الكتاب: الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار
المؤلف: محمد بن علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن الحنفي الحصكفي (ت ١٠٨٨ هـ)
التصنيف الفرعي للكتاب: الفقه علي المذهب الحنفي
المحتويات
- كتاب العتق
- باب عتق البعض
- باب الحلف بالعتق
- باب العتق على جعل
- باب التدبير
- باب الاستيلاد
- العودة الي الكتاب الدر المختار في شرح تنوير الأبصار
كتاب العتق
ميزت الإسقاطات بأسماء اختصارا، فإسقاط الحق عن القصاص عفو، وعما في
الذمة إبراء، وعن البضع طلاق، وعن الرق عتق. وعنون به لا بالإعتاق ليعم نحو
استيلاد وملك قريب. (هو) لغة: الخروج عن المملوكية من باب ضرب، ومصدره
عتق وعتاق. وشرعا (عبارة عن إسقاط المولى حقه عن مملوكه بوجه) مخصوص
(يصير به المملوك) أي بالإسقاط المذكور (من الأحرار) وركنه: اللفظ
الدال عليه أو ما يقوم مقامه، كملك قريب ودخول حربي اشترى مسلما دار الحرب.
وصفته واجب لكفارة، ومباح بلا نية؛ لأنه ليس بعبادة حتى صح من الكافر. ومندوب
لوجه الله تعالى لحديث عتق الأعضاء، وهل يحصل ذلك بتدبير وشراء قريب؟ الظاهر
نعم، ومكروه لفلان، وحرام بل كفر للشيطان.
(ويصح من حر مكلف)
ولو سكران أو مكرها أو مخطئا أو مريضا أو لا يعلم بأنه مملوكه كقول الغاصب للمالك
أو البائع للمشتري أعتق عبدي هذا وأشار إلى المبيع عتق، لا من صبي ومعتوه ومدهوش
ومبرسم ومغمى عليه ومجنون ونائم كما لا يصح طلاقهم؛ ولو أسنده لحالة مما ذكر أو
قال وأنا حربي في دار الحرب وقد علم ذلك فالقول له (في ملكه) ولو رقبة
كمكاتب، وخرج عتق الحمل إذا ولدته لستة أشهر فأكثر (ولو لأقل صح ولو بإضافته
إليه) كإن ملكتك، أو إلى سببه كإن اشتريتك فأنت حر، بخلاف إن مات مورثي فأنت حر
لا يصح؛ لأن الموت ليس سببا للملك. ومن لطائف التعليق قوله لأمته: إن مات أبي
فأنت حرة فباعها لأبيه ثم نكحها فقال إن مات أبي فأنت طالق ثنتين فمات الأب لم
تطلق ولم تعتق ظهيرية، وكأنه؛ لأن الملك ثبت مقارنا لهما بالموت فتأمل.
(بصريحه بلا نية) سواء وصفه به (كأنت حر أو) عتق أو (عتيق أو معتق أو
محرر) ولو ذكر الخبر فقط - كان كناية (أو) أخبر نحو (حررتك أو أعتقتك أو
أعتقك الله) في الأصح ظهيرية (أو هذا مولاي أو) نادى نحو (يا مولاي) أو
يا مولات، بخلاف أنا عبدك في الأصح (أو يا حر أو يا عتيق). ولو قال أردت
الكذب أو حريته من العمل دين (إلا إذا سماه به) وأشهد وقت تسميته خانية، فلا
يعتق ما لم يرد الإنشاء، وكذا في الطلاق (ثم) بعد تسميته بالحر (إذا
ناداه) بمرادفه (بالعجمية) كيا أزاد (أو عكس) بأن سماه بأزاد وناداه
بالعربية بيا حر (عتق) لعدم العلمية (وكذا رأسك) حر (ووجهك) حر
(ونحوهما مما يعبر به عن البدن) كما مر في الطلاق، ولو أضافه إلى جزء شائع
كثلثه عتق ذلك القدر لتجزيه عند الإمام كما سيجيء. ومن الصريح قوله لعبده:
أنت حرة ولأمته أنت حر خانية، ومنه وهبتك أو بعتك نفسك فيعتق مطلقا، ولو زاد بكذا
توقف على القبول فتح، ومنه المصدر نحو العتاق عليك وعتقك علي فيعتق بلا نية، ولو
زاد واجب لم يعتق لجواز وجوبه لكفارة ظهيرية. وفي البدائع: قيل له أعتقت
عبدك؟ فأومأ برأسه أن نعم لم يعتق، ولو زاد من هذا العمل عتق قضاء، ولو قال يا
سالم فأجابه غانم فقال أنت حر ولا نية له عتق المجيب، ولو قال عنيت سالما عتقا
قضاء. وفي الجوهرة قال لمن لا يحسن العربية قل لعبدك أنت حر فقال له. عتق
قضاء، ولو قال رأسك رأس حر بالإضافة لا يعتق وبالتنوين عتق؛ لأنه وصف لا
تشبيه.
(وبكنايته إن نوى) للاحتمال (كلا ملك لي عليك ولا سبيل
أو لا رق، أو خرجت من ملكي وخليت سبيلك و) كقوله (لأمته قد أطلقتك) وأنت
أعتق أو لزوجته أطلق من فلانة وهي مطلقة تعتق وتطلق إن نوى كتهجيهما. وفي
الخلاصة: قال لعبده أنت غير مملوك لا يعتق بل يثبت له أحكام الأحرار حتى يقر
بأنه مملوكه ويصدقه فيملكه وكذا ليس هذا بعبدي لا يعتق وقاس عليه في البحر لا ملك
لي عليك لكن نازعه في النهر.
