اسم الكتاب الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ الشَّامل للأدلّة الشَّرعيَّة والآراء المذهبيَّة وأهمّ النَّظريَّات الفقهيَّة وتحقيق الأحاديث النَّبويَّة وتخريجها
اسم المؤلف: د. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ
المهنة:أستاذ ورئيس قسم الفقه الإسلاميّ وأصوله بجامعة دمشق - كلّيَّة الشَّريعة
الوفاة 8 أغسطس 2015 الموافق 23 شوال 1436 هـ
عدد الأجزاء: 10
التصنيف: الفقه المقارن
- الفصل الثالث: آداب السفر للحج وغيره، وآداب الحاج العائد
- العودة الي كتاب الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ
الفصل الثالث: آداب السفر للحج وغيره، وآداب الحاج العائد
وفيه مبحثان:
المبحث الأول - آداب السفر للحج وغيره:
ذكر النووي آدابًا عظيمة مفيدة للسفر وهي ما يأتي (١):
١ً -
المشاورة: يستحب أن يشاور من يثق بدينه وخبرته وعلمه في حجه، وعلى المستشار أن
يبذل له النصيحة، فإن المستشار مؤتمن والدين النصيحة.
٢ً - الاستخارة: ينبغي
إذا عزم على الحج أو غيره أن يستخير الله تعالى، فيصلي ركعتين من غير الفريضة، ثم
يقول بعدها:
(اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك
العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت
تعلم أن - ذهابي إلى الحج في هذا العام - خير في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري
وعاجله وآجله، فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه. اللهم وإن كنت تعلم أنه شر
لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه،
واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به).
ويستحب أن يقرأ في هذه الصلاة بعد
الفاتحة في الركعة الأولى (الكافرون) وفي الثانية (الإخلاص). ثم ليمض بعد
الاستخارة لما ينشرح إليه صدره.
٣ً - التوبة ورد المظالم والديون: إذا عزم
على السفر تاب من جميع المعاصي
(١) الإيضاح: ص ٤ - ١١.
ورد
المظالم إلى أهلها، وقضى ما أمكنه من ديونه، ورد الودائع، وطلب المسامحة ممن كان
يعامله أو يصاحبه، وكتب وصيته وأشهد عليها، ووكل من يقضي عنه ديونه ما لم يتمكن
من وفائها، وترك لأهله ما يحتاجونه من نفقة.
٤ً - إرضاء الوالدين والزوج:
يجتهد في إرضاء والديه وكل من يبره، وتسترضي المرأة زوجها وأقاربها، ويستحب للزوج
أن يحج مع امرأته.
وليس للوالد منع الولد من حج الفريضة، وله المنع من حج
التطوع، فإن أحرم فللوالد تحليله من هذا الحج على الأصح عند الشافعية.
وللزوج
أيضًا منع الزوجة من حج التطوع، وحج الفريضة على الأظهر عند الشافعية؛ لأن حقه
على الفور. وإن كانت مطلقة حبسها للعدة وليس له التحليل إلا أن تكون رجعية،
فيراجعها، ثم يحللها أي يأمرها بذبح شاة تنوي بها التحلل، وتقصر من رأسها ثلاث
شعرات فأكثر.
٥ً - كون النفقة حلالًا: ليحرص على أن تكون نفقته حلالًا خالصة
من الشبهة، فإن حج بما فيه شبهة أو بمال مغصوب صح حجه عند الجمهور، لكنه ليس حجًا
مبرورًا. وقال أحمد: لا يجزيه الحج بمال حرام.
٦ً - الاستكثار من الزاد
الطيب والنفقة: يستحب الاستكثار منهما ليواسي منه المحتاجين، ولقوله تعالى: ﴿يا
أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم، ومما أخرجنا لكم من الأرض، ولا
تيمموا الخبيث منه تنفقون﴾ [البقرة:٢٦٧/ ٢] والمراد بالطيب هنا: الجيد، وبالخبيث:
الرديء.
