الكتاب: الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار
المؤلف: محمد بن
علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن الحنفي الحصكفي (ت ١٠٨٨ هـ)
التصنيف الفرعي للكتاب: الفقه علي المذهب الحنفي
المحتويات
- كتاب الجهاد
- باب المغنم وقسمته في المغرب
- فصل في كيفية القسمة
- باب استيلاء الكفار على بعضهم بعضا أو على أموالنا
- باب المستأمن أي الطالب للأمان
- فصل في استئمان الكافر
- باب العشر والخراج والجزية
- فصل في الجزية
- باب المرتد
- باب البغاة
- العودة الي الكتاب الدر المختار في شرح تنوير الأبصار
كتاب الجهاد
أورده بعد الحدود لاتحاد المقصود، ووجه الترقي غير خفي. وهو
لغة: مصدر جاهد في سبيل الله. وشرعا: الدعاء إلى الدين الحق وقتال من لم
يقبله شمني. وعرفه ابن الكمال بأنه بذل الوسع في القتال في سبيل الله مباشرة أو
معاونة بمال، أو رأي أو تكثير سواد أو غير ذلك. ا هـ..
ومن
توابعه: الرباط وهو الإقامة في مكان ليس وراءه إسلام هو المختار وصح " أن
صلاة المرابط بخمسمائة ودرهمه بسبعمائة وإن مات فيه أجري عليه عمله ورزقه وأمن
الفتان وبعث شهيدا آمنا من الفزع الأكبر " وتمامه في الفتح
(هو
فرض كفاية) كل ما فرض لغيره فهو فرض كفاية إذا حصل المقصود بالبعض، وإلا ففرض
عين ولعله قدم الكفاية لكثرته (ابتداء) وإن لم يبدءونا وأما قوله تعالى:
-: {فإن قاتلوكم فاقتلوهم} وتحريمه في الأشهر الحرم فمنسوخ بالعمومات ك:
{اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} (إن قام به البعض) ولو عبيدا أو نساء
(سقط عن الكل وإلا) يقم به أحد في زمن ما (أثموا بتركه) أي أثم الكل من
المكلفين، وإياك أن تتوهم أن فرضيته تسقط عن أهل الهند بقيام أهل الروم مثلا بل
يفرض على الأقرب فالأقرب من العدو إلى أن تقع الكفاية فلو لم تقع إلا بكل الناس
فرض عينا كصلاة وصوم ومثله الجنازة والتجهيز وتمامه في الدرر
(لا)
يفرض (على صبي) وبالغ له أبوان أو أحدهما؛ لأن طاعتهما فرض عين: «وقال عليه
الصلاة والسلام للعباس بن مرداس لما أراد الجهاد الزم أمك فإن الجنة تحت رجل أمك»
سراج وفيه لا يحل سفر فيه خطر إلا بإذنهما. وما لا خطر فيه يحل بلا إذن ومنه
السفر في طلب العلم
(وعبد وامرأة) لحق المولى والزوج ومفاده وجوبه
لو أمرها الزوج به فتح. وعلى غير المزوجة نهر. قلت: تعليل الشمني بضعف
بنيتها يفيد خلافه وفي البحر: إنما يلزمها أمره فيما يرجع إلى النكاح
وتوابعه
(وأعمى ومقعد) أي أعرج فتح (وأقطع) لعجزهم (ومديون
بغير إذن غريمه) بل وكفيله أيضا لو بأمره تجنيس، ولو بالنفس نهر. وهذا في
الحال، أما المؤجل فله الخروج إن علم برجوعه قبل حلوله ذخيرة (وعالم ليس في
البلدة أفقه منه) فليس له الغزو خوف ضياعهم سراجية، وعمم في البزازية السفر،
ولا يخفى أن المقيد يفيد غيره بالأولى
(وفرض عين إن هجم العدو فيخرج
الكل ولو بلا إذن) ويأثم الزوج ونحوه بالمنع ذخيرة
(ولا بد)
لفرضيته (من) قيد آخر وهو (الاستطاعة) فلا يخرج المريض الدنف، أما من
يقدر على الخروج، دون الدفع ينبغي أن يخرج لتكثير السواد إرهابا فتح. وفي
السراج وشرط لوجوبه: القدرة على السلاح لا أمن الطريق، فإن علم أنه إذا حارب
قتل وإن لم يحارب أسر لم يلزمه القتال (ويقبل خبر المستنفر ومنادي السلطان
ولو) كان كل منهما (فاسقا)؛ لأنه خبر يشتهر في الحال ذخيرة
(وكره
الجعل) أي أخذ المال من الناس لأجل الغزاة (مع الفيء) أي مع وجود شيء في
بيت المال درر. وصدر الشريعة، ومفاده: أن الفيء هنا يعم الغنيمة فليحفظ.
(وإلا لا) لدفع الضرر الأعلى بالأدنى (فإن حاصرناهم دعوناهم إلى الإسلام
فإن أسلموا) فبها (وإلا فإلى الجزية) لو محلا لها كما سيجيء (فإن قبلوا
ذلك فلهم ما لنا) من الإنصاف (وعليهم ما علينا) من الانتصاف فخرج العبادات
إذ الكفار لا يخاطبون بها عندنا ويؤيده قول علي رضي الله عنه: إنما بذلوا
الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا
(ولا) يحل لنا أن
(نقاتل من لا تبلغه الدعوة) بفتح الدال (إلى الإسلام) وهو وإن اشتهر في
زماننا شرقا وغربا لكن لا شك أن في بلاد الله من لا شعور له بذلك بقي لو بلغه
الإسلام لا الجزية ففي التتارخانية: لا ينبغي قتالهم حتى يدعوهم إلى الجزية نهر
خلافا لما نقله المصنف (وندعو ندبا من بلغته إلا إذا تضمن ذلك ضررا) ولو
بغلبة الظن كأن يستعدون أو يتحصنون فلا يفعل فتح (وإلا) يقبلوا الجزية
(نستعين بالله ونحاربهم بنصب المجانيق وحرقهم وغرقهم وقطع أشجارهم) ولو مثمرة
وإفساد زروعهم إلا إذا غلب على الظن ظفرنا فيكره فتح (ورميهم) بنبل ونحوه
(وإن
تترسوا ببعضنا) ولو تترسوا بنبي سئل ذلك النبي (ونقصدهم) أي الكفار (وما
أصيب منهم) أي من المسلمين (لا دية فيه ولا كفارة)؛ لأن الفروض لا تقرن
بالغرامات
(ولو فتح الإمام بلدة وفيها مسلم أو ذمي لا يحل قتل أحد
منهم أصلا ولو أخرج واحد) ما (حل) حينئذ (قتل الباقين) لجواز كون
المخرج هو ذاك فتح
(ونهينا عن إخراج ما يجب تعظيمه ويحرم الاستخفاف
به كمصحف وكتب فقه وحديث وامرأة) ولو عجوزا لمداواة هو الأصح ذخيرة وأراد
بالنهي ما في مسلم: «لا تسافروا بالقرآن في أرض العدو» (إلا في جيش يؤمن
عليه) فلا كراهة لكن إخراج العجائز والإماء أولى (وإذا دخل مسلم إليهم بأمان
جاز حمل المصحف معه إذا كانوا يوفون بالعهد)؛ لأن الظاهر عدم تعرضهم هداية
(و)
نهينا (عن غدر - وغلول و) عن (مثلة) بعد الظفر بهم أما قبله فلا بأس بها
اختيار
(و) عن (قتل امرأة وغير مكلف وشيخ) خر (فان) لا
صياح ولا نسل له فلا يقتل ولا إذا ارتد (وأعمى ومقعد) وزمن ومعتوه وراهب وأهل
كنائس لم يخالطوا الناس (إلا أن يكون أحدهم ملكا) أو مقاتلا (أو ذا رأي)
أو مال (في الحرب، ولو قتل من لا يحل قتله) ممن ذكر (فعليه التوبة
والاستغفار فقط) كسائر المعاصي؛ لأن دم الكافر لا يتقوم إلا بالأمان ولم يوجد،
ثم لا يتركونهم في دار الحرب، بل يحملونهم تكثيرا للفيء وتمامه في السراج وسيجيء
[فرعان: الأول] لا بأس بحمل رأس المشرك لو فيه غيظهم وفيه فراغ قلبنا،
وقد: «حمل ابن مسعود يوم بدر رأس أبي جهل وألقاها بين يديه عليه الصلاة والسلام
فقال النبي عليه الصلاة والسلام الله أكبر هذا فرعوني وفرعون أمتي كان شره علي
وعلى أمتي أعظم من شر فرعون على موسى وأمته» ظهيرية [الثاني] لا بأس بنبش
قبورهم طلبا للمال تتارخانية، وعبارة الخانية قبور الكفار فعمت الذمي
(ولا)
يحل للفرع أن (يبدأ أصله المشرك بقتل) كما لا يبدأ قريبه الباغي (ويمتنع
الفرع) عن قتله بل يشغله (ل) لأجل أن (يقتله غيره) فإن فقد قتله (ولو
قتله فهدر) لعدم العاصم (ولو قصد الأصل قتله ولم يمكن دفعه إلا بقتله قتله)
لجواز الدفع مطلقا
(ويجوز الصلح) على ترك الجهاد (معهم بمال)
منهم أو منا (لو خيرا) - لقوله تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} -
(وننبذ) أي نعلمهم بنقض الصلح تحرزا عن الغدر المحرم (لو خيرا) لفعله
عليه الصلاة والسلام بأهل مكة (ونقاتلهم بلا نبذ مع خيانة ملكهم) ولو بقتال
ذي منعة بإذنه ولو بدونه انتقض حقهم فقط
(و) نصالح (المرتدين لو
غلبوا على بلدة وصارت دارهم دار حرب) لو خيرا (بلا مال وإلا) يغلبوا على
بلدة (لا)؛ لأن فيه تقرير المرتد على الردة، وذلك لا يجوز فتح (وإن أخذ)
المال (منهم لم يرد)؛ لأنه غير معصوم بخلاف أخذه من بغاة فإنه يرد بعد وضع
الحرب أوزارها فتح
(ولم نبع) في الزيلعي يحرم أن نبيع (منهم ما
فيه تقويتهم على الحرب) كحديد وعبيد وخيل (ولا نحمله إليهم ولو بعد صلح)؛
لأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك وأمر بالميرة وهي الطعام والقماش فجاز
استحسانا
(ولا نقتل من أمنه حر أو حرة ولو فاسقا) أو أعمى أو
فانيا أو صبيا أو عبدا أذن لهما في القتال (بأي لغة كان) الأمان (وإن كانوا
لا يعرفونها بعد معرفة المسلمين) ذلك (بشرط سماعهم ذلك من المسلمين) فلا
أمان لو كان بالبعد منهم، ويصح بالصريح كأمنت أو لا بأس عليكم وبالكناية كتعال
إذا ظنه أمانا وبالإشارة بالأصبع إلى السماء ولو نادى المشرك بالأمان صح لو
ممتنعا وصح طلبه لذراريه لا لأهله ويدخل في الأولاد أولاد الأبناء لا أولاد
البنات، ولو غار عليهم عسكر آخر ثم بعد القسمة علموا بالأمان فعلى القاتل الدية
وعلى الواطئ المهر، والولد حر مسلم تبعا لأبيه وترد النساء والأولاد إلى أهلها
يعني بعد ثلاث حيض
(وينقض الإمام) الأمان (لو) بقاؤه
(شرا) ومباشره بلا مصلحة يؤدب (وبطل أمان ذمي) إلا إذا أمره به مسلم شمني
(وأسير وتاجر وصبي وعبد محجورين عن القتال) وصحح محمد أمان العبد. وفي
الخانية خدمة المسلم مولاه الحربي أمان له (ومجنون وشخص أسلم ثمة ولم يهاجر
إلينا)؛ لأنهم لا يملكون القتال والله أعلم.