(و) يصح أيضا (بهذا ابني) أو
بنتي (للأصغر) سنا من المالك (والأكبر و) كذا (هذا أبي) أو جدي
(أو) هذه (أمي وإن لم) يصلحوا لذلك ولم (ينو العتق)؛ لأنها صرائح لا
كناية ولذا جاء بالباء وأخرها لتفصيلها، فإن صلحوا وجهل نسبهم في مولدهم وليس
للقائل أب معروف - ثبت النسب أيضا ما لم يقل ابني من الزنا فيعتق فقط، وهل يشترط
تصديقه فيما سوى دعوى البنوة؟ قولان، ولا تصير أمه أم ولد. ولو قال لعبده:
هذه بنتي أو لأمته هذا ابني افتقر للنية وفي هذا خالي أو عمي عتق وأخي لا، ما لم
ينو من النسب (لا) يعتق (بيا ابني ويا أخو) ويا أختي ويا أبي - (ولا
سلطان لي عليك ولا بألفاظ الطلاق) صريحه وكنايته، بخلاف عكسه كما مر (وإن
نوى) قيد للأخيرة لتوقفه في النداء على النية كما نقله ابن الكمال، وكذا نفى
السلطان كما رجحه الكمال وأقره في البحر.
(و) كذا (أنت مثل
الحر) يعتق بالنية ذكره ابن الكمال وغيره (إلا في قوله) أطلقتك ولو لعبده
فتح (أمرك بيدك أو اختاري فإنه عتق مع النية) فإنه من كنايات العتق أيضا، ولا
بدع بدائع، ويتوقف على القبول في المجلس، وكذا اختر العتق أو أمر عتقك بيدك وإن
لم يحتج للنية؛ لأنه تمليك كالطلاق، ولا عتق بنحو أنت علي حرام وإن نوى، لكن يكفر
بوطئها.
(و) يصح أيضا (بقوله عبدي أو حماري) أو جداري
(حر) كما لو جمع بين امرأته وبهيمة أو حجر وقال إحداكما طالق طلقت امرأته، لا
لو جمع بين امرأته أو أمته الحية والميتة جوهرة وزيلعي.
(و) يصح
أيضا (بملك ذي رحم محرم) أي قريب حرم نكاحه أبدا، ولو شقصا فيعتق بقدره عنده،
أو حملا كشراء زوجة أبيه الحامل - منه (ولو) المالك (صبيا أو مجنونا أو
كافرا) في دارنا، حتى لو أعتق المسلم أو الحربي عبده في دار الحرب لا يعتق
بعتقه بل بالتخلية فلا ولاء له خلافا للثاني؛ ولو عبده مسلما أو ذميا عتق
بالاتفاق لعدم محليته للاسترقاق زيلعي.
(و) يصح أيضا بتحرير
(لوجه الله والشيطان والصنم وإن) أثم و (كفر به) أي بالإعتاق للصنم
(المسلم عند قصد التعظيم)؛ لأن تعظيم الصنم كفر. وعبارة الجوهرة: لو قال
للشيطان أو للصنم كفر.
(و) يصح أيضا (بكره) - أي إكراه ولو
غير ملجئ (وسكر بسبب محظور) سيجيء أن كل مسكر حرام فلا يخرج إلا شرب المضطر
فإنه كالإغماء.
(و) يصح أيضا مع (هزل) هو عدم قصد حقيقة ولا
مجاز (وإن علق) العتق (بشرط) كدخول دار (صح) وعتق إن دخل (والتعليق
بأمر كائن تنجيز، فلو قال لعبده) وهو في ملكه (إن ملكتك فأنت حر عتق للحال،
بخلاف قوله لمكاتبه إن أنت عبدي فأنت حر) لا يعتق لقصور الإضافة ظهيرية.
وفيها تصبح حرا تعليق وتقوم حرا وتقعد حرا تنجيز قال: إن سقيت حماري فذهب به
للماء ولم يشرب عتق؛ لأن المراد عرض الماء عليه. قال عبدي الذي هو قديم الصحبة
حر عتق من صحبه سنة هو المختار؛ ولو قال أنت عتق ونوى في الملك دين ولو زاد في
السن لا يعتق.
(وعتق بما أنت إلا حر) لا بما أنت إلا مثل الحر،
وإن نوى، ولا بكل مالي حر ولا بكل عبد في الأرض أو كل عبيد الدنيا أو أهل بلخ حر
عند الثاني وبه يفتى، بخلاف هذه السكة أو الدار بحر.
(حرر حاملا
عتقا) أصالة وقصدا (إذا ولدته بعد عتقها لأقل من نصف حول) ولأكثر عتق تبعا،
وثمرته انجرار ولائه (ولو حرره) ولو بلفظ علقة أو مضغة أو إن حملت بولد فهو
حر (عتق فقط) ولم يجز بيع الأم وجاز هبتها، ولو دبره لم تجز هبتها في الأصح؛
لأنه كمشاع وبطل شرط المال عليه، وكذا على أمه، لكن يشترط قبولها للعتق. وفي
الظهيرية: قال: ما في بطنك متى أدى إلي ألفا تعليق. وفيها: أوصى له ومات
وأعتقه الورثة جاز وضمنوه يوم الولادة. ولو قال أكبر ولد في بطنك حر فولدت
ولدين فأولهما خروجا أكبر.
(والولد) ما دام جنينا (يتبع
الأم) ولو بهيمة فيكون لصاحب الأنثى، ويؤكل ويضحى به لو أمه كذلك (في
الملك) - بسائر أسبابه (والرق) إلا ولد المغرور وصورة الرق بلا ملك كالكفار
في دار الحرب، فإن كلهم أرقاء غير مملوكين لأحد فأول ما يؤخذ الأسير يوصف بالرق
لا المملوكية حتى يحرز بدارنا، فإذا أخذت ومعها ولد يتبعها في الرق قهستاني.
(والحرية والعتق وفروعه) ككتابة وتدبير مطلق واستيلاد إذا لم يشترط الزوج
حرية الولد كما مر، وفي رهن ودين وحق أضحية واسترداد بيع وسريان ملك، فهي اثنا
عشر ولا يتبعها في كفالة وإجارة وجناية وحد وقود وزكاة سائمة ورجوع في هبة وإيصاء
بخدمتها، ولا يتذكى بذكاة أمه فهي تسع كما بسط في بيوع الأشباه. وزاد في
البحر: ولا في نسب، حتى لو نكح هاشمي أمة فولدها هاشمي كأبيه رقيق كأمه ولا
يتبعها بعد الولادة إلا في مسألتين: إذا استحقت الأم ببينة - وإذا بيعت،
والبهيمة ومعها ولدها وقته.
