أسم الكتاب: أولياء الله بين المفهوم الصوفي والمنهج السني السلفي
اسم المؤلف: عبد الرحمن دمشقية
عدد الأجزاء: 1
التصنيف: التصوف
اسم المؤلف: عبد الرحمن دمشقية
عدد الأجزاء: 1
التصنيف: التصوف
محتويات
موقف ابن عربي من الولي
وقد اقتبس ابن عربي فكرة ((خاتم الأولياء)) من الحكيم الترمذي الذي صنف كتاب ((ختم الولاية)) والذي تعرض بسببه إلى النفي من بلده ترمذ وشهد عليه أهلها بالكفر إذ كان يقول بأن للأولياء خاتما كما أن للأنبياء خاتما. فلجأ إلى أهل بلخ لموافقتهم له في المذهب ([1]) . فتلقاها ابن عربي وبنى عليها تقسيم الولاية إلى ثلاث مراتب:
*الأولى مرتبة الأنبياء.
*والثانية مرتبة الأولياء الخاصة.
والثالثة مرتبة الأولياء العامة.
ويخص الأنبياء بالولاية الخاصة ليس تفضيلا لهم على غيرهم، وإنما هو تفضيل مؤقت حتى تنتهي نبوتهم، فإذا انتهت ألحقهم بأصحاب المرتبة الثالثة وهي الولاية العامة ([2]) .
وقسم الوحي إلى:
ا) وحي خارجي وهو وحي النبوة التشريعية الخاصة.
2) ووخلي: وما يدركه القلب من الانفتاح المباشر
على عالم الملكوت ([3]) أخذه عن الغزالي الذي صرح بأن ((علوم الأولياء تأتي من داخل القلب من الباب المنفتح إلى عالم الملكوت))([4]) .
شخصية ابن عربي
وقد تفاقم الانحراف في المفهوم الصوفي من ادعاء الكشف والعصمة والتصرف في الأكوان والتفسيرات الأشارية الباطنية وفكرة ختم الولي وتفضيله على النبي ورسائل أخوان الصفا. كل هذا شكل اللبنة التي بني عليها ابن عربي فكرته. لقد استعمل هذه المواد وجمع معها مواد أخرى من الفلسفة الإلحادية والتشيع ومزج الجميع في تركيبة عجيبة.
وجاءت فكرة ختم الولاية كنتيجة لهذا الانحراف وأثر من أثار القول بالوحي والالهام والعلم اللدني والكشف، لكن ابن عربي زاد على ذلك فجمع بين التصوف والتشيع الغالي والقرامطة الباطنية والفلسفة الإلحادية والوثنية والصابئية ومقالات أهل الحلول والإلحاد. واليك طرفا مما يصرح به فيقول ([5]) :
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك. :: ووقتا يكون العبد عبدا بلا أفك
ويقول:([6]) .
فأنت عبد وأنت رب :: لمن له فيه أنت عبد.
وأنت رب وأنت عبد :: لمن له في الخطاب عهد.
ويقول: ([7]) .
فيحمدني وأحمده :: ويعبدني وأعبده.
- موقف ابن عربي من الولي
- اشخصية ابن عربي
- ابن عربي وفكرة ختم الولاية
- موقف ابن تيمية من هذه الفكرة
- ابن عربي خاتم الأولياء
- خاتم أخر للولاية
- المصادر
- العودة الي كتاب أولياء الله بين المفهوم الصوفي والمنهج السني السلفي
موقف ابن عربي من الولي
وقد اقتبس ابن عربي فكرة ((خاتم الأولياء)) من الحكيم الترمذي الذي صنف كتاب ((ختم الولاية)) والذي تعرض بسببه إلى النفي من بلده ترمذ وشهد عليه أهلها بالكفر إذ كان يقول بأن للأولياء خاتما كما أن للأنبياء خاتما. فلجأ إلى أهل بلخ لموافقتهم له في المذهب ([1]) . فتلقاها ابن عربي وبنى عليها تقسيم الولاية إلى ثلاث مراتب:
*الأولى مرتبة الأنبياء.
*والثانية مرتبة الأولياء الخاصة.
والثالثة مرتبة الأولياء العامة.
ويخص الأنبياء بالولاية الخاصة ليس تفضيلا لهم على غيرهم، وإنما هو تفضيل مؤقت حتى تنتهي نبوتهم، فإذا انتهت ألحقهم بأصحاب المرتبة الثالثة وهي الولاية العامة ([2]) .