باب المغنم وقسمته في المغرب
الغنيمة ما نيل من الكفار عنوة والحرب قائمة، فتخمس وباقيها
للغانمين والفيء: ما نيل منهم بعد كخراج وهو لكافة المسلمين (إذا فتح الإمام
بلدة صلحا جرى على موجبه وكذا من بعده) من الأمراء (وأرضها تبقى مملوكة لهم
ولو فتحها عنوة) بالفتح أي قهرا (قسمها بين الجيش) إن شاء (أو أقر أهلها
عليها بجزية) على رءوسهم (وخراج) على أراضيهم والأول أولى عند حاجة
الغانمين (أو أخرجهم منها وأنزل بها قوما غيرهم ووضع عليهم الخراج) والجزية
(لو) كانوا (كفارا) فلو مسلمين وضع العشر لا غير (وقتل الأسارى) إن
شاء إن لم يسلموا (أو استرقهم أو تركهم أحرارا ذمة لنا) إلا مشركي العرب
والمرتدين كما سيجيء
(وحرم منهم) أي إطلاقهم مجانا ولو بعد
إسلامهم ابن كمال لتعلق حق الغانمين، وجوزه الشافعي لقوله تعالى -: {فإما منا
بعد وإما فداء} - قلنا نسخ بقوله تعالى -: {فاقتلوا المشركين حيث
وجدتموهم} - شرح مجمع
(و) حرم (فداؤهم) بعد تمام الحرب،
وأما قبله فيجوز بالمال لا بالأسير المسلم درر وصدر الشريعة وقالا: يجوز وهو
أظهر الروايتين عن الإمام شمني: واتفقوا أنه لا يفادى بنساء وصبيان وخيل وسلاح
إلا لضرورة ولا بأسير أسلم بمسلم أسير إلا إذا أمن على إسلامه
(و)
حرم (ردهم إلى دارهم) ثابت في نسخ الشرح تبعا للدرر دون المتن تبعا لابن
الكمال للعلم به من منع المن بالأولى
(و) حرم (عقر دابة شق
نقلها) إلى دارنا (فتذبح وتحرق) بعده إذ لا يعذب بالنار إلا ربها (كما
تحرق أسلحة وأمتعة تعذر نقلها وما لا يحرق منها) كحديد (يدفن بموضع خفي)
وتكسر أوانيهم وتراق أدهانهم مغايظة لهم
(ويترك صبيان ونساء منهم شق
إخراجها بأرض خربة حتى يموتوا جوعا) وعطشا للنهي عن قتلهم ولا وجه إلى
إبقائهم
(وجد المسلمون حية أو عقربا في رحالهم ثمة) أي في دار
الحرب (ينزعون ذنب العقرب وأنياب الحية) قطعا للضرر عنا (بلا قتل) إبقاء
للنسل تتارخانية وفيها مات نساء مسلمات ثمة وأهل الحرب يجامعون الأموات يحرقن
بالنار
(ولا تقسم غنيمة ثمة إلا إذا قسم) عن اجتهاد أو لحاجة
الغزاة فتصح أو (للإيداع) فتحل إذا لم يكن للإمام حمولة فإن أبوا هل يجبرهم
بأجر المثل روايتان، فإذا تعذر فإن بحال لو قسمها قدر كل على حمله قسم بينهم وإلا
فهو مما شق نقله وسبق حكمه
(ولم تبع) الغنيمة (قبلها) لا
للإمام ولا لغيره يعني للتمول أما لو باع شيئا كطعام جاز جوهرة (ورد) البيع
(لو وقع) دفعا للفساد فإن لم يمكن رد ثمنه للغنيمة خانية
(ومدد
لحقهم ثمة كمقاتل لا سوقي) وحربي أو مرتد أسلم ثمة (بلا قتال) فإن قاتلوا
شاركوهم (ولا من مات ثمة قبل قسمة أو بيع، و) أو مات (بعد أحدهما ثمة أو
بعد الإحراز بدارنا يورث نصيبه) لتأكد ملكه تتارخانية وفيها ادعى رجل شهود
الوقعة وبرهن وقد قسمت لم تنقض استحسانا ويعوض بقدر حظه من بيت المال، وما في
البحر من قياس الوقف على الغنيمة رده في النهر وحررناه في الوقف أي للغانمين لا
غير
(الانتفاع فيها) أي في دار الحرب (بعلف وطعام وحطب وسلاح
ودهن بلا قسمة) أطلق الكل تبعا للكنز وقيد في الوقاية السلاح بالحاجة، - وهو
الحق وقيد الكل في الظهيرية بعدم نهي الإمام عن أكله فإن نهى لم يبح فينبغي تقييد
المتون به (و) بلا (بيع وتمول) فلو باع رد ثمنه، فإن قسمت تصدق به لو غير
فقير. ومن وجد ما لا يملكه أهل الحرب كصيد وعسل فهو مشترك فيتوقف بيعه على
إجازة الأمير فإن هلك أو الثمن أنفع أجازه وإلا رده للغنيمة بحر (وبعد الخروج
منها لا) إلا برضاهم
(ومن أسلم منهم) قبل مسكه (عصم نفسه
وطفله وكل ما معه) فإن كانوا أخذوا أحرز نفسه فقط (أو أودعه معصوما) ولو
ذميا فلو عند حربي ففيء كما لو أسلم ثم خرج إلينا ثم ظهرنا على الدار فماله ثمة
فيء سوى طفله لتبعيته (لا ولده الكبير وزوجته وحملها وعقاره وعبده المقاتل)
وأمته المقاتلة وحملها؛ لأنه جزء الأم.
(حربي دخل دارنا بغير
أمان) فأخذه أحدنا (فهو) وما معه (فيء) لكل المسلمين سواء (أخذ قبل
الإسلام أو بعده) وقالا لآخذه خاصة وفي الخمس روايتان قنية، وفيها استأجره
لخدمة سفره فغزا بفرس المستأجر وسلاحه فسهمه بينهما إلا إذا شرط في العقد أنه
للمستأجر.
فصل في كيفية القسمة
(المعتبر في الاستحقاق) لسهم فارس وراجل (وقت المجاوزة) أي
الانفصال من دارنا وعند الشافعي وقت القتال (فلو دخل دار الحرب فارسا فنفق)
أي مات (فرسه استحق سهمين، ومن دخل راجلا فشرى فرسا استحق سهما ولا يسهم لغير
فرس واحد) صحيح كبير (صالح لقتال) فلو مريضا إن صح قبل الغنيمة استحقه
استحسانا لا لو مهرا فكبر تتارخانية، وكأن الفرق حصول الإرهاب بكبير مريض لا
بالمهر ولو غصب فرسه قبل دخوله أو ركبه آخر أو نفر ودخل راجلا ثم أخذه - فله
سهمان لا لو باعه ولو بعد تمام القتال فإنه يسقط في الأصح؛ لأنه ظهر أن قصده
التجارة فتح وأقره المصنف لكن نقل في الشرنبلالية عن الجوهرة والتبيين ما يخالفه
وفي القهستاني: لو باعه في وقت القتال فراجل على الأصح ولو بعد تمام القتال
فارس بالاتفاق انتهى فتنبه ولتحفظ هذه القيود خوف الخطأ في الإفتاء والقضاء.
(ولا)
يسهم (لعبد وصبي وامرأة وذمي) ومجنون ومعتوه ومكاتب (ورضخ لهم) قبل إخراج
الخمس عندنا (إذا باشروا القتال أو كانت المرأة تقوم بمصالح المرضى) أو تداوي
الجرحى (أو دل الذمي على الطريق) ومفاده جواز الاستعانة بالكافر عند الحاجة
وقد: «استعان عليه الصلاة والسلام باليهود على اليهود ورضخ لهم» (ولا يبلغ به
السهم إلا في الذمي) إذا دل فيزاد على السهم؛ لأنه كالأجرة
(والبراذين)
خيل العجم (والعتاق) بكسر العين جمع عتيق كرام خيل العرب والهجين الذي أبوه
عربي وأمه عجمية والمقرف عكسه قاموس (سواء لا) يسهم (للراحلة والبغل)
والحمار لعدم الإرهاب.
(والخمس) الباقي يقسم أثلاثا عندنا
(لليتيم والمسكين وابن السبيل) وجاز صرفه لصنف واحد فتح، وفي المنية لو صرفه
للغانمين لحاجتهم جاز وقد حققته في شرح الملتقى (وقدم فقراء ذوي القربى) من
بني هاشم (منهم) أي من الأصناف الثلاثة (عليهم) لجواز الصدقات لغيرهم لا
لهم (ولا حق لأغنيائهم) عندنا وما نقله المصنف عن البحر من أن ما في الحاوي
يفيد ترجيح الصرف لأغنيائهم نظر فيه في النهر (وذكره تعالى للتبرك) باسمه في
ابتداء الكلام إذ الكل لله (وسهمه عليه الصلاة والسلام سقط بموته)؛ لأنه حكم
علق بمشتق وهو الرسالة (كالصفي) الذي كان عليه الصلاة والسلام يصطفيه
لنفسه
(ومن دخل دارهم بإذن) الإمام (أو منعة) أي قوة (فأغار
خمس) ما أخذوا؛ لأنه غنيمة (وإلا لا)؛ لأنه اختلاس وفي المنية لو دخل أربعة
خمس ولو ثلاثة لا. قال الإمام ما أصبتم لا أخمسه فلو لهم منعة لم يجز وإلا
جاز
(وندب للإمام أن ينفل وقت القتال حثا) وتحريضا فيقول من قتل
قتيلا فله سلبه سماه قتيلا لقربه منه (أو يقول من أخذ شيئا فهو له) وقد يكون
بدفع مال وترغيب مآل فالتحريض نفسه واجب للأمر به واختيار لأدعى المقصود مندوب
ولا يخالفه تعبير القدوري أي بلا بأس؛ لأنه ليس مطردا لما تركه أولى بل يستعمل في
المندوب أيضا قاله المصنف، ولذا عبر في المبسوط بالاستحباب (ويستحق الإمام لو
قال من قتل قتيلا فله سلبه إذا قتل هو) استحسانا (بخلاف) ما لو قال منكم أو
قال (من قتلته أنا فلي سلبه) فلا يستحقه إلا إذا عمم بعده ظهيرية ويستحقه
مستحق سهم أو رضخ فعم الذمي وغيره (وذا) أي التنفيل (إنما يكون في مباح
القتل فلا يستحقه بقتل امرأة ومجنون ونحوهما ممن لم يقاتل وسماع القاتل مقالة
الإمام ليس بشرط) في استحقاقه ما نفله إذ ليس في الوسع إسماع الكل، ويعم كل
قتال في تلك السنة ما لم يرجعوا وإن مات الوالي أو عزل ما لم يمنعه الثاني نهر،
وكذا يعم كل قتيل؛ لأنه نكرة في سياق الشرط وهو من بخلاف إن قتلت قتيلا ولو قال
إن قتلت ذلك الفارس فلك كذا لم يصح، وإن قطعت رأس أولئك القتلى فلك كذا صح -
(ولو
نفل السرية) هي قطعة من الجيش من أربعة إلى أربعمائة مأخوذة من السرى وهو المشي
ليلا درر (الربع وسمع العسكر دونها فلهم النفل) استحسانا ظهيرية، وجاز
التنفيل بالكل أو بقدر منه لسرية لا لعسكر والفرق في الدرر
(ولا
ينفل بعد الإحراز هنا) أي بدارنا (إلا من الخمس) لجوازه لصنف واحد كما
مر
(وسلبه ما معه من مركبه وثيابه وسلاحه) وكذا ما على مركبه لا
ما على دابة أخرى
. (و) التنفيل (حكمه قطع حق الباقين لا
الملك قبل الإحراز بدار الإسلام فلو قال الإمام من أصاب جارية فهي له فأصابها
مسلم فاستبرأها لم يحل له وطؤها ولا بيعها) كما لو أخذها المتلصص ثمة واستبرأها
لم تحل له إجماعا.
