الكتاب: الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار
المؤلف: محمد
بن علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن الحنفي الحصكفي (ت ١٠٨٨ هـ)
التصنيف الفرعي للكتاب: الفقه علي المذهب الحنفي
المحتويات
- كتاب الطلاق
- باب الصريح
- باب طلاق غير المدخول بها
- باب الكنايات
- باب تفويض الطلاق
- باب الأمر باليد
- فصل في المشيئة
- باب التعليق
- باب طلاق المريض
- باب الرجعة
- باب الإيلاء
- باب الخلع
- باب الظهار
- باب الكفارة
- باب اللعان
- باب العنين وغيره
- باب العدة
- فصل في الحداد
- فصل في ثبوت النسب
- باب الحضانة
- باب النفقة
-
العودة الي الكتاب الدر المختار في شرح تنوير الأبصار
كتاب الطلاق
(هو) لغة رفع القيد لكن جعلوه في المرأة طلاقا وفي غيرها
إطلاقا، فلذا كان أنت مطلقة بالسكون كناية وشرعا (رفع قيد النكاح في الحال)
بالبائن (أو المآل) بالرجعي (بلفظ مخصوص) هو ما اشتمل على الطلاق، فخرج
الفسوخ كخيار، عتق وبلوغ وردة فإنه فسخ لا طلاق، وبهذا علم أن عبارة الكنز
والملتقى منقوضة طردا وعكسا بحر (وإيقاعه مباح) عند العامة لإطلاق الآيات
أكمل (وقيل) قائله الكمال (الأصح حظره) (أي منعه) (إلا لحاجة)
كريبة وكبر والمذهب الأول كما في البحر، وقولهم الأصل فيه الحظر، معناه أن الشارع
ترك هذا الأصل فأباحه، بل يستحب لو مؤذية أو تاركة صلاة غاية، ومفاده أن لا إثم
بمعاشرة من لا تصلي ويجب لو فات الإمساك بالمعروف ويحرم لو بدعيا.
ومن
محاسنه التخلص به من المكاره وبه يعلم أن طلاق الدور بنحو: إن طلقتك فأنت طالق
قبله ثلاثا واقع إجماعا كما حرره المصنف معزيا لجواهر الفتاوى، حتى لو حكم بصحة
الدور حاكم لا ينفذ أصلا
(وأقسامه ثلاثة: حسن، وأحسن، وبدعي يأثم
به)
وألفاظه: صريح، وملحق به وكناية
(ومحله
المنكوحة)
وأهله زوج عاقل بالغ مستيقظ
وركنه لفظ مخصوص
خال عن الاستثناء (طلقة) رجعية (فقط في طهر لا وطء فيه) وتركها حتى تمضي
عدتها (أحسن) بالنسبة إلى البعض الآخر (وطلقة لغير موطوءة ولو في حيض
ولموطوءة تفريق الثلاث في ثلاثة أطهار لا وطء فيها ولا حيض قبلها ولا طلاق فيه
فيمن تحيض و) في ثلاثة (أشهر في) حق (غيرها) حسن وسني فعلم أن الأول
سني بالأولى (وحل طلاقهن) أي الآيسة والصغيرة والحامل (عقب وطء) لأن
الكراهة فيمن تحيض لتوهم الحبل وهو مفقود هنا
(والبدعي ثلاث متفرقة
أو ثنتان بمرة أو مرتين) في طهر واحد (لا رجعة فيه، أو واحدة في طهر وطئت
فيه، أو) واحدة في (حيض موطوءة) لو قال والبدعي ما خالفهما لكان أوجز
وأفيد
(وتجب رجعتها) على الأصح (فيه) أي في الحيض رفعا
للمعصية (فإذا طهرت) طلقها (إن شاء) أو أمسكها، قيد بالطلاق لأن التخيير
والاختيار والخلع في الحيض لا يكره مجتبى والنفاس كالحيض جوهرة.
(قال
لموطوءة وهي) حال كونها ممن تحيض (أنت طالق ثلاثا) أو ثنتين (للسنة وقع
عند كل طهر طلقة) وتقع أولاها في طهر لا وطء فيه، فلو كانت غير موطوءة أو لا
تحيض تقع واحدة للحال ثم كلما نكحها أو مضى شهر تقع (وإن نوى أن تقع الثلاث
الساعة أو) أن تقع عند رأس (كل شهر واحدة صحت نيته) لأنه محتمل كلامه
(ويقع
طلاق كل زوج بالغ عاقل) ولو تقديرا بدائع، ليدخل السكران (ولو عبدا أو
مكرها) فإن طلاقه صحيح لا إقراره بالطلاق
وقد نظم في النهر ما يصح
مع الإكراه فقال: طلاق وإيلاء ظهار ورجعة نكاح مع استيلاد عفو عن العمد رضاع
وأيمان وفيء ونذره قبول لإيداع كذا الصلح عن عمد طلاق على جعل يمين به أتت كذا
العتق والإسلام تدبير للعبد وإيجاب إحسان وعتق فهذه صح مع الإكراه عشرين في
العد.
(أو هازلا) لا يقصد حقيقة كلامه (أو سفيها) خفيف
العقل
(أو سكران) ولو بنبيذ أو حشيش أو أفيون أو بنج زجرا، وبه
يفتى تصحيح القدوري واختلف التصحيح فيمن سكر مكرها أو مضطرا، ونعم لو زال عقله
بالصداع أو بمباح لم يقع. وفي القهستاني معزيا للزاهدي أنه لو لم يميز ما يقوم
به الخطاب كان تصرفه باطلا. ا هـ. واستثنى في الأشباه من تصرفات السكران سبع
مسائل: منها الوكيل بالطلاق صاحيا، لكن قيده البزازي بكونه على مال وإلا وقع
مطلقا؛ ولم يوقع الشافعي طلاق السكران واختاره الطحاوي والكرخي، وفي التتارخانية
عن التفريق: والفتوى عليه
(أو أخرس) ولو طارئا إن دام للموت به
يفتى، وعليه فتصرفاته موقوفة. واستحسن الكمال اشتراط كتابته (بإشارته)
المعهودة فإنها تكون كعبارة الناطق استحسانا
(أو مخطئا) بأن أراد
التكلم بغير الطلاق فجرى على لسانه الطلاق أو تلفظ به غير عالم بمعناه أو غافلا
أو ساهيا - أو بألفاظ مصحفة يقع قضاء فقط، بخلاف الهازل واللاعب فإنه يقع قضاء
وديانة لأن الشارع جعل هزله به جدا فتح
(أو مريضا أو كافرا) لوجود
التكليف. وأما طلاق الفضولي والإجازة قولا وفعلا فكالنكاح بزازية
(و)
بناء على اعتبار الزوج المذكور (لا يقع طلاق المولى على امرأة عبده) لحديث
ابن ماجه: «الطلاق لمن أخذ بالساق» إلا إذا قال زوجتها منك على أن أمرها بيدي
أطلقها كما شئت فقال العبد: قبلت، وكذا إذا قال العبد: إذا تزوجتها فأمرها
بيدك أبدا كان كذلك خانية - -
(والمجنون) إلا إذا علق عاقلا ثم جن
فوجد الشرط، أو كان عنينا أو مجبوبا أو أسلمت وهو كافر وأبى أبواه الإسلام وقع
الطلاق أشباه
(والصبي) ولو مراهقا أو أجازه بعد البلوغ، أما لو
قال: أوقعته وقع لأنه ابتداء إيقاع وجوزه الإمام أحمد (والمعتوه) من العته،
وهو اختلال في العقل (والمبرسم) من البرسام بالكسر علة كالجنون (والمغمى
عليه) هو لغة المغشي (والمدهش) فتح. وفي القاموس: دهش الرجل تحير ودهش
بالبناء للمفعول فهو مدهوش وأدهشه الله (والنائم) لانتفاء الإرادة، ولذا لا
يتصف بصدق ولا كذب ولا خبر ولا إنشاء ولو قال: أجزته أو أوقعته لا يقع لأنه
أعاد الضمير إلى غير معتبر جوهرة. ولو قال: أوقعت ذلك الطلاق أو جعلته طلاقا
وقع بحر
(وإذا ملك أحدهما الآخر) كله (أو بعضه بطل النكاح، ولو
حررته حين ملكته فطلقها في العدة أو خرجت الحربية) إلينا (مسلمة ثم خرج زوجها
كذلك) مسلما فطلقها في العدة ألغاه الثاني في المسألتين (وأوقعه الثالث)
فيهما
(واعتبار عدده بالنساء) وعند الشافعي بالرجال (فطلاق حرة
ثلاث، وطلاق أمة ثنتان) مطلقا.
(ويقع الطلاق بلفظ العتق بنية)
أو دلالة حال (لا عكسه) لأن إزالة الملك أقوى من إزالة القيد.
[فروع
في كتب الطلاق]
كتب الطلاق، وإن مستبينا على نحو لوح وقع إن نوى،
وقيل مطلقا، ولو على نحو الماء فلا مطلقا. ولو كتب على وجه الرسالة والخطاب،
كأن يكتب يا فلانة: إذا أتاك كتابي هذا فأنت طالق طلقت بوصول الكتاب جوهرة.
وفي البحر: كتب لامرأته: كل امرأة لي غيرك وغير فلانة طالق ثم محا اسم
الأخيرة وبعثه لم تطلق، هذه حيلة عجيبة وسيجيء ما لو استثنى بالكتابة.
باب الصريح
(صريحه ما لم يستعمل إلا فيه) ولو بالفارسية (كطلقتك وأنت
طالق ومطلقة) بالتشديد قيد بخطابها، لأنه لو قال: إن خرجت يقع الطلاق أو لا
تخرجي إلا بإذني فإني حلفت بالطلاق فخرجت لم يقع لتركه الإضافة إليها (ويقع
بها) أي بهذه الألفاظ وما بمعناها من الصريح، ويدخل نحو طلاغ وتلاغ وطلاك وتلاك
أو " ط ل ق " أو " طلاق باش " بلا فرق بين عالم وجاهل، وإن قال تعمدته
تخويفا لم يصدق قضاء إلا إذا أشهد عليه قبله وبه يفتى؛ ولو قيل له: طلقت امرأتك
فقال: نعم أو بلى بالهجاء طلقت بحر (واحدة رجعية، وإن نوى خلافها) من
البائن أو أكثر خلافا للشافعي (أو لم ينو شيئا) ولو نوى به الطلاق عن وثاق
دين إن لم يقرنه بعدد؛ ولو مكرها صدق قضاء أيضا كما لو صرح بالوثاق أو القيد،
وكذا لو نوى طلاقها من زوجها الأول على الصحيح خانية؛ ولو نوى عن العمل لم يصدق
أصلا؛ ولو صرح به دين، فقط.
(وفي أنت الطلاق) أو طلاق (أو أنت
طالق الطلاق أو أنت طالق طلاقا يقع واحدة رجعية إن لم ينو شيئا أو نوى) يعني
بالصدر لأنه لو نوى بطالق واحدة وبالطلاق أخرى وقعتا رجعتين لو مدخولا بها
كقوله: أنت طالق أنت طالق زيلعي (واحدة أو ثنتين) لأنه صريح مصدر لا يحتمل
العدد (فإن نوى ثلاثا فثلاث) لأنه فرد حكمي (ولذا) كان (الثنتان في
الأمة) وكذا في حرة تقدمها واحدة جوهرة، لكن جزم في البحر أنه سهو (بمنزلة
الثلاث في الحرة).
ومن الألفاظ المستعملة: الطلاق يلزمني،
والحرام يلزمني، وعلي الطلاق، وعلي الحرام فيقع بلا نية للعرف، فلو لم يكن له
امرأة يكون يمينا فيكفر بالحنث تصحيح القدوري، وكذا علي الطلاق من ذراعي
بحر.
ولو قال: طلاقك علي لم يقع. ولو زاد واجب أو لازم أو ثابت
أو فرض هل يقع؟ قال البزازي: المختار لا. وقال القاضي الخاصي: المختار
نعم ولو قال: طلقك الله هل يفتقر لنية؟ قال الكمال: الحق نعم، ولو قال
لها: كوني طالقا أو اطلقي أو يا مطلقة بالتشديد وقع، وكذا يا طال بكسر اللام
وضمها لأنه ترخيم أو أنت طال بالكسر وإلا توقف على النية، كما لو تهجى به أو
بالعتق. وفي النهر عن التصحيح: الصحيح عدم الوقوع برهنتك طلاقك ونحوه.
(وإذا
أضاف الطلاق إليها) كأنت طالق (أو) إلى (ما يعبر به عنها كالرقبة والعنق
والروح والبدن والجسد) الأطراف داخلة في الجسد دون البدن. (والفرج والوجه
والرأس) وكذا الاست، بخلاف البضع والدبر والدم على المختار خلاصة (أو)
أضافه (إلى جزء شائع منها) كنصفها وثلثها إلى عشرها (وقع) لعدم
تجزئه.
ولو قال نصفك الأعلى طالق واحدة ونصفك الأسفل ثنتين وقعت
ببخارى فأفتى بعضهم بطلقة، وبعضهم بثلاث عملا بالإضافتين خلاصة.
(وإذا
قال الرقبة منك أو الوجه أو وضع يده على الرأس والعنق) أو الوجه (قال هذا
العضو طالق لم يقع في الأصح) لأنه لم يجعله عبارة عن الكل بل عن البعض؛ حتى لو
لم يضع يده بل قال: هذا الرأس طالق وأشار إلى رأسها وقع في الأصح، ولو نوى
تخصيص العضو ينبغي أن يدين فتح. (كما) لا يقع (لو أضافه إلى اليد) إلا
بنية المجاز (والرجل والدبر والشعر والأنف والساق والفخذ والظهر والبطن واللسان
والأذن والفم والصدر والذقن والسن والريق والعرق) وكذا في الثدي والدم جوهرة
لأنه لا يعبر به عن الجملة، فلو عبر به قوم عنها وقع، وكذا كل ما كان من أسباب
الحرمة لا الحل اتفاقا.
(وجزء الطلقة) ولو من ألف جزء
(تطليقة) لعدم التجزؤ، فلو زادت الأجزاء، وقع أخرى وهكذا ما لم يقل نصف طلقة
وثلث طلقة وسدس طلقة فيقع الثلاث، ولو بلا واو فواحدة. ولو قال طلقة ونصفها
فثنتان على المختار جوهرة، وكذا لو كان مكان السدس ربعا فثنتان على المختار، وقيل
واحدة قهستاني، وسيجيء أن استيناء بعض التطليق لغو بخلاف إيقاعه
(و)
يقع بقوله (من واحدة إلى ثنتين أو ما بين واحدة إلى ثنتين، واحدة) بقوله من
واحدة أو ما بين واحدة (إلى ثلاث ثنتان) الأصل فيما أصله الحظر دخول الغاية
الأولى فقط عند الإمام، وفيما مرجعه الإباحة كخذ من مالي من مائة إلى ألف
الغايتين اتفاقا
(و) يقع (بثلاثة أنصاف طلقتين ثلاثة) وقيل
ثنتان (وبثلاثة أنصاف طلقة أو نصفي طلقتين طلقتان، وقيل يقع ثلاث) والأول أصح
(وبواحدة في ثنتين واحدة إن لم ينو أو نوى الضرب) لأنه يكثر الأجزاء لا
الأفراد (وإن نوى واحدة وثنين فثلاث) لو مدخولا بها. (وفي غير الموطوءة
واحدة ك) قوله لها (واحدة وثنتين) لأنه لم يبق للثنتين محل (وإن نوى مع
الثنتين فثلاث) مطلقا
(و) يقع (بثنتين) في ثنتين ولو
(بنية الضرب ثنتان) لما مر، ولو نوى معنى الواو أو مع فكما مر
(و)
بقوله (من هنا إلى الشام واحدة رجعية) ما لم يصفها بطول أو كبر فبائنة
(و)
أنت طالق (بمكة أو في مكة أو في الدار أو الظل أو الشمس أو ثوب كذا تنجيز)
يقع للحال (كقوله أنت طالق مريضة أو مصلية) أو أنت مريضة أو أنت تصلين
(ويصدق) في الكل (ديانة) لا قضاء (ولو قال عنيت إذا) دخلت أو إذا
(لبست أو إذا مرضت) ونحو ذلك؛ فيتعلق به كقوله: إلى سنة أو إلى رأس الشهر
أو الشتاء. (وإذا دخلت مكة تعليق) وكذا في دخولك الدار أو في لبسك ثوب كذا
أو في صلاتك ونحو ذلك لأن الظرف يشبه الشرط، ولو قال لدخولك أو لحيضك تنجيز؛ ولو
بالباء تعلق، وفي حيضك وهي حائض فحتى تحيض أخرى، وفي حيضتك فحتى تحيض وتطهر، وفي
ثلاثة أيام تنجيز، وفي مجيء ثلاثة أيام تعليق بمجيء الثالث سوى يوم حلفه لأن
الشروط تعتبر في المستقبل، ويوم القيامة لغو، وقبله تنجيز.
وفي طالق
تطليقة حسنة في دخولك الدار إن رفع حسنة تنجز وإن نصبها تعلق. وسأل الكسائي
محمدا عمن قال لامرأته: فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن وإن تخرقي يا هند فالخرق
أشأم فأنت طلاق والطلاق عزيمة ثلاث ومن يخرق أعق وأظلم كم يقع؟ فقال: إن رفع
ثلاثا فواحدة، وإن نصبها فثلاث، وتمامه في المغني وفيما علقناه على الملتقى
(وب)
قوله (أنت طالق غدا أو في غد يقع عند) طلوع (الصبح، وصح في الثاني نية
العصر) أي آخر النهار (قضاء وصدق فيهما ديانة) ومثله أنت طالق شعبان أو في
شعبان
(وفي أنت طالق اليوم غدا أو غدا اليوم اعتبر اللفظ الأول)
ولو عطف بالواو يقع في الأول واحدة وفي الثاني ثنتان، كقوله: أنت طالق بالليل
والنهار أو أول النهار وآخره وعكسه، أو اليوم ورأس الشهر، والأصل أنه متى أضاف
الطلاق لوقتين كائن ومستقبل بحرف عطف، فإن بدأ بالكائن اتحد أو بالمستقبل تعدد،
وفي أنت طالق اليوم وإذا جاء غدا أو أنت طالق لا بل غدا طلقت واحدة للحال وأخرى
في الغد
(أنت طالق واحدة أولا أو مع موتى أو مع موتك لغو) أما
الأول فلحرف الشك، وأما الثاني فلإضافته لحالة منافية للإيقاع أو الوقوع (كذا
أنت طالق قبل أن أتزوجك أو أمس و) قد (نكحها اليوم) ولو نكحها قبل أمس وقع
الآن لأن الإنشاء في الماضي إنشاء في الحال، ولو قال أمس واليوم تعدد، وبعكسه
اتحد، وقيل: بعكسه (أو أنت طالق قبل أن أطلق أو قبل أن تخلقي أو طلقتك وأنا
صبي أو نائم) أو مجنون وكان معهودا كان لغوا. (بخلاف) قوله (أنت حرة
قبل أن أشتريك أو أنت حرة أمس وقد اشتراه اليوم فإنه يعتق كما) يعتق (ولو أقر
لعبد ثم اشتراه) لإقراره بحريته
(أنت طالق قبل موتي بشهرين أو
أكثر ومات قبل مضي شهرين لم تطلق) لانتفاء الشرط (وإن مات بعده طلقت
مستندا) لأول المدة لا عند الموت (و) فائدته أنه (لا ميراث لها) لأن
العدة تنقضي بشهرين بثلاث حيض
(قال لها أنت طالق كل يوم) أو كل
جمعة أو رأس كل شهر (ولا نية له تقع واحدة) فإنه نوى كل يوم - أو قال في كل
يوم أو مع أو عند أو كلما مضى يوم يقع ثلاث في أيام ثلاثة والأصل أنه متى ترك
كلمة الطرف اتحد وإلا تعدد. وفي الخلاصة أنت طالق مع كل يوم تطليقة وقع ثلاث
للحال
(قال أطولكما عمرا طالق الآن لا تطلق حتى تموت إحداهما فتطلق
الأخرى) لوجود شرطه حينئذ.
(قال: أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر
فقدم بعد شهر وقع الطلاق مقتصرا). - -
اعلم أن طريق ثبوت الأحكام
أربعة: الانقلاب، والاقتصار، والاستناد، والتبيين فالانقلاب: صيرورة ما ليس
بعلة علة كالتعليق. والاقتصار: ثبوت الحكم في الحال. والاستناد: ثبوت في
الحال مستندا إلى ما قبله بشرط بقاء المحل كل المدة، كلزوم الزكاة حين الحول
مستندا لوجود النصاب. والتبيين: أن يظهر في الحال تقدم الحكم كقوله إن كان
زيد في الدار فأنت طالق وتبين في الغد وجوده فيها تطلق من حين القول فتعتد منه
(أنت طالق ما لم أطلقك أو متى لم أطلقك أو متى ما لم أطلقك وسكت طلقت) للحال
بسكوته (وفي إن لم أطلقك لا) تطلق بالسكوت بل يمتد النكاح (حتى يموت أحدهما
قبله) أي قبل تطليقه فتطلق قبيل الموت لتحقق الشرط ويكون فارا. (وإذا ما
وإذا بلا نية مثل إن عنده و) مثل (متى عندهما) وقد مر حكمها. (وإن نوى
الوقت أو الشرط اعتبرت) نيته اتفاقا ما لم تقم قرينة الفور فعلى الفور.
(وفي)
قوله (أنت طالق ما لم أطلقك أنت طالق مع الوصل) بقوله ما لم أطلقك (طلقت
ب) المنجزة (الأخيرة) فقط استحسانا.
[فرع]
قال:
إن لم أطلقك اليوم ثلاثا فأنت طالق ثلاثا فحيلته أن يطلقها على ألف ولا تقبل
المرأة، فإن مضى اليوم لا تطلق به يفتى خانية لأن التطليق المقيد يدخل تحت
المطلق
(أنت طالق يوم أتزوجك فنكحها ليلا حنث بخلاف الأمر باليد)
أي أمرك بيدك يوم يقدم زيد فقدم ليلا لم تتخير ولو نهارا بقي للغروب، والأصل أن
اليوم متى قرن بفعل ممتد يستوعب المدة يراد به النهار كالأمر باليد فإنه يصح جعله
بيدها يوما أو شهرا، ومتى قرن بفعل لا يستوعبها يراد به مطلق الوقت كإيقاع
الطلاق، فإنه لو قال: طلقتك شهرا كان ذكر المدة لغوا وتطلق للحال
(أنا
منك طالق) أو بريء (ليس بشيء ولو نوى) به الطلاق (وتبين في البائن
والحرام) أي أنا منك بائن أو أنا عليك حرام (إن نوى) لأن الإبانة لإزالة
الوصلة والتحريم لإزالة الحل وهما مشتركان فتصح الإضافة إليه، حتى لو لم يقل منك
أو عليك لم يقع بخلاف أنت بائن أو حرام حيث يقع إذا نوى وإن لم يقل مني، نعم لو
جعل أمرها بيدها شرط قولها بائن مني. ويقع بأبرأتك عن الزوجية بلا نية
(أنت
طالق ثنتين مع عتق مولاك إياك فأعتق) سيدها طلقت ثنتين (وله الرجعة) لوجود
التطليق بعد الإعتاق لأنه شرط. ونقل ابن الكمال أن كلمة مع إذا أقحم بين جنسين
مختلفين يحل محل الشرط.
(ولو علق) بالبناء للمجهول (عتقها
وطلاقها بمجيء الغد فجاء) الغد (لا رجعة له) لتعلقهما بشرط واحد
(وعدتها) في المسألتين (ثلاث حيض) احتياطا. (ولو) كان الزوج
(مريضا لا ترث منه) لوقوعه وهي أمة فلا ترث مبسوط
(أنت طالق
هكذا مشيرا بالأصابع) المنشورة (وقع بعدده) بخلاف مثل هذا، فإنه إن نوى
ثلاثا وقعن وإلا فواحدة لأن الكاف للتشبيه في الذات ومثل للتشبيه في الصفات، ولذا
قال أبو حنيفة: إيماني كإيمان جبريل لا مثل إيمان جبريل بحر (وتعتبر
المنشورة) لا المضمومة إلا ديانة ككف والمعتمد في الإشارة في الكف نشر كل
الأصابع. ونقل القهستاني أنه يصدق قضاء بنية الإشارة بالكف وهي واحدة، ولو لم
يقل هكذا يقع واحدة لفقد التشبيه. ولو قال أنت هكذا مشيرا ولم يقل طالق لم
أره. (ولو أشار بظهورها فالمضمومة) للعرف، ولو كان رءوسها نحو المخاطب فإن
نشر عن ضم فالعبرة للنشر، وإن ضما عن نشر فالضم ابن كمال.
(و)
يقع (ب) قوله (أنت طالق بائن أو ألبتة) وقال الشافعي: يقع رجعيا لو
موطوءة (أو أفحش الطلاق أو طلاق الشيطان أو البدعة، أو أشر الطلاق، أو كالجبل
أو كألف، أو ملء البيت، أو تطليقة شديدة، أو طويلة، أو عريضة أو أسوه، أو أشده،
أو أخبثه) أو أخشنه (أو أكبره أو أعرضه أو أطوله، أو أغلظه أو أعظمه واحدة
بائنة) في الكل لأنه وصف الطلاق بما يحتمله (إن لم ينو ثلاثا) في الحرة
وثنتين في الأمة، فيصح لما مر، كما لو نوى بطالق واحدة وبنحو بائن أخرى فيقع
ثنتان بائنتان؛ ولو عطف وقال وبائن أو ثم بائن ولم ينو شيئا فرجعية؛ ولو بالفاء
فبائنة ذخيرة.
(كما) يقع البائن (لو قال: أنت طالق طلقة
تملكي بها نفسك) لأنها لا تملك نفسها إلا بالبائن ولو قال أنت طالق على أن لا
رجعة لي عليك له الرجعة؛ وقيل: لا جوهرة. ورجح في البحر الثاني، وخطأ من أفتى
بالرجعي في التعاليق، وقول الموثقين تكون طالقا طلقة تملك بها نفسها إلخ؛ لكن في
البزازية وغيرها قال للمدخولة: إن طلقتك واحدة فهي بائنة أو ثلاثا ثم طلقها يقع
رجعيا، الوصف لا يسبق الموصوف، وكذا لو قال: إن دخلت الدار فكذا ثم قبل دخولها
الدار قال جعلته بائنا أو ثلاثا لا يصح لعدم وقوع الطلاق عليها انتهى، ومفاده
وقوع الطلاق الرجعي في: متى تزوجت عليك فأنت طالق طلقة تملكين بها نفسك، إذ
غايته مساواته لأنت بائن، والوصف لا يسبق الموصوف. كذا حرره المصنف هنا وفي
الكنايات: (بخلاف) أنت طالق (أكثره) أي الطلاق (بالتاء المثناة من
فوق فإنه يقع به الثلاث، ولا يدين في) إرادة (الواحدة) كما لو قال أكثر
الطلاق أو أنت طالق مرارا أو ألوفا أو لا قليل ولا كثير فثلاث هو المختار كما في
الجوهرة. ولو قال: أقل الطلاق فواحدة؛ ولو قال عامة الطلاق أو أجله أو لونين
منه أو أكثر الثلاث أو كبير الطلاق فثنتان، وكذا لا كثير ولا قليل على الأشبه
مضمرات. وفي القنية: طلقتك آخر الثلاث تطليقات فثلاث وطالق آخر، ثلاث تطليقات
فواحدة. والفرق دقيق حسن.
[فروع في وقوع الطلاق]
يقع
بأنت طالق كل التطليقة واحدة، وكل تطليقة ثلاث، وعدد التراب واحدة، وعدد الرمل
ثلاث، وعدد شعر إبليس أو عدد شعر بطن كفي واحدة، وعدد شعر ظهر كفي أو ساقي أو
ساقك أو فرجك أو عدد ما في هذا الحوض من السمك وقع بعدده إن وجد وإلا لا
لست
لك بزوج أو لست لي بامرأة. أو قالت له لست لي بزوج فقال صدقت طلاق إن نواه
خلافا لهما. ولو أكد بالقسم أو سئل ألك امرأة؟ فقال لا تطلق اتفاقا، وإن نوى
لأن اليمين والسؤال قرينتا إرادة النفي فيهما. وفي الخلاصة: قيل له: ألست
طلقتها؟ تطلق ببلى لا بنعم. وفي الفتح: ينبغي عدم الفرق للعرف. وفي
البزازية قالت له: أنا امرأتك، فقال لها: أنت طالق كان إقرارا بالنكاح، وتطلق
لاقتضاء الطلاق النكاح وضعا.
علم أنه حلف ولم يدر بطلاق أو غيره لغا
كما لو شك أطلق أم لا. ولو شك أطلق واحدة أو أكثر بنى على الأقل. وفي الجوهرة
طلق المنكوحة فاسدا ثلاثا له تزوجها بلا محلل ولم يحك خلافا.
باب طلاق غير المدخول بها
(قال لزوجته غير المدخول بها أنت طالق) يا زانية (ثلاثا) فلا حد
ولا لعان لوقوع الثلاث عليها وهي زوجته ثم بانت بعده وكذا أنت طالق ثلاثا يا
زانية إن شاء الله تعالى تعلق الاستثناء بالوصف بزازية (وقعن) لما تقرر أنه
متى ذكر العدد كان الوقوع به، وما قيل من أنه لا يقع لنزول الآية في الموطوءة
باطل محض منشؤه الغفلة عما تقرر أن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب وحمله في
غرر الأذكار على كونها متفرقة فلا يقع إلا الأولى فقط. (وإن فرق) بوصف أو
خبر أو جمل بعطف أو غيره (بانت بالأولى) لا إلى عدة (و) لذا (لم تقع
الثانية) بخلاف الموطوءة حيث يقع الكل وعم التفريق، قوله (وكذا أنت طالق
ثلاثا متفرقات) أو ثنتين مع طلاق إياك (ف) طلقها واحدة وقع (واحدة) كما
لو قال نصفا وواحدة على الصحيح جوهرة ولو قال: واحدة ونصفا فثنتان اتفاقا لأنه
جملة واحدة ولو قال: واحدة وعشرين أو وثلاثين فثلاث لما مر.
(والطلاق
يقع بعدد قرن به لا به) نفسه عن ذكر العدد، وعند عدمه الوقوع بالصيغة. (فلو
ماتت) يعم الموطوءة وغيرها (بعد الإيقاع قبل) تمام (العدد لغا) لما
تقرر. (ولو مات) الزوج أو أخذ أحد فمه قبل ذكر العدد (وقع واحدة) عملا
بالصيغة لأن الوقوع بلفظه لا بقصده. (ولو قال) لغير الموطوءة (أنت طالق
واحدة وواحدة) بالعطف (أو قبل واحدة أو بعدها واحدة يقع واحدة) بائنة، ولا
تلحقها الثانية لعدم العدة. (وفي) أنت طالق واحدة (بعد واحدة أو قبلها
واحدة أو مع واحدة أو معها واحد ثنتان)، الأصل أنه متى أوقع بالأول لغا الثاني،
أو بالثاني اقترنا، لأن الإيقاع في الماضي إيقاع في الحال. (و) يقع (بأنت
طالق واحدة وواحدة إن دخلت الدار ثنتان لو دخلت) لتعلقهما بالشرط دفعة.