وقسم الوحي إلى:
ا) وحي خارجي وهو وحي النبوة التشريعية الخاصة.
2) ووخلي: وما يدركه القلب من الانفتاح المباشر
على عالم الملكوت ([3]) أخذه عن الغزالي الذي صرح بأن ((علوم الأولياء تأتي من داخل القلب من الباب المنفتح إلى عالم الملكوت))([4]) .
شخصية ابن عربي
وقد تفاقم الانحراف في المفهوم الصوفي من ادعاء الكشف والعصمة والتصرف في الأكوان والتفسيرات الأشارية الباطنية وفكرة ختم الولي وتفضيله على النبي ورسائل أخوان الصفا. كل هذا شكل اللبنة التي بني عليها ابن عربي فكرته. لقد استعمل هذه المواد وجمع معها مواد أخرى من الفلسفة الإلحادية والتشيع ومزج الجميع في تركيبة عجيبة.
وجاءت فكرة ختم الولاية كنتيجة لهذا الانحراف وأثر من أثار القول بالوحي والالهام والعلم اللدني والكشف، لكن ابن عربي زاد على ذلك فجمع بين التصوف والتشيع الغالي والقرامطة الباطنية والفلسفة الإلحادية والوثنية والصابئية ومقالات أهل الحلول والإلحاد. واليك طرفا مما يصرح به فيقول ([5]) :
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك. :: ووقتا يكون العبد عبدا بلا أفك
ويقول:([6]) .
فأنت عبد وأنت رب :: لمن له فيه أنت عبد.
وأنت رب وأنت عبد :: لمن له في الخطاب عهد.
ويقول: ([7]) .
فيحمدني وأحمده :: ويعبدني وأعبده.
ففي حال أقر به :: وفي الأعيان أجحده.
ويذكر ابن تيمية أن أول ما وجده في الفتوحات المكية لابن عربي- التي هي أكبر كتبه- ما يلي:
الرب حق والعبد حق :: ياليت شعري من المكلف
أن قلت عبد فذاك رب :: أو قلت رب أنى يكلف
قال ابن تيمية ((ورأيته يخطه))([8]) وهو يعتقد بوحدة الأديان وأن جميع أهل الديانات مصيبون وكل مصيب مأجور([9]) ناهي عن التقيد بدين مخصوص، معتقدا بإيمان فرعون([10]) ونجاته، قياسا على إيمان بلقيس([11]) وبأن الله أرسل موسى ليكون قرة عين لفرعون وقرة عين بالإيمان الذي أعطاه إياه عند الغرق فأمن بالذي أمنت به بنوا إسرائيل فنجاه الله ببدنه من العذاب، وكذلك في الآخرة([12]).
وروي عن أحد كبار مشايخ وفقهاء مصر الأفاضل الشيخ تاج الدين الأنباري أنه سمع الشيخ إبراهيم الجعبري يقول ((رأيت ابن عربي شيخا مخضوب اللحية وهو شيخ نجس يكفر بكل كتاب أنزله الله وكل نبي أرسله الله([13]) وهذا موقف متميز بالنسبة إلى الكثرة من الصوفية الذين أثنوا على ابن عربي ودافعوا عنه دفاع المستميت، ووصفوه بالشيخ الأكبر والكبريت الأحمر([14]) وترضوا عنه كلما ذكروه([15]) فذهب إلى تفضيل الولي على النبي لأنه يأخذ مباشرة عن المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحي إلى الرسول.
ابن عربي وفكرة ختم الولاية
* قال ((وليس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء، ولا يراه أحد من الأنبياء والرسل إلا من مشكاة الرسول الخاتم، ولا يراه أحد من الأولياء إلا من مشكاة الولي الخاتم، حتى إن الرسل لا يرونه إلا من مشكاة خاتم الأولياء.
* قال ((فأن الرسالة وللنبوة- أعني نبوة التشريع ورسالته- تنقطعان، أما الولاية فإنها لا تنقطع أبدا))([16]).
التعقيب على ذلك
وهذا القول فيه مغالطة كبيرة وخلط للحقائق.
- فهناك فرق بين من تجتمع فيه الولاية وحدها، وبين من يجمع الله له بين الولاية والنبوة.
- ثم إن النبوة أشرف من غيرها. ولهذا لم تكن إلا لأفراد قلائل.
- وما يبطل زعمه من أساسه أن يقال: فأن كانت ((ختم الولاية)) لا تنقطع فلماذا أقطعت وختمت بخاتم الأولياء؟.
