الكتاب: الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار
المؤلف: محمد بن علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن الحنفي الحصكفي (ت ١٠٨٨ هـ)
التصنيف الفرعي للكتاب: الفقه علي المذهب الحنفي
المحتويات
- كتاب اللقيط
- كتاب اللقطة
- كتاب الآبق
- كتاب المفقود
- كتاب الشركة
- فصل في الشركة الفاسدة
- العودة الي الكتاب الدر المختار في شرح تنوير الأبصار
كتاب اللقيط
عقبه مع اللقطة بالجهاد لعرضيتهما لفوات النفس والمال، وقدم اللقيط
لتعلقه بالنفس، وهي مقدمة على المال. (هو) لغة ما يلقط فعيل بمعنى مفعول ثم
غلب على الولد المنبوذ باعتبار المآل وشرعا (اسم لحي مولود طرحه أهله خوفا من
العيلة أو فرارا من تهمة الريبة) مضيعه آثم محرزه غانم (التقاطه فرض كفاية إن
غلب على ظنه هلاكه لو لم يرفعه) ولو لم يعلم به غيره ففرض عين، ومثله رؤية أعمى
يقع في بئر شمني (وإلا فمندوب) لما فيه من الشفقة والإحياء و (هو حر)
مسلم تبعا للدار (إلا بحجة رقه) على خصم وهو الملتقط لسبق يده
(وما
يحتاج إليه) من نفقة وكسوة وسكنى ودواء ومهر إذا زوجه السلطان (في بيت
المال) إن برهن على التقاطه (وإن كان له مال) أو قرابة (ففي ماله) أو
على قرابته (وارثه) ولو دية (في بيت المال كجنايته) لأن الغرم بالغنم
(وليس لأحد أخذه منه قهرا) وهل للإمام الأعظم أخذه بالولاية العامة في الفتح
لا، وأقره المصنف تبعا للبحر وحرر في النهر، نعم لكن لا ينبغي أخذه إلا بموجب
(فلو أخذه أحد وخاصمه الأول رد إليه) إلا إذا دفعه باختياره لأنه أبطل حقه
(و) هذا إذا اتحد الملتقط، فلو تعدد وترجح أحدهما كما (لو وجده مسلم وكافر
فتنازعا قضي به للمسلم) لأنه أنفع للقيط خانية، ولو استويا فالرأي للقاضي بحر
بحثا.
(ويثبت نسبه من واحد) بمجرد دعواه ولو غير الملتقط
استحسانا لو حيا وإلا فالبينة خانية (ومن اثنين) مستويين كولد أمة مشتركة.
وعبارة المنية: ادعاه أكثر من اثنين فعن الإمام أنه إلى خمسة ظاهرة في عدم قبول
دعوى الزائد. ولا يشترط اتحاد الإمام نهر، لكن في القهستاني عن النظم ما يفيد
ثبوته من الأكثر فليحرر.
(ولو ادعته امرأة) واحدة (ذات زوج،
فإن صدقها زوجها أو شهدت لها القابلة أو قامت بينة) ولو رجلا وامرأتين على
الولادة (صحت) دعوتها (وإلا لا) لما فيه من تحمل النسب على الغير (وإن
لم يكن لها زوج فلا بد من شهادة رجلين؛ ولو ادعته امرأتان وأقامت إحداهما البينة
فهي أولى به، وإن أقامتا جميعا فهو ابنهما) خلافا لهما الكل من الخانية
(وإن) ادعاه خارجان و (وصف أحدهما علامة به) أي بجسده لا بثوبه (ووافق
فهو أحق) إذا لم يعارضها أقوى منها، كبينة الآخر وحريته وسبقه وسنه إن أرخا،
فإن اشتبه فبينهما وإسلامه ولو ادعى أحدهما أنه ابنه والآخر أنه ابنته فإذا هو
خنثى، فلو مشكلا قضي لهما وإلا فلمن ادعى أنه ابنه، ولو شهد للمسلم ذميان وللذمي
مسلمان قضي به للمسلم تتارخانية. (و) يثبت نسبه (من ذمي و) لكن (هو
مسلم) استحسانا فينزع من يده قبيل عقل الأديان ما لم يبرهن بمسلمين أنه ابنه
فيكون كافرا نهر (إن لم يكن) أي يوجد (في مكان أهل الذمة) كقريتهم أو
بيعة أو كنيسة والمسألة رباعية؛ لأنه إما أن يجده مسلم في مكاننا فمسلم، أو كافر
في مكانهم فكافر، أو كافر في مكاننا أو عكسه فظاهر الرواية اعتبار المكان لسبقه
اختيار
(و) يثبت (من عبد وهو حر) وإن ادعى أنه ابنه من زوجته
الأمة عند محمد وكلام الزيلعي ظاهر في اختياره. (ولو ادعاه حران أحدهما أنه
ابنه من هذه الحرة والآخر من الأمة فالذي يدعيه من الحرة أولى) لثبوته من
الجانبين زيلعي (وإن وجد معه مال فهو له) عملا بالظاهر ولو فوقه أو تحته أو
دابة هو عليها، لا ما كان بقربه (فيصرفه الواجد) أو غيره (إليه بأمر
القاضي) في ظاهر الرواية لأنه مال ضائع.
(ولو قرر القاضي ولاءه
للملتقط صح) ظهيرية لأنه قضاء في فصل مجتهد فيه، نعم له بعد بلوغه أن يوالي من
شاء ما لم يعقل عنه بيت المال خانية (ويدفعه في حرفة ويقبض هبته) وصدقته
(وليس له ختنه) فلو فعل فهلك ضمن، ولو علم الختان أنه ملتقط ضمن ذخيرة (وله
نقله حيث شاء) وينبغي منعه من مصر إلى قرية بحر (ولا ينفذ للملتقط عليه نكاح
وبيع و) كذا (إجارة) في الأصح؛ لأن: «السلطان ولي من لا ولي له»
[فروع]
لو
باع أو كفل ودبر أو كاتب أو أعتق أو وهب أو تصدق وسلم ثم أقر أنه عبد لزيد لا
يصدق في إبطال شيء من ذلك لأنه متهم، وتمامه في الخانية؛ ومجهول نسب كلقيط.