(والسلب للكل إن لم ينفل) لحديث: «ليس لك
من سلب قتيلك إلا ما طابت به نفس إمامك» فحملنا حديث السلب على التنفيل. قلت:
وفي معروضات المفتي أبي السعود هل يحل وطء الإمام المشتراة من الغزاة الآن حيث
وقع الاشتباه في قسمتهم بالوجه المشروع؟ فأجاب: لا توجد في زماننا قسمة شرعية
لكن في سنة 948 وقع التنفيل الكلي فبعد إعطاء الخمس لا تبقى شبهة ابتداء انتهى
فليحفظ، والله أعلم.
باب استيلاء الكفار على بعضهم بعضا أو على أموالنا
(إذا سبى كافر كافرا) آخر (بدار الحرب وأخذ ماله ملكه)
لاستيلائه على مباح (ولو سبى أهل الحرب أهل الذمة من دارنا لا) يملكونهم؛
لأنهم أحرار (وملكنا ما نجده من ذلك) السبي للكافر (إن غلبنا عليهم)
اعتبارا لسائر أملاكهم
(وإن غلبوا على أموالنا) ولو عبدا مؤمنا
(وأحرزوها بدارهم ملكوها) لا للاستيلاء على مباح، لما أن الصحيح من مذهب أهل
السنة أن الأصل في الأشياء التوقف، والإباحة رأي المعتزلة، بل؛ لأن العصمة من
جملة الأحكام المشروعة وهم لم يخاطبوا بها فبقي في حقهم مالا غير معصوم فيملكونه
كما حققه صاحب المجمع في شرحه ويفترض علينا اتباعهم فإن أسلموا تقرر ملكهم
(وإن
غلبنا عليهم) أي بعد ما أحرزوها بدراهم أما قبله فهي لمالكها مجانا مطلقا
(فمن وجد ملكه قبل القسمة) بين المسلمين لا بين الكفار كما حققه في الدرر
(فهو له مجانا) بلا شيء (وإن وجده بعدها فهو له بالقيمة) جبرا للضررين
بالقدر الممكن (ولو) كان ملكه (مثليا فلا سبيل له عليه بعدها) إذ لو أخذه
أخذه بمثله فلا يفيد ولو قبلها أخذه مجانا كما مر (وبالثمن) الذي اشتراه به
(لو اشتراه منهم تاجر) أي من العدو وأخرجه إلى دارنا، وبقيمة العرض لو اشتراه
به، وبالقيمة لو اتهبه منهم زاد في الدرر أو ملكه بعقد فاسد لكن في البحر: شراه
بخمر أو خنزير ليس لمالكه أخذه باتفاق الروايات، وكذا لو شراه بمثله نسيئة أو
بمثله قدرا ووصفا بعقد صحيح أو فاسد لعدم الفائدة - فلو بأقل قدرا وأردأ وصفا فله
أخذه؛ لأنه يفيد وليس بربا؛ لأنه فداء (وإن) وصلية (فقأ عينه) أو قطع يده
(وأخذ) مشتريه (أرشه) أو فقأها المشتري، فيأخذه بكل الثمن إن شاء؛ لأن
الأوصاف لا يقابلها شيء منه (والقول للمشتري في مقداره) أي الثمن (بيمينه
عند عدم البرهان)؛ لأن البينة مبينة، ولو برهنا فبينة المالك أيضا خلافا للثاني
نهر (وإن تكرر الأسر والشراء) بأن أسر ثانيا وشراه آخر (أخذ) المشتري
(الأول من الثاني بثمنه) جبرا لورود الأسر على ملكه، فكان الأخذ له (ثم
يأخذ) المالك (القديم بالثمنين إن شاء) لقيامه عليه بهما وقبل أخذ الأول لا
يأخذه القديم كي لا يضيع الثمن
(ولا يملكون حرنا ومدبرنا وأم ولدنا
ومكاتبنا) لحريتهم من وجه فيأخذه مالكه مجانا لكن بعد القسمة تؤدى قيمته من بيت
المال (ونملك عليهم جميع ذلك بالغلبة) لعدم العصمة (ولو ند إليهم دابة
ملكوها) لتحقق الاستيلاء إذ لا يد للعجماء (وإن أبق إليهم قن مسلم فأخذوه)
قهرا (لا) خلافا لهما لظهور يده على نفسه بالخروج من دارنا فلم يبق محلا
للملك (بخلاف ما إذا أبق إليهم بعد ارتداده فأخذوه) ملكوه اتفاقا، ولو أبق
ومعه فرس أو متاع فاشترى رجل ذلك (كله منهم أخذ) المالك (العبد مجانا)
لما مر أنهم لا يملكونه وأخذ (غيره بالثمن)؛ لأنهم ملكوه
(وعتق
عبد مسلم) أو ذمي؛ لأنه يجبر على بيعه أيضا زيلعي (شراه مستأمن ههنا وأدخله
دارهم) إقامة لتباين الدارين مقام - الإعتاق كما لو استولوا عليه وأدخلوه دارهم
فأبق منهم إلينا قيد بالمستأمن؛ لأنه لو شراه حربي لا يعتق عليه اتفاقا لمانع حق
استرداده نهر (كعبد لهم أسلم ثمة فجاءنا) إلى دارنا أو إلى عسكرنا ثمة، أو
اشتراه مسلم أو ذمي أو حربي ثمة، أو عرضه على البيع وإن لم يقبل المشتري بحر
(أو ظهرنا عليهم) ففي هذه التسع صور يعتق العبد بلا إعتاق ولا ولاء لأحد
عليه؛ لأن هذا عتق حكمي درر، وفي الزيلعي لو قال الحربي لعبده آخذا بيده: أنت
حر لا يعتق عند أبي حنيفة؛ لأنه معتق ببيانه مسترق ببنانه.
باب المستأمن أي الطالب للأمان
(هو من يدخل دار غيره بأمان) مسلما كان أو حربيا (دخل مسلم
دار الحرب بأمان حرم تعرضه لشيء) من دم ومال وفرج (منهم) إذ المسلمون عند
شروطهم
(فلو أخرج) إلينا (شيئا ملكه) ملكا (حراما) للغدر
(فيتصدق به) وجوبا، قيد بالإخراج لأنه لو غصب منهم شيئا رده عليهم وجوبا
(بخلاف الأسير) فيباح تعرضه (وإن أطلقوه طوعا) لأنه غير مستأمن، فهو
كالمتلصص (فإنه يجوز له أخذ المال وقتل النفس دون استباحة الفرج) لأنه لا
يباح إلا بالملك (إلا إذا وجد امرأته المأسورة أو أم ولده أو مدبرته) لأنهم
ما ملكوهن بخلاف الأمة (ولم يطأهن أهل الحرب) إذ لو وطئوهن تجب العدة
للشبهة
(فإن أدانه حربي دينا ببيع أو قرض وبعكسه أو غصب أحدهما
صاحبه وخرج إلينا لم نقض) لأحد (بشيء) لأنه ما التزم حكم الإسلام فيما مضى
بل فيما يستقبل (ويفتى المسلم برد المغصوب) زيلعي، زاد الكمال (و) برد
(الدين) أيضا (ديانة) لا قضاء لأنه غدر (وكذا الحكم) يجري (في
حربيين فعلا ذلك) أي الإدانة والغصب (ثم استأمنا) لما بينا
(خرج
حربي مع مسلم إلى العسكر فادعى المسلم أنه أسيره وقال) الحربي (كنت مستأمنا
فالقول للحربي إلا إذا قامت قرينة) ككونه مكتوفا أو مغلولا عملا بالظاهر بحر
(وإن
خرجا) أي الحربيان (مسلمين) وتحاكما (قضى بينهما بالدين) لوقوعه صحيحا
للتراضي (و) أما (الغصب ف) لا لما مر أنه ملكه
(قتل أحد
المسلمين المستأمنين صاحبه) عمدا أو خطأ (تجب الدية) لسقوط القود ثمة كالحد
(في ماله) فيهما لتعذر الصيانة على العاقلة مع تباين الدارين (والكفارة)
أيضا (في الخطأ) لإطلاق النص
(وفي) قتل أحد (الأسيرين)
الآخر (كفر فقط) لما مر بلا دية (في الخطأ) ولا شيء في العمد أصلا لأنه
بالأسر صار تبعا لهم فسقطت عصمته المقومة لا المؤثمة، فلذا يكفر في الخطأ (كقتل
مسلم) أسيرا أو (من أسلم ثمة) ولو ورثته مسلمون ثمة فيكفر في الخطإ فقط
لعدم الإحراز بدارنا.
فصل في استئمان الكافر
لا يمكن حربي مستأمن فينا سنة لئلا يصير عينا لهم وعونا علينا
(وقيل له) من قبل الإمام (إن أقمت سنة) قيد اتفاقي لجواز توقيت ما دونه
كشهر وشهرين درر لكن ينبغي أن لا يلحقه ضرر بتقصير المدة جدا فتح (وضعنا عليك
الجزية فإن مكث سنة) بعد قوله (فهو ذمي) ظاهر المتون أن قول الإمام له ذلك
شرط لكونه ذميا، فلو أقام سنة أو سنتين قبل القول فليس بذمي وبه صرح العتابي وقيل
نعم وبه جزم في الدر قال في الفتح والأول أوجه (ولا جزية عليه في حول المكث إلا
بشرط أخذها منه فيه)
(و) إذا صار ذميا (يجري القصاص بينه وبين
المسلم) - ويضمن المسلم قيمة خمره وخنزيره إذا أتلفه وتجب الدية عليه إذا قتله
خطأ ويجب كف الأذى عنه (وتحرم غيبته كالمسلم) فتح. وفيه: لو مات المستأمن
في دارنا وورثته ثمة وقف ماله لهم، ويأخذوه ببينة ولو من أهل الذمة فبكفيل ولا
يقبل كتاب ملكهم.
(وإذا أراد الرجوع إلى دار الحرب بعد الحول)
ولو لتجارة أو قضاء حاجة كما يفيد الإطلاق نهر (منع) لأن عقد الذمة لا ينقض،
ومفاده منع الذمي أيضا (كما) يمنع (لو وضع عليه الخراج) بأن ألزم به وأخذ
منه عند حلول وقته لأن خراج الأرض كخراج الرأس (أو صار لها) أي المستأمنة
الكتابية (زوج مسلم أو ذمي) لتبعيتها له وإن لم يدخل بها (لا عكسه)
لإمكان طلاقها، ولو نكحها هنا فطالبته بمهرها فلها منعه من الرجوع تتارخانية.
فلو لم يف حتى مضى حول ينبغي صيرورته ذميا على ما مر عن الدرر ومنه علم حكم الدين
الحادث في دارنا.
(فإن رجع) المستأمن (إليهم) ولو لغير داره
(حل دمه) لبطلان أمانه (فإن ترك وديعة عند معصوم) مسلم أو ذمي (أو
دينا) عليهما (فأسر أو ظهر) بالبناء للمجهول بمعنى غلب (عليهم فأخذوه أو
قتلوه سقط دينه) وسلمه وما غصب منه وأجرة عين أجرها لسبق يده (وصار ماله)
كوديعته وما عند شريكه ومضاربه وما في بيته في دارنا (فيئا). واختلف في
الرهن ورجح في النهر أنه للمرتهن بدينه. وفي السراج: لو بعث من يأخذ الوديعة
والقرض وجب التسليم إليه انتهى. وعليه فيوفى منه دينه هنا ولو صارت وديعته فيئا
(وإن قتل أو مات فقط) بلا غلبة عليه. (فديته وقرضه ووديعته لورثته) لأن
نفسه لم تصر مغنومة فكذا ماله كما لو ظهر عليه فهرب فماله له
(حربي
هنا له ثمة عرس وأولاد ووديعة مع معصوم وغيره فأسلم) هنا أو صار ذميا (ثم
ظهرنا عليهم فكله فيء) لعدم يده وولايته؛ ولو سبي طفله إلينا فهو قن مسلم
(وإن أسلم ثمة فجاء) هنا (فظهرنا عليهم فطفله حر مسلم) لاتحاد الدار
(ووديعته مع معصوم له) لأن يده كيده محترمة (وغيره فيء) ولو عينا غصبها
مسلم لعدم النيابة فتح
(وللإمام) حق (أخذ دية مسلم لا ولي له)
أصلا (و) دية (مستأمن أسلم هنا من عاقلة قاتله خطأ) لقتله نفسا معصومة
(وفي العمد له القتل) قصاصا (أو الدية) صلحا (لا العفو) نظرا لحق
العامة
(حربي أو مرتد أو من وجب عليه قود التجأ بالحرم لا يقتل بل
يحبس عند الغداء ليخرج فيقتل) لأن من دخله فهو آمن بالنص وسيجيء في الجنايات
(لا
تصير دار الإسلام دار حرب إلا) بأمور ثلاثة: (بإجراء أحكام أهل الشرك،
وباتصالها بدار الحرب، وبأن لا يبقى فيها مسلم أو ذمي آمنا بالأمان الأول) على
نفسه (ودار الحرب تصير دار الإسلام بإجراء أحكام أهل الإسلام فيها) كجمعة
وعيد (وإن بقي فيها كافر أصلي وإن لم تتصل بدار الإسلام) درر، وهذا ثابت في
نسخ المتن ساقط من نسخ الشرح فكأنه تركه لمجيء بعضه ووضوح باقيه.
