الكتاب: الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار
المؤلف: محمد
بن علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن الحنفي الحصكفي (ت ١٠٨٨ هـ)
التصنيف الفرعي للكتاب: الفقه علي المذهب الحنفي
المحتويات
كتاب الصوم
قيل لو قال الصيام لكان أولى لما في الظهيرية لو قال: لله علي صوم
لزمه يوم، ولو قال: صيام لزمه ثلاثة أيام كما في قوله تعالى -: {ففدية من
صيام} - وتعقب بأن الصوم له أنواع على أن أل تبطل معنى الجمع والأصح أنه لا
يكره قول رمضان. وفرض بعد صرف القبلة إلى الكعبة لعشر في شعبان بعد الهجرة بسنة
ونصف (هو) لغة (إمساك عن المفطرات) الآتية (حقيقة أو حكما) كمن أكل
ناسيا فإنه ممسك حكما (في وقت مخصوص) وهو اليوم (من شخص مخصوص) مسلم كائن
في دارنا أو عالم بالوجوب طاهر عن حيض أو نفاس (مع النية) المعهودة وأما
البلوغ والإفاقة فليسا من شرط الصحة لصحة صوم الصبي ومن جن أو أغمي عليه بعد
النية، وإنما لم يصح صومهما في اليوم الثاني لعدم النية. وحكمه نيل الثواب ولو
منهيا عنه كما في الصلاة في أرض مغصوبة.
(وسبب صوم) المنذور
النذر ولذا لو عين شهرا وصام شهرا قبله عنه أجزأه لوجود السبب ويلغو التعيين
والكفارات الحنث والقتل و (رمضان شهود جزء من الشهر) من ليل أو نهار على
المختار كما في الخبازية واختار فخر الإسلام وغيره أنه الجزء الذي يمكن إنشاء
الصوم فيه من كل يوم، حتى لو أفاق المجنون في ليلة أو في آخر أيامه بعد الزوال لا
قضاء عليه وعليه الفتوى كما في المجتبى والنهر عن الدراية وصححه غير واحد وهو
الحق كما في الغاية..
(وهو) أقسام ثمانية: (فرض) وهو
نوعان: معين (كصوم رمضان أداء و) غير معين كصومه (قضاء و) صوم
(الكفارات) لكنه فرض عملا لا اعتقادا ولذا لا يكفر جاحده قال البهنسي تبعا
لابن الكمال. (وواجب) وهو نوعان: معين (كالنذر المعين، و) غير معين
كالنذر (المطلق) وأما قوله تعالى -: {وليوفوا نذورهم} - فدخله الخصوص
كالنذر بمعصية فلم يبق قطعيا (وقيل) قائله الأكمل وغيره واعتمده الشرنبلالي،
لكن تعقبه سعدي بالفرق بأن المنذورة لا تؤدى بعد صلاة العصر بخلاف الفائتة (هو
فرض على الأظهر) كالكفارات يعني عملا لأن مطلق الإجماع لا يفيد الفرض القطعي
كما بسطه خسرو (ونفل كغيرهما) يعم السنة كصوم عاشوراء مع التاسع. والمندوب
كأيام البيض من كل شهر ويوم الجمعة ولو منفردا وعرفة ولو لحاج لم يضعفه.
والمكروه تحريما كالعيدين. وتنزيها كعاشوراء وحده وسبت وحده ونيروز ومهرجان إن
تعمده وصوم دهره وصوم صمت ووصال وإن أفطر الأيام الخمسة، وهذا عند أبي يوسف كما
في المحيط فهي خمسة عشر..
وأنواعه ثلاثة عشر: سبعة متتابعة
رمضان وكفارة ظهار وقتل ويمين وإفطار رمضان ونذر معين واعتكاف واجب. وستة يخير
فيها: نفل وقضاء رمضان وصوم متعة وفدية حلق وجزاء صيد ونذر مطلق. إذا تقرر
هذا (فيصح) أداء (صوم رمضان والنذر المعين والنفل بنية من الليل) فلا تصح
قبل الغروب ولا عنده (إلى الضحوة الكبرى لا) بعدها ولا (عندها) اعتبارا
لأكثر اليوم (وبمطلق النية) أي نية الصوم فأل بدل عن المضاف إليه (وبنية
نفل) لعدم المزاحم (وبخطأ في وصف) كنية واجب آخر (في أداء رمضان) فقط
لتعينه بتعيين الشارع (إلا) إذا وقعت النية (من مريض أو مسافر) حيث يحتاج
إلى التعيين لعدم تعينه في حقهما فلا يقع عن رمضان (بل يقع عما نوى) من نفل
أو واجب (على ما عليه الأكثر) بحر وهو الأصح سراج، وقيل بأنه ظاهر الرواية
فلذا اختاره المصنف تبعا للدرر لكن في أوائل الأشباه الصحيح وقوع الكل عن رمضان
سوى مسافر نوى واجبا آخر واختاره ابن الكمال وفي الشرنبلالي عن البرهان أنه الأصح
(والنذر المعين) ولا يصح بنية واجب آخر بل (يقع عن واجب نواه) مطلقا فرقا
بين تعيين الشارع والعبد (ولو صام مقيم عن غير رمضان) ولو (لجهله به) أي
برمضان (فهو عنه) لا عما نوى لحديث: «إذا جاء رمضان فلا صوم إلا عن
رمضان».
(ويحتاج صوم كل يوم من رمضان إلى نية) ولو صحيحا مقيما
تمييزا للعبادة عن العادة. وقال زفر ومالك: تكفي نية واحدة كالصلاة.