(و) تقع (واحدة إن قدم الشرط) لأن المعلق كالمنجز (و) يقع (في
الموطوءة ثنتان) في كلها لوجود العدة؛ ومن مسائل قبل وبعد ما قيل: ما يقول
الفقيه أيده الله ولا زال عنده الإحسان في فتى علق الطلاق بشهر قبل ما بعد قبله
رمضان وينشد على ثمانية أوجه، فيقع بمحض قبل في ذي الحجة، وبمحض بعد في جمادى
الآخرة وبقبل أولا أو وسطا أو آخرا في شوال، ويبعد كذلك في شعبان لإلغاء الطرفين
فيبقى قبله أو بعده رمضان.
(ولو قال امرأتي طالق وله امرأتان أو
ثلاث تطلق واحدة منهن وله خيار التعيين) اتفاقا. وأما تصحيح الزيلعي فإنما هو
في غير الصريح كامرأتي حرام كما حرره المصنف وسيجيء في الإيلاء
(قال
لنسائه الأربع بينكن تطليقة طلقت كل واحدة تطليقة، وكذا لو قال بينكن تطليقات أو
ثلاث أو أربع، إلا أن ينوي قسمة كل واحدة بينهن فتطلق كل واحدة ثلاثا؛ ولو قال
بينكن خمس تطليقات يقع على كل واحدة طلاقان هكذا إلى ثمان تطليقات فإن زاد عليها
طلقت كل واحدة ثلاثا) ومثله قوله أشركتكن في تطليقة خانية. وفيها (قال
لامرأتين لم يدخل بواحدة منهما امرأتي طالق ثم قال أردت واحدة منهما لا يصدق، ولو
مدخولتين فله إيقاع الطلاق على إحداهما) لصحة تفريق الطلاق على المدخولة لا على
غيرها.
(قال: امرأته طالق ولم يسم وله امرأة) معروفة طلقت
امرأته استحسانا، فإن قال: لي امرأة أخرى إياها عنيت لا يقبل قوله إلا ببينة،
ولو كان (له امرأتان كلتاهما معروفة له صرف إلى أيهما شاء) خانية ولم يحك
خلافا.
[فروع في تكرار لفظ الطلاق]
كرر لفظ الطلاق
وقع الكل، وإن نوى التأكيد دين. كان اسمها طالقا أو حرة فناداها إن نوى الطلاق
أو العتاق وقعا وإلا لا. قال لامرأته: هذه الكلبة طالق طلقت، أو لعبده هذا
الحمار حر عتق. قال: أنت طالق أو أنت حر وعنى الإخبار كذبا وقع قضاء، إلا إذا
أشهد على ذلك؛ وكذا المظلوم إذا أشهد عند استحلاف الظالم بالطلاق الثلاث أنه يحلف
كاذبا صدق قضاء وديانة شرح وهبانية. وفي النهر قال: فلانة طالق واسمها كذلك
وقال عنيت غيرها دين؛ ولو غيره صدق قضاء وعلى هذا لو حلف لدائنه بطلاق امرأته
فلانة واسمها غيره لا تطلق.
وقد كثر في زماننا قول الرجل: أنت
طالق على الأربعة مذاهب. قال المصنف: وينبغي الجزم بوقوعه قضاء وديانة. ولو
قال: أنت طالق في قول الفقهاء أو فلان القاضي أو المفتي دين. قال: نساء
الدنيا أو نساء العالم طوالق لم تطلق امرأته، بخلاف نساء المحلة والدار والبيت:
وفي نساء القرية والبلدة خلاف الثاني وكذا العتق
قالت لزوجها: طلقني
فقال فعلت طلقت، فإن قالت زدني فقال فعلت طلقت أخرى. ولو قالت: طلقني طلقني
طلقني، فقال طلقت فواحدة إن لم ينو الثلاث؛ ولو عطفت بالواو فثلاث.
ولو
قالت: طلقت نفسي فأجاز طلقت اعتبارا بالإنشاء، كذا أبنت نفسي إذا نوى ولو ثلاثا
بخلاف الأول. وفي اخترت لا يقع لأنه لم يوضع إلا جوابا.
وفي
البزازية قال بين أصحابه: من كانت امرأته عليه حراما فليفعل هذا الأمر ففعله
واحد منهم فهو إقرار منه بحرمتها، وقيل لا، انتهى. وسئل أبو الليث عمن قال
لجماعة: كل من له امرأة مطلقة فليصفق بيده فصفقوا فقال طلقن، وقيل ليس هو
بإقرار. جماعة يتحدثون في مجلس فقال رجل منهم: من تكلم بعد هذا فامرأته طالق
ثم تكلم الحالف طلقت امرأته لأن كلمة (من) للتعميم والحالف لا يخرج نفسه عن
اليمين فيحنث
باب الكنايات
(كنايته) عند الفقهاء (ما لم يوضع له) أي الطلاق
(واحتمله) وغيره (ف) الكنايات (لا تطلق بها) قضاء (إلا بنية أو
دلالة الحال) وهي حالة مذاكرة الطلاق أو الغضب، فالحالات ثلاث: رضا وغضب
ومذاكرة والكنايات ثلاث ما يحتمل الرد أو ما يصلح للسب، أو لا ولا (فنحو اخرجي
واذهبي وقومي) تقنعي تخمري استتري انتقلي انطلقي اغربي اعزبي من الغربة أو من
العزوبة (يحتمل ردا، ونحو خلية برية حرام بائن) ومرادفها كبتة بتلة (يصلح
سبا، ونحو اعتدي واستبرئي رحمك، أنت واحدة، أنت حرة، اختاري أمرك بيدك سرحتك،
فارقتك لا يحتمل السب والرد، ففي حالة الرضا) أي غير الغضب والمذاكرة (تتوقف
الأقسام) الثلاثة تأثيرا (على نية) للاحتمال والقول له بيمينه في عدم النية
ويكفي تحليفها له في منزله، فإن أبى رفعته للحاكم فإن نكل فرق بينهما مجتبى.
(وفي الغضب) توقف (الأولان) إن نوى وقع وإلا لا (وفي مذاكرة الطلاق)
يتوقف (الأول فقط) ويقع بالأخيرين وإن لم ينو لأن مع الدلالة لا يصدق قضاء في
نفي النية لأنها أقوى لكونها ظاهرة، والنية باطنة ولذا تقبل بينتها على الدلالة
لا على النية إلا أن تقام على إقراره بها عمادية، ثم في كل موضع تشترط النية فلو
السؤال بهل يقع بقول نعم إن نويت، ولو بكم يقع بقول واحدة ولا يتعرض لاشتراط
النية بزازية فليحفظ.
(وتقع رجعية بقوله اعتدي واستبرئي رحمك وأنت
واحدة) وإن نوى أكثر، ولا عبرة بإعراب واحدة في الأصح (و) يقع
(بباقيها) أي باقي ألفاظ الكنايات المذكورة، فلا يرد وقوع الرجعي ببعض
الكنايات أيضا نحو: أنا بريء من طلاقك، وخليت سبيل طلاقك، وأنت مطلقة بالتخفيف،
وأنت أطلق من امرأة فلان، وهي مطلقة، وأنت ط ا ل ق وغير ذلك مما صرحوا به (خلا
اختاري) فإن نية الثلاث لا تصح فيه أيضا، ولا تقع به ولا بأمرك بيدك ما لم تطلق
المرأة نفسها كما يأتي (البائن إن نواها أو الثنتين) لما تقرر أن الطلاق مصدر
لا يحتمل محض العدد (وثلاث إن نواه) للواحدة الجنسية ولذا صح في الأمة نية
الثنتين
(قال اعتدي ثلاثا ونوى بالأول طلاقا وبالباقي حيضا صدق)
قضاء لنيته حقيقة كلامه (وإن لم ينو به) أي بالباقي (شيئا فثلاث) لدلالة
الحال بنية الأول؛ حتى لو نوى بالثاني فقط فثنتان أو بالثالث فواحدة، ولو لم ينو
بالكل لم يقع، وأقسامها أربعة وعشرون ذكرها الكمال ويزاد لو نوى بالكل واحدة
فواحدة ديانة وثلاث قضاء؛ ولو قال: أنت طالق اعتدي أو عطفه بالواو أو الفاء،
فإن نوى واحدة فواحدة أو ثنتين وقعتا، وإن لم ينو ففي الواو ثنتان وفي الفاء قيل
واحدة وقيل ثنتان.
(طلقها واحدة) بعد الدخول (فجعلها ثلاثا صح
كما لو طلقها رجعيا فجعله) قبل الرجعة (بائنا) أو ثلاثا، وكذا لو قال في
العدة: ألزمت امرأتي ثلاث تطليقات بتلك التطليقة أو ألزمتها بتطليقتين بتلك
التطليقة فهو كما قال؛ ولو قال إن طلقتك فهي بائن أو ثلاث ثم طلقها يقع رجعيا لأن
الوصف لا يسبق الموصوف كما مر فتذكر
(الصريح يلحق الصريح و) يلحق
(البائن) بشرط العدة (والبائن يلحق الصريح) الصريح ما لا يحتاج إلى نية
بائنا كان الواقع به أو رجعيا فتح، فمنه الطلاق الثلاث فيلحقهما، وكذا الطلاق على
مال فيلحق الرجعي ويجب المال، والبائن ولا يلزم المال كما في الخلاصة فالمعتبر
فيه اللفظ لا المعنى على المشهور
(لا) يلحق البائن (البائن)
إذا أمكن جعله إخبارا عن الأول: كأنت بائن بائن، أو أبنتك بتطليقة فلا يقع لأنه
إخبار فلا ضرورة في جعله إنشاء، بخلاف أبنتك بأخرى أو أنت طالق بائن، أو قال نويت
البينونة الكبرى لتعذر حمله على الإخبار فيجعل إنشاء، ولذا وقع المعلق كما قال
(إلا إذا كان) البائن (معلقا بشرط) أو مضافا (قبل) إيجاد (المنجز
البائن) كقوله: إن دخلت الدار فأنت بائن ناويا ثم أبانها ثم دخلت بانت بأخرى
لأنه لا يصلح إخبارا، ومثله المضاف كأنت بائن غدا ثم أبانها ثم جاء الغد يقع
أخرى. وفي البحر عن الوهبانية: أنت بائن كناية معلقا كان أو منجزا فيغتفر
للنية، ولو قال: إن دخلت الدار فأنت بائن، ثم قال إن كلمت زيدا فأنت بائن ثم
دخلت وبانت ثم كلمت يقع أخرى ذخيرة. وفي البزازية: إن فعلت كذا فحلال الله
علي حرام ثم قال كذلك لأمر آخر ففعل أحدهما بانت، وكذا لو فعل الثاني على الأشبه
فليحفظ، قيد بالقبلية لأنه لو أبانها أولا ثم أضاف البائن أو علقه لم يصح كتنجيزه
بدائع. ويستثنى ما في البزازية: كل امرأة له طالق لم يقع على المختلعة، ولو
قال إن فعلت كذا فامرأته كذا لم يقع على معتدة البائن، ويضبط الكل ما قيل: كلا
أجز لا بائنا مع مثله إلا إذا علقته من قبله إلا بكل امرأة وقد خلع والحق الصريح
بعد لم يقع
(كل فرقة هي فسخ من كل وجه) كإسلام وردة مع لحاق وخيار
بلوغ وعتق (لا يقع الطلاق في عدتها) مطلقا (وكل فرقة هي طلاق يقع) الطلاق
(في عدتها) على ما بينا
[فروع لحوق الطلاق لمعتدة الطلاق]
إنما
يلحق الطلاق لمعتدة الطلاق، أما المعتدة للوطء فلا يلحقها خلاصة. وفي القنية:
زوج امرأته من غيره لم يكن طلاقا ثم رقم، إن نوى طلقت اذهبي وتزوجي تقع واحدة بلا
نية اذهبي إلى جهنم يقع إن نوى خلاصة، وكذا اذهبي عني وأفلحي وفسخت النكاح، وأنت
علي كالميتة أو كلحم الخنزير أو حرام كالماء لأنه تشبيه بالسرعة، ولا يقع بأربعة
طرق عليك مفتوحة وإن نوى ما لم يقل خذي أي طريق شئت.
باب تفويض الطلاق
لما ذكر ما يوقعه بنفسه بنوعيه ذكر ما يوقعه غيره بإذنه. وأنواعه
ثلاثة: تفويض، وتوكيل، ورسالة وألفاظ التفويض ثلاثة: تخيير وأمر بيد،
ومشيئة. (قال لها اختاري أو أمرك بيدك ينوي) تفويض (الطلاق) لأنها
كناية فلا يعملان بلا نية (أو طلقي نفسك فلها أن تطلق في مجلس علمها به)
مشافهة أو إخبارا (وإن طال) يوما أو أكثر ما لم يوقته ويمضي الوقت قبل علمها
(ما لم تقم) لتبدل مجلسها حقيقة (أو) حكما بأن (تعمل ما يقطعه) مما
يدل على الإعراض لأنه تمليك فيتوقف على قبول في المجلس لا توكيل، فلم يصح رجوعه،
حتى لو خيرها ثم حلف أن لا يطلقها فطلقت لم يحنث في الأصح (لا) تطلق
(بعده) أي المجلس (إلا إذا زاد) في قوله طلقي نفسك وأخواته (متى شئت أو
متى ما شئت أو إذا شئت أو إذا ما شئت) فلا يتقيد بالمجلس (ولم يصح رجوعه)
لما مر.
(و) أما في (طلقي ضرتك أو) قوله لأجنبي (طلق
امرأتي) ف (يصح رجوعه) منه ولم يقيد بالمجلس لأنه توكيل محض، وفي طلقي نفسك
وضرتك كان تمليكا في حقها توكيلا في حق ضرتها جوهرة (إلا إذا علقه بالمشيئة)
فيصير تمليكا لا توكيلا. والفرق بينهما في خمسة أحكام: ففي التمليك لا يرجع
ولا يعزل ولا يبطل بجنون الزوج ويتقيد بمجلس لا بعقل، فيصح تفويضه لمجنون وصبي لا
يعقل، بخلاف التوكيل بحر، نعم لو جن بعد التفويض لم يقع فهنا تسومح ابتداء لا
بقاء عكس القاعدة فليحفظ. (وجلوس القائمة واتكاء القاعدة وقعود المتكئة ودعاء
الأب) أو غيره (للمشورة) بفتح فضم المشاورة (و) دعاء (شهود
للإشهاد) على اختيارها الطلاق إذا لم يكن عندها من يدعوهم، سواء تحولت عن
مكانها أو لا في الأصح خلاصة (وإيقاف دابة هي راكبتها لا يقطع) المجلس، ولو
أقامها أو جامعها مكرهة بطل لتمكنها من الاختيار (والفلك لها كالبيت وسير
دابتها كسيرها) حتى لا يتبدل المجلس بجري الفلك، ويتبدل بسير الدابة لإضافته
إليه إلا أن تجيب مع سكوته أو يكون في محل يقودهما الجمال فإنه كالسفينة.
(وفي اختاري نفسك لا تصح نية الثلاث) لعدم تنوع الاختيار؛ بخلاف أنت بائن أو
أمرك بيدك (بل تبين) بواحدة (إن قالت اخترت) نفسي (أو) أنا (أختار
نفسي) استحسانا، بخلاف قوله طلقي نفسك فقالت أنا طالق أو أنا أطلق نفسي لم يقع
لأنه وعد جوهرة، ما لم يتعارف أو تنو الإنشاء فتح (وذكر النفس أو الاختيارة في
أحد كلاميهما شرط) صحة الوقوع بالإجماع (ويشترط ذكرها متصلا، فإن كان منفصلا
فإن في المجلس صح) لأنها تملك فيه الإنشاء (وإلا لا) إلا أن يتصادقا على
اختيار النفس فيصح وإن خلا كلامهما عن ذكر النفس درر والتاجية وأقره البهنسي
والباقاني، لكن رده الكمال ونقله الأكمل بقيل، والحق ضعفه نهر.
(فلو
قال اختاري اختيارة أو طلقة) أو أمك (وقع لو قالت اخترت) فإن ذكر الاختيارة
كذكر النفس إذ التاء فيه للوحدة، وكذا ذكر التطليقة وتكرار لفظ اختاري وقولها
اخترت أبي أو أمي أو أهلي أو الأزواج يقوم مقام ذكر النفس والشرط، ذكر ذلك في
كلام أحدهما كما مثلنا، فلم يختص اختياره بكلام الزوج كما ظن، ولو قالت اخترت
نفسي وزوجي أو نفسي لا بل زوجي وقع، وما في الاختيار من عدم الوقوع سهو، نعم لو
عكست لم يقع اعتبار للمقدم وبطل أمرها كما لو عطفت بأو، أو أرشاها لتختاره
فاختارته أو قالت ألحقت نفسي بأهلي.
(ولو كررها) أي لفظة اختاري
(ثلاثا) بعطف أو غيره (فقالت) اخترت أو (اخترت اختيارة أو اخترت الأولى
أو الوسطى أو الأخيرة يقع بلا نية) من الزوج لدلالة التكرار (ثلاثا)
وقالا: يقع في اخترت الأولى إلى آخره واحدة بائنة واختاره الطحاوي بحر وأقره
الشيخ علي المقدسي وفي الحاوي القدسي: وبه نأخذ انتهى، فقد أفاد أن قولهما هو
المفتى به لأن قولهم وبه نأخذ من الألفاظ المعلم بها على الإفتاء، كذا بخط الشرف
الغزي محشي الأشباه. (ولو قالت) في جواب التخيير المذكور (طلقت نفسي أو
اخترت نفسي بتطليقة) أو اخترت الطلقة الأولى (بانت بواحدة في الأصح)
لتفويضه بالبائن فلا تملك غيره (أمرك بيدك في تطليقة أو اختاري تطليقة فاختارت
نفسها طلقت رجعية) لتفويضه إليها بالصريح، والمفيد للبينونة إذا قرن بالصريح
صار رجعيا كعكسه قيد بفي ومثلها الباء بخلاف لتطلقي نفسك أو حتى تطلقي فهي بائنة
كما لو جعل أمرها بيدها لو لم تصل نفقتي إليك فطلقي نفسك متى شئت فلم تصل فطلقت
كان بائنا لأن لفظة الطلاق لم تكن في نفس الأمر.
[فروع]
قال
الرجل خير امرأتي فلم تختر ما لم يخيرها، بخلاف أخبرها بالخيار لإقراره به. قال
لها: أنت طالق إن شئت واختاري فقالت شئت واخترت وقع ثنتان. قال اختاري اليوم
وغدا اتحد، ولو واختاري غدا تعدد. قال اختاري اليوم أو أمرك بيدك هذا الشهر
خيرت في بقيتهما، وإن قال يوما أو شهرا فمن ساعة تكلم إلى مثلها من الغد وإلى
تمام ثلاثين يوما، ولو جعله لها رأس الشهر خيرت في الليلة الأولى ويومها، ولا
يبطل المؤقت بالإعراض بل بمضي الوقت علمت أو لا.
باب الأمر باليد
هو كالاختيار إلا في نية الثلاث لا غير (إذا قال لها) ولو صغيرة
لأنه كالتعليق بزازية (أمرك بيدك) أو بشمالك أو أنفك أو لسانك (ينوي
ثلاثا) أي تفويضها (فقالت) في مجلسها (اخترت نفسي بواحدة) أو قبلت
نفسي، أو اخترت أمري، أو أنت علي حرام، أو مني بائن، أو أنا منك بائن أو طالق
(وقعن) وكذا لو قال أبوها قبلتها خلاصة، وينبغي أن يقيد بالصغيرة (وأعرتك
طلاقك) وأمرك بيد الله ويدك وأمري بيدك على المختار خلاصة (كأمرك بيدك)
وذكر اسمه تعالى للتبرك، وإن لم ينو ثلاثا فواحدة؛ ولو طلقت ثلاثا فقال نويت
واحدة ولا دلالة حلف وتقبل بينتها على الدلالة كما مر (واتحاد المجلس وعلمها)
وذكر النفس أو ما يقوم مقامها (شرط، فلو جعل أمرها بيدها ولم تعلم) بذلك
(وطلقت نفسها لم تطلق) لعدم شرط خانية. (وكل لفظ يصلح للإيقاع منه يصلح
للجواب منها وما لا) يصلح للإيقاع منه (فلا) يصلح للجواب منها، فلو قالت:
أنا طالق أو طلقت نفسي وقع، بخلاف طلقتك لأن المرأة توصف بالطلاق دون الرجل
اختيار (إلا لفظ الاختيار خاصة) فإنه ليس من ألفاظ الطلاق ويصلح جوابا منها
بدائع، لكن يرد عليه صحته بقبولها وقبول أبيها كما مر فتدبر، وفي قولها في جوابه
(طلقت نفسي واحدة أو اخترت نفسي بتطليقة بانت بواحدة) لما تقرر أن المعتبر
تفويض الزوج لا إيقاعها. (ولا يدخل الليل في) قوله (أمرك بيدك اليوم وبعد
غد) لأنهما تمليكان (فإن ردت الأمر في يومها بطل الأمر في ذلك اليوم فكان
أمرها بيدها بعد غد) ولو طلقت ليلا لم يصح ولا تطلق إلا مرة (ويدخل) الليل
(في أمرك بيدك اليوم وغدا، وإن ردته في يومها لم يبق في الغد) لأنه تفويض
واحد. (ولو قال أمرك بيدك اليوم وأمرك بيدك غدا فهما أمران) خانية ولم يذكر
خلافا؛ ولا يدخل الليل كما لا يخفى. [تنبيه] ظاهر ما مر أنه يرتد بردها،
لكن في العمادية أنه يرتد قبل قبوله لا بعده كالإبراء، وأنه في المتحد لا يبقى في
الغد، لكن في الولوالجية: أمرك بيدك إلى رأس الشهر فقالت اخترت زوجي بطل خيارها
في اليوم، ولها أن تختار نفسها في الغد عند الإمام. ووجهه في الدراية بأنه متى
ذكر الوقت اعتبر تعليقا وإلا فتمليكا. بقي لو طلقها بائنا هل يبطل أمرها إن كان
التفويض منجزا، نعم وإن معلقا كإن دخلت الدار فأمرك بيدك أو مؤقتا لا عمادية؛ لكن
في البحر عن القنية: ظاهر الرواية أن المعلق كالمنجز.
[فروع]
نكحها
على أن أمرها بيدها صح؛ ولو ادعت جعله أمرها بيدها لم تسمع إلا إذا طلقت نفسها
بحكم الأمر ثم ادعته فتسمع. قالت: طلقت نفسي في المجلس بلا تبدل وأنكر فالقول
لها.
جعل أمرها بيدها إن ضربها بغير جناية، فضربها ثم اختلفا فالقول
له لأنه منكر وتقبل بينتها على الشرط المنفي كما سيجيء. طلب أولياؤها طلاقها
فقال الزوج لأبيها ما تريد مني، افعل ما تريد وخرج فطلقها أبوها لم تطلق إن لم
يرد الزوج التفويض فالقول له فيه خلاصة. لا يدخل نكاح الفضولي ما لم يقل إن
دخلت امرأة في نكاحي. جعل أمرها بين رجلين فطلقها أحدهما لم يقع.
فصل
في المشيئة
(قال لها طلقي نفسك ولم ينو أو نوى واحدة) أو ثنتين في
الحرة (فطلقت وقعت رجعية، وإن طلقت ثلاثا ونواه وقعن) قيد بخطابها: لأنه لو
قال طلقي أي نسائي شئت لم تدخل تحت عموم خطابه (وبقولها) في جوابه (أبنت
نفسي طلقت) رجعية إن أجازه لأنه كناية (لا باخترت) نفسي وإن أجازه لأن
الاختيار ليس بصريح ولا كناية (ولا يملك) الزوج (الرجوع عنه) أي عن
التفويض بأنواعه الثلاثة لما فيه من معنى التعليق (وتقيد بالمجلس) لأنه تمليك
(إلا إذا زاد متى شئت) ونحوه مما يفيد عموم الوقت فتطلق مطلقا، وإذا قال لرجل
ذلك أو قال لها طلقي ضرتك (لم يتقيد بالمجلس) لأنه توكيل فله الرجوع إلا إذا
زاد وكلما عزلتك فأنت وكيل (إلا إذا زاد إن شئت) فيتقيد به (ولا يرجع)
لصيرورته تمليكا في الخانية. طلقها إن شاءت لم يصر وكيلا ما لم تشأ، فإن شاءت
في مجلس علمها طلقها في مجلسه لا غير والوكلاء عنه غافلون. (قال لها طلقي
نفسك ثلاثا) أو اثنتين (وطلقت واحدة وقعت) لأنها بعض ما فوضه، وكذا الوكيل
ما لم يقل بألف (لا) يقع شيء (في عكسه) وقالا واحدة طلقي نفسك ثلاثا إن
شئت فطلقت واحدة (و) كذا (عكسه لا) يقع فيهما لاشتراط الموافقة لفظا لما
في تعليق الخانية أمرها بعشر فطلقت ثلاثا أو بواحدة فطلقت نصفا لم يقع.
(أمرها ببائن أو رجعي فعكست في الجواب وقع ما أمر) الزوج (به) ويلغو
وصفها، والأصل أن المخالفة في الوصف لا تبطل الجواب بخلاف الأصل، وهذا إذا لم يكن
معلقا بمشيئتها، فإن علقه فعكست لم يقع شيء لأنها ما أتت بمشيئة ما فوض إليها
خانية بحر،
(قال لها أنت طالق إن شئت فقالت شئت إن شئت أنت، فقال:
شئت ينوي الطلاق أو قالت شئت إن كان كذا لمعدوم) أي لم يوجد بعد كإن شاء أبي أو
إن جاء الليل وهي في النهار (بطل) الأمر لفقد الشرط. (وإن قالت شئت إن
كان الأمر قد مضى) أراد بالماضي المحقق وجوده كإن كان أبي في الدار وهو فيها،
أو إن كان هذا ليلا وهي فيه مثلا (طلقت) لأنه تنجيز (قال لها أنت طالق متى
شئت أو متى ما شئت أو إذا شئت أو إذا ما شئت فردت الأمر لا يرتد ولا يتقيد
بالمجلس ولا تطلق) نفسها (إلا واحدة) لأنها تعم الأزمان لا الأفعال فتملك
التطليق في كل زمان لا تطليق بعد تطليق (ولها تفريق الثلاث في كلما شئت ولا
تجمع) ولا تثني لأنها لعموم الإفراد.
(ولو طلقت بعد زوج آخر لا
يقع) إن كانت طلقت نفسها ثلاثا متفرقة وإلا فلها تفريقها بعد زوج آخر وهي مسألة
الهدم الآتية (أنت طالق حيث شئت أو أين شئت لا تطلق إلا إذا شاءت في المجلس،
وإن قامت من مجلسها قبل مشيئتها لا) مشيئة لها لأنهما للمكان ولا تعلق للطلاق
به فجعلا مجازا عن إن لأنها أم الباب. (وفي كيف شئت يقع) في الحال
(رجعية، فإن شاءت بائنة أو ثلاثا وقع) ما شاءته (مع نيته) وإلا فرجعية لو
موطوءة وإلا بانت وبطل الأمر، وقول الزيلعي والعيني قبل الدخول صوابه بعده
فتنبه. (وفي كم شئت أو ما شئت لها أن تطلق ما شاءت) في مجلسها ولم يكن
بدعيا للضرورة (وإن ردت) أو أتت بما يفيد الإعراض (ارتد) لأنه تمليك في
الحال فجوابه كذلك. (قال لها طلقي) نفسك (من ثلاث ما شئت تطلق ما دون
الثلاث، ومثله اختاري من الثلاث ما شئت) لأن من تبعيضية. وقالا: بيانية،
فتطلق الثلاث، والأول أظهر.
[فروع في تعلق المشيئة في
الطلاق]
قال: أنت طالق إن شئت وإن لم تشائي طلقت للحال ولو قال:
إن كنت تحبين الطلاق فأنت طالق، وإن كنت تبغضينه فأنت طالق لم تطلق لأنه يجوز أن
لا تحبه ولا تبغضه ولا يجوز أن تشاء ولا تشاء، ولو قال لهما: أشدكما حبا للطلاق
أو أشدكما بغضا له طالق فقالت كل أنا أشد حبا له لم يقع لدعوى كل أن صاحبتها أقل
حبا منها فلم يتم الشرط، ثم التعليق بالمشيئة أو الإرادة أو الرضا أو الهوى أو
المحبة يكون تمليكا فيه معنى التعليق، فيتقيد بالمجلس كأمرك بيدك بخلاف التعليق
بغيرها.