موقف ابن تيمية من هذه الفكرة
وقد أوضح ابن تيمية خطأ القائلين بهذه الفكرة، مع أنه لم ينكر أن يكون هناك خاتم للأولياء فإن خاتم الأولياء هو في الحقيقة أخر مؤمن تقي يموت من الناس، لكنه ليس خير الأولياء، وإنما خيرهم وأفضلهم أبو بكر ثم عمر اللذان ما طلعت الشمس وما غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل منهما([17]) وأن هذه الفكرة مبنية على أصل ملا حدة الفلاسفة، فأن المعدن الذي يأخذ منه النبي عندهم هو العقل الفعال. وإن القوة العقلية التي يسمونها القوة القدسية تتخيل الصور في منامها وتسمع أصواتا، فما يراه النبي ويسمعه يكون في نفسه لا في الخارج([18]).
- وهذا الزعم أكذبه الله عند أول وحي حصل للنبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء وذلك حين ضمه جبريل عليه السلام عدة مرات حتى بلغ ذلك منه الجهد، وهذا الضم يؤكد أن هذا الوحي كان يقظة وليس تختلا. وأن ما رآه وسمعه صلى الله عليه وسلم خارج عما يسمونه بـ ((لنفس التخيلية)).
ولا يكتفي ابن عربي بما قاله وإنما يضرب لذلك مثلا ينبئ عن عمق ضلالته فقال: ((ولما مثل النبي النبوة بالحائط من اللبن وقد كمل سوى مرضع لبنة فكان النبي صلى الله عليه وسلم تلك اللبنة، غير أنه لا يراها كما قال لبنة واحدة.
وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول الله، ويرى في الحائط موضع لبنتين، واللبن من ذهب وفضة.. فيكون خاتم الأولياء تينك اللبنتين فيكمل الحائط.. فأنه أخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى الرسول))([19]).
ويذكر سببين آخرين لتفضيل الولي على النبي:
* أحدهما: أن الولاية هي الفلك المحيط العام ولهذا لم تنقطع، ولها الأنباء العام، وأما نبوة التشريع والرسالة فمنقطعة.. وأن الله لطف بعباده فأبقى لهم النبوة العامة التي لا تشريع فيها.
* وثانيهما: أن الله لم يتسم بنبي ولا رسول، وإنما تسمى بالولي. واتصف بهذا الاسم فقال ) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ (وقال ) وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (([20]).
* قال ابن تيمية ((وهذا القول شر من أقوال الكافرين بالرسول لا المؤمنين به))([21]) ومع أنه من أقبح الكفر وأخبثه فهو من أفسد الأشياء في العقل، كما يقال لمن قال ((فخر عليهم السقف من تحتهم))لا عقل ولا قرآن ([22]).
- فأن المتأخر يستفيد من المتقدم دون العكس.
- والأنبياء أفضل من غيرهم.
فخالفوا الحس والعقل مع كفرهم بالشرع))([23]).
قال ((وهذا جهل منهم، فأن الولي عليه أن يتبع النبي، ويعرض كل ماله من محادثة والهام على ما جاء به النبي، فأن وافقه وألا رده))([24]).
- ثم خاتم الأولياء الذين يدعونهم ضلالهم فيه من وجوه حيث ظنوا أن للأولياء خاتما وأن يكون أفضلهم، قياسا على خاتم الأنبياء، ولم يعلموا أن أفضل الأولياء من هذه الأمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وهم السالفون من الأولياء لا الآخرون، إذ التفاضل بين الأولياء إنما يكون على قدر أتباعهم للأنبياء واستفادتهم منهم علما وعملا))([25]).
ومن ثم ذكر ابن تيمية خاصيتين من خواص النبوة يعرف بهما الفرق بين مرتبة النبوة وبين مرتبة الولاية المجردة وهي:
- أن الرجل كلما عظمت ولايته كان تعظيمه للنبوة أعظم ومن هنا وجب الإيمان بالنبوة كعنصر أساسي للدخول في الولاية والإيمان.
ولا يتم الإيمان إلا بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وأن من لا يؤمن بذلك يكون مرتدا بخلاف الولي فأنه لا يجب الإيمان به ولا يكون منكر ولايته كافرا- وأن من سب نبيا من الأنبياء قتل وكان كافرا مرتدا، بخلاف الولي الذي ليس بنبي فلا يجب القتل لمجرد سبه ولا يكون مرتدا عن الإسلام من لم يؤمن به))([26]).