قلنا: فساد البعض لا يوجب فساد الكل بخلاف الصلاة (والشرط للباقي) من
الصيام قران النية للفجر ولو حكما وهو (تبييت النية) للضرورة (وتعيينها)
لعدم تعين الوقت. والشرط فيها: أن يعلم بقلبه أي صوم يصومه. قال الحدادي:
والسنة أن يتلفظ بها ولا تبطل بالمشيئة بل بالرجوع عنها بأن يعزم ليلا على الفطر
ونية الصائم الفطر لغو ونية الصوم في الصلاة صحيحة، ولا تفسدها بلا تلفظ، ولو نوى
القضاء نهارا صار نفلا فيقضيه لو أفسده لأن الجهل في دارنا غير معتبر فلم يكن
كالمظنون - بحر
(ولا يصام يوم الشك) هو يوم الثلاثين من شعبان وإن
لم يكن علة أي على القول بعدم اعتبار اختلاف المطالع لجواز تحقق الرؤية في بلدة
أخرى، وأما على مقابله فليس بشك ولا يصام أصلا شرح المجمع للعيني عن الزاهدي
(إلا نفلا) ويكره غيره (ولو صامه لواجب آخر كره) تنزيها ولو جزم أن يكون
عن رمضان كره تحريما (ويقع عنه في الأصح إن لم تظهر رمضانيته وإلا) بأن ظهرت
(فعنه) لو مقيما (والتنفل فيه أحب) أي أفضل اتفاقا (إن وافق صوما
يعتاده) أو صام من آخر شعبان ثلاثة فأكثر لا أقل لحديث: «لا تقدموا رمضان
بصوم يوم أو يومين». وأما حديث: «من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم» فلا
أصل له (وإلا يصومه الخواص ويفطر غيرهم بعد الزوال) به يفتى نفيا لتهمة النهي
(وكل من علم كيفية صوم الشك فهو من الخواص وإلا فمن العوام، والنية) المعتبرة
هنا (أن ينوي التطوع) على سبيل الجزم (من لا يعتاد صوم ذلك اليوم). أما
المعتاد فحكمه مر (ولا يخطر بباله أنه إن كان من رمضان فعنه) ذكره أخي زاده
(وليس بصائم لو) ردد في أصل النية بأن (نوى أن يصوم غدا إن كان من رمضان
وإلا فلا) أصوم لعدم الجزم (كما) أنه ليس بصائم (لو نوى أنه إن لم يجد
غداء فهو صائم وإلا فمفطر ويصير صائما مع الكراهة لو) ردد في وصفها بأن (نوى
إن كان من رمضان فعنه وإلا فعن واجب آخر وكذا) يكره (لو قال أنا صائم إن كان
من رمضان وإلا فعن نفل) للتردد بين مكروهين أو مكروه وغير مكروه (فإن ظهر
رمضانيته فعنه وإلا فنفل فيهما) أي الواجب والنفل (غير مضمون بالقضاء) لعدم
التنفل قصدا. أكل المتلوم ناسيا قبل النية كأكله بعدها وهو الصحيح شرح
وهبانية..
(رأى) مكلف (هلال رمضان أو الفطر ورد قوله)
بدليل شرعي (صام) مطلقا وجوبا وقيل ندبا (فإن أفطر قضى فقط) فيهما لشبهة
الرد. (واختلف) المشايخ لعدم الرواية عن المتقدمين (فيما إذا أفطر قبل
الرد) لشهادته (والراجح عدم وجوب الكفارة) وصححه غير واحد لأن ما رآه يحتمل
أن يكون خيالا لا هلالا وأما بعد قبوله فتجب الكفارة ولو فاسقا في الأصح (وقبل
بلا دعوى و) بلا (لفظ أشهد) وبلا حكم ومجلس قضاء لأنه خبر لا شهادة
(للصوم مع علة كغيم) وغبار (خبر عدل) أو مستور على ما صححه البزازي على
خلاف ظاهر الرواية لا فاسق اتفاقا وهل له أن يشهد مع علمه بفسقه قال البزازي:
نعم لأن القاضي ربما قبله (ولو) كان العدل (قنا أو أنثى أو محدودا في قذف
تاب) بين - كيفية الرؤية أو لا على المذهب وتقبل شهادة واحد على آخر كعبد وأنثى
ولو على مثلهما ويجب على الجارية المخدرة أن تخرج في ليلتها بلا إذن مولاها وتشهد
كما في الحافظية..
(وشرط للفطر) مع العلة والعدالة (نصاب
الشهادة ولفظ أشهد) وعدم الحد في قذف لتعلق نفع العبد لكن (لا) تشترط
(الدعوى) كما لا تشترط في عتق الأمة وطلاق الحرة
(ولو كانوا
ببلدة لا حاكم فيها صاموا بقول ثقة وأفطروا بإخبار عدلين) مع العلة
(للضرورة) ولو رآه الحاكم وحده خير في الصوم بين نصب شاهد وبين أمرهم بالصوم
بخلاف العيد كما في الجوهرة، ولا عبرة بقول المؤقتين، ولو عدولا على المذهب قال
في الوهبانية وقول أولى التوقيت ليس بموجب وقيل نعم والبعض إن كان يكثر
(و)
قبل (بلا علة جمع عظيم يقع العلم) الشرعي وهو غلبة الظن (بخبرهم وهو مفوض
إلى رأي الإمام من غير تقدير بعدد) على المذهب وعن الإمام أنه يكتفى بشاهدين
واختاره في البحر وصحح في الأقضية الاكتفاء بواحد إن جاء من خارج البلد أو كان
على مكان مرتفع، واختاره ظهير الدين قالوا وطريق إثبات رمضان والعيد أن يدعي
وكالة معلقة بدخوله بقبض دين على الحاضر فيقر بالدين والوكالة وينكر الدخول فيشهد
الشهود برؤية الهلال فيقضى عليه به، ويثبت دخول الشهر ضمنا لعدم دخوله تحت
الحكم.
(شهدوا أنه شهد عند قاضي مصر كذا شاهدان برؤية الهلال)
في ليلة كذا (وقضى) القاضي (به ووجد استجماع شرائط الدعوى قضى) أي جاز
لهذا (القاضي) أن يحكم (بشهادتهما) لأن قضاء القاضي حجة وقد شهدوا به لا
لو شهدوا برؤية غيرهم لأنه حكاية، نعم لو استفاض الخير في البلدة الأخرى لزمهم
على الصحيح من المذهب مجتبى وغيره (وبعد صوم ثلاثين بقول عدلين حل الفطر)
الباء متعلقة بصوم وبعد متعلقة بحل لوجود - نصاب الشهادة
(و) لو
صاموا (بقول عدل) حيث يجوز وغم هلال الفطر (لا) يحل على المذهب خلافا
لمحمد كذا ذكره المصنف، لكن نقل ابن الكمال عن الذخيرة أنه إن غم هلال الفطر حل
اتفاقا وفي الزيلعي الأشبه إن غم حل وإلا لا.
