الخرقى على مذهب ابي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني يعرف بــ مختصر الخرقي
المؤلف: أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الخرقي (ت ٣٣٤هـ)
التصنيف الفرعي للكتاب: فقه حنبلي
المحتويات
- كتاب الحج
- باب ذكر المواقيت
- باب ذكر الإحرام
- باب ما يتوقاه المحرم وما أبيح له
- باب ذكر الحج ودخول مكة
- باب ذكر الحج
- باب الفدية وجزاء الصيد
- العودة الي كتاب مختصر الخرقي
[كتاب الحج]
ومن ملك زادا وراحلة وهو عاقل بالغ لزمه الحج والعمرة.فإذا كان مريضا لا يرجى برؤه أو شيخا لا يستمسك على الراحلة أقام من يحج عنه ويعتمر وقد أجزأ عنه وإن عوفي.وحكم المرأة إذا كان لها محرم كحكم الرجل.فمن فرط فيه حتى توفي أخرج عنه من جميع ماله حجة وعمرة ومن حج عن غيره ولم يكن حج عن نفسه رد ما أخذ وكانت الحجة عن نفسه ومن حج وهو غير بالغ فبلغ أو عبد فعتق فعليه الحج.وإذا حج بالصغير جنب ما يتجنبه الكبير وما عجز عنه من عمل الحج عمل عنه ومن طيف به محمولا كان الطواف له دون حامله والله أعلم بالصواب.
[باب ذكر المواقيت]
وميقات أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام ومصر والمغرب من الجحفة وأهل اليمن من يلملم وأهل الطائف ونجد من قرن وأهل المشرق من ذات عرق وأهل مكة إذا أرادوا العمرة فمن الحل وإذا أرادوا الحج فمن مكة ومن كان منزله دون الميقات فميقاته من موضعه.ومن لم يكن طريقه على ميقات فإذا حاذى أقرب المواقيت إليه أحرم.وهذه المواقيت لأهلها ولمن مر عليها من غير أهلها ممن أراد حجا أو عمرة والاختيار أن لا يحرم قبل ميقاته فإن فعل فهو محرم.ومن أراد الإحرام فجاوز الميقات غير محرم رجع فأحرم من الميقات فإن أحرم من موضعه فعليه دم وإن رجع محرما إلى الميقات.ومن جاوز الميقات غير محرم فخشي أن رجع إلى الميقات فاته الحج أحرم من مكانه وعليه دم والله أعلم.
[باب ذكر الإحرام]
ومن أراد الحج وقد دخل أشهر الحج فإذا بلغ الميقات فالاختيار له أن يغتسل ويلبس ثوبين نظيفين ويتطيب فإن حضر وقت صلاة مكتوبة وإلا صلى ركعتين.فإن أراد التمتع١ وهو اختيار أبي عبد الله رحمه الله فيقول:اللهم إني أريد العمرة ويشترط فيقول إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني فإن حبس حل من الموضع الذي حبس فيه ولا شيء عليه.وإن أراد الإفراد٢ قال اللهم إني أريد الحج ويشترط.وإن أرد القران٣ قال اللهم إني أريد العمرة والحج ويشترط.فإذا استوى على راحلته لبى فيقول:"لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك".ثم لا يزال يلبي إذا علا نشزا أو هبط واديا وإذا التقت الرفاق
وإذا أغطى رأسه ناسيا وفي دبر الصلوات المكتوبة.والمرأة أيضا يستحب لها
أن تغتسل عند الإحرام وإن كانت حائضا أو نفساء لأن النبي صلى الله عليه وسلم
أمر أسماء بنت عميس وهي نفساء أن تغتسل ومن أحرم وعليه قميص خلعه ولم
يشقه.وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة والله أعلم.
_______________
١ التمتع: وهو أن يهل بعمرة مفردة من الميقات في
أشهر الحج ثم يحج من عامه الذي اعتمر فيه.