باب التعليق
(هو) لغة من علقه تعليقا قاموس: جعله معلقا. واصطلاحا
(ربط حصول مضمون جملة بحصول مضمون جملة أخرى) ويسمى يمينا مجازا وشرط صحته
كون الشرط معدوما على خطر الوجود؛ فالمحقق كإن كان السماء فوقنا تنجيز، والمستحيل
كإن دخل الجمل في سم الخياط لغو وكونه متصلا إلا لعذر وأن لا يقصد به المجازاة،
فلو قالت يا سفلة فقال: إن كنت كما قلت فأنت كذا تنجيز كان كذلك أو لا وذكر
المشروط، فنحو أنت طالق إن لغو به يفتى ووجود رابط حيث تأخر الجزاء كما يأتي
(شرطه
الملك) حقيقة كقوله لقنه: إن فعلت كذا فأنت حر أو حكما، ولو حكما (كقوله
لمنكوحته) أو معتدته (إن ذهبت فأنت طالق) (، أو الإضافة إليه) أي الملك
الحقيقي عاما أو خاصا، كإن ملكت عبدا أو إن ملكتك لمعين فكذا أو الحكمي كذلك
(كإن) نكحت امرأة أو إن (نكحتك فأنت طالق) وكذا كل امرأة ويكفي معنى
الشرط إلا في المعينة باسم أو نسب أو إشارة فلو قال: المرأة التي أتزوجها طالق
تطلق بتزوجها، ولو قال هذه المرأة إلخ لا لتعريفها بالإشارة فلغا الوصف
(فلغا
قوله لأجنبية إن زرت زيدا فأنت طالق فنكحها فزارت) وكذا كل امرأة أجتمع معها في
فراش فهي طالق فتزوجها لم تطلق، وكل جارية أطؤها حرة فاشترى جارية فوطئها لم تعتق
لعدم الملك والإضافة إليه. وأفاد في البحر أن زيارة المرأة في عرفنا لا تكون
إلا بطعام معها يطبخ عند المزور فليحفظ. (كما لغا إيقاعه) الطلاق (مقارنا
لثبوت ملك) كأنت طالق مع نكاحك، ويصح مع تزوجي إياك لتمام الكلام بفاعله
ومفعوله (أو زواله) كمع موتي أو موتك. [فائدة] في المجتبى عن محمد في
المضافة لا يقع وبه أفتى أئمة خوارزم انتهى، وهو قول الشافعي. وللحنفي تقليده
بفسخ قاض بل محكم بل إفتاء عدل وبفتوتين في حادثتين، وهذا يعلم ولا يفتى به
بزازية
(ويبطل تنجيز الثلاث) للحرة والثنتين للأمة (تعليقه)
للثلاث وما دونها إلا المضافة إلى الملك كما مر (لا تنجيز ما دونها). اعلم
أن التعليق يبطل بزوال الحل لا بزوال الملك فلو علق الثلاث أو ما دونها بدخول
الدار ثم نجز الثلاث ثم نكحها بعد التحليل بطل التعليق فلا يقع بدخولها شيء، ولو
كان نجز ما دونها لم يبطل فيقع المعلق كله، وأوقع محمد فيه الأول وهي مسألة الهدم
الآتية وثمرته فيمن علق واحدة ثم نجز ثنتين ثم نكحها بعد زوج آخر فدخلت له رجعتها
خلافا لمحمد وكذا يبطل بلحاقه مرتدا بدار الحرب خلافا لهما، وبفوت محل البر كإن
كلمت فلانا أو دخلت هذه الدار فمات أو جعلت بستانا كما بسطناه فيما علقناه على
الملتقى وستجيء مسألة الكوز بفرعها
[فرع]
قال لزوجته
الأمة: إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا فعتقت فدخلت له رجعتها قنية
(وألفاظ
الشرط) أي علامات وجود الجزاء (إن) المكسورة؛ فلو فتحها وقع للحال ما لم
ينو التعليق فيدين، وكذا لو حذف الفاء من الجواب في نحو: طلبية واسمية وبجامد
وبما وقد وبلن وبالتنفيس كما لخصناه في شرح الملتقى (وإذا وإذا ما وكل و) لم
تسمع (كلما) إلا منصوبة ولو مبتدأ لإضافتها لمبني (ومتى ومتى ما) ونحو
ذلك كلو كأنت طالق لو دخلت الدار تعلق بدخولها، ومن نحو من دخل منكن الدار فهي
طالق، فلو دخلت واحدة مرارا طلقت بكل مرة لأن الدخول أضيف إلى جماعة فازداد
عموما، كذا في الغاية وهي غريبة وجعله في البحر أحد القولين
(وفيها)
كلها (تنحل) أي تبطل (اليمين) ببطلان التعليق (إذا وجد الشرط مرة إلا
في كلما فإنه ينحل بعد الثلاث) لاقتضائها عموم الأفعال كاقتضاء كل عموم الأسماء
(فلا يقع إن نكحها بعد زوج آخر إذا دخلت) كلما (على التزوج نحو: كلما
تزوجت فأنت كذا) لدخولها على سبب الملك وهو غير متناه، ومن لطيف مسائلها لو قال
لموطوءته: كلما طلقتك فأنت طالق فطلقها واحدة تقع ثنتان، وفي: كلما وقع عليك
طلاقي يقع ثلاث لتكرار الوقوع لكنه لا يزيد على الثلاث
(وزوال
الملك) من نكاح أو يمين (لا يبطل اليمين) فلو أبانها أو باعه ثم نكحها أو
اشتراه فوجد الشرط طلقت وعتق لبقاء التعليق ببقاء محله
(وتنحل)
اليمين (بعد) وجود (الشرط مطلقا) لكن إن وجد في الملك طلقت وعتق وإلا لا،
فحيلة من علق الثلاث بدخول الدار أن يطلقها واحدة ثم بعد العدة تدخلها فتنحل
اليمين فينكحها (فإن اختلفا في وجود الشرط) أي ثبوته ليعم العدمي (فالقول
له مع اليمين) لإنكاره الطلاق، ومفاده أنه لو علق طلاقها بعدم وصول نفقتها
أياما فادعى الوصول وأنكرت أن القول له وبه جزم في القنية، لكن صحح في الخلاصة
والبزازية أن القول لها، وأقره في البحر والنهر، وهو يقتضي تخصيص المتون؛ لكن قال
المصنف: وجزم شيخنا في فتواه بما تفيده المتون والشروح لأنها الموضوعة لنقل
المذهب كما لا يخفى إلا إذا برهنت) فإن البينة تقبل على الشرط وإن كان نفيا كإن
لم تجئ صهرتي الليلة فامرأتي كذا فشهد أنها لم تجئه قبلت وطلقت منح وفي
التبيين: إن لم أجامعك في حيضتك فأنت طالق للسنة ثم قال جامعتك إن حائضا فالقول
له لأنه يملك الإنشاء وإلا لا. قلت: فالمسألة السابقة والآتية ليستا على
إطلاقهما (وما لا يعلم) وجوده (إلا منها صدقت في حق نفسها خاصة) استحسانا
بلا يمين نهر بحثا، ومراهقة كالبالغة واحتلام كحيض في الأصح (كقوله إن حضت فأنت
طالق وفلانة، أو إن كنت تحبين عذاب الله فأنت كذا أو عبده حر، فلو قالت حضت)
والحيض قائم، فإن انقطع لم يقبل قولها زيلعي وحدادي (أو أحب طلقت هي فقط) إن
كذبها الزوج، فإن صدقها أو علم وجود الحيض منها طلقتا جميعا حدادي. (وفي إن
حضت لا يقع برؤية الدم) لاحتمال الاستحاضة (فإن استمر ثلاثا وقع من حين
رأت) وكان بدعيا، فإن غير مدخولة فتزوجت بآخر في ثلاثة أيام صح، فلو ماتت فيها
فإرثها للزوج الأول دون الثاني وتصدق في حقها دون ضرتها. (و) في (إن حضت
حيضة) أو نصفها أو ثلثها أو سدسها لعدم تجزيها (لا يقع حتى تطهر منها) لأن
الحيضة اسم للكامل، ثم إنما يقبل قولها ما لم تر حيضة أخرى جوهرة وفي إن صمت يوما
فأنت طالق تطلق حين غربت) الشمس (من يوم صومها، بخلاف إن صمت) فإنه يصدق
بساعته.
(قال لها إن ولدت غلاما فأنت طالق واحدة، وإن ولدت جارية
فأنت طالق ثنتين فولدتهما ولم يدر الأول تلزمه طلقة واحدة قضاء وثنتان تنزها)
أي احتياطا لاحتمال تقدم الجارية (ومضت العدة) بالثاني فلذا لم يقع به شيء
لأن الطلاق المقارن لانقضاء العدة لا يقع، فإن علم الأول فلا كلام، وإن اختلفا
فالقول للزوج لأنه منكر وإن تحقق ولادتهما معا وقع الثلاث وتعتد بالإقراء (وإن
ولدت غلاما وجاريتين ولا يدري الأول يقع ثنتان قضاء وثلاث تنزها) وإن ولدت
غلامين وجارية فواحدة قضاء وثلاث تنزها (و) هذا بخلاف ما (لو قال: إن كان
حملك غلاما فأنت طالق واحدة، وإن كان جارية فثنتين فولدت غلاما وجارية لم تطلق)
لأن الحمل اسم للكل، فما لم يكن الكل غلاما أو جارية لم تطلق (وكذا) لو قال
(إن كان ما في بطنك غلاما) والمسألة بحالها لعموم ما (بخلاف إن كان في
بطنك) والمسألة بحالها (فإنه يقع الثلاث) لعدم اللفظ العام.
[فروع
في تعليق الطلاق بالحبل]
علق طلاقها بحبلها لم تطلق حتى تلد لأكثر
من سنتين من وقت اليمين. قال: إن ولدت ولدا فأنت طالق أو حرة فولدت ولدا ميتا
طلقت وعتقت. قال لأم ولده: إن ولدت فأنت حرة تنقضي به العدة جوهرة
(علق)
العتاق أو الطلاق ولو (الثلاث بشيئين حقيقة بتكرر الشرط أو لا) كإن جاء زيد
وبكر فأنت كذا (يقع) المعلق (إن وجد) الشرط (الثاني في الملك وإلا
لا) لاشتراط الملك حالة الحنث والمسألة رباعية (علق الثلاث أو العتق) لأمته
(بالوطء) حنث بالتقاء الختانين و (لم يجب) عليه (العقر) في المسألتين
(باللبث) بعد الإيلاج لأن اللبث ليس بوطء (و) لذا (لم يصر به مراجعا
في) الطلاق (الرجعي إلا إذا أخرج ثم أولج ثانيا) حقيقة أو حكما بأن حرك
نفسه فيصير مراجعا بالحركة الثانية، ويجب العقر لا الحد لاتحاد المجلس.
(لا
تطلق) الجديدة (في) قوله للقديمة (إن نكحتها) أي فلانة (عليك فهي
طالق إذا نكح) فلانة (عليها في عدة البائن) لأن الشرط مشاركتها في القسم
ولم يوجد. (فلو) نكح (في عدة الرجعي) أو لم يقل عليك (طلقت)
الجديدة ذكره مسكين، وقيده في النهر بحثا بما إذا أراد رجعتها وإلا فلا قسم لها
كما مر
(قال لها أنت طالق إن شاء الله متصلا) إلا لتنفس أو سعال
أو جشاء أو عطاس أو ثقل لسان أو إمساك فم أو فاصل مفيد لتأكيد أو تكميل أو حد أو
طلاق، أو نداء كأنت طالق يا زانية أو يا طالق إن شاء الله صح الاستثناء بزازية
وخانية، بخلاف الفاصل اللغو كأنت طالق رجعيا إن شاء الله وقع وبائنا لا يقع؛ ولو
قال: رجعيا أو بائنا يقع بنية البائن لا الرجعي قنية وقواه في النهر
(مسموعا) بحيث لو قرب شخص أذنه إلى فيه يسمع فيصح استثناء الأصم خانية.
(لا يقع) للشك (وإن ماتت قبل قوله إن شاء الله) وإن مات يقع (ولا
يشترط) فيه (القصد ولا التلفظ) بهما، فلو تلفظ بالطلاق وكتب الاستثناء
موصولا أو عكس أو أزال الاستثناء بعد الكتابة لم يقع عمادية (ولا العلم
بمعناه) حتى لو أتى بالمشيئة من غير قصد جاهلا لم يقع خلافا للشافعي وأفتى
الشيخ الرملي الشافعي فيمن حلف على شيء بالطلاق فأنشأ له الغير ظانا صحته بعدم
الوقوع. ا هـ. قلت: ولم أره لأحد من علمائنا، والله أعلم. ولو شهد بها
وهو لا يذكرها، إن كان بحال لا يدري ما يجري على لسانه لغضب جاز له الاعتماد
عليهما وإلا لا بحر.
(ويقبل قوله إن ادعاه) وأنكرته (في ظاهر
المروي) عن صاحب المذهب (وقيل لا) يقبل إلا ببينة (وعليه الاعتماد)
والفتوى احتياطا لغلبة الفساد خانية، وقيل إن عرف بالصلاح فالقول له
(وحكم
ما لم يوقف على مشيئته) فيما ذكر (كالإنس والجن) والملائكة والجدار والحمار
(كذلك) وكذا إن شرك كإن شاء الله وشاء زيد لم يقع أصلا؛ ومثل إن إلا، وإن لم،
وإذا، وما، وما لم يشأ ومن الاستثناء: أنت طالق لولا أبوك، أو لولا حسنك، أو
لولا أني أحبك لم يقع خانية، ومنه: سبحان الله ذكره ابن الهمام في فتواه
(قال
أنت طالق ثلاثا وثلاثا) إن شاء الله أو أنت حر وحر إن شاء الله طلقت ثلاثا وعتق
العبد (عند الإمام) لأن اللفظ الثاني لغو، ولا وجه لكونه توكيدا للفصل
بالواو، بخلاف قوله حر حر أو حر وعتيق لأنه توكيد وعطف تفسير فيصح الاستثناء
(وكذا) يقع الطلاق بقوله (إن شاء الله أنت طالق) فإنه تطليق عندهما تعليق
عند أبي يوسف لاتصال المبطل بالإيجاب فلا يقع كما لو أخر، وقيل الخلاف بالعكس،
وعلى كل فالمفتى به عدم الوقوع إذا قدم المشيئة ولم يأت بالفاء، فإن أتى بها لم
يقع اتفاقا كما في البحر والشرنبلالية والقهستاني وغيرها فليحفظ. وثمرته فيمن
حلف لا يحلف بالطلاق وقاله حنث على التعليق لا الإبطال (وبأنت طالق بمشيئة الله
أو بإرادته أو بمحبته أو برضاه) لا تطلق، لأن الباء للإلصاق فكانت كإلصاق
الجزاء بالشرط (وإن أضافه) أي المذكور من المشيئة وغيرها (إلى العبد كان)
ذلك (تمليكا فيقتصر على المجلس) كما مر
(وإن قال بأمره أو بحكمه
أو بقضائه أو بإذنه أو بعلمه أو بقدرته يقع في الحال أضيف إليه تعالى أو إلى
العبد) إذ يراد بمثله التنجيز عرفا (كقوله) أنت طالق (بحكم القاضي،
وإن) قال ذلك (باللام يقع في الوجوه كلها) لأنه للتعليل (وإن) كان ذلك
(بحرف في إن أضافه إلى الله تعالى لا يقع في الوجوه كلها) لأن في بمعنى الشرط
(إلا في العلم فإنه يقع في الحال) وكذا القدرة إن نوى بها ضد العجز لوجود
قدرة الله تعالى قطعا كالعلم
(وإن أضاف إلى العبد كان تمليكا في
الأربع الأول) وما بمعناها كالهوى والرؤية (تعليقا في غيرها) وهي ستة، ثم
العشرة إما أن تضاف لله أو للعبد، والعشرون إما أن تكون بباء أو لام أو في فهي
ستون. وفي البزازية كتب الطلاق واستثنى بالكتابة صح، وعلى ما مر عن العمادية
فهي مائة وثمانون وفي كيف شاء الله تطلق رجعية
(أنت طالق ثلاثا إلا
واحدة يقع ثنتان، وفي الاثنتين واحدة، وفي إلا ثلاثا) يقع (ثلاث) لأن
استثناء الكل باطل إن كان بلفظ الصدر أو مساويه، وإن بغيرهما كنسائي طوالق إلا
هؤلاء أو إلا زينب وعمرة وهند وعبيدي أحرار إلا هؤلاء أو إلا سالما وغانما وراشدا
وهم الكل صح كما سيجيء في الإقرار
(ويعتبر) في (المستثنى كونه
كلا أو بعضا من جملة الكلام إلا من جملة الكلام الذي يحكم بصحته) وهو الثلاث،
ففي أنت طالق عشرا إلا تسعا تقع واحدة، وإلا ثمانية تقع ثنتان، وإلا سبعا تقع
ثلاث، ومتى تعدد الاستثناء بلا واو كان كل إسقاطا مما يليه فيقع ثنتان بأنت طالق
عشرا إلا تسعا إلا ثمانية إلا سبعة، ويلزمه خمسة بله علي عشرة إلا (9) إلا
(8) إلا (7) إلا (6) إلا (5) إلا (4) إلا (3) إلا
(2) إلا واحدة، وتقريبه أن تأخذ العدد الأول بيمينك والثاني بيسارك والثالث
بيمينك والرابع بيسارك وهكذا، ثم تسقط ما بيسارك مما بيمينك، فما بقي فهو
الواقع
(إخراج بعض التطليق لغو، بخلاف إيقاعه، فلو قال أنت طالق
ثلاثا إلا نصف تطليقة وقع الثلاث في المختار) وعن الثاني ثنتان فتح، وفي
السراجية أنت طالق إلا واحدة يقع ثنتان انتهى فكأنه استثنى من ثلاث مقدر
(سألت
امرأة الثلاث فقال أنت طالق خمسين طلقة فقالت المرأة ثلاث تكفيني فقال ثلاث لك
والبواقي لصواحبك وله ثلاث نسوة غيرها تطلق المخاطبة ثلاثا لا غيرها أصلا) هو
المختار لصيرورة البواقي لغوا، فلم يقع بصرفه لصواحبها شيء.
[فروع
في أيمان الفتح]
في أيمان الفتح ما لفظه، وقد عرف في الطلاق أنه لو
قال: إن دخلت الدار فأنت طالق، إن دخلت الدار فأنت طالق، إن دخلت الدار فأنت
طالق وقع الثلاث، وأقره المصنف ثمة. إن سكنت هذه البلدة فامرأته طالق وخرج فورا
وخلع امرأته ثم سكنها قبل العدة لم تطلق، بخلاف فأنت طالق فليحفظ. إن تزوجتك
وإن تزوجتك فأنت كذا لم يقع حتى يتزوجها مرتين، بخلاف ما لو قدم الجزاء فليحفظ.
إن غبت عنك أربعة أشهر فأمرك بيدك ثم طلقها فاعتدت فتزوجت ثم عادت للأول ثم غاب
أربعة أشهر فلها أن تطلق نفسها ولو اختلعت لا لأنه تنجيز والأول تعليق. دعاها
للوقاع فأبت فقال متى يكون؟ فقالت غدا، فقال: إن لم تفعلي هذا فالمراد غدا
فأنت كذا ثم نسياه حتى مضى الغد لا يقع. حلف أن لا يأتيها فاستلقى فجاءت فجامعت
إن مستيقظا حنث إن لم أشبعك من الجماع فعلى إنزالها. إن لم أجامعك ألف مرة فكذا
فعلى المبالغة لا العدد. وإن وطئتك فعلى جماع الفرج، وإن نوى الدوس بالقدم حنث
به أيضا. له امرأة جنب وحائض ونفساء فقال أخبثكن طالق طلقت النفساء، وفي أفحشكن
طالق فعلى الحائض. قال: لي إليك حاجة فقال امرأته طالق إن لم أقضها، فقال هي
أن تطلق امرأتك فله أن لا يصدقه. قال لأصحابه إن لم أذهب بكم الليلة إلى منزلي
فامرأته كذا فذهب بهم بعض الطريق فأخذهم العسس فحبسهم لا يحنث. إن خرجت من
الدار إلا بإذني فخرجت لحريقها لا يحنث.
حلف لا يرجع الدار ثم رجع
لشيء نسيه لا يحنث. حلف ليخرجن ساكن داره اليوم والساكن ظالم فإن لم يمكنه
إخراجه فاليمين على التلفظ باللسان إن لم تجيئي بفلان أو إن لم تردي ثوبي الساعة
فأنت طالق فجاء فلان من جانب آخر بنفسه وأخذ الثوب قبل دفعها لا يحنث، كذا إن لم
أدفع إليك الدينار الذي علي إلى رأس الشهر فكذا فأبرأته قبل رأس الشهر بطل
اليمين. بقي ما يكتب في التعاليق متى نقلها أو تزوج عليها وأبرأته من كذا أو من
باقي صداقها، فلو دفع لها الكل هل تبطل؟ الظاهر لا لتصريحهم بصحة براءة الإسقاط
والرجوع بما دفعه
حلف بالله أنه لم يدخل هذه الدار اليوم ثم قال عبده
حر إن لم يكن دخل لا كفارة ولا يعتق عبده، إما لصدقه أو لأنها غموس، ولا مدخل
للقضاء في اليمين بالله حتى لو كانت يمينه الأولى بعتق أو طلاق حنث في اليمين
لدخولها في القضاء. أخذت من ماله درهما فاشترت به لحما وخلطه اللحام بدراهمه
وقال زوجها إن لم ترديه اليوم فأنت كذا فحيلته أن تأخذ كيس اللحم وتسلمه للزوج
قبل مضي اليوم ولا حنث، ولو ضاع من اللحم فما لم يعلم أنه أذيب أو سقط في البحر
لا يحنث. حلف إن لم أكن اليوم في العالم أو في هذه الدنيا فكذا يحبس ولو في بيت
حتى يمضي اليوم، ولو حلف إن لم يخرب بيت فلان غدا فقيد ومنع حتى مضى الغد حنث
وكذا إن لم أخرج من هذا المنزل فكذا فقيد، أو إن لم أذهب بك إلى منزلي فأخذها
فهربت منه، أو إن لم تحضري الليلة منزلي فكذا فمنعها أبوها حنث في المختار، بخلاف
لا أسكن فأغلق الباب أو قيد لا يحنث في المختار قلت قال ابن الشحنة والأصل أنه
متى عجز عن شرط الحنث حنث في العدمي لا الوجودي. قال في النهر ومفاده الحنث
فيمن حلف ليؤدين اليوم دينه فعجز لفقره وفقد من يقرضه، خلافا لما بحثه في البحر
فتدبر.
باب طلاق المريض
عنون به لأصالته، ويقال له الفار لفراره من إرثها، فيرد عليه قصده
إلى تمام عدتها، وقد يكون الفرار منها كما سيجيء (من غالب حالة الهلاك بمرض أو
غيره بأن أضناه مرض عجز به عن إقامة مصالحه خارج البيت) هو الأصح كعجز الفقيه
عن الإتيان إلى المسجد وعجز السوقي عن الإتيان إلى دكانه. وفي حقها أن تعجز عن
مصالحها داخله كما في البزازية، ومفاده أنها لو قدرت على نحو الطبخ دون صعود
السطح لم تكن مريضة. قال في النهر: وهو الظاهر قلت: وفي آخر وصايا
المجتبى: المرض المعتبر المضني المبيح لصلاته قاعدا والمقعد والمفلوج والمسلول
إذا تطاول ولم يقعده في الفراش كالصحيح ثم رمز شح: حد التطاول سنة. انتهى وفي
القنية: المفلوج والمسلول والمقعد ما دام يزداد كالمريض (أو بارز رجلا
أقوى) منه (أو قدم ليقتل من قصاص أو رجم) أو بقي على لوح من السفينة أو
افترسه سبع وبقي في فيه (فار بالطلاق) خبر من، و (لا يصح تبرعه إلا من
الثلث فلو أبانها) وهي من أهل الميراث علم بأهليتها أم لا، كأن أسلمت أو أعتقت
ولم يعلم (طائعا) بلا رضاها، فلو أكره أو رضيت لم ترث ولو أكرهت على رضاها أو
جامعها ابنه مكرهة ورثت (وهو كذلك) بذلك الحال (ومات) فيه، فلو صح ثم مات
في عدتها لم ترث (بذلك السبب) موته (أو بغيره) كأن يقتل المريض أو يموت
بجهة أخرى في العدة للمدخولة (ورثت هي) منه لا هو منها لرضاه بإسقاطه حقه.
وعند أحمد ترث بعد العدة ما لم تتزوج بآخر. (وكذا) ترث (طالبة رجعية)
أو طلاق فقط (طلقت) بائنا (أو ثلاثا) لأن الرجعي لا يزيل النكاح حتى حل
وطؤها، ويتوارثان في العدة مطلقا، وتكفي أهليتها للإرث وقت الموت، بخلاف البائن
(وكذا) ترث (مبانة قبلت) أو طاوعت (ابن زوجها) لمجيء الحرمة
ببينونته.
(ومن لاعنها في مرضه أو آلى منهما مريضا كذلك) أي
ترثه لما مر (وإن آلى في صحته وبانت به) بالإيلاء (في مرضه أو أبانها في
مرضه فصح فمات أو أبانها فارتدت فأسلمت) فمات (لا) ترثه لأنه لا بد أن يكون
المرض الذي طلقها فيه مرض الموت، فإذا صح تبين أنه لم يكن مرض الموت، ولا بد في
البائن أن تستمر أهليتها للإرث من وقت الطلاق إلى وقت الموت، حتى لو كانت كتابية
أو مملوكة وقت الطلاق ثم أسلمت أو عتقت لم ترث. كما) لا ترث (لو طلقها
رجعيا) أو لم يطلقها (فطاوعت) أو قبلت (ابنه) لمجيء الفرقة منها (أو
أبانها بأمرها) قيد به لأنها لو أبانت نفسها فأجاز ورثت عملا بإجازته قنية
(أو اختلعت منه أو اختارت نفسها) ولو ببلوغ وعتق وجب وعنه لم ترث لرضاها
(ولو) كان الزوج (محصورا) بحبس (أو في صف القتال) ومثله حال فشو
الطاعون أشباه (أو قائما بمصالحه خارج البيت مشتكيا) من ألم (أو محموما أو
محبوسا بقصاص أو رجم لا) ترث لغلبة السلامة
(والحامل لا تكون فارة
إلا بتلبسها بالمخاض) وهو الطلق، لأنها حينئذ كالمريضة. وعند مالك إذا تم لها
ستة أشهر (إذا علق) المريض (طلاقها) البائن (بفعل أجنبي) أي غير
الزوجين ولو ولدها منه (أو بمجيء الوقت و) الحال أن (التعليق والشرط في
مرضه أو) علق طلاقها (بفعل نفسه وهما في المرض أو الشرط فقط) فيه (أو علق
بفعلها ولا بد لها منه) طبعا أو شرعا كأكل وكلام أبوين (وهما في المرض أو
الشرط) فيه فقط (ورثت) لفراره، ومنه ما في البدائع: إن لم أطلقك أو إن لم
أتزوج عليك فأنت طالق ثلاثا فلم يفعل حتى مات ورثته ولو ماتت هي لم يرثها.
(وفي غيرها لا يرث وهو ما إذا كانا في الصحة أو التعليق فقط أو بفعلها ولها منه
بد) وحاصلها ستة عشر لأن التعليق إما بمجيء وقت أو بفعل أجنبي أو بفعله أو
بفعلها، وكل وجه على أربعة، لأن التعليق والشرط إما في الصحة أو المرض أو أحدهما،
وقد علم حكمها
(قال لها في صحته إن شئت) أنا (وفلان فأنت طالق
ثلاثا ثم مرض فشاء الزوج والأجنبي الطلاق معا أو شاء الزوج ثم الأجنبي ثم مات
الزوج لا ترث، وإن شاء الأجنبي أولا ثم الزوج ورثت) كذا في الخانية، والفرق لا
يخفى إذ بمشيئة الأجنبي أولا صار الطلاق معلقا على فعله فقط.
(تصادقا)
أي المريض مرض الموت والزوجة (على ثلاث في الصحة و) على (مضي العدة ثم أقر
لها بدين) أو عين (أو وصى لها بشيء فلها الأقل منه) أي مما أقر أو أوصى
(ومن الميراث) للتهمة وتعتد من وقت إقراره به يفتى ولو مات بعد مضيها فلها
جميع ما أقر أو أوصى عمادية؛ ولو لم يكن بمرض موته صح إقراره ووصيته، ولو كذبته
لم يصح إقراره شرح المجمع وفي الفصول: ادعت عليه مريضا أنه أبانها فجحد وحلفه
القاضي فحلف ثم صدقته ومات ترثه لو صدقته قبل موته لا لو بعده. (كمن طلقت
ثلاثا بأمرها في مرضه ثم أوصى لها أو أقر) فإن لها الأقل.
(قال
صحيح لامرأتيه إحداكما طالق ثم بين) الطلاق (في مرضه) الذي مات فيه (في
إحداهما صار فارا بالبيان فترث منه) كافي، ومفاده أنه لو حلف صحيحا وحنث مريضا
فبينه في إحداهما صار فارا ولم أره نهر
(ولا يشترط علمه) أي الزوج
(بأهليتها) أي المرأة للميراث (فلو طلقها بائنا في مرضه وقد كان سيدها
أعتقها قبله) أو كانت كتابية فأسلمت (ولم يعلم به كان فارا) فترثه ظهيرية،
بخلاف ما لو قال لأمته أنت حرة غدا وقال الزوج أنت طالق ثلاثا بعد غد (وإن علم
بكلام المولى كان فارا وإلا) يعلم (لا) ترث خانية. ولو علقه بعتقها أو
بمرضه أو وكله به وهو صحيح فأوقعه حال مرضه قادرا على عزله كان فارا
(ولو
باشرت) المرأة (سبب الفرقة وهي) أي والحال أنها (مريضة وماتت قبل انقضاء
العدة ورثها) الزوج (كما إذا وقعت الفرقة) بينهما (باختيارها نفسها في
خيار البلوغ والعتق أو بتقبيلها) أو مطاوعتها (ابن زوجها) وهي مريضة لأنها
من قبلها ولذا لم يكن طلاقا (بخلاف وقوع الفرقة) بينهما (بالجب والعنة
واللعان) فإنه لا يرثها (على) ما في الخانية والفتح عن الجامع وجزم به في
الكافي. قال في البحر: فكان هو (المذهب) لأنها طلاق فكانت مضافة إليه
(وقيل) قائله الزيلعي (هو كالأول) فيرثها
(ولو ارتدت ثم
ماتت أو لحقت بدار الحرب فإن كانت الردة في المرض ورثها زوجها) استحسانا
(وإلا) بأن ارتدت في الصحة (لا) يرثها بخلاف ردته فإنها في معنى مرض موته
فترثه مطلقا. ولو ارتدا معا، فإن أسلمت هي ورثته وإلا لا خانية
(قال
آخر امرأة أتزوجها طالق ثلاثا فنكح امرأة ثم أخرى ثم مات الزوج) طلقت الأخرى
(عند التزوج) و (لا يصير فارا) خلافا لهما لأن الموت معروف واتصافه
بالآخرية من وقت الشرط فيثبت مستندا درر.
[فروع في البينونة في
المرض]
أبانها في مرضه ثم قال لها إذا تزوجتك فأنت طالق ثلاثا
فتزوجها في العدة ومات في مرضه لم ترث لأنها في عدة مستقبلة، وقد حصل التزوج
بفعلها فلم يكن فرارا خلافا لمحمد خانية. كذبها الورثة بعد موته في الطلاق في
مرضه فالقول لها كقولها طلقني وهو نائم. وقالوا في اليقظة والوالجية: طلقها
في المرض ومات بعد العدة فالمشكل من متاع البيت لوارث الزوج لصيرورتها أجنبية
بخلافه في العدة جامع الفصولين
باب الرجعة
بالفتح وتكسر يتعدى ولا يتعدى (هي استدامة الملك القائم) بلا
عوض ما دامت (في العدة) أي عدة الدخول حقيقة إذ لا رجعة في عدة الخلوة ابن
كمال، وفي البزازية: ادعى الوطء بعد الدخول وأنكرت فله الرجعة لا في عكسه.
وتصح
مع إكراه وهزل ولعب وخطإ (بنحو) متعلق باستدامة (رجعتك) ورددتك ومسكتك
بلا نية لأنه صريح (و) بالفعل مع الكراهة (بكل ما يوجب حرمة المصاهرة)
كمس ولو منها اختلاسا، أو نائما، أو مكرها أو مجنونا، أو معتوها إن صدقها هو أو
ورثته بعد موته جوهرة ورجعة المجنون بالفعل بزازية.