(و) هلال
(الأضحى) وبقية الأشهر التسعة (كالفطر) على المذهب -
ورؤيته
بالنهار لليلة الآتية مطلقا على المذهب ذكره الحدادي
(واختلاف
المطالع) ورؤيته نهارا قبل الزوال وبعده (غير معتبر على) ظاهر (المذهب)
وعليه أكثر المشايخ وعليه الفتوى بحر عن الخلاصة (فيلزم أهل المشرق برؤية أهل
المغرب) إذا ثبت عندهم رؤية أولئك بطريق موجب كما مر، وقال الزيلعي: الأشبه
أنه يعتبر لكن قال الكمال: الأخذ بظاهر الرواية أحوط.
[فرع]
إذا
رأوا الهلال يكره أن يشيروا إليه لأنه من عمل الجاهلية كما في السراجية وكراهة
البزازية.
باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده
الفساد والبطلان في العبادات سيان (إذا أكل الصائم أو شرب أو
جامع) حال كونه (ناسيا) في الفرض والنفل قبل النية أو بعدها على الصحيح بحر
عن القنية إلا أن يذكر فلم يتذكر - ويذكره لو قويا وإلا وليس عذرا في حقوق
العباد
(أو دخل حلقه غبار أو ذباب أو دخان) ولو ذاكرا استحسانا
لعدم إمكان التحرز عنه، ومفاده أنه لو أدخل حلقه الدخان أفطر أي دخان كان ولو
عودا أو عنبرا له ذاكرا لإمكان التحرز عنه فليتنبه له كما بسطه الشرنبلالي.
(أو
أدهن أو اكتحل أو احتجم) وإن وجد طعمه في حلقه
(أو قبل) ولم
ينزل (أو احتلم أو أنزل بنظر) ولو إلى فرجها مرارا (أو بفكر) وإن طال
مجمع (أو بقي بلل في فيه بعد المضمضة وابتلعه مع الريق) كطعم أدوية ومص
إهليلج بخلاف نحو سكر.
(أو دخل الماء في أذنه وإن كان بفعله)
على المختار كما لو حك أذنه بعود ثم أخرجه وعليه درن ثم أدخله ولو مرارا
(أو
ابتلع ما بين أسنانه وهو دون الحمصة) لأنه تبع لريقه، ولو قدرها أفطر كما سيجيء
(أو خرج الدم من بين أسنانه ودخل حلقه) يعني ولم يصل إلى جوفه أما إذا وصل
فإن غلب الدم أو تساويا فسد وإلا لا، إلا إذا وجد طعمه بزازية واستحسنه المصنف
وهو ما عليه الأكثر وسيجيء
(أو طعن برمح فوصل إلى جوفه) وإن بقي
في جوفه كما لو ألقي حجر في الجائفة أو نفذ السهم من الجانب الآخر ولو بقي النصل
في جوفه فسد (أو أدخل عودا) ونحوه (في مقعدته وطرفه خارج) وإن غيبه فسد
وكذا لو ابتلع خشبة أو خيطا ولو فيه لقمة مربوطة إلا أن ينفصل منها شيء. ومفاده
أن استقرار الداخل في الجوف شرط للفساد بدائع.
(أو أدخل أصبعه
اليابسة فيه) أي دبره أو فرجها ولو مبتلة فسد، ولو أدخلت قطنة إن غابت فسد وإن
بقي طرفها في فرجها الخارج لا، ولو بالغ في الاستنجاء حتى بلغ موضع الحقنة فسد
وهذا قلما يكون ولو كان فيورث داء عظيما (أو نزع المجامع) حال كونه (ناسيا
في الحال عند ذكره) وكذا عند طلوع الفجر وإن أمنى بعد النزع لأنه كالاحتلام،
ولو مكث حتى أمنى ولم يتحرك قضى فقط وإن حرك نفسه قضى وكفر كما لو نزع ثم أولج
(أو رمى اللقمة من فيه) عند ذكره أو طلوع الفجر ولو ابتلعها إن قبل إخراجها
كفر وبعده لا (أو جامع فيما دون الفرج ولم ينزل) يعني في غير السبيلين كسرة
وفخذ وكذا الاستمناء بالكف وإن كره تحريما لحديث: «ناكح اليد ملعون» ولو خاف
الزنى يرجى أن لا وبال عليه.
(أو أدخل ذكره في بهيمة) أو ميتة
(من غير إنزال) أو (مس فرج بهيمة أو قبلها فأنزل أو أقطر في إحليله) ماء
أو دهنا وإن وصل إلى المثانة على المذهب، وأما في قبلها فمفسد إجماعا لأنه
كالحقنة.
(أو أصبح جنبا و) إن بقي كل اليوم (أو اغتاب) من
الغيبة (أو دخل أنفه مخاط فاستشمه فدخل حلقه) وإن نزل لرأس أنفه كما لو ترطب
شفتاه بالبزاق عند الكلام ونحوه فابتلعه أو سال ريقه إلى ذقنه كالخيط ولم ينقطع
فاستنشقه (ولو عمدا) خلافا للشافعي في القادر على مج النخامة فينبغي الاحتياط
(أو ذاق شيئا بفمه) وإن كره (لم يفطر) جواب الشرط وكذا لو فتل الخيط
ببزاقه مرارا وإن بقي فيه عقد البزاق إلا أن يكون مصبوغا وظهر لونه في ريقه
وابتلعه ذاكرا ونظمه ابن الشحنة فقال: مكرر بل الخيط بالريق فاتلا بإدخاله في
فيه لا يتضرر وعن بعضهم: إن يبلع الريق بعد ذا يضر كصبغ لونه فيه يظهر.
(وإن
أفطر خطأ) كأن تمضمض فسبقه الماء أو شرب نائما أو تسحر أو جامع على ظن عدم
الفجر (أو) أوجر (مكرها) أو نائما وأما حديث " رفع الخطأ " فالمراد
رفع الإثم وفي التحرير المؤاخذة بالخطأ جائزة عندنا خلافا للمعتزلة.
(أو
أكل) أو جامع (ناسيا) أو احتلم أو أنزل بنظر أو ذرعه القيء (فظن أنه أفطر
فأكل عمدا) للشبهة - ولو علم عدم فطره لزمته الكفارة إلا في مسألة المتن فلا
كفارة مطلقا على المذهب لشبهة خلاف مالك خلافا لهما كما في المجمع وشروحه فقيد
الظن إنما هو لبيان الاتفاق.
