إياك نعبد وإياك نستعين
إننا نعتقد اعتقادًا جازماً لازماً لا شك فيه ولا ريب أن الأصل في الاستعانة
والاستغاثة والطلب والنداء ، والسؤال هو أن يكون لله سبحانه وتعالى فهو المعين
والمغيث وايب .
ولاَ تد ع من دون اللّه ما لاَ ينفَعك ولاَ يضرك َفإِن فَعلْت : قال الله تعالى
وقال ، َفإِنك ِإذًا من الظَّالمين{ ١٠٦ }وِإن يمس سك اللّه ِبضر فَلاَ كَاشف َله ِإلاَّ هو
ومن أَضلُّ ممن يدعو من دون اللَّه : وقال ، فَابتغوا عند اللَّه الر زق واعبدوه :
َأمن يجِيب الْم ضطَر ِإذَا : الآيتين ، وقال من لَّا يستجِيب َله ِإَلى يومِ الْقيامة
فالعبادة بجميع أنواعها لابد أن تصرف لله وحده ولا يجوز دعاه ويكْشف السوءَ
قُلْ ِإنَّ صلاَتي ونسكي ومحياي ومماتي صرف شيء منها لغير الله كائناً من كان
. للّه رب الْعاَلمين { ١٦٢ } لاَ شرِيك َله وبِذَلك ُأمر ت وَأناْ َأو ُ ل الْمسلمين
فلا نذر إلا لله ولا دعاء إلا له ولا ذبح إلا له ولا استغاثة ولا استعاذة ولا
استعانة ولا حلف إلا بالله ولا توكل إلا عليه سبحانه وتعالى عما يشرك به المشركون
علوًا كبيرًا .
ونحن نعتقد أن الله هو الخالق للعباد وأفعالهم لا تأثير لأحد سواه لا لحي
ولا ميت ، وليس لأحد مع الله فعل أو ترك أو رزق أو إحياء أو إماتة ، وليس
أحد من الخلق قادرًا على الفعل أو الترك بنفسه استقلالاً دون الله أو بالمشاركة مع
الله أو أدنى من ذلك .
فالمتصرف في الكون هو الله سبحانه وتعالى ولا يملك أحد شيئاً إلا إذا ملكه الله
ذلك وأذن له في التصرف فيه ، ولا يملك أحد لنفسه فضلاً عن غيره نفعاً ولا ضرًا
ولا موتاً ولا نشورًا إلا ما شاء الله بإذن الله فالنفع والضر حينئذ محدود
ذا الحد ومقيد ذا القيد ونسبته إلى الخلق على سبيل التسبب والتكسب لا
على سبيل الخلق أو الإيجاد أو التأثير أو العلة أو القوة والنسبة في الحقيقة مجازية
ليست حقيقية ، ولكن الناس يختلفون في التعبير عن هذه الحقائق( ١٤ ) ، فمنهم من
يسرف في استعمال ااز إسرافاً شديدًا حتى يقع في شبه لفظية هو منها برئ
وقلبه سليم منعقد على كمال التوحيد والتتريه لله سبحانه وتعالى .
ومنهم من يتمسك بالحقيقة تمسكاً زائدًا عن حد الاعتدال فيصل به إلى
التعنت والتشدد والإساءة إلى الناس بمعاملتهم على خلاف معتقدهم وحملهم على
ما لا يقصدون وإلزامهم بما لا يريدون والحكم عليهم بما هم عنه بريئون والواجب
الاعتدال والبعد عن كل ذلك فهو أسلم للدين وأحوط في حماية مقام التوحيد .
والله أعلم .
وقد ذكر الشيخ ابن تيمية خلاصة موجزة مفيدة في بيان ما يختص بالحق
سبحانه وتعالى وهو عين ما نعتقده وندين الله تعالى به .. لأن عقيدتنا سلفية
بفضل الله وطريقتنا محمدية ونقول ذا الذي يقول به ابن تيمية .
قال الشيخ ابن تيمية والله قد جعل له حقاً لا يشركه فيه مخلوق فلا تصلح
العبادة إلا له ، ولا الدعاء إلا له ، ولا التوكل إلا عليه ، ولا الرغبة إلا إليه ، ولا
الرهبة إلا منه ، ولا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه ، ولا يأتي بالحسنات إلا هو ، ولا
وَلا تنفَع الشفَاعةُ عنده ِإلَّا ، يذهب السيئات إلا هو ، ولا حول ولا قوة إلا به
. من ذَا الَّذي يشفَع عنده ِإلاَّ ِبإِذِْنه ، لمن َأذنَ َله
ِإن كُلُّ من في السماوات والْأَ رضِ ِإلَّا آتي الرحمنِ عبدًا { ٩٣ } َلقَد َأحصاهم
ومن يطعِ اللَّه : وقال تعالى ، وعدهم عدًا { ٩٤ } وكُلُّهم آتيه يوم الْقيامة فَردًا
فجعل الطاعة لله وللرسول، وجعل ورسوَله ويخش اللَّه ويتقْه فَأُوَلئك هم الْفَائزونَ
وَلو َأنهم ر ضواْ ما آتاهم اللّه : الخشية والتقوى لله وحده ، وكذلك في قوله تعالى
ورسوُله وقَاُلواْ حسبنا اللّه سيؤتينا اللّه من فَضله ورسوُله ِإنا ِإَلى اللّه
فالإيتاء لله والرسول، وأما التوكل فعلى الله وحده ، والرغبة إلى الله وحده. ، راغبونَ
( (كذا في الفتاوى ج ١١ ص ٩٨
١٤ ) هذه النقطة مفصلة في مبحث خاص ا بعنوان : (ااز العقلي واستعماله)