المؤلف: أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (المتوفى: ٤٥٨هـ)
كتب هوامشه: عبد الغني عبد الخالق
قدم له: محمد زاهد الكوثري
الناشر: مكتبة الخانجي - القاهرة
الطبعة: الثانية، ١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م
عدد الأجزاء: ٢ (في مجلد واحد)
فهرس الموضوعات
- فصل فيما يؤثر عنه من التفسير والمعاني فى الطهارات والصلوات
- [سورة المائدة (٥) : آية ٦]
- [سورة النساء (٤) : آية ٤٣]
- [سورة البقرة (٢) : آية ٢٢٢]
- [سورة البقرة (٢) : آية ٢٣٨]
- [سورة المزمل (٧٣) : الآيات ١ إلى ٤]
- [سورة الإسراء (١٧) : آية ٧٨]
- [سورة المائدة (٥) : آية ٥٨]
- [سورة الشرح (٩٤) : آية ٤]
- فضل التعجيل بالصلوات
- [سورة الإسراء (١٧) : آية ٧٩]
- [سورة النحل (١٦) : آية ٩٨]
- [سورة الحجر (١٥) : آية ٨٧]
- [سورة المزمل (٧٣) : آية ٤]
- [سورة البقرة (٢) : آية ١١٥]
- [سورة البقرة (٢) : آية ١٤٤]
- [سورة البقرة (٢) : آية ١٥٠]
- [سورة البقرة (٢) : آية ١٤٣]
- [سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٥٦]
- [سورة الأعراف (٧) : آية ٢٠٤]
- [سورة البقرة (٢) : آية ٢٣٨]
- [سورة المدثر (٧٤) : آية ٤]
- [سورة النساء (٤) : آية ٤٣]
- [سورة التوبة (٩) : آية ٢٨]
- [سورة المائدة (٥) : آية ٥٨]
- [سورة النور (٢٤) : آية ٥٩]
- [سورة النساء (٤) : آية ١٠١]
- [سورة البقرة (٢) : آية ١٨٤]
- [سورة البروج (٨٥) : آية ٣]
- [سورة الجمعة (٦٢) : آية ٩]
- [سورة الجمعة (٦٢) : آية ١١]
- [سورة النساء (٤) : آية ١٠٢]
- [سورة النساء (٤) : آية ١٠٢]
- [سورة البقرة (٢) : آية ١٨٢]
- [سورة فصلت (٤١) : آية ٣٧]
- [سورة البقرة (٢) : آية ٢٠]
- [سورة الرعد (١٣) : آية ١٣]
- [سورة القمر (٥٤) : آية ١٩]
- ما يؤثر عنه فى الزكاة
- [سورة الماعون (١٠٧) : الآيات ٤ إلى ٧]
- [سورة التوبة (٩) : آية ٣٤]
- [سورة الأنبياء (٢١) : آية ٢٣]
- [سورة الأنعام (٦) : آية ١٤١]
- [سورة التوبة (٩) : آية ١٠٣]
- [سورة البقرة (٢) : آية ٢٦٧]
- ما يؤثر عنه فى الصيام
- [سورة البقرة (٢) : الآيات ١٨٣ إلى ١٨٥]
- [سورة الأعراف (٧) : آية ١٣٨]
- ما يؤثر عنه فى الحج
- [سورة آل عمران (٣) : آية ٩٧]
- [سورة البقرة (٢) : آية ١٩٧]
- [سورة البقرة (٢) : آية ١٩٦]
- [سورة الحج (٢٢) : آية ٢٩]
- [سورة الطور (٥٢) : آية ٢١]
- [سورة البقرة (٢) : آية ١٢٥]
- [سورة المائدة (٥) : آية ٩٥]
- [سورة المائدة (٥) : آية ٩٥]
- [سورة المائدة (٥) : آية ٩٥]
- [سورة المائدة (٥) : آية ٤]
- [سورة المائدة (٥) : آية ٩٥]
- [سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٦٨ إلى ٦٩]
- [سورة المائدة (٥) : آية ٣٣]
- [سورة المائدة (٥) : آية ٩٥]
- [سورة البقرة (٢) : آية ١٩٦]
- [سورة المائدة (٥) : آية ٩٦]
- [سورة البقرة (٢) : آية ١٩٩]
- العودة الي تفسير أحكام القرآن للشافعي
«فَصْلٌ فِيمَا يُؤْثَرُ عَنْهُ مِنْ التَّفْسِيرِ وَالْمَعَانِي فِي
الطَّهَارَاتِ وَالصَّلَوَاتِ»
(أَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ،
أَنَا الشَّافِعِيُّ ﵀ قَالَ: « قَالَ الله جلّ ثناءه:
(إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ)
إلَى قَوْلِهِ «١» ﷿: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا: ٥- ٦) قَالَ:
وَكَانَ «٢» بَيِّنًا عِنْدَ مَنْ خُوطِبَ بِالْآيَةِ:
أَنَّ غُسْلَهُمْ
إنَّمَا يَكُونُ بِالْمَاءِ [ثُمَّ] أَبَانَ اللَّهُ فِي [هَذِهِ] الْآيَةِ:
أَنَّ الْغُسْلَ بِالْمَاءِ.
وَكَانَ مَعْقُولًا عِنْدَ مَنْ خُوطِبَ
بِالْآيَةِ: [أَنَّ الْمَاءَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ﵎ مِمَّا لَا صَنْعَةَ فِيهِ
لِلْآدَمِيِّينَ «٣»] . وَذَكَرَ الْمَاءَ عَامًّا فَكَانَ مَاءُ السَّمَاءِ،
وَمَاءُ الْأَنْهَارِ، وَالْآبَارِ، وَالْقُلَّاتِ «٤»، وَالْبِحَارِ. الْعَذْبُ
مِنْ جَمِيعِهِ، وَالْأُجَاجُ سَوَاءٌ:
فِي أَنَّهُ يُطَهِّرُ مَنْ
تَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ بِهِ» .
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ ﷿: (فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ) «لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ الْوَجْهَ الْمَفْرُوضَ
غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ: مَا ظَهَرَ دُونَ مَا بَطَنَ. وَقَالَ: وَكَانَ
مَعْقُولًا: أَنَّ الْوَجْهَ: مَا دُونَ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ، إلَى
الْأُذُنَيْنِ وَاللَّحْيَيْنِ وَالذَّقَنِ» وَفِي قَوْله تَعَالَى:
(وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) قَالَ: «فَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا [فِي]
أَنَّ الْمَرَافِقَ فِيمَا «٥» يُغْسَلُ. كَأَنَّهُمْ ذَهَبُوا إلَى [أَنَّ]
مَعْنَاهَا: فَاغْسِلُوا أَيْدِيكُمْ إلَى أَنْ تُغْسَلَ الْمَرَافِقُ.
(١)
تَمام الْمَحْذُوف: (إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ
إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ
مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ
لامَسْتُمُ النِّساءَ) .
(٢) فى الام (ج ١ ص ٢): فَكَانَ
(٣) هَذِه
عبارَة الام. وفى الأَصْل: أَن المَاء مَا خلق الله مَا لَا مَنْفَعَة فِيهِ
للآدميين. وَفِيه خطأ ظَاهر
(٤) جمع قلت [كسهم وسهام] وَهُوَ:
النقرة
فى الْجَبَل تمسك المَاء. [.....]
(٥) فى الام (ج ١ ص ٢٢): مِمَّا
وَفِي
قَوْله تَعَالَى: (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) قَالَ: «وَكَانَ مَعْقُولًا فِي
الْآيَةِ أَنَّ مَنْ مَسَحَ مِنْ رَأْسِهِ شَيْئًا فَقَدْ مَسَحَ بِرَأْسِهِ
وَلَمْ تَحْتَمِلْ الْآيَةُ إلَّا هَذَا- وَهُوَ أَظْهَرُ مَعَانِيهَا- أَوْ
مَسَحَ الرَّأْسَ كُلَّهُ قَالَ: فَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنْ لَيْسَ عَلَى
الْمَرْءِ مَسْحُ رَأْسِهِ كُلِّهِ. وَإِذَا دَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى ذَلِكَ
فَمَعْنَى الْآيَةِ:
أَنَّ مَنْ مَسَحَ شَيْئًا مِنْ رَأْسِهِ أَجْزَأَهُ»
.
وَفِي قَوْله تَعَالَى: (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) قَالَ
الشَّافِعِيُّ: «نَحْنُ نَقْرَؤُهَا (وَأَرْجُلَكُمْ) عَلَى مَعْنَى: اغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ وأرجلكم وامسحوا برؤسكم قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ
مُخَالِفًا فِي أَنَّ الْكَعْبَيْنِ- اللَّذَيْنِ ذَكَرَ اللَّهُ ﷿ فِي
الْوُضُوءِ- الْكَعْبَانِ النَّاتِئَانِ- وَهُمَا مَجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ
وَالْقَدَمِ- وَأَنَّ عَلَيْهِمَا الْغُسْلَ. كَأَنَّهُ يَذْهَبُ فِيهِمَا إلَى
اغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ حَتَّى تَغْسِلُوا الْكَعْبَيْنِ» .
وَقَالَ فِي
غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ «وَالْكَعْبُ إنَّمَا سُمِّيَ كَعْبًا لِنُتُوئِهِ
فِي مَوْضِعِهِ عَمَّا تَحْتَهُ وَمَا فَوْقَهُ. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ
الْمُجْتَمِعِ مِنْ السِّمَنِ، كَعْبٌ سَمِنَ «١» وَلِلْوَجْهِ فِيهِ نُتُوءٌ
وَجْهٌ كَعَبَ والثدي إِذا تناهدا كَعَبَ.» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀ فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ:
«وَأَصْلُ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ يَأْتِي بِالْغُسْلِ كَيْفَ شَاءَ وَلَوْ
قَطَعَهُ لِأَنَّ اللَّهَ ﵎ قَالَ: (حَتَّى تَغْتَسِلُوا: ٤- ٤٣) «٢» فَهَذَا
مُغْتَسَلٌ وَإِنْ قَطَعَ الْغُسْلَ فَلَا أَحْسبهُ يجور- إذَا قَطَعَ
الْوُضُوءَ- إلَّا مِثْلُ هَذَا» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: وَتَوَضَّأَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ، وَبَدَأَ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ.
فَأَشْبَهَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ فِي
الْوُضُوءِ شَيْئَانِ [أَنْ] يَبْدَأَ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ ثُمَّ رَسُولُهُ ﷺ
بِهِ مِنْهُ، وَيَأْتِي عَلَى إكْمَالِ
(١) ينظر هَامِش الام (ج ١ ص ٢٣)
.
(٢) انْظُر الام (ج ١ ص ٢٦) .
مَا أَمَرَ بِهِ «١»
وَشَبَّهَهُ بِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ
اللَّهِ: ٢- ١٥٨) . فَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالصَّفَا، وَقَالَ «نَبْدَأُ
بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: «وَذَكَرَ اللَّهُ
الْيَدَيْنِ مَعًا وَالرِّجْلَيْنِ مَعًا، فَأُحِبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْيُمْنَى
وَإِنْ بَدَأَ بِالْيُسْرَى فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.
وَفِي
قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)
قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: «فَكَانَ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ مَنْ قَامَ إلَى
الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَكَانَتْ مُحْتَمِلَةً أَنْ تَكُونَ
نَزَلَتْ فِي خَاصٍّ. فَسَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ أَرْضَى عِلْمَهُ بِالْقُرْآنِ،
يَزْعُمُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْقَائِمِينَ مِنْ النَّوْمِ وَأَحْسَبُ مَا
قَالَ كَمَا قَالَ. لِأَنَّ [فِي] السُّنَّةِ دَلِيلًا عَلَى أَنْ يَتَوَضَّأَ
مَنْ قَامَ مِنْ نَوْمِهِ «٢» . قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: فَكَانَ الْوُضُوءُ
الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ- بِدَلَالَةِ السُّنَّةِ- عَلَى مَنْ لَمْ يُحْدِثْ
غَائِطًا وَلَا بَوْلًا دُونَ مَنْ أَحْدَثَ غَائِطًا أَوْ بَوْلًا. لِأَنَّهُمَا
نَجَسَانِ يَمَاسَّانِ بَعْضَ الْبَدَنِ. يَعْنِي فَيَكُونُ عَلَيْهِ
الِاسْتِنْجَاءُ «٣» فَيَسْتَنْجِي بِالْحِجَارَةِ أَوْ الْمَاءِ قَالَ وَلَوْ
جَمَعَهُ رَجُلٌ ثُمَّ غَسَلَ بِالْمَاءِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ. وَيُقَالُ إنَّ
قَوْمًا مِنْ الْأَنْصَارِ اسْتَنْجَوْا بِالْمَاءِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ:
(فِيهِ
رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ: ٩-
١٠٨) قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: وَمَعْقُولٌ- إذْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى
الْغَائِطَ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ أَنَّ الْغَائِطَ. التَّخَلِّي فَمَنْ تَخَلَّى
وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ» . ثُمَّ ذَكَرَ الْحُجَّةَ مِنْ غَيْرِ الْكِتَابِ،
فِي إيجَابِ الْوُضُوءِ بِالرِّيحِ، وَالْبَوْلِ، وَالْمَذْيِ، وَالْوَدْيِ
وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ سَبِيلِ الْحَدَثِ «٤»
(١) فى الأَصْل
المتوضئين. وَمَا أَثْبَتْنَاهُ عبارَة الام. وَهُوَ اظهر
(٢) انْظُر الام
(ج ١ ص ١٠- ١١) .