(أو احتقن أو استعط) في أنفه شيئا
(أو أقطر في أذنه دهنا أو داوى جائفة أو آمة) فوصل الدواء حقيقة - إلى جوفه
ودماغه.
(أو ابتلع حصاة) ونحوها مما لا يأكله الإنسان أو يعافه
أو يستقذره ونظمه ابن الشحنة فقال: ومستقذر مع غير مأكول مثلنا ففي أكله
التكفير يلغى ويهجر.
(أو لم ينو في رمضان كله صوما ولا فطرا) مع
الإمساك لشبهة خلاف زفر (أو أصبح غير ناو للصوم فأكل عمدا) ولو بعد النية قبل
الزوال لشبهة خلاف الشافعي: ومفاده أن الصوم بمطلق النية كذلك.
(أو
دخل حلقه مطر أو ثلج) بنفسه لإمكان التحرز عنه بضم فمه بخلاف نحو الغبار
والقطرتين من دموعه أو عرقه وأما في الأكثر - فإن وجد الملوحة في جميع فمه واجتمع
شيء كثير وابتلعه أفطر وإلا لا خلاصة.
(أو وطئ امرأة ميتة) أو
صغيرة لا تشتهى نهر (أو بهيمة أو فخذا أو بطنا أو قبل) ولو قبلة فاحشة بأن
يدغدغ أو يمص شفتيها (أو لمس) ولو بحائل لا يمنع الحرارة أو استنما بكفه أو
بمباشرة فاحشة ولو بين المرأتين (فأنزل) قيد للكل حتى لو لم ينزل لم يفطر كما
مر.
(أو أفسد غير صوم رمضان أداء) لاختصاصها - بهتك رمضان
(أو
وطئت نائمة أو مجنونة) بأن أصبحت صائمة فجنت (أو تسحر أو أفطر يظن اليوم)
أي الوقت الذي أكل فيه (ليلا و) الحال أن (الفجر طالع والشمس لم تغرب) لف
ونشر ويكفي الشك في الأول دون الثاني عملا بالأصل فيهما ولو لم يتبين الحال لم
يقض في ظاهر الرواية والمسألة تتفرع إلى ستة وثلاثين، محلها المطولات (قضى)
في الصور كلها (فقط) كما لو شهدا على الغروب وآخران على عدمه فأفطر فظهر
عدمه، ولو كان ذلك في طلوع الفجر قضى وكفر؛ لأن شهادة النفي لا تعارض شهادة
الإثبات. واعلم أن كل ما انتفى فيه الكفارة محله ما إذا لم يقع منه ذلك مرة بعد
أخرى لأجل قصد المعصية فإن فعله وجبت زجرا له بذلك أفتى أئمة الأمصار وعليه
الفتوى قنية وهذا حسن نهر (والأخيران يمسكان بقية يومهما وجوبا على الأصح)
لأن الفطر قبيح وترك القبيح شرعا واجب (كمسافر أقام وحائض ونفساء طهرتا ومجنون
أفاق ومريض صح) ومفطر ولو مكرها أو خطأ (وصبي بلغ وكافر أسلم وكلهم يقضون)
ما فاتهم (إلا الأخيرين) وإن أفطرا لعدم أهليتها في الجزء الأول من اليوم وهو
السبب في الصوم لكن لو نويا قبل الزوال كان نفلا فيقضي بالإفساد كما في
الشرنبلالية عن الخانية.
ولو نوى المسافر والمجنون والمريض قبل
الزوال - صح عن الفرض، ولو نوى الحائض والنفساء لم يصح أصلا للمنافي أول الوقت
وهو لا يتجزأ ويؤمر الصبي بالصوم إذا أطاقه ويضرب عليه ابن عشر كالصلاة في
الأصح.
(وإن جامع) المكلف آدميا مشتهى (في رمضان أداء) لما
مر (أو جامع) أو توارت الحشفة (في أحد السبيلين) أنزل أو لا (أو أكل أو
شرب غذاء) بكسر الغين وبالذال المعجمتين والمد ما يتغذى به (أو دواء) ما
يتداوى به والضابط وصول ما فيه صلاح بدنه لجوفه ومنه ريق حبيبه فيكفر لوجود معنى
صلاح البدن فيه دراية وغيرها وما نقله الشرنبلالي عن الحدادي رده في النهر
(عمدا) - راجع للكل
(أو احتجم) أي فعل ما لا يظن الفطر به
كفصد وكحل ولمس وجماع بهيمة بلا إنزال أو إدخال أصبع في دبر ونحو ذلك (فظن فطره
به فأكل عمدا قضى) في الصور كلها (وكفر) لأنه ظن في غير محله حتى لو أفتاه
مفت يعتمد على قوله أو سمع حديثا ولم يعلم تأويله لم يكفر للشبهة وإن أخطأ المفتي
ولم يثبت الأثر إلا في الأدهان - وكذا الغيبة عند العامة زيلعي لكن جعلها في
الملتقى كالحجامة ورجحه في البحر للشبهة (ككفارة المظاهر) الثابتة بالكتاب،
وأما هذه فبالسنة ومن ثم شبهوها بها ثم إنما يكفر - إن نوى ليلا، ولم يكن مكرها
ولم يطرأ مسقط كمرض وحيض، واختلف فيما لو مرض بجرح نفسه أو سوفر به مكروها
والمعتمد لزومها وفي المعتاد حمى وحيضا والمتيقن قتال عدو لو أفطر، ولم يحصل
العذر والمعتمد سقوطها ولو تكرر فطره ولم يكفر للأول يكفيه واحدة ولو في رمضانين
عند محمد وعليه الاعتماد بزازية ومجتبى وغيرهما واختار بعضهم للفتوى أن الفطر
بغير الجماع تداخل وإلا لا ولو أكل عمدا شهرة بلا عذر يقتل، وتمامه في شرح
الوهبانية.
