ تَرَكْته كَمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّمْرَةِ وَإِلَّا فَبِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَإِنْ شَرِبْته تَطْلُقُ لِأَنَّهَا تَرَكَتْهُ.
(فَرْعٌ الْأَصْحَابُ إلَّا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ يَمِيلُونَ فِي التَّعْلِيقِ إلَى تَقْدِيمِ الْوَضْعِ) اللُّغَوِيِّ (عَلَى الْعُرْفِ) الْغَالِبِ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ كَمَا مَرَّ فِي إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ مِنْ نَوَاك فَإِنَّ مَعْنَاهُ الْوَضْعِيَّ التَّفْرِيقُ وَمَعْنَاهُ الْعُرْفِيَّ التَّعْيِينُ هَذَا إنْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ فَإِنْ اضْطَرَدَ عُمِلَ بِهِ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِ حِينَئِذٍ وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ وَالِاجْتِهَادُ فِيمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ وَلَا يَخْتَصُّ بِقَوْلِ الْغَزَالِيِّ بَلْ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ وَمِنْهُ مَا يَأْتِي فِي الْخَسِيسِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَيُشْبِهُ إلَى آخِرِهِ.
(فَرْعٌ) فِي بَيَانِ أَوْصَافٍ تَجْرِي فِي مُخَاصَمَةِ الزَّوْجَيْنِ وَيُعَلَّقُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ (الْخَسِيسُ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ) بِأَنْ تَرَكَ دِينَهُ بِاشْتِغَالِهِ بِدُنْيَاهُ (وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَنْ يَتَعَاطَى) فِي الْعُرْفِ (مَا لَا يَلِيقُ بِهِ بُخْلًا) بِمَا يَلِيقُ بِهِ خِلَافَ مَنْ يَتَعَاطَاهُ تَوَاضُعًا (وَأَخَسُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخَسِيسِ أَيْ وَأَخَسُّ الْأَخْسَاسِ (مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ وَالسَّفَهُ مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ سِيَاقٌ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ فِي مَعْرِضِ إسْرَافٍ أَوْ بَذَاءَةِ لِسَانٍ فَالْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ (وَالْقَوَّادُ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) جَمِيعًا (حَرَامًا) وَإِنْ كُنَّ غَيْرَ أَهْلِهِ وَكَذَا مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُرْدِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ.
(وَالْقَرْطَبَانِ مَنْ يَسْكُتُ عَلَى الزَّانِي بِامْرَأَتِهِ) وَفِي مَعْنَاهُ مَحَارِمُهُ وَنَحْوُهُنَّ. (وَقَلِيلُ الْحَمِيَّةِ مَنْ لَا يَغَارُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَحَارِمِهِ) وَنَحْوِهِنَّ (وَالْقَلَّاشُ الذَّوَّاقُ لِلطَّعَامِ كَالْمُشْتَرِي وَلَا يُرِيدُهُ) أَيْ يَرَى أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ وَلَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ (وَالدَّيُّوثُ) بِالْمُثَلَّثَةِ (مَنْ لَا يَمْنَعُ الدَّاخِلَ عَلَى زَوْجَتِهِ) مِنْ الدُّخُولِ وَيُشْبِهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَارِمَهُ وَإِمَاءَهُ كَزَوْجَتِهِ لِلْعُرْفِ (وَالْبَخِيلُ مَانِعُ الزَّكَاةِ وَمَنْ لَا يُقْرِي الضَّيْفَ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَخِيلٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ الْبَخِيلُ مَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ وَلَا يُقْرِي الضَّيْفَ (وَمَنْ قِيلَ لَهُ يَا زَوْجَ الْقَحْبَةِ فَقَالَ إنْ كَانَتْ) زَوْجَتِي (كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ طَلُقَتْ إنْ قَصَدَ التَّخَلُّصَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ عَارِهَا كَمَا لَوْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ (وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ) فَإِنْ وُجِدَتْ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا (وَالْقَحْبَةُ هِيَ الْبَغِيَّةُ وَإِنْ تَفَاخَرَا) فِي الْخُصُومَةِ كَأَنْ قَالَ لَهَا إيشِ تَكُونِينَ أَنْت فَقَالَتْ وإِيشْ تَكُونُ أَنْت (فَقَالَ إنْ لَمْ أَكُنْ مِنْك بِسَبِيلٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ مِنْهَا بِسَبِيلٍ) لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ (أَوْ) قَصَدَ (الْمُكَافَأَةَ) لَهَا بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ (طَلُقَتْ) إذْ الْمَقْصُودُ إيقَاعُ الْفُرْقَةِ وَقَطْعُ مَا بَيْنَهُمَا وَلَوْ
(قَالَتْ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ أَنْت مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ) لَهَا (إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِهَا فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ظَاهِرًا فَإِنْ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّا بَانَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ (أَوْ) قَالَتْهُ لِزَوْجِهَا (الْكَافِرِ) فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ (طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ظَاهِرًا (فَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ أَنْ لَا طَلَاقَ) نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا طَلُقَتْ فِي الْحَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَوْ قَالَ الْمُسْلِمُ إنْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ إذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْقَاضِي ثُمَّ قَالَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا وَقَعَ طَلَاقُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَنْدَنِيجِيّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى.
وَلَوْ (قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَنَا أَسْتَنْكِفُ مِنْك فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَسْتَنْكِفُ مِنِّي فَهِيَ طَالِقٌ فَظَاهِرَهُ الْمُكَافَأَةِ) فَتَطْلُقُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالسَّفِلَةُ مَنْ يَعْتَادُ دَنِيءَ الْأَفْعَالِ لَا نَادِرًا) فَلَوْ قَالَتْ لَهُ يَا سَفِلَةُ فَقَالَ إنْ كُنْت كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَا الْمُكَافَأَةَ طَلُقَتْ حَالًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ بِمَا ذُكِرَ (وَالْكَوْسَجُ مَنْ قَلَّ شَعْرُ وَجْهِهِ وَعُدِمَ شَعْرُ عَارِضَيْهِ وَالْغَوْغَاءُ مَنْ يُخَالِطُ الْأَرَاذِلَ وَيُخَاصِمُ) النَّاسَ (بِلَا حَاجَةٍ وَالْأَحْمَقُ مَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ قَالَ إنْ لَمْ أَقُلْ كَمَا تَقُولِينَ فَأَنْتِ طَالِقٌ]
قَوْلُهُ أَوْ شَرِبَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا بَعْضَهُ) أَوْ قَبِلَتْ بَعْضَهُ أَوْ ثَقَبَتْ أَسْفَلَ الْكُوزِ فَخَرَجَ الْمَاءُ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ جَعَلَتْ طَرَفَ قَصَبَةٍ فِي فِيهَا وَطَرَفَهَا الْآخَرَ فِي الْكُوزِ فَصَعِدَ الْمَاءُ أَوْ بَعْضُهُ إلَى فِيهَا ثُمَّ مَجَّتْهُ.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَإِنْ تَرَكَتْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ تَّعْلِيقِ الطَّلَاق إلَى تَقْدِيمِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ]
(قَوْلُهُ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ) عِبَارَتُهُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَنْضَبِطُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَإِدَارَةُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَكِنْ يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ إطْرَادًا وَاضْطِرَابًا وَيَكْفِيهِ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى قُوَّةً وَضَعْفًا وَقَدْ يَقْوَى الْعُرْفُ فَيَقْتَضِي هِجْرَانَ الْوَضْعِ وَقَدْ يَضْطَرِبُ فَيُؤْخَذُ بِالْوَضْعِ وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ وَالِاجْتِهَادُ
[فَرْعٌ بَيَانِ أَوْصَافٍ تَجْرِي فِي مُخَاصَمَةِ الزَّوْجَيْنِ]
(قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَنْ يَتَعَاطَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ بُخْلًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَكْثَرُ الْعَامَّةِ يُطْلِقُ لَفْظَ الْخَسِيسِ عَلَى الْبَخِيلِ سَوَاءٌ أَتَعَاطَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ أَمْ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ عُرْفُهُمْ فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَالسَّفَهُ مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْعُرْفُ فِي وَقْتِنَا جَارٍ بِإِطْلَاقِ ذَلِكَ عَلَى بَذِيءِ اللِّسَانِ الْمُتَفَحِّشِ الْمُوَاجِهِ بِمَا يَسْتَحْيِي غَالِبُ النَّاسِ مِنْ الْمُوَاجَهَةِ بِهِ فَالْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا مِنْ الْعَامِّيِّ لَا الَّذِي يَعْرِفُ السَّفَهَ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ تَدُلُّ قَرِينَةُ الْحَالِ عَلَى إرَادَتِهِ ذَلِكَ بِأَنْ خَاطَبَهَا بِفُحْشٍ مِنْ الْقَوْلِ وَالْبَذَاءَةِ فَقَالَتْ لَهُ يَا سَفِيهُ مُشِيرَةً إلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرَادِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) وَكَذَا بَيْنَ النِّسَاءِ وَالنِّسَاءِ الْمُسَاحِقَاتِ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّ مَحَارِمَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَخِيلٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَالْقَحْبَةُ إلَخْ) كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ لَيْسَتْ عَرَبِيَّةً أَنْكَرَ فِي الْمُهِمَّاتِ كَوْنَهَا مُوَلَّدَةً قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهُوَ عَجِيبٌ فَقَدْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ اللُّغَوِيِّينَ مِنْهُمْ الصَّاغَانِيُّ فِي الْعُبَابِ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ فَقَالَ الْقَحْبَةُ كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ
(قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/327)
يَفْعَلُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِقُبْحِهِ) كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا عَنْ صَاحِبَيْ الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ وَقِيلَ مَنْ نَقَصَتْ مَرْتَبَةُ أُمُورِهِ وَأَحْوَالِهِ عَنْ مَرَاتِبِ أَمْثَالِهِ نَقْصًا بَيِّنًا بِلَا مَرَضٍ وَلَا سَبَبٍ وَقِيلَ مَنْ يَعْمَلُ مَا يَضُرُّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِقُبْحِهِ وَقِيلَ مَنْ يَضَعُ كَلَامَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَيَأْتِي بِالْحَسَنِ فِي مَوْضِعِ الْقَبِيحِ وَعَكْسِهِ وَقِيلَ مَنْ لَا يَنْتَفِعُ بِعَقْلِهِ (والجهوذوري) مَنْ قَامَ بِهِ (الذِّلَّةُ وَالْخَسَاسَةُ) وَقِيلَ مَنْ قَامَ بِهِ صُفْرَةُ الْوَجْهِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَرَجَّحَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ الثَّانِي (فَإِنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهِ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُوصَفُ بِهَذَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ فِي الْوَسِيطِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ قَصَدَتْ الْمُكَافَأَةَ طَلُقَتْ حَالًا والجهوذوري مَكْتُوبٌ فِي الْأَصْلِ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الْوَاوِ.
(فَصْلٌ فِيمَا يَجْرِي) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (بِالْمُخَاصَمَةِ) أَيْ فِيهَا (وَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (يَا خَسِيسُ أَوْ يَا سَفِيهُ فَقَالَ إنْ كُنْت كَذَلِكَ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ) لَهَا بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ مِنْ الطَّلَاقِ كَمَا غَاظَتْهُ بِالشَّتْمِ (طَلُقَتْ) حَالًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَسِيسًا وَلَا سَفِيهًا لِأَنَّ الْغَيْظَ بِالطَّلَاقِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ وَالتَّقْدِيرُ تَزْعُمِينَ أَنِّي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ إذَنْ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ أَطْلَقَ (فَتَعْلِيقٌ فَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ) الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَيْ وُجُودُهُ عَمَلًا بِمُقْتَضَاهُ فَإِنْ عَمَّ الْعُرْفُ بِالْمُكَافَأَةِ وَضُبِطَ قُدِّمَ عَلَى الْوَضْعِ عَلَى مَا قَدَّمَتْهُ (فَإِنْ شَكَّ) فِي وُجُودِ الشَّرْطِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (أَوْ قَالَتْ) لَهُ كَمْ تُحَرِّكُ لِحْيَتَك فَقَدْ (رَأَيْت مِثْلَ لِحْيَتِك كَثِيرًا فَقَالَ إنْ) كُنْت (رَأَيْت مِثْلَهَا) كَثِيرًا (فَأَنْت طَالِقٌ. فَهَذِهِ) اللَّفْظَةُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ (كِنَايَةٌ عَنْ الرُّجُولِيَّةِ أَوْ الْفُتُوَّةِ) أَوْ نَحْوِهِمَا (فَإِنْ قَصَدَ) بِهَا (الْمُغَايَظَةَ وَالْمُكَافَأَةَ أَوْ الرُّجُولِيَّةَ وَالْفُتُوَّةَ طَلُقَتْ أَوْ الْمُشَاكَلَةَ فِي الصُّورَةِ فَلَا) تَطْلُقُ إلَّا إنْ كَانَتْ رَأَتْ مِثْلَهَا كَثِيرًا وَلَفْظَةُ كَثِيرًا فِي كَلَامِ أَصْلِهِ وَهِيَ مِثَالٌ وَلِذَلِكَ حَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ أَوْ الرُّجُولِيَّةَ وَالْفُتُوَّةَ مَنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ كَالْمُشَاكَلَةِ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا.
(فَرْعٌ) لَوْ (قِيلَ لِزَانٍ زَنَيْت فَقَالَ مَنْ زَنَى فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ إذْ قَصْدُهُ ذَمُّ الزَّانِي) لَا إيقَاعُ الطَّلَاقِ (وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت) مَثَلًا (فَكَذَّبَتْهُ فَقَالَ إنْ كُنْت زَنَيْت فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ) حَالًا (بِإِقْرَارِهِ) السَّابِقِ.
[فَصْلٌ قَالَ إنْ خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَالَفَتْ]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ إنْ خَالَفْت أَمْرِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَخَالَفَتْ نَهْيَهُ) كَأَنْ قَالَ لَهَا لَا تَقُومِي فَقَامَتْ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا خَالَفَتْ نَهْيَهُ دُونَ أَمْرِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِسَبَبِ الْعُرْفِ (بِخِلَافِ عَكْسِهِ) بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ خَالَفْت نَهْيِي فَأَنْت طَالِقٌ فَخَالَفَتْ أَمْرَهُ كَأَنْ قَالَ لَهَا قُومِي فَقَعَدَتْ فَتَطْلُقُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا فَاسِدٌ إذْ لَيْسَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ فِيمَا يَخْتَارُهُ وَإِنْ كَانَ فَالْيَمِينُ لَا يُبْنَى عَلَيْهِ بَلْ عَلَى اللُّغَةِ أَوْ الْعُرْفِ.
(وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمُضِيِّ حِينٍ أَوْ زَمَانٍ) كَأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِمُضِيِّ أَوْ بَعْدَ أَوْ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ (طَلُقَتْ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ) لِوُقُوعِهِ عَلَيْهَا كَمَا يَقَعُ عَلَى مَا فَوْقَهَا وَيُفَارِقُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ قَالَ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَى حِينٍ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ لِلشَّكِّ فِي الْمُرَادِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنْشَاءٌ وَلَأَقْضِيَنَّك وَعْدٌ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَيْهِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ إنْ عَلَّقَهُ بِمُضِيِّ (حُقُبٍ أَوْ عَصْرٍ) أَوْ دَهْرٍ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ (وَفِيهِ نَظَرٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَهُوَ بَعِيدٌ لَا وَجْهَ لَهُ أَيْ لِمُنَافَاتِهِ تَفَاسِيرَهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَفَسَّرَ الْإِمَامُ الْعَصْرَ بِأَنَّهُ زَمَنٌ طَوِيلٌ يَحْوِي أُمَمًا وَيَنْقَرِضُ بِانْقِرَاضِهِمْ وَفِي مَعْنَاهُ الْحُقُبُ وَالدَّهْرُ، وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ الْحُقُبَ الْمُلْحَقَ بِهِ الْآخَرَانِ بِثَمَانِينَ سَنَةً وَبَعْضُهُمْ بِثَلَاثِينَ سَنَةً وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا نَظَرَ وَلَا بُعْدَ فَقَدْ فَسَّرَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْحِقَبَ وَالْعَصْرَ بِالدَّهْرِ وَالدَّهْرَ بِالزَّمَنِ وَأَمَّا الْحُقُبُ بِضَمِّ الْقَافِ فَهُوَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَوَقَعَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْجَوْهَرِيِّ وَعَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ لَا تَطْلُقُ أَصْلًا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي وَعَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْبَعْضُ تَطْلُقُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَعَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ لَوْ قَالَ الْحَالِفُ أَرَدْت مَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ أَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ مَكْتُوبٌ فِي الْأَصْلِ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الْوَاوِ) الَّذِي رَأَيْته فِيهِ مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ
[فَصْلٌ فِيمَا يَجْرِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِالْمُخَاصَمَةِ]
(فَصْلٌ فِيمَا يَجْرِي بِالْمُخَاصَمَةِ) . (قَوْلُهُ أَوْ الْمُشَاكَلَةِ فِي الصُّورَةِ) أَيْ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا.
(قَوْلُهُ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا) لِكَثْرَةِ الْأَمْثَالِ إنَّمَا صَوَابُهُ وَإِلَّا فَيَقَعُ لِكَثْرَةِ الْأَمْثَالِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى رُؤْيَةِ الْأَمْثَالِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْوَسِيطِ عَلَى الصَّوَابِ قُلْتُ وَكَانَ صَوَابُ التَّعْبِيرِ وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّفَةِ وَهِيَ رُؤْيَةُ كَثْرَةِ الْأَمْثَالِ ت وَجْهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَنَّ رُؤْيَتَهَا مِثْلَهُ فِي الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ وُجِدَتْ وَلَا بُدَّ بِخِلَافِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الشَّكْلِ وَالصُّورَةِ وَعَدَدِ الشَّعَرَاتِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ وُجِدَتْ وَقَوْلُهُ وَجْهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ قِيلَ لِزَانٍ زَنَيْت فَقَالَ مَنْ زَنَى فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ]
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا مُخَالَفَتَهَا نَهْيَهُ مُخَالَفَةً لِأَمْرِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالْأَمْرِ الْإِيقَاعُ وَبِمُخَالَفَتِهَا نَهْيَهُ حَصَلَ الْإِيقَاعُ لَا تَرْكُهُ وَالْمَطْلُوبُ بِالنَّهْيِ الْكَفُّ أَيْ الِانْتِهَاءُ وَبِمُخَالَفَتِهَا أَمْرَهُ لَمْ تَكُفَّ وَلَمْ تَنْتَهِ لِإِتْيَانِهَا بِضِدِّ مَطْلُوبِهِ وَالْعُرْفُ شَاهِدٌ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ إنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا مُخَالَفَتَهَا نَهْيَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَكَذَا حُقُبٌ أَوْ عَصْرٌ أَوْ دَهْرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ مِنْ الزَّمَانِ وَالْكَثِيرِ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) الِاسْتِشْكَالُ مَبْنِيٌّ عَلَى نَفْيِ إطْلَاقِ الْحُقُبِ وَالْعَصْرِ وَالدَّهْرِ عَلَى زَمَنِ الْقَلِيلِ وَمَنْ عَلَّلَ مِنْ الْأَصْحَابِ بِالْإِطْلَاقِ عَلَى الْقَلِيلِ فَتَعْلِيلُهُ مُتَضَمِّنٌ لِنَقْلِ ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَوْ الْعُرْفِ وَالْمُثْبَتُ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ فَلِذَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِرْشَادُ.
(قَوْلُهُ وَالْحَقُّ إنَّهُ لَا نَظَرَ وَلَا بُعْدَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ فَهُوَ ثَمَانُونَ سَنَةً) فِي الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْكَهْفِ حُقُبًا زَمَانًا وَفِي تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ وَالْحُقُبُ الدَّهْرُ وَقِيلَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَقِيلَ سَبْعُونَ
(3/328)
الْمُبَعَّضَ وَلَا أَعْرِفُ غَيْرَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَهُوَ بَعِيدٌ وَيَنْبَغِي قَبُولُهُ إنْ احْتَفَّ بِقَرَائِنَ تُصَدِّقُهُ.
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِالضَّرْبِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بِضَرْبِهِ حَيًّا) لَا مَيِّتًا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَظِنَّةِ الْإِيلَامِ (بِالسَّوْطِ وَبِالْوَكْزِ) أَيْ الضَّرْبُ وَالدَّفْعُ وَيُقَالُ الضَّرْبُ بِجَمْعِ الْيَدِ عَلَى الذَّقَنِ (وَاللَّكْزُ) أَيْ الضَّرْبُ بِجَمْعِ الْيَدِ عَلَى الصَّدْرِ هَذَا (إنْ آلَمَ) الْمَضْرُوبَ (وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُؤْلِمْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا غَلَطٌ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مِنْ تَصْحِيحِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِيلَامِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يُقَالُ ضَرَبَهُ فَلَمْ يُؤْلِمْهُ (لَا الْعَضُّ وَقَطْعُ الشَّعْرِ) فَلَا يَحْصُلُ الضَّرْبُ بِهِمَا فَلَا يَقَعُ بِهِمَا الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِالْقَذْفِ أَوْ اللَّمْسِ) الْأَنْسَبُ بِمَا بَعْدَهُ الْمَسُّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ (طَلُقَتْ بِقَذْفِ الْمَيِّتِ وَمَسِّ بَشَرٍ) لِصِدْقِ الِاسْمِ فِيهِ كَمَا فِي الْحَيِّ وَلِهَذَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَيُنْتَقَضُ وُضُوءُ مَاسِّهِ وَخَرَجَ بِالْبَشَرَةِ مَسُّهُ بِحَائِلٍ وَمَسُّ شَعْرِهِ وَظُفُرِهِ وَسِنِّهِ.
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِقُدُومِ) أَيْ بِقُدُومِ شَخْصٍ (فَقَدِمَ بِهِ مَيِّتًا لَمْ تَطْلُقْ وَكَذَا) حَيًّا (مَحْمُولًا بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ وَإِنْ كَانَ زَمِنًا وَمُخْتَارًا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَمْلِ فَتَطْلُقُ كَمَا لَوْ قَدِمَ رَاكِبًا وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِذْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالِاخْتِيَارِ (وَإِنْ عَلَّقَ بِالْقَذْفِ أَوْ الْقَتْلِ بِالْمَسْجِدِ) بِأَنْ قَالَ إنْ قَذَفْت فُلَانًا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ قَتَلْته فِيهِ فَأَنْت طَالِقٌ (اشْتَرَطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (كَوْنَ الْقَاذِفِ أَوْ الْمَقْتُولِ فِيهِ) إذْ قَرِينَةُ الْحَالِ تُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الِامْتِنَاعُ عَمَّا يَهْتِكُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ وَهَتْكُهَا بِالْقَذْفِ إنَّمَا يَحْصُلُ إذَا كَانَ الْقَاذِفُ فِيهِ وَبِالْقَتْلِ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ أَوْ الْقَاتِلُ خَارِجَهُ (فَلَوْ أَرَادَ الْعَكْسَ) أَيْ كَوْنَ الْمَقْذُوفِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ الْقَاتِلِ فِيهِ (صُدِّقَ بِيَمَنِيِّهِ) ظَاهِرًا لِصَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لَهُ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِهِمَا) أَيْ بِالْقَذْفِ وَالْقَتْلِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ إنْ قَذَفْت أَوْ قَتَلْت فُلَانًا (فِي الدَّارِ اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ) إذْ لَا قَرِينَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِمَا فِي الدَّارِ.
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِرُؤْيَتِهَا زَيْدًا فَرَأَتْ وَلَوْ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ) وَلَوْ غَيْرَ وَجْهِهِ (حَيًّا وَمَيِّتًا) أَيْ أَوْ مَيِّتًا (وَلَوْ) رَأَتْهُ (وَهِيَ سَكْرَى) أَوْ وَهُوَ سَكْرَانُ (وَلَوْ كَانَ) الْمَرْئِيُّ (فِي مَاءٍ) صَافٍ (أَوْ زُجَاجٍ شَفَّافٍ لَا خَيَالَهُ فِيهِمَا طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الْوَصْفِ وَالْمَاءُ وَالزُّجَاجُ الْمَذْكُورَانِ بَيْنَ الرَّائِي وَالْمَرْئِيِّ كَإِجْرَاءِ الْهَوَاءِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَأَتْ خَيَالَهُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى ذَلِكَ اسْمُ الرُّؤْيَةِ الْمُطْلَقَةِ وَعُلِمَ مِمَّا قَالَهُ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ نَائِمَةً أَوْ مَسْتُورًا بِثَوْبٍ أَوْ مَاءٍ كَدِرٍ أَوْ زُجَاجٍ كَثِيفٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِرُؤْيَتِهَا خَيَالَهُ فِي الْمِرْآةِ كَذَلِكَ نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا فَرَأَتْهُ فِي الْمِرْآةِ طَلُقَتْ إذْ لَا يُمْكِنُهَا رُؤْيَتُهُ إلَّا كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهِ وَجْهَهُ وَيُعْتَبَرُ مَعَ مَا ذُكِرَ صِدْقُ رُؤْيَتِهِ كُلِّهِ عُرْفًا فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا مَرَّ أَمَّا لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ مِنْ كُوَّةٍ فَرَأَتْ ذَلِكَ الْعُضْوَ مِنْهُ فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَتْ كَمْهَاءَ) أَيْ وُلِدَتْ عَمْيَاءَ (فَتَعَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ) فَلَا تَطْلُقُ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِعَمْيَاءَ إلَى كَمْهَاءَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ يَتَعَيَّنُ اخْتِصَاصُهُ بِالْكَمْهَاءِ وَإِلَّا فَالْبُرْءُ بِالْعِلَاجِ يُمْكِنُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَقْتَصِرُ ذَلِكَ عَلَى الْكَمْهَاءِ بَلْ مَنْ أَيِسَ مَنْ بُرْئِهَا عَادَةً كَمَنْ تَرَاكَمَ عَلَى عَيْنِهَا الْبَيَاضُ أَوْ غَارَتَا كَالْكَمْهَاءِ.
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِرُؤْيَتِهَا الْهِلَالَ حُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ وَلَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا) لَهُ (أَوْ بِتَمَامِ الْعَدَدِ) فَتَطْلُقُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْعِلْمِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ» بِخِلَافِ رُؤْيَةِ زَيْدٍ مَثَلًا فَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ زَجْرَهَا عَنْ رُؤْيَتِهِ وَعَلَى اعْتِبَارِ الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ كَمَا فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ أَوْ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ فَاسِقٌ فَصَدَّقَهُ فَالظَّاهِرُ مُؤَاخَذَتُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَوْ (قَالَ أَرَدْت) بِالرُّؤْيَةِ (الْمُعَايَنَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لَا فِي) التَّعْلِيقِ بِرُؤْيَةِ (الْعُمْيَانِ) فَلَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ (لَكِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي قَبُولُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ إنْ آلَمَ الْمَضْرُوبَ إلَخْ) هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مَا نَصُّهُ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إيلَامٌ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْرِطْهُ وَاكْتَفَى بِالصَّدْمَةِ وَإِلَيْهِ مَالَ الْأَكْثَرُونَ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ تَدْفَعُ التَّنَاقُضَ أَيْ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْإِيلَامِ بِالْقُوَّةِ وَمَا فِي الْأَيْمَانِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِيلَامِ بِالْفِعْلِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَمَسَّ شَعْرَهُ وَظُفُرَهُ إلَخْ) أَيْ وَعُضْوَهُ الْمُنْفَصِلَ
(قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِذْنِ أَوْلَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِمَا فِي الدَّارِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ أَوْ بِرُؤْيَتِهَا زَيْدًا فَرَأَتْ وَلَوْ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ إلَخْ) قَالَ الْمُتَوَلِّي تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ بَشَرَتِهِ فَلَوْ كَانَ مُتَغَطِّيًا بِشَيْءٍ فَلَمْ يَقَعْ بَصَرُهَا عَلَيْهِ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهَا مَا رَأَتْهُ وَإِنَّمَا رَأَتْ ثَوْبَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ جَمِيعِ بَدَنِهِ بَلْ إذَا رَأَتْ بَعْضَهُ مَكْشُوفًا وَإِنْ كَانَ بَاقِي بَدَنِهِ مُغَطًّى وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْوَجْهِ لَوْ رَأَتْ صَدْرَهُ أَوْ بَطْنَهُ أَوْ ظَهْرَهُ أَوْ رَأْسَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ فَأَمَّا إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ مِنْ كُوَّةٍ فَرَأَتْ ذَلِكَ الْعُضْوَ مِنْهُ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا يُبَيِّنُ مُرَادَ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيِّ بِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ.
(قَوْلُهُ وَعُلِمَ بِمَا قَالَهُ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ نَائِمَةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَوْ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ جَاهِلَةً.
(قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا فَرَأَتْهُ فِي الْمِرْآةِ طَلُقَتْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا مَرَّ أَمَّا لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَقْصُرُ ذَلِكَ عَلَى الْكَمْهَاءِ بَلْ مَنْ أَيِسَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَفِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ لَعَلَّ كَلَامَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْمَهِ وَنَحْوِهِ
(قَوْلُهُ حُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ) سُئِلْت عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ رَأَيْت الْقَمَرَ فَأُجِبْت بِأَنَّ الْمُرَادَ بِرُؤْيَتِهِ عِلْمُهَا بِهِ كَمَا فِي الْهِلَالِ وَأَوَّلُ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا لَهُ) أَيْ بَعْدَ الْغُرُوبِ (قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ مُؤَاخَذَتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/329)
يُدَيَّنُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجِيءُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرنَا فِيمَا إذَا قَالَ لِلْعَمْيَاءِ إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ فِي قَبُولِ التَّفْسِيرِ بِالْمُعَايَنَةِ أَيْ حَتَّى يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ قَالَ وَبِالْقَبُولِ أَجَابَ الْحَنَّاطِيُّ قَالَ الْإِمَامُ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ عَلَّقَ بِالْعَرَبِيَّةِ أَمْ بِالْعَجَمِيَّةِ وَتَبِعَ ابْنَ الرِّفْعَةِ وَقَالَ الْقَفَّالُ إنْ عَلَّقَ بِالْعَجَمِيَّةِ حُمِلَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ سَوَاءٌ فِيهِ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى لِأَنَّ الْعُرْفَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَبِمَا قَالَهُ جَزَمَ الْفُورَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَحَكَى الْأَصْلُ الْمَقَالَتَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَجَمِيَّ إذْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا ذَلِكَ فَالرَّاجِحُ الْفَرْقُ وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ مِنْهُ مَا يَعْرِفُهُ الْعَرَبِيُّ فَيَتَّجِهُ عَدَمُ الْفَرْقِ (وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ) أَيْ يَمِينُ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ إذَا صَرَّحَ فِيهَا بِالْمُعَايَنَةِ أَوْ فَسَّرَ بِهَا وَقَبِلْنَاهُ (بِمُضِيِّ ثَلَاثٍ) مِنْ اللَّيَالِي وَلَمْ تَرَ فِيهَا الْهِلَالَ (مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ نَسْتَقْبِلُهُ) فَلَا أَثَرَ لِرُؤْيَتِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الشَّهْرِ وَلَا لِرُؤْيَتِهِ فِيهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى حِينَئِذٍ هِلَالًا.
(فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ سَكْرَانُ سُكْرًا يَسْمَعُ مَعَهُ وَيَتَكَلَّمُ وَكَذَا) إنْ كَلَّمَتْهُ (وَهِيَ سَكْرَى لَا السُّكْرُ الطَّافِحُ طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ مِمَّنْ يُكَلِّمُ غَيْرَهُ وَيَتَكَلَّمُ هُوَ عَادَةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْمَعْ السَّكْرَانُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَبِخِلَافِ مَا إذَا انْتَهَتْ السَّكْرَى إلَى السُّكْرِ الطَّافِحِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي إذَا جَعَلْنَا لِلسَّكْرَانِ ثَلَاثَ مَرَاتِبَ وَخَالَفْنَا بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُ مَا هُنَا مِنْ أَنَّ الطَّافِحَ كَغَيْرِهِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ هُنَا التَّكْلِيمُ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ مِمَّنْ ذُكِرَ عَادَةً فَعَلَيْهِ لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهِ غَيْرَهُ ثُمَّ طَفَحَ عَلَيْهِ السُّكْرُ فَكَلَّمَ الْغَيْرَ لَمْ يَحْنَثْ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ أَجَابَ بِذَلِكَ (لَا) إنْ كَلَّمَتْهُ (فِي نَوْمٍ وَإِغْمَاءٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ تَكْلِيمًا عُرْفًا (وَلَا) إنْ كَلَّمَتْهُ (فِي جُنُونِهَا) كَمَا لَوْ كَلَّمَتْهُ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً نَعَمْ إنْ عَلَّقَ بِمَا ذُكِرَ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ طَلُقَتْ بِذَلِكَ قَالَهُ الْقَاضِي (وَلَا) إنْ كَلَّمَتْهُ (بِهَمْسٍ) وَهُوَ خَفْضُ الصَّوْتِ بِالْكَلَامِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ الْمُخَاطَبُ (وَلَا نِدَاءٍ مِنْ حَيْثُ) أَيْ مِنْ مَكَان (لَا يُسْمَعُ) مِنْهُ (وَإِنْ فَهِمَهُ بِقَرِينَةٍ أَوْ حَمَلَتْهُ رِيحٌ) إلَيْهِ (وَسَمِعَ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى كَلَامًا عَادَةً (فَإِنْ كَلَّمَتْهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَكِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ لِذُهُولٍ) مِنْهُ أَوْ لِشُغْلٍ (أَوْ لَغَطٍ) وَلَوْ كَانَ (لَا يُفِيدُ مَعَهُ الْإِصْغَاءُ طَلُقَتْ) لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ وَعَدَمُ السَّمَاعِ لِعَارِضٍ وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ فِي مَسْأَلَةِ اللَّغَطِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ (أَوْ) لَمْ يَسْمَعْ (لِصَمَمٍ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا لَمْ تُكَلِّمْهُ عَادَةً وَقِيلَ تَطْلُقُ لِمَا مَرَّ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ لَكِنَّ الثَّانِي هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ وَنَقَلَهُ الْمُتَوَلِّي ثَمَّ عَنْ النَّصِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ كَلَامٍ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ الْوُقُوعُ فَتَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ انْتَهَى فَيُوَافِقُ مَا قَبْلَهُ فِي الذُّهُولِ وَنَحْوِهِ هَذَا وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ وَالثَّانِي عَلَى مَنْ يَسْمَعُ مَعَ رَفْعِهِ (وَالتَّعْلِيقُ بِتَكْلِيمِهَا نَائِمًا) بِأَنْ قَالَ إنْ كَلَّمْت نَائِمًا (أَوْ غَائِبًا) عَنْ الْبَلَدِ مَثَلًا (تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ) فَلَا تَطْلُقُ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت مَيِّتًا أَوْ جَمَادًا.
(فَصْلٌ مَتَى عَلَّقَهُ بِفِعْلِهِ) شَيْئًا (فَفَعَلَهُ نَاسِيًا) لِلتَّعْلِيقِ (أَوْ) ذَاكِرًا لَهُ (مُكْرَهًا) عَلَى الْفِعْلِ (أَوْ) مُخْتَارًا (جَاهِلًا) بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ «أَنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» أَيْ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهَا مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ كَضَمَانِ الْمُتْلَفِ فَالْفِعْلُ مَعَهَا كَلَا فِعْلٍ، هَذَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ أَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ شَيْءٍ وَقَعَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ نَاسِيًا لَهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّ زَيْدًا لَيْسَ فِي الدَّارِ وَكَانَ فِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ عَلِمَ وَنَسِيَ. فَإِنْ قَصَدَ بِحَلِفِهِ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي ظَنِّهِ أَوْ فِيمَا انْتَهَى إلَيْهِ عِلْمُهُ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى مُعْتَقَدِهِ وَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجِيءُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا إلَخْ) وَيُجَابُ بِأَنَّ الرُّؤْيَةَ ثَمَّ بَاقِيَةٌ عَلَى مَعْنَاهَا وَهُنَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِلْمِ كَمَا تَقَرَّرَ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْقَفَّالُ إنْ عَلَّقَ بِالْعَجَمِيَّةِ حُمِلَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالرَّاجِحُ الْفَرْقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَيَتَّجِهُ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
1 -
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ إنْ رَأَيْت مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْت طَالِقٌ فَرَأَتْهُ فِي الْمَنَامِ فَإِنْ أَرَادَ رُؤْيَتَهُ فِيهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ فَإِنْ نَازَعَهَا فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا إذْ لَا يَطَّلِعُ غَيْرُهَا عَلَى رُؤْيَاهَا إلَّا مِنْ قِبَلِهَا وَإِنْ أَرَادَ رُؤْيَتَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا فِي الْمَنَامِ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا فَهَلْ يَقَعُ؛ لِأَنَّ مَنْ رَآهُ فَقَدْ رَآهُ أَوْ لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ رَأَيْت النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَثْبُتُ بِمَا يُسْمَعُ مِنْهُ فِي الْمَنَامِ فِيهِ وَجْهَانِ وَمَا رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ مَسْطُورَةً وَلَكِنَّ الْمَيْلَ إلَى الثَّانِي ك
[فَصْلٌ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ]
(قَوْلُهُ لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا إلَخْ) لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمَك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَ مَرَّةً أُخْرَى طَلُقَتْ بِالْإِعَادَةِ وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا أَوْ بَكْرًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ أَحَدَهُمْ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ أَوْ كَلَّمَتْهُمْ فَوَاحِدَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا.
(قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ أَجَابَ بِذَلِكَ) عِبَارَتُهُ اسْتِثْنَاءُ السُّكْرِ الطَّافِحِ لَيْسَ لِمُوَافَقَةِ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي مَرَاتِبِ السَّكْرَانِ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْعُرْفِ فِي التَّكْلِيمِ وَتَكْلِيمُ الطَّافِحِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْهَذَيَانِ الَّذِي لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ تَكْلِيمًا وَإِنْ كَانَ مُؤَاخَذًا بِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّغْلِيظَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ عَلَّقَ بِمَا ذُكِرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ طَلُقَتْ بِذَلِكَ) أَيْ بِتَكْلِيمِهَا لَهُ فِي جُنُونِهَا.
(قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ) انْعَكَسَ هَذَا النَّقْلُ عَلَى بَعْضِهِمْ.
(قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ) هُوَ الْمُرَادُ
[فَصْلٌ عَلَّقَ الطَّلَاق بِفِعْلِهِ شَيْئًا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا]
(فَصْلٌ مَتَى عَلَّقَهُ بِفِعْلٍ إلَخْ) . (قَوْلُهُ فَفَعَلَهُ نَاسِيًا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ عَلَى وَجْهِ النِّسْيَانِ أَوْ الْجَهْلِ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَعُفِيَ عَنْهُ
(3/330)
قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ أَطْلَقَ فَفِي الْحِنْثِ قَوْلَانِ رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ الْحِنْثَ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ إذْ لَا حِنْثَ وَلَا مَنْعَ بَلْ تَحْقِيقٌ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ قَبْلَ الْحَلِفِ بِخِلَافِهِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَقْبَلِ وَرَجَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ عَدَمَ الْحِنْثِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي فَصْلِ قَالَ إنْ ابْتَلَعْت (وَكَذَا) لَا تَطْلُقُ إنْ عَلَّقَ بِفِعْلِ (غَيْرٍ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَقَدْ (قَصَدَ) بِذَلِكَ (مَنْعَهُ) أَوْ حَثَّهُ (وَهُوَ مِمَّنْ يُبَالِي) بِتَعْلِيقِهِ فَلَا يُخَالِفُهُ فِيهِ لِصَدَاقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (وَعُلِمَ بِالتَّعْلِيقِ فَفَعَلَهُ الْغَيْرُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَنْعَهُ أَوْ حَثَّهُ أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ كَالسُّلْطَانِ وَالْحَجِيجِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَفَعَلَهُ كَذَلِكَ (طَلُقَتْ) لِأَنَّ الْغَرَضَ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ مَنْعٍ أَوْ حَثٍّ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ كَالْمِنْهَاجِ مَا إذَا قَصَدَ مَعَ مَا ذُكِرَ فِيمَنْ يُبَالِي بِهِ إعْلَامَهُ بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا تَطْلُقُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ أَصْلِهِ وَجَرَى هُوَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَعَزَاهُ الزَّرْكَشِيُّ لِلْجُمْهُورِ (وَلَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا فَفَعَلَ نَاسِيًا طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ فَعَلَهُ وَقَدْ ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْسَى فَنَسِيَ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْسَ بَلْ نَسِيَ (أَوْ بِدُخُولِ بَهِيمَةٍ وَنَحْوِهَا) كَطِفْلٍ (فَدَخَلَتْ لَا مُكْرَهَةً طَلُقَتْ) بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَتْ مُكْرَهَةً لَا تَطْلُقُ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا مَرَّ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُعَلَّقَ بِفِعْلِهِ التَّعْلِيقَ وَكَانَ مِمَّنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ أَوْ مِمَّنْ يُبَالِي وَلَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ إعْلَامَهُ وَدَخَلَ مُكْرَهًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْآدَمِيَّ فِعْلُهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَإِنْ أَتَى بِهِ مُكْرَهًا وَلِهَذَا يَضْمَنُ بِهِ بِخِلَافِ فِعْلِ الْبَهِيمَةِ فَكَأَنَّهَا حِينَ الْإِكْرَاهِ لَمْ تَفْعَلْ شَيْئًا.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لِأَرْبَعٍ) تَحْتَهُ (إنْ لَمْ أَطَأْ الْيَوْمَ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَوَطِئَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ (طَلُقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً) لَا يُقَالُ هَلَّا طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بِجَامِعِ الْعُمُومِ وَهُوَ هُنَا مَوْجُودٌ بِوُقُوعِ النَّكِرَةِ بَعْدَ النَّفْيِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا وَقَعَتْ بَعْدَ النَّفْيِ صُورَةً لَا مَعْنًى إذْ الْمَعْنَى إنْ تَرَكْتُ وَطْءَ وَاحِدَةٍ (أَوْ) قَالَ (أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا الْيَوْمَ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَإِنْ لَمْ يَطَأْ فِيهِ طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ ثَلَاثَ صَوَاحِبَ لَمْ يَطَأْهُنَّ (وَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً فَقَطْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّ لَهَا ثَلَاثَ صَوَاحِبَ لَمْ يَطَأْهُنَّ (وَ) طَلُقَتْ (الْبَاقِيَاتُ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَتَيْنِ لَمْ يَطَأْهُمَا (أَوْ وَطِئَ اثْنَتَيْنِ) فَقَطْ (طَلُقَتَا طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَتَيْنِ لَمْ يَطَأْهُمَا (وَ) طَلُقَتْ (الْأُخْرَيَانِ طَلْقَةً طَلْقَةً) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَةً لَمْ يَطَأْهَا (أَوْ) وَطِئَ ثَلَاثًا فَقَطْ (فَطَلْقَةً طَلْقَةً) تَطْلُقْنَ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَةً لَمْ يَطَأْهَا (وَلَمْ تَطْلُقْ الرَّابِعَةُ) إذْ لَيْسَ لَهَا صَاحِبَةٌ غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ (فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْيَوْمَ) فِي تَعْلِيقِهِ وَلَمْ يَطَأْ قَبْلَ مَوْتِهِ (وَقَعَ الثَّلَاثُ قُبَيْلَ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهِنَّ وَبِمَوْتِ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ قَبْلَ الْوَطْءِ (وَهُوَ حَيٌّ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ قَدْ يَطَأُ الْبَاقِيَاتِ (وَطَلَّقَ صَوَاحِبَهَا طَلْقَةً طَلْقَةً) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَةً لَمْ يَطَأْهَا (فَإِنْ مَاتَتْ الثَّانِيَةُ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ ثَانِيَةً قَبْلَ الْوَطْءِ (تَبَيَّنَّا وُقُوعَ طَلْقَةٍ عَلَى الْمَيِّتَةِ قُبَيْلَ مَوْتِهَا وَ) وَقَعَ (عَلَى كُلٍّ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ طَلْقَةٌ أُخْرَى إنْ بَقِيَتْ الْعِدَّةُ) وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِنَّ شَيْءٌ (فَإِنْ مَاتَتْ ثَالِثَةٌ) قَبْلَ الْوَطْءِ (فَطَلْقَتَانِ) يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُمَا (عَلَى الْأُولَيَيْنِ) قَبْلَ مَوْتِهِمَا (وَطَلُقَتْ الْبَاقِيَةُ) طَلْقَةً (ثَالِثَةً) إنْ بَقِيَتْ الْعِدَّةُ (فَإِنْ مَاتَتْ الرَّابِعَةُ) قَبْلَ الْوَطْءِ (تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الثَّلَاثِ عَلَى الْكُلِّ) هَذَا (إنْ لَمْ يَطَأْ فِي الْحَالَاتِ كُلِّهَا) كَمَا تَقَرَّرَ فَإِنْ وَطِئَ كُلًّا مِنْهُنَّ قَبْلَ مَوْتِهَا لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَإِنْ وَطِئَ بَعْضَهُنَّ فَقَطْ فَلَا يَخْفَى حُكْمُهُ مِمَّا مَرَّ فِيمَا إذَا قَيَّدَ بِالْيَوْمِ.
(فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِسَرِقَتِهَا مِنْهُ فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَةٍ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ خِيَانَةٌ لَا سَرِقَةٌ.
(وَإِنْ قَالَ) لَهَا إنْ (كَلَّمْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ كَلَّمَهَا بِالْإِعَادَةِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ فَاعْلَمِي فِيمَا (لَوْ قَالَ) لَهَا إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْت طَالِقٌ (فَاعْلَمِي وَإِذَا قَالَ) لَهَا (إذَا بَدَأْتُك بِالْكَلَامِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ إذَا بَدَأْتُك بِالْكَلَامِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَكَلَّمَهَا ثُمَّ كَلَّمَتْهُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَانْحَلَّتْ) يَمِينُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّ يَمِينَهُ انْحَلَّتْ بِيَمِينِهَا، وَيَمِينُهَا انْحَلَّتْ بِكَلَامِهِ أَوَّلًا فَلَوْ كَلَّمَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بَعْدُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ. (وَكَذَا) لَا يَقَعَانِ وَتَنْحَلُّ يَمِينَاهُمَا (لَوْ قَالَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (إنْ بَدَأْتُك بِالسَّلَامِ) إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (فَسَلَّمَا مَعًا) لِعَدَمِ ابْتِدَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ فِي الْبِشَارَةِ لِأَنَّهَا الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا وَهِيَ مِنْهُمَا مَعًا أَوَّلٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ هُنَا ابْتِدَاءُ سَلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَمْ يُوجَدْ.
(وَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ أَطْلَقَ إلَخْ) يَحْنَثُ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ وَعَلَيْهَا يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي مَوَاضِعَ كَمَا أَوْضَحْته فِي الْفَتَاوَى وَلَا يَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ كَالْأُولَى.
(قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ الْحِنْثَ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) هَؤُلَاءِ يَرَوْنَ حِنْثَ النَّاسِي مُطْلَقًا.
(تَنْبِيهٌ) وَالْحَلِفُ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ فِيهَا يُوجِبُ الْحِنْثَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَهُوَ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَّا لِلتَّعْلِيقِ بِكَوْنِهِ فِيهَا وَلَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ بِكَوْنِهِ فِيهَا. (قَوْلُهُ أَوْ جَاهِلًا) أَيْ بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ مَا إذَا قَصَدَ مَا ذُكِرَ فِيمَنْ يُبَالِي بِهِ إعْلَامَهُ بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا تَطْلُقُ) أَيْ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ إعْلَامِهِ فَلَمْ يُعْلِمْهُ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا طَلُقَتْ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ مُخْتَارًا وَلَا مُكْرَهًا فَفَعَلَ مُكْرَهًا
قَالَ لِأَرْبَعٍ تَحْتَهُ إنْ لَمْ أَطَأْ الْيَوْمَ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَوَطِئَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَوْلُهُ كَطِفْلٍ لَا يُمَيِّزُ) وَمَجْنُونٍ.
[فَصْل قَالَ لِأَرْبَع تَحْتَهُ إنْ لَمْ أَطَأ الْيَوْم وَاحِدَة مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَوَطِئَ وَاحِدَةً]
(قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْعُمُومِ) وَهُوَ هُنَا مَوْجُودٌ بِوُقُوعِ النَّكِرَةِ بَعْدَ النَّفْيِ الْعُمُومُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَدْلُولُ انْتِفَاءِ وَطْئِهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَا يَتَحَقَّقُ شَرْطُ طَلَاقِهِنَّ إلَّا بِهِ وَلَا دَلَالَةَ عَلَى تَكْرِيرِ الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا أَفَادَ التَّكْرِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ قَوْلُهُ فِيهَا أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا فَإِنَّ مَدْلُولَهُ أَنَّ انْتِفَاءَ وَطْءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُقْتَضٍ لِتَطْلِيقِ صَوَاحِبِهَا
(3/331)
قَالَ) الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ (إنْ أَخَذْت مَا لَكَ عَلَيَّ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأَخَذَهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ بِتَلَصُّصٍ أَوْ انْتَزَعَهُ) مِنْهُ (مُكْرَهًا) وَكَانَ الْمَالُ مُعَيَّنًا فِي الْجَمِيعِ أَوْ دَيْنًا وَرَضِيَ الْمَدِينُ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِعْطَاءِ فِي الْأَخِيرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَمِثْلُهَا الثَّالِثَةُ (طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الْوَصْفِ (لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ) فَأَخَذَهُ مِنْهُ فَلَا تَطْلُقُ نَعَمْ إنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ أَخَذَهُ مِنْهُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي آخِرِ السَّلَمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ أَخَذَهُ) مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَلَوْ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ (السُّلْطَانُ وَأَعْطَاهُ) لِلدَّائِنِ (أَوْ غَرِمَهُ أَجْنَبِيٌّ) عَنْ الْمَدِينِ (لَمْ تَطْلُقْ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ حَقَّهُ عَلَى الْمَدِينِ أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ امْتِنَاعِهِ فَكَمَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ السُّلْطَانِ مِنْ الدَّائِنِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ غَصْبٌ لَا أَخْذُ حَقٍّ وَأَمَّا عِنْدَ امْتِنَاعِهِ فَلِأَنَّهُ بَرِئَ بِأَخْذِ السُّلْطَانِ فَلَا يَصِيرُ بِأَخْذِهِ مِنْ السُّلْطَانِ آخِذًا حَقَّهُ عَلَى الْمَدِينِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَ حَقِّهِ لَا نَفْسَ حَقِّهِ (فَإِنْ قَالَ) إنْ أَخَذْت مَالَك (مِنِّي بَدَلَ) إنْ أَخَذْت مَالَك (عَلَيَّ لَمْ تَطْلُقْ بِإِعْطَاءِ الْوَكِيلِ وَنَحْوِهِ) مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ وَتَعْبِيرُهُ بِنَحْوِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالسُّلْطَانِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتُك حَقَّك) فَامْرَأَتِي طَالِقٌ (اُشْتُرِطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (اخْتِيَارُ الْمَدِينِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ اخْتِيَارِ الدَّائِنِ (وَإِعْطَاؤُهُ) بِنَفْسِهِ (لَا) إعْطَاءُ (وَكِيلِهِ) يَعْنِي لَا يَكْفِي إعْطَاءُ وَكِيلِهِ أَوْ نَحْوِهِ إنْ غَابَ عَنْهُ الْمُوَكِّلُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ كَأَصْلِهِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْخُلْعِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَرِيضَةً) بِالنَّصْبِ (لَمْ تَطْلُقْ إلَّا حَالَ الْمَرَضِ) لِأَنَّ الْحَالَ كَالظَّرْفِ لِلْفِعْلِ (وَكَذَا لَوْ لَحَنَ فَرَفَعَ) مَرِيضَةً كَذَلِكَ وَقِيلَ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ مَرِيضَةً صِفَةٌ لَهَا لَا حَالٌ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُقَالُ الرَّفْعُ لَيْسَ بِلَحْنٍ وَالتَّقْدِيرُ وَأَنْتِ مَرِيضَةٌ فَالْجُمْلَةُ حَالٌ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ وَكَالرَّفْعِ الْجَرُّ وَالسُّكُونُ.
(وَلَوْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِدُخُولِهِمَا) أَيْ زَوْجَتَيْهِ (الدَّارَيْنِ اُشْتُرِطَ) لِوُقُوعِهِ (دُخُولُ كُلٍّ) مِنْهُمَا الدَّارَيْنِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِوَاحِدَةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ اُشْتُرِطَ أَنْ تَدْخُلَهُمَا فَلَوْ دَخَلَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا إحْدَى الدَّارَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِأَكْلِهِمَا لِرَغِيفَيْنِ فَأَكَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (رَغِيفًا) وَالْمُرَادُ فَأَكَلَتَاهُمَا بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ (طَلُقَتَا) لِأَنَّهُمَا أَكْلَتَاهُمَا وَلَا يُمْكِنُ أَكْلُ كُلٍّ وَاحِدَةٍ الرَّغِيفَيْنِ بِخِلَافِ دُخُولِهِمَا الدَّارَيْنِ وَإِنَّمَا حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَكْلِهِمَا الرَّغِيفَيْنِ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَكْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا الرَّغِيفَيْنِ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ لِأَنَّ الْكُلِّيَّ الْإِفْرَادِيَّ إذَا تَعَذَّرَ حُمِلَ عَلَى الْمَجْمُوعِيِّ كَقَوْلِهِ إنْ دَفَنْتُمَا هَذَا الْمَيِّتَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ مَنْ مَالُهُ خَمْسُونَ) وَقَدْ قِيلَ لَهُ أَنْت تَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ (إنْ كُنْت أَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ وَأَرَادَ أَنِّي لَا أَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى الْمِائَةِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (أَرَادَ أَنِّي أَمْلِكُ مِائَةً بِلَا زِيَادَةٍ طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ قَالَ إنْ كُنْت لَا أَمْلِكُ إلَّا مِائَةً لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ وُجُودِ الْوَصْفِ وَذِكْرُ لَا فِي الثَّانِيَةِ مَعَ التَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَى تَرْكِ لَا كَمَا فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهَا تَطْلُقُ صَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ.
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِالْخُرُوجِ) أَيْ بِخُرُوجِهَا (إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَتْ لِغَيْرِهِ ثُمَّ عَدَلَتْ لَهُ (وَلَوْ خَرَجَتْ لَهُمَا طَلُقَتْ) لِأَنَّهَا خَرَجَتْ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَكَلَّمَتْ زَيْدًا وَعَمْرًا (هَكَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) هُنَا (وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ) الْمَعْرُوفُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا (لَا تَطْلُقُ) وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِهِ وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ الْخُرُوجُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِسَرِقَتِهَا مِنْهُ فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَةٍ]
قَوْلُهُ لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ فَأَخَذَهُ مِنْهُ فَلَا تَطْلُقُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ حَتَّى أَعْطَى بِنَفْسِهِ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي فِعْلِ الْمُكْرَهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْإِعْطَاءِ بِنَفْسِهِ أَمَّا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى وَفَاءِ الْحَقِّ بِمُطْلَقِ الْإِعْطَاءِ فَيَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُوَكِّلَ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ إلَّا بِمُبَاشَرَةِ الْإِعْطَاءِ فَالْمُتَّجَهُ الْحِنْثُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ.
(قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إنَّهَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ) ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا فِي مَوَاضِعَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ بِحَقٍّ يَمْنَعُ الْحِنْثَ أَيْضًا فَصُورَةُ مَا تَفَقَّهَهُ إذَا لَمْ يُكْرِهْهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَخْذِهِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ فِي الْإِكْرَاهِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَكَوْنِهِ بِحَقٍّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي عَقْدٍ أَوْ حَلٍّ يَحْصُلُ بِصِحَّتِهِ أَوْ نُفُوذِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْآدَمِيِّ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَا يَفْتَرِقُ حُكْمُهُمَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ
(قَوْلُهُ إنْ غَابَ عَنْهُ الْمُوَكِّلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةً بِالنَّصْبِ]
(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ لَحَنَ فَرَفَعَ مَرِيضَةً) قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّهُ لَيْسَ بِلَحْنٍ؛ لِأَنَّ الْحَالَ تَجِيءُ جُمْلَةً اسْمِيَّةً وَقَدْ حُذِفَ صَدْرُهَا وَالتَّقْدِيرُ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ مَرِيضَةٌ وَهَذَا الْحَذْفُ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ فَالصَّوَابُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَالِ مَعَ الرَّفْعِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْفَرْقِ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا فِيمَنْ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ أَمَّا مَنْ لَا يَعْرِفُهَا وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّقٌ بِاللَّفْظِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْرِفَهُ أَوْ يَجْهَلَهُ كَصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ مُتَسَاوِيَانِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْإِعْرَابَ دَلِيلٌ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَالْأَغْرَاضِ فَإِذَا جُهِلَتْ عُدِمَتْ وَبَقِيَ الطَّلَاقُ مُنْفَرِدًا قَالَ وَسَكَتَ عَنْ حَالَةٍ ثَالِثَةٍ وَهِيَ أَنْ يَقِفَ بِالسُّكُونِ وَقَدْ تَعَرَّضَ لَهَا الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ يُسْأَلُ عَنْ مُرَادِهِ فَإِنْ أَرَادَ أَحَدَهُمَا حُمِلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الْخَبَرِ دُونَ الشَّرْطِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَلِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَصْدِ
[فَرْعٌ قَالَ مَنْ مَالُهُ خَمْسُونَ إنْ كُنْت أَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(قَوْلُهُ لَوْ قَالَ مِنْ مَالِهِ خَمْسُونَ إنْ كُنْت أَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ إنْ كَانَ فِي كَفَّيْ دَرَاهِمُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَعَبْدِي حُرٌّ وَكَانَ فِي كَفِّهِ أَرْبَعَةٌ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ فِي كَفِّهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ إنَّمَا هُوَ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لَا دَرَاهِمَ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا إنْ كَانَ فِي كَفِّهِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْثَرُ
(3/332)
لِمَقْصُودِ أَجْنَبِيٍّ عَنْ الْحَمَّامِ وَهُنَا الْحَمَّامُ مَقْصُودٌ بِالْخُرُوجِ انْتَهَى وَقَدْ يُقَالُ مَا هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ غَيْرَ الْحَمَّامِ فَقَطْ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَيُصَدَّقُ حِينَئِذٍ عَلَى الْخُرُوجِ لَهُمَا أَنَّهُ خُرُوجٌ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لَهُمَا خُرُوجٌ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ.
(وَإِنْ نَشَزَتْ) فَخَرَجَتْ إلَى دَارِ أَبِيهَا مَثَلًا (فَحَلَفَ) بِالطَّلَاقِ لَا يَرُدُّهَا (أَحَدٌ فَأَكْتَرَتْ) بَهِيمَةً (وَرَجَعَتْ إلَيْهِ مَعَ الْمُكَارِي) مَثَلًا (لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ صَحِبَهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا وَانْحَلَّتْ) يَمِينُهُ فَلَوْ خَرَجَتْ فَرَدَّهَا الزَّوْجُ أَوْ غَيْرُهُ لَمْ تَطْلُقْ إذْ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا.
[فَصْلٌ قَوْلُهُ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَدْخُلُ الدَّارَ مِنْ نِسَائِي طَالِقٌ]
(فَصْلٌ قَوْلُهُ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَدْخُلُ الدَّارَ مِنْ نِسَائِي طَالِقٌ تَعْلِيقٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَدَاةُ تَعْلِيقٍ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَ) قَوْلُهُ مُشِيرًا إلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (هَذِهِ الَّتِي تَدْخُلُ الدَّارَ طَالِقٌ تَنْجِيزٌ) فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ (وَإِنْ ادَّعَتْ) عَلَيْهِ امْرَأَةٌ (نِكَاحَهُ) لَهَا (فَأَنْكَرَ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ تَنْكِحْ) غَيْرَهُ عَمَلًا بِقَوْلِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ نَكَحْتهَا وَأَنَا وَاجِدٌ طَوْلَ حُرَّةٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِطَلْقَةٍ لِأَنَّهُ ثَمَّ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ وَادَّعَى مُفْسِدًا وَهُنَا لَمْ يُقِرَّ أَصْلًا كَذَا فِي الْأَصْلِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ إذْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ فُرْقَةُ فَسْخٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ آخِرَ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ أَبْوَابِ النِّكَاحِ.
(وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ لَا أَدْخُلُ) هَذِهِ الدَّارَ (تَعْلِيقٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَدَاةُ تَعْلِيقٍ فَلَا تَطْلُقُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لُغَةُ الزَّوْجِ بِلَا مِثْلَ إنْ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي أَنْت طَالِقٌ لَا دَخَلْت الدَّارَ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُضَارِعَ عَلَى أَصْلِ وَضْعِ التَّعْلِيقِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا بِمُسْتَقْبَلٍ فَكَانَ ذَلِكَ تَعْلِيقًا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمَاضِي.
(وَإِنْ قَالَ حَلَفْت بِطَلَاقِك) عَلَيَّ (إنْ فَعَلْت) كَذَا (ثُمَّ قَالَ لَمْ أَحْلِفْ وَ) إنَّمَا (أَرَدْت تَخْوِيفَهَا دُيِّنَ) وَطَلُقَتْ ظَاهِرًا إنْ فَعَلَتْ (أَوْ) قَالَ (إنْ خَرَجْت أَنْت جَعَلْت أَمْرَك) وَفِي نُسْخَةٍ أَمْرَ طَلَاقِك (بِيَدِك فَقَالَتْ أَخْرُجُ فَجَعَلَهُ بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَقَالَ أَرَدْت) جَعْلَ ذَلِكَ (بَعْدَ الْخُرُوجِ صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ.
(أَوْ) قَالَ (إنْ أَبْرَأْت زَيْدًا) مِنْ دَيْنِك فَأَنْت طَالِقٌ (فَأَبْرَأَتْهُ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا بِخِلَافِ) مَا لَوْ قَالَ لَهَا (إنْ أَبْرَأْتنِي) مِنْ دَيْنِك فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا لِعَوْدِ مَنْفَعَةِ الْعِوَضِ إلَيْهِ فِي هَذِهِ دُونَ تِلْكَ فَكَانَ ذَلِكَ فِيهَا تَعْلِيقًا مَحْضًا.
(أَوْ قَالَ لِأُمِّهَا ابْنَتُك طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت بِنْتَك الْأُخْرَى صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَوَابًا لِالْتِمَاسِهَا مِنْهُ طَلَاقَ ابْنَتِهَا الَّتِي تَحْتَهُ (أَوْ) قَالَ (إنْ فَعَلْت مَعْصِيَةً) فَأَنْت طَالِقٌ (لَمْ تَطْلُقْ بِتَرْكِ الطَّاعَةِ) كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لِأَنَّهُ تَرْكٌ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ فَلَوْ فَعَلَتْ مَعْصِيَةً كَسَرِقَةٍ وَزِنًا طَلُقَتْ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ أَنْ لَا تَطْلُقَ بِالزِّنَا إذَا كَانَ الْمَوْجُودُ مِنْهَا إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ التَّمْكِينِ بِأَنْ كَشَفَ عَوْرَتَهَا فَسَكَتَتْ أَوْ كَانَتْ مَكْشُوفَةَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْهَا إنَّمَا هُوَ تَرْكُ الدَّفْعِ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مَعْنًى لِلزِّنَا مِنْهَا إلَّا التَّمْكِينُ مِنْهُ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ تَمْكِينٌ وَقَدْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الصَّوْمِ أَنَّهُ إذَا طُعِمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّفْعِ أَنَّهُ يُفْطِرُ فَجُعِلَ السُّكُوتُ كَفِعْلِ الْأَكْلِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ يَا طَالِقُ لَا طَلَّقْتُك وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ) طَلْقَةٌ بِالنِّدَاءِ وَطَلْقَةٌ بِمَا قَبْلَهُ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِيَا طَالِقُ النِّدَاءَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لُغَتُهُ بِلَا مِثْلَ إنْ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بِالنِّدَاءِ ثُمَّ إنْ طَلَّقَ ثَانِيَةً وَقَعَتْ أُخْرَى إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا. (أَوْ قَالَ إنْ وَطِئْت أَمَتِي بِغَيْرِ إذْنِك فَأَنْت طَالِقٌ) فَاسْتَأْذَنَهَا (فَقَالَتْ) لَهُ (طَأْهَا فِي عَيْنِهَا فَلَيْسَ بِإِذْنٍ) نَعَمْ إنْ دَلَّ الْحَالُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ كَانَ إذْنًا وَقَوْلُهَا فِي عَيْنِهَا تَوَسُّعًا فِي الْإِذْنِ لَا تَخْصِيصًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(فَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ فَقَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي أَحْلَى مِنْ زَوْجَتِي فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) لِظَنِّهِ أَنَّهُ يُخَاطِبُ غَيْرَهَا وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِخُرُوجِهَا إلَى غَيْر الْحَمَّامِ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ]
قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ مَا هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ إنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ عِبَادَةٍ اهـ فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَعَدَمُ وُقُوعِهِ فِي تِلْكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إلَى فِي مَسْأَلَتِنَا لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ الْمَكَانِيَّةِ أَيْ إنْ انْتَهَى خُرُوجُك لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ انْتَهَى لِغَيْرِهَا وَاللَّامُ فِي تِلْكَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ إنْ كَانَ خُرُوجُك لِأَجْلِ غَيْرِ الْعِبَادَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَخُرُوجُهَا لِأَجْلِهِمَا مَعًا لَيْسَ خُرُوجًا لِغَيْرِ الْعِبَادَةِ
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لُغَتُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُضَارِعَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ دَيْنِك) أَيْ أَوْ مَهْرِك أَوْ صَدَاقِك.
(قَوْلُهُ فَأَبْرَأَتْهُ) أَيْ فَوْرًا أَوْ إذَا بَلَغَهَا الْخَبَرُ إنْ غَابَتْ إلَّا إنْ كَانَتْ أَمَةً غَيْرَ مَأْذُونَةٍ فِي الْخُلْعِ بِهِ أَوْ عَلَّقَ بِمَا لَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا لِعَوْدِ مَنْفَعَةِ الْعِوَضِ إلَيْهِ إلَخْ) يُخَالِفُهُ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ فَأَبْرَأَتْ كَانَ رَجْعِيًّا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْخِلَافُ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ تَمْلِيكٌ أَوْ إسْقَاطٌ إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ كَانَ خُلْعًا، أَوْ إسْقَاطً فَلَا وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهَذَا الدَّيْنِ زَكَاةٌ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ زَكَاةٌ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ وَقَدْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ الْفُقَرَاءُ فَلَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْ ذَلِكَ الْبَعْضِ فَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ. اهـ. وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَا عَالِمَيْنِ بِقَدْرِ الْمُبَرَّأِ مِنْهُ وَهِيَ جَائِزَةُ التَّصَرُّفِ لَوْ ادَّعَتْ جَهْلَهَا بِقَدْرِ مَا أَبْرَأَتْ مِنْهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا بِالنِّسْبَةِ لِبَقَاءِ دَيْنِهَا وَإِنْ بَانَتْ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ تَمْلِيكٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهَذَا الدَّيْنِ زَكَاةٌ
إلَخْ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَوَابًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَرْكٌ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ إلَخْ) مَا قَالَهُ مَرْدُودٌ.
(قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مَعْنًى لِلزِّنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَا طَالِقُ لَا طَلَّقْتُك]
(قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ دَلَّ الْحَالُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ كَانَ إذْنًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/333)
بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ إنَّهَا تَطْلُقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ لِأَنَّهَا هِيَ الْحُرَّةُ فَلَا تَكُونُ أَحْلَى مِنْ نَفْسِهَا وَإِلَى هَذَا مَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَفِيهِ نَظَرٌ) وَكَانَ الْأَنْسَبُ لَهُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ أَنْ يُبَدِّلَ قَوْلَهُ لَمْ تَطْلُقْ وَفِيهِ نَظَرٌ بِقَوْلِهِ فِيهِ خِلَافٌ وَلَوْ قَالَ طَلُقَتْ كَانَ أَوْلَى بِمَا مَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ.
(أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ لَمْ تَتَغَدَّيْنَ مَعِي أَوْ) إنْ (لَمْ تُلْقِي الْمِفْتَاحَ) فَأَنْت طَالِقٌ (وَلَمْ يُرِدْ فِي الْحَالِ حُمِلَ عَلَى التَّرَاخِي) فَلَوْ تَغَدَّتْ مَعَهُ أَوْ أَلْقَتْ الْمِفْتَاحَ بَعْدَ مُدَّةٍ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ فِعْلِهَا ذَلِكَ طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا وَفِي الثَّانِيَةِ إنْ مَاتَتْ أَوَّلًا وَإِلَّا فَقُبَيْلَ مَوْتِهِ إذَا مَاتَتْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تَفْعَلُ قَبْلَ مَوْتِهَا فَلَا تَطْلُقُ فَإِنْ أَرَادَ فِي الْحَالِ فَامْتَنَعَتْ مِنْ ذَلِكَ طَلُقَتْ وَرَأَى الْبَغَوِيّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْحَالِ لِلْعَادَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
(أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ لَمْ تَبِيعِي هَذِهِ الدَّجَاجَاتِ) فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَتَلَتْ وَاحِدَةً) مِنْهَا أَوْ مَاتَتْ وَقَدْ تَمَكَّنَتْ مِنْ ذَبْحِهَا (طَلُقَتْ) لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ وَلَوْ جَرَحَتْهَا ثُمَّ بَاعَتْهَا فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ ذُبِحَتْ لَمْ تَحِلَّ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ إنْ قَرَأْت عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ) مَثَلًا (بِلَا زِيَادَةٍ) فَأَنْت طَالِقٌ (وَفِي حَدِّهَا) أَيْ الْعَشْرِ (خِلَافٌ) لِلْقُرَّاءِ (فَيَعْتَمِدُ) الْمُسْتَفْتِي عَنْ ذَلِكَ (قَوْلَ الْمُفْتِي وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بِقِرَاءَتِهَا) أَيْ الْعَشْرِ (فِي الصَّلَاةِ فَقَرَأَتْهَا) فِيهَا (ثُمَّ أَفْسَدَتْهَا) أَيْ الصَّلَاةَ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ يَفْسُدُ أَوَّلُهَا بِفَسَادِ آخِرِهَا لَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّيَ يَحْنَثُ بِالتَّحْرِيمِ بِالصَّلَاةِ وَإِنْ أَفْسَدَهَا بَعْدُ لِأَنَّا نَقُولُ قَوْلُهُ هُنَا فِي الصَّلَاةِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَا أُصَلِّي صَلَاةً وَهُوَ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا كَمَا ذَكَرُوهُ ثَمَّ.
(أَوْ) قَالَ (إنْ قَبَّلْت ضَرَّتَك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَبَّلَهَا مَيِّتَةً لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ) تَعْلِيقِهِ بِتَقْبِيلِ (أُمِّهِ) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِتَقْبِيلِهِ لَهَا مَيِّتَةً إذْ قُبْلَةُ الزَّوْجَةِ قُبْلَةُ شَهْوَةٍ وَلَا شَهْوَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقُبْلَةُ الْأُمِّ قُبْلَةُ كَرَامَةٍ فَيَسْتَوِي فِيهَا الْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ (أَوْ) قَالَ (إنْ غَسَلْت ثَوْبِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَغَسَلَهُ غَيْرُهَا ثُمَّ غَمَسَتْهُ) هِيَ فِي الْمَاءِ (تَنْظِيفًا) لَهُ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْغَسْلُ بِالصَّابُونِ وَالْأُشْنَانِ وَنَحْوِهِمَا وَإِزَالَةُ الْوَسَخِ.
[فَصْلٌ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ كُنْت حَرَّمْتهَا عَلَى نَفْسِي قَبْلَ هَذَا]
(فَصْلٌ) لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ كُنْت حَرَّمْتهَا عَلَى نَفْسِي قَبْلَ هَذَا وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.
وَلَوْ (قَالَ إنْ ابْتَلَعْت شَيْئًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِابْتِلَاعِ رِيقِهَا إلَّا إنْ أَرَادَ شَيْئًا غَيْرَهُ) فَلَا تَطْلُقُ بِذَلِكَ عَمَلًا بِإِرَادَتِهِ (أَوْ) إنْ ابْتَلَعَتْ (الرِّيقَ طَلُقَتْ بِكُلِّ رِيقٍ) أَيْ رِيقِهَا أَوْ رِيقِ غَيْرِهَا (فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ رِيقِهَا) أَيْ رِيقِ غَيْرِهَا (دُيِّنَ) وَلَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرٌ أَوْ أَرَادَ رِيقَهَا قُبِلَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِضَرْبِهَا فَضَرَبَ غَيْرَهَا) وَلَمْ يَعْلَمْ قَصْدَهُ (فَأَصَابَهَا) ضَرْبُهُ (طَلُقَتْ وَلَا يُصَدَّقُ) فِي (أَنَّهُ قَصَدَ غَيْرَهَا) لِأَنَّ الضَّرْبَ يَقِينٌ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إظْهَارِ قَصْدِهِ قَبْلَ الضَّرْبِ نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى تَصْدِيقِهِ كَأَنْ رَجَمَ ابْنَهُ أَوْ عَبْدَهُ بِحَجَرٍ وَهِيَ غَائِبَةٍ فَبَرَزَتْ مِنْ بَابِ الْبَيْتِ مَثَلًا فَأَصَابَهَا صُدِّقَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا إذَا عَلِمْنَا أَنَّهُ قَصَدَ ضَرْبَ غَيْرِهَا فَلَا تَطْلُقُ كَالْمُكْرَهِ.
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِالدُّخُولِ) أَيْ بِدُخُولِهِ (عَلَى فُلَانٍ فَدَخَلَ) هُوَ (مَعَهُ) أَوْ وَحْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ بَعْدَهُ فُلَانٌ (لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ وَإِنْ دَخَلَ فُلَانٌ وَحْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ هُوَ عَلَيْهِ طَلُقَتْ لِوُجُودِهَا (أَوْ) حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ (لَا يَخْرُجُ) مِنْ الْبَلَدِ (حَتَّى يَقْضِيَهُ دَيْنَهُ بِالْعَمَلِ فَعَمِلَ) لَهُ (بِبَعْضٍ) مِنْ الدَّيْنِ (وَقَضَى بَعْضَهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ الْعَمَلِ (ثُمَّ خَرَجَ طَلُقَتْ فَإِنْ أَرَادَ قَضَاءَهُ) لَهُ (مُطْلَقًا قُبِلَ فِي الْحُكْمِ) كَذَا فِي الْأَصْلِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ غَلَطٌ فَإِنَّ الْمَجْزُومَ بِهِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ الْعَكْسُ فَقَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ تَتَبَّعْت فَتَاوَى الْبَغَوِيّ فَرَأَيْت فِي بَعْضِهَا قُبِلَ ظَاهِرًا وَمِنْهَا أَخَذَ الرَّافِعِيُّ وَرَأَيْت فِي أَكْثَرِهَا قُبِلَ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا وَهَذَا هُوَ صَوَابُ النَّقْلِ فَاعْتَمِدْهُ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ فَأَخَذَ مِنْهُ عِوَضًا حَنِثَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ حَقَّهُ بَلْ عَوَّضَهُ وَهَذَا لَمْ يُوَفِّهِ دَيْنَهُ بِالْعَمَلِ بَلْ بِغَيْرِهِ.
(وَإِنْ سُئِلَ الْمُطَلِّقُ) لِزَوْجَتِهِ (أَطَلَّقْت ثَلَاثًا فَقَالَ طَلَّقْت وَقَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً قُبِلَ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (لِأَنَّ) قَوْلَهُ (طَلَّقْت لَيْسَ مُتَعَيِّنًا لِلْجَوَابِ فَقَدْ يُرِيدُ الْإِنْشَاءَ) أَيْ إنْشَاءَ الْإِخْبَارِ أَوْ الطَّلَاقِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّ قَوْلَهُ طَلَّقْتهَا صَالِحٌ لِلِابْتِدَاءِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِلْجَوَابِ وَذِكْرُ ثَلَاثًا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ حَسَنٌ.
(وَلَوْ عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِسَرِقَةِ ذَهَبٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) بَلْ هُوَ الْأَصَحُّ
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إنَّهَا بَاعَتْ أَيْضًا مَا عَدَا الْمَجْرُوحَةَ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْفَتَى. قَوْلُهُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَوْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ جَرْحَهَا هَذَا كَالْعَدَمِ وَإِنَّمَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِبَيْعِهِنَّ جَمِيعِهِنَّ إذَا الْحِنْثُ مُمْكِنٌ مَا بَقِيَ وَاحِدَةٌ إذْ لَعَلَّهَا تَمُوتُ فَيَحْنَثُ فَصَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ وَالْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَوَقَعَ فِي الْأَصْفُونِيِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ الْإِسْنَوِيُّ لِهَذَا وَقَدْ نَبَّهْت عَلَيْهَا فِي مُهِمَّاتِ الْمُهِمَّاتِ فَسَلَّمَ الْمُصَنِّفُ بِحَذْفِهَا مِنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ
(قَوْلُهُ لَا يَصْدُقُ فِي أَنَّهُ قَصَدَ غَيْرَهَا) أَيْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ صَوَابُ النَّقْلِ فَاعْتَمِدْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/334)
فَسَرَقَتْ) ذَهَبًا (مَغْشُوشًا طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِجَوَابِهَا) لَهُ (عَنْ خِطَابِهِ) بِأَنْ قَالَ إنْ أَجَبْتنِي عَنْ خِطَابِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ خَاطَبَهَا (فَقَصَدَتْ خِطَابَهُ بِآيَةٍ) أَيْ بِقِرَاءَةِ آيَةٍ (تَتَضَمَّنُ جَوَابَهُ طَلُقَتْ) لِذَلِكَ وَإِنْ قَصَدَتْ مَعَهُ الْقِرَاءَةَ فَإِنْ كَذَّبَهَا فِي أَنَّهَا قَصَدَتْ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا الْمُصَدِّقَةُ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ وَإِنْ قَصَدَتْ بِهَا الْقِرَاءَةَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ قَصْدَهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قَصْدٌ لَمْ تَطْلُقْ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِاسْتِيفَائِهَا إرْثَهَا) مِنْ مَالِ مُوَرِّثِهَا (وَقَدْ تَلِفَ) كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ (كَفَى) فِي عَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِهَا (الِاسْتِبْدَالُ) عَنْهُ (لَا) إنْ اسْتَبْدَلَتْ عَنْهُ (وَهُوَ بَاقٍ) فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ (وَلَا الْإِبْرَاءُ) عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِيفَاءً.
(وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ هَذَا) الشَّيْءَ هُوَ (الَّذِي أَخَذَتْهُ) مِنْ فُلَانٍ (فَشَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ غَيْرُهُ طَلُقَتْ) لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى النَّفْيِ إلَّا أَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ الْعِلْمَ بِهِ وَزَادَ قَوْلَهُ (إنْ تَعَمَّدَ) لِيُخْرِجَ الْجَاهِلَ فَلَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ إيَّاهُ وَهُوَ غَيْرُهُ يَكُونُ جَاهِلًا وَالْجَاهِلُ لَا يَحْنَثُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي أَوَّلِ الْأَيْمَانِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ فَتَفَطَّنْ لَهُ وَاسْتَحْضِرْهُ فَإِنَّهُ كَثِيرُ الْوُقُوعِ فِي الْفَتَاوَى وَقَدْ ذَهِلَ عَنْهُ الشَّيْخَانِ فِي مَسَائِلَ وَإِنْ كَانَا قَدْ تَفَطَّنَا لَهُ فِي مَسَائِلَ أُخَرَ وَتَقَدَّمَ فِيهِ كَلَامٌ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ (وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلْت) كَذَا عِبَارَةُ الْأَصْلِ لَا يَفْعَلُ كَذَا (فَشَهِدَ عَدْلَانِ) بِأَنْ أَخْبَرَا (أَنَّهُ فَعَلَهُ فَظَنَّ صِدْقَهُمَا لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِالطَّلَاقِ) نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ (قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا) إنَّمَا يَأْتِي (إذَا أَوْقَعْنَا طَلَاقَ النَّاسِي وَ) مَا قَالَهُ (هُوَ الْحَقُّ) قَالَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ عِنْدَ تَصْدِيقِهِ قَالَ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ فَسَقَةٍ وَصِبْيَانٍ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَمَّا إذَا لَمْ يَظُنَّ صِدْقَهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِالطَّلَاقِ وَطَرِيقُهُ فِي دَفْعِهِمَا أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ فَعَلَهُ نَاسِيًا إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِيهِ.
(وَإِنْ فَتَحَتْ إحْدَاهُنَّ) أَيْ زَوْجَاتِهِ (الْبَابَ فَقَالَ الْفَاتِحَةُ) مِنْكُنَّ طَالِقٌ (وَادَّعَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُنَّ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ (وَلَيْسَ لَهُ التَّعْيِينُ) لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (إنْ جَهِلَهَا) أَيْ الْفَاتِحَةَ (بِخِلَافِ) الطَّلَاقِ (الْمُبْهَمِ) لِأَنَّ مَحَلَّ الطَّلَاقِ عُيِّنَ هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ (وَلَوْ بَعَثَ إلَيْهِ) غَيْرَهُ (رَجُلًا وَ) إنْ (عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ إلَيْهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَقَدْ بَعَثْته إلَيْك لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنْ يُقَالَ بَعَثَهُ فَلَمْ يَمْتَثِلْ.
(وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ إنْ لَمْ تُطِيعِينِي) كَأَنْ قَالَ إنْ لَمْ تُطِيعِينِي فَأَنْت طَالِقٌ (طَلُقَتْ بِعِصْيَانِهَا أَمْرَهُ) لَهَا بِشَيْءٍ (أَوْ نَهْيَهُ) لَهَا عَنْهُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ (لَا بِقَوْلِهَا) لَهُ وَلَوْ بَعْدَ أَمْرِهِ أَوْ نَهْيِهِ لَهَا (لَا أُطِيعُك) فَلَا تَطْلُقُ.
(أَوْ) حَلَفَ بِالطَّلَاقِ (إنْ دَخَلْت دَارَك) كَأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت دَارَك فَأَنْت طَالِقٌ (وَلَا دَارَ لَهَا) وَقْتَ الْحَلِفِ (طَلُقَتْ بِدُخُولِ كُلِّ دَارٍ مَلَكَتْهَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَلِفِ (فَإِنْ قَالَ) إنْ دَخَلْت دَارَك الْآنَ (فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ) فَلَا تَطْلُقُ وَإِنْ دَخَلَ دَارًا مَلَكَتْهَا بَعْدُ (وَلَوْ أَقَرَّ بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ أَبَدًا لَمْ يُحْكَمْ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ) وَلِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ تَحْرِيمَهَا بِالْيَمِينِ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ.
(أَوْ قَالَ إنْ أَجَبْت كَلَامِي فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَ غَيْرَهَا فَأَجَابَتْهُ هِيَ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسَمَّى جَوَابًا إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُخَاطَبَةَ (أَوْ) قَالَ (إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَأَخْرَجَهَا) هُوَ (فَهَلْ يَكُونُ إذْنًا) لَهَا فِي الْخُرُوجِ أَوْ لَا (وَجْهَانِ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ) فَتَطْلُقُ.
(وَلَوْ قَالَ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ امْرَأَةُ الْقَاضِي طَالِقٌ لَمْ يُؤَاخَذْ) بِهِ (إلَّا إنْ قَصَدَ نَفْسَهُ) نَظِيرَ مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِيمَا لَوْ قَالَ مَنْ اسْمُهُ زَيْدٌ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَنْقُولِهِ وَمَنْقُولُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثَمَّ وَقِيلَ يُؤَاخِذُ بِهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَعْزُولِ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنْ كَانَ فِيمَا قَرَّرَهُ نَظَرٌ.
(وَلَوْ لَبِسَ خُفَّ غَيْرِهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ) أَنِّي مَا (اسْتَبْدَلْت) بِهِ خُفِّي (فَإِنْ عَلِمَ) بَعْدَ حَلِفِهِ (أَنَّ خُفَّهُ مَعَ مَنْ خَرَجَ) قَبْلَهُ مِمَّنْ كَانَ جَالِسًا مَعَهُ (وَقَصَدَ أَنِّي لَمْ آخُذْ بَدَلَهُ كَانَ كَاذِبًا فَإِنْ كَانَ عَالِمًا) عِنْدَ حَلِفِهِ (بِأَخْذِهِ) أَيْ بِأَخْذِ بَدَلِهِ (طَلُقَتْ أَوْ جَاهِلًا فَكَالنَّاسِي) فَلَا تَطْلُقُ (وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَهُوَ فِي الْعُرْفِ مُسْتَبْدِلٌ) فَتَطْلُقُ (وَفِي الْوَضْعِ) وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ كَمَا مَرَّ (غَيْرُ مُسْتَبْدِلٍ) لِعَدَمِ الطَّلَبِ فَلَا تَطْلُقُ (وَإِنْ خَرَجَ وَقَدْ بَقِيَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ وَعَلِمَ أَنَّهُ) أَيْ خُفَّهُ (كَانَ بَاقِيًا أَوْ شَكَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي تَعَارُضِ الْوَضْعِ وَالْعُرْفِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ هُنَا مُسْتَبْدِلٌ عُرْفًا وَوَضْعًا) وَفِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَ بِاسْتِيفَائِهَا إرْثَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَسْتَوْفِ حَقَّك مِنْ تَرِكَةِ أَبِيك تَامًّا فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ إخْوَتُهَا قَدْ أَتْلَفُوا بَعْضَ التَّرِكَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِيفَاءِ حِصَّتِهَا مِنْ الْبَاقِي وَضَمَانِ التَّالِفِ وَلَا يَكْفِي الْإِبْرَاءُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِالِاسْتِيفَاءِ إلَّا أَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ
(قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا إذَا أَوْقَعْنَا طَلَاقَ النَّاسِي إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ عَلَى مَا لَوْ حَلَفَ وَفَعَلَ عَامِدًا ثُمَّ نَسِيَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مَنْ ذِكْرٍ وَتَذَكَّرَ الْحَالَ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَاتِبُهُ.
(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ فَتَطْلُقُ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ وَمُرَادُهُ بِأَخْرَجَهَا دَفْعُهَا أَوْ جَرُّهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَاهِ
(3/335)
نَظَرِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَبْدِلٍ وَضْعًا لِعَدَمِ الطَّلَبِ.
(وَلَوْ نُحِتَتْ خَشَبَةً فَقَالَ إنْ عُدْت لِمِثْلِهِ) أَيْ لِمِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ (فَأَنْت طَالِقٌ فَنَحَتَتْ) خَشَبَةً (غَيْرَهَا) وَلَوْ مِنْ شَجَرَةٍ أُخْرَى (طَلُقَتْ) لِأَنَّ النَّحْتَ كَالنَّحْتِ.
(وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ دَارِي فَأَنْت طَالِقٌ) ثَلَاثًا (فَخَالَعَهَا) بِنَفْسِهَا أَوْ بِأَجْنَبِيٍّ فِي اللَّيْلِ وَإِنْ تَمَكَّنَتْ قَبْلَهُ مِنْ الْخُرُوجِ (ثُمَّ جَدَّدَ) نِكَاحَهَا أَوْ لَمْ يُجَدِّدْهُ (وَ) إنْ (لَمْ تَخْرُجْ لَمْ تَطْلُقْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ مَحِلُّ الْيَمِينِ وَلَمْ يَمْضِ كُلُّ اللَّيْلِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ لَهُ حَتَّى تَطْلُقَ لَكِنْ أَفْتَى ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ لَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فِي مُدَّةِ كَذَا بَعْدَ أَنْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ وَقَالَ تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ خَطَأٌ وَأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ يُنْتَظَرْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ طَلُقَتْ قَبْلَ الْخُلْعِ وَبَطَلَ الْخُلْعُ انْتَهَى وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا صَحَّ الْخُلْعُ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ أَنَّهُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ بَائِنًا كَمَا مَثَّلْنَا لَزِمَ أَنْ لَا يَصِحَّ الْخُلْعُ كَمَا قَالَ لَكِنْ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إنَّهَا تَطْلُقُ قَبْلَ الْخُلْعِ لِبَقَائِهَا مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ مَعَ عَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ الْخُرُوجِ حِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا تَطْلُقَ إلَّا قُبَيْلَ الْفَجْرِ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِي الْبَائِنِ وَأَنَّ وُقُوعَهُ قُبَيْلَ الْخُلْعِ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ فَلَا يَقَعُ لِلدَّوْرِ وَيَصِحُّ الْخُلْعُ إذْ لَا مَانِعَ.
(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ) مِنْ الْبَلَدِ (إلَّا مَعَهَا) فَخَرَجَا (فَسَبَقَهَا بِخُطُوَاتٍ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَضْرِبُهَا إلَّا بِوَاجِبٍ فَشَتَمَتْهُ فَضَرَبَهَا بِالْخَشَبِ) مَثَلًا (لَمْ تَطْلُقْ) لِلْعُرْفِ فِي الْأُولَى وَلِضَرْبِهِ لَهَا بِوَاجِبٍ فِي الثَّانِيَةِ إذْ الْمُرَادُ فِيهَا بِالْوَاجِبِ مَا تَسْتَحِقُّ الضَّرْبَ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا.
(أَوْ قَالَ إنْ رَأَيْت مِنْ أُخْتِي شَيْئًا وَلَمْ تُعْلِمِينِي) بِهِ (فَأَنْت طَالِقٌ حُمِلَ عَلَى) مُوجِبِ (الرِّيبَةِ وَ) مُوهِمِ (الْفَاحِشَةِ) دُونَ مَا لَا يَقْصِدُ الْعِلْمَ بِهِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ (وَكَانَ) إعْلَامُهَا بِهِ (عَلَى التَّرَاخِي) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُهَا بِهِ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ أَخَذَتْ لَهُ دِينَارًا فَقَالَ إنْ لَمْ تُعْطِينِي الدِّينَارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَ) كَانَتْ قَدْ أَنْفَقَتْهُ (لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالْيَأْسِ) مِنْ إعْطَائِهَا لَهُ بِالْمَوْتِ (فَإِنْ تَلِفَ) الدِّينَارُ (قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ) لَهُ (فَكَمُكْرَهَةٍ) أَيْ فَكَالْمُكْرَهِ عَلَى الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَا تَطْلُقُ أَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ طَلُقَتْ وَلَا يُشْكِلُ بِعَدَمِ طَلَاقِهَا فِي مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ السَّابِقَةِ إذَا خَالَعَهَا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ خُرُوجُهَا لِأَنَّ مَحِلَّ الطَّلَاقِ فِي تِلْكَ زَالَ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَهُنَا) فِي الْأَصْلِ.
(مَسْأَلَةٌ سَبَقَتْ) فِي الطَّرَفِ الرَّابِعِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ وَهِيَ مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِرُؤْيَتِهَا الدَّمَ حُمِلَ عَلَى دَمِ الْحَيْضِ وَذَكَرَ هُنَا أُخْرَى قَدَّمْتهَا فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ مَعَ مَا فِيهَا وَكَثِيرًا مَا يَفْعَلُ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ وَلَا يُنَبِّهُ عَلَيْهِ (وَلَوْ عَلَّقَ بِدُخُولِ هَذِهِ الدَّارَ وَأَشَارَ إلَى مَوْضِعٍ) مِنْهَا (فَدَخَلَتْ غَيْرَهُ) مِنْهَا (طَلُقَتْ) ظَاهِرًا (وَدُيِّنَ) نَعَمْ إنْ اشْتَمَلَتْ الدَّارُ عَلَى حُجَرٍ فَأَشَارَ إلَى حُجْرَةٍ مِنْهَا فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ ظَاهِرًا لَا سِيَّمَا إذَا انْفَرَدَتْ بِمَرَافِقِهَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(أَوْ قَالَ إنْ كَانَتْ امْرَأَتِي فِي الْمَأْتَمِ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ فِي جَمَاعَةِ النِّسَاءِ فِي الْمَصَائِبِ (فَأَمَتِي حُرَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ أَمَتِي فِي الْحَمَّامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَكَانَتَا فِيهِمَا) أَيْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْمَأْتَمِ وَالْأَمَةُ فِي الْحَمَّامِ (عَتَقَتْ) أَمَتُهُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَلَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ لِأَنَّ الْأَمَةَ عَتَقَتْ بِالتَّعْلِيقِ) الْأَوَّلِ أَيْ عِنْدَ تَمَامِهِ (فَلَمْ تَبْقَ أَمَتُهُ بَعْدَهُ وَإِنْ قَدَّمَ) التَّعْلِيقَ (بِالْأَمَةِ) أَيْ بِكَوْنِهَا فِي الْمَأْتَمِ فَقَالَ إنْ كَانَتْ أَمَتِي فِي الْمَأْتَمِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَتِي فِي الْحَمَّامِ فَأَمَتِي حُرَّةٌ فَكَانَتَا فِيهِمَا (وَقَعَا) أَيْ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ لَكِنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَقَعُ (إنْ كَانَتْ) أَيْ الْمَرْأَةُ (رَجْعِيَّةً وَإِلَّا فَلَا عِتْقَ) لِأَنَّهَا بَانَتْ عِنْدَ تَمَامِ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ فَلَمْ تَبْقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَهُ (أَوْ) قَالَ (إنْ كَانَتْ امْرَأَتِي فِي الْمَأْتَمِ وَأَمَتِي فِي الْحَمَّامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَأَمَتِي حُرَّةٌ) فَكَانَتَا فِيهِمَا (وَقَعَا) لِوُجُودِ الصِّفَةِ.
(وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ بِمُضِيِّ يَوْمٍ لَمْ تَأْكُلْ كُلٌّ) مِنْهُمَا (تُفَّاحَتَهَا فِيهِ) بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي تُفَّاحَتَك الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَ لِأَمَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي تُفَّاحَتَك الْيَوْمَ فَأَنْت حُرَّةٌ (فَاشْتَبَهَتَا وَأَكَلَتَا) هُمَا بِأَنْ أَكَلَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاحِدَةً (وَلَوْ بِلَا تَحَرٍّ) مِنْهَا وَمِنْ الزَّوْجِ فِي أَنَّ مَا أَكَلَتْهَا تُفَّاحَتُهَا (فَلَا شَيْءَ) مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ يَقَعُ (لِلشَّكِّ) وَقِيلَ يُعْتَبَرُ التَّحَرِّي وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَكَلَتْهُمَا الْحُرَّةُ) الْأَوْلَى الْمَرْأَةُ (وَبَاعَ الْأَمَةَ فِي يَوْمِهِ) مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ غَيْرِهَا (تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ (بِيَقِينٍ) وَكَذَا لَوْ خَالَعَ الزَّوْجَةَ وَبَاعَ الْأَمَةَ فِي يَوْمِهِ ثُمَّ جَدَّدَ النِّكَاحَ وَالشِّرَاءَ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ لَكِنَّهُ ضَعَّفَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُخَلِّصٌ وَكَذَا لَوْ أَكَلَتْهُمَا الْأَمَةُ وَخَالَعَ الزَّوْجَةَ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَفِي نَظَرِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَبْدِلٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا صَحَّ الْخُلْعُ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إنَّهُ بَاطِلٌ) إنَّمَا أَفْتَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثَ وَقَدْ أَوْضَحْته فِي أَوَائِلِ الْخُلْعِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا الْقِيَاسَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ مَتَى كَانَ رَجْعِيًّا وَقَعَ الطَّلَاقُ قُبَيْلَ الْخُلْعِ وَصَحَّ الْخُلْعُ
(قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ خَالَعَ الزَّوْجَةَ وَبَاعَ الْأَمَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُخَلِّصٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/336)
قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ أَنَّهُ لَا يَخْلُصُ بِذَلِكَ بَلْ يَنْتَظِرُ الْحَالَ فَإِنْ لَمْ يَأْكُلَا فِي الْيَوْمِ وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْخُلْعِ وَالْعِتْقُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبِأَنَّ بُطْلَانَهُمَا مَرْدُودٌ بِمَا رَدَدْت بِهِ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ السَّابِقَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا مَرَّ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ مَحَلُّهُ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَمَا هُنَا فِي الْبَائِنِ.
(وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا مِلْكِي فَأَنْت طَالِقٌ فَوَكَّلَ مَنْ يَبِيعُهُ) أَوْ بَاعَهُ بِنَفْسِهِ (لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ) أَيْ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَا تَطْلُقُ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي التَّوْكِيلِ أَوْ فِي الْبَيْعِ أَوْ وَلِيًّا.
(وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ كُلَّمَا كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ كُلَّمَا كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَ رَجُلَيْنِ) وَلَوْ بِكَلِمَةٍ (وَقَعَ طَلْقَتَانِ طَلْقَتَانِ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثِّنْتَيْنِ فِي الْأُولَى وَالْوَاحِدَةِ فِي الثَّانِيَةِ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَلَّمَ ثَلَاثَةً وَقَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ.
(أَوْ) قَالَ (إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ) فَأَنْت طَالِقٌ (حَنِثَ بِثَلَاثٍ) أَيْ بِتَزَوُّجِهِنَّ لِأَنَّهُنَّ أَقَلُّ الْجَمْعِ وَمِثْلُهَا إنْ اشْتَرَيْت الْعَبْدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ إنْ خَرَجْت) مِنْ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ (فَتَعَلَّقَتْ بِغُصْنِ شَجَرَةِ الدَّارِ الْخَارِجَةِ) عَنْهَا (طَلُقَتْ أَوْ إنْ لَمْ تَصُومِي غَدًا) فَأَنْت طَالِقٌ (فَحَاضَتْ فَمُكْرَهَةٌ) أَيْ فَكَمُكْرَهَةٍ فَلَا تَطْلُقُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَقْلًا عَنْ الْخُوَارِزْمِيَّ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تُصَلِّي صَلَاةَ الظُّهْرِ فَأَنْت طَالِقٌ فَحَاضَتْ وَقْتَ الظُّهْرِ فَإِنْ مَضَى زَمَنُ إمْكَانِ الصَّلَاةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا.
(أَوْ) قَالَ لِنِسْوَتِهِ (مَنْ حَمَلَتْ مِنْكُنَّ هَذِهِ الْخَشَبَةَ) فَهِيَ طَالِقٌ (فَحَمَلَهَا) مِنْهُنَّ (أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ لَمْ يَطْلُقْنَ إلَّا إنْ كَانَتْ الْوَاحِدَةُ تَعْجِزُ) عَنْ حَمْلِهَا فَتَطْلُقْنَ نَظَرًا لِلْعُرْفِ (وَهُنَا) فِي الْأَصْلِ.
(مَسْأَلَةٌ سَبَقَتْ) فِي أَوَاخِرِ الطَّرَفِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ يَقَعُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إيقَاعَهُ عَنْ مُوَكِّلِهِ وَفِيهِ بُعْدٌ (وَمَتَى حَلَفَ) بِالطَّلَاقِ (لَيَطَؤُهَا اللَّيْلَةَ فَتَرَكَهُ) أَيْ الْوَطْءَ (لِحَيْضٍ) أَوْ نَحْوِهِ كَإِحْرَامٍ طَرَأَ لَهَا (فَمُكْرَهٌ) أَيْ فَكَمُكْرَهٍ فَلَا تَطْلُقُ.
(أَوْ) حَلَفَ بِأَنَّهُ (إنْ لَمْ يُشْبِعْهَا جِمَاعًا) فَهِيَ طَالِقٌ (فَلْيَطَأْهَا حَتَّى يُنْزِلَ) مَنِيَّهَا بِأَنْ تَقَرَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ لَا أُرِيدُ الْجِمَاعَ (أَوْ) حَتَّى (تَسْكُنَ لَذَّتُهَا) أَيْ شَهْوَتُهَا وَكَانَتْ هِيَ لَا تُنْزِلُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ لَمْ تَشْتَهِهِ فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ) فَلَا تَطْلُقُ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا يَبِيتُ عِنْدَهَا فَبَاتَ فِي مَنْزِلِهَا وَقَدْ) خَرَجَتْ مِنْهُ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الْمَبِيتَ عِنْدَهَا يَفْتَقِرُ إلَى حُضُورِهَا.
(وَلَوْ حَلَفَ لَيَصِيدَنَّ هَذَا الطَّائِرَ الْيَوْمَ فَاصْطَادَ طَائِرًا فَادَّعَى أَنَّهُ هُوَ) وَكَذَّبَتْهُ (لَمْ تَطْلُقْ) لِاحْتِمَالِ قَوْلِهِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ (وَكَذَا) لَا تَطْلُقُ (لَوْ جُهِلَ) الْحَالُ (وَاحْتَمَلَ) الْأَمْرُ أَنَّ لِلْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَكَنَظِيرِهِ فِي أَنْت طَالِقُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ زَيْدٌ الْيَوْمَ الدَّارَ وَجَهِلَ دُخُولَهُ وَتَقَدَّمَ أَوَاخِرَ الْبَابِ الرَّابِعِ نَظِيرُ ذَلِكَ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْأَيْمَانِ.
(وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك الطَّلْقَةَ الرَّابِعَةَ فَفِي وُقُوعِهِ تَرَدُّدٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَجْهَانِ يَقْرُبَانِ مِنْ الْخِلَافِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمُحَالِ وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ تَشْتَهِهِ أَنْ تَقُولَ هُنَا كَذَلِكَ فَلَا تَطْلُقُ.
(فَصْلٌ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ) مَثَلًا (فَسَاكَنَهُ بَعْضَهُ أَوْ) حَلَفَ (لَا يُفْطِرُ بِالْكُوفَةِ) مَثَلًا وَكَانَ يَوْمَ الْفِطْرِ بِهَا (فَأَمْسَكَ بِهَا يَوْمَ الْفِطْرِ لَمْ يَحْنَثْ) عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِيهِمَا مِنْ حَمْلِ الْمُسَاكَنَةِ عَلَى جَمِيعِ الْمُدَّةِ وَالْإِفْطَارِ عَلَى تَنَاوُلِ الْمَأْكُولِ أَوْ الْمَشْرُوبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِهِ فِيهِ مَرَّةً عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِيهِ أَيْضًا (أَوْ) حَلَفَ (لَا يُعَيِّدُ بِهَا) أَيْ بِالْكُوفَةِ فَأَقَامَ بِهَا يَوْمَ الْعِيدِ أَوْ مُعْظَمَهُ (حَنِثَ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الْعِيدِ) لِلْعُرْفِ مِنْ حَمْلِ التَّعْيِيدِ بِمَكَانٍ عَلَى الْإِقَامَةِ بِهِ.
(أَوْ) قَالَ (إنْ أَكَلَتْ أَكْثَرَ مِنْ رَغِيفٍ) فَأَنْت طَالِقٌ (حَنِثَ بِرَغِيفٍ وَأُدُمٍ) أَيْ بِأَكْلِهِمَا وَقَوْلُهُ بِرَغِيفٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِخُبْزٍ أَوْ قَالَ إنْ أَكَلَتْ الْيَوْمَ إلَّا رَغِيفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَكَلَتْ رَغِيفًا ثُمَّ فَاكِهَةً حَنِثَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِثُمَّ نَظَرٌ.
(أَوْ) قَالَ (إنْ أَدْرَكْت الظُّهْرَ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَأَنْت طَالِقٌ فَفَاتَتْهُ رَكْعَةٌ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الظُّهْرَ عِبَارَةٌ عَنْ الرَّكَعَاتِ الْأَرْبَعِ وَلَمْ يُدْرِكْهَا بَلْ أَدْرَكَ بَعْضَهَا.
(وَإِنْ قَالَ لِمُطَلَّقَاتِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ إلَخْ) قَدْ ذَكَرْت هُنَاكَ الْفَرْقَ بَيْنَ نَفْيِ التَّطْلِيقِ وَنَفْيِ غَيْرِهِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ تَمْنَعُ مِنْ وُجُودِ الْحِنْثِ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ غَيْرِ التَّطْلِيقِ
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَلَّمَ ثَلَاثَةً وَقَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ التَّطْلِيقَاتُ الثَّلَاثَةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ أَوْ اشْتَرَيْت الْعَبِيدَ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِثَلَاثٍ مِنْ كُلٍّ
(قَوْلُهُ وَهُوَ أَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ يَقَعُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إيقَاعَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَشْتَهِهِ فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ) فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا قَالَ إنْ لَمْ تُحْيِي مَيِّتًا فَلَا يَقَعُ إلَّا قُبَيْلَ الْمَوْتِ قُلْنَا إنَّمَا تَنَجَّزَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إنَّمَا يَثْبُتُ حَيْثُ يُمْكِنُ وُجُودُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ فَيُرْتَقَبُ حُصُولُهُ كَيْفَ وَقَدْ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَيْمَانِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِي مُمْتَنِعِ الْحِنْثِ دُونَ مُمْتَنِعِ الْبِرِّ وَهَذَا شَيْءٌ لَا نِزَاعَ فِيهِ
(قَوْلُهُ فَفِي وُقُوعِهِ تَرَدُّدٌ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ مِنْهُ وُقُوعُهُ فِي الْحَالِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
1 -
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ إنْ أَدْرَكْت الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأَدْرَكَهُ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْجَمِيعَ وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَطَأْك غَدًا فِي وَسَطِ السُّوقِ فَأَنْت طَالِقٌ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَدْخُلَا مَعًا فِي هَوْدَجٍ وَيَطَأَهَا فِيهِ وَلَوْ قَالَ إذَا بَلَغَ وَلَدِي الْخِتَانَ فَلَمْ أَخْتِنْهُ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ حَدًّا يَحْتَمِلُ الْخِتَانَ فَلَمْ يَخْتِنْهُ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَوْقِيتٌ فَيُقَدَّرُ بِالْإِمْكَانِ وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ وَقْتُهُ يَوْمُ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ لَوْ قَالَ إنْ سَافَرْت فَأَنْت طَالِقٌ حَنِثَ بِالسَّفَرِ الْقَصِيرِ وَلَوْ إلَى رُسْتَاقِ الْبَلَدِ.
[فَصْلٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ]
(فَصْلٌ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ) .
(قَوْلُهُ فَسَاكَنَهُ بَعْضَهُ إلَخْ) لَوْ حَلَفَ لَا يُشَتِّي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ هَذِهِ السَّنَةَ وَأَقَامَ بِهَا أَكْثَرَ الشِّتَاءِ ثُمَّ رَحَلَ مِنْهَا قَبْلَ انْقِضَائِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى لَفْظِهِ جَمِيعُ الشِّتَاءِ إذْ حَقِيقَتُهُ جَمِيعُهُ.
(3/337)
طَلَاقًا رَجْعِيًّا (كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْكُنَّ (أُرَاجِعُهَا طَالِقٌ كُلَّمَا كَلَّمْت فُلَانًا فَكُلَّمَا كَلَّمَهُ طَلَّقَ مَنْ رَاجَعَهَا مِنْهُنَّ) قَبْلَ تَكْلِيمِهِ (فَإِنْ رَاجَعَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (ثُمَّ كَلَّمَهُ) طَلُقَتْ (ثُمَّ) إنْ رَاجَعَ (أُخْرَى لَمْ تَطْلُقْ الْأُخْرَى حَتَّى يُكَلِّمَهُ) لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ التَّكْلِيمُ بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ وَلَمْ يُوجَدْ (أَوْ) قَالَ (آخِرُ مَنْ أُرَاجِعُهَا) طَالِقٌ مِنْكُنَّ (فَرَاجَعَ ثَلَاثًا مُرَتِّبًا وَمَاتَ تَبَيَّنَّا طَلَاقَ الثَّالِثَةِ) أَيْ وُقُوعَهُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ كَوْنُهَا آخِرَ مَنْ رَاجَعَهَا (فَلَا تَرِثُهُ إنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) قَبْلَ مَوْتِهِ (وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ) أَيْ مَهْرُ مِثْلِهَا (إنْ) كَانَ (وَطِئَهَا) وَقَوْلُهُ مُرَتِّبًا مِنْ زِيَادَتِهِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ رَاجَعَهُنَّ مَعًا أَمَّا لَوْ رَاجَعَ وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا أَوْ ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ ثَالِثَةً فَظَاهِرٌ أَنَّا نَتَبَيَّنُ طَلَاقَ الثِّنْتَيْنِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فِي الثَّانِيَةِ (فَإِنْ طَلَّقَ الْأُولَى) بَعْدَ مُرَاجَعَتِهَا (ثُمَّ رَاجَعَهَا بَعْدَهُنَّ) أَيْ بَعْدَ مُرَاجَعَتِهِنَّ (فَهِيَ الْأَخِيرَةُ) بَعْدَمَا كَانَتْ الْأُولَى وَتَبَيَّنَ أَنَّ الثَّالِثَةَ لَيْسَتْ أَخِيرَةً وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الثَّانِيَةِ (وَالتَّعْلِيقُ) لِلطَّلَاقِ (بِالنِّكَاحِ يُحْمَلُ عَلَى الْعَقْدِ) لَا الْوَطْءِ (إنْ لَمْ يَنْوِ الْوَطْءَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَكُنْ قَرِينَةٌ تُشْعِرُ بِإِرَادَتِهِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تُمَكِّنِينِي السَّاعَةَ) مِنْ الْوَطْءِ فَأَنْت طَالِقٌ (فَأَخَّرَتْ حَتَّى مَضَتْ السَّاعَةُ طَلُقَتْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ إطْلَاقَ السَّاعَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَوْرِ لَا عَلَى السَّاعَةِ الزَّمَانِيَّةِ (أَوْ إنْ كَلَّمْت بَنِي آدَمَ) فَأَنْت طَالِقٌ (اُشْتُرِطَ) فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ (ثَلَاثَةً) أَيْ تَكْلِيمُ ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ انْعَقَدَ مَا أَرَادَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْيَمِينَيْنِ مُفْرَدًا أَوْ جَمْعًا حَتَّى لَوْ قَالَ أَرَدْتهمَا مَعًا عُمِلَ بِمُرَادِهِ (وَ) قَوْلُهُ (أَنْتِ طَالِقٌ فِي الدَّارِ كَقَوْلِهِ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ دَخَلْت الدَّارَ) فَلَا تَطْلُقُ قَبْلَ دُخُولِهَا كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ فِي غَدٍ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ قَبْلَ مَجِيئِهِ (أَوْ) قَالَ لِاثْنَتَيْنِ (إنْ مَلَكْتُمَا عَبْدًا فَأَنْت) الْأَوْلَى قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فَامْرَأَتِي (طَالِقٌ اُشْتُرِطَ) لِلْحِنْثِ (اجْتِمَاعُ مِلْكَيْهِمَا عَلَيْهِ) حَتَّى لَوْ مَلَكَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ بَاعَهُ لِلْآخَرِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يَحْنَثُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (أَوْ إنْ لَبِسْت قَمِيصَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِلُبْسِهِمَا وَلَوْ مُتَوَالِيَيْنِ أَوْ إنْ اغْتَسَلْت) فَأَنْت طَالِقٌ (طَلُقَتْ بِالْغُسْلِ) وَلَوْ عَنْ غَيْرِ جَنَابَةٍ (فَإِنْ أَرَادَ) الْغُسْلَ (مِنْ جَنَابَةٍ دُيِّنَ) وَلَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا نَعَمْ إنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ كَمَا لَوْ رَاوَدَهَا فَامْتَنَعَتْ فَغَضِبَ فَحَلَفَ كَذَلِكَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرًا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَهُوَ) أَيْ وَقْتَ حَلِفِهِ (لَيْلٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ حُمِلَ) عَدَمُ كَلَامِهِ لَهُ (عَلَى الْغَدِ فَلَهُ تَكْلِيمُهُ قَبْلَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ ذِكْرُ الْيَوْمِ مُعَرَّفًا وَلَعَلَّهُ الصَّوَابُ وَحِينَئِذٍ فَفِي تَكْلِيمِهِ لَهُ قَبْلَهُ نَظَرٌ وَالْيَوْمُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الزَّمَنُ الْحَاضِرُ وَلَوْ لَيْلًا.
(أَوْ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثَلَاثًا) مَثَلًا (وَقَالَ أَرَدْت) أَنَّهَا تَطْلُقُ (وَاحِدَةً إنْ دَخَلَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهَا تَطْلُقُ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا يَقْتَضِيهِ فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ لَكِنْ الْأَوْجَهُ فِيهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ لِلشَّكِّ فِي مُوجِبِ الثَّلَاثِ.
(أَوْ إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ) فَأَنْت طَالِقٌ (وَلَهَا بُسْتَانٌ بَابُهُ) مَفْتُوحٌ (إلَيْهَا وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْهَا فَلَهُ حُكْمُهَا) فَلَا تَطْلُقُ بِخُرُوجِهَا مِنْهُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْدُودًا مِنْهَا طَلُقَتْ بِذَلِكَ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا أَتَزَوَّجُ مَا دَامَ أَبَوَايَ) حَيَّيْنِ (وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَلْيَتَزَوَّجْ) وَلَا يَحْنَثُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَطْعَنُهَا بِنَصْلِ هَذَا الرُّمْحِ) أَوْ السَّهْمِ (حَنِثَ) بِطَعْنِهَا بِهِ وَلَوْ (مَنْزُوعًا) مِنْ الرُّمْحِ أَوْ السَّهْمِ (وَمُرَكَّبًا فِي غَيْرِهِ أَوْ إنْ شَتَمْتنِي وَلَعَنْتنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَلَعَنَتْهُ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ عَلَّقَ بِالْأَمْرَيْنِ وَلَمْ يُوجَدَا وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ شَتَمْتنِي وَإِنْ لَعَنْتنِي فَأَنْت طَالِقٌ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْأَصْلِ وَالْمُصَنِّفُ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَإِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي اعْتِرَاضِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ أَنَّ الشَّرْطَيْنِ الْمَعْطُوفَيْنِ بِالْوَاوِ يَمِينَانِ تَقَدَّمَا أَوْ تَأَخَّرَا وَحِينَئِذٍ فَتَطْلُقُ هُنَا بِاللَّعْنِ وَحْدَهُ وَبِالشَّتْمِ وَحْدَهُ وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ مَعَ حَذْفِ وَاوِ الْعَطْفِ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا تُقِيمُ فِي الْبَلَدِ ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ (لِضِيَافَةٍ فَخَرَجَتْ) مِنْهَا (لِدُونِهَا) أَيْ الثَّلَاثِ (ثُمَّ عَادَتْ) إلَيْهَا (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ فِيهَا ثَلَاثًا (أَوْ قَالَ نِصْفَ اللَّيْلِ) مَثَلًا (إنْ بِتّ عِنْدَك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَبَاتَ) عِنْدَهَا بَقِيَّةَ اللَّيْلِ (حَنِثَ لِلْقَرِينَةِ وَإِنْ اقْتَضَى الْمَبِيتُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ وَإِنْ عَرَفَ رَجُلًا) بِوَجْهِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّا نَتَبَيَّنُ طَلَاقَ الثِّنْتَيْنِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فِي الثَّانِيَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الثَّانِيَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ طَلَاقَ السَّاعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ ذَكَرَ الْيَوْمَ مُعَرَّفًا) وَبِهِ عَبَّرَ فِي الْأَنْوَارِ.
(قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَفِي تَكْلِيمِهِ لَهُ قَبْلَهُ نَظَرٌ إلَخْ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ إطْلَاقَهُ عَلَى اللَّيْلِ مَجَازٌ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ
(قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ فِيهَا ثَلَاثًا) أَيْ لِلضِّيَافَةِ وَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ اللَّفْظِ فِي الْعُرْفِ التَّوَالِي فَحُمِلَ عَلَيْهِ
(3/338)
(دُونَ اسْمِهِ وَطَالَتْ صُحْبَتُهُ لَهُ فَحَلَفَ لَا أَعْرِفُهُ حَنِثَ أَوْ) حَلَفَ (لَا أَنَامُ عَلَى ثَوْبٍ لَك فَتَوَسَّدَ مِخَدَّتَهَا) مَثَلًا (لَمْ يَحْنَثْ) كَمَا لَوْ وَضَعَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ.
(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَيْدٍ فَأَضَافَهُ) أَوْ نَثَرَ مَأْكُولًا فَالْتَقَطَهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ خَلَطَا زَادَيْهِمَا) وَأَكَلَ مِنْ ذَلِكَ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُ الطَّعَامَ قُبَيْلَ الِازْدِرَادِ وَالْمُلْتَقِطُ يَمْلِكُ الْمَلْقُوطَ بِالْأَخْذِ وَالْخَلْطُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا أَبَدًا إلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا فَكَلَّمَهُمَا جَمِيعًا حَنِثَ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ إلَّا هَذَا وَهَذَا فَكَلَّمَهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّمَا يَتَّجِهُ إذْ كَانَتْ الصُّورَتَانِ بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ دَارِهِ مَا دَامَ فِيهَا فَانْتَقَلَ مِنْهَا وَعَادَ) إلَيْهَا (ثُمَّ دَخَلَهَا) الْحَالِفُ وَهُوَ فِيهَا (لَمْ يَحْنَثْ) لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ بِالِانْتِقَالِ مِنْهَا نَعَمْ إنْ أَرَادَ كَوْنَهُ فِيهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(أَوْ) قَالَ (أَنْت طَالِقٌ إنْ قَتَلْت زَيْدًا غَدًا فَضَرَبَهُ الْيَوْمَ وَمَاتَ مِنْهُ غَدًا لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ الْفِعْلُ الْمُفَوِّتُ لِلرُّوحِ وَلَمْ يُوجَدْ غَدًا (أَوْ) حَلَفَ (لَا يُغْضِبُهَا فَضَرَبَ ابْنَهَا وَلَوْ تَأْدِيبًا فَغَضِبَتْ حَنِثَ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا صُمْت زَمَانًا) حَنِثَ (بِالشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا صُمْت وَمَا قَالَهُ مُسَاوٍ نُسَخَ الْأَصْلِ الْمُعْتَمَدَةَ الْمُعَبِّرُ فِيهَا بِقَوْلِهِ لَا يَصُومُ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الْأَصْلِ السَّقِيمَةِ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ لَيَصُومَن وَهُوَ تَحْرِيفٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (أَوْ) حَلَفَ (لَيَصُومَن أَزْمِنَةً كَفَاهُ يَوْمٌ) يَصُومُهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى أَزْمِنَةٍ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ (أَوْ) حَلَفَ (لَيَصُومَن الْأَيَّامَ فَلْيَصُمْ ثَلَاثًا) مِنْهَا حَمْلًا عَلَيْهَا لَا عَلَى أَيَّامِ الْعُمُرِ.
(أَوْ) قَالَ (إنْ كَانَ اللَّهُ يُعَذِّبُ الْمُوَحِّدِينَ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) إنْ كَانَ يُعَذِّبُ (أَحَدًا مِنْهُمْ) فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ فِيمَا إذَا أَرَادَ إنْ كَانَ يُعَذِّبُهُمْ كُلَّهُمْ أَوْ يُطَلِّقُ لِأَنَّ التَّعْذِيبَ يَخْتَصُّ بِبَعْضِهِمْ.
(وَإِنْ اُتُّهِمَ) كَأَنْ اتَّهَمَتْهُ زَوْجَتُهُ (بِاللِّوَاطِ فَحَلَفَ لَا يَأْتِي حَرَامًا حَنِثَ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ) مِنْ تَقْبِيلٍ أَوْ لَمْسٍ أَوْ نَحْوِهِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ فَعَلْت كَذَا حَرَامًا فَقَالَ إنْ فَعَلْت حَرَامًا فَأَنْت طَالِقٌ لِأَنَّ كَلَامَهُ ثَمَّ تَرَتَّبَ عَلَى كَلَامِهَا وَهُنَا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ فَحُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَكَأَنَّهَا ابْتَدَأَتْهُ بِنَوْعٍ مِنْ الْحَرَامِ فَنَفَى عَنْ نَفْسِهِ جِنْسَ الْحَرَامِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ بَلْ الصَّوَابُ وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَلَا أَثَرَ لِتَرَتُّبِ كَلَامِهِ عَلَى كَلَامِ غَيْرِهِ وَلِهَذَا لَوْ قِيلَ لَهُ كَلِّمْ زَيْدًا الْيَوْمَ قَالَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْته انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْأَبَدِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْيَوْمَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَاخِرِ الْأَيْمَانِ انْتَهَى وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ أَرَادَ ثَمَّ مَا إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ مَا ذَكَرَتْهُ الْمَرْأَةُ خَاصَّةً.
(أَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ وَلَا تَخْرُجِينَ مِنْ الصِّفَةِ أَيْضًا لَغَا الْأَخِيرُ) لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ لَيْسَ فِيهِ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ وَلَا عَطْفٍ فَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الصِّفَةِ لَمْ تَطْلُقْ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بَدَلَ الْأَخِيرِ عَقِبَ مَا قَبْلَهُ وَمِنْ الصِّفَةِ أَيْضًا طَلُقَتْ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(أَوْ أَنْت طَالِقٌ فِي الْبَحْرِ أَوْ فِي مَكَّةَ أَوْ فِي الظِّلِّ) أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يُنْتَظَرُ (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ) فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يُوجَدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ فِي الدَّارِ مِنْ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ هَذَا مِثْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ إنَّ غَيْرَهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ (وَأَمَّا) قَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ (فِي الشِّتَاءِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُنْتَظَرُ فَتَعْلِيقٌ) فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَجِيءَ الشِّتَاءُ وَنَحْوُهُ.
(أَوْ) قَالَ (إنْ أَكَلَتْ طَبِيخَك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَوَضَعَتْ الْقِدْرَ عَلَى نَارٍ) غَيْرِ مُوقَدَةٍ (فَأَوْقَدَهَا غَيْرُهَا أَوْ) إنْ أَكَلَتْ (طَعَامَك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَخَمَّرَ عَجِينَهُ مِنْهُ) بِأَنْ أَخَذَ مِنْهُ خَمِيرًا أَوْ مَاءً أَوْ مِلْحًا فَعَجَنَ بِهِ دَقِيقَهُ (وَأَكَلَهُ) أَيْ مَا طُبِخَ أَوْ عُجِنَ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الَّذِي طَبَخَ فِي الْأُولَى غَيْرُ الزَّوْجَةِ وَطَعَامُهَا فِي الثَّانِيَةِ مُسْتَهْلَكٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ قَدْ اُسْتُهْلِكَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ فَاخْتَلَطَ مُشْتَرَاهُ بِمُشْتَرِي غَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ يَحْنَثُ إذَا أَكَلَ مِنْهُ مَا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ مِمَّا اشْتَرَاهُ لِأَنَّ ذَاكَ فِي مُسْتَهْلَكِ عَيْنِهِ بَاقِيَةٌ بِخِلَافِ هَذَا وَلِهَذَا يُجَابُ طَالِبُ الْقِسْمَةِ ثَمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا.
(أَوْ) قَالَ (إنْ كَانَ عِنْدَك نَارٌ) فَأَنْت طَالِقٌ (حَنِثَ بِالسِّرَاجِ) أَيْ بِوُجُودِهِ عِنْدَهَا (أَوْ إنْ جُعْت يَوْمًا فِي بَيْتِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَجَاعَتْ يَوْمًا بِلَا صَوْمٍ طَلُقَتْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاعَتْ يَوْمًا بِصَوْمٍ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا دَخَلْت دَارَك فَبَاعَتْهَا ثُمَّ دَخَلَهَا لَمْ يَحْنَثْ) .
أَوْ قَالَ (إنْ لَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَيْد إلَخْ) لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ دَقِيقًا لِيَخْبِزَهُ فَخَبَزَهُ بِخَمِيرَةٍ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلِكٌ كَذَا فِي الْكَبِيرِ نَقْلًا عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مَالٌ مُشْتَرَكٌ بِلَا شَكٍّ فَيَأْتِي فِيهِ مَا قَالُوهُ فِيهِ فِي الْأَيْمَانِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَكَلَ مَا يَزِيدُ عَلَى حِصَّتِهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْفِقْهُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَأَمَّا الَّذِي اعْتَرَضَ بِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ صُورَتَهُ فِي مُخْتَلِطٍ تَكُونُ عَيْنُهُ بَاقِيَةً وَلِهَذَا يُجَابُ إذَا طَلَبَ الْقِسْمَةَ وَأَمَّا الْخَمِيرَةُ الْمُسْتَهْلَكَةُ فَلَا يُجَابُ طَالِبُ الْقِسْمَةِ فِيهَا وَكَذَا لَوْ خَبَزَهُ بِمِلْحٍ أَوْ مَاءٍ مِنْ عِنْدِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَكَتَبَ شَيْخُنَا بِحِذَائِهِ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُ الطَّعَامَ قَبْلَ الِازْدِرَادِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ إنَّمَا يَتَّجِهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى
تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ أَرَادَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/339)
تَكُونِي أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ) وَجْهُك (أَحْسَنَ مِنْ الْقَمَرِ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ كَانَتْ زِنْجِيَّةً) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] إذْ الْمُرَادُ بِهِ إحْكَامُ الْخِلْقَةِ وَكَمَالُ الْعَقْلِ نَعَمْ إنْ أُرِيدَ بِالْحُسْنِ الْجَمَالُ فَظَاهِرٌ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْقَاضِي كَالْقَفَّالِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ قَبِيحَةَ الشَّكْلِ تَطْلُقُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الصَّحِيحَةِ بَعْدَمَا مَرَّ وَلَوْ قَالَ أَضْوَأُ مِنْ الْقَمَرِ فَالْحُكْمُ بِخِلَافِهِ أَيْ فَتَطْلُقُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ.
(وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا اُصْبُغْ لِي ثَوْبًا تُؤْجَرْ) عَلَيْهِ (فَقَالَ إنْ كَانَ) لِي (فِيهِ أَجْرٌ) فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَالَتْ اسْتَفْتَيْت فُلَانًا الْعَالِمَ) فَأَفْتَانِي بِأَنَّ لَك أَجْرًا فَأَطْلَقَ (فَقَالَ إنْ كَانَ عَالِمًا فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ النَّاسُ يُسَمُّونَهُ عَالِمًا طَلُقَتْ بِهَذَا) لِأَنَّ النَّاسَ يُسَمُّونَهُ عَالِمًا (لَا بِالثَّوْبِ) أَيْ صَبْغِهِ (لِأَنَّهُ مُبَاحٌ) وَالْمُبَاحُ لَا أَجْرَ فِيهِ وَقِيلَ تَطْلُقُ بِهِ أَيْضًا إنْ قَصَدَ الْبِرَّ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُؤْجَرُ فِي الْمُبَاحِ إذَا قَصَدَ الْبِرَّ (وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ) فِي الرَّوْضَةِ (اعْتِرَاضًا) وَهُوَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْخِلَافِ فِي هَذَا لِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الطَّاعَةَ كَانَ فِيهِ أَجْرٌ وَيَحْنَثُ وَإِلَّا فَلَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِعْلٌ بِنِيَّةِ الطَّاعَةِ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ (فِيهِ نَظَرٌ) هُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ الْمُوَجَّهَ لَهُ بِأَنَّ الثَّوَابَ بِالْقَصْدِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَهُوَ لَا يَضُرُّ النَّوَوِيُّ فِي مُرَادِهِ مِنْ أَنَّ صِفَةَ الطَّلَاقِ مِنْ الصَّبْغِ الْمُقَيَّدُ بِنِيَّةِ الطَّاعَةِ لَمْ تُوجَدْ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا قَصَدْتُك لِلْجِمَاعِ) بِأَنْ قَالَ إنْ قَصَدْتُك بِالْجِمَاعِ فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَصَدَتْهُ) هِيَ (فَجَامَعَهَا لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ لَا قَصَدْت جِمَاعَك) بِأَنْ قَالَ إنْ قَصَدْت جِمَاعَك فَأَنْت طَالِقٌ فَقَصَدَتْهُ فَجَامَعَهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ.
(وَإِنْ حَلَفَ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ كُلٌّ) مِنْهُمَا (أَنَّ إمَامَهُ أَفْضَلُ) مِنْ إمَامِ الْآخَرِ (لَمْ يَحْنَثْ) تَشْبِيهًا بِمَسْأَلَةِ الْغُرَابِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِمَامَيْنِ قَدْ يَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُهُ الْآخَرُ (أَوْ) اخْتَلَفَ (سُنِّيٌّ وَرَافِضِي فِي) أَفْضَلِيَّةِ (أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ) فَحَلَفَ السُّنِّيُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ وَعَكَسَ الْآخَرُ (حَنِثَ الرَّافِضِيُّ) لِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عَلِيٍّ (أَوْ) اخْتَلَفَ (سُنِّيٌّ وَمُعْتَزِلِيٌّ فِي أَنَّ الشَّرَّ وَالْخَيْرَ مِنْ اللَّهِ) أَوْ مِنْ الْعَبْدِ فَحَلَفَ السُّنِيُّ أَنَّهُمَا مِنْ اللَّهِ وَالْمُعْتَزِلِيُّ أَنَّهُمَا مِنْ الْعَبْدِ (حَنِثَ الْمُعْتَزِلِيُّ) لِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ اللَّهِ.
(وَلَوْ حَلَفَ إنْ بَقِيَ لَك هُنَا مَتَاعٌ وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْت طَالِقٌ فَبَقَّى هَاوُنٌ) بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الْبَيْتَ، وَوَجَدْت فِيهِ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِك وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَ فَوَجَدَ فِي الْبَيْتِ هَاوُنًا لَهَا (فَقِيلَ لَا تَطْلُقُ) لِلِاسْتِحَالَةِ فَلَيْسَ الْهَاوُنُ مُرَادًا فِي الْيَمِينِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ (وَقِيلَ تَطْلُقُ عِنْدَ الْمَوْتِ) أَيْ قُبَيْلَ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهَا لِلْيَأْسِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَبِهِ جَزَمَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَلَمْ يَحْكِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ غَيْرَهُ انْتَهَى وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ الصَّحِيحُ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْحِنْثُ الْآنَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْعَجْزَ يَتَحَقَّقُ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَحْسُنُ الِانْتِظَارُ فِيمَا يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي هَذِهِ بَلْ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْبَحْرِ وَلَيْسَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِثْلَهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ مِثْلَهُ لَوْ قَالَ لَأُكَسِّرَنَّ هَذَا الْهَاوُنَ عَلَى رَأْسِك.
(وَإِنْ قَالَ مَنْ خَرَجَتْ) مِنْ نِسَائِي (مَكْشُوفَةً لِيُبْصِرَهَا الْأَجَانِبُ فَهِيَ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ مَكْشُوفَةً) لِذَلِكَ (طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يُبْصِرُوهَا فَإِنْ قَالَ) مَنْ خَرَجَتْ مَكْشُوفَةً (وَأَبْصَرُوهَا) الْأَفْصَحُ وَأَبْصَرَهَا (الْأَجَانِبُ) فَهِيَ طَالِقٌ (اشْتَرَطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (أَنْ يُبْصِرُوهَا) وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي هَذِهِ مُعَلَّقٌ عَلَى صِفَتَيْنِ وَلَمْ تُوجَدْ إلَّا إحْدَاهُمَا وَفِي تِلْكَ عَلَى صِفَةٍ فَقَطْ وَقَدْ وُجِدَتْ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْحَنْبَلِيِّ يَقُولُ إنْ لَمْ يَكُنْ اللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَالْأَشْعَرِيِّ يَقُولُ إنْ كَانَ عَلَى الْعَرْشِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَقَالَ إنْ أَرَادَ الْحَنْبَلِيُّ الْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ.
(كِتَابُ الرَّجْعَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ عِنْدَ الْأَزْهَرِيِّ وَهِيَ لُغَةً الْمَرَّةُ مِنْ الرُّجُوعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أُرِيدَ بِالْحُسْنِ الْجَمَالُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ فَبَقِيَ هَاوَنٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ وَالْهَاوَنُ الَّذِي يُدَقُّ فِيهِ مُعَرَّبٌ وَكَأَنَّ أَصْلَهُ هَاوُونٌ؛ لِأَنَّ جَمْعَهُ هَوَاوِينُ مِثْلُ قَانُونٍ وَقَوَانِينَ فَحَذَفُوا مِنْهُ الْوَاوَ الثَّانِيَةَ اسْتِثْقَالًا وَفَتَحُوا الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ فَاعِلٌ بِالضَّمِّ اهـ لَكِنْ قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَالْهَاوَنُ وَالْهَاوُنَ وَالْهَاوُونُ الَّذِي يُدَقُّ فِيهِ.
(قَوْلُهُ فَقِيلَ لَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ) قَالَ شَيْخُنَا سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ حَلَفَ إنْ بَقِيَ لَك هُنَا مَتَاعٌ وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْت طَالِقٌ فَبَقِيَ هَاوَنَ هَلْ هُوَ مِنْ الْمُسْتَحِيلِ فَيَقَعُ فِي الْحَالِ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَسَائِلَ الْمُسْتَحِيلِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَعَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَإِنْ صَعِدْت السَّمَاءَ أَوْ عَقْلًا كَإِنْ أَحْيَيْت مَيِّتًا أَمْ شَرْعًا كَإِنْ نُسِخَ صَوْمُ رَمَضَانَ وَمِنْ الْمُسْتَحِيلِ مَسْأَلَةُ الْهَاوُنِ الْمَذْكُورَةِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِيهَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ لِحُصُولِ الْيَأْسِ فِيهِ
(خَاتِمَةٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَدْخُلِي الدَّارَ أَوْ عَلَيَّ أَنْ لَا تَدْخُلِي الدَّارَ أَوْ عَلَيَّ أَنْ لَا تُسَافِرِي وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَفِي فَتَاوَى الْأَصْبَحِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثَ وَحَنِثَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ يُعَيِّنُهَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوقِعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلْقَةً حَتَّى تَكْمُلَ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَفَادَ الْفُرْقَةَ الْمُوجِبَةَ لِلْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى وَلَمْ يَقِفْ السُّبْكِيُّ عَلَى هَذَا فَقَالَ تَفَقُّهًا الظَّاهِرُ جَوَازُ ذَلِكَ وَبِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفْتَيْت فِيمَنْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ وَلَهُ زَوْجَتَانِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ عَيَّنَ لِإِحْدَاهُمَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَالْأُخْرَى طَلْقَتَيْنِ رَجْعِيَّتَيْنِ ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْحِنْثِ وَمَا بَعْدَهُ وَإِنْ تُخُيِّلَ فَرْقٌ فَبَعِيدٌ س وَقَوْلُهُ وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَبِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفْتَيْت فِيمَنْ حَلَفَ إلَخْ.
المؤلف: زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري - شهاب أحمد الرملي - محمد بن أحمد الشوبري
تحقيق: زهير الشاويش الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت- دمشق- عمان الطبعة: الثالثة، 1412هـ / 1991م
عدد الأجزاء: 12 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
موضوع: الفقه علي مذهب الشافعي
فهرس كِتَاب الطَّلَاقِ
- الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيّ إثْبَاتًا وَنَفْيًا
- الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ
- الْبَابُ الْأَوَّلُ الْمُطَلِّقُ وَشَرْطُ تَنْجِيزِهِ وَتَعْلِيقِهِ التَّكْلِيفُ
- الرُّكْنُ الثَّانِي فِيمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ
- الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ فَيُشْتَرَطُ قَصْدُ اللَّفْظِ بِمَعْنَاهُ
- الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَحَلُّ وَهُوَ الْمَرْأَةُ
- الرُّكْنُ الْخَامِسُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْمَحَلِّ
- الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ
- الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ
- الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ
- الْبَابُ السَّادِسُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ
- العودة الي كتاب أسنى المطالب في شرح روض الطالب
الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيّ إثْبَاتًا وَنَفْيًا
[الطَّرَفَ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ]
(كِتَابُ الطَّلَاقِ)
(قَوْلُهُ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَمْلُوكٌ لِلزَّوْجِ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْأَجْنَبِيِّ بِغَيْرِ نِيَابَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْ قَوْلِيَّةٍ لَا بِالتَّنْجِيزِ وَلَا بِالتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ) قَالَ شَيْخُنَا قَدْ قَسَّمَ الْأَصْحَابُ الطَّلَاقَ إلَى وَاجِبٍ كَطَلَاقِ الْمَوْلَى وَطَلَاقِ الْحَكَمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ إذَا رَأَيَاهُ وَإِلَى مُسْتَحَبٍّ كَمَا إذَا كَانَ يُقَصِّرُ فِي حَقِّهَا لِبُغْضٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ عَفِيفَةٍ أَوْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ وَإِلَى مَحْظُورٍ كَطَلَاقِ الْبِدْعَةِ وَإِلَى مَكْرُوهٍ وَهُوَ عِنْدَ اسْتِقَامَةِ الْحَالِ قَالُوا وَلَيْسَ فِيهِ مُبَاحٌ وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى جَوَازِهِ إذَا كَانَ لَا شَهْوَةَ لَهُ وَلَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِمُؤْنَتِهَا مِنْ غَيْرِ حُصُولٍ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ طَلَاقُهَا (قَوْلُهُ فَالسُّنِّيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا) وَلَوْ بِوَطْءٍ فِي دُبُرِهَا وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُهَا مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ (قَوْلُهُ لَيْسَتْ بِحَامِلٍ إلَخْ) وَلَا حَالَةٍ يَسْتَعْقِبُ الطَّلَاقَ الشُّرُوعُ فِي الْعِدَّةِ إلَّا أَنْ يُجَامِعَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ أَوْ فِي الْحَيْضِ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَمْ يَبِنْ الْحَمْلُ
(3/263)
أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» (وَالْبِدْعِيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا بِلَا عِوَضٍ مِنْهَا فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ قَوْله تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وَزَمَنُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ (أَوْ) فِي (طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ فِيهِ وَلَوْ) كَانَ الْجِمَاعُ أَوْ الِاسْتِدْخَالُ (فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ) (إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ حَمْلُهَا) وَكَانَتْ مِمَّنْ قَدْ تَحْبَلُ لِأَدَائِهِ إلَى النَّدَمِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُطَلِّقُ الْحَائِلَ دُونَ الْحَامِلِ وَعِنْدَ النَّدَمِ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ فَيَتَضَرَّرُ هُوَ وَالْوَلَدُ وَلِأَنَّ عِدَّتَهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا تَكُونُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَلَوْ كَانَتْ حَائِلًا تَكُونُ بِالْأَقْرَاءِ وَرُبَّمَا يَلْتَبِسُ الْأَمْرُ وَتَبْقَى مُرْتَابَةً فَلَا يَتَهَيَّأُ لَهَا التَّزَوُّجُ.
وَأَلْحَقُوا الْجِمَاعَ فِي الْحَيْضِ بِالْجِمَاعِ فِي الطُّهْرِ لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِيهِ وَكَوْنِ بَقِيَّتِهِ مِمَّا دَفَعَتْهُ الطَّبِيعَةُ أَوَّلًا وَتَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ وَأَلْحَقُوا الْجِمَاعَ فِي الدُّبُرِ بِالْجِمَاعِ فِي الْقُبُلِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ بِهِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلَوْ فِي حَيْضٍ أَنَّ مَا قَبْلَهُ شَامِلٌ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ قَالَ أَوْ حِيضَ قَبْلَهُ كَانَ أَوْلَى وَكَأَنَّهُ غَلَّبَ قَوْلَهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ عَلَى ذَلِكَ (وَكَذَا) طَلَاقُ (مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ دَوْرَهَا مِنْ الْقَسْمِ) فَإِنَّهُ يُدْعَى كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا طَلَّقَهَا بِغَيْرِ سُؤَالِهَا وَإِلَّا فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبِدْعِيٍّ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى رَأْيٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا بِسُؤَالِهَا مُسْقِطَةٌ لَحَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ فَيَجُوزُ هُنَا قَطْعًا
(أَمَّا الصَّغِيرَةُ وَالْحَامِلُ) مِنْ الْمُطَلِّقِ (وَلَوْ حَاضَتْ وَغَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ وَالْآيِسَةُ وَالْمُخْتَلِعَةُ فَلَا بِدْعَةَ لَهُنَّ وَلَا سُنَّةَ) لِانْتِقَاءِ مَا ذُكِرَ فِيهِمَا وَلِأَنَّ افْتِدَاءَ الْمُخْتَلِعَةِ يَقْتَضِي حَاجَتَهَا إلَى الْخَلَاصِ بِالْفِرَاقِ وَرِضَاهَا بِطُولِ التَّرَبُّصِ وَأَخْذَهُ الْعِوَضَ يُؤَكِّدُ دَاعِيَةَ الْفِرَاقِ وَيُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ وَالْحَامِلُ وَإِنْ تَضَرَّرَتْ بِالطُّولِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَقَدْ اسْتَعْقَبَ الطَّلَاقَ شُرُوعُهَا فِي الْعِدَّةِ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَدْ تُضْبَطُ الْأَقْسَامُ عَلَى الْإِبْهَامِ بِأَنْ يُقَالَ الطَّلَاقُ إنْ حَرُمَ إيقَاعُهُ فَبِدْعِيٌّ وَإِلَّا فَسُنِّيٌّ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَوِرُهَا التَّحْرِيمُ وَلَيْسَ بِسُنِّيٍّ وَلَا بِدْعِيٍّ فِي غَيْرِهَا
(وَقَدْ يَجِبُ الطَّلَاقُ فِي الْإِيلَاءِ) عَلَى الْمُوَلَّى (وَ) فِي (الشِّقَاقِ) عَلَى الْحَكَمَيْنِ (إذَا أَمَرَ) الْمُطَلِّقُ (بِهِ فَلَا بِدْعَةَ فِيهِ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ مَعَ رِضَا الزَّوْجَةِ بِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الْأَوْلَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِتَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ أَحْوَجُهَا بِالْإِيذَاءِ إلَى الطَّلَبِ وَهُوَ غَيْرُ مَلْجَأٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ فِيهَا الْوُجُوبُ الْمُخَيَّرُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا إمَّا الطَّلَاقُ أَوْ الْفَيْئَةُ أَوْ الْوُجُوبُ الْعَيْنِيُّ بِحَمْلِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ.
(وَيُسْتَحَبُّ الطَّلَاقُ لِخَوْفِ تَقْصِيرِهِ) فِي حَقِّهَا لِبُغْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ لِعَدَمِ عِفَّتِهَا) بِأَنْ لَا تَكُونَ عَفِيفَةً وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ طَلَاقَ الْوَلَدِ إذَا أَمَرَهُ بِهِ وَالِدُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا أَمَرَهُ بِهِ لَا لِتَعَنُّتٍ وَنَحْوِهِ (وَيُكْرَهُ عِنْدَ سَلَامَةِ الْحَالِ) لِخَبَرِ «لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْحَلَالِ أَبْغَضَ إلَى اللَّهِ مِنْ الطَّلَاقِ» .
(وَلَوْ سَأَلَتْهُ) الطَّلَاقَ (بِلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا) الْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِهَا فِي الْحَدِيثِ أَمْرُ نَدْبٍ وَالْقَرِينَةُ عَلَى كَوْنِهِ أَمْرًا لَامُ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ فَلْيُرَاجِعْهَا لِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَ لَفْظَ مُرْهُ وَالْفَاءَ وَقِيلَ لِيُرَاجِعْهَا لَكَانَ أَمْرًا لِلْغَائِبِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرْهُ مُرَادٌ بِهِ الْأَمْرُ مِنْ قِبَلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالُوا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَلِكِ لِوَزِيرِهِ قُلْ لِفُلَانٍ يَفْعَلْ كَذَا أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ الْمَلِكِ وَالْقَرِينَةُ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ مُبْلِغٌ لِأَمْرِ الْمَلِكِ وَمِثْلُهُ يَأْتِي هَا هُنَا.
(قَوْلُهُ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) إذَا لَمْ يَسْتَعْقِبْ الطَّلَاقَ الْعِدَّةُ أَوْ كَانَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ فِي الْحَيْضِ قَبْلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِمِ بِحَالِهَا وَبِتَحْرِيمِ طَلَاقِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا. اهـ. وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ نَحْوَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْبِدْعِيِّ وَقَوْلُهُ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ) بِنَاءً عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ اسْتِئْنَافُهَا الْعِدَّةَ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ) وَلَا يَمْنَعُ تَحْرِيمُهُ وُقُوعَهُ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ مَبْنِيٍّ عَلَى التَّغْلِيبِ فَلَا يَمْنَعُهُ تَضَرُّرُ الْمَمْلُوكِ كَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ) أَيْ الْمُحْتَرَمَ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى رَأْيٍ) أَيْ مَرْجُوحٍ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ هُنَا قَطْعًا) أَيْ إنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ الْمَارِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ هُنَا الْجَزْمُ بِالْجَوَازِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً وَقَالَ لَهَا سَيِّدُهَا إنْ طَلَّقَك الزَّوْجُ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرَّةٌ فَسَأَلَتْهُ ذَلِكَ لِأَجَلٍ الْعِتْقِ بَلْ يَتَّجِهُ هَذَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ حَائِضًا.
وَالصُّورَةُ مَا ذَكَرْنَاهُ فَسَأَلَتْهُ لِلْخَلَاصِ مِنْ الرِّقِّ إذْ دَوَامُهُ أَضُرُّ بِهَا مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَقَدْ لَا يَسْمَحُ بِهِ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَمُوتُ فَيَدُومُ أَسْرُهَا بِالرِّقِّ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ فِي الْحَيْضِ لَمْ يَكُنْ بِدْعِيًّا وَإِنْ طَالَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قَصَدَ خَلَاصَهَا مِنْ أَصْلِ الرِّقِّ وَأَنْعَمَ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ
(قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ وَالْآيِسَةُ) أَيْ وَالْمُتَحَيِّرَةُ
(قَوْلُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمُرَادُهُ يَعْنِي الرَّافِعِيَّ الْفَيْئَةُ بِاللِّسَانِ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ فِي الْحَيْضِ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ فَالْحُكْمُ مِنْ حَيْثُ هَؤُلَاءِ يَتَقَيَّدُ بِفَيْئَةِ اللِّسَانِ بَلْ لَا تَكْفِي فِيمَا إذَا طَلَبَتْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ.
(قَوْلُهُ بِحَمْلِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ الطَّلَاقَ قَدْ يَتَعَيَّنُ كَمَا لَوْ آلَى ثُمَّ غَابَ أَوْ آلَى وَهُوَ غَائِبٌ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَوَكَّلَتْ فِي الْمُطَالَبَةِ فَذَهَبَ وَكِيلُهَا إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الزَّوْجُ وَطَالَبَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُ بِالْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ فِي الْحَالِ وَبِالسَّيْرِ إلَيْهَا أَوْ بِحَمْلِهَا إلَيْهِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَسِيرُ إلَيْهَا لَمْ يُمَكَّنْ بَلْ يُجْبَرْ عَلَى الطَّلَاقِ عَيْنًا. اهـ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَا تَكُونَ عَفِيفَةً) أَوْ تَارِكَةً لِلصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ وَاجِبِ الدِّينِ أَوْ كَانَتْ تُؤْذِي أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ كَانَتْ مُفْسِدَةً لِمَالِهِ أَوْ يَخَافُ مِنْ الْقَالَةِ لِبُرُوزِهَا وَتَبَرُّجِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فُجُورَهَا أَوْ بَانَ كَوْنُهَا عَقِيمًا
(3/264)
عِوَضٍ أَوْ اخْتَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ حَرُمَ) إذْ لَا تُعْلَمُ بِذَلِكَ حَاجَتُهَا إلَى الْخَلَاصِ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ خَلْعُهُ فِي الطُّهْرِ الْمَذْكُورِ جَائِزٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ أَخْذَهُ الْعِوَضَ يُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ وَلَيْسَ فِيهِ تَطْوِيلُ عِدَّةٍ عَلَيْهَا.
(فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا أَنْ يُرَاجِعَ) مُطَلَّقَتُهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ الطُّهْرُ الثَّانِي لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ بَقِيَّةُ صُوَرِ الْبِدْعِيِّ وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا الرَّجْعَةَ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَجِبُ قَالَ الْإِمَامُ وَمَعَ اسْتِحْبَابِ الرَّجْعَةِ لَا نَقُولُ إنَّ تَرْكَهَا مَكْرُوهٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهَا وَلِدَفْعِ الْإِيذَاءِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ صَرَّحَ فِيمَا قَالَهُ بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا وَالِاسْتِنَادُ إلَى الْخَبَرِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَا نَهْيَ فِيهِ (فَإِنْ رَاجَعَ وَالْبِدْعَةُ لِحَيْضٍ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِي الطُّهْرِ مِنْهُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلِئَلَّا يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْ الرَّجْعَةِ مُجَرَّدَ الطَّلَاقِ وَكَمَا يُنْهَى عَنْ النِّكَاحِ لِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ يُنْهَى عَنْ الرَّجْعَةِ وَلَا يُسْتَحَبُّ الْوَطْءُ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ اكْتِفَاءً بِإِمْكَانِ التَّمَتُّعِ (أَوْ) رَاجَعَ وَ (كَانَتْ الْبِدْعَةُ لِطُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ) أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَلَمْ يَبِنْ حَمْلُهَا (وَوَطِئَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ) فِيهِ (فَلَا بَأْسَ بِطَلَاقِهَا فِي الطُّهْرِ الثَّانِي وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا إلَّا بَعْدَ الطُّهْرِ أَوْ رَاجَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَطَأْهَا (اُسْتُحِبَّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِيهِ) أَيْ فِي الطُّهْرِ الثَّانِي لِئَلَّا تَكُونَ الرَّجْعَةُ لِلطَّلَاقِ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ طَلَّقَ غَيْرَ مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ دَوْرَهَا مِنْ الْقَسْمِ بِخِلَافِ مَنْ طَلَّقَ هَذِهِ لِلُزُومِ الرَّجْعَةِ لَهُ لِيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا.
(فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي آخِرِ حَيْضِك فَسُنِّيٌّ) لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي آخِرِ (طُهْرِك فَبِدْعِيٌّ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الطُّهْرُ الْمُحْتَوَشُ بَيْنَ دَمَيْنِ لَا لِانْتِقَالٍ مِنْهُ إلَى الْحَيْضِ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مُقَيَّدَانِ لِضَابِطَيْ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ.
(وَ) الطَّلَاقُ (الْمُعَلَّقُ بِصِفَةٍ صَادَفَتْ زَمَنَ الْبِدْعَةِ بِدْعِيٌّ) لَكِنْ (لَا إثْمَ فِيهِ) أَوْ زَمَنَ السَّنَةِ سُنِّيٌّ فَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِهِ بِدْعِيًّا أَوْ سُنِّيًّا بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ لَا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ إذْ لَا ضَرُورَةَ حِينَئِذٍ وَلَا نَدَمَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ أَثِمَ بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَيْضِ وَبِالْجُمْلَةِ (فَلْيُرَاجَعْ) اسْتِحْبَابًا (وَتَعْلِيقُهُ حَالَ الْحَيْضِ مُبَاحٌ) .
(فَرْعٌ) لَوْ (طَلَّقَهَا) وَلَوْ فِي الطُّهْرِ (حَامِلًا) بِحَمْلٍ (لِغَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ أَوْ مِنْ زِنًا سَابِقٍ) عَلَى الطَّلَاقِ (وَقَعَ بِدْعِيًّا لِتَأَخُّرِ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ) لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ وَانْقِضَاءِ النِّفَاسِ بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْهُ (وَذَكَرَ) الْأَصْلُ (فِي الْعَدَدِ فِي حَمْلِ الزِّنَا خِلَافَ هَذَا) لَيْسَ خِلَافَهُ بَلْ ذَاكَ فِيمَا إذَا حَاضَتْ وَهَذَا فِيمَا إذْ لَمْ تَحِضْ بِقَرِينَةِ تَعْلِيقِهِ السَّابِقِ وَإِذَا رَاجَعَ الْحَامِلَ الْمَذْكُورَةَ فَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا حَتَّى تَضَعَ ثُمَّ يَنْقَطِعَ نِفَاسُهَا ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ لِئَلَّا تَكُونَ الرَّجْعَةُ لِلطَّلَاقِ.
(وَلَا بِدْعَةَ) وَلَا سُنَّةَ (فِي فَسْخِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ ضَرَرٍ نَادِرٍ فَلَا يُنَاسِبُهُ تَكْلِيفُ رِعَايَةِ الْأَوْقَاتِ وَلِأَنَّهُ فَوْرِيٌّ غَالِبًا فَلَوْ كَانَ كَالطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ لَأُخِّرَ عَنْ زَمَنِ الْبِدْعَةِ إلَى زَمَنِ السُّنَّةِ فَيَتَنَافَى الْفَوْرِيَّةُ وَالتَّأْخِيرُ (وَ) لَا فِي (عِتْقِ مَوْطُوءَةٍ) لَهُ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ أَعْظَمُ (وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ ثَلَاثِ طَلْقَاتٍ) لِمَا فِي خَبَرِ اللِّعَانِ أَنَّ الْمُلَاعَنَ قَالَ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَوْ كَانَ بِدْعِيًّا لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ بِاللِّعَانِ وَذَلِكَ لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مِثْلِهِ وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ فَجَازَ مُجْتَمِعًا وَمُتَفَرِّقًا كَعِتْقِ الْعَبِيدِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعِتْقَ مَحْبُوبٌ وَالطَّلَاقُ مَبْغُوضٌ وَكَمَا لَا يَحْرُمُ جَمْعُهَا (لَا يُكْرَهُ وَ) لَكِنْ (يُسْتَحَبُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى طَلْقَةٍ فِي الْقُرْءِ) لِذَاتِ الْأَقْرَاءِ وَفِي الشَّهْرِ لِذَاتِ الْأَشْهُرِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّجْعَةِ أَوْ التَّجْدِيدِ إنْ نَدِمَ (وَإِلَّا فَفِي الْيَوْمِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُفَرِّقْ الطَّلْقَاتِ عَلَى الْأَيَّامِ (وَيُفَرِّقُهُنَّ عَلَى الْحَامِلِ طَلْقَةً فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ خُلْعُهُ فِي الطُّهْرِ الْمَذْكُورِ جَائِزٌ إلَخْ) بَلْ هُوَ حَرَامٌ قَطْعًا فَقَدْ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فِيهِ وَمَا لَمْ تَسْأَلْهُ بِخِلَافِ الْحَيْضِ لِأَنَّ الْبِدْعَةَ فِيهِ لِحَقِّهَا وَقَدْ رَضِيَتْ فَسَقَطَ وَهَاهُنَا الْبِدْعَةُ لِحَقِّ الْوَلَدِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِرِضَاهَا
[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا أَنْ يُرَاجِعَ مُطَلَّقَتُهُ]
(قَوْلُهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا أَنْ يُرَاجِعَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ طَلَّقَهَا لِمَا تَحَقَّقَهُ مِنْ فُجُورِهَا أَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ شَاعَ ذَلِكَ عَنْهَا أَوْ زَنَتْ بَعْدَ طَلَاقِهِ إيَّاهَا وَنَحْوِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُسْتَحَبَّ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا وَلَا تَبْعُدُ كَرَاهَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُرَاغَمَةِ الْغَيْرَةِ وَالْمُرُوءَةِ وَجَلْبِ الْوَقِيعَةِ فِيهِ وَلَا سِيَّمَا إذَا حَمَلَتْ مِنْ زِنًا وَظَهَرَ ذَلِكَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُسْتَحَبَّ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَلَا تَبْعُدُ كَرَاهَتُهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ طَلَّقَ غَيْرَ مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي آخِرِ حَيْضِك]
(قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي) أَيْ أَوْ عِنْدَ. (قَوْلُهُ فَسُنِّيٌّ لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ تَمَّ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي آخِرِ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ أَوْ طُهْرُك فَبِدْعِيٌّ) مِثْلُهُ مَا لَوْ تَمَّ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي آخِرِ الطُّهْرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ مُعْتَدَّةً قَبْلَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ.
(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ أَثِمَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِتَعْصِيبِهِ كَإِنْشَائِهِ الطَّلَاقَ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُخَالِفُهُ وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ يَقَعُ بِدْعِيًّا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ مِنْهُ وَهَذَا كَرَجُلٍ رَمَى إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ آدَمِيًّا فَقَتَلَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ الطَّلَاقُ فِي زَمَانِ الْحَيْضِ وَإِيجَادُ الصِّفَةِ لَيْسَ بِتَكْلِيفٍ نَعَمْ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ يَقْرُبُ إنْ نَظَرْنَا إلَى الْمَعْنَى وَلَوْ وُجِدَ التَّعْلِيقُ وَالصِّفَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالِاخْتِيَارِ فِي حَالِ الْحَيْضِ فَيَظْهَرُ التَّحْرِيمُ نُظِرَ إلَى اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى هَذَا إنْ كَانَ فِي حَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ وُجِدَ التَّعْلِيقُ فِي حَيْضَةٍ وَالصِّفَةُ فِي حَيْضَةٍ أُخْرَى فَفِيهِ احْتِمَالٌ إنْ نَظَرْنَا إلَى اللَّفْظِ لَا إلَى الْمَعْنَى وَقَوْلُهُ أَثِمَ بِإِيقَاعِهِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِوُقُوعِهِ فَإِنَّ الصِّفَةَ وُقُوعٌ لَا إيقَاعٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَثِمَ بِإِيقَاعِ التَّعْلِيقِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
[فَرْعٌ طَلَّقَهَا حَامِلًا بِشُبْهَةٍ أَوْ مِنْ زِنًا سَابِقٍ عَلَى الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ وَلَا فِي عِتْقِ مَوْطُوءَةٍ إلَخْ) لِأَنَّهُ إنْعَامٌ عَلَيْهَا وَهِيَ مُغْتَبِطَةٌ بِهِ وَهُوَ أَبَرُّ لَهَا مِنْ أَنْ يُؤَخِّرَ إعْتَاقَهَا إلَى أَنْ تَطْهُرَ فَرُبَّمَا يَنْدَمُ فَلَا يُعْتِقُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ وَقَدْ يَمُوتُ السَّيِّدُ قَبْلَ طُهْرِهَا فَيَسْتَمِرُّ رِقُّهَا.
(3/265)
الْحَالِ وَيُرَاجَعُ وَأُخْرَى بَعْدَ النِّفَاسِ وَالثَّالِثَةُ بَعْدَ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ) وَقِيلَ يُطَلِّقُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ طَلْقَةً وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي إضَافَتِهِ) أَيْ الطَّلَاقُ (إلَى السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ) بِشَرْطٍ وَبِدُونِهِ (فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ أَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ) مَثَلًا (فَأَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ فَأَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَكَانَتْ حَالَ الْإِضَافَةِ أَوْ الدُّخُولِ فِي حَالِ سُنَّةٍ أَوْ بِدْعَةٍ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَإِلَّا فَحِينَ تُوجَدُ الصِّفَةُ) تَطْلُقُ (فَإِنْ دَخَلَتْ الدَّارَ) فِي صُورَتَيْ التَّطْلِيقِ السَّابِقَتَيْنِ وَكَانَتْ (صَغِيرَةً لَمْ تَحِضْ) أَوْ نَحْوُهَا مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ كَحَامِلٍ (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) وَلَغَا الْوَصْفُ إذْ لَيْسَ فِي طَلَاقِهَا سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ حَاضَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ (فَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (فِي قَوْلِهِ) لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ (لِلسُّنَّةِ بِالطُّهْرِ مِنْ حَيْضٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِي أَحَدِهِمَا) مَعَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَامَعَهَا فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ لِعَدَمِ السُّنَّةِ (وَ) يَقَعُ الطَّلَاقُ (فِي قَوْلِهِ) لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ (لِلْبِدْعَةِ بِظُهُورِ دَمِ الْحَيْضِ أَوْ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي الطُّهْرِ) مَعَ الدُّخُولِ (وَعَلَيْهِ النَّزْعُ) عَقِبَ الْإِيلَاجِ (فَلَوْ اسْتَدَامَ) الْوَطْءَ (مِنْ غَيْرِ نَزْعٍ فَلَا حَدَّ) وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَعُلِمَ التَّحْرِيمُ لِأَنَّ أَوَّلَهُ مُبَاحٌ (وَلَا مَهْرَ) لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْوَطَآتِ وَلَوْ نَزَعَ وَعَادَ فَهُوَ ابْتِدَاءُ وَطْءٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ.
(فَرْعٌ اللَّامُ فِيمَا يُعْهَدُ انْتِظَارُهُ وَتَكَرُّرُهُ لِلتَّأْقِيتِ) كَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ وَهِيَ مِمَّنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا فِي حَالِ السُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ لِأَنَّهُمَا حَالَتَانِ مُنْتَظَرَتَانِ يَتَعَاقَبَانِ تَعَاقُبَ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي وَيَتَكَرَّرَانِ تَكَرُّرَ الْأَسَابِيعِ وَالشُّهُورِ فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ لِرَمَضَانَ مَعْنَاهُ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَأَنْتِ طَالِقٌ نَعَمْ لَوْ قَالَ أَرَدْت الْإِيقَاعَ فِي الْحَالِ قُبِلَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ مَعَ احْتِمَالِ اللَّفْظِ لِذَلِكَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَ) اللَّامُ (فِيمَا لَا يُعْهَدُ) انْتِظَارُهُ وَتَكَرُّرُهُ (لِلتَّعْلِيلِ كَطَلَّقْتُكِ لِرِضَا زَيْدٍ أَوْ لِقُدُومِهِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ) أَوْ لِلسُّنَّةِ (وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَوْ حَامِلٌ) أَوْ نَحْوُهَا (مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ) وَإِنْ لَمْ يَرْضَ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَقْدُمْ وَالْمَعْنَى فَعَلْت هَذَا لِيَرْضَى أَوْ يَقْدُمَ وَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ قَوْلِ السَّيِّدِ أَنْت حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى (فَلَوْ نَوَى) بِهَا (التَّعْلِيقَ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) وَيَدِينُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْت طَلَاقَهَا مِنْ الْوَثَاقِ (وَلَوْ قَالَ فِي الصَّغِيرَةِ وَنَحْوِهَا) أَنْتِ طَالِقٌ (لِوَقْتِ الْبِدْعَةِ) أَوْ لِوَقْتِ السُّنَّةِ (وَنَوَى التَّعْلِيقَ قُبِلَ) لِتَصْرِيحِهِ بِالْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ كَمَا مَرَّ نَقْلُ الْأَصْلُ ذَلِكَ عَنْ بَسِيطِ الْغَزَالِيِّ تَفَقُّهًا وَأَقَرَّهُ (وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ بِرِضَا زَيْدٍ أَوْ بِقُدُومِهِ تَعْلِيقٌ) كَقَوْلِهِ إنْ رَضِيَ أَوْ قَدِمَ (وَقَوْلُهُ) لِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ (لَا لِلسُّنَّةِ كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ وَعَكْسِهِ) أَيْ وَقَوْلُهُ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لَا لِلْبِدْعَةِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَقَوْلُهُ سُنَّةٌ لِطَلَاقٍ أَوْ طَلْقَةٌ سُنِّيَّةٌ كَقَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ وَقَوْلُهُ بِدْعَةُ الطَّلَاقِ أَوْ طَلْقَةٌ بِدْعِيَّةٌ كَقَوْلِهِ لِلْبِدْعَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَائِضٍ وَنَحْوِهَا) مِمَّنْ طَلَاقُهَا بِدْعِيٌّ (إنْ كُنْت فِي حَالِ سُنَّةٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا طَلَاقَ وَلَا تَعْلِيقَ) حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ إذَا صَارَتْ فِي حَالِ السُّنَّةِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ وَأَنْت طَاهِرٌ فَإِنْ قَدِمَ وَهِيَ طَاهِرٌ طَلُقَتْ لِلسُّنَّةِ وَإِلَّا فَلَا تَطْلُقُ لَا فِي الْحَالِ وَلَا إذَا طَهُرَتْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُ وَهِيَ طَاهِرٌ بِمَا إذَا لَمْ يُجَامِعْهَا فِي طُهْرِهَا قَبْلَ الْقُدُومِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدِمَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَا تَطْلُقُ إذَا طَهُرَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنَّ ذَاتَ الْأَقْرَاءِ لَا تَطْلُقُ إلَى آخِرِهِ فَلَمَّا قَدِمَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْآنَ بَلْ بَعْدُ فِي حَالِ السُّنَّةِ (أَوْ) قَالَ لِذَاتِ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ (أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا) أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا (وَقَالَ أَرَدْت) الْوُقُوعَ (فِي الْحَالِ لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَعْمَلُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ لَا فِيمَا يُخَالِفُهُ صَرِيحًا وَإِذَا تَنَافَيَا لَغَتْ النِّيَّةُ وَعُمِلَ بِاللَّفْظِ لِأَنَّهُ أَقْوَى (فَإِنْ قَالَ) لَهَا فِي حَالِ الْبِدْعَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي إضَافَة الطَّلَاقُ إلَى السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ بِشَرْطٍ وَبِدُونِهِ]
الطَّرَفُ الثَّانِي فِي إضَافَتِهِ لِلسُّنَّةِ) (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إلَخْ) قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ بِالسُّنَّةِ أَوْ فِي السُّنَّةِ كَقَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلطَّاعَةِ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ صَغِيرَةً لَمْ تَحِضْ أَوْ نَحْوَهَا إلَخْ) لَوْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً لَمْ يَقَعْ فِي زَمَانِ الشَّكِّ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ كَانَتْ مُتَحَيِّرَةً فَمَا الْحُكْمُ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَقَدْ يَشْمَلُهُ كَلَامُ الدَّارِمِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي الطُّهْرِ) مِثْلُ إيلَاجِ الزَّوْجِ إيلَاجُ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ.
(قَوْلُهُ وَاللَّامُ فِيمَا لَا يُعْهَدُ لِلتَّعْلِيلِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ بِهَا (قَوْلُهُ لِرِضَا زَيْدٍ) أَوْ لِفُلَانٍ (قَوْلُهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَوْ حَامِلٌ) هَلْ الْمُتَحَيِّرَةُ فِي مَعْنَى الصَّغِيرَةِ وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لَمْ أَرَ لَهُمْ فِيهَا شَيْئًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ فِي مَعْنَى الصَّغِيرَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فَعَلْت هَذَا لِيَرْضَى إلَخْ) لِأَنَّ اللَّامَ وَضَعَهَا لِلتَّعْلِيلِ وَإِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي التَّوْقِيتِ إذَا اقْتَرَنَتْ بِذِكْرِ الْوَقْتِ أَوْ بِمَا مَرَّ وَيَجْرِي مَجْرَى الْوَقْتِ وَلَمْ يُوجَدُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَحُمِلَ عَلَى التَّعْلِيلِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ مَنْ يَعْرِفُ الْوَضْعَ وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ بِرِضَا زَيْدٍ إلَخْ) أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ بِرِضَا اللَّهِ تَعَالَى يَعْتِقُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ رِضَاهُ بِهِ.
[فَرْعٌ قَالَ لِحَائِضٍ وَنَحْوِهَا إنْ كُنْت فِي حَالِ سُنَّةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدِمَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الْقُدُومُ وَهِيَ طَاهِرٌ قَدْ وُجِدَ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا صِفَةُ السُّنَّةِ فَنَنْظُرُ فَإِذَا وُجِدَتْ طَلُقَتْ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنَّ ذَاتَ الْأَقْرَاءِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَعْمَلُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ) لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَا لَفْظَ لَهُ (قَوْلُهُ لَا فِيمَا يُخَالِفُهُ صَرِيحًا) لِأَنَّ قَوْلَهُ طَلَاقًا سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ طَلْقَةً حَسَنَةً أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهِ لَيْسَتْ صَرِيحَةً بَلْ ظَاهِرَةً
(3/266)
(أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا الْآنَ) أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا الْآنَ (وَقَعَ) فِي الْحَالِ (لِلْإِشَارَةِ) إلَى الْوَقْتِ وَيَلْغُو اللَّفْظُ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ طَلَّقْتُك لَا لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْبِدْعَةِ أَوْ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا وَقَعَ فِي الْحَالِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ ذَاتَ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ أَمْ لَا لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ فَحَالُهَا مَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَتْ فَالْوَصْفَانِ مُتَنَافِيَانِ فَسَقَطَا وَبَقِيَ أَصْلُ الطَّلَاقِ (فَإِنْ أَرَادَ بِالسُّنِّيِّ الْوَقْتَ وَالْبِدْعِيِّ الثَّلَاثَ فِي قَوْلِهِ) لِذَاتِ أَقْرَاءٍ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا (سُنِّيًّا بِدْعِيًّا قُبِلَ وَإِنْ تَأَخَّرَ الطَّلَاقُ) أَيْ وُقُوعُهُ لِأَنَّ ضَرَرَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ أَكْثَرُ مِنْ فَائِدَةِ تَأَخُّرِ الْوُقُوعِ.
(فَصْلٌ لَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ فَالصَّغِيرَةُ وَنَحْوُهَا) مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ (تَطْلُقُ فِي الْحَالِ ثَلَاثًا) كَمَا لَوْ وَصَفَهَا كُلَّهَا بِالسُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ (وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ) تَطْلُقُ (طَلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ وَطَلْقَةً) ثَالِثَةً (فِي الْحَالِ الثَّانِي) لِأَنَّ التَّبْعِيضَ يَقْتَضِي التَّشْطِيرَ ثُمَّ يَسْرِي كَمَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ بَعْضُهَا لِزَيْدٍ وَبَعْضُهَا لِعَمْرٍ وَيُحْمَلُ عَلَى التَّشْطِيرِ (فَلَوْ قَالَ أَرَدْت عَكْسَهُ) أَيْ إيقَاعَ طَلْقَةٍ فِي الْحَالِ وَطَلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ الثَّانِي (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ اسْمَ الْبَعْضِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ الْأَجْزَاءِ (وَلَوْ أَرَادَ بَعْضَ كُلِّ طَلْقَةٍ) أَيْ إيقَاعَهُ فِي الْحَالِ (وَقَعَ الثَّلَاثُ فِي الْحَالِ) بِطَرِيقِ التَّكْمِيلِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا (بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَسَكَتَ وَهِيَ فِي حَالِ السُّنَّةِ) أَوْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ (وَقَعَ فِي الْحَالِ وَاحِدَةٌ) فَقَطْ لِأَنَّ الْبَعْضَ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ النِّصْفِ وَإِنَّمَا حُمِلَ فِيمَا مَرَّ عَلَى التَّشْطِيرِ لِإِضَافَتِهِ الْبَعْضَيْنِ إلَى الْحَالَيْنِ فَسَوَّى بَيْنَهُمَا (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (خَمْسًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا فِي الْحَالِ) أَخْذًا بِالتَّشْطِيرِ وَالتَّكْمِيلِ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَةٌ لِلسُّنَّةِ وَطَلْقَةٌ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ طَلْقَةٌ فِي الْحَالِ وَ) وَقَعَ (فِي الْمُسْتَقْبَلِ طَلْقَةٌ وَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَتَيْنِ لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ وَقَعَ الْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ الطَّلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ وَصْفٌ لِلطَّلْقَتَيْنِ فِي الظَّاهِرِ فَيَلْغُو لِلتَّنَافِي وَيَبْقَى الطَّلْقَتَانِ وَهَذَا (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ) فَإِنَّهُ يَقَعُ الْجَمِيعُ فِي الْحَالِ (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ أَحْسَنُ الطَّلَاقِ وَأَتَمُّهُ وَنَحْوُهُ) مِنْ صِفَاتِ الْمَدْحِ كَأَجْمَلِهِ وَأَفْضَلِهِ وَأَعْدَلِهِ (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلسُّنَّةِ) فَلَا يَقَعُ إنْ كَانَتْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى حَالِ السُّنَّةِ.
(وَأَقْبَحِهِ) أَيْ وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ أَقْبَحُ الطَّلَاقِ (وَنَحْوُهُ) مِنْ صِفَاتِ الذَّمِّ كَأَسْمَجِهِ وَأَفْضَحِهِ وَأَفْحَشِهِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْحَرَجِ) أَوْ طَلَاقُ الْحَرَجِ (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ) فَلَا يَقَعُ إنْ كَانَ فِي حَالِ السُّنَّةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى حَالِ الْبِدْعَةِ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْحُسْنِ الْبِدْعِيَّ) لِأَنَّهُ فِي حَقِّهَا أَحْسَنُ لِسُوءِ خُلُقِهَا (وَبِالْقَبِيحِ السَّيِّئَ) لِحُسْنِ عِشْرَتِهَا (لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا إلَّا فِيمَا يَضُرُّهُ) بِأَنْ كَانَتْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ فِي الْأُولَى وَفِي حَالِ السُّنَّةِ فِي الثَّانِيَةِ فَيُقْبَلُ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ وَفِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ (وَإِنْ فَسَّرَ الْقَبِيحَ بِالثَّلَاثِ قُبِلَ) مِنْهُ وَهَذِهِ قَدَّمَهَا مَعَ زِيَادَةِ قَبِيلِ الْفَصْلِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ هُنَا فَإِنْ فَسَّرَ كُلَّ صِفَةٍ بِمَعْنًى فَقَالَ أَرَدْت كَوْنَهَا حَسَنَةً مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ وَقَبِيحَةً مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ حَتَّى تَقَعَ الثَّلَاثُ أَوْ بِالْعَكْسِ قُبِلَ مِنْهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ.
(وَإِنْ قَالَ لِطَاهِرٍ غَيْرِ مَمْسُوسَةٍ أَنْت طَالِقٌ فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً وَالْقُرْءُ) هُنَا (هُوَ الطُّهْرُ) وَإِنْ لَمْ يَحْتَوِشْ بِدَمَيْنِ لِصِدْقِ الِاسْمِ وَإِنَّمَا شُرِطَ الِاحْتِوَاشُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِتَكَرُّرِ الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِإِظْهَارِ احْتِوَاشِهَا الدِّمَاءَ (بَانَتْ فِي الْحَالِ بِطَلْقَةٍ فَإِنْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا قَبْلَ الطُّهْرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَقَوْلَا عَوْدِ الْحِنْثِ) يَجْرِيَانِ فِي وُقُوعِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْعَوْدِ (أَوْ) جَدَّدَهُ (بَعْدَهُمَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) الْأُولَى قَوْلُ الْأَصْلِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ قَبْلَ التَّجْدِيدِ (أَوْ) قَالَهُ لِطَاهِرٍ (مَمْسُوسَةٍ وَقَعَ لِكُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةٌ) سَوَاءٌ أَجَامَعَهَا فِيهِ أَمْ لَا وَتَكُونُ الطَّلْقَةُ سُنِّيَّةً إنْ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ وَبِدْعِيَّةً إنْ جَامَعَهَا فِيهِ وَتُشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ بِالطَّلْقَةِ الْأُولَى أَمَّا إذَا قَالَهُ لِحَائِضٍ فَلَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْقُرْءَ عِنْدَنَا الطُّهْرُ كَمَا مَرَّ (أَوْ) قَالَهُ (لِحَامِلٍ أَوْ صَغِيرَةٍ أَوْ آيِسَةٍ) كُلٌّ مِنْهُمَا مَمْسُوسَةٌ (وَقَعَ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ) كَمَا مَرَّ فِي غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ (فَإِنْ رَاجَعَ الْحَمْلَ وَقَعَتْ أُخْرَى بِالطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ ثُمَّ تُسْتَأْنَفُ الْعِدَّةُ) لِهَذِهِ الطَّلْقَةِ سَوَاءٌ أَوْطَأَهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ أَمْ لَا (فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْوَضْعِ فَإِنْ كَانَتْ الْحَامِلُ حَائِضًا) وَقْتَ التَّعْلِيقِ (لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ) لِتُوجَدَ الصِّفَةُ (وَلَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ طُهْرِهَا لِأَنَّ الْحَمْلَ قُرْءٌ وَاحِدٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْقُرْءَ مَا دَلَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَهَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ مَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ سُنِّيًّا الْآنَ) أَوْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
[فَرْعٌ قَالَ طَلَّقْتُك لَا لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْبِدْعَةِ أَوْ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا]
(قَوْلُهُ أَوْ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا) أَوْ طَلْقَةً حَسَنَةً قَبِيحَةً أَوْ جَمِيلَةً فَاحِشَةً أَوْ لِلْحَرَجِ وَالْعَدْلِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ]
(قَوْلُهُ لِأَنَّ اسْمَ الْبَعْضِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ الْأَجْزَاءِ) أَيْ حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ بَعْضُهَا لِزَيْدٍ وَبَعْضُهَا لِعَمْرٍو ثُمَّ فَسَّرَ الْبَعْضَ بِدُونِ النِّصْفِ قُبِلَ (قَوْلُهُ كَأَجْمَلِهِ وَأَفْضَلِهِ إلَخْ) أَيْ وَأَكْمَلِهِ وَأَجْوَدِهِ أَوْ خَيْرَ الطَّلَاقِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لِلطَّاعَةِ.
(قَوْلُهُ وَأَفْحَشِهِ) أَيْ وَأَفْظَعِهِ وَأَرْدَئِهِ وَأَتْلَفَهُ وَشَرِّ الطَّلَاقِ وَأَضَرِّهِ وَأَمَرِّهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْحَسَنِ الْبِدْعِيَّ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت بِقَوْلِي أَحْسَنِ الطَّلَاقِ أَعْجَلَهُ أَوْ لَمْ أَعْرِفْ مَعْنَاهُ.
(قَوْلُهُ وَالْقُرْءُ هُنَا الطُّهْرُ) لَا شَكَّ أَنَّا وَجَدْنَا هُنَا قَرِينَةً تَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالطُّهْرِ وَهِيَ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ لَمَّا كَانَ حَرَامًا كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ عَدَمَ إرَادَتِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ وَإِرَادَةَ الْمَعْنَى الْآخَرِ وَحِينَئِذٍ صَارَ هَذَا الْحُكْمُ عَامًّا لِمَنْ يَعْلَمُ تَحْرِيمَ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ أَيْضًا وَلَوْ كَافِرًا
(3/267)
الْحَمْلِ وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْقُرْءَ هُنَا الطُّهْرُ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ) لَهَا أَنْت طَالِقٌ (فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً) فَإِنَّ طَلَاقَهَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ طُهْرِهَا (وَإِنْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (تَكَرَّرَ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ الْأَقْرَاءِ) وَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ مِنْهُ.
(فَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ (بِكُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً لِلسُّنَّةِ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَكَمَا ذُكِرَ فِيمَا لَوْ لَمْ يَقُلْ لِلسُّنَّةِ (إلَّا أَنَّ ذَاتَ الْأَقْرَاءِ لَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ فِي طُهْرٍ جُومِعَتْ فِيهِ) لِعَدَمِ وَصْفِ السُّنَّةِ (وَمَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا) إمَّا (لِلسُّنَّةِ أَوْ بِلَا قَيْدٍ وَنَوَى التَّفْرِيقَ) لَهَا (عَلَى الْأَقْرَاءِ مُنِعَ) أَيْ لَمْ يُقْبَلْ (ظَاهِرًا) لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ دَفْعَةً فِي حَالِ السُّنَّةِ فِي الْأُولَى وَفِي الْحَالِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يُعَارِضُهُ فِي الْأُولَى ذِكْرُ السُّنَّةِ إذْ لَا سُنَّةَ فِي التَّفْرِيقِ (إلَّا إنْ تَلَفَّظَ بِالسُّنَّةِ وَكَانَ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ) لِلثَّلَاثِ كَالْمَالِكِيِّ فَيَقْبَلُ ظَاهِرُ الْمُوَافَقَةِ تَفْسِيرَهُ اعْتِقَادَهُ وَتَبِعَ فِي تَقْيِيدِهِ بِالسُّنَّةِ أَصْلَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَمَلًا بِاعْتِقَادِ الْحَالِفِ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَأُمِرَتْ) زَوْجَتُهُ (بِالِامْتِنَاعِ) مِنْهُ ظَاهِرًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا فِيهِ (وَجَازَ) لَهُ (الْوَطْءُ) لَهَا (بَاطِنًا) إذَا رَاجَعَهَا وَكَانَ صَادِقًا وَفِي ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ (وَلَهَا التَّمْكِينُ) مِنْ وَطْئِهِ لَهَا (إنْ صَدَّقَتْهُ) بِقَرِينَةٍ (وَهَذَا مَعْنَى التَّدْيِينُ) وَهُوَ لُغَةً أَنْ تَكِلَهُ إلَى دِينِهِ وَإِذَا صَدَّقَتْهُ فَرَآهُمَا الْحَاكِمُ مُجْتَمِعَيْنِ فَهَلْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ أَقْوَاهُمَا فِي الْكِفَايَةِ نَعَمْ (وَيُدَيَّنُ مَنْ طَلَّقَ صَغِيرَةً لِلسُّنَّةِ) أَوْ بِلَا قَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ (وَقَالَ أَرَدْت إذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ) لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَانْتَظَمَ مَعَ كَوْنِ اللَّفْظِ لَيْسَ نَصًّا فِي إفْرَادِهِ (وَإِنْ قَالَ) (أَنْت طَالِقٌ وَأَرَادَ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (لَا إنْ شَاءَ اللَّهُ دُيِّنَ) وَالْفَرْقُ أَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْوَهُ كَأَنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ بِرَفْعِ حُكْمِ الطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ وَمَا عَدَاهُ مِنْ صُوَرِ التَّعْلِيقِ يُخَصِّصُهُ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ وَقَوْلُهُ مِنْ وَثَاقٍ تَأْوِيلٌ وَصَرْفٌ لِلَّفْظِ مِنْ مَعْنًى إلَى مَعْنًى فَكَفَتْ فِيهِ النِّيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً قَالَ فِي الْأَصْلِ وَشَبَّهُوا ذَلِكَ بِالنَّسْخِ لَمَّا كَانَ رَفْعًا لِلْحُكْمِ بِالْكُلِّيَّةِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِاللَّفْظِ بِخِلَافِ التَّخْصِيصِ فَلِذَلِكَ جَازَ بِاللَّفْظِ وَبِغَيْرِهِ كَالْقِيَاسِ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ النُّسَخُ جَائِزٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الصَّحِيحِ كَالتَّخْصِيصِ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ.
(وَلَوْ خَصَّصَ عَامًّا كَنِسَائِي) طَوَالِقُ (أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَأَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً دُيِّنَ) لِمَا مَرَّ (وَلَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ (ظَاهِرًا) لِمُخَالَفَتِهِ عُمُومَ اللَّفْظِ الْمَحْصُورِ إفْرَادُهُ الْقَلِيلَةُ (إلَّا بِقَرِينَةٍ) تُشْعِرُ بِإِرَادَةِ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ غَيْرِ الطَّلَاقِ (كَحَلِّهَا مِنْ وَثَاقٍ) عِنْدَ قَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت حَلَّهَا مِنْ وَثَاقِهَا (وَقَوْلُ الْمُسْتَثْنَاةِ وَهِيَ تُخَاصِمُهُ تَزَوَّجْت) عَلَيَّ إذَا قَالَ عَقِبَهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصِمَةِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِقُوَّةِ إرَادَتِهِ بِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِأَكْلِ خُبْزٍ) أَوْ نَحْوِهِ (ثُمَّ فَسَّرَ بِنَوْعٍ خَاصٍّ) فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ وَمَا حُكِيَ عَنْ النَّصِّ فِي لَا آكُلُ مِنْ أَنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِنَوْعٍ يُحْمَلُ عَلَى وُجُودِ الْقَرِينَةِ أَوْ عَلَى الْقَبُولِ بَاطِنًا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ (وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت) التَّكْلِيمَ (شَهْرًا لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ) فَلَا تَطْلُقُ إذَا كَلَّمَتْهُ بَعْدَ شَهْرٍ وَهَذَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحَقِّ آدَمِيٍّ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ ثُمَّ قَالَ قَصَدْت شَهْرًا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَالضَّابِطُ) فِيمَا يُدَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يُدَيَّنُ (أَنَّهُ إنْ فَسَّرَ) كَلَامَهُ (بِمَا يَرْفَعُ الطَّلَاقَ فَقَالَ) بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (أَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ) عَلَيْك (أَوْ) أَرَدْت (إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ (أَوْ) فَسَّرَهُ (بِتَخْصِيصٍ بِعَدَدٍ كَطَلَّقْتُك ثَلَاثًا وَأَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ) كَقَوْلِهِ (أَرْبَعَتُكُنَّ) طَوَالِقُ (وَأَرَادَ إلَّا ثَلَاثَةً لَمْ يُدَيَّنْ وَإِنْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ (مِنْ مُقَيِّدٍ لِلطَّلَاقِ أَوْ صَارِفٍ) لَهُ (إلَى مَعْنًى آخَرَ أَوْ مُخَصِّصٍ) لَهُ بِبَعْضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْقُرْءَ هُنَا الطُّهْرُ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ لِلِابْتِدَاءِ قُوَّةً فَأَثَّرَ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ الْخَالِي عَنْ الِاحْتِوَاشِ.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَهَا التَّمْكِينُ إنْ صَدَّقَتْهُ) فَإِنْ قَالَتْ لَا أَعْلَمُ صِدْقَهُ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَهَا وَإِذَا عَلِمَ الْقَاضِي الْحَالَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَتَحْرُمُ بِهِ بَاطِنًا وَقَبْلَ تَفْرِيقِهِ لَيْسَ لِمَنْ ظَنَّ صِدْقَ الزَّوْجِ نِكَاحُهَا وَفِيمَا بَعْدَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا تَحْرِيمُهُ (قَوْلُهُ أَقْوَاهُمَا فِي الْكِفَايَةِ نَعَمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِلَا قَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ قَالَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّسْخُ بِالْقِيَاسِ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ كَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَاخْتَارَهُ وَحَكَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ إنَّهُ الْمَذْهَبُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك فَلَا نَقْلَ فِيهَا وَكَثِيرًا مَا يُسْأَلُ عَنْهَا وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ فِيهَا أَنَّهُ إنْ قَدَّمَ غَيْرَ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ أَخَّرَهَا فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك وَلَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُهَا طَلُقَتْ وَهَكَذَا أَقُولُ فِي إلَّا إنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي إلَّا أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا طَلُقَتْ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَرَأَيْت فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُهَا قَالَ الشَّيْخُ الْقَفَّالُ إنْ قَالَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ طَلُقَتْ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَصِحُّ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ قَالَ الْقَفَّالُ وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ طَالِقٌ إلَّا عَمْرَةَ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ سِوَاهَا طَلُقَتْ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا) لَوْ ادَّعَى فِي الْمُشْتَرَكِ إرَادَةَ أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ قُبِلَ ظَاهِرًا عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ بِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ) فَإِنَّ قَصْدَهُ تَصْدِيقُ نَفْسِهِ وَنَفْيُ التُّهْمَةِ وَأَنَّهُ مَا أَوْحَشَهَا بِإِدْخَالِ ضِرَّةٍ عَلَيْهَا وَمَنْعِهَا مِنْ سُؤَالِ الطَّلَاقِ.
(3/268)
نِسَائِهِ (كَقَوْلِهِ) بَعْدَ أَنْتِ طَالِقٌ (أَرَدْت إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (أَوْ) أَنَّك (طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ) أَرَدْت (إلَّا فُلَانَةَ بَعْدَ) قَوْلِهِ (كُلُّ امْرَأَةٍ) لِي طَالِقٌ (أَوْ نِسَائِي) طَوَالِقُ (دُيِّنَ) وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ لَفْظَ الْأَرْبَعَةِ وَنَحْوَهَا مِنْ الْأَعْدَادِ نَصٌّ فِي الْعَدَدِ الْمَعْلُومِ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي بَعْضِهِ غَيْرُ مَفْهُومٍ بِخِلَافِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لِمَمْسُوسَةٍ كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَوَلَدَتْ وَاحِدًا طَلُقَتْ بِالطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (أَوْ) وَلَدَتْ (تَوْأَمَيْنِ مَعًا فَطَلْقَتَيْنِ) تَطْلُقُ (بِالطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ أَيْضًا) لِأَنَّهَا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ وَكُلَّمَا تَقْضِي التَّكْرَارَ (فَلَوْ تَعَاقَبَا) بِأَنْ وَلَدَتْ أَحَدَهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ (طَلُقَتْ) طَلْقَةً (بِوِلَادَةِ الْأَوَّلِ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (لَا) طَلْقَةً أُخْرَى (بِالطُّهْرِ مِنْ) وِلَادَةِ (الثَّانِي لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهِ) أَيْ بِوَضْعِهِ (أَوْ) قَالَ لَهَا (كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ) لِلسُّنَّةِ (فَوَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ وَفِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ طَلُقَتْ) طَلْقَةً (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ (فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَطْهُرَ) مِنْ النِّفَاسِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَطَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتَطْلُقُ طَلْقَةً أُخْرَى وَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا إنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ وَإِلَّا فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَطْهُرَ كَذَا ذَكَرُوهُ (وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا) وَلَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِهَا ثَالِثٌ (لَا تَطْلُقُ لِانْقِضَاءِ عِدَّةِ) الطَّلَاقِ (الْمُتَجَزِّئَةِ) أَيْ بِوَضْعِ الْآخَرِ أَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا فَنَكَحَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ فَلَا تَقَعُ طَلْقَةٌ أُخْرَى بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ.
(وَإِنْ قَالَ لِحَامِلٍ مِنْ زِنًا أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَالْحَمْلُ كَالْمَعْدُومِ) إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُ (فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَمْسُوسَةٍ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ أَوْ) كَانَتْ (مَمْسُوسَةً وَلَمْ تَرَ الدَّمَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ النِّفَاسِ وَكَذَا) إنْ رَأَتْهُ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ (الْحَيْضِ إنْ عَلَّقَ وَهِيَ حَائِضٌ) كَالْحَائِلِ بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ حَيْثُ يَقَعُ طَلَاقُهَا فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا إذْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ كَمَا مَرَّ.
(وَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (بِصِيغَةِ الشَّكِّ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ لَا فِي الْحَالَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا بَلْ (فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ الْيَقِينُ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا لَا تَطْلُقُ حَتَّى يَجِيءَ الْغَدُ وَهَذَا فِيمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ أَمَّا غَيْرُهَا فَيَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً سُنِّيَّةً) أَوْ حَسَنَةً (فِي دُخُولِ الدَّارِ كَإِذَا) أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً سُنِّيَّةً أَوْ حَسَنَةً إذَا (دَخَلْت الدَّارَ) فَتَطْلُقُ إذَا دَخَلَتْهَا طَلْقَةً سُنِّيَّةً حَتَّى لَوْ كَانَتْ فِي حَيْضٍ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ أَوْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ أَوْ جَامَعَهَا فِيهِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ (قَالَهُ) إسْمَاعِيلُ (الْبُوشَنْجِيُّ وَإِنْ عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِالسُّنَّةِ وَهِيَ طَاهِرٌ فَادَّعَى جِمَاعَهَا فِيهِ) حَتَّى لَا تَطْلُقَ فِي الْحَالِ وَأَنْكَرَتْ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَكَمَا لَوْ قَالَ الْمَوْلَى وَالْعِنِّينُ جَامَعْت قَالَهُ الْبُوشَنْجِيُّ أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ (وَ) قَوْلُهُ لَهَا (طَلَّقْتُك طَلَاقًا كَالثَّلْجِ أَوْ كَالنَّارِ يَقَعُ فِي الْحَالِ) وَيَلْغُو التَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنْ قَصَدَ التَّشْبِيهَ بِالثَّلْجِ فِي الْبَيَاضِ وَبِالنَّارِ فِي الْإِضَاءَةِ طَلُقَتْ فِي زَمَنِ السُّنَّةِ أَوْ التَّشْبِيهَ بِالثَّلْجِ فِي الْبُرُودَةِ وَبِالنَّارِ فِي الْحَرَارَةِ وَالْإِحْرَاقِ طَلُقَتْ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ. .
الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ
الْأَوَّلُ مِنْ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ الْمُطَلِّقُ وَشَرْطُ تَنْجِيزِهِ وَتَعْلِيقِهِ
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ وَهِيَ خَمْسَةٌ)
(الْأَوَّلُ الْمُطَلِّقُ وَشَرْطُ تَنْجِيزِهِ وَتَعْلِيقِهِ التَّكْلِيفُ) وَالِاخْتِيَارُ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَمُخْتَارٍ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بَعْدَ الْأَهْلِيَّةِ لِفَسَادِ عِبَارَتِهِ وَلِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» وَيُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ وَسَيَأْتِي.
الرُّكْنُ الثَّانِي فِيمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ
الْأَوَّلُ فِي اللَّفْظِ وَهُوَ) (صَرِيحٌ) وَهُوَ مَا لَا يَحْتَمِلُ ظَاهِرُهُ غَيْرَ الطَّلَاقِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ (وَكِنَايَةٍ) وَهِيَ مَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ فَهِيَ (تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ فَالصَّرِيحُ الطَّلَاقُ وَالسَّرَاحُ) بِفَتْحِ السِّينِ (وَالْفِرَاقُ) وَالْخُلْعُ وَالْمُفَادَاةُ كَمَا تَقَدَّمَ لِاشْتِهَارِهَا فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ أَوْ طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ) أَوْ مِنْ الْعَمَلِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِمَمْسُوسَةٍ كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ]
(قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا لَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ) قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْحَامِلَ مِنْ شُبْهَةٍ لَيْسَ طَلَاقُهَا سُنِّيًّا وَلَا بِدْعِيًّا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ طَلَاقَهَا لَا يَسْتَعْقِبُ شُرُوعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَحَدُّ الْبِدْعِيِّ مُنْطَبِقٌ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِدْعِيٌّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الطَّلَاقِ)
(قَوْلُهُ وَشَرْطُ تَنْجِيزِهِ وَتَعْلِيقِهِ التَّكْلِيفُ) قَدْ يُتَصَوَّرُ طَلَاقُ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ فِيمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا فِي حَالِ التَّكْلِيفِ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ إلَخْ) السَّكْرَانُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَلَكِنْ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ التَّكَالِيفِ كَمَا أَنَّ الْمُرْتَدَّ الْمَجْنُونَ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعُقَلَاءِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِعَاقِلٍ وَهَذَا مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّ السَّكْرَانَ مُكَلَّفٌ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ فِي حَالِ سُكْرِهِ بِالْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى مَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُهُ وَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ كَوْنِ السَّكْرَانِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ ظَاهِرًا وَاعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ وَقَوْلُهُ وَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَمْ يَصِحَّ وُقُوفُهُ قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ وُقُوعُ حَجِّ الْمَجْنُونِ نَفْلًا.
[الرُّكْنُ الثَّانِي فِيمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ]
[الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي لَفْظِ الطَّلَاقُ]
(قَوْلُهُ فَالصَّرِيحُ الطَّلَاقُ وَالسَّرَاحُ وَالْفِرَاقُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الدَّارِمِيُّ قَالَ ابْنُ خَيْرَانَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا الطَّلَاقَ فَهُوَ صَرِيحُهُ حَسْبُ أَيْ وَالْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ كِنَايَةٌ لَهُ قَطْعًا وَنَحْوُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ فِي الْحِلْيَةِ لَوْ قَالَ عَرَبِيٌّ فَارَقْتُك وَلَمْ يَعْرِفْ عُرْفَ الشَّرْعِ الْوَارِدِ فِيهِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا يُحَرِّمُ وَمَا قَالَاهُ ظَاهِرٌ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ إنَّ كُلَّ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ أَحْرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الصَّرِيحِ سَوَاءٌ كَانَ
(3/269)
وَوُرُودِهَا فِي الْقُرْآنِ مَعَ تَكَرُّرِ بَعْضِهَا فِيهِ وَإِلْحَاقِ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهَا بِمَا تَكَرَّرَ بِجَامِعِ اسْتِعْمَالِهِمَا فِيمَا ذُكِرَ (كَأَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقٌ) بِالتَّشْدِيدِ (وَيَا طَالِقُ وَيَا مُطَلَّقَةُ) بِالتَّشْدِيدِ (أَمَّا مُطْلَقَةٌ بِالتَّخْفِيفِ فَكِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِهَا الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ (وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ الطَّلَاقُ أَوْ طَلِقَةٌ أَوْ نِصْفُ طَلِقَةٍ أَمَّا أَنْتِ كُلٌّ طَلِقَةٌ وَنِصْفُ طَالِقٍ فَصَرِيحٌ) لَيْسَ أَنْتِ كُلٌّ طَلِقَةٌ فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ بَلْ فِي السَّقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَ مِنْهَا صَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ إذْ الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ وَاَلَّذِي فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ أَنَّ أَنْتِ لَك طَلِقَةٌ بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الْكَافِ صَرِيحٌ أَمَّا أَنْتِ كُلٌّ طَلِقَةٌ فَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ كَأَنْتِ طَلِقَةٌ (وَالْفِعْلُ مِنْ لَفْظَيْ الطَّلَاقِ وَالسَّرَاحِ صَرِيحٌ) كَفَارَقْتُك وَسَرَّحْتُك فَهُمَا كَطَلَّقْتُك (وَالْمُشْتَقُّ مِنْهُمَا) كَمُفَارَقَةٍ وَمُسَرَّحَةٍ (كَالْمُشْتَقِّ مِنْ الطَّلَاقِ) أَيْ كَمُطَلَّقَةٍ (وَ) قَوْلُهُ (أَنْتِ وَطَلِقَةٌ أَوْ وَأَنْتِ وَالطَّلَاقُ) أَيْ قَرَنْت بَيْنَكُمَا (كِنَايَةٌ) وَلَا مَعْنًى لِلْوَاوِ وَالثَّانِيَةُ فِي أَوْ وَأَنْتِ (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ مِنْ الْعَمَلِ وَسَرَّحْتُك إلَى كَذَا وَفَارَقْتُك فِي الْمَنْزِلِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (كِنَايَةٌ إنْ قَارَنَهُ الْعَزْمُ عَلَى الزِّيَادَةِ) الَّتِي أَتَى بِهَا (أَوْ تَوَسَّطَ) هـ (لَا إنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ فَقَالَ مِنْ وَثَاقٍ) أَوْ نَحْوَهُ فَلَا تَكُونُ كِنَايَةً بَلْ صَرِيحٌ فَتَأْثِيرُ النِّيَّةِ مَشْرُوطٌ بِالْإِتْيَانِ بِهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا يَأْتِي أَوَّلَ الْفَصْلِ الْآتِي.
(وَتَرْجَمَةُ) لَفْظِ (الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ) لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي مَعْنَاهَا عِنْدَ أَهْلِهَا شُهْرَةَ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عَدَمِ صَرَاحَةٍ نَحْوِ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ عِنْدَ النَّوَوِيِّ بِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ ذَاكَ وَإِنْ اشْتَهَرَ فِيهِ (وَ) تَرْجَمَةُ (صَاحِبَيْهِ) أَيْ الطَّلَاقُ وَهُمَا الْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ (كِنَايَةٌ) كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي تَرْجَمَتِهِمَا الْوَجْهَانِ فِي تَرْجَمَةِ الطَّلَاقِ لَكِنْ بِالتَّرْتِيبِ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الصَّرَاحَةِ لِأَنَّ تَرْجَمَتَهُمَا بَعِيدَةٌ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ فِي الطَّلَاقِ قَالَ الْإِمَامُ وَهُوَ أَظْهَرُ وَبِهِ أَجَابَ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ انْتَهَى وَعِبَارَةُ الْإِمَامِ هُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَعِبَارَةُ الرُّويَانِيِّ فِي حِلْيَتِهِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا عِنْدِي وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ اخْتِيَارٌ لَهُمَا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَبِهِ جَزَمَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ فِي الْخُلْعِ عَنْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَكَلَامُ الْمُحَرَّرِ يَقْتَضِيهِ وَقَدْ بَسَطَ الْأَذْرَعِيُّ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ فَالْمَذْهَبُ مَا فِي الْمُحَرَّرِ لَا مَا فِي الرَّوْضَةِ (وَ) قَوْلُهُ (أَلْقَيْت عَلَيْك طَلْقَةً صَرِيحٌ وَفِي وَضَعْت عَلَيْك) طَلْقَةً (أَوْ لَك طَلْقَةٌ) (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ لِوُجُودِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَضَمَّنْ إيقَاعًا. وَقَوْلُ الْقَائِلِ لَك هَذَا الثَّوْبُ يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ عَنْ الْمِلْكِ وَيَحْتَمِلُ الْهِبَةَ وَقِيَاسٌ صَرَاحَةً أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي تَرْجِيحُ صَرَاحَةً وَضَعْت عَلَيْك طَلْقَةً وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِ صَرَاحَةً لَك طَلْقَةٌ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا كِنَايَةٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
عِنْدَنَا صَرِيحًا أَمْ كِنَايَةً وَكُلُّ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ كِنَايَةً أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْكِنَايَةِ وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا عِنْدَنَا لِأَنَّا نَعْتَبِرُ عُقُودَهُمْ فِي شِرْكِهِمْ بِمُعْتَقِدِهِمْ فَكَذَا إطْلَاقُهُمْ. اهـ. وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ التَّصْرِيحَ بِخِلَافِهِ وَلَا رِفَاقِهِ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا حَكَمْنَا فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ بَيْنَهُمْ بِمَا نَحْكُمُ بِهِ بَيْنَنَا نَعَمْ لَا نَتَعَرَّضُ إلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ تَرَافُعٍ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ حَكَمْنَا فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) أَيْ وَأَنْتِ سَرَاحٌ أَوْ السَّرَاحُ أَوْ أَنْتِ أَطْلَقُ مِنْ امْرَأَةٍ فُلَانٍ وَامْرَأَةُ فُلَانٍ مُطَلَّقَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ نِصْفُ طَالِقٍ فَصَرِيحٌ) كَقَوْلِهِ نِصْفُك طَالِقٌ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ إنْ أَنْتِ لَك طَلْقَةٌ بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الْكَافِ إلَخْ) سَتَأْتِي هَذِهِ فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُمَا (فَرْعٌ) فِي الْوَدَائِعِ لِابْنِ سُرَيْجٍ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ كُلَّ تَطْلِيقٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ لِلطَّلَاقِ غَايَةً وَهَذِهِ غَايَتُهُ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ الْعَمَلِ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا يَعْمَلُ كَبَنَاتِ الْمُلُوكِ (قَوْلُهُ وَفَارَقْتُك فِي الْمَنْزِلِ كِنَايَةٌ) قَدْ ذَكَرُوا فِيمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَقَالَ لِإِحْدَاهُنَّ فَارَقْتُك أَنَّهُ فَسْخٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ (قَوْلُهُ إنْ قَارَنَهُ الْعَزْمُ عَلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي أَتَى بِهَا) فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالزِّيَادَةِ وَنَوَاهَا قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ الطَّلَاقِ دُيِّنَ فَإِنْ كَانَتْ قَرِينَةٌ كَمَا لَوْ قَالَهُ وَهُوَ يُحِلُّهَا مِنْ وَثَاقٍ قُبِلَ ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ.
(فَرْعٌ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَا كِدْت أَنْ أُطَلِّقَك فَهُوَ إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّفْيَ الدَّاخِلَ عَلَى كَادَ أَنْ لَا يُثْبِتَهُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَأَخَذْنَاهُ بِهِ لِلْعُرْفِ.
(قَوْلُهُ وَتَرْجَمَةُ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ) سُئِلْت عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ وَهُوَ لَا يُفَرِّقُ هُوَ وَلَا قَوْمُهُ بَيْنَ الطَّاءِ وَالتَّاءِ فَيَنْطِقُونَ بِالتَّاءِ مَكَانَ الطَّاءِ فَقَالَ أَنْت تَالِقٌ أَوْ التَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ وَالشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ وَالسِّرَاجُ الْعَبَّادِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعَصْرِيِّينَ وَقَاسُوهُ عَلَى تَرْجَمَةِ الطَّلَاقِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ تَرْجَمَةَ الطَّلَاقِ مَوْضُوعَةٌ فِي لُغَةِ الْعَجَمِ لِلطَّلَاقِ فَلَمْ تَحْتَمِلْ غَيْرَهُ بِخِلَافِ التَّلَاقِ بِالتَّاءِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِغَيْرِ الطَّلَاقِ فَإِذَا اُشْتُهِرَ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ يَكُونُ كِنَايَةً فِيهِ كَحَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَحْوِهِ فَأَجَبْت بِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمَذْكُورَةَ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا إلَّا بِنِيَّةٍ وَقَدْ شَمِلَهَا قَوْلُهُمْ إذَا اُشْتُهِرَ فِي الطَّلَاقِ سِوَى الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ الصَّرِيحَةِ كَحَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ فَفِي الْتِحَاقِهِ بِالصَّرِيحِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْمُتَقَدِّمُونَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا. اهـ. وَيُؤَيِّدُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهَا عِنْدَ نِيَّتِهِ أَنَّ حَرْفَ التَّاءِ قَرِيبٌ مِنْ مَخْرَجِ الطَّاءِ وَيُبْدَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الْوَالِدُ فِي " لَازِمٌ لِي، وَوَاجِبٌ عَلَيَّ " مَمْنُوعٌ. (قَوْلُهُ كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَلَامٌ الصَّغِيرُ يَفْهَمُهُ وَالْفَرْقُ اشْتِهَارُ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي كُلِّ لُغَةٍ بِخِلَافِ لَفْظِ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ) هُوَ الْأَصَحُّ.
(3/270)
(فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْكِنَايَةِ نِيَّةٌ) بِالْإِجْمَاعِ (مُقَارِنَةٌ) لِلَّفْظِ. (وَلَوْ) كَانَتْ مُقَارِنَةً (لِبَعْضِ اللَّفْظِ) كَفِي وَالِاكْتِفَاءِ بِالْبَعْضِ وَلَوْ بِآخِرِهِ صَحِيحُهُ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا وَنَقَلَ فِي تَنْقِيحِهِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهَا لِأَوَّلِ اللَّفْظِ فَلَا يَكْفِي وُجُودُهَا بَعْدَهُ إذْ انْعِطَافُهَا عَلَى مَا مَضَى بَعِيدٌ بِخِلَافِ اسْتِصْحَابِ مَا وُجِدَ وَلِأَنَّهَا إذَا وُجِدَتْ فِي أَوَّلِهِ عُرِفَ قَصْدُهُ مِنْهُ فَالْتَحَقَ بِالصَّرِيحِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ نَصُّ الْأُمِّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَبِهِ الْفَتْوَى كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الشَّرْحَيْنِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ لَهُ أَنَّهُ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَصَحَّحَ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ اشْتِرَاطَ مُقَارَنَتِهَا لِجَمِيعِ اللَّفْظِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَاللَّفْظُ الَّذِي يُعْتَبَرُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ هُوَ لَفْظُ الْكِنَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ.
فَمَثَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ لِقَرْنِهَا بِالْأَوَّلِ بِقَرْنِهَا بِالْبَاءِ مِنْ بَائِنٍ وَالْآخَرَانِ بِقَرْنِهَا بِالْخَاءِ مِنْ خَلِيَّةٍ لَكِنْ مَثَّلَ لَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ بِقَرْنِهَا بِأَنْتِ مِنْ أَنْتِ بَائِنٌ وَصَوَّبَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْأَوَّلَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْكِنَايَاتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ جُعِلَتْ لِصَرْفِ اللَّفْظِ إلَى أَحَدِ مُحْتَمَلَاتِهِ وَالْمُحْتَمَلُ إنَّمَا هُوَ بَائِنٌ مَثَلًا وَأَمَّا أَنْتِ فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْمُخَاطَبِ لَكِنْ أَثْبَتَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ وَأَيَّدَ الِاكْتِفَاءَ بِهَا عِنْدَ أَنْتِ بِمَا إذَا أَوْقَعَ أَنْتِ زَمَنَ الطُّهْرِ وَطَالِقٌ زَمَنَ الْحَيْضِ فَإِنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ قَالَ يَكُونُ الطَّلَاقُ سُنِّيًّا وَيَحْصُلُ لَهَا قُرْءٌ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَنْتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جُزْءًا مِنْ الْكِنَايَةِ فَهُوَ كَالْجُزْءِ مِنْهَا لِأَنَّ مَعْنَاهَا الْمَقْصُودَ لَا يَتَأَدَّى بِدُونِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْكِنَايَةُ (كَأَنْتِ خَلِيَّةٌ) وَ (بَرِيَّةٌ) أَيْ مِنِّي وَ (بَتَّةٌ) وَ (بَتْلَةٌ) أَيْ مَقْطُوعَةُ الْوَصْلَةِ وَ (بَائِنٌ) مِنْ الْبَيْنِ وَهُوَ الْفِرَاقُ.
(وَحَرَامٌ وَلَوْ) مَعَ عَلَيَّ أَوْ (زَادَ) فِيهِ (أَبَدًا) فَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ صَرِيحًا لِأَنَّ التَّحْرِيمَ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ وَقَدْ يُظَنُّ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ بِالْيَمِينِ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ وَأَنْتِ (حُرَّةٌ) وَ (وَاحِدَةٌ) وَ (اعْتَدِّي) أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِلْعِدَّةِ فِي الْجُمْلَةِ (وَتَسَتَّرِي) أَيْ لِأَنَّك حَرُمْت عَلَيَّ بِالطَّلَاقِ فَلَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَرَاك (وَاسْتَبْرِئِي زَوْجَك) وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَ (الْتَحِقِي بِأَهْلِك) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك سَوَاءٌ أَكَانَ لَهَا أَهْلٌ أَمْ لَا وَ (حَبْلُك عَلَى غَارِبِك) أَيْ خَلَّيْت سَبِيلَك كَمَا يُخَلَّى الْبَعِيرُ فِي الصَّحْرَاءِ وَزِمَامُهُ عَلَى غَارِبِهِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الظَّهْرِ وَارْتَفَعَ مِنْ الْعِتْقِ لِيَرْعَى كَيْف شَاءَ (لَا أَنْدَهُ سَرْبَك) أَيْ لَا أَهْتَمُّ بِشَأْنِك لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَأَنْدَهُ أَزْجُرُ وَالسَّرْبُ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ مَا يُرْعَى مِنْ الْمَالِ كَالْإِبِلِ وَذَكَرَ الْمُطَرِّزِيُّ أَنَّ السِّرْبَ بِكَسْرِ السِّينِ الْجَمَاعَةُ مِنْ الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ فَيَجُوزُ كَسْرُ السِّينِ هُنَا أَيْضًا (وَاعْزُبِي) بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ زَايٍ أَيْ تَبَاعَدِي عَنِّي.
وَ (اُغْرُبِي) بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ رَاءٍ أَيْ صِيرِي غَرِيبَةً بِلَا زَوْجٍ وَ (اذْهَبِي) أَيْ إلَى أَهْلِك لِأَنِّي طَلَّقْتُك (لَا اذْهَبِي إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ (إنْ نَوَاهُ بِمَجْمُوعِهِ) لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ بَلْ هُوَ لِاسْتِدْرَاكِ مُقْتَضَى قَوْلِهِ اذْهَبِي فَإِنْ نَوَاهُ بِقَوْلِهِ اذْهَبِي وَقَعَ وَ (وَدَعِينِي) وَ (بَرِئْت مِنْك وَلَا حَاجَةَ لِي فِيك) أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَ (تَجَرَّعِي) أَيْ كَأْسَ الْفِرَاقِ وَ (ذُوقِي) أَيْ مَرَارَتَهُ وَ (تَزَوَّدِي) أَيْ اسْتَعِدِّي لِلُّحُوقِ بِأَهْلِك فَقَدْ طَلَّقْتُك (وَيَا بِنْتِي إنْ أَمْكَنَ) كَوْنُهَا بِنْتَه وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَادَةِ لِلْمُلَاطَفَةِ وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ (وَتَزَوَّجِي) وَانْكِحِي أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (وَأَحْلَلْتُك) أَيْ لِلْأَزْوَاجِ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (وَرَدَدْت عَلَيْك الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ) هَذَا كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَإِنْ قَالَ رَدَدْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَكِنَايَةٌ فِي وَاحِدَةٍ (وَفَتَحْت عَلَيْك الطَّلَاقَ) أَيْ أَوْقَعْته وَفِي نُسْخَةٍ الطَّرِيقَ وَفِي أُخْرَى طَرِيقِي أَيْ لِلْوَصْلَةِ إلَى الْأَزْوَاجِ (وَلَعَلَّ اللَّهَ يَسُوقُ إلَيْك الْخَيْرَ) أَيْ بِالطَّلَاقِ (وَبَارَكَ اللَّهُ لَك) أَيْ فِي الْفِرَاقِ (لَا إنْ قَالَ) بَارَكَ اللَّهُ (فِيك) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ لِأَنَّ مَعْنَاهُ بَارَكَ اللَّهُ لِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي كِنَايَةِ الطَّلَاق النِّيَّة]
فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْكِنَايَةِ نِيَّةٌ) (قَوْلُهُ وَالِاكْتِفَاءُ بِالْبَعْضِ وَلَوْ بِآخِرِهِ صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا) لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُقُوعِ وَقَدْ قَارَنَتْهُ النِّيَّةُ (قَوْلُهُ لَكِنْ مَثَّلَ لَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ بِقَرْنِهَا بَانَتْ مِنْ أَنْتِ بَائِنٌ) مَعْلُومٌ أَنَّ نِيَّتَهُ بِبَائِنٍ طَالِقٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الطَّلَاقَ بِمَجْمُوعِ قَوْلِهِ اذْهَبِي إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَى بَيْتِ أَبَوَيَّ لَا يَحْتَمِلُهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ أَثْبَتَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ وَأَيَّدَ الِاكْتِفَاءَ بِهَا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ فِيمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَظَرٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ النُّبَلَاءِ لِأَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ إنَّمَا قَالَ بِكَوْنِهِ سَيِّئًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِمَجْمُوعِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ بَلْ شَرَعَ فِي التَّطْلِيقِ حَالَةَ الطُّهْرِ فَلَمْ يَقْصِدْ تَطْوِيلَ الْعِدَّةِ وَلَا نِزَاعَ أَنَّ لِقَوْلِهِ أَنْتِ أَثَرًا فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَلِذَلِكَ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ بِكَوْنِهِ سُنِّيًّا وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ قُرْءٌ فَبَعِيدٌ جِدًّا لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ اللَّفْظِ أَوْ مَعَ آخِرِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ إلَّا فِي حَالِ الْحَيْضِ وَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَقَعَ سُنِّيًّا (قَوْلُهُ وَبَائِنٌ) هِيَ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ كَطَالِقٍ وَيَجُوزُ فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ بَائِنَةٌ (قَوْلُهُ وَحَرَامٌ وَلَوْ زَادَ أَبَدًا إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَضَافَ إلَى قَوْلِهِ تَصَدَّقْت صَدَقَةً لَا تُبَاعُ أَوْ لَا تُوهَبُ فَإِنَّ الْأَصَحَّ صَرَاحَتُهُ فِي الْوَقْفِ وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَهُمَا بِثَلَاثَةِ فُرُوقٍ أَحَدُهُمَا أَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ مَحْصُورَةٌ بِخِلَافِ الْوَقْفِ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ بَيْنُونَةٍ مُحَرَّمَةٍ لَا تَحِلُّ لِي أَبَدًا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالطَّلَاقِ بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَفْسُوخُ وَالزَّائِدُ فِي أَلْفَاظِ الْوَقْفِ يَخْتَصُّ بِالْوَقْفِ الثَّالِثِ تَصَدَّقْت بِكَذَا يَقْتَضِي زَوَالَ الْمِلْكِ وَلَهُ مَحْمَلَانِ مَحْمِلُ الصَّدَقَةِ الَّتِي تَحْتَمِلُ الْمِلْكَ وَمَحْمِلُ الصَّدَقَةِ الَّتِي هِيَ الْوَقْفُ فَالزِّيَادَةُ تُعَيِّنُ الْمَحْمَلَ الثَّانِي بِخِلَافِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ خَطَأٌ (قَوْلُهُ وَتَجَرَّعِي) أَمَّا جَرَّعْتنِي وَغَصِصْتنِي فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ (قَوْلُهُ وَأَحْلَلْتُك) أَوْ أَنْتِ أَوْلَى النَّاسِ بِنَفْسِك أَوْ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرِي فِيك أَوْ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك فِي أَوْ أَبْعَدَك اللَّهُ أَوْ أَحْلَلْت أُخْتَك لِي
(3/271)
فِيك وَهُوَ يَشْعُرُ بِرَغْبَتِهِ فِيهَا (وَوَهَبْتُك لِأَهْلِك أَوْ لِلنَّاسِ) أَوْ لِأَبِيك أَوْ لِلْأَزْوَاجِ أَوْ لِلْأَجَانِبِ فَهُوَ كِنَايَةُ.
(وَكَذَا حَلَالُ اللَّهِ) أَوْ حِلُّ اللَّهِ (عَلَيَّ حَرَامٌ) أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (وَلَوْ تَعَارَفُوهُ طَلَاقًا) وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّ الصَّرِيحَ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْقُرْآنِ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ الْحُرُمُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ مَا فَعَلْت كَذَا (فَلَوْ حَلَفَ بِهِ وَلَهُ نِسَاءٌ فَحَنِثَ طَلُقَتْ إحْدَاهُنَّ) فَقَطْ (إنْ لَمْ يُرِدْ الْجَمِيعَ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ (فَلْيُعَيِّنْهَا) كَمَا لَوْ حَلَفَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ الْجَمِيعَ وَقَعَ عَلَيْهِنَّ (وَكُلِي) أَيْ زَادَ الْفِرَاقِ (وَاشْرَبِي) أَيْ شَرَابَهُ (لَا قُومِي وَأَغْنَاك اللَّهُ) وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ إلَّا بِتَعَسُّفٍ كَأَحْسَنَ اللَّهُ جَزَاءَك وَمَا أَحْسَنَ وَجْهَك وَتَعَالِي وَاقْرُبِي وَاغْزِلِي وَاقْعُدِي.