٧ً - ترك المماحكة في الشراء: يستحب ذلك بسبب الحج وكل ما يتقرب به
إلى الله تعالى.
٨ً - عدم المشاركة في الزاد والراحلة والنفقة: يستحب ذلك
إيثارًا للسلامة من المنازعات.
٩ً - تحصيل مر كوب قوي مريح:
يستحب ذلك، والركوب في الحج أفضل من المشي في المذهب الصحيح للشافعية، وقد ثبت في
الأحاديث الصحيحة أن رسول الله ﷺ حج راكبًا، وكانت راحلته زاملته. والزاملة:
البعير الذي يُحمل عليه الطعام والمتاع.
١٠ً - تعلم كيفية الحج: لا بد إذا
أراد الحج أن يتعلم كيفيته، وهذا فرض عين، إذ لا تصح العبادة ممن لا يعرفها.
ويستحب أن يستصحب معه كتابًا واضحًا في مناسك الحج، وأن يديم مطالعته، ويكررها في
جميع طريقه لتصير محققة عنده.
١١ً - اصطحاب الرفيق: ينبغي أن يطلب له رفيقًا
موافقًا، راغبًا في الخير، كارهًا للشر، إن نسي ذكَّره، وإن ذكر أعانه. ويحرص على
رضا رفيقه في جميع طريقه، ويتحمل كل واحد صاحبه، ويرى لصاحبه عليه فضلًا وحرمة،
ولا يرى ذلك لنفسه، ويصبر على ما وقع منه أحيانًا من جفاء ونحوه. وقد كره الرسول
ﷺ الوحدة في السفر، وقال: «الراكب شيطان، والراكبان شيطانان والثلاثة ركب» (١)
وإذا ترافق ثلاثة أو أكثر أمَّروا على أنفسهم أفضلهم وأجودهم رأيًا، لحديث «إذا
كانوا ثلاثة فليؤمِّروا أحدهم» (٢).
١٢ً - التفرغ للعبادة والإخلاص: يستحب
أن يتفرغ للعبادة، خاليًا عن التجارة؛ لأنها تشغل القلب، فإن اتجر مع ذلك صح حجه،
لقوله تعالى: ﴿ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلًا من ربكم﴾ [البقرة:١٩٨/ ٢]، ويريد
بعمله وجه الله تعالى، لقوله سبحانه ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له
الدين﴾ [البينة:٥/ ٩٨]. وقوله ﵇: «إنما الأعمال بالنيات».
(١) رواه أحمد
وأبو داود والترمذي والحاكم عن عبد الله بن عمرو، وهو صحيح.
(٢) رواه أبو
داود بإسناد حسن عن أبي هريرة.
والأفضل في الحج عن الغير أن
يكون متبرعًا، ولو حج بأجرة فقد ترك الأفضل، ويحصل لغيره العبادة، ويحصل له حضور
تلك المشاهد الشريفة.
١٣ - كون السفر يوم الخميس والتبكير: يستحب أن يكون
سفره يوم الخميس، «إذ قلما
خرج رسول الله ﷺ في سفر إلا يوم الخميس» (١)، فإن
فاته فيوم الاثنين، إذ فيه هاجر الرسول من مكة. ويستحب أن يبكر لحديث صخر
الغامدي: «اللهم بارك لأمتي في بكورها» (٢).
١٤ً - صلاة سنة السفر: يستحب
إذا أراد الخروج من منزله أن يصلي ركعتين، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة (الكافرون)
وفي الثانية: (الإخلاص) (٣)، ويستحب أن يقرأ بعد سلامه آية الكرسي، ولإيلاف قريش
(٤)، وسورة الإخلاص والمعوذتين، ثم يدعو بحضور قلب وإخلاص بما تيسر من أمور
الدنيا والآخرة، ويسأل الله تعالى الإعانة والتوفيق في سفره وغيره من أموره، فإذا
نهض من جلوسه، قال مارواه أنس:
«اللهم إليك توجهت، وبك اعتصمت، اللهم اكفني
ما أهمني وما لم أهتم به، اللهم زودني التقوى، واغفر لي ذنبي».