(٣) انْظُر الام (ج ١ ص ١٨)
(٤) انْظُر الام (ج ١ ص
١٣- ١٧) .
وَفِي قَوْله تَعَالَى: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ:
٤- ٤٣ و٥- ٦) قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«ذَكَرَ اللَّهُ ﷿ الْوُضُوءَ عَلَى مَنْ
قَامَ إلَى الصَّلَاةِ فَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ مَنْ «١» قَامَ مِنْ مَضْجَعِ
النَّوْمِ.» وَذَكَرَ طَهَارَةَ الْجُنُبِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: (وَإِنْ
كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ
لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا) . فَأَشْبَهَ: أَنْ
يَكُونَ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنْ الْغَائِطِ، وَأَوْجَبَهُ مِنْ الْمُلَامَسَةِ
وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا مَوْصُولَةً بِالْغَائِطِ بَعْدَ ذِكْرِ الْجَنَابَةِ
فَأَشْبَهَتْ الْمُلَامَسَةُ أَنْ تَكُونَ اللَّمْسَ بِالْيَدِ وَالْقُبَلَ
غَيْرَ الْجَنَابَةِ» . ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِآثَارٍ ذَكَرَهَا «٢» .
قَالَ الرَّبِيعُ:
اللَّمْسُ بِالْكَفِّ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
ﷺ نَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ.
وَالْمُلَامَسَةُ: أَنْ يَلْمِسَ الرَّجُلُ
الثَّوْبَ فَلَا يَقْلِبُهُ وَقَالَ الشَّاعِرُ «٣»:
فَأَلْمَسْتُ كَفِّي
كَفَّهُ أَطْلُبُ الْغِنَى وَلَمْ أَدْرِ أَنَّ الْجُودَ مِنْ كَفِّهِ يُعْدِي
فَلَا أَنَا، مِنْهُ مَا أَفَادَ ذَوُو الْغِنَى [أَفَدْتُ] وَأَعْدَانِي
فَبَدَّدْتُ «٤» مَا عِنْدِي هَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِي وَقَدْ رَوَاهُ
غَيْرُهُ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْ الشَّافِعِيُّ «٥»، أَنَا أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَنَا: الْحُسَيْنُ بْنُ رَشِيقٍ الْمِصْرِيُّ
إجَازَةً، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْن حَرِيرٍ النَّحْوِيُّ، قَالَ:
سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ عَنْ
الشَّافِعِيِّ «٦» (أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ اللَّهُ ﵎: (لَا تَقْرَبُوا
الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا
إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا: ٤- ٤٣) . فَأَوْجَبَ
(١) فى
الأَصْل: كمن، وَمَا أَثْبَتْنَاهُ عبارَة الْأُم.
(٢) انْظُر الْأُم (ج ١ ص
١٢- ١٣) .
(٣) هُوَ بشار بن برد كَمَا فى الأغانى (ج ٣ ص ١٥٠)
(٤)
انْظُر الْأُم: فبذرت وفى الأغانى فاتلفت.
(٥) انْظُر الْأُم (ج ١ ص ١٣)
.
(٦) انْظُر الْأُم (ج ١ ص ١٣) .
(جَلَّ ثَنَاؤُهُ)
الْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ وَكَانَ مَعْرُوفًا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَنَّ
الْجَنَابَةَ: الْجِمَاعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْجِمَاعِ مَاءٌ دَافِقٌ.
وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي حَدِّ الزِّنَا، وَإِيجَابِ الْمَهْرِ، وَغَيْرِهِ وَكُلُّ
مَنْ خُوطِبَ: بِأَنَّ فُلَانًا أَجْنَبَ مِنْ فُلَانَةَ عَقَلَ أَنَّهُ
أَصَابَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَرِفًا» . يَعْنِي أَنَّهُ «١» لَمْ
يُنْزِلْ.
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَكَانَ فَرْضُ
اللَّهِ الْغُسْلَ مُطْلَقًا: لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا يُبْدَأُ بِهِ قَبْلَ
شَيْءٍ فَإِذَا جَاءَ الْمُغْتَسِلُ [بِالْغُسْلِ «٢»] أَجْزَأَهُ- وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ- كَيْفَمَا جَاءَ بِهِ- وَكَذَلِكَ «٣» لَا وَقْتَ فِي الْمَاءِ فِي
الْغُسْلِ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِغُسْلِ جَمِيعِ بَدَنِهِ» .
(أَنَا) أَبُو
عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ ﵎: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) . قَالَ الشَّافِعِيُّ:
نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، انْحَلَّ عِقْدٌ
لِعَائِشَةَ ﵂، فَأَقَامَ النَّاسُ عَلَى الْتِمَاسِهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ،
وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ آيَةَ
التَّيَمُّمِ. أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ عَدَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
بِالْمَغَازِي وَغَيْرُهُمْ» .
[ثُمَّ] رَوَى فِيهِ حَدِيثَ مَالِكٍ وَهُوَ
مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ.
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي
عَمْرٍو، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ
الشَّافِعِيُّ ﵀: «قَالَ اللَّهُ ﵎: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) قَالَ:
وَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ صَعِيدٍ لَمْ يُخَالِطْهُ نَجَاسَةٌ، فَهُوَ:
صَعِيدٌ طَيِّبٌ يُتَيَمَّمُ بِهِ. وَلَا يَقَعُ اسْمُ صَعِيدٍ إلَّا عَلَى
تُرَابٍ ذِي غُبَارٍ فَأَمَّا الْبَطْحَاءُ
(١) هَذَا من كَلَام الرّبيع
كَمَا صرح بِهِ فى الام (ج ١ ص ٣١) [.....]
(٢) زِيَادَة عَن الام (ج ١ ص
٣٣)
(٣) فى الأَصْل: وَلذَلِك. وَهُوَ خطأ والتصحيح عَن الْأُم.
الْغَلِيظَةُ
وَالرَّقِيقَةُ وَالْكَثِيبُ الْغَلِيظُ- فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ صَعِيدٍ
«١»» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ ﵎:
(إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ الْآيَةُ) وَقَالَ فِي سِيَاقِهَا (وَإِنْ
كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ [أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ
أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ] فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا
طَيِّبًا [فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ] «٢» فَدَلَّ حُكْمُ
اللَّهِ ﷿ عَلَى أَنَّهُ أَبَاحَ التَّيَمُّمَ فِي حَالَيْنِ: أَحَدُهُمَا:
السَّفَرُ وَالْإِعْوَازُ مِنْ الْمَاءِ. وَالْآخَرُ. الْمَرَضُ «٣» فِي حَضَرٍ
كَانَ أَوْ سَفَرٍ. وَدَلَّ [ذَلِكَ] عَلَى أَنَّ عَلَى الْمُسَافِرِ طَلَبَ
الْمَاءِ، لِقَوْلِهِ: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا) وَكَانَ كُلُّ مَنْ
خَرَجَ مُجْتَازًا مِنْ بَلَدٍ إلَى غَيْرِهِ، يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّفَرِ
قَصُرَ السَّفَرُ أَوْ طَالَ. وَلَمْ أَعْلَمْ مِنْ السُّنَّةِ دَلِيلًا عَلَى
أَنَّ لِبَعْضِ «٤» الْمُسَافِرِينَ أَنْ يَتَيَمَّمَ دُونَ بَعْضٍ فَكَانَ
ظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّ كُلَّ مَنْ سَافَرَ سَفَرًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا
يَتَيَمَّمُ» قَالَ: وَإِذَا كَانَ مَرِيضًا بَعْضَ الْمَرَضِ: تَيَمَّمَ
حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا، أَوْ وَاجِدًا لِلْمَاءِ أَوْ غَيْرَ وَاجِدٍ لَهُ «٥»
وَالْمَرَضُ اسْمٌ جَامِعٌ لَمَعَانٍ لِأَمْرَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ فَاَلَّذِي
سَمِعْتُ: أَنَّ الْمَرَضَ- الَّذِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَيَمَّمَ فِيهِ-:
الْجِرَاحُ، وَالْقُرْحُ دُونَ الْغَوْرِ كُلِّهِ مِثْلُ الْجِرَاحِ لِأَنَّهُ
يُخَافُ فِي كُلِّهِ- إذَا مَا مَسَّهُ الْمَاءُ- أَنْ يَنْطِفَ، فَيَكُونَ مِنْ
النَّطْفِ التَّلَفُ، وَالْمَرَضُ الْمَخُوفُ» .
(١) انْظُر الام: (ج ١ ص
٤٣)
(٢) مَا بَين الأقواس المربعة زِيَادَة عَن الْأُم (ح ١ ص ٢٩) .
(٣)
فى الأَصْل: الْمَرِيض. وفى الام (ص ٣٩) للْمَرِيض. وَكِلَاهُمَا خطأ وَالصَّحِيح
مَا أَثْبَتْنَاهُ.
(٤) فى الأَصْل: بعض والتصحيح عَن الام.
(٥) كَذَا
بِالْأَصْلِ وبالأم (ج ١ ص ٣٦) . وَلَعَلَّ أَو زَائِدَة من النَّاسِخ.
وَقَالَ
فِي الْقَدِيمِ (رِوَايَةُ الزَّعْفَرَانِيِّ عَنْهُ): «يَتَيَمَّمُ إنْ خَافَ
[إنْ مَسَّهُ الْمَاءُ «١»] التَّلَفَ، أَوْ شِدَّةَ الضَّنَى» . وَقَالَ فِي
كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ: «فَخَافَ، إنْ أَصَابَهُ الْمَاءُ، أَنْ يَمُوتَ، أَوْ
يَتَرَاقَى «٢» عَلَيْهِ إلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى
وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ لِلْمَرِيضِ
التَّيَمُّمَ. وَقِيلَ: ذَلِكَ الْمَرَضُ: الْجِرَاحُ وَالْجُدَرِيُّ. وَمَا
كَانَ فِي مَعْنَاهُمَا:
مِنْ الْمَرَضِ- عِنْدِي مِثْلَهُمَا وَلَيْسَ
الْحُمَّى وَمَا أَشْبَهَهَا-: مِنْ الرَّمَدِ وَغَيْرِهِ.-
عِنْدِي، مِثْلَ
ذَلِكَ.»
قَالَ الشَّافِعِيُّ- فِي رِوَايَتِنَا: «جَعَلَ اللَّهُ
الْمَوَاقِيتَ لِلصَّلَاةِ فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَهَا قَبْلَهَا
وَإِنَّمَا أَمَرَ «٣» بِالْقِيَامِ إلَيْهَا إذَا دَخَلَ وَقْتُهَا وَكَذَلِكَ
أَمَرَ «٤» بِالتَّيَمُّمِ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَيْهَا، وَالْإِعْوَازِ مِنْ
الْمَاءِ. فَمَنْ تَيَمَّمَ لِصَلَاةٍ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَطَلَبَ
الْمَاءَ لَهَا-: لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ.»
أَخْبَرَنَا،
أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ. قَالَ
الشَّافِعِيُّ ﵀: «وَإِنَّمَا قُلْتُ: لَا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ بِمَاءٍ قَدْ
تَوَضَّأَ بِهِ غَيْرُهُ. لِأَنَّ «٥» اللَّهَ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) يَقُولُ
(فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ٥- ٦) فَكَانَ مَعْقُولًا. أَنَّ
الْوَجْهَ لَا يَكُونُ مَغْسُولًا إِلَّا بِأَن يبتدأ لَهُ بِمَاءٍ «٦»
فَيُغْسَلَ بِهِ، ثُمَّ عَلَيْهِ فِي الْيَدَيْنِ عِنْدِي- مِثْلُ مَا عَلَيْهِ
فِي الْوَجْهِ [من] أَن يبتدىء لَهما مَاءً فَيَغْسِلَهُمَا بِهِ. «٧» فَلَوْ
أَعَادَ عَلَيْهِمَا الْمَاءَ
(١) زِيَادَة عَن مُخْتَصر الْمُزنِيّ
بِهَامِش الْأُم (ج ١ ص ٥٤) .
(٢) أَي يتزايد.
(٣) انْظُر الْأُم (ج ١
ص ١٩) .
(٤) انْظُر الْأُم (ج ١ ص ١٩) .
(٥) فى الأَصْل أَن، والتصحيح
عَن الْأُم (ج ١ ص ٢٥) .
(٦) فى الْأُم: مَاء.
(٧) عبارَة الْأُم: «من
أَن يبتدى، لَهُ مَاء فيغسله بِهِ»، وَلَا فرق من حَيْثُ الْمَعْنى المُرَاد.
[.....]
الَّذِي غَسَلَ بِهِ الْوَجْهَ-: كَانَ كَأَنَّهُ لَمْ
يُسَوِّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَوَجْهِهِ، وَلَا يَكُونُ مُسَوِّيًا بَينهمَا، حَتَّى
يبتدىء لَهُمَا الْمَاءَ، كَمَا ابْتَدَأَ لِلْوَجْهِ. وَأَنَّ «١» رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ «أَخَذَ لِكُلِّ عُضْوٍ مَاءً جَدِيدًا.» .