(وَالْعِتْقُ) أَيْ صَرَائِحُهُ (وَكِنَايَاتُهُ كِنَايَاتٌ) فِي الطَّلَاقِ كَعَكْسِهِ أَيْ كَمَا أَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتِهِ كِنَايَاتٌ فِي الْعِتْقِ لِمَا بَيْنَ مِلْكَيْ النِّكَاحِ وَالْيَمِينِ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ (لَا) قَوْلُهُ (اعْتَدَّ وَاسْتَبْرِئْ رَحِمَك) إنْ قَالَهُ (لِلْعَبْدِ) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ الْعِتْقُ وَإِنْ نَوَاهُ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ (وَأَمَّا) قَوْلُهُ (أَنَا مِنْك طَالِقٌ أَوْ خَلِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ) أَوْ نَحْوُهَا (فَكِنَايَةٌ) إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقُهَا وَقَعَ لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا حَيْثُ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا فَصَحَّ حَمْلُ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهِ عَلَى حِلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِهَذَا الْحَجْرِ مَعَ النِّيَّةِ فَاللَّفْظُ مِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ كِنَايَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ أَنَا مِنْك حُرٌّ لَيْسَ كِنَايَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُحِلُّ النِّكَاحَ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالْعِتْقُ يُحِلُّ الرِّقَّ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْعَبْدِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقَهَا لَمْ تَقَعْ سَوَاءٌ أَنَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ أَمْ طَلَاقَ نَفْسِهِ أَمْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا لِأَنَّهُ إضَافَةٌ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ مِنْ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحَلِّهِ وَتَصْوِيرُهُمْ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ لَفْظَةِ مِنْك وَكَلَامُ الْقَاضِي يَقْتَضِي عَدَمَ اعْتِبَارِهَا وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ وَلِهَذَا حَذَفَهَا الدَّارِمِيُّ (لَا اسْتَبْرِئِي رَحِمِي مِنْك) أَوْ أَنَا مُعْتَدٌّ مِنْك فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ لِاسْتِحَالَتِهِ فِي حَقِّهِ (وَالظِّهَارُ كِنَايَةٌ فِي عِتْقِ الْأَمَةِ) فَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَتْ لِأَنَّهُ لَا نَفَاذَ لِلظِّهَارِ فِيهَا كَمَا لَا نَفَاذَ لِلطَّلَاقِ فِيهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَصْلُحُ كِنَايَةً عَنْ الْعِتْقِ (لَا فِي الطَّلَاقِ) إذْ لَيْسَ الظِّهَارُ كِنَايَةً فِيهِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ كِنَايَةً فِي الظِّهَارِ وَإِنْ احْتَمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ لِمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ مِنْ إفَادَةِ التَّحْرِيمِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَنْفِيذُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَلَا يُشْكِلُ بِأَنْتِ حَرَامٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ نَفَذَ لِأَنَّ هَذَا صَرِيحُ اشْتِهَارٍ أَوْ مَا فِي الْقَاعِدَةِ صَرِيحٌ وَضْعًا عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ ظِهَارًا) (وَقَعَ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَجَازَ أَنْ يُكَنِّيَ عَنْهُ بِالْحَرَامِ (وَلَوْ نَوَاهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ تَخَيَّرَ) وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ مِنْهُمَا وَلَا يَثْبُتَانِ جَمِيعًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُزِيلُ النِّكَاحَ وَالظِّهَارَ يَسْتَدْعِي بَقَاءَهُ وَقِيلَ إنْ نَوَى فِي الثَّانِيَةِ الظِّهَارَ أَوَّلًا صَحَّا مَعًا أَوْ الطَّلَاقَ أَوَّلًا وَكَانَ بَائِنًا فَلَا مَعْنَى لِلظِّهَارِ بَعْدَهُ أَوْ رَجْعِيًّا كَانَ الظِّهَارُ مَوْقُوفًا فَإِنْ رَاجَعَهَا فَهُوَ صَحِيحٌ وَالرَّجْعَةُ عَوْدٌ وَإِلَّا فَهُوَ لَغْوٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ.
لَكِنْ رَجَّحَ فِي الْأَنْوَارِ الثَّانِيَ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْأَصْلُ ذِكْرًا وَمَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ تَعَاقُبِ الْبَيِّنَتَيْنِ مُؤَيِّدٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِقَرْنِ النِّيَّةِ لِبَعْضِ اللَّفْظِ (أَوْ) نَوَى (تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ وَطْئِهَا) أَوْ فَرْجِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَوْ رَأْسِهَا كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَطْلَقَ ذَلِكَ أَوْ أَقَّتَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَكُلِي وَاشْرَبِي إلَخْ) وَكُلِي وَاشْرَبِي مِنْ كِيسِك فَإِنَّك قَدْ طَلُقْت.
(قَوْلُهُ وَالْعِتْقُ وَكِنَايَاتُهُ كِنَايَاتٌ فِي الطَّلَاقِ كَعَكْسِهِ) لَوْ وَكَّلَ سَيِّدُ الْأَمَةِ زَوْجَهَا فِي عِتْقِهَا أَوْ عَكْسِهِ فَطَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا وَقَالَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ مَعًا وَقَعَا وَيَصِيرُ كَإِرَادَةِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِذَا تَأَمَّلْت مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ كِنَايَاتِ الْعِتْقِ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ تَوَقَّفْت فِي كَوْنِ كَثِيرٍ مِنْهَا كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ لِلَّهِ وَيَا مَوْلَايَ وَيَا مَوْلَاتِي وَإِذَنْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ مَا أَطْلَقُوهُ هُنَا عَلَى إرَادَةِ الْغَالِبِ لَا أَنَّ كُلَّ كِنَايَةٍ هُنَاكَ كِنَايَةٌ هُنَا (قَوْلُهُ لَا أَعْتَدُّ وَاسْتَبْرِ رَحِمَك لِلْعَبْدِ) قَالَ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ الْحُسْبَانِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْتَحِقَ بِهَذَا مَا لَوْ قَالَ تَقَنَّعْ أَوْ تَسَتَّرْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُخَاطَبُ بِهِ عَادَةً لِبُعْدِهِ عَنْ الْمُرَادِ وَلَوْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ فَوَجْهَانِ وَيَنْبَغِي اخْتِصَاصُهُمَا بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَمَةُ مَوْطُوءَةً فَإِنْ كَانَتْ كَانَ ذَلِكَ كِنَايَةً قَطْعًا وَأَلْحَقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ كَالْمَيْتَةِ أَوْ كَالْخِنْزِيرِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ خِدْمَتُك عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلَهُ تَجَرَّعِي وَذُوقِي فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَلَا يَجْرِي فِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ إلَّا إذَا كَانَ مُرَادُهُ دَوَامَ الْمِلْكِ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ كِنَايَةً (قَوْلُهُ وَتَصْوِيرُهُمْ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي اعْتِبَارُ لَفْظَةِ مِنْك) وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّهُ إذَا حُذِفَ لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ مَذْكُورًا وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى نِيَّتِهِ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا قَالَ طَالِقٌ وَنَوَى أَنْتِ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الزَّوْجَةِ إنْ وَقَوْلُ الزَّوْجِ طَلَّقْت نَفْسِي كَقَوْلِهِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَإِنْ كَانَ لَهُ زَوْجَاتٌ وَقَصَدَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ فَيُعَيِّنُ.
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ ظِهَارًا]
(فَصْلٌ قَالَ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ) (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ نَوَى فِي الثَّانِيَةِ الظِّهَارَ أَوَّلًا صَحَّا مَعًا إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ هَذَا التَّفْصِيلُ فَاسِدٌ عِنْدِي لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ إذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّصَرُّفَاتُ لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ بِإِرَادَتِهِمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ اهـ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمِنْهَاجِ وَلِذَا أَطْلَقَ الْإِرْشَادُ كَأَصْلِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُحَرَّرِ وَإِنْ نَوَاهُمَا مَعًا فَمَعْنَاهُ جَمِيعًا لِيُوَافِقَ إطْلَاقَ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَا الْمَعِيَّةَ الْمُقَابِلَةَ لِلتَّرْتِيبِ صَوْنًا لِكَلَامِهِ عَنْ الِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ أَوْ تَحْرِيمُ عَيْنِهَا أَوْ وَطْئِهَا كُرِهَ وَلَمْ تَحْرُمْ إلَخْ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ
(3/272)
(كُرِهَ) لِإِيجَابِهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْكَرَاهَةُ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي الظِّهَارِ (وَلَمْ تَحْرُمْ) هِيَ عَلَيْهِ لِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَالَ إنِّي جَعَلْت امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامًا فَقَالَ كَذَبْت لَيْسَتْ عَلَيْك حَرَامًا ثُمَّ تَلَا {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ} [التحريم: 1] (وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ) وَإِنْ لَمْ يَطَأْ كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ أَخْذًا مِنْ قِصَّةِ «مَارِيَةَ لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: 1] {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] » أَيْ أَوْجَبَ عَلَيْكُمْ كَفَّارَةً كَكَفَّارَةِ أَيْمَانِكُمْ (وَلَيْسَ ذَلِكَ يَمِينًا) لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ (وَكَذَا) يُكْرَهُ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ وَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ يَمِينًا (إذَا لَمْ يَنْوِ) بِهِ (شَيْئًا) لِعُمُومِ مَا مَرَّ وَشُمُولِ كَلَامِهِ لِمَا عَدَا لُزُومَ الْكَفَّارَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ) (قَالَ أَرَدْت بِهِ الْيَمِينَ مِنْ الْوَطْءِ) أَيْ عَلَى تَرْكِهِ (لَمْ تَسْقُطْ الْكَفَّارَةُ) إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِأَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَهَذَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ (وَلَوْ) (حَرَّمَ) الشَّخْصُ (غَيْرَ الْإِبْضَاعِ) كَأَنْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الطَّعَامُ أَوْ الْعَبْدُ حَرَامٌ عَلَيَّ (فَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِبْضَاعِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالِاحْتِيَاطِ وَلِشِدَّةِ قَبُولِهَا التَّحْرِيمَ بِدَلِيلِ تَأْثِيرِ الظِّهَارِ فِيهَا دُونَ الْأَمْوَالِ وَكَالْأَمْوَالِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّخْصِ لِآخَرَ لَيْسَ بِزَوْجَةٍ وَلِأَمَةٍ لَهُ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ.
وَأَمَّا الْأَمَةُ فَقَدْ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِتَحْرِيمِ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُحَرَّمِ) لِقِصَّةِ مَارِيَةَ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ كَأُخْتِهِ لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ (وَفِي) وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ (الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَنَحْوِهَا) كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَالْمُسْتَبْرَأَةِ (وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِي زَوْجَةٍ أَحْرَمَتْ أَوْ اعْتَدَّتْ بِشُبْهَةٍ) أَحَدُهُمَا لَا لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا وَثَانِيهِمَا نَعَمْ لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِاسْتِبَاحَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ وَجَزَمَ الرُّويَانِيُّ بِالْأَوَّلِ فِي أَمَتِهِ الْمُعْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْقَاضِي بِهِ فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْمُرْتَدَّةِ (وَلَا كَفَّارَةَ) بِذَلِكَ (فِي رَجْعِيَّةٍ) لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا (وَوَجَبَتْ فِي حَائِضٍ وَصَائِمَةٍ وَنَحْوِهَا) كَنُفَسَاءَ وَمُصَلِّيَةٍ لِأَنَّهَا عَوَارِضُ سَرِيعَةُ الزَّوَالِ فَإِنْ أَرَادَ تَحْرِيمَ وَطْئِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (هَذَا) أَيْ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِتَحْرِيمِ أَمَتِهِ الْمَذْكُورَةِ (إذَا نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِ الْأَمَةِ) أَوْ نَحْوِ عَيْنِهَا مِمَّا مَرَّ (أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَى عِتْقًا نَفَذَ) لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِيهِ (أَوْ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا لَغَا) لِاسْتِحَالَتِهِمَا فِي حَقِّ الْأَمَةِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (حَرَّمَ كُلَّ مَا يَمْلِكُ وَلَهُ نِسَاءٌ وَإِمَاءٌ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَتَكْفِيه) كَفَّارَةٌ (وَاحِدَةٌ) كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ جَمَاعَةً فَكَلَّمَهُمْ وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ أَنْتُنَّ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَمَا نَقَلَهُ فِي الظِّهَارِ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ فِي هَذِهِ ضَعِيفٌ وَلِهَذَا حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ (وَلَوْ حَرَّمَ زَوْجَتَهُ مَرَّاتٍ) كَأَنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (فِي مَجْلِسٍ كَفَاهُ كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ (وَكَذَا) فِي (مَجَالِسَ وَنَوَى التَّأْكِيدَ لَا) إنْ نَوَى (الِاسْتِئْنَافَ) فَلَا يَكْفِيه كَفَّارَةٌ بَلْ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَرَّاتِ وَمِثْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَا لَوْ نَوَاهُ مَعَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ خِلَافَهُ (فَإِنْ أَطْلَقَ فَقَوْلَانِ) أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ التَّعَدُّدِ كَمَا فِي تَكَرُّرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَ) قَوْلُهُ لَهَا (أَنْت حَرَامٌ) (كِنَايَةٌ) فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ (إنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ) فَإِنْ قَالَهَا فَهُوَ صَرِيحٌ.
(فَرْعٌ لَوْ) (قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ) أَوْ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ (فَكَقَوْلِهِ) أَنْتِ (حَرَامٌ عَلَيَّ) فِيمَا مَرَّ وَشُمُولُ كَلَامِهِ لِمَا عَدَا لُزُومَ الْكَفَّارَةِ فِيمَا إذَا نَوَى التَّحْرِيمَ أَوْ أَطْلَقَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا تَرْجِيحُ لُزُومِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ظَاهِرِ النَّصِّ وَعَنْ الْإِمَامِ ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (لَا إنْ قَصَدَ) بِهِ (الِاسْتِئْنَافَ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
[فَرْعٌ لَا يَلْحَقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ سُؤَالُ الْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ]
(فَرْعٌ) (لَا يَلْحَقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ سُؤَالُ الْمَرْأَةِ) الطَّلَاقَ (وَلَا قَرِينَةٌ) مِنْ غَضَبٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ خِلَافَ مَا تُشْعِرُ بِهِ الْقَرِينَةُ وَاللَّفْظُ فِي نَفْسِهِ مُحْتَمِلٌ (وَلَا) يَلْحَقُهَا بِهِ (مُوَاطَأَةٌ كَالتَّوَاطُؤِ عَلَى جَعْلِ) قَوْلِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَطَلَّقْتُك) كَأَنْ قَالَ مَتَى قُلْت لِامْرَأَتِي أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنِّي أُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا (بَلْ يَكُونُ ابْتِدَاءً) أَيْ كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ بِهِ لِاحْتِمَالِ تَغْيِيرِ نِيَّتِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا مُوَاطَأَةَ إلَى آخِرِهِ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ (وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الْأَصْحَابُ (إنَّ) قَوْلَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّشْرِيكُ هُنَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ لَا يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ اتِّفَاقًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ طَلُقَتْ وَلَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَحْرُمْ وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ) وَإِنْ اشْتَهَرَ لَفْظُ الْحَرَامِ فِي الطَّلَاقِ وَاللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ حِلُّ الْوَطْءِ عَلَى إخْرَاجِهَا كَمَا يَتَوَقَّفُ الْوَطْءُ فِي الظِّهَارِ وَعَلَى التَّكْفِيرِ وَالْفَرْقُ غِلَظُ حُرْمَةِ الظِّهَارِ فَإِنَّ النُّطْقَ بِهِ حَرَامٌ وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْ الْكَبَائِرِ وَأَمَّا النُّطْقُ بِالتَّحْرِيمِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ (قَوْلُهُ وَكَالْأَمْوَالِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّخْصِ لِآخَرَ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ بِتَحْرِيمِ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُحْرِمِ) شَمِلَ الْمُسْتَوْلَدَةَ (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَبْرَأَةُ) أَيْ وَالْمُكَاتَبَةُ (قَوْلُهُ أَوْ اعْتَدَّتْ بِشُبْهَةٍ) أَيْ أَوْ ارْتَدَّتْ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَا لِصِدْقِهِ فِي وَضْعِهَا) هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ لِاسْتِحَالَتِهِمَا فِي حَقِّ الْأَمَةِ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُمْهُورُ وَإِنْ قَالَ الرِّيمِيُّ فِي نِيَّةِ الظِّهَارِ أَنَّهُ كَمَا لَوْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا.
[فَرْعٌ حَرَّمَ عَلَى نَفْسه كُلَّ مَا يَمْلِكُ وَلَهُ نِسَاءٌ وَإِمَاءٌ]
(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَا لَوْ نَوَاهُ مَعَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ التَّعَدُّدِ) هُوَ الْأَصَحُّ.
(3/273)
(أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ صَرِيحٌ فِي الْكَفَّارَةِ مَجَازٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَعْنَى لُزُومِ الْكَفَّارَةِ) أَيْ لَيْسَ لُزُومُهَا مَعْنًى لِلَّفْظِ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِهِ (فَإِنْ) (ادَّعَتْ) فِي تَلَفُّظِهِ بِكِنَايَةِ (نِيَّتِهِ) لِلطَّلَاقِ (فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَتْ) يَمِينَ الرَّدِّ (حُكِمَ بِالطَّلَاقِ) فَرُبَّمَا كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ ثُمَّ جَحَدَ أَوْ اُعْتُمِدَتْ قَرَائِنُ يَجُوزُ الْحَلِفُ بِمِثْلِهَا.
[فَصْلٌ مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ فِي الطَّلَاق مُتَعَلِّقَةٍ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ]
(فَصْلٌ) فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ (وَقَوْلُهُ) لَهَا (لَمْ يَبْقَ بَيْنِي وَبَيْنَك شَيْءٌ وَبَيْعٌ) (الطَّلَاقُ) لَهَا (بِصِيغَتِهِ) أَيْ الْبَيْعُ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ (بِلَا عِوَضٍ) أَوْ بِعِوَضٍ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْخُلْعِ (أَوْ) قَوْلُهُ (أَبْرَأْتُك أَوْ عَفَوْت عَنْك أَوْ بَرِئْت مِنْ نِكَاحِك أَوْ بَرِئْت إلَيْك مِنْ طَلَاقِك) (كِنَايَةٌ) وَمَعْنَاهُ فِي الْآخِرَةِ تَبَرَّأْت مِنْك بِوَاسِطَةِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْك (لَا) قَوْلُهُ (بَرِئْت مِنْ طَلَاقِك) فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَاهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَبْعُدُ إيقَاعُهُ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِهِ بَرِئْت مِنْ عُهْدَتِهِ أَوْ مِنْ سَبَبِ إيقَاعِهِ فَإِنَّ سَبَبَهُ مِنْك.
(وَقَوْلُهُ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ لَا فَرْضٌ) عَلَيَّ (صَرِيحٌ) لِلْعُرْفِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَعَدَمُهُ فِي الثَّالِثِ قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُزَنِيّ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فَهُوَ كِنَايَةٌ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّهُ صَرِيحٌ وَهُوَ الْأَوْجَهُ بَلْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْحَقُّ فِي هَذَا الزَّمَنِ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ فَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ.
(وَ) قَوْلُهُ (طَلَّقَك اللَّهُ وَأَعْتَقَك اللَّهُ وَأَبْرَأَك اللَّهُ لِزَوْجَتِهِ) فِي الْأُولَى (وَأَمَتِهِ) فِي الثَّانِيَةِ وَغَرِيمِهِ فِي الثَّالِثَةِ (صَرِيحٌ) فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْإِبْرَاءِ إذْ لَا يُطَلِّقُ اللَّهُ وَلَا يُعْتِقُ وَلَا يُبْرِئُ إلَّا وَالزَّوْجَةُ طَالِقٌ وَالْأَمَةُ مُعْتَقَةٌ وَالْغَرِيمُ بَرِيءٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ بَاعَك اللَّهُ وَأَقَالَك كِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ وَيُعْرَفُ بِأَنَّ الصِّيَغَ هُنَا قَوِيَّةٌ لِاسْتِقْلَالِهَا بِالْمَقْصُودِ بِخِلَافِ صِيغَتَيْ الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ.
(وَ) قَوْلُهُ (طَلَاقُك عَلَيَّ وَلَسْت زَوْجَتِي) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (كِنَايَةٌ) وَفَارَقَ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا عَلَيَّ الطَّلَاقُ عَلَى قَوْلِ الصَّيْمَرِيِّ بِاحْتِمَالِهِ طَلَاقُك فَرْضٌ عَلَيَّ مَعَ عَدَمِ اشْتِهَارِهِ بِخِلَافِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ (وَيَقَعُ بِأَنْتِ طَالِقَانِ وَطَوَالِقُ طَلْقَةٌ) فَقَطْ (وَكَذَا) يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ (أَنْت طَالِقٌ بِالتَّرْخِيمِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ (وَقِيلَ لَا يَقَعُ بِهِ وَإِنْ نَوَى وَإِنْ قَالَ ذُو زَوْجَةٍ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا أَنْت طَلُقَتْ لِلِاسْتِغْرَاقِ) لِأَنَّهُ يَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ (كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك وَسِوَاك) أَيْ أَوْ سِوَاك (طَالِقٌ) فَلَا تَطْلُقُ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَوَجْهُهُ أَنَّ إلَّا أَصْلُهَا الِاسْتِثْنَاءُ فَلَزِمَ الِاسْتِغْرَاقُ إذْ هُوَ إخْرَاجٌ بَعْدَ إدْخَالٍ، وَغَيْرُ وَنَحْوُهَا أَصْلُهُمَا الصِّفَةُ فَيَكُونُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَى الْمُغَايَرَةِ لِلْمُخَاطَبَةِ فَقَطْ وَسَوَّى السُّبْكِيّ بَيْنَ إلَّا وَغَيْرِهِ فَقَالَ الَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ قَدَّمَ غَيْرَ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ أَخَّرَهَا طَلُقَتْ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي إلَّا فَإِنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي إلَّا أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ طَلُقَتْ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَالْعَجَبُ مِنْ صَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ إلَّا وَغَيْرِهَا مُسْتَنِدًا إلَى كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَكَلَامُ الْخُوَارِزْمِيَّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إلَّا وَغَيْرِهَا وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ (وَبِخِلَافِ قَوْلِهِ لِنِسْوَةٍ هِيَ) أَيْ زَوْجَتُهُ (فِيهِنَّ أَنْتُنَّ طَوَالِقُ إلَّا هَذِهِ) وَأَشَارَ إلَيْهَا أَوْ إلَّا زَوْجَتِي فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ عَيَّنَهُنَّ وَاسْتَثْنَى زَوْجَتَهُ.
(وَقَوْلُهُ بِطَلَاقِك لَأَفْعَلَنَّ) كَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ أَوْ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ]
قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي) أَيْ أَوْ يَلْزَمُنِي وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِغُلَامِهِ اعْمَلْ الشُّغْلَ الْفُلَانِيَّ فَقَالَ لَا أُحْسِنُهُ فَقَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَنَّك تَعْرِفُ أَيْنَ يَسْكُنُ إبْلِيسُ فَإِنْ قَصَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْغُلَامَ حَاذِقٌ فَطِنٌ نَبِيهٌ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ الْأُمُورُ الْعُرْفِيَّةُ غَالِبًا يَقَعُ طَلَاقُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ إلَخْ) قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا إلَّا أَنْ يَسْبِقَنِي الْقَضَاءُ وَالْقَدْرُ ثُمَّ فَعَلَهُ وَقَالَ أَرَدْت إخْرَاجَ مَا يُقَدَّرُ مِنْهُ عَنْ الْيَمِينِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا تَطْلُقُ وَقَوْلُهُ أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي صَرِيحٌ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ أَلْزَمْتُك أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك فِرَاقِي أَوْ طَلَاقِي كَانَ صَرِيحًا (قَوْلُهُ وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّهُ صَرِيحٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ) وَلِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ النَّقْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فس.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ سَائِرُ زَوْجَاتِهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَإِنْ كَانَ وَضْعُ اللُّغَةِ يَقْتَضِي الطَّلَاقَ لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَمْ يُحْمَلْ عَلَى الثَّلَاثِ وَإِنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْعُمُومِ قَالَ شَيْخُنَا سُئِلَ وَالِدِي عَمَّنْ قَالَ وَالطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَلَاقٌ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ التَّعْلِيقَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُحْلَفُ بِهِ إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ فَإِنْ نَوَاهُ بِهِ وَقَعَ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ بَيْنَ جَرِّ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَعَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي تَمْهِيدِهِ مَا يَعْتَادُهُ النَّاسُ فِي الْعِتْقِ حَيْثُ يَقُولُونَ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَثِيرًا مَا يَنْطِقُونَ بِهِ مَجْرُورًا مَقْسَمًا بِهِ فَيَقُولُونَ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ بِزِيَادَةِ وَاوِ الْقَسَمِ وَذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنَّ مَدْلُولَ ذَلِكَ هُوَ الْقَسَمُ بِهِمَا فِي حَالِ لُزُومِهَا فَتَأَمَّلْهُ وَهُمَا لَا يَصْلُحَانِ لِلْقَسَمِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَضْلًا عَنْ التَّقْيِيدِ ثُمَّ تَكَرُّرِ السُّؤَالِ لَهُ عَنْ قَوْلِك مَثَلًا الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا مِنْ غَيْرِ وَاوِ الْقَسَمِ بَلْ وَعَنْ قَوْلِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي فَقَطْ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ مُطْلَقًا أَوْ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ ثُمَّ أَلْحَقَ بِخَطِّهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَيُوَجَّهُ بِأَنْ يَلْزَمُنِي مُسْتَعْمَلٌ فِي الْحَالِ لِلْعُرْفِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَقَعُ بِهِ وَإِنْ نَوَى) أَيْ لِأَنَّ التَّرْخِيمَ لَا يَقَعُ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ إلَّا نَادِرًا فِي الشِّعْرِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ) لَمْ يَتَوَارَدْ كَلَامُ الْقَفَّالِ وَالْخُوَارِزْمِيّ عَلَى تَصْوِيرٍ وَاحِدٍ ع (قَوْلُهُ فَقَالَ وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ بِطَلَاقِك لَأَفْعَلَنَّ كَذَا) إذَا قَالَ وَالطَّلَاقِ لَا أَفْعَلُ كَذَا بِالْجَرِّ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَهُ ر
(3/274)
(أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك وَلَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ لَغْوٌ) أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُحْلَفُ بِهِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ حِينَ التَّعْلِيقِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ لَيْسَ بِكَلَامٍ وَيُفَارِقُ وُقُوعَهُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ بِحُصُولِ الْإِفْهَامِ بِهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا (وَكَذَا) يَلْغُو قَوْلُهُ (أَنْت طَالِقٌ أَوْ لَا) بِإِسْكَانٍ لِوَاوٍ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِفْهَامٌ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَ هَلْ أَنْت طَالِقٌ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (إنْشَاءً) لِلطَّلَاقِ (فَتَطْلُقُ) وَلَا يُؤَثِّرُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ أَوْ لَا وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَ كَأَصْلِهِ الْمَسْأَلَةَ كُلَّهَا فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فَهِيَ مُكَرَّرَةٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَهُوَ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ طَلُقَتْ.
(وَإِنْ نُسِبَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِ أُمِّهَا فَقَالَ) زَوْجُهَا (بِنْتُ فُلَانٍ طَالِقٌ وَنَوَاهَا طَلُقَتْ) وَلَا يَضُرُّ التَّجَوُّزُ فِي نِسْبَتِهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ النِّكَاحِ (وَإِلَّا فَلَا) تَطْلُقُ (وَلَوْ قَالَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ) إنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقَهَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ وَمَا وَقَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ اسْتَنَدَ فِيهِ إلَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمْ وَالْأَصَحُّ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُتَقَدِّمِينَ الْأَوَّلُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ.
(وَلَيْسَ) قَوْلُهُ (بَانَتْ مِنِّي امْرَأَتِي أَوْ حَرُمَتْ عَلَيَّ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ) فَيَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ (وَإِنْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ مُدَّةٍ ثَلَاثًا ثُمَّ فَسَّرَ الْكِنَايَةَ بِالطَّلَاقِ لِيَرْفَعَ الثَّلَاثَ) أَيْ وُقُوعَهَا لِمُصَادِفَتِهَا الْبَيْنُونَةَ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ أَيْ تَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى مُدَّةٍ.
(وَإِنْ قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَأَرَادَ) زَيْنَبَ (غَيْرَ زَوْجَتِهِ قُبِلَ) كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْقَبُولِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ وَقَالَ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ إنَّهُ الصَّحِيحُ الَّذِي عِلِّيّه الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا إنْ سَبَقَ اسْتِدْعَاؤُهَا) بِأَنْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْت زَيْنَبَ ثُمَّ قَالَ نَوَيْت زَيْنَبَ غَيْرَهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ لِدَلَالَةِ الْحَالِ (وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ أَنَّ سُؤَالَ الْمَرْأَةِ لَا يُلْحِقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ) وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ زَيْنَبَ لَيْسَ كِنَايَةً عَنْ الزَّوْجَةِ وَإِنَّمَا هُوَ صَرِيحٌ فِيهَا وَالْإِبْهَامُ إنَّمَا حَصَلَ بِتَسْمِيَةِ غَيْرِهَا بِاسْمِهَا فَهُوَ كَالْمُشْتَرَكِ يَنْصَرِفُ إلَى أَحَدِ مُسَمَّيَاتِهِ بِالْقَرِينَةِ نَعَمْ قَدْ يُنَازَعُ فِي أَنَّ الْقَرِينَةَ هُنَا تَقْتَضِي طَلَاقَ زَوْجَتِهِ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ طَلَّقْتُك إلَى طَلَّقْت زَيْنَبَ يُشْعِرُ بِإِرَادَةِ غَيْرِهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَرَادَهُ سَوَاءٌ أَسَبَقَ سُؤَالُهَا أَمْ لَا فَتَطْلُقُ ثُمَّ التَّنَاقُضُ الْمُشَارُ إلَيْهِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ الَّتِي شُرِحَتْ عَلَيْهَا تَبَعًا لِأَصْلِهَا أَمَّا عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ مِنْ تَرْكِهِ قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ زَيْنَبُ إلَى آخِرِهِ فَلَا تَنَاقُضَ.
(وَقَوْلُهُ لِلْوَلِيِّ زَوِّجْهَا إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ) بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَهَا تُزَوِّجِي أَوْ انْكِحِي لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّهُ كِنَايَةٌ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ وَطَالِقٌ فَلْيُفَسَّرْ الْأَوَّلُ) أَيْ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى تَفْسِيرِهِ وَلَا يُجْعَلُ الثَّانِي تَفْسِيرًا لَهُ.
(وَإِنْ) كَرَّرَ كِنَايَةً كَأَنْ (قَالَ اعْتَدِّي نَاوِيًا) بِهِ الطَّلَاقَ (وَكَرَّرَهُ غَافِلًا عَنْ التَّأْكِيدِ وَالِاسْتِئْنَافِ فَعَلَى أَيِّهِمَا يُحْمَلُ؟ قَوْلَانِ) أَوْجَهُهُمَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ فَإِنْ نَوَى التَّأْكِيدَ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ الِاسْتِئْنَافُ فَثِنْتَانِ إنْ كَرَّرَ مَرَّةً وَإِلَّا فَثَلَاثٌ (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَلْفَاظُ) وَنَوَى الطَّلَاقَ (تَعَدَّدَ) بِعَدَدِهَا وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ عَنْ جَدِّهِ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُخَالِفٌ لِلرَّاجِحِ فِي اخْتِلَافِ الصَّرَائِحِ مِنْ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا لَوْ اتَّفَقَتْ وَلَعَلَّ مَا قَالَهُ شُرَيْحٌ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ فِي اخْتِلَافِ الصَّرَائِحِ.
(وَلَوْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْ امْرَأَتَك فَقَالَ طَلَّقْت أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى السُّؤَالِ فِي الْأُولَى وَالتَّفْوِيضِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَى امْرَأَتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ وَلَا دَلَالَةٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ امْرَأَتِي وَنَوَى الطَّلَاقَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ كَانَ أَبَوَا زَوْجَتَيْهِ) مُسَمَّيَيْنِ (مُحَمَّدَيْنِ وَغَلَبَ عَلَى إحْدَاهُمَا) عِنْدَ النَّاسِ (زَيْدٌ فَقَالَ بِنْتُ مُحَمَّدٍ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) بِنْتُ مُحَمَّدٍ مُعَيَّنًا (حَتَّى يُرِيدَ نَفْسَهُ) أَيْ الْمُعَيَّنَ فَتَطْلُقُ بِنْتُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي اسْمِ الشَّخْصِ بِتَسْمِيَةِ أَبَوَيْهِ لَا بِتَسْمِيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ إلَخْ) لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْتِ فِي أَوَّلِ الطَّلَاقِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ نُسِبَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِ أُمِّهَا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا ابْنَةُ غَيْرِهِ أَمَّا إذَا كَانَ يَجْهَلُ ذَلِكَ وَيَعْتَقِدُ أَنَّهَا ابْنَةُ مَنْ اُشْتُهِرَ نَسَبُهَا إلَيْهِ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ ظَاهِرًا كَمَا لَوْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي أَوْ طَلَّقْت نِسَاءَ الْعَالَمِينَ وَزَوْجَتِي لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ طَلَاقَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ حَتَّى يَصِحَّ الْعَطْفُ.
(قَوْلُهُ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَالَ أَرَدْت الْإِخْبَارَ بِأَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَعَرَفَ ذَلِكَ الطَّلَاقَ ثُمَّ رَأَيْت مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْقَاضِي الطَّبَرِيِّ قَالَ الدَّارَكِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْيَزِيِدِيّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فُلَانَةُ طَالِقٌ فَسَمَّى امْرَأَتَهُ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت أَجْنَبِيَّةً اسْمُهَا اسْمُ امْرَأَتِهِ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ مِنْ زَوْجِهَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ فُلَانَةُ امْرَأَتِي أَوْ طَلَّقْت فُلَانَةَ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْقَبُولِ إلَخْ) لَوْ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ وَاسْمُهَا فَاطِمَةُ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْت فَاطِمَةَ ثُمَّ قَالَ نَوَيْت فَاطِمَةَ أُخْرَى طَلُقَتْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِدَلَالَةِ الْحَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت فَاطِمَةَ ثُمَّ قَالَ نَوَيْت فَاطِمَةَ أُخْرَى قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ لِلْوَلِيِّ زَوِّجْهَا إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ) لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَسْلِيطَ الْوَلِيِّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهَا.
(قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ) هُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ تَعَدَّدَ بِعَدَدِهَا) أَيْ إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ.
(قَوْلُهُ فَتَطْلُقُ بِنْتُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) يُتَّجَهُ تَحْلِيفُهُ عِنْدَ طَلَبِ الْأُخْرَى ذَلِكَ
(3/275)
النَّاسِ وَقَدْ تَتَعَدَّدُ الْأَسْمَاءُ (وَلَوْ قِيلَ لِزَيْدٍ يَا زَيْدُ فَقَالَ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت) زَيْدًا (غَيْرِي قُبِلَ) مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ فَلَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ إذَا أَرَادَ نَفْسَهُ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا وَهُوَ مَنْقُولُ الْأَصْلِ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا رَجَّحَهُ مِنْ أَنَّهَا لَا تَطْلُق إلَّا عِنْدَ إرَادَتِهِ نَفْسَهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ إلَّا حِينَئِذٍ وَلِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ الْقَبُولِ فِي مَسْأَلَةِ زَيْنَبَ السَّابِقَةِ (وَلَوْ قِيلَ) لَهُ (أَطَلَّقْت) امْرَأَتَك (فَقَالَ) لِلْقَائِلِ (اعْلَمْ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَعْلَمَ وَلَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْعِلْمُ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي قَبْلَ التَّدْبِيرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْت تَعْلَمُ أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي بِيَدِي حُرٌّ حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقُولُ لَهُ عَالِمًا بِحُرِّيَّتِهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ ثَمَّ مُعَلَّقٌ بِاعْتِرَافِهِ بِعِلْمِ الْمُخَاطَبِ بِخِلَافِهِ هُنَا.
(فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (قَالَتْ) لَهُ (طَلِّقْنِي ثَلَاثًا فَقَالَ) لِفُقَهَاءَ (اُكْتُبُوا لَهَا ثَلَاثًا فَفِي كَوْنِهِ كِنَايَةً تَرَدُّدٌ) أَيْ احْتِمَالَانِ لِأَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ أَحَدُهُمَا لَا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ فِعْلُ الْكَاتِبِ وَلَمْ يُفَوِّضْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ إلَيْهِ حَتَّى يَقَعَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُ وَثَانِيهِمَا وَهُوَ أَقْرَبُ نَعَمْ بِتَقْدِيرِ اُكْتُبُوا لَهَا ثَلَاثًا لِأَنِّي طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا (وَقَوْلُهُ أَنْت كَذَا أَوْ كَمَا أُضْمِرَ أَوْ امْرَأَتِي الْحَاضِرَةُ طَالِقٌ وَكَانَتْ غَائِبَةً لَغْوٌ) فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَاهُ إذْ لَا إشْعَارَ لِلْأَوَّلَيْنِ بِالْفُرْقَةِ وَلَا لِلثَّالِثِ بِهَا فِي الْغَائِبَةِ.
(وَلَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَيَّنَ نَفْسَهُ وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُعَبِّرُ بِغَيْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا لَمْ يَقَعْ (وَقَوْلُهُ) لِابْنِهِ الْمُكَلَّفِ (قُلْ لِأُمِّك أَنْت طَالِقٌ) وَلَمْ يُرِدْ التَّوْكِيلَ (يَحْتَمِلُ التَّوْكِيلَ) فَإِذَا قَالَهُ لَهَا طَلُقَتْ كَمَا تَطْلُقُ بِهِ لَوْ أَرَادَ التَّوْكِيلَ (وَ) يَحْتَمِلُ (الْإِخْبَارَ) أَيْ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَيَكُونُ الِابْنُ مُخْبِرًا لَهَا بِالْحَالِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُدْرَكُ التَّرَدُّدِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ إنْ جَعَلْنَاهُ كَصُدُورِ الْأَمْرِ مِنْ الْأَوَّلِ كَانَ الْأَمْرُ بِالْإِخْبَارِ بِمَنْزِلَةِ الْإِخْبَارِ مِنْ الْأَبِ فَيَقَعُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وَبِالْجُمْلَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَفْسِرَ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ عَمِلَ بِالِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ بَلْ بِقَوْلِ الِابْنِ لِأُمِّهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ.
(وَيَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ) فِي الطَّلَاقِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْوَكَالَةَ) يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يُطَلِّقُ لِمُوَكِّلِهِ وَقِيلَ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي أَوَاخِرِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الصَّارِفِ بِأَنْ لَا يَقُولَ طَلَّقْتهَا عَنْ غَيْرِ الْمُوَكِّلِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الدِّيَاتِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَكِيلُ الْمُقْتَصِّ قَتَلْته بِشَهْوَةِ نَفْسِي لَا عَنْ الْمُوَكِّلِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ كَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ لَا يَقَعُ إلَّا لِمُوَكِّلِهِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ (وَإِنْ قَالَ) الْوَكِيلُ (طَلَّقْت مَنْ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقَ بِلَفْظِي فَوَجْهَانِ) فِي أَنَّ الَّتِي وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِهَا هَلْ تَطْلُقُ أَوْ لَا وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ فِي السِّكَّةِ طَالِقٌ وَزَوْجَتُهُ فِيهَا طَلُقَتْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ فِي هَذِهِ لَوْ قَالَ امْرَأَةُ كُلِّ مَنْ فِي السِّكَّةِ طَالِقٌ وَهُوَ فِي السِّكَّةِ إلَى آخِرِهِ إنَّمَا يَتَّجِهُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ.
(وَإِنْ قِيلَ) لَهُ (إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتُك طَالِقٌ فَقَالَ نَعَمْ وَكَانَ قَدْ فَعَلَهُ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْهُ وَإِنَّمَا أَجَازَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ نَقْلِهِ هَذَا عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي قَالَ الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ قِيلَ لَهُ طَلَّقْتهَا فَقَالَ نَعَمْ وَهَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي تَعْلِيقِهِ الْأَوَّلِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا لَمْ تَطْلُقْ) زَوْجَتُهُ (بَاطِنًا) وَإِنَّمَا تَطْلُقُ ظَاهِرًا (وَإِنْ قَالَ) لِإِحْدَى نِسَاؤُهُ (أَنْت طَالِقٌ مِائَةً فَقَالَتْ تَكْفِينِي ثَلَاثٌ فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك فَكِنَايَةٌ فِي الضَّرَائِرِ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ عَلَى كُلٍّ ثَلَاثٌ وَكَانَ التَّقْدِيرُ أَنْتِ طَالِقٌ بِثَلَاثٍ وَهُنَّ طَوَالِقُ بِالْبَاقِي وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطِبْهُنَّ وَإِنَّمَا رَدَّ عَلَيْهِنَّ شَيْئًا لَاغِيًا (هَذَا قَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ قَالَتْ تَكْفِينِي وَاحِدَةٌ) فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك (طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَالضَّرَائِرُ طَلْقَتَيْنِ إنْ نَوَى) الطَّلَاقَ (أَوْ قَالَتْ تَكْفِينِي ثَلَاثًا) صَوَابُهُ ثَلَاثٌ فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك (لَغَا مَا أَلْقَاهُ عَلَى الضَّرَائِرِ) بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ لَغْوٌ وَقِيَاسُ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وُقُوعُ ثَلَاثٍ عَلَى الضَّرَائِرِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْخِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَغَوِيّ فِي الشِّقَّيْنِ مَعًا وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ.
(وَقَوْلُهُ حَرَّمْتُك وَالنِّيَّةُ نِيَّةُ زَيْدٍ كَحَرَّمْتُك) بِدُونِ ذِكْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْقُولُ الْأَصْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَثَانِيهُمَا وَهُوَ أَقْرَبُ نَعَمْ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يُرِدْ التَّوْكِيلَ) فَإِنْ أَرَادَ التَّوْكِيلَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَقُولَ الِابْنُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَفْسَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَيَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْوَكَالَةَ لِانْتِفَاءِ الصَّارِفِ عَنْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ الْوَكِيلَ إذَا أَطْلَقَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَنْ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الصَّارِفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ) هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا فِيمَا لَا يَصِحُّ فِيهِ الْوُقُوعُ لِنَفْسِهِ أَمَّا مَا يَصِحُّ فِيهِ الْوُقُوعُ لَهُ فَلَا شَكَّ فِي اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ كَمَا سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ.
(قَوْلُهُ فَقَالَ نَعَمْ إلَخْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَنْت سَرَقْت مَالِي فَأَنْكَرَ فَقَالَ إنْ كُنْت سَرَقْته فَامْرَأَتُك طَالِقٌ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ قَالَ طَالِقٌ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَحْدَهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مَا لَمْ يَقُلْ امْرَأَتِي وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ سَرَقْت مَالِي فَقَالَ مَا سَرَقْته فَقَالَ إنْ كُنْت سَرَقْته فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيْك حَرَامٌ فَقَالَ نَعَمْ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ عَلَى مَذْهَبِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ عِنْدَهُمْ هَذَا اللَّفْظُ كِنَايَةٌ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ وَاللَّفْظُ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ كَانَتْ تَكْفِينِي وَاحِدَةٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ صَوَابُهُ ثَلَاثٌ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْأُولَى صَوَابٌ أَيْضًا بِجَعْلِ فَاعِلِ يَكْفِينِي ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الطَّلَاقِ لِفَهْمِهِ مِنْ طَالِقٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ لَغْوٌ) فَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ بَعْدَ التَّنْقِيبِ التَّامِّ أَنْ جُعِلَ ذَلِكَ كِنَايَةً فِي الضَّرَائِرِ إلَّا الْمُتَوَلِّي.
(3/276)
الْبَاقِي (وَالْبَاقِي لَغْوٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فِي هَذَا وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ فَعَلْت كَذَا فَأَنْكَرَ فَقَالَ الْحِلُّ عَلَيْك حَرَامٌ وَالنِّيَّةُ نِيَّتِي أَنَّك مَا فَعَلْت كَذَا فَقَالَ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك مَا فَعَلْته لَغَا قَوْلُهُ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك وَيَكُونُ كَمَا لَوْ تَلَفَّظَ بِهِ ابْتِدَاءً (وَإِنْ قِيلَ لِمَنْ أَنْكَرَ) شَيْئًا (امْرَأَتُك طَالِقٌ إنْ كُنْت كَاذِبًا فَقَالَ طَالِقٌ) طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ إنْ كَانَ كَاذِبًا لِتَرَتُّبِ كَلَامِهِ عَلَى كَلَامِ الْقَائِلِ (إلَّا إنْ أَرَادَ غَيْرَهَا) فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إشَارَةٌ إلَيْهَا وَلَا تَسْمِيَةٌ (أَوْ قَالَ بِنْتِي أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ) وَأَنْت يَا زَوْجَتِي (أَوْ) قَالَ (نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْت يَا زَوْجَتِي لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ عَطَفَهَا عَلَى نِسْوَةٍ لَمْ يَطْلُقْنَ.
(الطَّرَفُ الثَّانِي) فِي الْفِعْلِ الْقَائِمِ (مَقَامَ اللَّفْظِ فَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ) مِنْ عُقُودٍ وَحُلُولٍ كَإِقْرَارٍ وَدَعْوًى كَالنُّطْقِ (فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا) أَحْكَامُهُ (وَلَوْ) كَانَ (كَاتِبًا) لِعَجْزِهِ مَعَ دَلَالَتِهَا عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ النُّطْقُ (لَكِنْ) (لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ) بِإِشَارَتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (وَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ) بِهَا وَلَا يَحْنَثُ بِهَا فِي الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْكَلَامِ (فَإِنْ أَفْهَمَتْ الْفَطِنَ) أَيْ الذَّكِيَّ (وَغَيْرَهُ الطَّلَاقَ مَثَلًا فَصَرِيحٌ أَوْ) أَفْهَمَتْ الْفَطِنَ (وَحْدَهُ فَكِنَايَةٌ) تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَقِيلَ يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا رَجَّحَهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (وَتَفْسِيرُهُ صَرِيحُ إشَارَتِهِ) فِي الطَّلَاقِ (بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَتَفْسِيرِ اللَّفْظِ الشَّائِعِ فِي الطَّلَاقِ بِغَيْرِهِ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرٌ إلَّا بِقَرِينَةٍ (وَلَوْ أَشَارَ نَاطِقٌ) بِالطَّلَاقِ (وَ) إنْ (نَوَى) كَأَنْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اذْهَبِي (لَغَا) وَإِنْ أَفْهَمَ بِهَا كُلَّ أَحَدٍ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الْعِبَارَةِ إلَى الْإِشَارَةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ قَاصِدٍ لِلطَّلَاقِ وَإِنْ قَصَدَهُ بِهَا فَهِيَ لَا تُقْصَدُ لِلْإِفْهَامِ إلَّا نَادِرًا وَلَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ لَهُ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ فَإِنَّهَا حُرُوفٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْهَامِ كَالْعِبَارَةِ (فَلَوْ قَالَ) مَنْ لَهُ امْرَأَتَانِ (امْرَأَتِي طَالِقٌ مُشِيرًا لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَقَالَ أَرَدْت الْأُخْرَى قُبِلَ) مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ بِالْإِشَارَةِ شَيْءٌ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ بَلْ يُطَلَّقَانِ جَمِيعًا وَالتَّرْجِيحُ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ آخَرَ الْبَابِ الْخَامِسِ (وَإِنْ قَالَ) لِأَحَدِهِمَا (أَنْت طَالِقٌ وَهَذِهِ فَهَلْ) لَفْظُهُ (هَذِهِ كِنَايَةٌ أَوْ صَرِيحٌ وَجْهَانِ) عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي مَا لَمْ يَنْوِ خِلَافَهُ لِأَنَّهُ عَطَفَهَا عَلَى مَنْ طَلُقَتْ وَكَمَا لَوْ قَالَ مَنْ أَكْرَهَ عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ إلْحَاقًا لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ طَلَاقِ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا.
(فَصْلٌ كَتْبُ الطَّلَاقِ) وَلَوْ صَرِيحًا (كِنَايَةٌ وَلَوْ مِنْ الْأَخْرَسِ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ قَرَأَهُ) أَيْ مَا كَتَبَهُ حَالَ الْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا (فَصَرِيحٌ فَلَوْ قَالَ قَرَأْته حَاكِيًا) مَا كَتَبْته (بِلَا نِيَّةً) لِلطَّلَاقِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَهُوَ يَحُلُّ الْوَثَاقَ وَقَالَ نَوَيْت حَلَّهُ (وَفَائِدَتُهُ) أَيْ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ (إذَا لَمْ يُقَارِنْ الْكَتْبَ النِّيَّةُ) فَإِنْ قَارَنَهَا طَلُقَتْ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ (وَمِثْلُهُ) فِيمَا ذُكِرَ (الْعِتْقُ وَالْإِبْرَاءُ وَالْعَفْوُ) عَنْ الْقِصَاصِ وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ غَيْرَ النِّكَاحِ. .
[فَرْعٌ كَتَبَ أَنْتِ أَوْ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ]
(فَرْعٌ) لَوْ (كَتَبَ أَنْت) أَوْ زَوْجَتِي (طَالِقٌ وَنَوَى) الطَّلَاقَ (طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ كِتَابُهُ) إلَيْهَا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ طَرِيقٌ فِي إفْهَامِ الْمُرَادِ كَالْعِبَارَةِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَحْتَمِلُ النَّسْخَ وَالْحِكَايَةَ وَتَجْرِبَةَ الْقَلَمِ وَالْمِدَادِ وَغَيْرِهَا (وَإِنْ كَتَبَ إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَرَأْته أَوْ فَهِمَتْهُ مُطَالَعَةً) وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ مِنْهُ (طَلُقَتْ) فَإِنْ قَرَأَتْ أَوْ فَهِمَتْ بَعْضَهُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَلَوْ قُرِئَ عَلَيْهَا لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ الشَّرْطِ مَعَ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ بِعَزْلِ الْقَاضِي لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى اللَّفْظِ وَعَزْلُ الْقَاضِي عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَقْصُودِ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْقُضَاةِ أَنْ تُقْرَأَ عَلَيْهِمْ الْكُتُبُ (إلَّا إذَا كَانَتْ أُمِّيَّةً وَعَلِمَ) الزَّوْجُ بِأَنَّهَا أُمِّيَّةٌ فَتَطْلُقُ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ وُجِدَ (لَا إنْ جَهِلَ) أَنَّهَا أُمِّيَّةٌ فَلَا تَطْلُقُ نَظَرًا إلَى حَقِيقَةِ اللَّفْظِ.
(وَلَوْ كَتَبَ إذَا وَصَلَك) أَوْ بَلَغَك أَوْ أَتَاك (كِتَابِي) فَأَنْت طَالِقٌ (طَلُقَتْ بِوُصُولِهِ) إلَيْهَا رِعَايَةً لِلشَّرْطِ (لَا) إنْ وَصَلَ إلَيْهَا (مَمْحِيٌّ) مَا فِيهِ وَفِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَغَا قَوْلُهُ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك إلَخْ) لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ وَاللَّفْظُ مِنْ وَاحِدٍ فَأَمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ وَاحِدٍ وَاللَّفْظُ مِنْ آخَرَ فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْغَيْرَ لَا يَقُومُ مَقَامَ غَيْرِهِ فِي النِّيَّةِ.
[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْفِعْلِ الْقَائِمِ مَقَامَ اللَّفْظِ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ]
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْفِعْلِ الْقَائِمِ مَقَامَ اللَّفْظِ) (قَوْلُهُ فَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ كَالنُّطْقِ) قَالَ الْإِمَامُ فِي الْأَسَالِيبِ وَكَانَ السَّبَبُ فِيهِ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِيهَا بَيَانٌ وَلَكِنَّ الشَّارِعَ تَعَبَّدَ النَّاطِقِينَ بِالْعِبَارَةِ فَإِذَا عَجَزَ الْأَخْرَسُ لِخَرَسِهِ عَنْ الْعِبَارَةِ أَقَامَتْ الشَّرِيعَةُ إشَارَتَهُ مُقَامَ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُهُ) يَشْمَلُ مَا لَوْ عَلَّقَ عَلَى مَشِيئَةِ زَيْدٍ وَكَانَ نَاطِقًا ثُمَّ خَرِسَ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ مُنْشَؤُهُمَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِ التَّعْلِيقِ أَوْ بِحَالِ وُجُودِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَفْهَمَتْ الْفَطِنَ وَغَيْرَهُ الطَّلَاقَ فَصَرِيحٌ) كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ كَمْ طَلَّقْت امْرَأَتَك فَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ) وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي) أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا.
[فَصْلٌ كِتَابَةُ الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ أَوْ فَهِمَتْهُ مُطَالَعَةً طَلُقَتْ) نَعَمْ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ إنَّمَا أَرَدْت الْقِرَاءَةَ بِاللَّفْظِ قَبْلَ قَوْلِهِ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ إطْلَاقِ قِرَاءَتِهَا إيَّاهُ عَلَى مُطَالَعَتِهَا إيَّاهُ وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِهِ وَبَيْنَ جَوَازِ إجْرَاءِ ذِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ الْقُرْآنَ عَلَى قَلْبِهِ وَنَظَرِهِ فِي الْمُصْحَفِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ أُمِّيَّةً وَعَلِمَ الزَّوْجُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقْرَأَهُ عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ طَالَعَهُ أَوْ فَهِمَهُ أَوْ قَرَأَهُ خَالِيًا ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ إذْ الْغَرَضُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فِيهِ بَقِيَ مَا لَوْ عَلَّقَ بِقِرَاءَتِهَا وَكَانَتْ قَارِئَةً وَهُوَ يَعْلَمُ ثُمَّ نَسِيَتْ الْقِرَاءَةَ أَوْ عَمِيَتْ ثُمَّ جَاءَ الْكِتَابُ أَهَلْ تَطْلُقُ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهَا وَلَوْ عَلَّقَهُ بِقِرَاءَتِهَا عَالِمًا بِأَنَّهَا غَيْرُ قَارِئَةٍ ثُمَّ تَعَلَّمَتْ وَوَصَلَ كِتَابُهُ هَلْ تَكْفِي قِرَاءَةُ غَيْرِهَا الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ فِي الثَّانِيَةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ التَّعْلِيقِ وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِي الْأُولَى لِذَلِكَ وَلَا نَقْلَ عِنْدِي فِيهِمَا.
(3/277)
نُسْخَةٍ مَمْحِيًّا فَلَا تَطْلُقُ كَمَا لَوْ ضَاعَ (إلَّا إنْ بَقِيَتْ الْآثَارُ مَقْرُوءَةً) أَيْ يُمْكِنُ قِرَاءَتُهَا فَتَطْلُقُ كَمَا لَوْ وَصَلَ وَالْمَكْتُوبُ بِحَالِهِ وَالْأَوْلَى قِرَاءَةُ مَمْحِيٍّ عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى بِكَسْرِ الْحَاءِ فَيَكْتُبُ مَمْحٍ مِنْ امَّحَى بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ لُغَةٌ فِي انْمَحَى لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ مَنْقُوصٌ وَإِعْرَابُ الْمَنْقُوصِ نَصْبًا كَإِعْرَابِهِ رَفْعًا وَجَرًّا فِي لُغَةٍ وَلَا يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِإِسْكَانِ الْمِيمِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ رُبَاعِيًّا مَعَ أَنَّهُ ثُلَاثِيٌّ تَقُولُ مَحَى لَوْحَهُ يَمْحُوهُ مَحْوًا وَيَمْحِيه مَحْيًا وَيَمْحُهُ فَهُوَ مَمْحُوٌّ وَمَمْحِيٌّ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَلَوْ انْمَحَى إلَّا مَوْضِعَ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ) لِوُصُولِ الْمَقْصُودِ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ تَطْلُقُ إنْ قَالَ كِتَابِي كَمَا ذُكِرَ لَا إنْ قَالَ كِتَابِي هَذَا أَوْ الْكِتَابُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُقَالُ تَصْوِيرُهُ بِكِتَابِي يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّالِثِ وَقَدْ اسْتَحْسَنَهُ الْأَصْلُ.
(وَلَا أَثَرَ) فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ (لِبَقَاءِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِهِ مَوْضِعَ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ وُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَإِنْ عُلِّقَ بِبُلُوغِ الطَّلَاقِ) أَوْ وُصُولِهِ أَوْ إتْيَانِهِ (فَسَلِمَ) مِنْ الِانْمِحَاءِ (مَوْضِعُ الطَّلَاقِ وَقَعَ قَطْعًا) فَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ لَمْ يَقَعْ وَلَا حَاجَةَ بِقَوْلِهِ قَطْعًا (وَقِرَاءَةُ بَعْضِ الْكِتَابِ) أَوْ فَهْمُهُ مُطَالَعَةً (إنْ عُلِّقَ بِقِرَاءَتِهِ كَوُصُولِ بَعْضِهِ إنْ عُلِّقَ بِوُصُولِهِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثُمَّ (وَإِنْ عُلِّقَ بِوُصُولِ الْكِتَابِ ثُمَّ بِوُصُولِ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ بِوُصُولِ الْكِتَابِ طَلْقَتَيْنِ) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ (أَوْ) عُلِّقَ (بِوُصُولِ نِصْفِ الْكِتَابِ فَوَصَلَ كُلُّهُ طَلُقَتْ) لِاشْتِمَالِ الْكُلِّ عَلَى النِّصْفِ.
(وَإِنْ كَتَبَ غَيْرَهُ أَوْ كَنَّى) بِلَفْظِ (بِإِذْنِهِ وَ) لَوْ (نَوَى هُوَ) الطَّلَاقَ (لَغَا) فَالْعِبْرَةُ بُنَيَّةِ الْكَاتِبِ وَالْكَانِي (وَالْكَتْبُ عَلَى الْأَرْضِ) أَوْ نَحْوِهَا (كِتَابَةٌ لَا عَلَى الْمَاءِ وَالْهَوَاءِ) وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْبَيْعِ (وَإِنْ كَتَبَ أَنْت طَالِقٌ وَاسْتَمَدَّ) بِالْقَلَمِ مِنْ الدَّوَاةِ نُظِرَ (إنْ كَانَ) الِاسْتِمْدَادُ (لِحَاجَةٍ ثُمَّ كَتَبَ تَعْلِيقًا) كَإِذَا أَتَاك كِتَابِي (صَحَّ التَّعْلِيقُ) ظَاهِرًا فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْكِتَابُ (وَإِلَّا وَقَعَ فِي الْحَالِ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِنْ كَانَ السُّكُوتُ لِحَاجَةٍ تَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِالشَّرْطِ وَإِلَّا وَقَعَ فِي الْحَالِ (وَإِنْ أَنْكَرَ) الزَّوْجُ (الْكِتَابَ) أَيْ كَتْبَ الطَّلَاقِ (أَوْ النِّيَّةَ) وَادَّعَتْهُ الزَّوْجَةُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ.
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ التَّفْوِيضُ) لِلطَّلَاقِ وَهُوَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَاحْتَجُّوا لَهُ أَيْضًا «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ وَبَيْنَ مُفَارَقَتِهِ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [الأحزاب: 28] » إلَى آخِرِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِيَارِهِنَّ الْفُرْقَةَ أَثَرٌ لَمْ يَكُنْ لِتَخْيِيرِهِنَّ مَعْنًى وَاسْتُشْكِلَ بِمَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِاخْتِيَارِهَا الدُّنْيَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إيقَاعِهِ بِدَلِيلِ {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: 28] (قَوْلُهُ طَلِّقِي نَفْسَك) لِزَوْجَتِهِ (أَوْ اعْتِقِي نَفْسَك لِأَمَتِهِ تَمْلِيكٌ) لِلطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِغَرَضِهِمَا (كَالْهِبَةِ) وَنَحْوِهَا فَكَأَنَّهُ يَقُولُ مَلَّكْتُكُمَا نَفْسَكُمَا فَيَمْلِكَانِهَا بِالطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ (لَا تَوْكِيلٌ) بِذَلِكَ دَفْعٌ لِمَا قِيلَ إنَّهُ تَوْكِيلٌ كَمَا فِي التَّفْوِيضِ لِأَجْنَبِيٍّ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ لَهُمَا فِيهِ غَرَضًا وَلَهُمَا بِالزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ اتِّصَالًا (فَإِنْ كَانَ) التَّفْوِيضُ (بِمَالُ فَيُمْلَكُ بِعِوَضٍ) كَالْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ بِلَا عِوَضٍ كَالْهِبَةِ (وَشَرْطُهُ) أَيْ التَّفْوِيضُ أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهِ (التَّكْلِيفُ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَا مَعَ غَيْرِ مُكَلَّفَةٍ لِفَسَادِ الْعِبَارَةِ (وَالتَّطْلِيقُ فَوْرًا لِتَضَمُّنِهِ الْقَبُولَ) وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ يَقْتَضِيه فَلَوْ أَخَّرَتْ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ ثُمَّ طَلَّقَتْ لَمْ يَقَعْ (إلَّا أَنْ قَالَ) طَلِّقِي نَفْسَك (مَتَى شِئْت) فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ وَإِنْ اقْتَضَى التَّمْلِيكُ اشْتِرَاطَهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لِمَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ سُومِحَ فِي تَمْلِيكِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَبَعْضِ مُخْتَصِرِي الرَّوْضَةِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّفْوِيضَ تَمْلِيكٌ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَوَجَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا ذُكِرَ وَالْأَصْلُ إنَّمَا ذَكَرَهُ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ وَصَوَّبَهُ فِي الذَّخَائِرِ وَهُوَ الْحَقُّ وَالْإِعْتَاقُ كَالطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ وَفِيمَا يَأْتِي وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَبْحَثَ مَوْضُوعٌ لَهُ.
(وَلِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ) عَنْ التَّفْوِيضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَوْ انْمَحَى إلَّا مَوْضِعَ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ) لَوْ قَالَ إذَا جَاءَك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَتَاهَا بَعْضُ الْكِتَابِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الطَّلَاقِ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَك خَطِّي فَأَنْت طَالِقٌ فَذَهَبَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ الْبَعْضُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَقِيَ ذِكْرُ الطَّلَاقِ.
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَسَكَتَ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ بِكِتَابَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَإِلَّا فَكِتَابَةُ صَرِيحِ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ خَطَّهُ لَمْ تَطْلُقْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بَلْ يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى إثْبَاتِ قِرَاءَتِهِ أَوْ نِيَّتِهِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلشُّهُودِ الشَّهَادَةُ عَلَى أَنَّهُ خَطَّهُ إذَا شَاهَدُوهُ وَقْتَ كِتَابَتِهِ وَكَانَ الْخَطُّ مَحْفُوظًا عِنْدَهُمْ لِيَأْمَنُوا التَّزْوِيرَ.
[الطَّرَفُ الثَّالِثُ التَّفْوِيضُ فِي الطَّلَاقُ]
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ التَّفْوِيضُ) .
(فَرْعٌ) فَوَّضَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ إلَى رَجُلَيْنِ فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً وَالْآخَرُ ثَلَاثًا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَيْهَا وَاخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ فَيَثْبُتُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ قَالَ الْفُورَانِيُّ لَا يَقَعُ سَيَأْتِي عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّطْلِيقُ فَوْرًا) كَأَنْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ التَّطْلِيقَ هُنَا جَوَابُ التَّمْلِيكِ فَكَانَ كَقَبُولِهِ وَقَبُولُهُ فَوْرِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَخَّرَتْ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ قَالَتْ عَلَى الْفَوْرِ قَبِلْت (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَبَعْضِ مُخْتَصِرِي الرَّوْضَةِ) كَالْأُصْفُونِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ) وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْحِجَازِيُّ وَنَقَلَهُ فِي التَّدْرِيبِ عَنْ النَّصِّ وَقَالَ جَرَى عَلَيْهِ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّمْلِيكِ وَمَنْ أَثْبَتَ الْقَوْلَيْنِ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ إذَا فَوَّضَ الطَّلَاقَ إلَيْهَا وَجَعَلَهُ عَلَى التَّرَاخِي فَاَلَّذِي رَمَزَ إلَيْهِ الْأَصْحَابُ فِي خِلَالِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ رَأَيْنَاهُ تَمْلِيكًا عَلَى مَا حَكَيْنَاهُ فِي الْجَوَابِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.
(3/278)
(قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّطْلِيقِ (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) أَيْ التَّفْوِيضُ (فَقَوْلُهُ إذَا جَاءَ الْغَدُ أَوْ زَيْدٌ) مَثَلًا (فَطَلِّقِي نَفْسَك لَغْوٌ) كَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (وَإِنْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ إذَا جَاءَ الْغَدُ) مَثَلًا (فَأَمْرُ امْرَأَتِي) أَيْ فِي الطَّلَاقِ (بِيَدِك وَقَصَدَ التَّقْيِيدَ بِالْغَدِ تَقَيَّدَ) الطَّلَاقُ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ الطَّلَاقُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَصَدَ إطْلَاقَ الطَّلَاقِ لَهُ بَعْدَ وُجُودِ الْغَدِ أَوْ أَطْلَقَ (فَلَهُ الطَّلَاقُ بَعْدَهُ) مَتَى شَاءَ كَمَا لَهُ الطَّلَاقُ فِيهِ وَشُمُولُ كَلَامِهِ لِمَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (أَمْرُهَا بِيَدِك إلَى شَهْرٍ) أَوْ شَهْرًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَهُ التَّطْلِيقُ) فِيهِ لَا بَعْدَهُ (وَإِنْ قَالَ) لَهَا (طَلِّقِي نَفْسَك فَعَلَّقَتْهُ بِقُدُومِ زَيْدٍ لَغَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهَا التَّعْلِيقَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ الَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ (وَإِنْ قَالَتْ) بَعْدَ قَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَك (كَيْف أُطَلِّقُ نَفْسِي ثُمَّ طَلَّقَتْ وَقَعَ) الطَّلَاقُ وَالْفَصْلُ بِذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ لِقَصْرِهِ (وَلَوْ وَكَّلَهَا أَوْ وَكَّلَ آخَرَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ لَمْ يَصِحَّ) كَمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ أَيْضًا فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِهِ يُوجَدُ لَا مَحَالَةَ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْأَيْمَانِ فَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لَهَا بَيِّنِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَيَا) عِنْدَ قَوْلِهِمَا الطَّلَاقَ (طَلُقَتْ) كَمَا تَطْلُقُ بِالصَّرِيحِ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ لَفْظُهُمَا بِالْكِنَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ لَمْ يُفَوِّضْ الطَّلَاقَ وَإِذَا لَمْ تَنْوِ هِيَ مَا امْتَثَلَتْ (وَتَطْلُقُ إذَا قَالَ) لَهَا (طَلِّقِي) نَفْسَك (فَقَالَتْ سَرَّحْت) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الصَّرَاحَةِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ (لَوْ كَنَّى) وَنَوَى (فَصَرَّحَتْ هِيَ أَوْ وَكِيلُهُ) فِي الطَّلَاقِ (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ صَرَّحَتْ فَكَنَّتْ هِيَ أَوْ وَكِيلُهُ وَنَوَيَا (إلَّا إنْ أَمَرَهُمَا بِأَحَدِهِمَا فَخَالَفَا) كَأَنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك أَوْ لَهُ طَلِّقْهَا بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَوْ قَالَ بِكِنَايَتِهِ فَعَدَلَا عَنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ إلَى غَيْرِهِ وَلَا تَطْلُقُ لِمُخَالَفَتِهِمَا صَرِيحَ كَلَامِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ طَلِّقْهَا بِلَفْظِ التَّطْلِيقِ فَطَلَّقَهَا بِلَفْظِ التَّسْرِيحِ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ تَطْلُقْ لِلْمُخَالَفَةِ (وَإِنْ أَجَابَتْ زَوْجَهَا بِطَلَّقْتُك فَكِنَايَةٌ كَقَوْلِهِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ) بِجَامِعِ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لَهَا نَاوِيًا لِلتَّفْوِيضِ) لِلطَّلَاقِ (اخْتَارِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت أَوْ) قَالَ (اخْتَارِي) فَقَطْ (فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي وَنَوَتْ) فِيهِمَا (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (وَإِنْ تَرَكَا النَّفْسَ مَعًا فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَتْ نَفْسَهَا إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِ أَحَدِهِمَا مَا يُشْعِرُ بِالْفِرَاقِ وَثَانِيهِمَا يَقَعُ إذَا نَوَتْ نَفْسَهَا وَبِهِ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ الْجَزْمُ بِهِ وَجَرَيْت عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَلَوْ قَالَتْ) بَعْدَ قَوْلِهِ اخْتَارِي نَفْسَك أَوْ اخْتَارِي فَقَطْ (نَاوِيَةً) لِلطَّلَاقِ (اخْتَرْت أَهْلِي أَوْ الْأَزْوَاجَ) أَوْ غَيْرَك (طَلُقَتْ) لِإِشْعَارِهَا بِالْفِرَاقِ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ نَاوِيَةً مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) إنْ أَجَابَتْهُ (بِاخْتَرْت زَوْجِي) أَوْ الزَّوْجَ (أَوْ النِّكَاحَ) فَلَا تَطْلُقُ لِعَدَمِ إشْعَارِهِ بِهِ (وَإِنْ قَالَتْ) فِي جَوَابِهِ (أَخْتَارُ لَمْ تَطْلُقْ) لِاحْتِمَالِ الِاسْتِقْبَالِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ (إلَّا إنْ قَصَدَتْ) بِهِ (الْإِنْشَاءَ) فَتَطْلُقُ (وَالْقَوْلُ فِي عَدَمِ اخْتِيَارِهَا) لِلطَّلَاقِ (فَوْرًا قَوْلُهُ) لِلْأَصْلِ وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الِاخْتِيَارِ مُمْكِنَةٌ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ التَّخْيِيرِ أَوْ فِي اخْتِيَارِ الزَّوْجَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى.
(وَ) الْقَوْلُ (فِي الْبَيِّنَةِ) إثْبَاتًا وَنَفْيًا (قَوْلُ النَّاوِي) لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ نَعَمْ لَوْ قَالَتْ مَا نَوَيْت فَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ نَوَيْت طَلُقَتْ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَكَذَا) الْقَوْلُ فِيهَا (قَوْلُهُ مَنْ وُكِّلَ فِي الطَّلَاقِ فَكَنَّى) بِهِ كَأَنْ قَالَ لَهَا أَنْت بَائِنٌ أَوْ أَمْرُك بِيَدِك وَزَعَمَ أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ وَلَمْ تُكَذِّبْهُ وَكَذَّبَهُ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ (لَا إنْ كَذَّبَاهُ مَعًا) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ (وَإِنْ فَوَّضَهَا) أَيْ فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ (فِيمَا شَاءَتْ مِنْ الثَّلَاثِ) كَأَنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي أَوْ طَلِّقِي نَفْسَك مِنْ ثَلَاثِ طَلْقَاتٍ مَا شِئْت (مَلَكَتْ مَا دُونَهَا) مِنْ وَاحِدَةٍ وَثِنْتَيْنِ وَلَا تَمْلِكُ الثَّلَاثَ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ (وَإِنْ كَرَّرَ) قَوْلَهُ (اخْتَارِي وَأَرَادَ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ بِاخْتِيَارِهَا فَإِنْ أَرَادَ عَدَدًا وَقَعَ أَوْ أَطْلَقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَمْرُك بِيَدِك فَتَزَوَّجَ فَفِي مَصِيرِهِ مُفَوِّضًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِتَفْوِيضٍ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَلَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ الَّذِي عِنْدِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصْلٌ قَالَ لَهَا بَيِّنِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَيَا الطَّلَاقَ]
(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ طَلَّقَهَا بِلَفْظِ التَّطْلِيقِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَرْعٌ قَالَ لَهَا نَاوِيًا لِلتَّفْوِيضِ لِلطَّلَاقِ اخْتَارِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت]
(قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا يَقَعُ إنْ نَوَتْ نَفْسَهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ إذْ الْقَرِينَةُ دَلَّتْ عَلَى الْمَحْذُوفِ فَكَانَ كَالْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَتْ أَخْتَارُ) أَيْ أَوْ أَطْلُقُ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ الِاسْتِقْبَالِ) لَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَ النُّحَاةِ الْمُضَارِعُ إذَا تَجَرَّدَ فَالْحَالُ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْحَالِ وَعَارَضَهُ أَصْلُ بَقَاءِ النِّكَاحِ.
(قَوْلُهُ وَلَا تَمْلِكُ الثَّلَاثَةَ) لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ كَمَا لَوْ قَالَ ضَعُوا عَنْ الْمُكَاتِبِ مَا شَاءَ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشَاءَ الْكُلَّ.
(3/279)
وَقَعَ بِعَدَدِ اللَّفْظِ إنْ لَمْ تُخَالِفْهُ فِيهِمَا وَإِلَّا وَقَعَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ.
(وَلَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا عَبَثًا) وَنَوَتْ (فَصَادَفَتْ التَّفْوِيضَ) لَهَا وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا (طَلُقَتْ) كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ حَيٌّ فَبَانَ مَيِّتًا بَلْ أَوْلَى (وَإِنْ جَعَلَ طَلَاقَهَا بِيَدِ اللَّهِ وَيَدِ زَيْدٍ لَغَا إنْ قَصَدَ الشِّرْكَةَ) فَلَيْسَ لِزَيْدٍ أَنْ يُطَلِّقَهَا (لَا) إنْ قَصَدَ (التَّبَرُّكَ) أَوْ أَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ فَلَا يَلْغُو قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَمَا لَوْ قَصَدَ الشِّرْكَةَ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ الْعَطْفِ (وَقَوْلُهُ) لَهَا (جَعَلْت كُلَّ أَمْرٍ لِي عَلَيْك بِيَدِك كِنَايَةٌ فِي التَّفْوِيضِ) إلَيْهَا وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا مَا لَمْ يَنْوِهَا هُوَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَ) قَوْلُهُ (طَلِّقِي نَفْسَك فِي غَدٍ لَغْوٌ) وَإِنْ ضَمَّهُ إلَى غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ طَلِّقِي نَفْسَك الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ كَمَا صَوَّرَ بِهِ الْأَصْلُ فَيَلْغُو فِيهِ قَوْلُهُ وَغَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي أَوْ أَبِينِي نَفْسَك فَطَلَّقَتْ) نَفْسَهَا (وَنَوَيَا الثَّلَاثَ وَقَعَتْ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ وَقَدْ نَوَيَاهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِيَاهَا بِأَنْ نَوَى أَحَدُهُمَا عَدَدًا وَالْآخَرُ أَقَلَّ مِنْهُ (فَأَقَلُّ النِّيَّتَيْنِ) يَقَعُ لِأَنَّهُ الْمُتَّفِقُ عَلَيْهِ وَالْأَوْلَى فَأَقَلُّ الْمَنْوِيَّيْنِ (وَلَوْ لَمْ يَنْوِ) هُوَ أَوْ هِيَ (شَيْئًا وَقَعَتْ وَاحِدَةً) وَإِنْ نَوَى عَدَدًا وَطَلَّقَتْ بِالصَّرِيحِ لِأَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِي الْعَدَدِ وَهِيَ لَمْ تَنْوِ عَدَدًا (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَقَالَتْ بِلَا نِيَّةٍ طَلَّقْت وَقَعْنَ) لِأَنَّ قَوْلَهَا هُنَا جَوَابٌ لِكَلَامِهِ فَهُوَ كَالْمُعَادِ فِي الْجَوَابِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَلَفَّظْ هُوَ بِالثَّلَاثِ وَنَوَاهَا لِأَنَّ الْمَنْوِيَّ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ عَوْدِهِ فِي الْجَوَابِ إذْ التَّخَاطُبُ بِاللَّفْظِ لَا بِالنِّيَّةِ (أَوْ) قَالَتْ (طَلَّقْت وَاحِدَةً وَقَعَتْ) لِأَنَّهَا الْمُوقِعَةُ أَوْ ثِنْتَيْنِ وَقَعَتَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ زَادَتْ الثِّنْتَيْنِ) الْبَاقِيَتَيْنِ عَلَى الْوَاحِدَةِ الَّتِي أَوْقَعَهَا (فَوْرًا وَلَوْ بَعْدَمَا رَاجَعَ وَقَعْنَ) أَيْ الثَّلَاثُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَطْلُقَ الثَّلَاثَ دَفْعَةً وَبَيْنَ قَوْلِهَا طَلَّقْت وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَلَا يَقْدَحُ تَخَلُّلُ الرَّجْعَةِ مِنْ الزَّوْجِ وَالتَّصْرِيحُ بِفَوْرِيَّةِ الزِّيَادَةِ وَبِحُكْمِ مَا إذَا لَمْ يُرَاجِعْ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا) أَوْ ثِنْتَيْنِ (فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ لِأَنَّهَا الْمَأْذُونُ فِيهِ وَالْمُتَّفِقُ عَلَيْهِ (وَالْوَكِيلُ كَذَلِكَ) أَيْ كَالْمَرْأَةِ فِيمَا ذُكِرَ فَلَا يَقَعُ بِطَلَاقِهِ إلَّا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ (أَوْ) قَالَ (طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً أَوْ) قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك (وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَشِيئَةَ وَإِنْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْعَدَدِ فَقَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا وَعَكْسُهُ) بِأَنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً (لَغَا) فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ لِصَيْرُورَةِ الْمَشِيئَةِ شَرْطًا فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ وَالْمَعْنَى طَلِّقِي إنْ اخْتَرْت الثَّلَاثَ فَإِذَا اخْتَارَتْ غَيْرَهُنَّ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى تَفْوِيضِ الْمُعَيَّنِ وَالْمَعْنَى فَوَّضْت إلَيْك أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَإِنْ شِئْت فَافْعَلِي مَا فَوَّضْت إلَيْك وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ وَلَا نُفُوذَ مَا يَدْخُلُ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّلَاقِ أَيْضًا فَقَالَ إنْ شِئْت طَلِّقِي ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً كَانَ كَمَا لَوْ أَخَّرَهَا عَنْ الْعَدَدِ.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ
فَيُشْتَرَطُ قَصْدُ اللَّفْظِ بِمَعْنَاهُ) أَيْ مَعَهُ لِيُزِيلَ مِلْكَ النِّكَاحِ فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إنَّ الْبَاءَ فِي بِمَعْنَاهُ تَحْرِيفٌ وَإِنَّمَا صَوَابُهُ بِاللَّامِ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قَصْدُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى مَعًا وَاعْتُبِرَ قَصْدُ الْمَعْنَى لِيَخْرُجَ حِكَايَةُ طَلَاقِ الْغَيْرِ وَتَصْوِيرُ الْفَقِيهِ وَالنِّدَاءُ بِطَالِقٍ لِمُسَمَّاةٍ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ وَقَصْدُهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ ظَاهِرًا عِنْدَ عُرُوضِ مَا يَصْرِفُ الطَّلَاقَ عَنْ مَعْنَاهُ كَهَذِهِ الْمُخْرِجَاتِ لَا مُطْلَقًا إذْ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ قَصَدَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَفَهِمَ مَعْنَاهُ وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَاهُ كَمَا فِي حَالِ الْهَزْلِ بَلْ لَوْ قَالَ مَا قَصَدْته لَمْ يُدَيَّنْ وَمِنْ هُنَا قَالُوا الصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ وَعَلَى اعْتِبَارِ قَصْدِ الْمَعْنَى فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ بَعْضِ فُضَلَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى أَيْ وَفَهْمُهُ وَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَعَ ذَاكَ قَصْدُ الْإِيقَاعِ قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ فَقَالَ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ إنَّمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ إذَا نَوَى حَقِيقَةَ الطَّلَاقِ وَقَصَدَ إيقَاعَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ (فَحِكَايَةُ الطَّلَاقِ) كَقَوْلِهِ قَالَ فُلَانٌ زَوْجَتِي طَالِقٌ (وَكَذَا طَلَاقُ النَّائِمِ) وَالْمُبَرْسَمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَغْوٌ وَإِنْ قَالَ) بَعْدَ اسْتِيقَاظِهِ (أَجَزْته أَوْ أَوْقَعْته) لِعَدَمِ قَصْدِ مَعْنَاهُ وَلِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ وَذَكَرَ مِنْهَا النَّائِمَ» .
(وَكَذَا سَبْقُ اللِّسَانِ) إلَى لَفْظِ الطَّلَاقِ لَغْوٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ اللَّفْظَ (لَكِنْ يُؤَاخَذُ بِهِ وَلَا يُصَدَّقُ) فِي دَعْوَاهُ السَّبْقَ (ظَاهِرًا إنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ بِخِلَافِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ) وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ إنَّمَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ كَمَالَ التَّفْوِيضِ.
(قَوْلُهُ وَالْوَكِيلُ كَذَلِكَ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إذَا وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَقَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَقَعَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ فَتَسْمِيَةُ بَعْضِهِ كَتَسْمِيَةِ كُلِّهِ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ لَهُ طَلِّقْهَا طَلْقَةً فَطَلَّقَهَا نِصْفًا وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا مُؤَقَّتًا كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ شَهْرًا. اهـ. وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ نِصْفَ طَلْقَةٍ فَطَلَّقَهَا كَذَلِكَ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إذَا وَكَّلَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ فِي فَصْلٍ فِي إيقَاعِ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْعَدَدِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّلَاقِ أَيْضًا فَبَحْثُ الشَّارِحُ الْآتِي مَرْدُودٌ.
[الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ]
(الرُّكْنُ الثَّالِثُ قَصْدُ الطَّلَاقِ) (قَوْلُهُ وَكَذَا سَبْقُ اللِّسَانِ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ طَلَبْتُك فَسَبَقَ لِسَانِي إلَى طَلَّقْتُك وَمِنْ صُوَرِ سَبْقِ اللِّسَانِ أَنْ يَرَاهَا طَالِعَةً فِي سُلَّمٍ أَوْ حَبْلٍ فَيَقُولُ إلَى أَيْنَ أَنْتِ طَالِقَةٌ ثُمَّ يَقُولُ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ إلَى أَيْنَ أَنْتِ طَالِعَةٌ أَوْ يَرَاهَا ذَاهِبَةً فِي طَرِيقٍ فَيَقُولُ إلَى أَيْنَ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ وَقَالَ أَرَدْت إلَى أَيْنَ أَنْتِ مُنْطَلِقَةٌ
(3/280)
مَا إذَا كَانَتْ قَرِينَةٌ كَأَنْ دَعَاهَا بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ إلَى فِرَاشِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ الْآنَ طَاهِرَةٌ فَسَبَقَ لِسَانُهُ وَقَالَ أَنْتِ الْآنَ طَالِقَةٌ (وَلَوْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ) فِي دَعْوَاهُ السَّبْقَ (بِأَمَارَةٍ فَلَهَا مُصَادَقَتُهُ) أَيْ قَبُولُ قَوْلِهِ (وَكَذَا لِلشُّهُودِ) الَّذِينَ سَمِعُوا الطَّلَاقَ مِنْهُ وَعَرَفُوا صِدْقَ دَعْوَاهُ السَّبْقَ بِأَمَارَةٍ (أَنْ لَا يَشْهَدُوا) عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَذَكَرَ أَوَاخِرَ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ لَفْظَ رَجُلٍ بِالطَّلَاقِ وَتَحَقَّقَ أَنَّهُ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِمُطْلَقِ الطَّلَاقِ وَكَانَ مَا هُنَا فِيمَا إذَا ظَنُّوا وَمَا هُنَاكَ فِيمَا إذَا تُحَقَّقُوا كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُمْ وَمَعَ ذَلِكَ فِيمَا هُنَا نَظَرٌ (فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا أَوْ طَارِقًا أَوْ طَالِبًا) أَوْ نَحْوَهَا مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تُقَارِبُ حُرُوفَ طَالِقٍ (فَنَادَاهَا يَا طَالِقُ طَلُقَتْ وَ) لَكِنْ (إنْ ادَّعَى سَبْقَ اللِّسَانِ) إلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ (قُبِلَ مِنْهُ) ظَاهِرًا لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ (أَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا فَنَادَاهَا) بِهِ (لَمْ تَطْلُقْ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ نِدَاءَهَا بِاسْمِهَا (إلَّا إنْ نَوَى) الطَّلَاقَ فَتَطْلُقُ وَصُورَةُ عَدَمِ طَلَاقِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَنْ تُوجَدَ التَّسْمِيَةُ بِطَالِقٍ عِنْدَ النِّدَاءِ فَإِنْ زَالَتْ ضَعُفَتْ الْقَرِينَةُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ نِدَاءِ عَبْدِهِ الْمُسَمَّى بِحَرْبِيٍّ حُرٌّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَضَبَطَ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ يَا طَالِقْ بِإِسْكَانِ الْقَافِ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إنْ قَالَ يَا طَالِقُ بِالضَّمِّ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ بِنَاءَهُ عَلَى الضَّمِّ يُرْشِدُ إلَى إرَادَةِ الْعَلَمِيَّةِ وَإِنْ قَالَ يَا طَالِقًا بِالنَّصْبِ تَعَيَّنَ صَرْفُهُ إلَى التَّطْلِيقِ وَيَنْبَغِي فِي الْحَالَيْنِ أَنَّا لَا نَرْجِعُ لِدَعْوَى خِلَافِ ذَلِكَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّ اللَّحْنَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ.
(فَصْلٌ يَقَعُ طَلَاقُ الْهَازِلِ وَعِتْقُهُ وَكَذَا نِكَاحُهُ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) فَلَا يُدَيَّنُ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ فِي مُعْرِضِ الدَّلَالِ أَوْ الِاسْتِهْزَاءِ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْتُك وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَتَى بِاللَّفْظِ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ وَعَدَمُ رِضَاهُ بِوُقُوعِهِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لَا أَثَرَ لَهُ لِخَطَأِ ظَنِّهِ كَمَا لَا أَثَرَ لَهُ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ وَلِخَبَرِ «ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ إسْنَادَهُ وَقِيسَ بِالثَّلَاثَةِ غَيْرُهَا وَخُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَبْضَاعِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَزِيدِ اعْتِنَاءٍ عَلَى أَنَّ التِّرْمِذِيَّ رَوَى أَنَّ هَزْلَ الْعِتْقِ جَدٌّ وَإِنَّمَا لَمْ يُدَيَّنْ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْرِفْ اللَّفْظَ إلَى غَيْرِ مَعْنَاهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت عَنْ وَثَاقٍ لِأَنَّهُ ثَمَّ صَرَفَ اللَّفْظَ عَنْ ظَاهِرِهِ إلَى مَعْنًى آخَرَ.
(وَلَوْ ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً) لِكَوْنِهَا فِي ظُلْمَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ زَوَّجَهُ أَبَاهُ فِي صِغَرِهِ أَوْ وَكِيلُهُ فِي كِبَرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ نَحْوَهَا (أَوْ نَسِيَ النِّكَاحَ فَطَلَّقَهَا طَلُقَتْ ظَاهِرًا) لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي مَحَلِّهِ وَظَنُّ غَيْرِ الْوَاقِعِ لَا يَدْفَعُهُ (وَفِي الْبَاطِنِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى) صِحَّةِ (الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ) وَعَدَمِهَا وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْوُقُوعُ (وَلَوْ جَفَاهُ جَمْعٌ) كَأَنْ كَانَ وَاعِظًا وَطَلَبَ مِنْ الْحَاضِرِينَ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ فَقَالَ مُتَضَجِّعًا مِنْهُمْ (طَلَّقْتُكُمْ وَفِيهِمْ امْرَأَتُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ) بِهَا (لَغَا) فَلَا تَطْلُقُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ أَفْتَى بِخِلَافِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ وَلِأَنَّ النِّسَاءَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَوْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ بِإِمَارَةٍ فَلَهَا مُصَادَقَتُهُ) وَلَا يُكْرَهُ لَهَا وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا النُّشُوزُ عَنْهُ فَإِنْ نَشَزَتْ لَمْ يُجْبِرْهَا الْحَاكِمُ وَإِنْ أَثِمَتْ لِوُقُوعِ طَلَاقِهِ فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ وَكَانَ مَا هُنَا فِيمَا إذَا ظَنُّوا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَالِعًا أَوْ طَارِقًا إلَخْ) لَوْ كَانَ الزَّوْجُ أَلْثَغَ يُبْدِلُ الرَّاءَ لَامًا وَاسْمُهَا طَارِقٌ فَلَا شَكَّ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ إنَّهُ أَرَادَ النِّدَاءَ وَفِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ اسْمُ زَوْجَتِهِ طَاهِرَةً أَوْ اسْمًا آخَرَ فَأَرَادَ أَنْ يُنَادِيَهَا بِاسْمِهَا فَسَبَقَ إلَى لِسَانِهِ يَا طَالِقُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَالْمُكْرَهِ (قَوْلُهُ وَصُورَةُ عَدَمِ طَلَاقِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَنْ تُوجَدَ التَّسْمِيَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّ اللَّحْنَ لَا يُؤَثِّرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصْلٌ طَلَاقُ الْهَازِلِ وَعِتْقُهُ وَنِكَاحُهُ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا]
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يَقَعُ طَلَاقُ الْهَازِلِ) أَيْ وَاللَّاعِبِ قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا عَطْفُهُ اللَّعِبَ عَلَى الْهَزْلِ يَقْتَضِي تَغَايُرَهُمَا وَكَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ يَقْتَضِي تَرَادُفَهُمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْفَائِقِ الْهَزْلُ وَاللَّعِبُ مِنْ وَادِي الِاضْطِرَابِ وَعَطْفُهُ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْوَاوِ مِنْ بَابِ عَطْفِ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَذْكُرَا فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ إلَّا لَفْظَ الْهَزْلِ فَقَطْ وَإِنَّمَا جَمَعَ الْمُحَرَّرُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ فِي الشَّرْحِ صَوَّرَ الْهَازِلَ فِيمَا إذَا لَاعَبَهَا بِالطَّلَاقِ وَفِي النِّهَايَةِ الْهَازِلُ الَّذِي يَقْصِدُ اللَّفْظَ دُونَ مَعْنَاهُ وَاللَّاعِبُ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْهُ اللَّفْظُ دُونَ قَصْدٍ.
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْوُقُوعُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَحَذَفَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ذِكْرَ الْبِنَاءِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِهِ (قَوْلُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَأَنْ حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عَلَى زَيْدٍ فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهِمْ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَقَالَ هُوَ الَّذِي أَعْتَقِدهُ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الطَّلَاقِ لُغَةً الْهَجْرُ وَالْمُفَارَقَةُ وَشَرْعًا حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْوَاعِظِ عَلَى الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّهُ هُنَا مُتَعَذِّرٌ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي جَمِيعِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ وَشَرْطُ حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ عَدَمُ تَضَادِّهِمَا فَتَعَيَّنَتْ اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ لَا تُفِيدُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ بِكِنَايَتِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ بَلْ لَوْ صَرَّحَ وَقَالَ طَلَّقْتُكُمْ وَزَوْجَتِي لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَكُتِبَ أَيْضًا فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَوْ زَاحَمَتْهُ امْرَأَةٌ فِي طَرِيقٍ فَقَالَ تَأَخَّرِي يَا حُرَّةُ فَبَانَتْ أَمَتَهُ لَا تَعْتِقُ وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْهُ فِي أَوَائِلِ الْعِتْقِ وَأَقَرَّاهُ وَهِيَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ هُنَا عَلَى أَنَّ النِّدَاءَ بِالصَّرِيحِ صَرِيحٌ كَقَوْلِهِ يَا طَالِقُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ حَقِيقَةُ الطَّلَاقِ لُغَةً الْهَجْرُ وَالْمُفَارَقَةُ وَشَرْعًا حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْوَاعِظِ عَلَى الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّهُ مُتَعَذِّرٌ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي جَمِيعِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ وَشَرْطُ حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ عَدَمُ تَضَادِّهِمَا فَتَعَيَّنَتْ اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ لَا تُفِيدُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ بَلْ لَوْ صَرَّحَ وَقَالَ طَلَّقْتُكُمْ وَزَوْجَتِي لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِيمَنْ قَالَ نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا فَاطِمَةُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى نِسْوَةٍ لَمْ يَطْلُقْنَ فَكَانَ لَغْوًا بِاعْتِبَارِ مَا عَطْفٌ
(3/281)
لَا يَدْخُلْنَ فِي خِطَابِ الرِّجَالِ إلَّا بِدَلِيلٍ انْتَهَى وَاعْتُرِضَ بِمَنْعِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ إذْ مَعْنَاهُ الْفُرْقَةُ وَقَدْ نَوَاهَا وَبِأَنَّ دَلِيلَ الدُّخُولِ هُنَا مَوْجُودٌ وَهُوَ مُشَافَهَةُ الْحَاضِرِينَ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ فِيهِمْ لَا يَمْنَعُ الْإِيقَاعَ كَمَنْ خَاطَبَهَا يَظُنُّهَا غَيْرَهَا وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا قَطْعُ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْوَاعِظُ بِخِلَافِ مَنْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ يَظُنُّهَا غَيْرَهَا وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِحَسَبِ الْقَصْدِ لِلتَّغْلِيبِ وَلَا قَصْدَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (لُقِّنَ) الزَّوْجُ (الطَّلَاقَ) أَيْ كَلِمَتُهُ (بِلُغَةٍ لَا يَعْرِفُهَا) فَقَالَهَا (جَاهِلًا مَعْنَاهَا فَقَصَدَ بِهِ) الْأَوْلَى بِهَا (الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ) كَمَا لَوْ قَصَدَهُ بِلَفْظٍ لَا مَعْنَى لَهُ وَكَمَا لَوْ لُقِّنَ كَلِمَةَ الْكُفْرِ فَقَالَهَا لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ وَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ لَفَظَ عَجَمِيٌّ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُلَقَّنَ وَأَنْ لَا يُلَقَّنَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَكَذَا) لَا يَقَعُ (لَوْ قَصَدَ) بِهَا (مَعْنَاهَا بِالْعَرَبِيَّةِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهَا لَمْ يَصِحَّ قَصْدُهُ (وَيُؤَاخَذُ) بِمَعْنَاهَا فِيمَا ذُكِرَ (ظَاهِرًا مُخَالِطُ أَهْلِهَا) وَيُدَيَّنُ.
(فَصْلٌ) فِي الْإِكْرَاهِ (لَا يَصِحُّ طَلَاقٌ وَإِسْلَامٌ) وَغَيْرُهُمَا مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ (مِنْ مُكْرَهٍ بِبَاطِلٍ) لِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَلِخَبَرِ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ لَوْ صَدَرَ مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ وَصَحَّ إسْلَامُهُ فَإِذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِبَاطِلٍ لَغَا كَالرِّدَّةِ نَعَمْ تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ فِيهَا مُكْرَهًا بَطَلَتْ (لَا حَقَّ) أَيْ لَا مِنْ مُكْرَهٍ بِحَقٍّ (فَيَصِحُّ إسْلَامُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ بِالْإِكْرَاهِ) لَهُمَا عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ وَكَذَا طَلَاقُ الْمَوْلَى وَاحِدَةً بِإِكْرَاهِ الْقَاضِي لَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَتَقَدَّمَ تَصْوِيرُ أَمْرِهِ بِالطَّلَاقِ دُونَ الْفَيْئَةِ (لَا) إسْلَامُ (الذِّمِّيِّ) لِأَنَّهُ مُقَرٌّ عَلَى كُفْرِهِ بِالْجِزْيَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُعَاهِدَ كَالذِّمِّيِّ (فَلَوْ أَكْرَهَ الْقَاضِي) الزَّوْجَ (الْمَوْلَى عَلَى) الطَّلْقَاتِ (الثَّلَاثِ) فَتَلَفَّظَ بِهَا (وَقُلْنَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (لَغَا) الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ غَيْرُهُ (وَإِلَّا وَقَعَتْ وَاحِدَةً) وَلَغَا الزَّائِدُ (وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ بِصِيغَةٍ) مِنْ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ (أَوْ صِفَةٍ) مِنْ تَنْجِيزٍ أَوْ تَعْلِيقٍ أَوْ تَوْحِيدٍ لِلطَّلَاقِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ أَوْ ضِدِّهِ (فَأَتَى بِغَيْرِهَا أَوْ) عَلَى الطَّلَاقِ (بِتَخْيِيرٍ) فِيهِ أَوْ فِي الزَّوْجَاتِ كَطَلِّقْ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ حَفْصَةَ أَوْ عَمْرَةَ (أَوْ) عَلَى طَلَاقٍ (مُبْهَمٍ) مَحَلُّهُ كَطَلِّقْ إحْدَى زَوْجَتَيْك (فَعَيَّنَ) فِي التَّخْيِيرِ أَوْ الْإِبْهَامِ (أَوْ عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ فَقَالَ هِيَ وَعَمْرَةُ طَلْقَانِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِظُهُورِ قَصْدِ الِاخْتِيَارِ بِعُدُولِهِ عَمَّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ (فَلَوْ قَالَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ أَوْ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ عَمْرَةُ لَا حَفْصَةُ) وَإِنْ عُطِفَتْ عَمْرَةُ عَلَى مَنْ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ مَنْ لَمْ تَطْلُقْ هُنَا مَحَلٌّ لِطَلَاقِ الزَّوْجِ حَالَةَ إيقَاعِهِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي وَفِي نِسَاءِ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي.
(فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى الْمُكْرَهُ التَّوْرِيَةَ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت بِطَلَاقِ فَاطِمَةَ غَيْرَ زَوْجَتِي أَوْ الطَّلَاقَ مِنْ وَثَاقٍ (قُبِلَ) مِنْهُ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا لِأَنَّهُ لَا طَلَاقَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ التَّوْرِيَةَ (وَلَا يَلْزَمُهُ) لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (التَّوْرِيَةُ) بِأَنْ يُرِيدَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ (فَلَوْ تَرَكَهَا عَالِمًا) بِهَا وَلَوْ (مِنْ غَيْرِ دَهْشَةٍ) أَصَابَتْهُ بِالْإِكْرَاهِ (لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى اللَّفْظِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ تُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ وَيُفَارِقُ الْمَصُولَ عَلَيْهِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْهَرَبُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ بِأَنَّ النُّفُوسَ يُحْتَاطُ لَهَا مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهَا وَالتَّوْرِيَةُ مِنْ وَرَّيْت الْخَبَرَ تَوْرِيَةً أَيْ سَتَرَتْهُ وَأَظْهَرْت غَيْرَهُ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ وَرَاءِ الْإِنْسَانِ كَأَنَّهُ يَجْعَلُهُ وَرَاءَهُ حَيْثُ لَا يُظْهَرُ ذِكْرَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَمَعْنَاهَا أَنْ يُطَلِّقَ لَفْظًا هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَعْنًى وَيُرِيدُ بِهِ مَعْنًى آخَرَ يَتَنَاوَلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ.
(وَلَوْ أُكْرِهَ) عَلَى الطَّلَاقِ (فَقَصَدَ الْإِيقَاعَ) بِهِ (وَقَعَ) لِقَصْدِهِ فَصَرِيحُ لَفْظِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ كِنَايَةٌ (وَلَوْ أُكْرِهَ غَيْرُ الزَّوْجِ الْوَكِيلُ) فِي الطَّلَاقِ عَلَيْهِ (لَغَا) طَلَاقُ الْوَكِيلِ فَلَا يَقَعُ وَإِنْ وُجِدَ اخْتِيَارُ مُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ أَمَّا لَوْ أَكْرَهَهُ الزَّوْجُ فَيَقَعُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ.
[فَصْلٌ حَدُّ الْإِكْرَاهِ]
(فَصْلٌ حَدُّ الْإِكْرَاهِ أَنْ يُهَدِّدَ الْمُكْرَهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِكْرَاهِ (بِعَاجِلٍ) مِنْ أَنْوَاعِ الْعِقَابِ (يُؤَثِّرُ لِعَاقِلٍ لِأَجْلِهِ الْإِقْدَامَ عَلَى مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ) بِهِ مَا هَدَّدَهُ بِهِ إنْ امْتَنَعَ مِمَّا أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ (وَعَجَزَ عَنْ الْهَرَبِ) وَالْمُقَاوَمَةِ (وَالِاسْتِغَاثَةِ) بِغَيْرِهِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الدَّفْعِ وَخَرَجَ بِعَاجِلِ الْآجِلِ فَلَا يَحْصُلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ مُجَرَّدُ الْهَجْرِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ فِي مَحَلِّ الزَّوْجِيَّةِ فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا قَطْعُ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يُرِدْ الْوَاعِظُ ذَلِكَ فِي مُخَاطَبَتِهِ لِلْحَاضِرِينَ فَلَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ عِصْمَةٌ يَقْطَعُهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ مُفَارَقَتَهُمْ وَمُتَارَكَتَهُمْ وَعَدَمَ الِاجْتِمَاعِ بِهِمْ وَهَذَا صَارِفٌ عَنْ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا فَلَا يَقَعُ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ طَلَاقٌ.
[فَرْعٌ لُقِّنَ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ بِلُغَةٍ لَا يَعْرِفُهَا فَقَالَهَا جَاهِلًا مَعْنَاهَا]
(قَوْلُهُ لُغَةُ الطَّلَاقِ بِلُغَةٍ لَا يَعْرِفُهَا) شَمِلَ الْعَجَمِيَّ وَالْعَرَبِيَّ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُلَقَّنَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصْلٌ فِي الْإِكْرَاهِ فِي الطَّلَاق]
(قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ تَصْوِيرُ أَمْرِهِ بِالطَّلَاقِ دُونَ الْفَيْئَةِ) صُورَتُهُ أَنْ يَتَعَيَّنَ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ آلَى مِنْ غَائِبَةٍ أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِالْفَيْئَةِ وَمَضَى زَمَنُ إمْكَانٍ لِلِاجْتِمَاعِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَأْمُرُهُ بِالطَّلَاقِ عَيْنًا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُعَاهِدَ أَيْ وَالْمُسْتَأْمَنَ كَالذِّمِّيِّ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَكْرَهَ الْقَاضِي إلَخْ) قَالَ الكوهكيلوني فِي الضَّابِطِ إنَّ كُلَّ مَا لَا يَلْزَمُهُ حَالَ الطَّوَاعِيَةِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ بِالْإِكْرَاهِ وَكُلَّ مَا يَلْزَمُهُ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ كَطَلَاقِ زَوْجَةِ الْمَوْلَى وَبَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْأَدَاءِ.
[فَرْعٌ ادَّعَى الْمُكْرَهُ عَلَى الطَّلَاقَ التَّوْرِيَةَ]
(قَوْلُهُ لَوْ ادَّعَى الْمُكْرَهُ التَّوْرِيَةَ إلَخْ) كُلُّ قَرِينَةٍ إذَا ادَّعَاهَا الْمُخْتَارُ يُدَيَّنُ بِهَا فِي الْبَاطِنِ إذَا ادَّعَاهَا الْمُكْرَهُ تُقْبَلُ ظَاهِرًا.
(فَصْلٌ) حَدُّ الْإِكْرَاهِ
(3/282)
بِهِ الْإِكْرَاهُ كَقَوْلِهِ لِأَضْرِبَنَّكَ غَدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إيقَاعُ مَا هَدَّدَهُ بِهِ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَا سِيَّمَا إذَا عُرِفَ مِنْ عَادَةِ الظَّالِمِ إيقَاعُ ذَلِكَ انْتَهَى وَمَعَ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ عَاجِلًا لَا يُشْتَرَطُ تَنْجِيزُهُ بَلْ يَكْفِي التَّوَعُّدُ لَفْظًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَيَخْتَلِفُ الْإِكْرَاهُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَسْبَابِ) الْمُكْرَهِ عَلَيْهَا فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ إكْرَاهًا فِي شَخْصٍ دُونَ آخَرَ وَفِي سَبَبٍ دُونَ آخَرَ (فَالتَّخْوِيفُ بِالْحَبْسِ الطَّوِيلِ وَالصَّفْعِ ظَاهِرًا) أَيْ فِي الْمَلَأِ وَتَسْوِيدِ الْوَجْهِ (وَالطَّوَافِ) فِي السُّوقِ أَيْ التَّخْوِيفِ بِكُلٍّ مِنْهَا (لِذِي مُرُوءَةٍ وَإِتْلَافِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (لَا) إتْلَافِ الْمَالِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (الَّذِي لَا يُضَيِّقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُكْرَهِ كَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي حَقِّ الْمُوسِرِ (إكْرَاهٌ عَلَى الطَّلَاقِ) وَنَحْوِهِ (لَا عَلَى الْقَتْلِ) وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ إتْلَافُ الْمَالِ الْمَذْكُورِ إكْرَاهًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَحَمَّلُهُ وَلَا يُطَلِّقُ بِخِلَافِ الْمَالِ الَّذِي يُضَيِّقُ عَلَى الْمُكْرَهِ (وَ) الْإِكْرَاهُ (بِإِتْلَافِ الْمَالِ إكْرَاهٌ فِي إتْلَافِ الْمَالِ) وَحُصُولُ الْإِكْرَاهِ بِمَا ذُكِرَ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ لَكِنْ فِي بَعْضِ تَفْصِيلِهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي حُكِيَ عَنْ النَّصِّ وَصَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَقَالَ فِي الشَّرْحَيْنِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِمَحْذُورٍ مِنْ نَحْوِ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ أَخْذٍ مَالٍ أَوْ إتْلَافِهِ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ اسْتِخْفَافٍ وَتَخْتَلِفُ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ وَلَا يَخْتَلِفُ بِهِ مَا قَبْلَهَا وَقِيلَ يَخْتَلِفُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ وَنَحْوُهُ (لَا بِطَلِّقْ زَوْجَتَك وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي) أَوْ كَفَرْت أَوْ أَبْطَلْت صَوْمِي أَوْ صَلَاتِي فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ (وَلَا بِتَخْوِيفٍ مِنْ قِصَاصٍ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ طَلِّقْ امْرَأَتَك وَإِلَّا اقْتَصَصْت مِنْك فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ (وَإِنْ قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ لَا نُخَلِّيك حَتَّى تَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّك تَكْتُمُنَا) أَيْ لَا تُخْبِرُ بِنَا (فَحَلَفَ) بِذَلِكَ (فَهُوَ إكْرَاهٌ) مِنْهُمْ لَهُ عَلَى الْحَلِفِ (فَإِذَا أَخْبَرَ بِهِمْ لَمْ تَطْلُقْ) زَوْجَتُهُ (أَوْ أُكْرِهَ) بِأَنَّ حَمَلَهُ ظَالِمٌ (عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى زَيْدٍ أَوْ مَالِهِ) وَقَدْ أَنْكَرَ مَعْرِفَةَ مَحَلِّهِ فَلَمْ يُخَلِّهِ حَتَّى يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ (فَحَلَفَ بِهِ كَاذِبًا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يُكْرَهْ عَلَى الطَّلَاقِ بَلْ خُيِّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّلَالَةِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ طَلَّقْت مُكْرَهًا) فَأَنْكَرَتْ زَوْجَتُهُ (وَهُنَاكَ قَرِينَةٌ كَالْحَبْسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (وَإِلَّا فَلَا كَدَعْوَى الْإِغْمَاءِ) بِأَنْ طَلَّقَ مَرِيضٌ ثُمَّ قَالَ كُنْت مُغْمًى عَلَيَّ فَإِنَّهُ إنْ عُهِدَ لَهُ إغْمَاءٌ قَبْلَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا (فَإِنْ ادَّعَى الصِّبَا) بَعْدَ طَلَاقِهِ بِقَيْدٍ زَادَ بِقَوْلِهِ (وَأَمْكَنَ) صِدْقُهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ مَعَ تَصْدِيقِهِ فِي دَعْوَى النَّوْمِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ قَالَ طَلَّقْت وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ نَائِمٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى وَوَجْهُ النَّظَرِ بِأَنَّهُ لَا أَمَارَةَ عَلَى النَّوْمِ بِخِلَافِ الصِّبَا وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَةَ النَّوْمِ لِهَذَا النَّظَرِ وَتَعَجَّبَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ جَزَمَ فِي الْأَيْمَانِ بِعَدَمِ تَصْدِيقِ مُدَّعِي عَدَمِ قَصْدِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ظَاهِرًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِمَا وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ تِلْكَ لَا تُشْبِهُ هَذِهِ فَإِنَّ الزَّوْجَ تَلَفَّظَ ثَمَّ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ ثُمَّ ادَّعَى صَرْفَهُ بِعَدَمِ الْقَصْدِ وَالْمُدَّعَى هُنَا طَلَاقٌ مُقَيَّدٌ بِحَالَةٍ لَا يَصِحُّ فِيهَا الطَّلَاقُ فَقُبِلَ قَوْلُهُ لِعَدَمِ مُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ.
(فَصْلٌ) فِي طَلَاقِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ (يَنْفَدُ طَلَاقُ الْمُتَعَدِّي بِالسُّكْرِ) بِشُرْبِ خَمْرٍ (وَشُرْبِ دَوَاءٍ مُجَنِّنٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ) وَذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ أَوْ إتْلَافُ عُضْوِ أَحَدِهِمْ (قَوْلُهُ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ إلَخْ) لِيَجْتَمِعَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُ مَا فِي الزَّوَائِدِ لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا تَبَعًا لِلشَّاشِيِّ فِي الْمُعْتَمَدِ وَقَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا تَوَعَّدَ بِأَخْذِ الْقَلِيلِ مِنْ مَالِ مَنْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَخْتَلِفُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي إلَخْ) قَالَ الْحُسْبَانِيُّ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَظْهَرُ عَدَمُ الْوُقُوعِ إذَا قَالَهُ مَنْ لَوْ هَدَّدَ بِقَتْلِهِ كَانَ مُكْرَهًا كَالْوَلَدِ وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ عَدَمُ الْوُقُوعِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا بِتَخْوِيفٍ مِنْ قِصَاصٍ) أَيْ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ لَا نُخَلِّيك إلَخْ) أَيْ وَقَدْ هَدَّدُوهُ بِمَا هُوَ إكْرَاهٌ (قَوْلُهُ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى زَيْدٍ أَوْ مَالِهِ فَحَلَفَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيُسْأَلُ عَنْهُ كَثِيرًا أَنَّ الْمَكَسَةَ أَوْ أَعْوَانَهُمْ يُمْسِكُونَ التَّاجِرَ وَغَيْرَهُ وَيَقُولُونَ بِعْت بِضَاعَةً بِلَا مَكْسٍ أَوْ خُفْيَةً أَوْ حِدْت عَنْ الطَّرِيقِ فَيُنْكِرُ فَيَقُولُونَ احْلِفْ بِالطَّلَاقِ بِأَنَّك لَمْ تَصْنَعْ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ خَوْفًا مِنْ شَرِّهِمْ إذْ لَوْ اعْتَرَفَ ضَرَبُوهُ وَأَخَذُوا مَالَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا إذْ لَا غَرَضَ لَهُمْ فِي حَلِفِهِ وَلَمْ يُكْرِهُوهُ عَلَيْهِ عَيْنًا وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَرْعٌ قَالَ طَلَّقْت مُكْرَهًا فَأَنْكَرَتْ زَوْجَتُهُ]
(قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ فِيهِ نَظَرٌ) وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ كُنْت نَائِمًا وَقْتَ تَلَفَّظْت بِالطَّلَاقِ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَغْشِيًّا عَلَيَّ وَنَازَعَتْهُ الْمَرْأَةُ وَقَالَتْ تَنَاوَمْت أَوْ تَجَانَنْت أَوْ تَغَاشَيْتَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلَوْ قَالَ كُنْت مَجْنُونًا فَقَالَتْ مَا جُنَّ قَطُّ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ فَالنَّوْمُ لِمَا عُهِدَ مِنْهُ قَبْلَ قَوْلِهِ كَالْمَجْنُونِ لِمَا عُهِدَ مِنْهُ وَقِيَاسُهُ فِي الْمَرِيضِ إذَا عُهِدَ مِنْهُ الْغَشْيُ فَإِنْ لَمْ يُعْهَدْ فَتُصَدَّقُ هِيَ وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ وَتَعَجَّبَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا إيرَادٌ عَجِيبٌ فَإِنَّهُ هَا هُنَا قَيَّدَ إقْرَارَهُ بِحَالَةٍ لَا يَصِحُّ فِيهَا الطَّلَاقُ فَقُبِلَ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ وَعَدَمِ مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ شَخْصًا وَقَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ عُرِفَ الصِّبَا وَعُهِدَ الْجُنُونُ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْيَمِينِ الَّتِي أَوْرَدَهَا فَصُورَتُهَا مَا إذَا أَتَى بِصَرِيحِ الْيَمِينِ ثُمَّ قَالَ لَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِمُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِمَا) أَيْ فَكَانَ يَنْبَغِي رَدُّ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ بِهَذَا.