(وإن ذرعه القيء وخرج) ولم يعد (لا يفطر مطلقا)
ملأ أو لا (فإن عاد) بلا صنعه (و) لو (هو ملء الفم مع تذكره للصوم لا
يفسد) خلافا للثاني (وإن أعاده) أو قدر حمصة منه فأكثر حدادي (أفطر
إجماعا) ولا كفارة (إن ملأ الفم وإلا لا) هو المختار (وإن استقاء) أي
طلب القيء (عامدا) أي متذكرا لصوم (إن كان ملء الفم فسد بالإجماع) مطلقا
(وإن أقل لا) عند الثاني وهو الصحيح، لكن ظاهر الرواية كقول محمد إنه يفسد
كما في الفتح عن الكافي (فإن عاد بنفسه لم يفطر وإن أعاده ففيه روايتان)
أصحهما لا يفسد محيط (وهذا) كله (في قيء طعام أو ماء أو مرة) أو دم
(فإن كان بلغما فغير مفسد) مطلقا خلافا للثاني واستحسنه الكمال وغيره.
(ولو
أكل لحما بين أسنانه) إن (مثل حمصة) فأكثر (قضى فقط وفي أقل منها لا)
يفطر (إلا إذا أخرجه) من فمه (فأكله) ولا كفارة لأن النفس تعافه (وأكل
مثل سمسمة) من خارج (يفطر) ويكفر في الأصح (إلا إذا مضغ بحيث تلاشت في
فمه) إلا أن يجد الطعم في حلقه كما مر واستحسنه الكمال قائلا وهو الأصل في كل
قليل مضغه
(وكره) له (ذوق شيء و) كذا (مضغه بلا عذر) قيد
فيهما قاله العيني ككون زوجها أو سيدها سيئ الخلق فذاقت. وفي كراهة الذوق عند
الشراء قولان، ووفق في النهر بأنه إن وجد بدا، ولم يخف غبنا كره وإلا لا وهذا في
الفرض لا النفل كذا قالوا وفيه كلام لحرمة الفطر فيه بلا عذر على المذهب فتبقى
الكراهة.
(و) كره (مضغ علك) أبيض ممضوغ ملتئم، وإلا فيفطر،
وكره للمفطرين إلا في الخلوة بعذر وقيل يباح ويستحب للنساء لأنه سواكهن فتح.
(و)
كره (قبلة) ومس ومعانقة ومباشرة فاحشة (إن لم يأمن) المفسد وإن أمن لا
بأس.
(لا) يكره (دهن شارب و) لا (كحل) إذا لم يقصد
الزينة أو تطويل اللحية إذا كانت بقدر المسنون وهو القبضة وصرح في النهاية بوجوب
قطع ما زاد على القبضة بالضم، ومقتضاه الإثم بتركه لا أن يحمل الوجوب على الثبوت،
وأما الأخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله بعض المغاربة، ومخنثة الرجال فلم يبحه
أحد، وأخذ كلها فعل يهود الهند ومجوس الأعاجم فتح.
وحديث التوسعة
على العيال يوم عاشوراء صحيح وحديث الاكتحال فيه ضعيفة لا موضوعة كما زعمه ابن
عبد العزيز.
(و) لا (سواك ولو عشيا) أو رطبا بالماء على
المذهب، وكرهه الشافعي بعد الزوال وكذا لا تكره حجامة وتلفف بثوب مبتل ومضمضة أو
استنشاق أو اغتسال للتبرد عند الثاني وبه يفتى شرنبلالية عن البرهان..
ويستحب
السحور وتأخيره وتعجيل الفطر لحديث: «ثلاث من أخلاق المرسلين: تعجيل الإفطار،
وتأخير السحور، والسواك».
[فروع]
لا يجوز أن يعمل
عملا يصل به إلى الضعف فيخبز نصف النهار ويستريح الباقي، فإن قال لا يكفيني كذب
بأقصر أيام الشتاء، فإن أجهد الحر نفسه بالعمل حتى مرض فأفطر ففي كفارته قولان
قنية وفي البزازية: لو صام عجز عن القيام صام وصلى قاعدا جمعا بين
العبادتين.
فصل في العوارض المبيحة لعدم الصوم
وقد ذكر المصنف منها خمسة وبقي الإكراه وخوف هلاك أو نقصان عقل ولو
بعطش أو جوع شديد ولسعة حية (لمسافر) سفرا شرعيا ولو بمعصية (أو حامل أو
مرضع) أما كانت أو ظئرا على ظاهر (خافت بغلبة الظن على نفسها أو ولدها)
وقيده البهنسي تبعا لابن الكمال بما إذا تعينت للإرضاع (أو مريض خاف الزيادة)
لمرضه وصحيح خاف المرض، وخادمة خافت الضعف بغلبة الظن بأمارة أو تجربة أو بأخبار
طبيب حاذق مسلم مستور وأفاد في النهر تبعا للبحر جواز التطبيب بالكافر فيما ليس
فيه إبطال عبادة. قلت: وفيه كلام لأن عندهم نصح المسلم كفر فأنى يتطبب بهم،
وفي البحر عن الظهيرية للأمة أن تمتنع من امتثال أمر المولى إذا كان يعجزها عن
إقامة الفرائض لأنها مبقاة على أصل الحرية في الفرائض (الفطر) يوم العذر إلا
السفر كما سيجيء (وقضوا) لزوما (ما قدروا بلا فدية و) بلا (ولاء)
لأنه على التراخي ولذا جاز التطوع قبله بخلاف قضاء الصلاة.
(و)
لو جاء رمضان الثاني (قدم الأداء على القضاء) ولا فدية لما مر خلافا
للشافعي
(ويندب لمسافر الصوم) لآية -: {وأن تصوموا} -
والخير بمعنى البر لا أفعل تفضيل (إن لم يضره) فإن شق عليه أو على رفيقه
فالفطر أفضل لموافقته الجماعة.
