الكتاب: الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار
المؤلف: محمد بن علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن الحنفي الحصكفي (ت ١٠٨٨ هـ)
التصنيف الفرعي للكتاب: الفقه علي المذهب الحنفي
المحتويات
كتاب الوقف
مناسبته للشركة إدخال غيره معه في ماله، غير أن ملكه باق فيها لا
فيه. (هو) لغة الحبس. وشرعا (حبس العين على) حكم (ملك الواقف
والتصدق بالمنفعة) ولو في الجملة، والأصح أنه (عنده) جائز غير لازم
كالعارية (وعندهما هو حبسها على) حكم (ملك الله تعالى وصرف منفعتها على من
أحب) ولو غنيا فيلزم، فلا يجوز له إبطاله ولا يورث عنه وعليه الفتوى ابن الكمال
وابن الشحنة
(وسببه إرادة محبوب النفس) في الدنيا ببر الأحباب وفي
الآخرة بالثواب يعني بالنية من أهلها؛ لأنه مباح بدليل صحته من الكافر
وقد
يكون واجبا بالنذر فيتصدق بها أو بثمنها، ولو وقفها على من لا تجوز له الزكاة جاز
في الحكم وبقي نذره وبهذا عرف صفته وحكمه ما مر في تعريفه
(ومحله
المال المتقوم)
(وركنه الألفاظ الخاصة ك) أرضي هذه (صدقة
موقوفة مؤبدة على المساكين ونحوه) من الألفاظ كموقوفة لله تعالى أو على وجه
الخير أو البر واكتفى أبو يوسف بلفظ موقوفة فقط قال الشهيد ونحن نفتي به للعرف
(وشرطه
شرط سائر التبرعات) كحرية وتكليف (وأن يكون) قربة في ذاته معلوما
(منجزا) لا معلقا إلا بكائن، ولا مضافا، ولا موقتا ولا بخيار شرط، ولا ذكر
معه اشتراط بيعه وصرف ثمنه، فإن ذكره بطل وقفه بزازية.
وفي الفتح:
لو وقف المرتد فقتل أو مات أو ارتد المسلم بطل وقفه، ولا يصح وقف مسلم أو ذمي على
بيعة أو حربي قيل أو مجوسي، وجاز على ذمي لأنه قربة حتى لو قال على أن من أسلم من
ولده أو انتقل إلى غير النصرانية فلا شيء له لزم شرطه على المذهب
(والملك
يزول) عن الموقوف بأربعة بإفراز مسجد كما سيجيء و (بقضاء القاضي) لأنه
مجتهد فيه، وصورته: أن يسلمه إلى المتولي ثم يظهر الرجوع معين المفتي معزيا
للفتح (المولى من قبل السلطان) لا المحكم وسيجيء أن البينة تقبل بلا دعوى، ثم
هل القضاء بالوقف قضاء على الكافة، فلا تسمع فيه دعوى ملك آخر، ووقف آخر أم لا
فتسمع أفتى أبو السعود مفتي الروم بالأول وبه جزم في المنظومة المحبية ورجحه
المصنف صونا عن الحيل لإبطاله، لكنه نقل بعده عن البحر أن المعتمد الثاني وصححه
في الفواكه البدرية وبه أفتى المصنف.
(أو بالموت إذا علق به) أي
بموته كإذا مت فقد وقفت داري على كذا فالصحيح أنه كوصية تلزم من الثلث بالموت لا
قبله. قلت: ولو لوارثه وإن ردوه لكنه يقسم كالثلثين فقول البزازية إنه إرث أي
حكما فلا خلل في عبارته فاعتبروا الوارث بالنظر للغلة والوصية، وإن ردوا بالنظر
للغير وإن لم تنفذ لوارثه لأنها لم تتمحض له بل لغيره بعده فافهم
(أو
بقوله وقفتها في حياتي وبعد وفاتي مؤبدا) فإنه جائز عندهم، لكن عند الإمام ما
دام حيا هو نذر بالتصدق بالغلة فعليه الوفاء وله الرجوع، ولو لم يرجع حتى مات جاز
من الثلث. قلت: ففي هذين الأمرين له الرجوع ما دام حيا غنيا أو فقيرا بأمر
قاض أو غيره شرنبلالية، فقول الدرر لو افتقر يفسخه القاضي لو غير مسجل منظور
فيه
(ولا يتم) الوقف (حتى يقبض) لم يقل للمتولي لأن تسليم كل
شيء بما يليق به ففي المسجد بالإفراز وفي غيره بنصب المتولي وبتسليمه إياه ابن
كمال (ويفرز) فلا يجوز وقف مشاع يقسم خلافا للثاني (ويجعل آخره لجهة)
قربة (لا تنقطع) هذا بيان شرائطه الخاصة على قول محمد، لأنه كالصدقة، وجعله
أبو يوسف كالإعتاق واختلف الترجيح، والأخذ بقول الثاني أحوط وأسهل بحر وفي الدرر
وصدر الشريعة وبه يفتى وأقره المصنف.
(وإذا وقته) بشهر أو سنة
(بطل) اتفاقا درر وعليه فلو وقف على رجل بعينه عاد بعد موته لورثة الواقف به
يفتي فتح. قلت: وجزم في الخانية بصحة الموقوف مطلقا فتنبه وأقره
الشرنبلالي
(فإذا تم ولزم لا يملك ولا يملك ولا يعار ولا يرهن)
فبطل شرط واقف الكتب، الرهن شرط كما في التدبير ولو سكنه المشتري أو المرتهن ثم
بان أنه وقف أو الصغير لزم أجر المثل قنية.
(ولا يقسم) بل
يتهايئون (إلا عندهما) فيقسم المشاع وبه أفتى قارئ الهداية و غيره (إذا
كانت) القسمة (بين الواقف و) شريكه (المالك) أو لواقف الآخر أو ناظره
إن اختلفت جهة وقفهما قارئ الهداية، ولو وقف نصف عقار كله له فالقاضي يقسمه مع
الواقف صدر الشريعة وابن الكمال، وبعد موته لورثته ذلك فيفرز القاضي الوقف من
الملك، ولهم بيعه به أفتى قارئ الهداية واعتمده في المنظومة المحبية (لا
الموقوف عليهم) فلا يقسم الوقف بين مستحقيه إجماعا درر وكافي وخلاصة وغيرها لأن
حقهم ليس في العين وبه جزم ابن نجيم في فتاواه، وفي فتاوى قارئ الهداية هذا هو
المذهب، وبعضهم جوز ذلك، ولو سكن بعضهم ولم يجد الآخر موضعا يكفيه فليس له أجرة
ولا له أن يقول أنا أستعمل بقدر ما استعملته لأن المهايأة إنما تكون بعد الخصومة
قنية نعم لو استعمله كله أحدهم بالغلبة بلا إذن الآخر، لزمه أجر حصة شريكه، ولو
وقفا على سكناهما بخلاف الملك المشترك ولو معدا للإجارة قنية. قلت: ولو بعضه
ملك وبعضه وقف ويأتي في الغصب.
(ويزول ملكه عن المسجد والمصلى)
بالفعل و (بقوله جعلته مسجدا) عند الثاني (وشرط محمد) والإمام (الصلاة
فيه) بجماعة وقيل: يكفي واحد وجعله في الخانية ظاهر الرواية.
[فرع]
أراد
أهل المحلة نقض المسجد وبناءه أحكم من الأول أن الباني من أهل المحلة لهم ذلك
وإلا لا بزازية.
(وإذا جعل تحته سردابا لمصالحه) أي المسجد
(جاز) كمسجد القدس (ولو جعل لغيرها أو) جعل (فوقه بيتا وجعل باب المسجد
إلى طريق وعزله عن ملكه لا) يكون مسجدا.
(وله بيعه ويورث عنه)
خلافا لهما (كما لو جعل وسط داره مسجدا وأذن للصلاة فيه) حيث لا يكون مسجدا
إلا إذا شرط الطريق زيلعي..
[فرع]
لو بنى فوقه
بيتا للإمام لا يضر لأنه من المصالح، أما لو تمت المسجدية ثم أراد البناء منع ولو
قال عنيت ذلك لم يصدق تتارخانية، فإذا كان هذا في الواقف فكيف بغيره فيجب هدمه
ولو على جدار المسجد، ولا يجوز أخذ الأجرة منه ولا أن يجعل شيئا منه مستغلا ولا
سكنى بزازية.
(ولو خرب ما حوله واستغني عنه يبقى مسجدا عند الإمام
والثاني) أبدا إلى قيام الساعة (وبه يفتي) حاوي القدسي (وعاد إلى
الملك) أي ملك الباني أو ورثته (عند محمد) وعن الثاني ينقل إلى مسجد آخر
بإذن القاضي (ومثله) في الخلاف المذكور (حشيش المسجد وحصره مع الاستغناء
عنهما و) كذا (الرباط والبئر إذا لم ينتفع بهما فيصرف وقف المسجد والرباط
والبئر) والحوض (إلى أقرب مسجد أو رباط أو بئر) أو حوض (إليه) تفريع
على قولهما درر وفيها: وقف ضيعة على الفقراء وسلمها للمتولي ثم قال لوصيه:
أعط من غلتها فلانا كذا وفلانا كذا لم يصح لخروجه عن ملكه بالتسجيل فلو قبله
صح. قلت: لكن سيجيء معزيا لفتاوى مؤيد زاده أن للواقف الرجوع في الشروط، ولو
مسجلا
(اتحد الواقف والجهة وقل مرسوم بعض الموقوف عليه) بسبب خراب
وقف أحدهما (جاز للحاكم أن يصرف من فاضل الوقف الآخر عليه) لأنهما حينئذ كشيء
واحد.
(وإن اختلف أحدهما) بأن بنى رجلان مسجدين أو رجل مسجدا
ومدرسة ووقف عليهما أوقافا (لا) يجوز له ذلك
(ولو وقف العقار
ببقره وأكرته) بفتحتين عبيده الحراثون (صح) استحسانا تبعا للعقار
وجاز
وقف القن على مصالح الرباط خلاصة ونفقته وجنايته في مال الوقف، ولو قتل عمدا لا
قود فيه بزازية بل تجب قيمته ليشتري بها بدله.
(ك) ما صح وقف
(مشاع قضي بجوازه) لأنه مجتهد فيه، فللحنفي المقلد أن يحكم بصحة وقف المشاع
وبطلانه لاختلاف الترجيح
وإذا كان في المسألة قولان مصححان جاز
الإفتاء والقضاء بأحدهما بحر ومصنف.
(و) كما صح أيضا وقف كل
(منقول) قصدا (فيه تعامل) للناس (كفأس وقدوم) بل (ودراهم
ودنانير). قلت: بل ورد الأمر للقضاة بالحكم به كما في معروضات المفتي أبي
السعود ومكيل وموزون فيباع ويدفع ثمنه مضاربة أو بضاعة فعلى هذا لو وقف كرا على
شرط أن يقرضه لمن لا بذر له ليزرعه لنفسه فإذا أدرك أخذ مقداره ثم أقرضه لغيره
وهكذا جاز خلاصة، وفيها: وقف بقرة على أن ما خرج من لبنها أو سمنها للفقراء إن
اعتادوا ذلك رجوت أن يجوز (وقدر وجنازة) وثيابها ومصحف وكتب لأن التعامل يترك
به القياس لحديث: «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن» بخلاف ما لا تعامل
فيه كثياب، ومتاع وهذا قول محمد وعليه الفتوى اختيار وألحق في البحر السفينة
بالمتاع.