وَبِهَذَا
الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ) «٢» إلَى: (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ: ٥- ٦) .
فَاحْتَمَلَ أَمْرُ اللَّهِ ﵎ بِغُسْلِ الْقَدَمَيْنِ: أَنْ يَكُونَ عَلَى كُلِّ
مُتَوَضِّئٍ وَاحْتَمَلَ:
أَنْ يَكُونَ عَلَى بَعْضِ الْمُتَوَضِّئِينَ
دُونَ بَعْضٍ. فَدَلَّ مَسْحُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْخُفَّيْنِ-: أَنَّهَا
«٣» عَلَى مَنْ لَا خُفَّيْنِ عَلَيْهِ [إذَا هُوَ «٤»] لَبِسَهُمَا عَلَى
كَمَالِ طَهَارَةٍ. كَمَا دَلَّ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ صَلَاتَيْنِ بِوُضُوءٍ
وَاحِدٍ، وَصَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ-: عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْوُضُوءِ مِمَّنْ
«٥» قَامَ إلَى الصَّلَاةِ، عَلَى بَعْضِ الْقَائِمِينَ دُونَ بَعْضٍ، لَا: «٦»
أَنَّ الْمَسْحَ خِلَافٌ لِكِتَابِ اللَّهِ، وَلَا الْوُضُوءَ عَلَى
الْقَدَمَيْنِ «٧» .» . زَادَ- فِي رِوَايَتِي، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ
أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ الرَّبِيعِ، عَنْهُ-: «إنَّمَا يُقَالُ: «الْغُسْلُ
كَمَالٌ، وَالْمَسْحُ رُخْصَةُ كَمَالٍ وَأَيَّهمَا شَاءَ فَعَلَ «٨»» .
(١)
كَذَا بِالْأَصْلِ وبالأم على أَنه مَعْطُوف على قَوْله: لِأَن الله. وَلَعَلَّ
الْأَصَح: لِأَن. فَلْيتَأَمَّل.
(٢) تَمام الْمَتْرُوك: (وَأَيْدِيَكُمْ
إِلَى الْمَرافِقِ، وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) .
(٣) فى الأَصْل:
«أَنَّهُمَا» . وَهُوَ خطأ. والتصحيح عَن الْأُم (ج ١ ص ٢٧) وَإِنَّمَا أَنْت
الضَّمِير بِاعْتِبَار أَن الْمسْح طَهَارَة.
(٤) زِيَادَة عَن الْأُم،
يتَوَقَّف عَلَيْهَا فهم الْمَعْنى المُرَاد.
(٥) فى الْأُم: «على من» وَلَا
فرق فى الْمَعْنى.
(٦) فى الأَصْل: «لِأَن» . وَهُوَ خطأ ظَاهر والتصحيح عَن
الام.
(٧) كَذَا بِالْأَصْلِ وبالأم، وَلَعَلَّ الْأَصَح- الملائم لظَاهِر
الْعبارَة السَّابِقَة-: على بعض القائمين.
(٨) انْظُر اخْتِلَاف الحَدِيث
بِهَامِش الام (ج ٧ ص ٦٠) .
أَنَا، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
الْحَافِظُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ،
قَالَ:
«قَالَ اللَّهُ ﵎: (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ «١») الْآيَةُ، وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى [أَنَّ «٢»] الْوُضُوءَ
مِنْ الْحَدَثِ. وَقَالَ اللَّهُ ﷿:
(لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ
سُكارى، حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ، وَلا جُنُبًا إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ
حَتَّى تَغْتَسِلُوا) الْآيَةُ «٣» . فَكَانَ الْوُضُوءُ عَامًا فِي كِتَابِ
اللَّهِ ﷿ مِنْ «٤» الْأَحْدَاثِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ الْجُنُبَ بِالْغُسْلِ
مِنْ الْجَنَابَةِ، دَلِيلًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) عَلَى: أَنْ لَا يَجِبَ
غُسْلٌ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ إلَّا أَنْ تَدُلَّ عَلَى غُسْلٍ وَاجِبٍ:
فَنُوجِبُهُ بِالسُّنَّةِ: بِطَاعَةِ اللَّهِ فِي الْأَخْذِ بِهَا «٥» .
وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَلَمْ أَعْلَمْ
دَلِيلًا بَيِّنًا عَلَى أَنْ يَجِبَ غُسْلٌ غَيْرُ الْجَنَابَةِ الْوُجُوبَ
الَّذِي لَا يجزىء غَيْرُهُ. وَقَدْ رُوِيَ فِي غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ شَيْءٌ
فَذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى غَيْرِ مَا قُلْنَا وَلِسَانُ الْعَرَبِ وَاسِعٌ» .
(١)
تَمامهَا: (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ، وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ
وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا،
وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ
الْغائِطِ، أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ- فَلَمْ تَجِدُوا مَاء-: فَتَيَمَّمُوا
صَعِيدًا طَيِّبًا، فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ. مَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ، وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ
وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٥- ٦)
(٢)
زِيَادَة عَن اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ١٧٧)
(٣) تَمامهَا: وَإِنْ كُنْتُمْ
مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ، أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ، أَوْ
لامَسْتُمُ النِّساءَ- فَلَمْ تَجِدُوا مَاء-: فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا،
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُورًا:
٤- ٤٣)
(٤) فى الأَصْل: «عَن» . وَمَا أَثْبَتْنَاهُ عِبَارَته فِي
اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ١٧٨) .
(٥) فى الأَصْل: «فتوجبه السّنة بِطَاعَة الله
والاخذ بهَا» . والتصحيح عَن اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ١٧٨) .
ثُمَّ
ذَكَرَ مَا رُوِيَ فِيهِ، وَذَكَرَ تَأْوِيلَهُ، وَذَكَرَ السُّنَّةَ الَّتِي
دَلَّتْ عَلَى وُجُوبِهِ فِي الِاخْتِيَارِ، وَ[فِي] النَّظَافَةِ، وَنَفَى «١»
تَغَيُّرَ الرِّيحِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ «٢»، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي
كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ «٣» .
وَفِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
(إجَازَةً) عَنْ الرَّبِيعِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
(رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى): «قَالَ اللَّهُ ﵎: (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ. قُلْ: هُوَ
أَذىً، فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) الْآيَةُ «٤» . فَأَبَانَ:
أَنَّهَا حَائِضٌ غَيْرُ طَاهِرٍ، وَأَمَرَنَا: أَنْ لَا نَقْرَبَ حَائِضًا
حَتَّى تَطْهُرَ، وَلَا إذَا طَهُرَتْ حَتَّى تَتَطَهَّرَ «٥» بِالْمَاءِ،
وَتَكُونُ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهَا الصَّلَاةُ» .
وَفِي قَوْلِهِ ﷿: (فَإِذا
تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ)، قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ
أَمَرَكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعْتَزِلُوهُنَّ يَعْنِي فِي «٦» مَوَاضِعِ الْحَيْضِ.
وَكَانَتْ الْآيَةُ مُحْتَمِلَةً لِمَا قَالَ وَمُحْتَمِلَةً: أَنَّ
اعْتِزَالَهُنَّ: اعْتِزَالُ جَمِيعِ أَبْدَانِهِنَّ، وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ: عَلَى اعْتِزَالِ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ مِنْهَا، وَإِبَاحَةِ مَا
فَوْقَهَا» .
(١) فى الأَصْل: «وَمعنى» . والتصحيح عَن اخْتِلَاف الحَدِيث
(ص ١٧٩) . [.....]
(٢) فَلْينْظر فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ١٧٨- ١٨١) .
(٣)
لِلْحَافِظِ الْبَيْهَقِيّ رضى الله عَنهُ.
(٤) تَمامهَا:
(وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ، فَإِذا تَطَهَّرْنَ: فَأْتُوهُنَّ مِنْ
حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ
الْمُتَطَهِّرِينَ: ٢- ٢٢٢) .
(٥) فى الأَصْل: «تطهر» . وَمَا أَثْبَتْنَاهُ
عبارَة الام (ج ١ ص ٥٠)، وهى أظهر.
(٦) عبارَة الْأُم (ج ١ ص ٥١): «من» .
وهى أنسب.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَكَانَ مُبَيَّنًا «١» فِي
قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (حَتَّى يَطْهُرْنَ):
أَنَّهُنَّ حُيَّضٌ فِي غَيْرِ
حَالِ الطَّهَارَةِ «٢»، وَقَضَى اللَّهُ عَلَى الْجُنُبِ: أَنْ لَا يَقْرَبَ
الصَّلَاةَ حَتَّى يَغْتَسِلَ، فَكَانَ مُبَيِّنًا: أَنْ لَا مُدَّةَ لِطَهَارَةِ
الْجُنُبِ إلَّا الْغُسْلَ «٣»، وَلَا مُدَّةَ لِطَهَارَةِ الْحَائِضِ إلَّا
ذَهَابَ الْحَيْضِ، ثُمَّ الْغُسْلَ: لِقَوْلِ اللَّهِ ﷿:
(حَتَّى
يَطْهُرْنَ)، وَذَلِكَ: انْقِضَاءُ «٤» الْحَيْضِ: (فَإِذا تَطَهَّرْنَ)،
يَعْنِي:
بِالْغُسْلِ لِأَنَّ السُّنَّةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ طَهَارَةَ
الْحَائِضِ: الْغُسْلُ «٥» وَدَلَّتْ عَلَى بَيَانِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كِتَابُ
اللَّهِ: مِنْ أَنْ لَا تُصَلِّيَ الْحَائِضُ.»، فَذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ ﵂،
ثُمَّ قَالَ: «وَأَمْرُ النَّبِيِّ ﷺ عَائِشَةَ ﵂ -: «أَنْ لَا تَطُوفِي
بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي»:-: يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا تُصَلِّيَ «٦» حَائِضًا
لِأَنَّهَا غَيْرُ طَاهِرٍ مَا كَانَ الْحَيْضُ قَائِمًا. وَلِذَلِكَ «٧» قَالَ
اللَّهُ ﷿: (حَتَّى يَطْهُرْنَ) .»
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ ﵎:
(حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ، وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) الْآيَتَيْنِ «٨» .
فَلَمَّا لَمْ يُرَخِّصْ اللَّهُ «٩» فِي أَنْ تُؤَخَّرَ الصَّلَاةُ
(١) فى
الْأُم: «بَينا» .
(٢) فى الأَصْل: «فى غير طَهَارَة»، والتصحيح عَن
الام.
(٣) عبارَة الأَصْل: «لامره لطهارة الْجنب لَا الْغسْل» وهى خطأ،
والتصحيح عَن الام
(٤) عبارَة الام: «بِانْقِضَاء» .
(٥) عبارَة الام:
«بِالْغسْلِ» .
(٦) عبارَة الام: «أَن لَا تَطوف حَتَّى تطهر، فَدلَّ» .
فَيكون قَوْله: «وَأمر إِلَخ» جملَة فعلية.
وعَلى مَا فى الأَصْل: يكون
جملَة اسمية روعى فِيهَا لفظ الحَدِيث، وَالْخَبَر قَوْله: «يدل»:
(٧)
عبارَة الام: «وَكَذَلِكَ» . وَمَا فى الأَصْل أصح.
(٨) تمامهما.
(وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْبانًا، فَإِذا
أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَما عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا
تَعْلَمُونَ: ٢- ٢٣٨، ٢٣٩) .
(٩) عبارَة الْأُم (ج ١ ص ٥١. «رَسُول الله» .
وهى خطأ. [.....]
فِي الْخَوْفِ، وَأَرْخَصَ: أَنْ يُصَلِّيَهَا
الْمُصَلِّي كَمَا أَمْكَنَتْهُ رِجَالًا وَرُكْبَانًا «١» وَقَالَ: (إِنَّ
الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتابًا مَوْقُوتًا: ٤- ١٠٣) وَكَانَ مَنْ
عَقَلَ الصَّلَاةَ مِنْ الْبَالِغِينَ، عَاصِيًا بِتَرْكِهَا: إذَا جَاءَ
وَقْتُهَا وَذِكْرُهَا، [وَكَانَ غَيْرَ نَاسٍ لَهَا] «٢» وَكَانَتْ الْحَائِضُ
بَالِغَةً عَاقِلَةً، ذَاكِرَةً لِلصَّلَاةِ، مُطِيقَةً لَهَا وَكَانَ «٣» حُكْمُ
اللَّهِ: أَنْ لَا يَقْرَبَهَا زَوْجُهَا حَائِضًا وَدَلَّ حُكْمُ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ: عَلَى أَنَّهُ إذَا حَرَّمَ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ يَقْرَبَهَا
لِلْحَيْضِ، حَرَّمَ عَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ-: كَانَ فِي هَذَا دَلِيلٌ «٤»
[عَلَى] أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ زَائِلٌ عَنْهَا فَإِذَا
زَالَ عَنْهَا- وَهِيَ ذَاكِرَةٌ عَاقِلَةٌ مُطِيقَةٌ-:
لَمْ يَكُنْ
عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّلَاةِ. وَكَيْفَ تَقْضِي مَا لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَيْهَا:
بِزَوَالِ فَرْضِهِ عَنْهَا؟! وَهَذَا مَا لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ مُخَالِفًا» .
