المؤلف: أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الخرقي (ت ٣٣٤هـ)
التصنيف الفرعي للكتاب: فقه حنبلي
المحتويات
- كتاب الصلاة
- باب المواقيت
- باب الأذان
- باب استقبال القبلة
- باب صفة الصلاة
- باب ما يبطل الصلاة إذا ترك عامدا أو ناسيا
- باب سجدتى السهو
- باب الصلاة بالنجاسة وغير ذلك
- باب القول في الساعات التي نهى عن الصلاة فيها
- باب الإمامة
- باب صلاة المسافر
- باب صلاة الجمعة
- باب صلاة العيدين
- باب صلاة الخوف
- باب صلاة الكسوف
- باب صلاة الاستسقاء
- باب الحكم فيمن ترك الصلاة
- العودة الي كتاب مختصر الخرقي
[كتاب الصلاة]
[باب المواقيت]
قال وإذا زالت الشمس وجبت صلاة الظهر فإذا صار ظل كل شيء مثليه فهو آخر وقتها فإذا زاد شيئا وجبت العصر فإذا صار ظل كل شيء مثليه خرج وقت الاختيار [ويبقى وقت الضرورة إلى أن تغرب الشمس] .ومن أدرك منها ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها وهذا مع الضرورة فإذا غابت الشمس فقد وجبت المغرب ولا يستحب تأخيرها إلى أن يغيب الشفق.فإذا غاب الشفق وهو الحمرة في السفر وفي الحضر البياض لأن في الحضر قد تنزل الحمرة فتواريها الجدران فيظن أنها قد غابت فإذا غاب البياض فقد تيقن
ووجبت عشاء الأخيرة إلى ثلث الليل فإذا ذهب ثلث الليل [خرج] وقت الاختيار ووقت
الضرورة [مبقى] إلى أن يطلع الفجر الثاني وهو البياض الذي يبد من قبل المشرق
فينتشر ولا ظلمة بعده.فإذا طلع الفجر الثاني وجبت صلاة الصبح والوقت مبقى إلى ما
قبل أن تطلع الشمس ومن أدرك منها ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها مع
الضرورة.والصلاة في أول الوقت أفضل إلا عشاء الآخرة وفي شدة الحر في الظهر.وإذا
طهرت الحائض وأسلم الكافر وبلغ الصبي قبل أن تغرب الشمس صلوا الظهر والعصر وإن
بلغ الصبي وأسلم الكافر وطهرت الحائض أن يطلع الفجر صلوا المغرب وعشاء
الآخرة.والمغمى عليه يقضي جميع الصلوات التي كانت عليه في إغمائه والله أعلم.
باب الآذان
قال ويذهب أبو عبد الله رحمه الله إلى آذان بلال وهو الله اكبر الله اكبر الله اكبر الله اكبر أشهد أن لا اله إلا الله أشهد أن لا اله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله اكبر الله اكبر لا اله إلا الله:
والإقامة الله أكبر الله اكبر أشهد أن لا اله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.ويسترسل في الأذان ويحدر الإقامة.
ويقول في آذان الصبح الصلاة خير من النوم مرتين.وإن أذن لغير الفجر قبل دخول الوقت أعاد إذا دخل الوقتولا يستحب أبو عبد الله أن يؤذن إلا طاهرا فإن أذن جنبا أعاد.ومن صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد.ويجعل أصابعه مضمومة على أذنيه ويدير وجهه على يمينه إذا قال حي على الصلاة وعلى يسرته إذا قال حي على الفلاح، ولا يزيل قدميه.ويستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول
[باب استقبال القبلة]
قال وإذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة وصلى إلى غيرها راجلا وراكبا يومئ إيماء على قدر الطاقة ويجعل سجوده أخفض من ركوعه وسواء كان مطلوبا أو طالبا يخشى فوات العدو وعن أبي عبد الله رحمه الله رواية أخرى أنه اذا كان طالبا فلا يجزئه أن يصلي إلا صلاة آمن.وله أن يتطوع في السفر على الراحلة على ما وصفنا من صلاة الخوف.ولا يصلي على غير هاتين الحالتين فرضا ولا نافلة إلا متوجها إلى الكعبة.فإن كان يعاينها فبالصواب وإن كان غائبا عنها فبالاجتهاد بالصواب إلى جهتها.وإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه ويتبع الأعمى والعامي أوثقهما في نفسه. وإذا صلى بالاجتهاد إلى جهة ثم علم أنه قد اخطأ القبلة لم يكن عليه إعادة.وإذا صلى البصير في حضر فأخطأ أو الأعمى بلا دليل أعادا ولا يتبع دلالة مشرك بحال وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره ولا روايته ولا شهادته لأنه ليس بموضع أمانة.