كتاب اللقطة
(هي) بالفتح وتسكن: اسم وضع للمال الملتقط عيني. وشرعا مال
يوجد ضائعا ابن كمال. وفي التتارخانية عن المضمرات: مال يوجد ولا يعرف مالكه،
وليس بمباح كمال الحربي. وفي المحيط (رفع شيء ضائع للحفظ على غير لا
للتمليك) وهذا يعم ما علم مالكه كالواقع من السكران، وفيه أنه أمانة لا لقطة
لأنه لا يعرف بل يدفع لمالكه (ندب رفعها لصاحبها) إن أمن على نفسه تعريفها
وإلا فالترك أولى. وفي البدائع وإن أخذها لنفسه حرم لأنها كالغصب (ووجب) أي
فرض فتح وغيره (عند خوف ضياعها) كما مر لأن لمال المسلم حرمة كما لنفسه، فلو
تركها حتى ضاعت أثم، وهل يضمن؟ ظاهر كلام النهر لا وظاهر كلام المصنف نعم لما
في الصيرفية: حمار يأكل حنطة إنسان فلم يمنعه حتى أكل. قال في البدائع:
الصحيح أنه يضمن انتهى. وفي الفتح وغيره: لو رفعها ثم ردها لمكانها لم يضمن
في ظاهر الرواية. وصح التقاط صبي وعبد، لا مجنون ومدهوش ومعتوه وسكران لعدم
الحفظ منهم
(فإن أشهد عليه) بأنه أخذه ليرده على ربه ويكفيه أن
يقول من سمعتموه ينشد لقطة فدلوه علي (وعرف) أي نادى عليها حيث وجدها وفي
الجامع (إلى أن علم أن صاحبها لا يطلبها أو أنها تفسد إن بقيت كالأطعمة)
والثمار (كانت أمانة) لم تضمن بلا تعد فلو لم يشهد مع التمكن منه أو لم
يعرفها ضمن إن أنكر ربها أخذه للرد وقبل الثاني قوله بيمينه وبه نأخذ حاوي، وأقره
المصنف وغيره (ولو من الحرم أو قليلة أو كثيرة) فلا فرق بين مكان ومكان ولقطة
ولقطة (فينتفع) الرافع (بها لو فقيرا وإلا تصدق بها على فقير ولو على أصله
وفرعه وعرسه، إلا إذا عرف أنها لذمي فإنها توضع في بيت المال) تتارخانية. وفي
القنية: لو رجى وجود المالك وجب الإيصاء.
(فإن جاء مالكها)
بعد التصدق (خير بين إجازة فعله ولو بعد هلاكها) وله ثوابها (أو تضمينه)
والظاهر أنه ليس للوصي والأب إجازتها نهر. وفي الوهبانية: الصبي كالبالغ
فيضمن إن لم يشهد، ثم لأبيه أو وصيه التصدق وضمانها في مالهما لا مال الصغير
(ولو تصدق بأمر القاضي) في الأصح (كما) له أن (يضمن القاضي) أو
الإمام (لو فعل ذلك) لأنه تصدق بمال الغير بغير إذنه ذخيرة (أو) يضمن
(المسكين وأيهما ضمن لا يرجع به على صاحبه) ولو العين قائمة أخذها من الفقير
(ولا شيء للملتقط) لمال أو بهيمة أو ضال (من الجعل أصلا) إلا بالشرط كمن
رده فله كذا فله أجر مثله تتارخانية كإجارة فاسدة.
(وندب التقاط
البهيمة الضالة وتعريفها ما لم يخف ضياعها) فيجب، وكره لو معها ما تدفع به عن
نفسها كقرن البقر وكدم لإبل تتارخانية (ولو) كان الالتقاط (في الصحراء)
إن ظن أنها ضالة حاوي
(وهو في الإنفاق على اللقيط واللقطة متبرع)
لقصور ولايته (إلا إذا قال له قاض أنفق لترجع) فلو لم يذكر الرجوع لم يكن
دينا في الأصح (أو يصدقه اللقيط بعد بلوغه) كذا في المجمع أي يصدقه على أن
القاضي قال له ذلك لا ما زعمه ابن الملك نهر، والمديون رب اللقطة وأبو اللقيط أو
سيده أو هو بعد بلوغه (وإن كان لها نفع آجرها) بإذن الحاكم (وأنفق عليها)
منه كالضال، بخلاف الآبق وسيجيء في بابه (وإن لم يكن باعها) القاضي وحفظ
ثمنها، ولو الإنفاق أصلح أمر به لأن ولايته نظرية اختيار، فلو لم يكن ثمة نظر لم
ينفذ أمره به فتح بحثا.
(وله منعها من ربها ليأخذ النفقة) فإن
هلكت بعد حبسه سقطت، وقبله لا (ولا يدفعها إلى مدعيها) جبرا عليه (بلا
بينة، فإن بين علامة حل الدفع) بلا جبر (وكذا) يحل (إن صدقه مطلقا) بين
أو لا، وله أخذ كفيل إلا مع البينة في الأصح نهاية.
(التقط لقطة
فضاعت منه ثم وجدها في يد غيره فلا خصومة بينهما، بخلاف الوديعة) مجتبى ونوازل،
لكن في السراج الصحيح أن له الخصومة لأن يده أحق.
(عليه ديون
ومظالم جهل أربابها وأيس) من عليه ذلك (من معرفتهم فعليه التصدق بقدرها من
ماله وإن استغرقت جميع ماله) هذا مذهب أصحابنا لا تعلم بينهم خلافا كمن في يده
عروض لا يعلم مستحقيها اعتبارا للديون بالأعيان (و) متى فعل ذلك (سقط عنه
المطالبة) من أصحاب الديون (في المعقبي) مجتبى. وفي العمدة: وجد لقطة
وعرفها ولم ير ربها فانتفع بها لفقره ثم أيسر يجب عليه أن يتصدق بمثله.
(مات
في البادية جاز لرفيقه بيع متاعه ومركبه وحمل ثمنه إلى أهله. حطب وجد في الماء،
إن له قيمة فلقطة وإلا فحلال لآخذه) كسائر المباحات الأصلية درر. وفي
الحاوي: غريب مات في بيت إنسان ولم يعرف وارثه فتركته كلقطة، ما لم يكن كثيرا
فلبيت المال بعد الفحص عن ورثته سنين، فإن لم يجدهم فله لو مصرفا.