ويرجع ابن تيمية مصادر أراء ابن عربي إلى عدة كتب منها: الأحياء والمضنون به، ومشكاة الأنوار، وكلها للغزالي. وكتاب ختم النبوة للترمذي وكتاب خلع النعلين لابن قسي، ورسائل أخوان الصفا فهي الكتب التي كانت الممهد الحقيقي لهذه الفكرة ([27]).
ابن عربي خاتم الأولياء
ولم يترك ابن عربي منصب ((ختم الولاية)) شاغرا. وإنما بادر إلى ترشيح نفسه له قائلا ((فإني أنا الختم لا ولي بعدي ولا حامل لعهدي، بفقدي تذهب الدول، وتلتحق الأخريات بالأول))([28]).
* وقد أثبت له يوسف النبهاني رتبة ((ختم الولاية)) ورثاه في قصيدة قال فيها([29]):
كان ختما للأولياء تبيعا :: بهداه لخاتم المرسلين.
سيد الخلق صفوة الحق من :: كل البرايا ورحمة العالمين.
وقال الكشمخانلي ((والشيخ الأكبر ختم به الولاية الخصوصية)) ([30]) وزعم الشعراني أن ابن عربي من جملة السعداء الذين هم على يمين أدم في الجنة!([31]).
خاتم أخر للولاية
بيد أن الدكتور حسن الشرقاوي طلع علينا بختم أخر كان معاصرا للرسول صلى الله عليه وسلم هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه. يقول ((فكما أن الرسول خاتم الأنبياء فأن عليا- كرم الله وجهه- خاتم الأولياء))([32]).
خاتم أخر
وهكذا- يروج سوق يم ((ختم الولاية)) فيتسابق إليه بعض المتصوفة ليقلدوا هذا المنصب من يحبون من الشيوخ. وكان من بين المتسابقين طائفة الرفاعية الذين كتبوا في مصنفاتهم أن الشيخ صهيب الدمشقي قال بأن الله ((قد ختم بالشيخ أحمد الرفاعي الولاية كما ختم النبوة بمحمد))([33]).
* وقالوا ((إن مثل أحمد الرفاعي في الأولياء كمثل محمد صلى الله عليه وسلم في الأنبياء))([34]) (وإذا ذكر الأنبياء فحدثوا عنهم، وإذا ذكر محمد فاسكتوا. وكذلك إذا ذكر الأولياء فحدثوا عنهم، وإذا ذكر السيد أحمد الرفاعي فاسكتوا))([35]).
خاتم آخر
يضيفه الشعراني في طبقاته وهو ((السيد محمد وفا))([36]).
خاتم آخر
كذلك منح التيجانيون شيخهم أحمد التجاني منصب ((خاتم الولاية)) فقالوا ((إن الله ختم بمقامه مقامات الأولياء))([37]).
وهكذا أدعى المتصوفة استحقاق كثير من مشايخهم لهذه الرتبة الوهمية، من غير أن يتنبهوا إلى أن المفترض أن يعتليها ختم واحد فقط، وأن ابن عربي الذي نظر لـ ((ختم الولاية)) وتحدث عنها قد أثبتها بادئ ذي بدء لنفسه.
المصادر
([1])انظر لسان الميزان لابن حجر 5: 30 طبقات السبكي 2: 20وطبقات السلمي217والاعلام للزر كلي6: 272وانظر درء تعارض العقل والنقل والصفدية1: 248له أيضا وكلا هما بتحقيق د محمد رشاد سالم .
([2]) انظر الفصوص1: 136.
([3]) أنظر فصوص الحكم 1: 133ونقل الشعراني موافقة الشيخ محمد أبي المواهب الشاذلي على هذا التقسيم وتنبئاه كما في طبقات الشعراني 2: 68والانوار القدسية على هامشها2: 121).
([4]) أنظرالاحياء 3: 21-23.
([5]) فصوص الحكم 1: 90.
([6])نفس المصدر1: 92.
([7])نفس المصدر1: 83.
([8]) مجموع فتاوى ابن تيمية 2: 242.
([9]) انظر الفصوص 1: 32- 35 هذه هي الصوفية 93 لعبد الرحمن الوكيل.
([10]) للصوفية كتب عديدة في إثبات إيمان فرعون مثل كتاب إيمان فرعون للدواني وكتاب التأييد والعون للقائلين بإيمان فرعون وليس هذا اعتقاد كل الصوفية وإنما يحمل التصوف وزر كل انحراف نشأ عنه وتطور بعده.