باب صفة الصلاة
قال وإذا قام إلى الصلاة قال الله أكبر وينوي بها المكتوبة يعني بالتكبيرة ولا نعلم خلافا بين الأمة في وجوب النية للصلاة وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها.فإن تقدمت النية قبل التكبير وبعد دخول الوقت ما لم يفسخا أجزأه.ويرفع يديه إلى فروع أذنيه أو إلى حذو منكبيه ثم يضع يده اليمنى على كوعه اليسرى ويجعلهما تحت سرته١ ثم يقول:سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك.ثم يستعيذ ويقرأ الحمد لله رب العالمين يبتدئها ببسم الله الرحمن الرحيم ولا يجهر بها فإذا قال ولا الضالين قال آمين.ثم يقرأ سورة في ابتدائها بسم الله الرحمن الرحيم ولا يجهر بها فإذا فرغ كبر للركوع ورفع يديه كرفعه الأول ثم يضع يديه على ركبتيه ويفرج أصابعه ويمد ظهره ولا يرفع رأسه ولا يخفضه ويقول في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثا وهو أدنى الكمال وإن قال مرة أجزأه.ثم يرفع رأسه ثم يقول سمع الله لمن حمده ويرفع يديه كرفعه الأول ثم يقول ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد وإن كان مأموما لم يزد على ربنا ولك الحمد ثم يكبر للسجود ولا يرفع يديه ويكون أول ما يقع منه على الأرض ركبتاه ثم يداه ثم جبهته وأنفه.
ويكون في سجوده معتدلا ويجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه وفخذيه عن ساقيه ويكون على أطراف أصابعه ويقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا وإن قال مرة أجزأه.ثم يرفع رأسه مكبرا فإذا جلس واعتدل يكون جلوسه على رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى ويقول رب اغفر لي ثلاثا ثم يكبر ويخر ساجدا ثم يرفع رأسه بتكبير ويقوم على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه إلا أن يشق ذلك عليه فيعتمد بالأرض.ويفعل في الثانية مثل ما فعل في الأولى فإذا جلس فيها للتشهد يكون كجلوسه بين السجدتين ثم يبسط كفه اليسرى على فخذه اليسرى ويده اليمنى على فخذه اليمنى ويحلق الأبهام مع الوسطى ويشير بالسبابة المسبحة ويتشهد فيقول:التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.وهو التشهد الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه.ثم ينهض مكبرا كنهوضه من السجود فإذا جلس للتشهد الأخير تورك فنصب رجله اليمنى ويجعل باطن رجله اليسرى تحت فخذه اليمنى ويجعل إليتيه على الأرض ولا يتورك إلا في صلاة فيها تشهدان في الأخير منهما.ويتشهد بالأول ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول:اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
ويستحب [له] أن يتعوذ من أربع فيقول أعوذ بالله من عذاب جهنم وأعوذ بالله من عذاب
القبر وأعوذ بالله من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بالله من فتنة المحيا والممات.وإن
دعا في تشهده بما ذكر في الأخبار فلا بأس ويسلم عن يمينه فيقول السلام عليكم
ورحمة الله وعن يساره كذلك.والرجل والمرأة في ذلك سواء إلا أن المرأة تجمع نفسها
في الركوع والسجود وتجلس متربعة أو تسدل رجليها فتجعلهما في جانب يمينها.
_______________
١ الروايات عن الإمام أحمد تقر بوضعها على الصدر.
