عنوان الكتاب: أسنى المطالب في شرح روض الطالب و حاشية الرملي الكبير
المؤلف: زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري - شهاب أحمد الرملي - محمد بن أحمد الشوبري
تحقيق: زهير الشاويش الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت- دمشق- عمان الطبعة: الثالثة، 1412هـ / 1991م
الموضوع: الفقه علي مذهب الإمام الشافعي عدد الأجزاء: 12 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
موضوع: الفقه علي المذهب الشافعي
عدد المجلدات: 4
عدد الصفحات: 2072
[حاشية الرملي الكبير]
[كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]
(كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ، وَالصَّلَاةِ) ، أَوْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِحَسَبِ قُرْبِ الْمَسْجِدِ وَبُعْدِهِ، أَوْ أَنَّ الْأُولَى فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ، وَالثَّانِيَةَ فِي السِّرِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَنْقُصُ عَنْ الْجَهْرِيَّةِ بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ، وَالتَّأْمِينِ لِتَأْمِينِهِ (قَوْلُهُ فِي أَدَاءِ مَكْتُوبَاتِ الْمُقِيمِينَ) الْمَسْتُورِينَ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ) ؛ وَلِأَنَّهَا فَضِيلَةٌ فِي الصَّلَاةِ لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهَا فَلَمْ تَجِبْ كَالتَّكْبِيرَاتِ؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فَرْضَ عَيْنٍ كَانَتْ شَرْطًا فِيهَا كَالْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَبِالْمُقِيمِينَ الْمُسَافِرُونَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَقَلَ السُّبْكِيُّ) وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُسَافِرِينَ لَوْ أَقَامُوا بِبَلْدَةٍ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِمْ فَرْضُ الْجُمُعَةِ وَمَتَى كَانَ السَّفَرُ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤَوَّلَ النَّصُّ وَيُحْمَلَ عَلَى عَاصٍ بِسَفَرِهِ، أَوْ مُسَافِرٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ قس (قَوْلُهُ: وَبِالْأَحْرَارِ الْأَرِقَّاءُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ يَتَوَجَّهُ فَرْضُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْأَرِقَّاءِ إذَا تُمْحَضُوا فِي قَرْيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَيَطْرُقُهُ احْتِمَالَانِ، وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ) وَلَا تُسَنُّ وَلَا تُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَفِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ إلَخْ) ضَبَطَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْقَرْيَةَ الصَّغِيرَةَ بِأَنْ يَكُونَ فِيهَا عِشْرُونَ، أَوْ ثَلَاثُونَ رَجُلًا (قَوْلُهُ: لَا فِي وَسْطِ الْبُيُوتِ) الْمُرَادُ بِوَسْطِ الْبُيُوتِ مَا تَظْهَرُ فِيهِ إقَامَتُهَا بِالْأَسْوَاقِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِغَيْرِ وَسْطِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بِهَا الشِّعَارُ يَكْفِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ تَسْقُطُ بِطَائِفَةٍ قَلِيلَةٍ) فِي تَأْدِيَةِ الْفَرْضِ بِالصِّبْيَانِ احْتِمَالَانِ حَكَاهُمَا الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ كَرَدِّ السَّلَامِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَإِنَّ مَقْصُودَهَا الدُّعَاءُ وَهُوَ مِنْ الصَّغِيرِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ د.
(قَوْلُهُ: وَلَا فَرْضَ فِيهَا عَلَى النِّسَاءِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَأَتَّى غَالِبًا إلَّا بِالْخُرُوجِ إلَى الْمَسَاجِدِ، وَقَدْ تَكُونُ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِنَّ وَمَفْسَدَةٌ لَهُنَّ (قَوْلُهُ: وَتَقِفُ إمَامَتُهُنَّ وَسْطَهُنَّ) بِإِسْكَانِ السِّينِ تَقُولُ جَلَسْت وَسْطَ الْقَوْمِ بِالتَّسْكِينِ وَجَلَسْت وَسَطَ الدَّارِ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ وَضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ صَلَحَ فِيهِ بَيْنَ فَهُوَ بِالتَّسْكِينِ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ فَهُوَ بِالْفَتْحِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ، وَقَدْ أَجَازُوا فِي الْمَفْتُوحِ الْإِسْكَانَ وَلَمْ يُجِيزُوا فِي السَّاكِنِ الْفَتْحَ
(1/209)
صَحِيحَيْنِ أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَمَّتَا نِسَاءً فَقَامَتَا وَسْطَهُنَّ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَسْتَرُ لَهَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ، وَالْخُنْثَى يَقِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَمَامَهُنَّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَاقْتِدَاؤُهُنَّ بِرَجُلٍ، ثُمَّ خُنْثَى أَفْضَلُ) مِنْ اقْتِدَائِهِنَّ بِالْمَرْأَةِ لِمَزِيَّتِهِمَا عَلَيْهَا وَذِكْرُ الْخُنْثَى مِنْ زِيَادَتِهِ (لَكِنَّ خَلْوَةَ الْأَجْنَبِيِّ) ، وَإِنْ تَعَدَّدَ مِنْ رَجُلٍ، أَوْ خُنْثَى (بِهَا) أَيْ بِالْمَرْأَةِ (حَرَامٌ) لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ نَعَمْ إنْ وَجَدَهَا مُنْقَطِعَةً بِبَرِّيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا جَازَ لَهُ لِلضَّرُورَةِ اسْتِصْحَابُهَا بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ إذَا خَافَ عَلَيْهَا لَوْ تَرَكَهَا لِخَبَرِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ " بِهَا " خَلْوَتُهُ بِهِنَّ فَجَائِزٌ إذَا كُنَّ ثِقَاتٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعَدَدِ فَعُدُولُهُ عَنْ قَوْلِ الْأَصْلِ بِهِنَّ إلَى بِهَا حَسَنٌ (وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْعَجَائِزِ) الْأَوْلَى لِذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ (حُضُورُ الْمَسْجِدِ مَعَ الرِّجَالِ) وَيُكْرَهُ لِلزَّوْجِ، وَالسَّيِّدِ، وَالْوَلِيِّ تَمْكِينُهُنَّ مِنْهُ؛ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَالنَّهْيِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ لِلتَّنْزِيهِ» ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْوَاجِبَ لَا يُتْرَكُ لِلْفَضِيلَةِ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا تُشْتَهَى فَإِنَّهُ كَمَا يُنْدَبُ لَهَا الْحُضُورُ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ كَلَامُهُ يُنْدَبُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا إذَا اسْتَأْذَنَتْهُ وَأَمِنَ الْمَفْسَدَةَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إلَى الْمَسْجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «إذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ امْرَأَتُهُ إلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا» فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجٌ، أَوْ سَيِّدٌ، أَوْ وَلِيٌّ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الْحُضُورِ حَرُمَ الْمَنْعُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ وَيُؤْمَرُ الصَّبِيُّ بِحُضُورِ الْمَسَاجِدِ وَجَمَاعَاتِ الصَّلَاةِ لِيَعْتَادَهَا (وَتَصِحُّ نَافِلَةٌ وَمَنْذُورَةٌ فِي جَمَاعَةٍ بِلَا كَرَاهَةٍ) وَإِنْ لَمْ تُسَنَّ فِيهِمَا الْجَمَاعَةُ.
(فَرْعٌ وَيَحُوزُ فَضِيلَتَهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ (بِصَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ) ، أَوْ نَحْوِهِ (بِزَوْجَةٍ، أَوْ وَلَدٍ أَوْ رَقِيقٍ) ، أَوْ غَيْرِهِمْ إذْ أَقَلُّهَا اثْنَانِ (وَهِيَ) فِي الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ (أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ بِمَسْجِدٍ) لِخَبَرِ «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِمَا مَرَّ أَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا، أَوْ زَمَانِهَا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ مَعَ مَا يَأْتِي أَنَّ قَلِيلَ الْجَمْعِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ فِي الْبَيْتِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَكَسَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرُ النَّصِّ يُومِئُ إلَيْهِ وَتُعَضِّدُهُ الْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا قَالَ وَيَتَعَيَّنُ الْجَزْمُ بِهِ لَوْ كَانَ إذَا ذَهَبَ إلَى الْمَسْجِدِ وَتَرَكَ أَهْلَ بَيْتِهِ لَصَلَّوْا فُرَادَى، أَوْ لَتَهَاوَنُوا، أَوْ بَعْضُهُمْ فِي الصَّلَاةِ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَنْ لَا تَتَعَطَّلُ جَمَاعَةُ الْمَسْجِدِ لِغَيْبَتِهِ. اهـ.
(وَالْمَسَاجِدُ) أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا لِلْأَخْبَارِ الْمَشْهُورَةِ فِي فَضْلِ الْمَشْيِ إلَيْهَا؛ وَلِأَنَّهَا أَشْرَفُ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا إظْهَارَ شِعَارِ الْجَمَاعَةِ، فَالصَّلَاةُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ (وَأَكْثَرُهَا) أَيْ الْمَسَاجِدِ (جَمَاعَةً أَفْضَلُ) لِلْمُصَلِّي (وَإِنْ بَعُدَ) عَنْهُ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ السَّابِقِ «نَعَمْ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا» ، وَإِنْ قَلَّتْ، بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي: الِانْفِرَادُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا وَيُنَازِعُ فِيهِ الْقَاعِدَةُ السَّابِقَةُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا خَشَعَ وَلَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ لَمْ يَخْشَعْ فَالِانْفِرَادُ أَفْضَلُ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْمُخْتَارُ بَلْ الصَّوَابُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ (إلَّا إنْ تَعَطَّلَ الْمَسْجِدُ الْقَرِيبُ مِنْهُ لِغَيْبَتِهِ) عَنْهُ لِكَوْنِهِ إمَامَهُ، أَوْ يَحْضُرُ النَّاسُ بِحُضُورِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، أَوْ كَانَ الْبَعِيدُ بُنِيَ مِنْ أَمْوَالٍ خَبِيثَةٍ (أَوْ كَانَ إمَامُ الْأَكْثَرِينَ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ) ، أَوْ الشُّرُوطِ مِنْ حَنَفِيٍّ وَغَيْرِهِ (أَوْ) كَانَ (مُبْتَدِعًا) كَمُعْتَزِلِيٍّ وَقَدَرِيٍّ وَرَافِضِيٍّ (أَوْ فَاسِقًا) فَقَلِيلُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ لِتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسَاجِدِ فِي الْأُولَى وَيُؤْمَنُ النَّقْصُ فِي الْبَقِيَّةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْأَخِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَعْبِيرُهُ فِي الْأُولَى بِالْقَرِيبِ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَعِيدَ بِخِلَافِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ وَتَعْبِيرُهُ فِي الثَّانِيَةِ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ حَنَفِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: لِخَبَرِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) قَالَ فِيهِ لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِي الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ كَلَامًا وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَحْرِيمُ الْخَلْوَةِ بِهِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ تَحْرِيمُ النَّظَرِ إلَيْهِ
[فَرْعٌ صَلَاة الْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْت]
(قَوْلُهُ إذْ أَقَلُّهَا اثْنَانِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، فَإِنْ قِيلَ أَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قِيلَ ذَلِكَ بَحْثٌ لُغَوِيٌّ وَهَذَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مَأْخَذُهُ التَّوْقِيفُ الشَّرْعِيُّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ بِمَسْجِدٍ) أَيْ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ) أَيْ كَأَصْلِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» (قَوْلُهُ: وَتُعَضِّدُهُ الْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ إلَخْ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنَّمَا يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْجَمَاعَةُ خَارِجَ الْكَعْبَةِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ فِيهَا (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي الِانْفِرَادُ فِيهَا أَفْضَلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا خَشَعَ إلَخْ) أَيْ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ تَعَطَّلَ الْقَرِيبُ إلَخْ) يُسْتَثْنَى أَيْضًا صُوَرٌ مِنْهَا مَا لَوْ كَانَ قَلِيلُ الْجَمْعِ يُبَادِرُ إمَامُهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ الْمَحْبُوبِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَعَهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ إمَامُ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ، وَالْمَأْمُومُ بَطِيئَهَا لَا يُدْرِكُ مَعَهُ الْفَاتِحَةَ وَيُدْرِكُهَا مَعَ إمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ قَالَهُ الْفُورَانِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ فَاسِقًا) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، أَوْ مُتَّهَمًا بِهِ (قَوْلُهُ: فَقَلِيلُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ تَعَارَضَ فَضِيلَةُ سَمَاعِ الْقُرْآنِ مَعَ الْإِمَامِ مَعَ قِلَّةِ الْجَمَاعَةِ، وَعَدَمُ سَمَاعِهِ مَعَ كَثْرَتِهَا، فَالظَّاهِرُ تَفْضِيلُ الْأَوَّلِ قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ أَنَّ مُرَاعَاةَ كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى سَمَاعِ الْقُرْآنِ كا.
(1/210)
وَتَعْبِيرُهُ فِيهَا وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْأَكْثَرِينَ الشَّامِلِ لِلْقَرِيبِ مَعَ تَعْبِيرِهِ قَبْلَ بِمَا يَشْمَلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْبَعِيدِ إذْ لَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ مَنْ ذُكِرَ مَكْرُوهَةٌ مُطْلَقًا (بَلْ الِانْفِرَادُ هُنَا أَفْضَلُ) مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ هَؤُلَاءِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، لَكِنْ فِي مَسْأَلَةِ الْحَنَفِيِّ فَقَطْ وَمِثْلُهَا الْبَقِيَّةُ بَلْ أَوْلَى، لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ كَلَامُهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ هَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الدَّمِيرِيِّ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ الْمَسْجِدَانِ (فِي الْجَمَاعَةِ) قَدَّمَ مَا يَسْمَعُ نِدَاءَهُ وَإِلَّا (، فَالْأَقْرَبُ) مَسَافَةً لِحُرْمَةِ الْجِوَارِ (ثُمَّ مَا انْتَفَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ) عَنْ مَالِ بَانِيهِ وَوَافَقَهُ م يَتَخَيَّرُ نَعَمْ إنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مُتَرَتِّبًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَهَابُهُ إلَى الْأَوَّلِ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ مُؤَذِّنَهُ دَعَاهُ أَوَّلًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ اسْتَوَيَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ.