وفي البزازية: جاز وقف الأكسية على الفقراء فتدفع إليهم
شتاء ثم يردونها بعده.
وفي الدرر وقف مصحفا على أهل مسجد للقراءة إن
يحصون جاز وإن وقف على المسجد جاز ويقرأ فيه، ولا يكون محصورا على هذا المسجد وبه
عرف حكم نقل كتب الأوقاف من محلها للانتفاع بها والفقهاء بذلك مبتلون فإن وقفها
على مستحقي وقفه لم يجز نقلها وإن على طلبة العلم وجعل مقرها في خزانته التي في
مكان كذا ففي جواز النقل تردد نهر
(ويبدأ من غلته بعمارته) ثم ما
هو أقرب لعمارته كإمام مسجد ومدرس مدرسة يعطون بقدر كفايتهم ثم السراج والبساط
كذلك إلى آخر المصالح وتمامه في البحر (وإن لم يشترط الوقف) لثبوته اقتضاء
وتقطع
الجهات للعمارة إن لم يخف ضرر بين فتح، فإن خيف كإمام وخطيب وفراش قدموا فيعطى
المشروط لهم
وأما الناظر والكاتب والجابي، فإن عملوا زمن العمارة،
فلهم أجرة عملهم لا المشروط بحر: قال في النهر: وهو الحق خلافا لما في
الأشباه وفيها عن الذخيرة لو صرف الناظر لهم مع الحاجة إلى التعمير ضمن وهل يرجع
عليهم الظاهر لا لتعديه بالدفع
وما قطع للعمارة يسقط رأسا:
وفيها
لو شرط الواقف تقديم العمارة. ثم الفاضل للفقراء أو للمستحقين لزم الناظر إمساك
قدر العمارة كل سنة وإن لم يحتجه الآن لجواز أن يحدث حدث ولا غلة بخلاف ما إذا لم
يشترطه فليحفظ الفرق بين الشرط وعدمه.
وفي الوهبانية لو زاد المتولي
دانقا على أجر المثل ضمن الكل؛ لوقوع الإجارة له
وفي شرحها للشرنبلالي
عند قوله: ويدخل في وقف المصالح قيم إمام خطيب والمؤذن يعبر الشعائر التي تقدم
شرط أم لم يشترط بعد العمارة هي إمام وخطيب ومدرس ووقاد وفراش ومؤذن وناظر، وثمن
زيت وقناديل وحصر وماء وضوء وكلفة نقله للميضأة فليس مباشر وشاهد، وشاد، وجاب،
وخازن وكتب من الشعائر، فتقييدهم في دفتر المحاسبات ليس بشرعي ويقع الاشتباه في
بواب ومزملاتي قاله في البحر. قلت: ولا تردد في تقديم بواب ومزملاتي وخادم
مطهرة انتهى. قلت: إنما يكون المدرس من الشعائر لو مدرس المدرسة كما مر، أما
مدرس الجامع فلا لأنه لا يتعطل لغيبته بخلاف المدرسة حيث تقفل أصلا.
وهل
يأخذ أيام البطالة كعيد ورمضان لم أره وينبغي إلحاقه ببطالة القاضي. واختلفوا
فيها والأصح أنه يأخذ؛ لأنها للاستراحة أشباه من قاعدة العادة محكمة، وسيجيء ما
لو غاب فليحفظ.
(ولو) كان الموقوف (دارا فعمارته على من له
السكنى) ولو متعددا من ماله لا من الغلة إذ الغرم بالغنم درر.
(ولم
يزد في الأصح) يعني إنما تجب العمارة عليه بقدر الصفة التي وقفها الواقف
(ولو
أبى) من له السكنى (أو عجز) لفقره (عمر الحاكم) أي آجرها الحاكم منه أو
من غيره وعمرها (بأجرتها) كعمارة الواقف ولم يزد في الأصح إلا برضا من له
السكنى زيلعي. ولا يجبر الآبي على العمارة.
ولا تصح إجارة من له
السكنى بل المتولي أو القاضي
(ثم ردها) بعد التعمير (إلى من له
السكنى) رعاية للحقين فلا عمارة على من له الاستغلال لأنه لا سكنى له فلو سكن
هل تلزمه الأجرة؟ الظاهر لا لعدم الفائدة إلا إذا احتيج للعمارة، فيأخذها
المتولي ليعمر بها ولو هو المتولي ينبغي أن يجبره القاضي على عمارته مما عليه من
الأجرة فإن لم يفعل نصب متوليا ليعمرها
ولو شرط الواقف غلتها له
ومؤنتها عليه صحا
وهل يجبر على عمارتها؟ الظاهر: لا نهر
وفي
الفتح: لو لم يجد القاضي من يستأجرها لم أره وخطر لي أنه يخيره بين أن يعمرها
أو يردها لورثة الواقف. قلت: فلو هو الوارث لم أره.
وفي فتاوى
قارئ الهداية ما يفيد استبداله أو رد ثمنه للورثة أو للفقراء
(وصرف)
الحاكم أو المتولي حاوي (نقضه) أو ثمنه إن تعذر إعادة عينه (إلى عمارته إن
احتاج وإلا حفظه له ليحتاج) إلا إذا خاف ضياعه فيبيعه ويمسك ثمنه ليحتاج
حاوي.
(ولا يقسم) النقض أو ثمنه (بين مستحق الوقف) لأن حقهم
في المنافع لا العين
(جعل شيء) أي جعل الباني شيئا (من الطريق
مسجدا) لضيقه ولم يضر بالمارين (جاز) لأنهما للمسلمين (كعكسه) أي كجواز
عكسه وهو ما إذا جعل في المسجد ممر لتعارف أهل الأمصار في الجوامع.
وجاز
لكل أحد أن يمر فيه حتى الكافر إلا الجنب والحائض والدواب زيلعي
(كما
جاز جعل) الإمام (الطريق مسجدا لا عكسه) لجواز الصلاة في الطريق لا المرور
في المسجد
(تؤخذ أرض) ودار وحانوت (بجنب مسجد ضاق على الناس
بالقيمة كرها) درر وعمادية.
(جعل) الواقف (الولاية لنفسه
جاز) بالإجماع، وكذا لو لم يشترط لأحد فالولاية له عند الثاني. وهو ظاهر
المذهب نهر، خلافا لما نقله المصنف، ثم لوصيه إن كان وإلا فللحاكم فتاوى ابن نجيم
وقارئ الهداية وسيجيء
(وينزع) وجوبا بزازية (لو) الواقف درر
فغيره بالأولى (غير مأمون) أو عاجزا أو ظهر به فسق كشرب خمر ونحوه فتح، أو
كان يصرف ماله في الكيمياء نهر بحثا
(وإن شرط عدم نزعه) أو أن لا
ينزعه قاض ولا سلطان لمخالفته لحكم الشرع فيبطل كالوصي
فلو مأمونا لم
تصح تولية غيره أشباه
(وجاز جعل غلة الوقف) أو الولاية (لنفسه
عند الثاني) وعليه الفتوى
(و) جاز (شرط الاستبدال به) أرضا
أخرى حينئذ (أو) شرط (بيعه ويشتري بثمنه أرضا أخرى إذا شاء فإذا فعل صارت
الثانية كالأولى في شرائطها وإن لم يذكرها ثم لا يستبدلها) بثالثة لأنه حكم ثبت
بالشرط والشرط وجد في الأولى لا الثانية (وأما) الاستبدال ولو للمساكين آل
(بدون الشرط فلا يملكه إلا القاضي) درر
وشرط في البحر خروجه على
الانتفاع بالكلية وكون البدل عقارا والمستبدل قاضي الجنة المفسر بذي العلم
والعمل، وفي النهر أن المستبدل قاضي الجنة فالنفس به مطمئنة فلا يخشى ضياعه ولو
بالدراهم والدنانير
وكذا لو شرط عدمه وهي إحدى المسائل السبع التي
يخالف فيها شرط الواقف كما بسطه في الأشباه وزاد ابن المصنف في زواهره ثامنة وهي
إذا نص الواقف ورأى الحاكم ضم مشارف جاز كالوصي وعزاها لأنفع الوسائل وفيها لا
يجوز استبدال العامر إلا في الأربع قلت: لكن في معروضات المفتي أبي السعود أنه
في سنة إحدى وخمسين وتسعمائة ورد الأمر الشريف بمنع استبداله، وأمر أن يصير بإذن
السلطان تبعا لترجيح صدر الشريعة انتهى فليحفظ.
وفيها أيضا لو شرط
الواقف العزل والنصب وسائر التصرفات لمن يتولى من أولاده ولا يداخلهم أحد من
القضاة والأمراء وإن داخلوهم فعليهم لعنة الله هل يمكن مداخلتهم؟ فأجاب: بأنه
في سنة أربع وأربعين وتسعمائة قد حررت هذه الوقفيات المشروطة هكذا فالمتولون لو
من الأمراء يعرضون للدولة العلية على مقتضى الشرع ومن دونهم رتبة يعرض بآرائهم مع
قضاة البلاد على مقتضى المشروع من المواد لا يخالف القضاة المتولين ولا المتولون
القضاة بهذا ورد الأمر الشريف فالواقفون لو أرادوا أي فساد صدر يصدر وإذا داخلهم
القضاة والأمراء فعليهم اللعنة فهم الملعونون لما تقرر أن الشرائط المخالفة للشرع
جميعها لغو وباطل انتهى فليحفظ.
(بنى على أرض ثم وقف البناء)
قصدا (بدونها أن الأرض مملوكة لا يصح وقيل صح وعليه الفتوى). سئل قارئ
الهداية عن وقف البناء والغراس بلا أرض؟ فأجاب: الفتوى على صحته ذلك ورجحه
شارح الوهبانية وأقره المصنف معللا بأنه منقول فيه تعامل فيتعين به الإفتاء
(وإن موقوفة على ما عين البناء له جاز) تبعا (إجماعا، وإن) الأرض (لجهة
أخرى فمختلف فيه) والصحيح الصحة كما في المنظومة المحبية..
وسئل
ابن نجيم عن وقف الأشجار بلا أرض؟ فأجاب: يصح لو الأرض وقفا، ولو لغير
الواقف.
وسئل أيضا عن البناء والغراس في الأرض المحتكرة هل يجوز
بيعه ووقفه وهل يجوز وقف العين المرهونة أو المستأجرة؟ فأجاب نعم. وفي
البزازية: لا يجوز وقف البناء في أرض عارية أو إجارة
وأما الزيادة
في الأرض المحتكرة ففي المنية حانوت لرجل في أرض وقف فأبى صاحبه أن يستأجر الأرض
بأجر المثل أن العمارة لو رفعت تستأجر بأكثر مما استأجره، أمر برفع العمارة،
وتؤجر لغيره وإلا تترك في يده بذلك الأجر، ومثله في البحر وفيه لو زيد عليه أن
إجارته مشاهرة تفسخ عند رأس الشهر، ثم إن ضر رفع البناء لم يرفع وإن لم يضر رفع
أو يتملكه القيم برضا المستأجر فإن لم يرض تبقى إلى أن يخلص ملكه محيط، بقي لو
إجارته مسانهة أو مدة طويلة والظاهر أنه لا تقبل الزيادة دفعا للضرر عليه ولا ضرر
على الوقف؛ لأن الزيادة إنما كانت بسبب البناء لا الزيادة في نفس الأرض
انتهى..