(محضنة)
أي برج (حمام اختلط بها أهلي لغيره لا ينبغي له أن يأخذه، وإن أخذه طلب صاحبه
ليرده عليه) لأنه كاللقطة (فإن فرخ عنده، فإن) كانت (الأم غريبة لا يتعرض
لفرخها) لأنه ملك الغير (وإن الأم لصاحب المحضنة والغريب ذكر فالفرخ له)
وإن لم يعلم أن ببرجه غريبا لا شيء عليه إن شاء الله. قلت: وإذا لم يملك
الفرخ، فإن فقيرا أكله، وإن غنيا تصدق به ثم اشتراه، وهكذا كان يفعل الإمام
الحلواني ظهيرية. وفي الوهبانية: مر بثمار تحت أشجار في غير أمصار لا بأس
بالتناول ما لم يعلم النهي صريحا أو دلالة، وعليه الاعتماد. وفيها: أخذك
تفاحا من النهر جاريا بجوز وكمثرى وفي الجوز ينكر
كتاب الآبق
مناسبته عرضية التلف والزوال: والإباق: انطلاق الرقيق تمردا،
كذا عرفه ابن الكمال ليدخل الهارب من مؤجره ومستعيره ومودعه ووصيه. (أخذه فرض
إن خاف ضياعه، ويحرم) أخذه (لنفسه، ويندب) أخذه (إن قوي عليه) وإلا فلا
ندب لما في البدائع: حكم أخذه كلقطة
(فإن ادعاه آخر دفعه إليه إن
برهن واستوثق) منه (بكفيل) إن شاء لجواز أن يدعيه آخر (ويحلفه) الحاكم
أيضا بالله ما أخرجه عن ملكه بوجه (وإن لم يبرهن) عطف على إن برهن (وأقر)
العبد (أنه عبده أو ذكر) المولى (علامته وحليته دفع إليه بكفيل، فإن أنكر
المولى إباقه) مخافة جعله (حلف) إلا أن يبرهن على إباقه أو على إقرار
المولى بذلك زيلعي (فإن طالت المدة) أي مدة مجيء المولى (باعه القاضي ولو
علم مكانه) لئلا يتضرر المولى بكثرة النفقة (وحفظ ثمنه لصاحبه و) أمسك من
ثمنه ما (أنفق منه، وإن جاء) المولى (بعده وبرهن) أو علم (دفع باقي
الثمن إليه، ولا يملك) المولى (نقض بيعه) أي بيع القاضي لأنه بأمر الشرع
كحكمه لا ينقض. قلت: لكن رأيت في معروضات المرحوم أبي السعود مفتي الروم أنه
صدر أمر سلطاني بمنع القضاة عن إعطاء الإذن ببيع عبيد العسكرية. وحينئذ فلا يصح
بيع عبيد السباهية فلهم أخذها من مشتريها ويرجع المشتري بثمنه على البائع. وأما
عبيد الرعايا فكذلك إذا كان بغبن فاحش وإلا فللرعايا الثمن وبذلك ورد الأمر أيضا
انتهى بالمعنى فليحفظ فإنه مهم.
(ولو زعم) المولى (تدبيره أو
كتابته) أو استيلادها (لم يصدق في نقضه) إلا أن يكون عنده ولد منها أو
يبرهن على ذلك نهر.
(واختلف في الضال) قيل أخذه أفضل، وقيل
تركه؛ ولو عرف بيته فإيصاله إليه أولى
(أبق عبد فجاء به رجل وقال:
لم أجد معه شيئا) من المال (صدق) ولا شيء عليه (ولمن رده) خبر قوله
الآتي أربعون درهما (إليه من مدة سفر) فأكثر (وهو) أي والحال أن الراد
ولو صبيا أو عبدا لكن الجعل لمولاه (ممن يستحق الجعل) قيد به لأنه لا جعل
لسلطان وشحنة وخفير ووصي يتيم وعائله ومن استعان به كإن وجدته فخذه فقال نعم أو
كان في عياله وابن وأحد الزوجين مطلقا زيلعي وشريك ونتف و وهبانية ولوالجية،
فالمستثنى أحد عشر (أربعون درهما) فبطل صلحه فيما زاد عليها (ولو بلا
بشرط) استحسانا. ولو رد أمة ولها ولد يعقل الإباق فجعلان نهر بحثا (وإن لم
يعدلها) عند الثاني لثبوته بالنص فلذا عول عليه أرباب المتون (إن أشهد أنه
أخذه ليرده) وإلا لا شيء له (و) لراده (من أقل منها بقسطه، وقيل يرضخ له
برأي الحاكم) أو يقدر باصطلاحهما (به يفتى) تتارخانية بحر (ولو من
المصر) فيرضخ له أو يقسطه كما مر (وأم ولد ومدبر) ومأذون (كقن) في
الجعل.
(وإن مات المولى قبل وصوله) أي الآبق (وهو مدبر أو أم
ولد فلا جعل له) لعتقهما بموته (وإن أبق منه بعد إشهاده) المتقدم (لم
يضمن) لأنه أمانة، حتى لو استعمل في حاجة نفسه ثم إنه أبق ضمن ابن ملك عن
القنية. وفي الوهبانية: لو أنكر المولى إباقه قبل قوله بيمينه ويلزم مريد
الرد قيمته ما لم يبين إباقه (وضمن لو) أبق أو مات (قبله) مع تمكنه منه
لأنه غاصب (ولا جعل له في الوجهين) خلافا للثاني في الثاني؛ لأن الإشهاد عنده
ليس شرطا فيه وفي اللقطة (ولا جعل برد مكاتب) لحريته يدا.
(وجعل
عبد الرهن على المرتهن لو قيمته مساوية للدين أو أقل، ولو أكثر من الدين فعليه
بقدر دينه والباقي على الراهن) لأن حقه بالقدر المضمون منه. (وجعل عبد أوصى
برقبته لإنسان وبخدمته لآخر على صاحب الخدمة) في الحال لأن المنفعة له (فإذا
نقضت) الخدمة (رجع صاحبها على صاحب الرقبة أو بيع العبد فيه) أي في
الجعل.