(و) تصح
(بتزوجها في العدة) به يفتى جوهرة (و وطئها في الدبر على المعتمد) لأنه
لا يخلو عن مس بشهوة (إن لم يطلق بائنا) فإن أبانها فلا (وإن أبت)، أو
قال أبطلت رجعتي، أو لا رجعة لي فله الرجعة بلا عوض، ولو سمى هل يجعل زيادة في
المهر؟ قولان ويتعجل المؤجل بالرجعي ولا يتأجل برجعتها خلاصة. وفي
الصيرفية: لا يكون حالا حتى تنقضي العدة.
(وندب إعلامها بها)
لئلا تنكح غيره بعد العدة، فإن نكحت فرق بينهما وإن دخل شمني.
(وندب
الإشهاد) بعدلين ولو بعد الرجعة بالفعل (و) ندب (عدم دخوله بلا إذنها
عليها) لتتأهب وإن قصد رجعتها لكراهتها بالفعل كما مر.
(ادعاها
بعد العدة فيها) بأن قال كنت راجعتك في عدتك (فصدقته صح) بالمصادقة (وإلا
لا) يصح إجماعا (و) كذا (لو أقام بينة بعد العدة أنه قال في عدتها قد
راجعتها، أو) أنه (قال: قد جامعتها) وتقدم قبولها على نفس اللمس والتقبيل
فليحفظ. (كان رجعة) لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة وهذا من أعجب
المسائل حيث لا يثبت إقراره بإقراره بل بالبينة (كما لو قال فيها كنت راجعتك
أمس) فإنها تصح (وإن كذبته) لملكه الإنشاء في الحال (بخلاف) قوله لها
(راجعتك) يريد الإنشاء (فقالت) على الفور (مجيبة له قد مضت عدتي)
فإنها لا تصح عند الإمام لمقارنتها لانقضاء العدة، حتى لو سكتت ثم أجابت صحت
اتفاقا كما لو نكلت عن اليمين عن مضي العدة.
(قال زوج الأمة -
بعدها -:) أي العدة (راجعتها فيها فصدقه السيد وكذبته) الأمة ولا بينة
(أو قالت: مضت عدتي وأنكر) الزوج والمولى (فالقول لها) عند الإمام
لأنها أمينة (فلو كذبه المولى وصدقته الأمة فالقول له) أي للمولى على الصحيح
لظهور ملكه في البضع فلا يمكنها إبطاله.
(قالت: انقضت عدتي ثم
قالت: لم تنقض كان له الرجعة) لإخبارها بكذبها في حق عليها شمني، ثم إنما
تعتبر المدة لو بالحيض لا بالسقط، وله تحليفها أنه مستبين الخلق، ولو بالولادة لم
يقبل إلا ببينة ولو حرة فتح.
(وتنقطع) الرجعة (إذا طهرت من
الحيض الأخير) يعم الأمة (لعشرة) أيام مطلقا (وإن لم تغتسل ولأقل لا)
تنقطع (حتى تغتسل) ولو بسؤر حمار لاحتمال طهارته مع وجود المطلق، لكن لا تصلي
لاحتمال النجاسة ولا تتزوج احتياطا (أو بمضي) جميع (وقت الصلاة) فتصير
دينا في ذمتها، ولو عاودها ولم يجاوز العشرة فله الرجعة (أو) حتى (تتيمم)
عند عدم الماء (وتصلي) ولو نفلا صلاة تامة في الأصح، وفي الكتابية بمجرد
الانقطاع ملتقى لعدم خطابها. قلت: ومفاده أن المجنونة والمعتوهة كذلك.
(ولو اغتسلت ونسيت أقل من عضو تنقطع) لتسارع الجفاف، فلو تيقنت عدم الوصول،
أو تركته عمدا لا تنقطع. (ولو) نسيت (عضوا لا) تنقطع وكل واحد من
المضمضة والاستنشاق كالأقل لأنهما عضو واحد على الصحيح بهنسي.
(طلق
حاملا منكرا وطأها فراجعها) قبل الوضع (فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر) من
وقت الطلاق ولستة أشهر (فصاعدا) من وقت النكاح (صحت) رجعته السابقة،
وتوقف ظهور صحتها على الوضع لا ينافي صحتها قبله، فلا مسامحة في كلام
الوقاية.
(كما) صحت (لو طلق من ولدت قبل الطلاق) فلو ولدت
بعده فلا رجعة لمضي المدة (منكرا وطأها) لأن الشرع كذبه بجعل الولد للفراش،
فبطل زعمه حيث لم يتعلق بإقراره حق الغير (ولو خلا بها ثم أنكره) أي الوطء
(ثم طلقها لا) يملك الرجعة لأن الشرع لم يكذبه، ولو أقر به وأنكرته فله
الرجعة ولو لم يخل بها فلا رجعة له لأن الظاهر شاهد لها ولوالجية. (فإن طلقها
فراجعها) والمسألة بحالها (فجاءت بولد لأقل من حولين) من حين الطلاق
(صحت) رجعته السابقة لصيرورته مكذبا كما مر.
(ولو قال: إن
ولدت فأنت طالق فولدت) فطلقت فاعتدت (ثم) ولدت (آخر ببطنين) يعني بعد
ستة أشهر ولو لأكثر من عشر سنين ما لم تقر بانقضاء العدة لأن امتداد الطهر لا
غاية له إلا اليأس (فهو) أي الولد الثاني (رجعة) إذ يجعل العلوق بوطء
حادث في العدة، بخلاف ما لو كانا ببطن واحد.
(وفي كلما ولدت)
فأنت طالق - (فولدت ثلاث بطون تقع الثلاث والولد الثاني رجعة) في الطلاق
الأول كما مر وتطلق به ثانيا (كالولد الثالث) فإنه رجعة في الثاني وتطلق به
ثلاثا عملا بكلما (وتعتد) الطلاق الثالث (بالحيض) لأنها من ذوات الأقراء
ما لم تدخل في سن اليأس فبالأشهر ولو كانوا ببطن يقع ثنتان بالأولين لا بالثالث
لانقضاء العدة به فتح.
(والمطلقة الرجعية تتزين) ويحرم ذلك في
البائن والوفاة (لزوجها) الحاضر لا الغائب لفقد العلة (إذا كانت) الرجعة
(مرجوة) وإلا فلا تفعل، ذكره مسكين (ولا يخرجها من بيتها) ولو لما دون
السفر للنهي المطلق (ما لم يشهد على رجعتها) فتبطل العدة، وهذا إذا صرح بعدم
رجعتها، فلو لم يصرح كان السفر رجعة دلالة فتح بحثا وأقره المصنف.
(والطلاق
الرجعي لا يحرم الوطء) خلافا للشافعي رضي الله عنه (فلو وطئ لا عقر عليه)
لأنه مباح (لكن تكره الخلوة بها) تنزيها (إن لم يكن من قصده الرجعة وإلا
لا) تكره (ويثبت القسم لها إن كان من قصده المراجعة وإلا لا) قسم لها بحر
عن البدائع. قال: وصرحوا بأن له ضرب امرأته على ترك الزينة وهو شامل للمطلقة
رجعيا.
(وينكح مبانته بما دون الثلاث في العدة وبعدها بالإجماع)
ومنع غيره فيها لاشتباه النسب (لا) ينكح (مطلقة) من نكاح صحيح نافذ كما
سنحققه (بها) أي بالثلاث (لو حرة وثنتين لو أمة) ولو قبل الدخول، وما في
المشكلات باطل، أو مؤول كما مر (حتى يطأها غيره ولو) الغير (مراهقا)
يجامع مثله، وقدره شيخ الإسلام بعشر سنين، أو خصيا،، أو مجنونا، أو ذميا لذمية
(بنكاح) نافذ خرج الفاسد والموقوف، فلو نكحها عبد بلا إذن سيده ووطئها قبل
الإجازة لا يحلها حتى يطأها بعدها.
ومن لطيف الحيل أن تزوج لمملوك
مراهق بشاهدين فإذا أولج يملكه لها فيبطل النكاح ثم تبعثه لبلد آخر فلا يظهر
أمرها، لكن على رواية الحسن المفتى بها. أنه لا يحلها لعدم الكفاءة إن كان لها
ولي وإلا فيحلها اتفاقا كما مر (وتمضي عدته) أي الثاني (لا بملك يمين)
لاشتراط الزوج بالنص، فلا يحلها وطء المولى ولا ملك أمة بعد طلقتين، أو حرة بعد
ثلاث وردة وسبي ونظيره من فرق بينهما بظهار، أو لعان ثم ارتدت وسبيت ثم ملكها لم
تحل له أبدا (والشرط التيقن بوقوع الوطء في المحل) المتيقن به، فلو كانت
صغيرة لا يوطأ مثلها لم تحل للأول وإلا حلت وإن أفضاها بزازية.
(فلو
وطئ مفضاة لا تحل له إلا إذا حبلت) ليعلم أن الوطء كان في قبلها (كما لو
تزوجت بمجبوب) فإنها لا تحل حتى تحبل لوجود الدخول حكما حتى يثبت النسب فتح،
فالاقتصار على الوطء قصور إلا أن يعمم بالحقيقي والحكمي.
(والإيلاج
في محل البكارة يحلها والموت عنها لا) كما في القنية. واستشكله المصنف، وفي
النهر: وكأنه ضعيف لما في التبيين: يشترط أن يكون الإيلاج موجبا للغسل وهو
التقاء الختانين بلا حائل يمنع الحرارة، وكونه عن قوة نفسه فلا يحلها من لا يقدر
عليه إلا بمساعدة اليد إلا إذا انتعش وعمل ولو في حيض ونفاس وإحرام؛ وإن كان
حراما؛ وإن لم ينزل لأن الشرط الذوق لا الشبع قلت: وفي المجتبى: الصواب حلها
بدخول الحشفة مطلقا، لكن في شرح المشارق لابن مالك: لو وطئها وهي نائمة لا
يحلها للأول لعدم ذوق العسيلة، وينبغي أن يكون الوطء في حالة الإغماء كذلك.
(وكره) التزوج للثاني (تحريما) لحديث: «لعن المحلل والمحلل له» (بشرط
التحليل) كتزوجتك على أن أحللك (وإن حلت للأول) لصحة النكاح وبطلان الشرط
فلا يجبر على الطلاق كما حققه الكمال، خلافا لما زعمه البزازي:.
ومن
لطيف الحيل قوله: إن تزوجتك وجامعتك، أو وأمسكتك فوق ثلاث مثلا فأنت بائن، ولو
خافت أن لا يطلقها تقول: زوجتك نفسي على أن أمري بيدي زيلعي، وتمامه في
العمادية (أما إذا أضمر ذلك لا) يكره (وكان) الرجل (مأجورا) لقصد
الإصلاح، وتأويل اللعن إذا شرط الأجر ذكره البزازي ثم هذا كله فرع صحة النكاح
الأول، حتى لو كان بلا ولي بل بعبارة المرأة، أو بلفظ هبة، أو بحضرة فاسقين ثم
طلقها ثلاثا وأراد حلها بلا زوج يرفع الأمر لشافعي فيقضي به وببطلان النكاح: أي
في القائم والآتي لا في المنقضي بزازية. وفيها قال الزوج الثاني كان النكاح
فاسدا، أو لم أدخل بها وكذبته فالقول لها. ولو قال الزوج الأول ذلك فالقول
له: أي في حق نفسه (والزوج الثاني يهدم بالدخول) فلو لم يدخل لم يهدم
اتفاقا قنية (ما دون الثلاث أيضا) أي كما يهدم الثلاث إجماعا لأنه إذا هدم
الثلاث فما دونها أولى خلافا لمحمد، فمن طلقت دونها وعادت إليه بعد آخر عادت
بثلاث لو حرة وثنتين لو أمة. وعند محمد وباقي الأئمة بما بقي وهو الحق فتح،
وأقره المصنف كغيره. (ولو أخبرت مطلقة الثلاث بمضي عدته وعدة الزوج الثاني)
بعد دخوله (والمدة تحتمله جاز له) أي للأول (أن يصدقها إن غلب على ظنه
صدقها) وأقل مدة عدة عنده بحيض شهران ولأمة أربعون يوما ما لم تدع السقط كما
مر.
ولو تزوجت بعد مدة تحتمله ثم قالت لم تنقض عدتي، أو ما تزوجت
بآخر لم تصدق لأن إقدامها على التزوج دليل الحل، وعن السرخسي لا يحل تزوجها حتى
يستفسرها.
وفي البزازية: قالت طلقني ثلاثا ثم أرادت تزويج نفسها
منه ليس لها ذلك أصرت عليه أم أكذبت نفسها.
(سمعت من زوجها أنه
طلقها ولا تقدر على منعه من نفسها) إلا بقتله (لها قتله) بدواء خوف القصاص،
ولا تقتل نفسها. وقال الأوزجندي: ترفع الأمر للقاضي، فإن حلف ولا بينة فالإثم
عليه، وإن قتلته فلا شيء عليها. والبائن كالثلاث، وفيها شهدا أنه طلقها ثلاثا
لها التزوج بآخر للتحليل لو غائبا انتهى. قلت: يعني ديانة. والصحيح عدم
الجواز قنية، وفيها: لو لم يقدر هو أن يتخلص عنها ولو غاب سحرته وردته إليها لا
يحل له قتلها، ويبعد عنها جهده (وقيل: لا) تقتله، قائله الإسبيجابي (وبه
يفتى) كما في التتارخانية وشرح الوهبانية عن الملتقط أي، والإثم عليه كما
مر.
(قال بعد) أي بعد طلاقه ثلاثا (كان قبلها طلقة واحدة
وانقضت عدتها وصدقته) المرأة (في ذلك لا يصدقان على المذهب المفتى به) كما
لو لم تصدقه هي، وقيل يصدقان، ولو طلقها ثنتين قبل الدخول ثم قال: كنت طلقتها
قبلهما واحدة أخذ بالثلاث.
باب الإيلاء
مناسبته البينونة مآلا (هو) لغة اليمين. وشرعا (الحلف على
ترك قربانها) مدته ولو ذميا (والمولي هو الذي لا يمكنه قربان امرأته إلا
بشيء) مشق (يلزمه) إلا لمانع كفر.
وركنه الحلف (وشرطه محلية
المرأة) بكونها منكوحة وقت تنجيز الإيلاء، ومنه: إن تزوجتك فوالله لا أقربك،
ولو زاد وأنت طالق ثم تزوجها لزمه كفارة بالقربان ووقع بائن بتركه (وأهلية
الزوج للطلاق) وعندهما للكفارة (فصح إيلاء الذمي) بغير ما هو قربة.
وفائدته
وقوع الطلاق ومن شرائطه عدم النقص عن المدة.
(وحكمه وقوع طلقة
بائنة إن بر) ولم يطأ (و) لزم (الكفارة، أو الجزاء) المعلق (إن
حنث) بالقربان.
(و) المدة (أقلها للحرة أربعة أشهر، وللأمة
شهران) ولا حد لأكثرها، فلا إيلاء بحلفه على أقل من الأقلين.
وسببه
كالسبب في الرجعي.
وألفاظه صريح وكناية (ف) من الصريح (لو
قال: والله) وكل ما ينعقد به اليمين (لا أقربك) لغير حائض ذكره سعدي لعدم
إضافة المنع حينئذ إلى اليمين (أو) والله (لا أقربك) لا أجامعك لا أطؤك
لا أغتسل منك من جنابة (أربعة أشهر) ولو لحائض لتعيين المدة (أو إن قربتك
فعلي حج، أو نحوه) مما يشق، بخلاف فعلي صلاة ركعتين فليس بمول لعدم مشقتهما،
بخلاف فعلي مائة ركعة وقياسه أن يكون موليا بمائة ختمة، أو اتباع مائة جنازة ولم
أره (أو فأنت طالق، أو عبده حر) ومن الكناية لا أمسك لا آتيك لا أغشاك لا
أقرب فراشك لا أدخل عليك، ومن المؤبد نحو حتى تخرج الدابة أو الدجال، أو تطلع
الشمس من مغربها (فإن قربها في المدة)، ولو مجنونا (حنث) وحينئذ (ففي
الحلف بالله وجبت الكفارة، وفي غيره وجب الجزاء وسقط الإيلاء) لانتهاء اليمين
(وإلا) يقربها (بانت بواحدة) بمضيها، ولو ادعاه بعد مضيها لم يقبل قوله
إلا ببينة (وسقط الحلف لو) كان (مؤقتا) ولو بمدتين إذ بمضي الثانية تبين
بثانية وسقط الإيلاء (لا لو كان مؤبدا) وكانت طاهرة كما مر.
وفرع
عليه (فلو نكحها ثانيا وثالثا ومضت المدتان بلا فيء) أي قربان (بانت
بأخريين) والمدة من وقت التزوج (فإن نكحها بعد زوج آخر لم تطلق) لانتهاء
هذا الملك، بخلاف ما لو بانت بالإيلاء بما دون ثلاث، أو أبانها تنجيز الطلاق ثم
عادت بثلاث يقع بالإيلاء خلافا لمحمد كما مر في مسألة الهدم (وإن وطئها) بعد
زوج آخر (كفر) لبقاء اليمين للحنث. (والله لا أقربك شهرين وشهرين بعد
هذين الشهرين) إيلاء (لتحقق) المدة..
(ولو مكث يوما)
أراد به مطلق الزمان إذ الساعة كذلك بحر (ثم قال: والله لا أقربك شهرين) لم
يكن موليا (قال بعد الشهرين الأولين)، أو لا لنقص المدة لكن إن قاله اتحدت
الكفارة وإلا تعددت (أو قال: والله لا أقربك سنة إلا يوما) لم يكن موليا
للحال بل إن قربها وبقي من السنة أربعة أشهر فأكثر صار موليا وإلا لا، ولو حذف
" سنة " لم يكن موليا حتى يقربها فيصير موليا ولو زاد: إلا يوما أقربك فيه
لم يكن موليا أبدا لأنه استثنى كل يوم يقربها فيه فلم يتصور منعه أبدا (أو قال
- وهو بالبصرة -: والله لا أدخل مكة وهي بها لا) يكون موليا لأنه يمكنه أن
يخرجها منها فيطأها. (آلى من المطلقة رجعيا صح) لبقاء الزوجية، ويبطل بمضي
العدة.
(ولو آلى من مبانته أو أجنبية نكحها بعده) أي بعد
الإيلاء ولم يضفه للملك كما مر (لا) يصح لفوات محله ولو وطئها كفر لبقاء
اليمين، ولو آلى فأبانها إن مضت مدته وهي في العدة بانت بأخرى وإلا لا خانية.
(عجز) عجزا حقيقيا لا حكميا كإحرام لكونه باختياره (عن وطئها لمرض بأحدهما
أو صغرها، أو رتقها)، أو جبه، أو عنته (أو بمسافة لا يقدر على قطعها في مدة
الإيلاء، أو لحبسه) إذا لم يقدر على وطئها في السجن كما في البحر عن الغاية،
وقوله (لا بحق) لم أره لغيره فليراجع، وكذا حبسها ونشوزها ففيؤه (نحو)
قوله بلسانه (فئت إليها) أو راجعتك، أو أبطلت الإيلاء أو رجعت عما قلت، ونحوه
لأنه آذاها بالمنع فيرضيها بالوعد (فإن) قدر على الجماع في المدة ففيؤه
(الوطء في الفرج) لأنه الأصل (فإن وطئ في غيره) كدبر (لا) يكون فيئا،
ومفاده اشتراط دوام العجز من وقت الإيلاء إلى مضي مدته، وبه صرح في الملتقى.
وفي الحاوي: آلى وهو صحيح ثم مرض لم يكن فيؤه إلا الجماع. وبقي شرط ثالث ذكره
في البدائع، وهو قيام النكاح وقت الفيء باللسان، فلو أبانها ثم فاء بلسانه بقي
الإيلاء.
(قال لامرأته: أنت علي حرام) ونحو ذلك كأنت معي في
الحرام (إيلاء إن نوى التحريم، أو لم ينو شيئا، وظهار إن نواه، وهدر إن نوى
الكذب) وذا ديانة، وأما قضاء فإيلاء قهستاني (وتطليقة بائنة) إن نوى الطلاق
وثلاث إن نواها ويفتى بأنه طلاق بائن (وإن لم ينوه) لغلبة العرف، ولذا لا
يحلف به إلا الرجال، ولو لم تكن له امرأة أو حلفت به المرأة كان يمينا، كما لو
ماتت، أو بانت لا إلى عدة ثم وجد الشرط لم تطلق امرأته المتزوجة به يفتى
لصيرورتها يمينا ولا تنقلب طلاقا، ومثله: أنت معي في الحرام والحرام يلزمني،
وحرمتك علي وأنت محرمة، أو حرام علي أو لم يقل علي، وأنا عليك حرام أو محرم، أو
حرمت نفسي عليك أو أنت علي كالحمار، أو كالخنزير بزازية.
(ولو كان
له) أربع (نسوة) والمسألة بحالها (وقع على كل واحدة منهن طلقة) بائنة
(وقيل: تطلق واحدة منهن) وإليه البيان كما مر في الصريح (وهو الأظهر)
والأشبه، ذكره الزيلعي والبزازي وغيرهما. وقال الكمال: الأشبه عندي الأول،
وبه جزم صاحب البحر في فتاواه، وصححه في جواهر الفتاوى، وأقره المصنف في شرحه لكن
في النهر يجب أن يكون معنى قول الزيلعي " والمسألة بحالها "، يعني التحريم لا
بقيد " أنت علي حرام " مخاطبا لواحدة كما في المتن، بل يجب فيه أن لا يقع إلا
على المخاطبة. ا هـ. قلت: يعني بخلاف حلال الله، أو حلال المسلمين فإنه
يعم، وبه يحصل التوفيق فليحفظ.
[فروع]
أنت علي حرام
ألف مرة تقع واحدة. طلقها واحدة ثم قال: أنت علي حرام ناويا اثنين تقع واحدة
كرره مرتين ونوى بالأول طلاقا وبالثاني يمينا صح. قال ثلاث مرات: حلال الله
علي حرام إن فعلت كذا، ووجد الشرط وقع الثلاث.
قال لهما: أنتما
علي حرام ونوى في إحداهما ثلاثا وفي الأخرى واحدة فكما نوى به يفتى، وتمامه في
البزازية. قال: أنتما علي حرام حنث بوطء كل. ولو قال: والله لا أقربكما
لم يحنث إلا بوطئهما، والفرق لا يخفى. وفي الجوهرة: كرر " والله لا أقربك
" ثلاثا في مجلس؛ وإن نوى التكرار اتحدا؛ وإلا فالإيلاء واحد واليمين ثلاث، وإن
تعدد المجلس تعدد الإيلاء واليمين.
باب الخلع
(هو) لغة الإزالة، واستعمل في إزالة الزوجية بالضم وفي غيره
بالفتح. وشرعا كما في البحر (إزالة ملك النكاح) خرج به الخلع في النكاح
الفاسد وبعد البينونة والردة فإنه لغو كما في الفصول (المتوقفة على قبولها)
خرج ما لو قال: خلعتك - ناويا الطلاق - فإنه يقع بائنا غير مسقط للحقوق لعدم
توقفه عليه، بخلاف خالعتك بلفظ المفاعلة، أو " اختلعي " بالأمر ولم يسم شيئا
فقبلت فإنه خلع مسقط، حتى لو كانت قبضت البدل ردته خانية. (بلفظ الخلع) خرج
الطلاق على مال فإنه غير مسقط فتح، وزاد قوله (أو ما في معناه) ليدخل لفظ
المبارأة فإنه مسقط كما سيجيء، ولفظ البيع والشراء فإنه كذلك كما صححه في الصغرى
خلافا للخانية، وأفاد التعريف صحة خلع المطلقة رجعيا. (ولا بأس به عند
الحاجة) للشقاق بعدم الوفاق (بما يصلح للمهر) بغير عكس كلي لصحة الخلع بدون
العشرة وبما في يدها وبطن غنمها وجوز العيني انعكاسها.
(و) شرطه
كالطلاق وصفته ما ذكره بقوله (وهو يمين في جانبه) لأنه تعليق الطلاق بقبول
المال (فلا يصح رجوعه) عنه (قبل قبولها، ولا يصح شرط الخيار له، ولا يقتصر
على المجلس) أي مجلسه، ويقتصر قبولها على مجلس علمها (وفي جانبها معاوضة)
بمال (فصح رجوعها) قبل قبوله (و) صح (شرط الخيار لها) ولو أكثر من
ثلاثة أيام بحر (ويقتصر على المجلس) كالبيع.
[فائدة]:
يشترط في قبولها علمها بمعناه لأنه معاوضة، بخلاف طلاق وعتاق وتدبير لأنه إسقاط
والإسقاط يصح مع الجهل (وطرف العبد في العتاق) على مال (كطرفها في الطلاق،
و) الخلع (يكون بلفظ البيع والشراء والطلاق والمبارأة) كبعت نفسك، أو
طلاقك، أو طلقتك على كذا أو بارأتك: أي فارقتك وقبلت المرأة.
(و)
حكمه أن (الواقع به) ولو بلا مال (وبالطلاق) الصريح (على مال طلاق
بائن) وثمرته فيما لو بطل البدل كما سيجيء.
(و) الخلع (هو
من الكنايات فيعتبر فيه ما يعتبر فيها) من قرائن الطلاق، لكن لو قضي بكونه فسخا
نفذ لأنه مجتهد فيه، وقيل لا.
(خلعها ثم قال لم أنو به الطلاق،
فإن ذكر بدلا لم يصدق) قضاء في الصور الأربع (وإلا صدق في) ما إذا وقع بلفظ
(الخلع والمبارأة) لأنهما كنايتان ولا قرينة، بخلاف لفظ بيع وطلاق لأنه خلاف
الظاهر. وفيه إشارة إلى اشتراط النية وهو ظاهر الرواية إلا أن المشايخ قالوا لا
تشترط النية ههنا لأنه بحكم غلبة الاستعمال صار كالصريح كما في القهستاني عن
متفرقات طلاق المحيط.
(وكره) تحريما (أخذ شيء) ويلحق به
الإبراء عما لها عليه (إن نشز وإن نشزت لا) ولو منه نشوز أيضا ولو بأكثر مما
أعطاها على الأوجه فتح، وصحح الشمني كراهة الزيادة، وتعبير الملتقى لا بأس به
يفيد أنها تنزيهية وبه يحصل التوفيق.
(أكرهها) الزوج (عليه
تطلق بلا مال) لأن الرضا شرط للزوم المال وسقوطه.
(ولو هلك بدله
في يدها) قبل الدفع (أو استحق فعليها قيمته لو) البدل (قيميا، ومثله لو
مثليا) لأن الخلع لا يقبل الفسخ.
(خلعها، أو طلقها بخمر أو
خنزير، أو ميتة ونحوها) مما ليس بمال (وقع) طلاق (بائن في الخلع رجعي في
غيره) وقوعا (مجانا) فيهما لبطلان البدل وهو الثمرة كما مر؛ ولو سمت حلالا
كهذا الخل فإذا هو خمر رجع بالمهر إن لم يعلم وإلا لا شيء له (كخالعني على ما
في يدي) أي الحسية (ولا شيء في يدها) لعدم التسمية وكذا عكسه، لكن لو كان
في يده جوهرة لها فقبلت فهي له علمت أو لا لإضرارها نفسها بقولها (وإن زادت من
مال، أو دراهم ردت) عليه في الأولى (مهرها) إن قبضته وإلا لا شيء عليها
جوهرة (أو ثلاثة دراهم) في الثانية ولو في يدها أقل كملتها، ولو سمت دراهم
فبان دنانير لم أره. (والبيت والصندوق وبطن الجارية) إذا لم تلد لأقل المدة
(و) بطن (الغنم) وثمر الشجر (كاليد) فذكر اليد مثال كما في البحر.
قال: وقيده في الخلاصة وغيرها بعدم العلم فقال: لو علم أنه لا متاع في البيت
أو أنه لا مهر لها عليه في خلعها بمهرها لا يلزمها شيء لأنها لم تطمعه فلم يصر
مغرورا؛ ولو ظن أن عليه المهر ثم تذكر عدمه ردت المهر.
(خالعت على
عبد آبق لها على براءتها من ضمانه لم تبرأ) وعليها تسليمه إن قدرت وإلا فقيمته
لأنه لا يبطل بالشرط الفاسد كالنكاح.
(قالت: طلقني ثلاثا بألف،
أو على ألف فطلقها واحدة وقع في الأول بائنة بثلثه) أي بثلث الألف إن طلقها في
مجلسه وإلا فمجانا فتح. وفي الخانية: لو كان طلقها ثنتين فله كل الألف (وفي
الثانية رجعية مجانا) لأن " على " للشرط قالا: كالباء.
(قال
لها: طلقي نفسك ثلاثا بألف) أو على ألف (فطلقت نفسها واحدة لم يقع شيء)
لأنه لم يرض بالبينونة إلا بكل الألف، بخلاف ما مر لرضاها بها بألف فببعضها أولى
(وقوله لها: أنت طالق بألف أو على ألف وقبلت) في مجلسها (لزم) إن لم
تكن مكرهة كما مر، ولا سفيهة ولا مريضة كما يجيء (الألف) لأنه تعويض أو
تعليق. وفي البحر عن التتارخانية: قال لامرأتيه: إحداكما طالق بألف درهم
والأخرى بمائة دينار فقبلتا طلقتا بغير شيء (أنت طالق وعليك ألف، أو أنت حر
وعليك ألف طلقت وعتق مجانا) وإن لم يقبلا، و " عليك ألف " جملة تامة:
وقالا: إن قبلا صح ولزم المال عملا بأن الواو للحال، وفي الحاوي وبقولهما
يفتى.
(قال: طلقتك أمس على ألف فلم تقبلي وقالت: قبلت، فالقول
له بيمينه، بخلاف قوله: بعتك طلاقك أمس على ألف فلم تقبلي وقالت قبلت فالقول
لها) وكذا لو قال لعبده كذلك (كقوله) لغيره (بعت منك هذا العبد بألف أمس
فلم تقبل وقال المشتري: قبلت) فإن القول للمشتري. والفرق أن الطلاق بمال
يمين من جانبه، وهي تدعي حنثه وهو ينكر؛ أما البيع فإقراره به إقرار بالقبول
فإنكاره رجوع فلا يسمع ولو برهنا أخذ ببينتها تتارخانية.
(ولو
ادعى الخلع على مال وهي تنكر يقع الطلاق) بإقراره (والدعوى في المال
بحالها) فيكون القول لها لأنها تنكر (وعكسه لا) يقع كيفما كان بزازية.