وأما وقف الإقطاعات ففي النهر: لا يجوز إلا إذا كانت
الأرض مواتا أو ملكا للإمام فأقطعها رجلا قال: وأغلب أوقاف الأمراء بمصر إنما
هو إقطاعات يجعلونها مشتراة صورة من وكيل بيت المال
وفي الوهبانية ولو
وقف السلطان من بيت مالنا لمصلحة عمت يجوز ويؤجر. قلت: وفي شرحها للشرنبلالي
وكذا يصح إذنه بذلك إن فتحت عنوة لا صلحا لبقاء ملك مالكها قبل الفتح
(أطلق)
القاضي (بيع الوقف غير المسجل لوارث الواقف فباع صح) وكان حكما ببطلان الوقف
لعدم تسجيله حتى لو باعه الواقف أو بعضه أو رجع عنه ووقفه لجهة أخرى، وحكم
بالثاني قبل الحكم بلزوم الأول صح الثاني لوقوعه في محل الاجتهاد كما حققه المصنف
وأفتى به تبعا لشيخه وقارئ الهداية والمنلا أبي السعود. قلت: لكن حمله في
النهر القاضي المجتهد فراجعه
(لو) أطلق القاضي البيع (لغيره)
أي غير الوارث (لا) يصح بيعه لأنه إذا بطل عاد إلى ملك الوارث وبيع ملك الغير
لا يجوز درر يعني بغير طريق شرعي لما في العمادية باع القيم الوقف بأمر القاضي
ورأيه جاز..
قلت: وأما المسجل لو انقطع ثبوته وأراد أولاد
الواقف إبطاله فقال المفتي أبو السعود في معروضاته قد منع القضاة من استماع هذه
الدعوى انتهى فليحفظ.
(الوقف في مرض موته كهبة فيه) من الثلث مع
القبض (فإن خرج) الوقف (من الثلث أو أجازه الوارث نفذ في الكل وإلا بطل في
الزائد على الثلث) ولو أجاز البعض جاز بقدره.
وبطل وقف راهن معسر
ومريض مديون بمحيط بخلاف صحيح لو قبل الحجر فإن شرط وفاء دينه من غلته صح وإن لم
يشترط يوفى من الفاضل عن كفايته بلا سرف ولو وقفه على غيره فغلته لمن جعله له
خاصة فتاوى ابن نجيم. قلت: قيد بمحيط لأن غير المحيط يجوز في ثلث ما بقي بعد
الدين لو له ورثة وإلا ففي كله، فلو باعها القاضي ثم ظهر مال شرى به أرضا بدلها
وتمامه في الإسعاف في باب وقف المريض وفي الوهبانية: وإن وقف المرهون فافتكه
يجز فإن مات عن عين تفي لا يغير أي وإلا فيبطل أو للعلة يمهل فليتأمل. قلت:
لكن في معروضات المفتي أبي السعود سئل عمن وقف على أولاده وهرب من الديون هل
يصح: فأجاب: لا يصح ولا يلزم والقضاة ممنوعون من الحكم وتسجيل الوقف بمقدار
ما شغل بالدين انتهى فليحفظ.
(الوقف) على ثلاثة أوجه (إما
للفقراء أو للأغنياء ثم الفقراء أو يستوي فيه الفريقان كرباط وخان ومقابر وسقايات
وقناطر ونحو ذلك) كمساجد وطواحين وطست لاحتياج الكل لذلك بخلاف الأدوية فلم يجز
لغني بلا تعميم أو تنصيص فيدخل الأغنياء تبعا للفقراء قنية.
[فرع]
أقر
بوقف صحيح وبأنه أخرجه من يده ووارثه يعلم خلافه جاز الوقف ولا تسمع دعوى وارثه
قضاء درر، وفي الوهبانية: وتبطل أوقاف امرئ بارتداده. فحال ارتداد منه لا وقف
أجدر.
فصل [في مراعاة شرط الواقف في إجارته]
فلم يزد القيم بل القاضي لأن له ولاية النظر لفقير وغائب وميت
(فلو أهمل الواقف مدتها قيل تطلق) الزيادة للقيم (وقيل تقيد بسنة) مطلقا
(وبها) أي بالسنة (يفتى في الدار وبثلاث سنين في الأرض) إلا إذا كانت
المصلحة بخلاف ذلك وهذا مما يختلف زمانا وموضعا وفي البزازية: لو احتيج لذلك
يعقد عقودا فيكون العقد الأول لازما لأنه ناجز والثاني لا لأنه مضاف. قلت:
لكن قال أبو جعفر الفتوى على إبطال الإجارة الطويلة ولو بعقود ذكره الكرماني في
الباب التاسع عشر وأقره قدري أفندي وسيجيء في الإجارة.
(ويؤجر)
بأجر (المثل) ف (لا) يجوز (بالأقل) ولو هو المستحق قارئ الهداية إلا
بنقصان يسير أو إذا لم يرغب فيه إلا بأقل أشباه (فلو رخص أجره) بعد العقد
(لا يفسخ العقد) للزوم الضرر (ولو زاد) أجره (على أجر مثله قيل يعقد
ثانيا به على الأصح) في الأشباه ولو زاد أجر مثله في نفسه بلا زيادة أحد
فللمتولي فسخها به يفتى وما لم يفسخ فله المسمى (وقيل لا) يعقد به ثانيا
(كزيادة) واحد (تعنتا) فإنها لا تعتبر وسيجيء في الإجارة (والمستأجر
الأول أولى من غيره إذا قبل الزيادة والموقوف عليه الغلة) أو السكنى
(لا
يملك الإجارة) ولا الدعوى لو غصب منه الوقف (إلا بتولية) أو إذن قاض ولو
الوقف على رجل معين على ما عليه الفتوى عمادية لأن حقه في الغلة لا العين وهل
يملك السكنى من يستحق الريع في الوهبانية لا وفي شرحها للشرنبلالي والتحرير
نعم
(و) الموقوف (إذا آجره المتولي بدون أجر المثل لزم
المستأجر) لا المتولي كما غلط فيه بعضهم (تمامه) أي تمام أجر المثل
(كأب) وكذا وصي خانية (أجر منزل صغيره بدونه) فإنه يلزم المستأجر تمامه
إذ ليس لكل منهما ولاية الحط والإسقاط وفي الأشباه عن القنية: أن القاضي يأمره
بالاستئجار بأجر المثل وعليه تسليم زود السنين الماضية، ولو كان القيم ساكتا مع
قدرته على الرفع للقاضي لا غرامة عليه، وإنما هي على المستأجر وإذا ظفر الناظر
بمال الساكن فله أخذ النقصان منه فيصرفه في مصرفه قضاء وديانة ا هـ فليحفظ.
قلت: وقيد بإجارة المتولي لما في غصب الأشباه لو آجر الغاصب ما منافعه مضمونة
من مال وقف أو يتيم أو معد فعلى المستأجر المسمى لا أجر المثل، وعلى الغاصب رد ما
قبضه لا غير لتأويل العقد انتهى فليحفظ.
(يفتى بالضمان في غصب
عقار الوقف وغصب منافعه) أو إتلافها كما لو سكن بلا إذن أو أسكنه المتولي بلا
أجر كان على الساكن أجر المثل، ولو غير معد للاستغلال به يفتى صيانة للوقف وكذا
منافع مال اليتيم درر (وكذا) يفتى (بكل ما هو أنفع للوقف فيما اختلف
العلماء فيه) حاوي القدسي، ومتى قضى بالقيمة شرى بها عقارا آخر فيكون وقفا بدل
الأول
(و) الذي (تقبل فيه الشهادة) حسبة (بدون الدعوى)
أربعة عشر: منها الوقف على ما في الأشباه لأن حكمه التصدق بالغلة وهو حق الله
تعالى. بقي لو الوقف على معينين هل تقبل بلا دعوى في الخانية ينبغي، لا اتفاقا
وفي شرح الوهبانية للشيخ حسن وهذا التفصيل هو المختار وفي التتارخانية إن هو حق
الله تعالى تقبل وإلا لا إلا بالدعوى فليحفظ.قلت: لكن بحث فيه ابن الشحنة،
ووافق المصنف بقبولها مطلقا لثبوت أصل الوقف لمآله للفقراء وباشتراط الدعوى لثبوت
الاستحقاق لما في الخانية لو كان ثمة مستحق ولم يدع لم يدفع له شيء من الغلة
وتصرف كلها للفقراء. قلت: ومفاده أنه لو ادعى استحق مع أنها لا تسمع منه على
المفتى به إلا بتولية كما مر فتدبر.
وفي الأشباه لنا شاهد حسبة في
أربعة عشر وليس لنا مدع حسبة إلا في دعوى الموقوف عليه أصل الوقف فإنها تسمع عند
البعض والمفتى به لا إلا التولية فإذا لم تسمع دعواه فالأجنبي أولى انتهى وقد مر
فتنبه.
(ويشترط) في دعوى الوقف (بيان الوقف) ولو الوقف
قديما (في الصحيح) بزازية لئلا يكون إثباتا للمجهول وفي العمادية تقبل.
(و) تقبل فيه (الشهادة على الشهادة وشهادة النساء مع الرجال والشهادة
بالشهرة) لإثبات أصله وإن صرحوا به أي بالسماع، في المختار ولو الوقف على
معينين حفظا للأوقاف القديمة عن الاستهلاك بخلاف غيره (لا) تقبل بالشهرة
(ل) لإثبات (شرائطه في الأصح) درر وغيرها لكن في المجتبى المختار قبولها
على شرائطه أيضا واعتمده في المعراج وأقره الشرنبلالي وقواه في الفتح بقولهم يسلك
بمنقطع الثبوت المجهولة شرائطه ومصارفه ما كان عليه في دواوين القضاة انتهى
وجوابه أن ذلك للضرورة والمدعى أعم بحر
(وبيان المصرف) كقولهم على
مسجد كذا (من أصله) لتوقف صحة الوقف عليه فتقبل بالتسامع (وبعض مستحقيه)
وكذا بعض الورثة ولا ثالث لهما كما في الأشباه. قلت: وكذا لو ثبت إعساره في
وجه أحد الغرماء كما سيجيء فتأمل وقالوا تقبل بينة الإفلاس لغيبة المدعي وكذا بعض
الأولياء المتساوين يثبت الاعتراض لكل كملا وكذا الأمان والقود وولاية المطالبة
بإزالة الضرر العام عن طريق المسلمين والتتبع يقتضي عدم الحصر ثم إنما ينتصب أحد
الورثة خصما عن الكل لو في دعوى دين لا عين ما لم تكن بيده فليحفظ. (ينتصب
خصما عن الكل) أي إذا كان وقف بين جماعة وواقفه واحد فلو أحد منهم أو وكيله
الدعوى على واحد منهم أو وكيله (وقيل لا) ينتصب فلا يصح القضاء إلا بقدر ما
في يد الحاضرين (وهذا) أي انتصاب بعضهم (إذا كان الأصل ثابتا وإلا فلا)
ينتصب أحد المستحقين خصما وتمامه في شرح الوهبانية.
(اشترى
المتولي بمال الوقف دارا) للوقف (لا تلحق بالمنازل الموقوفة ويجوز بيعها في
الأصح) لأن للزومه كلاما كثيرا ولم يوجد هاهنا.