(وجعل مأذون مديون على من يستقر له الملك) فإن بيع بدئ
بالجعل والباقي للغرماء (كما يجب جعل) آبق جنى خطأ لا في يد الآخذ على من
سيصير له، و (مغصوب على غاصبه، وموهوب على موهوب له وإن رجع الواهب) بعد الرد
لأن زوال ملكه بالرجوع بتقصير منه وهو ترك التصرف
(و) جعل عبد
(صبي في ماله، و) الآبق (نفقته كنفقة لقطة) كما مر (وله حبسه لدين
نفقته، ولا يؤجره القاضي) خشية إباقه ثانيا (و) لكن (يحبسه تعزيرا) له،
وقيل يؤجره للنفقة، وبه جزم في الهداية والكافي (بخلاف) اللقطة و (الضال)
وقدر في التتارخانية مدة حبسه بستة أشهر، ونفقته فيها من بيت المال ثم بعدها
يبيعه القاضي كما مر.
[فرع]
أبق بعد البيع قبل القبض
للمشتري رفع الأمر للقاضي ليفسخ، والله أعلم.
كتاب المفقود
(هو) لغة المعدوم. وشرعا (غائب لم يدر أحي هو فيتوقع)
قدومه (أم ميت أودع اللحد البلقع) أي القفر جمعه بلاقع، فدخل الأسير ومرتد لم
يدر ألحق أو لا؟ (وهو في حق نفسه حي) بالاستصحاب، هذا هو الأصل فيه (فلا
ينكح عرسه غيره ولا يقسم ماله) قلت: وفي معروضات المفتي أبي السعود أنه ليس
لأمين بيت المال نزعه من يد من بيده ممن أمنه عليه قبل ذهابه لما سيجيء معزيا
لخزانة المفتين
(ولا تفسخ إجارته)
(ونصب القاضي
من) أي وكيلا (يأخذ حقه) كغلاته وديونه المقر بها (ويحفظ ماله ويقوم
عليه) عند الحاجة، فلو له وكيل فله حفظ ماله لا تعمير داره إلا بإذن الحاكم
لأنه لعله مات، ولا يكون وصيا تجنيس (لكنه) أي هذا الوكيل المنصوب (ليس
بخصم فيما يدعى على المفقود من دين الوديعة وشركة في عقار أو رقيق ونحوه) لأنه
ليس بمالك ولا نائب عنه، وإنما هو وكيل بالقبض من جهة القاضي، وأنه لا يملك
الخصومة بلا خلاف؛ ولو قضى بخصومته لم ينفذ زاد الزيلعي في القضاء وتبعه الكمال
إلا بتنفيذ قاض آخر، لكن في الخلاصة: الفتوى على النفاذ يعني لو القاضي مجتهدا
نهر
(ولا يبيع) القاضي (ما لا يخاف فساده في نفقة ولا في غيرها،
بخلاف ما يخاف فساده) فإنه يبيعه القاضي ويحفظ ثمنه. قلت: لكن في معروضات
المفتي أبي السعود أن القضاة وأمناء بيت المال في زمننا مأمورون بالبيع مطلقا وإن
لم يخف فساده فإن ظهر حيا فله الثمن لأن القضاة غير مأمورين بفسخه، نعم إذا بيع
بغبن فاحش فله فسخه ا هـ فليحفظ.
(وينفق على عرسه وقريبه ولادا)
وهم أصوله وفروعه (ولا يفرق بينه وبينها ولو بعد مضي أربع سنين) خلافا لمالك
(وميت في حق غيره فلا يرث من غيره) حتى لو مات رجل عن بنتين وابن مفقود
وللمفقود بنتان وأبناء والتركة في يد البنتين والكل مقرون بفقد الابن واختصموا
للقاضي لا ينبغي له أن يحرك المال عن موضعه: أي لا ينزعه من يد البنتين خزانة
المفتين
(ولا يستحق ما أوصى له إذا مات الموصي بل يوقف قسطه إلى موت
أقرانه في بلده على المذهب) لأنه الغالب، واختار الزيلعي تفويضه للإمام.
وطريق قبول البينة أن يجعل القاضي من في يده المال خصما عنه أو ينصب عليه فيما
تقبل عليه البينة نهر. قلت: وفي واقعات المفتين لقدري أفندي معزيا للقنية أنه
إنما يحكم بموته بقضاء لأنه أمر محتمل، فما لم ينضم إليه القضاء لا يكون حجة
(فإن ظهر قبله) قبل موت أقرانه (حيا فله ذلك) القسط (وبعده يحكم بموته
في حق ماله يوم علم ذلك) أي موت أقرانه (فتعتد) منه (عرسه للموت ويقسم
ماله بين من يرثه الآن و) يحكم بموته (في) حق (مال غيره من حين فقده فيرد
الموقوف له إلى من يرث مورثه عند موته) لما تقرر أن الاستصحاب وهو ظاهر الحال
حجة دافعة لا مثبتة (ولو كان مع المفقود وارث يحجب به لم يعط) الوارث
(شيئا، وإن انتقض حقه) به (أعطي أقل النصيبين) ويوقف الباقي (كالحمل)
ومحله الفرائض، ولذا حذفه القدوري وغيره.
[فرع في تزويج أمة
الغائب والمجنون وعبدهما]
ليس للقاضي تزويج أمة غائب ومجنون
وعبدهما، وله أن يكاتبهما ويبيعهما.
كتاب الشركة
لا يخفى مناسبتها للمفقود من حيث الأمانة، بل قد تحقق في ماله عند
موت مورثه (هي) بكسر فسكون في المعروف لغة الخلط، سمي بها العقد لأنها
سببه. وشرعا (عبارة عن عقد بين المتشاركين في الأصل والربح) جوهرة.