٢ الإفراد: أن يحرم من يريد
الحج من الميقات بالحج وحده.
٣ القران: هو الإهلال بالحج والعمرة معا أو
الإهلال بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل الطواف.
_______________
[باب ما يتوقاه المحرم وما أبيح له]
ويتوقى المحرم في إحرامه ما نهاه الله عز وجل عنه من الرفث وهو الجماع والفسوق وهو السباب والجدال وهو المراء.ويستحب له قلة الكلام إلا فيما ينفع وقد روي عن شريح أنه كان إذا أحرم كأنه حية صماء.ولا يتفلى المحرم ولا يقتل القمل ويحك رأسه وجسده حكا رفيقا ولا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرنس ولا العمام.فإن لم يجد الإزار لبس السراويل وإن لم يجد النعلين لبس الخفين ولا يقطعهما ولا فداء عليه ويلبس الهميان ويدخل السيور بعضها في بعض ولا يعقدها.وله أن يحتجم ولا يقطع شعرا ويتقلد السيف عند الضرورة.وإن طرح على كتفيه القبا والدواج١ ف لا بأس ولا يدخل يديه في الكمين ولا يظلل على رأسه في المحمل فإن فعل فعليه دم ولا يقتل الصيد ولا يصيده ولا يشير إليه ولا يدل عليه حلالا ولا محرما ولا يأكله إذا صاده الحلال لأجله.ولا يتطيب المحرم ولا يلبس ثوبا مسه ورس ولا زعفران١ ولا طيب ولا بأس بما صبغ بالعصفر٢
ولا يقطع شعرا من رأسه ولا جسده ولا يقطع ظفرا إلا أن ينكسر ولا ينظر في المرآة لإصلاح شيء ولا يأكل من الزعفران ما يجد رحيه ولا يدهن بما فيه طيب ولا ما لا طيب فيه ولا يتعمد لشم الطيب ولا يغطي شيئا من رأسه والأذنان من الرأس-.والمرأة إحرامها في وجهها فإن احتاجت سدلت على وجهها ولا تكتحل بكحل أسود وتجتنب كل ما يجتنبه الرجل المحرم إلا في اللباس وتظليل المحمل ولا تلبس القفازين والخلخال وما أشبهه.ولا ترفع المرأة صوتها بالتلبية إلا بمقدار ما تسمع رفيقتها
ولا يتزوج المحرم ولا يزوج فإن فعل فالنكاح باطل فإن وطئ المحرم في الفرج فأنزل
أو لم ينزل فقد فسد حجهما وعليه بدنة إن كان استكرهها وان كانت طاوعته فعلى كل
منهما بدنة وإن وطئها دون الفرج فلم ينزل فعليه دم فإن أنزل فعليه بدنة وقد فسد
حجه وإن قبل ولم ينزل فعليه دم فإن أنزل فعليه بدنة وعن أبي عبد الله رواية
أخرى إن أنزل فسد حجه وإن نظر فصرف بصره فأمنى فعليه دم فإن كرر النظر حتى أمنى
فعليه بدنة.
وللمحرم أن يتجر ويصنع الصنائع ويرتجع زوجته وعن أبي عبد الله رواية أخرى
في الارتجاع أن لا يفعل وله أن يقتل الحدأة والغراب والعقرب والفأرة والكلب
العقور وكل ما عدا عليه أو آذاه ولا فداء عليه.وصيد الحرم حرام على الحلال
والمحرم وكذلك شجره ونباته إلا الإذخر وما زرعه الإنسان. وإن حصر بعد نحر ما
معه من الهدي وحل فإن لم يكن معه هدي ولا يقدر عليه صام عشرة أيام ثم حل.وإن
منع من الوصول إلى البيت بمرض أو ذهاب نفقة بعث بهدي إن كان معه ليذبح بمكة
وكان على إحرامه حتى يقدر على البيت فإن قال أنا أرفض إحرامي وأحل فلبس المخيط
وذبح الصيد وعمل ما يعمله الحلال كان عليه في كل فعل فعله دم وكان على إحرامه
وإن كان وطئ فعليه للوطء بدنة مع ما يجب عليه من الدماء ويمضي في حج فاسد ويحج
من قابل والله أعلم بالصواب.