(مات المؤذن
والإمام ولم يستوفيا وظيفتهما من الوقف سقط) لأنه كالصلة (كالقاضي وقيل لا)
يسقط لأنه كالأجرة كذا في الدرر قبل باب المرتد وغيرها قال المصنف ثمة: وظاهره
ترجيح الأول لحكاية الثاني بقيل. قلت: قد جزم في البغية تلخيص القنية بأنه
يورث بخلاف رزق القاضي كذا في وقف الأشباه ومغنم النهر ولو على الإمام دار وقف
فلم يستوف الأجرة حتى مات إن آجرها المتولي سقط وإن آجرها الإمام لا عمادية أخذ
الإمام الغلة وقت الإدراك، وذهب قبل تمام السنة لا يسترد منه غلة باقي السنة فصار
كالجزية وموت القاضي قبل الحول، ويحل للإمام غلة باقي السنة لو فقيرا وكذا الحكم
في طلبة العلم في المدارس درر. ونظم ابن الشحنة الغيبة المسقطة للمعلوم
المقتضية للعزل. ومنه: وما ليس بد منه إن لم يزد على ثلاث شهور فهو يعفى
ويغفر وقد أطبقوا لا يأخذ السهم مطلقا لما قد مضى والحكم في الشرع يسفر قلت:
وهذا كله في سكان المدرسة، وفي غير فرض الحج وصلة الرحم أما فيهما فلا يستحق
العزل والمعلوم كما في شرح الوهبانية للشرنبلالي في المنظومة المحبية: لا تجز
استنابة الفقيه لا ولا المدرس لعذر حصلا كذاك حكم سائر الأرباب أو لم يكن عذر فذا
من باب والمتولي لو لوقف أجرا لكنه في صكه ما ذكرا من أي جهة تولى الوقفا ما
جوزوا ذلك حيث يلفى ومثله الوصي إذ يختلف حكمهما في ذا على ما يعرف بحسب التقليد
والنصب فقس كل التصرفات كي لا تلتبس قلت: لكن للسيوطي رسالة سماها الضبابة في
جواز الاستنابة، ونقل الإجماع على ذلك فليحفظ.
(ولاية نصب القيم
إلى الواقف ثم لوصيه) لقيامه مقامه ولو جعله على أمر الوقف فقط كان وصيا في كل
شيء خلافا للثاني ولو جعل النظر لرجل ثم جعل آخر وصيا كانا ناظرين ما لم يخصص،
وتمامه في الإسعاف فلو وجد كتابا وقف في كل اسم متول وتاريخ الثاني متأخر اشتركا
بحر.
[فرع في طالب التولية]
طالب التولية لا يولى
إلا المشروط له النظر لأنه مولى فيريد التنفيذ نهر
(ثم) إذا مات
المشروط له بعد موت الواقف ولم يوص لأحد فولاية النصب (للقاضي) إذ لا ولاية
لمستحق إلا بتولية كما مر (وما دام أحد يصلح للتولية من أقارب الواقف لا يجعل
المتولي من الأجانب) لأنه أشفق ومن قصده نسبة الوقف إليهم
(أراد
المتولي إقامة غيره مقامه في حياته) وصحته (إن كان التفويض له) بالشرط
(عاما صح) ولا يملك عزله إلا إذا كان الواقف جعل له التفويض والعزل
(وإلا) فإن فوض في صحته (لا) يصح وإن في مرض موته صح وينبغي أن يكون له
العزل والتفويض إلى غيره كالإيصاء أشباه. قال: وسئلت عن ناظر معين بالشرط ثم
من بعده للحاكم فهل إذا فوض النظر لغيره ثم مات ينتقل للحاكم؟ فأجبت: إن فوض
في صحته فنعم، وإن في مرض موته لا ما دام المفوض له باقيا لقيامه مقامه، وعن واقف
شرط مرتبا لرجل معين، ثم من بعده للفقراء ففرغ منه لغيره ثم مات هل ينتقل
للفقراء؟ فأجبت: بالانتقال وفيها للواقف عزل الناظر مطلقا، به يفتى، ولم أر
حكم عزله لمدرس وإمام ولاهما، ولو لم يجعل ناظرا فنصب القاضي لم يملك الواقف
إخراجه، ولو عزل الناظر نفسه إن علم الواقف أو القاضي صح وإلا لا.
(باع
دارا) ثم باعها المشتري من آخر (ثم ادعى أني كنت وقفتها أو قال وقف علي لم
تصح) فلا يحلف المشتري (ولو أقام بينة) أو أبرز حجة شرعية (قبلت) فيبطل
البيع ويلزم أجر المثل فيه لا في الملك لو استحق على المعتمد بزازية وغيرها، وليس
للمشتري حبسه بالثمن منية من الاستحقاق وهي إحدى المسائل السبع المستثناة من
قولهم: من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه. - واعتمده في الفتح
والبحر أنه إن ادعى وقفا محكوما بلزومه قبل وإلا لا وهو تفصيل حسن اعتمده المصنف
في باب الاستحقاق، لكن اعتمد الأول آخر الكتاب تبعا للكنز وغيره: وفي العمادية
لا تقبل عند الإمام وهو المختار وصوبه الزيلعي قال: وهو أحوط. وفي دعوى
المنظومة المحبية وهذا في وقف هو حق الله تعالى أما لو كان على العباد لم يجز.
قلت: قد قدمنا قبولها مطلقا لثبوت أصله لمآله للفقراء فتدبر وفي فتاوى ابن
نجيم: نعم تسمع دعواه وبينته ويبطل البيع
(الباني) للمسجد
(أولى) من القوم (بنصب الإمام والمؤذن في المختار إلا إذا عين القوم أصلح
ممن عينه) الباني.
(صح الوقف قبل وجود الموقوف عليه) فلو وقف
على أولاد زيد ولا ولد له أو على مكان هيأه لبناء مسجد أو مدرسة صح (في
الأصح) وتصرف الغلة للفقراء إلى أن يولد لزيد أو يبنى المسجد عمادية زاد في
النهر: وينبغي أنه لو وقفه على مدرسة يدرس فيها المدرس مع طلبته فدرس في غيرها
لتعذر التدريس فيها أن تصرف العلوفة له لا للفقراء كما يقع في الروم.
[فروع
مهمة حدثت للفتوى]
أرصد الإمام أرضا على ساقية ليصرف خراجها لكلفتها
فاستغنى عنها لخراب البلد فنقلها وكيل الإمام لساقية هي ملك هل يصح؟ أجاب بعض
الشافعية بأن الإرصاد على الملك إرصاد على المالك يعني فيصح فحينئذ يلزم المرصد
عليه إدارتها كما كانت لما في الحاوي الحوض إذا خرب صرفت أوقافه في حوض آخر
فتدبر.
دار كبيرة فيها بيوت وقف بيتا منها على عتيقة فلان والباقي
على ذريته وعقبه ثم على عتقائه فآل الوقف إلى العتقاء هل يدخل من خصه بالبيت في
الثاني؟ اختلف الإفتاء أخذا من خلاف مذكور في الذخيرة، لكن في الخانية أوصى
لرجل بمال وللفقراء بمال والموصى له محتاج هل يعطى من نصيب الفقراء؟ اختلفوا
والأصح نعم.
استأجر دارا موقوفة فيها أشجار مثمرة هل له الأكل
منها؟ الظاهر أنه إذا لم يعلم شرط الواقف لم يأكل لما في الحاوي: غرس في
المسجد أشجارا تثمر إن غرس للسبيل فلكل مسلم الأكل وإلا فتباع لمصالح المسجد
قولهم:
شرط الواقف كنص الشارع أي في المفهوم والدلالة ووجوب العمل به فيجب عليه خدمة
وظيفته أو تركها لمن يعمل، وإلا أثم لا سيما فيما يلزم بتركها تعطيل الكل من
النهر. وفي الأشباه الجامكية في الأوقاف لها شبه الأجرة أي في زمن المباشرة
والحل للأغنياء، وشبه الصلة فلو مات أو عزل لا تسترد المعجلة، وشبه الصدقة لتصحيح
أصل الوقف، فإنه لا يصح على الأغنياء ابتداء وتمامه فيها.
يكره
إعطاء نصاب لفقير ومن وقف الفقراء إلا إذا وقف على فقراء قرابته اختيار ومنه يعلم
حكم المرتب الكثير من وقف الفقراء لبعض العلماء الفقراء فليحفظ.
ليس
للقاضي أن يقرر وظيفة في الوقف بغير شرط الواقف، ولا يحل للمقرر الأخذ إلا النظر
على الواقف بأجر مثله قنية.
تجوز الزيادة من القاضي على معلوم
الإمام إذا كان لا يكفيه وكان عالما تقيا، ثم قال بعد ورقتين والخطيب يلحق
بالإمام بل هو إمام الجمعة قلت: واعتمده في المنظومة المحبية ونقل عن المبسوط
أن السلطان يجوز له مخالفة الشرط إذا كان غالب جهات الوقف قرى ومزارع فيعمل بأمره
وإن غاير شرط الواقف لأن أصلها لبيت المال
يصح تعليق التقرير في
الوظائف فلو قال القاضي إن مات فلان أو شغرت وظيفة كذا فقد قررتك فيها صح ليس
للقاضي عزل الناظر بمجرد شكاية المستحقين حتى يثبتوا عليه خيانة وكذا الوصي
والناظر إذا آجر إنسانا فهرب ومال الوقف عليه لم يضمن ولو فرط في خشب الوقف حتى
ضاع ضمن.
لا تجوز الاستدانة على الوقف إلا إذا احتيج إليها لمصلحة
الوقف كتعمير وشراء بذر فيجوز بشرطين، الأول: إذن القاضي فلو ببعد منه يستدين
بنفسه الثاني: أن لا تتيسر إجارة العين والصرف من أجرتها والاستدانة القرض
والشراء نسيئة
وهل للمتولي شراء متاع فوق قيمته ثم بيعه للعمارة ويكون
الربح على الوقف؟ الجواب: نعم.
أقر بأرض في يد غيره أنها وقف
وكذبه ثم ملكها صارت وقفا. يعمل بالمصادقة على الاستحقاق وإن خالفت كتاب الوقف
لكن في حق المقر خاصة.
فلو أقر المشروط له الريع أو النظر أنه
يستحقه فلان دونه صح، ولو جعله لغيره لا وسيجيء آخر الإقرار ولا يكفي صرف الناظر
لثبوت استحقاقه بل لا بد من إثبات نسبه وسيجيء في دعوى ثبوت النسب.
متى
ذكر الواقف شرطين متعارضين يعمل بالمتأخر منهما عندنا لأنه ناسخ للأول. الوصف
بعد الجمل يرجع إلى الأخير عندنا وإلى الجميع عند الشافعية لو بالواو ولو بثم
فإلى الأخير اتفاقا الكل من وقف الأشباه وتمامه في القاعدة التاسعة. متى وقف
حال صحته وقال على الفريضة الشرعية قسم على ذكورهم وإناثهم بالسوية هو المختار
المنقول عن الأخبار كما حققه مفتي دمشق يحيى ابن المنقار في الرسالة المرضية على
الفريضة الشرعية ونحوه في فتاوى المصنف وفيها متى ثبت بطريق شرعي وقفية مكان وجب
نقض البيع ولا إثم على البائع مع عدم علمه وللمتولي أجر مثله ولو بنى المشتري أو
غرس فذلك لهما فيسلك معهما بالأنفع للوقف. - وفي البزازية معزيا للجامع إنما
يرجع بقيمة البناء بعد نقضه إن سلمه المشتري للبائع وإن أمسكه لم يرجع بشيء بخلاف
ما لو استحق المبيع لو انقطع ثبوته فما كان في دواوين القضاء اتبع وإلا فمن برهن
على شيء حكم له به وإلا صرف للفقراء ما لم يظهر وجه بطلانه بطريق شرعي فيعود لملك
واقفه أو وارثه أو لبيت المال، فلو أوقفه السلطان عاما جاز، ولو لجهة خاصة فظاهر
كلامهم لا يصح.