(وركنها
في شركة العين اختلاطهما، وفي العقد اللفظ المفيد له)
وشرط جوازها
كون الواحد قابلا للشركة
(وهي ضربان: شركة ملك، وهي أن يملك
متعدد) اثنان فأكثر (عينا) أو حفظا كثوب هبه الريح في دارهما فإنهما شريكان
في الحفظ قهستاني (أو دينا) على ما هو الحق؛ فلو دفع المديون لأحدهما فللآخر
الرجوع بنصف - - ما أخذ فتح وسيجيء متنا في الصلح
وأن من حيل اختصاصه
بما أخذه أن يهبه المديون قدر حصته ويهبه رب الدين حصته وهبانية (بإرث أو بيع
أو غيرهما) بأي سبب كان جبريا أو اختياريا ولو متعاقبا؛ كما لو اشترى شيئا ثم
أشرك فيه آخر منية
: (وكل) من شركاء الملك (أجنبي) في
الامتناع عن تصرف مضر (في مال صاحبه) لعدم تضمنها الوكالة (فصح له بيع حصته
ولو من غير شريكه بلا إذن إلا في صورة الخلط) لماليهما بفعلهما كحنطة بشعير
وكبناء وشجر وزرع مشترك قهستاني، وتمامه في الفصل الثلاثين من العمادية
ونحوه
في فتاوى ابن نجيم، وفيها بعد ورقتين أن المبطخة كذلك
لكن فيها بعد
ورقتين أخريين جواز بيع البناء أو الغراس المشترك في الأرض المحتكرة ولو للأجنبي
فتنبه، فلا يجوز بيعه إلا بإذنه.
ولو كانت الدار مشتركة بينهما باع
أحدهما بيتا معينا أو نصيبه من بيت معين فللآخر أن يبطل البيع. وفي الواقعات:
دار بين رجلين باع أحدهما نصيبه لآخر لم يجز؛ لأنه لا يخلو إما إن باعه بشرط
الترك أو بشرط القلع أو الهدم.
أما الأول فلا يجوز لأنه شرط منفعة
للمشتري سوى البيع فصار كشرط إجارة في البيع، ولا يجوز بشرط الهدم والقلع لأن فيه
ضررا بالشريك الذي لم يبع.
وفي الفتاوى: مشجرة بين قوم باع أحدهم
نصيبه مشاعا والأشجار قد انتهت أوان القطع حتى لا يضرها القطع جاز الشراء،
وللمشتري أن يقطع لأنه ليس في القسم ضرر. وفي النوازل: باع نصيبه من المشجرة
بلا أرض بلا إذن شريكه، إن بلغت أوان انقطاعها جاز البيع لأنه لا يتضرر المشتري
بالقسمة وإن لم تبلغ فسد لتضرره بها. وفيها: باع بناء بلا أرضه على أن يشترك
المشتري البناء فالبيع فاسد عمادية من الفصل الثالث من مسائل الشيوع.
(والاختلاط)
بلا صنع من أحدهما فلا يجوز بيعه إلا بإذنه لعدم شيوع الشركة في كل حبة، بخلاف
نحو حمام وطاحون وعبد ودابة حيث يصح بيع حصته اتفاقا كما بسطه المصنف في
فتاويه. ثم الظاهر أن البيع ليس بقيد، بل المراد الإخراج عن الملك ولو بهبة أو
وصية، - وتمامه في الرسالة المباركة، في الأشياء المشتركة وهي نافعة لمن ابتلي
بالإفتاء. وزاد الواني الشفعة أيضا فراجعه.
وأما الانتفاع به
بغيبة شريكه ففي بيت وخادم وأرض ينتفع بالكل إن كانت الأرض ينفعها الزرع وإلا لا
بحر، بخلاف الدابة ونحوها، وتمامه في الفصل الثالث والثلاثين من الفصولين
وشركه
عقد أي واقعة بسبب العقد قابلة للوكالة.
(وركنها) أي ماهيتها
(الإيجاب والقبول) ولو معنى؛ كما لو دفع له ألفا وقال أخرج مثلها واشتر
والربح بيننا.
(وشرطها) أي شركة العقد (كون المعقود عليه
قابلا للوكالة) فلا تصح في مباح كاحتطاب (وعدم ما يقطعها كشرط دراهم مسماة من
الربح لأحدهما) لأنه قد لا يربح غير المسمى
(وحكمها الشركة في
الربح،)
(وهي) أربعة: مفاوضة، وعنان، وتقبل، ووجوه، وكل من
الأخيرين يكون مفاوضة وعنانا كما سيجيء - إما مفاوضة) من التفويض، بمعنى
المساواة في كل شيء (إن تضمنت وكالة وكفالة) لصحة الوكالة بالمجهول ضمنا لا
قصدا (وتساويا مالا) تصح به الشركة، وكذا ربحا كما حققه الواني (وتصرفا
ودينا) لا يخفى أن التساوي في التصرف يستلزم التساوي في الدين، وأجازها أبو
يوسف مع اختلاف الملة مع الكراهة (فلا تصح) مفاوضة وإن صحت عنانا (بين حر
وعبد) ولو مكاتبا أو مأذونا (وصبي وبالغ ومسلم وكافر) لعدم المساواة
وأفاد
أنها لا تصح بين صبيين لعدم أهليتهما للكفالة ولا مأذونين لتفاوتهما قيمة (وكل
موضع لم تصح المفاوضة لفقد شرطها، ولا يشترط ذلك في العنان كان عنانا) كما مر
(لاستجماع شرائطه) كما سيتضح.
(وتصح) المفاوضة (بين حنفي
وشافعي) وإن تفاوتا تصرفا في متروك التسمية لتساويهما ملة، وولاية الإلزام
بالحجة ثابتة
(ولا تصح إلا بلفظ المفاوضة) وإن لم يعرفا معناها
سراج (أو بيان) جميع (مقتضياتها) إن لم يذكر لفظها إذ العبرة للمعنى لا
للمبنى
وإذا صحت (فما اشتراه أحدهما يقع مشتركا إلا طعام أهله
وكسوتهم) استحسانا لأن المعلوم بدلالة الحال كالمشروط بالمقال، وأراد بالمستثنى
ما كان من حوائجه ولو جارية للوطء بإذن شريكه كما يأتي (وللبائع مطالبة أيهما
شاء بثمنهما) أي الطعام والكسوة (ويرجع الآخر) بما أدى (على المشتري بقدر
حصته) إن أدى من مال الشركة
(وكل دين لزم أحدهما بتجارة)
واستقراض (وغصب) واستهلاك (وكفالة بمال - بأمره لزم الآخر ولو) لزومه
(بإقراره) إلا إذا أقر لمن لا تقبل شهادته له ولو معتدته فيلزمه خاصة كمهر
وخلع وجناية وكل ما لا تصح الشركة فيه (و) فائدة اللزوم أنه (إذا ادعى على
أحدهما فله تحليف الآخر) ولو ادعى على الغائب له تحليف الحاضر على علمه، ثم إذا
قدم له تحليفه ألبتة ولوالجية
(وبطلت إن وهب لأحدهما أو ورث ما تصح
فيه الشركة) مما يجيء ووصل ليده ولو بصدقة أو إيصاء لفوات المساواة بقاء وهي
شرط كالابتداء (لا) تبطل بقبض (ما لا تصح فيه) الشركة (كعرض وعقار،
و) إذا بطلت بما ذكر صارت عنانا) أي تنقلب إليها.