(فإن ماتوا فيه) أي في ذلك العذر
(فلا تجب) عليهم (الوصية بالفدية) لعدم إدراكهم عدة من أيام أخر (ولو
ماتوا بعد زوال العذر وجبت) الوصية بقدر إدراكهم عدة من أيام أخر، وأما من أفطر
عمدا فوجوبها عليه بالأولى (وفدى) لزوما (عنه) أي عن الميت (وليه)
الذي يتصرف في ماله (كالفطرة) قدرا (بعد قدرته عليه) أي على قضاء الصوم
(وفوته) أي فوت القضاء بالموت فلو فاته عشرة أيام فقدر على خمسة فداها فقط
(بوصيته من الثلث) متعلق بفدى وهذا لو له وارث وإلا فمن الكل قهستاني
(وإن) لم يوص و (تبرع وليه به جاز) إن شاء الله ويكون الثواب للولي
اختيار (وإن صام أو صلى عنه) الولي (لا) لحديث النسائي: «لا يصوم أحد
عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد ولكن يطعم عنه وليه» (وكذا) يجوز (لو تبرع
عنه) وليه (بكفارة يمين أو قتل) بإطعام أو كسوة (بغير إعتاق). لما
فيه من إلزام الولاء للميت بلا رضاه
(وفدية كل صلاة ولو وترا) كما
مر في قضاء الفوائت (كصوم يوم) على المذهب وكذا الفطرة والاعتكاف الواجب يطعم
عنه لكل يوم كالفطرة والولوالجية. والحاصل أن ما كان عبادة بدنية فإن الوصي
يطعم عنه بعد موته عن كل واجب كالفطرة والمالية كالزكاة، يخرج عنه القدر الواجب
والمركب كالحج يحج عنه رجلا من مال الميت بحر.
(وللشيخ الفاني
العاجز عن الصوم الفطر ويفدي) وجوبا ولو في أول الشهر وبلا تعدد فقير كالفطرة
لو موسرا وإلا فيستغفر الله هذا إذا كان الصوم أصلا بنفسه وخوطب بأدائه، حتى لو
لزمه الصوم لكفارة يمين أو قتل ثم عجز لم تجز الفدية لأن الصوم هنا بدل عن غيره،
ولو كان مسافرا فمات قبل الإقامة لم يجب الإيصاء، ومتى قدر قضى لأن استمرار العجز
شرط الخلفية وهل تكفي الإباحة في الفدية؟ قولان المشهور نعم، واعتمده الكمال
(ولزم
نفل شرع فيه قصدا) كما في الصلاة، فلو شرع ظنا فأفطر أي فورا فلا قضاء أما لو
مضى ساعة لزمه القضاء لأنه بمضيها صار كأنه نوى المضي عليه في هذه الساعة تجنيس
ومجتبى (أداء وقضاء) أي يجب إتمامه فإن فسد ولو بعروض حيض في الأصح وجب
القضاء (إلا في العيدين وأيام التشريق) فلا يلزم لصيرورته صائما بنفس الشروع
فيصير مرتكبا للنهي. أما بالصلاة فلا يكون مصليا ما لم يسجد بدليل مسألة اليمين
(ولا يفطر) الشارع في نفل (بلا عذر في رواية) وهي الصحيحة وفي أخرى يحل
بشرط أن يكون من نيته القضاء واختارها الكمال وتاج الشريعة وصدرها في الوقاية
وشرحها
(والضيافة عذر) للضيف والمضيف (إن كان صاحبها ممن لا
يرضى بمجرد حضوره ويتأذى بترك الإفطار) فيفطر (وإلا لا) هو الصحيح من
المذهب ظهيرية.
(ولو حلف) رجل على الصائم (بطلاق امرأته إن لم
يفطر أفطر ولو) كان صائما (قضاء) ولا يحنثه (على المعتمد) بزازية.
وفي النهر عن الذخيرة وغيرها هذا إذا كان قبل الزوال أما بعده فلا إلا لأحد أبويه
إلى العصر لا بعده. وفي الأشباه: دعاه أحد إخوانه لا يكره فطره لو صائما غير
قضاء رمضان ولا تصوم المرأة نفلا إلا بإذن الزوج إلا عند عدم الضرر به ولو فطرها
وجب القضاء بإذنه أو بعد البينونة ولو صام العبد وما في حكمه بلا إذن المولى لم
يجز، وإن فطره قضى بإذنه أو بعد العتق
(ولو نوى مسافر الفطر) أو
لم ينو (فأقام ونوى الصوم في وقتها) قبل الزوال (صح) مطلقا (ويجب
عليه) الصوم (لو) كان (في رمضان) لزوال المرخص (كما يجب على مقيم
إتمام) صوم (يوم منه) أي رمضان (سافر فيه) أي في ذلك اليوم (و) لكن
(لا كفارة عليه لو أفطر فيهما) للشبهة في أوله وآخره إلا إذا دخل مصره لشيء
نسيه فأفطر فإنه يكفر، ولو نوى الصائم الفطر لم يكن مفطرا كما مر (كما لو نوى
التكلم في صلاته ولم يتكلم) شرح الوهبانية قال وفيه خلاف الشافعي (وقضى أيام
إغمائه ولو) كان الإغماء (مستغرقا للشهر) لندرة امتداده (سوى يوم حدث
الإغماء فيه أو في ليلته) فلا يقضيه إلا إذا علم أنه لم ينوه (وفي الجنون إن
لم يستوعب) الشهر (قضى) ما مضى (وإن استوعب) لجميع ما يمكنه إنشاء
الصوم فيه على ما مر (لا) يقضي مطلقا للحرج
(ولو نذر صوم الأيام
المنهية أو) صوم هذه (السنة صح) مطلقا على المختار، وفرقوا بين النذر
والشروع فيها بأن نفس الشروع معصية، ونفس النذر طاعة فصح (و) لكنه (أفطر)
الأيام المنهية (وجوبا) تحاميا عن المعصية (وقضاها) إسقاطا للواجب (وإن
صامها خرج عن العهدة) مع الحرمة، وهذا إذا نذر قبل الأيام المنهية فلو بعدها لم
ينقض شيئا. وإنما يلزمه باقي السنة على ما هو الصواب وكذا الحكم لو نكر السنة
أو شرط التتابع فيفطرها لكنه يقضيها هنا متتابعة، ويعيد لو أفطر يوما بخلاف
المعينة، ولو لم يشترط التتابع يقضي خمسة وثلاثين ولا يجزيه صوم الخمسة في هذه
الصورة.