(فَرْعٌ يُدْرِكُ) الْمَسْبُوقُ (فَضْلَ الْجَمَاعَةِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ السَّلَامِ) مِنْ الْإِمَامِ، وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ مَعَهُ بِأَنْ سَلَّمَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ لِإِدْرَاكِهِ رُكْنًا مَعَهُ، لَكِنَّهُ دُونَ فَضْلِ مَنْ يُدْرِكُهَا مِنْ أَوَّلِهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُدْرِكْ فَضْلَهَا بِذَلِكَ لَمُنِعَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ زِيَادَةً بِلَا فَائِدَةٍ وَمُقْتَضَاهُ إدْرَاكُ فَضْلِهَا، وَإِنْ فَارَقَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ فَارَقَهُ بِعُذْرٍ وَلَا يَخْفَى كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهَا لَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمَا سَيَأْتِي (قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ سُبِقَ) شَخْصٌ (فِي الْجَمَاعَةِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ وَرَجَا جَمَاعَةً) وَلَوْ بِمَسْجِدٍ آخَرَ (أَخَّرَ) نَدْبًا (لِيُدْرِكَ الْكُلَّ) أَيْ كُلَّ الصَّلَاةِ (مَعَ) الْجَمَاعَةِ (الْأُخْرَى) ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ جَمَاعَةً، وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ نُدِبَ لَهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا لِيُصَلُّوا جَمَاعَةً، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي نُسْخَةٍ قَبْلَ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَتُسَنُّ الْمُحَافَظَةُ عَلَى إدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (وَيُدْرِكُ فَضْلَ التَّكْبِيرَةِ بِشُهُودِهَا، وَالِاشْتِغَالِ بِالْمُتَابَعَةِ) عَقِبَهَا بِعَقْدِ صَلَاتِهِ لِخَبَرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَخَبَرِ «مَنْ صَلَّى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُنْقَطِعًا (فَلَوْ أَبْطَأَ) بِالْمُتَابَعَةِ (لِوَسْوَسَةٍ) غَيْرِ ظَاهِرَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (عُذِرَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْطَأَ لِغَيْرِ وَسْوَسَةٍ وَلَوْ بِسَبَبٍ لِلصَّلَاةِ كَالطَّهَارَةِ، أَوْ لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْوَسْوَسَةَ فِي الْقِرَاءَةِ غَيْرُ عُذْرٍ فِي التَّخَلُّفِ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ لِطُولِ زَمَنِهَا، وَالتَّقْيِيدُ بِهَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَهَا) أَيْ التَّكْبِيرَةِ (لَمْ يَسْعَ) أَيْ لَمْ يُسْرِعْ نَدْبًا لِيُدْرِكَهَا بَلْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ كَمَا لَوْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَهَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَائْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ، وَالْوَقَارُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ، أَوْ يَفْحُشْ التَّأْخِيرُ وَيَخْرُجْ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ. اهـ.
أَمَّا لَوْ خَافَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُسْرِعُ وَبِهِ صَرَّحَ الْفَارِقِيُّ بَحْثًا وَتَبِعَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُ الشَّامِلِ، وَالتَّتِمَّةِ، وَالْبَحْرِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ نَعَمْ لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَخَشِيَ فَوَاتَهُ فَيُسْرِعُ كَمَا لَوْ خَشِيَ فَوَاتَ الْجُمُعَةِ، وَكَذَا لَوْ امْتَدَّ الْوَقْتُ وَكَانَتْ لَا تَقُومُ إلَّا بِهِ وَلَوْ لَمْ يُسْرِعْ لَتَعَطَّلَتْ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ التَّخْفِيفُ) لِلصَّلَاةِ (لَا بِتَرْكِ الْأَبْعَاضِ، وَالْهَيْئَاتِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ، وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الدَّمِيرِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا جَمَاعَةً، فَالْأَقْرَبُ إلَخْ) فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ يَسْمَعُ نِدَاءَ الْأَبْعَدِ دُونَ الْأَقْرَبِ لِحَيْلُولَةِ مَا يَمْنَعُ السَّمَاعَ أَوْ نَحْوِهَا، فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ ش.
[فَرْعٌ يُدْرِكُ الْمَسْبُوقُ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ السَّلَامِ مِنْ الْإِمَامِ]
(قَوْلُهُ: تُدْرَكُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ السَّلَامِ) لَوْ أَتَى بِالنِّيَّةِ، وَالتَّحَرُّمِ عَقِبَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَقَبْلَ تَمَامِهَا فَهَلْ يَكُونُ مُحَصِّلًا لِلْجَمَاعَةِ نَظَرًا إلَى إدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا عَقَدَ النِّيَّةَ، وَالْإِمَامُ فِي التَّحَلُّلِ احْتِمَالَانِ جَزَمَ الْإِسْنَوِيُّ بِالْأَوَّلِ وَقَالَ إنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ وَأَبُو زُرْعَةَ فِي تَحْرِيرِهِ بِالثَّانِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَيُفْهِمُ قَوْلُ ابْنِ النَّقِيبِ فِي التَّهْذِيبِ أَخْذًا مِنْ التَّنْبِيهِ وَتُدْرَكُ بِمَا قَبْلَ السَّلَامِ أت وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لِوَسْوَسَةٍ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ تُوَسْوَسُ الْمَأْمُومُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَنْ قَعَدَ يَتَكَلَّمُ بِجِوَارِ الْمُصَلِّي، وَكَذَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ جَهْرًا عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّي بِجِوَارِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرِ ظَاهِرَةٍ) ؛ لِأَنَّ زَمَنَهَا قَصِيرٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْوَسْوَسَةَ فِي الْقِرَاءَةِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بِغَلَبَةِ الْوَسْوَسَةِ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَنُدُورِهَا فِي غَيْرِهَا. وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي الْأَفْعَالِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْأَقْوَالِ وَأَيْضًا قَدْ يُنْسَبُ هَذَا إلَى تَقْصِيرٍ حَيْثُ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْوَسْوَسَةَ وَلَمْ يَقْتَدِ بِمَنْ يُطِيلُ الصَّلَاةَ، أَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ هُوَ إمَامًا وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ لَعَلَّ الْمَذْكُورَ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ فِي الْوَسْوَسَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ غَيْرِ وَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ وَيَكُونُ طُولُ الزَّمَنِ هُوَ الْمُرَادُ بِالظُّهُورِ. وَالتَّخَلُّفُ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ طَوِيلٌ فَاسْتَوَيَا (قَوْلُهُ: لِطُولِ زَمَنِهَا) إذْ هُوَ الْمُرَادُ بِالظُّهُورِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَشِيَ فَوْتَهَا لَمْ يَسْعَ) لَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ السَّعْيِ مَنْعُ الْإِسْرَاعِ إذْ السَّعْيُ الْجَرْيُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَصْلٌ تَخْفِيف الْإِمَامِ فِي الصَّلَاة]
(قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ التَّخْفِيفُ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ التَّطْوِيلُ، وَالتَّخْفِيفُ مِنْ الْأُمُورِ الْإِضَافِيَّةِ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ خَفِيفًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَادَةِ قَوْمٍ طَوِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِعَادَةِ آخَرِينَ قَالَ وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ لَا يَزِيدُ الْإِمَامُ فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ عَلَى ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ لَا يُخَالِفُ مَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَغْبَةَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ تَطْوِيلًا
(1/211)
بِأَنْ يُخَفِّفَ الْقِرَاءَةَ، وَالْأَذْكَارَ بِحَيْثُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ الْمُسْتَحَبَّ لِلْمُنْفَرِدِ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَأَوْسَاطِهِ وَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ (فَإِنْ رَضِيَ) الْمَأْمُومُونَ (الْمَحْصُورُونَ) بِالتَّطْوِيلِ (وَهُمْ أَحْرَارٌ غَيْرُ أُجَرَاءَ طَوَّلَ بِهِمْ) نَدْبًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا وَقَعَ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمْ، أَوْ اخْتَلَفُوا لَمْ يُطَوِّلْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَّا إنْ قَلَّ مَنْ لَمْ يَرْضَ كَوَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ وَنَحْوِهِمَا لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَرَّةً، أَوْ نَحْوَهَا خَفَّفَ وَإِنْ كَثُرَ حُضُورُهُ طَوَّلَ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الرَّاضِينَ وَلَا يُفَوِّتُ حَقَّهُمْ؛ لِهَذَا الْفَرْدِ الْمُلَازِمِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُطَوِّلُ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ لِإِنْكَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُعَاذٍ التَّطْوِيلَ لَمَّا شَكَاهُ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ: وَهُمْ أَحْرَارٌ غَيْرُ أُجَرَاءَ: الْأَرِقَّاءُ، وَالْأُجَرَاءُ أَيْ إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلٍ نَاجِزٍ إذَا أَذِنَ لَهُمْ السَّادَةُ، وَالْمُسْتَأْجَرُونَ فِي حُضُورِ الْجَمَاعَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُمْ بِالتَّطْوِيلِ بِغَيْرِ إذْنٍ فِيهِ مِنْ أَرْبَابِ الْحُقُوقِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ (وَإِنْ طَوَّلَ الْإِمَامُ لِتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ بِمَنْ يَلْحَقُهُ أَوْ لِانْتِظَارِ شَرِيفٍ كُرِهَ) لِإِضْرَارِ الْحَاضِرِينَ وَلِمُخَالَفَةِ الْخَبَرِ السَّابِقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيمَا أَطْلَقُوهُ فِي الْأُولَى نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ إطَالَةُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ يُدْرِكُهَا قَاصِدُ الْجَمَاعَةِ وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُطِيلُ فِي الْأُولَى مِنْ الظُّهْرِ كَيْ يُدْرِكَهَا النَّاسُ» ، فَالْمُخْتَارُ دَلِيلًا أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى تَطْوِيلٍ يَضُرُّ الْحَاضِرِينَ وَقَضِيَّةُ هَذَا الْحَمْلِ أَنَّهُمْ لَوْ رَضُوا بِهِ فِيمَا ذُكِرَ لَا يُكْرَهُ مَعَ أَنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى تَطْوِيلٍ زَائِدٍ عَلَى هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَطْوِيلَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْ هَيْئَاتِهَا فَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ وَحَضَرَ بَعْضُ الْقَوْمِ وَرَجَوْا زِيَادَةً نُدِبَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ وَلَا يَنْتَظِرَهُمْ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ الْوَقْتِ بِجَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ أَفْضَلُ مِنْهَا آخِرَهُ بِجَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَلَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يَحِلَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْتَظِرَ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ (وَإِذَا أَحَسَّ) ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ (بِدَاخِلٍ فِي الْمَسْجِدِ) ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أُقِيمَتْ فِيهَا الصَّلَاةُ (اُسْتُحِبَّ) لَهُ (أَنْ يَنْتَظِرَهُ إنْ كَانَ فِي الرُّكُوعِ) غَيْرِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ (أَوْ) فِي (التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَلَمْ يُفْحِشْ) فِي الِانْتِظَارِ (وَلَمْ يُمَيِّزْ) بَيْنَ الدَّاخِلِينَ لِمُلَازَمَةٍ، أَوْ دَيْنٍ، أَوْ صَدَاقَةٍ، أَوْ اسْتِمَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا بَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الِانْتِظَارِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ لِلْإِعَانَةِ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ الْأُولَى إذَا كَانَ الدَّاخِلُ يَعْتَادُ الْبُطْءَ وَتَأْخِيرَ الْإِحْرَامِ إلَى الرُّكُوعِ فَلَا يَنْتَظِرْهُ زَجْرًا لَهُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَخْشَى خُرُوجَ الْوَقْتِ بِالِانْتِظَارِ الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ الدَّاخِلُ مِمَّنْ لَا يَعْتَقِدُ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ، أَوْ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ بِإِدْرَاكِ مَا ذُكِرَ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الِانْتِظَارِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَحَسَّ بِهِ خَارِجَ مَوْضِعِ إقَامَةِ الصَّلَاةِ، أَوْ دَاخِلَهُ وَكَانَ الِانْتِظَارُ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ، وَالتَّشَهُّدِ، أَوْ فِيهِمَا وَأَفْحَشَ فِيهِ، أَوْ مَيَّزَ بَيْنَ الدَّاخِلِينَ (كُرِهَ) لِتَقْصِيرِ الْمُتَأَخِّرِ وَضَرَرِ الْحَاضِرِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ إنْ انْتَظَرَ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ، وَالتَّشَهُّدِ بَلْ إنْ انْتَظَرَ لِلتَّرَدُّدِ حَرُمَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ (وَصَحَّتْ) صَلَاتُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، لَكِنْ نُقِلَ فِي الْكِفَايَةِ الِاتِّفَاقُ عَلَى بُطْلَانِهَا إذَا قَصَدَ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ وَعَلَّلَهُ بِالتَّشْرِيكِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ، وَفُحْشُ الِانْتِظَارِ بِأَنْ يُطَوِّلَ تَطْوِيلًا لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِ الصَّلَاةِ لَظَهَرَ أَثَرُهُ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ
(فَصْلٌ مَنْ صَلَّى مَكْتُوبَةً) مُؤَدَّاةً (وَلَوْ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً، أَوْ وَجَدَ مُنْفَرِدًا اُسْتُحِبَّ أَنْ يُعِيدَهَا) مَعَهُمْ، أَوْ مَعَهُ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ كَانَ وَقْتَ كَرَاهَةٍ، أَوْ كَانَ إمَامُ الثَّانِيَةِ مَفْضُولًا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى الصُّبْحَ فَرَأَى رَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ فَقَالَ مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا قَالَا صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا فَقَالَ إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» وَقَالَ «وَقَدْ جَاءَ بَعْدَ صَلَاتِهِ الْعَصْرَ رَجُلٌ إلَى الْمَسْجِدِ مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُمَا وَخَرَجَ بِالْمَكْتُوبَةِ أَيْ عَلَى الْأَعْيَانِ الْمَنْذُورَةُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ حَسَنٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ) كَالسُّبْكِيِّ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يَحِلَّ لِلْإِمَامِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ حِلًّا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا يُفْهِمُ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَنْزِيهٌ ع (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُفْحِشْ فِي الِانْتِظَارِ) لَوْ لَحِقَ آخَرُ وَكَانَ انْتِظَارُهُ وَحْدَهُ لَا يُؤَدِّي إلَى الْمُبَالَغَةِ وَلَكِنْ يُؤَدِّي إلَيْهَا مَعَ ضَمِيمَتِهِ إلَى الْأَوَّلِ كَانَ مَكْرُوهًا بِلَا شَكٍّ قَالَهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ:، وَذَلِكَ لِلْإِعَانَةِ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ إلَخْ) ، وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةُ الدَّاخِلِ غَيْرَ مُغْنِيَةٍ عَنْ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَحَسَّ بِهِ إلَخْ) قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عِلَّةُ مَا قَالُوهُ التَّطْوِيلُ قَالَ: لَكِنَّهُ مُنْتَقَضٌ بِالْخَارِجِ الْقَرِيبِ لِصِغَرِ الْمَسْجِدِ، وَالْبَعِيدِ لِسَعَتِهِ، وَالْوَجْهُ مُرَاعَاةُ هَذَا التَّفْصِيلِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ الْكَرَاهَةُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ) عِبَارَةُ الْكِفَايَةِ لَمْ تَصِحَّ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَتَعْبِيرُهُ بِقَوْلِهِ لَمْ تَصِحَّ سَبْقُ قَلَمٍ وَصَوَابُهُ لَمْ تُسْتَحَبَّ.