(ولا تصح
مفاوضة وعنان) ذكر فيهما المال وإلا فهما تقبل ووجوه (بغير النقدين، والفلوس
النافقة والتبر والنقرة) أي ذهب وفضة لم يضربا (إن جرى) مجرى النقود
(التعامل بهما) وإلا فكعروض
(وصحت بعرض) هو المتاع غير
النقدين ويحرك قاموس (إن باع كل منهما نصف عرضه بنصف عرض الآخر ثم عقداها)
مفاوضة أو عنانا، وهذه حيلة لصحتها بالعروض وهذا إن تساويا قيمة، وإن تفاوتا باع
صاحب الأقل بقدر ما تثبت به الشركة ابن كمال، فقوله بنصف عرض الآخر اتفاقي
(ولا
تصح بمال غائب أو دين مفاوضة كانت أو عنانا) لتعذر المضي على موجب الشركة.
(وإما
عنان) بالكسر وتفتح (إن تضمنت وكالة فقط) بيان لشرطها (فتصح من أهل
التوكيل) كصبي ومعتوه يعقل البيع (وإن لم يكن أهلا للكفالة) لكونها لا
تقتضي الكفالة بل الوكالة
(و) لذا (تصح) عاما وخاصا ومطلقا
ومؤقتا و (مع التفاضل في المال دون الربح وعكسه، وببعض المال دون بعض، وبخلاف
الجنس كدنانير) من أحدهما (ودراهم من الآخر، و) بخلاف الوصف كبيض وسود
وإن
تفاوتت قيمتهما والربح على ما شرطا (و) مع (عدم الخلط) لاستناد الشركة في
الربح: إلى العقد لا المال - فلم يشترط مساواة واتحاد وخلط (ويطالب المشتري
بالثمن فقط) لعدم تضمن الكفالة
(ويرجع على شريكه بحصته منه إن أدى
من مال نفسه) أي مع بقاء مال الشركة وإلا فالشراء له خاصة لئلا يصير مستدينا
على مال الشركة بلا إذن بحر -
(وتبطل) الشركة (بهلاك المالين أو
أحدهما قبل الشراء) والهلاك على مالكه قبل الخلط وعليهما بعده
(وإن
اشترى أحدهما بماله وهلك) بعده (مال الآخر) قبل أن يشتري به شيئا
(فالمشترى) بالفتح (بينهما) شركة عقد على ما شرطا (ورجع على شريكه
بحصته منه) أي من الثمن لقيام الشركة وقت الشراء
(وإن هلك) مال
أحدهما (ثم اشترى الآخر بماله، فإن صرحا بالوكالة في عقد الشركة) بأن قال على
أن ما اشتراه كل منهما بماله هذا يكون مشتركا نهر وصدر الشريعة (فالمشترى مشترك
بينهما على ما شرطا) - في أصل المال لا الربح لصيرورتها (شركة ملك لبقاء
الوكالة) المصرح بها ويرجع بحصة ثمنه (وإلا) أي إن ذكرا مجرد الشركة ولم
يتصادقا على الوكالة فيها ابن كمال (فهو لمن اشتراه خاصة) لأن الشركة لما
بطلت بطل ما في ضمنها من الوكالة
(وتفسد باشتراط دراهم مسماة من
الربح لأحدهما) لقطع الشركة كما مر لا لأنه شرط لعدم فسادها بالشرط، وظاهره
بطلان الشرط لا الشركة بحر ومصنف. قلت: صرح صدر الشريعة وابن الكمال بفساد
الشركة ويكون الربح على قدر المال
(ولكل من شريكي العنان والمفاوضة
أن يستأجر) من يتجر له أو يحفظ المال (ويبضع) أي يدفع المال بضاعة، بأن
يشترط الربح لرب المال (ويودع) ويعير (ويضارب) لأنها دون الشركة فتضمنتها
(ويوكل) أجنبيا ببيع وشراء، ولو نهاه المفاوض الآخر صح نهيه بحر (ويبيع)
بما عز وهان خلاصة (بنقد ونسيئة) بزازية (ويسافر) بالمال له حمل أو لا هو
الصحيح، خلافا للأشباه. وقيل: إن له حمل يضمن وإلا لا ظهيرية، ومؤنة السفر
والكراء من رأس المال إن لم يربح خلاصة.
(لا) يملك الشريك
(الشركة) إلا بإذن شريكه جوهرة و) لا (الرهن) إلا بإذنه أو يكون هو
العاقد في موجب الدين
وحينئذ فيصح إقراره (بالرهن والارتهان) سراج
(و) لا (الكتابة) والإذن بالتجارة (وتزويج الأمة) وهذا كله (لو
عنانا) أما المفاوض فله كل ذلك. ولو فاوض إن بإذن شريكه جاز وإلا تنعقد عنانا
بحر
(ولا يجوز لهما) في عنان ومفاوضة (تزويج العبد ولا
الإعتاق) ولو على مال (و) لا (الهبة) أي لثوب ونحوه فلم يجز في حصة
شريكه، وجاز في نحو لحم وخبز وفاكهة
(و) لا (القرض) إلا بإذن
شريكه إذنا صريحا فيه سراج. وفيه: إذا قال له: اعمل برأيك فله كل التجارة
إلا القرض والهبة (وكذا كل ما كان إتلافا للمال أو) كان (تمليكا) للمال
(بغير عوض) - لأن الشركة وضعت للاسترباح وتوابعه، وما ليس كذلك لا ينتظمه
عقدها.