واعلم أن صيغة النذر تحتمل اليمين فلذا كانت ست صور ذكرها
بقوله (فإن لم ينو) بنذره الصوم (شيئا أو نوى النذر فقط) دون اليمين
(أو نوى) (النذر ونوى أن لا يكون يمينا كان) في هذه الثلاث صور (نذرا
فقط) إجماعا عملا بالصيغة (وإن نوى اليمين وأن لا يكون نذرا كان) في هذه
الصورة (يمينا) فقط إجماعا عملا بتعيينه (وعليه كفارة) يمين (إن
أفطر) لحنثه (وإن نواهما أو) نوى (اليمين) بلا نفي النذر (كان) في
الصورتين (نذرا ويمينا، حتى لو أفطر يجب القضاء للنذر والكفارة لليمين) عملا
بعموم المجاز خلافا للثاني
(وندب تفريق صوم الست من شوال) ولا
يكره التتابع على المختار خلافا للثاني حاوي. والإتباع المكروه أن يصوم الفطر
وخمسة بعده فلو أفطر الفطر لم يكره بل يستحب ويسن ابن كمال
(ولو نذر
صوم شهر غير معين متتابعا فأفطر يوما) ولو من الأيام المنهية (استقبل) لأنه
أخل بالوصف مع خلو شهر عن أيام نهي نهر بخلاف السنة (لا) يستقبل (في نذر)
شهر (معين) لئلا يقع كله في غير الوقت
(والنذر) من اعتكاف أو
حج أو صلاة أو صيام أو غيرها (غير المعلق) ولو معينا (لا يختص بزمان ومكان
ودرهم وفقير) فلو نذر التصدق يوم الجمعة بمكة بهذا الدرهم على فلان فخالف جاز،
وكذا لو عجل قبله فلو عين شهرا للاعتكاف أو صوم فعجل قبله عنه صح وكذا لو نذر أن
يحج سنة كذا فحج سنة قبلها صح أو صلاة يوم كذا فصلاها قبله لأنه تعجيل بعد وجوب
السبب وهو النذر فيلغو التعيين شرنبلالية فليحفظ (بخلاف) النذر (المعلق)
فإنه لا يجوز تعجيله قبل وجود الشرط كما سيجيء في الأيمان.
(ولو
قال مريض: لله علي أن أصوم شهرا فمات قبل أن يصح لا شيء عليه، وإن صح) ولو
(يوما) ولم يصمه (لزمه الوصية بجميعه) على الصحيح كالصحيح إذا نذر ذلك
ومات قبل تمام الشهر لزمه الوصية بالجميع بالإجماع كما في الخبازية، بخلاف القضاء
فإن سببه إدراك العدة.
[فروع]
قال: والله أصوم لا
صوم عليه بل إن صام حنث كما سيجيء في الأيمان. نذر صوم رجب فدخل وهو مريض أفطر
وقضى كرمضان أو صوم الأبد فضعف لاشتغاله بالمعيشة أفطر وكفر كما مر أو يوم يقدم
فلان فقدم بعد الأكل أو الزوال أو حيضها قضى عند الثاني خلافا للثالث، ولو قدم في
رمضان فلا قضاء اتفاقا ولو عنى به اليمين كفر فقط إلا إذا قدم قبل نيته فنواه عنه
بر بالنية، ووقع عن رمضان ولو نذر شهرا لزمه كاملا أو الشهر فبقيته أو صوم جمعة
فالأسبوع إلا أن ينوي اليوم، ولو نذر يوم السبت صوم ثمانية أيام صام سبتين ولو
قال سبعة فسبعة أسبت، والفرق أن السبت لا يتكرر في السبعة فحمل على العدد، بخلاف
الأول.
واعلم أن النذر الذي يقع للأموات من أكثر العوام وما يؤخذ من
الدراهم والشمع والزيت ونحوها إلى ضرائح الأولياء الكرام تقربا إليهم فهو
بالإجماع باطل وحرام ما لم يقصدوا صرفها لفقراء الأنام وقد ابتلي الناس بذلك، ولا
سيما في هذه الأعصار وقد بسطه العلامة قاسم في شرح درر البحار، ولقد قال الإمام
محمد: لو كانت العوام عبيدي لأعتقتهم وأسقطت ولائي وذلك لأنهم لا يهتدون فالكل
بهم يتغيرون.
باب الاعتكاف
وجه المناسبة له والتأخير اشتراط الصوم في بعضه والطلب الآكد في
العشر الأخير. (هو) لغة: اللبث وشرعا: (لبث) بفتح اللام وتضم المكث
(ذكر) ولو مميزا في (مسجد جماعة) هو ما له إمام ومؤذن أديت فيه الخمس أو
لا. وعن الإمام اشتراط أداء الخمس فيه وصححه بعضهم وقال لا يصح في كل مسجد
وصححه السروجي، وأما الجامع فيصح فيه مطلقا اتفاقا (أو) لبث (امرأة في مسجد
بيتها) ويكره في المسجد، ولا يصح في غير موضع صلاتها من بيتها كما إذا لم يكن
فيه مسجد ولا تخرج من بيتها إذا اعتكفت فيه، وهل يصح من الخنثى في بيته لم أره
والظاهر لا لاحتمال ذكوريته (بنية) فاللبث: هو الركن والكون في المسجد
والنية من مسلم عاقل طاهر من جنابة وحيض ونفاس شرطان. (وهو) ثلاثة أقسام
(واجب النذر) بلسانه وبالشروع وبالتعليق ذكره ابن الكمال (وسنة مؤكدة في
العشر الأخير من رمضان) أي سنة كفاية كما في البرهان وغيره لاقترانها بعدم
الإنكار على من لم يفعله من الصحابة (مستحب في غيره من الأزمنة) هو بمعنى غير
المؤكدة.
(وشرط الصوم) لصحة (الأول) اتفاقا (فقط) على
المذهب (فلو نذر اعتكاف ليلة لم يصح) وإن نوى معها اليوم لعدم محليتها للصوم
أما لو نوى بها اليوم صح والفرق لا يخفى (بخلاف ما لو قال) في نذره ليلا
ونهارا (فإنه يصح و) إن لم يكن الليل محلا للصوم لأنه (يدخل الليل تبعا
و). اعلم أن (الشرط) في الصوم مراعاة (وجوده لا إيجاده) للمشروط قصدا
(فلو نذر اعتكاف شهر رمضان لزمه وأجزأه) صوم رمضان (عن صوم الاعتكاف) لكن
قالوا لو صام تطوعا ثم نذر اعتكاف ذلك اليوم لم يصح لانعقاده من أوله تطوعا فتعذر
جعله واجبا (وإن لم يعتكف) رمضان المعين (قضى شهرا) غيره (بصوم
مقصود) لعود شرطه إلى الكمال الأصلي فلم يجز في رمضان آخر ولا في واجب سوى قضاء
رمضان الأول لأنه خلف عنه وتحقيقه في الأصول في بحث الأمر.