([11]) الفصوص 1: 157.
([12]) انظر الفصوص1: 201 و211.
([13]) مجموع الفتاوى 2: 246 مجموع الرسائل 4: 85.
([14]) أنظر الذخائر المحمدية 140 لمحمد علوي المالكي وقشية التصوف لعبد الحليم محمود 296 ومقدمة لكتاب المنقذ من الضلال 20 له أيضا ولطائف المنن للشعراني 487.
([15]) الفتوحات الألهية لابن عجيبة 13 وجامع الكرامات 1: 118.
([16]) فصوص الحكم 1: 62.
([17]) مجموع الرسائل والمسائل 2: 64.
([18]) الصفدية 1: 249.
([19]) فصوص الحكم 1: 63.
([20]) نفس المصدر 1: 134- 135.
([21]) درء تعارض العقل والنقل 5: 340.
([22]) أي يقال لمن قرأ الآية ((فخر عليهم القف من تحتهم)) بدلا من أن يقرأها ) فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ ( فهو مخطئ عقلا حيث ظن أن هبوط السقف من أسفل، ومخطئ في قراءة الآية.
([23]) جامع الرسائل 1: 205 ودرء تعارض العقل والنقل 45.
([24]) جامع الرسائل 1: 206.
([25]) نفس المصدر وأنظر الصفدية 1: 252.
([26]) الصفدية 1: 261- 262 وشرح العقيدة الأصفهانية 121- 122.
([27]) درء التعارض 5: 353 والصفدية 1: 238و 230 و 247.
([28]) عنقاء مغرب 15.
([29]) جامع الكرامات الأولياء 1: 125.
([30]) جامع الأصول في الأولياء وأنواعهم 132 وقد رووا بعض الأقاصيص المكذوبة لتخويف المنكرين على أبن عربي فزعموا أن رجلا هم بإحراق قبره فخسف الله به الأرض وغاب فيها تسعة أذرع)) طبقات الشعراني 1: 188 جامع كرامات الأولياء 1: 120 وأن آخرا رأى يوم القيامة وقد نصبت أوان في غاية الكبر وأغلي فيها ماء يتطاير منه الشرر وجيء بالمنكرين على أبن عربي وأبن الفارض وألقوا فيها فصلت جلودهم حتى تهرى اللحم (جامع كرامات الأولياء 1: 218).
([31]) لطائف المنن 620.
([32]) ألفاظ الصوفية ومعانيها 147 ط دار المعرفة الجامعية- الأسكندرية.
([33]) التاريخ الأوحد 108 المعارف المحمدية 90 قلادة الجواهر 432و 46.
([34]) (48) تنوير الأبصار 12 التاريخ الأوحد 109 الكنز المطلسم 65.
([35]) قلادة الجواهر 30- 31 التاريخ الأوحد 108.
([36]) طبقات الشعراني 1:21.
([37]) رماح حزب الرحيم على حزب الرجيم 1452 على هامش جواهر المعاني، بغية المستفيد بشرح منية المريد 107.
ويذكر ابن تيمية أن أول ما وجده في الفتوحات المكية لابن عربي- التي هي أكبر كتبه- ما يلي:
الرب حق والعبد حق :: ياليت شعري من المكلف
أن قلت عبد فذاك رب :: أو قلت رب أنى يكلف
قال ابن تيمية ((ورأيته يخطه))([8]) وهو يعتقد بوحدة الأديان وأن جميع أهل الديانات مصيبون وكل مصيب مأجور([9]) ناهي عن التقيد بدين مخصوص، معتقدا بإيمان فرعون([10]) ونجاته، قياسا على إيمان بلقيس([11]) وبأن الله أرسل موسى ليكون قرة عين لفرعون وقرة عين بالإيمان الذي أعطاه إياه عند الغرق فأمن بالذي أمنت به بنوا إسرائيل فنجاه الله ببدنه من العذاب، وكذلك في الآخرة([12]).
وروي عن أحد كبار مشايخ وفقهاء مصر الأفاضل الشيخ تاج الدين الأنباري أنه سمع الشيخ إبراهيم الجعبري يقول ((رأيت ابن عربي شيخا مخضوب اللحية وهو شيخ نجس يكفر بكل كتاب أنزله الله وكل نبي أرسله الله([13]) وهذا موقف متميز بالنسبة إلى الكثرة من الصوفية الذين أثنوا على ابن عربي ودافعوا عنه دفاع المستميت، ووصفوه بالشيخ الأكبر والكبريت الأحمر([14]) وترضوا عنه كلما ذكروه([15]) فذهب إلى تفضيل الولي على النبي لأنه يأخذ مباشرة عن المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحي إلى الرسول.