(وصح بيع) شريك (مفاوض ممن ترد شهادته له) كابنه
وأبيه، وينفذ على المفاوضة إجماعا (لا) يصح (إقراره بدين) فلا ينفذ على
المفاوضة عنده بزازية وفي الخلاصة: أقر شريك العنان بجارية لم يجز في حصة شريكه
ولو باع أحدهما ليس للآخر أخذ ثمنه ولا الخصومة فيما باعه أو أدانه
(وهو)
أن الشريك (أمين في المال فيقبل قوله) بيمينه (في) مقدار الربح والخسران
والضياع و (الدفع لشريكه ولو) ادعاه (بعد موته) كما في البحر مستدلا بما
في وكالة الولوالجية
كل من حكى أمرا لا يملك استئنافه، إن فيه إيجاب
الضمان على الغير لا يصدق وإن فيه نفي الضمان عن نفسه صدق انتهى فليحفظ هذا
الضابط. (ويضمن بالتعدي) وهذا حكم الأمانات.
وفي الخانية:
التقييد بالمكان صحيح، فلو قال لا تجاوز خوارزم فجاوز ضمن حصة شريكه، وفي
الأشباه: نهى أحدهما شريكه عن الخروج وعن بيع النسيئة جاز
(كما
يضمن الشريك) عنانا أو مفاوضة بحر (بموته مجهلا نصيب صاحبه) على المذهب،
والقول بخلافه غلط كما في الوقف من الخانية وسيجيء في الوديعة خلافا
للأشباه.
[فروع]
في المحيط: قد وقع حادثتان:
الأولى نهاه عن البيع نسيئة فباع، فأجبت بنفاذه في حصته، وتوقف في حصة شريكه، فإن
أجاز فالربح لهما. - الثانية نهاه عن الإخراج فخرج ثم ربح، فأجبت أنه غاصب حصة
شريكه بالإخراج فينبغي أن لا يكون الربح على الشرط انتهى، ومقتضاه فساد الشركة
نهر. وفيه: وتفرع على كونه أمانة ما سئل قارئ الهداية عمن طلب محاسبة شريكه
فأجاب لا يلزم بالتفصيل.
ومثله المضارب والوصي والمتولي نهر، وقضاة
زماننا ليس لهم قصد بالمحاسبة إلا الوصول إلى سحت المحصول (و) إما (تقبل)
وتسمى شركة صنائع وأعمال وأبدان (إن اتفق) صانعان (خياطان أو خياط وصباغ)
فلا يلزم اتحاد صنعة ومكان (على أن يتقبلا الأعمال) التي يمكن استحقاقها
ومنه
تعليم كتابة وقرآن وفقه على المفتى به، بخلاف شركة دلالين ومغنين وشهود محاكم
وقراء مجالس وتعاز ووعاظ، وسؤال لأن التوكيل بالسؤال لا يصح قنية وأشباه (ويكون
الكسب بينهما) على ما شرطا مطلقا في الأصح لأنه ليس بربح بل بدل عمل فصح تقويمه
(وكل ما تقبله أحدهما يلزمهما) وعلى هذا الأصل (فيطالب كل واحد منهما
بالعمل ويطالب) كل منهما (بالأجر ويبرأ) دافعها (بالدفع إليه) أي إلى
أحدهما (والحاصل من) أجر (عمل أحدهما بينهما على الشرط) ولو الآخر مريضا
أو مسافرا أو امتنع عمدا بلا عذر لأن الشرط مطلق العمل لا عمل القابل: ألا ترى
أن القصار لو استعان بغيره أو استأجره استحق الأجر بزازية
(و) إما
(وجوه) هذا رابع وجوه شركة العقد (إن عقداها على أن يشتريا) نوعا أو
أنواعا (بوجوههما) أي بسبب وجاهتهما (ويبيعا) فما حصل بالبيع يدفعان منه
ثمن - ما اشتريا (بالنسيئة) وما بقي بينهما
(ويكون كل منهما)
من التقبل والوجوه (عنانا ومفاوضة) أيضا (بشرطه) السابق، وإذا أطلقت كانت
عنانا (وتتضمن) شركة كل من التقبل والوجوه (الوكالة) لاعتبارها في جميع
أنواع الشركة (والكفالة أيضا إذا كانت مفاوضة) بشرطها
(والربح)
فيها (على ما شرطا من مناصفة المشترى) بفتح الراء (أو مثالثته) ليكون
الربح بقدر الملك لئلا يؤدي إلى ربح ما لم يضمن، بخلاف العنان كما مر. وفي
الدرر: لا يستحق الربح إلا بإحدى ثلاث: بمال، أو عمل، أو تقبل.
فصل في الشركة الفاسدة
(لا تصح شركة في احتطاب واحتشاش واصطياد واستقاء وسائر مباحات)
كاجتناء ثمار من جبال وطلب معدن من كنز وطبخ آجر من طين مباح لتضمنها الوكالة
والتوكيل في أخذ المباح لا يصح
(وما حصله أحدهما فله وما حصلاه معا
فلهما) نصفين إن لم يعلم ما لكل (وما حصله أحدهما بإعانة صاحبه فله ولصاحبه
أجر مثله بالغا ما بلغ عند محمد. وعند أبي يوسف لا يجاوز به نصف ثمن ذلك) قيل
تقديمهم قول محمد يؤذن باختياره نهر وعناية.
(والربح في الشركة
الفاسدة بقدر المال، ولا عبرة بشرط الفضل) فلو كل المال لأحدهما فللآخر أجر
مثله كما لو دفع دابته لرجل ليؤجرها والأجر بينهما، فالشركة فاسدة والربح للمالك
وللآخر أجر مثله، وكذلك السفينة والبيت، ولو لم يبع عليها البر فالربح لرب البر
وللآخر أجر مثل الدابة، ولو لأحدهما بغل وللآخر بعير فالأجر بينهما على مثل أجر
البغل والبعير نهر.