_______________
والمأموم إذا سمع قراءة الإمام فلا يقرأ ب "الحمد" ولا بغيرها لقوله تعالى: {وإذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ١ [الأعراف:٢٠٤] .ولما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مالي أنازع القرآن" فانتهى الناس أن يقرؤوا فيما جهر فيه النبي صلى الله عليه وسلم والاستحباب أن يقرأ في سكتات الإمام وفيما لا يجهر فيه فإن لم يفعل فصلاته تامة لأن من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة.ويسر القراءة في الظهر والعصر ويجهر بالقراءة في الأوليين من المغرب وعشاء الآخرة وفي الصبح كلها.ويقرأ في الصبح بطوال المفصل٢ وفي الظهر في الركعة الأولى بنحو من الثلاثين آية وفي الثانية بأيسر من ذلك
وفي العصر على النصف من ذلك وفي المغرب بسور آخر المفصل وفي العشاء الآخرة ب {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} وما أشبهها وما قرأ به بعد أم الكتاب في ذلك كله أجزأه.ولا يزيد على قراءة أم الكتاب في الأخريين من صلاة الظهر والعصر وعشاء الآخرة وفي الركعة الأخيرة من المغرب.ومن كان من الرجال وعليه ما يستر ما بين سرته وركبتيه أجزأه وذلك إذا كان على عاتقه شيء من اللباس ومن كان عليه ثوب واحد بعضه على عاتقه أجزأه ذلك.ومن لم يقدر على ستر العورة صلى جالسا يومئ إيماء فإن صلوا جماعة عراة كان الإمام معهم في الصف وسطا يومئون إيماء ويكون سجودهم أخفض من ركوعهم
وقد روي عن أبي عبد الله رحمه الله رواية أخرى أنهم يسجدون بالأرض ومن كان في ماء
وطين أومأ إيماء.وإذا انكشف من المرأة الحرة شيء سوى وجهها أعادت الصلاة وصلاة
الأمة مكشوفة الرأس جائز ويستحب لأم الولد أن تغطي رأسها في الصلاة.ومن ذكر أن
عليه صلاة وهو في أخرى أتمها وقضى المذكورة وأعاد الصلاة التي كان فيها إذا كان
الوقت مبقى.فإن خشي خروج الوقت اعتقد وهو فيها أن لا يعيدها وقد أجزأته ويقضي
التي عليه.ويؤدب الغلام على الطهارة والصلاة إذا تمت له عشر سنين.وسجود القرآن
أربع عشرة سجدة في الحج منها اثنتان ولا يسجد إلا وهو طاهر ويكبر إذا سجد ويسلم
إذا رفع ولا يسجد في الأوقات التي لا يجوز أن يصلي فيها تطوعا ومن سجد فحسن ومن
ترك فلا شيء عليه.
_______________
١ سورة الأعراف الآية ٢٠٤.
٢ بطوال المفصل: السور الطوال مثل
البقرة وآل عمران وأمثالهما.
_______________
وإذا حضرت الصلاة والعشاء بدأ بالعشاء وإذا حضرت الصلاة وهو محتاج إلى الخلاء١ بدأ بالخلاء والله أعلم.
[باب ما يبطل الصلاة
إذا ترك عامدا أو ناسيا]ومن ترك تكبيرة الإحرام أو قراءة الحمد وهو إمام أو منفرد أو الركوع أو الاعتدال بعد الركوع أو السجود أو الاعتدال بعد السجود أو التشهد الأخير أو السلام بطلت صلاته عامدا كان أو ساهيا.ومن ترك شيئا من التكبير غير تكبيرة الإحرام أو التسبيح في الركوع أو السجود أو قول سمع الله لمن حمده أو قول ربنا لك الحمد أو رب اغفر لي رب اغفر لي أو التشهد الأول أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير عامدا بطلت صلاته ومن ترك شيئا منه ساهيا أتى بسجدتي السهو.
باب سجدتي السهو
قال ومن سلم وقد بقي عليه شيء من صلاته أتى بما بقي عليه من صلاته
[باب الصلاة بالنجاسة وغير ذلك]
وإذا لم تكن ثيابه طاهرة وموضع صلاته طاهرا أعاد وكذلك إن صلى في المقبرة أو الحش2 أو معاطن3 الإبل أعاد.
وإن صلى وفي ثوبه نجاسة وإن قلت أعاد إلا أن يكون ذلك دما أو قيحا يسيرا مما لا يفحش في القلب فإذا خفي موضع النجاسة من الثوب استظهر حتى يتيقن أن الغسل قد أتى على النجاسة.