[فروع
في إنكار الخلع]
أنكر الخلع، أو ادعى شرطا، أو استثناء أو أن ما
قبضه من دينه، أو اختلفا في الطوع والكره فالقول له. ولو قالت: كان بغير بدل
فالقول لها.
ادعت المهر ونفقة العدة وأنه طلقها وادعى الخلع ولا
بينة فالقول لها في المهر وله في النفقة.
خلع امرأتيه على عبد قسمت
قيمته على مسميهما. " خلعتك على عبدي " وقف على قبولها ولم يجب شيء
بحر.
(ويسقط الخلع) في نكاح صحيح ولو بلفظ بيع وشراء كما اعتمده
العمادي وغيره
(والمبارأة) أي الإبراء من الجانبين (كل حق)
ثابت وقتهما (لكل منهما عن الآخر مما يتعلق بذلك النكاح) حتى لو أبانها ثم
نكحها ثانيا بمهر آخر فاختلعت منه على مهرها برئ عن الثاني لا الأول، ومثله
المتعة بزازية. وفيها: اختلعت على أن لا دعوى لكل على صاحبه ثم ادعى أن له
كذا من القطن صح لاختصاص البراءة بحقوق النكاح (إلا نفقة العدة) وسكناها فلا
يسقطان (إلا إذا نص عليها) فتسقط النفقة لا السكنى. لأنها حق الشرع إلا إذا
أبرأته عن مؤنة السكنى فيصح فتح، وهو مستغنى عنه بما ذكرنا إذ النفقة والسكنى لم
تجبا وقتهما بل بعدهما (وقيل الطلاق على مال) مسقط للمهر (كالخلع والمعتمد
لا) ذكره البزازي، ولا يبرأ ب أبرأك الله ذكره البهنسي.
(شرط
البراءة من نفقة الولد إن وقتا كسنة) صح (ولزم وإلا لا) بحر، وفيه عن
المنتقى وغيره: لو كان الولد رضيعا صح - وإن لم يوقتا - وترضعه حولين بخلاف
الفطيم؛ ولو تزوجها، أو هربت، أو ماتت أو مات الولد رجع ببقية نفقة الولد والعدة
إلا إذا شرطت براءتها ولها مطالبته بكسوة الصبي إلا إذا اختلعت عليها أيضا، ولو
فطيما فيصح كالظئر.
(ولو خالعته على نفقة ولده شهرا) مثلا
(وهي معسرة فطالبته بالنفقة يجبر عليها) وعليه الاعتماد فتح. وفيه لو
اختلعت على أن تمسكه إلى البلوغ صح عن الأنثى لا الغلام؛ ولو تزوجت فللزوج أخذ
الولد وإن اتفقا على تركه لأنه حق الولد، وينظر إلى مثل إمساكه لتلك المدة فيرجع
به عليها.
(خلع الأب صغيرته بمالها، أو مهرها طلقت) في الأصح،
كما لو قبلت هي وهي مميزة ولم يلزم المال لأنه تبرع وكذا الكبيرة إلا إذا قبلت
فيلزمها المال، ولا يصح من الأم ما لم تلزم البدل ولا على صغير أصلا (كما لو
خالعت) المرأة (بذلك) أي بمالها، أو بمهرها (وهي غير رشيدة) فإنها تطلق
ولا يلزم، حتى لو كان بلفظ الطلاق يقع رجعيا فيهما شرح وهبانية (فإن خالعها)
الأب على مال (ضامنا له) أي ملتزما لا كفيلا لعدم وجوب المال عليها (صح
والمال عليه) كالخلع مع الأجنبي فالأب أولى (بلا سقوط مهر) لأنه لم يدخل
تحت ولاية الأب.
ومن حيل سقوطه أن يجعل بدل الخلع على أجنبي بقدر
المهر ثم يحيل به الزوج عليه من له ولاية قبض ذلك منه بزازية.
(وإن
شرطه) أي الزوج الضمان (عليها) أي الصغيرة (فإن قبلت وهي من أهله) بأن
تعقل أن النكاح جالب والخلع سالب (طلقت بلا شيء) لعدم أهلية الغرامة، وإن لم
تقبل، أو لم تعقل لم تطلق، وإن قبل الأب في الأصح زيلعي. ولو بلغت وأجازت جاز
فتح.
(قال) الزوج (خالعتك فقبلت) المرأة ولم يذكرا مالا
(طلقت) لوجود الإيجاب والقبول (و برئ عن) المهر (المؤجل لو) كان
(عليه وإلا) يكن عليه من المؤجل شيء (ردت) عليه (ما ساق إليها من المهر
المعجل) لما مر أنه معاوضة فتعتبر بقدر الإمكان.
(خلع المريضة
يعتبر من الثلث) لأنه تبرع، فله الأقل من إرثه وبدل الخلع إن خرج من الثلث،
وإلا فالأقل من إرثه، والثلث إن ماتت في العدة ولو بعدها، أو قبل الدخول، فله
البدل إن خرج من الثلث، وتمامه في الفصولين.
(اختلعت المكاتبة
لزمها المال بعد العتق ولو بإذن المولى) لحجرها عن التبرع (والأمة وأم الولد
إن بإذن المولى لزمها المال للحال) فتباع الأمة وتسعى أم الولد والمدبرة، ولو
بلا إذن فبعد العتق.
(خلع الأمة مولاها على رقبتها، وإن زوجها حرا
صح الخلع مجانا، وإن) زوجها (مكاتبا، أو عبدا، أو مدبرا صح وصارت أمة
للسيد) فلا يبطل النكاح؛ أما الحر فلو ملكها لبطل النكاح فبطل الخلع فكان في
تصحيحه إبطاله اختيار.
[فروع في الخلع]
قال خالعتك
على ألف قاله ثلاثا فقبلت طلقت بثلاثة آلاف لتعليقه بقبولها.
في
المنتقى: أنت طالق أربعا بألف فقبلت طلقت ثلاثا، وإن قبلت الثلاث لم تطلق
لتعليقه بقبولها بإزاء الأربع. أنت طالق على دخولك الدار توقف على القبول، وعلى
أن تدخلي الدار توقف على الدخول. قلت: فيطلب الفرق، فإن " أن " والفعل
بمعنى المصدر فتدبر. قال: خالعتك واحدة بألف وقالت: إنما سألتك الثلاث فلك
ثلثها فالقول لها.
خلعها على أن صداقها لولدها، أو لأجنبي أو على أن
يمسك الولد عنده صح الخلع وبطل الشرط. قالت: اختلعت منك فقال لها طلقتك بانت
وقيل رجعي. ولا رواية لو قالت: أبرأتك من المهر بشرط الطلاق الرجعي فطلقها
رجعيا، لكن في الزيادات " أنت طالق اليوم رجعيا وغدا أخرى رجعيا بألف "
فالبدل لهما وهما بائنتان، لكن يقع غدا بغير شيء إن لم يعد ملكه.
وفي
الظهيرية: قال لصغيرة: إن غبت عنك أربعة أشهر فأمرك بيدك بعد أن تبرئيني من
المهر فوجد الشرط فأبرأته وطلقت نفسها لا يسقط المهر ويقع الرجعي. وفي
البزازية: اختلعت بمهرها على أن يعطيها عشرين درهما، أو كذا منا من الأرز صح
ولا يشترط بيان مكان الإيفاء لأن الخلع أوسع من البيع. قلت: ومفاده صحة إيجاب
بدل الخلع عليه فليحفظ. وفي القنية اختلعت بشرط الصك أو بشرط أن يرد إليها
أقمشتها فقبل لم تحرم، ويشترط كتبه الصك ورد الأقمشة في المجلس، والله أعلم.
باب الظهار
هو لغة مصدر ظاهر من امرأته: إذا قال لها أنت علي كظهر أمي.
-. وشرعا (تشبيه المسلم) فلا ظهار لذمي عندنا (زوجته) ولو كتابية، أو
صغيرة، أو مجنونة (أو) تشبيه ما يعبر به عنها من أعضائها، أو تشبيه (جزء
شائع منها بمحرم عليه تأبيدا) بوصف لا يمكن زواله، فخرج تشبيهه بأخت امرأته، أو
بمطلقته ثلاثا وكذا بمجوسية لجواز إسلامها، وقوله بمحرم صفة لشخص المتناول للذكر
والأنثى، فلو شبهها بفرج أبيه أو قريبه كان مظاهرا، قاله المصنف تبعا للبحر.
ورده في النهر بما في البدائع من شرائط الظهار، كون المظاهر به من جنس النساء حتى
لو شبهها بظهر أبيه، أو ابنه لم يصح لأنه إنما عرف بالشرع والشرع ورد في النساء،
نعم يرد ما في الخانية: أنت علي كالدم والخمر والخنزير والغيبة والنميمة والزنا
والربا والرشوة وقتل المسلم إن نوى طلاقا، أو ظهارا فكما نوى على الصحيح كأنت علي
كأمي فإن التشبيه بالأم تشبيه بظهرها وزيادة، وذكره القهستاني معزيا للمحيط
(وصح إضافته إلى ملك، أو سببه) كإن نكحتك فكذا، حتى لو قال: إن تزوجتك فأنت
علي كظهر أمي مائة مرة فعليه لكل مرة كفارة تتارخانية (وظهارها منه لغو) فلا
حرمة عليها ولا كفارة وبه يفتى جوهرة ورجح ابن الشحنة إيجاب كفارة يمين.
(وذا)
أي الظهار (كأنت علي كظهر أمي)، أو أمك، وكذا لو حذف علي كما في النهر (أو
رأسك) كظهر أمي (ونحوه) كالرقبة مما يعبر به عن الكل (أو نصفك) ونحوه
من الجزء الشائع (كظهر أمي، أو كبطنها أو كفخذها، أو كفرجها، أو كظهر أختي، أو
عمتي، أو فرج أمي، أو فرج بنتي) كذا في نسخ الشرح، ولا يخفى ما فيه من
التكرار. والذي في نسخ المتن، أو فرج أبي بالباء أو قريبي، وقد علمت رده
(يصير به مظاهرا) بلا نية لأنه صريح (فيحرم وطؤها عليه ودواعيه) للمنع عن
التماس الشامل للكل، وكذا يحرم عليها تمكينه ولا يحرم النظر. وعن محمد: لو
قدم من سفر له تقبيلها للشفقة (حتى يكفر) وإن عادت إليه بملك يمين، أو بعد
زوج آخر لبقاء حكم الظهار وكذا اللعان.
(فإن وطئ قبله) تاب و
(استغفر وكفر للظهار فقط) وقيل عليه أخرى للوطء (ولا يعود) لوطئها ثانيا
(قبلها) قبل الكفارة (وعوده) المذكور في الآية (عزمه) عزما مؤكدا؛
فلو عزم ثم بدا له أن لا يطأها لا كفارة عليه (على) استباحة (وطئها) أي
يرجعون عما قالوا فيريدون الوطء. قال الفراء: العود الرجوع، واللام بمعنى
عن..
(وللمرأة أن تطالبه بالوطء) لتعلق حقها به (وعليها أن
تمنعه من الاستمتاع حتى يكفر وعلى القاضي إلزامه به) بالتكفير دفعا للضرر عنها
بحبس، أو ضرب إلى أن يكفر، أو يطلق، فإن قال: كفرت صدق ما لم يعرف بالكذب،.
ولو قيده بوقت سقط بمضيه، وتعليقه بمشيئة الله تبطله، بخلاف مشيئة فلان.
(وإن
نوى بأنت علي مثل أمي)، أو كأمي، وكذا لو حذف علي خانية (برا، أو ظهارا، أو
طلاقا صحت نيته) ووقع ما نواه لأنه كناية (وإلا) ينو شيئا، أو حذف الكاف
(لغا) وتعين الأدنى أي البر، يعني الكرامة. ويكره قوله أنت أمي ويا ابنتي
ويا أختي ونحوه (وبأنت علي حرام كأمي صح ما نواه من ظهار، أو طلاق) وتمنع
إرادة الكرامة لزيادة لفظ التحريم، وإن لم ينو ثبت الأدنى وهو الظهار في الأصح
(وبأنت علي) حرام (كظهر أمي ثبت الظهار لا غير) لأنه صريح
(ولا
ظهار) صحيح (من أمته ولا ممن نكحها بلا أمرها ثم ظاهر منها ثم أجازت) لعدم
الزوجية. (أنتن علي كظهر أمي ظهار منهن) إجماعا (وكفر لكل) وقال مالك
وأحمد: يكفيه كفارة واحدة كالإيلاء.
(ظاهر من امرأته مرارا في
مجلس، أو مجالس فعليه لكل ظهار كفارة، فإن عنى التكرار) والتأكيد (فإن بمجلس
صدق) قضاء (وإلا لا) على المعتمد، وكذا لو علقه بنكاحها كما مر عن
التتارخانية.
[فروع في الظهار]
" أنت علي كظهر أمي
كل يوم " اتحد، ولو أتى بفي تجدد وله قربانها ليلا، ولو قال: كظهر أمي اليوم
وكلما جاء يوم فكلما جاء يوم صار مظاهرا ظهارا آخر مع بقاء الأول، ومتى علق بشرط
متكرر تكرر؛ ولو قال: كظهر أمي رمضان كله ورجبا كله اتحد استحسانا، ويصح تكفيره
في رجب لا في شعبان كمن ظاهر، واستثنى يوم الجمعة مثلا، إن كفر في يوم الاستثناء
لم يجز وإلا جاز تتارخانية وبحر.
باب الكفارة
اختلف في سببها. والجمهور أنه الظهار والعود (هي) لغة من كفر
الله عنه الذنب: محاه -. وشرعا (تحرير رقبة) قبل الوطء: أي إعتاقها
بنية الكفارة، فلو ورث أباه ناويا الكفارة لم يجز (ولو صغيرا) رضيعا (أو
كافرا) أو مباح الدم، أو مرهونا، أو مديونا، أو آبقا علمت حياته، أو مرتدة، وفي
المرتد وحربي خلي سبيله خلاف (أو أصم) وإن صيح به يسمع وإلا لا (أو خصيا،
أو مجبوبا)، أو رتقاء، أو قرناء (أو مقطوع الأذنين). أو ذاهب الحاجبين
وشعر لحية ورأس، أو مقطوع أنف أو شفتين إن قدر على الأكل وإلا لا (أو أعور)،
أو أعمش، أو مقطوع إحدى يديه وإحدى رجليه من خلاف، أو مكاتبا (لم يؤد شيئا)
وأعتقه مولاه لا الوارث.
(وكذا) يقع عنها (شراء قريبه بنية
الكفارة) لأنه بصنعه بخلاف الإرث.
(وإعتاق نصف عبده ثم باقيه)
عنها استحسانا بخلاف المشترك كما يجيء (لا) يجزئ (فائت جنس المنفعة) لأنه
هالك حكما (كالأعمى والمجنون) الذي (لا يعقل) فمن يفيق يجوز في حال
إفاقته ومريض لا يرجى برؤه وساقط الأسنان (والمقطوع يداه، أو إبهاماه) أو
ثلاث أصابع من كل يد (أو رجلاه، أو يد ورجل من جانب) ومعتوه ومغلوب
كافي.
(ولا) يجزئ (مدبر وأم ولد ومكاتب أدى بعض بدله) ولم
يعجز نفسه، فإن عجز فحرره جاز، وهي حيلة الجواز بعد أدائه شيئا (وإعتاق نصف
عبد) مشترك (ثم باقيه بعد ضمانه) لتمكن النقصان (ونصف عبده عن تكفيره ثم
باقيه بعد وطء من ظاهر منها) للأمر به قبل التماس.
(فإن لم
يجد) المظاهر (ما يعتق) وإن احتاجه لخدمته، أو لقضاء دينه لأنه واجد حقيقة
بدائع، فما في الجوهرة: له عبد للخدمة لم يجز الصوم إلا أن يكون زمنا انتهى
يعني العبد ليتوافق كلامهم، ويحتمل رجوعه للمولى، لكنه يحتاج إلى نقل، ولا يعتبر
مسكنه. ولو له مال وعليه دين مثله، إن أدى الدين أجزأه الصوم وإلا فقولان.
ولو له مال غائب انتظره. ولو عليه كفارتان وفي ملكه رقبة فصام عن إحداهما ثم
أعتق عن الأخرى لم يجز، وبعكسه جاز (صام شهرين ولو ثمانية وخمسين) بالهلال
وإلا فستين يوما، ولو قدر على التحرير في آخر الأخير لزمه العتق وأتم يومه ندبا،
ولا قضاء لو أفطر وإن صار نفلا (متتابعين قبل المسيس ليس فيهما رمضان وأيام نهي
عن صومها) وكذا كل صوم شرط فيه التتابع.
(فإن أفطر بعذر) كسفر
ونفاس بخلاف الحيض إلا إذا أيست (أو بغيره، أو وطئها) أي المظاهر منها، وأما
لو وطئ غيرها وطئا غير مفطر لم يضر اتفاقا كالوطء في كفارة القتل (فيهما) أي
الشهرين (مطلقا) ليلا، أو نهارا عامدا، أو ناسيا كما في المختار وغيره.
وتقييد ابن ملك الليل بالعمد غلط بحر، لكن في القهستاني ما يخالفه قنية (استؤنف
الصوم لا الإطعام، إن وطئها في خلاله) لإطلاق النص في الإطعام، وتقييده في
تحرير وصيام.
(والعبد) ولو مكاتبا. أو مستسعى وكذا الحر
المحجور عليه بالسفه على المعتمد (لا يجزئه إلا الصوم) المذكور ولم يتنصف لما
فيها من معنى العبادة، وليس للسيد منعه منه (ولو) وصلية (أعتق سيده عنه، أو
أطعم) ولو بأمره لعدم أهلية التملك إلا في الإحصار فيطعم عنه المولى، قيل ندبا،
وقيل وجوبا.
(فإن عجز عن الصوم) لمرض لا يرجى برؤه أو كبر
(أطعم) أي ملك (ستين مسكينا) ولو حكما، ولا يجزئ غير المراهق بدائع
(كالفطرة) قدرا ومصرفا (أو قيمة ذلك) من غير المنصوص، إذ العطف للمغايرة
(وإن) أراد الإباحة (فغداهم وعشاهم)، أو غداهم وأعطاهم قيمة العشاء، أو
عكسه، أو أطعمهم غداءين، أو عشاءين، أو عشاء وسحورا وأشبعهم (جاز) بشرط إدام
في خبز شعير وذرة لا بر (كما) جاز (لو أطعم واحدا ستين يوما) لتجدد
الحاجة (ولو أباحه كل الطعام في يوم واحد دفعة أجزأ عن يومه ذلك فقط) اتفاقا
(وكذا إذا ملكه الطعام بدفعات في يوم واحد على الأصح) ذكره الزيلعي، لفقد
التعدد حقيقة وحكما.
(أمر غيره أن يطعم عنه عن ظهاره ففعل) ذلك
الغير (صح) وهل يرجع؟ إن قال: على أن ترجع رجع، وإن سكت ففي الدين يرجع
اتفاقا، وفي الكفارة والزكاة لا يرجع على المذهب (كما صحت الإباحة) بشرط
الشبع (في طعام الكفارات) سوى القتل (و) في (الفدية) لصوم وجناية حج؛
وجاز الجمع بين إباحة وتمليك (دون الصدقات والعشر) والضابط أن ما شرع بلفظ
إطعام وطعام جاز فيه الإباحة، وما شرع بلفظ إيتاء وأداء شرط فيه التمليك..
(حرر
عبدين عن ظهارين) من امرأة أو امرأتين (ولم يعين) واحدا بواحد (صح عنهما،
ومثله) في الصحة (الصيام) أربعة أشهر (والإطعام) مائة وعشرين فقيرا
لاتحاد الجنس، بخلاف اختلافه، إلا أن ينوي بكل كلا فيصح (وإن حرر عنهما رقبة)
واحدة (، أو صام) عنهما (شهرين صح عن واحد) بتعيينه، وله وطء التي كفر
عنها دون الأخرى (وعن ظهار وقتل لا) يصح لما مر، ما لم يحرر كافرة فتصح عن
الظهار استحسانا لعدم صلاحيتها للقتل.
(أطعم ستين مسكينا كلا
صاعا) بدفعة واحدة (عن ظهارين) كما مر (صح عن واحد) كذا في نسخ الشرح
ونسخ المتن لم يصح: أي عنهما، خلافا لمحمد ورجحه الكمال (وعن إفطار وظهار
صح) عنهما اتفاقا والأصل أن نية التعيين في الجنس المتحد سببه لغو، وفي المختلف
سببه مفيد. -
[فروع في المعتبر في اليسار والإعسار وقت
التكفير]
المعتبر في اليسار والإعسار وقت التكفير، أطعم مائة وعشرين
لم يجز إلا عن نصف الإطعام، فيعيد على ستين منهم غداء، أو عشاء ولو في يوم آخر
للزوم العدد مع المقدار، ولم يجز إطعام فطيم ولا شبعان.
باب اللعان
هو لغة مصدر لاعن كقاتل، من اللعن: وهو الطرد والإبعاد، سمي به لا
بالغضب للعنه نفسه قبلها والسبق من أسباب الترجيح. وشرعا (شهادات) أربعة
كشهود الزنا (مؤكدات بالأيمان مقرونة شهادته) باللعن وشهادتها بالغضب لأنهن
يكثرن اللعن، فكان الغضب أردع لها (قائمة) شهاداته (مقام حد القذف في حقه
و) شهاداتها (مقام حد الزنا في حقها) أي إذا تلاعنا سقط عنه حد القذف وعنها
حد الزنا. لأن الاستشهاد بالله مهلك كالحد بل أشد. (وشرطه قيام الزوجية
وكون النكاح صحيحا) لا فاسدا،.
(وسببه قذف الرجل زوجته قذفا
يوجب الحد في الأجنبية) خصت بذلك لأنها هي المقذوفة فتتم لها شروط الإحصان.
وركنه شهادات مؤكدات باليمين واللعن..
(وحكمه حرمة الوطء
والاستمتاع بعد التلاعن ولو قبل التفريق بينهما) لحديث: «المتلاعنان لا
يجتمعان أبدا».
(وأهله من هو أهل للشهادة) على المسلم - -.
(فمن
قذف) بصريح الزنا في دار الإسلام (زوجته) الحية بنكاح صحيح - ولو في عدة
الرجعي - العفيفة عن فعل الزنا وتهمته، بأن لم توطأ حراما ولو مرة بشبهة، ولا
بنكاح فاسد ولا لها ولد بلا أب (وصلحا لأداء الشهادة) على المسلم؛ فخرج نحو
قن وصغير، ودخل الأعمى والفاسق لأنهما من أهل الأداء (أو) من (نفى نسب
الولد) منه، أو من غيره (وطالبته) - - أو طالبه الولد المنفي (به) أي
بموجب القذف وهو الحد عند القاضي ولو بعد العفو، أو التقادم، فإن تقادم الزمان لا
يبطل الحق في قذف وقصاص وحقوق عباد جوهرة. والأفضل لها الستر، وللحاكم أن
يأمرها به (لاعن) خبر لمن: أي إن أقر بقذفه، أو ثبت قذفه بالبينة، فلو أنكر
ولا بينة لها لم يستحلف وسقط اللعان (فإن أبى حبس حتى يلاعن، أو يكذب نفسه
فيحد) للقذف (فإن لاعن لاعنت) بعده لأنه المدعي، فلو بدأ بلعانها أعادت،
فلو فرق قبل الإعادة صح لحصول المقصود اختيار (وإلا حبست) حتى تلاعن أو تصدقه
(فيندفع به اللعان، ولا تحد). وإن صدقته أربعا لأنه ليس بإقرار قصدا، ولا
ينتفي النسب لأنه حق الولد فلا يصدقان في إبطاله، ولو امتنعا حبسا، وحمله في
البحر على ما إذا لم تعف المرأة. واستشكل في النهر حبسها بعد امتناعه لعدم
وجوبه عليها حينئذ..
(وإذا لم يصلح) الزوج (شاهدا) لرقه
أو كفره (وكان أهلا للقذف) أي بالغا عاقلا ناطقا (حد) الأصل أن اللعان
إذا سقط لمعنى من جهته فلو القذف صحيحا حد وإلا فلا حد ولا لعان (فإن صلح)
شاهدا (و) الحال أنها (هي) لم تصلح، أو (ممن لا يحد قاذفها فلا حد)
عليه، كما لو قذفها أجنبي (ولا لعان). لأنه خلفه لكنه يعزر حسما لهذا
الباب، هذا تصريح بما فهم. (ويعتبر الإحصان عند القذف، فلو قذفها وهي أمة، أو
كافرة ثم أسلمت، أو أعتقت فلا حد ولا لعان) زيلعي.
(ويسقط)
اللعان بعد وجوبه (بالطلاق البائن ثم لا يعود بتزويجها بعده) لأن الساقط لا
يعود (وكذا) يسقط (بزناها ووطئها بشبهة وبردتها) ولا يعود لو أسلمت بعده
(ويسقط بموت شاهد القذف وغيبته لا) يسقط (لو عمي) الشاهد (أو فسق أو
ارتد).
(ولو قال) لزوجته (زنيت وأنت صبية أو مجنونة وهو)
أي الجنون. (معهود فلا لعان) لإسناده لغير محله (بخلاف) زنيت (وأنت
ذمية، أو أمة، أو منذ أربعين سنة وعمرها أقل) حيث يتلاعنا لاقتصاره فتح.
(وصفته
ما نطق النص) الشرعي (به) من كتاب وسنة (فإن التعنا) ولو أكثره (بانت
بتفريق الحاكم) فيتوارثان قبل تفريقه (الذي وقع اللعان عنده) ويفرق (وإن
لم يرضيا) بالفرقة شمني؛ ولو زالت أهلية اللعان، فإن بما يرجى زواله كجنون فرق
وإلا لا، ولو تلاعنا فغاب أحدهما ووكل بالتفريق فرق تتارخانية، ومفاده أنه إذا لم
يوكل ينتظر (فلو لم يفرق) الحاكم (حتى عزل، أو مات استقبله الحاكم
الثاني) خلافا لمحمد اختيار. (ولو أخطأ الحاكم ففرق بينهما بعد وجود الأكثر
من كل منهما صح ولو بعد الأقل) أي مرة، أو مرتين (لا) ولو فرق بعد لعانه
قبل لعانها نفذ لأنه مجتهد فيه تتارخانية، وقيده في البحر بغير القاضي الحنفي،
أما هو فلا ينفذ (وحرم وطؤها بعد اللعان قبل التفريق) لما مر ولها نفقة
العدة.
(وإن قذف) الزوج (بولد) حي (نفى) الحاكم
(نسبه) عن أبيه (وألحقه بأمه) بشرط صحة النكاح، وكون العلوق في حال يجري
فيه اللعان حتى لو علق وهي أمة، أو كتابية فعتقت، أو أسلمت لا ينفى لعدم التلاعن،
وأما شروط النفي فستة مبسوطة مذكورة في البدائع وسيجيء (وإن أكذب نفسه).
ولو دلالة بأن مات الولد المنفي عن مال فادعى نسبه (حد) للقذف (وله)
بعدما كذب نفسه (أن ينكحها) حد، أو لا (وكذا إذا قذف غيرها فحد، أو)
صدقته، أو (زنت) وإن لم تحد لزوال العفة. والحاصل أن له تزوجها إذا خرجا،
أو أحدهما عن أهلية اللعان..
(ولا لعان لو كانا أخرسين، أو
أحدهما، وكذا لو طرأ ذلك) الخرس (بعده) أي اللعان (قبل التفريق، فلا
تفريق ولا حد) لدرئه بالشبهة مع فقد الركن وهو لفظ أشهد ولذا لا تلاعن
بالكتابة.
(كما لا لعان بنفي الحمل) لعدم تيقنه عند القذف، ولو
تيقناه بولادتها لأقل المدة يصير كأنه قال: إن كنت حاملا فكذا، والقذف لا يصح
تعليقه بالشرط.
(وتلاعنا) بقوله (زنيت وهذا الحمل منه)
للقذف الصريح (ولم ينف) الحاكم (الحمل) لعدم الحكم عليه قبل ولادته،
ونفيه عليه الصلاة والسلام ولد هلال لعلمه بالوحي (نفي الولد) الحي (عند
التهنئة) ومدتها سبعة أيام عادة (و) عند (ابتياع آلة الولاد صح وبعده
لا) لإقراره به دلالة، ولو غائبا فحالة علمه كحالة ولادتها (ولاعن فيهما)
فيما إذا صح أولا لوجود القذف، فقد تحقق اللعان بنفي الولد ولم ينتف النسب، فقوله
فيما مر " ونفى نسبه " ليس على إطلاقه..
(نفى أول التوأمين
وأقر بالثاني حد) إن لم يرجع لتكذيبه نفسه (وإن عكس لاعن) إن لم يرجع
لقذفها بنفيه (والنسب ثابت فيهما) لأنهما من ماء واحد..
(ولو
جاءت بثلاثة في بطن واحد فنفى) الثاني وأقر بالأول والثالث لاعن وهم بنوه، ولو
نفى الأول و (الثالث وأقر بالثاني يحد وهم بنوه) كموت أحدهم شمني..
(مات
ولد اللعان وله ولد فادعاه الملاعن، إن ولد اللعان ذكرا يثبت نسبه) إجماعا
(وإن) كان (أنثى لا) لاستغنائه بنسب أبيه خلافا لهما ابن ملك.
[فروع
الإقرار بالولد]
الإقرار بالولد الذي ليس منه حرام كالسكوت لاستلحاق
نسب من ليس منه بحر. وفيه متى سقط اللعان بوجه ما، أو ثبت النسب بالإقرار أو
بطريق الحكم لم ينتف نسبه أبدا، فلو نفاه ولم يلاعن حتى قذفها أجنبي بالولد فحد
فقد ثبت نسب الولد، ولا ينتفي بعد ذلك..
نفى نسب التوأمين ثم مات
أحدهما عن توأمه وأمه وأخ لأم فالإرث أثلاثا فرضا وردا للأم السدس وللأخوين الثلث
والباقي يرد عليهم، وبه علم أن نفيه يخرجه عن كونه عصبة، قالوا وصرحوا ببقاء نسبه
بعد القطع في كل الأحكام لقيام فراشها إلا في حكمين: الإرث والنفقة فقط، حتى لا
تصح دعوة غير النافي وإن صدقه الولد انتهى قلت: قال البهنسي: إلا أن يكون ممن
يولد مثله لمثله، أو ادعاه بعد موت الملاعن فليحفظ.
باب العنين وغيره
(هو) لغة من لا يقدر على الجماع فعيل بمعنى مفعول جمعه عنن.