(وتبطل الشركة) أي شركة العقد (بموت
أحدهما) علم الآخر أو لا لأنه عزل حكمي (ولو حكما) بأن قضي بلحاقه مرتدا
(و)
تبطل أيضا (بإنكارها) وبقوله: لا أعمل معك فتح (وبفسخ أحدهما) ولو
المال عروضا، بخلاف المضاربة - هو المختار بزازية خلافا للزيلعي، ويتوقف على علم
الآخر لأنه عزل قصدي
(وبجنونه مطبقا) فالربح بعد ذلك للعامل لكنه
يتصدق بربح مال المجنون تتارخانية
(ولم يزك أحدهما مال الآخر بغير
إذنه، فإن أذن كل وأديا معا) أو جهل (ضمن كل نصيب صاحبه) وتقاصا أو رجع
بالزيادة (وإن أديا متعاقبا كان الضمان على الثاني، علم بأداء صاحبه أو لا
كالمأمور بأداء الزكاة) أو الكفارة (إذا دفع للفقير بعد أداء الآمر بنفسه)
لأن فعل الآمر عزل حكمي؛ وفيه: لا يشترط العلم خلافا لهما.
(اشترى
أحد المتفاوضين أمة بإذن الآخر) صريحا فلا يكفي سكوته (ليطأها فهي له) لا
للشركة (بلا شيء) لتضمن الإذن بالشراء للوطء الهبة إذ لا طريق لحله إلا بها
لحرمة وطء المشتركة، وهبة المشاع فيما لا يقسم جائزة. وقال: يلزمه نصف الثمن
(وللبائع) والمستحق (أخذ كل بثمنها) وعقرها لتضمن المفاوضة للكفالة.
(ومن
اشترى عبدا) مثلا (فقال له آخر: أشركني فيه فقال فعلت، إن قبل القبض لم
يصح، وإن بعده صح ولزمه نصف الثمن، وإن لم يعلم بالثمن خير عند العلم به؛ ولو
قال: أشركني فيه فقال نعم ثم لقيه آخر وقال مثله وأجيب بنعم، فإن) كان القائل
(عالما بمشاركة الأول فله ربعه، وإن لم يعلم فله نصفه) لكون مطلوبه شركته في
كامله (و) حينئذ (خرج العبد من ملك الأول)
ما اشتريت اليوم من
أنواع التجارة فهو بيني وبينك فقال نعم جاز أشباه. وفيها: تقبل ثلاثة عملا
بلا عقد شركة فعمله أحدهم فله ثلث الأجر ولا شيء للآخرين.
[فروع
في القول لمنكر الشركة]
برهن الورثة على المفاوضة لم يقبل حتى
يبرهنوا أنه كان مع الحي في حياة الميت برهنوا على الإرث والحي على المفاوضة قضي
له بنصفه فتح. تصرف أحد الشريكين في البلد والآخر في السفر وأراد القسمة فقال
ذو اليد قد استقرضت ألفا فالقول له: إن المال في يده.
شروا كرما
فباعوا ثمرته ودفعوه لأحدهم ليحفظه فدسه في التراب ولم يجده حلف فقط.
دفع
لآخر مالا أقرضه نصفه وعقد الشركة في الكل فشرى أمتعة فطلب رب المال حصته، إن لم
يصبر لنضه أخذ المتاع بقيمة الوقت.
بينهما متاع على دابة في الطريق
سقطت فاكترى أحدهما بغيبة الآخر خوفا من هلاك المتاع أو نقصه رجع بحصته
قنية.
دابة مشتركة قال البيطارون لا بد من كيها فكواها الحاضر لم
يضمن.
دار بين اثنين سكن أحدهما وخربت، إن خربت بالسكنى ضمن طاحون
مشتركة قال أحدهما لصاحبه عمرها فقال هذه العمارة تكفيني لا أرضى بعمارتك فعمرها
لم يرجع جواهر الفتاوى. وفي السراجية: طاحون مشترك أنفق أحدهما في عمارتها
فليس بمتطوع؛ ولو أنفق على عبد مشترك أو أدى خراج كرم مشترك فهو متطوع في الكل من
منح المصنف قلت: والضابط أن كل من أجبر أن يفعل مع شريكه إذا فعله أحدهما بلا
إذن فهو متطوع وإلا لا
ولا يجبر الشريك على العمارة إلا في ثلاث - وصي
وناظر وضرورة تعذر قسمة ككري نهر ومرمة قناة وبئر ودولاب وسفينة معيبة وحائط لا
يقسم أساسه فإن كان الحائط يحتمل القسمة ويبني كل واحد في نصيبه السترة لم يجبر
وإلا أجبر وكذا كل ما لا يقسم كحمام وخان وطاحون وتمامه في متفرقات قضاء البحر
والعيني والأشباه
وفي غصب المجتبى زرع بلا إذن شريكه فدفع له شريكه
نصف البذر ليكون الزرع بينهما قبل النبات لم يجز وبعده جاز وإن أراد قلعه يقاسمه
فيقلعه من نصيبه ويضمن الزارع نقصان الأرض بالقلع، والصواب " نقصان الزرع
"
وفي قسمة الأشباه المشترك: إذا انهدم فأبى أحدهما العمارة، فإن
احتمل القسمة لا جبر وقسم وإلا بنى ثم آجره ليرجع وتمامه في شركة المنظومة
المحبية، وفيها: باع شريك شقصه لآخر ولو بلا إذن شريك ناظر فيما عدا الخلط
والاختلاط وحوز ذاك البيع والتعاطي ثم الشريك ههنا لو باعا حصته من فرس وابتاعا
ذلك منه الأجنبي وهلكا وكان ذا بغير إذن الشركا فإن يشاءوا ضمنوا الشريك أو من
اشترى منه على ما قد رووا وإن يكن كل شريك آجرا حصة حمام له من آخرا وكان شخص
منهما قد أذنا لذاك في تعميرها وبالبنا فلا رجوع صاح للمستأجر في ذا البنا على
الشريك الآخر لو واحد من الشريكين سكن في الدار مدة مضت من الزمن فليس للشريك أن
يطالبه بأجرة السكنى ولا المطالبه بأنه يسكن من الأول لكنه إن كان في المستقبل
يطلب أن يهايئ الشريكا يجاب فافهم ودع التشكيكا.