باب العشر والخراج والجزية
(أرض العرب) وهي من حد الشام والكوفة إلى أقصى اليمن (وما
أسلم أهله) طوعا (أو فتح عنوة وقسم بين جيشنا والبصرة) أيضا بإجماع الصحابة
(عشرية) لأنه أليق بالمسلم وكذا بستان مسلم أو كرمه كان داره درر ومر في باب
العاشر بأتم من هذا وحررناه في شرح الملتقى
(وسواد) قرى (العراق
وحده من العذيب) طولا بضم ففتح قرية من قرى الكوفة (إلى عقبة حلوان) بن
عمران بضم فسكون قرية بين بغداد وهمزان (عرضا ومن الغلث) بفتح فسكون فمثلثة
قرية شرقي دجلة موقوفة على العلوية، وما قيل من الثعلبة بفتح فسكون غلط مصنف عن
المغرب (إلى عبادان) بالتشديد حصن صغير بشط البحر في المثل: ليس وراء
عبادان قرية مستصفى (طولا) وبالأيام اثنان وعشرون يوما ونصف وعرضه عشرة أيام
سراج (وما فتح عنوة و) لم يقسم بين جيشنا إلا مكة سواء (أقر أهله عليه)
أو نقل إليه كفار أخر (أو فتح صلحا خراجية) لأنه أليق بالكافر
(وأرض
السواد مملوكة لأهلها يجوز بيعهم لها وتصرفهم فيها) هداية، وعند الأئمة الثلاثة
هي موقوفة على المسلمين فلم يجز بيعهم فتح
(ويجب الخراج في أرض
الوقف) إلا المشتراة من بيت المال إذا وقفها مشتريها فلا عشر ولا خراج
شرنبلالية معزيا للبحر وكذا لو لم يوقفها كما ذكرته في شرح الملتقى (والصبي
والمجنون لو) كانت الأرض (خراجية والعشر لو عشرية) درر ومر في الزكاة
وقالوا
أراضي الشام ومصر خراجية وفي الفتح المأخوذ الآن من أراضي مصر أجرة لا خراج، ألا
ترى أنها ليست مملوكة للزراع كأنه لموت المالكين شيئا فشيئا بلا وارث فصارت لبيت
المال وعلى هذا فلا يصح بيع الإمام، ولا شراؤه من وكيل بيت المال لشيء منها لأنه
كوكيل اليتيم فلا يجوز إلا لضرورة والعياذ بالله تعالى زاد في البحر أو رغب في
العقار بضعف قيمته. على قول المتأخرين المفتى به.
قلت: وسيجيء
في باب الوصي جواز بيع عقار الصبي في سبع مسائل، وأفتى مفتي دمشق فضل الله الرومي
بأن غالب أراضينا سلطانية لانقراض ملاكها، فآلت لبيت المال، فتكون في يد زراعها
كالعارية ا هـ وفي النهر عن الواقعات: لو أراد السلطان شراءها لنفسه يأمر غيره
ببيعها ثم يشتريها منه لنفسه انتهى، وإذا لم يعرف الحال في الشراء من بيت المال
فالأصل الصحة وبه عرف صحة وقف المشتراة من بيت المال وأن شروط الواقفين صحيحة
وأنه لا خراج على أراضيها
(وموات أحياه ذمي بإذن الإمام) أو رضخ
له كما مر (خراجي ولو أحياه مسلم اعتبر قربه) ما قارب الشيء يعطى حكمه
(وكل
منهما) أي العشرية والخراجية (إن سقي بماء العشر أخذ منه العشر إلا أرض كافر
تسقى بماء العشر) إذ الكافر لا يبدأ بالعشر (وإن سقى بماء الخراج أخذ منه
الخراج) لأن النماء بالماء
(وهو) أي الخراج (نوعان خراج
مقاسمة إن كان الواجب بعض الخارج كالخمس ونحوه، وخراج وظيفة إن كان الواجب شيئا
في الذمة يتعلق بالتمكن من الانتفاع بالأرض كما وضع عمر رضي الله عنه على السواد
لكل جريب) هو ستون ذراعا في ستين بذراع كسرى سبع قبضات، وقيل المعتبر في كل
بلدة عرفهم، وعرف مصر التقدير بالفدان فتح وعلى الأول المعول بحر (يبلغه الماء
صاعا من بر أو شعير ودرهما) عطف على صاع من أجود النقود زيلعي (ولجريب الرطبة
خمسة دراهم ولجريب الكرم أو النخل متصلة) قيد فيهما (ضعفها ولما سواه) مما
ليس فيه توظيف عمر (كزعفران وبستان) هو كل أرض يحوطها حائط وفيها أشجار
متفرقة يمكن الزرع تحتها فلو ملتفة أي متصلة لا يمكن زراعة أرضها فهو كرم
(طاقته
و) غاية الطاقة (نصف الخارج) لأن التنصيف عين الإنصاف (فلا يزد عليه)
في إخراج المقاسمة ولا في الموظف على مقدار ما وظفه عمر رضي الله تعالى عنه، وإن
أطاقت على الصحيح كافي
(وينقص مما وظف) عليها (إن لم تطق) بأن
لم يبلغ الخارج ضعف الخراج الموظف فينقص إلى نصف الخارج وجوبا وجوازا عند
الإطاقة، وينبغي أن لا يزاد على النصف ولا ينقص عن الخمس حدادي، وفيه لو غرس بأرض
الخراج كرما أو شجرا فعليه خراج الأرض إلى أن يطعم وكذا لو قلع الكرم. وزرع
الحب فعليه خراج الكرم، وإذا أطعم فعليه قدر ما يطيق ولا يزيد على عشرة دراهم ولا
ينقص عما كان وكل ما يمكن الزرع تحت شجره فبستان، وما لا يمكن فكرم، وأما الأشجار
التي على المسناة فلا شيء فيها انتهى: وفي زكاة الخانية قوم شروا ضيعة فيها كرم
وأرض فشرى أحدهما الكرم والآخر الأراضي وأرادوا قسم الخراج، فلو معلوما فكما كان
قبل الشراء وإلا كأن كان جملة - فإن لم تعرف الكروم إلا كروما قسم بقدر الحصص
قرية خراجهم متفاوت، فطلبوا التسوية إن لم يعلم قدره ابتداء ترك على ما كان
(ولا
خراج إن غلب الماء على أرضه أو انقطع) الماء (أو أصاب الزرع آفة سماوية كغرق
وحرق وشدة برد) إلا إذا بقي من السنة ما يمكن الزرع فيه ثانيا (أما إذا كانت
الآفة غير سماوية) ويمكن الاحتراز عنها (كأكل قردة وسباع ونحوهما) كأنعام
وفأر ودودة بحر (أو هلك) الخارج (بعد الحصاد لا) يسقط وقبله يسقط ولو هلك
بعضه إن فضل عما أنفق شيء أخذ منه مقدار ما بينا مصنف سراج وتمامه في الشرنبلالي
معزيا للبحر. قال وكذا حكم الإجارة في الأرض المستأجرة
(فإن عطلها
صاحبها وكان خراجها موظفا أو أسلم) صاحبها (أو اشترى مسلم) من ذمي (أرض
خراج) يجب الخراج (ولو منعه إنسان من الزراعة أو كان الخارج) خراج
(مقاسمة لا) يجب شيء سراج، وقد علمت أن المأخوذ من أراضي مصر أجرة لا خراج
فما يفعل الآن من الأخذ من الفلاح وإن لم يزرع ويسمى ذلك فلاحة وإجباره على
السكنى في بلدة معينة يعمر داره ويزرع الأرض حرام بلا شبهة نهر ونحوه في
الشرنبلالي معزيا للبحر حيث قال: وتقدم أن مصر الآن ليست خراجية بل بالأجرة فلا
شيء على من لم يزرع ولم يكن مستأجرا، ولا جبر عليه بتسييبها، فما يفعله الظلمة من
الإضرار به حرام خصوصا إذا أراد الاشتغال بالعلم، وقالوا لو زرع الأخس قادرا على
الأعلى كزعفران فعليه خراج الأعلى وهذا يعلم ولا يفتى به كي لا يتجرأ
الظلمة.
(باع أرضا خراجية إن بقي من السنة مقدار ما يتمكن المشتري
من الزراعة فعليه الخراج وإلا فعلى البائع) عناية.
(ولا يؤخذ
العشر من الخارج من أرض الخراج) لأنهما لا يجتمعان خلافا للشافعي
(ولا
يتكرر الخراج بتكرر الخارج في سنة لو موظفا وإلا) بأن كان خراج مقاسمة
(تكرر) لتعلقه بالخارج حقيقة (كالعشر) فإنه يتكرر.
(ترك
السلطان) أو نائبه (الخراج لرب الأرض) أو وهبه له ولو بشفاعة (جاز) عند
الثاني وحل له لو مصرفا وإلا تصدق به به يفتى، وما في الحاوي من ترجيح حله لغير
المصرف خلاف المشهور (ولو ترك العشر لا) يجوز إجماعا ويخرجه بنفسه للفقراء
سراج، خلافا لما في قاعدة تصرف الإمام منوط بالمصلحة من الأشباه معزيا للبزازية
فتنبه.
وفي النهر يعلم من قول الثاني حكم الإقطاعات من أراضي بيت
المال إذ حاصلها: أن الرقبة لبيت المال - والخراج له وحينئذ فلا يصح بيعه ولا
هبته، ولا وقفه. نعم له إجارته تخريجا على إجارة المستأجر، ومن الحوادث، لو
أقطعها السلطان له ولأولاده ونسله وعقبه، على أن من مات منهم انتقل نصيبه إلى
أخيه ثم مات السلطان، وانتقل من أقطع له في زمن سلطان آخر، هل يكون لأولاده؟ لم
أره ومقتضى قواعدهم إلغاء التعليق بموت المعلق فتدبره، ولو أقطعه السلطان أرضا
مواتا أو ملكها السلطان، ثم أقطعها له جاز وقفه لها والأرصاد من السلطان ليس
بإيقاف ألبتة وفي الأشباه قبيل القول في الدين أفتى العلامة قاسم بصحة إجارة
المقطع وأن للإمام أن يخرجه متى شاء، وقيده ابن نجيم بغير الموات، أما الموات
فليس للإمام إخراجه عنه لأنه تملكه بالإحياء فليحفظ.