[فَصْلٌ فِي طَلَاقِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ]
(قَوْلُهُ يَنْفُذُ طَلَاقُ الْمُتَعَدِّي بِالسُّكْرِ إلَخْ) لِأَنَّهُ كَالصَّاحِي فِي قَضَاءِ صَلَوَاتِ زَمَنِ سُكْرِهِ وَكَذَا فِي وُقُوعِ طَلَاقِهِ وَغَيْرِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِيَنْزَجِرَ
(3/283)
بِلَا حَاجَةٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ السُّكْرُ بِمَا ذُكِرَ كَزَوَالِ عَقْلِهِ بِوَثْبَةٍ (وَلَوْ كَانَ) السُّكْرُ (طَافِحًا) عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَسْقُطُ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ لِعِصْيَانِهِ بِإِزَالَةِ عَقْلِهِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ وَخَالَفَ الْإِمَامُ فِي الطَّافِحِ (وَكَذَا تَنْفُذُ سَائِرُ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ مِمَّا لَهُ وَعَلَيْهِ) مَعًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَوْ مُنْفَرِدَيْنِ كَالْإِسْلَامِ وَالطَّلَاقِ وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ نُفُوذِ طَلَاقِهِ مَا لَوْ طَلَّقَ بِكِنَايَةٍ لِاحْتِيَاجِهَا إلَى النِّيَّةِ كَمَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَخَرَجَ بِالْمُتَعَدِّي غَيْرُهُ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُسْكِرٌ أَوْ شَرِبَ دَوَاءً مُجَنِّنًا لِحَاجَةٍ فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ (وَالرُّجُوعُ فِي مَعْرِفَةِ السُّكْرِ إلَى الْعُرْفِ قُلْت وَلَا حَاجَةَ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ) الْقَائِلِ بِنُفُوذِ تَصَرُّفِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ (إلَى مَعْرِفَةِ السُّكْرِ لِأَنَّهُ إمَّا صَاحٍ وَإِمَّا سَكْرَانُ زَائِلُ الْعَقْلِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّاحِي بَلْ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ السُّكْرِ فِي غَيْرِ الْمُتَعَدَّى) بِهِ (وَفِيمَا إذَا قَالَ إنْ سَكِرْت فَأَنْت طَالِقٌ فَيُقَالُ أَدْنَاهُ) أَيْ أَدْنَى السُّكْرِ الْمُقَابِلِ لِأَنْهَاهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ طَافِحًا (أَنْ يَخْتَلَّ كَلَامُهُ الْمَنْظُومُ وَيَنْكَشِفَ سِرُّهُ الْمَكْتُومُ) كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ أَدْنَى وَقَدْ جَعَلَهُ الْأَصْلُ حَدًّا لِلسَّكْرَانِ مَعَ حُدُودٍ أُخَرَ وَجَعَلَ أَقْرَبَهَا مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الرُّجُوعِ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَلَوْ قَالَ السَّكْرَانُ بَعْدَمَا طَلَّقَ إنَّمَا شَرِبْت الْخَمْرَ مُكْرَهًا أَيْ وَثَمَّ قَرِينَةٌ أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ مَا شَرِبْته مُسْكِرٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يُسْتَفْسَرَ فَإِنْ ذَكَرَ مَا يَكُونُ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا فَذَاكَ وَإِلَّا قُضِيَ عَلَيْهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ إكْرَاهًا وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ.
الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَحَلُّ وَهُوَ الْمَرْأَةُ
فَإِنْ قَالَ طَلَّقْتُك) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ (فَذَاكَ) وَاضِحٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ جِسْمُك أَوْ جَسَدُك أَوْ شَخْصُك أَوْ جُثَّتُك أَوْ ذَاتُك طَالِقٌ طَلُقَتْ (وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْهَا) مَعْلُومًا كَالنِّصْفِ أَوْ مُبْهَمًا كَالْبَعْضِ شَائِعًا كَمَا مَثَّلْنَا أَوْ مُعَيَّنًا أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا ظَاهِرًا كَانَ كَالْيَدِ أَوْ بَاطِنًا كَالْكَبِدِ (وَلَوْ) كَانَ الْجُزْءُ (مِمَّا يَنْفَصِلُ) مِنْهَا فِي الْحَيَاةِ (كَالشَّعْرِ وَالظُّفْرِ طَلُقَتْ) كَمَا فِي الْعِتْقِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إزَالَةُ مِلْكٍ يَحْصُلُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْغَى وَتَبْعِيضُهُ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي حُكْمِ النِّكَاحِ فَوَجَبَ تَعْمِيمُهُ (لَا الْفَضَلَاتِ) كَرِيقٍ وَعَرَقٍ وَبَوْلٍ (وَلَوْ لَبَنًا وَمَنِيًّا) فَلَا تَطْلُقُ الْمَرْأَةُ بِطَلَاقِ شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا وَاللَّبَنُ وَالْمَنِيُّ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا دَمًا فَقَدْ تَهَيَّآ لِلْخُرُوجِ بِالِاسْتِحَالَةِ كَالْبَوْلِ وَكَالْفَضَلَاتِ الْأَخْلَاطِ كَالْبَلْغَمِ وَالْمَرْتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَالشَّحْمُ وَالسَّمْنُ وَالدَّمُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا جُزْءٌ مِنْ الْبَدَنِ وَبِهَا قِوَامُهُ فَإِذَا أَطْلَقَ شَيْئًا مِنْهَا طَلُقَتْ الْمَرْأَةُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي السَّمْنِ هُوَ مَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَبَعْضِ نُسَخِ الْكَبِيرِ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ كَالْحَسَنِ وَالْقَبِيحِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهَا مَعْنًى قَائِمٌ بِالذَّاتِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ إنَّ تِلْكَ النُّسْخَةَ سَقِيمَةٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ السَّقِيمَةُ هَذِهِ وَالسَّمْنُ لَيْسَ مَعْنِيٌّ بَلْ هُوَ زِيَادَةُ لَحْمٍ فَيَكُونُ كَاللَّحْمِ وَأَلْحَقَ الْمُتَوَلِّي بِالدَّمِ رُطُوبَةَ الْبَدَنِ (لَا الْجَنِينَ) لِأَنَّهُ شَخْصٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ (وَلَا الْعُضْوَ الْمُلْتَحِمَ) بِالْمَرْأَةِ (بَعْدَ الْفَصْلِ) مِنْهَا لِأَنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ قَطْعِهِ وَعَدَمِ تَعْلِيقِ الْقِصَاصِ بِهِ (وَلَا الْمَعَانِي الْقَائِمَةَ بِالذَّاتِ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْحَرَكَةِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ) الْمَعْنَوِيَّةِ كَالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ وَالْمَلَاحَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَجْزَاءً مِنْ بَدَنِهَا (فَإِنْ قَالَ اسْمُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إنْ لَمْ يُرِدْ) بِهِ (الذَّاتَ) فَإِنْ أَرَادَهَا بِهِ طَلُقَتْ (أَوْ) قَالَ (رُوحُك أَوْ نَفْسُك) بِإِسْكَانِ الْفَاءِ (طَالِقٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ مِمَّا لَهُ وَعَلَيْهِ مَعًا) خَرَجَ بِهِ النَّائِبُ عَنْ غَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ نُفُوذِ طَلَاقِهِ مَا لَوْ طَلَّقَ بِكِنَايَةٍ إلَخْ) أَمَّا لَوْ نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ طَلَاقُهُ بِهَا (قَوْلُهُ مَعَ حُدُودٍ أُخَرَ إلَخْ) عَنْ الْمُزَنِيّ أَنَّهُ الَّذِي لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَبَيْنَ أُمِّهِ وَامْرَأَتِهِ وَقِيلَ إنَّهُ الَّذِي يُفْصِحُ بِمَا كَانَ يَحْتَشِمُ مِنْهُ وَقِيلَ الَّذِي يَتَمَايَلُ فِي مَشْيِهِ وَيَهْذِي فِي كَلَامِهِ وَقِيلَ الَّذِي لَا يَعْلَمُ مَا يَقُولُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يُسْتَفْسَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[الرُّكْنُ الرَّابِعُ فِي الطَّلَاقِ الْمَحَلُّ]
(الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَحَلُّ) (قَوْلُهُ كَالشَّعْرِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ لَوْ أَشَارَ إلَى شَعْرَةٍ فَقَالَ هَذِهِ الشَّعْرَةُ مِنْك طَالِقٌ طَلُقَتْ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا فَرْجَك طَلُقَتْ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَالِاسْتِثْنَاءُ لَا يَسْرِي وَلَوْ قَالَ يَا حَفْصَةُ أَنْت طَالِقٌ وَرَأْسُ عَمْرَةَ بِرَفْعِ رَأْسِ طَلُقَتَا وَقِيلَ إذَا لَمْ يَنْوِ فَفِي طَلَاقِ عَمْرَةَ وَجْهَانِ وَلَوْ قَالَ رَأْسِ عَمْرَةَ بِجَرِّ الرَّأْسِ لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ فَإِنَّهُ أَقْسَمَ بِرَأْسِهَا عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ (قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْهَا) كَفَرْجِك أَوْ دُبُرِك (قَوْلُهُ ظَاهِرًا كَانَ كَالْيَدِ) أَوْ بَاطِنًا كَالْكَبِدِ لَوْ قَالَ أُنْثَيَاك أَوْ إحْدَى أُنْثَيَيْك طَالِقٌ أَفْتَى الْفَقِيهُ أَحْمَدُ الرَّسُولُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قَالَ لِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ أُنْثَيَيْنِ مِنْ دَاخِلِ الْفَرْج وَقَالَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ وَأَظُنُّهُ قَالَ إحْدَاهُمَا لِنَبْتِ الشَّعْرِ وَالثَّانِيَةُ لِنُزُولِ الْمَنِيِّ. اهـ. وَلَمْ نَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَلَعَلَّ قَوْلَهُمْ عُضْوٌ يَشْمَلُهُ فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ. اهـ. نَاشِرِيّ وَقَوْلُهُ أَفْتَى الْفَقِيهُ أَحْمَدُ الرَّسُولُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَالْقُونَوِيِّ فِي شَرْحِ الْحَاوِي (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ زِيَادَةُ لَحْمٍ فَيَكُونُ كَاللَّحْمِ) يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا ضَمَانَهُ فِي الْغَصْبِ فِيمَا لَوْ سَمِنَتْ ثُمَّ هَزَلَتْ فَأَوْجَبُوا ضَمَانَ كُلِّ سِمَنٍ تَكَرَّرَ بِخِلَافِ الصَّنْعَةِ إذَا زَالَتْ ثُمَّ عَادَتْ (قَوْلُهُ وَلَا الْمَعَانِي إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ وَلَا أَصْلُهُ لِمَا إذَا قَالَ عَقْلُك طَالِقٌ وَقَدْ اسْتَفْتَيْت عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَجَبْت فِيهَا بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفِقْهِ أَنَّ الْعَقْلَ عَرَضٌ وَلَيْسَ بِجَوْهَرٍ. اهـ. قَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ وَأَنَّهُ مِنْ الْمَعَانِي وَقَوْلُهُ وَأَجَبْت فِيهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ اسْمُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) إنْ لَمْ يُرِدْ الذَّاتَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت اسْمَهَا دُيِّنَ وَهَلْ يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ قَبُولِهِ
(3/284)
لَا نَفَسُك بِفَتْحِ الْفَاءِ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُمَا أَصْلُ الْآدَمِيِّ وَقَدْ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ نَفَسِك بِفَتْحِ الْفَاءِ لِأَنَّهُ أَجْزَاءٌ مِنْ الْهَوَاءِ تَدْخُلُ الرِّئَةَ وَتَخْرُجُ مِنْهَا لَا جُزْءٌ مِنْ الْمَرْأَةِ وَلَا صِفَةٌ لَهَا وَمِثْلُهُ ظِلُّك وَطَرِيقُك وَصُحْبَتُك صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا) تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ (حَيَاتُك) طَالِقٌ (إنْ أَرَادَ بِهَا الرُّوحَ) أَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ (لَا) إنْ أَرَادَ بِهَا (الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالْحَيِّ) كَسَائِرِ الْمَعَانِي.
(فَرْعٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ عَلَى الْجُزْءِ ثُمَّ يَسْرِي) إلَى بَاقِي الْبَدَنِ كَمَا فِي الْعِتْقِ (فَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَيَمِينُك طَالِقٌ فَقُطِعَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَطْلُقْ كَمَنْ خَاطَبَهَا) بِذَلِكَ (وَلَا يَمِينَ) لَهَا لِفِقْدَانِ الْجُزْءِ الَّذِي يَسْرِي مِنْهُ الطَّلَاقُ إلَى الْبَاقِي كَمَا فِي الْعِتْقِ وَكَمَا لَوْ قَالَ فَلِحْيَتُك أَوْ ذَكَرُك طَالِقٌ وَصَوَّرَ الرُّويَانِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا فَقَدَتْ يَمِينَهَا مِنْ الْكَتِفِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الْكَفِّ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ (وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَوْ لِمُلْتَقَطَةٍ يَدُك أُمُّ وَلَدِي) فِي الْأُولَى (أَوْ) يَدُك (ابْنِي) فِي الثَّانِيَةِ (لَغَا) فَلَا يَثْبُتُ بِهِ اسْتِيلَادٌ وَلَا نَسَبٌ لِعَدَمِ السِّرَايَةِ فِيهِمَا.
الرُّكْنُ الْخَامِسُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْمَحَلِّ
فَيَقَعُ فِي الْعِدَّةِ طَلَاقُ رَجْعِيَّةٍ) لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكِ الرَّجْعَةِ (لَا) طَلَاقٌ (بَائِنٌ) لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا (وَقَوْلُهُ) لِأَجْنَبِيَّةٍ (إنْ تَزَوَّجْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ لَغْوٌ) لِذَلِكَ وَلِخَبَرِ «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ وَلَا عِتْقَ إلَّا بَعْدَ مِلْكٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ بِلَفْظِ «لَا طَلَاقَ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ وَلَا عَتَاقَ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ» وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ أَيْ لَا طَلَاقَ وَاقِعٌ وَلَا مُعَلَّقَ وَلَا عَتَاقَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ كَالنَّذْرِ بِنَحْوِ قَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ حَيْثُ يَلْزَمُهُ النَّذْرُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ رَقَبَةً لِأَنَّ ذَاكَ الْتِزَامٌ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ (فَإِنْ قَالَ) لِرَقِيقٍ (إنْ مَلَكْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقك أَوْ فَأَنْت وَصِيَّةٌ لِزَيْدٍ فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ النَّذْرِ الْتِزَامٌ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ وَصُورَةُ الْوَصِيَّةِ أَوْلَى بِذَلِكَ وَثَانِيهِمَا لَا لِتَعَلُّقِهِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ (وَ) إنْ قَالَ (لِغَيْرِ حَامِلٍ) أَوْ لِحَامِلٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَكَانَ الْأَوْلَى وَالْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ لِأَمَتِهِ أَوْ لِحَائِلٍ (إنْ وَلَدْت فَوَلَدُك حُرٌّ فَوَلَدَتْ عَتَقَ) الْوَلَدُ لِأَنَّهُ مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِي الْأَصْلِ فَمَلَكَهُ فِي الْفَرْعِ كَمَا أَنَّ مُسْتَحِقَّ الدَّارِ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَنَافِعِ الْمَعْدُومَةِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَا تَلِدُهُ الْأَمَةُ ثُمَّ عَلَّقَ بِذَلِكَ فَوَلَدَتْ لَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ تَنْزِيلًا لِاسْتِحْقَاقِهِ مَنَافِعَهَا فِي الْوِلَادَةِ مَنْزِلَةَ مِلْكِهِ لَهَا وَكَلَامُهُمْ جَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ.
(وَلَوْ عَلَّقَ الْعَبْدُ) الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ (بِدُخُولِهَا فَعَتَقَ ثُمَّ دَخَلْت أَوْ بِعِتْقِهِ فَعَتَقَ وَقَعْنَ) أَيْ الثَّلَاثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلثَّالِثَةِ حَالَةَ التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ مَلَكَ التَّعْلِيقَ فِي الْجُمْلَةِ وَلِأَنَّهُ مَلَكَ أَصْلَ النِّكَاحِ الْمُقَيَّدِ بِمِلْكِ الثَّلَاثِ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ وَقَدْ وُجِدَتْ وَشُبِّهَ ذَلِكَ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ حَالَ الْبِدْعَةِ (وَإِنْ عَلَّقَ) الزَّوْجُ (طَلَاقَهَا) بِصِفَةٍ كَدُخُولِ الدَّارِ (فَأَبَانَهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ قَبْلَ التَّزْوِيجِ لَمْ تَطْلُقْ) لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالدُّخُولِ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ (وَكَذَا) إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّزْوِيجِ (إذْ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ الْحِنْثُ فِيهِ) أَيْ فِي الطَّلَاقِ (وَلَا فِي غَيْرِهِ كَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَالْعِتْقِ بَعْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ) أَيْ مِلْكِ النِّكَاحِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالرَّقَبَةِ فِي الثَّالِثِ وَبَعْدَ تَجَدُّدِهِ وَذَلِكَ لِتَخَلُّلِ حَالَةٍ لَا يَصِحُّ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَرُفِعَ حُكْمُ الْيَمِينِ وَلِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ سَبَقَ هَذَا النِّكَاحَ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ كَالتَّعْلِيقِ فِي حَالِ عَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ (وَلَا يَضُرُّهُ) أَيْ عَوْدُ الْحِنْثِ فِيمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ) الظَّاهِرُ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ إذْ الْحَيَاةُ صِفَةٌ تَقْتَضِي الْحِسَّ وَالْحَرَكَةَ الْإِرَادِيَّةَ وَتَفْتَقِرُ إلَى الْبَدَنِ وَالرُّوحِ.
[فَرْعٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ عَلَى الْجُزْءِ ثُمَّ يَسْرِي إلَى بَاقِي الْبَدَنِ]
(قَوْلُهُ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الْكَفِّ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْيَدَ هَلْ تَطْلُقُ إلَى الْمَنْكِبِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ هَلْ تَطْلُقُ إلَى الْمَنْكِبِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[الرُّكْنُ الْخَامِسُ فِي الطَّلَاقِ الْوِلَايَةُ عَلَى الْمَحَلِّ]
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إنْ تَزَوَّجْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ لَغْوٌ) رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ آبَائِهِ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنَّ أُمِّي عَرَضَتْ عَلَيَّ قَرَابَةً فَقُلْت هِيَ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مِلْكٌ قُلْت لَا قَالَ لَا بَأْسَ» وَرُوِيَ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ يَوْمَ أَتَزَوَّجُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ فَقَالَ طَلَّقَ مَا لَا يَمْلِكُ» وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ صَرِيحَانِ فِي إبْطَالِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ لَا طَلَاقَ إلَخْ) اسْتَدَلَّ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49] وَعَلَّلَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْعَقْدِ فَبَطَلَ أَثَرُهُ.
(تَنْبِيهٌ)
قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَرُفِعَ إلَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ فَفَسَخَهُ انْفَسَخَتْ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ أَنَّهُ يَمِينٌ أَوْ لَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ قَالَ الْهَرَوِيُّ لَيْسَ ذَلِكَ بِفَسْخٍ بَلْ هُوَ حُكْمٌ بِإِبْطَالِ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْيَمِينَ الصَّحِيحَةَ لَا تُفْسَخُ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ النَّذْرِ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ) قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ مَلَكْت هَذَا الْعَبْدَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ أَوْ فَهُوَ حُرٌّ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَّقَ بِذَلِكَ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَلَّقَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَبَعْدَ الْقَبُولِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالدُّخُولِ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ) لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنَاوَلَتْ فِعْلًا وَاحِدًا وَقَدْ وُجِدَ فِي حَالٍ لَا يَقَعُ فِيهَا فَانْحَلَّتْ (قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَهُ) قَالَ الْغَزِّيِّ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت فَأَبَانَهَا ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا لَمْ تَنْحَلَّ يَمِينُهُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ بَعْدَ نِكَاحِهَا طَلُقَتْ عَلَى أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلَوْ تَزَوَّجَ فِي الْبَيْنُونَةِ ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا لَمْ تَطْلُقْ بِمَا جَرَى فِي الْبَيْنُونَةِ فَلَوْ كَانَ قَالَ إذَا تَزَوَّجْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْك فَأَبَانَهَا وَتَزَوَّجَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَلَا تَطْلُقُ إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا امْرَأَةً بَعْدَ أَنْ نَكَحَهَا. اهـ. مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُقُوعِ طَلَاقِهَا بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ سَبَقَ هَذَا النِّكَاحَ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يُرَادَ بِهِ النِّكَاحُ الثَّانِي لِسَبْقِهِ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ وَقَدْ انْقَطَعَ.
(3/285)
ذُكِرَ (تَخَلُّلُ) الطَّلَاقِ (الرَّجْعِيِّ وَالرَّجْعَةِ) بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَوُجُودِ الصِّفَةِ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَيْسَتْ نِكَاحًا مُجَدَّدًا وَلَا تَخَلُّلُ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ مَا ذُكِرَ (وَلَوْ قَالَ إنْ أَبَنْتُكِ ثُمَّ نَكَحْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَلَغْوٌ) فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالدُّخُولِ لِمَا مَرَّ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بِقَوْلِهِ وَدَخَلْت الدَّارَ وَجَعَلَهُ عَقِبَ نَكَحْتُك كَمَا فَعَلَ الْأَصْلُ كَانَ أَخْصَرَ.
(وَمَنْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَتَهُ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ الثَّلَاثِ) وَلَوْ بَعْدَ الزَّوْجِ (عَادَتْ إلَيْهِ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا) دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ الطَّلَاقِ لَمْ يُحْوِجُ إلَى زَوْجٍ آخَرَ فَالنِّكَاحُ الثَّانِي وَالدُّخُولُ فِيهِ لَا يَهْدِمَانِهِ كَوَطْءِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ أَمَّا بَعْدَ اسْتِكْمَالِهَا فَتَعُودُ إلَيْهِ بِالثَّلَاثِ لِأَنَّ دُخُولَ الثَّانِي بِهَا أَفَادَ حِلَّهَا لِلْأَوَّلِ وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ الْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لِاسْتِغْرَاقِهِ فَكَانَ نِكَاحًا مُفْتَتَحًا بِأَحْكَامِهِ.
(فَصْلٌ لِلْحُرِّ) طَلْقَاتٌ (ثَلَاثٌ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] أَيْنَ الثَّالِثَةُ فَقَالَ {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] » (وَلِلْعَبْدِ) مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا (طَلْقَتَانِ) فَقَطْ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُمَلِّكُ فَاعْتُبِرَ بِمَالِكِهِ وَمَشْرُوعٌ لِحَاجَةِ الرَّجُلِ فَاعْتُبِرَ بِجَانِبِهِ وَالْمُبَعَّضُ كَالْعَبْدِ (وَإِنْ طَلَّقَهَا الذِّمِّيُّ) الْحُرُّ (طَلْقَةً ثُمَّ اُسْتُرِقَّ) بَعْدَ نَقْضِهِ الْعَهْدَ (ثُمَّ نَكَحَهَا) بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (عَادَتْ) لَهُ (بِطَلْقَةٍ) فَقَطْ لِأَنَّهُ رَقَّ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ عَدَدِ الْعَبِيدِ (وَكَذَا لَوْ سَبَقَ مِنْهُ) قَبْلَ اسْتِرْقَاقِهِ (طَلْقَتَانِ) ثُمَّ نَكَحَهَا عَادَتْ إلَيْهِ بِطَلْقَةٍ (لِأَنَّهَا لَمْ تَحْرُمْ) عَلَيْهِ (بِهِمَا) فَطَرَيَانُ الرِّقِّ لَا يَرْفَعُ الْحِلَّ الثَّابِتَ (وَمَنْ عَتَقَ بَعْدَ طَلْقَةٍ) أَوْقَعَهَا عَلَى زَوْجَتِهِ ثُمَّ رَاجَعَهَا أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ (بَقِيَ لَهُ طَلْقَتَانِ) لِأَنَّهُ عَتَقَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ عَدَدِ الْعَبِيدِ (أَوْ) عَتَقَ (بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ) فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِمُحَلِّلٍ لِاسْتِيفَائِهِ عَدَدَ الْعَبِيدِ فِي الرِّقِّ وَلِأَنَّهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِهِمَا فِي الرِّقِّ فَلَا تُرْفَعُ الْحُرْمَةُ بِعِتْقٍ يَحْدُثُ بَعْدَهُ كَمَا قُلْنَا إنَّ الذِّمِّيَّ الْحُرَّ إذَا طَلَّقَ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ لَا يَرْتَفِعُ الْحِلُّ بِرِقٍّ يَحْدُثُ بَعْدَهُ (وَكَذَا) لَا يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ (لَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (هَلْ وَقَعَتَا) أَيُّ الطَّلْقَتَانِ (قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ) لِأَنَّ الرِّقَّ وَوُقُوعَ الطَّلْقَتَيْنِ مَعْلُومَانِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الرِّقِّ حِينَ أَوْقَعَهُمَا (فَإِنْ ادَّعَى تَقَدُّمَ الْعِتْقِ) عَلَيْهِمَا (وَأَنْكَرَتْ هِيَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِوَقْتِ الطَّلَاقِ (إلَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى يَوْمِ الطَّلَاقِ) كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ (وَادَّعَى الْعِتْقَ قَبْلَهُ) فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الرِّقِّ قَبْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى يَوْمِ الْعِتْقِ وَمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتٍ.
(فَصْلٌ طَلَاقُ الْمَرِيضِ) فِي الْوُقُوعِ (الصَّحِيحِ) أَيْ كَطَلَاقِهِ فِيهِ (فَيَتَوَارَثَانِ) أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي) الطَّلَاقِ (الرَّجْعِيِّ) مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا لِبَقَاءِ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ فِي الرَّجْعِيَّةِ بِلُحُوقِ الطَّلَاقِ لَهَا كَمَا مَرَّ وَصِحَّةِ الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ مِنْهَا وَوُجُوبِ نَفَقَتِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَالِّهَا (لَا) فِي الطَّلَاقِ (الْبَائِنِ) لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ.
الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ
[الطَّرَف الْأَوَّلُ نِيَّةِ الْعَدَدِ فِي الطَّلَاقِ]
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ وَفِيهِ أَطْرَافٌ)
ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ فِي نِيَّةِ الْعَدَدِ فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ) أَوْ نَحْوُهُ (وَنَوَى ثَلَاثًا) مَثَلًا (وَقَعْنَ) لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهَا سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا (أَوْ أَنْتِ وَاحِدَةٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً سَوَاءً رَفَعَ) فِيهِمَا (وَاحِدَةٌ أَوْ نَصَبَ وَنَوَى ثَلَاثًا وَقَعْنَ) لِاحْتِمَالِ الْحَمْلِ عَلَى وَاحِدَةٍ مُلَفَّقَةٍ مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ عَلَى تَوَحُّدِ الْمَرْأَةِ عَنْ زَوْجِهَا بِمَا نَوَاهُ وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ وُقُوعُهَا أَيْضًا فِي الْجَرِّ وَالسُّكُونِ وَيُقَدَّرُ الْجَرُّ بِأَنْتِ ذَاتُ وَاحِدَةٍ أَوْ مُتَّصِفَةٌ بِوَاحِدَةٍ أَوْ بِكَوْنِ الْمُتَكَلِّمِ لَحَنَ وَاللَّحْنُ لَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ عِنْدَنَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ.
وَأَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا ذُكِرَ فِي حَالِ النَّصْبِ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَخَالَفَ فِيهِ الْمِنْهَاجَ تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَ وُقُوعَ وَاحِدَةٍ فَقَطْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] ثُمَّ قَالَ {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وَلَمْ يُفَرِّقْ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ أَنْ تَتَزَوَّجَ قَبْلَ الثَّانِيَةِ وَبَيْنَ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ فَقَدْ يَدْخُلُ بِهَا الزَّوْجُ وَقَدْ لَا يَدْخُلُ فَدَخَلَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ كُلُّهَا تَحْتَ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ.
[فَصْلٌ لِلْحُرِّ طَلْقَاتٌ ثَلَاثٌ]
(قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ بِمَالِكِهِ) كَعَدَدِ الزَّوْجَاتِ.
[فَصْلٌ طَلَاقُ الْمَرِيضِ فِي الْوُقُوعِ الصَّحِيحِ]
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ)
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ إلَخْ) أَشَارَ بِقَوْلِهِ بَائِنٌ إلَى أَنَّ الْكِنَايَةَ كَالصَّرِيحِ فِيمَا ذَكَرَهُ لِحَدِيثِ «رُكَانَةَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ فَحَلَّفَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ لَوَقَعَ وَيُشْتَرَطُ فِي نِيَّةِ الْعَدَدِ اقْتِرَانُهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ فَإِنْ نَوَاهَا فِي أَثْنَائِهِ فَعَلَى مَا مَرَّ فِي نِيَّةِ أَصْلِ الطَّلَاقِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِي التَّأْكِيدِ إرَادَتُهُ فِي أَوَّلِ التَّأْسِيسِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي اقْتِرَانِ نِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ سَأَلْت عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ أَنْتُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا وَلَمْ يَقْصِدْ تَوْزِيعًا وَلَا إيقَاعَ الثَّلَاثِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ فَهَلْ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ فَأَجَبْت بِأَنَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَنْ يَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتُمَا طَالِقَانِ مِنْ الْكُلِّيِّ التَّفْصِيلِيِّ فَهُوَ حُكْمٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى انْفِرَادِهَا كَصِيغَةِ الْعُمُومِ فَكَانَ قَوْلُهُ ثَلَاثًا رَاجِعًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَا إلَى مَجْمُوعِهِمَا وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْعَصْرِيِّينَ أَنَّهُ أَجَابَ بِوُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى تَوْزِيعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِمَا كَأَنَّهُ قَاسَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْقَعْت عَلَيْكُمَا أَوْ بَيْنَكُمَا ثَلَاثًا وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي مَا أَجَبْت بِهِ وَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةً (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ وُقُوعُهَا أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا ذُكِرَ فِي حَالِ النَّصْبِ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَخَالَفَ فِيهِ الْمِنْهَاجُ إلَخْ) وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ أَنْتِ اثْنَتَانِ إذَا نَوَى بِهِ ثَلَاثًا فَيَجِيءُ فِيمَا يَظْهَرُ فِيهِ الْخِلَافُ هَلْ يَقَعُ مَا نَوَى أَوْ لَا يَقَعُ إلَّا اثْنَتَانِ قَالَ شَيْخُنَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ بَائِنٌ ثَلَاثًا وَنَوَى
(3/286)
عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ مِنْ أَنَّ وَاحِدَةً صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَالنِّيَّةُ مَعَ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْمَنْوِيَّ لَا تُؤَثِّرُ (فَإِنْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ ثَلَاثًا وَنَوَى الطَّلَاقَ لَا الثَّلَاثَ وَقَعْنَ) لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ وَكِنَايَةٌ فِي الْعَدَدِ وَقَدْ نَوَاهُ وَكَذَا إنْ نَوَى الثَّلَاثَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) قَالَ (أَنْت بَائِنٌ ثَلَاثًا وَنَوَى وَاحِدَةً فَهَلْ يُنْظَرُ إلَى اللَّفْظِ) فَيَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِهَا (أَوْ) إلَى (النِّيَّةِ) فَوَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِالثَّلَاثِ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ (وَجْهَانِ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي الْجَزْمُ بِالْأَوَّلِ وَذِكْرُ الثَّلَاثِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِثَالٌ فَالثِّنْتَانِ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (وَلَوْ أَرَادَ الثَّلَاثَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا (فَمَاتَتْ أَوْ أَمْسَكَ فُوهُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ لَا قَبْلَهُ وَقَعْنَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَاهَا بِأَنْتِ طَالِقٌ لِتَضَمُّنِ إرَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ قَصْدَهَا وَقَدْ تَمَّ مَعَهُ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي حَيَاتِهَا أَوْ قَبْلَ إمْسَاكٍ فِيهِ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا مُبَيِّنٌ لِأَنْتِ طَالِقٌ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَا يُقَالُ تَبِينُ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَلَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَقِيلَ يَقَعُ وَاحِدَةً وَقِيلَ لَا شَيْءَ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ إنْ نَوَى الثَّلَاثَ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَقَصَدَ أَنْ يُحَقِّقَهُ بِاللَّفْظِ فَثَلَاثٌ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَصَحَّحَ فِي الْأَنْوَارِ قَوْلَ الْبُوشَنْجِيُّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ الْمَنْقُولُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَفَّالِ وَغَيْرِهِمَا أَمَّا إذَا حَصَلَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ لِخُرُوجِهَا عَنْ مَحَلِّ الطَّلَاقِ أَوْ إمْسَاكٍ فِيهِ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِهِ (وَرِدَّتُهَا وَإِسْلَامُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا (كَمَوْتِهَا) فِيمَا ذُكِرَ.
(فَصْلٌ) لَوْ قَالَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ (أَنْت طَالِقٌ مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ أَعْظَمَ الطَّلَاقِ أَوْ أَكْبَرَهُ بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ أَطْوَلَهُ) أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ أَشَدَّهُ أَوْ نَحْوَهَا (وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ) فَقَطْ رَجْعِيَّةٌ (وَكَذَا لَوْ قَالَ بِعَدَدِ التُّرَابِ) بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ إنَّ التُّرَابَ اسْمُ جِنْسٍ لَا جَمْعٌ وَقَالَ الْبَغَوِيّ عِنْدِي تَقَعُ الثَّلَاثُ بِنَاءً عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الْمُبَرِّدِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْقَاضِي وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرِهِمْ وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ قَوْلَ الْبَغَوِيّ قَالَا وَلَا يَقْتَضِي الْعُرْفُ غَيْرَهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ لِأَنَّ التُّرَابَ إنْ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ جَمْعًا فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَاحِدُهُ تُرَابَةٌ (أَوْ) بِعَدَدِ (شَعْرِ إبْلِيسَ) لِأَنَّهُ نَجَّزَ الطَّلَاقَ وَرَبَطَ عَدَدَهُ بِشَيْءٍ شَكَكْنَا فِيهِ فَنُوقِعُ أَصْلَ الطَّلَاقِ وَيُلْغَى الْعَدَدُ إذْ الْوَاحِدَةُ لَيْسَتْ بِعَدَدٍ لِأَنَّ أَقَلَّ الْعَدَدِ اثْنَانِ (فَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (بِعَدَدِ أَنْوَاعِ التُّرَابِ أَوْ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ بِالْمُثَلَّثَةِ أَوْ كُلِّهِ أَوْ يَا مِائَةَ طَالِقٍ أَوْ أَنْت مِائَةُ طَالِقٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ) لِظُهُورِ ذَلِكَ فِيهَا وَالتَّصْرِيحُ بِالضَّبْطِ بِالْمُثَلَّثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) أَنْتِ (كَمِائَةِ طَالِقٍ فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا تَقَعُ ثَلَاثٌ لِوُقُوعِ الشَّبَهِ فِي الْعَدَدِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَثَانِيهُمَا وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ وَاخْتَارَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ بَعْدُ وَأَقَرَّهُ وَاخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ (أَوْ) أَنْت (طَالِقٌ) طَلْقَةً وَاحِدَةً (أَلْفَ مَرَّةٍ أَوْ كَأَلْفٍ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (بِوَزْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا) فِي الثَّلَاثِ (فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ تَقَعُ لِأَنَّ ذِكْرَ الْوَاحِدَةِ فِي الْأُولَتَيْنِ يَمْنَعُ لُحُوقَ الْعَدَدِ وَذِكْرُ الْوَزْنِ فِي الثَّالِثَةِ يُلْغَى لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُوزَنُ وَاسْتَشْكَلَ حُكْمُ الْأُولَيَيْنِ (أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَوْ إنْ لَمْ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالتَّعْلِيقِ بِلَا قَصْدٍ لَمْ يَنْفَعْ فَهُنَا أَوْلَى (إلَّا إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ الِاسْتِثْنَاءَ) فَلَمْ يُتِمَّهُ فَلَا تَطْلُقُ (وَيُصَدَّقُ) فِي دَعْوَى ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَاحِدَةً أَنَّهُ يَقَعُ الْمَنْوِيُّ عَلَى الْمُرَجَّحِ مَا يَشْهَدُ لِمَا ذُكِرَ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ الْأَجْزَاءِ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يُنْظَرُ إلَى اللَّفْظِ أَوْ النِّيَّةِ) وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْكِنَايَةِ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَرَادَ الثَّلَاثَ) بِأَنْ نَوَاهَا مُقْتَرِنَةً بِلَفْظَةِ طَالِقٍ (قَوْلُهُ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ إنْ نَوَى الثَّلَاثَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ إلَخْ) هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ إذْ النِّيَّةُ إذَا لَمْ تُقَارِنْ اللَّفْظَ لَا أَثَرَ لَهَا ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّوْشِيحِ أَنَّهُ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ وَكَأَنَّهُ تَحْقِيقُ مَنَاطٍ ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَوْتَهَا قَبْلَ تَمَامٍ ثَلَاثًا وَبَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا كَمَوْتِهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مُصَرَّحًا بِهِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ بِوَقْعِ الثَّلَاثِ إذَا شَرَعَ فِي لَفْظِ ثَلَاثًا وَمَاتَتْ فِي أَثْنَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ شَرَعَ فِيهِ كَمَا قِيلَ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ ثُمَّ مَاتَتْ فَقَالَ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ دَخَلْت الدَّارَ أَنَّهُ يُقْبَلُ لِوُجُودِ بَعْضِ لَفْظِ التَّعْلِيقِ.
[فَصْلٌ قَالَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ نَحْوَهَا]
(فَصْلٌ قَوْلُهُ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مِلْءَ الدُّنْيَا) أَيْ أَوْ مِلْءَ الْبُيُوتِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهَا) أَيْ كَأَكْمَلِهِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ إنَّ التُّرَابَ اسْمُ جِنْسٍ) أَيْ وَاحِدٌ لَا يَقْتَضِي الْعَدَدَ صَرِيحًا وَلَا ضِمْنًا (قَوْلُهُ فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَاحِدُهُ تُرَابَةٌ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَا قَلِيلَ وَلَا كَثِيرَ وَقَعَ الثَّلَاثُ وَلَوْ قَالَ لَا كَثِيرَ وَلَا قَلِيلَ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ قَالَهُ فِي الْمُطَارَحَاتِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَا قَلِيلَ وَقَعَ الْكَثِيرُ وَهُوَ الثَّلَاثُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَلَمْ يَرْتَفِعْ وَفِي الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ لَا كَثِيرَ وَقَعَ الْقَلِيلُ وَهُوَ وَاحِدَةٌ وَفِي قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا قَلِيلَ رَفْعٌ لَهُ وَالطَّلَاقُ لَا يَرْتَفِعُ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ فَأَفْتَى الشَّيْخُ أَبُو الْمَعَالِي بِوُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ وَمُدْرِكُهُ ظَاهِرٌ وَأَفْتَى الْفَقِيهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ بِوُقُوعِ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ كَأَنَّهُ قَالَ طَلْقَةً وَشَيْئًا وَلَمَّا قَالَ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ وَقَعَتْ أَيْضًا طَلْقَتَانِ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ وَشَيْئًا فَتَقَعُ الثَّلَاثُ. اهـ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَكْثَرَ لَيْسَ إنْشَاءَ طَلَاقٍ بَلْ هَذَا عَطْفٌ عَلَى التَّفْسِيرِ لِلْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَقَلَّ فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ تَفْسِيرًا وَالتَّقْدِيرُ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا هُوَ أَقَلُّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرُ مِنْ طَلْقَةٍ وَهَذَا الْمَجْمُوعُ لَا يَزِيدُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ قَطْعًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بِوَزْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ إلَخْ) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ مِثْقَالَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ مَثَاقِيلَ أَوْ خَمْسَةً أَوْ عَشَرَةً أَوْ عِشْرِينَ فَطَلْقَةٌ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ وَمَنَعَ إتْمَامَ الْكَلَامِ
(3/287)
الظَّاهِرَةِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْبَابِ السَّادِسِ مَا حَاصِلُهُ الْوُقُوعُ إلَّا بِقَرِينَةٍ أُخْرَى بِأَنْ مَنَعَ إتْمَامَ الْكَلَامِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ فَلَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا قَرِينَةَ فَالْقِيَاسُ الْوُقُوعُ لَا عَدَمُهُ كَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ الْإِتْمَامِ بِلَا مَانِعٍ دَالٌّ عَلَى الْإِضْرَابِ عَنْهُ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ السَّابِقُ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ إنَّ الصِّيغَةَ وَضْعُهَا التَّعْلِيقُ لِأَنَّ دَلَالَتَهَا عَلَى مَا وُضِعَتْ لَهُ مَشْرُوطٌ بِذِكْرِ مَدْخُولِهَا مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُجَامِعَ الطَّلَاقَ نَحْوُ إنْ كُنْت زَوْجَتِي.
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ فَإِنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ لَهَا أَنْت مُطَلَّقَةٌ أَنْت مُسَرَّحَةٌ أَنْت مُفَارِقَةٌ مُتَوَالِيًا) فِيهِمَا (وَكَذَا لَوْ لَمْ يُكَرِّرْ أَنْتِ) بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ مُسَرَّحَةٌ مُفَارِقَةٌ (وَقَعَ الثَّلَاثُ إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ (لَا إنْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ) فَلَا يَقَعُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ أَكَّدَ الْأُولَى بِالْأُخْرَيَيْنِ فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ تَقَعُ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ فِي الْكَلَامِ مَعْهُودٌ فِي جَمِيعِ اللُّغَاتِ (أَوْ) أَكَّدَهَا (بِالثَّانِيَةِ أَوْ) أَكَّدَ (الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ) فَطَلْقَتَانِ يَقَعَانِ عَمَلًا بِقَصْدِهِ (فَلَوْ أَكَّدَ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ فَثَلَاثٌ) لِتَخَلُّلِ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْمُؤَكَّدِ وَالْمُؤَكِّدِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا مُتَوَالِيًا عَمَّا لَوْ فَرَّقَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ تَأْكِيدٌ لِلْفَصْلِ نَعَمْ يُدَيَّنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَقَالَ أَكَّدْت الْأُولَى) بِالْأُخْرَيَيْنِ أَوْ بِإِحْدَاهُمَا (لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) لِاخْتِصَاصِهِمَا بِالْعَاطِفِ الْمُوجِبِ لِلتَّغَايُرِ (أَوْ) أَكَّدْت (الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ قُبِلَ) لِتَسَاوِيهِمَا (وَتَطْلُقُ ثَلَاثًا بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ فَطَالِقٌ لِلْمُغَايَرَةِ وَكَذَا) بِقَوْلِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ بَلْ طَالِقٌ (وَكَذَا) بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ (لَا بَلْ) طَالِقٌ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَى الْمُغَايَرَةِ (وَلَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا) مِنْ ذَلِكَ (إلَّا طَلْقَةٌ وَ) إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِهَا فَلَا يَقَعُ بِمَا بَعْدَهَا شَيْءٌ وَيُخَالِفُ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا حَيْثُ تَقَعُ بِهِ الثَّلَاثُ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا بَيَانٌ لِمَا قَبْلَهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَمَحَلُّهُ فِي الْمُنَجَّزِ (فَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا) الْأَوْلَى وَالْأَخْصَرُ فَلَوْ قَالَ لَهَا (إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ) أَوْ عَكَسَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَدَخَلَتْ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ) لِتَعَلُّقِهَا بِالدُّخُولِ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهَا وَكَمَا لَوْ قَالَهُ لِلْمَدْخُولِ بِهَا وَاسْتَشْكَلَ هَذَا فِي صُورَةِ الْعَكْسِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ نَحْوَهُ اخْتَصَّ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْأَخِيرَةِ وَتَقَعُ وَاحِدَةً وَقِيَاسُهُ هُنَا وُقُوعُ وَاحِدَةٍ مُنَجَّزَةٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ مُفَرَّقٍ فَاخْتَصَّ بِالْأَخِيرِ (لَا إنْ عَطَفَ بِثُمَّ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ فَلَا تَقَعُ الثَّلَاثُ بَلْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى وَقَعَ لِصَاحِبِ الْأَنْوَارِ إلْحَاقُ الْفَاءِ بِالْوَاوِ وَأَخْذًا مِنْ اقْتِصَارِهِمْ عَلَى تَمْثِيلِهِمْ بِثُمَّ وَهُوَ عَجِيبٌ.
(وَلَوْ كَرَّرَ) فِي مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ غَيْرِهَا (إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ) كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ (لَمْ يَتَعَدَّدْ) أَيْ الطَّلَاقُ (إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ) فَيَتَعَدَّدُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَقَصْدُ الِاسْتِئْنَافِ يَقْتَضِي اسْتِيفَاءَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ الْوُقُوعُ لَا عَدَمُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ فِي الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَرَّرَ اللَّفْظَ أَرْبَعًا فَالْحُكْمُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ كَالْحُكْمِ فِي صُورَةِ تَكْرِيرِهِ ثَلَاثًا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَخَيَّلَ أَنَّ الرَّابِعَةَ يَقَعُ بِهَا طَلْقَةٌ لِفَرَاغِ الْعَدَدِ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ التَّأْكِيدُ بِمَا يَقَعُ لَوْلَا قَصْدُ التَّأْكِيدِ فَلِإِنْ يُؤَكَّدُ بِمَا لَا يَقَعُ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ التَّأْكِيدِ أَوْلَى. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّمْهِيدِ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَقْبَلُ التَّأْكِيدَ مُطْلَقًا كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي امْتِنَاعِهِ وَبِتَقْدِيرِهِ فَالْخُرُوجُ عَنْ الْمَهِيعِ النَّحْوِيِّ لَا أَثَرَ لَهُ كَمَا أَوْضَحَهُ الْأَصْحَابُ فِي الْإِقْرَارِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ أَجَابَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيه بِحَاصِلِ مَا ذَكَرْته اهـ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ لَفْظِيٌّ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ يَجْرِي فِي الزَّوَائِدِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرَةَ لَمَّا «عَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَةَ الزُّورِ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ أَنَّهُ نَطَقَ بِذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ» إذْ يَبْعُدُ حَمْلُهُ عَلَى الثَّلَاثِ فَإِنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ كَانَ إذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ ثَلَاثًا فِي الْغَالِبِ وَقَوْلُهُ فَالْحُكْمُ عِنْدِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ نَحْوِهِ) وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَأْتِي فِي تَكْرِيرِ الْكِنَايَاتِ كَقَوْلِهِ اعْتَدِّي اعْتَدِّي اعْتَدِّي (قَوْلُهُ عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ) لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْإِيقَاعِ كَاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَلِهَذَا يُقَالُ إذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ التَّأْسِيسِ وَالتَّأْكِيدِ فَالتَّأْسِيسُ أَوْلَى (قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ تَأْكِيدٌ لِلْفَصْلِ) نَعَمْ إذَا كَانَ فَصْلُهُ لِعُذْرٍ كَأَنْ كَانَ بِهِ عِيٌّ أَوْ مَنَعَهُ سُعَالٌ طَوِيلٌ مُتَوَاصِلٌ قَبْلَ قَوْلِهِ إنَّهُ أَرَادَ التَّأْكِيدَ لِلْقَرِينَةِ الدَّالَّةَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ اتِّصَالِ الْكَلَامِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فَوَضَعَ إنْسَانٌ يَدَهُ عَلَى فِيهِ مَعَ تَمَامِ قَافِ طَالِقٍ ثُمَّ أَرْسَلَهُ بَعْدَ سَاعَةٍ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت بِهِ تَأْكِيدَ مَا تَقَدَّمَ وَكُنْت عَازِمًا عَلَيْهِ فَمَنَعَنِي وَضْعُ الْيَدِ عَلَى فِي مِنْهُ. (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا لِاخْتِصَاصِهِمَا إلَخْ) أَيْ وَيُدَيَّنُ.
(فَرْعٌ) فِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقًا فَإِنْ أَرَادَ طَلْقَتَيْنِ وَقَعَتَا وَإِنْ أَرَادَ لِتَأْكِيدٍ وَنَصَبَ عَلَى الْحَالِ قُبِلَ مِنْهُ وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِنْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ قُبِلَ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَهَا (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا إلَخْ) قَالَ الدَّارِمِيُّ لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى ثَلَاثًا أَوْ كَرَّرَهُ وَنَوَى بِالْأَوَّلِ ثَلَاثًا وَقَعْنَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَرَّرَهُ وَنَوَى بِالْأَوَّلِ ثَلَاثًا فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ وَاضِحَةٌ وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهَا جَرْيًا عَلَى ظَاهِرِ الْإِطْلَاقِ فَاسْتَحْضَرَهَا فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ فِي صُوَرِ التَّكْرَارِ لَا سِيَّمَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرَ وَالْأَرْجَحُ إلَى الْجَمِيعِ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ جَمْعِ الْمُفَرَّقِ فَالْجَوَابُ الَّذِي أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ
(3/288)
بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تُشْبِهُ الْحُدُودَ الْمُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ فَتَتَدَاخَلُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا تَعَدُّدَ فِيهِمَا كَمَا لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ فِيمَا لَوْ حَنِثَ فِي أَيْمَانٍ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي الْإِطْلَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ.
(وَلَوْ طَالَ فَصْلٌ وَتَعَدَّدَ مَجْلِسٌ) غَايَةٌ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَا لِلْمُسْتَثْنَى فَلَوْ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ وَلَا تَعَدَّدَ مَجْلِسٌ كَانَ غَايَةً لِلْمُسْتَثْنَى (فَإِنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَدَخَلَتْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لِأَنَّ الْجَمِيعَ يَقَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ حُذِفَ الْعَاطِفُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (وَيَقَعُ لِلْمَمْسُوسَةِ) أَيْ الْمَدْخُولِ بِهَا (بِقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ ثَلَاثٌ) وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْإِقْرَارِ بِقُرْبِ الِاسْتِدْرَاكِ فِي الْإِخْبَارِ وَبَعْدَهُ فِي الْإِنْشَاءِ وَبِظُهُورِ التَّعَدُّدِ فِي الطَّلَاقِ دُونَ الْإِقْرَارِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَعَادَ اللَّفْظَ هُنَا بَعْدَ فَصْلِ تَعَدَّدَ الطَّلَاقُ بِخِلَافِهِ ثُمَّ (وَ) يَقَعُ لَهَا (بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَلْ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ) طَلْقَةٌ (مُنَجَّزَةٌ وَ) طَلْقَتَانِ (مُعَلَّقَتَانِ) رَدًّا لِلشَّرْطِ إلَى مَا يَلِيه خَاصَّةً لِأَجَلٍ بَلْ وَبِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ طَالِقٌ فَطَالِقٌ طَلْقَتَانِ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِهَا وَيَقَعُ لِلْمَمْسُوسَةِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ بَلْ وَاحِدَةً ثَلَاثٌ وَلِغَيْرِهَا ثِنْتَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَ) يَقَعُ (بِقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً قَبْلَ أَوْ بَعْدَ) طَلْقَةٍ (أَوْ بَعْدَهَا أَوْ قَبْلَهَا) طَلْقَةٌ (أَوْ مَعَ) طَلْقَةٍ (أَوْ مَعَهَا) طَلْقَةٌ (أَوْ تَحْتَ) طَلْقَةٍ (أَوْ تَحْتَهَا) طَلْقَةٌ (أَوْ فَوْقَ) طَلْقَةٍ (أَوْ فَوْقَهَا طَلْقَةٌ طَلْقَتَانِ لِلْمَمْسُوسَةِ) يَقَعَانِ مَعًا فِي مَعَ بِتَمَامِ الْكَلَامِ وَمُتَعَاقِبَتَيْنِ فِي غَيْرِهَا بِتَمَامِ الْكَلَامِ بِأَنْ تَقَعَ أَوَّلًا الْمُضَمَّنَةُ ثُمَّ الْمُنَجَّزَةُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أَوْ فَوْقَ طَلْقَةٍ أَوْ تَحْتَهَا طَلْقَةٌ وَبِالْعَكْسِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ فَوْقَهَا طَلْقَةٌ أَوْ تَحْتَ طَلْقَةٍ عَلَى كَلَامٍ يَأْتِي فِي تَحْتَ وَفَوْقَ (وَكَذَا غَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ) يَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَتَانِ (فِي قَوْلِهِ مَعَ) طَلْقَةٍ (أَوْ مَعَهَا طَلْقَةٌ) لِاقْتِضَاءِ مَعَ مَعْنَى الضَّمِّ وَالْمُقَارَنَةِ فَيَقَعَانِ مَعًا بِلَا تَرْتِيبٍ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَلْفَاظِ لَا يَقَعُ بِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ لِظُهُورِ التَّرْتِيبِ فِيهَا وَتَعَذُّرِهِ فِي غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ هَذَا مَفْهُومُ كَلَامِهِ وَهُوَ فِي تَحْتَ وَفَوْقَ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَوَلِّي لَكِنْ الَّذِي نَقَلَهُ قَبْلَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُمَا كَمَعَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ مَشَى شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ.
(فَإِنْ أَرَادَ) فِي الْمَمْسُوسَةِ (بِبَعْدَ) فِي قَوْلِهِ طَلْقَةً بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ (أَنِّي سَأُطَلِّقُهَا) بَعْدَ هَذَا طَلْقَةً (دُيِّنَ) فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا (أَوْ) أَرَادَ (بِقَبْلِهَا أَنَّهُ أَوْ غَيْرَهُ) مِنْ زَوْجٍ آخَرَ (سَبَقَ مِنْهُ) (طَلَاقٌ لَهَا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ) فِيمَا إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي وَفَسَّرَ بِهَذَا وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ سَبْقِ الطَّلَاقِ مِنْهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَإِنْ قَالَ لِغَيْرِ مَمْسُوسَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) كَمَا لَوْ قَالَهُ لِلْمَمْسُوسَةِ وَسَيَأْتِي (أَوْ) قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً وَمِائَةً أَوْ إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ طَلْقَةً وَنِصْفًا أَوْ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ) طَلْقَةً بَلْ (ثَلَاثًا فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ تَقَعُ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِهَا لِعَطْفِ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهَا بِخِلَافِهِ فِي إحْدَى عَشْرَةَ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ فَهُوَ بِمَعْنَى الْمُفْرَدِ (أَوْ) قَالَ ذَلِكَ (لِلْمَمْسُوسَةِ تَعَدَّدَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) كَمَا مَرَّ بَعْضُهُ (أَوْ) قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً قَبْلَهَا) .
قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ بَعْدَهَا (كُلُّ تَطْلِيقَةٍ طَلُقَتْ الْمَمْسُوسَةُ ثَلَاثًا) مَعَ تَرْتِيبٍ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَبَاقِي الثَّلَاثِ وَطَلُقَتْ غَيْرُهَا وَاحِدَةً أَمَّا فِي بَعْدِهَا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي قَبْلِهَا فَلِأَنَّ الْوَاقِعَ إنَّمَا هُوَ الْمُنَجَّزُ لَا الْمُضَمَّنُ لِئَلَّا يَلْزَمَ الدَّوْرُ (أَوْ) قَالَ لِمَمْسُوسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَنْت (طَالِقٌ حَتَّى يُتِمَّ الثَّلَاثَ) أَوْ أُكْمِلَهَا أَوْ أُوقِعَهَا عَلَيْك (وَلَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ فَوَاحِدَةٌ) وَقِيلَ ثَلَاثٌ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْوَانًا مِنْ الطَّلَاقِ فَوَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا) وَلَوْ قَالَ أَنْوَاعًا مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ أَجْنَاسِهِ مِنْهُ أَوْ أَصْنَافًا لِظَاهِرِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ (وَإِنْ قَالَ لِمُطَلَّقَتِهِ يَا مُطَلَّقَةُ أَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت تِلْكَ الطَّلْقَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ أَطْلَقَ) فَلَا تَعَدُّدَ فِيهِمَا وَجَّهَهُ فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ جَرَيَانَ الْعَادَةِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُكَرِّرُ الْيَمِينَ الْوَاحِدَةَ مَرَّاتٍ.
(قَوْلُهُ أَوْ فَوْقَهَا طَلْقَةٌ إلَخْ) أَيْ أَوْ عَلَى طَلْقَةٍ أَوْ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَلْفَاظِ لَا يَقَعُ بِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُهُمَا يَقْتَضِي مُوَافَقَتَهُمَا لِلْمُتَوَلِّي.
(قَوْلُهُ لَكِنَّ الَّذِي نَقَلَهُ قَبْلَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُمَا كَمَعَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَعَ لِلْقِرَانِ فِي اللُّغَةِ وَفَوْقَ وَتَحْتَ لِلتَّرْتِيبِ الْمُنَافِي لِلْقِرَانِ وَعِبَارَةُ التَّتِمَّةِ إذَا قَالَ طَلْقَةً فَوْقَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً تَحْتَ طَلْقَةٍ فَهَذَا وَصْفٌ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْئًا مَحْسُوسًا حَتَّى يَتَعَيَّنَ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ فَيَلْغُو قَوْلُهُ فَوْقَ وَقَوْلُهُ تَحْتَ فَيَصِيرُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً طَلْقَةً وَالْحُكْمُ فِيهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ اهـ وَفِي الذَّخَائِرِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْحُكْمُ فِيهَا كَمَا لَوْ قَالَ قَبْلَ وَبَعْدَ وَتَكُونُ تَحْتَ وَفَوْقَ عِبَارَةً عَنْ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ فَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَحْتَ طَلْقَةٍ كَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ وَإِذَا قَالَ فَوْقَ طَلْقَةٍ كَأَنَّهُ قَالَ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي الظَّرْفِ عُرْفًا وَعَادَةً وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ اللَّفْظَ يَتَضَمَّنُ الْجَمْعَ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَيُؤَكَّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ بِأَنَّ تَحْتَ وَفَوْقَ ظَرْفَا مَكَان يَكُونُ لِلْجَوَاهِرِ وَالْأَجْسَامِ وَالطَّلَاقُ لَفْظٌ مِنْ قَبِيلِ الْإِعْرَاضِ لَا يُوصَفُ بِذَلِكَ فَكَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى صَرْفِ اللَّفْظِ إلَى الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ الْمُمْكِنَةِ فِي الْإِيقَاعِ إذْ لَا بُدَّ لِلْوُقُوعِ مِنْ زَمَانٍ وَالزَّمَانُ لَهُ قَبْلٌ وَبَعْدٌ وَلَيْسَ لَهُ فَوْقٌ وَتَحْتٌ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مَشَى شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ فَوَاحِدَةٌ فَقَطْ تَقَعُ) لِأَنَّهَا بَانَتْ بِهَا لِعَطْفِ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذْ لَمْ يَنْوِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الثَّلَاثَ فَإِنْ نَوَاهُنَّ بِهِ وَقَعْنَ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/289)
فَهَلْ يُقْبَلُ) مِنْهُ (أَوْ يَقَعُ) طَلْقَةً (أُخْرَى وَجْهَانِ) أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ.
(وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا) أَوْ طَلِّقْنِي وَطَلِّقْنِي وَطَلِّقْنِي أَوْ طَلِّقْنِي طَلِّقْنِي كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ (فَقَالَ طَلَّقْتُك) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ (وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَوَاحِدَةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّ الْجَوَابَ مُنَزَّلٌ عَلَى السُّؤَالِ فَيَنْبَغِي وُقُوعُ ثَلَاثٍ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَقَالَتْ بِلَا نِيَّةٍ طَلَّقْت وَالنَّظَرُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ السَّائِلَ فِي تِلْكَ مَالِكٌ لِلطَّلَاقِ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ (وَلَوْ طَلَّقَهَا) طَلْقَةً (رَجْعِيَّةً ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا لَغَا) فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ وَقَعَ طَلْقَتَانِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ أَبِي الْمَعَالِي وَصَوَّبَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْحِسَابِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ) ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ حِسَابُ الضَّرْبِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً فِي طَلْقَةٍ وَأَرَادَ مَعَ) طَلْقَةٍ (وَقَعَ طَلْقَتَانِ) كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْإِقْرَارِ (أَوْ الظَّرْفِ أَوْ الْحِسَابِ أَوْ يُرِدْ شَيْئًا فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا مُقْتَضَى الظَّرْفِ وَمُوجِبُ الْحِسَابِ وَالْمُحَقَّقُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِرَادَةِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ وَأَرَادَ مَعَ فَثَلَاثٌ أَوْ الْحِسَابُ فَإِنْ عَلِمَهُ فَطَلْقَتَانِ) لِأَنَّهُمَا مُوجِبَتَاهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ الْحِسَابَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ (فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ (وَلَوْ قَالَ أَرَدْت مَا يَقْتَضِيهِ الْحِسَابُ) لِأَنَّ مَا لَا يَعْلَمُهُ لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ (وَكَذَا) يَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ (إنْ قَصَدَ الظَّرْفَ) لِأَنَّهَا مُقْتَضَاهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا الْغَزَالِيُّ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ) وَلَمْ يُرِدْ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ (فَطَلْقَةٌ) سَوَاءٌ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ الظَّرْفَ أَوْ الْحِسَابَ أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَجَزَّأُ (وَكَذَا) يَقَعُ طَلْقَةً بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ إلَّا إنْ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ فَثِنْتَانِ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً وَرُبْعًا أَوْ) وَ (نِصْفًا فِي وَاحِدَةٍ وَرُبْعٍ) وَلَمْ يُرِدْ الْمَعِيَّةَ (فَثِنْتَانِ وَإِنْ أَرَادَ الْمَعِيَّةَ فَثَلَاثٌ) بِتَكْمِلَةِ الْكَسْرِ فِي الْأَرْبَعِ.
(وَلَوْ عَلَّقَ عَدَدَ طَلَاقِ زَيْدٍ) كَأَنْ قَالَ طَلَّقْتُك مِثْلَ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ أَوْ عَدَدَ طَلَاقِهِ (أَوْ نَوَاهُ) أَيْ الْعَدَدَ (وَهُوَ يَجْهَلُهُ) فِيهِمَا (فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ فَثَلَاثٌ) إدْخَالًا لِلطَّرَفَيْنِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الضَّمَانِ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَالظَّاهِرُ اسْتِيفَاؤُهُ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ كَمَا قَدَّمْته فِي بَابِ الضَّمَانِ (وَكَذَا) يَقَعُ الثَّلَاثُ (لَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (مَا بَيْنَ الْوَاحِدَةِ إلَى الثَّلَاثِ) لِأَنَّ مَا بَيْنَ بِمَعْنَى مِنْ بِقَرِينَةِ إلَى وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (مَا بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالثَّلَاثِ فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا الصَّادِقَةُ بِالْبَيْنِيَّةِ بِجَعْلِ الثَّلَاثِ بِمَعْنَى الثَّالِثَةِ.
(النَّوْعُ الثَّانِي التَّجْزِئَةُ الطَّلَاقُ لَا يَتَجَزَّأُ) بَلْ ذِكْرُ بَعْضِهِ كَذِكْرِ كُلِّهِ لِقُوَّتِهِ سَوَاءٌ أَبْهَمَ أَمْ عَيَّنَ (فَقَوْلُهُ) أَنْتِ طَالِقٌ (بَعْضَ طَلْقَةٍ) أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ تَقَعُ بِهِ (طَلْقَةٌ وَلَوْ زَادَ فِي أَجْزَاءِ الْمُطَلِّقَةِ فَقَالَ) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ) أَوْ أَرْبَعَةَ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ (فَطَلْقَتَانِ) لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ مَتَى زَادَتْ عَلَى طَلْقَةٍ حُسِبَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ طَلْقَةٍ أُخْرَى وَأُلْغِيَ مَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ فَيَصِيرُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَنِصْفَ طَلْقَةٍ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (خَمْسَةَ أَنْصَافِهَا) أَوْ سَبْعَةَ أَثْلَاثِهَا أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا جَاوَزَتْ فِيهِ الْأَجْزَاءُ طَلْقَتَيْنِ (فَثَلَاثٌ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَيْ طَلْقَةٍ أَوْ رُبْعَ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ) أَوْ رُبْعَيْ طَلْقَةٍ (فَطَلْقَةٌ إنْ لَمْ يُرِدْ كُلًّا) أَيْ كُلَّ جُزْءٍ (مِنْ طَلْقَةٍ) فَإِنْ أَرَادَهُ وَقَعَ ثِنْتَانِ (وَكَذَا) يَقَعُ طَلْقَةً بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفُ طَلْقَتَيْنِ) وَلَمْ يُرِدْ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ لِأَنَّهَا نِصْفُهُمَا وَحَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ صَحِيحٌ فَلَا نُوقِعُ مَا زَادَ بِالشَّكِّ قَالَ الْإِمَامُ وَلَيْسَ كَقَوْلِهِ لِفُلَانٍ نِصْفُ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ لِأَنَّهُمَا شَخْصَانِ لَا يَتَمَاثَلَا فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِمَا إضَافَةٌ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَالطَّلْقَتَانِ يُشْبِهَانِ الْعَدَدَ الْمَحْضَ.
(وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَى نِصْفِ دِرْهَمَيْنِ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) لِأَنَّهُ نِصْفُهُمَا (أَوْ) لَهُ عَلَى (ثَلَاثَةِ أَنْصَافِ دِرْهَمٍ فَدِرْهَمٌ وَنِصْفٌ) لِأَنَّ الْمَالَ يَتَجَزَّأُ (وَيَقَعُ بِقَوْلِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَقْرَبُهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِذَلِكَ إذَا خَاطَبَهَا بِذَلِكَ فِي عِدَّةِ طَلْقَةٍ رَجْعِيَّةٍ قَبْلَ أَنْ يُرَاجِعَهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيَّةً إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ إذَا طَلَّقَ رَجْعِيًّا ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا وَنَوَى قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ فَلَغْوٌ وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ. اهـ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ إذَا طَلَّقَ رَجْعِيًّا ثُمَّ سَكَتَ وَرَاجَعَ أَصْحَابَهُ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا فَإِنْ قَصَدَ بِكَلَامِهِ ثَانِيًا أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ وَبَيَانٌ لَهُ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا أَنَّهَا طَالِقٌ ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا كَمَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً أَنْتِ ثَلَاثًا وَنَوَى الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ فَإِنَّهُ يَقَعُ وَإِنَّهُ إنْ قَالَ إنْ غِبْت عَنْ زَوْجَتِي سَنَةً فَمَا أَنَا لَهَا بِزَوْجٍ وَلَا هِيَ لِي بِامْرَأَةٍ فَهُوَ إقْرَارٌ فِي الظَّاهِرِ بِزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ السَّنَةِ وَتَوَقُّعِ زَوَالِهَا بِذَلِكَ مُحْتَمَلٌ فَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ ظَاهِرًا وَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَقَلَّ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ]
(قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ أَبِي الْمَعَالِي وَصَوَّبَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[الطَّرَفُ الثَّالِثُ الْحِسَابِ فِي الطَّلَاق]
[النَّوْع الْأَوَّلُ حِسَابُ الضَّرْبِ فِي الطَّلَاق]
(قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ الْحِسَابَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ فَوَاحِدَةٌ فَقَطْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا جَهِلَ مَا يُرِيدُونَ بِهِ جُمْلَةً وَرَأْسًا أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ عَدَدًا لَكِنَّهُ جَهِلَهُ فَفِيهِ نَظَرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ فَوَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَدَدًا وَنَوَى عَدَدًا مِنْ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ قَطْعًا فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ) وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ.
[النَّوْعُ الثَّانِي التَّجْزِئَةُ فِي الطَّلَاقُ]
(قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ فِي أَجْزَاءِ الْمُطَلِّقَةِ فَقَالَ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ إلَخْ) صَحِيحٌ الْبُلْقِينِيُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَةٌ فَإِنَّ الْأَجْزَاءَ الْمَذْكُورَةَ يَصِحُّ أَنْ تَقَعَ فِي وَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ فَيُقْضَى فِيهَا بِقِسْمَةِ الْمَالِ الْوَاحِدِ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ الْعَوْلِ جَوَابُهُ إنَّ الْوَصِيَّةَ وَالْوَقْفَ مَحْصُورَانِ فِي الْمَالِ فَوَجَبَ فِيهِ التَّوْزِيعُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ يُمْكِنُ إعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَمِثْلَهُ وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ لِدُخُولِ وَاوِ الْعَطْفِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ النِّصْفَيْنِ إلَى طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَمِثْلَيْهِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ.
(3/290)
أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ) أَوْ ثُلُثَيْ طَلْقَتَيْنِ (طَلْقَتَانِ) لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى أَضَافَ كُلَّ جُزْءٍ إلَى طَلْقَةٍ (وَ) يَقَعُ (بِثَلَاثَةِ أَنْصَافٍ طَلْقَتَيْنِ أَوْ) ثَلَاثَةِ أَنْصَافِ (الطَّلَاقُ ثَلَاثٌ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَانِ كَمَا مَرَّ آنِفًا فَثَلَاثَةٌ أَيْضًا فِيهِمَا ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِصَرْفِ اللَّفْظِ الْمُعَرَّفِ بِأَلْ إلَى الْجِنْسِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّهُ أَضَافَ كُلَّ جُزْءٍ إلَى طَلْقَةٍ وَعَطَفَ فَاقْتَضَى التَّغَايُرَ (وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْ الطَّلْقَةَ) وَلَمْ تَزِدْ الْأَجْزَاءُ عَلَيْهَا كَأَنْ قَالَ نِصْفُ وَثُلُثُ وَسُدُسُ طَلْقَةٍ (أَوْ) كَرَّرَهَا لَكِنْ (حَذَفَ الْوَاوَ) كَأَنْ قَالَ نِصْفُ طَلْقَةٍ ثُلُثُ طَلْقَةٍ سُدُسُ طَلْقَةٍ (أَوْ) لَمْ يُكَرِّرْهَا بَلْ (حَذَفَ الطَّلْقَةَ أَوْ الْوَاوَ) الصَّادِقُ ذَلِكَ بِحَذْفِهِمَا بِجَعْلِهِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ كَأَنْ قَالَ نِصْفُ ثُلُثِ سُدُسٍ أَوْ نِصْفٌ وَثُلُثٌ وَسُدُسٌ أَوْ نِصْفُ ثُلُثِ سُدُسِ طَلْقَةٍ (فَوَاحِدَةٌ) إذْ كُلُّهَا أَجْزَاءُ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ (فَلَوْ زَادَتْ الْأَجْزَاءُ بِلَا وَاوٍ) وَكَرَّرَ الطَّلْقَةَ (كَنِصْفِ طَلْقَةٍ ثُلُثِ طَلْقَةٍ رُبْعِ طَلْقَةٍ فَطَلْقَتَانِ) كَمَا لَوْ قَالَ ثَلَاثَةُ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ وَنِصْفَهَا وَنِصْفَهَا فَثَلَاثٌ إلَّا إنْ أَرَادَ بِالنِّصْفِ الثَّالِثِ التَّأْكِيدَ فَطَلْقَتَانِ وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْشَاءِ تَخَيَّرَ) بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ أَعْتَقْت هَذَا أَوْ هَذَيْنِ (أَوْ) عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ (شَاكًّا لَمْ تَلْزَمْ الثَّانِيَةُ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ وَلَا يُنَافِي التَّخْيِيرَ فِي الْأُولَى عَدَمُهُ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا وَلِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ حَيْثُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ إلَّا غَدًا أَوْ بَعْدَ انْتِقَالِهَا لِلْحَالَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّ ذَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخْتَرْ خِلَافَهُ وَإِنَّمَا سَكَتُوا عَنْ التَّخْيِيرِ ثُمَّ لِأَنَّ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ غَايَةً تُنْتَظَرُ بِخِلَافِهِ هُنَا.
(النَّوْعُ الثَّالِثُ التَّشْرِيكُ فَإِنْ أَوْقَعَ عَلَى أَرْبَعٍ) بِأَنْ قَالَ أَوْقَعْت عَلَيْهِنَّ (طَلْقَةً طُلِّقْنَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً أَوْ أَرْبَعًا) أَوْ ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ يَطْلُقْنَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً لِأَنَّ مَا ذُكِرَ إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِنَّ خَصَّ كُلًّا مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ أَوْ بَعْضُهَا فَتَكْمُلُ (إلَّا إنْ نَوَى تَوْزِيعَهُنَّ) أَيْ تَوْزِيعَ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ (فَثَلَاثًا ثَلَاثًا) يَقَعْنَ فِي صُورَتَيْ الْأَرْبَعِ وَالثَّلَاثِ وَثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ فِي صُورَةِ الثِّنْتَيْنِ وَلِبُعْدِ هَذَا عَنْ الْفَهْمِ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (أَوْ أَوْقَعَ) عَلَيْهِنَّ (خَمْسًا) أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا (أَوْ ثَمَانِيًا طَلُقْنَ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ فَإِنْ أَرَادَ التَّوْزِيعَ أَوْ قَالَ تِسْعًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ أَوْقَعَ بَيْنَهُنَّ ثَلَاثًا) مَثَلًا (وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ إحْدَاهُنَّ) وَأَخْبَرَ بِهِ (لَمْ يُقْبَلْ) ظَاهِرًا لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي الشَّرِكَةَ كَمَا لَوْ قَالَ أَوْقَعْت الطَّلَاقَ بَيْنَكُنَّ (وَدُيِّنَ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت طَلْقَتَيْنِ) مِنْ الثَّلَاثِ (لَعَمْرَةَ وَوَاحِدَةً لِلْبَاقِيَاتِ) وَفِي نُسْخَةٍ لِلْجَمِيعِ (قُبِلَ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَتَعَطَّلْ الطَّلَاقُ فِي بَعْضِهِنَّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعَدَدِ بَيْنَهُنَّ وَإِنْ تَفَاوَتْنَ فِيمَا يَلْحَقُهُنَّ (فَلَوْ أَوْقَعَ بَيْنَهُنَّ ثُلُثَ طَلْقَةٍ وَرُبْعَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ تَغَايُرَ الْأَجْزَاءِ وَعَطْفَهَا يُشْعِرُ بِقِسْمَةِ كُلِّ جُزْءٍ بَيْنَهُنَّ (فَإِنْ أَوْقَعَ) بِأَنْ قَالَ أَوْقَعْت بَيْنَهُنَّ (طَلْقَةً وَطَلْقَةً وَطَلْقَةً فَهَلْ يَطْلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ التَّفْصِيلَ يُشْعِرُ بِقِسْمَةِ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ (أَوْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً) كَقَوْلِهِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ (وَجْهَانِ) أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ (وَإِنْ أَوْقَعَ بَيْنَ أَرْبَعٍ أَرْبَعًا وَقَالَ أَرَدْت) أَنِّي أَوْقَعْت (عَلَى ثِنْتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَيَيْنِ) لَمْ أُوقِعْ عَلَيْهِمَا شَيْئًا (لَحِقَ الْأُولَيَيْنِ طَلْقَتَانِ طَلْقَتَانِ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ (وَ) لَحِقَ (الْأُخْرَيَيْنِ طَلْقَةٌ طَلْقَةٌ) لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ الطَّلَاقُ فِي بَعْضِهِنَّ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَلَوْ ذَكَرَهَا عَقِبَ مَسْأَلَةِ عَمْرَةَ كَالرَّافِعِيِّ كَانَ أَنْسَبَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَقَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْت كَهِيَ أَوْ مِثْلُهَا وَنَوَى طَلَاقَهَا طَلُقَتْ) وَإِلَّا فَلَا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ غَيْرَ الطَّلَاقِ وَالْمُرَادُ بِإِشْرَاكِهَا مَعَهَا جَعْلُهَا مُشَارِكَةً لَهَا فِي كَوْنِهَا مُطَلَّقَةً لَا فِي طَلَاقِهَا إذْ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ عَلَيْهَا لَا يُمْكِنُ جَعْلُ بَعْضِهِ لِغَيْرِهَا أَمَّا لَوْ قَالَ أَشْرَكْتُك مَعَهَا فِي الطَّلَاقِ فَتَطْلُقُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الظِّهَارِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ (لَوْ أَشْرَكَهَا فِي طَلَاقٍ وَقَعَ عَلَى امْرَأَةِ غَيْرِهِ وَنَوَى وَإِنْ أَشْرَكَهَا مَعَ ثَلَاثٍ) طَلَّقَهُنَّ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَنَوَى (وَأَرَادَ أَنَّهَا شَرِيكَةُ كُلٍّ) مِنْهُنَّ (طَلُقَتْ ثَلَاثًا أَوْ) أَنَّهَا (مِثْلُ إحْدَاهُنَّ طَلُقَتْ) طَلْقَةً (وَاحِدَةً وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ) نِيَّةَ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً وَلَا عَدَدًا لِأَنَّ جَعْلَهَا كَإِحْدَاهُنَّ أَسْبَقُ إلَى الْفَهْمِ وَأَظْهَرُ مِنْ تَقْدِيرِ تَوْزِيعِ كُلِّ طَلْقَةٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلَوْ أَوْقَعَ بَيْنَ ثَلَاثٍ طَلْقَةً ثُمَّ أَشْرَكَ الرَّابِعَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[النَّوْعُ الثَّالِثُ التَّشْرِيكُ فِي الطَّلَاقِ]
قَوْلُهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي الشَّرِكَةَ) أَيْ وَالتَّخْصِيصُ يُنَاقِضُهَا فَلَمْ يُقْبَلْ (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعَدَدِ بَيْنَهُنَّ) وَإِنْ تَفَاوَتْنَ فِيمَا يَلْحَقُهُنَّ وَهَذَا كَمَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ هَاتَانِ الدَّارَانِ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ (قَوْلُهُ أَقَرَّ بِهِمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا.
[فَرْعٌ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَقَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا وَنَوَى طَلَاقَهَا]
(قَوْلُهُ وَقَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى قَسَمْت الطَّلَاقَ بَيْنَكُمَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ وَصَارَ حَقٌّ فِي إحْدَاهُمَا فَلَا تَصِحُّ قِسْمَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا مِثْلُ ذَلِكَ.
(3/291)
مَعَهُنَّ وَقَعَ عَلَى الثَّلَاثِ طَلْقَةٌ طَلْقَةٌ وَعَلَى الرَّابِعَةِ طَلْقَتَانِ إذْ يَخُصُّهَا بِالشَّرِكَةِ طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ قَالَ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ لَوْ طَلَّقَ إحْدَى نِسَاؤُهُ الثَّلَاثِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِيَةِ أَشْرَكْتُك مَعَهَا ثُمَّ لِلثَّالِثَةِ أَشْرَكْتُك مَعَ الثَّانِيَةِ طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ حِصَّتَهَا مِنْ الْأُولَى طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ وَالثَّالِثَةُ طَلْقَةً لِأَنَّ حِصَّتَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ طَلْقَةٌ عَلَى مَا يَأْتِي إيضَاحُ ذَلِكَ قَرِيبًا.
(فَإِنْ أَشْرَكَهَا مَعَ امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا) هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (ثَلَاثًا) وَنَوَى (فَهَلْ تَطْلُقُ وَاحِدَةً) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ (أَوْ ثَلَاثًا) لِأَنَّهَا أَشْرَكَهَا مَعَهَا فِي كُلِّ طَلْقَةٍ (أَوْ اثْنَتَيْنِ) لِأَنَّهُ أَشْرَكَهَا مَعَهَا فِي ثَلَاثٍ فَيَخُصُّهَا طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ (وُجُوهُ الْمَذْهَبِ ثَالِثُهَا) ذِكْرُ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَتَرْجِيحُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْأَصْلِ أَخْذٌ مِنْ جَزْمِ الْجُرْجَانِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ السَّابِقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَحَلٌّ إذَا نَوَى الشَّرِكَةَ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ كَلَامَ الْمَنْثُورِ مُقَيَّدٌ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِيَةِ أَنْتِ شَرِيكَتُهَا فِي هَذَا الطَّلَاقِ وَكَذَا قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لَكِنَّ الْقَاضِيَ أَسْقَطَهُ فَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي هَذَا الطَّلَاقِ أَنَّهُ أَرَادَ الْعَدَدَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْوِهِ فَالْأَوْجَهُ فِي مَسْأَلَتِنَا إذَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ وُقُوعُ وَاحِدَةٍ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَعُمْدَةُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ التَّابِعُ لَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لِلْآخِرَتَيْنِ أَشْرَكْتُكُمَا مَعَهُمَا وَنَوَى فَإِنْ نَوَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَالْأُولَيَيْنِ مَعًا أَوْ أَنَّهَا تُشَارِكُ كُلًّا مِنْهُمَا فِي طَلْقَتِهَا طَلُقَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلْقَتَيْنِ وَإِنْ نَوَى أَنَّهَا كَوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ أَطْلَقَ فَطَلْقَةٌ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا صَحَّ ثُمَّ إنْ أَرَادَ اشْتِرَاكَهَا مَعَهَا فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِدُخُولِ الْأُولَى طَلُقَتَا بِدُخُولِهَا وَإِنْ أَرَادَ إشْرَاكَهَا مَعَهَا فِي أَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِدُخُولِهَا كَمَا فِي الْأُولَى تَعَلَّقَ طَلَاقُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدُخُولِ نَفْسِهَا فَلَوْ أَطْلَقَ فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الثَّانِي وَلَوْ قَالَ أَرَدْت تَوَقُّفَ طَلَاقِ الْأُولَى عَلَى دُخُولِ الثَّانِيَةِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ.
الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ
[الضَّرْب الْأَوَّلُ الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا فِي الطَّلَاقِ]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ ضَرْبَانِ)
الْأَوَّلُ الِاسْتِثْنَاءُ (بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا فَيُشْتَرَطُ) فِيهِ (أَنْ لَا يَسْتَغْرِقَ) الْمُسْتَثْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (وَأَنْ لَا يُفْصَلَ) بَيْنَهُمَا (بِأَكْثَرَ مِنْ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ أَوْ الْعَيِّ) أَوْ التَّذَكُّرِ أَوْ انْقِطَاعِ الصَّوْتِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ فَاصِلًا بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ يَسِيرًا (وَهُوَ) أَيْ الِاتِّصَالُ هُنَا (أَبْلُغُ مِنْ اتِّصَالِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ) فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ إذْ يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ اثْنَيْنِ مَا لَا يُحْتَمَلُ بَيْنَ كَلَامِ وَاحِدٍ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَقْصِدَهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ (وَلَوْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا (فَلَا يُشْتَرَطُ) مِنْ أَوَّلِهِ وَلَا يَكْفِي بَعْدَ الْفَرَاغِ إذْ لَوْ كَفَى لَلَزِمَ عَلَيْهِ رَفْعُ الطَّلَاقِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَةَ وَلَوْ كَانَ أَوْلَى (وَكَذَا) يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاتِّصَالِ وَالْقَصْدِ (فِي التَّعْلِيقِ) بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ تَقْيِيدُ كَالِاسْتِثْنَاءِ (فَقَوْلُهُ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا بَاطِلٌ لِلِاسْتِغْرَاقِ) فَتَقَعُ الثَّلَاثُ (وَلَا يُجْمَعُ الْمَعْطُوفُ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِغْرَاقِ) الْحَاصِلِ بِجَمْعِهِمَا (وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى لِإِثْبَاتِهِ) وَلَا فِيهِمَا لِذَلِكَ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْإِقْرَارِ وَهُوَ وَاحِدٌ (فَلَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةً وَقَعَتْ طَلْقَةً) لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى إذَا لَمْ يُجْمَعْ مُفَرَّقُهُ لَمْ يَبْلُغْ إلَّا مَا يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ وَهُوَ وَاحِدَةٌ (أَوْ) طَلَّقَ ثَلَاثًا (إلَّا وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ) إلْغَاءٌ لِقَوْلِهِ وَاثْنَتَيْنِ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِمَا (أَوْ) طَلَّقَ (طَلْقَتَيْنِ وَطَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً وَقَعَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّ الطَّلْقَةَ الْوَاحِدَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ طَلْقَةٍ فَيَسْتَغْرِقُ فَيَلْغُو (أَوْ) طَلَّقَ (ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ فِي مَسْأَلَتِنَا إذَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْمُزَنِيّ إنْ نَوَى الشَّرِكَةَ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ وَقَعَ طَلْقَتَانِ وَإِلَّا فَطَلْقَةٌ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ.
[فَرْعٌ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اعْلَمْ أَنَّ مَسَائِلَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمُهِمَّاتِ الَّتِي تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى وَيَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهَا وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَجْهَلُ حَقِيقَةَ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَا تَطْلُقِي وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا لَا وَاحِدَةً وَقَصَدَ بِذَلِكَ مَا يُقْصَدُ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَتَانِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ. اهـ. هُوَ وَاضِحٌ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَقَعُ فِي الْحَالِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَوْقَعَ ذَلِكَ عَلَى الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي الْفَتَاوَى يَمِيلُ إلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَهُوَ الْأَوْلَى نَعَمْ إنْ قَصَدَ إيقَاعَ الثَّلَاثِ مُعَلَّقَةً عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ فَذَاكَ (قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لَا يَسْتَغْرِقَ إلَخْ) وَأَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ وَلَا يُدَيَّنْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَسْمَعُهُ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي نَفِيه وَيُحْكَمُ بِالْوُقُوعِ إذَا حَلَفَتْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّهُ تَعَقَّبَ الْإِقْرَارَ بِمَا يَرْفَعُهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ يَسِيرًا) شَمِلَ مَا لَوْ عَطَسَ مَعَ فَرَاغِهِ مِنْ طَالِقٍ فَحَمِدَ وَاسْتَثْنَى مُتَّصِلًا بِالْحَمْدِ أَوْ شَمَّتَ عَاطِسًا أَوْ رَدَّ سَلَامًا ثُمَّ اسْتَثْنَى (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَوَّلِهِ) كَمَا يَكْفِي نِيَّةُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ فِي أُولَاهُمَا (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهَا) أَيْ كَدُخُولِ الدَّارِ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا بَاطِلٌ) لِلِاسْتِغْرَاقِ لِإِفْضَائِهِ إلَى اللَّغْوِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ فَإِنَّهُ وَإِنْ رَفَعَ حُكْمَ اللَّفْظِ الْمُتَقَدِّمِ جَمِيعَهُ فَالْكَلَامُ مُنْتَظَمٌ مَعَهُ إذْ هُوَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ صِيغَتُهَا التَّرَدُّدُ إذْ الْمَشِيئَةُ غَيْبٌ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ مَبْنَى الْكَلَامِ عَلَى التَّنَاقُضِ وَحَكَمْنَا بِانْتِفَاءِ الطَّلَاقِ لِأَمْرٍ اقْتَضَاهُ لَا لِاخْتِلَالِ الْكَلَامِ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَقَعَتْ ثَلَاثًا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ ثَلَاثٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ يَنْبَغِي تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَقِبَ الْجُمَلِ يَعُودُ إلَيْهَا أَنْ تَقَعَ طَلْقَتَانِ قُلْت الظَّاهِرُ
(3/292)
وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً) لِأَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ إنَّمَا حَصَلَ بِالْأَخِيرَةِ (وَكَذَا) لَوْ طَلَّقَ (ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً) طَلُقَتْ وَاحِدَةً لِجَوَازِ الْجَمْعِ هُنَا إذْ لَا اسْتِغْرَاقَ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ حُرُوفُ الْعَطْفِ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً ثُمَّ وَاحِدَةً بَلْ وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ) تَقَعُ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْ وَاحِدَةٍ وَهُوَ مُسْتَغْرَقٌ فَلَا يُجْمَعُ وَإِنْ قِيلَ بِالْجَمْعِ فِي غَيْرِ هَذِهِ لِتَغَايُرِ الْأَلْفَاظِ (وَإِنْ قَالَ) أَنْت (طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِلِاسْتِغْرَاقِ بِاسْتِثْنَاءِ الْوَاحِدَةِ مِمَّا قَبْلَهَا (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا اثْنَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَطَلْقَتَانِ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ.
(فَصْلٌ تَقَعُ بِثَلَاثٍ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ (إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً طَلْقَةٌ) لِأَنَّهُ بِتَعْقِيبِ الِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ أَخْرَجَهُ عَنْ الِاسْتِغْرَاقِ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى طَلْقَتَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْهَا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَثَلَاثٌ إلَّا وَاحِدَةٌ ثِنْتَانِ (فَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ فَطَلْقَتَانِ) لِمَا عُلِمَ قَبْلَهَا (وَ) يَقَعُ (بِثَلَاثٍ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ طَلْقَةٌ) إلْغَاءٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ (وَ) لَوْ أَتَى (بِثَلَاثٍ إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً قِيلَ) يَقَعُ (ثَلَاثٌ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَبِالْعَكْسِ (وَقِيلَ ثِنْتَانِ) إلْغَاءٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي فَقَطْ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الَّذِي قَبْلَهَا تَرْجِيحُ هَذَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَقِيلَ) تَقَعُ (ثِنْتَانِ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَبِالْعَكْسِ فَالْمَعْنَى إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ فَيُضَمُّ إلَى مَا بَقِيَ مِنْ الثِّنْتَيْنِ (وَقِيلَ وَاحِدَةٌ) إلْغَاءٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي لِمَا مَرَّ آنِفًا وَهَذَا أَوْجَهُ إذْ جَعْلُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَبِالْعَكْسِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الصَّحِيحِ لَا فِي الْمُسْتَغْرِقِ آخِرَ الْكَلَامِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَقِيلَ ثِنْتَانِ وَقِيلَ وَاحِدَةٌ قَالَ الْحَنَّاطِيُّ وَيُحْتَمَلُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يُوَجَّهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ بَاطِلٌ لِاسْتِغْرَاقِهِ فَيَلْغُو وَيَبْقَى قَوْلُهُ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً وَالثَّانِي بِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا ثَلَاثًا لَا تَقَعُ إلَّا اثْنَتَيْنِ يَقَعَانِ إلَّا وَاحِدَةً لَا تَقَعُ فَيَبْقَى وَاحِدَةٌ وَاقِعَةٌ وَالثَّالِثُ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ بَاطِلٌ لِاسْتِغْرَاقِهِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ لِتَرَتُّبِهِ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي.
(فَصْلٌ وَلَوْ زَادَ) الْمُطَلِّقُ عَلَى (الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ) مِنْ الطَّلَاقِ وَاسْتَثْنَى (انْصَرَفَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى اللَّفْظِ) الْمَذْكُورِ لَا إلَى الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَفْظِيٌّ فَيُتَّبَعُ فِيهِ مُوجِبُ اللَّفْظِ (فَتَطْلُقُ بِخَمْسٍ إلَّا ثَلَاثًا طَلْقَتَيْنِ وَبِخَمْسٍ إلَّا اثْنَتَيْنِ ثَلَاثًا وَبِأَرْبَعٍ إلَّا ثَلَاثًا طَلْقَةً وَبِسِتٍّ إلَّا أَرْبَعًا طَلْقَتَيْنِ وَبِأَرْبَعٍ إلَّا ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ ثَلَاثًا) وَبِخَمْسٍ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً ثَلَاثًا (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إلَّا أَرْبَعًا فَثَلَاثٌ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَا يُجْمَعُ مُفَرَّقُهُ.
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ بَائِنٌ إلَّا بَائِنًا أَوْ إلَّا طَالِقًا وَنَوَى بِأَنْتِ بَائِنٌ الثَّلَاثَ]
(فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَنْت بَائِنٌ إلَّا بَائِنًا أَوْ إلَّا طَالِقًا وَنَوَى بِأَنْتِ بَائِنٌ الثَّلَاثَ وَقَعَ طَلْقَتَانِ) اعْتِبَارًا بِنِيَّتِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَلَفَّظَ بِالثَّلَاثِ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفِي مَعْنَاهُ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا طَالِقًا وَنَوَى بِأَنْتِ طَالِقٌ الثَّلَاثَ (وَقَوْلُهُ مُسْتَأْنِفًا أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا طَلْقَةً كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا طَلْقَةً) فَتَقَعُ طَلْقَتَانِ تَبِعَ فِي هَذَا أَصْلَهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ جَمْعِ الْمُفَرَّقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ صُوَرِ الْعَوْدِ إلَى الْكُلِّ وَكَيْف يَسْتَثْنِي وَاحِدَةً وَيُصَيِّرُهَا ثِنْتَيْنِ وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ وَهُوَ إلَّا وَاحِدَةً مِنْ كُلٍّ مِنْ الطَّلَاقَيْنِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ صُوَرِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَعَقِّبِ لِلْجُمَلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِهَذَا كَلَامُهُمْ فِي عَوْدِهَا لِلْكُلِّ وَتَمْثِيلُهُمْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ع فِيهِ نَظَرٌ فس.
[فَصْلٌ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ طَلْقَةٌ]
(قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَبِالْعَكْسِ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ سَأَلْت عَمَّنْ كَلَّفَ شَخْصًا الْمَبِيتَ عِنْدَهُ لَيَالِيَ فَحَلَفَ لَا يَبِيتُ غَيْرَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْمَبِيتِ عِنْدَهُ فِيهَا فَأَجَبْت بِأَنَّ مُقْتَضَى قَاعِدَتِنَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ أَيْضًا فَيَحْنَثُ بِتَرْكِهِ لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ بِحُضُورِي فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْكُو غَرِيمَهُ إلَّا مِنْ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ شَكَوَاهُ مُطْلَقًا فَأَجَابَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ إنَّمَا هُوَ نَفْيُ الشَّكْوَى مِنْ غَيْرِ حَاكِمِ الشَّرْعِ وَيُوَافِقُهُ تَصْحِيحُ النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْإِيلَاءِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مُطْلَقًا وَهُوَ نَاظِرٌ لِلْمَعْنَى مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَمُقْتَضَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي سُئِلْت عَنْهَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْمَبِيتِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِأَنَّ قَصْدَهُ إنَّمَا هُوَ نَفْيُ الزِّيَادَةِ عَلَى لَيْلَةٍ لَا إثْبَاتُ اللَّيْلَةِ فَيَخْرُجُ عَنْ مُقْتَضَى اللَّفْظِ لِمَا يُفْهَمُ عُرْفًا وَقَدْ يُقَالُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لَمَّا كَانَ الْحَلِفُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ كَانَ نَقِيضَ الِامْتِنَاعِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ التَّخْيِيرُ فِي الْمُسْتَثْنَى فَلِهَذَا لَمْ نُحْنِثْهُ بِتَرْكِهِ بِخِلَافِ الْمَاضِي وَالْحَالِ اهـ وَقَوْلُهُ فَأَجَبْت إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَأَجَابَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ وَاحِدَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصْلٌ زَادَ الْمُطَلِّقُ عَلَى الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ مِنْ الطَّلَاقِ وَاسْتَثْنَى]
(تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَقَلَّهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَفِي الِاسْتِقْصَاءِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا لِأَنَّ أَقَلَّ الْقَلِيلِ بَعْضُ طَلْقَةٍ فَبَقِيَ طَلْقَتَانِ وَالْبَعْضُ الْبَاقِي فَيَكْمُلُ وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَقَلَّ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يَقَعُ بَعْضُ الطَّلْقَةِ ثُمَّ يَكْمُلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَكْثَرَ الطَّلَاقِ وَمُقْتَضَى حَمْلِ أَكْثَرِ الطَّلَاقِ عَلَى الثَّلَاثِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَغْرِقًا فَتَقَعُ الثَّلَاثُ وَمُقْتَضَى مَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ حَمْلُهَا عَلَى طَلْقَتَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثَة أَنَّهُ يَقَعُ طَلْقَةٌ لِأَنَّهُ يَبْقَى بَعْد الِاسْتِثْنَاءِ جُزْءٌ مِنْ طَلْقَةٍ ثُمَّ تَكْمُلُ وَقَوْله فَفِي الِاسْتِقْصَاء إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَقَوْلُهُ وَمُقْتَضَى حَمْلِ أَكْثَرِ الطَّلَاقِ عَلَى الثَّلَاثِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْأَوْجُهُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ وَقَعَ الثَّلَاثُ. وَقَوْلُهُ وَمُقْتَضَى مَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ أَيْضًا يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَقَلِّهِ وَأَكْثَرِهِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا حَدّ لَهُ بِخِلَافِ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ جَمْعِ الْمُفَرَّقِ) لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ إذْ الْمُمْتَنَعُ جَمْعُهُ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِغْرَاقِ وَلَيْسَتْ مَسْأَلَتُنَا مِنْهُ إذْ لَيْسَ فِيهَا إلَّا جَمْعُ الثَّانِيَةِ إلَى الْأُولَى. اهـ. وَهُوَ مَرْدُودٌ " هُنَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ "
(3/293)
وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ ثَلَاثٌ إلْغَاءً لِلِاسْتِثْنَاءِ لِاسْتِغْرَاقِهِ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ لِذَلِكَ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ مُسْتَأْنِفًا مُؤَكِّدًا لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ (وَقَوْلُهُ) فِيمَا ذُكِرَ (إلَّا طَالِقًا كَقَوْلِهِ إلَّا طَلْقَةً) فَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَرَّرَ وَلَوْ قَالَ عَقِيبَ إلَّا طَلْقَةً أَوْ إلَّا طَالِقًا كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا كَانَ أَخَصَرَ (وَتَقَعُ بِثَلَاثٍ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ ثَلَاثٌ) لِأَنَّهُ أَبْقَى نِصْفَ طَلْقَةٍ فَتَكْمُلُ لَا يُقَالُ قَدْ اسْتَثْنَى النِّصْفَ فَيَكْمُلُ فَلَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَتَانِ لِأَنَّا نَقُولُ التَّكْمِيلُ إنَّمَا يَكُونُ فِي طَرَفِ الْإِيقَاعِ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ (وَ) يَقَعُ (بِثَلَاثٍ إلَّا طَلْقَةً وَنِصْفًا طَلْقَتَانِ) لِأَنَّهُ أَبْقَى طَلْقَةً وَنِصْفًا فَتَكْمُلُ وَلَوْ قَالَ طَلْقَةً إلَّا نِصْفًا وَقَعَتْ طَلْقَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَهَلْ يَقَعُ بِثَلَاثٍ إلَّا طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا ثَلَاثٌ) بِمَا تَقَرَّرَ آنِفًا (أَوْ وَاحِدَةً) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ الْمُفَرَّقُ فَيَلْغُو ذِكْرُ النِّصْفِ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ (وَجْهَانِ) أَقْيَسُهُمَا الثَّانِي (وَيَقَعُ بِثَلَاثٍ إلَّا طَلْقَتَيْنِ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ طَلْقَتَانِ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَكَذَا) يَقَعَانِ (بِوَاحِدَةٍ وَنِصْفٍ إلَّا وَاحِدَةً) إلْغَاءٌ لِاسْتِثْنَاءِ الْوَاحِدَةِ مِنْ النِّصْفِ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَقِيلَ يَقَعُ طَلْقَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنْ نَجْمَعَ الْمُفَرَّقَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهَا تَرْجِيحُ الثَّانِي (وَ) لَوْ أَتَى (بِثَلَاثٍ إلَّا نِصْفًا وَأَرَادَ) بِالنِّصْفِ (نِصْفَ الثَّلَاثِ أَوْ أَطْلَقَ) وَقَعَ (طَلْقَتَانِ وَإِنْ أَرَادَ) بِهِ نِصْفَ طَلْقَةٍ (فَثَلَاثٌ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثٌ إلَّا أَقَلَّهُ وَلَا نِيَّةَ فَفِي الِاسْتِقْصَاءِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا لِأَنَّ أَقَلَّ الطَّلَاقِ بَعْضُ طَلْقَةٍ فَبَقِيَ طَلْقَتَانِ وَالْبَعْضُ الْبَاقِي فَيَكْمُلُ وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ أَنَّ أَقَلَّهُ طَلْقَةٌ فَتَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ.
(وَلَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ) عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (فَقَالَ أَنْت إلَّا وَاحِدَةً طَالِقٌ ثَلَاثًا فَكَتَأْخِيرِهِ) عَنْهُ فَيَقَعُ فِي هَذَا الْمِثَالِ طَلْقَتَانِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فَتَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لِاسْتِدْرَاكِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْكَلَامِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ فِي الْأَيْمَانِ وَلِمَا نَقَلَهُ بَعْدُ عَنْ الْقَاضِي مِنْ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي قَوْلِهِ أَرْبَعَتُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا غَيْرَ وَاحِدَةٍ بِنَصْبِ غَيْرِ وَقَعَ طَلْقَتَانِ أَوْ بِضَمِّهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ يَقَعُ ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ نَعْتٌ لَا اسْتِثْنَاءٌ قَالَا وَلَيْسَ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ نَصٌّ فَإِنْ كَانَ الْمُطَلِّقُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فَالْجَوَابُ مَا قَالُوهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ كَانَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ اخْتِلَافِ وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَفْسِرَ الْعَامِّيُّ وَيُعْمَلَ بِتَفْسِيرِهِ.
(الضَّرْبُ الثَّانِي التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ طَلَاقُك (قَاصِدًا لِلتَّعْلِيقِ لَمْ تَطْلُقْ) لِخَبَرِ «مَنْ حَلَفَ ثُمَّ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَلِأَنَّ الْمَشِيئَةَ الْمُعَلَّقَ بِهَا غَيْرُهُ مَعْلُومَةٌ وَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِهَا يَقْتَضِي حُدُوثَهَا بَعْدَهُ كَالتَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ زَيْدٍ وَمَشِيئَتُهُ تَعَالَى قَدِيمَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُهَا فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِالْمَشِيئَةِ التَّعْلِيقَ بِأَنْ سَبَقَتْ إلَى لِسَانِهِ لِتَعَوُّدِهِ بِهَا كَمَا هُوَ الْأَدَبُ أَوْ قَصَدَ بِهَا التَّبَرُّكَ أَوْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ لَا طَلُقَتْ وَلَيْسَ هَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ لِأَنَّ ذَاكَ كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ وَالتَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ مُنْتَظِمٌ فَإِنَّهُ قَدْ يَقَعُ مَعَهُ الطَّلَاقُ وَقَدْ لَا يَقَعُ كَمَا تَقَرَّرَ (وَكَذَا يَمْتَنِعُ بِهَا انْعِقَادُ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ) كَالْعِتْقِ وَالنَّذْرِ وَالْيَمِينِ وَالْبَيْعِ وَالتَّعْلِيقِ لِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَمَتَى وَإِذَا) وَنَحْوِهِمَا (مِثْلُ إنْ) فِيمَا ذُكِرَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ إلَخْ) تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ فَقَدْ قَالَ إنَّهُ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ مُسْتَأْنِفًا مُؤَكِّدًا إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ.
(فَرْعٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَالْقِيَاسُ طَلْقَةٌ وَلَوْ قَالَ طَلْقَةً وَنِصْفَ إلَّا طَلْقَةً وَنِصْفَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ الْقِيَاسُ وُقُوعُ طَلْقَةٍ لِأَنَّا نُكْمِلُ النِّصْفَ فِي طَرَفِ الْإِيقَاعِ فَيَصِيرُ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهُمَا طَلْقَةً وَنِصْفَ فَبَقِيَ نِصْفُ طَلْقَةٍ ثُمَّ نُكْمِلُ لِلْإِيقَاعِ فَبَقِيَ طَلْقَةٌ وَمَنْ يَرَى التَّكْمِيلَ فِي جَانِبِ الرَّفْعِ أَيْضًا قِيَاسُهُ أَنْ يُوقِعَ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عِنْدَهُ يَصِيرُ مُسْتَغْرِقًا فَإِنَّهُ أَوْقَعَ طَلْقَةً وَنِصْفًا ثُمَّ كَمَّلْنَا ذَلِكَ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَ طَلْقَةً وَنِصْفًا ثُمَّ كَمَّلْنَا ذَلِكَ طَلْقَتَيْنِ فِي الرَّفْعِ فَقَدْ اسْتَثْنَى طَلْقَتَيْنِ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَهُوَ مُسْتَغْرِقٌ فَوَقَعَ طَلْقَتَانِ قُلْت وَيُؤَيِّدُ هَذَا هُنَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي لَفْظِهِ صُورَتُهُ صُورَةُ الْمُسْتَغْرِقِ فَقَوَّى فِيهِ جَانِبَ الِاسْتِغْرَاقِ اهـ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الرَّاجِحَ وُقُوعُ طَلْقَةٍ وَقَوْلُهُ قَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ الْقِيَاسُ وُقُوعُ طَلْقَةِ الْقِيَاسِ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَيَلْغُو ذِكْرُ النِّصْفِ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ) هَذَا التَّعْلِيلُ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ قَائِلٍ بِتَكْمِيلِ النِّصْفِ الْمُسْتَثْنَى أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ فَيُقَالُ أَوْ وَاحِدَةٌ تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ أَقْيَسُهُمَا الثَّانِي) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمَا تَرْجِيحُ الثَّانِي) فِي الْمُعَايَاةِ لِلْجُرْجَانِيِّ لَوْ قَالَ طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ فَفِي الِاسْتِثْنَاءِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ فَقَالَ أَنْت إلَّا وَاحِدَةً طَالِقٌ ثَلَاثًا فَكَتَأْخِيرِهِ) لِأَنَّ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ فِي ذَلِكَ لُغَةُ الْعَرَبِ.
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا غَيْرَ وَاحِدَةٍ]
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ نَعْتٌ لَا اسْتِثْنَاءٌ) فَتَقْدِيرُهُ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا لَيْسَتْ وَاحِدَةً.
[الضَّرْبُ الثَّانِي تَعْلِيقُ الطَّلَاق بِالْمَشِيئَةِ]
(الضَّرْبُ الثَّانِي التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ) (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَاصِدًا لِلتَّعْلِيقِ لَمْ تَطْلُقْ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ قُلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَتْ لَمْ تَقُلْ فَمَنْ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ يَنْبَنِي عَلَى تَبْعِيضِ الْإِقْرَارِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَتَبَعَّضُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا صُدِّقَتْ فَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَسَأَلْت عَمَّنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَّقَ ثَلَاثًا فَأَنْكَرَ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفُّظِهِ بِذَلِكَ فَقَالَ اسْتَثْنَيْت عَقِبَهُ فَقَالَتْ الْبَيِّنَةُ لِلْحَاكِمِ وَقَدْ سَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَتَلَفَّظْ عَقِبَهُ فَاسْتَخَرْت اللَّهَ تَعَالَى وَأَفْتَيْت بِالْوُقُوعِ وَعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ وَقَوْلُهُ إلَّا صُدِّقَتْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ وَالْبَيْعُ) أَيْ وَالظِّهَارُ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَكُونُ مُظَاهِرًا أَوْ يَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الظِّهَارَ إخْبَارٌ وَالْإِخْبَارُ عَنْ الْوَاقِعِ لَا يُعَلَّقُ بِالصِّفَاتِ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الظِّهَارَ كَغَيْرِهِ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ إنْشَاءٌ لَا إخْبَارٌ.
(3/294)
(وَتَقْدِيمُ التَّعْلِيقِ) عَلَى الْمُعَلَّقِ بِهِ (كَتَأْخِيرِهِ) عَنْهُ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْت طَالِقٌ (وَلَوْ فَتَحَ) هَمْزَةَ (إنْ أَوْ أَبْدَلَهَا بِإِذْ أَوْ بِمَا) كَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْ شَاءَ اللَّهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَوْ إذْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ وَاحِدَةً) لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لِلتَّعْلِيلِ، وَالْوَاحِدَةُ هِيَ الْيَقِينُ فِي الثَّالِثِ وَسَوَاءٌ فِي الْأَوَّلِ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا صَرَّحَ الْأَصْلُ بِتَصْحِيحِهِ هُنَا لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا تَبَعًا لِتَرْجِيحِ الْمِنْهَاجِ وَلِتَرْجِيحِ الرَّوْضَةِ أَوَائِلَ التَّعْلِيقِ وَقُبَيْلَ التَّعْلِيقِ بِالْحِلِّ وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَحَلِّ الْأَوَّلِ.
(وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا) أَوْ وَاثْنَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ وَاحِدَةً) لِاخْتِصَاصِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ بِالْأَخِيرِ كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ كَمَا مَرَّ (وَفِي عَكْسِهِ) بِأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَوَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ تَطْلُقُ (ثَلَاثًا) كَذَلِكَ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) قَالَ (حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ) وَلَمْ يَنْوِ عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاطِفَيْنِ (طَلُقَتْ حَفْصَةُ) دُونَ عَمْرَةَ لِذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ طَالِقَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ الصَّحِيحَةِ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ أَنَّ ذَلِكَ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ طَالِقَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً ثَلَاثًا أَوْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ تَطْلُقْ) لِعَوْدِ الْمَشِيئَةِ إلَى الْجَمِيعِ لِحَذْفِ الْعَاطِفِ (وَلَوْ قَالَ يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا طَالِقُ) إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَقَعَتْ طَلْقَةٌ لِأَنَّ النِّدَاءَ لَا يَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ) لِاقْتِضَائِهِ حُصُولَ الِاسْمِ أَوْ الصِّفَةِ وَالْحَاصِلُ لَا يُعَلَّقُ بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَدْ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْهُ وَتَوَقُّعِ الْحُصُولِ كَمَا يُقَالُ لِلْقَرِيبِ مِنْ الْوُصُولِ أَنْتَ وَاصِلٌ وَلِلْمَرِيضِ الْمُتَوَقَّعِ شِفَاؤُهُ قَرِيبًا أَنْتَ صَحِيحٌ فَيُنْتَظَمُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي مِثْلِهِ فَعُلِمَ أَنَّ يَا طَالِقُ لَا يَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ (فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِلْقَذْفِ) بِقَوْلِهِ يَا زَانِيَةُ (وَلَا تَطْلُقُ) لِرُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الطَّلَاقِ خَاصَّةً وَتَخَلُّلُ يَا طَالِقُ أَوْ يَا زَانِيَةُ لَا يَقْدَحُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْمُخَاطَبَةِ فَأَشْبَهَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا حَفْصَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَكَذَا) تَطْلُقُ طَلْقَةً وَاحِدَةً بِقَوْلِهِ (أَنْت يَا طَالِقُ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ) لِمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَاصِدًا لِلتَّوْكِيدِ لَمْ تَطْلُقْ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
(فَرْعٌ لَا تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ أَوْ إذَا لَمْ أَوْ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ) أَيْ طَلَاقُك لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِذَلِكَ يَقْتَضِي الْوُقُوعَ بِدُونِ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى وَهُوَ مُحَالٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ اجْتَمَعَ السَّوَادُ وَالْبَيَاضُ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ لَوْ وَقَعَ كَانَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَهُ لَانْتَفَى عَدَمُ مَشِيئَتِهِ فَلَا يَقَعُ لِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ بِهِ (وَكَذَا لَا تَطْلُقُ) بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) أَيْ طَلَاقُك لِلشَّكِّ فِي عَدَمِ الْمَشِيئَةِ وَلِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمَشِيئَةِ يُوجِبُ حَصْرَ الْوُقُوعِ فِي حَالِ عَدَمِهَا وَذَلِكَ تَعْلِيقٌ بِعَدَمِهَا وَهُوَ يَمْنَعُ الْوُقُوعَ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ أَوْ إنْ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْمَشِيئَةُ) مِنْ زَيْدٍ فِي الْأُولَى (وَالدُّخُولَ مِنْهُ) فِي الثَّانِيَةِ (فِي الْحَيَاةِ طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ أَوْ) قُبَيْلَ (جُنُونٍ اتَّصَلَ بِهِ) أَيْ بِالْمَوْتِ لِتَحَقُّقِ عَدَمِ الْمَشِيئَةِ وَالدُّخُولِ الْمُعَلَّقِ بِهِ حِينَئِذٍ وَمَحَلُّ الثَّانِي فِي الْمَشِيئَةِ وَنَحْوِهَا لَا فِي الدُّخُولِ وَنَحْوِهِ كَالْجُنُونِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْإِغْمَاءِ وَالْعَيِّ أَمَّا إذَا وُجِدَ ذَلِكَ فَلَا تَطْلُقُ (وَإِنْ مَاتَ زَيْدٌ وَشُكَّ فِي مَشِيئَتِهِ) وَدُخُولِهِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِلشَّكِّ فِي الصِّفَةِ الْمُوجِبَةِ لِلطَّلَاقِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ فِي إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ فَتَطْلُقُ إنْ لَمْ تُوجَدْ مَشِيئَتُهُ لَا إنْ وُجِدَتْ وَلَا إنْ مَاتَ وَشُكَّ فِي مَشِيئَتِهِ كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَيُفَارِقُ الْحِنْثَ فِي نَظِيرِهِ فِي الْأَيْمَانِ بِأَنَّ الْحِنْثَ هُنَا يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ النِّكَاحِ بِالشَّكِّ بِخِلَافِهِ ثُمَّ لَا يُقَالُ وَالْحِنْثُ ثَمَّ يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِالشَّكِّ لِأَنَّا نَقُولُ النِّكَاحُ جَعْلِيٌّ وَالْبَرَاءَةُ شَرْعِيَّةٌ وَالْجَعْلِيُّ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الرَّهْنِ (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ الْيَوْمَ) وَلَمْ يَشَأْ فِيهِ (طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ) فَالْيَوْمُ هُنَا كَالْعُمْرِ فِيمَا مَرَّ (وَقَوْلُهُ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ لَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لِاخْتِصَاصِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ بِالْأَخِيرِ إلَخْ) مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْمُتَكَلِّمُ عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْجُمْلَتَيْنِ فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ عَادَ إلَيْهِمَا جَزْمًا كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ الْأَيْمَانِ فَتَفَطَّنْ لَهُ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يَشْهَدُ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْجَمِيعِ وَأَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ بِالنِّيَّةِ أَيْضًا. اهـ. لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ بِالْوَاوِ كَالْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا يُوَافِقُ مَا حَمَلْت عَلَيْهِ كَلَامَ ابْنِ الْمُقْرِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يَصِيرَ الْجَمِيعُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ أَيْضًا مِثْلُهُ مَا إذَا أَطْلَقَ فَيَعُودُ إلَيْهِمَا عَلَى قَاعِدَةِ الْبَابِ فَكَلَامُ الْمَتْنِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْأَخِيرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةِ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ قَالَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ عَمْرَةَ فَقَطْ طَلُقَتْ حَفْصَةُ وَحْدَهَا وَإِنْ أَرَادَهُمَا مَعًا لَمْ تَطْلُقَا وَإِنْ أَطْلَقَ رَجَعَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَيْهِمَا لِرُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْعَطْفِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إلَى جَمِيعِ الْمَذْكُورِ قَالَ شَيْخُنَا وَحِينَئِذٍ فَالْمُعْتَمَدُ مَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ رُجُوعِهِ لَهُمَا وَعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِمَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ عَمْرَةَ وَحْدَهَا دُونَ حَفْصَةَ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّ يَا طَالِقُ لَا يَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحْمَلُ فِي الْإِخْبَارِ كَأَنْتِ طَالِقٌ وَجَمِيعُ الْأَفْعَالِ كَطَلَّقْتُك أَمَّا فِي الْأَسْمَاءِ فَلَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا عَلَّلُوهُ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى إيضَاحٍ وَإِنَّ الِاسْمَ لَا يَنْتَظِمُ مِنْهُ اسْتِثْنَاءً وَمَعْنَاهُ إنَّمَا يَنْتَظِمُ مِنْ الْحُكْمِ. اهـ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَنْتَظِمُ أَنْ يُقَالَ يَا أَسْوَدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ) وَلَيْسَ اسْمُهَا طَالِقًا فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا لَمْ تَطْلُقْ بِذَلِكَ.
[فَرْعٌ لَا تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَوْ إذَا لَمْ أَوْ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ]
(قَوْلُهُ وَيُفَارِقُ الْحِنْثَ فِي نَظِيرِهِ فِي الْأَيْمَانِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَيْمَانِ إلَّا مُجَرَّدُ الْحِنْثِ وَهُوَ قَدْ حَلَفَ وَشَكَّ فِي الْمُسْقِطِ لِلْحِنْثِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَفِي الطَّلَاقِ تَرَتَّبَ عَلَى الْحِنْثِ حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ فَبِهَذَا تَرَجَّحَ جَانِبُ عَدَمِ الْحِنْثِ فِي الطَّلَاقِ.
(3/295)
يَشَأْ اللَّهُ) أَوْ زَيْدٌ (أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ تَعْلِيقٌ بِعَدَمِ مَشِيئَةِ الطَّلَاقِ لَا بِمَشِيئَةِ عَدَمِهِ فَإِنْ وُجِدَتْ الْمَشِيئَةُ) لِلطَّلَاقِ (لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَشَأْ) أَيْ الطَّلَاقَ بَلْ عَدَمَهُ (أَوْ سَكَتَ حَتَّى مَاتَ طَلُقَتْ) حَالًا فِي الْأُولَى وَقُبَيْلَ مَوْتِهِ فِي الثَّانِيَةِ هَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى لَمْ يَشَأْ الطَّلَاقَ فَإِنْ أَرَادَ إنْ لَمْ يَشَأْ عَدَمَ الطَّلَاقِ قُبِلَ مِنْهُ وَرُتِّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ.
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ)
(فَإِنْ شَكَّ فِي) وُقُوعِ (الطَّلَاقِ) مِنْهُ (أَوْ) فِي (وُجُودِ الصِّفَةِ) الْمُعَلَّقِ بِهَا كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ وَشَكَّ هَلْ كَانَ غُرَابًا أَوْ لَا (لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ) وَبَقَاءُ النِّكَاحِ (أَوْ) شَكَّ (فِي الْعَدَدِ) بِأَنْ طَلَّقَ وَشَكَّ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ (أَخَذَ بِالْأَقَلِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّائِدِ عَلَيْهِ (وَيُسْتَحَبُّ الِاحْتِيَاطُ بِمُرَاجَعَةٍ أَوْ طَلَاقٍ) لِخَبَرِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ فَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ رَاجِعٌ لِيُتَيَقَّنَ الْحِلُّ أَوْ الْبَائِنُ بِدُونِ ثَلَاثٍ جَدَّدَ النِّكَاحَ أَوْ بِثَلَاثٍ أَمْسَكَ عَنْهَا وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَالَ الرَّافِعِيُّ لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِي الْعَدَدِ أَخَذَ بِالْأَكْثَرِ فَإِنْ شَكَّ فِي وُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَنْكِحْهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.
(فَصْلٌ وَإِنْ عَلَّقَ شَخْصٌ) لَهُ زَوْجَتَانِ أَوْ أَمَتَانِ (بِنَقِيضَيْنِ كَإِنْ) أَيْ كَقَوْلِهِ إنْ (كَانَ) هَذَا الطَّائِرُ (غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ) أَنْت (حُرَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَضِرَّتُك طَالِقٌ) أَوْ رَفِيقَتُك حُرَّةٌ (وَأَشْكَلَ) حَالُهُ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقُ (عَلَى إحْدَاهُمَا) لِحُصُولِ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ (وَاعْتَزَلَهُمَا) وُجُوبًا إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ لِاشْتِبَاهِ الْمُبَاحَةِ بِغَيْرِهَا (وَعَلَيْهِ الْبَحْثُ) عَنْ الطَّائِرِ (وَالْبَيَانُ) لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ إنْ اتَّضَحَ لَهُ لِيَعْلَمَ الْمُطَلَّقَةَ أَوْ الْمُعْتَقَةَ مِنْ غَيْرِهَا وَهَذَا فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَفِي الرَّجْعِيِّ إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْبَيَانِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (أَوْ) عَلَّقَ (شَخْصَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعِتْقِ) صَوَابُهُ عِتْقٌ (أَمَتِهِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَمَتِي حُرَّةٌ وَقَالَ الْآخَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَأَمَتِي حُرَّةٌ وَأَشْكَلَ حَالُهُ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا) فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ فِي أَمَتِهِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِالتَّعْلِيقِ فَتَعْلِيقُ الْآخَرِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ كَمَا لَوْ سَمِعَ صَوْتَ حَدَثٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ قَامَ كُلٌّ إلَى الصَّلَاةِ لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِ (فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا حَنِثَ صَاحِبِي) أَوْ مَا حَنِثْت أَنَا (وَمَلَكَ أَمَتَهُ وَلَوْ بَعْدَ بَيْعِ أَمَتِهِ عَتَقَتْ مَجَّانًا) أَيْ بِلَا رُجُوعٍ بِثَمَنِهَا إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدُهُمَا شَيْئًا (اعْتَزَلَهُمَا جَمِيعًا) إنْ كَانَتَا فِي مِلْكِهِ (أَوْ مَنْ بَقِيَ) مِنْهُمَا إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فِي مِلْكِهِ وَيُؤْمَرُ بِالْبَحْثِ وَالْبَيَانِ (كَمَا لَوْ كَانَتَا حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ التَّعْلِيقِ (فِي مِلْكِهِ) وَعَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ (وَمُنِعَ التَّصَرُّفُ فِيهِمَا حَتَّى يَبِينَ) الْحَالُ وَقَوْلُهُ أَوْ مَنْ بَقِيَ شَامِلٌ لِبَقَاءِ أَمَتِهِ وَلِبَقَاءِ أَمَةِ صَاحِبِهِ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَفِيهِ كَلَامٌ أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَإِنْ قَالَ إنْ كَانَ) ذَا الطَّائِرِ (غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ حَمَامَةً فَضِرَّتُك طَالِقٌ وَلَمْ يَعْلَمْ) أَنَّهُ غُرَابٌ أَوْ حَمَامَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا (لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ]
ِ) الشَّكُّ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ التَّرَدُّدُ عَلَى السَّوَاءِ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا هُوَ قَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِمْ الْمَسْأَلَةَ بِالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ الرُّجْحَانِ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَكَّ فِي الطَّلَاقِ أَوْ وُجُودِ الصِّفَةِ لَمْ تَطْلُقْ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَلَبَةُ ظَنٍّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الِاحْتِيَاطُ إلَخْ) الِاحْتِيَاطُ لِمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا أَنْ يُطَلِّقَ طَلْقَةً مُعَلَّقَةً عَلَى نَفْيِ الطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ أَكُنْ طَلَّقْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ كَيْلًا يَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِيَتَيَقَّنَ الْحِلَّ) لِأَنَّ الْمُحَقَّقَ بِالطَّلَاقِ التَّحْرِيمُ الَّذِي يَزُولُ بِالرَّجْعَةِ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مَشْكُوكٌ فِيهَا (قَوْلُهُ لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا) حَذَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِهِ فَإِنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّتْ لِغَيْرِهِ بِيَقِينٍ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَإِنَّمَا الصَّوَابُ فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ يَلْتَزِمُ الثَّلَاثَ حَتَّى إذَا أَرَادَ تَزَوُّجَهَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا ثَلَاثًا بِيَقِينٍ.
[فَصْلٌ عَلَّقَ شَخْصٌ لَهُ زَوْجَتَانِ أَوْ أَمَتَانِ الطَّلَاق بِنَقِيضَيْنِ]
(قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَّقَ شَخْصَانِ كُلٌّ بِعِتْقِ أَمَتِهِ إلَخْ) وَفِي التَّعْلِيقِ بِنَقِيضَيْنِ لِعِتْقِ رَقِيقٍ مُعْسِرَيْنِ لَمْ يَتَفَاوَتَا فِيهِ إذَا بَاعَاهُ لِثَالِثٍ أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِلْآخَرِ يَعْتِقُ نِصْفُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِوُجُودِ الصِّفَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ يَقِينًا فِي النِّصْفِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ لِلشَّكِّ فِي الصِّفَةِ فَإِنْ تَفَاوَتَا فِيهِ عَتَقَ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ وَخَرَجَ بِمُعْسِرَيْنِ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي الْمُوسِرَانِ فَيَعْتِقُ الْجَمِيعُ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ لِتَحَقُّقِ حِنْثِ أَحَدِهِمَا فَيَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَيَسْرِي إلَى الْبَاقِي وَيُوقَفُ الْوَلَاءُ وَلِكُلٍّ أَنْ يَدَّعِيَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ عَلَى الْآخَرِ وَيُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ.
وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا الْمُعْسِرُ وَالْمُوسِرُ فَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُعْسِرِ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ إذْ لَا يَخْلُو الْحَالُ مِنْ حِنْثِهِ أَوْ حِنْثِ صَاحِبِهِ وَسِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَى نَصِيبِهِ بِخِلَافِ نَصِيبِ الْمُوسِرِ لِلشَّكِّ وَلِلْمُعْسِرِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَيُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَالْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالْإِرْثُ وَنَحْوُهُمَا وَلَوْ تَبَادَلَ الْمُعْسِرُ أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ بِالْآخَرِ تَصَرَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ كَمَا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيمَا انْتَقَلَ عَنْهُ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَ جَوَازُ التَّبَادُلِ بِالْقَطْعِ بِفَسَادِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ بِفَسَادِهِ مُعَيَّنًا كَنَظِيرِهِ فِي تَحَرِّي الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ صَوَابُهُ عِتْقُ أَمَتِهِ) مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ صَوَابٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَمَنْعُ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا حِينَ يَتَبَيَّنُ الْحَالُ) هَذَا مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ لَكِنْ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ أَوْ جَمَاهِيرُهُمْ بِتَعَيُّنِ الْعِتْقِ فِي الْمُشْتَرَى وَقَوْلُهُ هَذَا مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ كَلَامٌ أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا أَمَتَهُ وَاشْتَرَى الْأُخْرَى فَفِي الْوَسِيطِ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَا فِي الْبَسِيطِ وَقَدْ قَالَ فِيهِ إنَّهُ الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهَا لِأَنَّ تِلْكَ وَاقِعَةٌ قَدْ انْقَضَتْ كَمَا لَا تُقْضَى الصَّلَاةُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ تَحَرِّي الْقِبْلَةِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ لِأَنَّ الِاسْتِصْحَابَ ضَعِيفٌ
(3/296)
لِمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَصْلِ.
(فَصْلٌ) لَوْ (طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ) بِعَيْنِهَا (وَنَسِيَ) هَا (اعْتَزَلَهُمَا) حَتَّى يَتَذَكَّرَ فَإِنْ صَدَّقَتَاهُ فِي النِّسْيَانِ فَلَا مُطَالَبَةَ بِالْبَيَانِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَإِنْ كَذَّبَتَاهُ وَبَادَرَتْ وَاحِدَةٌ وَقَالَتْ أَنَا الْمُطَلَّقَةُ لَمْ يَكْفِ فِي الْجَوَابِ نَسِيت أَوْ لَا أَدْرِي لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَ نَفْسَهُ بَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَمَنْ ادَّعَتْ) مِنْهُمَا (الطَّلَاقَ يَحْلِفُ لَهَا يَمِينًا جَازِمَةً) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ بِطَلَاقِهَا وَلَوْ ادَّعَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يَعْلَمُ الَّتِي عَنَاهَا بِالطَّلَاقِ وَسَأَلَتْ تَحْلِيفَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَمْ تَقُلْ فِي الدَّعْوَى أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَبُولُ هَذِهِ الدَّعْوَى وَتَحْلِيفُهُ عَلَى ذَلِكَ.
(فَصْلٌ اسْمُ زَوْجَتِهِ زَيْنَبُ فَقَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَأَرَادَ) زَيْنَبَ أُخْرَى (أَجْنَبِيَّةً أَوْ أَمَتَهُ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) وَيُدَيَّنُ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ إحْدَاكُمَا يَتَنَاوَلُهُمَا تَنَاوُلًا وَاحِدًا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ زَوْجَتِهِ وَلَا بِمَا يَقُومُ مَقَامَهُ بِخِلَافِ زَيْنَبَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ لَا غَيْرَهَا (أَوْ) أَرَادَ فِيمَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحًا صَحِيحًا وَأُخْرَى نِكَاحًا فَاسِدًا وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ (فَاسِدَةَ النِّكَاحِ قُبِلَ) كَمَا لَوْ أَرَادَ الْأَجْنَبِيَّةَ فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ بَلْ أَوْلَى هَذَا مَا فِي الْفَصْلِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَصْدُقُ بِهِ وَبِأَنْ يَكُونَ اسْمُ كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ زَيْنَبَ وَيُعَلِّقُ بِقَوْلِهِ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَأَرَادَ فَاسِدَةَ النِّكَاحِ بَلْ عِبَارَتُهُ ظَاهِرَةٌ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلَوْ قَالَ لَهَا) أَيْ لِزَوْجَتِهِ (وَلِأَجْنَبِيَّةٍ) أَوْ أَمَتِهِ (أَوْ رَجُلٍ أَوْ دَابَّةٍ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ طَلُقَتْ) إنْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ (فَإِنْ نَوَى الْأَجْنَبِيَّةَ أَوْ الْأَمَةَ لَا الرَّجُلَ وَالدَّابَّةَ قُبِلَ) مِنْهُ (بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ مَعَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْأَمَةِ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالدَّابَّةِ.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَجَبَ فَوْرًا التَّعْيِينُ) لَهَا (إنْ أَبْهَمَ) الطَّلَاقَ (وَالتَّبْيِينُ إنْ عَيَّنَ) لِتَتَمَيَّزَ الْمُحَرَّمَةُ عَنْ غَيْرِهَا فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ عَصَى فَإِنْ امْتَنَعَ حُبِسَ وَعُزِّرَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَمْهَلَ لَمْ يُمْهَلْ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُمْهَلُ لِقَوْلِ الرُّويَانِيِّ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ لَوْ اسْتَمْهَلَ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا أَبْهَمَ أَوْ عَيَّنَ نَسِيَ فَإِنْ عَيَّنَ وَلَمْ يَدَّعِ نِسْيَانًا فَالْأَوْجَهُ لِكَلَامِهَا هَذَا (فِي غَيْرِ رَجْعِيٍّ) أَمَّا فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ فَوْرًا تَعْيِينٌ وَلَا بَيَانٌ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ (وَإِنْ مَاتَتَا) فَإِنَّهُ يَجِبُ فَوْرًا التَّعْيِينُ وَالتَّبْيِينُ لِيَتَبَيَّنَ حَالُ الْإِرْثِ (وَلَا يُعْذَرُ فِي دَعْوَى النِّسْيَانِ) بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ كَذَّبَتَاهُ) بَلْ يَحْلِفُ لَهُمَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (وَالطَّلَاقُ) يَقَعُ (بِاللَّفْظِ) فِيمَا إذَا طَلَّقَ إحْدَاهُمَا (وَلَوْ أَبْهَمَ) لِأَنَّهُ جَزَمَ بِهِ وَنَجَّزَهُ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَّا أَنَّ مَحَلَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرُ مُبَيَّنٍ فَيُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ أَوْ التَّبْيِينِ (لَكِنْ عِدَّةُ) الطَّلَاقِ (الْمُبْهَمِ مِنْ التَّعْيِينِ) وَالْمُعَيَّنِ مِنْ اللَّفْظِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَحَلِّ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَيَجُوزُ أَنْ تَتَأَخَّرَ الْعِدَّةُ عَنْ وَقْتِ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ كَمَا تَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِالْوَطْءِ وَتُحْسَبُ مِنْ التَّفْرِيقِ (وَيَعْتَزِلُهُمَا) إلَى التَّعْيِينِ أَوْ التَّبْيِينِ لِاشْتِبَاهِ الْمُبَاحَةِ بِغَيْرِهَا (وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمَا) إلَى ذَلِكَ لِحَبْسِهِمَا عِنْدَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
بِالْإِضَافَةِ إلَى التَّحَرِّي قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ الْأَقْيَسُ احْتِيَاطًا لِلْعِتْقِ وَلِأَنَّ الْأَمْوَالَ وَغَرَامَتَهَا أَشَدُّ مِنْ الْقِبْلَةِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِ رَقِيقِهِ كَالتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ وَأَنَّ الَّذِي عَتَقَ هُوَ رَقِيقُ الْآخَرِ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِ الْعِرَاقِيِّينَ أَمَّا عَلَى طَرِيقَتِهِمْ فَيَعْتِقُ الْمُشْتَرَى بِلَا شَكٍّ اهـ وَالْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي مَسْأَلَةِ التَّبَادُلِ مَا فِي الْبَسِيطِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَعْتِقُ الْمُشْتَرَى عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِهِ عَلَيْهَا إذَا اجْتَمَعَا فِي مِلْكِهِ عِتْقِهِ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِيهِ.
[فَصْلٌ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ بِعَيْنِهَا وَنَسِيَهَا]
(فَصْلٌ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ) (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الدَّعْوَى عَلَى الزَّوْجَةِ أَنَّهَا تَعْلَمُ سَبْقَ أَحَدِ النِّكَاحَيْنِ.
[فَصْلٌ اسْمُ زَوْجَتِهِ زَيْنَبُ فَقَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَأَرَادَ زَيْنَبَ أُخْرَى أَجْنَبِيَّةً أَوْ أَمَتَهُ]
(قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ كَالْإِسْنَوِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَصْدُرْ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ طَلَاقٌ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا يُحْكَمُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لِصِدْقِ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا صِدْقًا وَاحِدًا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْعِتْقِ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ قَالَ وَلِعَبْدٍ آخَرَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ عِتْقَ الْآخَرِ. اهـ. .
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ]
(قَوْلُهُ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَجَبَ فَوْرًا التَّعْيِينُ إلَخْ) قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ لَا اخْتِصَاصَ لِذَلِكَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِحْدَى زَوْجَتَيْ طَالِقٌ فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ يُفَرِّقُ بَيْنَ قَصْدِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْإِبْهَامِ وَلَوْ قَالَ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ مِصْرَ وَالشَّامِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَلَهُ زَوْجَتَانِ فَلَهُ تَعْيِينُ إحْدَاهُمَا لِهَذَا التَّعْلِيقِ وَقَدْ سُئِلْت عَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ فَقَالَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ يَلْزَمُنِي لَا أَنَامُ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مَا خَلَاصُهُ وَإِذَا نَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَيْف يَقَعُ الطَّلَاقُ فَأَجَبْت بِأَنَّ خَلَاصَهُ أَنْ يُعَيِّنَ إحْدَاهُمَا لِلتَّعْلِيقِ ثُمَّ يُخَالِعَهَا ثُمَّ يُجَدِّدَ الْعَقْدَ وَيَنَامَ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَأَنَّهُ إذَا نَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَبْلَ هَذَا الْخُلْعِ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِمَا وَلَهُ تُعْيِينَهُ فِيمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. اهـ. وَقَوْلُهُ فَأَجَبْت بِأَنَّ خَلَاصَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(تَنْبِيهٌ) الْقَاعِدَةُ أَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ إذَا أُضِيفَ عَمَّ وَيَلْزَمُ عَلَيْهَا أَنَّهُ إذَا قَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَنْ يُطَلِّقَ الْجَمِيعَ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مِمَّا نَقَلَهُ الْعُرْفُ عَنْ مَوْضُوعِهِ اللُّغَوِيِّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَالِي صَدَقَةٌ عَمَّ جَمِيعَ مَالِهِ لِعَدَمِ تَخْصِيصِ الْعُرْفِ إيَّاهُ وَالِاسْمُ الْمُعَرَّفُ فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ يَعُمُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَنْ تَقَعَ الثَّلَاثُ عِنْدَ الْحَلِفِ عَمَلًا بِالْعُمُومِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَنْقُولٌ بِالْعُرْفِ وَالْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا لَا تَلْزَمُ الْحَالِفَ مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ وَلَا خَطَرَ بِبَالِهِ وَلَا لَفْظُهُ صَرِيحٌ فِيهِ.
(3/297)
حَبْسَ الزَّوْجَاتِ وَإِذَا عَيَّنَ أَوْ بَيَّنَ لَا يَسْتَرِدُّ الْمَدْفُوعَ لِلْمُطَلَّقَةِ لِذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ تَبَيَّنَ) الطَّلَاقُ فِي إحْدَاهُمَا (فَلِلْأُخْرَى تَحْلِيفُهُ) بِأَنْ تَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّك نَوَيْتَنِي وَتُحَلِّفُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَطَلُقَتَا (لَا إنْ عَيَّنَ) فِي إحْدَاهُمَا فَلَيْسَ لِلْأُخْرَى ذَلِكَ لِأَنَّ التَّعْيِينَ اخْتِيَارٌ يُنْشِئُهُ.
(فَرْعٌ لَيْسَ الْوَطْءُ) لِإِحْدَاهُمَا فِيمَا ذُكِرَ (تَعْيِينًا) وَلَا تَبْيِينًا لِلطَّلَاقِ فِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطَأَ الْمُطَلَّقَةَ وَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ لَا يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ ابْتِدَاءً فَلَا يُتَدَارَكُ بِالْفِعْلِ وَلِذَلِكَ لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِالْوَطْءِ فَتَبْقَى الْمُطَالَبَةُ بِالتَّعْيِينِ وَالتَّبْيِينِ (فَلَوْ عَيَّنَ) الطَّلَاقَ (فِيمَنْ وَطِئَهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا طَلُقَتْ بِاللَّفْظِ مَعَ جَهْلِهَا أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ (وَإِنْ بَيَّنَ) فِيهَا (وَهِيَ بَائِنٌ لَزِمَهُ الْحَدُّ) لِاعْتِرَافِهِ بِوَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ بِلَا شُبْهَةٍ (وَالْمَهْرُ) لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ لَا حَدَّ بِوَطْئِهِ لَهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي الْأُولَى وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلِاخْتِلَافِ فِي أَنَّهَا طَلُقَتْ بِاللَّفْظِ أَوْ لَا لَكِنْ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ يَحُدُّ فِيهَا أَيْضًا وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ (فَإِنْ بَيَّنَ فِي غَيْرِ مَوْطُوءَتِهِ قُبِلَ فَإِنْ ادَّعَتْ الْمَوْطُوءَةَ أَنَّهُ أَرَادَهَا) بِالطَّلَاقِ (وَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَتْ وَطَلُقَتْ وَلَزِمَهُ مَهْرُهَا وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ ثَبَتَ بِظَاهِرِ الْيَمِينِ (وَإِنْ قَالَ الْمُبَيِّنُ) أَيْ مُرِيدُ الْبَيَانِ (أَرَدْت هَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ مَعَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَلُقَتَا) لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُمَا بِالطَّلَاقِ وَرُجُوعُهُ بِذِكْرِ بَلْ عَنْ الْإِقْرَارِ بِطَلَاقِ الْأُولَى لَا يُقْبَلُ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ هَذَا (فِي الظَّاهِرِ) أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْمُطَلَّقَةُ مَنْ نَوَاهَا فَقَطْ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ (وَلَوْ عَطَفَ بِثُمَّ أَوْ بِالْفَاءِ) بِأَنْ قَالَ هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَهَذِهِ (طَلُقَتْ الْأُولَى فَقَطْ) لِفَصْلِ الثَّانِيَةِ بِالتَّرْتِيبِ فَلَمْ يَبْقَ لَهَا شَيْءٌ (وَكَذَا) تَطْلُقُ الْأُولَى فَقَطْ (لَوْ قَالَ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ) أَوْ بَعْدَهَا هَذِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَوْ قَالَ) هَذِهِ (بَعْدَ هَذِهِ فَالْمُشَارُ إلَيْهَا ثَانِيًا) هِيَ الْمُطَلَّقَةُ (وَإِنْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ) وَالْمُطَالَبَةُ بِالْبَيَانِ (فَإِنْ قَالَ وَهُنَّ ثَلَاثٌ) بَعْدَ قَوْلِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ (أَرَدْت هَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ طَلُقَتْ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ وَإِنْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ فَبِالْعَكْسِ) أَيْ فَتَطْلُقُ الْأَخِيرَةُ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ (هَذَا إذَا وَصَلَ) الْأَلْفَاظَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا فَصَلَهَا (وَحُكْمُهُ) يُعْرَفُ مِمَّا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ.
(وَإِنْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَفَصَلَ الثَّالِثَةَ) عَنْ الْأُولَيَيْنِ بِوَقْفَةٍ أَوْ بِنَغْمَةٍ أَوْ أَدَاءٍ (فَالتَّرَدُّدُ) لِلطَّلَاقِ كَائِنٌ (بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُولَتَيْنِ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (فَإِنْ بَيَّنَ فِيهَا طَلُقَتْ وَحْدَهَا أَوْ فِي الْأُولَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا مَعًا) لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ فَلَا يَفْتَرِقَانِ (وَإِنْ فَصَلَ الْأُولَى) عَنْ الْأَخِيرَتَيْنِ (طَلُقَتْ) هِيَ (وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ) فَعَلَيْهِ بَيَانُ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا وَعَدَلَ إلَى ذَلِكَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ تَرَدَّدَ الطَّلَاقُ بَيْنَ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَإِنْ بَيَّنَ فِي الْأُولَى طَلُقَتْ وَحْدَهَا وَإِنْ بَيَّنَ فِي الْأُخَرَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا جَمِيعًا لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ تَبَعًا لِلنَّسَائِيِّ إنَّ قَوْلَهُ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ غَلَطٌ وَصَوَابُهُ طَلُقَتْ الْأُولَى وَتَرَدَّدَ الطَّلَاقُ بَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ لِأَنَّهُ عَطَفَ الثَّانِيَةَ بِالْوَاوِ وَالثَّالِثَةَ بِأَوْ وَقَوْلُهُ فَإِنْ بَيَّنَ فِي الْأُولَى طَلُقَتْ وَحْدَهَا غَلَطٌ مِنْ وَجْهَيْنِ كَوْنُهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ وَكَوْنُ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا وَحْدَهَا بَلْ مَعَ إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ بَيَّنَ فِي إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ طَلُقَتَا غَلَطٌ بَلْ يَقْتَصِرُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا مَعَ الْأُولَى (وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ) فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنْ سَرَدَ أَلْفَاظَهَا (احْتَمَلَ الْمَعْنَيَانِ) أَيْ فَصْلُ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَيَيْنِ وَفَصْلُ الْأُولَى عَنْ الْأُخْرَيَيْنِ (فَيَسْأَلُ) وَيَعْمَلُ بِمَا أَظْهَرَ إرَادَتَهُ (وَإِنْ عَطَفَ الثَّانِيَةَ بِأَوْ وَالثَّالِثَةَ بِالْوَاوِ) فَقَالَ أَرَدْت هَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ (فَبِالْعَكْسِ) أَيْ فَإِنْ فَصَلَ الْأُولَى عَنْ الْأُخْرَيَيْنِ فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمَا فَإِنْ بَيَّنَ فِيهَا طَلُقَتْ وَحْدَهَا أَوْ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا مَعًا وَإِنْ فَصَلَ الْأَخِيرَةَ عَنْ الْأُولَيَيْنِ طَلُقَتْ هِيَ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ اُحْتُمِلَ الْمَعْنَيَانِ (هَذَا إنْ فَصَلَ بِوَقْفَةٍ يَسِيرَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَنْتَظِمُ بِهِ مَعَهَا الْكَلَامُ فَإِنْ طَالَ) الْفَصْلُ (لَغَا مَا بَعْدَهُ) إذْ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْإِفَادَةِ.
(وَإِنْ قَالَ وَهُنَّ أَرْبَعٌ أَرَدْت هَذِهِ بَلْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ طَلُقْنَ) جَمِيعًا (وَكَذَا) تَطْلُقْنَ جَمِيعًا (لَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ) فَلَوْ عَطَفَ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ فَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهُ مِمَّا مَرَّ (فَإِنْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ لَا بَلْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَلُقَتْ الْأُخْرَيَاتُ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (وَلَا يَخْفَى عَكْسُهُ) بِأَنْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ لَا بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَتَطْلُقُ الْأُولَيَانِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (وَإِنْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَفَصَلَ الرَّابِعَةَ) عَنْ الثَّلَاثِ (فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّلَاثِ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ لَيْسَ الْوَطْءُ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ تَعْيِينًا إذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ]
قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي الْأُولَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فِي الظَّاهِرِ) أَيْ مُؤَاخَذَةً لَهُ كَالْمُقِرِّ الْكَاذِبِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْبَاطِنِ وَيُؤَاخَذُ فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ لِفَصْلِ الثَّانِيَةِ بِالتَّرْتِيبِ فَلَمْ يَبْقَ لَهَا شَيْءٌ) وَجْهُهُ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنَّ حَرْفَ ثُمَّ لَيْسَ يَتَضَمَّنُ وُقُوعًا وَلَكِنَّهُ يَقْتَضِي مَعْطُوفَهُ عَلَى الْأَوْلَى وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ وَاحِدَةٌ وَقَوْلُهُ ثُمَّ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ حَتَّى نُوقِعَ بِهِ وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذِهِ فَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَعْدَ هَذِهِ.
(قَوْلُهُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ) أَيْ وَالْبُلْقِينِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ.
(3/298)
(وَإِنْ فَصَلَ الثَّالِثَةَ عَمَّا قَبْلَهَا طَلُقَتْ الْأُولَيَانِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (وَإِنْ فَصَلَ الْأُولَى) عَمَّا بَعْدَهَا (طَلُقَتْ وَالتَّرَدُّدُ بَيْنَ الرَّابِعَةِ وَالْمُتَوَسِّطَتَيْنِ) فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (وَإِنْ سَرَدَ) الْأَلْفَاظَ بِأَنْ لَمْ يَفْصِلْهَا (احْتَمَلَ الْمَعَانِيَ الثَّلَاثَةَ) أَيْ فَصَلَ الرَّابِعَةَ وَفَصَلَ الثَّالِثَةَ وَفَصَلَ الْأُولَى (فَيَسْأَلُ) وَيَعْمَلُ بِمَا أَظْهَرَ إرَادَتَهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا فَصَلَ بِوَقْفَةٍ يَسِيرَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (وَقِسْ بَاقِيَ الصُّوَرِ عَلَى بَعْضِهَا) الْمَذْكُورِ فَلَوْ قَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ طَلُقَتْ إحْدَى الْأُولَتَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَلَوْ قَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ فَقَدْ يَفْصِلُ الْأُولَى عَنْ الثَّلَاثِ الْأَخِيرَةِ وَيَضُمُّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ فَتَطْلُقُ الْأُولَى وَيَتَرَدَّدُ الطَّلَاقُ بَيْنَ الثَّانِيَةِ وَحْدَهَا وَبَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ مَعًا وَقَدْ يُفْرَضُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ وَالْأُخْرَيَيْنِ وَالضَّمُّ فِيهِمَا فَتَطْلُقُ الْأُولَيَانِ أَوْ الْأُخْرَيَانِ وَقَدْ يُفْرَضُ فَصْلُ الرَّابِعَةِ عَمَّا قَبْلَهَا فَتَطْلُقُ الرَّابِعَةُ وَيَتَرَدَّدُ الطَّلَاقُ بَيْنَ الثَّالِثَةِ وَحْدَهَا وَبَيْنَ الْأُولَيَيْنِ مَعًا.
(وَإِنْ قَالَ هَذِهِ) الْمُطَلَّقَةُ (ثُمَّ قَالَ لَا أَدْرِي هِيَ) هَذِهِ (أَمْ غَيْرُهَا طَلُقَتْ وَوُقِفَ الْبَاقِيَاتُ) أَيْ أَمْرُهُنَّ (فَإِنْ قَالَ) بَعْدَ ذَلِكَ (تَحَقَّقْت أَنَّهَا هِيَ قُبِلَ مِنْهُ) وَلَمْ يُطَلِّقْ غَيْرَهَا (وَإِنْ بَيَّنَ فِي غَيْرِهَا حُكِمَ بِطَلَاقِهَا أَيْضًا) وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ عَنْ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ (هَذَا كُلُّهُ فِي تَبْيِينِ الْمُعَيَّنَةِ) هَذَا إيضَاحٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ قَالَ الْمُبَيَّنُ إلَى آخِرِهِ (وَإِنْ عَيَّنَ الْمُبْهَمَ) لِطَلَاقِهِ أَوْ عَيَّنَ الْمُطَلِّقُ طَلَاقَهُ الْمُبْهَمَ (فَقَالَ هَذِهِ وَهَذِهِ) أَوْ هَذِهِ فَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ (لَغَتْ الثَّانِيَةُ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمُبْهَمِ إنْشَاءً لِلِاخْتِيَارِ) لَا إخْبَارٌ عَنْ سَابِقٍ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ فَيَلْغُو ذِكْرُ اخْتِيَارِ غَيْرِهَا.
[فَرْعٌ لَوْ مَاتَتَا قَبْلَ بَيَانِ الطَّلَاق أَوْ تَعْيِينِهِ وُقِفَ مِيرَاثُهُ مِنْهُمَا]
(فَرْعٌ) لَوْ (مَاتَتَا قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ وُقِفَ مِيرَاثُهُ مِنْهُمَا) حَتَّى يُبَيِّنَ أَوْ يُعَيِّنَ (فَإِنْ عَيَّنَ أَوْ بَيَّنَ وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ لَمْ يَرِث مِنْ الْمُطَلَّقَةِ) لِبَيْنُونَتِهَا مِنْهُ وَيَرِثُ مِنْ الْأُخْرَى (ثُمَّ إنْ نَوَى مُعَيَّنَةً فَبَيَّنَ فِي وَاحِدَةٍ فَلِوَرَثَةِ الْأُخْرَى تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهَا) بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ يَرُومُ الشَّرِكَةَ فِي تَرِكَتِهَا (فَإِنْ) حَلَفَ فَذَاكَ وَإِنْ (نَكَلَ حَلَفُوا وَلَمْ يَرِثْ مِنْهَا أَيْضًا) لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ (وَإِنْ حَلَفَ) كَمَا قُلْنَا (قَالَ فِي الرَّوْضَةِ) كَأَصْلِهَا (طَالَبُوهُ بِكُلِّ الْمَهْرِ إنْ دَخَلَ) بِمُوَرِّثَتِهِمْ (وَإِلَّا فَهَلْ يُطَالِبُوهُ بِالْكُلِّ) أَيْ بِكُلِّ الْمَهْرِ (لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهَا زَوْجَةٌ أَمْ بِنِصْفِهِ لِزَعْمِهِمْ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ) قَبْلَ الدُّخُولِ (وَجْهَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (وَرِثَ نِصْفَ الْمَهْرِ أَوْ رُبْعَهُ فَلَا يُطَالِبُونَهُ إلَّا بِمَا زَادَ عَلَى إرْثِهِ) وَيُدْفَعُ النَّظَرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمُطَالَبَتِهِمْ بِكُلِّ الْمَهْرِ أَوْ بِنِصْفِهِ مُطَالَبَتُهُمْ بِنَصِيبِهِمْ مِنْ ذَلِكَ وَأَقْرَبُ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ ثَانِيهِمَا لِزَعْمِهِمْ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فَهُمْ مُنْكِرُونَ اسْتِحْقَاقَ النِّصْفِ (وَإِنْ عَيَّنَ) امْرَأَةً (فِي) الطَّلَاقِ (الْمُبْهَمِ فَلَا اعْتِرَاضَ لِوَرَثَةِ الْأُخْرَى) عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّعْيِينَ إلَى اخْتِيَارِهِ.
(وَإِنْ كَذَّبَهُ وَرَثَةُ الْمُطَلَّقَةِ) يَعْنِي الْمُبَيَّنَةُ لِلطَّلَاقِ (فَلَهُمْ تَحْلِيفُهُ) أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ (وَقَدْ أَقَرُّوا لَهُ بِإِرْثٍ لَا يَدَّعِيه وَادَّعُوا) عَلَيْهِ (مَهْرًا اسْتَقَرَّ بِالْمَوْتِ) إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ فِي هَذِهِ بِوَرَثَةِ الْمُعَيَّنَةِ لِلطَّلَاقِ يُوهِمُ أَنَّهُ أَرَادَ مَسْأَلَةَ الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ وَلَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّ التَّعْيِينَ اخْتِيَارٌ لَا إخْبَارٌ فَلَا يَقَعُ فِيهِ تَكْذِيبٌ (وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ الْبَيَانِ وَالتَّعْيِينِ (قَامَ الْوَارِثُ مَقَامَهُ فِي التَّبْيِينِ لَا فِي التَّعْيِينِ) لِأَنَّ الْبَيَانَ إخْبَارٌ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ بِخَبَرٍ أَوْ قَرِينَةِ وَالتَّعْيِينَ اخْتِيَارٌ يَصْدُرُ عَنْ شَهْوَةٍ فَلَا يَخْلُفُهُ الْوُرَّاثُ فِيهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ لَا يَخْلُفُهُ وُرَّاثُهُ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَتَصْحِيحُ التَّنْبِيهِ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي التَّعْيِينِ أَيْضًا وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ مَاتَتَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَهُ وَالْأُخْرَى بَعْدَهُ أَوْ لَمْ تَمُتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى.
وَقَالَ الْقَفَّالُ إنْ مَاتَ قَبْلَهُمَا لَمْ يُعَيِّنْ وَارِثُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ مِيرَاثَ زَوْجَتِهِ مِنْ رُبُعٍ أَوْ ثُمُنٍ يُوقَفُ بِكُلِّ حَالٍ إلَى الِاصْطِلَاحِ سَوَاءٌ أَخْلَفَ زَوْجَةً أَمْ أَكْثَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمَا فَقَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَعْيِينِ إحْدَاهُمَا لِلطَّلَاقِ (فَإِنْ تَوَقَّفَ) الْوَارِثُ فِي التَّبْيِينِ بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ وَمَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الزَّوْجَتَيْنِ (وُقِفَ) مِنْ تَرِكَتِهِ (مِيرَاثُ زَوْجَةٍ) بَيْنَهُمَا (حَتَّى يَصْطَلِحَا) أَوْ يَصْطَلِحَ وَرَثَتُهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا وَإِنْ مَاتَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَوْ مَاتَتَا قَبْلَ الْبَيَانِ إلَخْ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَوْتَ إحْدَاهُمَا كَمَوْتِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَقْتَضِي أَنَّ لَهُ فِي مَوْتِ إحْدَاهُمَا تَعْيِينَ الْحَيَّةِ وَالْمَيِّتَةِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ وَهُوَ فِي الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ وُجُودُ الصِّفَةِ عَلَى مَوْتِ إحْدَاهُمَا وَاضِحٌ وَأَمَّا فِي الْمُعَلَّقِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ مَوْتُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْحِنْثِ كَقَوْلِهِ إنْ جَاءَ زَيْدٌ فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا يَدْخُلُ فُلَانٌ الدَّارَ وَلَهُ زَوْجَتَانِ فَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ لَا تَطْلُقُ إلَّا إحْدَاهُمَا كَمَا فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ الْحَيَّةُ نَظَرًا إلَى حَالَةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَوْ لَهُ تَعْيِينُ الْمَيِّتَةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ التَّعْلِيقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ وَالْأَصَحُّ فِي نَظَائِرِهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالَةِ التَّعْلِيقِ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْيِينُ الْمَيِّتَةِ وَإِنْ وُجِدَ الْحِنْثُ بَعْدَهَا وَقَالَ النَّاشِرِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ تَعْيِينُ الْحَيَّةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالصُّورَةُ هَذِهِ لَا سِيَّمَا فِي قَوْلِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي فَإِنَّهُ الْتَزَمَ الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الزَّوْجَاتِ فَيَقَعُ عَلَى مَنْ هِيَ فِي زَوْجِيَّتِهِ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ لِتَعَذُّرِهِ فِي غَيْرِهَا. اهـ. الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ مَا قَالَهُ النَّاشِرِيُّ إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى مَيِّتَةٍ وَقَوْلُهُ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ الْحَيَّةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ طَالَبُوهُ بِكُلِّ الْمَهْرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَمْ بِنِصْفِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وُقِفَ مِيرَاثُ زَوْجَةٍ بَيْنَهُمَا) مَحَلُّهُ مَا إذَا كَانَتَا مِمَّنْ تَرِثَانِ مِنْهُ فَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا كِتَابِيَّةً وَالْأُخْرَى وَالزَّوْجُ مُسْلِمَاتٍ فَالْأَصَحُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ شَيْءٌ وَهَذَا مِثْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ اخْتِيَارِ صَاحِبِ الشَّامِلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْوَقْفُ وَلَمْ يَنْقُلْ تَرْجِيحًا بِخِلَافِهِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا مِثْلُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/299)
قَبْلَهُ وُقِفَ مِنْ تَرِكَتِهِمَا مِيرَاثُ زَوْجٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ وَقَدْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُمَا قَبْلَهُ (ثُمَّ الْأُخْرَى بَعْدَهُ وُقِفَ مِيرَاثُ الزَّوْجِ مِنْ تَرِكَتِهَا) أَيْ الْأُولَى (وَ) وُقِفَ (مِيرَاثُ الزَّوْجَةِ) مِنْهُمَا (مِنْ تَرِكَتِهِ) حَتَّى يَحْصُلَ الِاصْطِلَاحُ (ثُمَّ إنْ بَيَّنَ الْوَارِثُ) الطَّلَاقَ (فِي الْمَيِّتَةِ) مِنْهُمَا (أَوَّلًا قُبِلَ) وَلَمْ نُحَلِّفْهُ (لِإِضْرَارِهِ بِنَفْسِهِ) لِحِرْمَانِهِ مِنْ الْإِرْثِ وَلِشَرِكَةِ الْأُخْرَى فِي إرْثِهِ (وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ) أَيْ وَرَثَةِ الزَّوْجَةِ (أَوْ) بَيْنَهُ (فِي الْمُتَأَخِّرَةِ أَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً) لَمْ تَمُتْ (فَلِوَرَثَتِهَا) فِي الْأُولَى (أَوْ لَهَا) فِي الثَّانِيَةِ (تَحْلِيفُهُ) لِأَنَّهُ يَرُومُ حِرْمَانَهُمْ مِنْ مِيرَاثِ الزَّوْجِ فَيَحْلِفُ (عَلَى الْبَتِّ) أَنَّ مُوَرِّثَهُ طَلَّقَهَا لِأَنَّ يَمِينَ الْإِثْبَاتِ يَكُونُ عَلَى الْبَتِّ (وَلِوَرَثَةِ الْمُعَيَّنَةِ لِلنِّكَاحِ تَحْلِيفُهُ) لِأَنَّهُ يَرُومُ الشَّرِكَةَ فِي تَرِكَتِهَا فَيَحْلِفُ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَنَّ مُوَرِّثَهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ وَارِثُ الزَّوْجِ (عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ) أَيْ وَرَثَةِ الزَّوْجَةِ (بِطَلَاقِ الْمُتَأَخِّرَةِ) لِلتُّهْمَةِ بِجَرِّهِ النَّفْعَ بِشَهَادَتِهِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ وَرَثَةِ الزَّوْجِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ فُلَانَةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا إنْ مَاتَ قَبْلَ الزَّوْجَيْنِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتَا قَبْلَهُ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَهُمَا فَبَيَّنَ الْوُرَّاثُ وَاحِدَةً فَلِوَرَثَةِ الْأُخْرَى تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَ مُوَرِّثَتَهُمْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ.
(فَرْعٌ لَوْ ادَّعَتْ فِي مَسْأَلَةِ الْغُرَابِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِكَوْنِ الطَّائِرِ غُرَابًا (أَنَّهُ غُرَابٌ وَأَنْكَرَ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ) أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا (لَا) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ غُرَابًا وَلَا عَلَى نِسْيَانِهِ (بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقُ (بِدُخُولِ غَيْرِهِ وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ الدُّخُولِ وَأَنْكَرَ حُصُولَهُ (فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى) نَفْيِ (الْعِلْمِ) بِذَلِكَ لِأَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ وَأَمَّا نَفْيُ الْغَرَابِيَّةِ فَهُوَ نَفْيُ صِفَةٍ فِي الْغَيْرِ وَنَفْيُ الصِّفَةِ كَثُبُوتِهَا فِي إمْكَانِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَفِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ شَيْءٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْغَرَابِيَّةِ إذَا تَعَرَّضَ لَهُ فِي الْجَوَابِ أَمَّا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَتْ بِمُطَلَّقَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى مِنْهُ بِذَلِكَ كَنَظَائِرِهِ.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ إنْ كَانَ) هَذَا الطَّائِرُ (غُرَابًا فَنِسَائِي) طَوَالِقُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ وَأَشْكَلَ) الْحَالُ بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ غُرَابٌ أَوْ غَيْرَهُ (وَصَدَّقُوهُ) أَيْ النِّسْوَةُ وَالْعَبْدُ (أَوْ كَذَّبُوهُ وَحَلَفَ) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (اعْتَزَلَهُنَّ) أَيْ النِّسْوَةُ (وَلَمْ يَسْتَخْدِمْ الْعَبْدَ) وَلَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ إلَى الْبَيَانِ لِتَيَقُّنِ التَّحْرِيمِ فِي إحْدَاهُمَا كَطَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَلَا يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا مَا دَامَ حَيًّا لِتَوَقُّعِ الْبَيَانِ (وَأَنْفَقَ عَلَى الْجَمِيعِ) إلَيْهِ أَمَّا إذَا نَكَلَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا وَيُقْضَى بِمَا ادَّعَاهُ (فَإِنْ اعْتَرَفَ بِطَلَاقِهِنَّ) بِأَنْ قَالَ حَنِثْت فِيهِ أَوْ فِي يَمِينِهِنَّ وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ فَذَاكَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ (وَ) إنْ (كَذَّبَهُ الْعَبْدُ) وَادَّعَى الْعِتْقَ (حَلَفَ) السَّيِّدُ (لَهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ وَحُكِمَ بِالطَّلَاقِ) بِالِاعْتِرَافِ (وَالْعِتْقِ) بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (وَكَذَا عَكْسُهُ) فَإِنْ اعْتَرَفَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ بِأَنْ قَالَ حَنِثْت فِيهِ أَوْ فِي يَمِينِ الْعَبْدِ فَإِنْ صَدَّقَهُ النِّسْوَةُ فَذَاكَ وَلَا يَمِينَ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ حَلَفَ لَهُنَّ فَإِنْ نَكَلَ حُكِمَ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ (وَإِنْكَارُهُ الْحِنْثَ فِي إحْدَاهُمَا اعْتِرَافٌ بِهِ فِي الْآخَرِ) فَقَوْلُهُ لَمْ أَحْنَثْ فِي يَمِينِ الْعَبْدِ كَقَوْلِهِ حَنِثْت فِي يَمِينِ النِّسْوَةِ وَقَوْلُهُ لَمْ أَحْنَثْ فِي يَمِينِ النِّسْوَةِ كَقَوْلِهِ حَنِثْت فِي يَمِينِ الْعَبْدِ (وَإِنْ ادَّعَتْ إحْدَاهُنَّ عِلْمَهُ بِالطَّلَاقِ وَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (وَحَلَفَتْ طَلُقَتْ وَحْدَهَا فَإِنْ ادَّعَتْ) عَلَيْهِ (الْأُخْرَى) ذَلِكَ الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ أُخْرَى (فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَلَا يَضُرُّهُ النُّكُولُ مَعَ غَيْرِهَا) أَيْ وَلَا يُجْعَلُ نُكُولُهُ فِي حَقِّ وَاحِدَةٍ نُكُولًا فِي حَقِّ غَيْرِهَا.
قَالَ الْبَغَوِيّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَامَتْ إحْدَاهُنَّ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِالْحِنْثِ حَيْثُ تَطْلُقُ هِيَ وَصَوَاحِبَاتُهَا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ عَامَّةٌ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَادَّعَتْ إحْدَاهُمَا الدُّخُولَ وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ هِيَ وَطَلُقَتْ دُونَ صَاحِبَتِهَا وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ طَلُقَتَا جَمِيعًا انْتَهَى وَلَوْ ادَّعَيْنَ كُلُّهُنَّ عِلْمَهُ بِالطَّلَاقِ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَحَلَفَ بَعْضُهُنَّ دُونَ بَعْضٍ حُكِمَ بِطَلَاقِ مَنْ حَلَفَتْ دُونَ مَنْ لَمْ تَحْلِفْ وَيَجْرِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ الْأَمْرِ بِالْبَيَانِ وَالْحَبْسِ وَالتَّعْزِيرِ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ (وَمَتَى مَاتَ) قَبْلَ بَيَانِهِ (قُبِلَ) الْبَيَانُ (مِنْ الْوَرَثَةِ إنْ عَيَّنُوا) الْأُولَى أَنْ بَيَّنُوا (الْحِنْثَ فِي الْعَبْدِ) لِإِضْرَارِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ بِتَشْرِيكِ النِّسْوَةِ فِي التَّرِكَةِ وَإِخْرَاجِ الْعَبْدِ عَنْهَا (لَا) إنْ بَيَّنُوهُ (فِي النِّسْوَةِ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ (لِلتُّهْمَةِ) بِإِسْقَاطِ إرْثِهِنَّ وَإِرْقَاقِ الْعَبْدِ وَفِي نُسْخَةٍ قُبِلَ مِنْ الْوَارِثِ إنْ عَيَّنَ إلَى آخِرِهِ وَيُنَاسِبُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ وَلَهُ زَوْجَاتٌ زَوْجَتِي طَالِقٌ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَلَهُ تَعْيِينُهَا فِي وَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي يَتَبَيَّنُ لِي أَنَّهُنَّ يَطْلُقْنَ كُلُّهُنَّ. اهـ. وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَنْوَارِ وَقَوْلُهُ وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَنْوَارِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَرْعٌ ادَّعَتْ فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِكَوْنِ الطَّائِرِ غُرَابًا أَنَّهُ غُرَابٌ وَأَنْكَرَ]
(قَوْلُهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَفِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ شَيْءٌ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْفَرْقُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ رَأَى الطَّائِرَ فَقَدْ عَرَفَ صِفَتَهُ فَمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ غَيْرَهَا خَالَفَ مَا فِي عِلْمِهِ بِالرُّؤْيَةِ فَنَاسَبَ الْحَلِفَ عَلَى الْبَتِّ وَأَمَّا عَدَمُ الدُّخُولِ فَلَيْسَ مَرْئِيًّا وَلَا هُنَاكَ دَلَالَةٌ عَلَى نَفْيِهِ مِنْ الْحَوَاسِّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ لَازَمَهَا بِحَيْثُ قَطَعَ بِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ لَكِنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ نَادِرٌ.
[فَصْلٌ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَنِسَائِي طَوَالِقُ]
(قَوْلُهُ لَا فِي النِّسْوَةِ لِلتُّهْمَةِ) رَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ فِي تَعْيِينِ الْحِنْثِ مِنْ الزَّوْجَةِ تُهْمَةٌ فَقَدْ تَرِثُهُ هِيَ بِأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَيَتَأَخَّرَ مَوْتُهَا وَقَدْ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا تَوَارُثٌ لِرِقٍّ أَوْ اخْتِلَافِ دِينٍ وَقَدْ يَكُونُ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَلَكِنْ مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
وَقَدْ يَزِيدُ الْإِرْثُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ وَقَدْ يَكُونُ فِي تَعْيِينِ الْحِنْثِ فِي الْعَبْدِ تُهْمَةٌ فِيمَا إذَا قَتَلَهُ قَاتِلٌ وَهُوَ وَارِثُهُ وَكَانَتْ دِيَتُهُ زَائِدَةً عَلَى قِيمَتِهِ وَعَلَى حِصَّتِهَا مِنْ الْإِرْثِ وَقَدْ لَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ الزَّوْجِ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَائِنًا قَالَ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّا لَا نَقْبَلُهُ مُطْلَقًا كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ أَوْ نَرُدُّهُ مَعَ التُّهْمَةِ خَاصَّةً يُتَّجَهُ تَخَرُّجُهُ عَلَى إقْرَارِ الْخُنْثَى بِالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ فِي مَحَلِّ التُّهْمَةِ وَفِيهِ اضْطِرَابٌ
(3/300)
قَوْلُهُ (فَإِنْ تَوَقَّفَ) بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ (أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) رَجَاءَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ فِي الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي الطَّلَاقِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي السَّرِقَةِ لِتَأْثِيرِهَا فِي الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي الْقَطْعِ وَفِي النِّكَاحِ لِتَأْثِيرِهَا فِي الْمَالِ وَإِنْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي النِّكَاحِ (فَإِنْ خَرَجَتْ لِلْعَبْدِ عَتَقَ وَيَكُونُ) عِتْقُهُ (مِنْ الثُّلُثِ إنْ عَلَّقَ فِي الْمَرَضِ) وَإِلَّا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ (وَلَمْ يَزْنِ) مِنْ الزَّوْجِ (إنْ ادَّعَيْنَ طَلَاقًا بَائِنًا وَإِلَّا وَرِثْنَ وَإِنْ خَرَجَتْ لَهُنَّ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ) إذْ لَا أَثَرَ لِلْقُرْعَةِ فِي الطَّلَاقِ وَلَا تُعَادُ (وَوَقَفَ إرْثُهُنَّ وَالْأَوْلَى لَهُنَّ تَرْكُهُ لِلْوَرَثَةِ) .
(فَصْلٌ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ لَوْ قَالَ) لِإِحْدَى نِسَاؤُهُ (أَنْت طَالِقٌ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَإِنْ فَصَلَ الثَّالِثَةَ عَنْ الْأُولَتَيْنِ أَوْ الْأُولَى عَنْ الْأَخِيرَتَيْنِ) أَوْ أَرَادَ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ) فِي فَرْعٍ لَيْسَ الْوَطْءُ تَعْيِينًا فَفِي الْأُولَى إنْ عَيَّنَ الثَّالِثَةَ طَلُقَتْ وَحْدَهَا أَوْ الْأُولَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا وَفِي الثَّانِيَةِ تَطْلُقُ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ (فَإِنْ كَانَ عَارِفًا بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ فَالتَّرَدُّدُ بَيْنَ الْأُولَتَيْنِ وَالثَّالِثَةِ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا) بِهِ (طَلُقَتْ الْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخَرَتَيْنِ) فَيُعَيِّنُهَا (وَلَوْ اصْطَفَّ) نِسْوَتُهُ (الْأَرْبَعُ) صَفًّا (فَقَالَ الْوُسْطَى مِنْكُنَّ طَالِقٌ قَالَ النَّوَوِيُّ) كَالْقَاضِي (طَلُقَتْ إحْدَى الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ) لِأَنَّ مَوْضِعَ الْوُسْطَى لِوَاحِدَةٍ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَسَيَأْتِي فِي الْكِتَابَةِ فِيمَا إذَا قَالَ ضَعُوا عَنْ الْمُكَاتِبِ أَوْسَطَ النُّجُومِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ (وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ وَإِنْ طَلَّقَ زَوْجَتَيْهِ رَجْعِيًّا ثُمَّ) قَبْلَ الْمُرَاجَعَةِ (طَلَّقَ إحْدَاهُمَا ثَلَاثًا وَأَبْهَمَ) الْمُطَلَّقَةَ (فَلَهُ التَّعْيِينُ وَلَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِاللَّفْظِ لَا بِالتَّعْيِينِ (وَلَا يَتَزَوَّجُ بِإِحْدَاهُمَا قَبْلَ التَّعْيِينِ) وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) .
الْبَابُ السَّادِسُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ) (تَعْلِيقُهُ جَائِزٌ) كَالْعِتْقِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكْرَهُ طَلَاقَهَا فَيَدْفَعُ بِتَعْلِيقِهِ تَنْجِيزَهُ وَاسْتَأْنَسُوا لَهُ بِخَبَرِ «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ كَالْحَلِفِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْخُلْعِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (فَلَا يَقَعُ قَبْلَ) وُجُودِ (الشُّرُوطِ وَلَوْ) كَانَ مَعْلُومَ الْحُصُولِ أَوْ (قَالَ عَجَّلْته) أَيْ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ لِتَعَلُّقِهِ بِالْوَقْتِ الْمُسْتَقْبَلِ كَالْجُعْلِ فِي الْجَعَالَةِ وَصَوْمِ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ نَذَرَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ أَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ بِقَوْلِهِ عَجَّلْت الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَقَعُ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ جَزْمًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُقُوعِ أُخْرَى عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ انْتَهَى وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَصِحَّ التَّعْجِيلُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَطْلُقَ فِي الْحَالِ انْتَهَى وَيُوَجَّهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى مَا بَعْدَهُ بِأَنَّ قَائِلَهُ أَلْغَى وَصْفَ التَّعْلِيقِ وَنَوَى طَلَاقًا مُبْتَدَأً.
(فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ وَقَالَ قَصَدْت الشَّرْطَ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَدِمَ عَلَى التَّعْلِيقِ إنْ قَصَدَهُ وَعَدَلَ إلَى التَّنْجِيزِ (إلَّا إنْ مَنَعَ الْإِتْمَامَ) كَأَنْ وَضَعَ غَيْرُهُ يَدَهُ عَلَى فِيهِ (وَحَلَفَ) فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا لِلْقَرِينَةِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْلِيقَ عَلَى شَيْءٍ كَقَوْلِهِ إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا وَقَدْ فَعَلَهُ (وَسَبَقَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا اعْتَرَضَ بِهِ مَرْدُودٌ وَمَا أَظُنُّهُ صَدَرَ مِنْهُ عَنْ رَوِيَّةٍ أَمَّا قَوْلُهُ فَإِنَّ الزَّوْجَ قَدْ يَرِثُ مِنْهَا فَغَلَطٌ فَإِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ وَقَدْ تَرِثُ الْمَرْأَةُ بِأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَيَمُوتَ الزَّوْجُ فِي الْعِدَّةِ اعْتِرَاضٌ سَاقِطٌ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ عَلَّلَ بِقَوْلِهِ فَيَرِقُّ الْعَبْدُ وَيَسْقُطُ إرْثُ الزَّوْجَةِ وَهَذَا يَدْفَعُ الرَّجْعِيَّةَ لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ لَا يَتَصَوَّرُ حِرْمَانُهَا حَتَّى يُتَّجَهَ إيرَادُهَا وَقَوْلُهُ وَقَدْ لَا يَرِثُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ كَمَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ رَقِيقَةً أَوْ كَافِرَةً أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَلَكِنْ مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَذُهُولٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ عَدَمَ إرْثِ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الطَّلَاقِ وَالطَّلَاقُ الْمُبْهَمُ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُقُوعُهُ حَتَّى يَنْفِيَ التُّهْمَةَ وَقَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ الْإِرْثَ قَدْ يَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ فَإِنَّ الْإِرْثَ قَدْ يَنْقُصُ عَنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَنْتَفِي التُّهْمَةُ وَمَتَى زَادَتْ حَصَلَتْ التُّهْمَةُ وَقَوْلُهُ إنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَقْتُلُهُ قَاتِلٌ فَيُتَّهَمُ فِي تَعْيِينِ الْعِتْقِ فِيهِ لِيَرِثَ دِيَتَهُ إطْلَاقٌ فِي مَوْضِعِ التَّقْيِيدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرِثُ دِيَتَهُ حَيْثُ لَا وَارِثَ لَهُ مِنْ النَّسَبِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ لَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ الزَّوْجِ كَمَا إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَائِنًا ذُهُولٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مَتَى طَلَّقَهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ طَلَاقًا بَائِنًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيَانِ الْوُرَّاثِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ رَقِيقَةً أَوْ كَافِرَةً فَيُنْظَرُ إنْ بَيَّنَ الْعِتْقَ فِي الْعَبْدِ قُبِلَ قَطْعًا لِإِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ عَيَّنَ الطَّلَاقَ فِي الزَّوْجَةِ جَاءَ الْخِلَافُ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ نَرُدُّهُ مَعَ التُّهْمَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِإِحْدَى نِسَائِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ]
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ) (قَوْلُهُ تَعْلِيقُهُ جَائِزٌ) يُشْتَرَطُ فِي التَّعْلِيقِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى الشَّرْطِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ وَأَنْ يَتَّصِلَ الشَّرْطُ بِالطَّلَاقِ وَأَنْ يَتَلَفَّظَ بِالشَّرْطِ بِلِسَانِهِ بِحَيْثُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ يُسْمِعَ غَيْرَهُ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ عَجَّلْته) أَيْ الطَّلَاقَ أَوْ قَالَ أَرَدْت تَعْجِيلَ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ) الَّذِي يَظْهَرُ لِي صِحَّةُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ الْمَاشِي عَلَى الْقَوَاعِدِ وَهَذِهِ النُّقُولُ لَا تُعَارِضُ مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَفِيهِ وَجْهٌ عَنْ حِكَايَةِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ التَّنْجِيزَ بِمَا أَوْقَعَهُ قَبْلَ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ تَعْجِيلُ الْمُعَلَّقِ مَعَ بَقَاءِ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى شَرْطِهِ وَالْأَثَرُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمُؤَثِّرِ بَلْ يُقَارِنُهُ أَوْ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ ثُمَّ لَوْ قُلْنَا بِصِحَّةِ تَعْجِيلِ الْمُعَلَّقِ مَعَ بَقَاءِ التَّعْلِيقِ لَلَزِمَ أَنْ لَا يَقَعَ بِالدُّخُولِ شَيْءٌ آخَرُ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ سَبَقَ وُقُوعَهُ وَاَلَّذِي يُوقِعُهُ لَمْ يُعَلِّقْ فَكَيْفَ يُوقِعُ مَا لَمْ يُعَلِّقْ ت.
(قَوْلُهُ بَلْ يَقَعُ فِي الْحَالِ طَلْقَةً جَزْمًا) الْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَتَطْلُقُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ
. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْلِيقَ إلَخْ) وَأَنَّ الْكَلَامَ تَمَّ وَاسْتَأْنَفَ أَنْ يُرِيدَ إنْ جَاءَ زَيْدٌ فَأَكْرِمْهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ
(3/301)
فِي بَابِ تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ (عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ خِلَافُهُ وَلَعَلَّ هَذَا أَصَحُّ) مِنْهُ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثَمَّ وَقَوْلُهُ وَسَبَقَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ ابْتِدَاءً) أَيْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَرْطِهِ مُقْتَصِرًا عَلَى فَاءِ الْجَزَاءِ (فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت الشَّرْطَ فَسَبَقَ لِسَانِي) إلَى الْجَزَاءِ (لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ظَاهِرًا) لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ وَقَدْ خَاطَبَهَا بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَالْفَاءُ قَدْ تُزَادُ فِي غَيْرِ الشَّرْطِ وَرُبَّمَا كَانَ قَصْدُهُ أَنْ يَقُولَ أَمَّا بَعْدُ فَأَنْتِ طَالِقٌ.
(وَقَوْلُهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْت طَالِقٌ بِحَذْفِ الْفَاءِ تَعْلِيقٌ) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ وَقَدْ يُسْأَلُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت التَّنْجِيزَ حُكِمَ بِهِ أَوْ التَّعْلِيقَ أَوْ تَعَذَّرَتْ الْمُرَاجَعَةُ حُمِلَ عَلَى التَّعْلِيقِ وَالتَّصْرِيحِ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَوَّبَ بِالْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ إنْ كَانَ نَحْوِيًّا وَقَعَ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ أَنْ نَافِيَةً بِدَلِيلِ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ فَتَحَ أَنْ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا قَالُوهُ فِي النَّحْوِيِّ صَحِيحٌ إنْ نَوَاهُ دُونَ مَا إذَا أَطْلَقَ لِأَنَّ إنْ الْمَكْسُورَةَ ظَاهِرَةٌ فِي الشَّرْطِ وَالْفَاءُ تُحْذَفُ كَثِيرًا (فَإِنْ جَعَلَ مَكَانَ الْفَاءِ وَاوًا) بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْت طَالِقٌ (وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ) بِالْأَوَّلِ (أَوْ التَّنْجِيزَ) بِالثَّانِي (أَوْ) قَصَدَ (جَعْلَهُمَا شَرْطَيْنِ لِعِتْقٍ وَنَحْوِهِ) كَطَلَاقٍ قُبِلَ مِنْهُ بِلَا يَمِينٍ فِي الثَّانِي وَبِيَمِينٍ فِيمَا عَدَاهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا (فَتَعْلِيقٌ) بِالدُّخُولِ (مِنْ جَاهِلٍ بِالْقَرِينَةِ) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْعَالِمِ بِهَا فَلَا يَكُونُ تَعْلِيقًا وَلَا غَيْرَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ عِنْدَهُ نَعَمْ إنْ جَعَلَ أَنْ نَافِيَةً احْتَمَلَ كَوْنُ الْوَاوِ لِلْحَالِ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ أَوْ لِلْعَطْفِ فَيَقَعُ فَيُسْأَلُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَبَقِيَ مَا لَوْ جَهِلْنَا أَنَّهُ عَالِمٌ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ جَاهِلٌ بِهَا وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُرَاجَعَةِ (وَفَرَّقَ النَّوَوِيُّ هُنَا بَيْنَ الْجَاهِلِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهِ) كَمَا تَقَرَّرَ (وَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ) أَنْت طَالِقٌ (أَنْ شَاءَ اللَّهُ) بِالْفَتْحِ كَمَا مَرَّ (وَفُرِّقَ) بَيْنَهُمَا أَيْضًا (فِي قَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (أَنْ دَخَلْت الدَّارَ بِالْفَتْحِ) كَمَا سَيَأْتِي (وَهُمَا سَوَاءٌ) فِي الْمَعْنَى وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَيُجَابُ بِأَنَّ حَمْلَ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى التَّعْلِيقِ يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ الطَّلَاقِ أَصْلًا بِخِلَافِ أَنْ دَخَلْت الدَّارَ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ أَجَابَ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّعْلِيقُ فَعِنْدَ الْفَتْحِ يَنْصَرِفُ لِلتَّعْلِيلِ بِهِ مُطْلَقًا وَالثَّانِي يَغْلِبُ فِيهِ التَّعْلِيقُ فَعِنْدَ الْفَتْحِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَالِمِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ وَكَذَا) لَوْ قَالَ (وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) دَخَلَتْ أَمْ لَمْ تَدْخُلْ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنْ قَالَ أَرَدْت تَعْلِيقَهُ بِالدُّخُولِ لَمْ يُقْبَلْ لِمُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ وَيُدَيَّنُ لِلِاحْتِمَالِ ذَكَرَهُ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ.
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ بِشَرْطٍ وَقَالَ أَرَدْت التَّنْجِيزَ) فَسَبَقَ لِسَانِي إلَى الشَّرْطِ (قُبِلَ) مِنْهُ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ (وَفِي التَّعْلِيقِ أَطْرَافٌ) سَبْعَةٌ (الْأَوَّلُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْأَوْقَاتِ فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ غُرَّتِهِ أَوْ أَوَّلِهِ أَوْ رَأْسِهِ أَوْ دُخُولِهِ أَوْ مَجِيئِهِ) أَوْ ابْتِدَائِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ أَوْ أَوَّلِ آخِرِ أَوَّلِهِ (طَلُقَتْ بِدُخُولِ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ) لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ وَالِاعْتِبَارُ فِي دُخُولِهِ بِبَلَدِ التَّعْلِيقِ فَلَوْ عَلَّقَ بِبَلَدِهِ وَانْتَقَلَ إلَى أُخْرَى وَرُئِيَ فِيهَا الْهِلَالُ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُرَ فِي تِلْكَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ بِذَلِكَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا اخْتَلَفَتْ الْمَطَالِعُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (فِي نَهَارِ شَهْرِ كَذَا) أَوْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ (فَبِطُلُوعِ فَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ) تَطْلُقُ لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْفَجْرَ أَوَّلُ الْيَوْمِ وَأَوَّلُ النَّهَارِ (فَإِنْ أَرَادَ وَسَطَهُ) أَيْ الشَّهْرِ أَوْ آخِرَهُ (وَقَدْ قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ) أَرَادَ مِنْ الْأَيَّامِ (إحْدَى الثَّلَاثِ) الْأَوْلَى أَحَدُ الثَّلَاثَةِ (الْأَوَّلُ) مِنْهُ.
(وَقَدْ قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (غُرَّتَهُ دُيِّنَ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ فِيهِمَا وَ (لِأَنَّهُنَّ) أَيْ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ (غُرَرٌ) فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا (إلَّا إنْ قَالَ أَرَدْت بِغُرَّتِهِ أَوْ بِرَأْسِ الشَّهْرِ) الْأَوْلَى بِرَأْسِهِ (الْمُنْتَصَفَ) فَلَا يُدَيَّنُ لِأَنَّ غُرَّةَ الشَّهْرِ لَا تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَرَأْسُهُ لَا تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ وَالْمُنْتَصَفُ مِثَالٌ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي رَمَضَانَ) مَثَلًا (وَهُوَ فِيهِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ فَإِنْ قَالَ) وَهُوَ فِي رَمَضَانَ أَنْت طَالِقٌ (فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ أَوْ أَنَّ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ إذَا (جَاءَ) رَمَضَانُ (فَفِي قَابِلٍ) أَيْ فَتَطْلُقُ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ الْقَابِلِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ (وَإِنْ عَلَّقَ بِآخِرِ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ أَوْ سَلْخِهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا (فَبِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ) أَيْ الشَّهْرِ (أَوْ مِنْهَا) أَيْ السَّنَةِ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ الْآخِرُ الْمُطْلَقُ وَالسَّابِقُ لِلْفَهْمِ وَاسْمُ السَّلْخِ يَقَعُ عَلَيْهِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ وَكَسَلْخِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَعَلَّ مِمَّا صَحَّ) يُحْمَلُ كَلَامُ الْبُوشَنْجِيِّ عَلَى هَذَا
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَوْ دَخَلْت الدَّارَ فَهَلْ تَطْلُقُ حَالًا أَوْ بِالدُّخُولِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا؛ لِأَنَّ " لَوْ " تَرِدُ شَرْطًا لِلِاسْتِقْبَالِ فَتَصْرِفُ الْمَاضِي إلَى الِاسْتِقْبَالِ نَحْوُ أَكْرِمْ زَيْدًا وَلَوْ أَسَاءَ أَيْ وَإِنْ وَلَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت مِنْ هَذِهِ الْكُوَّةِ فَأَنْت طَالِقٌ فَوُسِّعَتْ حَتَّى صَارَتْ بَابًا فَيَحْتَمِلُ الْوُقُوعُ الْخُرُوجَ مِنْ مَوْضِعِ الْكُوَّةِ لَا مِنْ غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ اسْمُ كُوَّةٍ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا الرَّاجِحُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ دُونَ الْعَالِمِ بِهَا فَلَا يَكُونُ تَعْلِيقًا وَلَا غَيْرَهُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي عَارِفِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ تَعْلِيقًا وَلَا غَيْرَهُ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ تَنْجِيزٌ؛ لِأَنَّهُ مُفِيدٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ جَعَلَ إنْ نَافِيَةً إلَخْ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قَصْدِ الْإِنْشَاءِ فَأَمَّا إذَا جَعَلْنَا إنْ نَافِيَةً وَأَنْتِ طَالِقٌ حَالًا كَانَ الْمَعْنَى مَا دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَيْ مَا دَخَلْت فِي الْحَالِ طَلَاقُك بَلْ دَخَلَتْ فِي حَالِ عَدَمِ طَلَاقِك وَذَلِكَ صَرِيحُ خَبَرِ لَا إنْشَاءُ تَعْلِيقٍ وَلَا طَلَاقَ فَبَطَلَ مَا ذَكَرَهُ ت.
(قَوْلُهُ وَفَرَّقَ النَّوَوِيُّ هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ ظَرْفًا فَوَقَعَ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ كَدُخُولِ جُزْءٍ مِنْ الدَّارِ
[الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاق بِالْأَوْقَاتِ]
(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْفَجْرَ أَوَّلُ الْيَوْمِ إلَخْ) الْيَوْمُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَطْعًا وَالنَّهَارُ مِنْ طُلُوعِهِ عَلَى الْأَصَحِّ
(3/302)
انْسِلَاخُهُ وَخُرُوجُهُ وَانْقِضَاؤُهُ وَمُضِيُّهُ وَنُفُوذُهُ وَ (كَذَا) تَطْلُقُ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ (إنْ عَلَّقَ بِآخِرِ أَوَّلِ آخِرِهِ) لِأَنَّ آخِرَهُ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ وَأَوَّلَهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ فَآخِرُ أَوَّلِهِ الْغُرُوبُ وَهُوَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ كَذَا قَالُوهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ قَبْلَ زَوَالِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ لِأَنَّهُ آخِرُ أَوَّلِهِ وَوَقْتُ الْغُرُوبِ إنَّمَا هُوَ الْيَوْمُ لَا آخِرُ أَوَّلِهِ (وَإِنْ عَلَّقَ بِأَوَّلِ آخِرِهِ فَبِأَوَّلِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ) مِنْهُ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ أَوَّلُ آخِرِهِ (أَوْ آخِرُهُ) أَيْ أَوْ عَلَّقَ بِآخِرِ (أَوَّلِهِ فَبِآخِرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) مِنْهُ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ آخَرُ أَوَّلِهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَقِيلَ تَطْلُقُ بِآخِرِ اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْهُ لِأَنَّهَا أَوَّلُهُ بِالْحَقِيقَةِ وَصَوَّبَهُ الشَّاشِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي النَّقْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَفِي التَّرْجِيحِ فَمِنْهُمْ مَنْ نَقَلَ الْأَوَّلَ عَنْهُمْ وَرَجَّحَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ وَالْأَقْيَسُ كَمَا قَالَ الْعِمْرَانِيُّ الثَّانِي (أَوْ بِانْتِصَافِ الشَّهْرِ فَبِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ) تَطْلُقُ (وَإِنْ نَقَصَ) الشَّهْرُ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ (أَوْ بِنِصْفِ نِصْفِهِ) الْأَوَّلِ (فَبِطُلُوعِ فَجْرِ الثَّامِنِ) تَطْلُقُ لِأَنَّ نِصْفَ نِصْفُهُ سَبْعِ لَيَالٍ وَنِصْفٌ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ وَنِصْفٌ وَاللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ فَيُقَابَلُ نِصْفُ لَيْلِهِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَيُجْعَلُ ثَمَانِ لَيَالٍ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا وَسَبْعُ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا.
(أَوْ) عَلَّقَ (بِنِصْفِ الْيَوْمِ) كَانَ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ يَوْمٍ كَذَا (فَعِنْدَ الزَّوَالِ) مِنْهُ تَطْلُقُ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْيَوْمُ يُحْسَبُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ شَرْعًا وَنِصْفُهُ الْأَوَّلُ أَطْوَلُ (أَوْ) عَلَّقَ (بِمُضِيِّ يَوْمٍ وَهُوَ بِالنَّهَارِ فَفِي وَقْتِهِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي) تَطْلُقُ لِأَنَّ الْيَوْمَ حَقِيقَةً فِي جَمِيعِهِ مُتَوَاصِلًا أَوْ مُتَفَرِّقًا (أَوْ) وَهُوَ (بِاللَّيْلِ فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ) تَطْلُقُ إذْ بِهِ يَتَحَقَّقُ مُضِيُّ يَوْمٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا أَطْلَقُوهُ لَكِنْ فِيهِ تَلْفِيقُ الْيَوْمِ مِنْ الْبَعْضَيْنِ الْمُفَرَّقَيْنِ وَقَدْ مَرَّ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ يَوْمًا لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ انْتَهَى وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّفْرِيقَ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ ثَمَّ تَفْرِيقٌ تَخَلَّلَهُ زَمَانٌ لَا اعْتِكَافَ فِيهِ أَمَّا لَوْ دَخَلَ فِيهِ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ وَاسْتَمَرَّ إلَى نَظِيرِهِ مِنْ الثَّانِي أَوْ قَالَ فِي إثْنَائِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا مِنْ هَذَا الْوَقْتِ فَيَكْفِيهِ ذَلِكَ وَهُوَ نَظِيرُ مَا هُنَا لِأَنَّ زَمَنَ التَّعْلِيقِ حَصَلَ الشُّرُوعُ فِيهِ عَقِبَ الْيَمِينِ وَلَوْ فُرِضَ انْطِبَاقُ التَّعْلِيقِ عَلَى أَوَّلِ نَهَارٍ طَلُقَتْ عِنْدَ غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) قَالَ نَهَارًا أَنْتِ طَالِقٌ (أَنَّ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ إذَا (مَضَى الْيَوْمُ فَبِغُرُوبِ شَمْسِهِ) تَطْلُقُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ لَحْظَةٌ لِأَنَّهُ عَرَّفَهُ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (فَإِنْ كَانَ) قَالَهُ (لَيْلًا لَغَا) إذْ لَا نَهَارَ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَى الْمَعْهُودِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى الْجِنْسِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ بَقَاؤُهُمَا حَتَّى تَنْقَضِيَ أَيَّامُ الدُّنْيَا فَكَانَتْ صِفَةً مُسْتَحِيلَةً.
(أَوْ) قَالَ (أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ السَّنَةَ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ) قَالَهُ (لَيْلًا) وَيَلْغُو ذِكْرُ الْيَوْمِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ وَإِنَّمَا أَوْقَعَ وَسَمَّى الْوَقْتَ بِغَيْرِ اسْمِهِ نَعَمْ لَوْ قَالَ فِي صُورَةِ اللَّيْلِ أَرَدْت الْيَوْمَ التَّالِي لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ حَتَّى لَا يَقَعَ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَإِنْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ شَهْرٍ فَبِمُضِيِّ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا تَطْلُقُ (فَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (لَيْلًا فَبِمُضِيِّ قَدْرِهِ) أَيْ اللَّيْلِ أَيْ مَا سَبَقَ مِنْهُ عَلَى التَّعْلِيقِ (مِنْ لَيْلَةِ إحْدَى وَثَلَاثِينَ) تَطْلُقُ وَإِنْ كَانَ نَهَارًا كَمَّلَ بِقَدْرِ مَا سَبَقَ مِنْهُ عَلَى التَّعْلِيقِ مِنْ يَوْمِ إحْدَى وَثَلَاثِينَ وَهَذِهِ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهَا أَنْ يُعَلِّقَ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ فَإِنْ عَلَّقَ فِيهِ كَفَى بَعْدَهُ شَهْرٌ هِلَالِيٌّ كَمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إجْحَافًا وَقَلَاقَةً (فَإِنْ اتَّفَقَتْ مُقَارَنَةُ) ابْتِدَاءً (هِلَالٍ) لِلتَّعْلِيقِ (كَفَى) مُضِيُّ الشَّهْرِ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا أَمَّا إذَا عَلَّقَ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ مُعَرَّفًا فَتَطْلُقُ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ الْهِلَالِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) عَلَّقَ (بِانْقِضَاءِ سَنَةِ فَبِاثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا) بِالْأَهِلَّةِ تَامَّةً أَوَّلًا أَيْ فَبِمُضِيِّهَا تَطْلُقُ (وَيُتَمِّمُ الْمُنْكَسِرَ) مِنْ الثَّالِثَ عَشَرَ إنْ وَقَعَ كَسْرٌ بِأَنْ عَلَّقَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ كَمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ (وَإِنْ شَكَّ) بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنْ التَّعْلِيقِ (هَلْ تَمَّ الْعَدَدُ عَمِلَ بِالْيَقِينِ وَحَلَّ لَهُ الْوَطْءُ حَالَ التَّرَدُّدِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مُضِيِّ الْعَدَدِ وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ (أَوْ) عَلَّقَ (بِانْقِضَاءِ السَّنَةِ فَبِانْقِضَاءِ بَاقِيهَا عَرَبِيَّةً) تَطْلُقُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا لَحْظَةٌ لِمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْيَوْمِ (وَلَوْ قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ كَذَا قَالُوهُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) الْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ كَمَا بَيَّنُوهُ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِاللَّيْلِ فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ إلَخْ) حَكَى فِي الْمُطَالَبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ قَالَ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلْقَةً أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ طَلْقَةً وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي طَلْقَةً وَكَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَالَ وَقِيَاسُ تَنْزِيلِ الْيَوْمِ الْمُنَكَّرِ عَلَى يَوْمٍ كَامِلٍ بِالتَّعْلِيقِ أَنْ لَا تَطْلُقَ الطَّلْقَةَ الثَّانِيَةَ وَكَذَا الثَّالِثَةَ حَتَّى بِمُضِيٍّ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي وَكَذَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مَا تَكْمُلُ بِهِ سَاعَاتُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي. اهـ. وَهُوَ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا عَلَّقَ عَلَى مُضِيِّ الْيَوْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَمَالِهِ وَفِي مَسْأَلَتِهِ عَلَّقَ عَلَى الْيَوْمِ وَهُوَ صَادِقٌ بِأَوَّلِهِ فَلَا تَشَابُهَ بَيْنَهُمَا
1 -
(قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا أَطْلَقُوهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَا قَالَهُ غَلَطٌ حَصَلَ بِذُهُولٍ عَمَّا قَرَّرَهُ فِي الِاعْتِكَافِ وَذَلِكَ أَنَّ الزَّمَانَ الْمَنْذُورَ لَيْسَ مَحْمُولًا عَلَى الزَّمَانِ الْمُتَّصِلِ بِالنَّذْرِ بَلْ يَجُوزُ لِلنَّاذِرِ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ وَفِعْلُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ زَمَنًا مُعَيَّنًا كَقَوْلِهِ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَشِبْهِهِ. وَأَمَّا التَّعْلِيقُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى أَوَّلِ الْأَزْمِنَةِ الْمُتَّصِلَةِ فَنَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا مِنْ النَّذْرِ أَنْ يَقُولَ يَوْمًا مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَجَازَ التَّفْرِيقُ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ فُرِضَ انْطِبَاقُ التَّعْلِيقِ عَلَى أَوَّلِ نَهَارٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا تَمَّ التَّعْلِيقُ وَاسْتَعْقَبَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ أَمَّا لَوْ ابْتَدَأَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ فَقَدْ مَضَى جُزْءٌ قَبْلَ تَمَامِهِ فَلَا يَقَعُ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ وَقَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ شَعْبَانَ أَوْ رَمَضَانَ غَيْرَ ذِكْرِ شَهْرٍ قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ وَقَعَ سَاعَةَ تَكَلَّمَ. (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ عَلَّقَ فِيهِ كَفَى بَعْدَهُ شَهْرٌ هِلَالِيٌّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/303)
أَرَدْت) بِالسَّنَةِ مُنَكَّرَةً أَوْ مُعَرَّفَةً سَنَةً (رُومِيَّةً) أَوْ فَارِسِيَّةً (أَوْ) بِالسَّنَةِ مُعَرَّفَةً سَنَةً (كَامِلَةً لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ (ظَاهِرًا) لِتُهْمَةِ التَّأْخِيرِ (وَيُدَيَّنُ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَعَمْ لَوْ كَانَ بِبِلَادِ الرُّومِ أَوْ الْفُرْسِ فَيَنْبَغِي قَبُولُ قَوْلِهِ قَالَ وَلَوْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ شُهُورٍ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثَةٍ أَوْ الشُّهُورِ فَبِمُضِيِّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي وَبِمُضِيِّ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا الْآيَةَ عِنْدَ الْجِيلِيِّ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْجِيلِيِّ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ سَاعَاتٍ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ أَوْ السَّاعَاتِ فَبِمُضِيِّ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَاعَةً لِأَنَّهَا جُمْلَةُ سَاعَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ.
(فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَصُعُودِ السَّمَاءِ) وَالطَّيَرَانِ وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى إذَا أَرَادَ بِهِ الْمَعْنَى الْمُرَادَ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٍ عَنْ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: 49] (أَوْ عَقْلًا كَإِحْيَائِهَا الْمَوْتَى) وَالْجَمْعُ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ (أَوْ شَرْعًا كَنَسْخِ صَوْمِ رَمَضَانَ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْجِزْ الطَّلَاقَ وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ وَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ وَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ امْتِنَاعَ الْوُقُوعِ لِامْتِنَاعِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ بِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] وَالْيَمِينُ فِيمَا ذُكِرَ مُنْعَقِدَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ حَتَّى يَحْنَثَ بِهَا الْمُعَلِّقُ عَلَى الْحَلِفِ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَا يَصْعَدُ السَّمَاءَ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ لِأَنَّ عَدَمَ انْعِقَادِهَا ثَمَّ لَيْسَ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُسْتَحِيلِ بَلْ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْحِنْثِ لَا يُخِلُّ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا يَنْعَقِدُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْتُلَن فُلَانًا وَهُوَ مَيِّتٌ مَعَ تَعَلُّقِهَا بِالْمُسْتَحِيلِ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْبِرِّ يَهْتِكُ حُرْمَةَ الِاسْمِ فَيُحْوِجُ إلَى التَّكْفِيرِ.
(وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) سَوَاءٌ أَرَادَ وُقُوعَهُ أَمْسِ أَمْ فِي الْحَالِ مُسْتَنِدٌ إلَى أَمْسِ أَمْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَمْ مَاتَ أَمْ جُنَّ قَبْلَ بَيَانِ الْإِرَادَةِ أَمْ خَرِسَ وَلَا إشَارَةَ لَهُ مُفْهِمَةٌ لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ وَرَبَطَهُ بِمُمْتَنِعٍ فَيَلْغُو الرَّبْطُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَلَا بِدْعَةَ فِي طَلَاقِهَا (فَإِنْ أَرَادَ الْإِخْبَارِ) بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا أَمْسِ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَقَدْ رَاجَعَهَا أَوْ وَهِيَ الْآنَ مُعْتَدَّةٌ أَوْ بَائِنٌ (قُبِلَ) مِنْهُ لِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ إلَى أَمْسِ (وَاعْتَدَّتْ مِنْ أَمْسِ إنْ صَدَّقَتْهُ) وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي أَنَّهُ كَانَ يُخَالِطُهَا أَوَّلًا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْعَدَدِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ (فَمِنْ الْإِقْرَارِ) تَعْتَدُّ (وَإِنْ قَالَ أَرَدْت) أَنَّهَا طَلُقَتْ أَمْسِ مِنِّي (فِي عَقْدٍ غَيْرِ هَذَا) الْعَقْدِ (أَوْ مِنْ زَوْجٍ) آخَرَ (قَبْلِي قُبِلَ) مِنْهُ (إنْ عُرِفَ) عَقْدٌ سَابِقٌ وَطَلَاقٌ فِيهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ أَصَدَّقَتْهُ فِي إرَادَتِهِ أَمْ لَا.
وَيُخَالِفُ مَا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يَحْتَجْ فِيهِ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِاعْتِرَافِهِ ثَمَّ بِطَلَاقٍ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَهُنَا أَرَادَ صَرْفَهُ عَنْهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ (فَلَا) يُقْبَلُ مِنْهُ وَيُحْكَمُ بِطَلَاقِهَا فِي الْحَالِ وَهَذَا مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ ذَكَرَ أَعْنِي الْإِمَامَ احْتِمَالًا جَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الرَّافِعِيَّ السَّقِيمَةِ وَهُوَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ (وَلَهَا) إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ (تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهَا طَلُقَتْ فِي هَذَا الْعَقْدِ أَوْ فِي عَقْدٍ غَيْرِهِ (وَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (لِلشَّهْرِ الْمَاضِي فَكَذَلِكَ) أَيْ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ (إنْ أَرَادَ التَّارِيخَ) وَكَأَنَّهُ قَالَ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرَادَ التَّعْلِيلَ أَوْ أَطْلَقَ (وَقَعَ فِي الْحَالِ) كَمَا لَوْ قَالَ لَوْ رَضِيَ فُلَانٌ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ) مَثَلًا (فَقَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ) الْأَنْسَبُ بِكَلَامِهِ الْآتِي قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِتَعَذُّرِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبْلَ آخِرِ التَّعْلِيقِ (وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ) حَتَّى لَوْ قَدِمَ زَيْدٌ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا بِأَنْ سَافَرَ ثُمَّ قَدِمَ وَقَدْ مَضَى أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ لَمْ تَطْلُقْ.
(أَوْ) قَدِمَ (بَعْدَ) مُضِيِّ (أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ) مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ (تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ قَبْلَ شَهْرٍ) مِنْ قُدُومِهِ (فَتَعْتَدُّ مِنْ حِينَئِذٍ) لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِزَمَنٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُدُومِ شَهْرٌ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ وَاعْتُبِرَتْ الْأَكْثَرِيَّةُ الصَّادِقَةُ بِآخِرِ التَّعْلِيقِ فَأَكْثَرَ لِيَقَعَ فِيهَا الطَّلَاقُ وَذِكْرُهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَاعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ الْأَصْلِ وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ فِي زَمَنٍ يَسَعُ وُقُوعَهُ زَائِدًا عَلَى الشَّهْرِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ آخِرُهُ فَيَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ مَعَ الْآخِرِ إذْ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ يَتَقَارَنَانِ فِي الْوُجُودِ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ.
(وَإِنْ خَالَعَهَا) وَقَدْ مَضَى أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ (ثُمَّ قَدِمَ) زَيْدٌ (بَعْدَ الْخُلْعِ بِشَهْرٍ) صَوَابُهُ مَا فِي الْأَصْلِ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ (صَحَّ الْخُلْعُ) وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ لِأَنَّهَا عِنْدَ الصِّفَةِ بَائِنٌ (أَوْ بِدُونِهِ) الْمُرَادُ بِدُونِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ (وَالطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي قَبُولُ قَوْلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا هُوَ الْأَصَحُّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْ السَّنَةِ دُونَ ثَلَاثَةِ شُهُورٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا حَمْلًا لِلتَّعْرِيفِ عَلَى إرَادَةِ الْبَاقِي مِنْهَا وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَتَكْمُلُ كَمَا يُسْتَفَادُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عِبَارَةِ الْقَمُولِيِّ فِي جَوَاهِرِهِ.
[فَصْلٌ عَلَّقَ الطَّلَاق بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا]
(فَصْلٌ قَوْلُهُ لَوْ عَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَصُعُودِ السَّمَاءِ إلَخْ) وَقَدْ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَتَبَ أَيْضًا وَإِنْ عَلَّقَ عَلَى عَدَمِهِ وَقَعَ.
(قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
. (قَوْلُهُ وَلَا إشَارَةَ لَهُ مُفْهِمَةٌ) أَيْ وَلَا كِتَابَةَ
(3/304)
ثَلَاثٌ لَمْ يَصِحَّ) الْخُلْعُ وَالْمَالُ مَرْدُودٌ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْخُلْعِ بِطَرِيقِ التَّبَيُّنِ أَمَّا لَوْ خَالَعَهَا وَلَمْ يَمْضِ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ فَالْحُكْمُ كَمَا ذُكِرَ لَكِنْ فِي الشِّقِّ الَّذِي لَمْ يَصِحَّ فِيهِ الْخُلْعُ إنْ كَانَ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالْقُدُومِ دُونَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ أَيْضًا صَحَّ الْخُلْعُ لِأَنَّهَا لَمْ تَطْلُقْ بِالصِّفَةِ قَبْلَهُ صَرَّحَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي مَعْنَى الثَّلَاثِ مَا دُونَهَا إذَا لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ أَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَصِحُّ مَعَهُ الْخُلْعُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ خُلْعِ الرَّجْعِيَّةِ (وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ) الْأَنْسَبُ بِمَا قَدَّمَهُ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ أَثْنَاءَ التَّعْلِيقِ (وَمَاتَتْ قَبْلَ قُدُومِهِ بِدُونِ شَهْرٍ) أَوْ بِشَهْرٍ (لَمْ يَرِثْهَا) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا قَبْلَ مَوْتِهَا وَمَحِلُّهُ إذَا مَاتَتْ وَهِيَ بَائِنٌ أَمَّا إذَا مَاتَتْ قَبْلَ قُدُومِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ فَيَرِثُهَا لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَكَمَوْتِهَا فِيمَا ذُكِرَ مَوْتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِإِرْثِهَا مِنْهُ وَعَدَمِ إرْثِهَا.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) نَهَارًا (أَنْت طَالِقٌ غَدَ أَمْسِ أَوْ أَمْسِ غَدٍ بِالْإِضَافَةِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (فِي الْحَالِ) لِأَنَّ غَدَ أَمْسِ وَأَمْسِ غَدٍ هُوَ الْيَوْمُ وَلَوْ قَالَهُ لَيْلًا وَقَعَ غَدًا فِي الْأُولَى وَحَالًا فِي الثَّانِيَةِ وَتَبِعَ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْحَالِ الرَّافِعِيُّ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْيَوْمِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (أَمْسِ غَدٍ أَوْ غَدَ أَمْسِ بِغَيْرِ إضَافَةٍ لَغَا ذِكْرُ أَمْسِ) وَوَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْغَدِ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْغَدِ بِالْأَمْسِ وَلَا يُمْكِنُ الْوُقُوعُ فِيهِمَا وَلَا الْوُقُوعُ فِي أَمْسِ فَتَعَيَّنَ الْوُقُوعُ فِي الْغَدِ لِإِمْكَانِهِ.
(أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (الْيَوْمَ غَدًا فَوَاحِدَةً) تَقَعُ (فِي الْحَالِ) وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي الْغَدِ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْيَوْمَ طَالِقٌ غَدًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا ذَلِكَ (وَكَذَا) تَقَعُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ فِي الْحَالِ (لَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ نِصْفَهَا الْيَوْمَ وَنِصْفَهَا الْآخَرَ غَدًا) لِأَنَّ مَا أَخَّرَهُ مُعَجَّلٌ (فَإِنْ أَطْلَقَ نِصْفَيْنِ) بِأَنْ أَرَادَ نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ غَدًا (فَطَلْقَتَانِ) إلَّا إنْ تَبَيَّنَ بِالْأُولَى وَكَذَا لَوْ قَالَ أَرَدْت الْيَوْمَ طَلْقَةً وَغَدًا أُخْرَى كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (غَدًا الْيَوْمَ طَلُقَتْ) طَلْقَةً (غَدًا فَقَطْ) أَيْ لَا فِي الْيَوْمِ أَيْضًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَعَلَّقَ بِالْغَدِ وَذِكْرَهُ الْيَوْمَ بَعْدَهُ كَتَعْجِيلِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ وَهُوَ لَا يَتَعَجَّلُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَهُ فَوَاحِدَةً) تَقَعُ (فِي الْحَالِ) وَلَا يَقَعُ فِي الْغَدِ وَلَا بَعْدَ شَيْءٍ آخَرَ إذْ الْمُطَلَّقَةُ الْيَوْمَ مُطَلَّقَةٌ فِيمَا بَعْدَهُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ فَطَلْقَتَانِ) تَقَعَانِ (فِي الْيَوْمَيْنِ) وَلَوْ زَادَ فَقَالَ وَفِيمَا بَعْدَ غَدٍ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَعَلَى هَذِهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ.
(وَكَذَا) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ (فِي اللَّيْلِ وَفِي النَّهَارِ) تَقَعُ طَلْقَةٌ بِاللَّيْلِ وَأُخْرَى بِالنَّهَارِ قَالَ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّ الْمَظْرُوفَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الظَّرْفِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ الدَّلِيلُ بِوَاضِحٍ فَقَدْ يَتَّحِدُ الْمَظْرُوفُ وَيَخْتَلِفُ الظَّرْفُ انْتَهَى وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُ ذَلِكَ بِإِعَادَةِ الْعَامِلِ (فَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَوَاحِدَةٌ) فَقَطْ لِعَدَمِ إعَادَتِهِ (أَوْ كُلَّ يَوْمٍ تَكَرَّرَ) الطَّلَاقُ بِأَنْ يَقَعَ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلْقَةٌ حَتَّى تَكْمُلَ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ السَّابِقَ إلَى الْفَهْمِ.
(أَوْ أَنْت طَالِقٌ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (إذَا جَاءَ الْغَدُ أَوْ بَعْدَ غَدٍ طَلُقَتْ فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ الْغَدِ لَا فِي الْغَدِ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا فِي الْغَدِ لِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (يَوْمًا وَيَوْمًا لَا وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ نَوَى طَلْقَةً يَثْبُتُ حُكْمُهَا فِي يَوْمٍ دُونَ يَوْمٍ أَوْ تَقَعُ فِي يَوْمٍ دُونَ يَوْمٍ (فَوَاحِدَةٌ) وَإِنْ نَوَى طَلْقَةً تَقَعُ فِي يَوْمٍ لَا فِي تَالِيهِ وَهَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَعَ ثَلَاثٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَفَاصِلَةٍ.
(وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ الْغَدُ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ السَّاعَةَ إذَا دَخَلْت الدَّارَ لَغَا كَلَامُهُ فَلَا تَطْلُقُ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ بِوُجُودِهَا فَلَا يَقَعُ قَبْلَهُ وَإِنْ وُجِدَتْ فَقَدْ مَضَى الْوَقْتُ الَّذِي جَعَلَهُ مَحِلًّا لِلْإِيقَاعِ.
(أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (الْيَوْمَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ) فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا (فَفِي آخِرِ لَحْظَةٍ مِنْ الْيَوْمِ) تَطْلُقُ وَهُوَ إذَا بَقِيَ مِنْ الْيَوْمِ زَمَنٌ لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ إذْ بِذَلِكَ يَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ وَكَآخِرِ لَحْظَةٍ مِنْ الْيَوْمِ لَحْظَةٌ قَبْلَ الْفَسْخِ أَوْ مَوْتُ أَحَدِهِمَا أَوْ جُنُونُ الزَّوْجِ الْمُتَّصِلُ بِمَوْتِهِ أَوْ بِآخِرِ الْيَوْمِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ سَنَةٍ طَلْقَةً]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْت طَالِقٌ كُلَّ سَنَةٍ) طَلْقَةً (طَلُقَتْ وَاحِدَةً فِي الْحَالِ ثُمَّ الْمَوْعِدُ) لِوُقُوعِ الْبَقِيَّةِ مِثْلُ (ذَلِكَ الْوَقْتِ كُلَّ سَنَةٍ لَا أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ) كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ التَّكْلِيمِ سِنِينَ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْتِدَاءً) أَيْ فِي حَلِفِهِ (السَّنَةَ) أَيْ السِّنِينَ (الْعَرَبِيَّةَ) فَتَقَعُ الثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ الْقَابِلِ وَالثَّالِثَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي بَعْدَهُ (وَيُتَصَوَّرُ) هَذَا وَمَا قَبْلَهُ (بِطُولِ الْعِدَّةِ أَوْ الْمُرَاجَعَةِ) لِلزَّوْجَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَانَتْ مِنْهُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا تَقَعُ الْبَقِيَّةُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ.
(وَإِنْ قَالَ) أَنْت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْل قَالَ نَهَارًا أَنْتِ طَالِقٌ غَدَ أَمْسِ]
قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ الْغَدُ إلَخْ) لَوْ قَالَ إنْ جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ فَقَدْ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِهِ غَايَةُ الْفَوْزِ فِي دِرَايَةِ الدَّوْرِ بِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْمَسْطُورَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي الْفَوَائِدِ الْمَحْضَةِ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ
(فَصْلٌ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إلَخْ)
(3/305)
طَالِقٌ (كُلَّ يَوْمٍ طَلْقَةً) أَوْ ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (وَهُوَ بِالنَّهَارِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَةً ثُمَّ الْمَوْعِدِ) لِوُقُوعِ الْبَقِيَّةِ (فَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ فَإِنْ أَرَادَ) أَنَّهَا تَقَعُ فِي مِثْلِ (ذَلِكَ الْوَقْتِ) الَّذِي عَلَّقَ فِيهِ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ قَابِلٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ وَاعْتُبِرَ فَجْرُ كُلِّ يَوْمٍ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ لِمَا فِي اعْتِبَارِ غَيْرِهِ مِنْ تَلْفِيقِ الْيَوْمِ بِلَا دَاعٍ وَإِنْ قَالَهُ وَهُوَ بِاللَّيْلِ وَقَعَ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ التَّالِيَةِ لِلتَّعْلِيقِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَإِنْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِأَفْضَلِ الْأَوْقَاتِ فَلَيْلَةُ الْقَدْرِ) تَطْلُقُ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ أَنَّهَا تَطْلُقُ أَوَّلَ آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ الْعُشْرِ الْأَخِيرِ (أَوْ) بِأَفْضَلِ (الْأَيَّامِ فَيَوْمِ عَرَفَةَ) تَطْلُقُ أَوْ بِأَفْضَلِ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ فَيَوْمِ الْجُمُعَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ يَوْمُ عَرَفَةَ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَفِي شُعَبِ الْإِيمَانِ لِلسُّلَيْمِيِّ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «سَيِّدُ الشُّهُورِ رَمَضَانُ» (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِمَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَبِالْغُرُوبِ) تَطْلُقُ (إنْ عَلَّقَ نَهَارًا وَإِلَّا فَبِالْفَجْرِ) وَكُلٌّ مِنْهُمَا عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ وَجُزْءٍ النَّهَارِ إذْ لَا فَاصِلَ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ.
(وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي) أَوْ فِي حَيَاتِي (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ فَإِنْ ضَمَّ الْقَافَ وَفَتْحَ الْبَاءِ) مِنْ قَبْلُ (أَوْ) قَالَ (قُبَيْلَ) بِالتَّصْغِيرِ (فَقُبَيْلَ الْمَوْتِ) تَطْلُقُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ فَتْحِ بَاءِ قَبْلُ غَلَطٌ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ إنَّمَا فِيهِ ضَمُّ الْبَاءِ وَإِسْكَانُهَا كَنَقِيضِهِ وَهُوَ الدُّبُرُ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ إلَّا لِضَمِّ الْقَافِ فَقَطْ انْتَهَى وَرَدَّهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ قَبْلُ هُنَا لَيْسَتْ نَقِيضَةَ بَعْدُ بَلْ بِمَعْنَى مَا يُسْتَقْبَلُ فَمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي أَيْ عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ وَذَلِكَ قُبَيْلَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِمْ كَلَامُ الْأَزْهَرِيِّ قَالَ وَفِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَسَرَ الْقَافَ أَيْضًا طَلُقَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ وَفِي رَدِّهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ لَمْ يَجْعَلْ قَبْلُ نَقِيضَةَ بَعْدُ بَلْ جَعَلَهَا نَقِيضَةَ الدُّبُرِ وَكَأَنَّ نُسْخَتَهُ الزَّمَنُ بَدَلَ الدُّبُرِ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِبَعْدُ عَلَى أَنَّ الضَّبْطَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَزْهَرِيِّ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (بَعْدَ قَبْلَ مَوْتِي فَفِي الْحَالِ) تَطْلُقُ لِأَنَّهُ بَعْدَ قَبْلَ مَوْتِهِ.
(أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَك وَنَحْوُهُ مِمَّا قَدْ يُتَعَذَّرُ) وُجُودُهُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ مِمَّا لَا يُقْطَعُ بِوُجُودِهِ كَدُخُولِ الدَّارِ (فَلَا شَيْءَ) مِنْ الطَّلَاقِ يَقَعُ (حَتَّى يَضْرِبَهَا) وَالْمُرَادُ حَتَّى يُوجَدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (فَيَتَبَيَّنُ) حِينَئِذٍ (وُقُوعُهُ عَقِبَ اللَّفْظِ) هَذَا مَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ فَحِينَئِذٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ مُسْتَنِدٌ إلَى حَالِ اللَّفْظِ لِأَنَّ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي وُجُودَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا لَا يُوجَدُ ثُمَّ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ أَجَابَ عَنْهُ غَيْرُهُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ قُبَيْلَ الضَّرْبِ بِاللَّفْظِ السَّابِقِ وَيُحْتَمَلُ الِاسْتِنَادُ إلَيْهِ عَلَى هَذَا لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي فِي أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ مَا بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الضَّرْبَ غَيْرُ مَحْدُودٍ بِخِلَافِ الْوَقْتِ ثُمَّ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ.
(أَوْ) أَنْت (طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا يَوْمُ الْأَضْحَى طَلُقَتْ عُقَيْبَ) يَوْمِ (الْأَضْحَى الْمُقْبِلِ) لِيَكُونَ قَبْلَ التَّطْلِيقَةِ (فَإِنْ أَرَادَ) الْأَضْحَى (الْمَاضِي فَفِي الْحَالِ) تَطْلُقُ كَمَا لَوْ قَالَ يَوْمُ السَّبْتِ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَأَرَادَ الْجُمُعَةَ الْمَاضِيَةَ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (قَبْلَ مَوْتِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِشَهْرٍ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ شَهْرٍ) الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الْقُدُومِ قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ (لَمْ تَطْلُقْ وَإِلَّا) بِأَنْ مَاتَ بَعْدَهُ (طَلُقَتْ قَبْلَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا) الْأَخْصَرُ قَبْلَ مَوْتِهِ (بِشَهْرٍ) لِأَنَّهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ مَوْتُ الْآخَرِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقَعَ قَبْلَ مَوْتِهَا بِشَهْرٍ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ عِيدَيْ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى بِشَهْرٍ فَتَطْلُقُ أَوَّلَ رَمَضَانَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (قَبْلَ مَا بَعْدَهُ رَمَضَانُ) وَأَرَادَ بِمَا بَعْدَهُ الشَّهْرَ (فَآخِرُ جُزْءٍ مِنْ رَجَبٍ) تَطْلُقُ (وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْيَوْمَ فَقُبَيْلَ فَجْرِ يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ) إنْ كَانَ تَامًّا (وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْيَوْمَ بِلَيْلَتِهِ فَقُبَيْلَ الْغُرُوبِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْهُ) إنْ كَانَ تَامًّا (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (بَعْدَمَا قَبْلَهُ رَمَضَانُ) وَأَرَادَ بِمَا قَبْلَهُ الشَّهْرَ (فَبِمُسْتَهَلِّ) ذِي (الْقِعْدَةِ) تَطْلُقُ (وَإِنْ أَرَادَ) بِهِ (الْأَيَّامَ) الْأُولَى الْيَوْمَ بِاللَّيْلَةِ بَعْدَهُ (فَفِي) أَوَّلِ (الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ شَوَّالٍ) تَطْلُقُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ اللَّيْلَةَ فَالْقِيَاسُ تَطْلُقُ وَبِغُرُوبِ شَمْسِ أَوَّلِ شَوَّالٍ (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى شَهْرٍ تَعْلِيقٌ) فَلَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ بَلْ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ وَيَتَأَبَّدُ الطَّلَاقُ فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إلَى سَنَةٍ فَقَالَ هِيَ امْرَأَتُهُ سَنَةً وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ تَأْجِيلَ الْإِيقَاعِ كَمَا يَحْتَمِلُ تَأْجِيلَ الْوَاقِعِ فَيُؤْخَذُ بِالْيَقِينِ (فَإِنْ أَرَادَ التَّأْقِيتَ) لِلطَّلَاقِ مَعَ تَنْجِيزِهِ (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ مُؤَبَّدًا وَ) .
قَوْلُهُ (أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً لَا يَقَعُ) عَلَيْك (إلَّا غَدًا تَعْلِيقٌ) فَلَا تَطْلُقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ أَنَّهَا تَطْلُقُ أَوَّلَ آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ الْعُشْرِ الْأَخِيرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ فَتْحِ بَاءِ قَبْلُ غَلَطٌ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا التَّغْلِيطُ مِنْ حَيْثُ الضَّبْطُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ مُسَلَّمٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ
(قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَك وَنَحْوُهُ) كَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أُطَلِّقَك. (قَوْلُهُ فَيَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ عَقِبَ اللَّفْظِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ فَآخِرُ جُزْءٍ مِنْ رَجَبٍ تَطْلُقُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَجَبٍ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الزَّمَنَ الَّذِي يَلِيهِ شَعْبَانُ لَا مُطْلَقَ الشَّهْرِ وَلَا مُطْلَقَ الْقَبْلِ فَإِنَّ مُطْلَقَ الشَّهْرِ يَقْتَضِي طَلَاقَهَا بِأَوَّلِ شَهْرِ رَجَبٍ وَمُطْلَقُ الزَّمَانِ يَقْتَضِي الطَّلَاقَ حَالًا. اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ اللَّيْلَةَ فَالْقِيَاسُ إلَخْ) هُوَ وَاضِحٌ وَسَكَتَ عَنْهُ كَأَصْلِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ
(3/306)
إلَّا بِمَجِيءِ الْغَدِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً تَقَعُ عَلَيْك غَدًا (أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَإِنْ جَاءَ الْغَدُ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) طَلْقَةً كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت طَلْقَةً أُخْرَى إذَا جَاءَ الْغَدُ قُبِلَ) مِنْهُ فَتَطْلُقُ أُخْرَى إذَا جَاءَ الْغَدُ إنْ لَمْ تَبِنْ مِنْهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ غَدًا أَوْ عَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ فَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ) وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِأَجْلِ حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ فَإِذَا عَيَّنَ الطَّلَاقَ أَوْ الْحُرِّيَّةَ تَعَيَّنَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ.
[فَصْلُ أَلْفَاظِ التَّعْلِيقِ]
(فَصْلُ أَلْفَاظِ التَّعْلِيقِ مِنْ وَإِذَا وَإِنْ) وَمَتَى (وَمَتَى مَا وَمَهْمَا وَكُلَّمَا وَأَيُّ) كَقَوْلِهِ مَنْ دَخَلَتْ مِنْكُنَّ أَوْ إذَا أَوْ إنْ أَوْ مَتَى أَوْ مَتَى مَا أَوْ مَهْمَا أَوْ كُلَّمَا أَوْ أَيُّ وَقْتٍ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ وَمِنْهَا إذْ مَا وَمَا نَحْوُ مَا فَعَلْته مِنْ كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ وَأَيَّانَ وَأَيَّامَا وَأَيْنَ وَحَيْثُ وَلَوْ وَكَيْفَ نَحْوُ كَيْفَ تَجْلِسِينَ فَأَنْت طَالِقٌ (لَكِنْ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ) وَضْعًا وَاسْتِعْمَالًا (بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ وَالْجَمِيعُ فِي التَّعْلِيقِ) إثْبَاتًا كَالدُّخُولِ (لَا تَقْتَضِي الْفَوْرَ) فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّعْلِيقُ بِهِ مَتَى وُجِدَ وَلَا دَلَالَةَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى فَوْرٍ وَلَا تَرَاخٍ (إلَّا بَعْضَ الصِّيَغِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ) وَذَلِكَ فِي تَعْلِيقِهِ بِمَشِيئَةِ زَوْجَتِهِ مُخَاطَبَةً كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت (أَوْ الْمَالِ) كَإِنْ ضَمِنْت لِي أَوْ إذَا أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْفَوْرَ لِتَضَمُّنِ الْأَوَّلِ تَمْلِيكَ الطَّلَاقِ وَالثَّانِي تَمْلِيكَ الْمَالِ (كَمَا سَبَقَ) الْأَوَّلُ فِي هَذَا الْبَابِ وَالثَّانِي فِي بَابِ الْخُلْعِ وَسَيَأْتِي الْأَوَّلُ أَيْضًا مَعَ التَّعْلِيقِ بِالنَّفْيِ.
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ) وَنَفْيِهِ وَنَحْوُهُمَا (فَإِنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إنْ طَلَّقْتُك أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا) وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا (وَقَعَتْ) طَلْقَةٌ (أُخْرَى بِالتَّعْلِيقِ فَإِنْ قَالَ) لَمْ أُرِدْ التَّعْلِيقَ بَلْ (أَرَدْت أَنَّهَا تَصِيرُ مُطَلَّقَةً بِتِلْكَ) الطَّلْقَةِ (لَمْ يُقْبَلْ) ظَاهِرًا (وَدُيِّنَ) لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ وَقَوْلُهُ لِمَدْخُولٍ بِهَا مُضِرٌّ لِأَنَّ غَيْرَهَا كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا مَدْخُولًا بِهَا عِنْدَ تَطْلِيقِهَا فَلَوْ حَذَفَهُ وَذَكَرَ مَا ذَكَرْته عَقِبَهُ طَلَّقَهَا تَبَعًا لِأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى (فَإِنْ خَالَعَهَا أَوْ كَانَتْ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ (غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لَمْ تَقَعْ) الطَّلْقَةُ (الثَّانِيَةُ) أَيْ الْمُعَلَّقَةُ (لِأَنَّهَا قَدْ بَانَتْ بِالْأُولَى وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ) فَامْتِنَاعُ وُقُوعِ الْمُعَلَّقَةِ لَيْسَ لِتَأَخُّرِ الْجَزَاءِ عَنْ الشَّرْطِ إذْ الصَّحِيحُ تَقَارُنُهُمَا فِي الْوُجُودِ بَلْ امْتِنَاعُهُ لِلتَّنَافِي بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ إذْ الْبَيْنُونَةُ الْحَاصِلَةُ بِالشَّرْطِ تُنَافِي وُقُوعَ الْمُعَلَّقِ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ (وَإِنْ طَلَّقَهَا وَكِيلُهُ) فِي الطَّلَاقِ (وَقَعَتْ الْمُنَجَّزَةُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُعَلَّقَةِ (لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ تَطْلِيقُهُ) بَلْ تَطْلِيقُ وَكِيلِهِ وَخَرَجَ بِوَكِيلِهِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا مَلَّكْتُك طَلَاقَك فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَإِنَّ الْمُعَلَّقَ يَقَعُ أَيْضًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنَّهُ مُسْتَشْكَلٌ بِالتَّعْلِيلِ (وَإِنْ طَلُقَتْ) طَلْقَةً (بِوُجُودِ شَرْطٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى التَّعْلِيقِ) بِالتَّطْلِيقِ (لَمْ تَقَعْ أُخْرَى) لِأَنَّ وُجُودَ الصِّفَةِ لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ وَلَا إيقَاعٍ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ) الشَّرْطُ (وَقَعَتْ) أَيْ الْأُخْرَى لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ وَإِيقَاعٌ كَمَا سَيَأْتِي (وَالطَّلْقَةُ الْمُعَلَّقَةُ بِصِفَةٍ تَقَعُ مُقْتَرِنَةً بِهَا) لِأَنَّ الشَّرْطَ عِلَّةٌ وَضْعِيَّةٌ وَالطَّلَاقُ مُعَلَّقٌ بِهَا فَيَتَقَارَنَانِ فِي الْوُجُودِ كَالْعِلَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ مَعَ مَعْلُولِهَا وَإِنَّمَا التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ فِيهِمَا رُتَبِيٌّ (وَإِنَّمَا لَمْ تَطْلُقْ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا) فِي صُورَتِهَا السَّابِقَةِ طَلْقَةً (ثَانِيَةً لِأَنَّ مَعْنَى إنْ طَلَّقْتُك إنْ صِرْت مُطَلَّقَةً وَبِمُجَرَّدِ مَصِيرِهَا مُطَلَّقَةً بَانَتْ) وَالْبَيْنُونَةُ تُنَافِي وُقُوعَ أُخْرَى وَيُخَالِفُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ فِيهِ بِهِمَا وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْأُخْرَى وَالْمُنَجَّزُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْمُعَلَّقِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ وَبِمُجَرَّدِ إلَى آخِرِهِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ انْتَفَى التَّعْلِيقُ.
(فَرْعُ التَّعْلِيقِ) لِلطَّلَاقِ (مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ وَإِيقَاعٌ) يَقَعُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا الطَّلْقَةُ الْمُعَلَّقَةُ بِهِ (وَمُجَرَّدُ وُجُودِ الصِّفَةِ وُقُوعٌ) لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ (كَتَطْلِيقِ الْوَكِيلِ) فَإِنَّهُ وُقُوعٌ لِطَلَاقِ الْمُوَكِّلِ لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ مِنْهُ (وَمُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ وَلَا إيقَاعٍ وَلَا وُقُوعٍ) وَقَدْ بَيَّنَ أَمْثِلَةَ ذَلِكَ فَقَالَ (فَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالتَّطْلِيقِ أَوْ بِإِيقَاعِهِ) كَأَنْ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَأَنْت طَالِقٌ (ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ) طَلْقَةً بِالدُّخُولِ وَطَلْقَةً بِالتَّطْلِيقِ أَوْ الْإِيقَاعِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِالدُّخُولِ مَعَ الدُّخُولِ (فَلَوْ تَقَدَّمَ التَّعْلِيقُ بِالدُّخُولِ ثُمَّ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ) إنْ (أَوْقَعْت عَلَيْك الطَّلَاقَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَقَعْ الثَّانِيَةُ) أَيْ الْمُعَلَّقَةُ بِالتَّطْلِيقِ أَوْ الْإِيقَاعِ لِمَا مَرَّ أَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ الصِّفَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَأَيًّا مَا) أَيْ وَإِذَا مَا
[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ وَنَفْيِهِ]
(قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ إلَخْ) قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ طَلَّقْتُك إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَطَلَّقْتُك قَالَ الْكِنْدِيُّ عُرِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِدِمَشْقَ مَنْسُوبَةً إلَى الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَلَيْسَتْ مَذْكُورَةً فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ ثُمَّ أَجَابَ فِيهَا بِأَنَّ طَلَّقْتُك إنْ دَخَلْت الدَّارَ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَأَمَّا إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَلَّقْتُك فَلَا تَطْلُقُ إلَّا عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ قَالَ السُّبْكِيُّ أَخْطَأَ الْكِنْدِيُّ فِيمَا قَالَهُ وَالصَّوَابُ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْأُولَى يَقَعُ عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ لَا قَبْلَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَقَعُ أَصْلًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ طَلَّقْتُك مَعْنًى أَنْتِ طَالِقٌ فَيَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ لِمَدْخُولٍ بِهَا مُضِرٍّ) لَا ضَرَرِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ مُسْتَشْكِلٌ بِالتَّعْلِيلِ) يُجَابُ بِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ كَانَ الْمُطَلِّقُ حَقِيقَةً هُوَ الْمُفَوِّضُ إلَيْهَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ
(3/307)
وُقُوعٌ لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ (وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقُهُ) الثَّانِي (بِالْوُقُوعِ) كَأَنْ قَالَ بَعْدَ تَعْلِيقِهِ بِالدُّخُولِ إنْ وَقَعَ عَلَيْك الطَّلَاقُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ دَخَلَتْ (وَقَعَتْ) أَيْ الثَّانِيَةُ لِوُجُودِ الْوُقُوعِ بِوُجُودِ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ (وَالتَّعْلِيقُ) أَيْ الْمُعَلَّقُ (بِالْوُقُوعِ يَقَعُ بِطَلَاقِ الْوَكِيلِ) بَعْدَهُ (وَوُجُودُ الشَّرْطِ) بَعْدَهُ (الْمُتَقَدِّمِ) عَلَيْهِ قَوْلًا وَهَذَا مَعَ فَلَاقَتِهِ مُكَرَّرٌ كَمَا لَا يَخْفَى. .
(وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا) وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا (وَقَعَتْ الثَّلَاثُ) لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ فَيَقَعُ بِوُقُوعِ الْأُولَى ثَانِيَةٌ وَبِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ ثَالِثَةٌ (وَلَوْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (بِصِيغَةِ كُلَّمَا طَلَّقْتُك) فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا (لَمْ يَقَعْ إلَّا اثْنَتَانِ) فَلَا تَقَعُ الثَّالِثَةُ لِأَنَّ الصِّفَةَ وَهِيَ التَّطْلِيقُ لَمْ تَتَكَرَّرْ (لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَقَعُ بِمُجَرَّدِ صِفَةٍ) وَهِيَ تَطْلِيقُ الْأُولَى فَهِيَ وُقُوعٌ (لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ وَلَمْ تُعَلَّقْ) يَعْنِي الثَّالِثَةُ (إلَّا بِالتَّطْلِيقِ فَلَمْ تَقَعْ) أَيْ الثَّالِثَةُ (وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ) لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ التَّكْرَارَ (لَكِنْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ) لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا مَرَّةً أُخْرَى كَانَ بِالْمُنَجَّزَةِ مُسْتَوْفِيًا لِلثَّلَاثِ (أَوْ) قَالَ (كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إذَا أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) وَاحِدَةٌ بِالتَّنْجِيزِ وَاثْنَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِعْتَاقِهِ عَبْدَهُ) بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ أَعْتَقْت عَبْدِي فَأَنْت طَالِقٌ (ثُمَّ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ) كَالدُّخُولِ (وَعَتَقَ بِوُجُودِهَا طَلُقَتْ) لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْعِتْقِ بِالدُّخُولِ مَعَ الدُّخُولِ إعْتَاقٌ فَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِهِ (لَا إنْ تَقَدَّمَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ) عَلَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِأَنْ قَالَ لَهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهَا إنْ أَعْتَقْت عَبْدِي فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَ فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الَّذِي وُجِدَ بَعْدَ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا مُجَرَّدُ صِفَةِ الدُّخُولِ وَهُوَ لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ إنْ دَخَلْت فَأَنْت حُرٌّ ثُمَّ قَالَ لَهَا إذَا عَتَقَ أَوْ أَوْقَعَ عَلَيْهِ الْعِتْقَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ لِوُجُودِ الْعِتْقِ بَعْدَ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ.
[فَرْعٌ قَالَ لِحَفْصَةِ إنْ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْت عَمْرَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْت عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِعُمْرَةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ طَلُقَتَا) جَمِيعًا عَمْرَةُ بِالدُّخُولِ وَحَفْصَةُ بِتَطْلِيقِ عَمْرَةَ بِالتَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ.
(وَإِنْ قَالَ لِعُمْرَةٍ إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْت عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْ عَمْرَةُ طَلُقَتْ) بِدُخُولِهَا (وَحْدَهَا) إذْ لَا تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الصِّفَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ قَالَ لِحَفْصَةَ) قَبْلَ تَعْلِيقِ طَلَاقِ عَمْرَةَ بِالدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (إنْ وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى عَمْرَةَ) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ عَمْرَةُ (طَلُقَتَا جَمِيعًا) لِوُقُوعِ طَلَاقِهِ عَلَى عَمْرَةَ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.
(وَإِنْ قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْت عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ عَكَسَ) فَقَالَ لِعُمْرَةِ إنْ طَلَّقْت حَفْصَةَ فَأَنْت طَالِقٌ (ثُمَّ طَلَّقَ حَفْصَةَ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ) وَاحِدَةٌ بِالتَّنْجِيزِ وَأُخْرَى بِتَعْلِيقِ طَلَاقِهَا عَلَى تَطْلِيقِ عَمْرَةَ وَقَدْ وُجِدَ بِتَعْلِيقِهِ مَعَ صِفَتِهِ (وَ) طَلُقَتْ (عَمْرَةُ طَلْقَةً) بِتَطْلِيقِ حَفْصَةَ (وَإِنْ طَلَّقَ عَمْرَةَ بَدَلَ حَفْصَةَ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً) أَيْ طَلُقَتْ عَمْرَةُ بِالتَّنْجِيزِ وَحَفْصَةُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهُوَ تَطْلِيقُ عَمْرَةَ وَلَا يَعُودُ عَلَيْهَا مِنْ وُقُوعِ طَلَاقِ حَفْصَةَ طَلْقَةٌ أُخْرَى لِمَا مَرَّ أَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَيْسَتْ بِتَطْلِيقٍ (وَإِنْ كَانَ) تَعْلِيقُ طَلَاقِ كُلٍّ مِنْهُمَا (بِصِيغَةِ إنْ وَقَعَ طَلَاقِي) بِأَنْ قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى عَمْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِعُمْرَةِ إنْ وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى حَفْصَةَ فَأَنْت طَالِقٌ (وَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ) طَلْقَةً بِالتَّنْجِيزِ وَأُخْرَى بِصِفَةِ الْوُقُوعِ عَلَى الْأُخْرَى (وَ) طَلُقَتْ (الْأُخْرَى طَلْقَةً) بِالصِّفَةِ (أَوْ) كَانَ (بِصِيغَةِ كُلَّمَا) وَقَعَ طَلَاقِي وَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا (طَلُقَتَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا) إنْ كَانَ يَمْلِكُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الثَّلَاثَ.
(وَإِنْ قَالَ لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْتُك فَعَمْرَةُ طَالِقَةٌ ثُمَّ عَكَسَ) فَقَالَ لِعُمْرَةِ إنْ طَلَّقْتُك فَحَفْصَةُ طَالِقٌ (ثُمَّ طَلَّقَ حَفْصَةَ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً) أَيْ طَلُقَتْ حَفْصَةُ بِالتَّنْجِيزِ وَعَمْرَةُ بِالصِّفَةِ وَلَا يَعُودُ عَلَى حَفْصَةَ مِنْ الْوُقُوعِ عَلَى عَمْرَةَ طَلْقَةٌ أُخْرَى لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مُجَرَّدَ الصِّفَةِ لَيْسَتْ بِتَطْلِيقٍ (وَإِنْ طَلَّقَ عَمْرَةَ بَدَلَ حَفْصَةَ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ) طَلْقَةً بِالتَّنْجِيزِ وَأُخْرَى بِالصِّفَةِ (وَ) طَلُقَتْ (حَفْصَةُ طَلْقَةً) بِالصِّفَةِ.
[فَرْعٌ قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا طَلَّقْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا طَلَّقْت وَاحِدَةً) مِنْكُنَّ (فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَكُلَّمَا طَلَّقَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (طُلِّقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً) لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ (وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ) ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً (فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتَطْلُقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً (إلَّا أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ طَلْقَتَانِ) لِأَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِتَطْلِيقِهَا وَقَدْ وُجِدَ فَإِنْ طَلَّقَ ثَانِيَةً تَمَّ لَهَا وَلِلْأُولَى ثَلَاثٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعُ التَّعْلِيقِ لِلطَّلَاقِ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ]
قَوْلُهُ أَوْ كَانَ بِصِيغَةِ كُلَّمَا إلَخْ) كُلَّمَا إنَّمَا تُخَالِفُ غَيْرَهَا فِي التَّعْلِيقِ بِالْوُقُوعِ لَا فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِيقَاعِ أَوْ بِالتَّطْلِيقِ.
(3/308)
ثَلَاثٌ وَالْبَاقِيَتَيْنِ طَلْقَتَانِ طَلْقَتَانِ فَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا تَمَّ لَهُمَا أَيْضًا الثَّلَاثُ فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يُقَرِّرْ قَوْلَهُ فَكَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَيْ فَكُلَّمَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ طُلِّقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً قُلْت لَا يَصْدُقُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ مَعَ الْمُسْتَثْنَى فِي طَلَاقِ الْأَخِيرَتَيْنِ.
[فَرْعٌ نَكَحَ ثَلَاثًا مُرَتِّبًا فَقَالَ إنْ طَلَّقْت الْأُولَى فَالثَّانِيَةُ طَالِقٌ]
(فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَ ثَلَاثًا مُرَتِّبًا فَقَالَ إنْ طَلَّقْت الْأُولَى فَالثَّانِيَةُ طَالِقٌ أَوْ الثَّانِيَةَ فَالثَّالِثَةُ طَالِقٌ أَوْ الثَّالِثَةَ فَالْأُولَى طَالِقٌ فَطَلَّقَ الْأُولَى طَلُقَتْ مَعَهَا الثَّانِيَةُ) بِالصِّفَةِ دُونَ الثَّالِثَةِ إذْ لَمْ يُوجَدْ بَعْدَ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا تَطْلِيقُ الثَّانِيَةِ (أَوْ) طَلَّقَ (الثَّانِيَةَ طَلُقَتْ مَعَهَا الثَّالِثَةُ) دُونَ الْأُولَى لِمِثْلِ مَا مَرَّ (أَوْ الثَّالِثَةُ طُلِّقْنَ جَمِيعًا) الثَّالِثَةُ بِالتَّنْجِيزِ وَالْأُخْرَيَانِ بِالصِّفَةِ وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ عَلَى تَطْلِيقِ الْأُولَى وَقَدْ وُجِدَ لِأَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ عَلَى طَلَاقِ الثَّالِثَةِ وَالتَّعْلِيقُ مَعَ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ (فَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ) مُبْهَمَةً (وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَالثَّالِثَةُ مُطَلَّقَةٌ) بِكُلِّ حَالٍ (وَيُوقَفُ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا) فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا وَرِثَ الْجَمِيعُ وَإِلَّا وُقِفَ.
[فَصْلٌ كَانَ تَحْتَهُ نِسْوَةٌ وَلَهُ عَبِيدٌ فَقَالَ إنَّ طَلَّقْت وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ]
(فَصْلٌ) لَوْ كَانَ تَحْتَهُ نِسْوَةٌ (أَرْبَعٌ) وَلَهُ عَبِيدٌ (فَقَالَ إنْ طَلَّقْت وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (فَعَبْدٌ) مِنْ عَبِيدِي (حُرٌّ أَوْ) طَلَّقْت (اثْنَتَيْنِ فَعَبْدَانِ) حُرَّانِ (أَوْ) طَلَّقْت (ثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ أَعْبُدٍ) أَحْرَارٌ (أَوْ) طَلَّقْت (أَرْبَعًا فَأَرْبَعَةُ أَعْبُدٍ) أَحْرَارٌ (فَطَلَّقَهُنَّ مَعًا أَوْ مُفَرِّقًا) أَيْ مُرَتِّبًا فِي الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ (عَتَقَ عَشَرَةً) مِنْ عَبِيدِهِ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَاثْنَانِ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ وَأَرْبَعَةٌ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ عَشَرَةٌ وَكَانَ غَيْرُهَا مِنْ سَائِرِ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ إلَّا كُلَّمَا وَسَيَأْتِي وَأَوْ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى وَلَوْ عَطَفَ الزَّوْجُ بِثُمَّ لَمْ يُضَمَّ الْأَوَّلُ لِلثَّانِيَّ لِلْفَصْلِ بِثُمَّ فَلَا يَعْتِقُ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ بَعْدَ الْأُولَى ثِنْتَيْنِ وَلَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَرْبَعًا وَيَعْتِقُ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ اثْنَانِ فَمَجْمُوعُ الْعَتِيقِ ثَلَاثَةٌ وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّات ثُمَّ قَالَ وَيَتَّجِهُ أَنْ تَكُونَ الْفَاءُ كَثُمَّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا قَالَهُ فِيهِمَا إنَّمَا يَأْتِي فِي طَلَاقِهِنَّ مُرَتِّبًا فَلَوْ طَلَّقَهُنَّ مَعًا عَتَقَ عَبْدٌ وَاحِدٌ (فَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ) فِي ذَلِكَ (بِكُلَّمَا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ) عَبْدًا لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا مَرَّ وَمَا عُدَّ مَرَّةً أَيْ بِاعْتِبَارٍ لَا بَعْدَ أُخْرَى أَيْ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ فَمَا عُدَّ فِي يَمِينِ الثَّانِيَةِ ثَانِيَةً لَا يُعَدُّ بَعْدَهَا أُخْرَى ثَانِيَةٌ وَمَا عُدَّ فِي يَمِينِ الثَّالِثَةِ ثَالِثَةً لَا يُعَدُّ بَعْدَهَا ثَالِثَةٌ فَيَعْتِقُ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ صُدِّقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ صُدِّقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثَلَاثٍ وَسَبْعَةٌ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ لِأَنَّهُ صُدِّقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ وَطَلَاقُ أَرْبَعٍ وَسَوَاءٌ أَتَى بِكُلَّمَا فِي التَّعْلِيقَاتِ كُلِّهَا أَمْ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ أَمْ فِي الْأُولَيَيْنِ إذْ لَا تَكْرَارَ فِي الْأَخِيرَيْنِ وَإِنَّمَا صَوَّرَهَا الْأَصْحَابُ بِالْإِتْيَانِ بِهَا فِي الْكُلِّ لِيَتَأَتَّى مَجِيءُ الْأَوْجُهِ كُلِّهَا الَّتِي مِنْهَا أَنَّهُ يَعْتِقُ عِشْرُونَ لَكِنْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَلَوْ أَتَى بِهَا فِي الْأَوَّلِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْأَخِيرَيْنِ عَتَقَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَوْ فِي الثَّانِي وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْأَخِيرَيْنِ فَاثْنَا عَشَرَ (وَتَعْيِينُ الْعَبِيدِ) الْمَحْكُومِ بِعِتْقِهِمْ (إلَيْهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَطْلَقُوا ذَلِكَ وَيَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَ مَا يَعْتِقُ بِالْوَاحِدَةِ وَبِالثِّنْتَيْنِ بِالثَّلَاثِ بِالْأَرْبَعِ فَإِنَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ تَظْهَرُ فِي الْأَكْسَابِ إذَا طَلَّقَ مُرَتِّبًا لَا سِيَّمَا مَعَ التَّبَاعُدِ وَكَأَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْ ذَلِكَ لِوُضُوحِهِ.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ كُلَّمَا صَلَّيْت رَكْعَةً فَعَبْدِي حُرٌّ وَهَكَذَا إلَى الْعَشَرَةِ فَصَلَّى عَشْرًا عَتَقَ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ عَبْدًا وَإِنْ عَلَّقَ بِإِنْ أَوْ نَحْوِهَا فَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ.
[فَصْلٌ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ أَوْ غَيْرِهِ]
(فَصْلٌ) فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ أَوْ غَيْرِهِ (كُلُّ الْأَدَوَاتِ فِي التَّعْلِيقِ بِالنَّفْيِ تَقْتَضِي الْفَوْرَ إلَّا) لَفْظَةَ (إنْ فَإِنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا لِلتَّرَاخِي (فَمَتَى قَالَ إذَا لَمْ أَوْ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ وَمَضَى زَمَنٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِعْتَاقِهِ عَبْدَهُ]
فَصْلٌ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ) . (قَوْلُهُ فَلَوْ طَلَّقَهُنَّ مَعًا عَتَقَ عَبْدٌ وَاحِدٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِكُلَّمَا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا) ؛ لِأَنَّ فِي طَلَاقِ الْأَرْبَعِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي الْمَرَاتِبِ الْأَرْبَعِ فَيَعْتِقُ بِهَا أَرْبَعَةٌ وَفِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ أَرْبَعَةٌ إلَّا فِي مَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ ثَلَاثَةٌ فَاضْرِبْ أَرْبَعَةٌ فِي عَدَدِ الْمَرَاتِبِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ تَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ أَنْقِصْ وَاحِدَةً فِي مَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ يَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَالَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ غَيْرُهُ.
(تَنْبِيهٌ) إذَا كَانَ لَهُ عَبِيدٌ وَنِسَاءٌ فَقَالَ كُلَّمَا طَلَّقْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِرَارًا لَمْ يَعْتِقْ سِوَى عَبْدٌ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ
(فَصْلٌ) . (قَوْلُهُ كُلُّ الْأَدَوَاتِ) فِي التَّعْلِيقِ بِالنَّفْيِ تَقْتَضِي الْفَوْرَ إلَّا إنْ فَإِنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجِي بِفُلَانٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَجَابَ جَمَالُ الدِّينِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَحْتَجِبِي عَنِّي وَأَفْتَى بِنَحْوِهِ ابْنُ أَبِي الصَّيْفِ وَأَفْتَى عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاشِرِيُّ بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَّا بِفَوَاتِ الصِّفَةِ وَهُوَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا أَمَّا الزَّوْجَةُ أَوْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَأَفْتَى ابْنُ عُجَيْلٍ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ تَرْجِعِي إلَى زَوْجِك الْأَوَّلِ لَا تَطْلُقُ سَوَاءٌ رَجَعَتْ أَمْ لَا وَأَجَابَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُجَيْلٍ بِنَحْوِ جَوَابِ الْجَمَّالِ وَكَانَتْ مَشَايِخُنَا يُفْتُونَ بِذَلِكَ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ جَازَ وَلَزِمَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ إذَا أَوْصَى بِإِعْتَاقِ أَمَتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ عَتَقَتْ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ لَمْ يَبْطُلْ الْعِتْقُ وَلَا النِّكَاحُ وَيَجِبُ عَلَيْهَا قِيمَتُهَا اهـ وَحَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ مَمْلُوكَةٌ قُلْنَا وَالْبُضْعُ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمِلْكِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَكَمَا فَوَّتَتْ بُضْعَهُ يَجِبُ عَلَيْهَا عِوَضُهُ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْأَمَةِ قِيمَتُهَا أَقُولُ وَكَانَ وَالِدِي يُفْتِي بِمَا أَجَابَ بِهِ الْجَمَّالُ وَبِهِ أَفْتَى. اهـ. وَقَوْلُهُ وَأَفْتَى عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاشِرِيُّ بِأَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ وَإِذَا فِي ذَلِكَ أَنَّ حَرْفَ إنْ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَتَرَدَّدُ فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ
(3/309)
يَسَعُ الطَّلَاقَ فَلَمْ يُطَلِّقْ) فِيهِ (طَلُقَتْ لَا إنْ مُنِعَ) مِنْ الطَّلَاقِ كَأَنْ أَمْسَكَ غَيْرُهُ فَمَه أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى تَرْكِ التَّطْلِيقِ فَلَا تَطْلُقُ لِلْعُذْرِ (وَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِإِذَا مَعْنَى أَنْ قُبِلَ ظَاهِرًا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يُقَامُ مَقَامَ الْآخَرِ (فَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (بِصِيغَةِ إنْ لَمْ) أُطَلِّقْك (فَلَا تَطْلُقُ إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الطَّلَاقِ) وَالْفَرْقُ أَنَّ إنْ حَرْفُ شَرْطٍ لَا إشْعَارَ لَهُ بِالزَّمَانِ وَغَيْرَهَا ظَرْفُ زَمَانٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا قِيلَ لَك مَتَى أَلْقَاك صَحَّ أَنْ تَقُولَ إذَا أَوْ مَتَى شِئْت أَوْ نَحْوَهُمَا وَلَا يَصِحُّ إنْ شِئْت فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ إنْ فَاتَنِي تَطْلِيقُك وَفَوَاتُهُ بِالْيَأْسِ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ أَيُّ وَقْتٍ فَاتَنِي فِيهِ التَّطْلِيقُ وَفَوَاتُهُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ التَّطْلِيقُ وَلَمْ يُطَلِّقْ وَيَحْصُلُ الْيَأْسُ مِنْهُ (بِأَنْ يَمُوتَ أَحَدُهُمَا أَوْ يُجَنَّ الزَّوْجُ جُنُونًا مُتَّصِلًا بِمَوْتِهِ فَيَقَعُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْجُنُونِ) بِحَيْثُ لَا يَبْقَى زَمَنٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ لِانْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ بِمُجَرَّدِ جُنُونِهِ لِاحْتِمَالِ الْإِفَاقَةِ وَالتَّطْلِيقِ بَعْدَهَا.
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالتَّعْبِيرُ بِقُبَيْلَ غَيْرُ مُحَرَّرٍ وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ إذَا بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَكَالْجُنُونِ الْإِغْمَاءُ وَالْخَرَسُ الَّذِي لَا كِتَابَةَ لِصَاحِبِهِ وَلَا إشَارَةَ مُفْهِمَةً.
(وَإِنْ فُسِخَ النِّكَاحُ) أَوْ انْفَسَخَ (أَوْ طَلَّقَهَا وَكِيلُهُ وَمَاتَ) أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (قَبْلَ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ) أَوْ الرَّجْعَةِ (أَوْ بَعْدَهُ) وَلَمْ يُطَلِّقْ (تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ إنْ كَانَ) الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ (رَجْعِيًّا) إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ لِفَوَاتِ الْمَحِلِّ بِالِانْفِسَاخِ إنْ لَمْ يُجَدِّدْ وَعَدَمُ عَوْدِ الْحِنْثِ إنْ جَدَّدَ وَلَمْ يُطَلِّقْ فَيَتَعَيَّنُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ وَاعْتُبِرَ طَلَاقُ وَكِيلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُفَوِّتُ الصِّفَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ طَلَاقِهِ هُوَ وَهَذَا هُوَ فَائِدَةُ عَطْفِهِ طَلَاقَ الْوَكِيلِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهُ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى حُكْمِ مَا قَبْلَهُ وَاعْتُبِرَ فِي وُقُوعِهِ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ كَوْنُهُ رَجْعِيًّا لِيُتَصَوَّرَ الِانْفِسَاخُ بَعْدَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بَائِنًا (لَمْ يَقَعْ) قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ (لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ تَمْنَعُ الِانْفِسَاخَ فَيَقَعُ الدَّوْرُ) إذْ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لَمْ يَحْصُلْ الِانْفِسَاخُ فَلَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ فَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ (فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ التَّجْدِيدِ) لِلنِّكَاحِ (أَوْ عَلَّقَ بِنَفْيِ فِعْلٍ) غَيْرِ التَّطْلِيقِ (كَالضَّرْبِ فَضَرَبَهَا وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ) وَلَوْ طَلَاقًا بَائِنًا (انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْبِرَّ لَا يَخْتَصُّ بِحَالِ النِّكَاحِ وَلِهَذَا يَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ حَالَ الْبَيْنُونَةِ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ ضَرْبَ الْمَجْنُونِ فِي تَحَقُّقِ الصِّفَةِ وَنَفْيِهَا كَضَرْبِ الْعَاقِلِ وَالضَّرْبُ حَالَ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنْ أَبَانَهَا وَاسْتَمَرَّتْ الْبَيْنُونَةُ إلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَتَّفِقْ ضَرْبٌ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَسِيطِ وَإِنْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ هُنَا مَا يَقْتَضِي عَدَمَ وُقُوعِهِ أَصْلًا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ) فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا (طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ) لِحُصُولِ الْيَأْسِ حِينَئِذٍ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آخِرَ فَصْلٍ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدَ أَمْسِ (وَقَوْلُهُ إنْ تَرَكْت طَلَاقَك أَوْ) إنْ (سَكَتّ عَنْهُ) فَأَنْت طَالِقٌ (يَقْتَضِي الْفَوْرَ) فَإِذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا فِي الْحَالِ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ (بِخِلَافِ مَا إذَا نَفَاهُمَا) فَقَالَ إنْ لَمْ أَتْرُكْ طَلَاقَك أَوْ إنْ لَمْ أَسْكُتْ عَنْهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ طَلَّقَ فَوْرًا) وَاحِدَةً ثُمَّ سَكَتَ (انْحَلَّ يَمِينُ التَّرْكِ) فَلَا تَقَعُ أُخْرَى لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ طَلَاقَهَا (لَا) يَمِينُ (السُّكُوتِ) فَتَقَعُ أُخْرَى لِسُكُوتِهِ وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَحَرْفَ إذَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ وَلِهَذَا إذَا قَالَ الْقَائِلُ إنْ مِتَّ أَوْ إنْ جَاءَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ حُكِمَ بِكُفْرِهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ إذَا مِتَّ أَوْ جَاءَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ وَقَوْلُهُ حُكِمَ بِكُفْرِهِ لِتَرَدُّدِهِ قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحِلَّ كُفْرِهِ إذَا اسْتَحْضَرَ التَّرَدُّدَ بِالْفِعْلِ.
(قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ إذَا بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ) شَمِلَ الِانْفِسَاخَ بِسَبَبِ تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا بِلِعَانٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ.
(قَوْلُهُ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) وَلَيْسَ فِيهِ عَوْدُ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا بِالنِّسْبَةِ إلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَا إلَى الْمُجَدَّدِ.
(قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ هُنَا إلَخْ) عِبَارَتُهُ وَلَوْ أَبَانَهَا وَدَامَتْ الْبَيْنُونَةُ إلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَتَّفِقْ الضَّرْبُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ وَالطَّلَاقَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي اللَّيْلَةَ فِي دَارِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَا دَارَ لَهُ فَهَلْ تَطْلُقُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَطْلُقُ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ حُصُولِهَا فِي دَارِهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْتَقَهُ أَوْ جُنَّ السَّيِّدُ طَلُقَتْ لَكِنْ حَالًا أَوْ بِالْغُرُوبِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا.
(قَوْلُهُ فَيَقَعُ أُخْرَى لِسُكُوتِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَّقَهَا فِي الْحَالِ لَمْ يَسْكُتْ عَنْ طَلَاقِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ ثَانِيًا بِغَيْرِ إذْنٍ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالْخُرُوجِ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ هُنَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ السُّكُوتُ فِعْلٌ فَإِذَا طَلَّقَ ثُمَّ سَكَتَ فَكَأَنَّهُ أَنْشَأَ سُكُوتًا بِخِلَافِ التَّرْكِ فَإِنَّهُ عَدِمَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْخَادِمِ فَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَرَكْت طَلَاقَك فَأَنْتِ طَالِقٌ بِمَنْزِلِهِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا طَلَّقَهَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ دُونَ الْمُعَلَّقِ وَارْتَفَعَ حُكْمُ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ التَّعْلِيقِ وَقَدْ زَالَ الشَّرْطُ بِوُقُوعِ الْمُنَجَّزِ فَلَمْ يَبْقَ لِلتَّعْلِيقِ حُكْمٌ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ أَدْخُلَ ثُمَّ دَخَلَ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ حُكْمَ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِالدُّخُولِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ سَكَتُّ عَنْ طَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا عَقِبَ ذَلِكَ يَقَعُ الْمُنَجَّزُ وَلَا يَبْطُلُ حُكْمُ التَّعْلِيقِ لِبَقَاءِ شَرْطِهِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ عَلَى السُّكُوتِ وَالْمُتَلَفِّظُ بِالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ لَا يُسَمَّى سَاكِتًا حَالَ تَلَفُّظِهِ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ سُكُوتٌ عَنْ الطَّلَاقِ فَيَبْقَى التَّعْلِيقُ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ سَكَتَ عَقِبَ الْمُنَجَّزِ لَحْظَةً وَقَعَ الْمُعَلَّقُ وَالْمُعَلَّقُ بِالسُّكُوتِ وَلَا يُسَمَّى سَاكِتًا حَالَ تَلَفُّظِهِ بِالطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ
(3/310)
الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ فِي الْأُولَى عَلَّقَ عَلَى التَّرْكِ وَلَمْ يُوجَدْ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى السُّكُوتِ وَقَدْ وُجِدَ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ سَكَتَ عَنْ طَلَاقِهَا وَإِنْ لَمْ يَسْكُتْ أَوَّلًا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ تَرَكَ طَلَاقَهَا إذَا لَمْ يَتْرُكْهُ أَوَّلًا (فَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ (بِصِيغَةِ كُلَّمَا فَمَضَى قَدْرُ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ) أَيْ قَدْرُ مَا يَسْعَهُنَّ مُتَفَرِّقَاتٍ بِلَا تَطْلِيقٍ (طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ لَمْ تَبِنْ بِالْأُولَى) وَإِلَّا فَتَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ (وَحِينَ أَوْ حَيْثُ) أَوْ مَهْمَا أَوْ كُلَّمَا (لَمْ أُطَلِّقْك كَقَوْلِهِ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك) فِيمَا مَرَّ (وَإِنْ أَرَادَ بِإِنْ مَعْنَى إذَا قُبِلَ) مِنْهُ (لِأَنَّهُ أَغْلَظُ) عَلَيْهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَرَادَ بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ إنْ (وَقْتًا) مُعَيَّنًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا (دُيِّنَ) لِاحْتِمَالِ مَا أَرَادَهُ وَهَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي إنْ فَحَوَّلَهُ الْمُصَنِّفُ إلَى غَيْرِهَا كَقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ مُحَرَّفٌ أَوْ غَلَطٌ لِأَنَّ إنْ لَا تَقْتَضِي الْوُقُوعَ إلَّا آخِرِ الْعُمُرِ فَمَا عَيَّنَهُ يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّدْيِينُ إذَا ادَّعَى أَمْرًا أَخَفَّ مِمَّا يَلْزَمُهُ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ س ظَاهِرٌ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَرَادَ بِإِذَا مَعْنَى إنْ لِأَنَّهُ ثَمَّ أَرَادَ بِلَفْظٍ مَعْنَى لَفْظٍ آخَرَ بَيْنَهُمَا اجْتِمَاعٌ فِي الشَّرْطِيَّةِ بِخِلَافِهِ هُنَا.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بِالْفَتْحِ) فِيهِمَا (وَهُوَ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) دَخَلَتْ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى التَّعْلِيلِ لَا التَّعْلِيقِ أَيْ لِعَدَمِ الدُّخُولِ أَوْ الدُّخُولِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} [القلم: 14] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلتَّعْلِيلِ فِي غَيْرِ التَّأْقِيتِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَلَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ جَاءَتْ السُّنَّةُ أَوْ الْبِدْعَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ لَأَنْ جَاءَتْ وَاللَّامُ فِي مِثْلِهِ لِلتَّأْقِيتِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ وَإِنْ سَكَتُوا عَنْهُ وَمَا قَالَهُ فِي لَأَنْ جَاءَتْ مَمْنُوعٌ وَلَوْ سُلِّمَ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا ذَلِكَ فِي إنْ جَاءَتْ فَإِنَّ الْمُقَدَّرَ لَيْسَ فِي قُوَّةِ الْمَلْفُوظِ مُطْلَقًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْرِفْ الْعَرَبِيَّةَ (فَهُوَ تَعْلِيقٌ) فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تُوجَدَ الصِّفَةُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَصْدُهُ لَهُ وَهُوَ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَدَوَاتِ (فَإِنْ قَالَ) الْعَارِفُ بِالْعَرَبِيَّةِ (أَنْت طَالِقٌ أَنْ طَلَّقْتُك بِالْفَتْحِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِإِقْرَارِهِ) وَالْأُخْرَى بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنِّي طَلَّقْتُك قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إذْ دَخَلْت الدَّارَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ لِأَنَّ إذْ لِلتَّعْلِيلِ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ إذْ وَإِذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ يُمَيِّزُ بَيْنَ أَنْ وَإِنْ انْتَهَى وَمَا بَحَثَهُ نَقَلَهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَعْتَمِدْهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ إذْ شَاءَ اللَّهُ وَإِذْ دَخَلْت وَاكْتَفَى بِذِكْرِهَا فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ وَتَقَدَّمَ ثَمَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَالِقًا فَلَا شَيْءَ) يَقَعُ (حَتَّى يُطَلِّقَهَا فَتَطْلُقُ) حِينَئِذٍ (طَلْقَتَيْنِ) وَالتَّقْدِيرُ إذَا صِرْت مُطَلَّقَةً فَأَنْتَ طَالِقٌ هَذَا (إنْ لَمْ تَبِنْ) بِالطَّلْقَةِ الْمُنَجَّزَةِ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ غَيْرُهَا نَعَمْ إنْ أَرَادَ إيقَاعَ طَلْقَةٍ مَعَ الْمُنَجَّزَةِ وَقَعَ ثِنْتَانِ وَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَعَ تَطْلِيقِي إيَّاكِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَالِقًا فَإِنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَدَخَلَتْ وَقَعَتْ الْمُعَلَّقَةُ وَإِنْ دَخَلَتْ غَيْرَ طَالِقٍ لَمْ تَقَعْ الْمُعَلَّقَةُ بِهِ الْأَصْلُ (وَقَوْلُهُ إنْ قَدِمْت طَالِقًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ تَعْلِيقُ طَلْقَتَيْنِ بِقُدُومِهَا مُطَلَّقَةً) فَإِنْ قَدِمَتْ طَالِقًا وَقَعَ طَلْقَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ وَكَالْقُدُومِ غَيْرُهُ كَالدُّخُولِ وَبِهِ عَبَّرَ الْأَصْلُ.
(وَإِنْ قَالَ أَنْت إنْ كَلَّمْتُك طَالِقًا وَقَالَ) بَعْدَهُ (نَصَبْت) طَالِقًا (عَلَى الْحَالِ وَلَمْ أُتِمَّ) كَلَامِي (قُبِلَ) مِنْهُ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا يُرَادُ عِنْدَ الرَّفْعِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا كَلَّمَهَا وَغَايَتُهُ أَنَّهُ لَحْنٌ وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِي مَسْأَلَةِ عَدَمِ الْإِرَادَةِ مُتَدَافِعٌ وَوَجْهُ عَدَمِ الْوُقُوعِ فِيهَا عَدَمُ انْتِظَامِ الْكَلَامِ.
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ) فَلَوْ (قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا وَحَمْلُهَا تَمَكَّنَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ) فِي الْحَالِ (إنْ كَانَ حَمْلُهَا ظَاهِرًا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ (أَوْ) لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا لَكِنْ (وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ التَّعْلِيقِ (وَكَذَا لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِنْهُ وَلَمْ تُوطَأْ وَالْمُرَادُ فِي هَاتَيْنِ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّهَا طَلُقَتْ مِنْ التَّعْلِيقِ لِتَبَيُّنِ الْحَمْلِ مِنْ حِينَئِذٍ وَلِهَذَا حَكَمْنَا بِثُبُوتِ النَّسَبِ (لَا إنْ وُطِئَتْ) فِي مُدَّةِ السِّنِينَ الْأَرْبَعِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَطْءً يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْوَطْءِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَلَا تَطْلُقُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَلَا إنْ وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ مِنْ التَّعْلِيقِ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا حِينَ التَّعْلِيقِ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ لِلْأَرْبَعِ حُكْمَ مَا فَوْقَهَا خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَعَلَيْهِ جَرَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ]
فَصْلٌ قَالَ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ) .
(قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا ذَلِكَ فِي إنْ جَاءَتْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ أَنْ وَإِنْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ]
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ حَمْلُهَا ظَاهِرًا) بِأَنْ ادَّعَتْهُ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ أَوْ شَهِدَ بِهِ رَجُلَانِ.
(قَوْلُهُ لِتَبَيُّنِ الْحَمْلِ مِنْ حِينَئِذٍ إلَخْ) إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ كَامِلًا فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ كَذَا قَالَاهُ وَعَلَى هَذِهِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْوَلَدُ الْكَامِلُ فَلَوْ وَلَدَتْ لِدُونِهَا مُضْغَةً لَمْ يَقَعْ لِلْعِلْمِ بِحُدُوثِهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ الْمُضْغَةَ لَا تَمْكُثُ فِي الْبَطْنِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَالْمَوْضُوعُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا حَتَّى يَكْمُلَ وَإِلَّا فَهُوَ سِقْطٌ. (قَوْلُهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الرَّاجِحُ مَا قَالَاهُ وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ حُكْمُ مَا دُونَهَا وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْكَافِي
(3/311)
ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْوَسِيطِ وَوَجْهُهُ أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ فَإِذَا أَتَتْ لِأَرْبَعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ تَبَيَّنَّا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ حَامِلًا وَإِلَّا زَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ وَنَازَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا إذَا وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَعَ قِيَامِ الْوَطْءِ وَقَالَ إنَّ كَمَالَ الْوَلَدِ وَنَفْخَ الرُّوحِ فِيهِ يَكُونُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا شَهِدَ بِهِ الْخَبَرُ فَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا احْتَمَلَ الْعُلُوقَ بِهِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ قَالَ وَالسِّتَّةُ أَشْهُرٍ مُعْتَبَرَةٌ لِحَيَاةِ الْوَلَدِ غَالِبًا وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ يَكُونُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ تَحْدِيدًا فَإِنَّ لَفَظَّةَ ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ الْمَلَكَ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ فَإِتْيَانُهُ بِثُمَّ دَلَّ عَلَى تَرَاخِي أَمْرِ اللَّهِ بِذَلِكَ وَلَا تُعْرَفُ مُدَّةُ التَّرَاخِي فَلَمَّا اسْتَنْبَطَ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْقُرْآنِ أَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ عَلِمْنَا أَنَّهَا مُدَّةُ التَّرَاخِي وَأَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ عِنْدَهَا وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ فِي قَوْلِهِمْ أَوْ وَلَدَتْهُ الْوَلَدُ التَّامِّ (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ يُسَنُّ) لِلزَّوْجِ (اجْتِنَابُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا) احْتِيَاطًا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ (فَلَوْ وَطِئَهَا) قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا أَوْ بَعْدَهُ (وَبَانَتْ حَامِلًا كَانَ) الْوَطْءُ (شُبْهَةً) يَجِبُ بِهِ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ (وَالِاسْتِبْرَاءُ) هُنَا (كَمَا فِي) اسْتِبْرَاءِ (الْأَمَةِ) فَيَكُونُ بِحَيْضَةٍ أَوْ بِشَهْرٍ بَدَلَهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قِيَامُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَهِيَ تَحْصُلُ بِذَلِكَ وَالِاسْتِبْرَاءُ (قَبْلَ التَّعْلِيقِ كَافٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ حَالِهَا فِي الْحَمْلِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ وَاسْتِبْرَاءِ الْمَمْلُوكَةِ.
(فَإِنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا) أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ (وَهِيَ مِمَّنْ يَحْمِلُ حَرُمَ وَطْؤُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ فِي النِّسَاءِ الْحِيَالُ (وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءُ أَيْ الْفَرَاغُ مِنْهُ (مُوجِبٌ) وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ يَوْمٍ إلَى آخِرِهِ فَالِاسْتِبْرَاءُ هُنَا وَاجِبٌ وَمُوجِبٌ (لِلْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ) لِظَاهِرِ الْحَالِ (فَتُحْسَبُ الْحَيْضَةُ) أَوْ الشَّهْرُ (مِنْ الْعِدَّةِ) الَّتِي وَجَبَتْ بِالطَّلَاقِ فَتُتِمُّهَا (لَا إنْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ) فَلَا يُحْسَبُ ذَلِكَ مِنْ الْعِدَّةِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى مُوجِبِهَا (فَإِنْ وَلَدَتْ) وَلَوْ (بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَالْحُكْمُ فِي تَبَيُّنِ الطَّلَاقِ وَعَدَمِهِ بِعَكْسِ مَا سَبَقَ) فَلَا تَطْلُقُ إنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَلَمْ تُوطَأْ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ لَا إنْ وُطِئَتْ وَطْئًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حِيَالُهَا حِينَئِذٍ وَحُدُوثُ الْوَلَدِ مِنْ هَذَا الْوَطْءِ وَلَا إنْ وَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ مِنْ التَّعْلِيقِ لِتَحَقُّقِ الْحِيَالِ عِنْدَهُ (فَإِنْ وَطِئَهَا) قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ (وَبَانَتْ مُطَلَّقَةً) مِنْهُ (لَزِمَهُ الْمَهْرُ) لَا الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ تَحْمِلُ كَأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ أَحَبَلَتُك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَالتَّعْلِيقُ بِمَا يَحْدُثُ) مِنْ الْحَمْلِ فَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ تَطْلُقْ بَلْ يَتَوَقَّفُ طَلَاقُهَا عَلَى حَمْلٍ فَإِنْ وَضَعَتْ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْوَطْءِ (وَكُلَّمَا وَطِئَهَا وَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ تَحْبَلِي فَأَنْت طَالِقٌ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَيْأَسَ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا ذَكَرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَإِذَا وَطِئَهَا مَرَّةً مُنِعَ حَتَّى تَحِيضَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَامِلٍ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ بِدِينَارٍ فَقَبِلَتْ طَلُقَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَوَجْهُ فَسَادِهِ بِأَنَّ الْحَمْلَ مَجْهُولٌ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا جَعَلَهُ عِوَضًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَصْلُ الْقَبُولَ بَلْ شَرَطَ إعْطَاءَ الدِّينَارِ فَأَبْدَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِاشْتِرَاطِ الْقَبُولِ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ.
[فَصْل قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ بِأُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ أَحَدَهُمَا]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ أَوْ) إنْ كَانَ (فِي بَطْنِك ذَكَرٌ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ كُنْت حَامِلًا بِأُنْثَى أَوْ) إنْ كَانَ (فِي بَطْنِك أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ أَحَدَهُمَا وَقَعَ بِهِ مَا أَوْقَعَ) بِالتَّعْلِيقِ فَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ طَلْقَةً أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ (وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَكَانَ بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (فَثَلَاثٌ) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ (وَيَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ) فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ (مِنْ اللَّفْظِ أَوْ) وَلَدَتْ (خُنْثَى فَطَلْقَةٌ) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ (إلَّا إنْ بَانَ أُنْثَى) فَطَلْقَتَانِ وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى وَخُنْثَى فَطَلْقَتَانِ وَتُوقَفُ الثَّالِثَةُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُ الْخُنْثَى (وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالْوِلَادَةِ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ حِينِ اللَّفْظِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ عَبَّرَ بِأَنْ كَانَ حَمْلُك أَوْ مَا فِي بَطْنِك) ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ (فَوَلَدَتْهُمَا لَمْ يَقَعْ بِهِمَا شَيْءٌ) لِأَنَّ قَضِيَّةَ اللَّفْظِ كَوْنُ جَمِيعِ الْحَمْلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَمْ يُوجَدْ (فَلَوْ وَلَدَتْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ ذَكَرَيْنِ فَكَوَاحِدٍ) أَيْ فَكَأُنْثَى أَوْ ذَكَرٍ فَيَقَعُ بِالذَّكَرَيْنِ طَلْقَةٌ وَبِالْأُنْثَيَيْنِ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إنْ كَانَ حَمْلُك أَوْ مَا فِي بَطْنِك مِنْ هَذَا الْجِنْسِ (أَوْ) وَلَدَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ قَالَ وَالسِّتَّةُ أَشْهُرٍ مُعْتَبَرَةٌ لِحَيَاةِ الْوَلَدِ غَالِبًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ.
(قَوْلُهُ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ) أَيْ أَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ
(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ) يُجَابُ بِأَنَّ الْوَطْءَ هُنَا بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ فِي حُصُولِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ. (قَوْلُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَيْأَسَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْع قَالَ لِحَامِلٍ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ بِدِينَارٍ فَقَبِلَتْ]
(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَكَانَ الْحَمْلُ حِينَ الْحَلِفِ عَلَقَةً أَوْ مَنِيًّا أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ مَعَ كَوْنِ الْحَمْلِ إذْ ذَاكَ لَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَإِنْ قِيلَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] فَالْيَمِينُ لَا تَنْزِلُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ قَالَ فِي الْقُوتِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِرَاقِيِّ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مِنْ حِينِ وُقُوعِ النُّطْفَةِ فِي الرَّحِمِ وَبِالتَّخْطِيطِ ظَهَرَ ذَلِكَ
(3/312)
(خُنْثَى وَذَكَرًا وَقَفَ) الْحُكْمُ (فَإِنْ بَانَ) الْخُنْثَى (ذَكَرًا فَوَاحِدَةً) أَوْ أُنْثَى لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ (وَعَكْسُهُ لَا يَخْفَى) حُكْمُهُ بِأَنْ وَلَدَتْ خُنْثَى وَأُنْثَى فَيُوقَفُ الْحُكْمُ فَإِنْ بَانَ الْخُنْثَى أُنْثَى فَطَلْقَتَانِ أَوْ ذَكَرًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ (وَإِنْ قَالَ إنْ وَلَدَتْ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِانْفِصَالِ مَا تَمَّ تَصْوِيرُهُ وَلَوْ مَيِّتًا) وَسَقْطًا بِخِلَافِ مَا لَمْ يَتِمَّ (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ تَمَامِ خُرُوجِهِ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الْوِلَادَةَ لَمْ تُوجَدْ حَالَ الزَّوْجِيَّةِ بَلْ عِنْدَ انْتِهَاءِ النِّكَاحِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَعَ مَوْتِي (فَإِنْ عَقَّبَتْهُ) أَيْ الْوَلَدَ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ (بِآخَرَ يَلْحَقُ الزَّوْجَ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ (انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ) أَمَّا لَوْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا فَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِذَلِكَ.
(أَوْ) قَالَ (كُلَّمَا وَلَدَتْ وَلَدًا) فَأَنْت طَالِقٌ (فَوَلَدَتْ فِي بَطْنٍ) وَاحِدٍ (ثَلَاثَةً مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِاقْتِضَاءِ كُلَّمَا التَّكْرَارَ كَمَا مَرَّ وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَامِلًا وَقْتَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (وَمَتَى تَرَتَّبُوا) أَيْ الْأَوْلَادُ فِي الْوِلَادَةِ (وَهُمْ أَرْبَعَةٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) بِوِلَادَةِ ثَلَاثَةٍ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالرَّابِعِ (أَوْ) وَهُمْ (ثَلَاثَةٌ فَطَلْقَتَيْنِ) بِوِلَادَةِ الْأَوَّلَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّالِثِ وَلَا تَطْلُقُ ثَالِثَةً إذْ بِهِ يَتِمُّ انْفِصَالُ الْحَمْلِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ فَلَا يُقَارِنُهُ طَلَاقٌ (أَوْ) وَهُمْ (اثْنَانِ فَطَلْقَةً لِانْقِطَاعِ الْعِدَّةِ بِالْأَخِيرِ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا تَقَرَّرَ (فَقَوْلُهُ لِلرَّجْعِيَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك لَاغٍ) لِمَا مَرَّ أَنَّ انْقِضَاءَهَا لَا يُقَارِنُهُ طَلَاقٌ وَلَوْ وَلَدَتْ اثْنَيْنِ مَعًا وَاثْنَيْنِ مَعًا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَخِيرَيْنِ وَإِنْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةً مَعًا ثُمَّ وَاحِدًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَتَطْلُقُ فِي عَكْسِهِ طَلْقَةً قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَإِنْ قَالَ إنْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَطَلْقَةً وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّ مَا وَلَدَتْهُ وَلَدٌ وَذَكَرٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ فَقِيهًا فَطَلْقَتَيْنِ فَكَلَّمَتْ رَجُلًا فَقِيهًا يَقَعُ ثَلَاثٌ وَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى طَلُقَتْ وَاحِدَةً لِلشَّكِّ فِي ذُكُورِيَّتِهِ وَيُوقَفُ مَا عَدَاهَا إلَى الْبَيَانِ (أَوْ إنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلْقَةً وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ وَهِيَ زَوْجَةٌ (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ الْأَشْهُرِ وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَتَعْتَدُّ بِمَا هُوَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى فَثِنْتَيْنِ وَتَعْتَدُّ بِذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا) إنْ وَلَدَتْهُمَا (مُتَعَاقِبَيْنِ) يَقَعُ ثَلَاثٌ (إنْ كَانَ بَعْدَهُمَا) وَلَدٌ (ثَالِثٌ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ) بِأَنْ يَلْحَقَ الزَّوْجَ سَوَاءٌ أَوَلَدَتْ الذَّكَرَ قَبْلَ الْأُنْثَى أَمْ بِالْعَكْسِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُمَا ثَالِثٌ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ (انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي وَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ) لِمُصَادَفَتِهِ الْبَيْنُونَةَ وَإِنَّمَا تَطْلُقُ فَتَطْلُقُ بِهِ طَلْقَةً إنْ كَانَ ذَكَرًا وَطَلْقَتَيْنِ إنْ كَانَ أُنْثَى (فَإِنْ شَكَّ فِي التَّعَاقُبِ فَالْوَاقِعُ) عَلَيْهَا (طَلْقَةٌ) وَاحِدَةٌ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ (وَالْوَرَعُ تَرْكُهَا حَتَّى تَنْكِحَ) زَوْجًا (غَيْرَهُ) لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلْقَةً) يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهَا (وَتَنْقَضِي بِهِ) أَيْ بِوِلَادَتِهِ (عِدَّتُهَا لِأَنَّهَا تَطْلُقُ بِاللَّفْظِ أَوْ) وَلَدَتْ (أُنْثَى فَطَلْقَتَانِ ثُمَّ تَعْتَدُّ) بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ (لِأَنَّهَا تَطْلُقُ بِالْوِلَادَةِ أَوْ) وَلَدَتْ (أُنْثَى ثُمَّ ذَكَرًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) ثِنْتَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأُنْثَى وَبِوِلَادَةِ الذَّكَرِ تَبَيَّنَ وُقُوعُ طَلْقَةٍ قَبْلَ كَوْنِهَا كَانَتْ حَامِلًا بِذَكَرٍ (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) عَنْ الثَّلَاثِ (بِهِ) أَيْ بِوِلَادَةِ الذَّكَرِ (أَوْ عَكْسِهِ) بِأَنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا ثُمَّ أُنْثَى (أَوْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا طَلُقَتْ بِالذَّكَرِ) طَلْقَةً أَيْ تَبَيَّنَ وُقُوعُهَا (وَلَا شَيْءَ بِالْأُنْثَى لِمُقَارَنَةِ الْعِدَّةِ) الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِوِلَادَتِهَا إذْ بِهَا تَنْقَضِي.
(وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ) حَوَامِلَ مِنْهُ (كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُنَّ) أَوْ أَيَّتُكُنَّ وَلَدَتْ (فَصَوَاحِبُهَا أَوْ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ فَوَلَدْنَ مَعًا طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ ثَلَاثَ صَوَاحِبَ فَيَقَعُ عَلَيْهِنَّ بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ عَلَّقَ بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلَاقَ الْوَالِدَةِ وَغَيْرِهَا (وَعِدَّتُهُنَّ بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ الْأَشْهُرِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِالْوِلَادَةِ وَالْعِدَّةُ عَقِبَ الطَّلَاقِ (أَوْ) وَلَدْنَ (مُرَتَّبًا فِي الْعِدَّةِ طَلُقَتْ الْأُولَى وَالرَّابِعَةُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) أَمَّا الرَّابِعَةُ فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةٌ وَأَمَّا الْأُولَى فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَبِوِلَادَةِ نَفْسِهَا وَكُلٍّ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ طَلْقَةٌ فِي الثَّانِيَةِ إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا عِنْدَ وِلَادَةِ الثَّالِثَةِ وَعِنْدَ وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ فِي الْأُولَى وَالطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يَنْفِي الصُّحْبَةَ وَالزَّوْجِيَّةَ فَإِنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ نِسَائِهِ دَخَلَتْ الرَّجْعِيَّةُ فِيهِ.
(وَعِدَّةُ الْأُولَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَوْ كُلَّمَا وَلَدَتْ وَلَدًا) قَالَ شَيْخُنَا عَبَّرَ هُنَا بِوَلَدٍ صَارَ شَامِلًا لِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ فَلَا يُعَارِضُهُ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ بِوِلَادَةِ ثَلَاثَةٍ مَعًا حَيْثُ لَا نِيَّةَ لِعُرُوِّ ذَاكَ عَنْ لَفْظِ وَلَدٍ وَإِنَّمَا هُوَ إنْ وَلَدْت فَصَارَ اسْمًا لِمَا تَضَعُهُ مِنْ بَطْنِهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ مَعًا وَلَوْ مُتَعَدِّدًا. (قَوْلُهُ أَوْ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ فَطَلْقَتَيْنِ إلَخْ) فَإِنْ انْفَصِلُوا مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَاعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ وَلَوْ وَضَعَتْ اثْنَيْنِ مَعًا وَاثْنَيْنِ مَعًا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْآخَرَيْنِ وَفِي ثَلَاثٍ ثُمَّ وَاحِدٍ تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَعَكْسُهُ طَلْقَةً ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي. (قَوْلُهُ وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً إلَخْ) لَوْ وَلَدَتْ مَيِّتًا وَدُفِنَ وَلَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ نُبِشَ لِيُعْرَفَ
[فَرْعٌ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً]
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُنَّ إلَخْ) قِيلَ وَتَعْلِيلُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِكُلَّمَا مِثَالٌ فَإِنْ وَغَيْرُهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ كَذَلِكَ وَهُوَ مَرْدُودٌ يَمْنَعُهُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ كُلَّمَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ لَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا فَلَا يَقَعُ فِي التَّعْلِيقِ بِهِ طَلَاقٌ بَعْدَ وُقُوعِ الْأَوَّلِ س إلْحَاقُهُ أَيَّتَكُنَّ بِكُلَّمَا مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ لِلْعُمُومِ لَا تُفِيدُ التَّكْرَارَ وَقَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ فِي التَّعْلِيقِ بِهِ طَلَاقٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ) الْمُرَادُ بِهَا وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا فِي الثَّانِيَةِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ فَأَنْتُنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ نِسَاؤُهُ دَخَلَتْ الرَّجْعِيَّةُ فِيهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ لَاحَظْنَا قَوْلَهُ فِي الْجَوَابِ بِكَوْنِهَا رَجْعِيَّةً لَمَا طَلُقَتْ الْأُولَى بِوِلَادَةِ الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهَا طَلُقَتْ بِوِلَادَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَهِيَ قَبْلَ وِلَادَتِهَا بَائِنٌ بِثَلَاثٍ وَبِهَذَا يُعْرَفُ أَنَّ الْمُرَادَ
(3/313)
بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ الْأَشْهُرِ وَالرَّابِعَةُ بِوِلَادَتِهَا (وَ) طَلُقَتْ (الثَّانِيَةُ طَلْقَةً) بِوِلَادَةِ الْأُولَى (وَالثَّالِثَةُ طَلْقَتَيْنِ) بِوِلَادَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَإِنَّمَا لَمْ تَطْلُقَا أَكْثَرَ مَنْ بَعْدَهُمَا (لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهِمَا بِالْوِلَادَةِ) أَيْ بِوِلَادَتِهِمَا إنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ ثَانِي تَوْأَمَيْهِمَا إلَى وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ وَإِلَّا طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا (وَلَوْ وَلَدْت ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَيَانِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً فِي الْأُولَى وَبِوِلَادَةِ نَفْسِهَا وَكُلٍّ مِنْ رَفِيقَتِهَا وَإِحْدَى الْأَخِيرَتَيْنِ طَلْقَةً فِي الثَّانِيَةِ (وَعِدَّتُهُمَا بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ الْأَشْهُرِ (وَ) طَلُقَتْ (الْأُخْرَيَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا بِالْوِلَادَةِ) أَيْ بِوِلَادَتِهِمَا فَلَا يَقَعُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِوِلَادَةِ الْأُخْرَى شَيْءٌ (أَوْ وَلَدَتْ ثَلَاثٌ مَعًا ثُمَّ الرَّابِعَةُ طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) أَمَّا الرَّابِعَةُ فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً وَأَمَّا الثَّلَاثُ فَبِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً فِي الْأُولَى وَبِوِلَادَةِ نَفْسِهَا وَكُلٍّ مِنْ رَفِيقَتَيْهَا طَلْقَةً فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ الثَّلَاثُ مَعًا (طَلَّقَ غَيْرَ الْأُولَى طَلْقَةً طَلْقَةً) بِوِلَادَةِ الْأُولَى ثُمَّ تَنْقَضِي عِدَّتُهُنَّ بِوِلَادَتِهِنَّ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِنَّ شَيْءٌ آخَرُ (وَ) طَلُقَتْ (الْأُولَى ثَلَاثًا) بِوِلَادَةِ الْبَاقِيَاتِ إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ تَرَتَّبَ ثِنْتَانِ) فِي الْوِلَادَةِ (ثُمَّ) وَلَدَتْ (ثِنْتَانِ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَى ثَلَاثًا) بِوِلَادَةِ الْبَاقِيَاتِ إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا فِي الثَّانِيَةِ (وَالثَّانِيَةُ طَلْقَةً) بِوِلَادَةِ الْأُولَى (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا وَالْأُخْرَيَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ الْأُولَيَيْنِ طَلْقَةً (وَتَنْقَضِي عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا) فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ آخَرُ (أَوْ) وَلَدَتْ (ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ تَرَتَّبَ ثِنْتَانِ) عَكْسُ مَا قَبْلَهُمَا (طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِمَا مَرَّ (إلَّا الثَّالِثَةَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا) فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ آخَرُ فَهَذِهِ سَبْعُ صُوَرٍ وَبَقِيَتْ ثَامِنَةٌ وَهِيَ مَا لَوْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثِنْتَانِ ثُمَّ وَاحِدَةٌ طَلُقَتْ الْأُولَى وَالرَّابِعَةُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا مِثْلُ مَا مَرَّ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَطَلُقَتْ الْأُخْرَيَانِ طَلْقَةً طَلْقَةً وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ الْإِجْحَافِ بِوَاسِطَةِ جَمْعِهِ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الصَّوَاحِبِ وَمَسْأَلَةِ فَأَنْتُنَّ.
(فَرْعٌ وَالتَّصْوِيرُ بِمَا ذَكَرَ) بِقَوْلِهِ لِلْأَرْبَعِ كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا أَوْ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ (فَإِذَا طَلَّقَ كُلَّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (طَلْقَةً مُنَجَّزَةً ثُمَّ وَلَدْنَ عَلَى التَّعَاقُبِ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْأُولَى) عَنْ الطَّلْقَةِ (بِوِلَادَتِهَا وَازْدَادَتْ الثَّانِيَةُ) بِوِلَادَةِ الْأُولَى (ثَانِيَةً) وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا عَنْ الطَّلْقَتَيْنِ بِوِلَادَتِهَا (وَاسْتَكْمَلَ الْأُخْرَيَانِ الثَّلَاثَ) وَاحِدَةً بِالتَّنْجِيزِ وَثِنْتَانِ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لِلْأَرْبَعِ (كُلَّمَا وَلَدَتْ ثِنْتَانِ) مِنْكُنَّ (فَالْأُخْرَيَانِ طَالِقَانِ فَوَلَدْنَ مُرَتَّبًا طَلُقَتْ الْأُخْرَيَانِ) فَقَطْ (بِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ) طَلْقَةً طَلْقَةً (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا وَ) طَلُقَتْ (الْأُولَيَانِ بِوِلَادَةِ الرَّابِعَةِ) طَلْقَةً طَلْقَةً (وَ) انْقَضَتْ (عِدَّتُهُمَا بِالْأَقْرَاءِ) أَوْ الْأَشْهُرِ.
[فَرْعٌ قَالَ لِحَامِلَيْنِ أَوْ حَائِلَيْنِ كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَامِلَيْنِ) أَوْ حَائِلَيْنِ (كُلَّمَا وَلَدَتْ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا طَلُقَتَا) بِوِلَادَتِهِمَا طَلْقَةً طَلْقَةً (وَبِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ تَطْلُقُ الْأُولَى فَقَطْ) طَلْقَةً ثَانِيَةً إنْ بَقِيَتْ فِي الْعِدَّةِ وَتَنْقَضِي عِدَّةُ الثَّانِيَةِ بِوِلَادَتِهَا (وَإِنْ وَلَدَتْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ الْأُخْرَى ثُمَّ الْأُولَى ثُمَّ الْأُخْرَى مِنْ بَطْنٍ وَاحِدٍ طَلُقَتَا) بِالْوِلَادَتَيْنِ (الْأُولَيَيْنِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّةُ الْأُولَى) عَنْ الطَّلْقَتَيْنِ (بِوَلَدِهَا الثَّانِي) أَيْ بِوِلَادَتِهِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ آخَرُ (وَازْدَادَتْ بِهِ الْأُخْرَى) طَلْقَةً (ثَالِثَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَيْضًا) عَنْ الثَّلَاثِ (بِوِلَادِهَا الثَّانِي) أَيْ بِوِلَادَتِهِ (فَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (بِصِيغَةِ كُلَّمَا وَلَدْتُمَا) فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ (فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَوْلَادِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ (وَلَوْ مُتَعَاقِبِينَ ثُمَّ) وَلَدَتْ (الْأُخْرَى كَذَلِكَ) أَيْ ثَلَاثَةً وَلَوْ مُتَعَاقِبِينَ (طَلُقَتْ الْأُولَى ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ) الثَّلَاثَةَ (وَ) طَلُقَتْ (الثَّانِيَةُ كَذَلِكَ) أَيْ ثَلَاثًا لِوِلَادَتِهَا الثَّلَاثَةَ (إلَّا إنْ انْفَرَدَ الْأَخِيرُ) بِالْوِلَادَةِ (فَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَتَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ) فَقَطْ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ وَإِلَّا إنْ وَلَدَتْ الْأَخِيرَيْنِ مَعًا فَتَنْقَضِي بِهِمَا الْعِدَّةُ وَتَطْلُقُ طَلْقَةً فَقَطْ فَوُقُوعُ الثَّلَاثِ عَلَى الثَّانِيَةِ مَحِلُّهُ إذَا وَلَدَتْ الثَّلَاثَةَ مَعًا وَالتَّصْرِيحُ بِمَجْمُوعِ الْقَيْدِ وَالْمُقَيَّدِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ وَلَدَتْ الْأُولَى وَاحِدًا وَالثَّانِيَةُ ثَلَاثَةً مُتَعَاقِبِينَ ثُمَّ الْأُولَى اثْنَيْنِ كَذَلِكَ) أَيْ مُتَعَاقِبَيْنِ (طَلُقَتَا بِالْأَوَّلِ مِنْ الثَّانِيَةِ طَلْقَةً طَلْقَةً ثُمَّ الْإِطْلَاقُ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (حَتَّى تَلِدَ الْأُولَى) وَلَدًا (فَتَزْدَادَ بِالثَّانِي) أَيْ بِوِلَادَتِهِ مُنْضَمًّا إلَى وِلَادَةِ الثَّانِيَةِ الثَّانِي (طَلْقَةً) ثَانِيَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
بِصَوَاحِبِهَا الصَّوَاحِبُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ لِإِحَالَةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَلْ الْغَرَضُ مِنْ الْوَصْفِ التَّعْرِيفُ فَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ وَلَدَتْ طَلُقَتْ غَيْرُهَا بِوِلَادَتِهَا غ.
(قَوْلُهُ فَهَذِهِ سَبْعُ صُوَرٍ) وَبَقِيَتْ ثَامِنَةٌ عَبَّرَ الْفَتَى عَنْ الثَّمَانِ صُوَرٍ بِقَوْلِهِ طَلُقَتْ كُلٌّ بِعَدَدِ مَنْ سَبَقَهَا وَمَنْ لَمْ تُسْبَقْ ثَلَاثًا قَالَ ابْنُ الْوَرْدِيُّ ضَابِطُهُ أَنَّ الثَّلَاثَ الْقَاعِدَةُ إلَّا لِوَاضِعٍ عَقِيبَ وَاحِدَةٍ فَقَطْ فَطَلْقَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَقَطْ فَذِي تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ
[فَرْعٌ قَالَ لِلْأَرْبَعِ كُلَّمَا وَلَدَتْ ثِنْتَانِ مِنْكُنَّ فَالْأُخْرَيَانِ طَالِقَانِ]
(قَوْلُهُ حَتَّى تَلِدَ الْأُولَى فَتَزْدَادَ بِالثَّانِي إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَقَعْ عَلَى الثَّانِيَةِ بِوَلَدِهَا الثَّانِي ثَانِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عِنْدَ وِلَادَتِهِ وِلَادَةٌ لِلْأُولَى نَضُمُّهَا إلَيْهَا لِتَكُونَا وِلَادَتَيْنِ حَتَّى تَقَعَ عَلَيْهَا ثَانِيَةٌ
(3/314)
(وَتَنْقَضِي عِدَّةُ كُلٍّ) مِنْهُمَا (بِوَلَدِهَا الثَّالِثِ فَإِنْ وَلَدَتْ الْأُولَى) وَلَدًا (ثُمَّ الْأُخْرَى) وَلَدًا (ثُمَّ الْأُولَى) وَلَدًا (ثُمَّ الْأُخْرَى) وَلَدًا (وَهَكَذَا) إلَى وِلَادَةِ (ثَلَاثَةٍ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ بَطْنٍ (فَطَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) تَطْلُقَانِ إحْدَاهُمَا بِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ الْأَوَّلَ وَالْأُخْرَى بِوِلَادَتِهَا الثَّانِي وَتَنْقَضِي عِدَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِوِلَادَتِهَا الثَّالِثَ.
(فَرْعٌ سَبَقَ أَنَّ خُرُوجَ كُلِّ الْوَلَدِ شَرْطٌ فِي التَّعْلِيقِ بِالْوِلَادَةِ) أَيْ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ فَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ وَمَاتَ الزَّوْجُ أَوْ الْمَرْأَةُ لَمْ تَطْلُقْ وَوَرِثَ الْبَاقِي مِنْهُمَا الْمَيِّتَ (فَلَوْ قَالَ إنْ وَلَدْت فَعَبْدِي حُرٌّ) أَوْ فَأَنْت طَالِقٌ (لَمْ يَعْتِقْ بِخُرُوجِ بَعْضِهِ) وَلَمْ تَطْلُقْ (فَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ الْعَبْدَ حِينَئِذٍ (بِشَرْطِ الْخِيَارِ) لَهُ أَوْ لَهُمَا (وَانْفَصَلَ الْوَلَدُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عَتَقَ) الْعَبْدُ (لِأَنَّ عِتْقَهُ يَنْفُذُ مِنْهُ فِي مُدَّتِهِ) وَإِنْ انْفَصَلَ بَعْدَهَا لَمْ يَعْتِقْ.
[فَصْلٌ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِحَمْلِهَا أَوْ وِلَادَتِهَا فَادَّعَتْهُ وَكَذَّبَهَا]
(فَصْلٌ) لَوْ (عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِحَمْلِهَا أَوْ وِلَادَتِهَا فَادَّعَتْهُ وَكَذَّبَهَا فَشَهِدَ أَرْبَعٌ) مِنْ النِّسْوَةِ بِذَلِكَ (لَمْ يَقْبَلْنَ) أَيْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُنَّ لَا يُقْبَلْنَ فِيهِ (وَإِنْ قُبِلْنَ فِي) ثُبُوتِ (النَّسَبِ) وَالْمِيرَاثِ بِشَهَادَتِهِنَّ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَوَابِعِ الْوِلَادَةِ وَضَرُورَاتِهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَهَذِهِ إنَّمَا ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي صُورَةِ الْوِلَادَةِ دُونَ صُورَةِ الْحَمْلِ وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يُوَافِقُهُ أَمَّا إذَا صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ) تَلِدِينَهُ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ ذَكَرًا فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا فَطَلُقَتْ وَلَوْ لَمْ تَلِدْ غَيْرَهُ إذْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ كَوْنِهِ أَوَّلًا أَنْ تَلِدَ بَعْدَهُ آخَرَ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ إذَا الْأَوَّلُ لُغَةً ابْتِدَاءُ الشَّيْءِ سَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ ثَانٍ أَمْ لَا قَالَ تَعَالَى {إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ} [الدخان: 34] {إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأُولَى} [الدخان: 35] وَهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ لَيْسَ لَهُمْ إلَّا مَوْتَةٌ وَاحِدَةٌ (أَوْ قَالَ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ) مِنْ هَذَا الْحَمْلِ (ذَكَرًا فَطَلْقَةً أَوْ) يَعْنِي وَإِنْ كَانَ (أُنْثَى فَثَلَاثًا فَوَلَدَتْ الذَّكَرَ أَوَّلًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَةِ الْأُنْثَى أَوْ عَكْسِهِ) بِأَنْ وَلَدَتْ الْأُنْثَى أَوَّلًا (طَلَّقَا ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالذَّكَرِ وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ جَهِلَ التَّعَاقُبَ) وَالْمَعِيَّةَ (لَمْ تَطْلُقْ) إذْ لَا يُوصَفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْأَوَّلِيَّةِ فِيهِمَا وَلِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ فِي الثَّانِيَةِ (فَلَوْ تَعَاقَبَا وَجَهِلَ السَّابِقَ) مِنْهُمَا (فَطَلْقَةً) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ تَطْلُقَ ثَلَاثًا قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ (وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالثَّانِي) مِنْهُمَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ جَعَلَ) وِلَادَةَ (الْأُنْثَى) مِنْ زَوْجَةٍ شَرْطًا (لِطَلَاقِ الْأُخْرَى) بِأَنْ قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَوَلَدَتْهُمَا مُرَتَّبًا (وَجَهِلَ السَّابِقَ) مِنْهُمَا (يُوقَفُ الزَّوْجُ) أَيْ يُمْنَعُ (عَنْهُمَا) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى إحْدَاهُمَا وَالْتِبَاسِهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا حَتَّى تَبِينَ الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا (فَإِنْ جَعَلَهَا) شَرْطًا (لِعِتْقٍ) بِأَنْ قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرًا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَعَبْدِي حُرٌّ فَوَلَدَتْهُمَا مُرَتَّبًا وَجَهِلَ السَّابِقَ (أَقْرَعَ) بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ (فَإِنْ خَرَجَتْ لِلْعَبْدِ عَتَقَ وَإِلَّا لَمْ تَطْلُقْ) إذْ لَا مَدْخَلَ لِلْقُرْعَةِ فِي الطَّلَاقِ وَلَا تُعَادُ الْقُرْعَةُ (فَلَوْ وَلَدَتْ مَيِّتًا وَدُفِنَ) وَلَمْ يُعْرَفْ نُبِشَ (لِيُعْرَفَ) فَيُرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ.
[الطَّرَفُ الرَّابِعُ تَّعْلِيقِ الطَّلَاق بِالْحَيْضِ]
(الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ) فَلَوْ (قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ اشْتَرَطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (حَيْضَةً كَامِلَةً فَيَقَعُ سُنِّيًّا) لِوُقُوعِهِ فِي الطُّهْرِ (أَوْ إنْ طَهُرْت طُهْرًا وَاحِدًا) فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَقَعَ بِدْعِيًّا) لِوُقُوعِهِ فِي الْحَيْضِ بَعْدَ الظُّهْرِ وَلِوُقُوعِهِ سُنِّيًّا وَبِدْعِيًّا شَرْطٌ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ وَقَوْلُهُ وَاحِدًا إيضَاحٌ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ حَيْضَةً) فِي الْأُولَى (وَطُهْرًا) فِي الثَّانِيَةِ (طَلُقَتْ بِالطَّعْنِ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَيْضِ فِي الْأُولَى وَالطُّهْرِ فِي الثَّانِيَةِ (إنْ تَمَّ) كُلٌّ مِنْهُمَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ بِالطَّعْنِ فِيهِ أَنَّهُ حَيْضٌ أَوْ طُهْرٌ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِمَا تُؤْمَرُ بِهِ الْحَائِضُ فِي الْأُولَى وَالطَّاهِرَةُ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ تَبَيَّنَّا أَنَّهَا لَمْ تَطْلُقْ (وَيُشْتَرَطُ) لِطَلَاقِهَا فِيمَا ذُكِرَ (حَيْضٌ أَوْ طُهْرٌ جَدِيدٌ فَلَا يَكْفِي الِاسْتِدَامَةُ) فَلَوْ كَانَتْ حَالَ التَّعْلِيقِ حَائِضًا فِي الْأُولَى لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ أَوْ طَاهِرًا فِي الثَّانِيَةِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ سَائِرُ الْأَوْصَافِ إلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْ نَحْوِ اسْتِدَامَةِ الرُّكُوبِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْأَيْمَانِ وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ اسْتِدَامَةُ الْحَيْضِ حَيْضًا كَمَا فِي اسْتِدَامَةِ الرُّكُوبِ لِأَنَّ دَوَامَ الْحَيْضِ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهَا بِخِلَافِ دَوَامِ الرُّكُوبِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ إلَى مَا فَرَّقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا تَعْلِيقٌ مُجَرَّدٌ عَنْ الْحَلِفِ وَمَا هُنَاكَ حَلِفٌ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ حِضْت حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِا) لْحَيْضَةِ (الْأُولَى وَاحِدَةً وَبِالثَّانِيَةِ أُخْرَى) لِتَحَقُّقِ الصِّفَتَيْنِ (فَإِنْ عَطَفَ بِثُمَّ) بِأَنْ قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ إنْ حِضْت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ خُرُوجَ كُلِّ الْوَلَدِ شَرْطٌ فِي التَّعْلِيقِ بِالْوِلَادَةِ]
مَبْحَثٌ الطَّرَفُ الرَّابِعُ) (قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي الِاسْتِدَامَةُ) خِلَافًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمُتَوَلِّي. (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ إلَى مَا فَرَّقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ مَمْنُوعٌ فَالْمَوْجُودُ فِي الطَّلَاقِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ تَعْلِيقًا مُجَرَّدًا عَنْ الْحَلِفِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ حِضْت أَوْ إنْ أَدْرَكَتْ الثِّمَارَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِحَلِفٍ فَهَذَا لَا يَأْتِي فِيهِ تَنْزِيلُ الدَّوَامِ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي إذَا أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَقْلِبُ الْمُضِيَّ إلَى الِاسْتِقْبَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْقِيقِ ذَلِكَ الْفِعْلِ مُسْتَقْبَلًا أَلَا تَرَاهُ يُقَالُ أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ أَدْرَكَتْ الثِّمَارُ الْيَوْمَ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَنْ يُلْمَحَ فِيهِ تَنْزِيلُ الدَّوَامِ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْحَيْضِ فَقَوْلُ الْمُعَلِّقِ فِيهَا إنْ حِضْت فَأَنْت طَالِقٌ يَقْتَضِي فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا إذْ لَوْ أَرَادَ الْحَالَ لَقَالَ إنْ كُنْت حَائِضًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَالْفِعْلُ الْمُسْتَقْبَلُ لَا يُوجَدُ حَقِيقَةً إلَّا فِي مُسْتَأْنَفٍ
(3/315)
حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ (فَا) لطَّلْقَةُ (الثَّانِيَةُ مُعَلَّقَةٌ بِحَيْضَتَيْنِ غَيْرِ الْأُولَى) فَلَا تَقَعُ حَتَّى تَحِيضَ بَعْدَ الْأُولَى حَيْضَتَيْنِ لِأَنَّ كَلِمَةَ ثُمَّ تُشْعِرُ بِذَلِكَ وَالْفَاءُ كَثُمَّ كَمَا قَدَّمْته فِي نَظِيرِهِ (وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا حِضْت حَيْضَةً فَأَنْت طَالِقٌ وَكُلَّمَا حِضْت حَيْضَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِا) لْحَيْضَةِ (الْأُولَى طَلْقَةً وَبِالثَّانِيَةِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ.
(وَلَوْ قَالَ) لِامْرَأَتَيْهِ (إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً أَوْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ لَغَتْ لَفْظَةُ الْحَيْضَةِ أَوْ الْوَلَدُ) لِاسْتِحَالَةِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي حَيْضَةٍ أَوْ وَلَدٍ وَاسْتُعْمِلَ الْبَاقِي فَإِذَا طَعَنَتَا فِي الْحَيْضِ أَوْ وَلَدَتَا طَلُقَتَا (فَإِنْ قَالَ) إنْ وَلَدْتُمَا (وَلَدًا وَاحِدًا) فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ (فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ) فَلَا تَطْلُقَانِ بِوِلَادَتِهِمَا وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ ذَلِكَ بِأَنَّا إنْ نَظَرْنَا إلَى تَقْيِيدِهِ بِالْحَيْضَةِ وَتَعَذُّرِ اشْتِرَاكِهِمَا فِيهَا لَزِمَ عَدَمُ الْوُقُوعِ أَوْ إلَى الْمَعْنَى وَهُوَ تَمَامُ حَيْضَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَزِمَ تَوَقُّفُ الْوُقُوعِ عَلَى تَمَامِهِمَا فَالْخُرُوجُ عَنْ هَذَيْنِ مُشْكِلٌ ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الْوَلَدِ مِنْ أَنَّ لَفْظَ وَاحِدٌ تَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ يَجْرِي تَعْيِينُهُ فِي الْحَيْضَةِ لِأَنَّهَا لِلْمَرْأَةِ لِوَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ وَلَدًا وَاحِدًا انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ وَلَدًا وَاحِدًا نَصٌّ فِي الْوَحْدَةِ فَأَلْغَى الْكَلَامَ كُلَّهُ وَحَيْضَةٌ ظَاهِرٌ فِيهَا فَأُلْغِيَتْ وَحْدَهَا وَبِإِلْغَائِهَا سَقَطَ اعْتِبَارُ تَمَامِ الْحَيْضَةِ.
(فَصْلٌ) لَوْ (عَلَّقَ بِحَيْضِهَا طَلَاقَهَا فَادَّعَتْ) حَيْضَهَا فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ (وَكَذَّبَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) فَيُحْكَمُ بِطَلَاقِهَا لِأَنَّهَا أَعْرَفُ مِنْهُ بِهِ وَتَتَعَذَّرُ أَيْ تَتَعَسَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الدَّمَ وَإِنْ شُوهِدَ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ حَيْضٌ لِجَوَازِ كَوْنِهِ دَمَ اسْتِحَاضَةٍ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا) لَوْ عَلَّقَ بِمَا (لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهَا) غَالِبًا (كَالنِّيَّةِ وَالْبُغْضِ وَالْحُبِّ وَلَوْ عَلَّقَ بِطَلَاقِهَا وَطَلَاقِ ضَرَّتِهَا) حَقَّهُ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ عَلَّقَ بِهِ طَلَاقَهَا وَطَلَاقَ ضَرَّتِهَا وَلَعَلَّهُ كَانَ كَذَلِكَ لَكِنْ اتَّصَلَتْ الْهَاءُ بِالطَّاءِ (فَادَّعَتْهُ) أَيْ مَا عَلَّقَ بِهِ كَحَيْضِهَا (وَكَذَّبَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا وَطَلُقَتْ وَحْدَهَا) فَلَا تَطْلُقُ الْأُخْرَى إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِيَةِ الْحَيْضِ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ حَلَّفْنَاهَا فَإِنَّ التَّحْلِيفَ لِغَيْرِهَا وَالْحُكْمُ لِلْإِنْسَانِ بِحَلِفِ غَيْرِهِ مَعَ عَدَمِ تَعْلِيقِ الْخُصُومَةِ بِهِ مُمْتَنِعٌ فَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ جَرْيًا عَلَى الْأَصْلِ فِي تَصْدِيقِ الْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ (وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِوِلَادَتِهَا أَوْ زِنَاهَا) فَادَّعَتْهُ وَكَذَّبَهَا (لَمْ تُصَدَّقْ) بَلْ تُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِالدُّخُولِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ مُتَيَسِّرَةٌ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ (وَإِنْ ادَّعَتْ عِلْمَهُ بِزِنَاهَا لَمْ يَحْلِفْ) عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (وَ) لَكِنْ (تُحَلِّفُهُ إنْ ادَّعَتْ الْفُرْقَةَ) أَنَّهَا لَمْ تَقَعْ وَعَدَمُ تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ مَا ذُكِرَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ وَجْهٌ وَالْمُرَجَّحُ خِلَافُهُ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ عَلَى اضْطِرَابٍ فِيهِ (وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ طَلَاقَ زَوْجَتَيْهِ (بِحَيْضَتِهِمَا فَادَّعَتَاهُ) وَكَذَّبَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَلَا طَلَاقَ لِأَنَّ طَلَاقَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُعَلَّقٌ بِشَرْطَيْنِ وَلَمْ يَثْبُتَا بِقَوْلِهِمَا وَإِنْ صَدَّقَهُمَا طَلُقَتَا (وَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا) فَقَطْ (فَحَلَفَتْ الْمُكَذَّبَةُ) أَنَّهَا حَاضَتْ (طَلُقَتْ وَحْدَهَا) لِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِيَمِينِهَا وَحَيْضِ ضَرَّتِهَا بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ لَهَا وَالْمُصَدَّقَةُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهَا حَيْضُ ضَرَّتِهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُؤَثِّرُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَالِفِ كَمَا مَرَّ فَلَمْ تَطْلُقْ (وَتَطْلُقُ الْمُكَذَّبَةُ) فَقَطْ (بِلَا يَمِينٍ فِي قَوْلِهِ) لِزَوْجَتَيْهِ (مَنْ حَاضَتْ مِنْكُمَا فَصَاحِبَتُهَا طَالِقٌ) وَادَّعَتَاهُ وَصَدَّقَ إحْدَاهُمَا وَكَذَّبَ الْأُخْرَى لِثُبُوتِ حَيْضِ الْمُصَدَّقَةِ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ.
(فَرْعٌ لَوْ قَالَ لِثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ إنْ حِضْتُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ وَادَّعَيْنَهُ فَصَدَّقَهُنَّ إلَّا وَاحِدَةً فَحَلَفَتْ طَلُقَتْ وَحْدَهَا) أَيْ دُونَ الْمُصَدَّقَاتِ لِمَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِحَلِفِ الْمُكَذَّبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَإِنْ كَذَّبَ ثِنْتَيْنِ) وَحَلَفَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلَا طَلَاقَ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (كَتَكْذِيبِ الْجَمِيعِ) إذْ لَا يَثْبُتُ حَيْضُ مُكَذَّبَةٍ بِحَلِفِهَا فِي حَقِّ أُخْرَى فَلَمْ يَثْبُتْ الْمُعَلَّقُ بِهِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُنَّ وَإِنْ صَدَّقَ الْجَمِيعَ طُلِّقْنَ.
(وَإِنْ قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا حَاضَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ) فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ إنْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا وَاحِدًا إلَخْ) أَوْ حِضْتُمَا حَيْضَةً وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ وَلَدًا وَاحِدًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَصْلٌ عَلَّقَ بِحَيْضِهَا طَلَاقَهَا فَادَّعَتْ حَيْضَهَا فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ وَكَذَّبَهَا]
(قَوْلُهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى ذَلِكَ) قَالَ تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] فَحَرَّمَ الْكَتْمَ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ قَوْلِهِنَّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283] .
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِهِ مِنْهُ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَهُ بِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا كَانَ رَاضِيًا بِأَمَانَتِهَا وَقَوْلُ الْأَمِينِ إذَا عَرِيَ عَنْ التُّهْمَةِ مَقْبُولٌ وَلَا تُهْمَةَ؛ لِأَنَّهَا تُسْقِطُ حُقُوقَهَا عَنْ الزَّوْجِ وَلَوْ قَالَ إنْ حِضْت فَضَرَّتُك طَالِقٌ وَكَذَّبَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ صَدَّقَهَا طَلُقَتْ الضَّرَّةُ وَلَوْ قَالَ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي صِدْقُهَا وَلَكِنْ أُجَوِّزُ كَذِبَهَا لَمْ تَطْلُقْ فَإِنْ قِيلَ قُلْتُمْ إنَّهُ إذَا صَدَّقَهَا طَلُقَتْ وَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ فِي تَصْدِيقِهَا إلَّا غَلَبَةُ الظَّنِّ بِهِ النَّاشِئِ عَنْ إخْبَارِهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ إذَا صَرَّحَ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، قِيلَ التَّصْرِيحُ بِالْمُسْتَنَدِ قَدْ يَمْنَعُ الْقَبُولَ كَالشَّاهِدِ بِالْمِلْكِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِيهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَإِذَا أَطْلَقَ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ سُمِعَتْ وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ الِاسْتِفَاضَةُ لَمْ تُسْمَعْ.
(قَوْلُهُ وَالْبُغْضُ وَالْحُبُّ) لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ أَحْبَبْت دُخُولَ النَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ أَحْبَبْت دُخُولَهَا فَهَلْ تَطْلُقُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَطْلُقُ.
(قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ كَانَ كَذَلِكَ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. (قَوْلُهُ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِيَةِ الْحَيْضِ بِلَا يَمِينٍ) أَوْرَدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيَقْضِي بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَقَالَ شِئْت فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ قَالَ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِهَا مُتَّهَمَةً فِي طَلَاقِ ضَرَّتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ وَقَدْ عَلَّقَهُ بِمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا. اهـ. وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْحَيْضِ بِخِلَافِ الْمَشِيئَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِوِلَادَتِهَا أَوْ زِنَاهَا لَمْ تُصَدَّقْ) مِثْلُهُ مَا إذَا قَالَ إنْ قُلْت كَذَا أَوْ سَبَيْت فُلَانًا مَثَلًا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ ادَّعَتْ وُقُوعَ ذَلِكَ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ إنَّهَا لَمْ تَقَعْ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَحْلِفُ.
(قَوْلُهُ وَعَدَمُ تَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِ مَا ذُكِرَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ إلَخْ) قَالَ الْغَزِّيِّ كُنْت أَبْحَثُ فِيهِ كَثِيرًا ثُمَّ وَقَفْت بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى كَلَامِ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَفَّالِ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ بِحَلِفِهِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ
(3/316)
(فَحَاضَتْ ثَلَاثٌ مِنْهُنَّ طَلُقَتْ الْأَرْبَعُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ قُلْنَ حِضْنَ فَكَذَّبَهُنَّ وَحَلَفْنَ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً) لِأَنَّ يَمِينَهَا يَكْفِي فِي حَيْضِهَا فِي حَقِّهَا (أَوْ صَدَّقَ وَاحِدَةً فَقَطْ طَلُقَتْ طَلْقَةً) بِقَوْلِهَا (وَ) طَلُقَتْ (الْمُكَذَّبَاتُ) طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ أَيْ يُطَلَّقُ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلْقَتَيْنِ طَلْقَةً بِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِقَوْلِهَا وَطَلْقَةً بِحَيْضِ الَّتِي صَدَّقَهَا الزَّوْجُ (أَوْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ طَلُقَتَا طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَ) طَلُقَتْ (الْمُكَذَّبَاتُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَوْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طُلِّقَ الْجَمِيعُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا حَاضَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَادَّعَيْنَهُ وَصَدَّقَهُنَّ طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَإِنْ كَذَّبَهُنَّ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُنَّ (وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ الْبَاقِيَاتُ طَلْقَةً طَلْقَةً) لِثُبُوتِ حَيْضِ صَاحِبَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ (دُونَهَا) فَلَا تَطْلُقُ إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّهَا حَيْضُ وَاحِدَةٍ مِنْ صَوَاحِبِهَا (وَإِنْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَةً وَاحِدَةً ثَبَتَ حَيْضُهَا (وَ) طَلُقَتْ (الْمُكَذَّبَتَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَتَيْنِ ثَبَتَ حَيْضُهُمَا (وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طُلِّقْنَ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَتَيْنِ (وَ) طَلُقَتْ الْمُكَذَّبَةُ (ثَلَاثًا) لِأَنَّ لَهَا ثَلَاثَ صَوَاحِبَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِرُؤْيَتِهَا الدَّمَ حُمِلَ عَلَى) دَمِ (الْحَيْضِ) لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ (فَيَكْفِي الْعِلْمُ بِهِ) فَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَلَوْ فُسِّرَ بِغَيْرِ دَمِ الْحَيْضِ فَإِنْ كَانَ يَتَعَجَّلُ قَبْلَ حَيْضِهَا قُبِلَ ظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ فَلَا.
[فَرْع قَالَ لِحَائِضٍ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فِي كُلِّ حَيْضَةٍ طَلْقَةً]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِحَائِضٍ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فِي كُلِّ حَيْضَةٍ طَلْقَةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً فِي الْحَالِ وَ) طَلُقَتْ (الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ مَعَ صِفَتِهِمَا) وَهِيَ أَوَّلُ الْحَيْضِ الثَّانِي وَأَوَّلُ الثَّالِثِ (وَفِي التَّعْلِيقِ بِنِصْفِ حَيْضَةٍ) بِأَنْ قَالَ إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ (تَطْلُقُ بِمُضِيِّ نِصْفِ أَيَّامِ الْعَادَةِ) فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ مَثَلًا طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
[الطَّرَفُ الْخَامِسُ التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ]
(الطَّرَفُ الْخَامِسُ التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ) أَمَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَتُقَدَّمُ وَأَمَّا بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ فَقَدْ يَكُونُ بِمَشِيئَةِ زَوْجَتِهِ بِخِطَابٍ وَقَدْ يَكُونُ بِمَشِيئَتِهَا بِدُونِ خِطَابٍ وَقَدْ يَكُونُ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهَا فَلَوْ (قَالَ يُخَاطِبُهَا) أَيْ مُخَاطَبًا لَهَا (أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت أَوْ إذَا شِئْت فَإِنْ قَالَتْ فَوْرًا شِئْت وَلَوْ بِتَكْرِيرِ شِئْت طَلُقَتْ) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَمْلِيكهَا الْبُضْعَ وَالتَّصْرِيحَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِتَكْرِيرِ شِئْت مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا مَجْنُونَةَ وَصَبِيَّةَ وَلَوْ مُمَيِّزَةً) فَلَا تَطْلُقُ بِذَلِكَ إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمَا فِي التَّصَرُّفَاتِ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلِّقِي نَفْسَك فَطَلُقَتْ لَمْ تَطْلُقْ فَكَذَا إذَا عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا (إلَّا إنْ قَالَ) لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ قُلْت شِئْت) لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَحْضُ تَلَفُّظِهَا بِالْمَشِيئَةِ وَقَدْ وُجِدَ، وَالصَّبِيُّ فِيمَا ذُكِرَ كَالصَّبِيَّةِ وَالسَّكْرَانَ كَالْمُكَلَّفِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ (فَإِنْ قَالَتْ) زَوْجَتُهُ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت أَوْ إذَا شِئْت (شِئْت غَدًا أَوْ) . شِئْت (إنْ شِئْت) أَوْ شَاءَ فُلَانٌ (فَشَاءَ) الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَةِ أَوْ لَمْ يَشَأْ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الزَّوْجَ عَلَّقَ بِمَشِيئَةٍ مَجْزُومٍ بِهَا وَلَمْ تَحْصُلْ (وَكَذَا) لَا تَطْلُقُ (لَوْ شَاءَتْ بِقَلْبِهَا وَلَمْ تَنْطِقْ فَإِنْ عَكَسَتْ) بِأَنْ نَطَقَتْ وَلَمْ تَشَأْ بِقَلْبِهَا بَلْ كَرِهَتْ مَا شَاءَتْهُ (طَلُقَتْ ظَاهِرًا وَكَذَا بَاطِنًا) إذْ التَّعْلِيقُ فِي الْحَقِيقَةِ بِلَفْظِ الْمَشِيئَةِ لَا بِمَا فِي الْبَاطِنِ بِدَلِيلِ إنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ أَجْنَبِيٍّ فَقَالَ شِئْت صُدِّقَ وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِمَا فِي الْبَاطِنِ لَمَا صُدِّقَ كَمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَ ضَرَّتِهَا بِحَيْضِهَا لَا تُصَدَّقُ فِي حَقِّ الضَّرَّةِ.
(وَإِنْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهَا) وَلَوْ خِطَابًا كَأَنْ قَالَ إنْ شِئْت أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ (أَوْ) عَلَّقَ (بِلَفْظِ مَتَى) كَأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَتَى شِئْت (لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ) لِانْتِفَاءِ التَّمْلِيكِ فِي الْأَوَّلِ وَلِتَصْرِيحِهِ بِجَوَازِ التَّأْخِيرِ فِي الثَّانِي كَمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ وَكَمَتَى أَيْ وَقْتِ (وَكَذَا) لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ (لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا غَيْرَ مُخَاطَبَةٍ) بِأَنْ قَالَ لَهَا وَلَوْ حَاضِرَةً زَوْجَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ لِبَعْدِ التَّمْلِيكِ بِانْتِفَاءِ الْخِطَابِ (وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ بِالْمَشِيئَةِ كَالنُّطْقِ) مِنْ النَّاطِقِ فَيَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ (وَلَوْ خَرِسَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ) فَإِنَّ مَشِيئَتَهُ كَالنُّطْقِ (وَإِنْ عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا) خِطَابًا (وَمَشِيئَةِ زَيْدٍ اُشْتُرِطَ الْفَوْرُ فِي مَشِيئَتِهَا فَقَطْ) أَيْ دُونَ مَشِيئَةِ زَيْدٍ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ لَوْ انْفَرَدَ كَمَا إنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت وَدَخَلْت الدَّارَ أُعْطِيَ كُلٌّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ حُكْمُهُ لَوْ انْفَرَدَ (وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ فِي ظَاهِرٍ وَإِنْ تَضَمَّنَ تَمْلِيكًا فَكَانَ (كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ) .
[فَرْعٌ عَلَّقَ الطَّلَاق بِمَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ أَوْ بِعَدَمِهَا]
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ) أَوْ بِعَدَمِهَا (لَمْ تَطْلُقْ) إذْ لَهُمْ مَشِيئَةٌ وَلَمْ يُعْلَمْ حُصُولُهَا فَهِيَ كَمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى (وَكَذَا لَا) تَطْلُقُ إذَا عَلَّقَ (بِمَشِيئَةِ بَهِيمَةٍ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ قَالَ لِثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ إنْ حِضْتُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ]
مَبْحَثٌ الطَّرَفُ الْخَامِسُ) . (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ أَجْنَبِيٍّ إلَخْ) اسْتَثْنَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْفُرُوقِ مَا إذَا قَالَ إذَا شِئْت بِقَلْبِك فَشَاءَ كَارِهًا لَمْ تَطْلُقْ.