ابن عربي وفكرة ختم الولاية
* قال ((وليس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء، ولا يراه أحد من الأنبياء والرسل إلا من مشكاة الرسول الخاتم، ولا يراه أحد من الأولياء إلا من مشكاة الولي الخاتم، حتى إن الرسل لا يرونه إلا من مشكاة خاتم الأولياء.
* قال ((فأن الرسالة وللنبوة- أعني نبوة التشريع ورسالته- تنقطعان، أما الولاية فإنها لا تنقطع أبدا))([16]).
التعقيب على ذلك
وهذا القول فيه مغالطة كبيرة وخلط للحقائق.
- فهناك فرق بين من تجتمع فيه الولاية وحدها، وبين من يجمع الله له بين الولاية والنبوة.
- ثم إن النبوة أشرف من غيرها. ولهذا لم تكن إلا لأفراد قلائل.
- وما يبطل زعمه من أساسه أن يقال: فأن كانت ((ختم الولاية)) لا تنقطع فلماذا أقطعت وختمت بخاتم الأولياء؟.
موقف ابن تيمية من هذه الفكرة
وقد أوضح ابن تيمية خطأ القائلين بهذه الفكرة، مع أنه لم ينكر أن يكون هناك خاتم للأولياء فإن خاتم الأولياء هو في الحقيقة أخر مؤمن تقي يموت من الناس، لكنه ليس خير الأولياء، وإنما خيرهم وأفضلهم أبو بكر ثم عمر اللذان ما طلعت الشمس وما غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل منهما([17]) وأن هذه الفكرة مبنية على أصل ملا حدة الفلاسفة، فأن المعدن الذي يأخذ منه النبي عندهم هو العقل الفعال. وإن القوة العقلية التي يسمونها القوة القدسية تتخيل الصور في منامها وتسمع أصواتا، فما يراه النبي ويسمعه يكون في نفسه لا في الخارج([18]).
- وهذا الزعم أكذبه الله عند أول وحي حصل للنبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء وذلك حين ضمه جبريل عليه السلام عدة مرات حتى بلغ ذلك منه الجهد، وهذا الضم يؤكد أن هذا الوحي كان يقظة وليس تختلا. وأن ما رآه وسمعه صلى الله عليه وسلم خارج عما يسمونه بـ ((لنفس التخيلية)).
ولا يكتفي ابن عربي بما قاله وإنما يضرب لذلك مثلا ينبئ عن عمق ضلالته فقال: ((ولما مثل النبي النبوة بالحائط من اللبن وقد كمل سوى مرضع لبنة فكان النبي صلى الله عليه وسلم تلك اللبنة، غير أنه لا يراها كما قال لبنة واحدة.
وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول الله، ويرى في الحائط موضع لبنتين، واللبن من ذهب وفضة.. فيكون خاتم الأولياء تينك اللبنتين فيكمل الحائط.. فأنه أخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى الرسول))([19]).
ويذكر سببين آخرين لتفضيل الولي على النبي:
* أحدهما: أن الولاية هي الفلك المحيط العام ولهذا لم تنقطع، ولها الأنباء العام، وأما نبوة التشريع والرسالة فمنقطعة.. وأن الله لطف بعباده فأبقى لهم النبوة العامة التي لا تشريع فيها.
* وثانيهما: أن الله لم يتسم بنبي ولا رسول، وإنما تسمى بالولي. واتصف بهذا الاسم فقال ) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ (وقال ) وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (([20]).
* قال ابن تيمية ((وهذا القول شر من أقوال الكافرين بالرسول لا المؤمنين به))([21]) ومع أنه من أقبح الكفر وأخبثه فهو من أفسد الأشياء في العقل، كما يقال لمن قال ((فخر عليهم السقف من تحتهم))لا عقل ولا قرآن ([22]).
- فأن المتأخر يستفيد من المتقدم دون العكس.
- والأنبياء أفضل من غيرهم.
فخالفوا الحس والعقل مع كفرهم بالشرع))([23]).
قال ((وهذا جهل منهم، فأن الولي عليه أن يتبع النبي، ويعرض كل ماله من محادثة والهام على ما جاء به النبي، فأن وافقه وألا رده))([24]).