١٥ً -
الوداع: يستحب أن يودع أهله وجيرانه وأصدقاءه وأن يودعوه ويستسمحهم، ويقول كل
واحد منهم لصاحبه: (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، زودك الله التقوى،
وغفر ذنبك، ويسر لك الخير حيث كنت).
١٦ً - الدعاء عند الخروج من البيت:
السنة إذا أراد الخروج من بيته أن يقول ما
(١) رواه الشيخان في الصحيحين عن
كعب بن مالك.
(٢) رواه أبو داود والترمذي، وقال: هذا حديث حسن.
(٣) جاء
في الحديث: «ما خلف أحد عند أهله أفضل من ركعتين، يركعهما عندهم حين يريد
السفر».
(٤) جاء فيهما آثار للسلف، منها «من قرأ آية الكرسي عند خروجه من
منزله لم يصبه شيء يكرهه حتى يرجع من منسكه عن جماعة».
صح عن
رسول الله ﷺ: «اللهم إني أعوذ بك من أن أَضل أو أضل، أو أَزل أو أزل، أو أَظلم أو
أظلم، أو أَجهل أو يجهل علي» وعن أنس أن النبي ﷺ قال: «إذا خرج الرجل من بيته،
فقال: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال: هديت وكفيت
ووقيت».
ويستحب له أن يتصدق بشيء عند خروجه، وكذا بين يدي كل حاجة
يريدها.
١٧ً - الدعاء عند الركوب: يستحب إذا أراد الركوب أن يقول: (بسم
الله) وإذا استوى على دابته قال: (الحمد لله، سبحان الذي سخر لنا هذا، وما كنا له
مقرنين (١)، وإنا إلى ربنا لمنقلبون).
ثم يقول: (الحمد لله) ثلاث مرات (الله
أكبر) ثلاث مرات.
ثم يقول: (سبحانك، اللهم إني ظلمت نفسي، فاغفر لي، فإنه لا
يغفر الذنوب إلا أنت) للحديث الصحيح في ذلك.
ويستحب أن يضم إليه: «اللهم إنا
نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما تحب وترضى، اللهم هوِّن علينا
سفرنا واطْوِعنا بُعْده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل والمال.
اللهم إنا نعوذ بك من وَعْثاء السفر وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال
والولد» للحديث الصحيح في ذلك.
١٨ً - السفر بالليل والرفق بالدابة: يستحب
إكثار السفر في الليل، لحديث أنس: «عليكم الدُّلْجة، فإن الأرض تطوى بالليل» (٢)،
وأن يريح دابته بالنزول عنها غدوة وعشية، ويتجنب النوم على ظهرها، للحديث الصحيح
في النهي عن اتخاذ ظهور الدواب منابر، لكن يجوز للحاجة؛ لما ثبت في الصحيحين أن
رسول الله ﷺ خطب على راحلته.
(١) أي مطيقين.
(٢) رواه أبو داود والحاكم
والبيهقي عن أنس، وهو صحيح.
ويحرم عليه أن يحمل على الدابة فوق
طاقتها، وأن يجيعها من غير ضرورة.
ولا بأس بالارتداف على الدابة إذا أطاقته،
فقد صحت الأحاديث في ذلك.
١٩ً - التقشف والرفق في السفر: أن يتجنب الشبع
المفرط والزينة والترفه والتبسط في ألوان الأطعمة، فإن الحاج أشعث أغبر، روى
الترمذي وابن ماجه عن ابن عمر قال: «قام رجل إلى النبي ﷺ فقال: من الحاج؟ قال:
الشَعِث التفِل».
وينبغي أن يستعمل الرفق وحسن الخلق مع الناس، ويتجنب
المخاصمة والمخاشنة ومزاحمة الناس في الطريق وموارد الماء إذا أمكنه ذلك.
ويصون
لسانه من الشتم والغيبة ولعن الدواب وجميع الألفاظ القبيحة، للحديث المتقدم: «من
حج فلم يرفث، ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».