(3/317)
[فَصْلٌ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ طَلَّقْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِامْرَأَتَيْهِ (طَلَّقْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا فَشَاءَتْ إحْدَاهُمَا لَمْ تَطْلُقْ) بِعَدَمِ مَشِيئَتِهِمَا هَذَا مِنْ زِيَادَةٍ (أَوْ شَاءَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (طَلَاقَهَا) أَيْ طَلَاقَ نَفْسِهَا (دُونَ ضَرَّتِهَا فَفِي وُقُوعِهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ تَعْلِيقُ طَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَشِيئَتِهَا وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَا لِأَنَّ مَشِيئَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا طَلَاقَهُمَا عِلَّةٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَعَلَى ضَرَّتِهَا.
(وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ شِئْت أَمْ أَبَيْت طَلَاقٌ مُنَجَّزٌ) إذَا لَا تَعْلِيقَ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ شِئْت أَوْ أَبَيْت تَعْلِيقٌ بِإِحْدَاهُمَا) فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِهِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ قُمْت أَوْ قَعَدْت (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (كَيْفَ شِئْت أَوْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شِئْت طَلُقَتْ شَاءَتْ أَمْ لَا) وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَشَاءَ فِي الْمَجْلِسِ الطَّلَاقَ أَوْ عَدَمَهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْعِتْقِ يَقْتَضِي رُجْحَانَ الثَّانِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ.
(وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَشَاءَتْ أَقَلَّ) مِنْهَا (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ مَشِيئَةَ أَقَلَّ مِنْهَا لَيْسَتْ مَشِيئَةً لَهَا (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَشَاءَتْ ثَلَاثًا) أَوْ ثِنْتَيْنِ (طَلُقَتْ وَاحِدَةً) لِأَنَّهَا إذَا شَاءَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَقَدْ شَاءَتْ وَاحِدَةً.
[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك) أَوْ فُلَانٌ (وَاحِدَةً فَشَاءَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ شَاءَ وَاحِدَةً فِيهِمَا وَزَادَ فِي الثَّانِيَةِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك وُقُوعَ وَاحِدَةٍ فَتَقَعُ) لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ.
(أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك) أَوْ فُلَانٌ (ثَلَاثًا فَشَاءَ ثَلَاثًا لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ شَاءَ ثَلَاثًا (أَوْ شَاءَ دُونَهَا) أَيْ الثَّلَاثِ (أَوْ لَمْ يَشَأْ) شَيْئًا (طَلُقَتْ) وَاحِدَةً.
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك]
(فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك) أَوْ نَحْوُهُ كَلَوْلَا اللَّهُ وَلَوْلَا دِينُك (لَمْ تَطْلُقْ) إذْ الْمَعْنَى لَوْلَاهُ لَطَلَّقْتُك (وَكَذَا) لَا تَطْلُقُ لَوْ قَالَ (أَنْت طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك) لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْلَا حُرْمَةُ أَبِيهَا لَطَلَّقْتهَا وَأَكَّدَ هَذَا الْخَبَرَ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك هَذَا (إنْ تَعَارَفُوهُ يَمِينًا) بَيْنَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَتَعَارَفُوهُ يَمِينًا طَلُقَتْ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ بَعْدُ وَمَحِلُّ عَدَمِ الطَّلَاقِ إذَا صُدِّقَ فِي خَبَرِهِ (فَإِنْ كَذَبَ فِيهِ طَلُقَتْ بَاطِنًا وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ بِكَذِبِهِ (فَظَاهِرًا) أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَنَا إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ إلَّا مِنْهُ.
[فَرْعٌ قَالَ لَهَا شَائِي أَوْ أَحِبِّي أَوْ اخْتَارِي الطَّلَاقَ]
(فَرْعٌ لَوْ قَالَ) لَهَا (شَائِي أَوْ أَحِبِّي أَوْ أَرِيدِي أَوْ ارْضَيْ أَوْ اهْوَيْ أَوْ اخْتَارِي الطَّلَاقَ وَأَرَادَ التَّفْوِيضَ) لِلطَّلَاقِ إلَيْهَا (فَقَالَتْ شِئْته أَوْ أَحْبَبْته) أَوْ أَرَدْته (أَوْ رَضِيته أَوْ هَوِيته أَوْ اخْتَرْته طَلُقَتْ لَا فِي) الصُّوَرِ (الثَّلَاثِ الْأَوَّلِ) فَلَا تَطْلُقُ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ لِأَنَّهُ اسْتَدْعَى مِنْهَا كُلًّا مِنْ الثَّلَاثِ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا وَلَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا وَلَا فَوَّضَهُ إلَيْهَا وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ تَفْوِيضٌ فَقَوْلُهَا شِئْت أَوْ أَحْبَبْت أَوْ أَرَدْت لَيْسَ بِتَطْلِيقٍ هَذَا مَا أَفْهَمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ حَيْثُ نَقَلَ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا وَعَنْ الْبُوشَنْجِيِّ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا أَقْوَى انْتَهَى وَلَمْ يُرِدْ الْبُوشَنْجِيُّ الْحَصْرَ فِي الثَّلَاثِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا أَمْثِلَةً بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِ الْجَارِي فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ.
(وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت فَقَالَتْ أَحْبَبْت) مَثَلًا (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَحْبَبْت فَقَالَتْ شِئْت مَثَلًا (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ لَفْظَيْ الْمَشِيئَةِ وَالْمَحَبَّةِ يَقْتَضِي مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْآخَرُ وَلِهَذَا يُقَالُ الْإِنْسَانُ يَشَاءُ دُخُولَ الدَّارِ وَلَا يُقَالُ يُحِبُّهُ وَيُحِبُّ وَلَدَهُ وَلَا تَسُوغُ لَفْظَةُ الْمَشِيئَةِ فِيهِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ أَرَدْت فَتَقُولُ هِيَ شِئْت أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا تَطْلُقُ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الْبُوشَنْجِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى قَالَ فِي الْأَنْوَارِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ أَيْ لِأَنَّ اللَّفْظَيْنِ مُتَرَادِفَانِ (أَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِفُلَانٍ) غَيْرُ ذَلِكَ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يُرِيدَ) أَوْ يَشَاءَ أَوْ يَرَى (غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَبْدُ لَهُ طَلُقَتْ قُبَيْلَ مَوْتِهِ) أَوْ جُنُونِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ لِفَوَاتِ مَا جَعَلَهُ مَانِعًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (إلَّا أَنْ أَشَاءَ أَوْ يَبْدُوَ لِي طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ وَأَرَادَ رَفْعَهُ إذَا بَدَا لَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الْبَغَوِيّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَا الْبَحْثُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَحَكَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فَهُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَلَمْ يَطَّلِعْ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى هَذَا النَّصِّ فَقَالَ إنَّهُ نَصٌّ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ فَثَبَتَ أَنَّهُ نَصٌّ عَلَيْهِ وَعَلَى نَظِيرِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يُخَالِفُهُ فَيُعْمَلُ بِهِ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ لَمْ يَشَأْ فُلَانٌ فَقَالَ لَمْ أَشَأْ) أَيْ الطَّلَاقَ أَوْ سَكَتَ حَتَّى مَاتَ (طَلُقَتْ) فِي الْحَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك وُقُوعَ وَاحِدَةٍ إلَخْ) أَوْ عَدَمَ وُقُوعِهَا إذَا شَاءَهَا فَطَلْقَتَانِ
(قَوْلُهُ هَذَا مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَذَا فَهِمَهُ مِنْهُ الْأَصْفُونِيُّ وَالْحِجَازِيُّ
(قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَرَدْت فَتَقُولُ هِيَ شِئْت أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ) قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ أَشَاءَ) أَوْ يَبْدُوَ لِي طَلُقَتْ فِي الْحَالِ أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ الطَّلَاقِ
(3/318)
فِي الْأُولَى وَقُبَيْلَ الْمَوْتِ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ مَعَ زِيَادَتِهِ قُبَيْلَ الْبَابِ الْخَامِسِ.
(الطَّرَفُ السَّادِسُ فِي) مَسَائِلِ (الدَّوْرِ) لَوْ (قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ مَتَى طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا) لِمَوْطُوءَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ وَاحِدَةً) أَوْ ثِنْتَيْنِ (لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ أَعْتَقْتُك) أَوْ مَتَى أَعْتَقْتُك (فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا حَصَلَ الدَّوْرُ) فَعَلَى صِحَّتِهِ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْمُنَجَّزُ لَوَقَعَ الْمُعَلَّقُ قَبْلَهُ بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ وَلَوْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ لَكِنَّ الْأَصَحَّ الْمُخْتَارَ بُطْلَانُ الدَّوْرِ وَعَلَيْهِ قَالَ (وَالْمُخْتَارُ) وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ (وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ) دُونَ الْمُعَلَّقِ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ لِأَنَّهُ مَشْرُوطًا بِهِ فَوُقُوعُهُ مُحَالٌ بِخِلَافِ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ إذْ قَدْ يَتَخَلَّفُ الْجَزَاءُ عَنْ الشَّرْطِ بِأَسْبَابٍ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ سَالِمٍ بِعِتْقِ غَانِمٍ ثُمَّ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَا يَفِي ثُلُثُ مَالِهِ إلَّا بِأَحَدِهِمَا لَا يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا بَلْ يَتَعَيَّنُ عِتْقُ غَانِمٍ وَشَبَّهَ هَذَا بِمَا لَوْ أَقَرَّ الْأَخُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ يَثْبُتُ النَّسَبُ دُونَ الْمِيرَاثِ وَلِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمُعَلَّقِ وَالْمُنَجَّزِ مُمْتَنِعٌ وَوُقُوعَ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَالْمُنَجَّزُ أَوْلَى بِالْوُقُوعِ لِأَنَّهُ أَقْوَى لِافْتِقَارِ الْمُعَلَّقِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْجَزَاءَ قَبْلَ الشَّرْطِ وَهُوَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ فَيَلْغُو التَّعْلِيقُ وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ فَيَبْعُدُ سَدُّ بَابِهِ (وَكَذَا يَقَعُ) الْمُنَجَّزُ فَقَطْ لَوْ قَالَ (أَنْت طَالِقٌ) الْيَوْمَ (ثَلَاثًا إنْ طَلَّقْتُك غَدًا وَاحِدَةً) فَطَلَّقَهَا غَدًا وَاحِدَةً.
(فَإِنْ قَالَ لِمَوْطُوءَةٍ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ) مَثَلًا (فَطَلَّقَهَا قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ وَقَعَتْ الْمُنَجَّزَةُ) دُونَ الْمُعَلَّقَةِ لِأَنَّ الْوُقُوعَ لَا يَسْبِقُ اللَّفْظَ (أَوْ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّهَا (وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ فَطَلْقَتَانِ) إحْدَاهُمَا مُنَجَّزَةٌ وَالْأُخْرَى مُعَلَّقَةٌ (أَوْ) وَهِيَ (مُنْقَضِيَةٌ فَالْمُنَجَّزَةُ) دُونَ الْمُعَلَّقَةِ أَمَّا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ فَالْمُنَجَّزَةُ مُطْلَقًا (فَإِنْ كَانَ قَالَ) لِمَوْطُوءَةٍ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ (ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ السَّنَةِ فَلَا دَوْرَ) فَيَقَعُ الْمُنَجَّزُ بِكُلِّ حَالٍ (أَوْ بَعْدَهَا فَدَوْرٌ فَيَقَعُ الْمُنَجَّزُ) دُونَ الْمُعَلَّقِ (عَلَى الْمُخْتَارِ فَإِنْ طَلَّقَهَا وَكِيلُهُ أَوْ طَلُقَتْ بِصِفَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ) تَعْلِيقًا عَلَى تَعْلِيقِهِ بِالتَّطْلِيقِ كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ ثُمَّ دَخَلَتْ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ (فَلَا دَوْرَ) لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُطَلِّقْهَا وَإِنَّمَا وَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ فَيَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ فِي الْأُولَى وَالْمُعَلَّقُ بِالدُّخُولِ فِي الثَّانِيَةِ (إلَّا) بِمَعْنَى لَكِنْ (إنْ عَلَّقَ بِالْوُقُوعِ أَوْ الْحِنْثِ) كَأَنْ قَالَ إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي أَوْ حِنْثٌ فِي يَمِينِي فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ طَلُقَتْ بِصِفَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ تَعْلِيقًا فَدَوْرٌ فَيَقَعُ عَلَى الْمُخْتَارِ طَلَاقُ الْوَكِيلِ وَالْمُعَلَّقِ بِالصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقَوْلُهُ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ أُطَلِّقَك وَاحِدَةً) ثُمَّ طَلَّقَهَا (دَوْرٌ وَلَوْ طَلَّقَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) لِاشْتِمَالِ الْعَدَدِ عَلَى وَاحِدَةٍ فَعَلَى صِحَّةِ الدَّوْرِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَعَلَى بُطْلَانِهِ يَقَعُ الْمُنَجَّزُ (أَوْ) قَالَ (إنْ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ وَاحِدَةً فَإِنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا فَدَوْرٌ) فَتَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَى الْمُخْتَارِ وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَقَعَ الْمُنَجَّزُ بِكُلِّ حَالٍ.
[فَرْعٌ قَالَ إنْ آلَيْت أَوْ ظَاهَرْت مِنْك أَوْ لَاعَنْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(فَرْعٌ لَوْ قَالَ إنْ آلَيْت أَوْ ظَاهَرْت مِنْك أَوْ لَاعَنْتُك أَوْ رَاجَعْتُك أَوْ فَسَخْت النِّكَاحَ بِعَيْبِك) أَوْ حَلَفْت بِطَلَاقِك (فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَفَعَلَهُ) أَيْ مَا عَلَّقَ بِهِ (حَصَلَ الدَّوْرُ) فَلَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ الدَّوْرِ (وَيَنْفُذُ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ) مِنْ ذَلِكَ (عَلَى الْمُخْتَارِ) مِنْ بُطْلَانِ الدَّوْرِ (فَإِنْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ (بِمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اخْتِيَارِهِ كَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ أَوْ عِتْقِهَا أَوْ اسْتِحْقَاقِ) أَيْ أَوْ عَلَّقَ بِاسْتِحْقَاقِ (حَقٍّ لَهَا كَالنَّفَقَةِ) وَالْقَسْمِ وَالْفَسْخِ بِعَيْبِهِ أَوْ عِتْقِهَا وَطَلَبِ الطَّلَاقِ فِي الْإِيلَاءِ (فَاسْتَحَقَّتْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[الطَّرَفُ السَّادِسُ فِي مَسَائِلِ الدَّوْرِ]
مَبْحَثٌ الطَّرَفُ السَّادِسُ) . (قَوْلُهُ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك أَوْ مَتَى طَلَّقْتُك إلَخْ) قَالَ مَتَى وَقَعَ طَلَاقِي عَلَى زَوْجَتِي بِتَعْلِيقٍ أَوْ تَنْجِيزٍ فَطَلَاقُهَا مَوْقُوفٌ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلُقَتْ وَالتَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ لَاغٍ غ إذْ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ يَسْتَحِيلُ تَعْلِيقُهُ (قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ) أَيْ أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنَجَّزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ) فَلَزِمَ مِنْ وُقُوعِهِ عَدَمُ وُقُوعِهِ فَلَمْ يَقَعْ وَهَذَا كَمَا لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِصَدَاقِهَا الَّذِي ضَمِنَهُ السَّيِّدُ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمَلَكَتْهُ فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ فَيَسْقُطُ الصَّدَاقُ قُبَيْلَ الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ الَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ عُظَمَاءَ عُلَمَاءِ مَشَايِخِي وَهُمْ الَّذِينَ انْتَهَتْ إلَيْهِمْ رِيَاسَةُ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ وُقُوعُ الْمُنَجَّزِ وَقَدْ جَمَعْت فِيهِ جُزْءًا كَبِيرًا اسْتَوْعَبْتُ فِيهِ الْأَجْوِبَةَ عَنْ شُبْهَةِ مَنْ أَفْتَى بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَنَبَّهْت فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ فِي الْمَذْهَبِ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْوُقُوعِ بَعْدَ سِتِّمِائَةٍ إلَّا عَنْ السُّبْكِيّ ثُمَّ رَجَعَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ وَإِلَّا الْإِسْنَوِيُّ وَعُمْدَتُهُ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ فَنَقَضَتْهُ بِأَنَّ الْأَكْثَرَ يَقُولُونَ بِالْوُقُوعِ وَأَوْضَحْت ذَلِكَ غَايَةَ الْإِيضَاحِ وَنَقَلْت فِيهِ قَوْلَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ فِي قَوْلِهِ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ وَبَيَّنْت أَنَّ الَّذِي نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ إنَّمَا هُوَ الدَّوْرُ الشَّرْعِيُّ وَلَمْ يُعَرِّجْ قَطُّ عَلَى هَذَا الدَّوْرِ الْجُعْلِيِّ.
(قَوْلُهُ وَوُقُوعُ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَالْمُنَجَّزُ أَوْلَى إلَخْ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا عَكَسَ التَّعْلِيقَ فَقَالَ كُلَّمَا تَلَفَّظْت بِطَلَاقِك فَلَمْ يَقَعْ عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا فَإِذَا طَلَّقَهَا انْحَلَّ الدَّوْرُ قَالَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْقَبْلِيَّ قَدْ صَارَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مُعَلَّقًا عَلَى النَّقِيضِينَ وَهُمَا الْوُقُوعُ وَعَدَمُ الْوُقُوعِ وَكُلَّمَا كَانَ لَازِمًا لِلنَّقِيضَيْنِ فَهُوَ وَاقِعٌ ضَرُورَةً لِاسْتِحَالَةِ وُقُوعِ خُلُوِّ الْوَاقِعِ عَنْ أَحَدِهِمَا وَقَدْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ فِي تَعْلِيقِهِ فَقَالَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ وُقُوعُ الْقَبْلِيِّ وَكَيْفَ يَكُونُ مُقْتَضَاهُ وَوُقُوعُهُ مُسْتَحِيلًا؛ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى صِحَّةِ الدَّوْرِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ امْتِنَاعَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ وَالْمُنَجَّزِ، وَأَمَّا التَّعْلِيقُ الثَّانِي فَهُوَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْقَبْلِيِّ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ وَهُوَ لَيْسَ بِمُسْتَحِيلٍ لَكِنَّ وُقُوعَ الْقَبْلِيِّ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ مُسْتَحِيلٌ لِلدَّوْرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ بِالتَّعْلِيقِ الثَّانِي لَوَقَعَ قَبْلَهُ الثَّلَاثُ وَجَاءَ الدَّوْرُ وَاعْتَرَضَ أَيْضًا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ الدَّوْرُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِمَا أَحْدَثَهُ مِنْ التَّعْلِيقِ لَزِمَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثَ قَبْلَهُ فَالتَّعْلِيقُ الْأَوَّلُ مَتَى وَقَعَ لَمْ يَقَعْ بِالتَّعْلِيقِ الثَّانِي شَيْءٌ فَالدَّوْرُ مُسْتَمِرٌّ بِحَالِهِ.
(3/319)
أَوْ فَسَخَتْ) بِمَا ذُكِرَ (نَفَذَ الْفَسْخُ وَثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ) وَلَا دَوْرَ وَإِنْ أَثْبَتْنَاهُ فِيمَا مَرَّ لِأَنَّ هَذِهِ فَسَوْخٌ وَحُقُوقٌ تَثْبُتُ عَلَيْهِ قَهْرًا وَلَا تَتَعَلَّقُ بِمُبَاشَرَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ فَلَا يَصْلُحُ تَصَرُّفُهُ رَافِعًا لَهَا وَمُبْطِلًا لِحَقِّ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ عَلَّقَ بِانْفِسَاخِ نِكَاحِهَا ثُمَّ ارْتَدَّ أَوْ اشْتَرَاهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ.
[فَرْعٌ قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا مُبَاحًا فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا مُبَاحًا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ وَوَطِئَهَا لَمْ تَطْلُقْ لِلدَّوْرِ لِأَنَّهُ إذَا) الْأُولَى لَوْ (وَقَعَ الطَّلَاقُ لَمْ يَكُنْ الْوَطْءُ مُبَاحًا) وَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا يُقَيَّدُ هُنَا بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ لِأَنَّ الدَّوْرَ يَحْصُلُ بِالْوَاحِدَةِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ.
(أَوْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إنْ طَلَّقْتُك طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهَا طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا) طَلْقَةً (رَجْعِيَّةً فَدَوْرٌ فَتَقَعُ الْوَاحِدَةُ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَلَا تَقَعُ عَلَى غَيْرِهِ (وَإِنْ اخْتَلَعَهَا) أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا (وَقَعَ الْمُنَجَّزُ) دُونَ الْمُعَلَّقِ (وَلَا دَوْرَ لِأَنَّ الصِّفَةَ) وَهِيَ الطَّلْقَةُ الرَّجْعِيَّةُ (لَمْ تُوجَدْ وَإِنْ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك) طَلَاقًا (رَجْعِيًّا فَأَنْت طَالِقٌ مَعَهُ ثَلَاثًا) فَطَلَّقَهَا (فَدَوْرٌ وَيَقَعُ) الْأُولَى فَيَقَعُ (مَا نَجَّزَ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَأَمَّا عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ أَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ طَلَّقْتُك رَجْعِيًّا فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ وَلَا مَعَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَيَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَا دَوْرَ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً كَانَتْ رَجْعِيَّةً ثُمَّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الطَّلْقَتَانِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَتَى دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتِ زَوْجَتِي فَعَبْدِي حُرٌّ]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (مَتَى دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْت زَوْجَتِي فَعَبْدِي حُرٌّ قَبْلَهُ وَمَتَى دَخَلَهَا وَهُوَ عَبْدِي فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَدَخَلَا مَعًا فَدَوْرٌ) فَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَلَا تَطْلُقُ الزَّوْجَةُ لِأَنَّهُمَا لَوْ حَصَلَا لَحَصَلَا مَعًا قَبْلَ دُخُولِهِمَا وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ عَبْدَهُ وَقْتَ الدُّخُولِ وَلَا الْمَرْأَةُ زَوْجَتَهُ وَقْتَئِذٍ فَلَا تَكُونُ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا حَاصِلَةً وَلَا يَأْتِي فِي هَذِهِ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِ الدَّوْرِ إذْ لَيْسَ فِيهَا سَدُّ بَابِ التَّصَرُّفِ (وَإِنْ تَرَتَّبَا) دُخُولًا (وَقَعَ) الْمُعَلَّقُ عَلَى (الْمَسْبُوقِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ السَّابِقِ فَلَوْ دَخَلَتْ الْمَرْأَةُ أَوَّلًا ثُمَّ الْعَبْدُ عَتَقَ وَلَمْ تَطْلُقْ هِيَ لِأَنَّهُ حِينَ دَخَلَ لَمْ يَكُنْ عَبْدًا لَهُ فَلَمْ تَحْصُلْ صِفَةُ طَلَاقِهَا وَلَوْ دَخَلَ الْعَبْدُ أَوَّلًا ثُمَّ الْمَرْأَةُ طَلُقَتْ وَلَمْ يَعْتِقْ (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ) فِي تَعْلِيقِهِ الْمَذْكُورِ لَفْظَ (قَبْلَهُ) فِي الطَّرَفَيْنِ (وَدَخَلَا مَعًا عَتَقَ وَطَلُقَتْ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ الدُّخُولِ بِالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ (وَإِنْ تَرَتَّبَا) دُخُولًا (فَكَمَا سَبَقَ) آنِفًا فِي نَظِيرَتِهَا.
[فَرْعٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَتَى أُعْتِقَتْ أَنْتِ أَمَتِي وَأَنْتِ زَوْجَتِي]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (مَتَى أُعْتِقَتْ) أَنْت (أَمَتِي وَأَنْت زَوْجَتِي فَهِيَ حُرَّةٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا مَتَى أَعْتَقْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَ إعْتَاقِك إيَّاهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ أَعْتَقَتْهَا الْمَرْأَةُ قَبْلَ ثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (عَتَقَتْ) لِأَنَّهَا أَعْتَقَتْهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ لَهُ (وَلَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا لَوْ طَلُقَتْ لَطَلُقَتْ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الطَّلَاقُ مُتَقَدِّمًا عَلَى اللَّفْظِ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ وَإِنَّمَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ تَلَفُّظُ الزَّوْجَةِ بِإِعْتَاقِهَا أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهَا فِي إعْتَاقِهَا (أَوْ) أَعْتَقَهَا (بَعْدَهَا) أَيْ الثَّلَاثِ (لَمْ يَقَعَا) أَيْ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْإِعْتَاقِ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لَهُ فَلَا تَعْتِقُ الْأَمَةُ لِأَنَّهَا لَوْ عَتَقَتْ لَطَلُقَتْ الزَّوْجَةُ قَبْلَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً لَهُ وَإِذَا لَمْ تَعْتِقْ لَمْ تَطْلُقْ أَيْضًا لِأَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِعِتْقِهَا.
[الطَّرَفُ السَّابِعُ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ]
(الطَّرَفُ السَّابِعُ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ) وَنَحْوِهِ (فَمِنْهَا الْحَلِفُ وَهُوَ مَا اقْتَضَى مَنْعًا) مِنْ الْفِعْلِ (أَوْ حَثًّا) عَلَيْهِ (أَوْ تَحْقِيقَ خَبَرٍ وَجَلْبَ تَصْدِيقٍ) لِلْحَالِفِ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ فَرْعُ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَنْعُ وَالْحَثُّ لِنَفْسِهِ أَمْ لِزَوْجَتِهِ أَمْ لِغَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ وَجَلْبُ تَصْدِيقٍ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (فَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (إذَا) أَوْ إنْ (حَلَفْت أَوْ أَقْسَمْت أَوْ عَقَدْت يَمِينِي) بِطَلَاقِك (فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَدْخُلِي) الدَّارَ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت أَوْ نَحْوَهَا (فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) طَلْقَةً (لِلْحَلِفِ) بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ إذْ الْأَوَّلُ مِثَالٌ لِلْمَنْعِ لَهَا مِنْ الدُّخُولِ وَالثَّانِي مِثَالٌ لِلْحَثِّ لَهَا عَلَيْهِ وَالثَّالِثُ مِثَالٌ لِتَحْقِيقِ الْخَبَرِ (وَ) تَطْلُقُ (بِوُجُودِ الصِّفَةِ الْأُخْرَى) مِنْ الدُّخُولِ أَوْ عَدَمِهِ أَوْ عَدَمِ كَوْنِ الْأَمْرِ كَمَا قَالَهُ أَوْ نَحْوَهَا إنْ وُجِدَتْ (فِي الْعِدَّةِ) طَلْقَةٌ أُخْرَى إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ رَجْعِيًّا (لَا إنْ قَالَ) بَعْدَ تَعْلِيقِهِ بِالْحَلِفِ (إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ) إنْ (حِضْت وَنَحْوَهُ) كَإِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إنْ طَهُرْت أَوْ إنْ نَفِسَتْ فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ (لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَلِفٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْعٍ وَلَا حَثٍّ وَلَا تَحْقِيقِ خَبَرٍ بَلْ مَحْضُ تَعْلِيقٍ وَكَمَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا يَقْدُمُ الْحَاجُّ وَلَا يَدْخُلُ الشَّهْرُ وَلَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ وَلَا يَجِيءُ الْمَطَرُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ لَكِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(3/320)
الرَّافِعِيُّ جَعَلَهُ فِي الْأَيْمَانِ يَمِينًا وَيَقَعُ الْمُعَلَّقُ بِالصِّفَةِ إنْ وُجِدَتْ (إلَّا إنْ ادَّعَى) الزَّوْجُ (الطُّلُوعَ) لِلشَّمْسِ مَثَلًا (فَكَذَّبَتْهُ فَقَالَ إنْ لَمْ تَطْلُعْ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ حَلِفٌ) لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ تَحْقِيقَ الْخَبَرِ وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ ذَلِكَ تَعْلِيقًا بِالطُّلُوعِ بَلْ بِتَبَيُّنِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ.
(فَإِنْ قَالَ إنْ أَوْ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَصَدَ مَنْعَهُ وَهُوَ مِمَّنْ يَمْتَنِعُ) أَوْ مِمَّنْ يُبَالِي (بِحَلِفِهِ فَحَلَفَ وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّأْقِيتَ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ مِمَّنْ لَا يَمْتَنِعُ بِحَلِفِهِ كَالسُّلْطَانِ أَوْ الْحَجِيجِ (فَتَعْلِيقٌ) مَحْضٌ لَا حَلِفٌ وَفِي مَعْنَى الْقُدُومِ الدُّخُولُ وَالْخُرُوجُ وَنَحْوُهُمَا.
[فَرْعٌ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إذَا لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ ثَلَاثًا]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إذَا لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ) أَيْ أَتَى بِهِ مُكَرَّرًا (ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ فَرَّقَهَا) أَيْ مَرَّاتِ الْحَلِفِ (قَدْرًا يَسَعُ الْحَلِفَ بِهِ) أَيْ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ وَصَلَهَا (وَقَعَ بِالثَّالِثَةِ طَلْقَةٌ إنْ سَكَتَ بَعْدَهَا) عَنْ الْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَ بِإِنْ (لِاقْتِضَاءِ إذَا لَمْ الْفَوْرِ) دُونَ إنْ لَمْ وَلَا يَقَعُ بِالْأُولَى وَلَا بِالثَّانِيَةِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ حَلَفَ بَعْدَهُمَا بِطَلَاقِهَا وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا إلَى قَصْدِ التَّأْكِيدِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّ الثَّانِيَ مَثَلًا لَا يَصْلُحُ لِلتَّأْكِيدِ إذْ شَرْطُهُ عَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي الْأَوَّلِ وَهُنَا يُؤَثِّرُ فِيهِ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لَهُ تَنْحَلُّ بِهَا بِخِلَافِهِ فِيمَا لَوْ كَرَّرَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَيُقَاسُ بِالثَّلَاثِ مَا فَوْقَهَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ لِمَدْخُولٍ بِهَا غَيْرُهَا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ أَكَرَّرَ أَمْ لَا (وَتَقَعُ الثَّلَاثُ فِي قَوْلِهِ لِمَوْطُوءَةٍ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك) فَأَنْت طَالِقٌ (بِتَكْرِيرِهِ) لَهُ (أَرْبَعًا) لِأَنَّ مَا كَرَّرَهُ حَلِفٌ فَيَقَعُ بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ طَلْقَةً لِأَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ الْأُولَى وَيَقَعُ بِالثَّالِثَةِ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ بِحُكْمِ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَتَنْحَلُّ وَيَقَعُ بِالرَّابِعَةِ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ بِحُكْمِ الْيَمِينِ الثَّالِثَةِ وَتَنْحَلُّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَرَّرَ التَّعْلِيقَ بِالدُّخُولِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِالدُّخُولِ إلَّا وَاحِدَةٌ لِأَنَّ فِي صُورَةِ الْحَلِفِ تَنْحَلُّ كُلُّ يَمِينٍ بِالْيَمِينِ الَّتِي بَعْدَهَا وَالتَّعْلِيقُ بِالدُّخُولِ لَا يَنْحَلُّ الدُّخُولُ الَّذِي بَعْدَهُ فَلَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ وَخَرَجَ بِالْمَوْطُوءَةِ غَيْرُهَا فَيَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ فَقَطْ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِهَا وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ (وَ) يَقَعُ الثَّلَاثُ (فِي قَوْلِهِ كُلَّمَا لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِك) فَأَنْت طَالِقٌ (بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ) كُلٌّ مِنْهَا يَسَعُ الْحَلِفَ بِهِ لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ.
(وَإِنْ قَالَ لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ إذَا كَلَّمْتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ أَرْبَعًا وَقَعَ بِالثَّانِيَةِ) طَلْقَةٌ (وَهِيَ يَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ وَتَنْحَلُّ بِالثَّالِثَةِ) لِأَنَّ التَّعْلِيقَ هُنَا بِالْكَلَامِ وَالْكَلَامُ قَدْ يَكُونُ فِي الْبَيْنُونَةِ وَفِيمَا مَرَّ التَّعْلِيقُ بِالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي حَالَةِ الْبَيْنُونَةِ وَقَوْلُهُ وَهِيَ يَمِينٌ إلَى آخِرِهِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ فَائِدَتَهُ إنَّمَا تَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَوْدِ الْحِنْثِ وَذَلِكَ إنَّمَا يُنَاسِبُ الْأَصْلَ.
[فَرْعٌ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ دَخَل بِإِحْدَاهُمَا إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ وَكَرَّرَهُ مِرَارًا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِمَا إلَّا طَلْقَةٌ طَلْقَةٌ) بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ (لِأَنَّ تِلْكَ) أَيْ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا (بَانَتْ) بِهَا وَلَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِالثَّالِثَةِ لِأَنَّ شَرْطَ الطَّلَاقِ الْحَلِفُ بِهِمَا وَلَا يَصِحُّ الْحَلِفُ بِالْبَائِنِ كَمَا قَالَ (فَيَلْغُو الْحَلِفُ بِهِ) أَيْ بِطَلَاقِهَا (فَإِنْ نَكَحَ الْبَائِنَ وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا) وَحْدَهَا (وَتِلْكَ) أَيْ الْمَدْخُولُ بِهَا (فِي الْعِدَّةِ) أَوْ رَاجَعَهَا (طَلُقَتْ) لِحُصُولِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا إذْ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا مَعًا (لَا الْمَنْكُوحَةِ) فَلَا تَطْلُقُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَتَجْدِيدِ النِّكَاحِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا مَا لَوْ دَخَلَ بِهِمَا فَتَطْلُقَانِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ وَمَا لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَتَطْلُقَانِ طَلْقَةً طَلْقَةً وَتَبِينَانِ (وَإِنْ قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ فَلَا طَلَاقَ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ بِطَلَاقِ إحْدَاهُمَا وَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا) بِمُوجِبِ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ (وَعَلَيْهِ الْبَيَانُ) أَوْ التَّعْيِينُ لِلْمُطَلَّقَةِ (وَكَذَا لَوْ قَالَ) إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا (فَعَمْرَةُ) مِنْكُمَا (طَالِقٌ عِوَضُ إحْدَاكُمَا) وَكَرَّرَهُ (لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِطَلَاقِهِمَا وَإِنَّمَا حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَحْدَهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ (فَلَوْ قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ وَأَعَادَهُ) مَرَّةً (ثَانِيَةً طَلُقَتَا مَعًا) لِأَنَّ طَلَاقَهُمَا هُنَا مُعَلَّقٌ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِ إحْدَاهُمَا.
[فَرْعٌ قَالَ لِنِسْوَتِهِ أَيُّمَا امْرَأَةٍ لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِهَا مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لِنِسْوَتِهِ (أَيُّمَا امْرَأَةٍ لَمْ أَحْلِفْ بِطَلَاقِهَا) مِنْكُنَّ (فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقْنَ بِإِمْكَانِ الْحَلِفِ بَلْ بِالْيَأْسِ مِنْهُ) بِمَوْتِهِ أَوْ بِمَوْتِهِنَّ أَوْ بِجُنُونِهِ الْمُتَّصِلِ بِمَوْتِهِ إذْ لَيْسَ فِي عِبَارَتِهِ تَعَرُّضٌ لِلْوَقْتِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَتَى أَوْ أَيُّ وَقْتٍ لَمْ أَحْلِفْ وَقِيلَ إذَا سَكَتَ سَاعَةً يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ فِيهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(3/321)
بِطَلَاقِهِنَّ طَلُقْنَ فَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْأَصْلُ بَعْدَ هَذَا عَقِبَ الْكَلَامِ عَلَى النَّاسِي وَالْمُكْرَهِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا فَالْأُخْرَيَاتُ طَوَالِقُ.
[فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ]
(فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ وَبِأَكْلِ نِصْفِهَا فَأَكَلَتْهَا فَطَلْقَتَيْنِ) تَطْلُقُ لِحُصُولِ الصِّفَتَيْنِ (وَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (بِصِيغَةِ كُلَّمَا) وَلَوْ فِي النِّصْفِ فَقَطْ (فَثَلَاثًا) تَطْلُقُ لِأَنَّهَا أَكَلَتْ رُمَّانَةً وَأَكَلَتْ نِصْفَ رُمَّانَةٍ مَرَّتَيْنِ.
[فَرْعٌ تَعْلِيق الطَّلَاق بِالْبِشَارَةِ يَخْتَصُّ عُرْفًا بِالْخَبَرِ]
(فَرْعٌ الْبِشَارَةُ تَخْتَصُّ عُرْفًا بِالْخَبَرِ) الْأَوَّلُ (السَّارُّ الصِّدْقُ قَبْلَ الشُّعُورِ) بِهِ وَذِكْرُ السَّارِّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِهِ إذَا أُطْلِقَ كَقَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِخَبَرٍ أَوْ أَمْرٍ عَنْ زَيْدٍ فَلَوْ قَيَّدَ كَقَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَهِيَ طَالِقٌ اكْتَفَى بِصِدْقِ الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ كَارِهًا لَهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَالْخَبَرُ يَعُمُّ) السَّارَّ وَالصِّدْقَ وَغَيْرَهُمَا (فَلَوْ قَالَ مَنْ بَشَّرَتْنِي مِنْكُنَّ بِكَذَا فَهِيَ طَالِقٌ فَبَشَّرَتَاهُ مَعًا طَلُقَتَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَنْ أَكَلَ مِنْكُمَا هَذَا الرَّغِيفَ فَهِيَ طَالِقٌ فَأَكَلَتَاهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ أَصْلًا إذْ لَمْ تَأْكُلْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَالْبِشَارَةُ لَفْظٌ عَامٌّ لَا يَنْحَصِرُ فِي وَاحِدَةٍ فَيَصْدُقُ اسْمُهَا بِبِشَارَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَطَلُقَتَا (أَوْ مُرَتَّبًا فَالْأُولَى) تَطْلُقُ (أَوْ كَذَبَتَاهُ) بِالتَّخْفِيفِ أَيْ كَذَبَتَا عَلَيْهِ (أَوْ) بَشَّرَتَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا (بَعْدَ مَا عَلِمَ بِهِ فَلَا طَلَاقَ فَإِنْ كَذَّبَتْ الْأُولَى وَصَدَّقَتْ الثَّانِيَةُ طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ) فَقَطْ (فَإِنْ قَالَ مَنْ أَخْبَرَتْنِي) مِنْكُمَا بِكَذَا (فَأَخْبَرَتَاهُ) وَلَوْ (كَذِبًا أَوْ بَعْدَ الْعِلْمِ) أَيْ عِلْمِهِ (بِالْخَبَرِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا طَلُقَتَا) لِأَنَّ الْخَبَرَ يَقَعُ عَلَى الصِّدْقِ وَالْأَوَّلِ وَغَيْرِهِمَا (وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ بِقُدُومٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَحْصُلَانِ) أَيْ الْبِشَارَةُ وَالْخَبَرُ (بِالْمُكَاتَبَةِ) كَمَا يَحْصُلَانِ بِاللَّفْظِ (لَا الرَّسُولِ) لِأَنَّهُ الْمُبَشِّرُ وَالْمُخْبِرُ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ فُلَانَةُ تُبَشِّرُك بِكَذَا أَوْ أَرْسَلَتْنِي لِأُخْبِرَك بِكَذَا فَإِنْ قَالَهُ فَهِيَ الْمُبَشِّرَةُ وَالْمُخْبِرَةُ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ مِنْ الْعِتْقِ فِي التَّدْبِيرِ وَذِكْرِ حُصُولِ الْخَبَرِ وَعَدَمِ حُصُولِهِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(فَصْلٌ لَوْ نَادَى عَمْرَةَ فَأَجَابَتْهُ حَفْصَةُ فَطَلَّقَهَا يَظُنُّهَا عَمْرَةَ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ (لَا عَمْرَةُ) لِأَنَّهَا لَمْ تُخَاطَبْ بِالطَّلَاقِ وَظَنُّ خِطَابِهَا بِهِ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَهُ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ قَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْ نِسَاؤُهُ أَنْت طَالِقٌ وَهُوَ يَظُنُّهَا غَيْرَهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا دُونَ الْمَظْنُونَةِ (فَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا) أَيْ الْمُجِيبَةَ (حَفْصَةُ وَقَصَدْتهَا) بِالطَّلَاقِ (طَلُقَتْ وَحْدَهَا) لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (أَوْ) قَالَ (قَصَدْت عَمْرَةَ) وَحْدَهَا (حُكِمَ بِطَلَاقِهَا) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّهُ نَادَاهَا وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ خَاطَبَهَا وَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا وَفِي نُسْخَةٍ بِطَلَاقِهِمَا وَهُوَ صَحِيحٌ (وَدُيِّنَ فِي حَفْصَةَ) وَوَقَعَ طَلَاقُهَا ظَاهِرًا لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِهِ عَنْهَا ظَاهِرًا.
[فَصْلٌ عَلَّقَ الْمُدَبَّرُ طَلْقَتَيْنِ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ]
(فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ الْمُدَبَّرُ طَلْقَتَيْنِ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ أَوْ الْعَبْدُ طَلْقَتَيْنِ بِوُجُودِ صِفَةٍ عُلِّقَ عِتْقُهُ عَلَيْهَا) كَأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت حُرٌّ (فَمَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ وَخَرَجَ) الْمُدَبَّرُ (مِنْ الثُّلُثِ) أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ (أَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ) الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا عِتْقُ الْعَبْدِ (بَقِيَ لَهُ طَلْقَةٌ) فَلَهُ مُرَاجَعَةُ زَوْجَتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالطَّلَاقَ وَقَعَا مَعًا فَلَمْ يَكُنْ رَقِيقًا حَالَ الطَّلَاقِ حَتَّى يَفْتَقِرَ إلَى مُحَلِّلٍ وَالْعِتْقُ كَمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ الطَّلَاقَ لَمْ يَتَأَخَّرْ فَإِذَا وَقَعَا مَعًا غَلَبَ جَانِبُ الْحُرِّيَّةِ كَمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأُمِّ وَلَدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ لِأَنَّ بَعْضَهُ رَقِيقٌ (لَا إنْ عَلَّقَهُمَا) أَيْ الطَّلْقَتَيْنِ (بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ السَّيِّدِ) مَعَ تَعْلِيقِ السَّيِّدِ عِتْقَهُ بِمَوْتِهِ فَلَا يَبْقَى لَهُ طَلْقَةٌ بَلْ تَبِينُ مِنْهُ وَتَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ (لِتَقَدُّمِ الطَّلَاقِ) عَلَى الْعِتْقِ (وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِالْغَدِ إنْ عَتَقْت فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَجَاءَ الْغَدُ عَتَقَ وَبَقِيَ لَهُ طَلْقَةٌ لِتَقَدُّمِ الْعِتْقِ) عَلَى الطَّلَاقِ.
[فَرْعٌ عَلَّقَ زَوْجُ الْأَمَةِ طَلَاقَهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا]
(فَرْعٌ لَوْ عَلَّقَ زَوْجُ الْأَمَةِ طَلَاقَهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا وَهُوَ وَارِثُهُ فَمَاتَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً أَوْ كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ (دَيْنٌ) لِأَنَّهَا بِمَوْتِهِ تَنْتَقِلُ إلَيْهِ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ فَلَا يُصَادِفُ الطَّلَاقُ مَحِلًّا كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِمَوْتِ نَفْسِهِ أَوْ بِمَوْتِهَا وَلِأَنَّ مَوْتَهُ يَقْتَضِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
فَصْلٌ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ (قَوْلُهُ اكْتَفَى بِصِدْقِ الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ كَارِهًا لَهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَالْبِشَارَةُ لَفْظٌ عَامٌّ لَا يَنْحَصِرُ فِي وَاحِدَةٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ مَنْ الشَّرْطِيَّةُ تُفِيدُ الْعُمُومَ وَلِأَنَّ بِشَارَةَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتُفِيدُ الْعُمُومَ إذْ التَّقْدِيرُ مَنْ بَشَّرَنِي بِشَارَةً قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَاهُ مِنْ الْحُكْمِ بِالْوُقُوعِ مُشْكِلٌ لَا يُوَافِقُ الْقَوَاعِدَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مُخْتَصَّةٌ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ قَيْدِ الْأَوَّلِيَّةِ، وَالْمَعِيَّةُ لَيْسَ فِيهَا أَوَّلِيَّةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرٌ فَأَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا مَعًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْأَوَّلِيَّةِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْبِشَارَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْأَوَّلِيَّةِ وَالْأَوَّلِيَّةُ مُنْتَفِيَةٌ فِي الْمَعِيَّةِ فَحَصَلَ أَنَّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا لَا مُعَوَّلَ عَلَيْهِ وَقَدْ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَيْمَانِ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ مَنْ تَقْتَضِي التَّبْعِيضَ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْوِلَادَةِ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَوَّلِيَّةِ فِي الْبِشَارَةِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ هُنَاكَ بِالْأَوَّلِيَّةِ وَلَيْسَ نَظِيرَ الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا نَظِيرُهَا أَنْ يَقُولَ أَوَّلُ مَنْ تُبَشِّرُنِي فَهِيَ طَالِقٌ وَقَوْلُهُ إنَّ الرَّافِعِيَّ قَدْ فَسَّرَ الْبِشَارَةَ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ الْأَوَّلَ كَمَا يَقَعُ مِنْ وَاحِدٍ يَقَعُ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ وَالْمُخْبِرِ الْأَوَّلِ فَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّحَادُ الْمُخْبِرِ وَالْمُخْبِرُ الْأَوَّلُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاتِّحَادُ وَالتَّعْلِيقُ إنَّمَا هُوَ عَلَى حُصُولِ الْخَبَرِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَهُ فَهِيَ الْمُبَشِّرَةُ وَالْمُخْبِرَةُ كَمَا سَيَأْتِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/322)
الِانْفِسَاخَ وَالطَّلَاقُ وَاجْتِمَاعُهُمَا مُمْتَنِعٌ فَيَقَعُ الْأَقْوَى وَهُوَ الِانْفِسَاخُ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ قَهْرًا وَالطَّلَاقُ يَتَعَلَّقُ وُقُوعُهُ بِالِاخْتِيَارِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَعْضَهُ وَنَوَى عِتْقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَتَلْغُو نِيَّتُهُ وَخَرَجَ بِالْوَارِثِ غَيْرُهُ كَأَنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ فَتَطْلُقُ حِينَئِذٍ (فَإِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً) وَالزَّوْجُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا (طَلُقَتْ إنْ عَتَقَتْ بِالتَّدْبِيرِ) الْأَوْلَى بِمَوْتِ سَيِّدِهَا (وَلَوْ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ) لِلْعِتْقِ كَمَا تَعْتِقُ بِهِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ إذْ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لِعَدَمِ دُخُولِهَا أَوْ بَعْضِهَا فِي مِلْكِ الْوَارِثِ حِينَئِذٍ.
[فَرْعٌ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ بِشِرَائِهَا]
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ طَلَاقَهَا) أَيْ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ (بِشِرَائِهَا وَعَلَّقَ السَّيِّدُ عِتْقَهَا بِبَيْعِهَا وَاشْتَرَاهَا) مِنْهُ زَوْجُهَا (عَتَقَتْ فِي الْحَالِ عَلَى السَّيِّدِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَقُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَمْ الْمُشْتَرِي أَمْ مَوْقُوفٌ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِيهِ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ فَالْأَمَةُ مِلْكٌ لَهُ وَقَدْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ وَإِعْتَاقُهُ فَسْخٌ فَتَعُودُ الْأَمَةُ بِالْإِعْتَاقِ إلَى مِلْكِهِ (وَطَلُقَتْ) إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى الْمُشْتَرِي وَقَدْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ (لَا إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي) فَلَا تَطْلُقُ لِمُصَادَفَةِ حَالِ حُصُولِ الْمِلْكِ وُقُوعَ الِانْفِسَاخِ (كَمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمِلْكِهَا) بِأَنْ قَالَ مَعَ تَعْلِيقِ السَّيِّدِ عِتْقَهَا عَلَى بَيْعِهَا إنْ مَلَكْتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَمَلَكَهَا فَإِنَّهَا تَعْتِقُ فِي الْحَالِ وَلَا تَطْلُقُ وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي لِمَا مَرَّ آنِفًا (وَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَطَلَّقَهَا فِي الْمَجْلِسِ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (طَلُقَتْ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ) فِيهِ (لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ وَفُسِخَ) الْعَقْدُ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَمْلِكْهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفٌ وَلَمْ يُفْسَخْ الْعَقْدُ (فَلَا) تَطْلُقُ لِانْفِسَاخٍ كَمَا مَرَّ (وَإِذَا طَلَّقَهَا) حِينَئِذٍ (دُونَ ثَلَاثٍ) رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا (فَلَهُ وَطْؤُهَا) بِمِلْكِ الْيَمِينِ (فِي عِدَّتِهِ) وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَى انْقِضَائِهَا كَمَا لَهُ نِكَاحُ مُخْتَلِعَتِهِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ.
(فَصْلٌ لَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت طَالِقٌ أَوْ) لِأَمَتِهِ أَنْت (حُرَّةٌ يَوْمَ يَقْدُمُ زَيْدٌ فَمَاتَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ (أَوْ بَاعَهَا) أَيْ الْأَمَةُ (ضَحْوَةً وَقَدِمَ ظُهْرًا تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ مِنْ الْفَجْرِ لَا عَقِيبَ الْقُدُومِ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ مُضَافٌ إلَى يَوْمِ الْقُدُومِ فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا وَقَدْ حَصَلَ الْوَصْفُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ فَمَاتَتْ أَوْ بَاعَهَا ضَحْوَةً مِثَالٌ فَلَوْ لَمْ يَقَعْ مَوْتٌ وَلَا بَيْعٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (فَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا لَغَا) أَيْ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ تَعْتِقْ لِعَدَمِ وُجُودِ الْوَصْفِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْوَقْتَ) فَتَطْلُقُ أَوْ تَعْتِقُ لِأَنَّ الْيَوْمَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي مُطْلَقِ الْوَقْتِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16] فَإِنَّهُ أَرَادَ وَقْتَ الْقِتَالِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا مُشِيرًا بِثَلَاثِ أَصَابِعَ]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت طَالِقٌ هَكَذَا مُشِيرًا بِثَلَاثِ أَصَابِعَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا كَمَا تَطْلُقُ فِي أُصْبُعٍ طَلْقَةً وَفِي أُصْبُعَيْنِ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ صَرِيحٌ فِي الْعَدَدِ وَفِي الْحَدِيثِ «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ وَعَقَدَ بِإِبْهَامِهِ فِي الثَّالِثَةِ وَأَرَادَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ مَعَ الْإِشَارَةِ يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ بِالْعَدَدِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ مُفْهِمَةً لِذَلِكَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ وَأَقَرَّهُ (فَإِنْ أَرَادَ) بِالْإِشَارَةِ فِي صُورَةِ الثَّلَاثِ (الْمَقْبُوضِينَ لَا إحْدَاهُمَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فَلَا يَقَعُ أَكْثَرُ مِنْ طَلْقَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي إرَادَةِ إحْدَاهُمَا لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مَعَ اللَّفْظِ صَرِيحَةٌ فِي الْعَدَدِ كَمَا مَرَّ فَلَا يُقْبَلُ خِلَافُهَا (فَإِنْ أَشَارَ) مَعَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (وَلَمْ يَقُلْ هَكَذَا لَغَتْ الْإِشَارَةُ وَلَمْ يَتَعَدَّدْ) أَيْ الطَّلَاقُ فِي ذَلِكَ (إلَّا بِالنِّيَّةِ وَقَوْلُ الْمُشِيرِ بِثَلَاثٍ أَنْتِ هَكَذَا لَغْوٌ) أَيْ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ (وَلَوْ نَوَى الطَّلَاقَ) لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يُشْعِرُ بِهِ وَالنِّيَّةَ لَا تُؤَثِّرُ بِغَيْرِ لَفْظٍ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت بِهَا الْأُصْبُعَ دُونَ الزَّوْجَةِ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَلَمْ يُدَيَّنْ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ الثَّلَاثَ وَنَوَى الطَّلَاقَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ بِإِحْدَاهُمَا) أَيْ الصِّفَتَيْنِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ بِإِحْدَاهُمَا (إنْ قَدِمَ) أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى الشَّرْطِ (وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ) فِيهِمَا فَلَا يَقَعُ بِالصِّفَةِ الْأُخْرَى شَيْءٌ (فَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (وَإِنْ كَلَّمْت) زَيْدًا بِتَقْدِيمِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ تَأْخِيرِهِ (وَقَعَ بِكُلِّ صِفَةٍ طَلْقَةٌ وَ) لَوْ قَالَ (إنْ دَخَلْت وَكَلَّمْت) بِتَقْدِيمِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ تَأْخِيرِهِ (اُشْتُرِطَا) أَيْ الْوَصْفَانِ أَيْ وُجُودُهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ نَادَى عَمْرَةَ فَأَجَابَتْهُ حَفْصَةُ فَطَلَّقَهَا يَظُنُّهَا عَمْرَةَ]
قَوْلُهُ أَوْ مَوْقُوفٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدُمُ زَيْدٌ]
(فَصْلٌ قَالَ أَنْت طَالِقٌ هَكَذَا مُشِيرًا) .
(قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْإِشَارَةُ مُفْهِمَةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/323)
(لِوُقُوعِ طَلْقَةٍ فَإِنْ عَطَفَ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ) كَإِنْ دَخَلْت فَكَلَّمْت أَوْ ثُمَّ كَلَّمْت (اُشْتُرِطَ تَرْتِيبُهُمَا) بِأَنْ تَقَدَّمَ فِي الْمِثَالِ الدُّخُولُ عَلَى الْكَلَامِ وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ فِي الْفَاءِ اتِّصَالُ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي التَّدْبِيرِ وَقِيَاسُهُ اشْتِرَاطُ انْفِصَالِهِ عَنْهُ فِي ثُمَّ فِي ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ (وَكَذَا) يُشْتَرَطُ تَرْتِيبُهُمَا (فِي) قَوْلِهِ (إنْ دَخَلْت إنْ كَلَّمْت لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْأَخِيرِ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلْأَوَّلِ فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِلتَّعْلِيقِ وَهُوَ يَقْبَلُهُ كَمَا أَنَّ التَّنْجِيزَ يَقْبَلُهُ وَيُسَمَّى اعْتِرَاضَ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي} [هود: 34] الْآيَةَ أَيْ إنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ فَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إنْ أَرَدْت أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ (فَإِنْ عُكِسَتْ) بِأَنْ دَخَلَتْ ثُمَّ كَلَّمَتْ أَوْ وُجِدَا مَعًا (لَمْ تَطْلُقْ وَانْحَلَّتْ) أَيْ الْيَمِينُ فَلَوْ كَلَّمَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْمَرَّةِ الْأُولَى كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ دُخُولٌ سَبَقَهُ كَلَامٌ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا بَعْضُهُ وَهُوَ الْكَلَامُ فَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ حَنِثَ وَالتَّعْلِيقُ بِإِنْ فِي الشَّرْطَيْنِ مِثَالٌ فَغَيْرُهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ مِثْلُهَا (وَلَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتُك إنْ وَعَدْتُك إنْ سَأَلْتنِي فَأَنْت طَالِقٌ اُشْتُرِطَ سُؤَالُهَا ثُمَّ وَعْدُهُ ثُمَّ إعْطَاؤُهُ) وَالْمَعْنَى إنْ سَأَلْتنِي فَوَعَدْتُك فَأَعْطَيْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بَعْدَ كَلَامِهِ عَلَى تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ قَالَ أَصْحَابُنَا هَذَا فِي حَقِّ الْعَارِفِ فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا فَعَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت وَأَرَادَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالدُّخُولِ بَعْدَ الْكَلَامِ أَوْ عَكْسَهُ قُبِلَ) مِنْهُ (مَا أَرَادَ) وَإِلَّا اُشْتُرِطَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ (أَوْ) قَالَ (إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا وَعَمْرٌو مَعَ بَكْرٍ) فَأَنْت طَالِقٌ (اشْتَرَطَ تَكْلِيمَهُمَا وَكَوْنُ عَمْرٍو مَعَ بَكْرٍ حَالَ كَلَامِهِ) كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا وَهُوَ رَاكِبٌ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَا دَخَلْت الدَّارَ مَنْ لُغَتُهُ بِهَا) أَيْ بِلَا (مِثْلُ إنْ) كَالْبَغْدَادِيِّينَ (طَلُقَتْ بِالدُّخُولِ) وَفَاعِلُ قَالَ مَنْ أَمَّا مَنْ لَيْسَتْ لُغَتُهُ كَذَلِكَ فَتَطْلُقُ زَوْجَتُهُ حَالًا.
[فَرْعٌ قَالَ أَرْبَعُكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ]
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَرْبَعُكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ) أَوْ إلَّا وَاحِدَةً (طَلُقْنَ) جَمِيعًا (وَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ) لِأَنَّ الْأَرْبَعَ لَيْسَتْ صِيغَةَ عُمُومٍ وَإِنَّمَا هِيَ اسْمٌ خَاصٌّ لِعَدَدٍ مَعْلُومٍ خَاصٍّ فَقَوْلُهُ إلَّا فُلَانَةَ رَفْعٌ لِلطَّلَاقِ عَنْهَا بَعْدَ التَّنْصِيصِ عَلَيْهَا فَهِيَ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا لَا يَقَعُ عَلَيْك وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْأَعْدَادِ فِي الْإِقْرَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُسَلَّمٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ فَإِنْ صَرَّحَ بِهِ كَأَنْ قَالَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ لَك إلَّا وَاحِدًا مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ نَظِيرَ مَا هُنَا وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَإِنْ صَرَّحَ بِاسْمِ الْعَدَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ (بِخِلَافِ أَرْبَعُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ) فَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ فِي هَذِهِ وَقَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا تَنَاقُضَ بِخِلَافِ الْأُولَى وَرَدَّهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْمُسْتَثْنَى وَتَأَخُّرِهِ وَهُوَ حَسَنٌ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَصْلُ نَقْلُ الْمَسْأَلَةَ بِطَرَفَيْهَا عَنْ الْقَاضِي وَاسْتَشْكَلَ تَعْلِيلَهَا بِمَا ذَكَرَ وَمَيْلُهُ إلَى صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مُطْلَقًا (أَوْ) قَالَ (أَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا حَتَّى يَدْخُلَ عَمْرٌو الدَّارَ) أَوْ إلَى أَنْ يَدْخُلَ (اُشْتُرِطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (تَكْلِيمُ زَيْدٍ قَبْلَ دُخُولِ عَمْرٍو الدَّارَ) وَالْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا قَبْلَ دُخُولِ عَمْرٍو الدَّارَ.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لَهُ شَخْصٌ (مُسْتَخِيرًا أَطَلَّقْت) زَوْجَتَك أَوْ طَلَّقْتهَا وَأَرَادَ الِاسْتِفْهَامَ (فَقَالَ نَعَمْ) أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يُرَادِفُهَا كَجَيْرَ وَأَجَلْ (فَإِقْرَارٌ بِهِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ (وَيَقَعُ) عَلَيْهِ (ظَاهِرًا إنْ كَذَبَ) وَيُدَيَّنُ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت) طَلَاقًا (مَاضِيًا وَرَاجَعْت صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِهِ وَإِنْ قَالَ أَبَنْتهَا وَجَدَّدْت النِّكَاحَ فَكَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ وَفَسَّرَ بِذَلِكَ (أَوْ قَالَ) لَهُ (ذَلِكَ مُلْتَمِسًا لِلْإِنْشَاءِ فَقَالَ نَعَمْ طَلَّقْت وَقَعَ وَكَذَا) يَقَعُ (إذَا اقْتَصَرَ عَلَى نَعَمْ) إذَا السُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ فَكَأَنَّهُ قَالَ نَعَمْ طَلَّقْتهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ]
قَوْلُهُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْأَخِيرِ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ أَصْحَابُنَا هَذَا فِي حَقِّ الْعَارِفِ فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا فَعَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ. اهـ. قَالَ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ لَمْ أَجِدْهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَلَكِنَّ قَوَاعِدَهُمْ تَقْتَضِيهِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ إلَخْ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ انْحِلَالِهَا حُصُولُ الْحِنْثِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي الْبَيْنُونَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ خِلَافُ الْإِصْطَخْرِيِّ وَالْيَمِينُ مَتَى تَعَلَّقَتْ عَلَى فِعْلٍ حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْوُجُودِ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِنَظِيرِهِ إلَّا إذَا دَلَّتْ صِيغَةُ التَّعْلِيقِ عَلَى التَّكْرِيرِ كَكُلَّمَا وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فِي الِاعْتِرَاضِ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ دُخُولٌ سَبَقَهُ كَلَامٌ مَمْنُوعٌ بَلْ دُخُولُ أَوَّلٍ يَسْبِقُهُ كَلَامٌ وَالدُّخُولُ الْأَوَّلُ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُهُ وَهُوَ تَقْدِيمُ الْكَلَامِ وَالدُّخُولُ الثَّانِي لَمْ يُعَلَّقْ بِهِ طَلَاقٌ وَهَذَا دَقِيقٌ فَتَأَمَّلْهُ وَاعْلَمْ أَنَّ شَيْخَنَا أَثِيرَ الدِّينِ صَحَّحَ فِي الِارْتِشَافِ أَنَّ الْأَصَحَّ اشْتِرَاطُ تَقْدِيمِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا صَحَّحَ الْفُقَهَاءُ إلَّا أَنَّ ابْنَ مَالِكٍ صَحَّحَ أَنَّ الثَّانِيَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَهُوَ لَا يُوَافِقُ شَيْئًا مِمَّا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيقُ بِإِنْ فِي الشَّرْطَيْنِ مِثَالٌ إلَخْ) نَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي التَّدْبِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فِي قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ إذَا مِتَّ إنْ شِئْت تَأَخُّرَ الْمَشِيئَةِ عَنْ الْمَوْتِ ثُمَّ قَالَ وَلْيَجْرِ هَذَا الْخِلَافُ فِي سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ كَقَوْلِهِ إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا
[فَرْعٌ قَالَ إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت وَأَرَادَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ لَيْسَتْ صِيغَةَ عُمُومٍ) قَالَ شَيْخُنَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14] .
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْأَعْدَادِ فِي الْإِقْرَارِ) أَيْ وَالطَّلَاقِ.
(قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ فِي هَذِهِ وَقَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا تَنَاقُضَ) بِخِلَافِ الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ وَمَيْلُهُ إلَى صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مُطْلَقًا) قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا فِي كُلٍّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْمَالِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كا
(3/324)
وَلِهَذَا كَانَ صَرِيحًا فِي الْأَقْرَاءِ (وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى طَلَّقْت فَقِيلَ) هُوَ (كِتَابَةً) لِأَنَّ نَعَمْ تَتَعَيَّنُ لِلْجَوَابِ وَقَوْلُهُ طَلَّقْت مُسْتَقْبَلٌ بِنَفْسِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَلَا طَلَاقَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْت أَوْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْهَا فَقَالَ طَلَّقْت أَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت فَإِنَّهُ يَقَعُ فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى السُّؤَالِ وَالتَّفْوِيضِ (وَقِيلَ) هُوَ (كَنَعَمْ) فَيَكُونُ صَرِيحًا وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَلَوْ جَهِلَ حَالَ السُّؤَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ لَا يُسْتَفْهَمُ عَنْهُ وَصَرْفُهُ إلَى الِالْتِمَاسِ مَجَازٌ يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ هُنَا.
(فَرْعٌ لَوْ قِيلَ) لَهُ (أَلَكَ زَوْجَةٌ فَقَالَ لَا لَمْ تَطْلُقْ وَلَوْ نَوَى) لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ وَقَطَعَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ ذَكَرَ تَفَقُّهًا مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَأَنَّ لَهَا تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا وَعَلَيْهِ جَرَى الْأَصْفُونِيُّ وَشَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ فِي اخْتِيَارِهِمَا كَلَامَ الرَّوْضَةِ (وَلَوْ قِيلَ) لَهُ (أَطَلَّقْت) زَوْجَتَك (ثَلَاثًا) أَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الثَّلَاثِ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى (فَقَالَ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالطَّلَاقِ) لِاحْتِمَالِ جَرَيَانِ تَعْلِيقٍ أَوْ وَعْدٍ أَوْ مُخَاصَمَةٍ تَئُولُ إلَيْهِ فَلَوْ فَسَّرَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُبِلَ (وَقَوْلُهُ) لَهَا (مَا أَنْت لِي بِشَيْءٍ لَغْوٌ) فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ (وَإِنْ نَوَى أَوْ) قَالَ (امْرَأَتِي طَلَّقَهَا زَوْجُهَا) وَالْحَالُ إنَّهَا (لَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ قَبْلَهُ (طَلُقَتْ) وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (وَقَدْ أَكَلَا تَمْرًا) مَثَلًا وَخَلَطَا نَوَاهُمَا (إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ مِنْ نَوَاك فَأَنْت طَالِقٌ تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ (بِتَفْرِيقِهِ) مِنْهَا بِحَيْثُ لَا تَلْتَقِي مِنْهُ نَوَاتَانِ اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ (إلَّا إنْ أَرَادَ التَّعْيِينَ) لِنَوَاهَا مِنْ نَوَاهُ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ (وَكَذَا إنْ قَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ جَوْزِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْيَوْمَ) وَفِي نُسْخَةٍ تَرْكُ الْيَوْمِ (أَوْ) بِعَدَدِ (حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ قَبْلَ كَسْرِهَا) أَوْ إنْ لَمْ تَذْكُرِي لِي ذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ (إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْرِيفَ) أَيْ التَّعْيِينَ (بِأَنْ تَأْخُذَ عَدَدًا تَتَيَقَّنُهُ) أَيْ تَذْكُرُ عَدَدًا تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ (ثُمَّ تُكَرِّرُهُ مَعَ زِيَادَةِ وَاحِدٍ وَاحِدٍ) فَتَقُولُ مِائَةٌ وَوَاحِدَةٌ مِائَةٌ وَاثْنَتَانِ وَهَكَذَا (وَتَحْتَاطُ) فَتُزِيدُ حَتَّى تَبْلُغَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَزِيدُهُ عَلَيْهِ فَتَكُونُ مُخْبِرَةً بِذَلِكَ الْعَدَدِ وَذَاكِرَةً لَهُ. أَمَّا إذَا قَصَدَ التَّعْرِيفَ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِمَا ذَكَرَتْهُ وَاسْتَشْكَلَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْخَبَرَ يَعُمُّ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَعَلَيْهِ فَيَتَلَخَّصُ بِأَيِّ عَدَدٍ ذَكَرَتْهُ لِحُصُولِ مُسَمَّى الْخَبَرِ بِهِ وَإِنْ كَانَ كَذِبًا كَمَا فِي تَعْلِيقِهِ بِإِخْبَارِهَا بِقُدُومِ زَيْدٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ لِلرُّمَّانَةِ وَنَحْوِهَا عَدَدًا خَاصًّا وَقَدْ عَلَّقَ بِهِ فَإِذَا أَخْبَرَتْهُ بِعَدَدِ حَبِّهَا كَاذِبَةً لَمْ تُخْبِرْ بِهِ بِخِلَافِ قُدُومِ زَيْدٍ فَيُصَدَّقُ بِالْخَبَرِ الْكَاذِبِ (فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تَعُدِّي جَوْزَهَا) أَيْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْيَوْمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ قَالَ لَهُ شَخْصٌ مُسْتَخِيرًا أَطَلَّقْت زَوْجَتَك وَأَرَادَ الِاسْتِفْهَامَ فَقَالَ نَعَمْ]
قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى طَلَّقْت إلَخْ) لَوْ لَمْ يُجِبْهُ لَفْظًا بَلْ كَتَبَ نَعَمْ أَوْ بَلَى أَوْ كَانَ ذَلِكَ أَوْ كَذَا كَانَ فَهَلْ هُوَ كَتَطْلِيقِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ كَتَطْلِيقِهِ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ هُوَ كَنَعَمْ) فَيَكُونُ صَرِيحًا وَهُوَ الْأَصَحُّ.
(قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ قِيلَ لَهُ أَلَكَ زَوْجَةٌ فَقَالَ لَا]
(قَوْلُهُ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ إلَخْ) وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَاهُ فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ ادَّعَتْ النِّكَاحَ فَأَنْكَرَ لَا يَكُونُ إنْكَارُهُ طَلَاقًا.
(قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ تَفَقُّهًا مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ) أَيْ فِي الْإِقْرَارِ
1 -
(تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَفْطَرْت اللَّيْلَةَ عَلَى حَارٍّ أَوْ بَارِدٍ وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا ابْنُ الصَّبَّاغِ فَقَالَ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فِطْرِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فَقَالَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُفْطِرًا بِدُخُولِ اللَّيْلَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا صَرِيحُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَوَّلُ مُقْتَضَى مَذْهَبِ مَالِكٍ قَالَ ابْن الْعِمَادِ وَفِيمَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ تَقْدِيمُ الْعُرْفِ الْخَاصِّ عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا بِأَكْلِ لَحْمِ الْحُوتِ وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ بِالْجُلُوسِ عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ بِسَاطًا وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ فِي سِرَاجٍ بِجُلُوسِهِ فِي الشَّمْسِ وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ سِرَاجًا وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى وَتَدٍ بِجُلُوسِهِ عَلَى الْجَبَلِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَفْطَرْت بِالْكُوفَةِ وَكَانَ بِهَا يَوْمَ الْفِطْرِ لَكِنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ قِيَاسُ قَوْلِنَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْإِفْطَارَ يَكُونُ بِالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ فَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِفَتْوَى ابْنِ الصَّبَّاغِ وَبِهِ تَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى وَلَوْ قَالَ إنْ أَدْرَكْت الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأَدْرَكَهُ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْجَمِيعَ وَهَذَا أَيْضًا مُوَافِقٌ لِفَتْوَى ابْنِ الصَّبَّاغِ قَالَ شَيْخُنَا فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَأَفْطَرَ عَلَى شَيْءٍ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا ابْنُ الصَّبَّاغِ فَقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَقَدْ أَكَلَا تَمْرًا وَخَلَطَا نَوَاهُمَا إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ مِنْ نَوَاك فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(فَصْلٌ قَالَ وَقَدْ أَكَلَا تَمْرًا إلَخْ) .
(قَوْلُهُ إلَّا إنْ أَرَادَ التَّعْيِينَ لِنَوَاهَا مِنْ نَوَاهُ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ) لَيْسَ فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِالْوُقُوعِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ جُمْلَةً كَانَ مِنْ صُوَرِ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ عَادَةً وَقَدْ ذَكَرُوا فِيهِ عَدَمَ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَقِيَ مَا لَوْ قَصَدَ التَّعْيِينَ فَعَيَّنَتْ نَوًى وَمَيَّزَتْهُ وَقَالَتْ هَذَاك نَوَاك وَلَمْ يَجْرِ مِنْهُ تَكْذِيبٌ وَلَا غَيْرُهُ فَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ تُفْهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُخَلِّصٍ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَقَدْ تَعَرَّفَ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُ مَسْأَلَةَ التَّمْرَةِ إذَا اخْتَلَطَتْ بِصُبْرَةٍ فَأَكَلَتْهَا إلَّا تَمْرَةً قَالَ فِي الْكَافِي بَعْدَ إطْلَاقِهِ الْقَوْلَ بِالْخَلَاصِ بِتَفْرِيقِ النَّوَى وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِنَوَايَ أَوْ إنْ لَمْ تُشِيرِي إلَى نَوَايَ فَأَنْت طَالِقٌ فَالطَّرِيقُ أَنْ تَعُدَّ النَّوَى عَلَيْهِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَتَقُولَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ هَذِهِ نَوَاتُك. اهـ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ قُدُومِ زَيْدٍ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّمَا خَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَرِينَةَ تُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الذِّكْرُ لَا مُطْلَقُ الْخَبَرِ الثَّانِي أَنَّ الْإِخْبَارَ إنْ كَانَ لِمَا وَقَعَ مَعْدُودًا أَوْ
(3/325)
فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَقِيلَ) تَتَلَخَّصُ مِنْ الْحِنْثِ بِأَنْ تَفْعَلَ (هَكَذَا) أَيْ بِمَا ذُكِرَ آنِفًا (وَقِيلَ يَجِبُ أَنْ تَبْتَدِئَ مِنْ الْوَاحِدِ) وَتَزِيدَ إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ إلَى الْعِلْمِ بِمَا ذَكَرَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِابْتِلَاعِ تَمْرَةٍ فِي فَمِهَا وَبِقَذْفِهَا وَبِإِمْسَاكِهَا) بِأَنْ قَالَ إنْ ابْتَلَعْتِيهَا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ قُذُفَتَاهَا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ أَمُسْكَتَيْهَا فَأَنْت طَالِقٌ (فَأَكَلَتْ بَعْضَهَا فَوْرًا وَرَمَتْ) الْبَاقِي أَوْ لَمْ تَرْمِهِ (تَخَلَّصَتْ) مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا لِأَنَّ أَكْلَ الْبَعْضِ وَرَمْيَ الْبَعْضِ أَوْ إمْسَاكَهُ مُغَايِرٌ لِكُلِّ مِنْ الثَّلَاثَةِ هَذَا (إنْ تَأَخَّرَتْ يَمِينُ الْإِمْسَاكِ) كَمَا ذَكَرَ فَإِنْ تَقَدَّمَتْ أَوْ تَوَسَّطَتْ أَوْ أَخَّرَتْ الزَّوْجَةُ أَكْلَ الْبَعْضِ لَمْ يَتَخَلَّصْ بِذَلِكَ لِحُصُولِ الْإِمْسَاكِ (فَإِنْ عَلَّقَ بِأَكْلِهَا وَعَدَمِ أَكْلِهَا) بِأَنْ قَالَ إنْ أَكَلْتِيهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ تَأْكُلِيهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَلَا خَلَاصَ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَكْلِ بَعْضِهَا فَوْرًا فَإِنْ فَعَلَتْهُ حَنِثَ فِي يَمِينِ عَدَمِ الْأَكْلِ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ أَكْلِهَا الْبَاقِي (وَلَوْ عَلَّقَ بِالْأَكْلِ فَابْتَلَعَتْ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ يُقَالُ ابْتَلَعَ وَلَمْ يَأْكُلْ وَوَقَعَ لَهُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ عَكْسُ هَذَا.
(وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (وَهِيَ عَلَى سُلَّمٍ بِالصُّعُودِ بِالنُّزُولِ ثُمَّ بِالْوُقُوفِ) أَيْ بِالْمُكْثِ (فَطَفَرَتْ) أَيْ وَثَبَتَ (أَوْ انْتَقَلَتْ إلَى) سُلَّمٍ (آخَرَ أَوْ أَضْجَعَ) السُّلَّمَ عَلَى الْأَرْضِ وَهِيَ عَلَيْهِ وَتَقُومُ مِنْ مَوْضِعِهَا (أَوْ حُمِلَتْ) وَصَعِدَ بِهَا الْحَامِلُ أَوْ نَزَلَ (بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَوْرًا) فِي الْجَمِيعِ (لَمْ تَطْلُقْ) وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِثُمَّ اعْتِبَارَ تَأْخِيرِ التَّعْلِيقِ بِالْوُقُوفِ إذْ لَوْ لَمْ تَتَأَخَّرْ طَلُقَتْ وَخَرَجَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا مَا لَوْ حُمِلَتْ بِأَمْرِهَا فَيَحْنَثُ نَعَمْ إنْ حَمَلَهَا بِلَا صُعُودٍ وَنُزُولٍ بِأَنْ يَكُونَ وَاقِفًا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا أَثَرَ لِأَمْرِهَا.
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَهُ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ أَوْ رَغِيفٍ فَأَكَلَتْ إلَّا حَبَّةً أَوْ لُبَابَةً يَقَعُ مَوْقِعًا) بِأَنْ يُسَمِّيَ قِطْعَةَ خُبْزٍ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّهَا لَمْ تَأْكُلْ الرُّمَّانَةَ أَوْ الرَّغِيفَ وَإِنْ تَسَامَحَ أَهْلُ الْعُرْفِ فِي إطْلَاقِ أَكْلِ الرُّمَّانَةِ أَوْ الرَّغِيفِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَا يَقَعُ مَوْقِعًا إذْ فُتَاتُ الْخُبْزِ الَّذِي يَدِقُّ مُدْرَكُهُ لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ فِي بِرٍّ وَلَا حِنْثٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي الرُّمَّانَةِ فِيمَا إذَا بَقِيَ بَعْضُ حَبَّةٍ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِيهِ.
[فَرْعٌ سَقَط الْحَجَر مِنْ عُلْو إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي السَّاعَةَ مَنْ رَمَاهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(فَرْعٌ) لَوْ (سَقَطَ الْحَجَرُ) مِنْ عُلْوٍ (أَوْ اتَّهَمَهَا) زَوْجُهَا بِسَرِقَةٍ (فَقَالَ) فِي الْأَوَّلِ (إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي السَّاعَةَ مَنْ رَمَاهُ أَوْ) قَالَ فِي الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ (تَصْدُقِينِي أَسَرَقْتِ أَمْ لَا فَأَنْتِ طَالِقٌ) وَلَمْ يُرِدْ تَعْيِينًا فِيهِمَا (فَقَالَتْ) فِي الْأُولَى رَمَاهُ (مَخْلُوقٌ لَا آدَمِيٌّ أَوْ) فِي الثَّانِيَةِ (سَرَقْته مَا سَرَقْته تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ لِأَنَّهَا صَادِقَةٌ بِالْإِخْبَارِ فِي الْأُولَى وَبِأَحَدِ الْإِخْبَارَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَخَلَّصْ فِي الْأُولَى بِقَوْلِهَا رَمَاهُ آدَمِيٌّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ رَمَاهُ كَلْبٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ نَحْوُهُمَا لِأَنَّ سَبَبَ الْحِنْثِ وُجِدَ وَشَكَكْنَا فِي الْمَانِعِ وَشُبِّهَ بِمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ الْيَوْمَ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ تَعْرِفْ مَشِيئَتَهُ (أَوْ) قَالَ (إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي كَمْ رَكَعَاتُ الْفَرَائِضِ) فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ (فَقَالَتْ سَبْعَ عَشْرَةَ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ) لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ (أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ) أَيْ (لِلْجُمُعَةِ) أَيْ لِيَوْمِهَا (أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ وَهِيَ) مُخْتَصَّةٌ (بِالسَّفَرِ تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ حَتَّى لَوْ قَالَ الثَّلَاثَ مَنْ لَمْ يُخْبِرْنِي مِنْكُنَّ بِعَدَدِ رَكَعَاتِ فَرَائِضِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأُخْرَى خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَالِثَةٌ إحْدَى عَشْرَةَ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لِصِدْقِهِنَّ فِيمَا ذَكَرْنَهُ مِنْ الْعَدَدِ كَمَا تَقَرَّرَ نَعَمْ إنْ أَرَادَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَيَّامِ عَيْنًا فَالْحَلِفُ عَلَى مَا أَرَادَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ إنْ لَمْ أَقُلْ كَمَا تَقُولِينَ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ) لَهُ (أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَخَلَاصُهُ) مِنْ الْحِنْثِ (أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ) أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا (مِنْ وَثَاقٍ أَوْ) أَنْتِ (قُلْت أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (كَيْفَ تَقُولُ إذَا أَرَدْت أَنْ تُطَلِّقَنِي فَقَالَ أَقُولُ أَنْت طَالِقٌ لَغَا) فَلَا تَطْلُقُ بِهِ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَمَّا يَفْعَلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (وَإِنْ عَلَّقَهُ وَهِيَ فِي نَهْرٍ) أَيْ مَاءٍ جَارٍ (بِالْخُرُوجِ) مِنْهُ (أَوْ بِاللُّبْثِ) فِيهِ الْأَوْلَى وَبِاللُّبْثِ بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ خَرَجْت مِنْهُ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ لَبِثَ فِيهِ فَأَنْت طَالِقٌ (لَمْ تَطْلُقْ) خَرَجَتْ أَوْ لَبِثَتْ (لِأَنَّهُ) بِجَرَيَانِهِ (مُفَارِقُهَا أَوْ) وَهِيَ (فِي رَاكِدٍ فَلْتُحْمَلْ مِنْهُ فَوْرًا) لِيَتَخَلَّصَ الزَّوْجُ مِنْ الْحِنْثِ (أَوْ عَلَّقَهُ بِإِرَاقَةِ مَاءِ الْكُوزِ وَبِتَرْكِهِ) فِيهِ (وَبِشُرْبِهَا وَبِشُرْبِ غَيْرِهَا إيَّاهُ) بِأَنْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
مَفْعُولًا كَرَمْيِ الْحَجَرِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْوَاقِعِ وَإِنْ كَانَ الْمُحْتَمَلُ الْوُقُوعَ وَعَدَمَهُ كَقُدُومِ زَيْدٍ كَفَى فِيهِ مُطْلَقُ الْإِخْبَارِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ يَجِبُ أَنْ تَبْتَدِئَ مِنْ الْوَاحِدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا هُوَ وَاضِحٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأُولَى وَهِيَ مَنْ لَمْ تُخْبِرْنِي بِعَدَدِ كَذَا وَبَيْنَ هَذِهِ وَهِيَ إنْ لَمْ تَعُدِّي وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِابْتِدَاءِ الْعَدَدِ
[فَرْعٌ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِابْتِلَاعِ تَمْرَةٍ فِي فَمِهَا]
(قَوْلُهُ فَأَكَلَتْ بَعْضَهَا فَوْرًا وَرَمَتْ الْبَاقِيَ إلَخْ) أَوْ رَمَتْ بَعْضَهَا فَوْرًا وَأَمْسَكَتْ الْبَاقِيَ. (قَوْلُهُ وَوَقَعَ لَهُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ عَكْسُ هَذَا) إنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ بِهِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ لَا يَتَنَاوَلُهُ وَفِي الْأَيْمَانِ الْعُرْفُ وَأَهْلُهُ يُطْلِقُونَ اسْمَ الْأَكْلِ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْمَفْهُومُ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِهِمَا أَنَّ مُجَرَّدَ الِابْتِلَاعِ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَضْغِ كَالْخُبْزِ لَا يُسَمَّى أَكْلًا فَيَصِحُّ فِي مِثْلِهِ أَنْ يُقَالَ ابْتَلَعَ وَمَا أَكَلَ وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَضْغِ كَالْعَصِيدَةِ وَالْهَرِيسَةِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ يَسِيرًا كَالسُّكَّرِ فَابْتِلَاعُهُ يُسَمَّى أَكْلًا
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ حَمَلَهَا بِلَا صُعُودٍ وَنُزُولٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ عَلَّقَ الطَّلَاق بِأَكْلِ رُمَّانَة أَوْ رَغِيف فَأَكَلَتْ إلَّا حَبَّةً أَوْ لُبَابَةً]
(قَوْلُهُ فَقَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي السَّاعَةَ مَنْ رَمَاهُ أَوْ تَصْدُقِينِي إلَخْ) أَمَّا إذَا قَالَ إنْ لَمْ تُعْلِمِينِي بِالصِّدْقِ فَإِنَّهَا لَا تَتَلَخَّصُ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَشُبِّهَ بِمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ الْيَوْمَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ فَيَقَعُ؛ لِأَنَّا عَلِمْنَا وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَشَكَكْنَا فِي رَافِعِهِ وَهُوَ وُجُودُ مَشِيئَتِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ زَيْدٌ الدَّارَ الْيَوْمَ وَمَاتَ وَشَكَّ فِي دُخُولِهِ حَيْثُ لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِشَرْطِ أَنْ يَنْتَفِيَ دُخُولُهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ فَلَمْ يَقَعْ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَرَادَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَيَّامِ عَيْنًا فَالْحَلِفُ عَلَى مَا أَرَادَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/326)
قَالَ لَهَا إنْ أَرَقْت مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ شَرِبْته أَنْت أَوْ غَيْرُك فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ تَرَكْت فَأَنْت طَالِقٌ (فَبَلَّتْ بِهِ خِرْقَةً وَضَعَتْهَا فِيهِ لَمْ تَطْلُقْ) وَكَذَا لَوْ بَلَّتْهَا بِبَعْضِهِ أَوْ شَرِبَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا بَعْضَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَإِنْ تَرَكْته كَمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّمْرَةِ وَإِلَّا فَبِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَإِنْ شَرِبْته تَطْلُقُ لِأَنَّهَا تَرَكَتْهُ.
(فَرْعٌ الْأَصْحَابُ إلَّا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ يَمِيلُونَ فِي التَّعْلِيقِ إلَى تَقْدِيمِ الْوَضْعِ) اللُّغَوِيِّ (عَلَى الْعُرْفِ) الْغَالِبِ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ كَمَا مَرَّ فِي إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ مِنْ نَوَاك فَإِنَّ مَعْنَاهُ الْوَضْعِيَّ التَّفْرِيقُ وَمَعْنَاهُ الْعُرْفِيَّ التَّعْيِينُ هَذَا إنْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ فَإِنْ اضْطَرَدَ عُمِلَ بِهِ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِ حِينَئِذٍ وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ وَالِاجْتِهَادُ فِيمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ وَلَا يَخْتَصُّ بِقَوْلِ الْغَزَالِيِّ بَلْ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ وَمِنْهُ مَا يَأْتِي فِي الْخَسِيسِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَيُشْبِهُ إلَى آخِرِهِ.
(فَرْعٌ) فِي بَيَانِ أَوْصَافٍ تَجْرِي فِي مُخَاصَمَةِ الزَّوْجَيْنِ وَيُعَلَّقُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ (الْخَسِيسُ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ) بِأَنْ تَرَكَ دِينَهُ بِاشْتِغَالِهِ بِدُنْيَاهُ (وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَنْ يَتَعَاطَى) فِي الْعُرْفِ (مَا لَا يَلِيقُ بِهِ بُخْلًا) بِمَا يَلِيقُ بِهِ خِلَافَ مَنْ يَتَعَاطَاهُ تَوَاضُعًا (وَأَخَسُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخَسِيسِ أَيْ وَأَخَسُّ الْأَخْسَاسِ (مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ وَالسَّفَهُ مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ سِيَاقٌ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ فِي مَعْرِضِ إسْرَافٍ أَوْ بَذَاءَةِ لِسَانٍ فَالْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ (وَالْقَوَّادُ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) جَمِيعًا (حَرَامًا) وَإِنْ كُنَّ غَيْرَ أَهْلِهِ وَكَذَا مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُرْدِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ.
(وَالْقَرْطَبَانِ مَنْ يَسْكُتُ عَلَى الزَّانِي بِامْرَأَتِهِ) وَفِي مَعْنَاهُ مَحَارِمُهُ وَنَحْوُهُنَّ. (وَقَلِيلُ الْحَمِيَّةِ مَنْ لَا يَغَارُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَحَارِمِهِ) وَنَحْوِهِنَّ (وَالْقَلَّاشُ الذَّوَّاقُ لِلطَّعَامِ كَالْمُشْتَرِي وَلَا يُرِيدُهُ) أَيْ يَرَى أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ وَلَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ (وَالدَّيُّوثُ) بِالْمُثَلَّثَةِ (مَنْ لَا يَمْنَعُ الدَّاخِلَ عَلَى زَوْجَتِهِ) مِنْ الدُّخُولِ وَيُشْبِهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَارِمَهُ وَإِمَاءَهُ كَزَوْجَتِهِ لِلْعُرْفِ (وَالْبَخِيلُ مَانِعُ الزَّكَاةِ وَمَنْ لَا يُقْرِي الضَّيْفَ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَخِيلٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ الْبَخِيلُ مَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ وَلَا يُقْرِي الضَّيْفَ (وَمَنْ قِيلَ لَهُ يَا زَوْجَ الْقَحْبَةِ فَقَالَ إنْ كَانَتْ) زَوْجَتِي (كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ طَلُقَتْ إنْ قَصَدَ التَّخَلُّصَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ عَارِهَا كَمَا لَوْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ (وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ) فَإِنْ وُجِدَتْ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا (وَالْقَحْبَةُ هِيَ الْبَغِيَّةُ وَإِنْ تَفَاخَرَا) فِي الْخُصُومَةِ كَأَنْ قَالَ لَهَا إيشِ تَكُونِينَ أَنْت فَقَالَتْ وإِيشْ تَكُونُ أَنْت (فَقَالَ إنْ لَمْ أَكُنْ مِنْك بِسَبِيلٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ مِنْهَا بِسَبِيلٍ) لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ (أَوْ) قَصَدَ (الْمُكَافَأَةَ) لَهَا بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ (طَلُقَتْ) إذْ الْمَقْصُودُ إيقَاعُ الْفُرْقَةِ وَقَطْعُ مَا بَيْنَهُمَا وَلَوْ
(قَالَتْ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ أَنْت مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ) لَهَا (إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِهَا فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ظَاهِرًا فَإِنْ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّا بَانَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ (أَوْ) قَالَتْهُ لِزَوْجِهَا (الْكَافِرِ) فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ (طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ظَاهِرًا (فَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ أَنْ لَا طَلَاقَ) نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا طَلُقَتْ فِي الْحَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَوْ قَالَ الْمُسْلِمُ إنْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ إذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْقَاضِي ثُمَّ قَالَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا وَقَعَ طَلَاقُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَنْدَنِيجِيّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى.
وَلَوْ (قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَنَا أَسْتَنْكِفُ مِنْك فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَسْتَنْكِفُ مِنِّي فَهِيَ طَالِقٌ فَظَاهِرَهُ الْمُكَافَأَةِ) فَتَطْلُقُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالسَّفِلَةُ مَنْ يَعْتَادُ دَنِيءَ الْأَفْعَالِ لَا نَادِرًا) فَلَوْ قَالَتْ لَهُ يَا سَفِلَةُ فَقَالَ إنْ كُنْت كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَا الْمُكَافَأَةَ طَلُقَتْ حَالًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ بِمَا ذُكِرَ (وَالْكَوْسَجُ مَنْ قَلَّ شَعْرُ وَجْهِهِ وَعُدِمَ شَعْرُ عَارِضَيْهِ وَالْغَوْغَاءُ مَنْ يُخَالِطُ الْأَرَاذِلَ وَيُخَاصِمُ) النَّاسَ (بِلَا حَاجَةٍ وَالْأَحْمَقُ مَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ قَالَ إنْ لَمْ أَقُلْ كَمَا تَقُولِينَ فَأَنْتِ طَالِقٌ]
قَوْلُهُ أَوْ شَرِبَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا بَعْضَهُ) أَوْ قَبِلَتْ بَعْضَهُ أَوْ ثَقَبَتْ أَسْفَلَ الْكُوزِ فَخَرَجَ الْمَاءُ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ جَعَلَتْ طَرَفَ قَصَبَةٍ فِي فِيهَا وَطَرَفَهَا الْآخَرَ فِي الْكُوزِ فَصَعِدَ الْمَاءُ أَوْ بَعْضُهُ إلَى فِيهَا ثُمَّ مَجَّتْهُ.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَإِنْ تَرَكَتْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ تَّعْلِيقِ الطَّلَاق إلَى تَقْدِيمِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ]
(قَوْلُهُ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ) عِبَارَتُهُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَنْضَبِطُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَإِدَارَةُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَكِنْ يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ إطْرَادًا وَاضْطِرَابًا وَيَكْفِيهِ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى قُوَّةً وَضَعْفًا وَقَدْ يَقْوَى الْعُرْفُ فَيَقْتَضِي هِجْرَانَ الْوَضْعِ وَقَدْ يَضْطَرِبُ فَيُؤْخَذُ بِالْوَضْعِ وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ وَالِاجْتِهَادُ
[فَرْعٌ بَيَانِ أَوْصَافٍ تَجْرِي فِي مُخَاصَمَةِ الزَّوْجَيْنِ]
(قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَنْ يَتَعَاطَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ بُخْلًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَكْثَرُ الْعَامَّةِ يُطْلِقُ لَفْظَ الْخَسِيسِ عَلَى الْبَخِيلِ سَوَاءٌ أَتَعَاطَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ أَمْ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ عُرْفُهُمْ فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَالسَّفَهُ مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْعُرْفُ فِي وَقْتِنَا جَارٍ بِإِطْلَاقِ ذَلِكَ عَلَى بَذِيءِ اللِّسَانِ الْمُتَفَحِّشِ الْمُوَاجِهِ بِمَا يَسْتَحْيِي غَالِبُ النَّاسِ مِنْ الْمُوَاجَهَةِ بِهِ فَالْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا مِنْ الْعَامِّيِّ لَا الَّذِي يَعْرِفُ السَّفَهَ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ تَدُلُّ قَرِينَةُ الْحَالِ عَلَى إرَادَتِهِ ذَلِكَ بِأَنْ خَاطَبَهَا بِفُحْشٍ مِنْ الْقَوْلِ وَالْبَذَاءَةِ فَقَالَتْ لَهُ يَا سَفِيهُ مُشِيرَةً إلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرَادِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) وَكَذَا بَيْنَ النِّسَاءِ وَالنِّسَاءِ الْمُسَاحِقَاتِ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّ مَحَارِمَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَخِيلٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَالْقَحْبَةُ إلَخْ) كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ لَيْسَتْ عَرَبِيَّةً أَنْكَرَ فِي الْمُهِمَّاتِ كَوْنَهَا مُوَلَّدَةً قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهُوَ عَجِيبٌ فَقَدْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ اللُّغَوِيِّينَ مِنْهُمْ الصَّاغَانِيُّ فِي الْعُبَابِ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ فَقَالَ الْقَحْبَةُ كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ
(قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/327)
يَفْعَلُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِقُبْحِهِ) كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا عَنْ صَاحِبَيْ الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ وَقِيلَ مَنْ نَقَصَتْ مَرْتَبَةُ أُمُورِهِ وَأَحْوَالِهِ عَنْ مَرَاتِبِ أَمْثَالِهِ نَقْصًا بَيِّنًا بِلَا مَرَضٍ وَلَا سَبَبٍ وَقِيلَ مَنْ يَعْمَلُ مَا يَضُرُّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِقُبْحِهِ وَقِيلَ مَنْ يَضَعُ كَلَامَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَيَأْتِي بِالْحَسَنِ فِي مَوْضِعِ الْقَبِيحِ وَعَكْسِهِ وَقِيلَ مَنْ لَا يَنْتَفِعُ بِعَقْلِهِ (والجهوذوري) مَنْ قَامَ بِهِ (الذِّلَّةُ وَالْخَسَاسَةُ) وَقِيلَ مَنْ قَامَ بِهِ صُفْرَةُ الْوَجْهِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَرَجَّحَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ الثَّانِي (فَإِنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهِ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُوصَفُ بِهَذَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ فِي الْوَسِيطِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ قَصَدَتْ الْمُكَافَأَةَ طَلُقَتْ حَالًا والجهوذوري مَكْتُوبٌ فِي الْأَصْلِ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الْوَاوِ.
(فَصْلٌ فِيمَا يَجْرِي) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (بِالْمُخَاصَمَةِ) أَيْ فِيهَا (وَإِنْ قَالَتْ) لَهُ (يَا خَسِيسُ أَوْ يَا سَفِيهُ فَقَالَ إنْ كُنْت كَذَلِكَ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ) لَهَا بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ مِنْ الطَّلَاقِ كَمَا غَاظَتْهُ بِالشَّتْمِ (طَلُقَتْ) حَالًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَسِيسًا وَلَا سَفِيهًا لِأَنَّ الْغَيْظَ بِالطَّلَاقِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ وَالتَّقْدِيرُ تَزْعُمِينَ أَنِّي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ إذَنْ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ أَطْلَقَ (فَتَعْلِيقٌ فَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ) الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَيْ وُجُودُهُ عَمَلًا بِمُقْتَضَاهُ فَإِنْ عَمَّ الْعُرْفُ بِالْمُكَافَأَةِ وَضُبِطَ قُدِّمَ عَلَى الْوَضْعِ عَلَى مَا قَدَّمَتْهُ (فَإِنْ شَكَّ) فِي وُجُودِ الشَّرْطِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (أَوْ قَالَتْ) لَهُ كَمْ تُحَرِّكُ لِحْيَتَك فَقَدْ (رَأَيْت مِثْلَ لِحْيَتِك كَثِيرًا فَقَالَ إنْ) كُنْت (رَأَيْت مِثْلَهَا) كَثِيرًا (فَأَنْت طَالِقٌ. فَهَذِهِ) اللَّفْظَةُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ (كِنَايَةٌ عَنْ الرُّجُولِيَّةِ أَوْ الْفُتُوَّةِ) أَوْ نَحْوِهِمَا (فَإِنْ قَصَدَ) بِهَا (الْمُغَايَظَةَ وَالْمُكَافَأَةَ أَوْ الرُّجُولِيَّةَ وَالْفُتُوَّةَ طَلُقَتْ أَوْ الْمُشَاكَلَةَ فِي الصُّورَةِ فَلَا) تَطْلُقُ إلَّا إنْ كَانَتْ رَأَتْ مِثْلَهَا كَثِيرًا وَلَفْظَةُ كَثِيرًا فِي كَلَامِ أَصْلِهِ وَهِيَ مِثَالٌ وَلِذَلِكَ حَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ أَوْ الرُّجُولِيَّةَ وَالْفُتُوَّةَ مَنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ كَالْمُشَاكَلَةِ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا.
(فَرْعٌ) لَوْ (قِيلَ لِزَانٍ زَنَيْت فَقَالَ مَنْ زَنَى فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ إذْ قَصْدُهُ ذَمُّ الزَّانِي) لَا إيقَاعُ الطَّلَاقِ (وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت) مَثَلًا (فَكَذَّبَتْهُ فَقَالَ إنْ كُنْت زَنَيْت فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ) حَالًا (بِإِقْرَارِهِ) السَّابِقِ.
[فَصْلٌ قَالَ إنْ خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَالَفَتْ]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ إنْ خَالَفْت أَمْرِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَخَالَفَتْ نَهْيَهُ) كَأَنْ قَالَ لَهَا لَا تَقُومِي فَقَامَتْ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا خَالَفَتْ نَهْيَهُ دُونَ أَمْرِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِسَبَبِ الْعُرْفِ (بِخِلَافِ عَكْسِهِ) بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ خَالَفْت نَهْيِي فَأَنْت طَالِقٌ فَخَالَفَتْ أَمْرَهُ كَأَنْ قَالَ لَهَا قُومِي فَقَعَدَتْ فَتَطْلُقُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا فَاسِدٌ إذْ لَيْسَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ فِيمَا يَخْتَارُهُ وَإِنْ كَانَ فَالْيَمِينُ لَا يُبْنَى عَلَيْهِ بَلْ عَلَى اللُّغَةِ أَوْ الْعُرْفِ.
(وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمُضِيِّ حِينٍ أَوْ زَمَانٍ) كَأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِمُضِيِّ أَوْ بَعْدَ أَوْ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ (طَلُقَتْ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ) لِوُقُوعِهِ عَلَيْهَا كَمَا يَقَعُ عَلَى مَا فَوْقَهَا وَيُفَارِقُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ قَالَ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَى حِينٍ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ لِلشَّكِّ فِي الْمُرَادِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنْشَاءٌ وَلَأَقْضِيَنَّك وَعْدٌ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَيْهِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ إنْ عَلَّقَهُ بِمُضِيِّ (حُقُبٍ أَوْ عَصْرٍ) أَوْ دَهْرٍ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ (وَفِيهِ نَظَرٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَهُوَ بَعِيدٌ لَا وَجْهَ لَهُ أَيْ لِمُنَافَاتِهِ تَفَاسِيرَهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَفَسَّرَ الْإِمَامُ الْعَصْرَ بِأَنَّهُ زَمَنٌ طَوِيلٌ يَحْوِي أُمَمًا وَيَنْقَرِضُ بِانْقِرَاضِهِمْ وَفِي مَعْنَاهُ الْحُقُبُ وَالدَّهْرُ، وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ الْحُقُبَ الْمُلْحَقَ بِهِ الْآخَرَانِ بِثَمَانِينَ سَنَةً وَبَعْضُهُمْ بِثَلَاثِينَ سَنَةً وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا نَظَرَ وَلَا بُعْدَ فَقَدْ فَسَّرَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْحِقَبَ وَالْعَصْرَ بِالدَّهْرِ وَالدَّهْرَ بِالزَّمَنِ وَأَمَّا الْحُقُبُ بِضَمِّ الْقَافِ فَهُوَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَوَقَعَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْجَوْهَرِيِّ وَعَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ لَا تَطْلُقُ أَصْلًا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي وَعَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْبَعْضُ تَطْلُقُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَعَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ لَوْ قَالَ الْحَالِفُ أَرَدْت مَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ أَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ مَكْتُوبٌ فِي الْأَصْلِ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الْوَاوِ) الَّذِي رَأَيْته فِيهِ مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ
[فَصْلٌ فِيمَا يَجْرِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِالْمُخَاصَمَةِ]
(فَصْلٌ فِيمَا يَجْرِي بِالْمُخَاصَمَةِ) . (قَوْلُهُ أَوْ الْمُشَاكَلَةِ فِي الصُّورَةِ) أَيْ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا.
(قَوْلُهُ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا) لِكَثْرَةِ الْأَمْثَالِ إنَّمَا صَوَابُهُ وَإِلَّا فَيَقَعُ لِكَثْرَةِ الْأَمْثَالِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى رُؤْيَةِ الْأَمْثَالِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْوَسِيطِ عَلَى الصَّوَابِ قُلْتُ وَكَانَ صَوَابُ التَّعْبِيرِ وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّفَةِ وَهِيَ رُؤْيَةُ كَثْرَةِ الْأَمْثَالِ ت وَجْهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَنَّ رُؤْيَتَهَا مِثْلَهُ فِي الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ وُجِدَتْ وَلَا بُدَّ بِخِلَافِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الشَّكْلِ وَالصُّورَةِ وَعَدَدِ الشَّعَرَاتِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ وُجِدَتْ وَقَوْلُهُ وَجْهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ قِيلَ لِزَانٍ زَنَيْت فَقَالَ مَنْ زَنَى فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ]
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا مُخَالَفَتَهَا نَهْيَهُ مُخَالَفَةً لِأَمْرِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالْأَمْرِ الْإِيقَاعُ وَبِمُخَالَفَتِهَا نَهْيَهُ حَصَلَ الْإِيقَاعُ لَا تَرْكُهُ وَالْمَطْلُوبُ بِالنَّهْيِ الْكَفُّ أَيْ الِانْتِهَاءُ وَبِمُخَالَفَتِهَا أَمْرَهُ لَمْ تَكُفَّ وَلَمْ تَنْتَهِ لِإِتْيَانِهَا بِضِدِّ مَطْلُوبِهِ وَالْعُرْفُ شَاهِدٌ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ إنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا مُخَالَفَتَهَا نَهْيَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَكَذَا حُقُبٌ أَوْ عَصْرٌ أَوْ دَهْرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ مِنْ الزَّمَانِ وَالْكَثِيرِ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) الِاسْتِشْكَالُ مَبْنِيٌّ عَلَى نَفْيِ إطْلَاقِ الْحُقُبِ وَالْعَصْرِ وَالدَّهْرِ عَلَى زَمَنِ الْقَلِيلِ وَمَنْ عَلَّلَ مِنْ الْأَصْحَابِ بِالْإِطْلَاقِ عَلَى الْقَلِيلِ فَتَعْلِيلُهُ مُتَضَمِّنٌ لِنَقْلِ ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَوْ الْعُرْفِ وَالْمُثْبَتُ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ فَلِذَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِرْشَادُ.
(قَوْلُهُ وَالْحَقُّ إنَّهُ لَا نَظَرَ وَلَا بُعْدَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ فَهُوَ ثَمَانُونَ سَنَةً) فِي الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْكَهْفِ حُقُبًا زَمَانًا وَفِي تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ وَالْحُقُبُ الدَّهْرُ وَقِيلَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَقِيلَ سَبْعُونَ
(3/328)
الْمُبَعَّضَ وَلَا أَعْرِفُ غَيْرَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَهُوَ بَعِيدٌ وَيَنْبَغِي قَبُولُهُ إنْ احْتَفَّ بِقَرَائِنَ تُصَدِّقُهُ.
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِالضَّرْبِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بِضَرْبِهِ حَيًّا) لَا مَيِّتًا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَظِنَّةِ الْإِيلَامِ (بِالسَّوْطِ وَبِالْوَكْزِ) أَيْ الضَّرْبُ وَالدَّفْعُ وَيُقَالُ الضَّرْبُ بِجَمْعِ الْيَدِ عَلَى الذَّقَنِ (وَاللَّكْزُ) أَيْ الضَّرْبُ بِجَمْعِ الْيَدِ عَلَى الصَّدْرِ هَذَا (إنْ آلَمَ) الْمَضْرُوبَ (وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُؤْلِمْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا غَلَطٌ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مِنْ تَصْحِيحِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِيلَامِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يُقَالُ ضَرَبَهُ فَلَمْ يُؤْلِمْهُ (لَا الْعَضُّ وَقَطْعُ الشَّعْرِ) فَلَا يَحْصُلُ الضَّرْبُ بِهِمَا فَلَا يَقَعُ بِهِمَا الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِالْقَذْفِ أَوْ اللَّمْسِ) الْأَنْسَبُ بِمَا بَعْدَهُ الْمَسُّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ (طَلُقَتْ بِقَذْفِ الْمَيِّتِ وَمَسِّ بَشَرٍ) لِصِدْقِ الِاسْمِ فِيهِ كَمَا فِي الْحَيِّ وَلِهَذَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَيُنْتَقَضُ وُضُوءُ مَاسِّهِ وَخَرَجَ بِالْبَشَرَةِ مَسُّهُ بِحَائِلٍ وَمَسُّ شَعْرِهِ وَظُفُرِهِ وَسِنِّهِ.
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِقُدُومِ) أَيْ بِقُدُومِ شَخْصٍ (فَقَدِمَ بِهِ مَيِّتًا لَمْ تَطْلُقْ وَكَذَا) حَيًّا (مَحْمُولًا بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ وَإِنْ كَانَ زَمِنًا وَمُخْتَارًا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَمْلِ فَتَطْلُقُ كَمَا لَوْ قَدِمَ رَاكِبًا وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِذْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالِاخْتِيَارِ (وَإِنْ عَلَّقَ بِالْقَذْفِ أَوْ الْقَتْلِ بِالْمَسْجِدِ) بِأَنْ قَالَ إنْ قَذَفْت فُلَانًا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ قَتَلْته فِيهِ فَأَنْت طَالِقٌ (اشْتَرَطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (كَوْنَ الْقَاذِفِ أَوْ الْمَقْتُولِ فِيهِ) إذْ قَرِينَةُ الْحَالِ تُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الِامْتِنَاعُ عَمَّا يَهْتِكُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ وَهَتْكُهَا بِالْقَذْفِ إنَّمَا يَحْصُلُ إذَا كَانَ الْقَاذِفُ فِيهِ وَبِالْقَتْلِ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ أَوْ الْقَاتِلُ خَارِجَهُ (فَلَوْ أَرَادَ الْعَكْسَ) أَيْ كَوْنَ الْمَقْذُوفِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ الْقَاتِلِ فِيهِ (صُدِّقَ بِيَمَنِيِّهِ) ظَاهِرًا لِصَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لَهُ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِهِمَا) أَيْ بِالْقَذْفِ وَالْقَتْلِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ إنْ قَذَفْت أَوْ قَتَلْت فُلَانًا (فِي الدَّارِ اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ) إذْ لَا قَرِينَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِمَا فِي الدَّارِ.
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِرُؤْيَتِهَا زَيْدًا فَرَأَتْ وَلَوْ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ) وَلَوْ غَيْرَ وَجْهِهِ (حَيًّا وَمَيِّتًا) أَيْ أَوْ مَيِّتًا (وَلَوْ) رَأَتْهُ (وَهِيَ سَكْرَى) أَوْ وَهُوَ سَكْرَانُ (وَلَوْ كَانَ) الْمَرْئِيُّ (فِي مَاءٍ) صَافٍ (أَوْ زُجَاجٍ شَفَّافٍ لَا خَيَالَهُ فِيهِمَا طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الْوَصْفِ وَالْمَاءُ وَالزُّجَاجُ الْمَذْكُورَانِ بَيْنَ الرَّائِي وَالْمَرْئِيِّ كَإِجْرَاءِ الْهَوَاءِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَأَتْ خَيَالَهُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى ذَلِكَ اسْمُ الرُّؤْيَةِ الْمُطْلَقَةِ وَعُلِمَ مِمَّا قَالَهُ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ نَائِمَةً أَوْ مَسْتُورًا بِثَوْبٍ أَوْ مَاءٍ كَدِرٍ أَوْ زُجَاجٍ كَثِيفٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِرُؤْيَتِهَا خَيَالَهُ فِي الْمِرْآةِ كَذَلِكَ نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا فَرَأَتْهُ فِي الْمِرْآةِ طَلُقَتْ إذْ لَا يُمْكِنُهَا رُؤْيَتُهُ إلَّا كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهِ وَجْهَهُ وَيُعْتَبَرُ مَعَ مَا ذُكِرَ صِدْقُ رُؤْيَتِهِ كُلِّهِ عُرْفًا فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا مَرَّ أَمَّا لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ مِنْ كُوَّةٍ فَرَأَتْ ذَلِكَ الْعُضْوَ مِنْهُ فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَتْ كَمْهَاءَ) أَيْ وُلِدَتْ عَمْيَاءَ (فَتَعَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ) فَلَا تَطْلُقُ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِعَمْيَاءَ إلَى كَمْهَاءَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ يَتَعَيَّنُ اخْتِصَاصُهُ بِالْكَمْهَاءِ وَإِلَّا فَالْبُرْءُ بِالْعِلَاجِ يُمْكِنُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَقْتَصِرُ ذَلِكَ عَلَى الْكَمْهَاءِ بَلْ مَنْ أَيِسَ مَنْ بُرْئِهَا عَادَةً كَمَنْ تَرَاكَمَ عَلَى عَيْنِهَا الْبَيَاضُ أَوْ غَارَتَا كَالْكَمْهَاءِ.