- ثم خاتم الأولياء الذين يدعونهم ضلالهم فيه من وجوه حيث ظنوا أن للأولياء خاتما وأن يكون أفضلهم، قياسا على خاتم الأنبياء، ولم يعلموا أن أفضل الأولياء من هذه الأمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وهم السالفون من الأولياء لا الآخرون، إذ التفاضل بين الأولياء إنما يكون على قدر أتباعهم للأنبياء واستفادتهم منهم علما وعملا))([25]).
ومن ثم ذكر ابن تيمية خاصيتين من خواص النبوة يعرف بهما الفرق بين مرتبة النبوة وبين مرتبة الولاية المجردة وهي:
- أن الرجل كلما عظمت ولايته كان تعظيمه للنبوة أعظم ومن هنا وجب الإيمان بالنبوة كعنصر أساسي للدخول في الولاية والإيمان.
ولا يتم الإيمان إلا بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وأن من لا يؤمن بذلك يكون مرتدا بخلاف الولي فأنه لا يجب الإيمان به ولا يكون منكر ولايته كافرا- وأن من سب نبيا من الأنبياء قتل وكان كافرا مرتدا، بخلاف الولي الذي ليس بنبي فلا يجب القتل لمجرد سبه ولا يكون مرتدا عن الإسلام من لم يؤمن به))([26]).
ويرجع ابن تيمية مصادر أراء ابن عربي إلى عدة كتب منها: الأحياء والمضنون به، ومشكاة الأنوار، وكلها للغزالي. وكتاب ختم النبوة للترمذي وكتاب خلع النعلين لابن قسي، ورسائل أخوان الصفا فهي الكتب التي كانت الممهد الحقيقي لهذه الفكرة ([27]).
ابن عربي خاتم الأولياء
ولم يترك ابن عربي منصب ((ختم الولاية)) شاغرا. وإنما بادر إلى ترشيح نفسه له قائلا ((فإني أنا الختم لا ولي بعدي ولا حامل لعهدي، بفقدي تذهب الدول، وتلتحق الأخريات بالأول))([28]).
* وقد أثبت له يوسف النبهاني رتبة ((ختم الولاية)) ورثاه في قصيدة قال فيها([29]):
كان ختما للأولياء تبيعا :: بهداه لخاتم المرسلين.
سيد الخلق صفوة الحق من :: كل البرايا ورحمة العالمين.
وقال الكشمخانلي ((والشيخ الأكبر ختم به الولاية الخصوصية)) ([30]) وزعم الشعراني أن ابن عربي من جملة السعداء الذين هم على يمين أدم في الجنة!([31]).
خاتم أخر للولاية
بيد أن الدكتور حسن الشرقاوي طلع علينا بختم أخر كان معاصرا للرسول صلى الله عليه وسلم هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه. يقول ((فكما أن الرسول خاتم الأنبياء فأن عليا- كرم الله وجهه- خاتم الأولياء))([32]).
خاتم أخر
وهكذا- يروج سوق يم ((ختم الولاية)) فيتسابق إليه بعض المتصوفة ليقلدوا هذا المنصب من يحبون من الشيوخ. وكان من بين المتسابقين طائفة الرفاعية الذين كتبوا في مصنفاتهم أن الشيخ صهيب الدمشقي قال بأن الله ((قد ختم بالشيخ أحمد الرفاعي الولاية كما ختم النبوة بمحمد))([33]).
* وقالوا ((إن مثل أحمد الرفاعي في الأولياء كمثل محمد صلى الله عليه وسلم في الأنبياء))([34]) (وإذا ذكر الأنبياء فحدثوا عنهم، وإذا ذكر محمد فاسكتوا. وكذلك إذا ذكر الأولياء فحدثوا عنهم، وإذا ذكر السيد أحمد الرفاعي فاسكتوا))([35]).
خاتم آخر
يضيفه الشعراني في طبقاته وهو ((السيد محمد وفا))([36]).
خاتم آخر
كذلك منح التيجانيون شيخهم أحمد التجاني منصب ((خاتم الولاية)) فقالوا ((إن الله ختم بمقامه مقامات الأولياء))([37]).
وهكذا أدعى المتصوفة استحقاق كثير من مشايخهم لهذه الرتبة الوهمية، من غير أن يتنبهوا إلى أن المفترض أن يعتليها ختم واحد فقط، وأن ابن عربي الذي نظر لـ ((ختم الولاية)) وتحدث عنها قد أثبتها بادئ ذي بدء لنفسه.