وما خرج من الإنسان أو البهيمة التي لا يؤكل لحمها من بول أو غيره فهو نجس إلا بول الغلام الذي لا يأكل الطعام فإنه يرش عليه الماء والمني طاهر
وعن أبي عبد الله رحمه الله رواية أخرى أنه كالدم.والبولة على ظاهر الأرض يطهرها
دلو من ماء.وإذا نسي فصلى بهم جنبا أعاد وحده والله أعلم.
_______________
١ الخلاء: وهو المكان الذي يقضي فيه الإنسان حاجته وهو كناية عن خروج
البول والغائط.
2 الحش: هو البستان لأنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين والجمع حشوش.
3
معاطن الإبل: وطن الإبل والحكمة من عدم الصلاة في مكان الإبل أن الإبل تزدحم
فتؤذي المصلي أو تلهيه عن الصلاة.
_______________
باب [القول في] الساعات التي نهي عن الصلاة فيها
ويقضي الفوائت من الصلاة الفرض ويركع للطواف ويصلي على الجنائز يصلي إذا كان في المسجد وأقيمت الصلاة وقد كان صلى في كل وقت نهي عن الصلاة فيه وهو ما بعد العصر حتى تغرب الشمس وبعد الفجر حتى مطلع الشمس ولا يبتدئ في هذه الأوقات صلاة يتطوع بها.وصلاة التطوع مثنى مثنى وإن تطوع في النهار بأربع فلا بأس.ومباح له أن يتطوع جالسا ويكون في حال القيام متربعا ويثني رجليه في الركوع والسجود والمريض إذا كان القيام يزيد في مرضه صلى جالسا فإن لم يطق جالسا فنائما.
والوتر ركعة يقنت فيها مفصولة مما قبلها.
وقيام شهر رمضان عشرون ركعة والله أعلم.
[باب الإمامة]
ويصلي بهم أقرؤهم فإن استووا فأفقههم فإن استووا فأسنهم فإن استووا فأشرفهم فإن استووا فأقدمهم هجرة.ومن صلى خلف من يعلن ببدعة أو بسكر أعاد.وإمامة العبد والأعمى جائزة وإن أم أمي أميا وقارئنا أعاد القارئ وحده الصلاة.وإن صلى خلف مشرك أو امرأة أو خنثى مشكل أعاد الصلاة.وإن صلت امرأة بالنساء قامت معهن في الصف وسطا.وصاحب البيت أحق بالإمامة إلا أن يكون بعضهم ذا سلطان.ويأتم بالإمام من في أعلى المسجد وغير المسجد إذا اتصلت الصفوف ولا يكون الإمام أعلى من المأموم.
ومن صلى خلف الصف وحده أو قام بجنب الإمام عن يساره أعاد الصلاة.وإذا صلى إمام الحي جالسا صلى من وراءه جلوسا فإن ابتدأ بهم الصلاة قائما ثم اعتل فجلس أتموا خلفه قياما.
ومن أدرك الإمام راكعا فركع دون الصف ثم مشى حتى دخل في الصف وهو لا يعلم بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة "زادك الله حرصا ولا تعد" قيل له لا تعد وقد أجزأته صلاته فإن عاد بعد النهي لم تجزئه صلاته.
ونص أحمد رحمه الله على هذا في رواية أبي طالب وسترة الإمام سترة لمن خلفه ومن مر بين يدي المصلي فليردده ولا يقطع الصلاة إلا الكلب الأسود البهيم والله أعلم.
[باب صلاة المسافر]
وإذا كانت مسافة سفره ستة عشر فرسخا أو ثمانية وأربعين ميلا بالهاشمي فله القصر إذا جاوز بيوت قريته إذا كان سفره واجبا أو مباحا.ومن لم ينو القصر في وقت دخوله إلى الصلاة لم يقصر والصبح والمغربلا يقصران وللمسافر أن يتم ويقصر كما له أن يصوم ويفطر والقصر والفطر أعجب إلى أبي عبد الله [رحمه الله] .