(ولد الأمة من زوجها ملك لسيدها)
تبعا لها (وولدها من مولاها حر) وقد يكون حرا من رقيقين بلا تحرير كأن نكح
عبد أمة أبيه فولده حر؛ لأنه ولد ولد المولى ظهيرية، وعليه فولدها من سيدها أو
ابنه أو أبيه حر.
[فرع]
حملت أمة كافرة لكافر من
كافر فأسلم هل يؤمر مالكها الكافر ببيعها لإسلامه تبعا؟ قال في الأشباه لم
أره. قلت: الظاهر أنه لا يجبر؛ لأنه قبل الوضع موهوم وبه لا يسقط حق المالك،
والله أعلم.
باب عتق البعض
(أعتق بعض عبده) ولو مبهما (صح) ولزمه بيانه (ويسعى فيما
بقي) وإن شاء حرره (وهو) أي معتق البعض (كمكاتب) حتى يؤدي إلا في ثلاث
(بلا رد إلى الرق لو عجز) ولو جمع بينه وبين قن في البيع بطل فيهما، ولو قتل
ولم يترك وفاء فلا قود، بخلاف المكاتب (وقالا) من أعتق بعضه (عتق كله)
والصحيح قول الإمام قهستاني عن المضمرات، والخلاف مبني على أن الإعتاق يوجب زوال
الملك عنده وهو منجز. وعندهما زوال الرق وهو غير منجز، وعلى هذا الخلاف التدبير
والاستيلاد. ولا خلاف في عدم تجزؤ العتق والرق. ومن الغريب ما في البدائع من
تجزئيهما عند الإمام؛ لأن الإمام لو ظهر على جماعة من الكفرة وضرب الرق على
أنصافهم ومن على الأنصاف جاز، ويكون حكمهم بقاء كالمبعض.
ولو
(أعتق شريك نصيبه فلشريكه) ست خيارات بل سبع (إما أن يحرر) نصيبه منجزا،
أو مضافا لمدة كمدة الاستسعاء فتح، أو يصالح، أو يكاتب لا على أكثر من قيمته لو
من النقدين. ولو عجز استسعى، فإن امتنع آجره جبرا (أو يدبر) وتلزمه السعاية
للحال، فلو مات المولى فلا سعاية إن خرج من الثلث (أو يستسعى) العبد كما مر
(والولاء لهما)؛ لأنهما المعتقان (أو يضمن) المعتق (لو موسرا) وقد
أعتق بلا إذنه، فلو به استسعاه على المذهب - (ويرجع) بما ضمن (على العبد
والولاء) كله (له) لصدور العتق كله جهته حيث ملكه بالضمان وهل يجوز الجمع
بين السعاية والضمان إن تعدد الشركاء؟ نعم، وإلا لا، ومتى اختار أمرا تعين إلا
السعاية فله الإعتاق، ولو باعه أو وهبه نصيبه لم يجز؛ لأنه كمكاتب (ويساره
بكونه مالكا قدر قيمة نصيب الآخر) يوم الإعتاق سوى ملبوسه وقوت يومه في الأصح
مجتبى. ولو اختلفا في قيمته، إن قائما قوم للحال وإلا فالقول للمعتق لإنكاره
الزيادة، وكذا لو اختلفا في يساره وإعساره..
(ولو شهد) أي
أخبر لعدم قبولها - وإن تعددوا لجرهم مغنما بدائع (كل من الشريكين بعتق
الآخر) حظه وأنكر كل (سعى لهما) ما لم يحلفهما القاضي فحينئذ يسترق أو يسعى
(في حظهما) ولو نكل أحدهما صار معترفا فلا سعاية، ولو مات قبل أن يتفقا فلبيت
المال بحر (مطلقا) ولو موسرين أو مختلفين (والولاء لهما) وقال يسعى
للمعسرين لا للموسرين (ولو تخالفا يسارا يسعى للموسر لا لضده) وهو المعسر،
والولاء موقوف في الكل حتى يتصادقا، كذا في البحر والملتقى وعامة الكتب. قلت:
ففي المتن خلل لا يخفى فتنبه. ثم رأيت شيخنا الرملي نبه على ذلك كذلك، فلله
الحمد.
[فرع]
قال أحد شريكين للآخر: بعت منك
نصيبي، وإن لم أكن بعته منك فهو حر. وقال الآخر: ما اشتريته وإن كنت اشتريته
منك فهو حر فالقول لمنكر الشراء بيمينه، فإن حلف ولا بينة للبائع عتق بلا سعاية
لمدعي البيع، بل للآخر في حظه بكل حال، وكذا عندهما لو البائع معسرا، ولو موسرا
لم يسع لأحد في الأصح.
ولو (علق أحدهما عتقه بفعل غدا) مثلا كإن
دخل فلان الدار غدا فأنت حر (وعكس) الشريك (الآخر) فقال إن لم يدخل فمضى
الغد (وجهل شرطه) أدخل أم لا (عتق نصفه) لحنث أحدهما بيقين (وسعى في
نصفه لهما) مطلقا والولاء لهما (ولا عتق) والمسألة بحالها (لو حلفا على
عبدين كل واحد منهما لأحدهما) لتفاحش الجهالة حتى لو اتحد المالك كأن اشتراهما
من علم بحلفهما عتق عليه أحدهما وأمر بالبيان فتح، أو الحالف بأن (قال عبده حر
إن لم يكن فلان دخل هذه الدار اليوم، ثم قال امرأته طالق إن كان دخل اليوم عتق
وطلقت)؛ لأنه بكل يمين زعم الحنث في الأخرى، بخلاف ما لو كانت الأولى بالله، إذ
الغموس لا يدخل تحت الحكم ليكذب به بخلاف الأخرى..