المصادر
([1])انظر لسان الميزان لابن حجر 5: 30 طبقات السبكي 2: 20وطبقات السلمي217والاعلام للزر كلي6: 272وانظر درء تعارض العقل والنقل والصفدية1: 248له أيضا وكلا هما بتحقيق د محمد رشاد سالم .
([2]) انظر الفصوص1: 136.
([3]) أنظر فصوص الحكم 1: 133ونقل الشعراني موافقة الشيخ محمد أبي المواهب الشاذلي على هذا التقسيم وتنبئاه كما في طبقات الشعراني 2: 68والانوار القدسية على هامشها2: 121).
([4]) أنظرالاحياء 3: 21-23.
([5]) فصوص الحكم 1: 90.
([6])نفس المصدر1: 92.
([7])نفس المصدر1: 83.
([8]) مجموع فتاوى ابن تيمية 2: 242.
([9]) انظر الفصوص 1: 32- 35 هذه هي الصوفية 93 لعبد الرحمن الوكيل.
([10]) للصوفية كتب عديدة في إثبات إيمان فرعون مثل كتاب إيمان فرعون للدواني وكتاب التأييد والعون للقائلين بإيمان فرعون وليس هذا اعتقاد كل الصوفية وإنما يحمل التصوف وزر كل انحراف نشأ عنه وتطور بعده.
([11]) الفصوص 1: 157.
([12]) انظر الفصوص1: 201 و211.
([13]) مجموع الفتاوى 2: 246 مجموع الرسائل 4: 85.
([14]) أنظر الذخائر المحمدية 140 لمحمد علوي المالكي وقشية التصوف لعبد الحليم محمود 296 ومقدمة لكتاب المنقذ من الضلال 20 له أيضا ولطائف المنن للشعراني 487.
([15]) الفتوحات الألهية لابن عجيبة 13 وجامع الكرامات 1: 118.
([16]) فصوص الحكم 1: 62.
([17]) مجموع الرسائل والمسائل 2: 64.
([18]) الصفدية 1: 249.
([19]) فصوص الحكم 1: 63.
([20]) نفس المصدر 1: 134- 135.
([21]) درء تعارض العقل والنقل 5: 340.
([22]) أي يقال لمن قرأ الآية ((فخر عليهم القف من تحتهم)) بدلا من أن يقرأها ) فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ ( فهو مخطئ عقلا حيث ظن أن هبوط السقف من أسفل، ومخطئ في قراءة الآية.
([23]) جامع الرسائل 1: 205 ودرء تعارض العقل والنقل 45.
([24]) جامع الرسائل 1: 206.
([25]) نفس المصدر وأنظر الصفدية 1: 252.
([26]) الصفدية 1: 261- 262 وشرح العقيدة الأصفهانية 121- 122.
([27]) درء التعارض 5: 353 والصفدية 1: 238و 230 و 247.
([28]) عنقاء مغرب 15.
([29]) جامع الكرامات الأولياء 1: 125.
([30]) جامع الأصول في الأولياء وأنواعهم 132 وقد رووا بعض الأقاصيص المكذوبة لتخويف المنكرين على أبن عربي فزعموا أن رجلا هم بإحراق قبره فخسف الله به الأرض وغاب فيها تسعة أذرع)) طبقات الشعراني 1: 188 جامع كرامات الأولياء 1: 120 وأن آخرا رأى يوم القيامة وقد نصبت أوان في غاية الكبر وأغلي فيها ماء يتطاير منه الشرر وجيء بالمنكرين على أبن عربي وأبن الفارض وألقوا فيها فصلت جلودهم حتى تهرى اللحم (جامع كرامات الأولياء 1: 218).
([31]) لطائف المنن 620.
([32]) ألفاظ الصوفية ومعانيها 147 ط دار المعرفة الجامعية- الأسكندرية.
([33]) التاريخ الأوحد 108 المعارف المحمدية 90 قلادة الجواهر 432و 46.
([34]) (48) تنوير الأبصار 12 التاريخ الأوحد 109 الكنز المطلسم 65.
([35]) قلادة الجواهر 30- 31 التاريخ الأوحد 108.
([36]) طبقات الشعراني 1:21.
([37]) رماح حزب الرحيم على حزب الرجيم 1452 على هامش جواهر المعاني، بغية المستفيد بشرح منية المريد 107.