وشرعا (من لا يقدر على جماع فرج زوجته) يعني لمانع منه ككبر سن، أو سحر، إذ
الرتقاء لا خيار لها للمانع منها خانية. (إذا وجدت) المرأة (زوجها
مجبوبا)، أو مقطوع الذكر فقط أو صغيره جدا كالزر، ولو قصيرا لا يمكنه إدخاله
داخل الفرج فليس لها الفرقة بحر، وفيه نظر. وفيه: المجبوب كالعنين إلا في
مسألتين؛ التأجيل، ومجيء الولد (فرق) الحاكم بطلبها لو حرة بالغة غير رتقاء
وقرناء وغير عالمة بحاله قبل النكاح وغير راضية به بعده (بينهما في الحال)
ولو المجبوب صغيرا لعدم فائدة التأجيل.
(فلو جب بعد وصوله
إليها) مرة (أو صار عنينا بعده) أي الوصول (لا) يفرق لحصول حقها بالوطء
مرة.
(جاءت امرأة المجبوب بولد) ولم تعلم بجبه فادعاه ثبت
نسبه. ثم علمت فلها الفرقة تتارخانية؛ ولو ولدت (بعد التفريق إلى سنتين ثبت
نسبه) لإنزاله بالسحق (والتفريق) باق (بحاله) لبقاء جبه (ولو) كان
(عنينا بطل التفريق) لزوال عنته بثبوت نسبه كما يبطل التفريق بالبينة على
إقرارها بالوصول قبل التفريق لا بعده للتهمة فسقط نظر الزيلعي.
(ولو
وجدته عنينا) هو من لا يصل إلى النساء لمرض أو كبر، أو سحر ويسمى المعقود
وهبانية (أو خصيا) لا ينتشر ذكره، فإن انتشر لم تخير بحر، وعليه فهو من عطف
الخاص على العام لخفائه وإن كان بأو لأن الفقهاء. يتسامحون في ذلك نهر (أجل
سنة) لاشتمالها على الفصول الأربعة، ولا عبرة بتأجيل غير قاضي البلدة
(قمرية) بالأهلة على المذهب وهي ثلثمائة وأربعة وخمسون يوما وبعض يوم،
وقيل: شمسية بالأيام وهي أزيد بأحد عشر يوما، قيل وبه يفتى، ولو أجل في أثناء
الشهر فبالأيام إجماعا (ورمضان وأيام حيضها منها). وكذا حجه وغيبته (لا
مدة) حجها وغيبتها و (مرضه ومرضها) مطلقا به يفتى ولوالجية. ويؤجل من وقت
الخصومة ما لم يكن صبيا، أو مريضا أو محرما، فبعد بلوغه وصحته وإحرامه؛ ولو
مظاهرا لا يقدر على العتق أجل سنة وشهرين (فإن وطئ) مرة فبها (وإلا بانت
بالتفريق) من القاضي إن أبى طلاقها (بطلبها) يتعلق بالجميع، فيعم امرأة
المجبوب كما مر ولو مجنونة بطلب وليها. أو من نصبه القاضي (ولو أمة فالخيار
لمولاها) لأن الولد له (وهو) أي هذا الخيار (على التراخي) لا
الفور.
(فلو وجدته عنينا)، أو مجبوبا (ولم تخاصم زمانا لم
يبطل حقها) وكذا لو خاصمته ثم تركت مدة فلها المطالبة ولو ضاجعته تلك الأيام
خانية (كما لو رفعته إلى قاض فأجله سنة ومضت) السنة (ولم تخاصم زمانا)
زيلعي..
(ولو ادعى الوطء وأنكرته، فإن قالت امرأة ثقة)
والثنتان أحوط (هي بكر) بأن تبول على جدار، أو يدخل في فرجها مح بيضة
(خيرت) في مجلسها (وإن قالت: هي ثيب)، أو كانت ثيبا (صدق بحلفه)
فإن نكل في الابتداء أجل وفي الانتهاء خيرت (كما) يصدق (لو وجدت ثيبا وزعمت
زوال عذرتها بسبب آخر غير وطئه كأصبعه مثلا) لأنه ظاهر والأصل عدم أسباب أخر
معراج (وإن اختارته) ولو دلالة (بطل حقها؛ كما لو) وجد منها دليل إعراض
بأن (قامت من مجلسها، أو أقامها أعوان القاضي) أو قام القاضي (قبل أن تختار
شيئا) به يفتى واقعات لإمكانه مع القيام، فإن اختارت طلق، أو فرق القاضي.
(تزوج)
الأولى، أو امرأة (أخرى عالمة بحاله لا خيار لها على المذهب) المفتى به بحر
عن المحيط خلافا لتصحيح الخانية. (ولا يتخير أحدهما) أي الزوجين (بعيب
الآخر) فاحشا كجنون وجذام وبرص ورتق وقرن، وخالف الأئمة الثلاثة في الخمسة لو
بالزوج، ولو قضي بالرد صح فتح..
(ولو تراضيا) أي العنين
وزوجته (على النكاح) ثانيا (بعد التفريق صح) وله شق رتق أمته وكذا زوجته،
وهل تجبر؟ الظاهر: نعم، لأن التسليم الواجب عليها لا يمكنه بدونه نهر.
قلت: وأفاد البهنسي أنها لو تزوجته على أنه حر، أو سني، أو قادر على المهر
والنفقة فبان بخلافه، أو على أنه فلان بن فلان فإذا هو لقيط، أو ابن زنا كان لها
الخيار فليحفظ.
باب العدة
(هي) لغة بالكسر الإحصاء، وبالضم الاستعداد للأمر. وشرعا
ترابص يلزم المرأة، أو الرجل عند وجود سببه. ومواضع تربصه عشرون مذكورة في
الخزانة، حاصلها يرجع إلى أن من امتنع نكاحها عليه لمانع لزم زواله كنكاح أختها
وأربع سواها واصطلاحا (تربص يلزم المرأة) أو ولي الصغيرة (عند زوال
النكاح) فلا عدة لزنا (أو شبهته) كنكاح فاسد ومزفوفة لغير زوجها. وينبغي
زيادة " أو شبهه " ليشمل عدة أم الولد. (وسبب وجوبها) عقد (النكاح
المتأكد بالتسليم وما جرى مجراه) من موت، أو خلوة أي صحيحة، فلا عدة بخلوة
الرتقاء. وشرطها الفرقة. وركنها حرمات ثابتة بها كحرمة تزوج وخروج (وصحة
الطلاق فيها) أي في العدة، وحكمها حرمة نكاح أختها.
وأنواعها حيض،
وأشهر، ووضع حمل كما أفاده بقوله (وهي في) حق (حرة) ولو كتابية تحت مسلم
(تحيض لطلاق) ولو رجعيا (أو فسخ بجميع أسبابه). ومنه الفرقة بتقبيل ابن
الزوج نهر (بعد الدخول حقيقة، أو حكما) أسقطه في الشرح، وجزم بأن قوله الآتي
" إن وطئت " راجع للجميع (ثلاث حيض كوامل) لعدم تجزي الحيضة، فالأولى
لتعرف براءة الرحم، والثانية لحرمة النكاح، والثالثة لفضيلة الحرية.
(كذا)
عدة (أم ولد مات مولاها أو أعتقها) لأن لها فراشا كالحرة،. ما لم تكن
حاملا، أو آيسة، أو محرمة عليه، ولو مات مولاها وزوجها ولم يدر الأول تعتد بأربعة
أشهر وعشر، أو بأبعد الأجلين بحر. ولا ترث من زوجها لعدم تحقق حريتها يوم
موته. ولا عدة على أمة ومدبرة كان يطؤها لعدم الفراش جوهرة (و) كذا
(موطوءة بشبهة) كمزفوفة لغير بعلها (أو نكاح فاسد). كمؤقت (في الموت
والفرقة) يتعلق بالصورتين معا.
(و) العدة (في) حق (من
لم تحض) حرة أم أم ولد (لصغر) بأن لم تبلغ تسعا (أو كبر). بأن بلغت
سن الإياس (أو بلغت بالسن) وخرج بقوله (ولم تحض) الشابة الممتدة بالطهر
بأن حاضت ثم امتد طهرها، فتعتد بالحيض إلى أن تبلغ سن الإياس جوهرة وغيرها، وما
في شرح الوهبانية من انقضائها بتسعة أشهر غريب مخالف لجميع الروايات فلا يفتى
به. كيف وفي نكاح الخلاصة: لو قيل لحنفي ما مذهب الإمام الشافعي في كذا وجب
أن يقول قال أبو حنيفة كذا، نعم لو قضى مالكي بذلك نفذ كما في البحر والنهر، وقد
نظمه شيخنا الخير الرملي سالما من النقد فقال: لممتدة طهرا بتسعة أشهر وفا عدة
إن مالكي يقدر. ومن بعده لا وجه للنقض هكذا يقال بلا نقد عليه ينظر وأما ممتدة
الحيض فالمفتى به كما في حيض الفتح تقدير طهرها بشهرين، فستة أشهر للإطهار وثلاث
حيض بشهر احتياطا (ثلاثة أشهر) بالأهلة لو في الغرة وإلا فبالأيام بحر وغيره
(إن وطئت) في الكل ولو حكما كالخلوة ولو فاسدة كما مر، ولو رضيعا تجب العدة
لا المهر قنية.
(و) العدة (للموت أربعة أشهر) بالأهلة لو في
الغرة كما مر (وعشر) من الأيام بشرط بقاء النكاح صحيحا إلى الموت (مطلقا)
وطئت أو لا ولو صغيرة، أو كتابية تحت مسلم ولو عبدا فلم يخرج عنها إلا الحامل.
قلت: وعم كلامه ممتدة الطهر كالمرضع وهي واقعة الفتوى، ولم أرها للآن
فراجعه.
(وفي) حق (أمة لم تحض) لطلاق، أو فسخ (حيضتان)
لعدم التجزؤ (و) في (أمة تحيض) لطلاق، أو فسخ (أو مات عنها زوجها نصف
الحرة) لقبول التنصيف.
(و) في حق (الحامل) مطلقا ولو أمة،
أو كتابية، أو من زنا بأن تزوج حبلى من زنا ودخل بها ثم مات، أو طلقها تعتد
بالوضع جواهر الفتاوى (وضع) جميع (حملها). لأن الحمل اسم لجميع ما في
البطن. وفي البحر: خروج أكثر الولد كالكل في جميع الأحكام إلا في حلها
للأزواج احتياطا، ولا عبرة بخروج الرأس ولو مع الأقل، فلا قصاص بقطعه ولا يثبت
نسبه من المبانة لو لأقل من سنتين ثم باقيه لأكثر (ولو) كان (زوجها)
الميت (صغيرا) غير مراهق وولدت لأقل من نصف حول من موته في الأصح لعموم
آية: {وأولات الأحمال}.
(وفيمن حبلت بعد موت الصبي) بأن
ولدت لنصف حول فأكثر (عدة الموت) إجماعا لعدم الحمل عند الموت (ولا نسب في
حاليه) إذ لا ماء للصبي، نعم ينبغي ثبوته من المراهق احتياطا، ولو مات في بطنها
ينبغي بقاء عدتها إلى أن ينزل أو تبلغ حد الإياس نهر.
(وفي) حق
(امرأة الفار من) الطلاق (البائن) إن مات وهي في العدة (أبعد الأجلين
من عدة الوفاة وعدة الطلاق) احتياطا، بأن تتربص أربعة أشهر وعشرا من وقت الموت
فيها ثلاث حيض من وقت الطلاق شمني، وفيه قصور لأنها لو لم تر فيها حيضا تعتد
بعدها بثلاث حيض، حتى لو امتد طهرها تبقى عدتها حتى تبلغ سن الإياس فتح (و)
قيد بالبائن لأن (لمطلقة الرجعي ما للموت) إجماعا.
(و)
العدة (فيمن أعتقت في عدة رجعي لا) عدة (البائن و) لا (الموت) أن تتم
(كعدة حرة. ولو) أعتقت (في أحدهما) أي البائن، أو الموت (فكعدة
أمة) لبقاء النكاح في الرجعي دون الأخيرين، وقد تنتقل العدة ستا كأمة صغيرة
منكوحة طلقت رجعيا فتعتد بشهر ونصف فحاضت تصير حيضتين فأعتقت تصير ثلاثا فامتد
طهرها للإياس تصير بالأشهر فعاد دمها تصير بالحيض فمات زوجها تصير أربعة أشهر
وعشرا.
(آيسة اعتدت بالأشهر ثم عاد دمها) على جاري عادتها، أو
حبلت من زوج آخر بطلت عدتها وفسد نكاحها و (استأنفت بالحيض) لأن شرط الخلفية
تحقق الإياس عن الأصل وذلك بالعجز الدائم إلى الموت، وهو ظاهر الرواية كما في
الغاية واختاره في الهداية فتعين المصير إليه. قاله في البحر بعد حكاية ستة
أقوال مصححة وأقره المصنف، لكن اختيار البهنسي ما اختاره الشهيد أنها إن رأته قبل
تمام الأشهر استأنفت لا بعدها. قلت: وهو ما اختاره صدر الشريعة ومنلا خسرو
والباقاني، وأقره المصنف في باب الحيض، وعليه فالنكاح جائز وتعتد في المستقبل
بالحيض كما صححه في الخلاصة وغيرها. وفي الجوهرة والمجتبى أنه الصحيح المختار
وعليه الفتوى، وفي تصحيح القدوري: وهذا التصحيح أولى من تصحيح الهداية وفي
النهر أنه أعدل الروايات، وتمامه فيما علقته على الملتقى.
(والصغيرة)
لو حاضت بعد تمام الأشهر (لا) تستأنف (إلا إذا حاضت في أثنائها) فتستأنف
بالحيض (كما تستأنف) العدة (بالشهور من حاضت حيضة)، أو ثنتين (ثم
أيست) تحرزا عن الجمع بين الأصل والبدل.
(و) الإياس (سنة)
للرومية وغيرها (خمس وخمسون) عند الجمهور وعليه الفتوى. وقيل الفتوى على
خمسين نهر. وفي البحر عن الجامع: صغيرة بلغت ثلاثين سنة ولم تحض حكم
بإياسها.
(وعدة المنكوحة نكاحا فاسدا) فلا عدة في باطل وكذا
موقوف قبل الإجازة اختيار، لكن الصواب ثبوت العدة والنسب بحر (والموطوءة
بشبهة) ومنه تزوج امرأة الغير غير عالم بحالها كما سيجيء، وللموطوءة بشبهة أن
تقيم مع زوجها الأول وتخرج بإذنه في العدة لقيام النكاح بينهما، إنما حرم الوطء
حتى تلزمه نفقتها وكسوتها بحر، يعني إذا لم تكن عالمة راضية كما سيجيء.
(وأم
الولد) فلا عدة على مدبرة ومعتقة (غير الآيسة والحامل) فإن عدتهما بالأشهر
والوضع (الحيض للموت) أي موت الواطئ (وغيره) كفرقة، أو متاركة لأن عدة
هؤلاء لتعرف براءة الرحم وهو بالحيض، ولم يكتف بحيضة احتياطا (ولا اعتداد بحيض
طلقت فيه) إجماعا..
(وإذا وطئت المعتدة بشبهة). ولو من
المطلق (وجبت عدة أخرى) لتجدد السبب (وتداخلتا، والمرئي) من الحيض
(منها، و) عليها أن (تتم) العدة (الثانية إن تمت الأولى) وكذا لو
بالأشهر، أو بهما لو معتدة وفاة، فلو حذف قوله والمرئي منهما لعمهما وعم الحائل
لو حبلت فعدتها الوضع إلا معتدة الوفاة. فلا تتغير بالحمل كما مر، وصححه في
البدائع.
(ومبدأ العدة بعد الطلاق و) بعد (الموت) على الفور
(وتنقضي العدة وإن جهلت) المرأة (بهما) أي بالطلاق والموت لأنها أجل فلا
يشترط العلم بمضيه سواء اعترف بالطلاق، أو أنكر.
(فلو طلق امرأته
ثم أنكره وأقيمت عليه بينة وقضى القاضي بالفرقة) كأن ادعته عليه في شوال وقضى
به في المحرم (فالعدة من وقت الطلاق لا من وقت القضاء) بزازية. وفي الطلاق
المبهم من وقت البيان، ولو شهدا بطلاقها ثم بعد أيام عدلا فقضى بالفرقة فالعدة من
وقت الشهادة لا القضاء، بخلاف ما (لو أقر بطلاقها منذ زمان) ماض فإن الفتوى
أنها من وقت الإقرار مطلقا. نفيا لتهمة المواضعة، لكن (إن كذبته) في
الإسناد، أو قالت لا لا أدري (وجبت) العدة (من وقت الإقرار ولها النفقة
والسكنى، وإن صدقته فكذلك، غير أنه) إن وطئها لزمه مهر ثان اختيار، و (لا
نفقة) ولا كسوة (ولا سكنى) لها لقبول قولها على نفسها خانية. وفيها:
أبانها ثم أقام معها زمانا، إن مقرا بطلاقها تنقضي عدتها لا إن منكره وفي أول
طلاق جواهر الفتاوى: أبانها وأقام معها فإن اشتهر طلاقها فيما بين الناس تنقضي
وإلا لا؛ وكذا لو خالعها، فإن بين الناس وأشهد على ذلك تنقضي وإلا لا هو الصحيح،
وكذا لو كتم طلاقها لم تنقض زجرا ا هـ. وحينئذ فمبدؤها من وقت الثبوت
والظهور.
(و) مبدؤها (في النكاح الفاسد) بعد التفريق من
القاضي بينهما، ثم لو وطئها حد جوهرة وغيرها، وقيده في البحر بحثا بكونه بعد
العدة لعدم الحد بوطء المعتدة (أو) المتاركة. أي (إظهار العزم) من
الزوج (على ترك وطئها) بأن يقول بلسانه: تركتك بلا وطء ونحوه، ومنه الطلاق
وإنكار النكاح لو بحضرتها وإلا لا، لا مجرد العزم لو مدخولة وإلا فيكفي تفرق
الأبدان. والخلوة في النكاح الفاسد لا توجب العدة، والطلاق فيه لا ينقص عدد
الطلاق لأنه فسخ جوهرة. ولا تعتد في بيت الزوج بزازية.
(قالت:
مضت عدتي والمدة تحتمله وكذبها الزوج قبل قولها مع حلفها وإلا) تحتمله المدة
(لا) لأن الأمين إنما يصدق فيما لا يخالفه الظاهر، ثم لو بالشهور فالمقدر
المذكور، ولو بالحيض فأقلها لحرة ستون يوما. ولأمة أربعون، ما لم تدع السقط كما
مر في الرجعة، وما لم يكن طلاقها معلقا بولادتها فيضم لذلك خمسة وعشرين للنفاس
كما مر في الحيض.
(نكح) نكاحا صحيحا (معتدته) ولو من فاسد
(وطلقها قبل الوطء) ولو حكما (وجب عليه مهر تام و) عليها (عدة
مبتدأة) لأنها مقبوضة في يده بالوطء الأول لبقاء أثره وهو العدة، وهذه إحدى
المسائل العشر المبنية على أن الدخول في النكاح الأول دخول في الثاني، وقول
زفر: لا عدة عليها فتحل للأزواج أبطله المصنف بما يطول وجزم بأن القاضي المقلد
إذا خالف مشهور مذهبه لا ينفذ حكمه في الأصح. كما لو ارتشى إلا إن نص السلطان
على العمل بغير المشهور فيسوغ فيصير حنفيا زفريا، وهذا لم يقع بل الواقع خلافه
فليحفظ.
(ذمية غير حامل طلقها ذمي، أو مات عنها لم تعتد) عند
أبي حنيفة (إذا اعتقدوا ذلك) لأنا أمرنا بتركهم وما يعتقدون (ولو) كانت
الذمية (حاملا تعتد بوضعه) اتفاقا، وقيد الولوالجي بما إذا اعتقدوها.
(و)
الذمية (لو طلقها مسلم) أو مات عنها (تعتد) اتفاقا مطلقا لأن المسلم
يعتقده.
(وكذا لا تعتد مسبية افترقت بتباين الدارين) لأن العدة
حيث وجبت إنما وجبت حقا للعباد، والحربي ملحق بالجماد (إلا الحامل). فلا
يصح تزوجها لا لأنها معتدة، بل لأن في بطنها ولدا ثابت النسب (كحربية خرجت
إلينا مسلمة، أو ذمية، أو مستأمنة ثم أسلمت وصارت ذمية) لما مر أنه ملحق
بالجماد (إلا الحامل) لما مر.
(وكذا لا عدة لو تزوج امرأة
الغير) ووطئها (عالما بذلك) وفي نسخ المتن (ودخل بها) ولا بد منه وبه
يفتى، ولهذا يحد مع العلم بالحرمة لأنه زنا، والمزني بها لا تحرم على زوجها.
وفي شرح الوهبانية: لو زنت المرأة لا يقربها زوجها حتى تحيض لاحتمال علوقها من
الزنا فلا يسقي ماؤه زرع غيره، فليحفظ لغرابته (بخلاف ما إذا لم يعلم) حيث
تحرم على الأول إلا أن تنقضي العدة، ولا نفقة لعدتها على الأول لأنها صارت ناشزة
خانية. قلت: يعني لو عالمة راضية كما مر فتدبر.
[فروع]
أدخلت
منيه في فرجها هل تعتد في البحر بحثا؟ نعم لاحتياجها لتعرف براءة الرحم. وفي
النهر بحثا إن ظهر حملها نعم وإلا لا.
وفي القنية: ولدت ثم طلقها
ومضى سبعة أشهر فنكحت آخر لم يصح إذا لم تحض فيها ثلاث حيض وإن لم تكن حاضت قبل
الولادة لأن من لا تحيض لا تحبل وفيها: طلقها ثلاثا ويقول كنت طلقتها واحدة
ومضت عدتها فلو مضيها معلوما عند الناس لم يقع الثلاث وإلا يقع ولو حكم عليه
بوقوع الثلاث بالبينة بعد إنكاره،. فلو برهن أنه طلقها قبل ذلك بمدة طلقة لم
يقبل بحر.
وفيه عن الجوهرة: أخبرها ثقة أن زوجها الغائب مات، أو
طلقها ثلاثا، أو أتاها منه كتاب على يد ثقة بالطلاق. إن أكبر رأيها أنه حق فلا
بأس أن تعتد وتتزوج، وكذا لو قالت امرأته لرجل طلقني زوجي وانقضت عدتي لا بأس أن
ينكحها. وفيه عن كافي الحاكم: لو شكت في وقت موته تعتد من وقت تستيقن به
احتياطا. وفيه عن المحيط: كذبته في مدة تحتمله لم تسقط نفقتها، وله نكاح
أختها عملا بخبريهما بقدر الإمكان،. فلو ولدت لأكثر من نصف حول ثبت نسبه ولم
يفسد نكاح أختها في الأصح، فترثه لو مات دون المعتدة.
فصل في الحداد
جاء من باب
أعد ومد وفر، وروي بالجيم، وهو لغة كما في القاموس: ترك الزينة للعدة. وشرعا
ترك الزينة ونحوها لمعتدة بائن، أو موت. (تحد) بضم الحاء وكسرها كما مر
(مكلفة مسلمة - ولو أمة - منكوحة) بنكاح صحيح ودخل بها، بدليل قوله. (إذا
كانت معتدة بت، أو موت) وإن أمرها المطلق، أو الميت بتركه لأنه حق الشرع،
إظهارا للتأسف على فوات النكاح (بترك الزينة) بحلي أو حرير، أو امتشاط بضيق
الأسنان (والطيب) وإن لم يكن لها كسب إلا فيه (والدهن) ولو بلا طيب كزيت
خالص (والكحل والحناء ولبس المعصفر والمزعفر) ومصبوغ بمغرة، أو ورس (إلا
بعذر) راجع للجميع إذ الضرورات تبيح المحظورات، ولا بأس بأسود وأزرق ومعصفر خلق
لا رائحة له (لا) حداد على سبعة: كافرة وصغيرة، ومجنونة و (معتدة عتق)
كموته عن أم ولده (و) معتدة (نكاح فاسد) أو وطء بشبهة أو طلاق رجعي.
ويباح
الحداد على قرابة ثلاثة أيام فقط، وللزوج منعها لأن الزينة حقه فتح، وينبغي حل
الزيادة على الثلاثة إذا رضي الزوج، أو لم تكن مزوجة نهر. وفي التتارخانية:
ولا تعذر في لبس السواد، وهي آثمة إلا الزوجة في حق زوجها فتعذر إلى ثلاثة
أيام. قال في البحر: وظاهره منعها من السواد تأسفا على موت زوجها فوق
الثلاثة. وفي النهر: لو بلغت في العدة لزمها الحداد فيما بقي.
(والمعتدة)
أي معتدة كانت عيني، فتعم معتدة عتق ونكاح فاسد. وأما الخالية فتخطب إذا لم
يخطبها غيره. وترضى به، فلو سكتت فقولان (تحرم خطبتها) بالكسر وتضم.
(وصح
التعريض) كأريد التزوج (لو معتدة الوفاة) لا المطلقة إجماعا لإفضائه إلى
عداوة المطلق، ومفاده جوازه لمعتدة عتق ونكاح فاسد ووطء شبهة نهر، لكن في
القهستاني عن المضمرات أن بناء التعريض على الخروج.
(ولا تخرج
معتدة رجعي وبائن) بأي فرقة كانت على ما في الظهيرية ولو مختلعة على نفقة عدتها
في الأصح اختيار، أو على السكنى فيلزمها أن تكتري بيت الزوج معراج (لو حرة)
أو أمة مبوأة ولو من فاسد (مكلفة من بيتها أصلا) لا ليلا ولا نهارا ولا إلى
صحن دار فيها منازل لغيره ولو بإذنه لأنه حق الله تعالى. بخلاف نحو أمة لتقدم
حق العبد
(ومعتدة موت تخرج في الجديدين وتبيت) أكثر الليل (في
منزلها) لأن نفقتها عليها فتحتاج للخروج، حتى لو كان عندها كفايتها صارت
كالمطلقة فلا يحل لها الخروج فتح. وجوز في القنية خروجها لإصلاح ما لا بد لها
منه كزراعة ولا وكيل لها (طلقت) أو مات وهي زائرة (في غير مسكنها عادت إليه
فورا) لوجوبه عليها
(وتعتدان) أي معتدة طلاق وموت (في بيت
وجبت فيه) ولا يخرجان منه (إلا أن تخرج أو يتهدم المنزل، أو تخاف) انهدامه،
أو (تلف مالها، أو لا تجد كراء البيت) ونحو ذلك من الضرورات فتخرج لأقرب موضع
إليه، وفي الطلاق إلى حيث شاء الزوج، ولو لم يكفها نصيبها من الدار اشترت من
الأجانب مجتبى، وظاهره وجوب الشراء - لو قادرة -، أو الكراء بحر، وأقره أخوه
والمصنف. قلت: لكن الذي رأيته بنسختي المجتبى استترت من الاستتار فليحرر
(ولا
بد من سترة بينهما في البائن) لئلا يختلي بالأجنبية، ومفاده أن الحائل يمنع
الخلوة المحرمة (وإن ضاق المنزل عليهما، أو كان الزوج فاسقا فخروجه أولى) لأن
مكثها واجب لا مكثه، ومفاده وجوب الحكم به ذكره الكمال (وحسن أن يجعل القاضي
بينهما امرأة) ثقة. ترزق من بيت المال بحر عن تلخيص الجامع (قادرة على
الحيلولة بينهما) وفي المجتبى الأفضل الحيلولة بستر، ولو فاسقا فبامرأة.
قال: ولهما أن يسكنا بعد الثلاث في بيت واحد إذا لم يلتقيا التقاء الأزواج، ولم
يكن فيه خوف فتنة انتهى. وسئل شيخ الإسلام عن زوجين افترقا ولكل منهما ستون سنة
وبينهما أولاد تتعذر عليهما مفارقتهم فيسكنان في بيتهم ولا يجتمعان في فراش ولا
يلتقيان التقاء الأزواج هل لهما ذلك؟ قال: نعم، وأقره المصنف.
(أبانها،
أو مات عنها في سفر) ولو في مصر (وليس بينها) وبين مصرها مدة سفر رجعت ولو
بين مصرها مدته وبين مقصدها أقل مضت (وإن كانت تلك) أي مدة السفر (من كل
جانب) منهما ولا يعتبر ما في ميمنة وميسرة، فإن كانت في مفازة (خيرت) بين
رجوع ومضي (معها ولي، أو لا في الصورتين، والعود أحمد) لتعد في منزل الزوج
(و) لكن (إن مرت) بما يصلح للإقامة كما في البحر وغيره. زاد في
النهر: وبينه وبين مقصدها سفر (أو كانت في مصر) أو قرية تصلح للإقامة
(تعتد ثمة) إن لم تجد محرما اتفاقا، وكذا إن وجدت عند الإمام (ثم تخرج
بمحرم) إن كان (وتنتقل المعتدة) المطلقة بالبادية فتح (مع أهل الكلأ)
في محفة، أو خيمة مع زوجها (إن تضررت بالمكث في المكان) الذي طلقها فيه فله
أن يتحول بها وإلا لا وليس للزوج المسافرة بالمعتدة ولو عن رجعي بحر. (ومطلقة
الرجعي كالبائن) فيما مر (غير أنها تمنع من مفارقة زوجها في) مدة (سفر)
لقيام الزوجية. بخلاف المبانة كما مر.
[فروع]
طلب
من القاضي أن يسكنها بجواره لا يجيبه وإنما تعتد في مسكن المفارقة ظهيرية. قبلت
ابن زوجها فلها السكنى لا النفقة. تتارخانية لا تمنع معتدة نكاح فاسد من الخروج
مجتبى. قلت: مر عن البزازية خلافه، لكن في البدائع لها منعها لتحصين مائه
ككتابية ومجنونة وأم ولد أعتقها فليحفظ.
فصل في ثبوت النسب
(أكثر
مدة الحمل سنتان) لخبر عائشة رضي الله عنها كما مر في الرضاع، وعند الأئمة
الثلاثة أربع سنين (وأقلها ستة أشهر) إجماعا (فيثبت نسب) ولد (معتدة
الرجعي) ولو بالأشهر لإياسها بدائع، وفاسد النكاح في ذلك كصحيحه قهستاني.
(وإن
ولدت لأكثر من سنتين) ولو لعشرين سنة فأكثر لاحتمال امتداد طهرها وعلوقها في
العدة (ما لم تقر بمضي العدة) والمدة تحتمله (وكانت) الولادة (رجعة)
لو (في الأكثر منهما). أو لتمامهما لعلوقها في العدة (لا في الأقل)
للشك وإن ثبت نسبه (كما) يثبت بلا دعوة احتياطا (في مبتوتة جاءت به لأقل
منهما) من وقت الطلاق لجواز وجوده وقته ولم تقر بمضيها كما مر (ولو لتمامها
لا) يثبت النسب، وقيل يثبت لتصور العلوق في حال الطلاق؛ وزعم في الجوهرة أنه
الصواب (إلا بدعوته) لأنه التزمه، وهي شبهة عقد أيضا، وإلا إذا ولدت توأمين
أحدهما لأقل من سنتين والآخر لأكثر. وإلا إذا ملكها فيثبت إن ولدته لأقل من ستة
أشهر من يوم الشراء ولو لأكثر من سنتين من وقت الطلاق وكالطلاق سائر أسباب الفرقة
بدائع، لكن في القهستاني عن شرح الطحاوي أن الدعوة مشروطة في الولادة لأكثر منهما
(وإن لم تصدقه) المرأة (لا في رواية) وهي الأوجه فتح.