أَخْبَرَنَا
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ﵀، نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَمِمَّا نَقَلَ بَعْضُ مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ-: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ-:
أَنَّ اللَّهَ ﷿ أَنْزَلَ فَرْضًا فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ)
(١) عبارَة الْأُم. «رَاجِلا أَو رَاكِبًا» . وهى أنسب.
(٢) زِيَادَة
عَن الْأُم للايضاح.
(٣) فى الْأُم: «فَكَانَ»، وَمَا هُنَا أصح. دفعا لتوهم
أَنه جَوَاب الشَّرْط، الَّذِي سيأتى بعد، وَهُوَ قَوْله. «كَانَ فى هَذَا» .
(٤)
عبارَة الْأُم. «دَلَائِل»، وَزِيَادَة «على» عَن الْأُم للايضاح.
(إِلَّا
قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ
الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا: ٧٣- ١- ٤) . ثُمَّ نَسَخَ هَذَا فِي السُّورَةِ مَعَهُ،
فَقَالَ: (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ
اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) «١» قَرَأَ
إلَى: (وَآتُوا الزَّكاةَ): ٧٣- ٢٠) . قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمَّا ذَكَرَ
اللَّهُ ﷿ بَعْدَ أَمْرِهِ بِقِيَامِ اللَّيْلِ: نِصْفَهُ إلَّا قَلِيلًا، أَوْ
الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ فَقَالَ: (أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ
وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ)، فَخَفَّفَ، فَقَالَ: (عَلِمَ أَنْ
سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى، وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ
مِنْ فَضْلِ اللَّهِ، وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَاقْرَؤُا
مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ: ٧٣- ٢٠):- كَانَ «٢» بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿
نَسْخُ قِيَامِ اللَّيْلِ وَنِصْفِهِ، وَالنُّقْصَانُ مِنْ النِّصْفِ،
وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ-: بِقَوْلِهِ ﷿: (فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) .
ثُمَّ احْتَمَلَ قَوْلُ اللَّهِ ﷿: (فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ)،
مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فَرْضًا ثَابِتًا، لِأَنَّهُ أُزِيلَ
«٣» بِهِ فَرْضٌ غَيْرُهُ. (وَالْآخَرُ): أَنْ يَكُونَ فَرْضًا مَنْسُوخًا:
أُزِيلَ بِغَيْرِهِ، كَمَا أُزِيلَ بِهِ غَيْرُهُ. وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ
تَعَالَى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) الْآيَةُ «٤»
(١)
تَمام الْمَتْرُوك. (وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ
تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ، عَلِمَ
أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ
يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) .
(٢) فى بعض نسخ
الرسَالَة (ص ١١٤) . «فَكَانَ» . فَيكون جَوَاب الشَّرْط قَوْله فِيمَا سبق.
«فَخفف» . وعَلى مَا هُنَا- وَهُوَ الْأَظْهر- يكون جَوَاب الشَّرْط قَوْله.
«كَانَ»
. فَلْيتَأَمَّل.
(٣) فى الأَصْل. «أُرِيد» . وَهُوَ خطأ وَاضح، والتصحيح
عَن الرسَالَة (ص ١١٥)
(٤) تَمامهَا. (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا
مَحْمُودًا. ١٧- ٧٩) .
وَاحْتَمَلَ قَوْلُهُ: (وَمِنَ اللَّيْلِ
فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ): أَنْ يَتَهَجَّدَ بِغَيْرِ الَّذِي فُرِضَ
عَلَيْهِ: مِمَّا تَيَسَّرَ مِنْهُ: فَكَانَ الْوَاجِبُ طَلَبَ الِاسْتِدْلَالِ
بِالسُّنَّةِ عَلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ، فَوَجَدْنَا سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ
ﷺ تَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا وَاجِبَ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا الْخَمْسَ، فَصِرْنَا:
إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْخَمْسُ، وَأَنَّ مَا سِوَاهَا: مِنْ وَاجِبٍ: مِنْ
صَلَاةٍ، قَبْلَهَا- مَنْسُوخٌ بِهَا، اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: (وَمِنَ
اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) فَإِنَّهَا «١» نَاسِخَةٌ لِقِيَامِ
اللَّيْلِ، وَنِصْفِهِ، وَثُلُثِهِ، وَمَا تَيَسَّرَ. وَلَسْنَا نُحِبُّ لِأَحَدٍ
تَرْكَ «٢»، أَنْ يَتَهَجَّدَ بِمَا يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ: مِنْ كِتَابِهِ،
مُصَلِّيًا [بِهِ] «٣»، وَكَيْفَمَا أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيْنَا» . ثُمَّ
ذَكَرَ حَدِيثَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ،
فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ «٤» .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ،
أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ لَنَا الشَّافِعِيُّ ﵀.
فَذَكَرَ مَعْنَى هَذَا بِلَفْظٍ آخَرَ «٥» ثُمَّ قَالَ: «وَيُقَالُ:
نُسِخَ
مَا وَصَفَتْ الْمُزَّمِّلُ «٦»، بِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: (أَقِمِ الصَّلاةَ
لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)، وَدُلُوكُ الشَّمْسِ: زَوَالُهَا (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ):
الْعَتَمَةُ، (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ): الصُّبْحُ، (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ
مَشْهُودًا وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ)
(١) فى الرسَالَة (ص ١١٦) . «وَأَنَّهَا»، وَلَعَلَّ مَا هُنَا أصح.
(٢)
كَذَا بالرسالة. وَعبارَة الأَصْل. «يتْرك»، وهى خطأ، أَو لَعَلَّ (أَن) نَاقِصَة
من النَّاسِخ. وعَلى كل فعبارة الرسَالَة أحسن وأخصر.
(٣) الزِّيَادَة عَن
الرسَالَة.
(٤) اُنْظُرْهُ فى الرسَالَة (ص ١١٦- ١١٧) .
(٥) اُنْظُرْهُ
فى الام (ج ١ ص ٥٩) .
(٦) عبارَة الام (ج ١ ص ٥٩): «نسخت مَا وصفت من
المزمل» . وَلَعَلَّ صِحَة الْعبارَة، نسخ مَا وصفت من المزمل. [.....]
(نافِلَةً
لَكَ: ١٧- ٧٨، ٧٩)، فَأَعْلَمَهُ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ نَافِلَةٌ لَا
فَرِيضَةٌ وَأَنَّ الْفَرَائِضَ فِيمَا ذَكَرَ: مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ. قَالَ
الشَّافِعِيُّ: وَيُقَالُ: فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ
تُمْسُونَ): الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ (وَحِينَ تُصْبِحُونَ):
الصُّبْحُ،
(وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا): الْعَصْرُ، (وَحِينَ
تُظْهِرُونَ): الظُّهْرُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا أَشْبَهَ مَا قِيلَ مِنْ
هَذَا، بِمَا «١» قِيلَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ» .
وَبِهِ «٢» قَالَ: قَالَ
الشَّافِعِيُّ: «أَحْكَمَ اللَّهُ ﷿ لِكِتَابِهِ «٣»: أَنَّ مَا فَرَضَ-: مِنْ
الصَّلَوَاتِ.- مَوْقُوتٌ وَالْمَوْقُوتُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): الْوَقْتُ
الَّذِي نُصَلِّي فِيهِ، وَعَدَدُهَا. فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (إِنَّ الصَّلاةَ
كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتابًا مَوْقُوتًا: ٤- ١٠٣) .
وَبِهَذَا
الْإِسْنَادِ [قَالَ]: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ ﵎:
(لَا
تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى، حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ: ٤-
٤٣) .
قَالَ: يُقَالُ: نَزَلَتْ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ. وَأَيُّمَا «٤»
كَانَ نُزُولُهَا: قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ
(١) كَذَا بِالْأَصْلِ والام
أَي. بِمَا قيل فى شرح الْآيَة السَّابِقَة.
(٢) أَي. بِالْإِسْنَادِ
السَّابِق.
(٣) كَذَا بِالْأَصْلِ، وفى الام (ج ١ ص ٦١): «كِتَابه» .
وَلَعَلَّ الصَّوَاب «أعلم الله ﷿ فى كِتَابه» .
(٤) فى الأَصْل:
«وَإِنَّمَا» وَهُوَ خطأ وتحريف من النَّاسِخ. والتصحيح عَن الْأُم (ج ١ ص ٦٠)
.
أَوْ بَعْدَ [هـ] فَمَنْ صَلَّى سَكْرَانَ: لَمْ تَجُزْ
صَلَاتُهُ لِنَهْيِ اللَّهِ ﷿ إيَّاهُ عَنْ الصَّلَاةِ، حَتَّى يَعْلَمَ مَا
يَقُولُ وَإِنَّ «١» مَعْقُولًا: أَنَّ الصَّلَاةَ: قَوْلٌ، وَعَمَلٌ،
وَإِمْسَاكٌ فِي مَوَاضِعَ مُخْتَلِفَةٍ. وَلَا يُؤَدِّي هَذَا كَمَا أَمَرَ
بِهِ، إلَّا مَنْ عَقَلَهُ «٢»» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ
﵎:
(وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُوًا وَلَعِبًا: ٥- ٥٨)
وَقَالَ: (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى
ذِكْرِ اللَّهِ: ٦٢- ٩) فَذَكَرَ اللَّهُ الْأَذَانَ لِلصَّلَاةِ، وَذَكَرَ
يَوْمَ الْجُمُعَةِ. فَكَانَ بَيِّنًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): أَنَّهُ أَرَادَ
الْمَكْتُوبَةَ بِالْآيَتَيْنِ «٣» مَعًا وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْأَذَانَ
لِلْمَكْتُوبَاتِ [وَلَمْ يَحْفَظْ عَنْهُ أَحَدٌ عَلِمْتُهُ: أَنَّهُ أَمَرَ
بِالْأَذَانِ لِغَيْرِ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ «٤»]» .
أَنَا أَبُو عَبْدِ
اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا
الشَّافِعِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ [فِي قَوْلِهِ «٥»: (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ: ٩٤- ٤) قَالَ: «لَا
أُذْكَرُ إلَّا ذُكِرْتَ [مَعِي «٦»]: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ،
وَأَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ: «يَعْنِي
(١)
كَذَا بِالْأَصْلِ وبالأم، وَلَعَلَّ الْأَصَح: «وَكَانَ» .
(٢) عبارَة
الْأُم: «وَلَا يُؤدى هَذَا إِلَّا من أَمر بِهِ مِمَّن عقله» وَمَا هُنَا
أوضح.
(٣) بِالْأَصْلِ: «بالاثنين» . وَهُوَ تَحْرِيف من النَّاسِخ،
والتصحيح عَن الْأُم (ج ١ ص ٧١) .
(٤) زِيَادَة عَن الْأُم لزِيَادَة
الْفَائِدَة.
(٥) زِيَادَة للايضاح، عَن الرسَالَة (ص ١٦) .
(٦)
زِيَادَة للايضاح، عَن الرسَالَة (ص ١٦) .
(وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ: ذِكْرُهُ عِنْدَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَالْأَذَانِ وَيُحْتَمَلُ:
ذِكْرُهُ عِنْدَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَعِنْدَ الْعَمَلِ بِالطَّاعَةِ،
وَالْوُقُوفِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ» .
فَضْلِ التَّعْجِيل بالصلوات
وَاحْتج فى فضل التَّعْجِيلِ بِالصَّلَوَاتِ- بِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: (أَقِمِ
الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ: ١٧- ٧٨) وَدُلُوكُهَا:
مَيْلُهَا. «١» وَبِقَوْلِهِ:
(أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي): ٢٠- ١٤)
وَبِقَوْلِهِ: (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ: ٢- ٢٣٨) وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى
الشَّيْءِ: تَعْجِيلُهُ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ «٢»: «وَمَنْ قَدَّمَ
الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، كَانَ أَوْلَى بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا
مِمَّنْ أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا «٣»» .
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ
(وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ٢- ٢٣٨) -: «فَذَهَبْنَا: إلَى أَنَّهَا الصُّبْحُ.
[وَكَانَ أَقَلُّ مَا فِي الصُّبْحِ «٤»] إنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ-: أَنْ تَكُونَ
مِمَّا أُمِرْنَا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ.» .
وَذَكَرَ- فِي رِوَايَةِ
الْمُزَنِيّ، وَحَرْمَلَةَ- حَدِيثَ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا
أَمْلَتْ عَلَيْهِ: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى،
وَصَلَاةِ الْعَصْرِ»، ثُمَّ قَالَتْ: «سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ «٥»»
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «فَحَدِيثُ عَائِشَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ
الْوُسْطَى، لَيْسَتْ صَلَاةَ
(١) هَذَا من كَلَام الشَّافِعِي كَمَا فى
السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى.
(٢) من الرسَالَة (ص ٢٨٩) .
(٣) عبارَة
الرسَالَة: «الْوَقْت» . وهى أحسن.
(٤) زِيَادَة عَن اخْتِلَاف الحَدِيث
بِهَامِش الْأُم (ج ٧ ص ٢٠٨)، يتَوَقَّف عَلَيْهَا فهم الْكَلَام وَصِحَّته.