فصل في الجزية
هي لغة الجزاء، لأنها جزت عن القتل والجمع جزى كلحية ولحى، وهي
نوعان (الموضوع من الجزية بصلح لا) يقدر ولا (يغير) تحرزا عن الغدر
(وما وضع بعدما قهروا وأقروا على أملاكهم يقدر في كل سنة على فقير معتمل)
يقدر على تحصيل النقدين بأي وجه كان ينابيع، وتكفي صحته في أكثر السنة هداية
(اثنا عشر درهما) في كل شهر درهم (وعلى وسط الحال ضعفه) في كل شهر درهمان
(وعلى المكثر ضعفه) في كل شهر أربعة دراهم وهذا للتسهيل لا لبيان الوجوب لأنه
بأول الحول بناية (ومن ملك عشرة آلاف درهم فصاعدا غني ومن ملك مائتي درهم
فصاعدا متوسط ومن ملك ما دون المائتين أو لا يملك شيئا فقير) قاله الكرخي، وهو
أحسن الأقوال، وعليه الاعتماد بحر واعتبر أبو جعفر العرف، وهو الأصح تتارخانية،
ويعتبر وجود هذه الصفات في آخر السنة فتح لأنه وقت وجوب الأداء نهر
(وتوضع
على كتابي) يدخل في اليهود السامرة لأنهم يدينون بشريعة موسى عليه الصلاة
والسلام، وفي النصارى الفرنج والأرمن وأما الصابئة ففي الخانية تؤخذ منهم عنده
خلافا لهما (ومجوسي) ولو عربيا لوضعه عليه الصلاة والسلام على مجوس هجر
(ووثني عجمي) لجواز استرقاقه فجاز ضرب الجزية عليه (لا) على وثني
(عربي) لأن المعجزة في حقه أظهر فلم يعذر (ومرتد) فلا يقبل منهما إلا
الإسلام أو السيف ولو ظهرنا عليهم فنساؤهم وصبيانهم فيء (وصبي وامرأة وعبد)
ومكاتب ومدبر وابن أم ولد (وزمن) من زمن يزمن زمانة نقص بعض أعضائه أو تعطل
قواه فدخل المفلوج والشيخ العاجز (وأعمى وفقير غير معتمل وراهب لا يخالط)
لأنه لا يقتل والجزية لإسقاطه وجزم الحدادي بوجوبها ونقل ابن كمال أنه القياس
ومفاده أن الاستحسان بخلافه فتأمل
(والمعتبر في الأهلية) للجزية
(وعدمها وقت الوضع) فمن أفاق أو عتق أو بلغ أو برئ بعد وضع الإمام لم توضع
عليه (بخلاف الفقير إذا أيسر بعد الوضع حيث توضع عليه) لأن سقوطها لعجزه وقد
زال اختيار.
(وهي) أي الجزية ليست رضا منا بكفرهم كما طعن
الملاحدة بل إنما هي (عقوبة) لهم على إقامتهم (على الكفر) فإذا جاز
إمهالهم للاستدعاء إلى الإيمان بدونها فهي أولى، وقال تعالى -: {حتى يعطوا
الجزية عن يد وهم صاغرون} - وأخذها عليه الصلاة والسلام من مجوس هجر ونصارى
نجران وأقرهم على دينهم.
ثم فرع عليه بقوله (فتسقط بالإسلام)
ولو بعد تمام السنة، ويسقط المعجل لسنة لا لسنتين، فيرد عليه سنة خلاصة (والموت
والتكرار) للتداخل كما سيجيء (و) ب (العمى والزمانة وصيرورته) - فقيرا
أو (مقعدا أو شيخا كبيرا لا يستطيع العمل) ثم بين التكرار فقال (وإذا اجتمع
عليه حولان تداخلت والأصح سقوط جزية السنة الأولى بدخول) السنة (الثانية)
زيلعي لأن الوجوب بأول الحول بعكس خراج الأرض
(ويسقط الخراج ب)
الموت في الأصح حاوي و ب (التداخل) كالجزية (وقيل لا) يسقط كالعشر وينبغي
ترجيح الأول لأن الخراج عقوبة بخلاف العشر بحر قال المصنف وعزاه في الخانية لصاحب
المذهب فكان هو المذهب وفيها لا يحل أكل الغلة حتى يؤدي الخراج
(ولا
تقبل من الذمي لو بعثها على يد نائبه) في الأصح (بل يكلف أن يأتي بنفسه
فيعطيها قائما والقابض منه قاعد) هداية ويقول: - أعط يا عدو الله، ويصفعه في
عنقه لا يا كافر، ويأثم القائل إن أذاه به قنية
(ولا) يجوز أن
(يحدث بيعة، ولا كنيسة ولا صومعة، ولا بيت نار، ولا مقبرة) ولا صنما حاوي
(في دار الإسلام) ولو قرية في المختار فتح
(ويعاد المنهدم) أي
لا ما هدمه الإمام، بل ما انهدم أشباه في آخر الدعاء برفع الطاعون (من غير
زيادة على البناء الأول) ولا يعدل عن النقض الأول إن كفى وتمامه في شرح
الوهبانية - وأما القديمة فتترك مسكنا في الفتحية ومعبدا في الصلحية بحر خلافا
لما في القهستاني فتنبه.
(ويميز الذمي عنا في زيه) بالكسر لباسه
وهيئته ومركبه وسرجه وسلاحه (فلا يركب خيلا) إلا إذا استعان بهم الإمام
لمحاربة وذب عنا ذخيرة وجاز بغل كحمار تتارخانية وفي الفتح وهذا عند المتقدمين
واختار المتأخرون أنه لا يركب أصلا إلا لضرورة وفي الأشباه. والمعتمد أن لا
يركبوا مطلقا ولا يلبسوا العمائم وإن ركب الحمار لضرورة نزل في المجامع (ويركب
سرجا كالأكف) كالبرذعة في مقدمة شبه الرمانة (ولا يعمل بسلاح ويظهر
الكستيج) فارسي معرب الزنار من صوف أو شعر وهل يلزم تمييزهم بكل العلامات خلاف
أشباه. والصحيح إن فتحها عنوة فله ذلك وإلا فعلى الشرط تتارخانية (ويمنع من
لبس العمامة) ولو زرقاء أو صفراء على الصواب نهر ونحوه في البحر واعتمده في
الأشباه كما قدمناه وإنما تكون طويلة سوداء (و) من (زنار - الإبريسم
والثياب الفاخرة المختصة بأهل العلم والشرف) كصوف مربع وجوخ رفيع وأبراد رقيقة
ومن استكتاب ومباشرة يكون بها معظما عند المسلمين وتمامه في الفتح. وفي
الحاوي: وينبغي أن يلازم الصغار فيما يكون بينه وبين المسلم في كل شيء وعليه
فيمنع من القعود حال قيام المسلم عنده بحر. ويحرم تعظيمه، وتكره مصافحته، ولا
يبدأ بسلام إلا لحاجة ولا يزاد في الجواب علي وعليك ويضيق عليه في المرور ويجعل
على داره علامة وتمامه في الأشباه من أحكام الذمي. وفي شرح الوهبانية
للشرنبلالي: ويمنعون من استيطان مكة والمدينة لأنهما من أرض العرب قال عليه
الصلاة والسلام: «لا يجتمع في أرض العرب دينان» ولو دخل لتجارة جاز ولا يطيل.
وأما دخوله المسجد الحرام فذكر في السير الكبير المنع، وفي الجامع الصغير عدمه
والسير الكبير آخر تصنيف محمد رحمه الله تعالى - فالظاهر أنه أورد فيه ما استقر
عليه الحال انتهى. وفي الخانية تميز نساؤهم لا عبيدهم بالكستيج.
(الذمي
إذا اشترى دارا) أي أراد شراءها (في المصر لا ينبغي أن تباع منه فلو اشترى
يجبر على بيعها من المسلم) وقيل لا يجبر إلا إذا كثر درر. قلت: وفي معروضات
المفتي أبي السعود منكتاب الصلاة
سئل عن مسجد لم يبق في أطرافه بيت
أحد من المسلمين وأحاط به الكفرة فكان الإمام والمؤذن فقط لأجل وظيفتهما يذهبان
إليه فيؤذنان ويصليان به فهل تحل لهم الوظيفة؟ فأجاب بقوله: تلك البيوت
تأخذها المسلمون بقيمتها جبرا على الفور وقد ورد الأمر الشريف السلطاني بذلك
فالحاكم لا يؤخر هذا أصلا، وفيها من الجهاد، وبعد أن ورد الأمر الشريف السلطاني
بعدم استخدام الذميين للعبيد والجواري لو استخدم ذمي عبدا أو جارية ماذا يلزمه؟
فأجاب: يلزمه التعزير الشديد والحبس ففي الخانية: ويؤمرون بما كان استخفافا
لهم وكذا تميز دورهم عن دورنا انتهى فليحفظ ذلك.
(وإذا تكارى أهل
الذمة دورا فيما بين المسلمين ليسكنوا فيها) في المصر (جاز) لعود نفعه
إلينا وليروا تعاملنا فيسلموا (بشرط عدم تقليل الجماعات لسكناهم) شرطه الإمام
الحلواني (فإن لزم ذلك من سكناهم أمروا بالاعتزال عنهم والسكنى بناحية ليس فيها
مسلمون) وهو محفوظ عن أبي يوسف بحر عن الذخيرة، وفي الأشباه: واختلف في
سكناهم بيننا في المصر والمعتمد الجواز في محلة خاصة انتهى وأقره المصنف وغيره،
لكن رده شيخ الإسلام جوى زاده وجزم بأنه فهم خطأ فكأنه فهم من الناحية المحلة،
وليس كذلك فقد صرح التمرتاشي في شرح الجامع الصغير بعدما نقل عن الشافعي أنهم
يؤمرون ببيع دورهم في أمصار المسلمين وبالخروج عنها، وبالسكنى خارجها لئلا يكون
لهم محلة خاصة نقلا عن النسفي، والمراد أي بالمنع المذكور عن الأمصار أن يكون لهم
في المصر محلة خاصة يسكنونها ولهم فيها منعة عارضة كمنعة المسلمين فإما سكنا
بينهم وهم مقهورون، فلا وذلك كذا في فتاوى الإسكوبي فليحذر
(وينتقض
عهدهم بالغلبة على موضع للحرب أو باللحاق بدار الحرب) زاد في الفتح أو
بالامتناع عن قبول الجزية (أو يجعل نفسه طليعة للمشركين) بأن يبعث ليطلع على
أخبار العدو. فلو لم يبعثوه لذلك لم ينتقض عهده وعليه يحمل كلام المحيط
(وصار) الذمي في هذه الأربع صور (كالمرتد) في كل أحكامه (إلا أنه) لو
أسر (يسترق) والمرتد يقتل (ولا يجبر على قبول الذمة) والمرتد يجبر على
الإسلام (لا) ينتقض عهده (بقوله نقضت العهد) زيلعي (بخلاف الأمان)
للحربي، فإنه ينتقض بالقول بحر (ولا بالإباء عن) أداء (الجزية) بل عن
قبولها كما مر ونقل العيني عن الواقعات قتله بالإباء عن الأداء قال وهو قول
الثلاثة لكن ضعفه في البحر (و) لا (بالزنا بمسلمة وقتل مسلم) وإفتان مسلم
عن دينه وقطع الطريق (وسب النبي صلى الله عليه وسلم) لأن كفره المقارن له لا
يمنعه فالطارئ لا يرفعه فلو من مسلم قبل كما سيجيء
(ويؤدب الذمي
ويعاقب على سبه دين الإسلام أو القرآن أو النبي) صلى الله عليه وسلم حاوي وغيره
قال العيني: واختياري في السب أن يقتل. ا هـ. وتبعه ابن الهمام. قلت:
وبه أفتى شيخنا الخير الرملي وهو قول الشافعي، ثم رأيت في معروضات المفتي أبي
السعود، أنه ورد أمر سلطاني بالعمل بقول أئمتنا القائلين بقتله إذا ظهر أنه
معتاده وبه أفتى ثم أفتى في بكر اليهودي قال لبشر النصراني نبيكم عيسى ولد زنا
بأنه يقتل لسبه للأنبياء عليهم الصلاة والسلام ا هـ. قلت: ويؤيده أن ابن كمال
باشا في أحاديثه الأربعينية في الحديث الرابع والثلاثين: يا عائشة لا تكوني
فاحشة ما نصه: والحق أنه يقتل عندنا إذا أعلن بشتمه عليه الصلاة والسلام صرح به
في سير الذخيرة، حيث قال: واستدل محمد لبيان قتل المرأة إذا أعلنت بشتم الرسول
بما روي: «أن عمر بن عدي لما سمع عصماء بنت مروان تؤذي الرسول فقتلها ليلا مدحه
صلى الله عليه وسلم على ذلك» انتهى فليحفظ.