لو شهد المتولي مع آخر بوقف مكان كذا على المسجد
فظاهر كلامهم قبولها.
لا تلزم المحاسبة في كل عام ويكتفي القاضي منه
بالإجمال لو معروفا بالأمانة، ولو متهما يجبره على التعيين شيئا فشيئا ويحبسه بل
يهدده، ولو اتهمه يحلفه قنية. قلت: وقدمنا في الشركة أن الشريك والمضارب
والوصي والمتولي لا يلزم بالتفصيل، وأن غرض قضاتنا ليس إلا الوصول لسحت
المحصول. لو ادعى المتولي الدفع قبل قوله بلا يمين لكن أفتى المنلا أبو السعود
أنه إن ادعى الدفع من غلة الوقف لمن نص عليه الواقف في وقفه كأولاده وأولاد
أولاده قبل قوله، وإن ادعى الدفع إلى الإمام بالجامع والبواب ونحوهما لا يقبل
قوله كما لو استأجر شخصا للبناء في الجامع بأجرة معلومة ثم ادعى تسليم الأجرة
إليه لم يقبل قوله. قال المصنف: وهو تفصيل في غاية الحسن فيعمل به واعتمده
ابنه في حاشية الأشباه. قلت: وسيجيء في العارية معزيا لأخي زاده لو آجر
القيم، ثم عزل، فقبض الأجرة للمنصوب في الأصح
وهل يملك المعزول مصادقة
المستأجر على التعمير قيل نعم، قال المصنف: والذي ترجح عندي لا. ليس للمتولي
أخذ زيادة على ما قرر له الواقف أصلا ويجب صرف جميع ما يحصل من نماء وعوائد شرعية
وعرفية لمصارف الوقف الشرعية، ويجب على الحاكم أمر المرتشي برد الرشوة على الراشي
غب الدعوى الشرعية. الكل من فتاوى المصنف. قلت: لكن سيجيء في الوصايا ومر
أيضا أن للمتولي أجر مثل عمله فتنبه.
لو وقف على فقراء قرابته لم
يستحق مدعيها ولو وليا لصغير إلا ببينة على فقره وقرابته مع بيان جهتها، فإذا - -
قضي له استحقه من حين الوقف عليه فتاوى ابن نجيم. وفيها سئل عمن شرط السكنى
لزوجته فلانة بعد وفاته ما دامت عزبا فمات وتزوجت وطلقت هل ينقطع حقها
بالتزويج. أجاب: نعم. قلت: وكذا الوقف على أمهات أولاده إلا من تزوج أو
على بني فلان إلا من خرج من هذه البلدة فخرج بعضهم ثم عاد أو على بني فلان ممن
تعلم العلم فترك بعضهم ثم اشتغل به فلا شيء له إلا أن يشرط أنه لو عاد فله،
فليحفظ خزانة المفتين. - وفي الوهبانية: قضى بدخول ولد البنت بعد مضي السنين
فله غلة الآتي لا الماضي لو مستهلكة. وقف على بنيه وله ولد واحد فله النصف
والباقي للفقراء أو على ولده له الكل لأنه مفرد مضاف فيعم.
للمتولي
الإقالة لو خيرا. أجر بعرض معين صح، وخصاه بالنقود، للمستأجر غرس الشجر بلا إذن
الناظر، إذا لم يضر بالأرض وليس له الحفر إلا بإذن، ويأذن لو خيرا وإلا لا وما
بناه مستأجر أو غرسه، فله ما لم ينوه للوقف والمتولي بناؤه وغرسه للوقف ما لم
يشهد أنه لنفسه قبله.
ولو آجر لابنه لم يجز خلافا لهما كعبده اتفاقا
هذا لو باشر بنفسه فلو القاضي صح وكذا الوصي بخلاف الوكيل. وقف على أصحاب
الحديث لا يدخل فيه الشافعي إذا لم يكن في طلب الحديث ويدخل الحنفي كان في طلبه
أو لا بزازية: أي لكونه يعمل بالمرسل ويقدم خبر الواحد على القياس، وجاز على
حفر القبور والأكفان لا على الصوفية والعميان في الأصح.
ولو شرط
النظر للأرشد فالأرشد من أولاده فاستويا اشتركا به أفتى به المنلا أبو السعود
معللا بأن أفعل التفضيل ينتظم الواحد والمتعدد وهو ظاهر وفي النهر عن الإسعاف
شرطه لأفضل أولاده فاستويا فلأسنهم ولو أحدهما أورع والآخر أعلم بأمور الوقف فهو
أولى إذا أمن خيانته انتهى جوهرة وكذا لو شرط لأرشدهم كما في نفع الوسائل
ولو
ضم القاضي للقيم ثقة أي ناظر حسبة هل للأصيل أن يستقل بالتصرف لم أره وأفتى الشيخ
الأخ أنه إن ضم إليه الخيانة لم يستقل وإلا فله ذلك وهو حسن نهر وفي فتاوى مؤيد
زاده معزيا للخانية وغيرها ليس للمشرف التصرف بل الحفظ
ليس للمتولي أن
يستدين على الوقف للعمارة إلا بإذن القاضي
مات المتولي والجباة يدعون
تسليم الغلة إليه في حياته ولا بينة لهم صدقوا بيمينهم؛ لإنكارهم الضمان. لا
يجوز الرجوع عن الوقف إذا كان مسجلا، ولكن يجوز الرجوع عن الموقوف عليه المشروط
كالمؤذن والإمام والمعلم وإن كانوا أصلح ا هـ جوهرة.
وفي جواهر
الفتاوى: شرط لنفسه ما دام حيا، ثم لولده فلان ما عاش، ثم بعده للأعف الأرشد من
أولاده فالهاء تنصرف للابن لا للواقف لأن الكناية تنصرف لأقرب المكنيات بمقتضى
الوضع وكذلك مسائل ثلاث: وقف على زيد وعمرو ونسله فالهاء لعمرو فقط، وقفت على
ولدي وولد ولدي الذكور، فالذكور راجع لولد الولد فحسب، وعكسه وقفت على بني زيد
وعمرو لم يدخل بنو عمرو لأنه أقرب، إلى زيد فيصرف إليه هذا هو الصحيح. قلت:
وقدمنا أن الوصف بعد متعاطفين للأخير عندنا. وفي الزيلعي: من باب المحرمات:
وقولهم ينصرف الشرط إليهما وهو الأصل قلنا ذلك في الشرط المصرح به والاستثناء
بمشيئة الله تعالى. وأما في الصفة المذكورة في آخر الكلام فتصرف إلى ما يليه،
نحو جاء زيد وعمرو العالم إلى آخره فليحفظ، وفي المنظومة المحبية قال: والوصف
بعد جمل إذا أتى يرجع للجميع فيما ثبتا عند الإمام الشافعي فيما إن كان ذا العطف
بواو أما - إن كان ذا عطفا بثم وقعا إلى الأخير باتفاق رجعا ولو على البنين وقفا
يجعل فإن في ذاك البنات تدخل وولد الابن كذاك البنت يدخل في ذرية بثبت لو وقف
الوقف على الذرية من غير ترتيب فبالسوية يقسم بين من علا والأسفل من غير تفضيل
لبعض فانقل وتنقض القسمة في كل سنه ويقسم الباقي على من عينه ولو على أولاده ثم
على أولاد أولاد له قد جعلا وقفا فقالوا ليس في ذا يدخل أولاد بنته على ما ينقل
بني أولادي كذا أقاربي وإخوتي ولفظ آبائي احسب يشترك الإناث والذكور فيه وذاك
واضح مسطور
ومما يكثر وقوعه ما لو وقف على ذريته مرتبا وجعل من شرطه
أن من مات قبل استحقاقه وله ولد قام مقامه لو بقي حيا فهل له حظ أبيه لو كان حيا
ويشارك الطبقة الأولى أو لا؟ أفتى السبكي بالمشاركة وخالفه السيوطي، وهذه
المخالفة واجبة كما أفاده ابن نجيم في الأشباه من القاعدة التاسعة، لكنه ذكر بعد
ورقتين أن بعضهم يعبر بين الطبقات بثم وبعضهم بالواو، فبالواو يشارك بخلاف ثم
فراجعه متأملا مع شرح الوهبانية فإنه نقل عن السبكي واقعتين أخريين يحتاج إليهما،
ولم يزل العلماء متحيرين في فهم شروط الواقفين إلا من رحم الله. ولقد أفتيت
فيمن وقف على أولاد الظهور دون الإناث فماتت مستحقة عن ولدين أبوهما من أولاد
الظهور بأنه ينتقل نصيبها لهما لصدق كونهما من أولاد الظهور باعتبار أبيهما كما
يعلم من الإسعاف وغيره. وفي الإسعاف والتتارخانية: لو وقف على عقبه يكون
لولده وولد ولده أبدا ما تناسلوا من أولاد الذكور دون الإناث إلا أن يكون أزواجهن
من ولد ولده الذكور، كل من يرجع نسبه إلى الواقف بالآباء فهو من عقبه، وكل من كان
أبوه من غير الذكور من ولد الواقف فليس من عقبه انتهى وسيجيء في الوصايا أنه لو
أوصى لآله أو جنسه دخل كل من ينسب إليه من قبل آبائه، ولا يدخل أولاد البنات
وأنها لو أوصت إلى أهل بيتها أو لجنسها لا يدخل ولدها إلا أن يكون أبوه من قومها
لأن الولد إنما ينسب لأبيه لا لأمه. قلت: وبه علم جواب حادثة لو وقف على
أولاد الظهور دون أولاد البطون فماتت مستحقة عن ولدين أبوهما من أولاد الظهور هل
ينتقل نصيبها لها، فأجبت: نعم ينتقل نصيبها لها لصدق كونهما من أولاد الظهور
باعتبار والدهما المذكور، والله أعلم.
فصل فيما يتعلق بوقف الأولاد من الدرر وغيرها
وعبارة المواهب في الوقف على نفسه وولده ونسبه وعقبه جعل ريعه لنفسه
أيام حياته ثم وثم جاز عند الثاني وبه يفتى، كجعله لولده، ولكن يختص بالصلبي ويعم
الأنثى ما لم يقيد بالذكر ويستقل به الواحد، فإن انتفى الصلبي فللفقراء دون ولد
الولد إلا أن لا يكون حين الوقف صلبي، فيختص بولد الابن ولو أنثى دون من دونه من
البطون ودون ولد البنت في الصحيح؛ ولو زاد وولد ولدي فقط اقتصر عليهما، ولو زاد
البطن الثالث عم نسله، ويستوي الأقرب والأبعد إلا أن يذكر ما يدل على الترتيب،
كما لو قال ابتداء على أولادي بلفظ الجمع أو على ولدي وأولاد أولادي؛.