[.....]
(٥) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى (ج ١ ص ٤٦٢)
الْعَصْرِ.
قَالَ: وَاخْتَلَفَ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ،
وَرُوِيَ «١» عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهَا الصُّبْحُ وَإِلَى هَذَا نَذْهَبُ.
وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: الظُّهْرُ وَعَنْ غَيْرِهِ: الْعَصْرُ» .
وَرُوِيَ فِيهِ حَدِيثًا «٢» عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.
قَالَ الشَّيْخُ «٣»:
«الَّذِي رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ:
فِيمَا
رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْهُمَا فِيمَا بَلَغَهُ «٤» وَرَوَيْنَاهُ
مَوْصُولًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ «٥»، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ،
وَطَاوُوسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ «٦»» .
«وَرَوَيْنَا عَنْ عَاصِمٍ،
عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَلِيٍّ ﵁، قَالَ: «كُنَّا نَرَى أَنَّهَا
صَلَاةُ الْفَجْرِ، حَتَّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ الْأَحْزَابِ:
يَقُولُ: «شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى، صَلَاةِ الْعَصْرِ «٧» حَتَّى
غَابَتْ الشَّمْسُ، مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَأَجْوَافَهُمْ نَارًا» .
وَرِوَايَتُهُ فِي ذَلِكَ- عَنْ النَّبِيِّ ﷺ صَحِيحَةٌ، عَنْ عُبَيْدَة
السَّلْمَانِيِّ، وَغَيْرِهِ عَنْهُ، وَعَنْ مُرَّةَ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَبِهِ قَالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ،
وَعَبْدُ اللَّهُ
(١) لَعَلَّ ذكرهَا للتَّأْكِيد، أَو زِيَادَة من
النَّاسِخ.
(٢) ينظر: أقائل هَذَا الشَّافِعِي؟ أم الْبَيْهَقِيّ؟.
فليتامل.
(٣) أَي: الْحَافِظ الْبَيْهَقِيّ. وَهَذَا من كَلَام أحد رُوَاة
هَذَا الْكتاب عَنهُ، كَمَا هى عَادَة أَكثر الْمُتَقَدِّمين.
(٤) انْظُر
السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى (ج ١ ص ٤٦١- ٤٦٢)
(٥) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى
للبيهقى (ج ١ ص ٤٦١- ٤٦٢)
(٦) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى (ج ١ ص
٤٦١- ٤٦٢)
(٧) هَذَا اللَّفْظ غير مَوْجُود فى حَدِيث على بِرِوَايَة زر
عَنهُ. وَإِنَّمَا وجد فى حَدِيثه بِرِوَايَة شُتَيْر الْعَبْسِي عَنهُ، وفى
حَدِيث ابْن مَسْعُود وَسمرَة. رَاجع السّنَن الْكُبْرَى [ج ١ ص ٤٦٠]
ابْن
عَمْرٍو «١»، وَ[هُوَ] «٢» فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ،
وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَائِشَةَ ﵃» .
وَقَرَأْتُ
[فِي] كِتَاب حَرْمَلَةَ، عَنْ الشَّافِعِيِّ- فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷿:
(إِنَّ
قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُودًا: ١٧- ١٨)، فَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ
الْآيَةِ مَشْهُودًا غَيْرُهُ» وَالصَّلَوَاتُ مَشْهُودَاتٌ، فَأَشْبَهَ أَنْ
يَكُونَ قَوْلُهُ «٣» مَشْهُودًا بِأَكْثَرَ مِمَّا تُشْهَدُ بِهِ الصَّلَوَاتُ،
أَوْ أَفْضَلُ، أَوْ مَشْهُودًا بِنُزُولِ الْمَلَائِكَةِ» .
يُرِيدُ «٤»
صَلَاةَ الصُّبْحِ.
أَنَا أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀:
«فَرَضَ اللَّهُ ﵎ الصَّلَوَاتِ
وَأَبَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ عَدَدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَوَقْتَهَا،
وَمَا يُعْمَلُ فِيهِنَّ، وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ.
وَأَبَانَ
اللَّهُ ﷿: أَنَّ «٥» مِنْهُنَّ نَافِلَةً وَفَرْضًا فَقَالَ لِنَبِيِّهِ ﷺ:
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) الْآيَةُ «٦» . ثُمَّ أَبَانَ
ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ
(١) فى الأَصْل: «عمر» . وَهُوَ خطأ بِدلَالَة
الْكَلَام السَّابِق واللاحق، بل قد صرح الْبَيْهَقِيّ فى السّنَن الْكُبْرَى [ج
١ ص ٤٦١] باسم جده:
(٢) زِيَادَة يقتضيها الْمقَام، وَإِن حذفت (فى) كَانَ
أحسن.
(٣) وَأي: تَأْوِيل قَوْله وَمَعْنَاهُ.
(٤) أَي: الشَّافِعِي،
بقوله فِيمَا تقدم: «غَيره» . وَقَوله. «يُرِيد إِلَخ» من كَلَام الْبَيْهَقِيّ
على مَا يظْهر.
(٥) قَوْله: «أَن»، غير مُثبت فى الْأُم [ج ١ ص ٨٦]
(٦) تَمامهَا:
(عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحْمُودًا: ١٧- ٧٩)
[.....]
ﷺ
فَكَانَ بَيِّنًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) - إذَا كَانَ مِنْ الصَّلَاةِ نَافِلَةٌ
وَفَرْضٌ، وَكَانَ الْفَرْضُ مِنْهَا مُؤَقَّتًا- أَنْ لَا تَجْزِي عَنْهُ
صَلَاةٌ، إلَّا بِأَنْ يَنْوِيَهَا مُصَلِّيًا «١»» .
وَبِهَذَا «٢» الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ ﵎:
(فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ
«٣»]: ١٦- ٩٨) . قَالَ الشَّافِعِيُّ:
وَأُحِبُّ أَنْ يَقُولَ- حِينَ
يَفْتَتِحُ [قَبْلَ أُمِّ «٤»] الْقُرْآنِ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ
الرَّجِيمِ، وَأَيُّ كَلَامٍ اسْتَعَاذَ بِهِ، أَجْزَأَهُ» .
وَقَالَ فِي
الْإِمْلَاءِ- بِهَذَا الْإِسْنَاد: «ثمَّ يبتدىء، فَيَتَعَوَّذُ، وَيَقُولُ:
أَعُوذُ
بِالسَّمِيعِ الْعَلِيمِ أَوْ يَقُولُ: أَعُوذ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ
[مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ «٥») أَوْ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ أَنْ يَحْضُرُونِ.
لِقَوْلِ اللَّهِ ﷿. (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ
الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ- فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ: «قَالَ اللَّهُ جَلَّ
ثَنَاؤُهُ:
(وَلَقَدْ) (آتَيْناكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ: ١٥- ٨٧) . وَهِيَ: أُمُّ الْقُرْآنِ:
(١) هَذِه عبارَة الْأُم [ج ١ ص ٨٦]، وفى الأَصْل: «لَا يجزى عَنهُ أَن
يصلى صَلَاة إِلَّا بِأَن ينويها مصليها» . وَعبارَة الْأُم أسلم وأوضح.
(٢)
بِالْأَصْلِ «فَلهَذَا»، وَهُوَ خطأ وَاضح.
(٣) زِيَادَة عَن الْأُم [ج ١ ص
٩٢- ٩٣] .
(٤) زِيَادَة مَقْصُودَة قطعا.
(٥) زِيَادَة مَقْصُودَة
قطعا.
أَوَّلُهَا: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)»
.
أَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ- فِي آخَرِينَ- قَالُوا:
أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ ابْن يَعْقُوبَ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا
الشَّافِعِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي
أَبِي [عَنْ «١»] سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ [فِي قَوْلِهِ «٢»]: (وَلَقَدْ آتَيْناكَ
سَبْعًا مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)، [قَالَ]: «هِيَ أُمُّ
الْقُرْآنِ» . قَالَ أَبِي:
«وَقَرَأَهَا عَلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،
حَتَّى خَتَمَهَا، ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
الْآيَةُ السَّابِعَةُ. قَالَ سَعِيدٌ: وَقَرَأَهَا علىّ ابْن عَبَّاس، كَمَا
قَرَأْتُهَا عَلَيْكَ، ثُمَّ قَالَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
الْآيَةُ السَّابِعَةُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَذَخَرَهَا [اللَّهُ «٣»] لَكُمْ،
فَمَا أَخْرَجَهَا لِأَحَدٍ قَبْلَكُمْ» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ- فِي
رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ: «وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَفْعَلُهُ (يَعْنِي
«٤»:
يفْتَتح الْقِرَاءَة بِبسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.)،
وَيَقُولُ: انْتَزَعَ الشَّيْطَانُ مِنْهُمْ خَيْرَ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ.
وَكَانَ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لَا يَعْرِفُ خَتْمَ السُّورَةِ، حَتَّى
تَنْزِلَ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) .» .
(١) زِيَادَة لَا
بُد مِنْهَا، عَن [ج ١ ص ٩٣] ومسند الشَّافِعِي بِهَامِش الْأُم.
ص ٥٣-
٥٤]
(٢) الزِّيَادَة للايضاح.
(٣) زِيَادَة للايضاح، عَن السّنَن
الْكُبْرَى للبيهقى [ج ٢ ص ٤٤] .
(٤) الظَّاهِر: أَن هَذَا من كَلَام
الْبَيْهَقِيّ ﵀.
أَنَا أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا
الشَّافِعِيُّ [قَالَ «١»] «قَالَ اللَّهُ ﵎ لِنَبِيِّهِ ﷺ:
(وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ٧٣- ٤)، فَأَقَلُّ التَّرْتِيلِ: تَرْكُ
الْعَجَلَةِ فِي الْقُرْآنِ عَنْ الْإِبَانَةِ. وَكُلَّمَا «٢» زَادَ عَلَى
أَقَلِّ الْإِبَانَةِ فِي الْقُرْآنِ، كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ: مَا لَمْ يَبْلُغْ
أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فِيهِ تَمْطِيطًا» .
قَرَأْتُ فِي كِتَابِ
«الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ» - فِيمَا رَوَاهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيّ،
عَنْ الشَّافِعِيِّ ﵀ أَنَّهُ قَالَ، أَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ
فَرْضَ الْقِبْلَةِ بِمَكَّةَ، فَكَانَ يُصَلِّي فِي نَاحِيَةٍ يَسْتَقْبِلُ
مِنْهَا الْبَيْتَ [الْحَرَامَ]، وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ، فَلَمَّا هَاجَرَ إلَى
الْمَدِينَةِ، اسْتَقْبَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، مُوَلِّيًا عَنْ الْبَيْت
الْحَرَام سنة عَشَرَ شَهْرًا-: وَهُوَ يُحِبُّ: لَوْ قَضَى اللَّهُ إلَيْهِ
بِاسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ. لِأَنَّ فِيهِ مَقَامُ أَبِيهِ
إبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ وَهُوَ: الْمَثَابَةُ لِلنَّاسِ وَالْأَمْنُ،
وَإِلَيْهِ الْحَجُّ وَهُوَ: الْمَأْمُورُ بِهِ: أَنْ يُطَهَّرَ لِلطَّائِفِينَ،
وَالْعَاكِفِينَ، وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ. مَعَ كَرَاهِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
لِمَا وَافَقَ الْيَهُودَ فَقَالَ لِجِبْرِيلَ ﵇: «لَوَدِدْتُ أَنَّ رَبِّي
صَرَفَنِي عَنْ قِبْلَةِ الْيَهُودِ إلَى غَيْرِهَا»
فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿:
(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ. فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ
وَجْهُ اللَّهِ: ٢- ١١٥) .- يَعْنِي (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)، فَثَمَّ الْوَجْهُ
الَّذِي وَجَّهَكُمْ اللَّهُ إلَيْهِ «٣» فَقَالَ جِبْرِيلُ ﵇ لِلنَّبِيِّ ﷺ «يَا
مُحَمَّدُ أَنَا عَبْدٌ مَأْمُورٌ
(١) الزِّيَادَة للايضاح
(٢) كَذَا
بِالْأُمِّ [ج ١ ص ٩٥] وفى الأَصْل «وكل مَا» وَهُوَ خطأ وَاضح إِلَّا أَن تكون
«كلما» من الْكَلِمَات الَّتِي يَصح كتَابَتهَا مُتَفَرِّقَة، مثل «حَيْثُمَا»،
و«كَيْفَمَا»
(٣) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى [ج ٢ ص ١٣] وَمَا
رَوَاهُ عَن مُجَاهِد فى تَفْسِير ذَلِك
مِثْلُكَ، لَا أَمْلِكُ
شَيْئًا فَسَلْ اللَّهَ» . فَسَأَلَ النَّبِيُّ ﷺ رَبَّهُ:
أَنْ يُوَجِّهَهُ
إلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَصَعِدَ جِبْرِيلُ ﵇ إلَى السَّمَاءِ فَجَعَلَ
النَّبِيُّ ﷺ يُدِيمُ طَرَفَهُ إلَى السَّمَاءِ: رَجَاءَ أَنْ يَأْتِيَهُ
جِبْرِيلُ ﵇ بِمَا سَأَلَ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿:
(قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً
تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) «١» إلَى قَوْلِهِ:
(فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي: ٢- ١٤٤- ١٥٠) .» .