(و)
يثبت نسب ولد المطلقة ولو رجعيا (المراهقة والمدخول بها) وكذا غير المدخولة
(إن ولدت لأقل) من الأقل غير المقرة بانقضاء عدتها، وكذا المقرة إن ولدت لذلك
من وقت الإقرار إذا لم تدع حبلا، فلو ادعته فكبالغة لأقل من تسعة أشهر مذ طلقها
لكون العلوق في العدة (وإلا لا) لكونه بعدها، لأنها لصغرها يجعل سكوتها
كالإقرار بمضي عدتها. (فلو ادعت حبلا فهي ككبيرة) في بعض الأحكام
(لاعترافها بالبلوغ).
(و) يثبت نسب ولد معتدة (الموت لأقل
منهما من وقته) أي الموت (إذا كانت كبيرة ولو غير مدخول بها) أما الصغيرة،
فإن ولدت لأقل من عشرة أشهر وعشرة أيام ثبت وإلا لا. ولو أقرت بمضيها بعد أربعة
أشهر وعشر فولدته لستة أشهر لم يثبت. وأما الآيسة فكحائض لأن عدة الموت بالأشهر
للكل. إلا الحامل زيلعي. (وإن ولدته لأكثر منهما) من وقته (لا) يثبت
بدائع، ولو لهما فكالأكثر بحر بحثا (و) كذا (المقرة بمضيها) لو (لأقل
من أقل مدته من وقت الإقرار) ولأقل من أكثرها من وقت البت للتيقن بكذبها
(وإلا لا) يثبت، لاحتمال حدوثه بعد الإقرار.
(و) يثبت نسب
ولد (المعتدة) بموت، أو طلاق (إن جحدت ولادتها بحجة تامة) واكتفيا
بالقابلة، قيل: وبرجل (أو حبل ظاهر) وهل تكفي الشهادة بكونه كان ظاهرا؟
في البحر بحثا نعم (أو إقرار) الزوج (به) بالحبل، ولو أنكر تعيينه تكفي
شهادة القابلة إجماعا كما تكفي في معتدة رجعي ولدت لأكثر من سنتين. لا لأقل
(أو تصديق) بعض (الورثة) فيثبت في حق المقرين (و) إنما (يثبت النسب
في حق غيره) حتى الناس كافة (إن تم نصاب الشهادة بهم) بأن شهد مع المقر رجل
آخر، وكذا لو صدق المقر عليه الورثة وهم من أهل التصديق فيثبت النسب ولا ينفع
الرجوع (وإلا) يتم نصابها (لا) يشارك المكذبين، وهل يشترط لفظ الشهادة
ومجلس الحكم؟ الأصح لا، نظرا لشبه الإقرار، وشرطوا العدد نظرا لشبه الشهادة.
ونقل المصنف عن الزيلعي ما يفيد اشتراط العدالة، ثم قال: فقول شيخنا وينبغي أن
لا تشترط العدالة مما لا ينبغي. قلت: وفيه أنه كيف تشترط العدالة في المقر،
اللهم إلا أن يقال لأجل السراية فتأمل، وليراجع.
(ولو ولدت
فاختلفا) في المدة (فقالت) المرأة (نكحتني منذ نصف حول وادعى الأقل
فالقول لها بلا يمين) وقالا تحلف وبه يفتى كما سيجيء في الدعوى (وهو) أي
الولد (ابنه) بشهادة الظاهر لها بالولادة من نكاح حملا لها على الصلاح.
(قال:
إن نكحتها فهي طالق فنكحها فولدت لنصف حول منذ نكحها لزمه نسبه) احتياطا لتصور
الوطء حالة العقد؛ ولو ولدته لأقل منه لم يثبت، وكذا لأكثر ولو بيوم، ولكن بحث
فيه في الفتح وأقره في البحر (و) لزمه (مهرها) بجعله واطئا حكما ولا يكون
به محصنا نهاية.
(علق طلاقها بولادتها لم تطلق بشهادة امرأة) بل
بحجة تامة خلافا لهما كما مر. (ولو أقر) المعلق (مع ذلك بالحبل) أو كان
ظاهرا (طلقت) بالولادة (بلا شهادة) لإقراره بذلك وأما النسب ولوازمه
كأمومة الولد فلا يثبت بدون شهادة القابلة اتفاقا بحر.
(قال
لأمته: إن كان في بطنك ولد) أو إن كان بها حبل (فهو مني فشهدت امرأة)
ظاهره يعم غير القابلة. (بالولادة، فهي أم ولده) إجماعا (إن جاءت به لأقل
من نصف حول من وقت مقالته، وإن لأكثر منه لا) لاحتمال علوقه بعد مقالته، قيد
بالتعليق لأنه لو قال هذه حامل مني ثبت نسبه إلى سنتين حتى ينفيه غاية..
(قال
لغلام: هو ابني ومات) المقر (فقالت أمه) المعروفة بحرية الأصل والإسلام
وبأنها أم الغلام (أنا امرأته وهو ابنه ترثانه استحسانا، فإن جهلت حريتها) أو
أمومتها لم ترث، وقوله (فقال وارثه: أنت أم ولد أبي) قيد اتفاقي، إذ الحكم
كذلك لو لم يقل شيئا، أو كان صغيرا كما في البحر (أو كنت نصرانية وقت موته، ولم
يعلم إسلامها) وقته (أو قال) وارثه (كانت زوجة له وهي أمة لا) ترث في
الصور المذكورة، وهل لها مهر المثل؟ قيل: نعم.
(زوج أمته من
عبده فجاءت بولد فادعاه المولى يثبت نسبه) للزوم فسخ النكاح وهو لا يقبل الفسخ
(وعتق) الولد (وتصير) الأمة (أم ولده) لإقراره ببنوته وأمومتها.
(ولدت
أمته الموطوءة له ولدا توقف ثبوت نسبه على عودته) لضعف فراشها (كأمة مشتركة
بين اثنين استولدها واحد) عبارة الدرر: استولداها (ثم جاءت بولد لا يثبت
النسب بدونها) لحرمة وطئها كأم ولد كاتبها مولاها وسيجيء في الاستيلاد أن
الفراش على أربع مراتب وقد اكتفوا بقيام الفراش بلا دخول كتزوج المغربي بمشرقية
بينهما سنة فولدت لستة أشهر منذ تزوجها لتصوره كرامة، أو استخداما فتح، لكن في
النهر: الاقتصار على الثاني أولى لأن طي المسافة ليس من الكرامة عندنا.
قلت: لكن في عقائد التفتازاني جزم بالأول تبعا لمفتي الثقلين النسفي، بل سئل
عما يحكى أن الكعبة كانت تزور واحدا من الأولياء هل يجوز القول به؟ فقال: خرق
العادة على سبيل الكرامة لأهل الولاية جائز عند أهل السنة، ولا لبس بالمعجزة
لأنها أثر دعوى الرسالة وبادعائها يكفر فورا فلا كرامة، وتمامه في شرح الوهبانية
من السير عند قوله: ومن - لولي قال طي مسافة يجوز - جهول ثم بعض يكفر وإثباتها
في كل ما كان خارقا عن النسفي النجم يروى وينصر أي ينصر هذا القول بنص محمد:
إنا نؤمن بكرامات الأولياء.
(غاب عن امرأته فتزوجت بآخر وولدت
أولادا) ثم جاء الزوج الأول (فالأولاد للثاني على المذهب) الذي رجع إليه
الإمام وعليه الفتوى كما في الخانية والجوهرة والكافي وغيرها. وفي حاشية شرح
المنار لابن الحنبلي. وعليه الفتوى إن احتمله الحال، لكن في آخر دعوى الجمع حكى
أربعة أقوال ثم أفتى بما اعتمده المصنف، وعلله ابن مالك بأنه المستفرش حقيقة،
فالولد للفراش الحقيقي وإن كان فاسدا وتمامه فيه فراجعه.
[فروع]
نكح
أمة فطلقها فشراها فولدت لأقل من نصف حول منذ شراها لزمه وإلا لا، إلا المطلقة
قبل الدخول، والمبانة بثنتين فمذ طلقها، لكن في الثانية يثبت لسنتين فأقل. وفي
الرجعي لأكثر مطلقا بعد أن يكون لأقل من نصف حول منذ شرائها في المسألتين، وكذا
لو أعتقها بعد الشراء. ولو باعها فولدت لأكثر من الأقل مذ باعها فادعاه هل
يفتقر لتصديق المشتري؟ قولان.
مات عن أم ولده، أو أعتقها وولدت
لدون سنتين لزمه ولأكثر لا إلا أن يدعيه؛ ولو تزوجت في العدة فولدت لسنتين من
عتقه، أو موته ولنصف حول فأكثر منذ تزوجت وادعياه معا كان للمولى اتفاقا لكونها
معتدة، بخلاف ما لو تزوجت أم الولد بلا إذنه فإنه للزوج اتفاقا..
ولو
تزوجت معتدة بائن فولدت لأقل من سنتين مذ بانت ولأقل من الأقل مذ تزوجت فالولد
للأول لفساد نكاح الآخر، ولو لأكثر منهما مذ بانت ولنصف حول مذ تزوجت فالولد
للثاني، ولو لأقل من نصفه لم يلزم الأول ولا الثاني والنكاح صحيح. ولو لأقل
منهما ولنصفه ففي عدة البحر بحثا أنه للأول، لكنه نقل هنا عن البدائع أنه للثاني
معللا بأن إقدامها على التزوج دليل انقضاء عدتها؛ حتى لو علم بالعدة فالنكاح فاسد
وولدها للأول إن أمكن إثباته منه بأن تلد لأقل من سنتين مذ طلق أو مات.
ولو
نكح امرأة فجاءت بسقط مستبين الخلق، فإن لأربعة أشهر فنسبه للثاني، وإن لأربعة
إلا يوما فنسبه للأول وفسد النكاح الكل من البحر. قلت: وفي مجمع الفتاوى:
نكح كافر مسلمة فولدت منه لا يثبت النسب منه ولا تجب العدة لأنه نكاح باطل.
باب الحضانة
بفتح الحاء وكسرها: تربية الولد. (تثبت للأم). النسبية
(ولو) كتابية، أو مجوسية أو (بعد الفرقة) (إلا أن تكون مرتدة) فحتى
تسلم لأنها تحبس (أو فاجرة) فجورا يضيع الولد به كزنا وغناء وسرقة ونياحة كما
في البحر والنهر بحثا. قال المصنف: والذي يظهر العمل بإطلاقهم كما هو مذهب
الشافعي أن الفاسقة بترك الصلاة لا حضانة لها. وفي القنية: الأم أحق بالولد
ولو سيئة السيرة معروفة بالفجور ما لم يعقل ذلك (أو غير مأمونة). ذكره في
المجتبى بأن تخرج كل وقت وتترك الولد ضائعا (أو) تكون (أمة، أو أم ولد، أو
مدبرة أو مكاتبة ولدت ذلك الولد قبل الكتابة) لاشتغالهن بخدمة المولى، لكن إن
كان الولد رقيقا كن أحق به لأنه للمولى مجتبى (أو متزوجة بغير محرم) الصغير
(أو أبت أن تربيه مجانا و) الحال أن (الأب معسر، والعمة تقبل ذلك) أي
تربيته مجانا ولا تمنعه عن الأم قيل للأم: إما أن تمسكيه مجانا أو تدفعيه
للعمة. (على المذهب) وهل يرجع العم والعمة على الأب إذا أيسر، قيل: نعم
مجتبى، والعمة ليست بقيد فيما يظهر. وفي المنية: تزوجت أم صغير توفي أبوه
وأرادت تربيته بلا نفقة مقدرة وأراد وصيه تربيته بها دفع إليها لا إليه إبقاء
لماله. وفي الحاوي: تزوجت بأجنبي وطلبت تربيته بنفقة والتزمه ابن عمه مجانا
ولا حاضنة له فله ذلك.
(ولا تجبر) من لها الحضانة (عليها إلا
إذا تعينت لها) بأن لم يأخذ ثدي غيرها أو لم يكن للأب ولا للصغير مال به يفتى
خانية وسيجيء في النفقة. وإذا أسقطت الأم حقها صارت كميتة، أو متزوجة فتنتقل
للجدة بحر.
(ولا تقدر الحاضنة على إبطال حق الصغير فيها) حتى لو
اختلعت على أن تترك ولدها عند التزوج صح الخلع. وبطل الشرط لأنه حق الولد، فليس
لها أن تبطله بالشرط؛ ولو لم يوجد غيرها أجبرت بلا خلاف فتح، وهذا يعم ما لو وجد
وامتنع من القبول بحر، وحينئذ فلا أجرة لها جوهرة.
(تستحق)
الحاضنة (أجرة الحضانة إذا لم تكن منكوحة ولا معتدة لأبيه) وهي غير أجرة
إرضاعه ونفقته كما في البحر عن السراجية، خلافا لما نقله المصنف عن جواهر
الفتاوى. وفي شرح النقاية للباقاني عن البحر المحيط: سئل أبو حفص عمن لها
إمساك الولد وليس لها مسكن مع الولد؟ فقال: على الأب سكناهما جميعا. وقال
نجم الأئمة: المختار أنه عليه السكنى في الحضانة، وكذا إن احتاج الصغير إلى
خادم يلزم الأب به. وفي كتب الشافعية: مؤنة الحضانة في مال المحضون لو له
وإلا فعلى من تلزمه نفقته. قال شيخنا: وقواعدنا تقتضيه فيفتى به ثم حرر أن
الحضانة كالرضاع، والله تعالى أعلم.
(ثم) أي بعد الأم بأن ماتت،
أو لم تقبل أو أسقطت حقها أو تزوجت بأجنبي (أم الأم) وإن علت عند عدم أهلية
القربى (ثم أم الأب وإن علت) بالشرط المذكور وأما أم أبي الأم فتؤخر عن أم
الأب بل عن الخالة أيضا بحر (ثم الأخت لأب وأم ثم لأم) لأن هذا الحق لقرابة
الأم (ثم) الأخت (لأب) ثم بنت الأخت لأبوين ثم لأم ثم لأب (ثم الخالات
كذلك) أي لأبوين، ثم لأم ثم لأب، ثم بنت الأخت لأب ثم بنات الأخ (ثم العمات
كذلك) ثم خالة الأم كذلك، ثم خالة الأب كذلك ثم عمات الأمهات والآباء بهذا
الترتيب؛ ثم العصبات بترتيب الإرث، فيقدم الأب ثم الجد ثم الأخ الشقيق، ثم لأب ثم
بنوه كذلك، ثم العم ثم بنوه. وإذا اجتمعوا فالأورع ثم الأسن، اختيار، سوى فاسق
ومعتوه وابن عم لمشتهاة وهو غير مأمون، ثم إذا لم يكن عصبة فلذوي الأرحام، فتدفع
لأخ لأم ثم لابنه ثم للعم للأم ثم للخال لأبوين ثم لأم برهان وعيني بحر، فإن
تساووا فأصلحهم ثم أورعهم ثم أكبرهم، ولا حق لولد عم وعمة وخال وخالة لعدم
المحرمية.
(و) الحاضنة (الذمية). ولو مجوسية (كمسلمة ما
لم يعقل دينا) ينبغي تقديره بسبع سنين لصحة إسلامه حينئذ نهر (أو) إلى أن
(يخاف أن يألف الكفر) فينزع منها وإن لم يعقل دينا بحر.
(و)
الحاضنة (يسقط حقها بنكاح غير محرمه) أي الصغير، وكذا بسكناها عند المبغضين
له؛ لما في القنية: لو تزوجت الأم بآخر فأمسكته أم الأم في بيت الراب فللأب
أخذه. وفي البحر: قد ترددت فيما لو أمسكته الخالة ونحوها في بيت أجنبي عازبة
والظاهر السقوط قياسا على ما مر، لكن في النهر: والظاهر عدمه للفرق البين بين
زوج الأم والأجنبي. قال: والرحم فقط - كابن العم كالأجنبي. (وتعود)
الحضانة (بالفرقة) البائنة لزوال المانع، والقول لها في نفي الزوج وكذا في
تطليقه إن أبهمته لا إن عينته.
(والحاضنة) أما، أو غيرها (أحق
به) أي بالغلام حتى يستغني عن النساء وقدر بسبع وبه يفتى لأنه الغالب. ولو
اختلفا في سنه، فإن أكل وشرب ولبس واستنجى وحده دفع إليه ولو جبرا وإلا لا
(والأم والجدة) لأم، أو لأب (أحق بها) بالصغيرة (حتى تحيض) أي تبلغ
في ظاهر الرواية. ولو اختلفا في حيضها فالقول للأم بحر بحثا. وأقول: ينبغي
أن يحكم سنها ويعمل بالغالب. وعند مالك، حتى يحتلم الغلام، وتتزوج الصغيرة
ويدخل بها الزوج عيني (وغيرهما أحق بها حتى تشتهى) وقدر بتسع وبه يفتى.
وبنت إحدى عشرة مشتهاة اتفاقا زيلعي.
(وعن محمد أن الحكم في الأم
والجدة كذلك) وبه يفتى لكثرة الفساد زيلعي. وأفاد أنه لا تسقط الحضانة
بتزوجها ما دامت لا تصلح للرجال إلا في رواية عن الثاني إذا كان يستأنس. كما في
القنية. وفي الظهيرية: امرأة قالت: هذا ابنك من بنتي وقد ماتت أمه فأعطني
نفقته، فقال: صدقت لكن أمه لم تمت وهي في منزلي وأراد أخذ الصبي.، يمنع حتى
يعلم القاضي أمه وتحضر عنده فتأخذه لأنه أقر بأنها جدته وحاضنته ثم ادعى أحقية
غيرها وذا محتمل، فإن (أحضر الأب امرأة فقال: هذه ابنتك وهذا) ابني
(منها، وقالت الجدة: لا) ما هذه ابنتي (وقد ماتت ابنتي أم هذا الولد
فالقول للرجل والمرأة: التي معه ويدفع الصبي إليهما) لأن الفراش لهما فيكون
الولد لهما (كزوجين بينهما ولد فادعى) الزوج (أنه ابنه لا منها) بل من
غيرها (وعكست) فقالت: هو ابني لا منه (حكم بكونه ابنا لهما) لما قلنا؛
وكذا لو قالت الجدة: هذا ابنك من بنتي الميتة فقال: بل من غيرها فالقول له
ويأخذ الصبي منها، وكذا لو أحضر امرأة وقال: ابني من هذه لا من بنتك وكذبته
الجدة وصدقتها المرأة فالأب أولى به لأنه لما قال هذا ابني من هذه المرأة فقد
أنكر كونها جدته فيكون منكرا لحق حضانتها وهي أقرت له بالحق انتهى ملخصا.
(ولا
خيار للولد عندنا مطلقا) ذكرا كان، أو أنثى خلافا للشافعي. قلت: وهذا قبل
البلوغ، أما بعده فيخير بين أبويه، وإن أراد الانفراد فله ذلك مؤيد زاده معزيا
للمنية، وأفاده بقوله (بلغت الجارية مبلغ النساء، إن بكرا ضمها الأب إلى
نفسه) إلا إذا دخلت في السن واجتمع لها رأي فتسكن حيث أحبت حيث لا خوف عليها
(وإن ثيبا لا) يضمها (إلا إذا لم تكن مأمونة على نفسها) فللأب والجد
ولاية الضم لا لغيرهما كما في الابتداء بحر عن الظهيرية.
(والغلام
إذا عقل واستغنى برأيه ليس للأب ضمه إلى نفسه) إلا إذا لم يكن مأمونا على نفسه
فله ضمه لدفع فتنة، أو عار، وتأديبه إذا وقع منه شيء، ولا نفقة عليه إلا أن يتبرع
بحر. (والجد بمنزلة الأب فيه) فيما ذكر (وإن لم يكن لها أب ولا جد، و)
لكن (لها أخ أو عم فله ضمها إن لم يكن مفسدا، وإن كان) مفسدا (لا) يمكن
من ذلك.
(وكذا الحكم في كل عصبة ذي رحم محرم منها، فإن لم يكن لها
أب ولا جد ولا غيرهما من العصبات أو كان لها عصبة مفسد فالنظر فيها إلى الحاكم،
فإن) كانت (مأمونة خلاها تنفرد بالسكنى وإلا وضعها عند) امرأة (أمينة
قادرة على الحفظ، بلا فرق في ذلك بين بكر وثيب) لأنه جعل ناظرا للمسلمين، ذكره
العيني وغيره. وإذا بلغ الذكور حد الكسب يدفعهم الأب إلى عمل ليكتسبوا، أو
يؤجرهم وينفق عليهم من أجرتهم بخلاف الإناث؛ ولو الأب مبذرا يدفع كسب الابن إلى
أمين كما في سائر الأملاك مؤيد زاده معزيا للخلاصة.
(ليس
للمطلقة) بائنا بعد عدتها (الخروج بالولد من بلدة إلى أخرى بينهما تفاوت)
فلو بينهما تفاوت بحيث يمكنه أن يبصر ولده ثم يرجع في نهاره لم تمنع. مطلقا
لأنه كالانتفال من محلة إلى محلة شمني (إلا إذا انتقلت من القرية إلى المصر،
وفي عكسه لا) لضرر الولد بتخلقه بأخلاق أهل السواد (إلا إذا كان) ما انتقلت
إليه (وطنها وقد نكحها ثمة) أي عقد عليها في وطنها ولو قرية في الأصح إلا دار
الحرب إلا أن يكونا مستأمنين (وهذا) الحكم (في الأم) المطلقة فقط (أما
غيرها) كجدة وأم ولد أعتقت (فلا تقدر على نقله) لعدم العقد بينهما (إلا
بإذنه) كما يمنع الأب من إخراجه من بلد أمه. بلا رضاها ما بقيت
حضانتها،.
فلو (أخذ المطلق ولده منها لتزوجها) جاز (له أن
يسافر به إلى أن يعود حق أمه) كما في السراجية، وقيده المصنف في شرحه بما إذا
لم يكن له من ينتقل الحق إليه بعدها، وهو ظاهر. وفي الحاوي: له إخراجه إلى
مكان يمكنها أن تبصر ولدها كل يوم كما في جانبها فليحفظ. قلت: وفي
السراجية: إذا سقطت حضانة الأم وأخذه الأب لا يجبر على أن يرسله لها، بل هي إذا
أرادت أن تراه لا تمنع من ذلك. وأفتى شيخنا الرملي بأنه يسافر به بعد تمام
حضانتها، وبأن غير الأب من العصبات كالأب، وعزاه للخلاصة والتتارخانية.
[فرع]
خرج
بالولد ثم طلقها فطالبته برده، إن أخرجه بإذنها لا يلزمه رده، وإن بغير إذنها
لزمه كما لو خرج به مع أمه ثم ردها ثم طلقها فعليه رده بحر، والله تعالى
أعلم.
باب النفقة
هي لغة: ما ينفقه الإنسان على عياله. وشرعا: (هي الطعام
والكسوة والسكنى) وعرفا هي: الطعام (ونفقة الغير تجب على الغير بأسباب
ثلاثة: زوجية، وقرابة، وملك) بدأ بالأول لمناسبة ما مر أو؛ لأنها أصل الولد
(فتجب للزوجة) بنكاح صحيح، فلو بان فساده أو بطلانه رجع بما أخذته من النفقة
بحر (على زوجها)؛ لأنها جزاء الاحتباس، وكل محبوس لمنفعة غيره يلزمه نفقته
كمفت وقاض ووصي زيلعي، وعامل ومقاتلة قاموا بدفع العدو ومضارب سافر بمال مضاربه،
ولا يرد الرهن لحبسه لمنفعتهما.
(ولو صغيرا) جدا في ماله لا على
أبيه إلا إذا كان ضمنها كما مر في المهر (لا يقدر على الوطء)؛ لأن المانع من
قبله (أو فقيرا ولو) كانت (مسلمة أو كافرة أو كبيرة أو صغيرة تطيق الوطء)
أو تشتهي للوطء فيما دون الفرج، حتى لو لم تكن كذلك كان المانع منها فلا نفقة كما
لو كانا صغيرين (فقيرة أو غنية موطوءة أو لا) كأن كان الزوج صغيرا أو كانت
رتقاء أو قرناء أو معتوهة أو كبيرة لا توطأ، وكذا صغيرة تصلح للخدمة أو للاستئناس
(إن أمسكها في بيته عند الثاني واختاره في التحفة؛ ولو منعت نفسها للمهر) دخل
بها أو لا ولو كله مؤجلا عند الثاني وعليه الفتوى كما في البحر والنهر، وارتضاه
محشي الأشباه؛ لأنه منع بحق فتستحق النفقة (بقدر حالهما) به يفتى، - ويخاطب
بقدر وسعه والباقي دين إلى الميسرة، ولو موسرا وهي فقيرة لا يلزمه أن يطعمها مما
يأكل بل يندب.
(ولو هي في بيت أبيها) إذا لم يطالبها الزوج
بالنقلة به يفتى؛ وكذا إذا طالبها ولم تمتنع أو امتنعت (للمهر أو مرضت في بيت
الزوج) فإن لها النفقة استحسانا لقيام الاحتباس، وكذا لو مرضت ثم إليه نقلت، أو
في منزلها بقيت ولنفسها ما منعت وعليه الفتوى كما حرره في الفتح. وفي
الخانية: مرضت عند الزوج فانتقلت لدار أبيها، إن لم يكن نقلها بمحفة ونحوها
فلها النفقة وإلا لا كما لا يلزمه مداواتها.
(لا) نفقة لأحد
عشر: مرتدة، ومقبلة ابنه، ومعتدة موت، ومنكوحة فاسدا وعدته، وأمة لم تبوأ،
وصغيرة لا توطأ، و (خارجة من بيته بغير حق) وهي الناشزة حتى تعود ولو بعد
سفره خلافا للشافعي، والقول لها في عدم النشوز بيمينها، وتسقط به المفروضة لا
المستدانة في الأصح كالموت، قيد بالخروج؛ لأنها لو مانعته من الوطء لم تكن ناشزة
- وشمل الخروج الحكمي كأن كان المنزل لها فمنعته من الدخول عليها فهي كالخارجة ما
لم تكن سألته النقلة، ولو كان فيه شبهة كبيت السلطان فامتنعت منه فهي ناشزة لعدم
اعتبار الشبهة في زماننا، بخلاف ما إذا خرجت من بيت الغصب أو أبت الذهاب إليه أو
السفر معه أو مع أجنبي بعثه لينقلها فلها النفقة، وكذا لو أجرت نفسها لإرضاع صبي
وزوجها شريف ولم تخرج، وقيل تكون ناشزة. ولو سلمت نفسها بالليل دون النهار أو
عكسه فلا نفقة لنقص التسليم. قال في المجتبى: وبه عرف جواب واقعة في زماننا
أنه لو تزوج من المحترفات التي تكون بالنهار في مصالحها وبالليل عنده فلا نفقة
لها انتهى، قال في النهر. وفيه نظر.
(ومحبوسة) ولو ظلما إلا
إذا حبسها هو بدين له فلها النفقة في الأصح جوهرة، وكذا لو قدر على الوصول إليها
في الحبس صيرفية كحبسه مطلقا، لكن في تصحيح القدوري: لو حبس في سجن السلطان
فالصحيح سقوطها. وفي البحر عن مآل الفتاوى: ولو خيف عليها الفساد تحبس معه
عند المتأخرين (ومريضة لم تزف) أي لا يمكنها الانتقال معه أصلا فلا نفقة لها
وإن لم تمنع - نفسها لعدم التسليم تقديرا بحر (ومغصوبة) كرها (وحاجة) ولو
نفلا (لا معه ولو بمحرم) لفوات الاحتباس. (ولو معه فعليه نفقة الحضر
خاصة) لا نفقة السفر والكراء (امتنعت المرأة) من الطحن والخبز (إن كانت
ممن لا تخدم) أو كان بها علة (فعليه أن يأتيها بطعام مهيإ وإلا) بأن كانت
ممن تخدم نفسها وتقدر على ذلك (لا) يجب عليه ولا يجوز لها أخذ الأجرة على ذلك
لوجوبه عليها ديانة ولو شريفة؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قسم الأعمال بين علي
وفاطمة، فجعل أعمال الخارج على علي رضي الله عنه والداخل على فاطمة رضي الله عنها
مع أنها سيدة نساء العالمين بحر. (ويجب عليه آلة طحن وخبز وآنية شراب وطبخ
ككوز وجرة وقدر ومغرفة) وكذا سائر أدوات البيت كحصر ولبد وطنفسة، وما تتنظف به
وتزيل الوسخ كمشط وأشنان وما يمنع الصنان، ومداس رجلها، وتمامه في الجوهرة
والبحر. وفيه أجرة القابلة على من استأجرها من زوجة وزوج ولو جاءت بلا استئجار،
- - قيل عليه وقيل عليها.
(وتفرض لها الكسوة في كل نصف حول مرة)
لتجدد الحاجة حرا وبردا (وللزوج الإنفاق عليها بنفسه) ولو بعد فرض القاضي
خلاصة (إلا أن يظهر للقاضي عدم إنفاقه فيفرض) أي يقدر (لها) بطلبها مع
حضرته ويأمره ليعطيها إن شكت مطله ولم يكن صاحب مائدة؛ لأن لها أن تأكل من طعامه
وتتخذ ثوبا من كرباسه بلا إذنه، فإن لم يعط حبسه ولا تسقط عنه النفقة خلاصة
وغيرها، وقوله (في كل شهر) أي كل مدة تناسبه كيوم للمحترف وسنة للدهقان، وله
الدفع كل يوم، كما لها الطلب كل يوم عند المساء لليوم الآتي. -
ولها
أخذ كفيل بنفقة شهر فأكثر خوفا من غيبته عند الثاني وبه يفتى وقس سائر الديون
عليه وبه أفتى بعضهم جواهر الفتاوى من كفالة الباب الأول.