(ومن ملك
قريبه) بسبب ما (مع) رجل (آخر عتق حظه بلا ضمان علم) الشريك (بقرابته
أو لا) - على الظاهر؛ لأن الحكم يدار على السبب (ولشريكه أن يعتق أو
يستسعى) أما لو ملك مستولدته بالنكاح مع آخر فيضمن حظ شريكه لكونه ضمان تملك
(وإن اشترى نصفه أجنبي ثم القريب باقيه فله أن يضمن المشتري) موسرا (أو
يستسعى) العبد، هذه ساقطة من نسخ الشارح.
(وإن اشترى نصف قريبه
ممن يملكه) كله (لا يضمن لبائعه مطلقا) لمشاركته في العلة، وقيد بملكه؛
لأنه (لو اشتراه من أحد الشريكين لزمه الضمان) إجماعا (للشريك الذي لم يبع
لو) المشتري (موسرا).
(عبد بين ثلاثة دبره واحد و) بعده
(أعتقه آخر وهما موسران ضمن الساكت) الذي لم يدبر ولم يحرر (مدبره) إن
شاء ثلث قيمته قنا ورجع بها على العبد (لا معتقه)؛ لأن التدبير ضمان معاوضة -
وهو الأصل (و) ضمن (المدبر معتقه ثلثه مدبرا لا ما ضمنه) المدبر من ثلثه
قلنا لنقصه بتدبيره وسيجيء أن قيمة المدبر ثلثا قيمته قنا (والولاء بين المعتق
والمدبر أثلاثا: ثلثاه للمدبر، وما بقي للمعتق) لعتقه هكذا على ملكهما.
(ولو
قال: هي أم ولد شريكي وأنكر) شريكه، ولا بينة (تخدمه يوما وتتوقف) بلا
خدمة (يوما) عملا بإقراره، ونفقتها في كسبها وإلا فعلى المنكر وجنايتها
موقوفة (ولا قيمة لأم ولد) إلا لضرورة إسلام أم ولد النصراني وقوماها بثلث
قيمتها قنة (فلا يضمن غنى أعتقها مشتركة) بأن ولدت فادعياه وصارت أم ولد لهما
فأعتقها أحدهما لم يضمن، وكذا لو ولدت فادعاه أحدهما ثبت نسبه ولا ضمان ولا
سعاية، خلافا لهما (و) إنما (تضمن بالجناية) إجماعا (فلو قربها إلى سبع
فافترسها ضمن)؛ لأنه ضمان جناية لا ضمان غصب، ولذا يضمن الصبي الحر بمثله
زيلعي.
(ولو قال لعبدين عنده من ثلاثة أعبد له: أحدكما حر فخرج
واحد ودخل آخر فأعاد) قوله أحدكما حر، فما دام حيا يؤمر بالبيان. - (و)
إن (مات بلا بيان عتق مما ثبت ثلاثة أرباعه) نصفه بالأول ونصف نصفه بالثاني
(و) عتق (من كل من غيره نصفه) لثبوته بطريق التوزيع والضرورة فلم يتعد
(وإن صدر ذلك) المذكور (منه في مرضه) وضاق الثلث عنهم (ولم يجزه
الورثة) وقيمتهم سواء (قسم الثلث بينهم كما مر، بأن جعل كل عبد سبعة) أسهم
(كسهام العتق) لاحتياجنا إلى مخرج له نصف وربع وأقله أربعة، فتعول لسبعة وهي
ثلث المال (وعتق ممن ثبت ثلاثة) من سبعة وسعى في أربعة (و) عتق (من كل
من غيره سهمان) وسعى في خمسة، فبلغ سهام السعاية أربعة عشر وسهام الوصايا سبعة
لنفاذها من الثلث. - (وإن طلق) نسوته الثلاث (كذلك) ومهرهن سواء (قبل
وطء) ليفيد البينونة (سقط ربع مهر من خرجت وثلاثة أثمان من ثبتت وثمن من
دخلت)؛ لأن بالإيجاب الأول سقط نصف مهر الواحدة منصفا بين الخارجة والثابتة
فسقط ربع كل، ثم بالإيجاب الثاني سقط الربع منصفا بين الثابتة والداخلة.
(وأما الميراث) لهن من ربع أو ثمن (فللداخلة نصفه)؛ لأنه لا يزاحمها إلا
الثابتة (والنصف الآخر بين الخارجة والثابتة نصفان) لعدم المرجع (وعلى كل
واحدة منهن عدة الوفاة احتياطا) لا الطلاق لعدم الدخول.
(والوطء
والموت بيان في طلاق) بائن (مبهم) كقوله لامرأتيه: إحداكما بائن فوطئ
إحداهما أو ماتت كان بيانا للأخرى قيل: وكذا التقبيل لا الطلاق وهل التهديد
بالطلاق كالطلاق كالعرض على البيع كالبيع؟ لم أره (كبيع) ولو فاسدا
(وموت) ولو بقتل العبد نفسه (وتحرير) ولو معلقا (وتدبير) ولو مقيدا
(واستيلاد) وكذا كل تصرف لا يصح إلا في الملك ككتابة وإجارة وإيصاء وتزويج
ورهن (وهبة وصدقة) - ولو غير (مسلمتين) ذكره ابن الكمال؛ لأن المساومة
بيان فهذه أولى بلا قبض بدائع (في) حق (عتق مبهم) كقوله: أحدكما حر
ففعل ما ذكر تعين الآخر، ولو قيل له أيهما نويت فقال لم أعن هذا عتق الآخر، ثم إن
قال لم أعن هذا عتق الأول أيضا وكذا الطلاق، بخلاف الإقرار اختيار. ولو جنى
أحدهما تعين الجاني وعليه الدية دفعا للضرر ولوالجية (لا) يكون (الوطء)
ودواعيه بيانا (فيه) وقالا: هو بيان حبلت أو لا وعليه الفتوى لعدم حله إلا
في الملك (وكذا الموت لا يكون بيانا في الإخبار) اتفاقا.