«فِي قَوْلِهِ:
(وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ
رَبِّهِمْ ٢- ١٤٤)، يُقَالُ: يَجِدُونَ- فِيمَا نَزَلَ عَلَيْهِمْ-: أَنَّ
النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ-:
مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ ﵈:-
يَخْرُجُ مِنْ الْحَرَمِ، وَتَعُودُ قِبْلَتُهُ وَصَلَاتُهُ مَخْرَجَهُ. يَعْنِي
«٢»: الْحَرَمَ» .
وَفِي قَوْله تَعَالَى: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ
وَجْهَكَ شَطْرَ)
(١) تَمام الْمَتْرُوك: (وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا
وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ
الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ وَلَئِنْ
أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ،
وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ، وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ
وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ
إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما
يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ، وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها. فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ مَا
تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ،
وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ. وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، وَحَيْثُ
مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ، لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ
عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) .
(٢) هَذَا من
كَلَام الشَّافِعِي رضى الله عَنهُ. [.....]
(الْمَسْجِدِ
الْحَرامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا
يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ: ٢- ١٥٠) قِيلَ فِي ذَلِكَ (وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ):
لَا تَسْتَقْبِلُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مِنْ الْمَدِينَةِ،
إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْتَدْبِرُونَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَإِنْ جِئْتُمْ مِنْ
جِهَةِ نَجْدٍ الْيَمَنِ- فَكُنْتُمْ تَسْتَقْبِلُونَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ،
وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ-: اسْتَقْبَلْتُمْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ. لَا: أَنَّ
إرَادَتَكُمْ «١»: بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَإِنْ اسْتَقْبَلْتُمُوهُ بِاسْتِقْبَالِ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. [وَ] «٢» لَأَنْتُمْ كَذَلِكَ: تَسْتَقْبِلُونَ مَا
دُونَهُ [وَ]»
وَرَاءَهُ لَا إرَادَة أَنْ يَكُونَ قِبْلَةً، وَلَكِنَّهُ
جِهَةَ قِبْلَةٍ.» .
«وَقِيلَ: (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ
حُجَّةٌ): فِي اسْتِقْبَالِ قِبْلَةِ غَيْرِكُمْ.» .
«وَقِيلَ: فِي
تَحْوِيلِكُمْ عَنْ قِبْلَتِكُمْ الَّتِي كُنْتُمْ عَلَيْهَا، إلَى غَيْرِهَا.
وَهَذَا أَشْبَهُ مَا قِيلَ فِيهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) -: لِقَوْلِ اللَّهِ ﷿:
(سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي
كانُوا عَلَيْها) «٤» إلَى قَوْله تَعَالَى:
(مُسْتَقِيمٍ: ٢- ١٤٢) .
فَأَعْلَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ: أَنْ لَا حُجَّةَ عَلَيْهِمْ فِي التَّحْوِيلِ
يَعْنِي: لَا يَتَكَلَّمُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ بِشَيْءٍ، يُرِيدُ الْحُجَّةَ إلَّا
الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ. لَا: أَنَّ لَهُمْ «٥» حُجَّةً لِأَنَّ عَلَيْهِمْ
«٦» أَنْ يَنْصَرِفُوا عَنْ قِبْلَتِهِمْ، إلَى الْقِبْلَةِ الَّتِي أُمِرُوا
بِهَا» .
(١) أَي: قصدكم ووجهتكم، وفى الأَصْل: «أَرَادَ بكم» وَهُوَ خطأ
كَمَا يدل عَلَيْهِ الْكَلَام الْآتِي.
(٢) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا.
(٣)
زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا.
(٤) تَمام الْمَتْرُوك: (قُلْ لِلَّهِ
الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ) .
(٥) أَي:
الَّذين ظلمُوا.
(٦) أَي: الرَّسُول وَمن مَعَه.
«وَفِي قَوْله تَعَالَى:
(وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ
يَتَّبِعُ الرَّسُولَ: ٢- ١٤٣) لِقَوْلِهِ إلَّا لِنَعْلَمَ أَنْ قَدْ عَلِمَهُمْ
«١» مَنْ يَتَّبِعْ الرَّسُولَ وَعِلْمُ اللَّهِ كَانَ- قَبْلَ اتِّبَاعِهِمْ
وَبَعْدَهُ- سَوَاءً.» .
«وَقَدْ قَالَ الْمُسْلِمُونَ: فَكَيْفَ بِمَا
مَضَى مِنْ صَلَاتِنَا، وَمَنْ مَضَى مِنَّا؟.
فَأَعْلَمَهُمْ اللَّهُ ﷿:
أَنَّ صَلَاتَهُمْ إيمَانٌ «٢» فَقَالَ: (وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ
إِيمانَكُمْ) الْآيَةُ «٣»» .
«وَيُقَالُ: إنَّ الْيَهُودَ قَالَتْ:
الْبِرُّ فِي اسْتِقْبَالِ الْمَغْرِبِ، وَقَالَتْ النَّصَارَى: الْبِرُّ فِي
اسْتِقْبَالِ الْمَشْرِقِ بِكُلِّ حَالٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ فِيهِمْ:
(لَيْسَ
الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ: ٢- ١٧٧)
.
يَعْنِي (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): وَأَنْتُمْ مُشْرِكُونَ لِأَنَّ الْبِرَّ
لَا يُكْتَبُ لِمُشْرِكٍ.» .
«فَلَمَّا حَوَّلَ اللَّهُ رَسُولَهُ ﷺ إلَى
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ-:
(١) كَذَا بِالْأَصْلِ وَلم نعثر على مصدر آخر
لهَذَا النَّص. وَهُوَ: إِمَّا أَن يكون قد وَقع فِيهِ تَحْرِيف فَقَط، أَو
تَحْرِيف وَنقص. فعلى الِاحْتِمَال الثَّانِي، لَعَلَّ الأَصْل: «قيل:
فَقَوله:
(إِلَّا لنعلم)، يعْنى: إِلَّا لِتَعْلَمُوا إِذْ قد علمهمْ» .
أَي: بِسَبَب تَحْويل الْقبْلَة. وَهَذَا الْمَعْنى مُوَافق للْوَجْه الْمَشْهُور
الَّذِي اخْتَارَهُ الطَّبَرِيّ فى تَفْسِيره (ج ٢ ص ٩)، وَالَّذِي صدر بِهِ
الْفَخر الْوُجُوه الَّتِي ذكرهَا، فى تَفْسِيره (ج ٢ ص ١١) . وعَلى الِاحْتِمَال
الأول. لَعَلَّ الأَصْل:
«قيل: إِلَّا لنعلم أَن قد علمْتُم.» . أَي:
بِالْفِعْلِ. وَهَذَا الْمَعْنى جمع بَين الْوَجْه الأول وَالْوَجْه الثَّانِي
الَّذِي ذكره الْفَخر. وعَلى كل: فَلَا يُمكن أَن نطمئن إِلَى تَصْحِيح لهَذَا
النَّص، أَو تَبْيِين للمعنى المُرَاد مِنْهُ-: مَا دمنا لم نعثر لَهُ على مصدر
آخر من مؤلفات الشَّافِعِي (رضى الله عَنهُ) وَغَيره.
(٢) أَي: لَا حرج
عَلَيْهَا، وَلنْ يضيع ثَوَابهَا. انْظُر فتح الْبَارِي (ج ١ ص ٧٣) .
(٣)
تَمامهَا: (إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ: ٢- ١٤٣) .
صَلَّى
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَكْثَرَ صَلَاتِهِ، مِمَّا يَلِي الْبَابَ: مِنْ وَجْهِ
الْكَعْبَةِ وَقَدْ صَلَّى مِنْ وَرَائِهَا وَالنَّاسُ مَعَهُ: مُطِيفِينَ
بِالْكَعْبَةِ، مُسْتَقْبِلِيهَا كُلَّهَا، مُسْتَدْبِرِينَ مَا وَرَاءَهَا: مِنْ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.»
«قَالَ: وَقَوْلُهُ ﷿: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ
الْمَسْجِدِ الْحَرامِ: ٢- ١٤٤ وَ١٥٠)، فَشَطْرُهُ وَتِلْقَاؤُهُ وَجِهَتُهُ:
وَاحِدٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ.» . «١»
وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِبَعْضِ مَا
فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ «٢» .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
الْحَافِظُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ ﵀،
قَالَ: «قَالَ اللَّهُ ﵎: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ
الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ:
٢- ١٥٠) . فَفَرَضَ عَلَيْهِمْ حَيْثُ مَا كَانُوا: أَنْ يُوَلُّوا وُجُوههم
شطره. و«شَطْرَهُ»: جِهَتُهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. إذَا قُلْتَ: «أَقْصِدُ
شَطْرَ كَذَا»: مَعْرُوفٌ «٣» أَنَّكَ تَقُولُ: «أَقْصِدُ قَصْدَ «٤» عَيْنِ «٥»
كَذَا» يَعْنِي «٦»: قَصْدَ «٧» نَفْسِ كَذَا. وَكَذَلِكَ: «تِلْقَاءَهُ
وَجِهَتَهُ «٨»»، أَيْ: أَسْتَقْبِلُ
(١) إِلَى هُنَا انْتهى مَا نَقله
الْبَيْهَقِيّ عَن الْمُخْتَصر الْكَبِير للمزنى.
(٢) ص ٣٤- ٣٨ مِمَّا ذكره
الْبَيْهَقِيّ عَقِيبه.
(٣) أَي: فمعروف. فَهُوَ جَوَاب الشَّرْط.
(٤)
أَي: نَحْو وجهة، فَهُوَ اسْم لَا مصدر. انْظُر تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج ٢ ص ١٣)
وَاللِّسَان وَالْمُخْتَار (مَادَّة: قصد) .
(٥) فى الأَصْل: «غير» . وَهُوَ
تَحْرِيف من النَّاسِخ. والتصحيح مِمَّا سيأتى بعد وَمن الرسَالَة (ص ٣٤) .
[.....]
(٦) كَذَا بالرسالة وفى الأَصْل: «بِمَعْنى» .
(٧) أَي: نَحْو
وجهة، فَهُوَ اسْم لَا مصدر. انْظُر تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج ٢ ص ١٣) وَاللِّسَان
وَالْمُخْتَار (مَادَّة: قصد) .
(٨) كَذَا بِالْأَصْلِ وَبَعض نسخ الرسَالَة
أَي: وَكَذَلِكَ تَقول: قصدت تلقاءه وجهته.
- بِدَلِيل تَفْسِير الشَّافِعِي
إِيَّاه عَقِيبه. وَإِذن: فَلَا خطأ فى زِيَادَة الْوَاو فى قَوْله «وجهته»،
وَإِن خَالَفت نُسْخَة الرّبيع الَّتِي خلت من الْوَاو. إِذْ لَيست معصومة من
الْخَطَأ.
تِلْقَاءَهُ وَجِهَتَهُ. وَكُلُّهَا «١» بِمَعْنًى
وَاحِدٍ: وَإِنْ كَانَتْ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ.
قَالَ خُفَافُ بْنُ
نُدْبَةَ:
أَلَا مَنْ مُبْلِغٌ عَمْرًا رَسُولًا وَمَا تُغْنِي الرِّسَالَةُ
شَطْرَ عَمْرِو وَقَالَ سَاعِدَة بن جؤيّة:
أَقُولُ لِأُمِّ زِنْبَاعٍ:
أَقِيمِي صُدُورَ الْعِيسِ، شَطْرَ بَنِي تَمِيمِ وَقَالَ لَقِيطٌ الْإِيَادِيُّ
«٢»:
وَقَدْ أَظَلَّكُمْ مِنْ شَطْرِ ثَغْرِكُمْ هَوْلٌ لَهُ ظُلَمٌ
تَغْشَاكُمْ قِطَعًا وَقَالَ الشَّاعِر:
إنَّ الْعَسِيبَ بِهَا دَاءٌ «٣»
مُخَامِرُهَا فَشَطْرَهَا بَصَرُ الْعَيْنَيْنِ مَسْحُورُ قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀:
يُرِيدُ: [تِلْقَاءَهَا] «٤» بَصَرُ الْعَيْنَيْنِ وَنَحْوَهَا-:
تِلْقَاءَ
«٥» جِهَتِهَا.» . وَهَذَا كُلُّهُ- مَعَ غَيْرِهِ مِنْ أَشْعَارِهِمْ-
يُبَيِّنُ: أَنَّ شَطْرَ الشَّيْءِ: قَصْدُ عَيْنِ الشَّيْءِ: إذَا كَانَ
مُعَايَنًا: فَبِالصَّوَابِ وَإِنْ «٦» كَانَ
(١) فى الرسَالَة: «وَإِن
كلهَا» .
(٢) فى عينيته الْمَشْهُورَة الَّتِي أنذر بهَا قومه غَزْو كسْرَى
إيَّاهُم، وَالَّتِي صدر بهَا ابْن الشجري مختاراته الْقيمَة.