(وأقله
نفلا ساعة) من ليل أو نهار عند محمد وهو ظاهر الرواية عن الإمام لبناء النفل
على المسامحة وبه يفتى والساعة في عرف الفقهاء جزء من الزمان لا جزء من أربعة
وعشرين كما يقوله المنجمون كذا في غرر الأذكار وغيره.
(فلو شرع في
نفله ثم قطعه لا يلزمه قضاؤه) لأنه لا يشترط له الصوم (على الظاهر) من
المذهب وما في بعض المعتبرات أنه يلزم بالشروع مفرع على الضعيف قاله المصنف
وغيره
(وحرم عليه) أي على المعتكف اعتكافا واجبا أما النفل فله
الخروج لأنه منه لا مبطل كما مر (الخروج إلا لحاجة الإنسان) طبيعية كبول
وغائط وغسل لو احتلم ولا يمكنه الاغتسال في المسجد كذا في النهر (أو) شرعية
كعيد وأذان لو مؤذنا وباب المنارة خارج المسجد و (الجمعة وقت الزوال ومن بعد
منزله) أي معتكفه (خرج في وقت يدركها) مع سنتها يحكم في ذلك رأيه، ويستن
بعدها أربعا أو ستا على الخلاف، ولو مكث أكثر لم يفسد لأنه محل له وكره تنزيها
لمخالفة ما التزمه بلا ضرورة.
(فلو خرج) ولو ناسيا (ساعة)
زمانية لا رملية كما مر (بلا عذر فسد) فيقضيه إلا إذا أفسده بالردة واعتبرا
أكثر النهار قالوا: وهو الاستحسان وبحث فيه الكمال (و) إن خرج (بعذر يغلب
وقوعه) وهو ما مر لا غير (لا) لا يفسد وأما ما لا يغلب كإنجاء غريق وانهدام
مسجد فمسقط للإثم لا للبطلان وإلا لكان النسيان أولى بعدم الفساد كما حققه الكمال
خلافا لما فصله الزيلعي وغيره. لكن في النهر وغيره جعل عدم الفساد لانهدامه
وبطلان جماعته وإخراجه كرها واستحسانا وفي التتارخانية عن الحجة لو شرط وقت النذر
أن يخرج لعيادة مريض وصلاة جنازة وحضور مجلس علم جاز ذلك فليحفظ.
(وخص)
المعتكف (بأكل وشرب ونوم وعقد احتاج إليه) لنفسه أو عياله فلو لتجارة كره
(كبيع ونكاح ورجعة) فلو خرج لأجلها فسد لعدم الضرورة
(وكره)
أي تحريما لأنها محل إطلاقهم بحر (إحضار مبيع فيه) كما كره فيه مبايعة غير
المعتكف مطلقا للنهي وكذا أكله ونومه إلا لغريب أشباه وقد قدمناه قبيل الوتر، لكن
قال ابن كمال لا يكره الأكل والشرب والنوم فيه مطلقا ونحوه في المجتبى.
(و)
يكره تحريما (صمت) إن اعتقده قربة وإلا لا لحديث " من صمت نجا " ويجب أي
الصمت كما في غرر الأذكار عن شر لحديث: «رحم الله امرأ تكلم فغنم أو سكت فسلم»
(وتكلم إلا بخير) وهو ما لا إثم فيه ومنه المباح عند الحاجة إليه لا عند
عدمها وهو محمل ما في الفتح أنه مكروه في المسجد، يأكل الحسنات كما تأكل النار
الحطب كما حققه في النهر (كقراءة قرآن وحديث وعلم) وتدريس في سير الرسول عليه
الصلاة والسلام وقصص الأنبياء عليهم السلام وحكايات الصالحين وكتابة أمور
الدين.
(وبطل بوطء في فرج) أنزل أم لا (ولو) كان وطؤه خارج
المسجد (ليلا) أو نهارا عامدا (أو ناسيا) في الأصح لأن حالته مذكرة
(و) بطل (بإنزال بقبلة أو لمس) أو تفخيذ ولو لم ينزل لم يبطل وإن حرم
الكل لعدم الحرج ولا يبطل بإنزال بفكر أو نظر، ولا بسكر ليلا ولا بأكل ناسيا
لبقاء الصوم بخلاف أكله عمدا وردته وكذا إغماؤه وجنونه إن داما أياما فإن دام
جنونه سنة قضاه استحسانا
(ولزمه الليالي بنذره) بلسانه (اعتكاف
أيام ولاء) أي متتابعة وإن لم يشترط التتابع (كعكسه) لأن ذكر أحد العددين
بلفظ الجمع وكذا التثنية يتناول الآخر
(فلو نوى في) نذر (الأيام
النهار خاصة صحت نيته) لنيته الحقيقة (وإن نوى بها) أي بالأيام (الليالي
لا) بل يلزمه كلاهما (كما لو نذر اعتكاف شهر ونوى النهار خاصة أو) نوى
(عكسه) أي الليالي خاصة فإنه لا تصح نيته لأن الشهر اسم لمقدر يشمل الأيام
والليالي فلا يحتمل ما دونه إلا أن يستثني الليالي فيختص بالنهار، ولو استثنى
الأيام صح ولا شيء عليه لما مر. واعلم أن الليالي تابعة للأيام إلا ليلة عرفة
وليالي النحر فتبع للنهر الماضية رفقا بالناس، كما في ضحية الولوالجية.
هذا،
وليلة القدر دائرة في رمضان اتفاقا إلا أنها تتقدم وتتأخر خلافا لهما، وثمرته
فيمن قال بعد ليلة منه أنت حر أو أنت طالق ليلة القدر فعنده لا يقع حتى ينسلخ شهر
رمضان الآتي لجواز كونها في الأول وفي الأولى وفي الآتي في الأخيرة وقالا يقع إذا
مضى مثل تلك الليلة في الآتي، ولا خلاف أنه لو قال: قبل دخول رمضان وقع بمضيه
قال في المحيط والفتوى على قول الإمام لكن قيده بكون الحالف فقيها يعرف الاختلاف
وإلا فهي ليلة السابع والعشرين، والله أعلم.