٢٠ً - عدم اصطحاب
الكلب أو الجرس: يكره أن يستصحب كلبًا أو جرسًا، لقوله ﷺ: «إن العير التي فيها
الجرس لا تصحبها الملائكة» (١) وقوله: «لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس»
(٢) «الجرس مزمار الشيطان» (٣).
٢١ً - التكبير والتسبيح: السنة التكبير عند
العلو، والتسبيح عند الهبوط في وادٍ ونحوه، بدون رفع الصوت.
٢٢ً - الدعاء
عند رؤية بلد: يستحب إذا أشرف على قرية أو منزل يقول: «اللهم إني أسألك خيرها
وخير أهلها وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها».
(١)
رواه أبو داود بإسناد حسن عن أم حبيبة أم المؤمنين ﵂.
(٢) رواه مسلم عن أبي
هريرة.
(٣) رواه أبو داو وغيره.
٢٣ً - الدعاء عند نزول
منزل: السنة إذا نزل منزلًا أن يقول: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)
لحديث خولة بنت حكيم فيما رواه مسلم: «من نزل منزلًا ثم قال: أعوذ بكلمات الله
التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء، حتى يرتحل من منزله ذلك».
ويستحب أن
يسبح في حال حطه الرحل، لقول أنس: «كنا إذا نزلنا سبحنا حتى نحط الرحال».
ويكره
النزول في قارعة الطريق، لحديث أبي هريرة: «لا تعرِّسوا على الطريق فإنها مأوى
الهوام بالليل» (١).
٢٤ً - الدعاء عند دخول الليل: السنة إذا جن عليه الليل
أن يقول ما رواه أبو داود عن ابن عمر قال: «كان رسول الله ﷺ إذا سافر، فأقبل
الليل، قال: يا أرض، ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما خلق
فيك، وشر ما يدب عليك، أعوذ بالله من أسد وْسْود، والحية والعقرب، ومن ساكن البلد
(٢)، ومن والد وما ولد».
٢٥ً - الدعاء عند الخوف: إذا خاف قومًا أو إنسانًا
أوغيره، قال ما رواه أبو موسى الأشعري: «أن النبي ﷺ كان إذا خاف قومًا، قال:
اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم» (٣).
ويستحب أن يكثر من
دعاء الكرب هنا وفي كل موطن وهو: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلاالله
رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض، ورب العرش الكريم»
(٤).
(١) ورواه ابن ماجه عن جابر بلفظ آخر، والتعريس: النزول ليلًا.
(٢)
الأسود: الشخص، قال أهل اللغة: كل شخص يقال له أسود، وساكن البلد: الجن، والبلد:
الأرض التي هي مأوى الحيوان، وإن لم يكن فيها بناء.
(٣) رواه أبو داود
والنسائي وغيرهما.
(٤) رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس.
وكان
ﷺ إذا كربه أمر قال: «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» (١).
٢٦ً - أذكار
المسافر في الأزمات: إذا استصعبت دابته، قرأ في أذنيها ﴿أفغير دين الله يبغون،
وله أسلم من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا، وإليه يرجعون﴾ [آل عمران:٨٣/ ٣]
وإذا انفلتت دابته نادى مرتين أو ثلاثًا: «يا عباد الله احبسوا».
وإذا ركب
سفينة قال: ﴿بسم الله مجريها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم﴾ [هود:٤١/ ١١]. ﴿وما
قدروا الله حق قدره ..﴾ [الأنعام:٩١/ ٦] الآية.
٢٧ً - الدعاء في السفر:
يستحب الإكثار من الدعاء في جميع سفره لنفسه ولوالديه وأحبائه وولاة المسلمين
وسائر المسلمين بمهمات أمور الآخرة والدنيا، لقوله ﷺ: «ثلاث دعوات مستجابات، لا
شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده» (٢).
٢٨ً -
التزام الطهارة والصلاة: يستحب له المداومة على الطهارة والنوم على الطهارة،
والمحافظة على الصلاة في أوقاتها المشروعة، وله عند الشافعية أن يقصر ويجمع، وله
ترك الجمع والقصر، وله عند الشافعية فعل أحدهما وترك الآخر، لكن الأفضل أن يقصر
وألا يجمع خروجًا من الخلاف؛ لأن أبا حنيفة ﵀ يوجب القصر ويمنع الجمع، إلا في
عرفات والمزدلفة.