(٣) كَذَا
بِبَعْض نسخ الرسَالَة وفى الأَصْل: «هَذَا مخامرها»، وَهُوَ تَحْرِيف مخل
بِالْمَعْنَى وَالْوَزْن. وَقد وَقع فى رِوَايَة هَذَا الْبَيْت اخْتِلَاف
كَبِير، فَارْجِع إِلَى مَا كتبه الشَّيْخ شَاكر خَاصّا بِهِ، فِيمَا علقه عَليّ
الرسَالَة (ص ٣٦- ٣٧ و٤٨٧- ٤٨٨) فَإِنَّهُ مُفِيد.
(٤) زِيَادَة عَن
الرسَالَة (ص ٣٧) .
(٥) هَذَا بدل من «تلقاءها» الْمُتَقَدّم. لبَيَان أَن
الضَّمِير عَائِد إِلَى جِهَة العسيب.
(٦) فى الرسَالَة. «وَإِذا» .
مُغَيَّبًا:
فَبِالِاجْتِهَادِ وَالتَّوَجُّهِ «١» إلَيْهِ. وَذَلِكَ: أَكْثَرُ مَا
يُمْكِنُهُ فِيهِ.»
«وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ
لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ: ٦- ٩٧)
وَقَالَ تَعَالَى: (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ: ١٦- ١٦) .
فَخَلَقَ
اللَّهُ لَهُمْ الْعَلَامَاتِ، وَنَصَبَ لَهُمْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَأمرهمْ:
أَن أَنْ يَتَوَجَّهُوا إلَيْهِ. وَإِنَّمَا تَوَجُّهُهُمْ إلَيْهِ:
بِالْعَلَامَاتِ الَّتِي خَلَقَ لَهُمْ، وَالْعُقُولِ الَّتِي رَكَّبَهَا
فِيهِمْ: الَّتِي اسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى مَعْرِفَةِ الْعَلَامَاتِ. وَكُلُّ
هَذَا: بَيَانٌ وَنِعْمَةٌ مِنْهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ» . «٢»
قَالَ
الشَّافِعِيُّ: «وَوَجَّهَ اللَّهُ رَسُولَهُ ﷺ - إلَى الْقِبْلَةِ «٣» فِي
الصَّلَاةِ- إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَكَانَتْ الْقِبْلَةُ الَّتِي لَا يَحِلُّ-
قَبْلَ نَسْخِهَا- اسْتِقْبَالُ غَيْرِهَا. ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ قِبْلَةَ بَيْتِ
الْمَقْدِسِ، [وَ] «٤» وَجَّهَهُ إلَى الْبَيْتِ.
[فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ
اسْتِقْبَالُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَبَدًا لِمَكْتُوبَةٍ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ
يَسْتَقْبِلَ غَيْرَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ «٥»] . وَكُلٌّ كَانَ حَقًّا فِي
وَقْتِهِ» . وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ «٦» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبِي عَمْرٍو، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ،
أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
«أَقْرَبُ مَا يَكُونُ
(١) فى الرسَالَة: «بالتوجه» وَهُوَ أظهر وَإِن كَانَ
لَا فرق من حَيْثُ الْمَعْنى.
(٢) انْظُر الرسَالَة (ص ٣٨)، وَالأُم (ج ١ ص
٨٠- ٨١): وفى عبارَة الْأُم اخْتِلَاف وَزِيَادَة.
(٣) فى الرسَالَة (ص
١٢١): «للْقبْلَة» .
(٤) زِيَادَة عَن الرسَالَة ص ١٢٢) .
(٥) زِيَادَة
عَن الرسَالَة ص ١٢٢) . [.....]
(٦) فَلْينْظر فى الرسَالَة (ص ١٢٢- ١٢٥)
.
الْعَبْدُ مِنْ «١» اللَّهِ: إذَا كَانَ سَاجِدًا أَلَمْ تَرَ
إلَى قَوْلِهِ: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ: ٩٦- ١٩)؟» . يَعْنِي: افْعَلْ وَاقْرُبْ
«٢» . قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَيُشْبِهُ مَا قَالَ مُجَاهِدٌ (وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ) مَا قَالَ «٣»» .
فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ- فِي قَوْله
تَعَالَى: (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّدًا: ١٧- ١٠٧) .-: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«وَاحْتَمَلَ السُّجُودَ: أَنْ يَخِرَّ: وَذَقَنُهُ- إذَا خَرَّ- تَلِيَ
الْأَرْضَ ثُمَّ يَكُونُ سُجُودُ [هـ] عَلَى غَيْرِ الذَّقَنِ» .
(أَنَا)
أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ،
قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «فَرَضَ اللَّهُ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ، فَقَالَ:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا: ٣٣- ٥٦) . فَلَمْ
يَكُنْ فَرْضُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ، أَوْلَى مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ
وَوَجَدْنَا الدَّلَالَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
(١) كَذَا بِالْأُمِّ (ج ١ ص
١٠٠) ومسند الشَّافِعِي (ص ١٤) أَو بِهَامِش الْأُم (ج ٦ ص ٦٢) وترتيب مُسْند
الشَّافِعِي (ج ١ ص ٩٣) وبالأصل: إِلَى» .
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الْمسند
اقْتصر على كَلَام مُجَاهِد، وَلم يذكر تَفْسِير الشَّافِعِي للاية الْكَرِيمَة،
الَّذِي أَرَادَ بِهِ أَن يبين: أَن الْقرب من الله لَازم للسُّجُود لَهُ.
وَعبارَة الأَصْل وترتيب الْمسند: «ألم تَرَ إِلَى قَوْله: افْعَل واقترب يعْنى:
اسجد واقترب.» . وَلَعَلَّ الصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ: إِذْ يبعد أَن يكون
مُجَاهِد قد تحاشى التَّلَفُّظ بِنَصّ الْآيَة الْكَرِيمَة لعذر مَا وَلَو سلمنَا
ذَلِك لما كَانَ هُنَاكَ معنى لِأَن يتحاشاه من رووا كَلَامه.
(٣) يعْنى:
مَا قَالَه النَّبِي ﷺ: مِمَّا أثْبته الشَّافِعِي- فى الْأُم- قبل أثر مُجَاهِد،
وَلم يذكرهُ الْبَيْهَقِيّ هُنَا-: من قَوْله فى حَدِيث ابْن عَبَّاس: «وَأما
السُّجُود فاجتهدوا فِيهِ من الدُّعَاء فقمن: أَن يُسْتَجَاب لكم.» . وَقد أخرج
الْبَيْهَقِيّ هَذَا الحَدِيث فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٢ ص ١١٠) .
ﷺ،
[بِمَا وَصَفْتُ: مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ «١»] فَرْضٌ فِي
الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ» . فَذَكَرَ حَدِيثَيْنِ: ذَكَرْنَاهُمَا فِي
كِتَابِ (الْمَعْرِفَةِ) .
(وَأَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ﵀، أَنَا أَبُو سَعِيدِ ابْن الْأَعْرَابِيِّ، أَنَا
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، نَا مُحَمَّدُ «٢» بْنُ إدْرِيسَ
الشَّافِعِيُّ قَالَ: «أَنَا مَالِكٌ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
الْمُجْمِرِ-: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ-
وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ هُوَ: الَّذِي [كَانَ] «٣» أُرِيَ «٤» النِّدَاءَ
بِالصَّلَاةِ.-
أَخْبَرَهُ «٥»، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ،
أَنَّهُ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ،
فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نصلّى عَلَيْك بانبىّ
اللَّهِ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟. فَسَكَتَ النَّبِيُّ ﷺ، حَتَّى
تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ. فَقَالَ «٦» رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
قُولُوا:
«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتُ عَلَى
إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتُ
عَلَى إبْرَاهِيمَ «٧»، فِي الْعَالَمِينَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.» .
(١)
زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا. عَن الْأُم (ج ١ ص ١٠٢) .
(٢) فى السّنَن
الْكُبْرَى للبيهقى (ج ٢ ص ١٤٦): «عبد الله بن نَافِع»، وَلَا ذكر للشافعى فى
الْإِسْنَاد. فَمَا هُنَا طَرِيق آخر للزعفرانى عَن الشَّافِعِي:
(٣)
زِيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى.
(٤) أَي: أرَاهُ الله الْأَذَان- فى
الْمَنَام- قبيل تشريعه، كَمَا هُوَ مَشْهُور.
(٥) هَذَا القَوْل كَانَ فى
الأَصْل مُتَقَدما على قَوْله «وَعبد الله»، وَالتَّعْدِيل عَن السّنَن
الْكُبْرَى.
(٦) عبارَة السّنَن الْكُبْرَى: «ثمَّ قَالَ» وهى أحسن.
(٧)
فى الأَصْل: «على آل ابراهيم»، والتصحيح عَن السّنَن الْكُبْرَى، ثمَّ إِن فرق
الْبَيْهَقِيّ فِيهَا- بَين هَذِه الرِّوَايَة وَرِوَايَة مُسلم الَّتِي
أَثْبَتَت لفظ الْآل، يُؤَيّد هَذَا التَّصْحِيح.
وَرَوَاهُ
الْمُزَنِيّ وَحَرْمَلَةُ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَزَادَ فِيهِ: «وَالسَّلَامُ
كَمَا [قَدْ] عَلِمْتُمْ «١»» . وَفِي هَذَا: إشَارَةٌ إلَى السَّلَامِ الَّذِي
فِي التَّشَهُّدِ، عَلَى النَّبِيِّ «٢» ﷺ وَذَلِكَ: فِي الصَّلَاةِ. فَيُشْبِهُ
«٣»: أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ الَّتِي أَمَرَ بِهَا ﵇ - أَيْضًا- فِي الصَّلَاةِ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀ - فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ-:
«وَاَلَّذِي أَذْهَبُ إلَيْهِ- مِنْ هَذَا-: حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنْ
النَّبِيِّ ﷺ . وَإِنَّمَا ذَهَبْتُ إلَيْهِ: لِأَنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ ﷿ ذَكَرَ
ابْتِدَاءَ صَلَاتِهِ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ، وَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهَا فَقَالَ:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا: ٣٣- ٥٦) وَذَكَرَ
صَفْوَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ، فَأَعْلَمَ: أَنَّهُمْ أَنْبِيَاؤُهُ ثُمَّ ذَكَرَ
صَفْوَتَهُ مِنْ آلِهِمْ «٤» فَذَكَرَ: أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ أَنْبِيَائِهِ
فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ
عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ: ٣- ٣٣) . وَكَانَ حَدِيثُ أَبِي مَسْعُود-:
أَنَّ
ذِكْرَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.- يُشْبِهُ عِنْدَنَا
لِمَعْنَى الْكِتَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ» «قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنِّي
لَأُحِبُّ: أَنْ يَدْخُلَ- مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ ﷺ -
(١) الزِّيَادَة عَن
السّنَن الْكُبْرَى وَالْمَجْمُوع للنووى (ج ٣ ص ٤٦٤) .
(٢) انْظُر السّنَن
الْكُبْرَى (ج ٢ ص ١٤٧) .
(٣) فى الأَصْل: «فَيسنّ»، وَهُوَ خطأ: كَمَا يدل
عَلَيْهِ كَلَام الشَّافِعِي السَّابِق، وَكَلَامه الَّذِي ذكره بعد ذَلِك، وَلم
يَنْقُلهُ الْبَيْهَقِيّ هُنَا. انْظُر الْأُم (ج ١ ص ١٠٢)، [.....]
(٤) فى
الأَصْل: «ثمَّ ذكر صفوته قُلُوبهم»، وَهُوَ خطأ وَاضح.
أَزْوَاجُهُ
وَذُرِّيَّتُهُ حَتَّى يَكُونَ قَدْ أَتَى مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ «١»
.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي آلِ مُحَمَّدٍ ﷺ «٢»)
فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ: آلُ مُحَمَّدٍ: أَهْلُ دِينِ مُحَمَّدٍ «٣» . وَمَنْ
ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ، أَشْبَهَ أَنْ يَقُولَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
لِنُوحٍ: (احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ: ١١- ٤٠)
وَحَكَى [فَقَالَ] «٤» (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ،
وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ قالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ
إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) الْآيَةُ «٥» . [فَأَخْرَجَهُ بِالشِّرْكِ عَنْ
أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ نُوحٍ] «٦» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «٧»:
وَاَلَّذِي نَذْهَبُ إلَيْهِ فِي مَعْنَى [هَذِهِ «٨»] الْآيَةِ: أَنَّ قَوْلَ
اللَّهِ ﷿: (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) يَعْنِي الَّذِينَ «٩» أَمَرْنَا [ك]
«١٠» بِحَمْلِهِمْ مَعَكَ. (فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ): وَمَا دَلَّ عَلَى مَا
وَصَفْتُ؟. (قِيلَ): قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ
الْقَوْلُ: ١١- ٤٠) فَأَعْلَمَهُ «١١» أَنَّهُ أَمَرَهُ: بِأَنْ يَحْمِلَ مِنْ
أَهْلِهِ، مَنْ لَمْ يَسْبِقْ عَلَيْهِ الْقَوْلُ: أَنَّهُ «١٢» أَهْلُ
مَعْصِيَةٍ
(١) انْظُر فى ذَلِك السّنَن الْكُبْرَى (ج ٢ ص ١٥٠) .
(٢)
انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٢ ص ١٥١- ١٥٢) وَالْمَجْمُوع (ج ٣ ص ٤٦٦) .