ولو
قال على أولادي ولكن سماهم فمات أحدهم صرف نصيبه للفقراء؛ ولو على امرأته وأولاده
ثم ماتت لم يختص ابنها بنصيبها إذا لم يشترط رد نصيب من مات منهم إلى ولده؛ ولو
قال: على بني أو على إخوتي دخل الإناث على الأوجه، وعلى بناتي لا يدخل البنون،
ولو قال: على بني وله بنات فقط أو قال: على بناتي وله بنون فالغلة لمساكين
ويكون وقفا منقطعا فإن حدث ما ذكر عاد إليه. ويدخل في قسمة الغلة من ولد لدون
نصف حول مذ طلوع الغلة لا أكثر إلا إذا أكثر إلا إذا ولدت مبانته أو أم ولده
المعتقة لدون سنتين لثبوت نسبه بلا حل وطئها، - فلو يحل فلا لاحتمال علوقه بعد
طلوع الغلة، وتقسم بينهم بالسوية إن لم يرتب البطون، وإن قال: للذكر كأنثيين
فكما قال، فلو وصية فرض ذكر مع الإناث وأنثى مع الذكور ويرجع سهمه للورثة لعدم
صحة الوصية للمعدوم فلا بد من فرضه ليعلم ما يرجع للورثة.
ولو قال
على ولدي ونسلي أبدا وكلما مات واحد منهم كان نصيبه لنسله فالغلة لجميع ولده
ونسله حيهم وميتهم بالسوية ونصيب الميت لولده أيضا بالإرث عملا بالشرط؛ ولو
قال: وكل من مات منهم من غير نسل كان نصيبه لمن فرقه ولم يكن فوقه أحد، أو سكت
عنه يكون راجعا لأصل الغلة لا للفقراء ما دام نسله باقيا والنسل اسم للولد وولده
أبدا - ولو أنثى، والعقب للولد وولده من الذكور أي دون الإناث إلا أن يكون
أزواجهن من ولد ولده الذكور وآله وجنسه وأهل بيته كل من يناسبه إلى أقصى أب له في
الإسلام، وهو الذي أدرك الإسلام أسلم أولا وقرابته وأرحامه وأنسابه كل من يناسبه
إلى أقصى أب له في الإسلام من قبل أبويه سوى أبويه وولده لصلبه فإنهم لا يسمون
قرابة اتفاقا، وكذا من علا منهم أو سفل عندهما خلافا لمحمد فعدهم منها، وإن قيده
بفقرائهم يعتبر الفقر وقت وجود الغلة وهو المجوز لأخذ الزكاة، فلو تأخر صرفها
سنين لعارض فافتقر الغني واستغنى الفقير شارك المفتقر وقت القسمة الفقير وقت وجود
الغلة ولأن الغلات إنما تملك حقيقة بالقبض وطرو الغنى والموت لا يبطل ما استحقه،
وأما من ولد منهم لدون نصف حول بعد مجيء الغلة فلا حظ له لعدم احتياجه فكان
بمنزلة الغني، وقيل: يستحق لأن الفقير من لا شيء له والحمل لا شيء له، ولو قيده
بصلحائهم أو بالأقرب فالأقرب - أو فالأحوج أو بمن جاوره منهم أو بمن سكن مصر تقيد
الاستحقاق به عملا بشرطه، وتمامه في الإسعاف. ومن أحوجه حوادث زمانه إلى ما خفي
من مسائل الأوقاف فلينظر إلى كتاب [الإسعاف المخصوص بأحكام الأوقاف، الملخص من
كتاب هلال والخصاف] كذا في البرهان شرح مواهب الرحمن للشيخ إبراهيم بن موسى بن
أبي بكر الطرابلسي الحنفي نزيل القاهرة بعد دمشق المتوفى في أوائل القرن العاشر
سنة اثنين وعشرين وتسعمائة، وهو أيضا صاحب الإسعاف، والله أعلم.
(قول
الأشباه) اختلاف الشاهدين مانع إلا في إحدى وأربعين قال في زواهر الجواهر
حاشيتها للشيخ صالح بن المصنف: قد ذكر في الشرح المحال عليه مسائل لا يضر فيها
اختلاف الشاهدين وأنا أذكرها سردا فأقول: [الأولى] شهد أحدهما أن عليه ألف
درهم وشهد الآخر أنه أقر بألف درهم تقبل.
الثانية] ادعى كر حنطة
جيدة شهد أحدهما بالجودة والآخر بالردية تقبل بالردية ويقضى بالأقل.
[الثالثة]
ادعى مائة دينار فقال أحدهما: نيسابورية والآخر بخارية، والمدعى نيسابورية وهي
أجود يقضى بالبخارية بلا خلاف.
[الرابعة] لو اختلفا في الهبة
والعطية [الخامسة] لو اختلفا في لفظ النكاح والتزويج [السادسة] شهد
أحدهما أنه جعلها صدقة موقوفة أبدا على أن لزيد ثلث غلتها وشهد آخر أن لزيد نصفها
تقبل على الثلث.
[السابعة] ادعى أنه باع بيع الوفاء فشهد أحدهما
به والآخر أن المشتري أقر بذلك تقبل [الثامنة] شهد أحدهما أنها جاريته والآخر
أنها كانت له تقبل [التاسعة] ادعى ألفا مطلقا فشهد أحدهما على إقراره بألف
قرض والآخر بألف وديعة تقبل.
[العاشرة] ادعى الإبراء فشهد
أحدهما به والآخر أنه هبة أو تصدق عليه أو حلله جاز [الحادية عشر] ادعى الهبة
فشهد أحدهما بالبراءة والآخر بالهبة أو أنه حلله جاز [الثانية عشر] ادعى
الكفيل الهبة فشهد أحدهما بها والآخر بالإبراء جاز وثبت الإبراء.
الثالثة
عشر] شهد أحدهما على إقراره أنه أخذ منه العبد والآخر على إقراره بأنه أودع منه
هذا العبد تقبل [الرابعة عشر] شهد أحدهما أنه غصبه منه والآخر أن فلانا أودع
منه هذا العبد يقضى للمدعي [الخامسة عشر] شهد أحدهما أنها ولدت منه والآخر
أنها حبلت منه تقبل [السادسة عشر] شهد أحدهما أنه أقر أن الدار له وقال الآخر
إنه سكن فيها تقبل.
[السابعة عشر] شهد أحدهما أنه أقر أن الدار
له والآخر أنه سكن فيها تقبل [الثامنة عشر] أنكر إذن عبده فشهد أحدهما على
إذنه في الثياب والآخر في الطعام يقبل [التاسعة عشر] اختلف شاهد الإقرار
بالمال في كونه أقر بالعربية أو بالفارسية، بخلافه في الطلاق [العشرون] شهد
أحدهما أنه قال لعبده أنت حر والآخر أنه قال إزادى تقبل.
[الحادية
والعشرون] قال لامرأته إن كلمت فلانا فأنت طالق فشهد أحدهما أنها كلمته غدوة
والآخر عشية طلقت [الثانية والعشرون] إن طلقتك فعبدي حر فقال أحدهما: طلقها
اليوم والآخر أنها طلقها أمس يقع الطلاق والعتاق [الثالثة والعشرون] شهد
أحدهما أنه طلقها ثلاثا ألبتة والآخر أنه طلقها اثنتين ألبتة يقضى بطلقتين ويملك
الرجعة - -
الرابعة والعشرون] شهد أحدهما أنه أعتق بالعربية والآخر
بالفارسية تقبل [الخامسة والعشرون] اختلفا في مقدار المهر يقضى بالأقل
[السادسة والعشرون] شهد أحدهما أنه وكله بخصومة مع فلان في دار سماه وشهد
الآخر أنه وكله بخصومة وفيه وفي شيء آخر تقبل في دار اجتمعا عليه [السابعة
والعشرون] شهد أحدهما أنه وقفه في صحته والآخر بأنه وقفه في مرضه قبلا.
[الثامنة
والعشرون] لو شهد شاهد أنه أوصى إليه يوم الخميس وآخر يوم الجمعة جازت
[التاسعة والعشرون] ادعى مالا فشهد أحدهما أن المحتال عليه أحال غريمه بهذا
المال تقبل [الثلاثون] شهد أحدهما أنه باعه كذا إلى شهر وشهد الآخر بالبيع
ولم يذكر الأجل تقبل - الحادية والثلاثون] شهد أحدهما أنه باعه بشرط الخيار
يقبل فيهما.
[الثانية والثلاثون] شهد واحد أنه وكله بالخصومة في
هذه الدار عند قاضي الكوفة وآخر عند قاضي البصرة جازت شهادتهما [الثالثة
والثلاثون] شهد أحدهما أنه وكله بالقبض والآخر أنه جراه تقبل [الرابعة
والثلاثون] شهد أحدهما أنه وكله بقبض والآخر أنه سلطه على قبضه تقبل [الخامسة
والثلاثون] شهد أحدهما أنه وكله بقبضه والآخر أنه أوصى إليه بقبضه في حياته
تقبل [السادسة والثلاثون] شهد أحدهما أنه وكله بطلب دينه والآخر: بتقاضيه
تقبل [السابعة والثلاثون] شهد أحدهما أنه وكله بقبضه والآخر بطلبه تقبل
[الثامنة والثلاثون] شهد أحدهما أنه وكله بقبضه والآخر أنه أمره بأخذه أو
أرسله ليأخذه تقبل
[التاسعة والثلاثون] اختلفا في زمن إقراره في
الوقف تقبل [الأربعون] اختلفا في مكان إقراره به تقبل [الحادية
والأربعون] اختلفا في وقفه في صحته أو في مرضه تقبل [الثانية والأربعون]
شهد أحدهما بوقفه على زيد والآخر بوقفه على عمرو تقبل وتكون وقفا على الفقراء
انتهى..
قلت: وزدت بفضل الله على ما ذكره المصنف مسائل: منها
لو اختلفا في تاريخ الرهن، بأن شهد أحدهما أنه رهن يوم الخميس والآخر أنه رهن يوم
الجمعة تسمع عندهما خلافا لمحمد جواهر الفتاوى. ومنها لو اتفق الشاهدان على
الإقرار من واحد بمال واختلفا فقال أحدهما: كنا جميعا في مكان كذا، وقال
الآخر: كنا في مكان كذا تقبل. ومنها لو قال أحدهما والمسألة بحالها: كان
ذلك بالغداة وقال الآخر: كان ذلك بالعشي تقبل وهما في الولوالجية..
ومنها
شهدا على رجل أنه طلق امرأته وأحدهما يقول: إنه عين منكوحته بنت فلان والآخر
يقول: ما عينها إني أعلم وأشهد أن المرأة التي كانت له سوى ابنة فلان قد طلقها
وأخرجها من داره قبل هذا التطليق. قال فخر الدين: إذا شهدا على الطلاق إلا
أنه عين أحدهما المرأة وذكرها باسمها ولم يعين الآخر التي هي في نكاحه وليس في
نكاحه غير امرأة واحدة تصح الشهادة وهي في جواهر الفتاوى. ومنها ادعى ملك داره
فشهد له أحدهما أنها له أو قال ملكه وشهد الآخر أنها كانت ملكه تقبل منية
المفتي. ومنها ادعى ألفين أو ألفا وخمسمائة فشهد أحدهما بألف والآخر بألف
وخمسمائة قضي له بالألف إجماعا منية. ومنها لو شهد أن له على هذا الرجل ألف
درهم وشهد أحدهما أنه قد قضاه المطلوب منها خمسمائة والطالب ينكر ذلك، فإن
شهادتهما على الألف مقبولة ولوالجية. ومنها ادعى جارية في يد رجل وجاء بشاهدين
فشهد أحدهما أنها جاريته غصبها منه هذا وشهد الآخر أنها جاريته ولم يقل غصبها منه
قبلت مجمع الفتاوى. ومنها شهدا بسرقة بقرة واختلفا في لونها تقبل عنده، خلافا
لهما جامع الفصولين..