وإذا دخل وقت الظهر على مسافر وهو يريد أن يرتحل صلى الظهر وارتحل.فإذا دخل وقت العصر صلاها وكذلك المغرب وعشاء الآخرة وإن كان سائرا وأحب أن يؤخر الأولى حتى يصليها في وقت الثانية فجائز.وإن نسي صلاة حضر فذكرها في السفر أو صلاة سفر فذكرها في الحضر صلى في الحاليتين صلاة حضر.
وإذا دخل مع مقيم وهو مسافر أتم وإذا صلى مسافر ومقيم خلف مسافر أتم المقيم إذا
سلم إمامه وإذا نوى المسافر الإقامة في بلد أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم وإن قال
اليوم أخرج أو غدا أخرج قصر وإن أقام شهرا والله أعلم.
[باب صلاة الجمعة]
وإذا زالت الشمس١ يوم الجمعة صعد الإمام على المنبر وإذا استقبل الناس سلم عليهم وردوا عليه السلام وجلس وأخذ المؤذنون في الآذان وهذا الآذان الذي يمنع البيع ويلزم السعي إلا لمن منزله في بعد فعليه أن يسعى في الوقت الذي يكون به مدركا للجمعة فإذا فرغوا من الأذان خطبهم قائما فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ شيئا من القرآن ووعظ ثم جلس وقام فأتى أيضا بالحمد لله والثناء عليه والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ ووعظ وإن أراد أن يدعو لإنسان دعا ثم تقام الصلاة وينزل فيصلي بهم الجمعة ركعتين يقرأ في كل ركعة منهما بالحمد وسورة ويجهر بالقراءة.ومن أدرك معه منها ركعة بسجدتيها أضاف إليها أخرى وكانت له جمعة ومن أدرك معه أقل من ذلك بنى عليها ظهرا إذا كان قد دخل بنية الظهرومتى دخل وقت العصر وقد صلوا ركعة أتوا بركعة أخرى وأجزأتهم جمعة.ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يركع ركعتين يوجز فيهما.وإذا لم يكن في القرية أربعون رجلا عقلاء لم تجب عليهم الجمعة وإن صلوا أعادوها ظهرا. وإذا كان البلد كبيرا يحتاج إلى جوامع فصلاة الجمعة في جميعها جائزة ولا تجب الجمعة على مسافر ولا عبد ولا امرأة وإن حضروها أجزأتهم.
وعن أبي عبد الله رحمه الله في العبد روايتان إحداهما أن الجمعة واجبة عليه والرواية الأخرى ليست عليه بواجبة.ومن صلى الظهر يوم الجمعة ممن عليه حضور الجمعة قبل صلاة الإمام أعادها بعد صلاته ظهرا.ويستحب لمن أتى الجمعة أن يغتسل ويلبس ثوبين نظيفين ويتطيب.وإن صلوا الجمعة في الساعة السادسة أجزأتهم.وتجب الجمعة على من بينه وبين الجامع فرسخ والله أعلم.
_______________
زالت الشمس: يعني زو الهاعن وسط السماء.
_______________
[باب صلاة العيدين]
ويظهرون التكبير في ليالي العيدين وهو في الفطر آكد لقوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ١ [البقرة:١٨٥]
وإذا أصبحوا تطهروا وأكلوا إن كان فطرا ثم غدوا إلى المصلى مظهرين التكبير.فإذا حلت الصلاة تقدم الإمام فصلى بهم ركعتين بلا آذان ولا إقامة يقرأ في كل ركعة منهما " الحمد لله" وسورة ويجهر بالقراءة ويكبر في الأولى بسبع تكبيرات منها تكبيرة الافتتاح ويرفع يديه مع كل تكبيرة ويستفتح في أولها ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بين كل تكبيرتين وإن أحب قال الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا وصلوات الله على النبي عليه السلام وإن أحب قال غير ذلك.
ويكبر في الثانية خمس تكبيرات سوى التكبيرة التي يقوم بها من السجود ويرفع يديه مع كل تكبيرة.وإذا سلم خطب بهم خطبتين يجلس بينهما فإن كان فطرا حضهم على الصدقة وبين لهم ما يخرجون وإن كان أضحى رغبهم في الأضحية وبين لهم ما يضحى به ولا يتنفل قبل صلاة العيدين ولا بعدها وإذا غدا من طريق رجع من غيرها.ومن فاتته صلاة العيد صلى أربع ركعات كصلاة التطوع ويسلم في آخرها وإن أحب فصل بسلام بين كل ركعتين.ويبتدئ التكبير يوم عرفة من صلاة الفجر ثم لا يزال يكبر في دبر كل صلاة مكتوبة صلاها في جماعة.وعن أبي عبد الله رحمه الله رواية أخرى أنه يكبر لصلاة الفرض وإن كان وحده حتى يكبر لصلاة العصر من آخر أيام التشريق2 ثم يقطع والله أعلم.