ولو كفل
لها كل شهر كذا أبدا وقع على الأبد وكذا لو لم يقل أبدا عند الثاني، - وبه يفتى
بحر. وفيه عليها دين لزوجها لم يلتقيا قصاصا إلا برضاه لسقوطه بالموت، بخلاف
سائر الديون. وفيه آجرت دارها من زوجها وهما يسكنان فيه لا أجر عليه. ولو دخل
بها في منزل كانت فيه بأجر فطولبت به بعد سنة فقالت له: أخبرتك بأن المنزل
بالكراء عليك الأجر فهو عليها؛ لأنها العاقدة بزازية، ومفهومه أنها لو سكنت بغير
إجارة في وقف أو مال يتيم أو معد للاستغلال، فالأجرة عليه فليحفظ. (ويقدرها
بقدر الغلاء والرخص ولا تقدر بدراهم) ودنانير كما في الاختيار، وعزاه المصنف
لشرح المجمع للمصنف، لكن في البحر عن المحيط ثم المجتبى: إن شاء القاضي فرضها
أصنافا أو قومها بالدراهم ثم يقدر بالدراهم. - وفيه: لو قترت على نفسها فله
أن يرفعها للقاضي لتأكل مما فرض لها خوفا عليها من الهزال فإنه يضره كما له أن
يرفعها للقاضي للبس الثوب؛ لأن الزينة حقه. (وتزاد في الشتاء جبة) وسروالا
وما يدفع به أذى حر وبرد (ولحافا وفراشا) وحدها؛ لأنها ربما تعتزل عنه أيام
حيضها ومرضها (إن طلبته، ويختلف ذلك يسارا وإعسارا وحالا وبلدا) اختيار، وليس
عليه خفها بل خف أمتها مجتبى. وفي البحر: قد استفيد من هذا أنه لو كان لها
أمتعة من فرش ونحوها لا يسقط عن الزوج ذلك بل يجب عليه وقد رأينا من يأمرها بفرش
أمتعتها له ولأضيافه جبرا عليها وذلك حرام كمنع كسوتها. ا هـ لكن قدمنا في
المهر عنه عن المبتغى.
لو زفت إليه بلا جهاز يليق به فله مطالبة
الأب بالنقد إلا إذا سكت انتهى. وعليه فلو زفت به إليه لا يحرم عليه الانتفاع
به وفي عرفنا يلتزمون كثرة المهر لكثرة الجهاز وقلته لقلته ولا شك أن المعروف
كالمشروط فينبغي العمل بما مر كذا في النهر. وفيه عن قضاء البحر: هل تقدير
القاضي للنفقة حكم منه؟ قلت: نعم؛ لأن طلب التقدير بشرطه دعوى فلا تسقط بمضي
المدة. ولو فرض لها كل يوم أو كل شهر هل يكون قضاء ما دام النكاح؟ - قلت:
نعم إلا لمانع، ولذا قالوا الإبراء قبل الفرض باطل وبعده يصح مما مضى ومن شهر
مستقبل، حتى لو شرط في العقد أن النفقة تكون من غير تقدير والكسوة كسوة الشتاء
والصيف لم يلزم فلها بعد ذلك طلب التقدير فيهما. ولو حكم بموجب العقد مالكي يرى
ذلك فللحنفي تقديرها لعدم الدعوى والحادثة. - بقي لو حكم الحنفي بفرضها دراهم
هل للشافعي بعده أن يحكم بالتموين؟ قال الشيخ قاسم في موجبات الأحكام: لا،
وعليه فلو حكم الشافعي بالتموين ليس للحنفي الحكم بخلافه فليحفظ، نعم لو اتفقا
بعد الفرض على أن تأكل معه تموينا بطل الفرض السابق لرضاها بذلك. وفي
السراجية: قدر كسوتها دراهم ورضيت وقضى به هل لها أن ترجع وتطلب كسوة قماشا؟
أجاب نعم، وقالوا: ما بقي من النفقة لها فيقضى بأخرى، بخلاف إسراف وسرقة وهلاك
ونفقة محرم وكسوة، إلا إذا تخرقت - بالاستعمال المعتاد أو استعملت معها أخرى
فيفرض أخرى.
(و) تجب (لخادمها المملوك) لها على الظاهر ملكا
تاما ولا شغل له غير خدمتها بالفعل " فلو لم يكن في ملكها أو لم يخدمها لا نفقة
له؛ لأن نفقة الخادم بإزاء الخدمة، ولو جاءها بخادم لم يقبل منه إلا برضاها فلا
يملك إخراج خادمها بل ما زاد عليه بحر بحثا (لو) حرة لا أمة جوهرة لعدم ملكها
(موسرا) لا معسرا في الأصح والقول له في العسار، ولو برهنا فبينتها أولى
خانية (ولو له أولاد لا يكفيه خادم واحد فرض عليه) نفقة (لخادمين أو أكثر
اتفاقا) فتح. وعن الثاني: غنية زفت إليه بخدم كثير استحقت نفقة الجميع ذكره
المصنف. ثم قال: وفي البحر عن الغاية وبه نأخذ. قال: وفي السراجية:
ويفرض عليه نفقة خادمها، وإن كانت من الأشراف فرض نفقة خادمين، - وعليه
الفتوى.
(ولا يفرق بينهما بعجزه عنها) بأنواعها الثلاثة (ولا
بعدم إيفائه) لو غائبا (حقها ولو موسرا) وجوزه الشافعي بإعسار الزوج
وبتضررها بغيبته، ولو قضى به حنفي لم ينفذ، نعم لو أمر شافعيا فقضى به نفذ - إذا
لم يرتش الآمر والمأمور بحر.
(و) بعد الفرض (يأمرها القاضي
بالاستدانة) لتحيل (عليه) وإن أبى الزوج. أما بدون الأمر فيرجع عليها وهي
عليه إن صرحت بأنها عليه أو نوت، ولو أنكر نيتها فالقول له مجتبى، وتجب الإدانة
على من تجب عليه نفقتها ونفقة الصغار لولا الزوج كأخ وعم، ويحبس الأخ ونحوه إذا
امتنع؛ لأن هذا من المعروف زيلعي واختيار، وسيتضح (قضى بنفقة الإعسار ثم أيسر
فخاصمته تمم) القاضي نفقة يساره في المستقبل - (وبالعكس وجب الوسط) كما
مر.
(صالحت زوجها عن نفقة كل شهر على دراهم ثم) قالت لا تكفيني
زيدت، ولو (قال الزوج لا أطيق ذلك فهو لازم) فلا التفات لمقالته بكل حال
(إلا إذا تغير سعر الطعام وعلم) القاضي (أن ما دون ذلك) المصالح عليه
(يكفيها) فحينئذ يفرض كفايتها، نقله المصنف عن الخانية. وفي البحر عن
الذخيرة إلا أن يتعرف القاضي عن حاله بالسؤال من الناس فيوجب بقدر طاقته. وفي
الظهيرية صالحها عن نفقة كل شهر على مائة درهم والزوج محتاج لم يلزمه إلا نفقة
مثلها.
(والنفقة لا تصير دينا إلا بالقضاء أو الرضا) أي
اصطلاحهما على قدر معين أصنافا أو دراهم، فقبل ذلك لا يلزم شيء، وبعده ترجع بما
أنفقت ولو من مال نفسها بلا أمر قاض. ولو اختلفا في المدة - فالقول له والبينة
عليها. ولو أنكرت إنفاقه فالقول لها بيمينها ذخيرة (وبموت أحدهما وطلاقها)
ولو رجعيا ظهيرية وخانية واعتمد في البحر بحثا عدم سقوطها بالطلاق، لكن اعتمد
المصنف ما في جواهر الفتاوى، والفتوى عدم سقوطها بالرجعي كي لا يتخذ الناس ذلك
حيلة واستحسنه محشي الأشباه، وبالأول أفتى شيخنا الرملي، لكن صحح الشرنبلالي في
شرحه للوهبانية ما بحثه في البحر من عدم السقوط ولو بائنا قال وهو الأصح ورد ما
ذكره ابن الشحنة فيتأمل عند الفتوى (يسقط المفروض)؛ لأنها صلة (إلا إذا
استدانت بأمر القاضي) فلا تسقط بموت أو طلاق في الصحيح لما مر أنها كاستدانته
بنفسه. وعبارة ابن الكمال: إلا إذا استدانت بعد فرض قاض آخر ولو بلا أمره
فليحرر. (ولا ترد) النفقة والكسوة (المعجلة) بموت أو طلاق عجلها الزوج
أو أبوه ولو قائمة به يفتى.
(يباع القن) ويسعى مدبر ومكاتب لم
يعجز (المأذون في النكاح) وبدونه يطالب بعد عتقه (في نفقة زوجته) -
المفروضة (إذا اجتمع عليه ما يعجز عن أدائه ولم يفده) ذخيرة ولو بنت المولى،
لا أمته ولا نفقة ولده ولو زوجته حرة، بل نفقته على أمه ولو مكاتبة لتبعيته للأم
ولو مكاتبين سعى لأمه ونفقته على أبيه جوهرة (مرة بعد أخرى) أي لو اجتمع عليه
نفقة أخرى بعد ما اشتراه من علم به أو لم يعلم ثم علم فرضي بيع ثانيا، وكذا
المشتري الثالث وهلم جرا؛ لأنه دين حادث قاله الكمال وابن الكمال: فما في الدرر
تبعا للصدر سهو. - (وتسقط بموته وقتله) في الأصح (ويباع في دين غيرها)
مرة لعدم التجدد، وسيجيء في المأذون أن للغرماء استسعاءه ومفاده أن لها استسعاءه
ولو لنفقة كل يوم بحر، قال: وهل يباع في كفنها؟ ينبغي على قول الثاني المفتى
به نعم كما يباع في كسوتها..
(ونفقة الأمة المنكوحة) ولو
مدبرة أو أم ولد، أما المكاتبة فكالحرة (إنما تجب) على الزوج ولو عبدا
(بالتبوئة) بأن يدفعها إليه - ولا يستخدمها (فلو استخدمها المولى) أو
أهله (بعدها أو بوأها بعد الطلاق لأجل انقضاء العدة لا قبله) أي ولم يكن
بوأها قبل الطلاق (سقطت) بخلاف حرة نشزت فطلقت فعادت. وفي البحر بحثا:
فرضها قبل التبوئة باطل ونفقات الزوجات المختلفة مختلفة بحالهما.
(وكذا
تجب لها السكنى في بيت خال عن أهله) سوى طفله الذي لا يفهم الجماع وأمته وأم
ولده (وأهلها) ولو ولدها من غيره (بقدر حالهما) كطعام وكسوة وبيت منفرد
من دار له غلق. زاد في الاختيار والعيني: ومرافق، ومراده لزوم كنيف ومطبخ،
وينبغي الإفتاء به بحر (كفاها) لحصول المقصود هداية. وفي البحر عن
الخانية: يشترط أن لا يكون في الدار أحد - من أحماء الزوج يؤذيها، ونقل المصنف
عن الملتقط كفايته مع الأحماء لا مع الضرائر فلكل من زوجتيه مطالبته ببيت من دار
على حدة.
(ولا يلزمه إتيانها بمؤنسة) ويأمره بإسكانها بين جيران
صالحين بحيث لا تستوحش سراجية. ومفاده أن البيت بلا جيران ليس مسكنا شرعيا
بحر. وفي النهر: وظاهره وجوبها لو البيت خاليا عن الجيران لا سيما إذا خشيت
على عقلها من سعته. قلت: لكن نظر فيه الشرنبلالي بما مر أن ما لا جيران له
غير مسكن شرعي، فتنبه (ولا يمنعها من الخروج إلى الوالدين) في كل جمعة إن لم
يقدرا على إتيانها على ما اختاره في الاختيار ولو أبوها زمنا مثلا فاحتاجها
فعليها تعاهده ولو كافرا وإن أبى الزوج فتح (ولا يمنعهما من الدخول عليها في كل
جمعة، وفي غيرهما من المحارم في كل سنة) لها الخروج ولهم الدخول زيلعي
(ويمنعهم من الكينونة) وفي نسخة: من البيتوتة لكن عبارة منلا مسكين: من
القرار (عندها) به يفتى خانية، ويمنعها من زيارة الأجانب وعيادتهم والوليمة،
وإن أذن كانا عاصيين كما مر في باب المهر. وفي البحر: له منعها من الغزل وكل
عمل ولو تبرعا لأجنبي ولو قابلة أو مغسلة - لتقدم حقه على فرض الكفاية، ومن مجلس
العلم إلا لنازلة امتنع زوجها من سؤالها، ومن الحمام إلا النفساء وإن جاز بلا
تزين وكشف عورة أحد. قال الباقاني: وعليه فلا خلاف في منعهن للعلم بكشف
بعضهن، وكذا في الشرنبلالية معزيا للكمال.
(وتفرض) النفقة
بأنواعها الثلاثة (لزوجة الغائب) مدة سفر صيرفية واستحسنه في البحر ولو
مفقودا (وطفله) ومثله كبير زمن وأنثى مطلقا (وأبويه) فقط، فلا تفرض
لمملوكه وأخيه، ولا يقضي عنه دينه؛ لأنه قضاء على الغائب (في مال له من جنس
حقهم) كتبر أو طعام، أما خلافه فيفتقر للبيع، ولا يباع مال الغائب اتفاقا
(عند) أو على (من يقر به) عنده للأمانة، وعلى للدين، ويبدأ بالأول، ويقبل
قول المودع في الدفع للنفقة لا المديون إلا ببينة أو إقرارها بحر وسيجيء؛ ولو
أنفقا بلا فرض ضمنا بلا رجوع (وبالزوجية و) بقرابة (الولاد وكذا) الحكم
ثابت (إذا علم قاض بذلك) أي بمال وزوجية ونسب، ولو علم بأحدهما احتيج للإقرار
بالآخر، ولا يمين ولا بينة هنا لعدم الخصم (وكفلها) أي أخذ منها كفيلا بما
أخذته لا بنفسها وجوبا في الأصح (ويحلفها معه) أي مع الكفيل احتياطا، وكذا كل
آخذ نفقته؛ فلو ذكر الضمير كابن الكمال لكان أولى (أن الغائب لم يعطها
النفقة) ولا كانت ناشزة ولا مطلقة مضت عدتها، فإن حضر الزوج وبرهن أنه أوفاها
النفقة طولبت هي أو كفيلها برد ما أخذت، وكذا لو لم يبرهن ونكلت، ولو أقرت طولبت
فقط (لا) تفرض على غائب (بإقامة) الزوجة (بينة على النكاح) أو النسب
(ولا) تفرض أيضا (إن لم يخلف مالا فأقامت بينة ليفرض عليه ويأمرها
بالاستدانة ولا يقضي به)؛ لأنه قضاء على الغائب (وقال زفر يقضي بها) أي
النفقة (لا به) أي بالنكاح (وعمل القضاة اليوم على هذا للحاجة فيفتى به)
وهذا من الست التي يفتى بها بقول زفر - وعليه، ولو غاب وله زوجة وصغار تقبل
بينتها على النكاح إن لم يكن عالما به ثم يفرض لهم ثم يأمرها بالإنفاق أو
الاستدانة لترجع بحر.
(و) تجب (لمطلقة الرجعي والبائن،
والفرقة بلا معصية كخيار عتق، وبلوغ وتفريق بعدم كفاءة النفقة والسكنى والكسوة)
إن طالت المدة، ولا تسقط النفقة المفروضة بمضي العدة على المختار بزازية؛ ولو
ادعت امتداد الطهر فلها النفقة ما لم يحكم بانقضائها ما لم تدع الحبل فلها النفقة
إلى سنتين منذ طلقها، فلو مضتا ثم تبين أن لا حبل فلا رجوع عليها، وإن شرط؛ لأنه
شرط باطل بحر، ولو صالحها عن نفقة العدة إن بالأشهر صح، وإن بالحيض لا
للجهالة.
(لا) تجب النفقة بأنواعها (لمعتدة موت مطلقا) ولو
حاملا (إلا إذا كانت أم ولد وهي حامل) من مولاها فلها النفقة من كل المال
جوهرة. - (وتجب السكنى) فقط (لمعتدة فرقة بمعصيتها) إلا إذا خرجت من
بيته فلا سكنى لها في هذه الفرقة قهستاني وكفاية (كردة) وتقبيل ابنه (لا
غير) من طعام وكسوة، والفرق أن السكنى حق الله تعالى فلا تسقط بحال، والنفقة
حقها فتسقط بالفرقة بمعصيتها (وتسقط النفقة بردتها بعد البت) أي إن خرجت من
بيته وإلا فواجبة قهستاني (لا بتمكين ابنه) لعدم حبسها، بخلاف المرتدة، حتى
لو لم تحبس فلها النفقة إلا إذا لحقت بدار الحرب ثم عادت وتابت لسقوط العدة
باللحاق؛ لأنه كالموت بحر، وهو مشير إلى أنه قد حكم بلحاقها وإلا فتعود نفقتها
بعودها فليحفظ.
(وتجب) النفقة بأنواعها على الحر (لطفله)
يعم الأنثى والجمع (الفقير) الحر، فإن نفقة المملوك على مالكه والغني في ماله
الحاضر؛ فلو غائبا فعلى الأب ثم يرجع إن أشهد لا إن نوى إلا ديانة؛ فلو كانا
فقيرين فالأب يكتسب أو يتكفف وينفق عليهم، ولو لم يتيسر أنفق عليهم القريب ورجع
على الأب إذا أيسر ذخيرة. ولو خاصمته الأم في نفقتهم فرضها القاضي وأمره بدفعها
للأم ما لم تثبت خيانتها فيدفع لها صباحا ومساء أو يأمر من ينفق عليهم، وصح صلحها
عن نفقتهم ولو بزيادة يسيرة تدخل تحت التقدير، وإن لم تدخل طرحت، ولو على ما لا
يكفيهم زيدت بحر؛ ولو ضاعت رجعت بنفقتهم دون حصتها. وفي المنية: أب معسر وأم
موسرة تؤمر الأم بالإنفاق ويكون دينا على الأب وهي أولى من الجد الموسر، وفيها:
لا نفقة على الحر لأولاده من الأمة ولا على العبد لأولاده ولو من حرة، وعلى
الكافر نفقة ولده المسلم وسيجيء بحر.
(وكذا) تجب (لولده
الكبير العاجز عن الكسب) كأنثى مطلقا وزمن ومن يلحقه العار بالتكسب وطالب علم
لا يتفرغ لذلك، كذا في الزيلعي والعيني. وأفتى أبو حامد بعدمها لطلبة زماننا
كما بسطه في القنية، ولذا قيده في الخلاصة بذي رشد (لا يشاركه) أي الأب ولو
فقيرا (أحد في ذلك كنفقة أبويه وعرسه) به يفتى ما لم يكن معسرا فيلحق بالميت،
فتجب على غيره بلا رجوع عليه على الصحيح من المذهب إلا لأم موسرة بحر. قال:
وعليه فلا بد من إصلاح المتون جوهرة.
[فروع]
لو لم
يقدر إلا على نفقة أحد والديه فالأم أحق، ولو له أب وطفل فالطفل أحق به، وقيل
يقسمها فيهما.
وعليه نفقة زوجة أبيه وأم ولده بل وتزويجه أو تسريه،
ولو له زوجات فعليه نفقة واحدة يدفعها للأب ليوزعها عليهن. وفي المختار
والملتقى: ونفقة زوجة الابن على أبيه إن كان صغيرا فقيرا أو زمنا. وفي واقعات
المفتين لقدري أفندي: ويجبر الأب - - على نفقة امرأة ابنه الغائب وولدها، وكذا
الأم على نفقة الولد لترجع بها على الأب، وكذا الابن على نفقة الأم ليرجع على زوج
أمه، وكذا الأخ على نفقة أولاد أخيه ليرجع بها على الأب، وكذا الأبعد إذا غاب
الأقرب انتهى..
وفي الفصولين من الرابع والثلاثين: أجنبي أنفق
على بعض الورثة فقال: أنفقت بأمر الموصي وأقر به الوصي ولا يعلم ذلك إلا بقول
الوصي بعدما أنفق يقبل قول الوصي لو المنفق عليه صغيرا. ا هـ وفيه قال أنفق علي
أو على عيالي أو على أولادي ففعل، قيل يرجع بلا شرطه، وقيل لا. ولو قضى دينه
بأمره رجع بلا شرطه، وكذا كل ما كان مطالبا به من جهة العباد كجناية ومؤن
مالية. ثم ذكر أن الأسير ومن أخذه السلطان ليصادره لو قال لرجل خلصني فدفع
المأمور مالا فخلصه، قيل يرجع، وقيل لا في الصحيح به يفتى.
(وليس
على أمه إرضاعه) قضاء بل ديانة (إلا إذا تعينت) فتجبر كما مر في الحضانة،
وكذا الظئر تجبر على إبقاء الإجارة بزازية (ويستأجر الأب من ترضعه عندها)؛
لأن الحضانة لها والنفقة عليه؛ ولا يلزم الظئر المكث عند الأم ما لم يشترط في
العقد (لا) يستأجر الأب (أمه لو منكوحة) ولو من مال الصغير خلافا للذخيرة
والمجتبى (أو معتدة رجعي) وجاز في البائن في الأصح جوهرة، كاستئجار منكوحته
لولده من غيرها (وهي أحق) بإرضاع - ولدها بعد العدة (إذا لم تطلب زيادة على
ما تأخذه الأجنبية) ولو دون أجر المثل، بل الأجنبية المتبرعة أحق منها زيلعي أي
في الإرضاع؛ أما أجرة الحضانة فللأم كما مر وللرضيع النفقة والكسوة، وللأم أجرة
الإرضاع بلا عقد إجارة، وحكم الصلح كالاستئجار. وفي كل موضع جاز الاستئجار
ووجبت النفقة لا تسقط بموت الزوج بل تكون أسوة الغرماء؛ لأنها أجرة لا نفقة.
(و)
تجب (على موسر) ولو صغيرا (يسار الفطرة) على الأرجح ورجح الزيلعي والكمال
إنفاق فاضل كسبه. وفي الخلاصة: المختار أن الكسوب يدخل أبويه في نفقته. وفي
المبتغى: للفقير أن يسرق من ابنه الموسر ما يكفيه إن أبى ولا قاضي ثمة وإلا أثم
(النفقة لأصوله) ولو أب أمه ذخيرة (الفقراء) ولو قادرين على الكسب والقول
لمنكر اليسار والبينة لمدعيه (بالسوية) بين الابن والبنت، وقيل كالإرث، وبه
قال الشافعي. (والمعتبر فيه القرب والجزئية) فلو له بنت وابن ابن أو بنت
بنت وأخ النفقة على البنت أو بنتها؛ لأنه (لا) يعتبر (الإرث) إلا إذا
استويا كجد وابن ابن فكإرثهما إلا لمرجح - كوالد وولد (فعلى ولده لترجحه، بـ:
«أنت ومالك لأبيك») وفي الخانية: له أم وأبو أب فكإرثهما. وفي القنية: له
أم وأبو أم فعلى الأم، ولو له عم وأبو أم فعلى أبي الأم. واستشكله في البحر
بقولهم: له أم وعم فكإرثهما. قال: ولو له أم وعم وأبو أم هل تلزم الأم فقط
أم كالإرث؟ احتماله.
(و) تجب أيضا (لكل ذي رحم محرم صغير أو
أنثى) مطلقا (ولو) كانت الأنثى (بالغة) صحيحة (أو) كان الذكر
(بالغا) لكن (عاجزا) عن الكسب (بنحو زمانة) كعمى وعته وفلج، زاد في
الملتقى والمختار: أو لا يحسن الكسب لحرفة أو لكونه من ذوي البيوتات أو طالب
علم (فقيرا) حال من المجموع بحيث تحل له الصدقة ولو له منزل وخادم على الصواب
بدائع (بقدر الإرث) -: {وعلى الوارث مثل ذلك} - (و) لذا (يجير
عليه). ثم فرع على اعتبار الإرث بقوله (فنفقة من) أي فقير (له أخوات
متفرقات) موسرات (عليهن أخماسا) ولو إخوة متفرقين فسدسها على الأخ لأم
والباقي على الشقيق (كإرثه) وكذا لو كان معهن أو معهم ابن معسر؛ لأنه يجعل
كالميت ليصيروا ورثة، ولو كان مكانه بنت فنفقة الأب على الأشقاء فقط لإرثهم معها،
وعند التعدد يعتبر المعسرون أحياء، فيما يلزم المعسرين ثم يلزمهم الكل، كذي أم
وأخوات متفرقات، والأم والشقيقة موسرتان فالنفقة عليهما أرباعا. (والمعتبر
فيه) أي الرحم المحرم (أهلية الإرث لا حقيقته) إذ لا يتحقق إلا بعد الموت،
فنفقة من له خال وابن عم على الخال؛ لأنه محرم؛ ولو استويا في المحرمية كعم وخال
رجح الوارث للحال ما لم يكن معسرا فيجعل كالميت. وفي القنية: يجبر الأبعد إذا
غاب الأقرب. وفي السراج: معسر له زوجة ولزوجته أخ موسر أجبر أخوها على نفقتها
ويرجع به على الزوج إذا أيسر. ا هـ. وفيه النفقة إنما هي على من رحمه كامل،
ولذا قال القهستاني: قولهم وابن العم فيه نظر؛ لأنه ليس بمحرم، والكلام في ذي
الرحم المحرم فافهم. -
(ولا نفقة) بواجبة (مع الاختلاف دينا
إلا للزوجة والأصول والفروع) علوا أو سفلوا (الذميين) لا الحربيين ولو
مستأمنين لانقطاع الإرث (يبيع الأب)؛ لأن له ولاية التصرف (لا الأم) ولا
بقية أقاربه ولا القاضي إجماعا (عرض ابنه) الكبير الغائب لا الحاضر إجماعا
(لا عقاره) فيبيع عقار صغير ومجنون اتفاقا للنفقة له ولزوجته وأطفاله كما في
النهر بحثا. بقدر حاجته لا فوقها (ولا في دين له سواها) لمخالفة دين النفقة
لسائر الديون (ضمن) قضاء لا ديانة (مودع الابن) كمديونه (لو أنفق
الوديعة على أبويه) وزوجته وأطفاله (بغير أمر) مالك (أو قاض) إن كان
وإلا فلا ضمان استحسانا كما لا رجوع، وكما لو انحصر إرثه في المدفوع إليه؛ لأنه
وصل إليه عين حقه..
(و) الأبوان (لو أنفقا ما عندهما)
لغائب (من ماله على أنفسهما وهو من جنسه) أي جنس النفقة (لا) لا يضمنان
لوجوب نفقة الولاد والزوجية قبل القضاء؛ حتى لو ظفر بجنس حقه فله أخذه، ولذا فرضت
من مال الغائب بخلاف بقية الأقارب. ولو قال الابن أنفقته وأنت موسر وكذبه الأب
حكم الحاكم يوم الخصومة، ولو برهنا فبينة الابن خلاصة.
(قضى بنفقة
غير الزوجة) زاد الزيلعي والصغير (ومضت مدة) أي شهر فأكثر (سقطت) لحصول
الاستغناء فيما مضى، وأما ما دون شهر ونفقة الزوجة والصغير فتصير دينا بالقضاء
(إلا أن يستدين) غير الزوجة (بأمر قاض) فلو لم يستدن بالفعل فلا رجوع، بل
في الذخيرة: لو أكل أطفاله من مسألة الناس فلا رجوع لأمهم؛ ولو أعطوا شيئا
واستدانت شيئا أو أنفقت من مالها رجعت بما زادت خانية (وينفق منها) عزاه في
البحر للمبسوط، لكن نظر فيه في النهر بأنه لا أثر لإنفاقه بما استدانه حتى لو
استدان وأنفق من غيره ووفى مما استدانه لم تسقط أيضا. ا هـ. (فلو مات
الأب) أو من عليه النفقة (بعدها) أي الاستدانة المذكورة (فهي) أي
النفقة (دين) ثابت (في تركته في الصحيح) بحر، ثم نقل عن البزازية تصحيح
ما يخالفه، ونقله المصنف عن الخلاصة قائلا: ولو لم ترجع حتى مات لم تأخذها من
تركته هو الصحيح ا هـ ملخصا، فتأمل. وفي البدائع: الممتنع من نفقة القريب
المحرم يضرب ولا يحبس لفواتها بمضي الزمن فيستدرك بالضرب، - وقيده في النهر بحثا
بما فوق الشهر لعدم سقوط ما دونه كما مر، ولا يصح الأمر بالاستدانة ليرجع عليه
بعد بلوغه.
(و) تجب النفقة بأنواعها (لمملوكه) منفعة، وإن
لم يملكه رقبة كموصى بخدمته. وفي القنية: نفقة المبيع على البائع ما دام في
يده، هو الصحيح. واستشكله في البحر بأنه لا ملك له رقبة ولا منفعة، فينبغي أن
تلزم المشتري (فإن امتنع فهي في كسبه) إن قدر بأن كان صحيحا، ولو غير عارف
بصناعة فيؤجر نفسه كمعين البناء بحر (وإلا) ككونه زمنا أو جارية (لا)
يؤجر مثلها (أمره القاضي ببيعه) وقالا يبيعه القاضي وبه يفتى (إن محلا
له) وإلا كمدبر وأم ولد ألزم بالإنفاق لا غير. (عبد لا ينفق عليه مولاه
أكل) أو أخذ من مال مولاه (قدر كفايته بلا رضاه عاجزا عن الكسب) أو لم يأذن
له فيه (وإلا لا) يأكل، كما لو قتر عليه مولاه لا يأكل منه بل يكتسب إن قدر
مجتبى. وفيه: تنازعا في عبد أو دابة في أيديهما يجبران على نفقته.
(نفقة
العبد المغصوب على الغاصب إلى أن يرده إلى مالكه، فإن طلب) الغاصب (من القاضي
الأمر بالنفقة أو البيع لا يجيبه)؛ لأنه مضمون عليه (و) لكن (إن خاف)
القاضي (على العبد الضياع باعه القاضي لا الغاصب وأمسك) القاضي (ثمنه
لمالكه وطلب المودع) أو آخذ الآبق أو أحد شريكي عبد غاب أحدهما (من القاضي
الأمر بالنفقة على عبد الوديعة) ونحوها (لا يجيبه) لئلا تأكله النفقة (بل
يؤجره وينفق منه أو يبيعه ويحفظ ثمنه لمولاه) دفعا للضرر، والنفقة على الآجر
والراهن والمستعير. وأما كسوته فعلى المعير، وتسقط بعتقه ولو زمنا، وتلزم بيت
المال خلاصة. (دابة مشتركة بين اثنين امتنع أحدهما من الإنفاق أجبره
القاضي) لئلا يتضرر شريكه جوهرة. وفيها (ويؤمر) إما بالبيع وإما
(بالإنفاق على بهائمه ديانة لا قضاء على) ظاهر (المذهب) للنهي عن تعذيب
الحيوان وإضاعة المال. وعن الثاني يجبر ورجحه الطحاوي والكمال، وبه قالت الأئمة
الثلاثة. ولا يجبر في غير الحيوان وإن كره تضييع المال ما لم يكن له شرك كما
مر. قلت: وفي الجوهرة: وإن كان العبد مشتركا فامتنع أحدهما أنفق الثاني
ورجع عليه. ونقل المصنف تبعا للبحر عن الخلاصة: أنفق الشريك على العبد في
غيبة شريكه بلا إذن الشريك أو القاضي فهو متطوع، وكذا النخيل والزرع الوديعة
واللقطة والدار المشتركة إذا استرمت، والله أعلم.