(ويؤخذ من مال بالغ
تغلبين وتغلبية) لا من طفلهم إلا الخراج (ضعف زكاتنا) بأحكامها (مما تجب
فيه الزكاة) المعهودة بيننا لأن الصلح وقع كذلك (و) يؤخذ (من مولاه) أي
معتق التغلبي (في الجزية والخراج كمولى القرشي) وحديث: «مولى القوم منهم»
مخصوص بالإجماع
(ومصرف الجزية والخراج ومال التغلبي وهديتهم
للإمام) وإنما يقبلها إذا وقع عندهم إن قتالنا للدين لا الدنيا جوهرة (وما
أخذ منهم بلا حرب) ومنه تركة ذمي وما أخذه عاشر منهم ظهيرية (مصالحنا) خبر
مصرف (كسد ثغور وبناء قنطرة وجسر وكفاية العلماء) والمتعلمين تجنيس وبه يدخل
طلبة العلم فتح (والقضاة والعمال) ككتبة قضاة وشهود قسمة ورقباء سواحل
(ورزق المقاتلة وذراريهم) أي ذراري من ذكر مسكين واعتمده في البحر قائلا:
وهل يعطون بعد موت آبائهم حالة الصغر؟ لم أره، وإلى هنا تمت مصارف بيت المال
ثلاثة، فهذا مصرف جزية وخراج ومصرف زكاة وعشر مر في الزكاة، ومصرف خمس وركاز مر
في السير وبقي رابع وهو لقطة وتركة بلا وارث، ودية مقتول بلا ولي، ومصرفها لقيط
فقير وفقير بلا ولي وعلى الإمام أن يجعل لكل نوع بيتا يخصه وله أن يستقرض من
أحدها ليصرفه للآخر ويعطي بقدر الحاجة والفقه والفضل فإن قصر كان الله عليه حسيبا
زيلعي. وفي الحاوي: المراد بالحافظ في حديث: «لحافظ القرآن مائتا دينار» -
هو المفتي اليوم ولا شيء لذمي في بيت المال إلا أن يهلك لضعفه فيعطيه ما يسد
جوعته (ومن مات) ممن ذكر (في نصف الحول حرم من العطاء) لأنه صلة فلا تملك
إلا بالقبض، وأهل العطاء في زماننا القاضي والمفتي والمدرس صدر شريعة (ولو)
مات (في آخره) أو بعد تمامه كما صححه أخي زاده (يستحب الصرف إلى قريبه)
لأنه أوفى تعبه فيندب الوفاء له ومن تعجله ثم مات أو عزل قبل الحول يجب رد ما بقي
وقيل لا كالنفقة المعجلة زيلعي
(والمؤذن والإمام إذا كان لهما وقف
ولم يستوفيا حتى ماتا فإنه يسقط) لأنه كالصلة (وكذلك القاضي وقيل لا) يسقط
لأنه كالأجرة وهذا ثابت في نسخ الشرح ساقط من نسخ المتن هنا وتمامه في الدرر وقد
لخصناه في الوقف.
باب المرتد
هو لغة الراجع مطلقا وشرعا (الراجع عن دين الإسلام وركنها إجراء
كلمة الكفر على اللسان بعد الإيمان) وهو تصديق محمد صلى الله عليه وسلم في جميع
ما جاء به عن الله تعالى مما علم مجيئه ضرورة وهل هو فقط أو هو مع الإقرار؟
قولان وأكثر الحنفية على الثاني والمحققون على الأول والإقرار شرط لإجراء الأحكام
الدنيوية بعد الاتفاق على أنه يعتقد متى طولب به أتى به فإن طولب به فلم يقر فهو
كفر عناد قاله المصنف وفي الفتح من هزل بلفظ كفر ارتد وإن لم يعتقده للاستخفاف
فهو ككفر العناد. والكفر لغة: الستر. وشرعا: تكذيبه صلى الله عليه وسلم
في شيء مما جاء به من الدين ضرورة وألفاظه تعرف في الفتاوى، بل أفردت بالتآليف مع
أنه لا يفتى بالكفر بشيء منها إلا فيما اتفق المشايخ عليه كما سيجيء قال في
البحر: وقد ألزمت نفسي أن لا أفتي بشيء منها.
. (وشرائط صحتها
العقل) والصحو (والطوع) فلا تصح ردة مجنون، ومعتوه وموسوس، وصبي لا يعقل
وسكران ومكره عليها، وأما البلوغ والذكورة فليسا بشرط بدائع. وفي الأشباه لا
تصح ردة السكران إلا الردة بسب النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يقتل ولا يعفى
عنه
(من ارتد عرض) الحاكم (عليه الإسلام استحبابا) على المذهب
لبلوغه الدعوة (وتكشف شبهته) بيان لثمرة العرض (ويحبس) وجوبا وقيل ندبا
(ثلاثة أيام) يعرض عليه الإسلام في كل يوم منها خانية (إن استمهل) أي طلب
المهلة وإلا قتله من ساعته إلا إذا رجي إسلامه بدائع وكذا؛ لو ارتد ثانيا لكنه
يضرب، وفي الثالثة يحبس أيضا حتى تظهر عليه التوبة، فإن عاد فكذلك تتارخانية.
قلت: لكن نقل في الزواجر عن آخر حدود الخانية معزيا للبلخي ما يفيد قتله بلا
توبة فتنبه (فإن أسلم) فيها (وإلا قتل) لحديث: «من بدل دينه فاقتلوه»
(وإسلامه أن يتبرأ عن الأديان) سوى الإسلام (أو عما انتقل إليه) بعد نطقه
بالشهادتين، وتمامه في الفتح؛ ولو أتى بهما على وجه العادة لم ينفعه ما لم يتبرأ
بزازية.
(وكره) تنزيها لما مر (قتله قبل العرض بلا ضمان)
لأن الكفر مبيح للدم، قيد بإسلام المرتد لأن الكفار أصناف خمسة: من ينكر الصانع
كالدهرية، ومن ينكر الوحدانية كالثنوية، ومن يقر بهما لكن ينكر بعثة الرسل
كالفلاسفة، ومن ينكر الكل كالوثنية، ومن يقر بالكل لكن ينكر عموم رسالة المصطفى
صلى الله عليه وسلم كالعيسوية، فيكتفي في الأولين بقول لا إله إلا الله، وفي
الثالث بقول محمد رسول الله، وفي الرابع بأحدهما، وفي الخامس بهما مع التبري عن
كل دين يخالف دين الإسلام بدائع وآخر كراهية الدرر، وحينئذ فيستفسر من جهل حاله
بل عمم في الدرر اشتراط التبري من كل يهودي ونصراني، ومثله في فتاوى المصنف وابن
نجيم وغيرهما. وفي رهن فتاوى قارئ الهداية كذا أفتى علماؤنا. والذي أفتى به
صحته بالشهادتين بلا تبري، لأن التلفظ بها صار علامة على الإسلام فيقتل إن رجع ما
لم يعد.
(و) اعلم أنه (لا يفتى بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على
محمل حسن أو كان في كفره خلاف، ولو) كان ذلك (رواية ضعيفة) كما حرره في
البحر، وعزاه في الأشباه إلى الصغرى. وفي الدرر وغيرها: إذا كان في المسألة
وجوه توجب الكفر وواحد يمنعه فعلى المفتي الميل لما يمنعه، ثم لو نيته ذلك فمسلم
وإلا لم ينفعه حمل المفتي على خلافه، وينبغي التعوذ بهذا الدعاء صباحا ومساء فإنه
سبب العصمة من الكفر بوعد الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ
بك من أن أشرك بك شيئا وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم إنك أنت علام
الغيوب».
وتوبة اليأس مقبولة دون إيمان اليأس درر. وفيها أيضا شهد
نصرانيان على نصراني أنه أسلم وهو ينكر لم تقبل شهادتهما، وكذا لو شهد رجل
وامرأتان من المسلمين. وفي النوازل: تقبل شهادة رجل وامرأتين على الإسلام
وشهادة نصرانيين على نصراني بأنه أسلم. ا هـ..
(وكل مسلم ارتد
فتوبته مقبولة إلا) جماعة من تكررت ردته على ما مر و (الكافر بسب نبي) من
الأنبياء فإنه يقتل حدا ولا تقبل توبته مطلقا، ولو سب الله تعالى قبلت لأنه حق
الله تعالى، والأول حق عبد لا يزول بالتوبة، ومن شك في عذابه وكفره كفر، وتمامه
في الدرر في فصل الجزية معزيا للبزازية، وكذا لو أبغضه بالقلب فتح وأشباه. وفي
فتاوى المصنف: ويجب إلحاق الاستهزاء والاستخفاف به لتعلق حقه أيضا. وفيها:
سئل عمن قال لشريف لعن الله والديك ووالدي الذين خلفوك. فأجاب: الجمع المضاف
يعم ما لم يتحقق عهد، خلافا لأبي هاشم وإمام الحرمين كما في جمع الجوامع، وحينئذ
فيعم حضرة الرسالة فينبغي القول بكفره، وإذا كفر بسبه لا توبة له على ما ذكره
البزازي وتوارده الشارحون، نعم لو لوحظ قول أبي هاشم وإمام الحرمين باحتمال العهد
فلا كفر، وهو اللائق بمذهبنا لتصريحهم بالميل إلى ما لا يكفر. وفيها: من نقص
مقام الرسالة بقوله بأن سبه صلى الله عليه وسلم أو بفعله بأن بغضه بقلبه قتل حدا
كما مر التصريح به، لكن صرح في آخر الشفاء بأن حكمه كالمرتد، ومفاده قبول التوبة
كما لا يخفى، زاد المصنف في شرحه: وقد سمعت من مفتي الحنفية بمصر شيخ الإسلام
ابن عبد العال أن الكمال وغيره تبعوا البزازي والبزازي تبع صاحب [السيف
المسلول] عزاه إليه ولم يعزه لأحد من علماء الحنفية وقد صرح في النتف ومعين
الحكام وشرح الطحاوي وحاوي الزاهدي وغيرها بأن حكمه كالمرتد ولفظ النتف من سب
الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه مرتد وحكمه حكم المرتد ويفعل به ما يفعل بالمرتد
انتهى. - وهو ظاهر في قبول توبته كما مر عن الشفاء ا هـ فليحفظ. قلت: وظاهر
الشفاء أن قوله يا ابن ألف خنزير أو يا ابن مائة كلب، وأن قوله لهاشمي لعن الله
بني هاشم كذلك وأن شتم الملائكة كالأنبياء فليحرر. ومن حوادث الفتوى ما لو حكم
حنفي بكفره بسب نبي هل للشافعي أن يحكم بقبول توبته، الظاهر نعم لأنها حادثة أخرى
وإن حكم بموجبه نهر. قلت: ثم رأيت في معروضات المفتي أبي السعود سؤالا
ملخصه: أن طالب علم ذكر عنده حديث نبوي فقال أكل أحاديث النبي صلى الله عليه
وسلم صدق يعمل بها. فأجاب بأنه يكفر أولا بسبب استفهامه الإنكاري، وثانيا
بإلحاقه الشين للنبي صلى الله عليه وسلم ففي كفره الأول عن اعتقاده يؤمر بتجديد
الإيمان فلا يقتل، والثاني يفيد الزندقة، -. فبعد أخذه لا تقبل توبته اتفاقا
فيقتل، وقبله اختلف في قبول توبته، فعند أبي حنيفة تقبل فلا يقتل وعند بقية
الأئمة لا تقبل ويقتل حدا فلذلك ورد أمر سلطاني في سنة 944 لقضاة الممالك المحمية
برعاية رأي الجانبين بأنه إن ظهر صلاحه وحسن توبته وإسلامه لا يقتل، ويكتفى
بتعزيره وحبسه عملا بقول الإمام الأعظم وإن لم يكن من أناس يفهم خيرهم يقتل عملا
بقول الأئمة، ثم في سنة 955 تقرر هذا الأمر بآخر، فينظر القائل من أي الفريقين هو
فيعمل بمقتضاه ا هـ فليحفظ، وليكن التوفيق
(أو) الكافر بسب
(الشيخين أو) بسب (أحدهما) في البحر عن الجوهرة معزيا للشهيد من سب
الشيخين أو طعن فيهما كفر ولا تقبل توبته، وبه أخذ الدبوسي وأبو الليث، وهو
المختار للفتوى انتهى، وجزم به في الأشباه وأقره المصنف قائلا: وهذا يقوي القول
بعدم قبول توبة ساب الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الذي ينبغي التعويل عليه في
الإفتاء والقضاء رعاية لجانب حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ا هـ لكن في النهر
وهذا لا وجود له في أصل الجوهرة، وإنما وجد على هامش بعض النسخ، فألحق بالأصل مع
أنه لا ارتباط له بما قبله انتهى. قلت: ويكفينا ما مر من الأمر فتدبر.