وإذا جمع أذَّن في وقت الأولى، وأقام لكل صلاة، كما تقدم
في صلاة المسافر.
ويستحب صلاة الجماعة في السفر، ولكن لا تتأكد كتأكدها في
الحضر.
وتسن السنن الراتبة مع الفرائض في السفر، كما تسن في الحضر.
(١)
رواه الترمذي عن أنس بن مالك، قال الحاكم: إسناده صحيح.
(٢) رواه أبو داود
والترمذي عن أبي هريرة، وليس في رواية أبي داود «على ولده».
المبحث الثاني - آداب رجوع الحاج من سفره:
للحاج وكل مسافر عند عودته إلى بلده آداب أهمها ما يأتي (١):
١ً -
السنة أن يقول ما ثبت في الحديث عن ابن عمر ﵄ أن رسول الله ﷺ كان إذا قفل من غزو
أو حج أو عمرة، كبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول: «لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون، عابدون
ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده» (٢).
٢ً
- السنة إذا قرب من وطنه أن يبعث قدامه من يخبر أهله، كيلا يقدم عليهم بغتة.
٣ً
- يحسن أن يقول إذا أشرف على بلده: (اللهم إني أسألك خيرها، وخير أهلها، وخير ما
فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها) واستحب بعضهم أن يقول: «اللهم اجعل لنا بها
قرارًا ورزقًا حسنًا، اللهم ارزقنا جناها، وأعذنا من وباها، وحببنا إلى أهلها،
وحبب صالحي أهلها إلينا» رواه ابن السني في الأذكار.
٤ً - إذا قدم، فلا يطرق
أهله في الليل، بل يدخل البلدة غدوة، وإلا ففي آخر النهار، روى مسلم عن أنس «أنه
ﷺ كان لا يطرق أهله ليلًا، وكان يأتيهم غدوة أو عشية».
٥ً - إذا وصل منزله،
فالسنة أن يبتدئ بالمسجد، فيصلي فيه ركعتين، وإذا دخل منزله صلى أيضًا ركعتين،
ودعا وشكر الله تعالى.
٦ً - يستحب لمن يسلم على الحاج أن يقول: (قبل الله
حجك، وغفر ذنبك،
(١) الإيضاح: ص ١٠٠ ومابعدها، المغني: ٥٥٩/ ٣.
(٢)
رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر.
وأخلف نفقتك) لقوله ﷺ: «اللهم
اغفر للحاج، ولمن استغفر له الحاج» (١). هذا وإن قيام العوام بذبح الشاة بين رجلي
الحاج يؤدي إلى تحريم أكلها، إذ إن الذبح بنية تعظيم فلان يحرم أكلها ولو ذكر اسم
الله عليها، أما مظاهر الاستقبال الزائدة فهو رياء ينافي الإخلاص في العبادة.
٧ً
- يستحب أن يقول إذا دخل بيته ما كان يقوله النبي ﷺ فيما رواه ابن عباس: «كان
النبي ﷺ إذا رجع من سفره، فدخل على أهله، قال: توبًا توبًا، لربنا أوبًا، لا
يغادر حوبًا» توبًا: أي نسألك توبة كاملة، ولا يغادر حوبًا أي لا يترك إثمًا.
٨ً
- ينبغي أن يكون رجوعه خيرًا مما كان، فهذا من علامات قبول الحج، وأن يكون خيره
مستمرًا في ازدياد.
انتهى الجزء الثالث ويليه الجزء الرابع
(الأيمان
والنذور والكفارات، النظريات الفقهية وقرارات المجامع)
(١) رواه الحاكم عن
ابن عمر وأبي هريرة، قال الحاكم: وهو صحيح على شرط مسلم، والدعاء المذكور رواه
ابن السني مرفوعًا.