_______________
١ سورة البقرة الآية: ١٨٥.
2 أيام التشريق: هي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة.
_______________
[باب صلاة الخوف]
وصلاة الخوف إذا كان بإزاء العدو وهو في سفر صلى بطائفة ركعة وثبت قائما وأتمت لأنفسها أخرى ب "الحمد لله" وسورة ثم ذهبت تحرس وجاءت الطائفة الأخرى التي بإزاء العدو فصلت معه ركعة وأتمت لأنفسها أخرى ب "الحمد لله" وسورة ويطيل التشهد حتى يتموا التشهد ويسلم بهم.
وإذا كانت الصلاة مغربا صلى بالطائفة الأولى ركعتين وأتمت لأنفسها ركعة يقرأ فيها ب "الحمد لله" وصلى بالطائفة الأخرى ركعة وأتمت لنفسها ركعتين يقرأ في كل ركعة بالحمد لله وسورة] .وإن خاف وهو مقيم صلى بكل طائفة ركعتين وأتمت الطائفة الأولى ب "الحمد لله" في كل ركعة والطائفة الأخرى تتم ب "الحمد لله" وسورة في كل ركعة.وإن كانت الصلاة مغربا صلى بالطائفة الأخرى ركعة وأتمت لنفسها ركعتين تقرأ فيهما "بالحمد لله" ويصلي بالطائفة الأخرى ركعة وأتمت لنفسها ركعتين تقرأ فيهما "بالحمد لله" وسورة.وإن كان الخوف شديدا وهم في المسايفة١ صلوا رجالا وركبانا إلى القبلة وغيرها يومئون إيماء يبتدئون بتكبيرة الإحرام إلى القبلة إن قدروا أو إلى غيرها.ومن أمن وهو في الصلاة أتمها صلاة آمن وهكذا إن كان آمنا واشتد خوفه أتمها صلاة خائف والله أعلم.
_______________
١ المسايفة: وقت الحرب واستخدام السيوف.
_______________
[باب صلاة الكسوف]
وإذا خسفت الشمس أو القمر فزع الناس إلى الصلاة إن أحبوا جماعة وإن أحبوا فرادى بلا أذان ولا إقامة يقرأ في الأولى بأم الكتاب وسورة طويلة ويجهر بالقراءة ثم يركع فيطيل الركوع ثم يرفع فيقرأ ويطيل القيام وهو دون القيام الأول ثم يركع فيطيل الركوع وهو دون الركوع الأول ثم يرفع ثم يسجد سجدتين طويلتين فإذا قام يفعل مثل ذلك فيكون أربع ركعات وأربع سجدات ثم يتشهد ويسلم
.وإذا كان الكسوف في غير وقت صلاة جعل مكان الصلاة تسبيحا والله أعلم.
[باب صلاة الاستسقاء]
وإذا أجدبت الأرض واحتبس القطر خرجوا مع الإمام فكانوا في خروجهم كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه كان إذا أراد الاستسقاء خرج متواضعا متبذلا متخشعا متذللا متضرعا فيصلي بهم ركعتين ثم يخطب ويستقبل القبلة ويحول رداءه فيجعل اليمين يسارا واليسار يمينا ويفعل الناس كذلك ويدعو ويدعون ويكثرون في دعائهم الاستغفار فإن سقوا وإلا أعادوا في اليوم الثاني واليوم الثالث وإن خرج معهم أهل الذمة لم يمنعوا وأمروا أن يكونوا منفردين من المسلمين والله أعلم.
[باب الحكم فيمن ترك الصلاة]
ومن ترك الصلاة وهو بالغ عاقل جاحدا لها أو غير جاحد دعي إليها في وقت كل صلاة
ثلاثة أيام فإن صلى وإلا قتل والله أعلم.