[فَصْلٌ مَنْ صَلَّى مَكْتُوبَةً مُؤَدَّاةً وَلَوْ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً أَوْ وَجَدَ مُنْفَرِدًا]
(فَصْلٌ مَنْ صَلَّى مَكْتُوبَةً إلَخْ)
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الصُّبْحَ إلَخْ) وَهُوَ يَدُلُّ بِعُمُومِهِ وَعَدَمِ الِاسْتِفْصَالِ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا، وَالْمُصَلِّي جَمَاعَةً (قَوْلُهُ: وَقَالَ: وَقَدْ جَاءَ بَعْدَ صَلَاتِهِ الْعَصْرَ إلَخْ أَيْضًا) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِيهِ اسْتِحْبَابُ إعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ لِمَنْ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ إنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَقَلَّ مِنْ الْأُولَى وَأَنَّهُ تُسْتَحَبُّ الشَّفَاعَةُ إلَى مَنْ يُصَلِّي مَعَ الْحَاضِرِ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ مَعَهُ، وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ، وَأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَطْرُوقَ لَا تُكْرَهُ فِيهِ جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ انْتَهَى وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي صَلَّى مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ
(1/212)
إذْ لَا تُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ كَمَا مَرَّ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ إذْ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَالنَّافِلَةُ، لَكِنَّ الْقِيَاسَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ مَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْهَا كَالْفَرْضِ فِي سَنِّ الْإِعَادَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقَامُ بَعْدَ أُخْرَى، فَإِنْ فُرِضَ الْجَوَازُ لِعُسْرِ الِاجْتِمَاعِ، فَالْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا وَقَوْلُهُ لِعُسْرِ الِاجْتِمَاعِ مِثَالٌ فَإِنَّهُ لَوْ صَلَّى بِقَرْيَةٍ، ثُمَّ سَافَرَ لِأُخْرَى قَرِيبَةٍ فَوَجَدَهَا تُصَلِّي كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لَأَجْزَأَتْهُ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ لِبَرْدٍ أَوْ لِفَقْدِ الْمَاءِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ إذَا كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ لَا يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَا يُسْتَحَبُّ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَقُوَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ تُرْشِدُ إلَيْهِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَصْوِيرُهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ إذَا حَضَرَ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ فِي الْأُولَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِغْرَاقُ ذَلِكَ لِلْوَقْتِ (وَالْفَرْضُ مِنْهُمَا الْأُولَى) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِسُقُوطِ الْخِطَابِ بِهَا (وَلْيَنْوِ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلْيَنْوِ (بِالثَّانِيَةِ الْوَقْتَ) أَيْ ذَاتَ الْوَقْتِ مِنْ كَوْنِهَا ظُهْرًا، أَوْ عَصْرًا مَثَلًا (لَا الْفَرْضَ) إذْ كَيْفَ يَنْوِي فَرْضَ مَا لَا يَقَعُ فَرْضًا، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِاخْتِيَارِ الْإِمَامِ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ مَعَ كَوْنِهَا نَفْلًا وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ عَنْ تَعْلِيلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ يَنْوِي إعَادَةَ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً لَا إعَادَتُهَا فَرْضًا وَالْعَلَّامَةُ الرَّازِيّ بِأَنَّهُ يَنْوِي مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ لَا الْفَرْضَ عَلَيْهِ كَمَا فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ.
(فَصْلٌ يُرَخَّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ بِعُذْرٍ) .
فَلَا رُخْصَةَ بِدُونِهِ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمِ فِي صَحِيحَيْهِمَا «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ» أَيْ كَامِلَةً إلَّا مِنْ عُذْرٍ (عَامٍّ كَمَطَرٍ وَثَلْجٍ يَبُلُّ) كُلٌّ مِنْهُمَا (الثَّوْبَ) لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمُطِرْنَا فَقَالَ لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ فِي رَحْلِهِ» ، فَإِنْ كَانَ خَفِيفًا، أَوْ وَجَدَ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ (وَبِالرِّيحِ) الْأَوْلَى: وَالرِّيحِ (الْعَاصِفَةِ) أَيْ الشَّدِيدَةِ (لَيْلًا) لِلْمَشَقَّةِ «لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَادِيَهُ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَذَاتِ الرِّيحِ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَالظُّلْمَةُ الشَّدِيدَةُ لَيْلًا كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِذَلِكَ الرِّيحُ الْخَفِيفَةُ لَيْلًا، وَالشَّدِيدَةُ نَهَارًا إلَّا الصُّبْحَ، فَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ كَاللَّيْلِ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ (وَالْوَحَلِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (الشَّدِيدِ) لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا كَالْمَطَرِ بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُ، لَكِنْ تَرَكَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ التَّقْيِيدَ بِالشَّدِيدِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَفِيفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالْأَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَيْهِ (، وَالسَّمُومِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ الرِّيحِ الْحَارَّةِ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا لِمَشَقَّةِ الْحَرَكَةِ فِيهَا (وَشِدَّةِ الْحَرِّ ظُهْرًا) بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُ وَتَبِعَ فِي تَقْيِيدِهِ بِالظُّهْرِ الرَّوْضَةَ، وَكَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْقِيَاسَ فِي الْمُهِمَّاتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ.
(قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) وَنَقَلَ ابْنُ الْعِمَادِ عَنْ الْأَرْمِنْتِيِّ فِي كِتَابِ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ التَّصْرِيحَ بِاسْتِحْبَابِ إعَادَةِ الْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، لَكِنْ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا مَعَهُمْ (قَوْلُهُ: نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ) عِبَارَتُهُ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ قَدْ صَلَّى مَرَّةً مَعَ الْجَمَاعَةِ كُلَّ صَلَاةٍ فَقَوْلُهُ مَرَّةً ظَاهِرُهُ الِاحْتِرَازُ عَمَّنْ صَلَّى مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ حَيْثُ لَا يُعَارِضُهَا مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهَا أَمَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ تَحْرُمُ الْإِعَادَةُ، وَقَدْ تُكْرَهُ، وَقَدْ تَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى لِتَفْوِيتِ الْأَهَمِّ فَمِنْ الْأَوَّلِ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْإِعَادَةِ لَفَاتَتْهُ عَرَفَةُ وَمِنْهُ الدَّافِعُ عَنْ بُضْعٍ، أَوْ نَفْسٍ حَيْثُ نُوجِبُ الدَّفْعَ، وَكَذَا مَنْ عَرَضَ لَهُ إنْقَاذُ غَرِيقٍ وَإِطْفَاءُ حَرِيقٍ نُوجِبُهُ.
وَكَذَا التَّخَلُّفُ عَنْ النَّفِيرِ الْعَامِّ إذَا تَعَيَّنَتْ الْفَوْرِيَّةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ فَوَائِتُ عَصَى بِتَأْخِيرِهَا وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ يَجِبُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ، أَوْ كَانَ عَبْدًا، أَوْ أَجِيرًا، وَالْإِعَادَةُ تَشْغَلُهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْخِدْمَةِ أَوْ الْعَمَلِ الْفَوْرِيِّ وَأَمْثِلَةُ الضَّرْبَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ كَثِيرَةٌ لَا تَخْفَى، وَالضَّابِطُ أَنَّهُ مَتَى رَجَحَتْ مَصْلَحَةُ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَصْلَحَتِهَا كَانَ تَرْكُهَا أَفْضَلَ، وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا كَمَا سَبَقَ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَصْوِيرُهُمْ يُشْعِرُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ قس قَالَ شَيْخُنَا: بَلْ الْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ لَا الْفَرْضَ) إنَّمَا أَعَادَهَا لِيَنَالَ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ فِي فَرْضٍ وَإِنَّمَا يَنَالُ ذَلِكَ إذَا نَوَى الْفَرْضَ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ إلَخْ) وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ مَنْ لَحِقَ الْإِمَامَ فِي الْجُمُعَةِ بَعْدَ رُكُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ يَنْوِي الْجُمُعَةَ لَا الظُّهْرَ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ قَوْلِهِمْ بِأَنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ (قَوْلُهُ: وَالْعَلَّامَةُ الرَّازِيّ بِأَنَّهُ يَنْوِي إلَخْ) قَالَ وَلَعَلَّ الْفَائِدَةَ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ خَلَلًا فِي الْأُولَى كَفَتْ الثَّانِيَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ كَمَا أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ لَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ لَمْ يُؤَدِّ وَظِيفَةَ الْوَقْتِ إذَا بَلَغَ فِيهِ وَبِمَا تَرَجَّاهُ أَفْتَى الْغَزَالِيُّ وَلَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ لَيْسَ الْأُولَى بِعَيْنِهَا وَإِلَّا فَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَطَوُّعٌ مَحْضٌ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ أَفْتَيْت.
[فَصْلٌ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ بِعُذْرٍ]
(قَوْلُهُ: فَلَا رُخْصَةَ بِدُونِهِ) فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُدَاوِمِ عَلَى تَرْكِهَا لِعُذْرٍ بِخِلَافِ الْمُدَاوِمِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِذَا أَمَرَ الْإِمَامُ النَّاسَ بِالْجَمَاعَةِ وَجَبَتْ إلَّا عِنْدَ قِيَامِ الرُّخْصَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ لِقِيَامِ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ كَانَ يَقْطُرُ عَلَيْهِ الْمَطَرُ مِنْهُ كَسُقُوفِ الْأَسْوَاقِ كَانَ عُذْرًا لِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ فِيهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ (قَوْلُهُ: وَبِالرِّيحِ الْعَاصِفَةِ لَيْلًا) ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَارِدَةً (قَوْلُهُ:، فَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ كَاللَّيْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْوَحَلُ الشَّدِيدُ) الْمُرَادُ بِالْوَحَلِ الشَّدِيدِ هُوَ الَّذِي لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلْوِيثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَحَلُ مُتَفَاحِشًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ ح.
(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) وَهُوَ الصَّحِيحُ الْوَجْهُ قو (قَوْلُهُ: وَشِدَّةُ الْحَرِّ ظُهْرًا إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَشِدَّةُ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ لَيْلًا وَنَهَارًا
(1/213)
أَصْلُهَا فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ، لَكِنَّ كَلَامَهُ بَعْدُ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ فِي الْمِنْهَاجِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا (وَ) شِدَّةِ (الْبَرْدِ لَيْلًا وَنَهَارًا) بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُ (وَزَلْزَلَةٍ) بِفَتْحِ الزَّايِ، وَهِيَ تَحَرُّكُ الْأَرْضِ لِلْمَشَقَّةِ (أَوْ) عُذْرٍ (خَاصٍّ كَشِدَّةِ نُعَاسٍ) وَلَوْ فِي انْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ هَذَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالنَّوْمِ الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى (وَمَرَضٍ) يَشُقُّ (كَمَشَقَّةِ الْمَطَرِ) ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يُسْقِطُ الْقِيَامَ فِي الْفَرِيضَةِ لِلْحَرَجِ قَالَ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] فَإِنْ كَانَ خَفِيفًا كَوَجَعِ ضِرْسٍ وَصُدَاعٍ يَسِيرٍ وَحُمَّى خَفِيفَةٍ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ (وَ) يُرَخَّصُ (بِتَمْرِيضِ قَرِيبٍ) لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْرِفْ عَلَى الْمَوْتِ وَتَمْرِيضُهُ لَهُ بِأَنْ يُطْعِمَهُ وَيَسْقِيَهُ وَيَتَعَاطَى مَا يَحْتَاجُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ مُطْلَقُ الْقَرَابَاتِ (أَوْ يَسْتَأْنِسُ) أَيْ، أَوْ بِاسْتِئْنَاسِهِ (بِهِ، أَوْ إشْرَافِهِ عَلَى الْمَوْتِ) ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مُتَعَهِّدٌ فِيهِمَا لِتَضَرُّرِهِ بِغَيْبَتِهِ عَنْهُ فَحِفْظُهُ، أَوْ تَأْنِيسُهُ أَفْضَلُ مِنْ حِفْظِ الْجَمَاعَةِ (ثُمَّ الزَّوْجَةُ، وَالصِّهْرُ، وَالْمَمْلُوكُ، وَالصِّدِّيقُ كَالْقَرِيبِ) فِيمَا ذُكِرَ، وَتَعْبِيرُهُ بِثُمَّ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ مَعْنًى (لَا بِتَمْرِيضِ أَجْنَبِيٍّ) فَلَا يُرَخَّصُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْقَرِيبِ فِي الشَّفَقَةِ وَلَا بِحُضُورِهِ عِنْدَهُ لِلِاسْتِئْنَاسِ، أَوْ الْإِشْرَافِ عَلَى الْمَوْتِ كَمَا فُهِمَ ذَلِكَ مِمَّا قَالَهُ بِالْأَوْلَى وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ قَوْلَهُ (إلَّا إنْ خَشِيَ) عَلَيْهِ (ضَيَاعًا يَتَضَرَّرُ بِهِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مُتَعَهِّدٌ، أَوْ كَانَ، لَكِنَّهُ لَمْ يَفْرُغْ لِخِدْمَتِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِشِرَاءِ الْأَدْوِيَةِ، أَوْ الْكَفَنِ وَحَفْرِ الْقَبْرِ إذَا كَانَ مَنْزُولًا بِهِ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْآدَمِيِّ مِنْ الْمُهِمَّاتِ وَلَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الضَّيَاعِ، وَالتَّضَرُّرِ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ (وَ) يُرَخَّصُ أَيْضًا (بِالْخَوْفِ) عَلَى كُلِّ مَعْصُومٍ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا (حَتَّى عَلَى خُبْزِهِ فِي التَّنُّورِ) وَطَبِيخِهِ فِي الْقِدْرِ عَلَى النَّارِ وَلَا مُتَعَهِّدَ يَخْلُفُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إسْقَاطَ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِعُذْرٍ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَرُمَ عَلَيْهِ كَالسَّفَرِ يَوْمَهَا إذَا قَصَدَ إسْقَاطَهَا وَلَمْ تُمْكِنْهُ فِي طَرِيقِهِ وَكَالتَّحِيَّةِ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ أَوْ عَلَى مَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ (وَ) بِالْخَوْفِ (مِنْ) حَبْسٍ، أَوْ مُلَازَمَةِ (غَرِيمٍ وَبِهِ) أَيْ بِالْخَائِفِ (إعْسَارٌ يَعْسُرُ) عَلَيْهِ (إثْبَاتُهُ) بِخِلَافِ الْمُوسِرِ بِمَا يَفِي بِمَا عَلَيْهِ، وَالْمُعْسِرُ الْقَادِرُ عَلَى الْإِثْبَاتِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ حَلِفٍ، وَالْغَرِيمُ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْمَدِينِ، وَالدَّائِنِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَقَوْلُهُ يَعْسُرُ إثْبَاتُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ (وَ) بِالْخَوْفِ (مِنْ قِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ يَرْجُو) بِغَيْبَتِهِ (الْعَفْوَ عَنْهُمَا) مَجَّانًا، أَوْ عَلَى مَالٍ وَيُلْحَقُ بِهِمَا التَّعْزِيرُ لِآدَمِيٍّ، أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى إذْ لِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَنْهُ (لَا) بِالْخَوْفِ مِنْ (حَدِّ زِنًا وَنَحْوِهِ) كَحَدِّ سَرِقَةٍ وَشُرْبٍ إذَا بَلَغَتْ الْإِمَامَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجُو الْعَفْوَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُرَخَّصُ بِهِ بَلْ يَحْرُمُ التَّغَيُّبُ عَنْهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَاسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ جَوَازَ التَّغْيِيبِ لِمَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ فَإِنَّ مُوجِبَهُ كَبِيرَةٌ، وَالتَّخْفِيفُ يُنَافِيهِ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَالتَّغَيُّبُ طَرِيقُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْإِشْكَالُ أَقْوَى وَقَيَّدَ الشَّيْخَانِ رَجَاءَ الْعَفْوِ بِتَغْيِيبِهِ أَيَّامًا قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْقِصَاصَ لَوْ كَانَ لِصَبِيٍّ لَمْ يَجُزْ التَّغْيِيبُ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يَتْرُكَ الْجَمَاعَةَ سِنِينَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَوْلُهُمَا أَيَّامًا لَمْ أَرَهُ إلَّا فِي كَلَامِهِمَا وَالشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ أَطْلَقُوا وَيَظْهَرُ الضَّبْطُ بِأَنَّهُ مَا دَامَ يَرْجُو الْعَفْوَ يَجُوزُ لَهُ التَّغْيِيبُ، وَإِنْ يَئِسَ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْعَفْوِ حَرُمَ التَّغْيِيبُ فَالْمُصَنِّفُ تَرَكَ التَّقْيِيدَ لِذَلِكَ (وَبِمُدَافَعَةِ) أَحَدِ (الْأَخْبَثَيْنِ) بِالْمُثَلَّثَةِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ (أَوْ) مُدَافَعَةِ (الرِّيحِ بَلْ يُكْرَهُ) الصَّلَاةُ مَعَهَا (أَوْ الْجُوعِ) الْأَوْلَى، وَالْجُوعِ (وَالْعَطَشِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ الشَّدِيدَيْنِ (وَالْمَطْعُومُ حَاضِرٌ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ، أَوْ لَيْسَ بِحَاضِرٍ أَيْ وَقَرُبَ حُضُورُهُ (وَنَفْسُهُ تَتُوقُ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ تَشْتَاقُ إلَيْهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذْ وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ وَلَا يَعْجَلَنَّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ» وَقَوْلُ الْمُهِمَّاتِ الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِالتَّوَقَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَلَا عَطَشٌ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفَوَاكِهِ، وَالْمَشَارِبِ اللَّذِيذَةِ تَتُوقُ النَّفْسُ إلَيْهَا عِنْدَ حُضُورِهَا بِلَا جُوعٍ وَعَطَشٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ يَبْعُدُ مُفَارَقَتُهُمَا لِلتَّوَقَانِ إذْ التَّوَقَانُ إلَى الشَّيْءِ الِاشْتِيَاقُ إلَيْهِ لَا الشَّوْقُ، فَشَهْوَةُ النَّفْسِ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِدُونِهِمَا لَا تُسَمَّى تَوَقَانًا وَإِنَّمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: لَكِنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْخَفِيفِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا خَفَاءَ أَنَّ الْبِلَادَ الْمُفْرِطَةَ الْبَرْدِ، أَوْ الْحَرِّ لَا تَخْلُو مِنْهُمَا غَالِبًا فَلَا يَكُونُ عُذْرًا فِي حَقِّهِمْ إلَّا مَا خَرَجَ عَمَّا أَلِفُوهُ أَمَّا مَا لَا يَمْنَعُهُمْ التَّصَرُّفَ فَلَا (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ الزَّوْجَةُ، وَالصِّهْرُ إلَخْ) وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْعَتِيقِ، وَالْمُعْتِقِ بِهِمْ أَيْضًا ج (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الثَّانِيَ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: يَعْسُرُ إثْبَاتُهُ) بِأَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِيهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ، أَوْ يَشُقُّ إحْضَارُهَا، أَوْ لَا يَنْدَفِعُ الْغَرِيمُ بِهَا، أَوْ كَانَ الْحَاكِمُ حَنَفِيًّا لَا يَسْمَعُهَا إلَّا بَعْدَ حَبْسِهِ مُدَّةً وَمَحَلُّ كَوْنِهِ عُذْرًا إذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْإِعْسَارِ أَمَّا إذَا كَانَ مَقْبُولًا كَمَا إذَا لَزِمَهُ الدَّيْنُ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ كَصَدَاقِ الزَّوْجَةِ وَكَمَا إذَا ادَّعَى الْإِعْسَارَ وَعَلِمَ الْمُدَّعِي بِإِعْسَارِهِ وَطَلَبَ يَمِينَهُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عُذْرًا (قَوْلُهُ، أَوْ حَلِفٍ) ، أَوْ عَلِمَ مِنْ وَرَعِ خَصْمِهِ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ حَلِفَهُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِإِعْسَارِهِ لَمْ يَحْلِفْ (قَوْلُهُ: وَالْغَرِيمُ) يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْمَدِينِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ ح.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ) وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: وَبِمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ إلَخْ) إنَّمَا تَكُونُ مُدَافَعَةُ الْحَدَثِ عُذْرًا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بَعْدَهُ مِنْ الطَّهَارَةِ وَإِدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَقَرُبَ حُضُورُهُ) فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ حُضُورُ الطَّعَامِ عَنْ قُرْبٍ لَا يَكُونُ كَالْحَاضِرِ، وَإِنْ كَانَ يَتُوقُ إلَيْهِ
(1/214)
تُسَمَّاهُ إذَا كَانَتْ بِهِمَا بَلْ بِشِدَّتِهِمَا وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ وَصْفَهُمَا بِهَا لِلْعِلْمِ بِهَا مِنْ التَّوَقَانِ، وَقَضِيَّتُهُ حَذْفُهُمَا أَيْضًا لِذَلِكَ (فَيَتَخَلَّفُ) عَنْ الْجَمَاعَةِ نَدْبًا (لِيَتَفَرَّغَ) عَنْ الْحَدَثَيْنِ وَالرِّيحِ (وَيَكْسِرَ شَهْوَتَهُ فَقَطْ) فِي الْجُوعِ بِأَنْ يَأْكُلَ لُقَيْمَاتٍ تَكْسِرُ سَوْرَتَهُ. وَخَالَفَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَصَوَّبَ إكْمَالَ حَاجَتِهِ مِنْ الْأَكْلِ قَالَ: وَمَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهُ يَأْكُلُ لُقَمًا تَكْسِرُ سَوْرَةَ الْجُوعِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ (وَيَأْتِيَ عَلَى الْمَشْرُوبِ) كَاللَّبَنِ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُؤْتَى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً (فَلَوْ خَشِيَ) بِتَخَلُّفِهِ (فَوَاتَ الْوَقْتِ صَلَّى) وُجُوبًا (مُدَافِعًا وَجَائِعًا) وَعَطْشَانَ وَلَا كَرَاهَةَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (وَبِعَجْزِهِ عَنْ لِبَاسٍ لَائِقٍ) بِهِ وَإِنْ وَجَدَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي خُرُوجِهِ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَلِيقَ بِهِ بِأَنْ يَعْتَادَهُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ الْمَجْمُوعِ " لَائِقٍ " (وَخُرُوجِ الرُّفْقَةِ لِمُرِيدِ السَّفَرِ) الْمُبَاحِ لِمَشَقَّةِ تَخَلُّفِهِ (وَبِالْبَحْثِ عَنْ ضَالَّةٍ يَرْجُوهَا) بِتَخَلُّفِهِ عَنْ الْجَمَاعَةِ (وَبِالسَّعْيِ فِي اسْتِرْدَادِ مَغْصُوبٍ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَخْصِيصِ أَصْلِهِ ذَلِكَ بِغَصْبِ مَالِهِ (وَبِأَكْلِ نِيءِ) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ (بَصَلٍ وَنَحْوِهِ) كَثُومٍ وَكُرَّاثٍ وَفُجْلٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَكَلَ بَصَلًا أَوْ ثُومًا أَوْ كُرَّاثًا فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» وَفِي رِوَايَةٍ «الْمَسَاجِدَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» زَادَ الْبُخَارِيُّ قَالَ جَابِرٌ مَا أَرَاهُ يَعْنِي إلَّا نِيئَهُ وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ أَوْ فُجْلًا هَذَا إنْ (تَعَذَّرَ) أَيْ تَعَسَّرَ (زَوَالُ رِيحِهِ) بِغَسْلٍ وَمُعَالَجَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَسَّرْ وَخَرَجَ بِالنِّيءِ الْمَطْبُوخُ لِزَوَالِ رِيحِهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِالْبَخَرِ وَالصُّنَانِ الْمُسْتَحْكِمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَوَقَّفَ فِي الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِهِمَا لِأَنَّ التَّأَذِّي بِهِمَا أَشَدُّ مِنْهُ بِأَكْلِ الثُّومِ قَالَ وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمَجْذُومَ وَالْأَبْرَصَ يُمْنَعَانِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَمِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَمِنْ اخْتِلَاطِهِمَا بِالنَّاسِ وَمِنْ الْأَعْذَارِ السِّمَنُ الْمُفْرِطُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَى فِيهِ خَبَرًا وَكَوْنُهُ مُتَّهَمًا كَمَا نُقِلَ عَنْ الذَّخَائِرِ وَزِفَافُ زَوْجَةٍ فِي الصَّلَوَاتِ اللَّيْلِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقَسَمِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ جَعْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ أَعْذَارًا لِمَنْ لَا تَتَأَتَّى لَهُ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِي بَيْتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ طَلَبُهَا لِكَرَاهَةِ الِانْفِرَادِ لِلرَّجُلِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا سُنَّةٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَعْنَى كَوْنِهَا أَعْذَارًا سُقُوطُ الْإِثْمِ عَلَى قَوْلِ الْفَرْضِ وَالْكَرَاهَةِ عَلَى قَوْلِ السُّنَّةِ لَا حُصُولُ فَضْلِهَا وَيُوَافِقُهُ جَوَابُ الْجُمْهُورِ عَنْ خَبَرِ مُسْلِمٍ «سَأَلَ أَعْمَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ بِبَيْتِهِ لِكَوْنِهِ لَا قَائِدَ لَهُ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَجِبْ» بِأَنَّهُ سَأَلَ هَلْ لَهُ رُخْصَةٌ فِي الصَّلَاةِ بِبَيْتِهِ مُنْفَرِدًا تُلْحِقُهُ بِفَضِيلَةِ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً فَقِيلَ: لَا. هَذَا كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ يُلَازِمُهَا وَإِلَّا فَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ، أَوْ سَافَرَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا» ، وَقَدْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ تَلْخِيصِ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ حُصُولَهُ إذَا كَانَ نَاوِيًا الْجَمَاعَةَ لَوْلَا الْعُذْرُ وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَفَّالِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَغَيْرُهُمَا وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ كَآكِلِ بَصَلٍ وَثُومٍ وَكَوْنِ خُبْزِهِ فِي التَّنُّورِ. وَكَلَامُ هَؤُلَاءِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَطَرٍ وَمَرَضٍ وَجَعْلِ حُصُولِهَا لَهُ كَحُصُولِهَا لِمَنْ حَضَرَهَا لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ فِي أَصْلِهَا لِئَلَّا يُنَافِيَهُ خَبَرُ الْأَعْمَى
(بَابُ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ فِي الصَّلَاةِ)
(لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَ كَافِرٍ) وَلَوْ مُخْفِيًا كُفْرَهُ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِصَلَاتِهِ (وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ) بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ (مَا لَمْ تُسْمَعْ مِنْهُ الشَّهَادَتَانِ) ، فَإِنْ سُمِعَتَا مِنْهُ، وَلَيْسَ بِعِيسَوِيٍّ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِهِمَا وَإِذَا لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ فَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، وَالْمُخْتَصَرِ، وَالْأَصْحَابُ لِإِفْسَادِهِ صَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُ وَاسْتِهْزَائِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْإِسْلَامَ كَمَا قَالَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ أَيْ فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ يُعَزَّرْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدُ أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ (وَلَا) تَصِحُّ (خَلْفَ مَنْ عَلِمَهُ ارْتَكَبَ مُبْطِلًا) لَهَا (فِي اعْتِقَادِهِمَا كَمُحْدِثٍ وَمُتَنَجِّسٍ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الِارْتِبَاطِ بِالْبَاطِلِ مَعَ التَّقْصِيرِ (وَكَذَا فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَبِالسَّعْيِ فِي اسْتِرْدَادِ مَغْصُوبٍ) ، أَوْ فِي رَدِّ زَوْجَةٍ لَهُ نَشَزَتْ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةِ الْمَسَاجِدِ) وَيُكْرَهُ حُضُورُهُ عِنْدَ النَّاسِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِالْبَخَرِ إلَخْ) قَدْ اُسْتُحْسِنَ تَعْبِيرُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ فِي التَّنْبِيهِ بِقَوْلِهِ، أَوْ خَافَ تَأَذِّي الْجَمَاعَةِ بِرَائِحَتِهِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ الْبَخَرَ، وَالصُّنَانَ الشَّدِيدَ، وَالْجِرَاحَاتِ الْمُنْتِنَةَ وَمَنْ دَاوَى جَسَدَهُ بِثُومٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّ أَهْلَ بَلَدٍ جَمِيعَهُمْ أَكَلُوا بَصَلًا وَنَحْوَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَتَعَذَّرَ زَوَالُ رَائِحَتِهِ فَهَلْ يُكْرَهُ حُضُورُهُمْ فَتَسْقُطُ عَنْهُمْ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا؟ يَجِبُ حُضُورُهُمْ وَصَلَاتُهُمْ الْجُمُعَةَ (قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ فِي الْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ) ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ السُّقُوطِ ح (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ، وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِهِمَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الصَّوَابُ السُّقُوطُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ جَعْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ أَعْذَارًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ طَلَبُهَا) ، وَإِنْ حَصَلَ الشِّعَارُ بِغَيْرِهِ ح (قَوْلُهُ: لَا حُصُولُ فَضْلِهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ مِنْهُ عَجِيبٌ، وَقَدْ قَالَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا يُنْتَقَصُ ثَوَابُهُ عَنْ ثَوَابِهِ فِي حَالِ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ لِلْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا) ز أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَغَيْرُهُمَا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الْحَقُّ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ بَعْدَ كَلَامٍ بَسَطَهُ، وَالْحَقُّ أَنَّ مَعَ الْعُذْرِ الْمُسَوِّغِ يَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ أَصْلِ الْجَمَاعَةِ لَا الْمُضَاعَفَةُ وَيَنْبَغِي تَنْزِيلُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى الْمُضَاعَفَةِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ عَلَى أَصْلِ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَبْقَى خِلَافٌ (قَوْلُهُ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
المؤلف: زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري - شهاب أحمد الرملي - محمد بن أحمد الشوبري
تحقيق: زهير الشاويش الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت- دمشق- عمان الطبعة: الثالثة، 1412هـ / 1991م
الموضوع: الفقه علي مذهب الإمام الشافعي عدد الأجزاء: 12 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
موضوع: الفقه علي المذهب الشافعي
عدد المجلدات: 4
عدد الصفحات: 2072
[حاشية الرملي الكبير]
[كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]
(كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ، وَالصَّلَاةِ) ، أَوْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِحَسَبِ قُرْبِ الْمَسْجِدِ وَبُعْدِهِ، أَوْ أَنَّ الْأُولَى فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ، وَالثَّانِيَةَ فِي السِّرِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَنْقُصُ عَنْ الْجَهْرِيَّةِ بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ، وَالتَّأْمِينِ لِتَأْمِينِهِ (قَوْلُهُ فِي أَدَاءِ مَكْتُوبَاتِ الْمُقِيمِينَ) الْمَسْتُورِينَ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ) ؛ وَلِأَنَّهَا فَضِيلَةٌ فِي الصَّلَاةِ لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهَا فَلَمْ تَجِبْ كَالتَّكْبِيرَاتِ؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فَرْضَ عَيْنٍ كَانَتْ شَرْطًا فِيهَا كَالْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَبِالْمُقِيمِينَ الْمُسَافِرُونَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَقَلَ السُّبْكِيُّ) وَغَيْرُهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُسَافِرِينَ لَوْ أَقَامُوا بِبَلْدَةٍ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِمْ فَرْضُ الْجُمُعَةِ وَمَتَى كَانَ السَّفَرُ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤَوَّلَ النَّصُّ وَيُحْمَلَ عَلَى عَاصٍ بِسَفَرِهِ، أَوْ مُسَافِرٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ قس (قَوْلُهُ: وَبِالْأَحْرَارِ الْأَرِقَّاءُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ يَتَوَجَّهُ فَرْضُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْأَرِقَّاءِ إذَا تُمْحَضُوا فِي قَرْيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَيَطْرُقُهُ احْتِمَالَانِ، وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ) وَلَا تُسَنُّ وَلَا تُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَفِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ إلَخْ) ضَبَطَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْقَرْيَةَ الصَّغِيرَةَ بِأَنْ يَكُونَ فِيهَا عِشْرُونَ، أَوْ ثَلَاثُونَ رَجُلًا (قَوْلُهُ: لَا فِي وَسْطِ الْبُيُوتِ) الْمُرَادُ بِوَسْطِ الْبُيُوتِ مَا تَظْهَرُ فِيهِ إقَامَتُهَا بِالْأَسْوَاقِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِغَيْرِ وَسْطِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بِهَا الشِّعَارُ يَكْفِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ تَسْقُطُ بِطَائِفَةٍ قَلِيلَةٍ) فِي تَأْدِيَةِ الْفَرْضِ بِالصِّبْيَانِ احْتِمَالَانِ حَكَاهُمَا الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ كَرَدِّ السَّلَامِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَإِنَّ مَقْصُودَهَا الدُّعَاءُ وَهُوَ مِنْ الصَّغِيرِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ د.