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِرُؤْيَتِهَا الْهِلَالَ حُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ وَلَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا) لَهُ (أَوْ بِتَمَامِ الْعَدَدِ) فَتَطْلُقُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْعِلْمِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ» بِخِلَافِ رُؤْيَةِ زَيْدٍ مَثَلًا فَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ زَجْرَهَا عَنْ رُؤْيَتِهِ وَعَلَى اعْتِبَارِ الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ كَمَا فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ أَوْ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ فَاسِقٌ فَصَدَّقَهُ فَالظَّاهِرُ مُؤَاخَذَتُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَوْ (قَالَ أَرَدْت) بِالرُّؤْيَةِ (الْمُعَايَنَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لَا فِي) التَّعْلِيقِ بِرُؤْيَةِ (الْعُمْيَانِ) فَلَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ (لَكِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي قَبُولُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ إنْ آلَمَ الْمَضْرُوبَ إلَخْ) هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مَا نَصُّهُ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إيلَامٌ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْرِطْهُ وَاكْتَفَى بِالصَّدْمَةِ وَإِلَيْهِ مَالَ الْأَكْثَرُونَ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ تَدْفَعُ التَّنَاقُضَ أَيْ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْإِيلَامِ بِالْقُوَّةِ وَمَا فِي الْأَيْمَانِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِيلَامِ بِالْفِعْلِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَمَسَّ شَعْرَهُ وَظُفُرَهُ إلَخْ) أَيْ وَعُضْوَهُ الْمُنْفَصِلَ
(قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِذْنِ أَوْلَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِمَا فِي الدَّارِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ أَوْ بِرُؤْيَتِهَا زَيْدًا فَرَأَتْ وَلَوْ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ إلَخْ) قَالَ الْمُتَوَلِّي تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ بَشَرَتِهِ فَلَوْ كَانَ مُتَغَطِّيًا بِشَيْءٍ فَلَمْ يَقَعْ بَصَرُهَا عَلَيْهِ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهَا مَا رَأَتْهُ وَإِنَّمَا رَأَتْ ثَوْبَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ جَمِيعِ بَدَنِهِ بَلْ إذَا رَأَتْ بَعْضَهُ مَكْشُوفًا وَإِنْ كَانَ بَاقِي بَدَنِهِ مُغَطًّى وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْوَجْهِ لَوْ رَأَتْ صَدْرَهُ أَوْ بَطْنَهُ أَوْ ظَهْرَهُ أَوْ رَأْسَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ فَأَمَّا إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ مِنْ كُوَّةٍ فَرَأَتْ ذَلِكَ الْعُضْوَ مِنْهُ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا يُبَيِّنُ مُرَادَ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيِّ بِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ.
(قَوْلُهُ وَعُلِمَ بِمَا قَالَهُ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ نَائِمَةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَوْ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ جَاهِلَةً.
(قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا فَرَأَتْهُ فِي الْمِرْآةِ طَلُقَتْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا مَرَّ أَمَّا لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَقْصُرُ ذَلِكَ عَلَى الْكَمْهَاءِ بَلْ مَنْ أَيِسَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَفِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ لَعَلَّ كَلَامَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْمَهِ وَنَحْوِهِ
(قَوْلُهُ حُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ) سُئِلْت عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ رَأَيْت الْقَمَرَ فَأُجِبْت بِأَنَّ الْمُرَادَ بِرُؤْيَتِهِ عِلْمُهَا بِهِ كَمَا فِي الْهِلَالِ وَأَوَّلُ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا لَهُ) أَيْ بَعْدَ الْغُرُوبِ (قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ مُؤَاخَذَتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/329)
يُدَيَّنُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجِيءُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرنَا فِيمَا إذَا قَالَ لِلْعَمْيَاءِ إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ فِي قَبُولِ التَّفْسِيرِ بِالْمُعَايَنَةِ أَيْ حَتَّى يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ قَالَ وَبِالْقَبُولِ أَجَابَ الْحَنَّاطِيُّ قَالَ الْإِمَامُ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ عَلَّقَ بِالْعَرَبِيَّةِ أَمْ بِالْعَجَمِيَّةِ وَتَبِعَ ابْنَ الرِّفْعَةِ وَقَالَ الْقَفَّالُ إنْ عَلَّقَ بِالْعَجَمِيَّةِ حُمِلَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ سَوَاءٌ فِيهِ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى لِأَنَّ الْعُرْفَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَبِمَا قَالَهُ جَزَمَ الْفُورَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَحَكَى الْأَصْلُ الْمَقَالَتَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَجَمِيَّ إذْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا ذَلِكَ فَالرَّاجِحُ الْفَرْقُ وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ مِنْهُ مَا يَعْرِفُهُ الْعَرَبِيُّ فَيَتَّجِهُ عَدَمُ الْفَرْقِ (وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ) أَيْ يَمِينُ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ إذَا صَرَّحَ فِيهَا بِالْمُعَايَنَةِ أَوْ فَسَّرَ بِهَا وَقَبِلْنَاهُ (بِمُضِيِّ ثَلَاثٍ) مِنْ اللَّيَالِي وَلَمْ تَرَ فِيهَا الْهِلَالَ (مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ نَسْتَقْبِلُهُ) فَلَا أَثَرَ لِرُؤْيَتِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الشَّهْرِ وَلَا لِرُؤْيَتِهِ فِيهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى حِينَئِذٍ هِلَالًا.
(فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ سَكْرَانُ سُكْرًا يَسْمَعُ مَعَهُ وَيَتَكَلَّمُ وَكَذَا) إنْ كَلَّمَتْهُ (وَهِيَ سَكْرَى لَا السُّكْرُ الطَّافِحُ طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ مِمَّنْ يُكَلِّمُ غَيْرَهُ وَيَتَكَلَّمُ هُوَ عَادَةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْمَعْ السَّكْرَانُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَبِخِلَافِ مَا إذَا انْتَهَتْ السَّكْرَى إلَى السُّكْرِ الطَّافِحِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي إذَا جَعَلْنَا لِلسَّكْرَانِ ثَلَاثَ مَرَاتِبَ وَخَالَفْنَا بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُ مَا هُنَا مِنْ أَنَّ الطَّافِحَ كَغَيْرِهِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ هُنَا التَّكْلِيمُ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ مِمَّنْ ذُكِرَ عَادَةً فَعَلَيْهِ لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهِ غَيْرَهُ ثُمَّ طَفَحَ عَلَيْهِ السُّكْرُ فَكَلَّمَ الْغَيْرَ لَمْ يَحْنَثْ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ أَجَابَ بِذَلِكَ (لَا) إنْ كَلَّمَتْهُ (فِي نَوْمٍ وَإِغْمَاءٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ تَكْلِيمًا عُرْفًا (وَلَا) إنْ كَلَّمَتْهُ (فِي جُنُونِهَا) كَمَا لَوْ كَلَّمَتْهُ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً نَعَمْ إنْ عَلَّقَ بِمَا ذُكِرَ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ طَلُقَتْ بِذَلِكَ قَالَهُ الْقَاضِي (وَلَا) إنْ كَلَّمَتْهُ (بِهَمْسٍ) وَهُوَ خَفْضُ الصَّوْتِ بِالْكَلَامِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ الْمُخَاطَبُ (وَلَا نِدَاءٍ مِنْ حَيْثُ) أَيْ مِنْ مَكَان (لَا يُسْمَعُ) مِنْهُ (وَإِنْ فَهِمَهُ بِقَرِينَةٍ أَوْ حَمَلَتْهُ رِيحٌ) إلَيْهِ (وَسَمِعَ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى كَلَامًا عَادَةً (فَإِنْ كَلَّمَتْهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَكِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ لِذُهُولٍ) مِنْهُ أَوْ لِشُغْلٍ (أَوْ لَغَطٍ) وَلَوْ كَانَ (لَا يُفِيدُ مَعَهُ الْإِصْغَاءُ طَلُقَتْ) لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ وَعَدَمُ السَّمَاعِ لِعَارِضٍ وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ فِي مَسْأَلَةِ اللَّغَطِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ (أَوْ) لَمْ يَسْمَعْ (لِصَمَمٍ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا لَمْ تُكَلِّمْهُ عَادَةً وَقِيلَ تَطْلُقُ لِمَا مَرَّ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ لَكِنَّ الثَّانِي هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ وَنَقَلَهُ الْمُتَوَلِّي ثَمَّ عَنْ النَّصِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ كَلَامٍ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ الْوُقُوعُ فَتَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ انْتَهَى فَيُوَافِقُ مَا قَبْلَهُ فِي الذُّهُولِ وَنَحْوِهِ هَذَا وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ وَالثَّانِي عَلَى مَنْ يَسْمَعُ مَعَ رَفْعِهِ (وَالتَّعْلِيقُ بِتَكْلِيمِهَا نَائِمًا) بِأَنْ قَالَ إنْ كَلَّمْت نَائِمًا (أَوْ غَائِبًا) عَنْ الْبَلَدِ مَثَلًا (تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ) فَلَا تَطْلُقُ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت مَيِّتًا أَوْ جَمَادًا.
(فَصْلٌ مَتَى عَلَّقَهُ بِفِعْلِهِ) شَيْئًا (فَفَعَلَهُ نَاسِيًا) لِلتَّعْلِيقِ (أَوْ) ذَاكِرًا لَهُ (مُكْرَهًا) عَلَى الْفِعْلِ (أَوْ) مُخْتَارًا (جَاهِلًا) بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ «أَنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» أَيْ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهَا مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ كَضَمَانِ الْمُتْلَفِ فَالْفِعْلُ مَعَهَا كَلَا فِعْلٍ، هَذَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ أَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ شَيْءٍ وَقَعَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ نَاسِيًا لَهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّ زَيْدًا لَيْسَ فِي الدَّارِ وَكَانَ فِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ عَلِمَ وَنَسِيَ. فَإِنْ قَصَدَ بِحَلِفِهِ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي ظَنِّهِ أَوْ فِيمَا انْتَهَى إلَيْهِ عِلْمُهُ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى مُعْتَقَدِهِ وَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجِيءُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا إلَخْ) وَيُجَابُ بِأَنَّ الرُّؤْيَةَ ثَمَّ بَاقِيَةٌ عَلَى مَعْنَاهَا وَهُنَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِلْمِ كَمَا تَقَرَّرَ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْقَفَّالُ إنْ عَلَّقَ بِالْعَجَمِيَّةِ حُمِلَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالرَّاجِحُ الْفَرْقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَيَتَّجِهُ عَدَمُ الْفَرْقِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
1 -
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ إنْ رَأَيْت مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْت طَالِقٌ فَرَأَتْهُ فِي الْمَنَامِ فَإِنْ أَرَادَ رُؤْيَتَهُ فِيهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ فَإِنْ نَازَعَهَا فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا إذْ لَا يَطَّلِعُ غَيْرُهَا عَلَى رُؤْيَاهَا إلَّا مِنْ قِبَلِهَا وَإِنْ أَرَادَ رُؤْيَتَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا فِي الْمَنَامِ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا فَهَلْ يَقَعُ؛ لِأَنَّ مَنْ رَآهُ فَقَدْ رَآهُ أَوْ لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ رَأَيْت النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَثْبُتُ بِمَا يُسْمَعُ مِنْهُ فِي الْمَنَامِ فِيهِ وَجْهَانِ وَمَا رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ مَسْطُورَةً وَلَكِنَّ الْمَيْلَ إلَى الثَّانِي ك
[فَصْلٌ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ]
(قَوْلُهُ لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا إلَخْ) لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمَك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَ مَرَّةً أُخْرَى طَلُقَتْ بِالْإِعَادَةِ وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا أَوْ بَكْرًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ أَحَدَهُمْ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ أَوْ كَلَّمَتْهُمْ فَوَاحِدَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا.
(قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ أَجَابَ بِذَلِكَ) عِبَارَتُهُ اسْتِثْنَاءُ السُّكْرِ الطَّافِحِ لَيْسَ لِمُوَافَقَةِ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي مَرَاتِبِ السَّكْرَانِ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْعُرْفِ فِي التَّكْلِيمِ وَتَكْلِيمُ الطَّافِحِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْهَذَيَانِ الَّذِي لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ تَكْلِيمًا وَإِنْ كَانَ مُؤَاخَذًا بِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّغْلِيظَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ عَلَّقَ بِمَا ذُكِرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ طَلُقَتْ بِذَلِكَ) أَيْ بِتَكْلِيمِهَا لَهُ فِي جُنُونِهَا.
(قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ) انْعَكَسَ هَذَا النَّقْلُ عَلَى بَعْضِهِمْ.
(قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ) هُوَ الْمُرَادُ
[فَصْلٌ عَلَّقَ الطَّلَاق بِفِعْلِهِ شَيْئًا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا]
(فَصْلٌ مَتَى عَلَّقَهُ بِفِعْلٍ إلَخْ) . (قَوْلُهُ فَفَعَلَهُ نَاسِيًا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ عَلَى وَجْهِ النِّسْيَانِ أَوْ الْجَهْلِ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَعُفِيَ عَنْهُ
(3/330)
قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ أَطْلَقَ فَفِي الْحِنْثِ قَوْلَانِ رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ الْحِنْثَ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ إذْ لَا حِنْثَ وَلَا مَنْعَ بَلْ تَحْقِيقٌ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ قَبْلَ الْحَلِفِ بِخِلَافِهِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَقْبَلِ وَرَجَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ عَدَمَ الْحِنْثِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي فَصْلِ قَالَ إنْ ابْتَلَعْت (وَكَذَا) لَا تَطْلُقُ إنْ عَلَّقَ بِفِعْلِ (غَيْرٍ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَقَدْ (قَصَدَ) بِذَلِكَ (مَنْعَهُ) أَوْ حَثَّهُ (وَهُوَ مِمَّنْ يُبَالِي) بِتَعْلِيقِهِ فَلَا يُخَالِفُهُ فِيهِ لِصَدَاقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (وَعُلِمَ بِالتَّعْلِيقِ فَفَعَلَهُ الْغَيْرُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَنْعَهُ أَوْ حَثَّهُ أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ كَالسُّلْطَانِ وَالْحَجِيجِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَفَعَلَهُ كَذَلِكَ (طَلُقَتْ) لِأَنَّ الْغَرَضَ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ مَنْعٍ أَوْ حَثٍّ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ كَالْمِنْهَاجِ مَا إذَا قَصَدَ مَعَ مَا ذُكِرَ فِيمَنْ يُبَالِي بِهِ إعْلَامَهُ بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا تَطْلُقُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ أَصْلِهِ وَجَرَى هُوَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَعَزَاهُ الزَّرْكَشِيُّ لِلْجُمْهُورِ (وَلَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا فَفَعَلَ نَاسِيًا طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ فَعَلَهُ وَقَدْ ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْسَى فَنَسِيَ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْسَ بَلْ نَسِيَ (أَوْ بِدُخُولِ بَهِيمَةٍ وَنَحْوِهَا) كَطِفْلٍ (فَدَخَلَتْ لَا مُكْرَهَةً طَلُقَتْ) بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَتْ مُكْرَهَةً لَا تَطْلُقُ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا مَرَّ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُعَلَّقَ بِفِعْلِهِ التَّعْلِيقَ وَكَانَ مِمَّنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ أَوْ مِمَّنْ يُبَالِي وَلَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ إعْلَامَهُ وَدَخَلَ مُكْرَهًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْآدَمِيَّ فِعْلُهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَإِنْ أَتَى بِهِ مُكْرَهًا وَلِهَذَا يَضْمَنُ بِهِ بِخِلَافِ فِعْلِ الْبَهِيمَةِ فَكَأَنَّهَا حِينَ الْإِكْرَاهِ لَمْ تَفْعَلْ شَيْئًا.
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ لِأَرْبَعٍ) تَحْتَهُ (إنْ لَمْ أَطَأْ الْيَوْمَ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَوَطِئَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ (طَلُقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً) لَا يُقَالُ هَلَّا طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بِجَامِعِ الْعُمُومِ وَهُوَ هُنَا مَوْجُودٌ بِوُقُوعِ النَّكِرَةِ بَعْدَ النَّفْيِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا وَقَعَتْ بَعْدَ النَّفْيِ صُورَةً لَا مَعْنًى إذْ الْمَعْنَى إنْ تَرَكْتُ وَطْءَ وَاحِدَةٍ (أَوْ) قَالَ (أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا الْيَوْمَ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَإِنْ لَمْ يَطَأْ فِيهِ طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ ثَلَاثَ صَوَاحِبَ لَمْ يَطَأْهُنَّ (وَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً فَقَطْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّ لَهَا ثَلَاثَ صَوَاحِبَ لَمْ يَطَأْهُنَّ (وَ) طَلُقَتْ (الْبَاقِيَاتُ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَتَيْنِ لَمْ يَطَأْهُمَا (أَوْ وَطِئَ اثْنَتَيْنِ) فَقَطْ (طَلُقَتَا طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَتَيْنِ لَمْ يَطَأْهُمَا (وَ) طَلُقَتْ (الْأُخْرَيَانِ طَلْقَةً طَلْقَةً) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَةً لَمْ يَطَأْهَا (أَوْ) وَطِئَ ثَلَاثًا فَقَطْ (فَطَلْقَةً طَلْقَةً) تَطْلُقْنَ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَةً لَمْ يَطَأْهَا (وَلَمْ تَطْلُقْ الرَّابِعَةُ) إذْ لَيْسَ لَهَا صَاحِبَةٌ غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ (فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْيَوْمَ) فِي تَعْلِيقِهِ وَلَمْ يَطَأْ قَبْلَ مَوْتِهِ (وَقَعَ الثَّلَاثُ قُبَيْلَ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهِنَّ وَبِمَوْتِ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ قَبْلَ الْوَطْءِ (وَهُوَ حَيٌّ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ قَدْ يَطَأُ الْبَاقِيَاتِ (وَطَلَّقَ صَوَاحِبَهَا طَلْقَةً طَلْقَةً) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَةً لَمْ يَطَأْهَا (فَإِنْ مَاتَتْ الثَّانِيَةُ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ ثَانِيَةً قَبْلَ الْوَطْءِ (تَبَيَّنَّا وُقُوعَ طَلْقَةٍ عَلَى الْمَيِّتَةِ قُبَيْلَ مَوْتِهَا وَ) وَقَعَ (عَلَى كُلٍّ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ طَلْقَةٌ أُخْرَى إنْ بَقِيَتْ الْعِدَّةُ) وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِنَّ شَيْءٌ (فَإِنْ مَاتَتْ ثَالِثَةٌ) قَبْلَ الْوَطْءِ (فَطَلْقَتَانِ) يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُمَا (عَلَى الْأُولَيَيْنِ) قَبْلَ مَوْتِهِمَا (وَطَلُقَتْ الْبَاقِيَةُ) طَلْقَةً (ثَالِثَةً) إنْ بَقِيَتْ الْعِدَّةُ (فَإِنْ مَاتَتْ الرَّابِعَةُ) قَبْلَ الْوَطْءِ (تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الثَّلَاثِ عَلَى الْكُلِّ) هَذَا (إنْ لَمْ يَطَأْ فِي الْحَالَاتِ كُلِّهَا) كَمَا تَقَرَّرَ فَإِنْ وَطِئَ كُلًّا مِنْهُنَّ قَبْلَ مَوْتِهَا لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَإِنْ وَطِئَ بَعْضَهُنَّ فَقَطْ فَلَا يَخْفَى حُكْمُهُ مِمَّا مَرَّ فِيمَا إذَا قَيَّدَ بِالْيَوْمِ.
(فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِسَرِقَتِهَا مِنْهُ فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَةٍ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ خِيَانَةٌ لَا سَرِقَةٌ.
(وَإِنْ قَالَ) لَهَا إنْ (كَلَّمْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ طَلُقَتْ) لِأَنَّهُ كَلَّمَهَا بِالْإِعَادَةِ (وَكَذَا) تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ فَاعْلَمِي فِيمَا (لَوْ قَالَ) لَهَا إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْت طَالِقٌ (فَاعْلَمِي وَإِذَا قَالَ) لَهَا (إذَا بَدَأْتُك بِالْكَلَامِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ إذَا بَدَأْتُك بِالْكَلَامِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَكَلَّمَهَا ثُمَّ كَلَّمَتْهُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَانْحَلَّتْ) يَمِينُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّ يَمِينَهُ انْحَلَّتْ بِيَمِينِهَا، وَيَمِينُهَا انْحَلَّتْ بِكَلَامِهِ أَوَّلًا فَلَوْ كَلَّمَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بَعْدُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ. (وَكَذَا) لَا يَقَعَانِ وَتَنْحَلُّ يَمِينَاهُمَا (لَوْ قَالَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (إنْ بَدَأْتُك بِالسَّلَامِ) إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (فَسَلَّمَا مَعًا) لِعَدَمِ ابْتِدَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ فِي الْبِشَارَةِ لِأَنَّهَا الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا وَهِيَ مِنْهُمَا مَعًا أَوَّلٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ هُنَا ابْتِدَاءُ سَلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَمْ يُوجَدْ.
(وَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ أَطْلَقَ إلَخْ) يَحْنَثُ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ وَعَلَيْهَا يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي مَوَاضِعَ كَمَا أَوْضَحْته فِي الْفَتَاوَى وَلَا يَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ كَالْأُولَى.
(قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ الْحِنْثَ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) هَؤُلَاءِ يَرَوْنَ حِنْثَ النَّاسِي مُطْلَقًا.
(تَنْبِيهٌ) وَالْحَلِفُ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ فِيهَا يُوجِبُ الْحِنْثَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَهُوَ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَّا لِلتَّعْلِيقِ بِكَوْنِهِ فِيهَا وَلَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ بِكَوْنِهِ فِيهَا. (قَوْلُهُ أَوْ جَاهِلًا) أَيْ بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ مَا إذَا قَصَدَ مَا ذُكِرَ فِيمَنْ يُبَالِي بِهِ إعْلَامَهُ بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا تَطْلُقُ) أَيْ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ إعْلَامِهِ فَلَمْ يُعْلِمْهُ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا طَلُقَتْ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ مُخْتَارًا وَلَا مُكْرَهًا فَفَعَلَ مُكْرَهًا
قَالَ لِأَرْبَعٍ تَحْتَهُ إنْ لَمْ أَطَأْ الْيَوْمَ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَوَطِئَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَوْلُهُ كَطِفْلٍ لَا يُمَيِّزُ) وَمَجْنُونٍ.
[فَصْل قَالَ لِأَرْبَع تَحْتَهُ إنْ لَمْ أَطَأ الْيَوْم وَاحِدَة مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَوَطِئَ وَاحِدَةً]
(قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْعُمُومِ) وَهُوَ هُنَا مَوْجُودٌ بِوُقُوعِ النَّكِرَةِ بَعْدَ النَّفْيِ الْعُمُومُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَدْلُولُ انْتِفَاءِ وَطْئِهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَا يَتَحَقَّقُ شَرْطُ طَلَاقِهِنَّ إلَّا بِهِ وَلَا دَلَالَةَ عَلَى تَكْرِيرِ الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا أَفَادَ التَّكْرِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ قَوْلُهُ فِيهَا أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا فَإِنَّ مَدْلُولَهُ أَنَّ انْتِفَاءَ وَطْءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُقْتَضٍ لِتَطْلِيقِ صَوَاحِبِهَا
(3/331)
قَالَ) الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ (إنْ أَخَذْت مَا لَكَ عَلَيَّ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأَخَذَهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ بِتَلَصُّصٍ أَوْ انْتَزَعَهُ) مِنْهُ (مُكْرَهًا) وَكَانَ الْمَالُ مُعَيَّنًا فِي الْجَمِيعِ أَوْ دَيْنًا وَرَضِيَ الْمَدِينُ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِعْطَاءِ فِي الْأَخِيرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَمِثْلُهَا الثَّالِثَةُ (طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الْوَصْفِ (لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ) فَأَخَذَهُ مِنْهُ فَلَا تَطْلُقُ نَعَمْ إنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ أَخَذَهُ مِنْهُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي آخِرِ السَّلَمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ أَخَذَهُ) مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَلَوْ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ (السُّلْطَانُ وَأَعْطَاهُ) لِلدَّائِنِ (أَوْ غَرِمَهُ أَجْنَبِيٌّ) عَنْ الْمَدِينِ (لَمْ تَطْلُقْ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ حَقَّهُ عَلَى الْمَدِينِ أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ امْتِنَاعِهِ فَكَمَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ السُّلْطَانِ مِنْ الدَّائِنِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ غَصْبٌ لَا أَخْذُ حَقٍّ وَأَمَّا عِنْدَ امْتِنَاعِهِ فَلِأَنَّهُ بَرِئَ بِأَخْذِ السُّلْطَانِ فَلَا يَصِيرُ بِأَخْذِهِ مِنْ السُّلْطَانِ آخِذًا حَقَّهُ عَلَى الْمَدِينِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَ حَقِّهِ لَا نَفْسَ حَقِّهِ (فَإِنْ قَالَ) إنْ أَخَذْت مَالَك (مِنِّي بَدَلَ) إنْ أَخَذْت مَالَك (عَلَيَّ لَمْ تَطْلُقْ بِإِعْطَاءِ الْوَكِيلِ وَنَحْوِهِ) مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ وَتَعْبِيرُهُ بِنَحْوِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالسُّلْطَانِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتُك حَقَّك) فَامْرَأَتِي طَالِقٌ (اُشْتُرِطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (اخْتِيَارُ الْمَدِينِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ اخْتِيَارِ الدَّائِنِ (وَإِعْطَاؤُهُ) بِنَفْسِهِ (لَا) إعْطَاءُ (وَكِيلِهِ) يَعْنِي لَا يَكْفِي إعْطَاءُ وَكِيلِهِ أَوْ نَحْوِهِ إنْ غَابَ عَنْهُ الْمُوَكِّلُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ كَأَصْلِهِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْخُلْعِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَرِيضَةً) بِالنَّصْبِ (لَمْ تَطْلُقْ إلَّا حَالَ الْمَرَضِ) لِأَنَّ الْحَالَ كَالظَّرْفِ لِلْفِعْلِ (وَكَذَا لَوْ لَحَنَ فَرَفَعَ) مَرِيضَةً كَذَلِكَ وَقِيلَ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ مَرِيضَةً صِفَةٌ لَهَا لَا حَالٌ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُقَالُ الرَّفْعُ لَيْسَ بِلَحْنٍ وَالتَّقْدِيرُ وَأَنْتِ مَرِيضَةٌ فَالْجُمْلَةُ حَالٌ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ وَكَالرَّفْعِ الْجَرُّ وَالسُّكُونُ.
(وَلَوْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِدُخُولِهِمَا) أَيْ زَوْجَتَيْهِ (الدَّارَيْنِ اُشْتُرِطَ) لِوُقُوعِهِ (دُخُولُ كُلٍّ) مِنْهُمَا الدَّارَيْنِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِوَاحِدَةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ اُشْتُرِطَ أَنْ تَدْخُلَهُمَا فَلَوْ دَخَلَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا إحْدَى الدَّارَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِأَكْلِهِمَا لِرَغِيفَيْنِ فَأَكَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (رَغِيفًا) وَالْمُرَادُ فَأَكَلَتَاهُمَا بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ (طَلُقَتَا) لِأَنَّهُمَا أَكْلَتَاهُمَا وَلَا يُمْكِنُ أَكْلُ كُلٍّ وَاحِدَةٍ الرَّغِيفَيْنِ بِخِلَافِ دُخُولِهِمَا الدَّارَيْنِ وَإِنَّمَا حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَكْلِهِمَا الرَّغِيفَيْنِ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَكْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا الرَّغِيفَيْنِ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ لِأَنَّ الْكُلِّيَّ الْإِفْرَادِيَّ إذَا تَعَذَّرَ حُمِلَ عَلَى الْمَجْمُوعِيِّ كَقَوْلِهِ إنْ دَفَنْتُمَا هَذَا الْمَيِّتَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ مَنْ مَالُهُ خَمْسُونَ) وَقَدْ قِيلَ لَهُ أَنْت تَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ (إنْ كُنْت أَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ وَأَرَادَ أَنِّي لَا أَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى الْمِائَةِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (أَرَادَ أَنِّي أَمْلِكُ مِائَةً بِلَا زِيَادَةٍ طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ قَالَ إنْ كُنْت لَا أَمْلِكُ إلَّا مِائَةً لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ وُجُودِ الْوَصْفِ وَذِكْرُ لَا فِي الثَّانِيَةِ مَعَ التَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَى تَرْكِ لَا كَمَا فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهَا تَطْلُقُ صَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ.
(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِالْخُرُوجِ) أَيْ بِخُرُوجِهَا (إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَتْ لِغَيْرِهِ ثُمَّ عَدَلَتْ لَهُ (وَلَوْ خَرَجَتْ لَهُمَا طَلُقَتْ) لِأَنَّهَا خَرَجَتْ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَكَلَّمَتْ زَيْدًا وَعَمْرًا (هَكَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) هُنَا (وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ) الْمَعْرُوفُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا (لَا تَطْلُقُ) وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِهِ وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ الْخُرُوجُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِسَرِقَتِهَا مِنْهُ فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَةٍ]
قَوْلُهُ لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ فَأَخَذَهُ مِنْهُ فَلَا تَطْلُقُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ حَتَّى أَعْطَى بِنَفْسِهِ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي فِعْلِ الْمُكْرَهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْإِعْطَاءِ بِنَفْسِهِ أَمَّا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى وَفَاءِ الْحَقِّ بِمُطْلَقِ الْإِعْطَاءِ فَيَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُوَكِّلَ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ إلَّا بِمُبَاشَرَةِ الْإِعْطَاءِ فَالْمُتَّجَهُ الْحِنْثُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ.
(قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إنَّهَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ) ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا فِي مَوَاضِعَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ بِحَقٍّ يَمْنَعُ الْحِنْثَ أَيْضًا فَصُورَةُ مَا تَفَقَّهَهُ إذَا لَمْ يُكْرِهْهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَخْذِهِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ فِي الْإِكْرَاهِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَكَوْنِهِ بِحَقٍّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي عَقْدٍ أَوْ حَلٍّ يَحْصُلُ بِصِحَّتِهِ أَوْ نُفُوذِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْآدَمِيِّ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَا يَفْتَرِقُ حُكْمُهُمَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ
(قَوْلُهُ إنْ غَابَ عَنْهُ الْمُوَكِّلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةً بِالنَّصْبِ]
(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ لَحَنَ فَرَفَعَ مَرِيضَةً) قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّهُ لَيْسَ بِلَحْنٍ؛ لِأَنَّ الْحَالَ تَجِيءُ جُمْلَةً اسْمِيَّةً وَقَدْ حُذِفَ صَدْرُهَا وَالتَّقْدِيرُ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ مَرِيضَةٌ وَهَذَا الْحَذْفُ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ فَالصَّوَابُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَالِ مَعَ الرَّفْعِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْفَرْقِ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا فِيمَنْ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ أَمَّا مَنْ لَا يَعْرِفُهَا وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّقٌ بِاللَّفْظِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْرِفَهُ أَوْ يَجْهَلَهُ كَصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ مُتَسَاوِيَانِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْإِعْرَابَ دَلِيلٌ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَالْأَغْرَاضِ فَإِذَا جُهِلَتْ عُدِمَتْ وَبَقِيَ الطَّلَاقُ مُنْفَرِدًا قَالَ وَسَكَتَ عَنْ حَالَةٍ ثَالِثَةٍ وَهِيَ أَنْ يَقِفَ بِالسُّكُونِ وَقَدْ تَعَرَّضَ لَهَا الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ يُسْأَلُ عَنْ مُرَادِهِ فَإِنْ أَرَادَ أَحَدَهُمَا حُمِلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الْخَبَرِ دُونَ الشَّرْطِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَلِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَصْدِ
[فَرْعٌ قَالَ مَنْ مَالُهُ خَمْسُونَ إنْ كُنْت أَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ]
(قَوْلُهُ لَوْ قَالَ مِنْ مَالِهِ خَمْسُونَ إنْ كُنْت أَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ إنْ كَانَ فِي كَفَّيْ دَرَاهِمُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَعَبْدِي حُرٌّ وَكَانَ فِي كَفِّهِ أَرْبَعَةٌ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ فِي كَفِّهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ إنَّمَا هُوَ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لَا دَرَاهِمَ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا إنْ كَانَ فِي كَفِّهِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْثَرُ
(3/332)
لِمَقْصُودِ أَجْنَبِيٍّ عَنْ الْحَمَّامِ وَهُنَا الْحَمَّامُ مَقْصُودٌ بِالْخُرُوجِ انْتَهَى وَقَدْ يُقَالُ مَا هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ غَيْرَ الْحَمَّامِ فَقَطْ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَيُصَدَّقُ حِينَئِذٍ عَلَى الْخُرُوجِ لَهُمَا أَنَّهُ خُرُوجٌ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لَهُمَا خُرُوجٌ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ.
(وَإِنْ نَشَزَتْ) فَخَرَجَتْ إلَى دَارِ أَبِيهَا مَثَلًا (فَحَلَفَ) بِالطَّلَاقِ لَا يَرُدُّهَا (أَحَدٌ فَأَكْتَرَتْ) بَهِيمَةً (وَرَجَعَتْ إلَيْهِ مَعَ الْمُكَارِي) مَثَلًا (لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ صَحِبَهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا وَانْحَلَّتْ) يَمِينُهُ فَلَوْ خَرَجَتْ فَرَدَّهَا الزَّوْجُ أَوْ غَيْرُهُ لَمْ تَطْلُقْ إذْ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا.
[فَصْلٌ قَوْلُهُ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَدْخُلُ الدَّارَ مِنْ نِسَائِي طَالِقٌ]
(فَصْلٌ قَوْلُهُ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَدْخُلُ الدَّارَ مِنْ نِسَائِي طَالِقٌ تَعْلِيقٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَدَاةُ تَعْلِيقٍ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَ) قَوْلُهُ مُشِيرًا إلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (هَذِهِ الَّتِي تَدْخُلُ الدَّارَ طَالِقٌ تَنْجِيزٌ) فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ (وَإِنْ ادَّعَتْ) عَلَيْهِ امْرَأَةٌ (نِكَاحَهُ) لَهَا (فَأَنْكَرَ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ تَنْكِحْ) غَيْرَهُ عَمَلًا بِقَوْلِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ نَكَحْتهَا وَأَنَا وَاجِدٌ طَوْلَ حُرَّةٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِطَلْقَةٍ لِأَنَّهُ ثَمَّ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ وَادَّعَى مُفْسِدًا وَهُنَا لَمْ يُقِرَّ أَصْلًا كَذَا فِي الْأَصْلِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ إذْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ فُرْقَةُ فَسْخٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ آخِرَ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ أَبْوَابِ النِّكَاحِ.
(وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ لَا أَدْخُلُ) هَذِهِ الدَّارَ (تَعْلِيقٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَدَاةُ تَعْلِيقٍ فَلَا تَطْلُقُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لُغَةُ الزَّوْجِ بِلَا مِثْلَ إنْ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي أَنْت طَالِقٌ لَا دَخَلْت الدَّارَ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُضَارِعَ عَلَى أَصْلِ وَضْعِ التَّعْلِيقِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا بِمُسْتَقْبَلٍ فَكَانَ ذَلِكَ تَعْلِيقًا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمَاضِي.
(وَإِنْ قَالَ حَلَفْت بِطَلَاقِك) عَلَيَّ (إنْ فَعَلْت) كَذَا (ثُمَّ قَالَ لَمْ أَحْلِفْ وَ) إنَّمَا (أَرَدْت تَخْوِيفَهَا دُيِّنَ) وَطَلُقَتْ ظَاهِرًا إنْ فَعَلَتْ (أَوْ) قَالَ (إنْ خَرَجْت أَنْت جَعَلْت أَمْرَك) وَفِي نُسْخَةٍ أَمْرَ طَلَاقِك (بِيَدِك فَقَالَتْ أَخْرُجُ فَجَعَلَهُ بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَقَالَ أَرَدْت) جَعْلَ ذَلِكَ (بَعْدَ الْخُرُوجِ صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ.
(أَوْ) قَالَ (إنْ أَبْرَأْت زَيْدًا) مِنْ دَيْنِك فَأَنْت طَالِقٌ (فَأَبْرَأَتْهُ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا بِخِلَافِ) مَا لَوْ قَالَ لَهَا (إنْ أَبْرَأْتنِي) مِنْ دَيْنِك فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا لِعَوْدِ مَنْفَعَةِ الْعِوَضِ إلَيْهِ فِي هَذِهِ دُونَ تِلْكَ فَكَانَ ذَلِكَ فِيهَا تَعْلِيقًا مَحْضًا.
(أَوْ قَالَ لِأُمِّهَا ابْنَتُك طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت بِنْتَك الْأُخْرَى صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَوَابًا لِالْتِمَاسِهَا مِنْهُ طَلَاقَ ابْنَتِهَا الَّتِي تَحْتَهُ (أَوْ) قَالَ (إنْ فَعَلْت مَعْصِيَةً) فَأَنْت طَالِقٌ (لَمْ تَطْلُقْ بِتَرْكِ الطَّاعَةِ) كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لِأَنَّهُ تَرْكٌ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ فَلَوْ فَعَلَتْ مَعْصِيَةً كَسَرِقَةٍ وَزِنًا طَلُقَتْ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ أَنْ لَا تَطْلُقَ بِالزِّنَا إذَا كَانَ الْمَوْجُودُ مِنْهَا إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ التَّمْكِينِ بِأَنْ كَشَفَ عَوْرَتَهَا فَسَكَتَتْ أَوْ كَانَتْ مَكْشُوفَةَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْهَا إنَّمَا هُوَ تَرْكُ الدَّفْعِ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مَعْنًى لِلزِّنَا مِنْهَا إلَّا التَّمْكِينُ مِنْهُ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ تَمْكِينٌ وَقَدْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الصَّوْمِ أَنَّهُ إذَا طُعِمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّفْعِ أَنَّهُ يُفْطِرُ فَجُعِلَ السُّكُوتُ كَفِعْلِ الْأَكْلِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ يَا طَالِقُ لَا طَلَّقْتُك وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ) طَلْقَةٌ بِالنِّدَاءِ وَطَلْقَةٌ بِمَا قَبْلَهُ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِيَا طَالِقُ النِّدَاءَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لُغَتُهُ بِلَا مِثْلَ إنْ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بِالنِّدَاءِ ثُمَّ إنْ طَلَّقَ ثَانِيَةً وَقَعَتْ أُخْرَى إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا. (أَوْ قَالَ إنْ وَطِئْت أَمَتِي بِغَيْرِ إذْنِك فَأَنْت طَالِقٌ) فَاسْتَأْذَنَهَا (فَقَالَتْ) لَهُ (طَأْهَا فِي عَيْنِهَا فَلَيْسَ بِإِذْنٍ) نَعَمْ إنْ دَلَّ الْحَالُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ كَانَ إذْنًا وَقَوْلُهَا فِي عَيْنِهَا تَوَسُّعًا فِي الْإِذْنِ لَا تَخْصِيصًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(فَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ فَقَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي أَحْلَى مِنْ زَوْجَتِي فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) لِظَنِّهِ أَنَّهُ يُخَاطِبُ غَيْرَهَا وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِخُرُوجِهَا إلَى غَيْر الْحَمَّامِ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ]
قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ مَا هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ إنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ عِبَادَةٍ اهـ فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَعَدَمُ وُقُوعِهِ فِي تِلْكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إلَى فِي مَسْأَلَتِنَا لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ الْمَكَانِيَّةِ أَيْ إنْ انْتَهَى خُرُوجُك لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ انْتَهَى لِغَيْرِهَا وَاللَّامُ فِي تِلْكَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ إنْ كَانَ خُرُوجُك لِأَجْلِ غَيْرِ الْعِبَادَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَخُرُوجُهَا لِأَجْلِهِمَا مَعًا لَيْسَ خُرُوجًا لِغَيْرِ الْعِبَادَةِ
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لُغَتُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُضَارِعَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ دَيْنِك) أَيْ أَوْ مَهْرِك أَوْ صَدَاقِك.
(قَوْلُهُ فَأَبْرَأَتْهُ) أَيْ فَوْرًا أَوْ إذَا بَلَغَهَا الْخَبَرُ إنْ غَابَتْ إلَّا إنْ كَانَتْ أَمَةً غَيْرَ مَأْذُونَةٍ فِي الْخُلْعِ بِهِ أَوْ عَلَّقَ بِمَا لَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا لِعَوْدِ مَنْفَعَةِ الْعِوَضِ إلَيْهِ إلَخْ) يُخَالِفُهُ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ فَأَبْرَأَتْ كَانَ رَجْعِيًّا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْخِلَافُ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ تَمْلِيكٌ أَوْ إسْقَاطٌ إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ كَانَ خُلْعًا، أَوْ إسْقَاطً فَلَا وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهَذَا الدَّيْنِ زَكَاةٌ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ زَكَاةٌ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ وَقَدْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ الْفُقَرَاءُ فَلَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْ ذَلِكَ الْبَعْضِ فَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ. اهـ. وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَا عَالِمَيْنِ بِقَدْرِ الْمُبَرَّأِ مِنْهُ وَهِيَ جَائِزَةُ التَّصَرُّفِ لَوْ ادَّعَتْ جَهْلَهَا بِقَدْرِ مَا أَبْرَأَتْ مِنْهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا بِالنِّسْبَةِ لِبَقَاءِ دَيْنِهَا وَإِنْ بَانَتْ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ تَمْلِيكٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهَذَا الدَّيْنِ زَكَاةٌ
إلَخْ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَوَابًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَرْكٌ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ إلَخْ) مَا قَالَهُ مَرْدُودٌ.
(قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مَعْنًى لِلزِّنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَا طَالِقُ لَا طَلَّقْتُك]
(قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ دَلَّ الْحَالُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ كَانَ إذْنًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/333)
بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ إنَّهَا تَطْلُقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ لِأَنَّهَا هِيَ الْحُرَّةُ فَلَا تَكُونُ أَحْلَى مِنْ نَفْسِهَا وَإِلَى هَذَا مَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَفِيهِ نَظَرٌ) وَكَانَ الْأَنْسَبُ لَهُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ أَنْ يُبَدِّلَ قَوْلَهُ لَمْ تَطْلُقْ وَفِيهِ نَظَرٌ بِقَوْلِهِ فِيهِ خِلَافٌ وَلَوْ قَالَ طَلُقَتْ كَانَ أَوْلَى بِمَا مَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ.
(أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ لَمْ تَتَغَدَّيْنَ مَعِي أَوْ) إنْ (لَمْ تُلْقِي الْمِفْتَاحَ) فَأَنْت طَالِقٌ (وَلَمْ يُرِدْ فِي الْحَالِ حُمِلَ عَلَى التَّرَاخِي) فَلَوْ تَغَدَّتْ مَعَهُ أَوْ أَلْقَتْ الْمِفْتَاحَ بَعْدَ مُدَّةٍ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ فِعْلِهَا ذَلِكَ طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا وَفِي الثَّانِيَةِ إنْ مَاتَتْ أَوَّلًا وَإِلَّا فَقُبَيْلَ مَوْتِهِ إذَا مَاتَتْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تَفْعَلُ قَبْلَ مَوْتِهَا فَلَا تَطْلُقُ فَإِنْ أَرَادَ فِي الْحَالِ فَامْتَنَعَتْ مِنْ ذَلِكَ طَلُقَتْ وَرَأَى الْبَغَوِيّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْحَالِ لِلْعَادَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
(أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ لَمْ تَبِيعِي هَذِهِ الدَّجَاجَاتِ) فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَتَلَتْ وَاحِدَةً) مِنْهَا أَوْ مَاتَتْ وَقَدْ تَمَكَّنَتْ مِنْ ذَبْحِهَا (طَلُقَتْ) لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ وَلَوْ جَرَحَتْهَا ثُمَّ بَاعَتْهَا فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ ذُبِحَتْ لَمْ تَحِلَّ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ إنْ قَرَأْت عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ) مَثَلًا (بِلَا زِيَادَةٍ) فَأَنْت طَالِقٌ (وَفِي حَدِّهَا) أَيْ الْعَشْرِ (خِلَافٌ) لِلْقُرَّاءِ (فَيَعْتَمِدُ) الْمُسْتَفْتِي عَنْ ذَلِكَ (قَوْلَ الْمُفْتِي وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بِقِرَاءَتِهَا) أَيْ الْعَشْرِ (فِي الصَّلَاةِ فَقَرَأَتْهَا) فِيهَا (ثُمَّ أَفْسَدَتْهَا) أَيْ الصَّلَاةَ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ يَفْسُدُ أَوَّلُهَا بِفَسَادِ آخِرِهَا لَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّيَ يَحْنَثُ بِالتَّحْرِيمِ بِالصَّلَاةِ وَإِنْ أَفْسَدَهَا بَعْدُ لِأَنَّا نَقُولُ قَوْلُهُ هُنَا فِي الصَّلَاةِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَا أُصَلِّي صَلَاةً وَهُوَ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا كَمَا ذَكَرُوهُ ثَمَّ.
(أَوْ) قَالَ (إنْ قَبَّلْت ضَرَّتَك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَبَّلَهَا مَيِّتَةً لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ) تَعْلِيقِهِ بِتَقْبِيلِ (أُمِّهِ) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِتَقْبِيلِهِ لَهَا مَيِّتَةً إذْ قُبْلَةُ الزَّوْجَةِ قُبْلَةُ شَهْوَةٍ وَلَا شَهْوَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقُبْلَةُ الْأُمِّ قُبْلَةُ كَرَامَةٍ فَيَسْتَوِي فِيهَا الْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ (أَوْ) قَالَ (إنْ غَسَلْت ثَوْبِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَغَسَلَهُ غَيْرُهَا ثُمَّ غَمَسَتْهُ) هِيَ فِي الْمَاءِ (تَنْظِيفًا) لَهُ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْغَسْلُ بِالصَّابُونِ وَالْأُشْنَانِ وَنَحْوِهِمَا وَإِزَالَةُ الْوَسَخِ.
[فَصْلٌ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ كُنْت حَرَّمْتهَا عَلَى نَفْسِي قَبْلَ هَذَا]
(فَصْلٌ) لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ كُنْت حَرَّمْتهَا عَلَى نَفْسِي قَبْلَ هَذَا وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.
وَلَوْ (قَالَ إنْ ابْتَلَعْت شَيْئًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِابْتِلَاعِ رِيقِهَا إلَّا إنْ أَرَادَ شَيْئًا غَيْرَهُ) فَلَا تَطْلُقُ بِذَلِكَ عَمَلًا بِإِرَادَتِهِ (أَوْ) إنْ ابْتَلَعَتْ (الرِّيقَ طَلُقَتْ بِكُلِّ رِيقٍ) أَيْ رِيقِهَا أَوْ رِيقِ غَيْرِهَا (فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ رِيقِهَا) أَيْ رِيقِ غَيْرِهَا (دُيِّنَ) وَلَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرٌ أَوْ أَرَادَ رِيقَهَا قُبِلَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِضَرْبِهَا فَضَرَبَ غَيْرَهَا) وَلَمْ يَعْلَمْ قَصْدَهُ (فَأَصَابَهَا) ضَرْبُهُ (طَلُقَتْ وَلَا يُصَدَّقُ) فِي (أَنَّهُ قَصَدَ غَيْرَهَا) لِأَنَّ الضَّرْبَ يَقِينٌ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إظْهَارِ قَصْدِهِ قَبْلَ الضَّرْبِ نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى تَصْدِيقِهِ كَأَنْ رَجَمَ ابْنَهُ أَوْ عَبْدَهُ بِحَجَرٍ وَهِيَ غَائِبَةٍ فَبَرَزَتْ مِنْ بَابِ الْبَيْتِ مَثَلًا فَأَصَابَهَا صُدِّقَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا إذَا عَلِمْنَا أَنَّهُ قَصَدَ ضَرْبَ غَيْرِهَا فَلَا تَطْلُقُ كَالْمُكْرَهِ.
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِالدُّخُولِ) أَيْ بِدُخُولِهِ (عَلَى فُلَانٍ فَدَخَلَ) هُوَ (مَعَهُ) أَوْ وَحْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ بَعْدَهُ فُلَانٌ (لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ وَإِنْ دَخَلَ فُلَانٌ وَحْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ هُوَ عَلَيْهِ طَلُقَتْ لِوُجُودِهَا (أَوْ) حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ (لَا يَخْرُجُ) مِنْ الْبَلَدِ (حَتَّى يَقْضِيَهُ دَيْنَهُ بِالْعَمَلِ فَعَمِلَ) لَهُ (بِبَعْضٍ) مِنْ الدَّيْنِ (وَقَضَى بَعْضَهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ الْعَمَلِ (ثُمَّ خَرَجَ طَلُقَتْ فَإِنْ أَرَادَ قَضَاءَهُ) لَهُ (مُطْلَقًا قُبِلَ فِي الْحُكْمِ) كَذَا فِي الْأَصْلِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ غَلَطٌ فَإِنَّ الْمَجْزُومَ بِهِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ الْعَكْسُ فَقَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ تَتَبَّعْت فَتَاوَى الْبَغَوِيّ فَرَأَيْت فِي بَعْضِهَا قُبِلَ ظَاهِرًا وَمِنْهَا أَخَذَ الرَّافِعِيُّ وَرَأَيْت فِي أَكْثَرِهَا قُبِلَ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا وَهَذَا هُوَ صَوَابُ النَّقْلِ فَاعْتَمِدْهُ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ فَأَخَذَ مِنْهُ عِوَضًا حَنِثَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ حَقَّهُ بَلْ عَوَّضَهُ وَهَذَا لَمْ يُوَفِّهِ دَيْنَهُ بِالْعَمَلِ بَلْ بِغَيْرِهِ.
(وَإِنْ سُئِلَ الْمُطَلِّقُ) لِزَوْجَتِهِ (أَطَلَّقْت ثَلَاثًا فَقَالَ طَلَّقْت وَقَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً قُبِلَ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (لِأَنَّ) قَوْلَهُ (طَلَّقْت لَيْسَ مُتَعَيِّنًا لِلْجَوَابِ فَقَدْ يُرِيدُ الْإِنْشَاءَ) أَيْ إنْشَاءَ الْإِخْبَارِ أَوْ الطَّلَاقِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّ قَوْلَهُ طَلَّقْتهَا صَالِحٌ لِلِابْتِدَاءِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِلْجَوَابِ وَذِكْرُ ثَلَاثًا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ حَسَنٌ.
(وَلَوْ عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِسَرِقَةِ ذَهَبٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) بَلْ هُوَ الْأَصَحُّ
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إنَّهَا بَاعَتْ أَيْضًا مَا عَدَا الْمَجْرُوحَةَ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْفَتَى. قَوْلُهُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَوْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ جَرْحَهَا هَذَا كَالْعَدَمِ وَإِنَّمَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِبَيْعِهِنَّ جَمِيعِهِنَّ إذَا الْحِنْثُ مُمْكِنٌ مَا بَقِيَ وَاحِدَةٌ إذْ لَعَلَّهَا تَمُوتُ فَيَحْنَثُ فَصَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ وَالْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَوَقَعَ فِي الْأَصْفُونِيِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ الْإِسْنَوِيُّ لِهَذَا وَقَدْ نَبَّهْت عَلَيْهَا فِي مُهِمَّاتِ الْمُهِمَّاتِ فَسَلَّمَ الْمُصَنِّفُ بِحَذْفِهَا مِنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ
(قَوْلُهُ لَا يَصْدُقُ فِي أَنَّهُ قَصَدَ غَيْرَهَا) أَيْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ صَوَابُ النَّقْلِ فَاعْتَمِدْهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/334)
فَسَرَقَتْ) ذَهَبًا (مَغْشُوشًا طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِجَوَابِهَا) لَهُ (عَنْ خِطَابِهِ) بِأَنْ قَالَ إنْ أَجَبْتنِي عَنْ خِطَابِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ خَاطَبَهَا (فَقَصَدَتْ خِطَابَهُ بِآيَةٍ) أَيْ بِقِرَاءَةِ آيَةٍ (تَتَضَمَّنُ جَوَابَهُ طَلُقَتْ) لِذَلِكَ وَإِنْ قَصَدَتْ مَعَهُ الْقِرَاءَةَ فَإِنْ كَذَّبَهَا فِي أَنَّهَا قَصَدَتْ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا الْمُصَدِّقَةُ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ وَإِنْ قَصَدَتْ بِهَا الْقِرَاءَةَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ قَصْدَهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قَصْدٌ لَمْ تَطْلُقْ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِاسْتِيفَائِهَا إرْثَهَا) مِنْ مَالِ مُوَرِّثِهَا (وَقَدْ تَلِفَ) كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ (كَفَى) فِي عَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِهَا (الِاسْتِبْدَالُ) عَنْهُ (لَا) إنْ اسْتَبْدَلَتْ عَنْهُ (وَهُوَ بَاقٍ) فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ (وَلَا الْإِبْرَاءُ) عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِيفَاءً.
(وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ هَذَا) الشَّيْءَ هُوَ (الَّذِي أَخَذَتْهُ) مِنْ فُلَانٍ (فَشَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ غَيْرُهُ طَلُقَتْ) لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى النَّفْيِ إلَّا أَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ الْعِلْمَ بِهِ وَزَادَ قَوْلَهُ (إنْ تَعَمَّدَ) لِيُخْرِجَ الْجَاهِلَ فَلَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ إيَّاهُ وَهُوَ غَيْرُهُ يَكُونُ جَاهِلًا وَالْجَاهِلُ لَا يَحْنَثُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي أَوَّلِ الْأَيْمَانِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ فَتَفَطَّنْ لَهُ وَاسْتَحْضِرْهُ فَإِنَّهُ كَثِيرُ الْوُقُوعِ فِي الْفَتَاوَى وَقَدْ ذَهِلَ عَنْهُ الشَّيْخَانِ فِي مَسَائِلَ وَإِنْ كَانَا قَدْ تَفَطَّنَا لَهُ فِي مَسَائِلَ أُخَرَ وَتَقَدَّمَ فِيهِ كَلَامٌ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ (وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلْت) كَذَا عِبَارَةُ الْأَصْلِ لَا يَفْعَلُ كَذَا (فَشَهِدَ عَدْلَانِ) بِأَنْ أَخْبَرَا (أَنَّهُ فَعَلَهُ فَظَنَّ صِدْقَهُمَا لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِالطَّلَاقِ) نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ (قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا) إنَّمَا يَأْتِي (إذَا أَوْقَعْنَا طَلَاقَ النَّاسِي وَ) مَا قَالَهُ (هُوَ الْحَقُّ) قَالَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ عِنْدَ تَصْدِيقِهِ قَالَ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ فَسَقَةٍ وَصِبْيَانٍ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَمَّا إذَا لَمْ يَظُنَّ صِدْقَهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِالطَّلَاقِ وَطَرِيقُهُ فِي دَفْعِهِمَا أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ فَعَلَهُ نَاسِيًا إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِيهِ.
(وَإِنْ فَتَحَتْ إحْدَاهُنَّ) أَيْ زَوْجَاتِهِ (الْبَابَ فَقَالَ الْفَاتِحَةُ) مِنْكُنَّ طَالِقٌ (وَادَّعَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُنَّ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ (وَلَيْسَ لَهُ التَّعْيِينُ) لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (إنْ جَهِلَهَا) أَيْ الْفَاتِحَةَ (بِخِلَافِ) الطَّلَاقِ (الْمُبْهَمِ) لِأَنَّ مَحَلَّ الطَّلَاقِ عُيِّنَ هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ (وَلَوْ بَعَثَ إلَيْهِ) غَيْرَهُ (رَجُلًا وَ) إنْ (عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ إلَيْهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَقَدْ بَعَثْته إلَيْك لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنْ يُقَالَ بَعَثَهُ فَلَمْ يَمْتَثِلْ.
(وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ إنْ لَمْ تُطِيعِينِي) كَأَنْ قَالَ إنْ لَمْ تُطِيعِينِي فَأَنْت طَالِقٌ (طَلُقَتْ بِعِصْيَانِهَا أَمْرَهُ) لَهَا بِشَيْءٍ (أَوْ نَهْيَهُ) لَهَا عَنْهُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ (لَا بِقَوْلِهَا) لَهُ وَلَوْ بَعْدَ أَمْرِهِ أَوْ نَهْيِهِ لَهَا (لَا أُطِيعُك) فَلَا تَطْلُقُ.
(أَوْ) حَلَفَ بِالطَّلَاقِ (إنْ دَخَلْت دَارَك) كَأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت دَارَك فَأَنْت طَالِقٌ (وَلَا دَارَ لَهَا) وَقْتَ الْحَلِفِ (طَلُقَتْ بِدُخُولِ كُلِّ دَارٍ مَلَكَتْهَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَلِفِ (فَإِنْ قَالَ) إنْ دَخَلْت دَارَك الْآنَ (فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ) فَلَا تَطْلُقُ وَإِنْ دَخَلَ دَارًا مَلَكَتْهَا بَعْدُ (وَلَوْ أَقَرَّ بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ أَبَدًا لَمْ يُحْكَمْ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ) وَلِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ تَحْرِيمَهَا بِالْيَمِينِ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ.
(أَوْ قَالَ إنْ أَجَبْت كَلَامِي فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَ غَيْرَهَا فَأَجَابَتْهُ هِيَ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسَمَّى جَوَابًا إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُخَاطَبَةَ (أَوْ) قَالَ (إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَأَخْرَجَهَا) هُوَ (فَهَلْ يَكُونُ إذْنًا) لَهَا فِي الْخُرُوجِ أَوْ لَا (وَجْهَانِ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ) فَتَطْلُقُ.
(وَلَوْ قَالَ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ امْرَأَةُ الْقَاضِي طَالِقٌ لَمْ يُؤَاخَذْ) بِهِ (إلَّا إنْ قَصَدَ نَفْسَهُ) نَظِيرَ مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِيمَا لَوْ قَالَ مَنْ اسْمُهُ زَيْدٌ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَنْقُولِهِ وَمَنْقُولُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثَمَّ وَقِيلَ يُؤَاخِذُ بِهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَعْزُولِ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنْ كَانَ فِيمَا قَرَّرَهُ نَظَرٌ.
(وَلَوْ لَبِسَ خُفَّ غَيْرِهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ) أَنِّي مَا (اسْتَبْدَلْت) بِهِ خُفِّي (فَإِنْ عَلِمَ) بَعْدَ حَلِفِهِ (أَنَّ خُفَّهُ مَعَ مَنْ خَرَجَ) قَبْلَهُ مِمَّنْ كَانَ جَالِسًا مَعَهُ (وَقَصَدَ أَنِّي لَمْ آخُذْ بَدَلَهُ كَانَ كَاذِبًا فَإِنْ كَانَ عَالِمًا) عِنْدَ حَلِفِهِ (بِأَخْذِهِ) أَيْ بِأَخْذِ بَدَلِهِ (طَلُقَتْ أَوْ جَاهِلًا فَكَالنَّاسِي) فَلَا تَطْلُقُ (وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَهُوَ فِي الْعُرْفِ مُسْتَبْدِلٌ) فَتَطْلُقُ (وَفِي الْوَضْعِ) وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ كَمَا مَرَّ (غَيْرُ مُسْتَبْدِلٍ) لِعَدَمِ الطَّلَبِ فَلَا تَطْلُقُ (وَإِنْ خَرَجَ وَقَدْ بَقِيَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ وَعَلِمَ أَنَّهُ) أَيْ خُفَّهُ (كَانَ بَاقِيًا أَوْ شَكَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي تَعَارُضِ الْوَضْعِ وَالْعُرْفِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ هُنَا مُسْتَبْدِلٌ عُرْفًا وَوَضْعًا) وَفِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَ بِاسْتِيفَائِهَا إرْثَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَسْتَوْفِ حَقَّك مِنْ تَرِكَةِ أَبِيك تَامًّا فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ إخْوَتُهَا قَدْ أَتْلَفُوا بَعْضَ التَّرِكَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِيفَاءِ حِصَّتِهَا مِنْ الْبَاقِي وَضَمَانِ التَّالِفِ وَلَا يَكْفِي الْإِبْرَاءُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِالِاسْتِيفَاءِ إلَّا أَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ
(قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا إذَا أَوْقَعْنَا طَلَاقَ النَّاسِي إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ عَلَى مَا لَوْ حَلَفَ وَفَعَلَ عَامِدًا ثُمَّ نَسِيَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مَنْ ذِكْرٍ وَتَذَكَّرَ الْحَالَ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَاتِبُهُ.
(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ فَتَطْلُقُ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ وَمُرَادُهُ بِأَخْرَجَهَا دَفْعُهَا أَوْ جَرُّهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَاهِ
(3/335)
نَظَرِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَبْدِلٍ وَضْعًا لِعَدَمِ الطَّلَبِ.
(وَلَوْ نُحِتَتْ خَشَبَةً فَقَالَ إنْ عُدْت لِمِثْلِهِ) أَيْ لِمِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ (فَأَنْت طَالِقٌ فَنَحَتَتْ) خَشَبَةً (غَيْرَهَا) وَلَوْ مِنْ شَجَرَةٍ أُخْرَى (طَلُقَتْ) لِأَنَّ النَّحْتَ كَالنَّحْتِ.
(وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ دَارِي فَأَنْت طَالِقٌ) ثَلَاثًا (فَخَالَعَهَا) بِنَفْسِهَا أَوْ بِأَجْنَبِيٍّ فِي اللَّيْلِ وَإِنْ تَمَكَّنَتْ قَبْلَهُ مِنْ الْخُرُوجِ (ثُمَّ جَدَّدَ) نِكَاحَهَا أَوْ لَمْ يُجَدِّدْهُ (وَ) إنْ (لَمْ تَخْرُجْ لَمْ تَطْلُقْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ مَحِلُّ الْيَمِينِ وَلَمْ يَمْضِ كُلُّ اللَّيْلِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ لَهُ حَتَّى تَطْلُقَ لَكِنْ أَفْتَى ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ لَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فِي مُدَّةِ كَذَا بَعْدَ أَنْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ وَقَالَ تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ خَطَأٌ وَأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ يُنْتَظَرْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ طَلُقَتْ قَبْلَ الْخُلْعِ وَبَطَلَ الْخُلْعُ انْتَهَى وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا صَحَّ الْخُلْعُ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ أَنَّهُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ بَائِنًا كَمَا مَثَّلْنَا لَزِمَ أَنْ لَا يَصِحَّ الْخُلْعُ كَمَا قَالَ لَكِنْ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إنَّهَا تَطْلُقُ قَبْلَ الْخُلْعِ لِبَقَائِهَا مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ مَعَ عَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ الْخُرُوجِ حِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا تَطْلُقَ إلَّا قُبَيْلَ الْفَجْرِ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِي الْبَائِنِ وَأَنَّ وُقُوعَهُ قُبَيْلَ الْخُلْعِ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ فَلَا يَقَعُ لِلدَّوْرِ وَيَصِحُّ الْخُلْعُ إذْ لَا مَانِعَ.
(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ) مِنْ الْبَلَدِ (إلَّا مَعَهَا) فَخَرَجَا (فَسَبَقَهَا بِخُطُوَاتٍ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَضْرِبُهَا إلَّا بِوَاجِبٍ فَشَتَمَتْهُ فَضَرَبَهَا بِالْخَشَبِ) مَثَلًا (لَمْ تَطْلُقْ) لِلْعُرْفِ فِي الْأُولَى وَلِضَرْبِهِ لَهَا بِوَاجِبٍ فِي الثَّانِيَةِ إذْ الْمُرَادُ فِيهَا بِالْوَاجِبِ مَا تَسْتَحِقُّ الضَّرْبَ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا.
(أَوْ قَالَ إنْ رَأَيْت مِنْ أُخْتِي شَيْئًا وَلَمْ تُعْلِمِينِي) بِهِ (فَأَنْت طَالِقٌ حُمِلَ عَلَى) مُوجِبِ (الرِّيبَةِ وَ) مُوهِمِ (الْفَاحِشَةِ) دُونَ مَا لَا يَقْصِدُ الْعِلْمَ بِهِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ (وَكَانَ) إعْلَامُهَا بِهِ (عَلَى التَّرَاخِي) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُهَا بِهِ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ أَخَذَتْ لَهُ دِينَارًا فَقَالَ إنْ لَمْ تُعْطِينِي الدِّينَارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَ) كَانَتْ قَدْ أَنْفَقَتْهُ (لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالْيَأْسِ) مِنْ إعْطَائِهَا لَهُ بِالْمَوْتِ (فَإِنْ تَلِفَ) الدِّينَارُ (قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ) لَهُ (فَكَمُكْرَهَةٍ) أَيْ فَكَالْمُكْرَهِ عَلَى الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَا تَطْلُقُ أَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ طَلُقَتْ وَلَا يُشْكِلُ بِعَدَمِ طَلَاقِهَا فِي مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ السَّابِقَةِ إذَا خَالَعَهَا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ خُرُوجُهَا لِأَنَّ مَحِلَّ الطَّلَاقِ فِي تِلْكَ زَالَ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَهُنَا) فِي الْأَصْلِ.
(مَسْأَلَةٌ سَبَقَتْ) فِي الطَّرَفِ الرَّابِعِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ وَهِيَ مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِرُؤْيَتِهَا الدَّمَ حُمِلَ عَلَى دَمِ الْحَيْضِ وَذَكَرَ هُنَا أُخْرَى قَدَّمْتهَا فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ مَعَ مَا فِيهَا وَكَثِيرًا مَا يَفْعَلُ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ وَلَا يُنَبِّهُ عَلَيْهِ (وَلَوْ عَلَّقَ بِدُخُولِ هَذِهِ الدَّارَ وَأَشَارَ إلَى مَوْضِعٍ) مِنْهَا (فَدَخَلَتْ غَيْرَهُ) مِنْهَا (طَلُقَتْ) ظَاهِرًا (وَدُيِّنَ) نَعَمْ إنْ اشْتَمَلَتْ الدَّارُ عَلَى حُجَرٍ فَأَشَارَ إلَى حُجْرَةٍ مِنْهَا فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ ظَاهِرًا لَا سِيَّمَا إذَا انْفَرَدَتْ بِمَرَافِقِهَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(أَوْ قَالَ إنْ كَانَتْ امْرَأَتِي فِي الْمَأْتَمِ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ فِي جَمَاعَةِ النِّسَاءِ فِي الْمَصَائِبِ (فَأَمَتِي حُرَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ أَمَتِي فِي الْحَمَّامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَكَانَتَا فِيهِمَا) أَيْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْمَأْتَمِ وَالْأَمَةُ فِي الْحَمَّامِ (عَتَقَتْ) أَمَتُهُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَلَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ لِأَنَّ الْأَمَةَ عَتَقَتْ بِالتَّعْلِيقِ) الْأَوَّلِ أَيْ عِنْدَ تَمَامِهِ (فَلَمْ تَبْقَ أَمَتُهُ بَعْدَهُ وَإِنْ قَدَّمَ) التَّعْلِيقَ (بِالْأَمَةِ) أَيْ بِكَوْنِهَا فِي الْمَأْتَمِ فَقَالَ إنْ كَانَتْ أَمَتِي فِي الْمَأْتَمِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَتِي فِي الْحَمَّامِ فَأَمَتِي حُرَّةٌ فَكَانَتَا فِيهِمَا (وَقَعَا) أَيْ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ لَكِنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَقَعُ (إنْ كَانَتْ) أَيْ الْمَرْأَةُ (رَجْعِيَّةً وَإِلَّا فَلَا عِتْقَ) لِأَنَّهَا بَانَتْ عِنْدَ تَمَامِ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ فَلَمْ تَبْقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَهُ (أَوْ) قَالَ (إنْ كَانَتْ امْرَأَتِي فِي الْمَأْتَمِ وَأَمَتِي فِي الْحَمَّامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَأَمَتِي حُرَّةٌ) فَكَانَتَا فِيهِمَا (وَقَعَا) لِوُجُودِ الصِّفَةِ.
(وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ بِمُضِيِّ يَوْمٍ لَمْ تَأْكُلْ كُلٌّ) مِنْهُمَا (تُفَّاحَتَهَا فِيهِ) بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي تُفَّاحَتَك الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَ لِأَمَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي تُفَّاحَتَك الْيَوْمَ فَأَنْت حُرَّةٌ (فَاشْتَبَهَتَا وَأَكَلَتَا) هُمَا بِأَنْ أَكَلَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاحِدَةً (وَلَوْ بِلَا تَحَرٍّ) مِنْهَا وَمِنْ الزَّوْجِ فِي أَنَّ مَا أَكَلَتْهَا تُفَّاحَتُهَا (فَلَا شَيْءَ) مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ يَقَعُ (لِلشَّكِّ) وَقِيلَ يُعْتَبَرُ التَّحَرِّي وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ أَكَلَتْهُمَا الْحُرَّةُ) الْأَوْلَى الْمَرْأَةُ (وَبَاعَ الْأَمَةَ فِي يَوْمِهِ) مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ غَيْرِهَا (تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ (بِيَقِينٍ) وَكَذَا لَوْ خَالَعَ الزَّوْجَةَ وَبَاعَ الْأَمَةَ فِي يَوْمِهِ ثُمَّ جَدَّدَ النِّكَاحَ وَالشِّرَاءَ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ لَكِنَّهُ ضَعَّفَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُخَلِّصٌ وَكَذَا لَوْ أَكَلَتْهُمَا الْأَمَةُ وَخَالَعَ الزَّوْجَةَ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَفِي نَظَرِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَبْدِلٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا صَحَّ الْخُلْعُ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إنَّهُ بَاطِلٌ) إنَّمَا أَفْتَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثَ وَقَدْ أَوْضَحْته فِي أَوَائِلِ الْخُلْعِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا الْقِيَاسَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ مَتَى كَانَ رَجْعِيًّا وَقَعَ الطَّلَاقُ قُبَيْلَ الْخُلْعِ وَصَحَّ الْخُلْعُ
(قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ خَالَعَ الزَّوْجَةَ وَبَاعَ الْأَمَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُخَلِّصٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/336)
قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ أَنَّهُ لَا يَخْلُصُ بِذَلِكَ بَلْ يَنْتَظِرُ الْحَالَ فَإِنْ لَمْ يَأْكُلَا فِي الْيَوْمِ وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْخُلْعِ وَالْعِتْقُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبِأَنَّ بُطْلَانَهُمَا مَرْدُودٌ بِمَا رَدَدْت بِهِ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ السَّابِقَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا مَرَّ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ مَحَلُّهُ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَمَا هُنَا فِي الْبَائِنِ.
(وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا مِلْكِي فَأَنْت طَالِقٌ فَوَكَّلَ مَنْ يَبِيعُهُ) أَوْ بَاعَهُ بِنَفْسِهِ (لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ) أَيْ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَا تَطْلُقُ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي التَّوْكِيلِ أَوْ فِي الْبَيْعِ أَوْ وَلِيًّا.
(وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ كُلَّمَا كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ كُلَّمَا كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَ رَجُلَيْنِ) وَلَوْ بِكَلِمَةٍ (وَقَعَ طَلْقَتَانِ طَلْقَتَانِ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثِّنْتَيْنِ فِي الْأُولَى وَالْوَاحِدَةِ فِي الثَّانِيَةِ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَلَّمَ ثَلَاثَةً وَقَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ.
(أَوْ) قَالَ (إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ) فَأَنْت طَالِقٌ (حَنِثَ بِثَلَاثٍ) أَيْ بِتَزَوُّجِهِنَّ لِأَنَّهُنَّ أَقَلُّ الْجَمْعِ وَمِثْلُهَا إنْ اشْتَرَيْت الْعَبْدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ إنْ خَرَجْت) مِنْ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ (فَتَعَلَّقَتْ بِغُصْنِ شَجَرَةِ الدَّارِ الْخَارِجَةِ) عَنْهَا (طَلُقَتْ أَوْ إنْ لَمْ تَصُومِي غَدًا) فَأَنْت طَالِقٌ (فَحَاضَتْ فَمُكْرَهَةٌ) أَيْ فَكَمُكْرَهَةٍ فَلَا تَطْلُقُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَقْلًا عَنْ الْخُوَارِزْمِيَّ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تُصَلِّي صَلَاةَ الظُّهْرِ فَأَنْت طَالِقٌ فَحَاضَتْ وَقْتَ الظُّهْرِ فَإِنْ مَضَى زَمَنُ إمْكَانِ الصَّلَاةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا.
(أَوْ) قَالَ لِنِسْوَتِهِ (مَنْ حَمَلَتْ مِنْكُنَّ هَذِهِ الْخَشَبَةَ) فَهِيَ طَالِقٌ (فَحَمَلَهَا) مِنْهُنَّ (أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ لَمْ يَطْلُقْنَ إلَّا إنْ كَانَتْ الْوَاحِدَةُ تَعْجِزُ) عَنْ حَمْلِهَا فَتَطْلُقْنَ نَظَرًا لِلْعُرْفِ (وَهُنَا) فِي الْأَصْلِ.
(مَسْأَلَةٌ سَبَقَتْ) فِي أَوَاخِرِ الطَّرَفِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ يَقَعُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إيقَاعَهُ عَنْ مُوَكِّلِهِ وَفِيهِ بُعْدٌ (وَمَتَى حَلَفَ) بِالطَّلَاقِ (لَيَطَؤُهَا اللَّيْلَةَ فَتَرَكَهُ) أَيْ الْوَطْءَ (لِحَيْضٍ) أَوْ نَحْوِهِ كَإِحْرَامٍ طَرَأَ لَهَا (فَمُكْرَهٌ) أَيْ فَكَمُكْرَهٍ فَلَا تَطْلُقُ.
(أَوْ) حَلَفَ بِأَنَّهُ (إنْ لَمْ يُشْبِعْهَا جِمَاعًا) فَهِيَ طَالِقٌ (فَلْيَطَأْهَا حَتَّى يُنْزِلَ) مَنِيَّهَا بِأَنْ تَقَرَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ لَا أُرِيدُ الْجِمَاعَ (أَوْ) حَتَّى (تَسْكُنَ لَذَّتُهَا) أَيْ شَهْوَتُهَا وَكَانَتْ هِيَ لَا تُنْزِلُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ لَمْ تَشْتَهِهِ فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ) فَلَا تَطْلُقُ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا يَبِيتُ عِنْدَهَا فَبَاتَ فِي مَنْزِلِهَا وَقَدْ) خَرَجَتْ مِنْهُ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الْمَبِيتَ عِنْدَهَا يَفْتَقِرُ إلَى حُضُورِهَا.
(وَلَوْ حَلَفَ لَيَصِيدَنَّ هَذَا الطَّائِرَ الْيَوْمَ فَاصْطَادَ طَائِرًا فَادَّعَى أَنَّهُ هُوَ) وَكَذَّبَتْهُ (لَمْ تَطْلُقْ) لِاحْتِمَالِ قَوْلِهِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ (وَكَذَا) لَا تَطْلُقُ (لَوْ جُهِلَ) الْحَالُ (وَاحْتَمَلَ) الْأَمْرُ أَنَّ لِلْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَكَنَظِيرِهِ فِي أَنْت طَالِقُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ زَيْدٌ الْيَوْمَ الدَّارَ وَجَهِلَ دُخُولَهُ وَتَقَدَّمَ أَوَاخِرَ الْبَابِ الرَّابِعِ نَظِيرُ ذَلِكَ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْأَيْمَانِ.
(وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك الطَّلْقَةَ الرَّابِعَةَ فَفِي وُقُوعِهِ تَرَدُّدٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَجْهَانِ يَقْرُبَانِ مِنْ الْخِلَافِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمُحَالِ وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ تَشْتَهِهِ أَنْ تَقُولَ هُنَا كَذَلِكَ فَلَا تَطْلُقُ.
(فَصْلٌ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ) مَثَلًا (فَسَاكَنَهُ بَعْضَهُ أَوْ) حَلَفَ (لَا يُفْطِرُ بِالْكُوفَةِ) مَثَلًا وَكَانَ يَوْمَ الْفِطْرِ بِهَا (فَأَمْسَكَ بِهَا يَوْمَ الْفِطْرِ لَمْ يَحْنَثْ) عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِيهِمَا مِنْ حَمْلِ الْمُسَاكَنَةِ عَلَى جَمِيعِ الْمُدَّةِ وَالْإِفْطَارِ عَلَى تَنَاوُلِ الْمَأْكُولِ أَوْ الْمَشْرُوبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِهِ فِيهِ مَرَّةً عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِيهِ أَيْضًا (أَوْ) حَلَفَ (لَا يُعَيِّدُ بِهَا) أَيْ بِالْكُوفَةِ فَأَقَامَ بِهَا يَوْمَ الْعِيدِ أَوْ مُعْظَمَهُ (حَنِثَ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الْعِيدِ) لِلْعُرْفِ مِنْ حَمْلِ التَّعْيِيدِ بِمَكَانٍ عَلَى الْإِقَامَةِ بِهِ.
(أَوْ) قَالَ (إنْ أَكَلَتْ أَكْثَرَ مِنْ رَغِيفٍ) فَأَنْت طَالِقٌ (حَنِثَ بِرَغِيفٍ وَأُدُمٍ) أَيْ بِأَكْلِهِمَا وَقَوْلُهُ بِرَغِيفٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِخُبْزٍ أَوْ قَالَ إنْ أَكَلَتْ الْيَوْمَ إلَّا رَغِيفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَكَلَتْ رَغِيفًا ثُمَّ فَاكِهَةً حَنِثَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِثُمَّ نَظَرٌ.
(أَوْ) قَالَ (إنْ أَدْرَكْت الظُّهْرَ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَأَنْت طَالِقٌ فَفَاتَتْهُ رَكْعَةٌ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الظُّهْرَ عِبَارَةٌ عَنْ الرَّكَعَاتِ الْأَرْبَعِ وَلَمْ يُدْرِكْهَا بَلْ أَدْرَكَ بَعْضَهَا.
(وَإِنْ قَالَ لِمُطَلَّقَاتِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ إلَخْ) قَدْ ذَكَرْت هُنَاكَ الْفَرْقَ بَيْنَ نَفْيِ التَّطْلِيقِ وَنَفْيِ غَيْرِهِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ تَمْنَعُ مِنْ وُجُودِ الْحِنْثِ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ غَيْرِ التَّطْلِيقِ
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَلَّمَ ثَلَاثَةً وَقَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ التَّطْلِيقَاتُ الثَّلَاثَةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ أَوْ اشْتَرَيْت الْعَبِيدَ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِثَلَاثٍ مِنْ كُلٍّ
(قَوْلُهُ وَهُوَ أَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ يَقَعُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إيقَاعَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَشْتَهِهِ فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ) فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا قَالَ إنْ لَمْ تُحْيِي مَيِّتًا فَلَا يَقَعُ إلَّا قُبَيْلَ الْمَوْتِ قُلْنَا إنَّمَا تَنَجَّزَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إنَّمَا يَثْبُتُ حَيْثُ يُمْكِنُ وُجُودُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ فَيُرْتَقَبُ حُصُولُهُ كَيْفَ وَقَدْ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَيْمَانِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِي مُمْتَنِعِ الْحِنْثِ دُونَ مُمْتَنِعِ الْبِرِّ وَهَذَا شَيْءٌ لَا نِزَاعَ فِيهِ
(قَوْلُهُ فَفِي وُقُوعِهِ تَرَدُّدٌ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ مِنْهُ وُقُوعُهُ فِي الْحَالِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
1 -
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ إنْ أَدْرَكْت الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأَدْرَكَهُ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْجَمِيعَ وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَطَأْك غَدًا فِي وَسَطِ السُّوقِ فَأَنْت طَالِقٌ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَدْخُلَا مَعًا فِي هَوْدَجٍ وَيَطَأَهَا فِيهِ وَلَوْ قَالَ إذَا بَلَغَ وَلَدِي الْخِتَانَ فَلَمْ أَخْتِنْهُ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ حَدًّا يَحْتَمِلُ الْخِتَانَ فَلَمْ يَخْتِنْهُ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَوْقِيتٌ فَيُقَدَّرُ بِالْإِمْكَانِ وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ وَقْتُهُ يَوْمُ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ لَوْ قَالَ إنْ سَافَرْت فَأَنْت طَالِقٌ حَنِثَ بِالسَّفَرِ الْقَصِيرِ وَلَوْ إلَى رُسْتَاقِ الْبَلَدِ.
[فَصْلٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ]
(فَصْلٌ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ) .
(قَوْلُهُ فَسَاكَنَهُ بَعْضَهُ إلَخْ) لَوْ حَلَفَ لَا يُشَتِّي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ هَذِهِ السَّنَةَ وَأَقَامَ بِهَا أَكْثَرَ الشِّتَاءِ ثُمَّ رَحَلَ مِنْهَا قَبْلَ انْقِضَائِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى لَفْظِهِ جَمِيعُ الشِّتَاءِ إذْ حَقِيقَتُهُ جَمِيعُهُ.
(3/337)
طَلَاقًا رَجْعِيًّا (كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْكُنَّ (أُرَاجِعُهَا طَالِقٌ كُلَّمَا كَلَّمْت فُلَانًا فَكُلَّمَا كَلَّمَهُ طَلَّقَ مَنْ رَاجَعَهَا مِنْهُنَّ) قَبْلَ تَكْلِيمِهِ (فَإِنْ رَاجَعَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (ثُمَّ كَلَّمَهُ) طَلُقَتْ (ثُمَّ) إنْ رَاجَعَ (أُخْرَى لَمْ تَطْلُقْ الْأُخْرَى حَتَّى يُكَلِّمَهُ) لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ التَّكْلِيمُ بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ وَلَمْ يُوجَدْ (أَوْ) قَالَ (آخِرُ مَنْ أُرَاجِعُهَا) طَالِقٌ مِنْكُنَّ (فَرَاجَعَ ثَلَاثًا مُرَتِّبًا وَمَاتَ تَبَيَّنَّا طَلَاقَ الثَّالِثَةِ) أَيْ وُقُوعَهُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ كَوْنُهَا آخِرَ مَنْ رَاجَعَهَا (فَلَا تَرِثُهُ إنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) قَبْلَ مَوْتِهِ (وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ) أَيْ مَهْرُ مِثْلِهَا (إنْ) كَانَ (وَطِئَهَا) وَقَوْلُهُ مُرَتِّبًا مِنْ زِيَادَتِهِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ رَاجَعَهُنَّ مَعًا أَمَّا لَوْ رَاجَعَ وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا أَوْ ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ ثَالِثَةً فَظَاهِرٌ أَنَّا نَتَبَيَّنُ طَلَاقَ الثِّنْتَيْنِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فِي الثَّانِيَةِ (فَإِنْ طَلَّقَ الْأُولَى) بَعْدَ مُرَاجَعَتِهَا (ثُمَّ رَاجَعَهَا بَعْدَهُنَّ) أَيْ بَعْدَ مُرَاجَعَتِهِنَّ (فَهِيَ الْأَخِيرَةُ) بَعْدَمَا كَانَتْ الْأُولَى وَتَبَيَّنَ أَنَّ الثَّالِثَةَ لَيْسَتْ أَخِيرَةً وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الثَّانِيَةِ (وَالتَّعْلِيقُ) لِلطَّلَاقِ (بِالنِّكَاحِ يُحْمَلُ عَلَى الْعَقْدِ) لَا الْوَطْءِ (إنْ لَمْ يَنْوِ الْوَطْءَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَكُنْ قَرِينَةٌ تُشْعِرُ بِإِرَادَتِهِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تُمَكِّنِينِي السَّاعَةَ) مِنْ الْوَطْءِ فَأَنْت طَالِقٌ (فَأَخَّرَتْ حَتَّى مَضَتْ السَّاعَةُ طَلُقَتْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ إطْلَاقَ السَّاعَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَوْرِ لَا عَلَى السَّاعَةِ الزَّمَانِيَّةِ (أَوْ إنْ كَلَّمْت بَنِي آدَمَ) فَأَنْت طَالِقٌ (اُشْتُرِطَ) فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ (ثَلَاثَةً) أَيْ تَكْلِيمُ ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ انْعَقَدَ مَا أَرَادَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْيَمِينَيْنِ مُفْرَدًا أَوْ جَمْعًا حَتَّى لَوْ قَالَ أَرَدْتهمَا مَعًا عُمِلَ بِمُرَادِهِ (وَ) قَوْلُهُ (أَنْتِ طَالِقٌ فِي الدَّارِ كَقَوْلِهِ) أَنْت طَالِقٌ (إنْ دَخَلْت الدَّارَ) فَلَا تَطْلُقُ قَبْلَ دُخُولِهَا كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ فِي غَدٍ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ قَبْلَ مَجِيئِهِ (أَوْ) قَالَ لِاثْنَتَيْنِ (إنْ مَلَكْتُمَا عَبْدًا فَأَنْت) الْأَوْلَى قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فَامْرَأَتِي (طَالِقٌ اُشْتُرِطَ) لِلْحِنْثِ (اجْتِمَاعُ مِلْكَيْهِمَا عَلَيْهِ) حَتَّى لَوْ مَلَكَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ بَاعَهُ لِلْآخَرِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يَحْنَثُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (أَوْ إنْ لَبِسْت قَمِيصَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِلُبْسِهِمَا وَلَوْ مُتَوَالِيَيْنِ أَوْ إنْ اغْتَسَلْت) فَأَنْت طَالِقٌ (طَلُقَتْ بِالْغُسْلِ) وَلَوْ عَنْ غَيْرِ جَنَابَةٍ (فَإِنْ أَرَادَ) الْغُسْلَ (مِنْ جَنَابَةٍ دُيِّنَ) وَلَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا نَعَمْ إنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ كَمَا لَوْ رَاوَدَهَا فَامْتَنَعَتْ فَغَضِبَ فَحَلَفَ كَذَلِكَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرًا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَهُوَ) أَيْ وَقْتَ حَلِفِهِ (لَيْلٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ حُمِلَ) عَدَمُ كَلَامِهِ لَهُ (عَلَى الْغَدِ فَلَهُ تَكْلِيمُهُ قَبْلَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ ذِكْرُ الْيَوْمِ مُعَرَّفًا وَلَعَلَّهُ الصَّوَابُ وَحِينَئِذٍ فَفِي تَكْلِيمِهِ لَهُ قَبْلَهُ نَظَرٌ وَالْيَوْمُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الزَّمَنُ الْحَاضِرُ وَلَوْ لَيْلًا.
(أَوْ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثَلَاثًا) مَثَلًا (وَقَالَ أَرَدْت) أَنَّهَا تَطْلُقُ (وَاحِدَةً إنْ دَخَلَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهَا تَطْلُقُ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا يَقْتَضِيهِ فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ لَكِنْ الْأَوْجَهُ فِيهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ لِلشَّكِّ فِي مُوجِبِ الثَّلَاثِ.
(أَوْ إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ) فَأَنْت طَالِقٌ (وَلَهَا بُسْتَانٌ بَابُهُ) مَفْتُوحٌ (إلَيْهَا وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْهَا فَلَهُ حُكْمُهَا) فَلَا تَطْلُقُ بِخُرُوجِهَا مِنْهُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْدُودًا مِنْهَا طَلُقَتْ بِذَلِكَ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا أَتَزَوَّجُ مَا دَامَ أَبَوَايَ) حَيَّيْنِ (وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَلْيَتَزَوَّجْ) وَلَا يَحْنَثُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَطْعَنُهَا بِنَصْلِ هَذَا الرُّمْحِ) أَوْ السَّهْمِ (حَنِثَ) بِطَعْنِهَا بِهِ وَلَوْ (مَنْزُوعًا) مِنْ الرُّمْحِ أَوْ السَّهْمِ (وَمُرَكَّبًا فِي غَيْرِهِ أَوْ إنْ شَتَمْتنِي وَلَعَنْتنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَلَعَنَتْهُ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ عَلَّقَ بِالْأَمْرَيْنِ وَلَمْ يُوجَدَا وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ شَتَمْتنِي وَإِنْ لَعَنْتنِي فَأَنْت طَالِقٌ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْأَصْلِ وَالْمُصَنِّفُ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَإِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي اعْتِرَاضِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ أَنَّ الشَّرْطَيْنِ الْمَعْطُوفَيْنِ بِالْوَاوِ يَمِينَانِ تَقَدَّمَا أَوْ تَأَخَّرَا وَحِينَئِذٍ فَتَطْلُقُ هُنَا بِاللَّعْنِ وَحْدَهُ وَبِالشَّتْمِ وَحْدَهُ وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ مَعَ حَذْفِ وَاوِ الْعَطْفِ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا تُقِيمُ فِي الْبَلَدِ ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ (لِضِيَافَةٍ فَخَرَجَتْ) مِنْهَا (لِدُونِهَا) أَيْ الثَّلَاثِ (ثُمَّ عَادَتْ) إلَيْهَا (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ فِيهَا ثَلَاثًا (أَوْ قَالَ نِصْفَ اللَّيْلِ) مَثَلًا (إنْ بِتّ عِنْدَك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَبَاتَ) عِنْدَهَا بَقِيَّةَ اللَّيْلِ (حَنِثَ لِلْقَرِينَةِ وَإِنْ اقْتَضَى الْمَبِيتُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ وَإِنْ عَرَفَ رَجُلًا) بِوَجْهِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّا نَتَبَيَّنُ طَلَاقَ الثِّنْتَيْنِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فِي الثَّانِيَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الثَّانِيَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ طَلَاقَ السَّاعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ ذَكَرَ الْيَوْمَ مُعَرَّفًا) وَبِهِ عَبَّرَ فِي الْأَنْوَارِ.
(قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَفِي تَكْلِيمِهِ لَهُ قَبْلَهُ نَظَرٌ إلَخْ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ إطْلَاقَهُ عَلَى اللَّيْلِ مَجَازٌ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ
(قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ فِيهَا ثَلَاثًا) أَيْ لِلضِّيَافَةِ وَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ اللَّفْظِ فِي الْعُرْفِ التَّوَالِي فَحُمِلَ عَلَيْهِ
(3/338)
(دُونَ اسْمِهِ وَطَالَتْ صُحْبَتُهُ لَهُ فَحَلَفَ لَا أَعْرِفُهُ حَنِثَ أَوْ) حَلَفَ (لَا أَنَامُ عَلَى ثَوْبٍ لَك فَتَوَسَّدَ مِخَدَّتَهَا) مَثَلًا (لَمْ يَحْنَثْ) كَمَا لَوْ وَضَعَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ.
(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَيْدٍ فَأَضَافَهُ) أَوْ نَثَرَ مَأْكُولًا فَالْتَقَطَهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ خَلَطَا زَادَيْهِمَا) وَأَكَلَ مِنْ ذَلِكَ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُ الطَّعَامَ قُبَيْلَ الِازْدِرَادِ وَالْمُلْتَقِطُ يَمْلِكُ الْمَلْقُوطَ بِالْأَخْذِ وَالْخَلْطُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا أَبَدًا إلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا فَكَلَّمَهُمَا جَمِيعًا حَنِثَ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ إلَّا هَذَا وَهَذَا فَكَلَّمَهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّمَا يَتَّجِهُ إذْ كَانَتْ الصُّورَتَانِ بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ دَارِهِ مَا دَامَ فِيهَا فَانْتَقَلَ مِنْهَا وَعَادَ) إلَيْهَا (ثُمَّ دَخَلَهَا) الْحَالِفُ وَهُوَ فِيهَا (لَمْ يَحْنَثْ) لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ بِالِانْتِقَالِ مِنْهَا نَعَمْ إنْ أَرَادَ كَوْنَهُ فِيهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(أَوْ) قَالَ (أَنْت طَالِقٌ إنْ قَتَلْت زَيْدًا غَدًا فَضَرَبَهُ الْيَوْمَ وَمَاتَ مِنْهُ غَدًا لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ الْفِعْلُ الْمُفَوِّتُ لِلرُّوحِ وَلَمْ يُوجَدْ غَدًا (أَوْ) حَلَفَ (لَا يُغْضِبُهَا فَضَرَبَ ابْنَهَا وَلَوْ تَأْدِيبًا فَغَضِبَتْ حَنِثَ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا صُمْت زَمَانًا) حَنِثَ (بِالشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا صُمْت وَمَا قَالَهُ مُسَاوٍ نُسَخَ الْأَصْلِ الْمُعْتَمَدَةَ الْمُعَبِّرُ فِيهَا بِقَوْلِهِ لَا يَصُومُ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الْأَصْلِ السَّقِيمَةِ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ لَيَصُومَن وَهُوَ تَحْرِيفٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (أَوْ) حَلَفَ (لَيَصُومَن أَزْمِنَةً كَفَاهُ يَوْمٌ) يَصُومُهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى أَزْمِنَةٍ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ (أَوْ) حَلَفَ (لَيَصُومَن الْأَيَّامَ فَلْيَصُمْ ثَلَاثًا) مِنْهَا حَمْلًا عَلَيْهَا لَا عَلَى أَيَّامِ الْعُمُرِ.
(أَوْ) قَالَ (إنْ كَانَ اللَّهُ يُعَذِّبُ الْمُوَحِّدِينَ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) إنْ كَانَ يُعَذِّبُ (أَحَدًا مِنْهُمْ) فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ فِيمَا إذَا أَرَادَ إنْ كَانَ يُعَذِّبُهُمْ كُلَّهُمْ أَوْ يُطَلِّقُ لِأَنَّ التَّعْذِيبَ يَخْتَصُّ بِبَعْضِهِمْ.
(وَإِنْ اُتُّهِمَ) كَأَنْ اتَّهَمَتْهُ زَوْجَتُهُ (بِاللِّوَاطِ فَحَلَفَ لَا يَأْتِي حَرَامًا حَنِثَ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ) مِنْ تَقْبِيلٍ أَوْ لَمْسٍ أَوْ نَحْوِهِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ فَعَلْت كَذَا حَرَامًا فَقَالَ إنْ فَعَلْت حَرَامًا فَأَنْت طَالِقٌ لِأَنَّ كَلَامَهُ ثَمَّ تَرَتَّبَ عَلَى كَلَامِهَا وَهُنَا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ فَحُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَكَأَنَّهَا ابْتَدَأَتْهُ بِنَوْعٍ مِنْ الْحَرَامِ فَنَفَى عَنْ نَفْسِهِ جِنْسَ الْحَرَامِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ بَلْ الصَّوَابُ وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَلَا أَثَرَ لِتَرَتُّبِ كَلَامِهِ عَلَى كَلَامِ غَيْرِهِ وَلِهَذَا لَوْ قِيلَ لَهُ كَلِّمْ زَيْدًا الْيَوْمَ قَالَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْته انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْأَبَدِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْيَوْمَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَاخِرِ الْأَيْمَانِ انْتَهَى وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ أَرَادَ ثَمَّ مَا إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ مَا ذَكَرَتْهُ الْمَرْأَةُ خَاصَّةً.
(أَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ وَلَا تَخْرُجِينَ مِنْ الصِّفَةِ أَيْضًا لَغَا الْأَخِيرُ) لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ لَيْسَ فِيهِ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ وَلَا عَطْفٍ فَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الصِّفَةِ لَمْ تَطْلُقْ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بَدَلَ الْأَخِيرِ عَقِبَ مَا قَبْلَهُ وَمِنْ الصِّفَةِ أَيْضًا طَلُقَتْ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(أَوْ أَنْت طَالِقٌ فِي الْبَحْرِ أَوْ فِي مَكَّةَ أَوْ فِي الظِّلِّ) أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يُنْتَظَرُ (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ) فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يُوجَدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ فِي الدَّارِ مِنْ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ هَذَا مِثْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ إنَّ غَيْرَهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ (وَأَمَّا) قَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ (فِي الشِّتَاءِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُنْتَظَرُ فَتَعْلِيقٌ) فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَجِيءَ الشِّتَاءُ وَنَحْوُهُ.
(أَوْ) قَالَ (إنْ أَكَلَتْ طَبِيخَك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَوَضَعَتْ الْقِدْرَ عَلَى نَارٍ) غَيْرِ مُوقَدَةٍ (فَأَوْقَدَهَا غَيْرُهَا أَوْ) إنْ أَكَلَتْ (طَعَامَك) فَأَنْت طَالِقٌ (فَخَمَّرَ عَجِينَهُ مِنْهُ) بِأَنْ أَخَذَ مِنْهُ خَمِيرًا أَوْ مَاءً أَوْ مِلْحًا فَعَجَنَ بِهِ دَقِيقَهُ (وَأَكَلَهُ) أَيْ مَا طُبِخَ أَوْ عُجِنَ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الَّذِي طَبَخَ فِي الْأُولَى غَيْرُ الزَّوْجَةِ وَطَعَامُهَا فِي الثَّانِيَةِ مُسْتَهْلَكٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ قَدْ اُسْتُهْلِكَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ فَاخْتَلَطَ مُشْتَرَاهُ بِمُشْتَرِي غَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ يَحْنَثُ إذَا أَكَلَ مِنْهُ مَا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ مِمَّا اشْتَرَاهُ لِأَنَّ ذَاكَ فِي مُسْتَهْلَكِ عَيْنِهِ بَاقِيَةٌ بِخِلَافِ هَذَا وَلِهَذَا يُجَابُ طَالِبُ الْقِسْمَةِ ثَمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا.
(أَوْ) قَالَ (إنْ كَانَ عِنْدَك نَارٌ) فَأَنْت طَالِقٌ (حَنِثَ بِالسِّرَاجِ) أَيْ بِوُجُودِهِ عِنْدَهَا (أَوْ إنْ جُعْت يَوْمًا فِي بَيْتِي) فَأَنْت طَالِقٌ (فَجَاعَتْ يَوْمًا بِلَا صَوْمٍ طَلُقَتْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاعَتْ يَوْمًا بِصَوْمٍ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا دَخَلْت دَارَك فَبَاعَتْهَا ثُمَّ دَخَلَهَا لَمْ يَحْنَثْ) .
أَوْ قَالَ (إنْ لَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَيْد إلَخْ) لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ دَقِيقًا لِيَخْبِزَهُ فَخَبَزَهُ بِخَمِيرَةٍ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلِكٌ كَذَا فِي الْكَبِيرِ نَقْلًا عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مَالٌ مُشْتَرَكٌ بِلَا شَكٍّ فَيَأْتِي فِيهِ مَا قَالُوهُ فِيهِ فِي الْأَيْمَانِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَكَلَ مَا يَزِيدُ عَلَى حِصَّتِهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْفِقْهُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَأَمَّا الَّذِي اعْتَرَضَ بِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ صُورَتَهُ فِي مُخْتَلِطٍ تَكُونُ عَيْنُهُ بَاقِيَةً وَلِهَذَا يُجَابُ إذَا طَلَبَ الْقِسْمَةَ وَأَمَّا الْخَمِيرَةُ الْمُسْتَهْلَكَةُ فَلَا يُجَابُ طَالِبُ الْقِسْمَةِ فِيهَا وَكَذَا لَوْ خَبَزَهُ بِمِلْحٍ أَوْ مَاءٍ مِنْ عِنْدِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَكَتَبَ شَيْخُنَا بِحِذَائِهِ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُ الطَّعَامَ قَبْلَ الِازْدِرَادِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ إنَّمَا يَتَّجِهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى
تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ أَرَادَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(3/339)
تَكُونِي أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ) وَجْهُك (أَحْسَنَ مِنْ الْقَمَرِ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ كَانَتْ زِنْجِيَّةً) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] إذْ الْمُرَادُ بِهِ إحْكَامُ الْخِلْقَةِ وَكَمَالُ الْعَقْلِ نَعَمْ إنْ أُرِيدَ بِالْحُسْنِ الْجَمَالُ فَظَاهِرٌ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْقَاضِي كَالْقَفَّالِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ قَبِيحَةَ الشَّكْلِ تَطْلُقُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الصَّحِيحَةِ بَعْدَمَا مَرَّ وَلَوْ قَالَ أَضْوَأُ مِنْ الْقَمَرِ فَالْحُكْمُ بِخِلَافِهِ أَيْ فَتَطْلُقُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ.
(وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا اُصْبُغْ لِي ثَوْبًا تُؤْجَرْ) عَلَيْهِ (فَقَالَ إنْ كَانَ) لِي (فِيهِ أَجْرٌ) فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَالَتْ اسْتَفْتَيْت فُلَانًا الْعَالِمَ) فَأَفْتَانِي بِأَنَّ لَك أَجْرًا فَأَطْلَقَ (فَقَالَ إنْ كَانَ عَالِمًا فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ النَّاسُ يُسَمُّونَهُ عَالِمًا طَلُقَتْ بِهَذَا) لِأَنَّ النَّاسَ يُسَمُّونَهُ عَالِمًا (لَا بِالثَّوْبِ) أَيْ صَبْغِهِ (لِأَنَّهُ مُبَاحٌ) وَالْمُبَاحُ لَا أَجْرَ فِيهِ وَقِيلَ تَطْلُقُ بِهِ أَيْضًا إنْ قَصَدَ الْبِرَّ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُؤْجَرُ فِي الْمُبَاحِ إذَا قَصَدَ الْبِرَّ (وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ) فِي الرَّوْضَةِ (اعْتِرَاضًا) وَهُوَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْخِلَافِ فِي هَذَا لِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الطَّاعَةَ كَانَ فِيهِ أَجْرٌ وَيَحْنَثُ وَإِلَّا فَلَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِعْلٌ بِنِيَّةِ الطَّاعَةِ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ (فِيهِ نَظَرٌ) هُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ الْمُوَجَّهَ لَهُ بِأَنَّ الثَّوَابَ بِالْقَصْدِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَهُوَ لَا يَضُرُّ النَّوَوِيُّ فِي مُرَادِهِ مِنْ أَنَّ صِفَةَ الطَّلَاقِ مِنْ الصَّبْغِ الْمُقَيَّدُ بِنِيَّةِ الطَّاعَةِ لَمْ تُوجَدْ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا قَصَدْتُك لِلْجِمَاعِ) بِأَنْ قَالَ إنْ قَصَدْتُك بِالْجِمَاعِ فَأَنْت طَالِقٌ (فَقَصَدَتْهُ) هِيَ (فَجَامَعَهَا لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ لَا قَصَدْت جِمَاعَك) بِأَنْ قَالَ إنْ قَصَدْت جِمَاعَك فَأَنْت طَالِقٌ فَقَصَدَتْهُ فَجَامَعَهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ.
(وَإِنْ حَلَفَ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ كُلٌّ) مِنْهُمَا (أَنَّ إمَامَهُ أَفْضَلُ) مِنْ إمَامِ الْآخَرِ (لَمْ يَحْنَثْ) تَشْبِيهًا بِمَسْأَلَةِ الْغُرَابِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِمَامَيْنِ قَدْ يَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُهُ الْآخَرُ (أَوْ) اخْتَلَفَ (سُنِّيٌّ وَرَافِضِي فِي) أَفْضَلِيَّةِ (أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ) فَحَلَفَ السُّنِّيُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ وَعَكَسَ الْآخَرُ (حَنِثَ الرَّافِضِيُّ) لِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عَلِيٍّ (أَوْ) اخْتَلَفَ (سُنِّيٌّ وَمُعْتَزِلِيٌّ فِي أَنَّ الشَّرَّ وَالْخَيْرَ مِنْ اللَّهِ) أَوْ مِنْ الْعَبْدِ فَحَلَفَ السُّنِيُّ أَنَّهُمَا مِنْ اللَّهِ وَالْمُعْتَزِلِيُّ أَنَّهُمَا مِنْ الْعَبْدِ (حَنِثَ الْمُعْتَزِلِيُّ) لِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ اللَّهِ.
(وَلَوْ حَلَفَ إنْ بَقِيَ لَك هُنَا مَتَاعٌ وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْت طَالِقٌ فَبَقَّى هَاوُنٌ) بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الْبَيْتَ، وَوَجَدْت فِيهِ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِك وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَ فَوَجَدَ فِي الْبَيْتِ هَاوُنًا لَهَا (فَقِيلَ لَا تَطْلُقُ) لِلِاسْتِحَالَةِ فَلَيْسَ الْهَاوُنُ مُرَادًا فِي الْيَمِينِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ (وَقِيلَ تَطْلُقُ عِنْدَ الْمَوْتِ) أَيْ قُبَيْلَ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهَا لِلْيَأْسِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَبِهِ جَزَمَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَلَمْ يَحْكِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ غَيْرَهُ انْتَهَى وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ الصَّحِيحُ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْحِنْثُ الْآنَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْعَجْزَ يَتَحَقَّقُ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَحْسُنُ الِانْتِظَارُ فِيمَا يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي هَذِهِ بَلْ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْبَحْرِ وَلَيْسَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِثْلَهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ مِثْلَهُ لَوْ قَالَ لَأُكَسِّرَنَّ هَذَا الْهَاوُنَ عَلَى رَأْسِك.
(وَإِنْ قَالَ مَنْ خَرَجَتْ) مِنْ نِسَائِي (مَكْشُوفَةً لِيُبْصِرَهَا الْأَجَانِبُ فَهِيَ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ مَكْشُوفَةً) لِذَلِكَ (طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يُبْصِرُوهَا فَإِنْ قَالَ) مَنْ خَرَجَتْ مَكْشُوفَةً (وَأَبْصَرُوهَا) الْأَفْصَحُ وَأَبْصَرَهَا (الْأَجَانِبُ) فَهِيَ طَالِقٌ (اشْتَرَطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (أَنْ يُبْصِرُوهَا) وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي هَذِهِ مُعَلَّقٌ عَلَى صِفَتَيْنِ وَلَمْ تُوجَدْ إلَّا إحْدَاهُمَا وَفِي تِلْكَ عَلَى صِفَةٍ فَقَطْ وَقَدْ وُجِدَتْ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْحَنْبَلِيِّ يَقُولُ إنْ لَمْ يَكُنْ اللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَالْأَشْعَرِيِّ يَقُولُ إنْ كَانَ عَلَى الْعَرْشِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَقَالَ إنْ أَرَادَ الْحَنْبَلِيُّ الْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ.
(كِتَابُ الرَّجْعَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ عِنْدَ الْأَزْهَرِيِّ وَهِيَ لُغَةً الْمَرَّةُ مِنْ الرُّجُوعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أُرِيدَ بِالْحُسْنِ الْجَمَالُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ فَبَقِيَ هَاوَنٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ وَالْهَاوَنُ الَّذِي يُدَقُّ فِيهِ مُعَرَّبٌ وَكَأَنَّ أَصْلَهُ هَاوُونٌ؛ لِأَنَّ جَمْعَهُ هَوَاوِينُ مِثْلُ قَانُونٍ وَقَوَانِينَ فَحَذَفُوا مِنْهُ الْوَاوَ الثَّانِيَةَ اسْتِثْقَالًا وَفَتَحُوا الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ فَاعِلٌ بِالضَّمِّ اهـ لَكِنْ قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَالْهَاوَنُ وَالْهَاوُنَ وَالْهَاوُونُ الَّذِي يُدَقُّ فِيهِ.
(قَوْلُهُ فَقِيلَ لَا تَطْلُقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ) قَالَ شَيْخُنَا سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ حَلَفَ إنْ بَقِيَ لَك هُنَا مَتَاعٌ وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْت طَالِقٌ فَبَقِيَ هَاوَنَ هَلْ هُوَ مِنْ الْمُسْتَحِيلِ فَيَقَعُ فِي الْحَالِ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَسَائِلَ الْمُسْتَحِيلِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَعَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَإِنْ صَعِدْت السَّمَاءَ أَوْ عَقْلًا كَإِنْ أَحْيَيْت مَيِّتًا أَمْ شَرْعًا كَإِنْ نُسِخَ صَوْمُ رَمَضَانَ وَمِنْ الْمُسْتَحِيلِ مَسْأَلَةُ الْهَاوُنِ الْمَذْكُورَةِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِيهَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ لِحُصُولِ الْيَأْسِ فِيهِ
(خَاتِمَةٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَدْخُلِي الدَّارَ أَوْ عَلَيَّ أَنْ لَا تَدْخُلِي الدَّارَ أَوْ عَلَيَّ أَنْ لَا تُسَافِرِي وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَفِي فَتَاوَى الْأَصْبَحِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثَ وَحَنِثَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ يُعَيِّنُهَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوقِعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلْقَةً حَتَّى تَكْمُلَ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَفَادَ الْفُرْقَةَ الْمُوجِبَةَ لِلْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى وَلَمْ يَقِفْ السُّبْكِيُّ عَلَى هَذَا فَقَالَ تَفَقُّهًا الظَّاهِرُ جَوَازُ ذَلِكَ وَبِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفْتَيْت فِيمَنْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ وَلَهُ زَوْجَتَانِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ عَيَّنَ لِإِحْدَاهُمَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَالْأُخْرَى طَلْقَتَيْنِ رَجْعِيَّتَيْنِ ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْحِنْثِ وَمَا بَعْدَهُ وَإِنْ تُخُيِّلَ فَرْقٌ فَبَعِيدٌ س وَقَوْلُهُ وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَبِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفْتَيْت فِيمَنْ حَلَفَ إلَخْ.