_______________
١ القبا والدواج: القبا ثوب يلبس فوق الثياب
ويتمنطق عليه.
١ ورس وزعفران: الورس بفتح الواو وإسكان الراء وآخره سين، نبت أصفر يصبغ به
والزعفران: نبات يخرج صبغة حمراء له رائحة طيبة.
٢ المعصفر: قال البخاري:
وليست عائشة الثياب المعصفرة وهي محرمة وقال جابر: لا أرى المعصفر طيبا.
_______________
والمرأة تقصر من شعرها مقدار الأنملة١.ثم يزور البيت فيطوف به سبعا وهو الطواف الواجب الذي به تمام الحج ثم يصلي ركعتين إن كان مفردا أو قارنا ثم قد حل له كل شيء وإن كان متمتعا فيطوف بالبيت سبعا وفي الصفا والمروة سبعا كما فعل للعمرة ثم يعود فيطوف بالبيت طوافا وينوي به الزيارة وهو قوله عز وجل: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} ٢ [الحج:٢٩]ثم يرجع إلى منى ولا يبيت بمكة ليالي منى فإذا كان من الغد وزالت الشمس رمى الجمرة الأولى بسبع حصيات ثم يكبر مع كل حصاة ويقف عندها ويرمي ويدعو ثم يرمي الوسطى بسبع حصيات ويكبر أيضا ويدعو ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات ولا يقف عندها.ويفعل في اليوم الثاني كما فعل بالأمس.فإن أحب أن يتعجل في يومين خرج قبل المغرب فإذا غربت الشمس وهو بها لم يخرج حتى يرمي من غد بعد الزوال كما رمى بالأمس.ويستحب له أن لا يدع الصلاة في مسجد منى مع الإمام.ويكبر في دبر كل صلاة من صلاة الظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق [العصر] .فإذا أتى إلى مكة لم يخرج حتى يودع البيت يطوف به سبعا ويصلي ركعتين إذا فرغ من جميع أموره حتى يكون آخر عهده بالبيت فإن ودع واشتغل بتجارة عاد فودع ثم رحل.
وإن خرج قبل الوداع رجع إن كان بالقرب وإن أبعد بعث بدم.والمرأة إذا حاضت قبل أن تودع خرجت ولا وداع عليها ولا فدية ومن خرج قبل طواف الزيارة رجع من بلده حراما حتى يطوف بالبيت وإن كان قد طاف للوداع لم يجزئه لطواف الزيارة.وليس في عمل القارن زيادة على عمل المفرد إلا أن عليه دما فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج يكون آخرها يوم عرفة وسبعة أيام إذا رجعومن اعتمر في أشهر الحج فطاف وسعى وحل ثم أحرم للحج من عامه ولم يكن خرج من مكة إلى ما تقصر فيه الصلاة فهو متمتع عليه دم
١ اضطبع: هو أن يجعل وسط الرداء تحت كتفه الأيمن، ويرد طرفيه على كتفه اليسرى، ويبقى كتفه اليمنى مكشوفة والأضطباع يكون في الأشواط الثلاثة الأولى التي يوصل فيها في طواف القدوم، ثم يسوي رداءه.
٢ الرمل: هو الإسرع في المشي مع هز الكتفين وتقارب الخطا.
١ يوم التروية: ثامن ذي الحجة لأنهم كانوا يرثون فيه من الماء لما بعد.
١ الأنملة: عقدة الأصبع أو سلامها، والمفصل الأعلى من الأصبع الذي فيه الظفر.
٢ سورة الحج الآية:٢٩.