ومنها شهد أحدهما بكفالة والآخر بحوالة تقبل
في الكفالة لأنها أقل جامع الفصولين..
ومنها شهد أحدهما أنه وكله
بطلاقها وحدها والآخر أنه وكله بطلاقها وطلاق فلانة الأخرى فهو وكيل في طلاق التي
اتفقا عليها وهي فيه أيضا. ومنها شهدا بوكالة وزاد أحدهما أنه عزله تقبل في
الوكالة لا في العزل وهي منه أيضا..
ومنها ادعت أرضا شهد أحدهما
أنها ملكها عن الدستيمان، وشهد الآخر أنها تملكها لأن زوجها أقر أنها ملكها تقبل،
لأن كل بائع مقر بالملك لمشتريه فكأنهما شهدا أنه ملكها، وقيل: ترد لأنه لما
شهد أحدهما أنه دفعها عوضا وشهد بالعقد وشهد الآخر بإقراره بالملك فاختلف المشهود
به. أما لو شهد أحدهما أن زوجها دفعها عوضا والآخر بإقراره أنه دفعها عوضا تقبل
لاتفاقهما، كما لو شهد أحدهما بالبيع والآخر بإقراره به، وهي في جامع الفصولين
انتهى كلام الشيخ صالح بن الشيخ محمد بن عبد الله الغزي..
في
الأشباه: السكوت كالنطق في مسائل] عد منها سبعة وثلاثين. - قلت: وزاد في
تنوير البصائر مسألتين: [الأولى] مسألة السكوت في الإجارة قبول ورضا وكقوله
لساكن داره اسكن بكذا وإلا فانتقل فسكت لزمه المسمى وذكره المؤلف في
الإجارة.
[الثانية] سكوت المودع قبول دلالة. قال المؤلف في
بحره: سكوته عند وضعه بين يديه فإنه قبول دلالة. ا هـ. [وزاد عليها في
زواهر الجواهر مسائل] منها عند قوله الرابعة والعشرون سكوته عند بيع زوجته،
فقال: وكذا سكوتها عند بيع زوجها لما في البزازية: الفتوى على عدم السماع
الدعوى في القريب والزوجة ا هـ وصحح قاضي خان أنها تسمع فليتأمل عند الفتوى.
قلت: ويزاد ما في متفرقات التنوير من سكوت الجار عند تصرف المشتري فيه زرعا
وبناء وعزيناه للبزازي وهكذا ذكره في تنوير البصائر معزيا إليها، فالعجب من صاحب
الجواهر الزواهر كيف ذكر صدر كلام البزازية وترك الآخر.
ومنها لو
تزوجت من غير كفء فسكت الولي حتى ولدت كان سكوته رضا زيلعي. ومنها ما في
المحيط: رجل زوج رجلا بغير أمره فهنأه القوم وقبل التهنئة فهو رضا لأن قبول
التهنئة دليل الإجازة. ومنها أن الوكالة تثبت بالصريح، ولذا قال في الظهيرية.
لو قال ابن العم للكبيرة إني أريد أن أزوجك من نفسي فسكتت فزوجها جاز، ذكره
المؤلف في بحره من بحث الأولياء. ومنها سكوت أهل العلم والصلاح في التعديل كما
في شهادات البحر. قال: ويكتفى بالسكوت من أهل العلم والصلاح فيكون سكوته
تزكية للشاهد؛ لما في الملتقط: وكان الليث بن مساور قاضيا فاحتاج إلى تعديل
وكان المزكي مريضا فعاده القاضي وسأله عن الشاهد فسكت المعدل ثم سأله فسكت، فقال
أسألك ولا تجيبني؟ فقال المعدل: أما يكفيك من مثلي السكوت. قلت: قد عد
هذه في الأشباه معزيا لشهادات شرحه فكيف تكون زائدة نعم زاد تقييده بكونه من أهل
العلم والصلاح فعدها من الزوائد. ومنها لو أن العبد خرج لصلاة الجمعة فرآه
مولاه فسكت حل له الخروج لها، لأن السكوت بمنزلة الرضا كما في جمعه البحر.
ومنها ما في القنية بعد أن رقم بعلامة (قع عت) ولو زفت إليه بلا جهاز فله أن
يطالب بما بعث إليها من الدنانير وإن كان الجهاز قليلا فله المطالبة بما يليق
بالمبعوث في عرفهم (نج) يفتى بأنه إذا لم تجهز بما يليق فله استرداد ما بعث -
والمعتبر ما يتخذه للزوج لا ما يتخذ لها؛ ولو سكت بعد الزفاف زمانا يعرف بذلك
رضاه لم يكن له أن يخاصم بعد ذلك وإن لم يتخذ له شيء. ومنها إذا أبرأه فسكت صح،
ولا يحتاج إلى القبول هكذا ذكره البرهان في الاختيارات
كتاب الإقرار
ومنها سكوت الراهن عند بيع المرتهن الرهن يكون مبطلا في إحدى
الروايتين ذكره الزيلعي وغيره، وهي تعلم من الأشباه أول القاعدة، الحمد لله
العزيز الوهاب، وهو أعلم بالصواب.
[قول الأشباه يحلف المنكر في
إحدى وثلاثين مسألة بيناها في الشرح] قال الشيخ شرف الدين في حاشيته عليها
المسماة بتنوير البصائر على الأشباه والنظائر. أقول: قال في شرحه المحال
عليه: ثم اعلم أن المصنف اقتصر على عدم الاستحلاف عنده على الأشياء التسعة.
وفي الخانية أنه لا يستحلف في إحدى وثلاثين خصلة بعضها مختلف فيه وبعضها متفق
عليه، فذكر سردا اختصار التسعة. وفي تزويج البنت صغيرة أو كبيرة. وعندهما
يستحلف الأب في الصغيرة. وفي تزويج المولى أمته خلافا لهما. وفي دعوى الدائن
الإيصاء فأنكره لا يحلف. وفي دعوى الدين على الوصي وفي الدعوى على الوكيل في
المسألتين كالوصي: وفيما إذا كان في يد رجل شيء فادعاه رجلان كل اشترى منه فأقر
به لأحدها وأنكر للآخر لا يحلفه؛ وكذا لو أنكرهما فحلف لأحدهما فنكل وقضى عليه لم
يحلف للآخر. وفيما إذا ادعيا الهبة مع التسليم من ذي اليد فأقر لأحدهما لا يحلف
للآخر، وكذا لو نكل لأحدهما لا يحلف للآخر. وفيما إذا ادعى كل منهما أنه رهنه
وقبضه فأقر به لأحدهما أو حلف لأحدهما فنكل لا يحلف للآخر. وفيما إذا ادعى
أحدهما الرهن والتسليم والآخر الشراء فأقر بالرهن وأنكر البيع لا يحلف للمشتري.
ولو ادعى أحد هذين الإجارة والآخر الشراء فأقر بها وأنكره لا يحلف لمدعيه ويقال
لمدعيه: إن شئت فانتظر انقضاء المدة أو فك الرهن، وإن شئت فافسخ. وفيما إذا
ادعى أحدهما الصدقة والقبض والآخر الشراء فأقر لأحدهما لا يحلف. وفيما إذا ادعى
كل منهما الإجارة فأقر لأحدهما أو نكل لا يحلف، بخلاف ما إذا ادعى كل منهما على
ذي اليد الغصب منه فأقر لأحدهما أو حلف لأحدهما فنكل يحلف للثاني؛ كما لو ادعى كل
منهما الإيداع فأقر لأحدهما يحلف للثاني، وكذا الإعارة ويحلف ما له عليك كذا ولا
قيمته وهي كذا وكذا. وفيما إذا ادعى البائع رضا الموكل بالعيب لم يحلف وكيله.
وفيما إذا أنكر توكيله له بالنكاح. وفيما إذا اختلف الصانع والمستصنع في
المأمور به لا يمين على واحد منهما، وكذا لو ادعى الصانع على رجل أنه استصنعه في
كذا فأنكر لا يحلف.
الحادية والثلاثون - لو ادعى أنه وكيل عن الغائب
بقبض دينه وبالخصومة فأنكر لا يستحلف المديون على قوله خلافا لهما، هكذا ذكر
بعضهم. وقال الحلواني: يستحلف في قولهم جميعا ا هـ. وبه علم أن ما في
الخلاصة تساهل وقصور حيث قال: كل موضع لو أقر لزمه إذا أنكره يستحلف إلا في
ثلاث: منها الوكيل بالشراء إذا وجد بالمشترى عيبا فأراد أن يرده بالعيب وأراد
البائع أن يحلفه بالله ما يعلم أن الموكل رضي بالعيب لا يحلف، فإذا أقر الوكيل
لزمه ذلك ويبطل حق الرد. الثانية لو ادعى على الآمر رضاه لا يحلف، وإن أقر
لزمه. الثالثة الوكيل بقبض الدين إذا ادعى المديون أن الموكل أبرأه عن الدين
وطلب يمين الوكيل عن العلم لا يحلف، وإن أقر لزمه انتهى. وزدت على الواحد
والثلاثين السابقة: البائع إذا أنكر قيام العيب للحال لا يحلف عند الإمام، ولو
أقر به لزمه كما مر في خيار العيب. والشاهد إذا أنكر رجوعه لا يستحلف؛ ولو أقر
به ضمن ما تلف بها، والسارق إذا أنكرها لا يستحلف للقطع؛ ولو أقر بها قطع وكذا
قال الإسبيجابي؛ ولا يستحلف الأب في مال الصبي ولا الوصي في مال اليتيم ولا
المتولي للمسجد والأوقاف إلا إذا ادعى عليهم العقد فيحلفون حينئذ انتهى.
قلت:
وزدت على ما ذكره مسائل: الأولى: لو ادعى على رجل شيئا وأراد استحلافه.
فقال المدعى عليه هو لابني الصغير فلا يحلف. وفي فتاوى الفضلي: عليه اليمين
في قولهم جميعا، فإذا استحلف فنكل والمدعى أرض يقضى بالأرض للمدعي ثم ينتظر بلوغ
الصبي، إن صدق المدعي كان كما قال، وإن كذبه ضمن الولد قيمة الأرض، ويؤخذ الأرض
من المدعي وتدفع للصبي، وهذا بمنزلة ما لو أقر لغائب لم يظهر جحوده ولا تصديقه لا
تسقط عنه اليمين فكذلك هنا. قلت: وعلى الأول رجوع هذه إلى قول المصنف: ولا
يستحلف الأب في مال الصبي لأنه لما أقر بها للصبي ظهر أنها من ماله وفيه تأمل.
الثانية - لو اشترى دارا فحضر الشفيع فأنكر المشتري الشراء. قال في النوازل:
ولو أن رجلا اشترى دارا فحضر الشفيع فأنكر المشتري الشراء أو أقر أن الدار لابنه
الصغير ولا بينة فلا يمين على المشتري لأنه قد لزمه الإقرار لابنه فلا يجوز
الإقرار لغيره بعد ذلك..