(فلو
قال لغلامين: أحدكما ابني، أو) قال لجاريتين (إحداكما أم ولدي فمات أحدهما
لا يتعين الباقي للعتق ولا للاستيلاد)؛ لأن الإخبار يصح في الحي والميت بخلاف
الإنشاء..
(قال لأمته إن كان أول ولد تلدينه ذكرا فأنت حرة
فولدت ذكرا وأنثى ولم يدر الأول رق الذكر) بكل حال (وعتق نصف الأم والأنثى)
لعتقهما بتقديم الذكر ورقهما بعكسه، فيعتق نصفهما ويستسعيان في نصف
قيمتهما..
(شهدا بعتق أحد مملوكيه) ولو أمتيه (لغت) عند
أبي حنيفة - لكونها على عتق مبهم (إلا أن تكون) شهادتهما (في وصية) ومنها
التدبير في الصحة والعتق في المرض (أو طلاق مبهم) فتقبل إجماعا، والأصل أن
الطلاق المبهم يحرم الفرج إجماعا فيكون حق الله فلا تشترط له الدعوى، بخلاف العتق
المبهم فلا يحرمه عنده، لكن لم يجز أن يفتى به فليحفظ. (كما) تقبل (لو
شهدا بعد موته أنه) أي المولى (قال في صحته) لقنيه (أحدكما حر على
الأصح) لشيوع العتق فيهما بالموت فصار كل خصما متعينا وصححه ابن الكمال
وغيره.
[فروع]
شهدا بعتق سالم ولا يعرفونه عتق، ولو
له عبدان كل اسمه سالم وجحد فلا عتق، كشهادتهما بعتقه لمعينة سماها فنسيا اسمها
أو بطلاق إحدى زوجتيه وسماها فنسياها لم تقبل للجهالة فتح، والله تعالى
أعلم.
باب الحلف بالعتق
(قال إن دخلت الدار فكل مملوك لي يومئذ حر عتق من له حين دخوله)
ولو ليلا، سواء (ملكه بعد حلفه أو قبله)؛ لأن المعنى يوم إذ دخلت فاعتبر ملكه
وقت دخول (و) لذا لو لم يقل يومئذ عتق من له وقت حلفه فقط كقوله (كل عبد لي
أو أملكه حر بعد غد) أو بعد شهر اعتبر وقت حلفه؛ لأن لي أو أملكه للحال فلا
يتناول الاستقبال، حتى لو لم يملك شيئا يوم حلفه لغا يمينه (ودبر بكل عبد لي أو
أملكه حر بعد موتي، من) كان (له) مملوك (يوم قال) هذا القول (لا)
يكون مدبرا مطلقا بل مقيدا (من ملكه بعده، و) لكن (إن مات عتقا من الثلث)
لتعليقه بالموت فيصير وصية (المملوك لا يتناول الحمل)؛ لأنه تبع لأمه (فلا
يعتق حمل جارية من قال كل مملوك لي ذكر فهو حر) ولو لم يقل ذكر لدخل الحامل
فيعتق الحمل تبعا (وكذا) لفظ المملوك والعبد لا يتناول (المكاتب)
والمشترك ويتناول المدبر والمرهون والمأذون على الصواب؛ ولو نوى الذكور أو لم ينو
المدبر دين. وفي: مماليكي كلهم أحرار لم يدين لدفع احتمال التخصيص
بالتأكيد.
[فروع]
حلف لا يعتق عبده فكاتب أو اشترى
قريبا أو اشترى العبد نفسه حنث.
إن بعتك فأنت حر فباعه فاسدا عتق
وصحيحا لا. إن دخلت دار فلان فأنت حر فشهد فلان وآخر أنه دخل عتق؛ وفي إن كلمته
لا؛ لأنها على فعل نفسه؛ ولو شهد ابنا فلان أنه كلم أباهما جازت إن جحد، وكذا إن
ادعاه عند محمد وأبطلها الثاني.
باب العتق على جعل
بالضم ويفتح: المال (أعتق عبده على مال) صحيح معلوم الجنس
والقدر (فقبل العبد) كل المال (في المجلس) يعم مجلس علمه لو غائبا
(عتق) وإن لم يؤد؛ لأنه معلق على القبول لا الأداء؛ حتى لو رد أو أعرض بطل
(و) أما (لو علقه بأدائه) كإن أديت فأنت حر (صار مأذونا) له دلالة،
وهل يصح حجره؟ تردد فيه في البحر (لا مكاتبا)؛ لأنه صريح في تعليق العتق
بالأداء، وهو يخالف المكاتب في عشرين مسألة ذكر منها تسعة فقال (فلا يتوقف)
عتقه (على قبوله ولا يبطل برده، وللمولى بيعه قبل وجود شرطه وهو الأداء) ولو
باعه ثم اشتراه هل يجب قبول ما يأتي به؟ خلاف (وعتق بالتخلية) بحيث لو مد
يده للمال أخذه.
(ولو أدى عنه غيره تبرعا) أو أمر غيره بالأداء
فأدى (لا) يعتق؛ لأن الشرط أداؤه ولم يوجد. (كما) لا يعتق (لو) قيد
بدراهم فأدى دنانير أو بكيس أبيض فدفع في كيس أسود أو بهذا الشهر فدفع في غيره أو
(حط عنه البعض بطلبه وأدى الباقي) وكذا لو أبرأه (أو مات المولى وأداه إلى
الورثة) لعدم الشرط بل العبد بإكسابه للورثة كما لو مات العبد قبل الأداء
فتركته لمولاه بل له أخذ ما ظفر به أو ما فضل عنده من كسبه، ولو أدى من كسبه قبل
التعليق عتق ورجع السيد بمثله عليه (وتعلق أداؤه بالمجلس) إن علق بإن وبإذا
لا، ولا يتبعه أولاده، بخلاف المكاتب في الكل (وهو) أي المال (دين صحيح يصح
التكفيل به) بخلاف بدل الكتابة فإنه لا تصح الكفالة به، وهذه الموفية
عشرون.