(قَوْلُهُ: وَلَا فَرْضَ فِيهَا عَلَى النِّسَاءِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَأَتَّى غَالِبًا إلَّا بِالْخُرُوجِ إلَى الْمَسَاجِدِ، وَقَدْ تَكُونُ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِنَّ وَمَفْسَدَةٌ لَهُنَّ (قَوْلُهُ: وَتَقِفُ إمَامَتُهُنَّ وَسْطَهُنَّ) بِإِسْكَانِ السِّينِ تَقُولُ جَلَسْت وَسْطَ الْقَوْمِ بِالتَّسْكِينِ وَجَلَسْت وَسَطَ الدَّارِ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ وَضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ صَلَحَ فِيهِ بَيْنَ فَهُوَ بِالتَّسْكِينِ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ فَهُوَ بِالْفَتْحِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ، وَقَدْ أَجَازُوا فِي الْمَفْتُوحِ الْإِسْكَانَ وَلَمْ يُجِيزُوا فِي السَّاكِنِ الْفَتْحَ
(1/209)
صَحِيحَيْنِ أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَمَّتَا نِسَاءً فَقَامَتَا وَسْطَهُنَّ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَسْتَرُ لَهَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ، وَالْخُنْثَى يَقِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَمَامَهُنَّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَاقْتِدَاؤُهُنَّ بِرَجُلٍ، ثُمَّ خُنْثَى أَفْضَلُ) مِنْ اقْتِدَائِهِنَّ بِالْمَرْأَةِ لِمَزِيَّتِهِمَا عَلَيْهَا وَذِكْرُ الْخُنْثَى مِنْ زِيَادَتِهِ (لَكِنَّ خَلْوَةَ الْأَجْنَبِيِّ) ، وَإِنْ تَعَدَّدَ مِنْ رَجُلٍ، أَوْ خُنْثَى (بِهَا) أَيْ بِالْمَرْأَةِ (حَرَامٌ) لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ نَعَمْ إنْ وَجَدَهَا مُنْقَطِعَةً بِبَرِّيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا جَازَ لَهُ لِلضَّرُورَةِ اسْتِصْحَابُهَا بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ إذَا خَافَ عَلَيْهَا لَوْ تَرَكَهَا لِخَبَرِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ " بِهَا " خَلْوَتُهُ بِهِنَّ فَجَائِزٌ إذَا كُنَّ ثِقَاتٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعَدَدِ فَعُدُولُهُ عَنْ قَوْلِ الْأَصْلِ بِهِنَّ إلَى بِهَا حَسَنٌ (وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْعَجَائِزِ) الْأَوْلَى لِذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ (حُضُورُ الْمَسْجِدِ مَعَ الرِّجَالِ) وَيُكْرَهُ لِلزَّوْجِ، وَالسَّيِّدِ، وَالْوَلِيِّ تَمْكِينُهُنَّ مِنْهُ؛ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَالنَّهْيِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ لِلتَّنْزِيهِ» ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْوَاجِبَ لَا يُتْرَكُ لِلْفَضِيلَةِ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا تُشْتَهَى فَإِنَّهُ كَمَا يُنْدَبُ لَهَا الْحُضُورُ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ كَلَامُهُ يُنْدَبُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا إذَا اسْتَأْذَنَتْهُ وَأَمِنَ الْمَفْسَدَةَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إلَى الْمَسْجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «إذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ امْرَأَتُهُ إلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا» فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجٌ، أَوْ سَيِّدٌ، أَوْ وَلِيٌّ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الْحُضُورِ حَرُمَ الْمَنْعُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ وَيُؤْمَرُ الصَّبِيُّ بِحُضُورِ الْمَسَاجِدِ وَجَمَاعَاتِ الصَّلَاةِ لِيَعْتَادَهَا (وَتَصِحُّ نَافِلَةٌ وَمَنْذُورَةٌ فِي جَمَاعَةٍ بِلَا كَرَاهَةٍ) وَإِنْ لَمْ تُسَنَّ فِيهِمَا الْجَمَاعَةُ.
(فَرْعٌ وَيَحُوزُ فَضِيلَتَهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ (بِصَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ) ، أَوْ نَحْوِهِ (بِزَوْجَةٍ، أَوْ وَلَدٍ أَوْ رَقِيقٍ) ، أَوْ غَيْرِهِمْ إذْ أَقَلُّهَا اثْنَانِ (وَهِيَ) فِي الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ (أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ بِمَسْجِدٍ) لِخَبَرِ «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِمَا مَرَّ أَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا، أَوْ زَمَانِهَا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ مَعَ مَا يَأْتِي أَنَّ قَلِيلَ الْجَمْعِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ فِي الْبَيْتِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَكَسَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرُ النَّصِّ يُومِئُ إلَيْهِ وَتُعَضِّدُهُ الْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا قَالَ وَيَتَعَيَّنُ الْجَزْمُ بِهِ لَوْ كَانَ إذَا ذَهَبَ إلَى الْمَسْجِدِ وَتَرَكَ أَهْلَ بَيْتِهِ لَصَلَّوْا فُرَادَى، أَوْ لَتَهَاوَنُوا، أَوْ بَعْضُهُمْ فِي الصَّلَاةِ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَنْ لَا تَتَعَطَّلُ جَمَاعَةُ الْمَسْجِدِ لِغَيْبَتِهِ. اهـ.
(وَالْمَسَاجِدُ) أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا لِلْأَخْبَارِ الْمَشْهُورَةِ فِي فَضْلِ الْمَشْيِ إلَيْهَا؛ وَلِأَنَّهَا أَشْرَفُ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا إظْهَارَ شِعَارِ الْجَمَاعَةِ، فَالصَّلَاةُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ (وَأَكْثَرُهَا) أَيْ الْمَسَاجِدِ (جَمَاعَةً أَفْضَلُ) لِلْمُصَلِّي (وَإِنْ بَعُدَ) عَنْهُ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ السَّابِقِ «نَعَمْ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا» ، وَإِنْ قَلَّتْ، بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي: الِانْفِرَادُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا وَيُنَازِعُ فِيهِ الْقَاعِدَةُ السَّابِقَةُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا خَشَعَ وَلَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ لَمْ يَخْشَعْ فَالِانْفِرَادُ أَفْضَلُ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْمُخْتَارُ بَلْ الصَّوَابُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ (إلَّا إنْ تَعَطَّلَ الْمَسْجِدُ الْقَرِيبُ مِنْهُ لِغَيْبَتِهِ) عَنْهُ لِكَوْنِهِ إمَامَهُ، أَوْ يَحْضُرُ النَّاسُ بِحُضُورِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، أَوْ كَانَ الْبَعِيدُ بُنِيَ مِنْ أَمْوَالٍ خَبِيثَةٍ (أَوْ كَانَ إمَامُ الْأَكْثَرِينَ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ) ، أَوْ الشُّرُوطِ مِنْ حَنَفِيٍّ وَغَيْرِهِ (أَوْ) كَانَ (مُبْتَدِعًا) كَمُعْتَزِلِيٍّ وَقَدَرِيٍّ وَرَافِضِيٍّ (أَوْ فَاسِقًا) فَقَلِيلُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ لِتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسَاجِدِ فِي الْأُولَى وَيُؤْمَنُ النَّقْصُ فِي الْبَقِيَّةِ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْأَخِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَعْبِيرُهُ فِي الْأُولَى بِالْقَرِيبِ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَعِيدَ بِخِلَافِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ وَتَعْبِيرُهُ فِي الثَّانِيَةِ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ حَنَفِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: لِخَبَرِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) قَالَ فِيهِ لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِي الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ كَلَامًا وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَحْرِيمُ الْخَلْوَةِ بِهِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ تَحْرِيمُ النَّظَرِ إلَيْهِ
[فَرْعٌ صَلَاة الْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْت]
(قَوْلُهُ إذْ أَقَلُّهَا اثْنَانِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، فَإِنْ قِيلَ أَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قِيلَ ذَلِكَ بَحْثٌ لُغَوِيٌّ وَهَذَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مَأْخَذُهُ التَّوْقِيفُ الشَّرْعِيُّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ بِمَسْجِدٍ) أَيْ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ) أَيْ كَأَصْلِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» (قَوْلُهُ: وَتُعَضِّدُهُ الْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ إلَخْ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنَّمَا يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْجَمَاعَةُ خَارِجَ الْكَعْبَةِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ فِيهَا (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي الِانْفِرَادُ فِيهَا أَفْضَلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا خَشَعَ إلَخْ) أَيْ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ تَعَطَّلَ الْقَرِيبُ إلَخْ) يُسْتَثْنَى أَيْضًا صُوَرٌ مِنْهَا مَا لَوْ كَانَ قَلِيلُ الْجَمْعِ يُبَادِرُ إمَامُهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ الْمَحْبُوبِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَعَهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ إمَامُ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ، وَالْمَأْمُومُ بَطِيئَهَا لَا يُدْرِكُ مَعَهُ الْفَاتِحَةَ وَيُدْرِكُهَا مَعَ إمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ قَالَهُ الْفُورَانِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ فَاسِقًا) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، أَوْ مُتَّهَمًا بِهِ (قَوْلُهُ: فَقَلِيلُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ تَعَارَضَ فَضِيلَةُ سَمَاعِ الْقُرْآنِ مَعَ الْإِمَامِ مَعَ قِلَّةِ الْجَمَاعَةِ، وَعَدَمُ سَمَاعِهِ مَعَ كَثْرَتِهَا، فَالظَّاهِرُ تَفْضِيلُ الْأَوَّلِ قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ أَنَّ مُرَاعَاةَ كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى سَمَاعِ الْقُرْآنِ كا.
(1/210)
وَتَعْبِيرُهُ فِيهَا وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْأَكْثَرِينَ الشَّامِلِ لِلْقَرِيبِ مَعَ تَعْبِيرِهِ قَبْلَ بِمَا يَشْمَلُهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْبَعِيدِ إذْ لَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ مَنْ ذُكِرَ مَكْرُوهَةٌ مُطْلَقًا (بَلْ الِانْفِرَادُ هُنَا أَفْضَلُ) مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ هَؤُلَاءِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، لَكِنْ فِي مَسْأَلَةِ الْحَنَفِيِّ فَقَطْ وَمِثْلُهَا الْبَقِيَّةُ بَلْ أَوْلَى، لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ كَلَامُهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ هَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الدَّمِيرِيِّ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ الْمَسْجِدَانِ (فِي الْجَمَاعَةِ) قَدَّمَ مَا يَسْمَعُ نِدَاءَهُ وَإِلَّا (، فَالْأَقْرَبُ) مَسَافَةً لِحُرْمَةِ الْجِوَارِ (ثُمَّ مَا انْتَفَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ) عَنْ مَالِ بَانِيهِ وَوَافَقَهُ م يَتَخَيَّرُ نَعَمْ إنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مُتَرَتِّبًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَهَابُهُ إلَى الْأَوَّلِ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ مُؤَذِّنَهُ دَعَاهُ أَوَّلًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ اسْتَوَيَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ.