وفي
المعروضات المذكورة ما معناه أن من قال عن فصوص الحكم للشيخ محيى الدين بن العربي
إنه خارج عن الشريعة وقد صنفه للإضلال ومن طالعه ملحد ماذا يلزمه؟ أجاب: نعم
فيه كلمات تباين الشريعة، وتكلف بعض المتصلفين لإرجاعها إلى الشرع، لكنا تيقنا أن
بعض اليهود افتراها على الشيخ قدس الله سره فيجب الاحتياط بترك مطالعة تلك
الكلمات، وقد صدر أمر سلطاني بالنهي فيجب الاجتناب من كل وجه انتهى فليحفظ، وقد
أثنى صاحب القاموس عليه في سؤال رفع إليه فيه، فكتب اللهم أنطقنا بما فيه رضاك،
الذي أعتقده وأدين الله به إنه كان رضي الله تعالى عنه شيخ الطريقة حالا وعلما،
وإمام الحقيقة حقيقة ورسما ومحيي رسوم المعارف فعلا واسما: إذا تغلغل فكر المرء
في طرف من علمه غرقت فيه خواطره عباب لا تكدر الدلاء، وسحاب تتقاصى عنه الأنواء،
كانت دعوته تخرق السبع الطباق، وتفرق بركاته فتملأ الآفاق. وإني أصفه وهو يقينا
فوق ما وصفته، وناطق بما كتبته، وغالب ظني أني ما أنصفته: وما علي إذا ما قلت
معتقدي دع الجهول يظن الجهل عدوانا والله والله والله العظيم ومن أقامه حجة لله
برهانا إن الذي قلت بعض من مناقبه ما زدت إلا لعلي زدت نقصانا إلى أن قال: ومن
خواص كتبه أنه من واظب على مطالعتها انشرح صدره لفك المعضلات، وحل المشكلات وقد
أثنى عليه الشيخ العارف عبد الوهاب الشعراني سيما في كتابه [تنبيه الأغبياء،
على قطرة من بحر علوم الأولياء] فعليك وبالله التوفيق
(و)
الكافر بسبب اعتقاد (السحر) لا توبة له (ولو امرأة) في الأصح لسعيها في
الأرض بالفساد ذكره الزيلعي، ثم قال (و) كذا الكافر بسبب (الزندقة) - لا
توبة له، وجعله في الفتح ظاهر المذهب، لكن في حظر الخانية الفتوى على أنه (إذا
أخذ) الساحر أو الزنديق المعروف الداعي (قبل توبته) ثم تاب لم تقبل توبته
ويقتل، ولو أخذ بعدها قبلت. وأفاد في السراج أن الخناق لا توبة له. وفي
الشمني: الكاهن قيل كالساحر. وفي حاشية البيضاوي لمنلا خسرو: الداعي إلى
الإلحاد والإباحي كالزنديق. وفي الفتح: والمنافق الذي يبطن الكفر ويظهر
الإسلام كالزنديق الذي لا يتدين بدين، وكذا من علم أنه ينكر في الباطن بعض
الضروريات كحرمة الخمر ويظهر اعتقاد حرمته، وتمامه فيه. وفيه: يكفر الساحر
بتعلمه وفعله اعتقد تحريمه أو لا ويقتل انتهى؛ لكن في حظر الخانية: لو استعمله
للتجربة والامتحان ولا يعتقده لا يكفر وحينئذ فالمستثنى أحد عشر.
(و)
اعلم أن (كل مسلم ارتد فإنه يقتل إن لم يتب إلا) جماعة (المرأة والخنثى،
ومن إسلامه تبعا، والصبي إذا أسلم، والمكره على الإسلام، ومن ثبت إسلامه بشهادة
رجلين ثم رجعا) زاد في الأشباه: ومن ثبت إسلامه بشهادة رجل وامرأتين انتهى.
ولو شهد نصرانيان على نصراني أنه أسلم وهو ينكر لم تقبل شهادتهما، وقيل تقبل؛ ولو
على نصرانية قبلت اتفاقا، وتمامه في آخر كراهية الدرر، ويلحق بالصبي من ولدته
المرتدة بيننا إذا بلغ مرتدا، والسكران إذا أسلم وكذا اللقيط لأن إسلامه حكمي لا
حقيقي، وقيد في الخانية وغيرها المكره بالحربي. أما الذمي المستأمن فلا يصح
إسلامه انتهى، لكن حمله المصنف في كتاب الإكراه على جواب القياس. وفي الاستحسان
يصح فليحفظ، وحينئذ فالمستثنى أربعة عشر.
(شهدوا على مسلم بالردة
وهو منكر لا يتعرض له) لا لتكذيب الشهود العدول بل (لأن إنكاره توبة ورجوع)
يعني فيمتنع القتل فقط. وتثبت بقية أحكام المرتد كحبط عمل وبطلان وقف وبينونة
زوجة لو فيما تقبل توبته وإلا قتل كالردة بسبه عليه الصلاة والسلام كما مر
أشباه. زاد في البحر: وقد رأيت من يغلط في هذا المحل وأقره المصنف، وحينئذ
فالمستثنى أربعة عشر. وفي شرح الوهبانية للشرنبلالي: ما يكون كفرا اتفاقا
يبطل العمل والنكاح وأولاده أولاد زنا، وما فيه خلاف يؤمر بالاستغفار والتوبة
وتجديد النكاح
(ولا يترك) المرتد (على ردته بإعطاء الجزية ولا
بأمان مؤقت ولا بأمان مؤبد، ولا يجوز استرقاقه بعد اللحاق) بدار الحرب، بخلاف
المرتدة خانية
(والكفر) كله (ملة واحدة) خلافا للشافعي.
(فلو تنصر يهودي أو عكسه ترك على حاله) ولم يجبر على العود
(ويزول
ملك المرتد عن ماله زوالا موقوفا، فإن أسلم عاد ملكه، وإن مات أو قتل على ردته)
أو حكم بلحاقه (ورث كسب إسلامه وارثه المسلم) ولو زوجته بشرط العدة زيلعي
(بعد قضاء دين إسلامه، وكسب ردته فيء بعد قضاء دين ردته) وقالا: ميراث أيضا
ككسب المرتدة (وإن حكم) القاضي (بلحاقه عتق مدبره) من ثلث ماله (وأم
ولده) من كل ماله (وحل دينه) وقسم ماله ويؤدي مكاتبه إلى الورثة، والولاء
للمرتد لأنه المعتق بدائع، وينبغي أن لا يصح القضاء به إلا في ضمن دعوى حق العبد
نهر
(و) اعلم أن تصرفات المرتد على أربعة أقسام ف (ينفذ منه)
اتفاقا ما لا يعتمد تمام ولاية، وهي خمس: (الاستيلاد والطلاق وقبول الهبة
وتسليم الشفعة والحجر على عبده) المأذون (ويبطل منه) اتفاقا ما يعتمد الملة
وهي خمس (النكاح، والذبيحة، والصيد، والشهادة، والإرث. ويتوقف منه) اتفاقا
ما يعتمد المساواة، وهو (المفاوضة) أو ولاية متعدية (و) هو (التصرف على
ولده الصغير. و) يتوقف منه عند الإمام وينفذ عندهما كل ما كان مبادلة مال
بمال أو عقد تبرع ك (المبايعة) والصرف والسلم (والعتق والتدبير والكتابة
والهبة) والرهن (والإجارة) والصلح عن إقرار، وقبض الدين لأنه مبادلة حكمية
(والوصية) وبقي أمانه وعقله ولا شك في بطلانهما. وأما إيداعه واستيداعه
والتقاطه ولقطته فينبغي عدم جوازها نهر (إن أسلم نفذ، وإن هلك) بموت أو قتل
(أو لحق بدار الحرب وحكم) بلحاقه (بطل) ذلك كله (فإن جاء مسلما قبله)
قبل الحكم (فكأنه لم يرتد) وكما لو عاد بعد الموت الحقيقي زيلعي (وإن)
جاء مسلما (بعده وماله مع وارثه أخذه) بقضاء أو رضا، ولو في بيت المال لا
لأنه فيء نهر (وإن هلك) ماله (أو أزاله) الوارث (عن ملكه لا) يأخذه
ولو قائما لصحة القضاء وله ولاء مدبره وأم ولده ومكاتبه له إن لم يؤد، وإن عجز
عاد رقيقا له بدائع
(ويقضي ما ترك من عبادة في الإسلام) لأن ترك
الصلاة والصيام معصية والمعصية تبقى بعد الردة (وما أدى منها فيه يبطل، ولا
يقضي) من العبادات (إلا الحج) لأنه بالردة صار كالكافر الأصلي، فإذا أسلم
وهو غني فعليه الحج فقط.
(مسلم أصاب مالا أو شيئا يجب به القصاص
أو حد السرقة) يعني المال المسروق لا الحد خانية، وأصله أنه يؤاخذ بحق العبد،
وأما غيره ففيه التفصيل (أو الدية ثم ارتد أو أصابه وهو مرتد في دار الإسلام ثم
لحق) وحاربنا زمانا (ثم جاء مسلما يؤاخذ به كله، ولو أصابه بعدما لحق مرتدا
فأسلم لا) يؤاخذ بشيء من ذلك لأن الحربي لا يؤاخذ بعد الإسلام بما كان أصابه
حال كونه محاربا لنا.
(أخبرت بارتداد زوجها فلها التزوج بآخر بعد
العدة) استحسانا (كما في الإخبار) من ثقة - - (بموته أو تطليقه) ثلاثا،
وكذا لو لم يكن ثقة فأتاها بكتاب طلاقها وأكبر رأيها أنه حق لا بأس بأن تعتد
وتتزوج مبسوط.
(والمرتدة) ولو صغيرة أو خنثى بحر (تحبس)
أبدا، ولا تجالس ولا تؤاكل حقائق (حتى تسلم ولا تقتل) خلافا للشافعي (وإن
قتلها أحد لا يضمن) شيئا ولو أمة في الأصح، وتحبس عند مولاها لخدمته سوى الوطء
سواء طلب ذلك أم لا في الأصح ويتولى ضربها جمعا بين الحقين. وليس للمرتدة
التزوج بغير زوجها به يفتى. وعن الإمام تسترق ولو في دار الإسلام. ولو أفتى
به حسما لقصدها السيئ لا بأس به، وتكون قنة للزوج بالاستيلاء مجتبى. وفي الفتح
أنها فيء للمسلمين، فيشتريها من الإمام أو يهبها له لو مصرفا
(وصح
تصرفها) لأنها لا تقتل (وأكسابها) مطلقا (لورثتها) ويرثها زوجها المسلم
لو مريضة وماتت في العدة كما مر في طلاق المريض. قلت: وفي الزواهر أنه لا
يرثها لو صحيحة لأنها لا تقتل فلم تكن فارة فتأمل.
(ولدت أمته
ولدا فادعاه فهو ابنه حرا يرثه في) أمته (المسلمة مطلقا) ولدته لأقل من نصف
حول أو أكثر لإسلامه تبعا لأمه، والمسلم يرث المرتد (إن مات المرتد) أو لحق
بدارهم، وكذا في (أمته النصرانية) أي الكتابية (إلا إذا جاءت به لأكثر من
نصف حول منذ ارتد) وكذا لنصفه لعلوقه من ماء المرتد فيتبعه لقربه للإسلام
بالجبر عليه والمرتد لا يرث المرتد
(وإن لحق بماله) أي مع ماله
(وظهر عليه فهو) أي ماله (فيء) لا نفسه لأن المرتد لا يسترق (فإن
رجع) أي بعدما لحق بلا مال سواء قضى بلحاقه أو لا في ظاهر الرواية وهو الوجه
فتح (فلحق) ثانيا (بماله وظهر عليه فهو لوارثه) لأنه باللحاق انتقل
لوارثه فكان مالكا قديما، - وحكمه ما مر أنه له (قبل قسمته بلا شيء وبعدها
بقيمته) إن شاء ولا يأخذه لو مثليا لعدم الفائدة
(وإن قضى بعبد)
شخص (مرتد لحق) بدارهم (لابنه فكاتبه) الابن (فجاء) المرتد (مسلما
فبدلها) والولاء كلاهما (للأب) الذي عاد مسلما لجعل الابن كالوكيل.
(مرتد
قتل رجلا خطأ فلحق أو قتل فديته في كسب الإسلام) إن كان وإلا ففي كسب الردة بحر
عن الخانية، وكذا لو أقر بغصب. أما لو كان الغصب بالمعاينة أو بالبينة فإنه في
الكسبين اتفاقا ظهيرية. واعلم أن جناية العبد والأمة والمكاتب والمدبر كجنايتهم
في غير الردة
(قطعت يده عمدا فارتد والعياذ بالله ومات منه أو
لحق) فحكم به (فجاء مسلما فمات منه ضمن القاطع نصف الدية في ماله لوارثه)
في المسألتين لأن السراية حلت محلا غير معصوم فأهدرت، قيد بالعمد لأنه في الخطأ
على العاقلة (و) قيدنا بالحكم بلحاقه لأنه (إن) عاد قبله أو (أسلم
هاهنا) ولم يلحق (فمات منه) بالسراية (ضمن) الدية (كلها) لكونه
معصوما وقت السراية أيضا ارتد القاطع فقتل أو مات ثم سرى إلى النفس فهدر لو عمد
الفوات محل القود، ولو خطأ فالدية على العاقلة في ثلاث سنين من يوم القضاء عليهم
خانية. ولا عاقلة لمرتد.
(ولو ارتد مكاتب ولحق) واكتسب مالا
(وأخذ بماله و) لم يسلم فقتل (فبدل مكاتبته لمولاه، وما بقي) من ماله
(لوارثه) لأن الردة لا تؤثر في الكتابة.
(زوجان ارتدا ولحقا
فولدت) المرتدة (ولدا وولد له) أي لذلك المولود (ولد فظهر عليهم) جميعا
(فالولدان فيء) كأصلهما (و) الولد (الأول يجبر) بالضرب (على
الإسلام) وإن حبلت به ثمة لتبعيته لأبويه (لا الثاني) لعدم تبعية الجد على
الظاهر فحكمه كحربي
(و) قيد بردتهما لأنه (لو مات مسلم عن امرأة
حامل فارتدت ولحقت فولدت هناك ثم ظهر عليهم) أي على أهل تلك الدار (فإنه لا
يسترق ويرث أباه) لأنه مسلم (ولو لم تكن ولدته حتى سبيت ثم ولدته في دار
الإسلام فهو مسلم) تبعا لأبيه (مرقوق) تبعا لأمه (فلا يرث أباه) لرقه
بدائع.
(وإذا ارتد صبي عاقل صح) خلافا للثاني، ولا خلاف في
تخليده في النار لعدم العفو عن الكفر تلويح (كإسلامه) فإنه يصح اتفاقا (فلا
يرث أبويه الكافرين) تفريع على الثاني (ويجبر عليه) بالضرب تفريع على الأول
(والعاقل المميز) وهو ابن سبع فأكثر مجتبى وسراجية (وقيل الذي يعقل أن
الإسلام سبب النجاة ويميز الخبيث من الطيب والحلو من المر) قائله الطرسوسي في
أنفع الوسائل قائلا ولم أر من قدره بالسن. قلت: وقد رأيت نقله. ويؤيده "
أنه عليه الصلاة والسلام: «عرض الإسلام على علي رضي الله تعالى عنه وسنه سبع»
وكان يفتخر به، حتى قال: سبقتكم إلى الإسلام طرا غلاما ما بلغت أوان حلمي
وسقتكم إلى الإسلام قهرا بصارم همتي وسنان عزمي ثم هل يقع فرضا قبل البلوغ؟
ظاهر كلامهم نعم اتفاقا. وفي التحرير: المختار عند الماتريدي أنه مخاطب بأداء
الإيمان كالبالغ، حتى لو مات بعده بلا إيمان خلد في النار نهر وفي شرح
الوهبانية: بدرويش درويشان كفر بعضهم وصحح أن لا كفر وهو المحرر كذا قول شي لله
قيل بكفره ويا حاضر يا ناظر ليس يكفر ومن يستحل الرقص قالوا بكفره ولا سيما بالدف
يلهو ويزمر ومن لولي قال طي مسافة يجوز جهول ثم بعض يكفر وإثباتها في كل ما كان
خارقا عن النسفي النجم يروى وينصر
باب البغاة
البغي لغة الطلب، ومنه: {ذلك ما كنا نبغ} وعرفا: طلب ما لا
يحل من جور وظلم فتح. وشرعا (هم الخارجون عن الإمام الحق بغير حق) فلو بحق
فليسوا ببغاة، وتمامه في جامع الفصولين. - ثم الخارجون عن طاعة الإمام ثلاثة:
قطاع طريق وعلم حكمهم. وبغاة ويجيء حكمهم وخوارج وهم قوم لهم منعة خرجوا عليه
بتأويل يرون أنه على باطل كفر أو معصية توجب قتاله بتأويلهم، ويستحلون دماءنا
وأموالنا ويسبون نساءنا، ويكفرون أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم، وحكمهم حكم
البغاة بإجماع الفقهاء كما حققه في الفتح وإنما لم نكفرهم لكونه عن تأويل وإن كان
باطلا، - بخلاف المستحيل بلا تأويل كما مر في باب الإمامة.
(والإمام
يصير إماما) بأمرين (بالمبايعة من الأشراف والأعيان، وبأن ينفذ حكمه في رعيته
خوفا من قهره وجبروته، فإن بايع الناس) الإمام (ولم ينفذ حكمه فيهم لعجزه)
عن قهرهم (لا يصير إماما، فإذا صار إماما فجار لا ينعزل إن) كان (له قهر
وغلبة) لعوده بالقهر فلا يفيد - (وإلا ينعزل به) لأنه مفيد خانية، وتمامه
في كتب الكلام
(فإذا خرج جماعة مسلمون عن طاعته) أو طاعة نائبه
الذي رضي الناس به في أمان درر (وغلبوا على بلد دعاهم إليه) أي إلى طاعته
(وكشف شبهتهم) استحبابا (فإن تحيزوا مجتمعين حل لنا قتالهم بدءا حتى نفرق
جمعهم) إذ الحكم يدار على دليله وهو الاجتماع والامتناع (ومن دعاه الإمام إلى
ذلك) أي قتالهم (افترض عليه إجابته) لأن طاعة الإمام فيما ليس بمعصية فرض
فكيف فيما هو طاعة بدائع (لو قادرا) - وإلا لزم بيته درر. وفي المبتغى لو
بغوا لأجل ظلم السلطان ولا يمتنع عنه لا ينبغي للناس معاونة السلطان ولا
معاونتهم
. (ولو طلبوا الموادعة أجيبوا) إليها (إن خيرا
للمسلمين) كما في أهل الحرب (وإلا لا) يجابوا بحر (ولا يؤخذ منهم شيء،
فلو أخذنا منهم رهونا وأخذوا منا رهونا، ثم غدروا بنا وقتلوا رهوننا لا نقتل
رهونهم ولكنهم يحبسون إلى أن يهلك أهل البغي أو يتوبوا، وكذلك أهل الشرك) إذا
فعلوا برهوننا ذلك لا نفعل برهونهم (و) لكن (يجبرون على الإسلام أو يصيروا
ذمة) لنا. (ولو لهم فئة أجهز على جريحهم) أي أتم قتله (واتبع موليهم
وإلا لا) لعدم الخوف (والإمام بالخيار في أسرهم، إن شاء قتله وإن شاء حبسه)
حتى يتوب أهل البغي، فإن تابوا حبسه أيضا حتى يحدث توبة سراج
(ونقاتلهم
بالمنجنيق والإغراق وغير ذلك كأهل الحرب وما لا يجوز قتله من أهل الحرب) كنساء
وشيوخ (لا يجوز قتله منهم) ما لم يقاتلوا، ولا يقتل عادل محرمه مباشرة ما لم
يرد قتله (ولم تسب لهم ذرية، وتحبس أموالهم إلى ظهور توبتهم) فترد عليهم،
وبيع الكراع أولى لأنه أنفع فتح ويقاس عليه العبيد نهر (ونقاتل بسلاحهم وحيلهم
عند الحاجة، ولا ينتفع بغيرهما من أموالهم مطلقا) ولو عند الحاجة سراج.
(ولو
قال الباغي: تبت وألقى السلاح من يده كف عنه، ولو قال: كف عني لأنظر في أمري
لعلي أتوب وألقى السلاح كف عنه، ولو قال أنا على دينك ومعه السلاح لا) لأن وجود
السلاح معه قرينة بقاء بغيه، فمتى ألقاه كف عنه وإلا لا فتح. (ولو قتل باغ
مثله فظهر عليهم فلا شيء فيه) لكونه مباح الدم فتح، فلا إثم أيضا، وقتلانا
شهداء ولا يصلى على بغاة بل يكفنون ويدفنون بدائع (ويكره نقل رءوسهم إلى
الآفاق) وكذلك رءوس أهل الحرب لأنها مثلة؛ وجوزه بعض المتأخرين لو فيه كسر
شوكتهم أو فراغ قلبنا فتح ومر في الجهاد.
(ولو غلبوا على مصر فقتل
مصري مثله عمدا فظهر على المصر قتل به إن لم يجر على أهله) أي المصر
(أحكامهم) وإن جرى لا لانقطاع ولاية الإمام عنهم (وإن قتل عادل باغيا
ورثه) مطلقا وبالعكس (إذا قال) الباغي وقت قتله (أنا على باطل لا) يرثه
اتفاقا لعدم الشبهة (وإن قال: أنا على حق) في الخروج على الإمام وأصر على
دعواه (ورثه) أما لو رجع تبطل ديانته فلا إرث ابن كمال. وفي الفتح: لو
دخل باغ بأمان فقتله عادل عمدا لزمه الدية كما في المستأمن لبقاء شبهة
الإباحة.
(ويكره) تحريما (بيع السلاح من أهل الفتنة إن علم)
لأنه إعانة على المعصية (وبيع ما يتخذ منه كالحديد) ونحوه يكره لأهل الحرب
(لا) لأهل البغي لعدم تفرغهم لعمله سلاحا لقرب زوالهم، بخلاف أهل الحرب
زيلعي. قلت: وأفاد كلامهم أن ما قامت المعصية بعينه يكره بيعه تحريما وإلا
فتنزيها نهر. وفي الفتح: ينفذ حكم قاضيهم لو عادلا وإلا لا، ولو كتب قاضيهم
إلى قاضينا كتابا، فإن علم أنه قضى بشهادة عدلين نفذه وإلا لا.