ويزاد ما في الذخيرة: لو علقه بألف فاستقرضها فدفعها
لمولاه عتق ورجع الغريم على المولى؛ لأن غرماء المأذون أحق بماله حتى تتم
ديونهم. ولو استقرض ألفين فدفع أحدها وأكل الأخرى فللغريم مطالبة المولى بهما
لمنعه بعتقه من بيعه بدينه..
(ولو قال أنت حر بعد موتي بألف إن
قبل بعده) أي بعد موته (وأعتقه) مع ذلك (وارث أو وصي أو قاض عند امتناع
الوارث) هو الأصح؛ لأن الميت ليس بأهل للإعتاق (عتق) بالألف، والولاء للميت
(وإلا) يوجد كلا الأمرين (لا) يعتق بذلك.
(ولو حرره على
خدمته حولا) مثلا كأعتقتك على أن تخدمني سنة (فقبل عتق في الحال) وفي إن
خدمتني سنة فأنت حر لا يعتق إلا بالشرط، فلو خدمه أقل منها أو عوضه عنها أو قال
إن خدمتني وأولادي فمات بعض أولاده لا يعتق؛ لأن إن للتعليق، وعلى للمعاوضة
(وخدمه) الخدمة المعروفة بين الناس (مدته) أيا كانت (فإن) جهلت أو
(مات هو) ولو حكما كعمى (أو مولاه قبلها) ولو خدم بعضها فبحسابه (تجب
قيمته) فتؤخذ منه للورثة أو من تركته للمولى. وعند محمد تجب قيمة خدمته، وبه
نأخذ حاوي. وهل نفقة عياله لو فقيرا على مولاه في المدة كالموصى له بالخدمة أو
يكتسب للإنفاق حتى يستغنى ثم يخدم المولى كالمعسر؟ بحث في البحر الثاني والمصنف
الأول (كبيع عبد منه بعين) كبعتك نفسك بهذا العين (فهلكت) أو استحقت
(تجب قيمته) وعند محمد قيمتها..
(ولو قال) رجل لمولى أمة
(أعتق أمتك بألف علي على أن تزوجنيها، إن فعل) العتق (وأبت) النكاح
(عتقت مجانا ولا شيء له على آمره) لصحة اشتراط البدل على الغير في الطلاق لا
في العتاق (ولو زاد) لفظ (عني قسم الألف على قيمتها ومهرها) أي مهر مثلها
لتضمنه الشراء اقتضاء، و (لذا تجب حصة ما سلم) أي القيمة وتسقط حصة المهر
(فلو نكحت) القائل (فحصة مهر مثلها) من الألف (مهرها) فيكون لها
(في وجهيه) ضم عني وتركه (وما أصاب قيمتها) في الأولى هدر، و (في
الثانية لمولاها) باعتبار تضمن الشراء وعدمه..
(أعتق)
المولى (أمته على أن تزوجه نفسها فزوجته فلها مهر مثلها) وجوزه الثاني اقتداء
بفعله عليه الصلاة والسلام في صفية. قلنا: «كان عليه الصلاة والسلام مخصوصا
بالنكاح بلا مهر» (فإن أبت فعليها) السعاية (قيمتها) اتفاقا، وكذا لو
أعتقت المرأة عبدا على أن ينكحها، فإن فعل فلها مهرها، وإن أبي فعليه قيمته
(ولو كانت) المعتقة على ذلك (أم ولده) فقبلت عتقت (فإن أبت) نكاحه
(فلا شيء عليها) خانية لعدم تقوم أم الولد.
[فرع]
قال
أعتق عني عبدا وأنت حر فأعتق عبدا جيدا لا يعتق، وفي أد إلي يعتق؛ لأنه إدخال في
ملكه فيكون راضيا بالزيادة، وأما العتق إخراج؛ لأن كسبه ملك للمولى..
باب التدبير
(هو) لغة الإعتاق عن دبر، وهو ما بعد الموت: وشرعا (تعليق
العتق بمطلق موته) ولو معنى كإن مت إلى مائة سنة، وخرج بقيد الإطلاق التدبير
المقيد كما سيجيء؛ وبموته تعليقه بموت غيره فإنه ليس بتدبير أصلا بل تعليق بشرط
(كإذا) أو متى أو إن (مت) أو هلكت أو حدث بي حادث (فأنت حر) أو عتيق
أو معتق (أو أنت حر عن دبر مني أو أنت مدبر أو دبرتك) زاد بعد موتي أو لا
(أو أنت حر يوم أموت) أريد به مطلق الوقت لقرانه بما لا يمتد، فإن نوى النهار
صح وكان مقيدا (أو إن مت إلى مائة سنة) مثلا (وغلب موته قبلها) هو
المختار لأنه كالكائن لا محالة، وأفاد بالكاف عدم الحصر، حتى لو أوصى لعبده بسهم
من ماله عتق بموته. ولو بجزء لا، والفرق لا يخفى، وذكرناه في شرح الملتقى.
(دبر
عبده ثم ذهب عقله فالتدبير على حاله) لما مر أنه تعليق، وهو لا يبطل بجنون ولا
رجوع (بخلاف الوصية) برقبته لإنسان ثم جن ثم مات بطلت.
(ولا
يقبل) التدبير (الرجوع) عنه (ويصح مع الإكراه بخلافها) فالتدبير كوصية
إلا في هذه الثلاثة أشباه، ويزاد مدبر السفيه ومدبر قتل سيده.