الثالثة - لو كان في يد رجل غلام أو
جارية أو ثوب ادعاه رجلان فقدماه إلى القاضي فأقر به لأحدهما ثم أراد الآخر
تحليفه، فإن ادعى ملكا مرسلا أو شراء من جهته لم يكن له أن يحلفه، فإن ادعى عليه
الغصب فله تحليفه لأنه لو أقر بالغصب يجب عليه الضمان، كذا في النوازل. الرابعة
- لو اشترى الأب لابنه الصغير دارا ثم اختلف مع الشفيع في مقدار الثمن فالقول
للأب بلا يمين كما في كثير من كتب المذهب.
الخامسة - لو ادعى السارق
أنه استهلك المسروق ورب المسروق أنه قائم عنده فالقول للسارق ولا يمين عليه.
قال أبو الليث في النوازل: وسئل أبو القاسم عن السارق إذا استهلك المسروق بعدما
قطعت يده هل يضمن قال لا. ويستوي حكمه فيما استهلكه قبل القطع وبعد القطع،
قيل: له: فإن قال السارق قد هلك وقال صاحب المال: لم تستهلكه وهو قائم عندك
هل يحلف؟ قال: يجب أن يكون القول قول السارق ولا يمين عليه. السادسة - إذا
وهب رجل شيئا وأراد الرجوع فادعى الموهوب له هلاك الموهوب فالقول قوله ولا يمين
عليه كما في الخانية وغيرها.
السابعة - ادعى عليه أنه وصي فلان
الميت فأنكر لا يحلف. الثامنة - ادعى عليه أنك وكيل فلان فأنكر أنه وكيل فلان
لا يحلف وهما في البزازية. التاسعة - قال الواهب: اشترطت العوض وقال الموهوب
له لم تشترطه فالقول له بلا يمين. العاشرة - اشترى العبد شيئا فقال البائع:
أنت محجور وقال العبد: أنا مأذون فالقول له بدون اليمين. الحادية عشر - إذا
اشترى عبد من عبد فقال أحدهما: أنا محجور وقال الآخر: أنا وأنت مأذون لنا
فالقول له بلا يمين. الثانية عشر - باع القاضي مال اليتيم فرده المشتري عليه
بعيب فقال القاضي: أبرأتني منه فالقول قوله بلا يمين وكذا لو ادعى رجل قبله
إجارة أرض اليتيم وأراد تحليفه لم يحلفه لأن قوله على وجه الحكم؛ كذا في كل شيء
يدعي عليه..
الثالثة عشر - لو طالب أبو الزوجة زوجها بالمهر فله
ذلك لو صغيرة أو كبيرة بكرا ولو اختلف الأب والزوج في بكارتها ولا بينة للزوج
والتمس من القاضي تحليفه على العلم بذلك. عن أبي يوسف أنه يحلف. وذكر الخصاف
أنه لا يحلف كالوكيل بقبض الدين إذا ادعى المديون أن صاحب الدين أبرأه وأنكر
الوكيل لا يحلف الوكيل وكذلك هنا كذا في الظهيرية.
الرابعة عشر -
اشترى أمة فادعى أن لها زوجا فقال البائع: لها زوج عبدي فطلقها قبل البيع أو
مات فالقول له بلا يمين، كذا في السراجية، والله تعالى أعلم: وهذا التحرير من
خواص هذا الكتاب، كذا في حاشية الأشباه للشرف الغزي أيضا..
[قلت:
وفي حاشيتها للشيخ صالح زاد سبعة أخر فنقول]: الخامسة عشر - لو طعن المدعى
عليه في الشاهد وقال: هو ادعى هذه الدار لنفسه قبل شهادته فأنكر فأراد تحليفه
لا يحلف مجمع الفتاوى. السادسة عشر - إذا كانت التركة مستغرقة بديون جماعة
بأعيانها فجاء غريم آخر وادعى دينا لنفسه فالخصم هو الوارث لكنه لا يحلف لأنه
حينئذ لو أقر له لم يقبل فلم يحلف مجمع الفتاوى..
السابعة عشر -
رجل له على رجل ألف درهم فأقر بها ثم أنكر إقراره هل يحلف بالله ما أقررت قال
الدبوسي: نعم وقال الصفار: لا، وإنما يحلف على نفس الحق مجمع
الفتاوى..
الثامنة عشر - دفع لآخر مالا ثم اختلفا فقال: قبضت
وديعة وقال الدافع: بل لنفسك لا يحلف المدعى عليه. قال القاضي: القول لرب
المال لأنه أقر بسبب الضمان وهو قبض مال الغير مجمع الفتاوى..
التاسعة
عشر - رجل قدم رجلا للقاضي وقال: إن فلان بن فلان الفلاني توفي ولم يترك وارثا
غيري وله على هذا كذا وكذا من المال فأنكر المدعى عليه دعواه، فقال الابن:
استحلفه ما يعلم أني ابنه وأنه مات لم يحلف بل يبرهن الابن عليهما ثم يحلفه على
ما يدعي لأبيه من المال، وقيل: يستحلف على العلم، الأول قول الإمام، والثاني
قولهما وقال الحلواني: الصحيح القول الثاني أنه يحلف ولوالجية. العشرون -
منها لو ادعى عليه ألف درهم فقال المدعى عليه للقاضي: إنه قد كان ادعى على هذه
الدعوى عند قاضي بلد كذا ثم خرج من دعواه ذلك فأبرأني عن هذه الدعوى فحلفه أنه لم
يبرئني منها، فإن حلف حلفت له ما له علي شيء، اختلف فيه والصحيح أنه يستحلف على
دعواه ولوالجية. ومنها لو أن رجلا ادعى على رجل أنه خرق ثوبه وأحضر الثوب معه
للقاضي وأراد استحلافه على السبب لا يحلف على السبب. فائدة] قلت: وبهذه مع
ما قبلها صارت اثنين وخمسين فليحفظ، وقد أفاد الإمام الحلواني أن الجهالة كما
تمنع قبول البينة تمنع الاستحلاف أيضا، إلا إذا اتهم القاضي وصي اليتيم أو قيم
موقف، ولا يدعي شيئا معلوما فإنه يحلف نظرا للوقف واليتيم، والله تعالى
أعلم..
[قول الأشباه: القاضي إذا قضى في مجتهد فيه نفذ قضاؤه
إلا في مسائل إلخ] أي فينقض فيها حكم الحاكم. قال ابن المصنف الشيخ صالح بن
محمد بن عبد الله في حاشيته عليها المسماة بزواهر الجواهر في التفسير على الأشباه
والنظائر، وقد ظفرت بمسائل أخر فزدتها تتميما للفائدة، وقسمتها على ثلاثة أقسام
الأول ما لم يختلف مشايخنا فيه والثاني ما اختلفوا فيه والثالث ما لا نص فيه عن
الإمام. واختلف أصحابنا فيه وتعارضت فيه تصانيفهم. فمن القسم الأول] إذا
باع دارا وقبضها المشتري واستحقت منه وتعذر على البائع ردها فقضي على البائع
للمشتري بدار مثلها في المواضع والخطة والذرع والبناء، كقول عثمان البستي: ثم
رفع لقاض آخر أبطله وألزم برد الثمن فقط إلا أن يكون أحدث بناء أو غرسا فيلزمه
بقيمة ذلك مع الثمن.
(ومنه) حاكم قضى ببطلان شفعة الشريك ثم رفع
لقاض آخر فإنه ينقضه ويثبت الشفعة للشريك لمخالفته لنص الحديث (ومنه) المحدود
في قذف إذا قذف بعد ثبوته ثم رفع الحاكم لقاض آخر لا يراه أبطله (ومنه) ما لو
حكم أعمى ثم رفع لمن لم يره نقضه لأنه ليس من أهل الشهادة والقضاء فوقها.
(ومنه)
إذا حكم بشهادة الصبيان ثم رفع لآخر نقضه لأنه كالمجنون، وكذا ما أداه النائم في
نومه.
(ومنه) الحكم بشهادة النساء وحدهن في شجاج الحمام ورفع
لآخر لا يمضيه (ومنه) الحكم بإجارة المديون في دينه لا ينفذ (ومنه)
القضاء بخط شهود أموات لا ينفذ (ومنه) القضاء بجواز بيع الدراهم بالدنانير
نسيئة.
(ومنه) القضاء بشهادة أهل الذمة في الأسفار في الوصية ثم
رفع لمن لا يراه نقضه (ومنه) إذا قضى بشيء ثم رفع لآخر فنقضه ولم يبين وجه
النقض أمضي النقض (ومنه) إذا باع رجل من آخر عبدا أو أمة ومضى على ذلك مدة ثم
ظهر فيه عيب لم يقر البائع به ولم تقم بينة بأنه كان موجودا عنده فرده القاضي على
البائع ثم رفع حكمه لآخر فإنه يبطل الرد ويعيده للمشتري.
(ومنه)
إذا حكم بتحريم بنت المرأة التي لم يدخل بها ثم رفع لحاكم آخر أبطل حكمه الأول
لمخالفته لنص: {وربائبكم اللاتي في حجوركم} الآية..
[ومن
القسم الثاني] إذا اختلف الأصحاب على قولين ثم أخذ الناس بأحد قوليهم وتركوا
الآخر فحكم القاضي بالمتروك لم ينقض عنده خلافا للثاني (ومنه) إذا وطئ أم
امرأته وحكم ببقاء النكاح ثم رفع لآخر يرى خلافه لم يبطله ثم إن كان الزوج جاهلا
فهو في سعة، وإن عالما لا يحل له المقام لأن القضاء لا يحلل ولا يحرم خلافا لأبي
حنيفة رحمه الله تعالى. وذكر الحاكم في المنتقى في رجل وطئ أم امرأته فقضى أن
ذلك لا يحرم ثم رفع لآخر فرق بينهما وذكر ذلك مطلقا، فالظاهر أن ذلك مذهبه أو قول
الإمام لمخالفته لنص: {ولا تنكحوا} وهو الوطء.
(ومنه) إذا
قضى بخلاف مذهبه غلطا ووافق قول مجتهد ثم رفع لآخر أمضاه عند الإمام. وقالا:
ينقضه لأنه غلط والغلط ليس بمجتهد فيه (ومنه) المديون إذا حبس لا يكون حبسه
حجرا عليه. قال القاسم بن معن: حجر، فلو حكم به ثم رفع لآخر نقضه. وقالا:
ينفذه، فلو حكم الثاني به نفذ ولا ينقض..
[ومن القسم الثالث]
إذا حكم بالشاهد واليمين في الأموال ثم رفع لحاكم يرى خلافه نقضه عند الثاني.
وعن الإمام لا لاختلاف الآثار (ومنه) إذا قضى بشهادة الأب لابنه أو جده ثم
رفع لآخر لا يراه أمضاه عند الثاني، وينقضه عند محمد (ومنه) إذا تزوج الزاني
بابنته من الزنا وحكم الحاكم بحل ذلك ثم رفع لمن لا يراه أبطله لأنه مما يستشنعه
الناس ذكره في شرح الطحاوي.
(ومنه) رجل أعتق عبدا ثم مات المعتق
ولا وارث له، ثم قضى القاضي بميراثه للمعتق ثم رفع لحاكم آخر نقضه وجعل ماله لبيت
المال عند أبي يوسف وهو الصحيح، لقوله عليه الصلاة والسلام: «إنما الولاء لمن
أعتق» ولا يلزم مولى الموالاة لأنه مستحق بالعقد وهو قائم بهما فاستويا كالزوجية،
فاغتنم هذا المقام فإنه من جواهر هذا الكتاب، والله سبحانه و تعالى أعلم:
بالصواب، وإليه المرجع والمآب.