(فَرْعٌ يُدْرِكُ) الْمَسْبُوقُ (فَضْلَ الْجَمَاعَةِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ السَّلَامِ) مِنْ الْإِمَامِ، وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ مَعَهُ بِأَنْ سَلَّمَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ لِإِدْرَاكِهِ رُكْنًا مَعَهُ، لَكِنَّهُ دُونَ فَضْلِ مَنْ يُدْرِكُهَا مِنْ أَوَّلِهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُدْرِكْ فَضْلَهَا بِذَلِكَ لَمُنِعَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ زِيَادَةً بِلَا فَائِدَةٍ وَمُقْتَضَاهُ إدْرَاكُ فَضْلِهَا، وَإِنْ فَارَقَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ فَارَقَهُ بِعُذْرٍ وَلَا يَخْفَى كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهَا لَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمَا سَيَأْتِي (قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ سُبِقَ) شَخْصٌ (فِي الْجَمَاعَةِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ وَرَجَا جَمَاعَةً) وَلَوْ بِمَسْجِدٍ آخَرَ (أَخَّرَ) نَدْبًا (لِيُدْرِكَ الْكُلَّ) أَيْ كُلَّ الصَّلَاةِ (مَعَ) الْجَمَاعَةِ (الْأُخْرَى) ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ جَمَاعَةً، وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ نُدِبَ لَهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا لِيُصَلُّوا جَمَاعَةً، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي نُسْخَةٍ قَبْلَ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ وَتُسَنُّ الْمُحَافَظَةُ عَلَى إدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (وَيُدْرِكُ فَضْلَ التَّكْبِيرَةِ بِشُهُودِهَا، وَالِاشْتِغَالِ بِالْمُتَابَعَةِ) عَقِبَهَا بِعَقْدِ صَلَاتِهِ لِخَبَرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَخَبَرِ «مَنْ صَلَّى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُنْقَطِعًا (فَلَوْ أَبْطَأَ) بِالْمُتَابَعَةِ (لِوَسْوَسَةٍ) غَيْرِ ظَاهِرَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (عُذِرَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْطَأَ لِغَيْرِ وَسْوَسَةٍ وَلَوْ بِسَبَبٍ لِلصَّلَاةِ كَالطَّهَارَةِ، أَوْ لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْوَسْوَسَةَ فِي الْقِرَاءَةِ غَيْرُ عُذْرٍ فِي التَّخَلُّفِ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ لِطُولِ زَمَنِهَا، وَالتَّقْيِيدُ بِهَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَهَا) أَيْ التَّكْبِيرَةِ (لَمْ يَسْعَ) أَيْ لَمْ يُسْرِعْ نَدْبًا لِيُدْرِكَهَا بَلْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ كَمَا لَوْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَهَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَائْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ، وَالْوَقَارُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ، أَوْ يَفْحُشْ التَّأْخِيرُ وَيَخْرُجْ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ. اهـ.
أَمَّا لَوْ خَافَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُسْرِعُ وَبِهِ صَرَّحَ الْفَارِقِيُّ بَحْثًا وَتَبِعَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُ الشَّامِلِ، وَالتَّتِمَّةِ، وَالْبَحْرِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ نَعَمْ لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَخَشِيَ فَوَاتَهُ فَيُسْرِعُ كَمَا لَوْ خَشِيَ فَوَاتَ الْجُمُعَةِ، وَكَذَا لَوْ امْتَدَّ الْوَقْتُ وَكَانَتْ لَا تَقُومُ إلَّا بِهِ وَلَوْ لَمْ يُسْرِعْ لَتَعَطَّلَتْ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ التَّخْفِيفُ) لِلصَّلَاةِ (لَا بِتَرْكِ الْأَبْعَاضِ، وَالْهَيْئَاتِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ، وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الدَّمِيرِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا جَمَاعَةً، فَالْأَقْرَبُ إلَخْ) فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ يَسْمَعُ نِدَاءَ الْأَبْعَدِ دُونَ الْأَقْرَبِ لِحَيْلُولَةِ مَا يَمْنَعُ السَّمَاعَ أَوْ نَحْوِهَا، فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ ش.
[فَرْعٌ يُدْرِكُ الْمَسْبُوقُ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ السَّلَامِ مِنْ الْإِمَامِ]
(قَوْلُهُ: تُدْرَكُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ السَّلَامِ) لَوْ أَتَى بِالنِّيَّةِ، وَالتَّحَرُّمِ عَقِبَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَقَبْلَ تَمَامِهَا فَهَلْ يَكُونُ مُحَصِّلًا لِلْجَمَاعَةِ نَظَرًا إلَى إدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا عَقَدَ النِّيَّةَ، وَالْإِمَامُ فِي التَّحَلُّلِ احْتِمَالَانِ جَزَمَ الْإِسْنَوِيُّ بِالْأَوَّلِ وَقَالَ إنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ وَأَبُو زُرْعَةَ فِي تَحْرِيرِهِ بِالثَّانِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَيُفْهِمُ قَوْلُ ابْنِ النَّقِيبِ فِي التَّهْذِيبِ أَخْذًا مِنْ التَّنْبِيهِ وَتُدْرَكُ بِمَا قَبْلَ السَّلَامِ أت وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لِوَسْوَسَةٍ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ تُوَسْوَسُ الْمَأْمُومُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَنْ قَعَدَ يَتَكَلَّمُ بِجِوَارِ الْمُصَلِّي، وَكَذَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ جَهْرًا عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّي بِجِوَارِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرِ ظَاهِرَةٍ) ؛ لِأَنَّ زَمَنَهَا قَصِيرٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْوَسْوَسَةَ فِي الْقِرَاءَةِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بِغَلَبَةِ الْوَسْوَسَةِ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَنُدُورِهَا فِي غَيْرِهَا. وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي الْأَفْعَالِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْأَقْوَالِ وَأَيْضًا قَدْ يُنْسَبُ هَذَا إلَى تَقْصِيرٍ حَيْثُ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْوَسْوَسَةَ وَلَمْ يَقْتَدِ بِمَنْ يُطِيلُ الصَّلَاةَ، أَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ هُوَ إمَامًا وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ لَعَلَّ الْمَذْكُورَ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ فِي الْوَسْوَسَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ غَيْرِ وَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ وَيَكُونُ طُولُ الزَّمَنِ هُوَ الْمُرَادُ بِالظُّهُورِ. وَالتَّخَلُّفُ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ طَوِيلٌ فَاسْتَوَيَا (قَوْلُهُ: لِطُولِ زَمَنِهَا) إذْ هُوَ الْمُرَادُ بِالظُّهُورِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَشِيَ فَوْتَهَا لَمْ يَسْعَ) لَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ السَّعْيِ مَنْعُ الْإِسْرَاعِ إذْ السَّعْيُ الْجَرْيُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَصْلٌ تَخْفِيف الْإِمَامِ فِي الصَّلَاة]
(قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ التَّخْفِيفُ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ التَّطْوِيلُ، وَالتَّخْفِيفُ مِنْ الْأُمُورِ الْإِضَافِيَّةِ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ خَفِيفًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَادَةِ قَوْمٍ طَوِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِعَادَةِ آخَرِينَ قَالَ وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ لَا يَزِيدُ الْإِمَامُ فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ عَلَى ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ لَا يُخَالِفُ مَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَغْبَةَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ تَطْوِيلًا
(1/211)
بِأَنْ يُخَفِّفَ الْقِرَاءَةَ، وَالْأَذْكَارَ بِحَيْثُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ الْمُسْتَحَبَّ لِلْمُنْفَرِدِ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَأَوْسَاطِهِ وَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ (فَإِنْ رَضِيَ) الْمَأْمُومُونَ (الْمَحْصُورُونَ) بِالتَّطْوِيلِ (وَهُمْ أَحْرَارٌ غَيْرُ أُجَرَاءَ طَوَّلَ بِهِمْ) نَدْبًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا وَقَعَ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمْ، أَوْ اخْتَلَفُوا لَمْ يُطَوِّلْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَّا إنْ قَلَّ مَنْ لَمْ يَرْضَ كَوَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ وَنَحْوِهِمَا لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَرَّةً، أَوْ نَحْوَهَا خَفَّفَ وَإِنْ كَثُرَ حُضُورُهُ طَوَّلَ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الرَّاضِينَ وَلَا يُفَوِّتُ حَقَّهُمْ؛ لِهَذَا الْفَرْدِ الْمُلَازِمِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُطَوِّلُ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ لِإِنْكَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُعَاذٍ التَّطْوِيلَ لَمَّا شَكَاهُ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ: وَهُمْ أَحْرَارٌ غَيْرُ أُجَرَاءَ: الْأَرِقَّاءُ، وَالْأُجَرَاءُ أَيْ إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلٍ نَاجِزٍ إذَا أَذِنَ لَهُمْ السَّادَةُ، وَالْمُسْتَأْجَرُونَ فِي حُضُورِ الْجَمَاعَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُمْ بِالتَّطْوِيلِ بِغَيْرِ إذْنٍ فِيهِ مِنْ أَرْبَابِ الْحُقُوقِ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ (وَإِنْ طَوَّلَ الْإِمَامُ لِتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ بِمَنْ يَلْحَقُهُ أَوْ لِانْتِظَارِ شَرِيفٍ كُرِهَ) لِإِضْرَارِ الْحَاضِرِينَ وَلِمُخَالَفَةِ الْخَبَرِ السَّابِقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيمَا أَطْلَقُوهُ فِي الْأُولَى نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ إطَالَةُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ يُدْرِكُهَا قَاصِدُ الْجَمَاعَةِ وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُطِيلُ فِي الْأُولَى مِنْ الظُّهْرِ كَيْ يُدْرِكَهَا النَّاسُ» ، فَالْمُخْتَارُ دَلِيلًا أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى تَطْوِيلٍ يَضُرُّ الْحَاضِرِينَ وَقَضِيَّةُ هَذَا الْحَمْلِ أَنَّهُمْ لَوْ رَضُوا بِهِ فِيمَا ذُكِرَ لَا يُكْرَهُ مَعَ أَنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى تَطْوِيلٍ زَائِدٍ عَلَى هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَطْوِيلَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْ هَيْئَاتِهَا فَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ وَحَضَرَ بَعْضُ الْقَوْمِ وَرَجَوْا زِيَادَةً نُدِبَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ وَلَا يَنْتَظِرَهُمْ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ الْوَقْتِ بِجَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ أَفْضَلُ مِنْهَا آخِرَهُ بِجَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَلَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يَحِلَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْتَظِرَ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ (وَإِذَا أَحَسَّ) ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ (بِدَاخِلٍ فِي الْمَسْجِدِ) ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أُقِيمَتْ فِيهَا الصَّلَاةُ (اُسْتُحِبَّ) لَهُ (أَنْ يَنْتَظِرَهُ إنْ كَانَ فِي الرُّكُوعِ) غَيْرِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ (أَوْ) فِي (التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَلَمْ يُفْحِشْ) فِي الِانْتِظَارِ (وَلَمْ يُمَيِّزْ) بَيْنَ الدَّاخِلِينَ لِمُلَازَمَةٍ، أَوْ دَيْنٍ، أَوْ صَدَاقَةٍ، أَوْ اسْتِمَالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا بَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الِانْتِظَارِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ لِلْإِعَانَةِ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ الْأُولَى إذَا كَانَ الدَّاخِلُ يَعْتَادُ الْبُطْءَ وَتَأْخِيرَ الْإِحْرَامِ إلَى الرُّكُوعِ فَلَا يَنْتَظِرْهُ زَجْرًا لَهُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَخْشَى خُرُوجَ الْوَقْتِ بِالِانْتِظَارِ الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ الدَّاخِلُ مِمَّنْ لَا يَعْتَقِدُ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ، أَوْ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ بِإِدْرَاكِ مَا ذُكِرَ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الِانْتِظَارِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَحَسَّ بِهِ خَارِجَ مَوْضِعِ إقَامَةِ الصَّلَاةِ، أَوْ دَاخِلَهُ وَكَانَ الِانْتِظَارُ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ، وَالتَّشَهُّدِ، أَوْ فِيهِمَا وَأَفْحَشَ فِيهِ، أَوْ مَيَّزَ بَيْنَ الدَّاخِلِينَ (كُرِهَ) لِتَقْصِيرِ الْمُتَأَخِّرِ وَضَرَرِ الْحَاضِرِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ إنْ انْتَظَرَ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ، وَالتَّشَهُّدِ بَلْ إنْ انْتَظَرَ لِلتَّرَدُّدِ حَرُمَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ (وَصَحَّتْ) صَلَاتُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، لَكِنْ نُقِلَ فِي الْكِفَايَةِ الِاتِّفَاقُ عَلَى بُطْلَانِهَا إذَا قَصَدَ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ وَعَلَّلَهُ بِالتَّشْرِيكِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ، وَفُحْشُ الِانْتِظَارِ بِأَنْ يُطَوِّلَ تَطْوِيلًا لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِ الصَّلَاةِ لَظَهَرَ أَثَرُهُ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ
(فَصْلٌ مَنْ صَلَّى مَكْتُوبَةً) مُؤَدَّاةً (وَلَوْ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً، أَوْ وَجَدَ مُنْفَرِدًا اُسْتُحِبَّ أَنْ يُعِيدَهَا) مَعَهُمْ، أَوْ مَعَهُ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ كَانَ وَقْتَ كَرَاهَةٍ، أَوْ كَانَ إمَامُ الثَّانِيَةِ مَفْضُولًا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى الصُّبْحَ فَرَأَى رَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ فَقَالَ مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا قَالَا صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا فَقَالَ إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» وَقَالَ «وَقَدْ جَاءَ بَعْدَ صَلَاتِهِ الْعَصْرَ رَجُلٌ إلَى الْمَسْجِدِ مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُمَا وَخَرَجَ بِالْمَكْتُوبَةِ أَيْ عَلَى الْأَعْيَانِ الْمَنْذُورَةُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ حَسَنٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ) كَالسُّبْكِيِّ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَمْ يَحِلَّ لِلْإِمَامِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ حِلًّا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا يُفْهِمُ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَنْزِيهٌ ع (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُفْحِشْ فِي الِانْتِظَارِ) لَوْ لَحِقَ آخَرُ وَكَانَ انْتِظَارُهُ وَحْدَهُ لَا يُؤَدِّي إلَى الْمُبَالَغَةِ وَلَكِنْ يُؤَدِّي إلَيْهَا مَعَ ضَمِيمَتِهِ إلَى الْأَوَّلِ كَانَ مَكْرُوهًا بِلَا شَكٍّ قَالَهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ:، وَذَلِكَ لِلْإِعَانَةِ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ إلَخْ) ، وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةُ الدَّاخِلِ غَيْرَ مُغْنِيَةٍ عَنْ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَحَسَّ بِهِ إلَخْ) قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عِلَّةُ مَا قَالُوهُ التَّطْوِيلُ قَالَ: لَكِنَّهُ مُنْتَقَضٌ بِالْخَارِجِ الْقَرِيبِ لِصِغَرِ الْمَسْجِدِ، وَالْبَعِيدِ لِسَعَتِهِ، وَالْوَجْهُ مُرَاعَاةُ هَذَا التَّفْصِيلِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ الْكَرَاهَةُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ) عِبَارَةُ الْكِفَايَةِ لَمْ تَصِحَّ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَتَعْبِيرُهُ بِقَوْلِهِ لَمْ تَصِحَّ سَبْقُ قَلَمٍ وَصَوَابُهُ لَمْ تُسْتَحَبَّ.