(فلا
يباع المدبر) المطلق خلافا للشافعي. ولو قضى بصحة بيعه نفذ، وهل يبطل
التدبير؟ قيل نعم لو قضى ببطلان بيعه صار كالحر (ولا يوهب ولا يرهن) فشرط
واقف الكتب الرهن باطل؛ لأن الوقف في يد مستعيره أمانة فلا يتأتى الإيفاء
والاستيفاء بالرهن به بحر. (ولا يخرج من الملك إلا بالإعتاق والكتابة)
تعجيلا للحرية وسيتضح في بابه. والحيلة لمريد التدبير على وجه يملك بيعه أن
يدبره مقيدا كإن مت وأنت في ملكي أو إن بقيت بعد موتي فأنت حر
(ويستخدم)
المدبر (ويستأجر) وينكح (والأمة توطأ وتنكح) جبرا (والمولى أحق بكسبه
وأرشه ومهر المدبرة) لبقاء ملكه في الجملة (وبموته) ولو حكما كلحاقه مرتدا
(عتق) في آخر جزء من حياة المولى (من ثلثه) أي ثلث ماله يوم موته إلا إذا
قال في صحته أنت حر أو مدبر ومات مجهلا فيعتق نصفه من الكل ونصفه من الثلث حاوي
(وسعى) بحسابه إن لم يخرج من الثلث و (في ثلثيه)؛ لأن عتقه من الثلث
(إن لم يترك غيره وله وارث لم يجزه) أي التدبير (فإن لم يكن) وارث (أو
كان وأجازه عتق كله)؛ لأنه وصية، ولذا لو قتل سيده سعى في قيمته كمدبر السفيه
ولو قتلته أم الولد لا شيء عليها كما بسطه في الجوهرة (وسعى في كله) أي كل
قيمته مدبرا مجتبى وهو حينئذ كمكاتب، وقالا حر مديون (لو) المولى
(مديونا) بمحيط. ولو دبر أحد الشريكين فللآخر خيارات العتق، فإن ضمن شريكه
فمات سعى في نصفه مختار.
(وولد المدبرة) تدبيرا مطلقا
(مدبر) أما المقيد فلا يتبعها، وذكر المصنف في البيع الفاسد أن ولد المدبر
كأبيه فتأمل، وأما تدبير الحمل فكعتقه.
(ولو ولدت المدبرة من
سيدها فهي أم ولده وبطل التدبير)؛ لأنه من الثلث والاستيلاد من الكل فكان أقوى
(وبيع) ووهب ورهن المدبر المقيد (كأن قال له إن مت في سفري أو مرضي) هذا
(أو إلى عشرين سنة مثلا) مما يقع غالبا، أو إن مت أو غسلت أو كفنت، أو إن مت
أو قتلت خلافا لزفر ورجحه الكمال، أو أنت حر بعد موتي وموت فلان ما لم يمت فلان
قبله فيصير مطلقا (أو أنت حر بعد موت فلان) كما في الدرر والكنز ورده في
البحر بما في المبسوط وغيره من أنه ليس تدبيرا بل تعليقا، حتى لو مات فلان
والمولى حي عتق من كل المال. ولو مات المولى أولا بطل التعليق (ويعتق)
المقيد (إن وجد الشرط) بأن مات من سفره أو مرضه ذلك (كعتق المدبر) من
الثلث لوجود الإضافة للموت (قال إن مت من مرضي هذا فهو حر فقتل لا يعتق،
بخلاف) ما لو قال (في مرضي) ففرق بين من وفي ولو له حمى فتحول صداعا أو
بعكسه، قال محمد هو مرض واحد مجتبى.
(وقيمة المدبر) المطلق
(ثلثا قيمته قنا) به يفتى (و) المدبر (المقيد يقوم قنا) درر عن
الخانية. وفيها عنها صحيح قال لعبده أنت حر قبل موتي بشهر فمات بعد شهر عتق من
كل ماله. زاد في المجتبى ولمولاه بيعه في الأصح.
[فرع]
قال
مريض أعتقوا غلامي بعد موتي - إن شاء الله - صح الإيصاء، وفي هو حر بعد موتي - إن
شاء الله - لم يصح؛ لأن الأول أمر والاستثناء فيه باطل والثاني إيجاب فيصح
الاستثناء.
باب الاستيلاد
هو لغة: طلب الولد من زوجة أو أمة، وخصه الفقهاء بالثاني.
(وإذا ولدت) ولو سقطا (الأمة) ولو مدبرة (من سيدها) ولو باستدخال
منيه فرجها (بإقراره) وينبغي أن يشهد لئلا يسترق ولده بعد موته (ولو
حاملا) كقوله: حملها وما في بطنها مني كما مر في ثبوت النسب وهذا قضاء، أما
ديانة فيثبت بلا دعوة كاستيلاد معتوه ومجنون وهبانية (أو) ولدت (من زوج)
تزوجها ولو فاسدا كوطء بشبهة فولدت (فاشتراها الزوج) أي ملكها كلا أو بعضا
(فهي أم ولد) من حين الملك، فلو ملك ولدها من غيره فله بيعه، وكذا لو
استولدها بملك ثم استحقت أو لحقت ثم ملكها، فإن عتق أم الولد يتكرر بتكرر الملك
كالمحارم، بخلاف المدبرة (حكمها) أي المستولدة (كالمدبرة) وقد مر
(إلا) في ثلاثة عشر مذكورة في فروق الأشباه والبيع الفاسد من البحر منها:
(أنها تعتق بموته من كل ماله) والمدبرة من ثلثه (من غير سعاية) والمدبرة
تسعى، ولو قضى بجواز بيعها لم ينفذ بل يتوقف على قضاء قاض آخر إمضاء وإبطالا
ذخيرة، وينفذ في المدبرة كما مر.
(وإن ولدت بعده ولدا ثبت نسبه
بلا دعوى) إذا لم تحرم عليه بنحو نكاح أو كتابة أو وطء ابنه أو المولى أمها،
فحينئذ لو ولدت لأكثر من ستة أشهر لا يثبت إلا بدعوة، إلا في المزوجة فلا يثبت بل
يعتق عليه بدعوته ولو لأقل من ستة أشهر ثبت بلا دعوة وفسد النكاح لندب استبرائها
قبله بحر وقدمناه في نكاح الرقيق وثبوت النسب (لكنه ينتفي بنفيه من غير توقف
على لعان) لأن الفراش أربعة: ضعيف للأمة ومتوسط لأم الولد، وعلم حكمهما، وقوي
للمنكوحة فلا ينتفي إلا باللعان، وأقوى للمعتدة فلا ينتفي أصلا لعدم اللعان
(إلا إذا قضى به قاض) غير حنفي يرى ذلك فيلزمه بالقضاء (أو تطاول الزمان)
وهو ساكت كما مر في اللعان لأنه دليل الرضا بحر (فلا) ينتفي بنفيه في هاتين
الصورتين.
(إذا أسلمت أم ولد الذمي) يعني الكافر أو مدبرته
مسكين (عرض عليه الإسلام فإن أسلم فهي له وإلا سعت) نظرا للجانبين، لأن خصومة
الذمي والدابة يوم القيامة أشد من خصومة المسلم (في) ثلث (قيمتها) قنة.
(وعتقت بعد أدائها) أي القيمة التي قدرها القاضي (وهي مكاتبة في حال
سعايتها) إلا في صورتين (بلا رد إلى الرق لو عجزت) إذ لو ردت لأعيدت (ولو
مات قبل سعايتها) ولها ولد ولدته في سعايتها سعى فيما عليها وإلا (عتقت
مجانا) لأنها أم ولد، وكذا حكم المدبر فيسعى في ثلثي قيمته.
(ولو
أسلم قن الذمي عرض الإسلام عليه، فإن أسلم فبها وإلا أمر ببيعه) تخلصا من يد
الكافر ذكره مسكين.
(فإن ادعى ولد أمة مشتركة) ولو مع ابنه
(ثبت نسبه منه) ولو كافرا أو مريضا أو مكاتبا، لكنه إن عجز فله بيعها (وهي
أم ولده وضمن) يوم العلوق (نصف قيمتها ونصف عقرها) ولو معسرا (لا قيمة
ولدها) لأنه علق حر الأصل (وإن ادعياه معا) أو جهل السابق (وقد استويا)
وقت الدعوة لا العلوق (في الأوصاف فهو ابنهما) فلو لم يستويا قدم من العلوق
في ملكه ولو بنكاح وأب ومسلم وحر وذمي وكتابي على ابن وذمي وعبد ومرتد ومجوسي، ثم
لا يثبت نسب ولد ثان بلا دعوة لحرمة الوطء كما مر (وهي أم ولدهما) إن حبلت في
ملكهما، لا لو اشترياها حبلى لأنها دعوة عتق فولاؤه لهما، وبادعاء أحدهما يضمن
نصف قيمة الولد لا العقر (وعلى كل نصف عقرها وتقاصا إلا إذا كان نصيب أحدهما
أكثر فيأخذ منه الزيادة) لأن المهر بقدر الملك (بخلاف البنوة والإرث والولاء
فإن ذلك لهما سوية وإن كان أحدهما أكثر نصيبا من الآخر) لعدم تجزئ النسب فيكون
سوية لعدم الأولوية ويتبعه الإرث والولاء (وورث الابن من كل إرث ابن) كامل
(وورثا منه إرث أب) واحد، وكذا الحكم عند الإمام لو كثروا ولو نساء؛ وتمامه
في البحر. وفيه: لو مات أحدهما أو أعتقها عتقت بلا شيء. قلت: فالعتق إنما
يتجزأ في القنة لا في أم الولد، بل يعتق بعضها بعتق كلها اتفاقا مجتبى
فليحفظ.
(جارية بين رجلين ولدت فادعاه أحدهما وأعتقه الآخر وخرج
الكلامان) منهما (معا فالدعوة أولى) لاستنادها للعلوق خانية.
(ادعى
ولد أمة مكاتبه وصدقه المكاتب لزم النسب) لتصادقهما كدعوته ولد جارية الأجنبي،
أما ولد مكاتبته فلا يشترط تصديقها كما سيجيء (و) لزم المدعي (العقر وقيمة
الولد) يوم ولد (وسقط الحد) عنه (للشبهة ولم تصر أم ولده) لعدم ملكه
(وإن كذبه) المكاتب (لم يثبت النسب) لحجره على نفسه بالعقد.
(ولدت
منه جارية غيره وقال أحلها لي مولاها والولد ولدي وصدقه المولى في الإحلال وكذبه
في الولد لم يثبت نسبه، فإن صدقه فيهما) جميعا (ثبت وإلا لا) وقول الزيلعي
ولو صدقه في الولد يثبت: أي مع تصديقه في الإحلال فلا مخالفة كما لا يخفى.
(ولو ملكها) أو ملكه (بعد تكذيبه) أي المولى ولو مكاتبه (يوما) من
الدهر (ثبت النسب) وتصير أم ولده إذا ملكها لبقاء إقراره.
(ولو
استولد جارية أحد أبويه) أو جده (أو امرأته وقال ظننت حلها لي فلا حد)
للشبهة (ولا نسب) إلا أن يصدقه فيهما (وإن ملكه يوما عتق عليه) وإن ملك
أمه لا تصير أم ولده لعدم ثبوت النسب، كذا ذكره المصنف تبعا للزيلعي، لكنه نقل
هنا وفي نكاح الرقيق عن الدرر والخانية أنه لو ملكها بعد تكذيبه يوما ثبت النسب
لبقاء الإقرار فتدبر. نعم في الخانية: زنى بأمة فولدت فملكها لم تصر أم ولده،
وإن ملك الولد عتق. وفي الأشباه: لو ملك أخته لأمه من الزنا عتقت ولو أخته
لأبيه لا.
[فروع]
أراد وطء أمته ولا تصير أم ولده
يملكها لطفله ثم يتزوجها.
أقر بأموميتها في مرضه إن هناك ولد أو حبل
تعتق من الكل وإلا فمن الثلث، وما في يدها للمولى إلا إذا أوصى لها به، نعم في
المجتبى: استحسن محمد أن يترك لها ملحفة وقميص ومقنعة ولا شيء للمدبر، والله
سبحانه وتعالى أعلم.