[فَصْلٌ مَنْ صَلَّى مَكْتُوبَةً مُؤَدَّاةً وَلَوْ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً أَوْ وَجَدَ مُنْفَرِدًا]
(فَصْلٌ مَنْ صَلَّى مَكْتُوبَةً إلَخْ)
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الصُّبْحَ إلَخْ) وَهُوَ يَدُلُّ بِعُمُومِهِ وَعَدَمِ الِاسْتِفْصَالِ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا، وَالْمُصَلِّي جَمَاعَةً (قَوْلُهُ: وَقَالَ: وَقَدْ جَاءَ بَعْدَ صَلَاتِهِ الْعَصْرَ إلَخْ أَيْضًا) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِيهِ اسْتِحْبَابُ إعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ لِمَنْ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ إنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَقَلَّ مِنْ الْأُولَى وَأَنَّهُ تُسْتَحَبُّ الشَّفَاعَةُ إلَى مَنْ يُصَلِّي مَعَ الْحَاضِرِ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ مَعَهُ، وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ، وَأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَطْرُوقَ لَا تُكْرَهُ فِيهِ جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ انْتَهَى وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي صَلَّى مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ
(1/212)
إذْ لَا تُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ كَمَا مَرَّ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ إذْ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَالنَّافِلَةُ، لَكِنَّ الْقِيَاسَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ مَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْهَا كَالْفَرْضِ فِي سَنِّ الْإِعَادَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقَامُ بَعْدَ أُخْرَى، فَإِنْ فُرِضَ الْجَوَازُ لِعُسْرِ الِاجْتِمَاعِ، فَالْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا وَقَوْلُهُ لِعُسْرِ الِاجْتِمَاعِ مِثَالٌ فَإِنَّهُ لَوْ صَلَّى بِقَرْيَةٍ، ثُمَّ سَافَرَ لِأُخْرَى قَرِيبَةٍ فَوَجَدَهَا تُصَلِّي كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لَأَجْزَأَتْهُ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ لِبَرْدٍ أَوْ لِفَقْدِ الْمَاءِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ إذَا كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ لَا يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَا يُسْتَحَبُّ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَقُوَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ تُرْشِدُ إلَيْهِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَصْوِيرُهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ إذَا حَضَرَ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ فِي الْأُولَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِغْرَاقُ ذَلِكَ لِلْوَقْتِ (وَالْفَرْضُ مِنْهُمَا الْأُولَى) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِسُقُوطِ الْخِطَابِ بِهَا (وَلْيَنْوِ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلْيَنْوِ (بِالثَّانِيَةِ الْوَقْتَ) أَيْ ذَاتَ الْوَقْتِ مِنْ كَوْنِهَا ظُهْرًا، أَوْ عَصْرًا مَثَلًا (لَا الْفَرْضَ) إذْ كَيْفَ يَنْوِي فَرْضَ مَا لَا يَقَعُ فَرْضًا، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِاخْتِيَارِ الْإِمَامِ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ مَعَ كَوْنِهَا نَفْلًا وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ عَنْ تَعْلِيلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ يَنْوِي إعَادَةَ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً لَا إعَادَتُهَا فَرْضًا وَالْعَلَّامَةُ الرَّازِيّ بِأَنَّهُ يَنْوِي مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ لَا الْفَرْضَ عَلَيْهِ كَمَا فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ.
(فَصْلٌ يُرَخَّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ بِعُذْرٍ) .
فَلَا رُخْصَةَ بِدُونِهِ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمِ فِي صَحِيحَيْهِمَا «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ» أَيْ كَامِلَةً إلَّا مِنْ عُذْرٍ (عَامٍّ كَمَطَرٍ وَثَلْجٍ يَبُلُّ) كُلٌّ مِنْهُمَا (الثَّوْبَ) لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمُطِرْنَا فَقَالَ لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ فِي رَحْلِهِ» ، فَإِنْ كَانَ خَفِيفًا، أَوْ وَجَدَ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ (وَبِالرِّيحِ) الْأَوْلَى: وَالرِّيحِ (الْعَاصِفَةِ) أَيْ الشَّدِيدَةِ (لَيْلًا) لِلْمَشَقَّةِ «لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَادِيَهُ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَذَاتِ الرِّيحِ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَالظُّلْمَةُ الشَّدِيدَةُ لَيْلًا كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِذَلِكَ الرِّيحُ الْخَفِيفَةُ لَيْلًا، وَالشَّدِيدَةُ نَهَارًا إلَّا الصُّبْحَ، فَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ كَاللَّيْلِ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ (وَالْوَحَلِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (الشَّدِيدِ) لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا كَالْمَطَرِ بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُ، لَكِنْ تَرَكَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ التَّقْيِيدَ بِالشَّدِيدِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَفِيفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالْأَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَيْهِ (، وَالسَّمُومِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ الرِّيحِ الْحَارَّةِ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا لِمَشَقَّةِ الْحَرَكَةِ فِيهَا (وَشِدَّةِ الْحَرِّ ظُهْرًا) بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُ وَتَبِعَ فِي تَقْيِيدِهِ بِالظُّهْرِ الرَّوْضَةَ، وَكَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْقِيَاسَ فِي الْمُهِمَّاتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ.
(قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) وَنَقَلَ ابْنُ الْعِمَادِ عَنْ الْأَرْمِنْتِيِّ فِي كِتَابِ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ التَّصْرِيحَ بِاسْتِحْبَابِ إعَادَةِ الْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، لَكِنْ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا مَعَهُمْ (قَوْلُهُ: نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ) عِبَارَتُهُ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ قَدْ صَلَّى مَرَّةً مَعَ الْجَمَاعَةِ كُلَّ صَلَاةٍ فَقَوْلُهُ مَرَّةً ظَاهِرُهُ الِاحْتِرَازُ عَمَّنْ صَلَّى مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ حَيْثُ لَا يُعَارِضُهَا مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهَا أَمَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ تَحْرُمُ الْإِعَادَةُ، وَقَدْ تُكْرَهُ، وَقَدْ تَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى لِتَفْوِيتِ الْأَهَمِّ فَمِنْ الْأَوَّلِ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْإِعَادَةِ لَفَاتَتْهُ عَرَفَةُ وَمِنْهُ الدَّافِعُ عَنْ بُضْعٍ، أَوْ نَفْسٍ حَيْثُ نُوجِبُ الدَّفْعَ، وَكَذَا مَنْ عَرَضَ لَهُ إنْقَاذُ غَرِيقٍ وَإِطْفَاءُ حَرِيقٍ نُوجِبُهُ.
وَكَذَا التَّخَلُّفُ عَنْ النَّفِيرِ الْعَامِّ إذَا تَعَيَّنَتْ الْفَوْرِيَّةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ فَوَائِتُ عَصَى بِتَأْخِيرِهَا وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ يَجِبُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ، أَوْ كَانَ عَبْدًا، أَوْ أَجِيرًا، وَالْإِعَادَةُ تَشْغَلُهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْخِدْمَةِ أَوْ الْعَمَلِ الْفَوْرِيِّ وَأَمْثِلَةُ الضَّرْبَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ كَثِيرَةٌ لَا تَخْفَى، وَالضَّابِطُ أَنَّهُ مَتَى رَجَحَتْ مَصْلَحَةُ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَصْلَحَتِهَا كَانَ تَرْكُهَا أَفْضَلَ، وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا كَمَا سَبَقَ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَصْوِيرُهُمْ يُشْعِرُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ قس قَالَ شَيْخُنَا: بَلْ الْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ لَا الْفَرْضَ) إنَّمَا أَعَادَهَا لِيَنَالَ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ فِي فَرْضٍ وَإِنَّمَا يَنَالُ ذَلِكَ إذَا نَوَى الْفَرْضَ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ إلَخْ) وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ مَنْ لَحِقَ الْإِمَامَ فِي الْجُمُعَةِ بَعْدَ رُكُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ يَنْوِي الْجُمُعَةَ لَا الظُّهْرَ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ قَوْلِهِمْ بِأَنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ (قَوْلُهُ: وَالْعَلَّامَةُ الرَّازِيّ بِأَنَّهُ يَنْوِي إلَخْ) قَالَ وَلَعَلَّ الْفَائِدَةَ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ خَلَلًا فِي الْأُولَى كَفَتْ الثَّانِيَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ كَمَا أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ لَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ لَمْ يُؤَدِّ وَظِيفَةَ الْوَقْتِ إذَا بَلَغَ فِيهِ وَبِمَا تَرَجَّاهُ أَفْتَى الْغَزَالِيُّ وَلَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ لَيْسَ الْأُولَى بِعَيْنِهَا وَإِلَّا فَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَطَوُّعٌ مَحْضٌ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ أَفْتَيْت.
[فَصْلٌ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ بِعُذْرٍ]
(قَوْلُهُ: فَلَا رُخْصَةَ بِدُونِهِ) فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُدَاوِمِ عَلَى تَرْكِهَا لِعُذْرٍ بِخِلَافِ الْمُدَاوِمِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِذَا أَمَرَ الْإِمَامُ النَّاسَ بِالْجَمَاعَةِ وَجَبَتْ إلَّا عِنْدَ قِيَامِ الرُّخْصَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ لِقِيَامِ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ كَانَ يَقْطُرُ عَلَيْهِ الْمَطَرُ مِنْهُ كَسُقُوفِ الْأَسْوَاقِ كَانَ عُذْرًا لِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ فِيهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ (قَوْلُهُ: وَبِالرِّيحِ الْعَاصِفَةِ لَيْلًا) ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَارِدَةً (قَوْلُهُ:، فَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ كَاللَّيْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْوَحَلُ الشَّدِيدُ) الْمُرَادُ بِالْوَحَلِ الشَّدِيدِ هُوَ الَّذِي لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلْوِيثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَحَلُ مُتَفَاحِشًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ ح.
(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) وَهُوَ الصَّحِيحُ الْوَجْهُ قو (قَوْلُهُ: وَشِدَّةُ الْحَرِّ ظُهْرًا إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَشِدَّةُ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ لَيْلًا وَنَهَارًا
(1/213)
أَصْلُهَا فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ، لَكِنَّ كَلَامَهُ بَعْدُ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ فِي الْمِنْهَاجِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا (وَ) شِدَّةِ (الْبَرْدِ لَيْلًا وَنَهَارًا) بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُ (وَزَلْزَلَةٍ) بِفَتْحِ الزَّايِ، وَهِيَ تَحَرُّكُ الْأَرْضِ لِلْمَشَقَّةِ (أَوْ) عُذْرٍ (خَاصٍّ كَشِدَّةِ نُعَاسٍ) وَلَوْ فِي انْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ هَذَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالنَّوْمِ الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى (وَمَرَضٍ) يَشُقُّ (كَمَشَقَّةِ الْمَطَرِ) ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يُسْقِطُ الْقِيَامَ فِي الْفَرِيضَةِ لِلْحَرَجِ قَالَ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] فَإِنْ كَانَ خَفِيفًا كَوَجَعِ ضِرْسٍ وَصُدَاعٍ يَسِيرٍ وَحُمَّى خَفِيفَةٍ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ (وَ) يُرَخَّصُ (بِتَمْرِيضِ قَرِيبٍ) لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْرِفْ عَلَى الْمَوْتِ وَتَمْرِيضُهُ لَهُ بِأَنْ يُطْعِمَهُ وَيَسْقِيَهُ وَيَتَعَاطَى مَا يَحْتَاجُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ مُطْلَقُ الْقَرَابَاتِ (أَوْ يَسْتَأْنِسُ) أَيْ، أَوْ بِاسْتِئْنَاسِهِ (بِهِ، أَوْ إشْرَافِهِ عَلَى الْمَوْتِ) ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مُتَعَهِّدٌ فِيهِمَا لِتَضَرُّرِهِ بِغَيْبَتِهِ عَنْهُ فَحِفْظُهُ، أَوْ تَأْنِيسُهُ أَفْضَلُ مِنْ حِفْظِ الْجَمَاعَةِ (ثُمَّ الزَّوْجَةُ، وَالصِّهْرُ، وَالْمَمْلُوكُ، وَالصِّدِّيقُ كَالْقَرِيبِ) فِيمَا ذُكِرَ، وَتَعْبِيرُهُ بِثُمَّ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ مَعْنًى (لَا بِتَمْرِيضِ أَجْنَبِيٍّ) فَلَا يُرَخَّصُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْقَرِيبِ فِي الشَّفَقَةِ وَلَا بِحُضُورِهِ عِنْدَهُ لِلِاسْتِئْنَاسِ، أَوْ الْإِشْرَافِ عَلَى الْمَوْتِ كَمَا فُهِمَ ذَلِكَ مِمَّا قَالَهُ بِالْأَوْلَى وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ قَوْلَهُ (إلَّا إنْ خَشِيَ) عَلَيْهِ (ضَيَاعًا يَتَضَرَّرُ بِهِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مُتَعَهِّدٌ، أَوْ كَانَ، لَكِنَّهُ لَمْ يَفْرُغْ لِخِدْمَتِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِشِرَاءِ الْأَدْوِيَةِ، أَوْ الْكَفَنِ وَحَفْرِ الْقَبْرِ إذَا كَانَ مَنْزُولًا بِهِ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْآدَمِيِّ مِنْ الْمُهِمَّاتِ وَلَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الضَّيَاعِ، وَالتَّضَرُّرِ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ (وَ) يُرَخَّصُ أَيْضًا (بِالْخَوْفِ) عَلَى كُلِّ مَعْصُومٍ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا (حَتَّى عَلَى خُبْزِهِ فِي التَّنُّورِ) وَطَبِيخِهِ فِي الْقِدْرِ عَلَى النَّارِ وَلَا مُتَعَهِّدَ يَخْلُفُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إسْقَاطَ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِعُذْرٍ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَرُمَ عَلَيْهِ كَالسَّفَرِ يَوْمَهَا إذَا قَصَدَ إسْقَاطَهَا وَلَمْ تُمْكِنْهُ فِي طَرِيقِهِ وَكَالتَّحِيَّةِ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ أَوْ عَلَى مَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ (وَ) بِالْخَوْفِ (مِنْ) حَبْسٍ، أَوْ مُلَازَمَةِ (غَرِيمٍ وَبِهِ) أَيْ بِالْخَائِفِ (إعْسَارٌ يَعْسُرُ) عَلَيْهِ (إثْبَاتُهُ) بِخِلَافِ الْمُوسِرِ بِمَا يَفِي بِمَا عَلَيْهِ، وَالْمُعْسِرُ الْقَادِرُ عَلَى الْإِثْبَاتِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ حَلِفٍ، وَالْغَرِيمُ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْمَدِينِ، وَالدَّائِنِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَقَوْلُهُ يَعْسُرُ إثْبَاتُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ (وَ) بِالْخَوْفِ (مِنْ قِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ يَرْجُو) بِغَيْبَتِهِ (الْعَفْوَ عَنْهُمَا) مَجَّانًا، أَوْ عَلَى مَالٍ وَيُلْحَقُ بِهِمَا التَّعْزِيرُ لِآدَمِيٍّ، أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى إذْ لِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَنْهُ (لَا) بِالْخَوْفِ مِنْ (حَدِّ زِنًا وَنَحْوِهِ) كَحَدِّ سَرِقَةٍ وَشُرْبٍ إذَا بَلَغَتْ الْإِمَامَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجُو الْعَفْوَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُرَخَّصُ بِهِ بَلْ يَحْرُمُ التَّغَيُّبُ عَنْهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَاسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ جَوَازَ التَّغْيِيبِ لِمَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ فَإِنَّ مُوجِبَهُ كَبِيرَةٌ، وَالتَّخْفِيفُ يُنَافِيهِ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَالتَّغَيُّبُ طَرِيقُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالْإِشْكَالُ أَقْوَى وَقَيَّدَ الشَّيْخَانِ رَجَاءَ الْعَفْوِ بِتَغْيِيبِهِ أَيَّامًا قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْقِصَاصَ لَوْ كَانَ لِصَبِيٍّ لَمْ يَجُزْ التَّغْيِيبُ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يَتْرُكَ الْجَمَاعَةَ سِنِينَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَوْلُهُمَا أَيَّامًا لَمْ أَرَهُ إلَّا فِي كَلَامِهِمَا وَالشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ أَطْلَقُوا وَيَظْهَرُ الضَّبْطُ بِأَنَّهُ مَا دَامَ يَرْجُو الْعَفْوَ يَجُوزُ لَهُ التَّغْيِيبُ، وَإِنْ يَئِسَ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْعَفْوِ حَرُمَ التَّغْيِيبُ فَالْمُصَنِّفُ تَرَكَ التَّقْيِيدَ لِذَلِكَ (وَبِمُدَافَعَةِ) أَحَدِ (الْأَخْبَثَيْنِ) بِالْمُثَلَّثَةِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ (أَوْ) مُدَافَعَةِ (الرِّيحِ بَلْ يُكْرَهُ) الصَّلَاةُ مَعَهَا (أَوْ الْجُوعِ) الْأَوْلَى، وَالْجُوعِ (وَالْعَطَشِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ الشَّدِيدَيْنِ (وَالْمَطْعُومُ حَاضِرٌ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ، أَوْ لَيْسَ بِحَاضِرٍ أَيْ وَقَرُبَ حُضُورُهُ (وَنَفْسُهُ تَتُوقُ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ تَشْتَاقُ إلَيْهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذْ وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ وَلَا يَعْجَلَنَّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ» وَقَوْلُ الْمُهِمَّاتِ الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِالتَّوَقَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَلَا عَطَشٌ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفَوَاكِهِ، وَالْمَشَارِبِ اللَّذِيذَةِ تَتُوقُ النَّفْسُ إلَيْهَا عِنْدَ حُضُورِهَا بِلَا جُوعٍ وَعَطَشٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ يَبْعُدُ مُفَارَقَتُهُمَا لِلتَّوَقَانِ إذْ التَّوَقَانُ إلَى الشَّيْءِ الِاشْتِيَاقُ إلَيْهِ لَا الشَّوْقُ، فَشَهْوَةُ النَّفْسِ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِدُونِهِمَا لَا تُسَمَّى تَوَقَانًا وَإِنَّمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: لَكِنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْخَفِيفِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا خَفَاءَ أَنَّ الْبِلَادَ الْمُفْرِطَةَ الْبَرْدِ، أَوْ الْحَرِّ لَا تَخْلُو مِنْهُمَا غَالِبًا فَلَا يَكُونُ عُذْرًا فِي حَقِّهِمْ إلَّا مَا خَرَجَ عَمَّا أَلِفُوهُ أَمَّا مَا لَا يَمْنَعُهُمْ التَّصَرُّفَ فَلَا (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ الزَّوْجَةُ، وَالصِّهْرُ إلَخْ) وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ الْعَتِيقِ، وَالْمُعْتِقِ بِهِمْ أَيْضًا ج (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الثَّانِيَ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: يَعْسُرُ إثْبَاتُهُ) بِأَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِيهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ، أَوْ يَشُقُّ إحْضَارُهَا، أَوْ لَا يَنْدَفِعُ الْغَرِيمُ بِهَا، أَوْ كَانَ الْحَاكِمُ حَنَفِيًّا لَا يَسْمَعُهَا إلَّا بَعْدَ حَبْسِهِ مُدَّةً وَمَحَلُّ كَوْنِهِ عُذْرًا إذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْإِعْسَارِ أَمَّا إذَا كَانَ مَقْبُولًا كَمَا إذَا لَزِمَهُ الدَّيْنُ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ كَصَدَاقِ الزَّوْجَةِ وَكَمَا إذَا ادَّعَى الْإِعْسَارَ وَعَلِمَ الْمُدَّعِي بِإِعْسَارِهِ وَطَلَبَ يَمِينَهُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عُذْرًا (قَوْلُهُ، أَوْ حَلِفٍ) ، أَوْ عَلِمَ مِنْ وَرَعِ خَصْمِهِ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ حَلِفَهُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِإِعْسَارِهِ لَمْ يَحْلِفْ (قَوْلُهُ: وَالْغَرِيمُ) يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْمَدِينِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ ح.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ) وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: وَبِمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ إلَخْ) إنَّمَا تَكُونُ مُدَافَعَةُ الْحَدَثِ عُذْرًا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بَعْدَهُ مِنْ الطَّهَارَةِ وَإِدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَقَرُبَ حُضُورُهُ) فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ حُضُورُ الطَّعَامِ عَنْ قُرْبٍ لَا يَكُونُ كَالْحَاضِرِ، وَإِنْ كَانَ يَتُوقُ إلَيْهِ
(1/214)
تُسَمَّاهُ إذَا كَانَتْ بِهِمَا بَلْ بِشِدَّتِهِمَا وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ وَصْفَهُمَا بِهَا لِلْعِلْمِ بِهَا مِنْ التَّوَقَانِ، وَقَضِيَّتُهُ حَذْفُهُمَا أَيْضًا لِذَلِكَ (فَيَتَخَلَّفُ) عَنْ الْجَمَاعَةِ نَدْبًا (لِيَتَفَرَّغَ) عَنْ الْحَدَثَيْنِ وَالرِّيحِ (وَيَكْسِرَ شَهْوَتَهُ فَقَطْ) فِي الْجُوعِ بِأَنْ يَأْكُلَ لُقَيْمَاتٍ تَكْسِرُ سَوْرَتَهُ. وَخَالَفَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَصَوَّبَ إكْمَالَ حَاجَتِهِ مِنْ الْأَكْلِ قَالَ: وَمَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهُ يَأْكُلُ لُقَمًا تَكْسِرُ سَوْرَةَ الْجُوعِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ (وَيَأْتِيَ عَلَى الْمَشْرُوبِ) كَاللَّبَنِ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُؤْتَى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً (فَلَوْ خَشِيَ) بِتَخَلُّفِهِ (فَوَاتَ الْوَقْتِ صَلَّى) وُجُوبًا (مُدَافِعًا وَجَائِعًا) وَعَطْشَانَ وَلَا كَرَاهَةَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (وَبِعَجْزِهِ عَنْ لِبَاسٍ لَائِقٍ) بِهِ وَإِنْ وَجَدَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي خُرُوجِهِ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَلِيقَ بِهِ بِأَنْ يَعْتَادَهُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخْذًا مِنْ الْمَجْمُوعِ " لَائِقٍ " (وَخُرُوجِ الرُّفْقَةِ لِمُرِيدِ السَّفَرِ) الْمُبَاحِ لِمَشَقَّةِ تَخَلُّفِهِ (وَبِالْبَحْثِ عَنْ ضَالَّةٍ يَرْجُوهَا) بِتَخَلُّفِهِ عَنْ الْجَمَاعَةِ (وَبِالسَّعْيِ فِي اسْتِرْدَادِ مَغْصُوبٍ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَخْصِيصِ أَصْلِهِ ذَلِكَ بِغَصْبِ مَالِهِ (وَبِأَكْلِ نِيءِ) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ (بَصَلٍ وَنَحْوِهِ) كَثُومٍ وَكُرَّاثٍ وَفُجْلٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَكَلَ بَصَلًا أَوْ ثُومًا أَوْ كُرَّاثًا فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» وَفِي رِوَايَةٍ «الْمَسَاجِدَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» زَادَ الْبُخَارِيُّ قَالَ جَابِرٌ مَا أَرَاهُ يَعْنِي إلَّا نِيئَهُ وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ أَوْ فُجْلًا هَذَا إنْ (تَعَذَّرَ) أَيْ تَعَسَّرَ (زَوَالُ رِيحِهِ) بِغَسْلٍ وَمُعَالَجَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَسَّرْ وَخَرَجَ بِالنِّيءِ الْمَطْبُوخُ لِزَوَالِ رِيحِهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِالْبَخَرِ وَالصُّنَانِ الْمُسْتَحْكِمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَوَقَّفَ فِي الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِهِمَا لِأَنَّ التَّأَذِّي بِهِمَا أَشَدُّ مِنْهُ بِأَكْلِ الثُّومِ قَالَ وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمَجْذُومَ وَالْأَبْرَصَ يُمْنَعَانِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَمِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَمِنْ اخْتِلَاطِهِمَا بِالنَّاسِ وَمِنْ الْأَعْذَارِ السِّمَنُ الْمُفْرِطُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَى فِيهِ خَبَرًا وَكَوْنُهُ مُتَّهَمًا كَمَا نُقِلَ عَنْ الذَّخَائِرِ وَزِفَافُ زَوْجَةٍ فِي الصَّلَوَاتِ اللَّيْلِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقَسَمِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ جَعْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ أَعْذَارًا لِمَنْ لَا تَتَأَتَّى لَهُ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِي بَيْتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ طَلَبُهَا لِكَرَاهَةِ الِانْفِرَادِ لِلرَّجُلِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا سُنَّةٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَعْنَى كَوْنِهَا أَعْذَارًا سُقُوطُ الْإِثْمِ عَلَى قَوْلِ الْفَرْضِ وَالْكَرَاهَةِ عَلَى قَوْلِ السُّنَّةِ لَا حُصُولُ فَضْلِهَا وَيُوَافِقُهُ جَوَابُ الْجُمْهُورِ عَنْ خَبَرِ مُسْلِمٍ «سَأَلَ أَعْمَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ بِبَيْتِهِ لِكَوْنِهِ لَا قَائِدَ لَهُ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَجِبْ» بِأَنَّهُ سَأَلَ هَلْ لَهُ رُخْصَةٌ فِي الصَّلَاةِ بِبَيْتِهِ مُنْفَرِدًا تُلْحِقُهُ بِفَضِيلَةِ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً فَقِيلَ: لَا. هَذَا كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ يُلَازِمُهَا وَإِلَّا فَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ، أَوْ سَافَرَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا» ، وَقَدْ نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ تَلْخِيصِ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ حُصُولَهُ إذَا كَانَ نَاوِيًا الْجَمَاعَةَ لَوْلَا الْعُذْرُ وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَفَّالِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَغَيْرُهُمَا وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ كَآكِلِ بَصَلٍ وَثُومٍ وَكَوْنِ خُبْزِهِ فِي التَّنُّورِ. وَكَلَامُ هَؤُلَاءِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَطَرٍ وَمَرَضٍ وَجَعْلِ حُصُولِهَا لَهُ كَحُصُولِهَا لِمَنْ حَضَرَهَا لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ فِي أَصْلِهَا لِئَلَّا يُنَافِيَهُ خَبَرُ الْأَعْمَى
(بَابُ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ فِي الصَّلَاةِ)
(لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَ كَافِرٍ) وَلَوْ مُخْفِيًا كُفْرَهُ إذْ لَا يُعْتَدُّ بِصَلَاتِهِ (وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ) بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ (مَا لَمْ تُسْمَعْ مِنْهُ الشَّهَادَتَانِ) ، فَإِنْ سُمِعَتَا مِنْهُ، وَلَيْسَ بِعِيسَوِيٍّ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِهِمَا وَإِذَا لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ فَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، وَالْمُخْتَصَرِ، وَالْأَصْحَابُ لِإِفْسَادِهِ صَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُ وَاسْتِهْزَائِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْإِسْلَامَ كَمَا قَالَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ أَيْ فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ يُعَزَّرْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدُ أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ (وَلَا) تَصِحُّ (خَلْفَ مَنْ عَلِمَهُ ارْتَكَبَ مُبْطِلًا) لَهَا (فِي اعْتِقَادِهِمَا كَمُحْدِثٍ وَمُتَنَجِّسٍ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الِارْتِبَاطِ بِالْبَاطِلِ مَعَ التَّقْصِيرِ (وَكَذَا فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَبِالسَّعْيِ فِي اسْتِرْدَادِ مَغْصُوبٍ) ، أَوْ فِي رَدِّ زَوْجَةٍ لَهُ نَشَزَتْ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةِ الْمَسَاجِدِ) وَيُكْرَهُ حُضُورُهُ عِنْدَ النَّاسِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِالْبَخَرِ إلَخْ) قَدْ اُسْتُحْسِنَ تَعْبِيرُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ فِي التَّنْبِيهِ بِقَوْلِهِ، أَوْ خَافَ تَأَذِّي الْجَمَاعَةِ بِرَائِحَتِهِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ الْبَخَرَ، وَالصُّنَانَ الشَّدِيدَ، وَالْجِرَاحَاتِ الْمُنْتِنَةَ وَمَنْ دَاوَى جَسَدَهُ بِثُومٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّ أَهْلَ بَلَدٍ جَمِيعَهُمْ أَكَلُوا بَصَلًا وَنَحْوَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَتَعَذَّرَ زَوَالُ رَائِحَتِهِ فَهَلْ يُكْرَهُ حُضُورُهُمْ فَتَسْقُطُ عَنْهُمْ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا؟ يَجِبُ حُضُورُهُمْ وَصَلَاتُهُمْ الْجُمُعَةَ (قَوْلُهُ: وَتَوَقَّفَ فِي الْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ) ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ السُّقُوطِ ح (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ، وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِهِمَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الصَّوَابُ السُّقُوطُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ جَعْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ أَعْذَارًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ طَلَبُهَا) ، وَإِنْ حَصَلَ الشِّعَارُ بِغَيْرِهِ ح (قَوْلُهُ: لَا حُصُولُ فَضْلِهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ مِنْهُ عَجِيبٌ، وَقَدْ قَالَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا يُنْتَقَصُ ثَوَابُهُ عَنْ ثَوَابِهِ فِي حَالِ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ لِلْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا) ز أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَغَيْرُهُمَا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ الْحَقُّ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ بَعْدَ كَلَامٍ بَسَطَهُ، وَالْحَقُّ أَنَّ مَعَ الْعُذْرِ الْمُسَوِّغِ يَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ أَصْلِ الْجَمَاعَةِ لَا الْمُضَاعَفَةُ وَيَنْبَغِي تَنْزِيلُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى الْمُضَاعَفَةِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ عَلَى أَصْلِ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَبْقَى خِلَافٌ (قَوْلُهُ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