(٣)
انْظُر فى الْمَجْمُوع (ج ٣ ص ٤٦٦) مَا احْتج بِهِ أَصْحَاب هَذَا الْمَذْهَب،
غير مَا ذكر هُنَا.
(٤) زِيَادَة للايضاح، وَعبارَة السّنَن الْكُبْرَى (ج ٢
ص ١٥٢) وَالْمَجْمُوع (ج ٣ ص ٤٦٦): «وَقَالَ إِن ابْني»، وَلَا ذكر فيهمَا
لقَوْله: «وَحكى» .
(٥) تَمامهَا: (فَلا تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ
عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) ١١- ٤٥- ٤٦) .
(٦)
الزِّيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى وَالْمَجْمُوع.
(٧) أَي جَوَابا عَن
ذَلِك، انْظُر السّنَن الْكُبْرَى وَالْمَجْمُوع.
(٨) زِيَادَة عَن السّنَن
الْكُبْرَى
(٩) كَذَا بالسنن الْكُبْرَى وفى الأَصْل وَالْمَجْمُوع (ج ٣ ص
٤٦٧): «الَّذِي» .
(١٠) زِيَادَة عَن الْمَجْمُوع.
(١١) كَذَا
بِالْأَصْلِ وَالْمَجْمُوع وفى السّنَن الْكُبْرَى «فأعلمهم» وَهُوَ تَحْرِيف.
(١٢)
بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى: «من» وَهُوَ خطأ ظَاهر، وَيدل على ذَلِك أَن
عبارَة الْمَجْمُوع- وهى منقولة عَن السّنَن الْكُبْرَى- هَكَذَا: «أَنه أمره أَن
لَا يحمل من أَهله من سبق عَلَيْهِ القَوْل من أهل مَعْصِيَته» .
ثُمَّ
بَيَّنَ لَهُ فَقَالَ: (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ.) .»
«قَالَ
الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ قَائِلٌ: آلُ مُحَمَّدٍ: أَزْوَاجُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ
«١» ﷺ . فَكَأَنَّهُ ذَهَبَ: إلَى أَنَّ الرَّجُلَ يُقَالُ لَهُ: أَلَكَ أَهْلٌ؟
«٢» فَيَقُولُ:
لَا وَإِنَّمَا يَعْنِي: لَيْسَتْ لِي زَوْجَةٌ.»
«قَالَ
الشَّافِعِيُّ «٣»: وَهَذَا مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ اللِّسَانُ وَلَكِنَّهُ مَعْنَى
كَلَامٍ لَا يُعْرَفُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ سَبَبُ «٤» كَلَامٍ يَدُلُّ
عَلَيْهِ. وَذَلِكَ: أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ: تَزَوَّجْتَ؟ فَيَقُولُ: مَا
تَأَهَّلْتُ «٥» فَيُعْرَفُ- بِأَوَّلِ الْكَلَامِ- أَنَّهُ أَرَادَ: تَزَوَّجْتَ
أَوْ يَقُولُ الرَّجُلُ: أَجْنَبْتُ مِنْ أَهْلِي فَيُعْرَفُ: أَنَّ الْجَنَابَةَ
إنَّمَا تَكُونُ مِنْ الزَّوْجَةِ. فَأَمَّا أَنْ يَبْدَأَ الرَّجُلُ- فَيَقُولُ:
أَهْلِي بِبَلَدِ كَذَا، أَوْ أَنَا أَزُورُ أَهْلِي، وَأَنَا عَزِيزُ الْأَهْلِ،
وَأَنَا كَرِيمُ الْأَهْلِ.-: فَإِنَّمَا يَذْهَبُ النَّاسُ فِي هَذَا: إلَى
أَهْلِ الْبَيْتِ.»
«وَذَهَبَ ذَاهِبُونَ: إلَى أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ ﷺ:
قَرَابَةُ مُحَمَّدٍ ﷺ: الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا «٦» دُونَ غَيْرِهَا: مِنْ
قَرَابَتِهِ «٧» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «٨» ﵀: وَإِذَا عُدَّ [مِنْ «٩»]
آلِ الرَّجُلِ: وَلَدُهُ
(١) انْظُر مَا يدل لذَلِك فى السّنَن الْكُبْرَى
(ج ٢ ص ١٥٠) . [.....]
(٢) فى الأَصْل: «أَلَك أهلك» .
(٣) أَي:
جَوَابا عَن ذَلِك.
(٤) كَذَا بِالْأَصْلِ، وَلَعَلَّ الْأَصَح: «سَابق»،
وعَلى كل فَالْمُرَاد:
أَن يكون لَهُ قرينَة تدل عَلَيْهِ.
(٥) فى
الأَصْل: «أَن يَقُول الرجل: تزوجت، فَيُقَال: مَا تأهلت» وَلَعَلَّ الصَّوَاب
مَا أَثْبَتْنَاهُ.
(٦) انْظُر الْمَجْمُوع (ج ٣ ص ٤٦٦)، وَمَا يدل لذَلِك
فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٢ ص ١٤٨- ١٤٩) .
(٧) أَي الَّتِي لَا ينْفَرد
بهَا.
(٨) جَوَابا عَن ذَلِك، وبيانا للْمَذْهَب الْمُخْتَار عِنْده فى آل
مُحَمَّد: من أَنهم بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب، انْظُر الْمَجْمُوع (ج ٣ ص ٤٦٦)،
وَالأُم (ج ٢ ص ٦٩) .
(٩) هَذِه الزِّيَادَة أولى من تَركهَا.
الَّذِينَ
إلَيْهِ نَسَبُهُمْ وَمَنْ يَأْوِيه «١» بَيْتُهُ: مِنْ زَوْجِهِ أَوْ
مَمْلُوكِهِ أَوْ مَوْلًى أَوْ أَحَدٍ ضَمَّهُ عِيَالُهُ وَكَانَ هَذَا فِي
بَعْضِ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ، دُونَ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ
وَكَانَ يَجْمَعُهُ قَرَابَةٌ فِي بَعْضِ «٢» قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ،
دُونَ بَعْضٍ.-:
فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْتَعْمَلَ عَلَى مَا أَرَادَ اللَّهُ
﷿ مِنْ هَذَا «٣»، ثُمَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلَّا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ:
«إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ وَإِنَّ
اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْنَا الصَّدَقَةَ، وَعَوَّضَنَا مِنْهَا الْخُمْسَ» دَلَّ
هَذَا عَلَى أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ: الَّذِينَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
الصَّدَقَةَ، وَعَوَّضَهُمْ مِنْهَا الْخُمْسَ. «وَقَالَ اللَّهُ ﷿: (وَاعْلَمُوا
أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي
الْقُرْبى: ٨- ٤١) . فَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ:
«إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» وَكَانَ
الدَّلِيلُ عَلَيْهِ: أَنْ لَا يُوجَدَ أَمْرٌ يَقْطَعُ الْعَنَتَ، وَيَلْزَمُ
أَهْلَ الْعِلْمِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إلَّا الْخَبَرَ «٤» عَنْ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ . فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ: أَنْ يُؤْتِيَ ذَا
الْقُرْبَى حَقَّهُ وَأَعْلَمَهُ: أَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي
الْقُرْبَى فَأَعْطَى سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى، فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي
الْمُطَّلِبِ-:
دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ أَعْطَاهُمْ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ الْخُمْسَ، هُمْ:
(١) من «أَوَى» الثلاثي، وَهُوَ يسْتَعْمل
لَازِما ومتعديا، أما «آوى» الرباعي:
فَلَا يسْتَعْمل إِلَّا مُتَعَدِّيا
على الصَّحِيح، انْظُر الْمِصْبَاح (مَادَّة: أَوَى.) .
(٢) فى الأَصْل:
«وَكَانَ يجمعه قرَابَته وفى بعض»، وَلَعَلَّ مَا أثبتنا هُوَ الصَّحِيح
فَلْيتَأَمَّل.
(٣) أَي: من لفظ «آل مُحَمَّد» الَّذِي ورد فى الحَدِيث
الْمُتَقَدّم.
(٤) فى الأَصْل: «بالْخبر» .
الْ مُحَمَّدٍ
الَّذِينَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ مَعَهُ،
وَاَلَّذِينَ اصْطَفَاهُمْ مِنْ خَلْقِهِ، بَعْد نَبِيِّهِ ﷺ . فَإِنَّهُ
يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ
عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ: ٣- ٣٣)، فَاعْلَمْ: أَنَّهُ اصْطَفَى
الْأَنْبِيَاءَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)، [وَآلِهِمْ] «١» .» .
قَالَ الشَّيْخُ ﵀: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ الْقَدِيمِ (رِوَايَةَ
الزَّعْفَرَانِيِّ، عَنْ الشَّافِعِيِّ) - فِي قَوْلِهِ ﷿:
(وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا: ٧- ٢٠٤) .-:
«فَهَذَا- عِنْدَنَا-: عَلَى الْقِرَاءَةِ الَّتِي تُسْمَعُ خَاصَّةً؟ فَكَيْفَ
يُنْصَتُ لِمَا لَا يُسْمَعُ؟!» .
وَهَذَا «٢»: قَوْلٌ كَانَ يَذْهَبُ
إلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ فِي آخِرِ عُمْرِهِ «٣»، وَقَالَ:
«يَقْرَأُ
بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فِي نَفْسِهِ، فِي سَكْتَةِ الْإِمَامِ» . قَالَ
أَصْحَابُنَا:
«لِيَكُونَ جَامِعًا بَيْنَ الِاسْتِمَاعِ، وَبَيْنَ
قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بِالسُّنَّةِ «٤»» «وَإِنْ «٥» قَرَأَ مَعَ الْإِمَامِ،
وَلَمْ يَرْفَعْ بِهَا صَوْتَهُ-: لَمْ تَمْنَعْهُ قِرَاءَتُهُ فِي نَفْسِهِ،
مِنْ الِاسْتِمَاعِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ. فَإِنَّمَا أُمِرْنَا: بِالْإِنْصَاتِ
عَنْ الْكَلَامِ، وَمَا لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ.» .
وَهُوَ مَذْكُورٌ
بِدَلَائِلِهِ، فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
(١) زِيَادَة: يقتضيها
الْمقَام.
(٢) قَوْله: «وَهَذَا» إِلَخ الظَّاهِر أَنه من كَلَام
الْبَيْهَقِيّ لَا الزَّعْفَرَانِي. [.....]
(٣) انْظُر مُخْتَصر الْمُزنِيّ
بِهَامِش الْأُم (ج ١ ص ٧٦) .
(٤) أَي عملا بِالسنةِ الَّتِي أوجبت
الْقِرَاءَة على كل من يصلى.
(٥) قَوْله: «وَإِن إِلَخ»، الظَّاهِر أَنه من
كَلَام الشَّافِعِي لَا الْأَصْحَاب، وَيكون قَوْله: «قَالَ أَصْحَابنَا» إِلَخ،
كلَاما مُعْتَرضًا للتَّعْلِيل للْكَلَام السَّابِق.
وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ (رِوَايَةَ حَرْمَلَةَ، عَنْ
الشَّافِعِيِّ، ﵀: قَالَ: «قَالَ اللَّهُ ﵎:
(وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ: ٢- ٢٣٨) . قَالَ الشَّافِعِيُّ:
مَنْ
خُوطِبَ بِالْقُنُوتِ مُطْلَقًا «١»، ذَهَبَ: إلَى أَنَّهُ: قِيَامٌ فِي
الصَّلَاةِ. وَذَلِكَ:
أَنَّ الْقُنُوتَ: قِيَامٌ لِمَعْنَى طَاعَةِ اللَّهِ
﷿ وَإِذَا كَانَ هَكَذَا: فَهُوَ مَوْضِعُ كَفٍّ عَنْ قِرَاءَةٍ وَإِذَا كَانَ
هَكَذَا، أَشْبَهَ: أَنْ يَكُونَ قِيَامًا- فِي صَلَاةٍ- لِدُعَاءٍ، لَا
قِرَاءَةٍ. فَهَذَا أَظْهَرُ مَعَانِيه، وَعَلَيْهِ دَلَالَةُ السُّنَّةِ وَهُوَ
أولى الْمعَانِي أَنْ يُقَالَ بِهِ، عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.»
«قَالَ
الشَّافِعِيُّ ﵀: وَقَدْ يَحْتَمِلُ الْقُنُوتُ: الْقِيَامَ كُلَّهُ فِي
الصَّلَاةِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: «قِيلَ: أَيُّ
الصَّلَاةِ؟ قَالَ: طُولُ الْقُنُوت.» .
وَقَالَ طَاوس: الْقُنُوتِ، طَاعَةُ
اللَّهِ ﷿ «٢» .» .
«وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: وَمَا وَصَفْتُ-: مِنْ
الْمَعْنَى الْأَوَّلِ.- أَوْلَى الْمَعَانِي بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.»
«قَالَ:
فَلَمَّا كَانَ الْقُنُوتُ بَعْضَ الْقِيَامِ، دُونَ بَعْضٍ-: لَمْ يَجُزْ
(وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَنْ يَكُونَ إلَّا مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ: مِنْ
الْقُنُوتِ لِلدُّعَاءِ «٣»، دُونَ الْقِرَاءَةِ» .
«قَالَ: وَاحْتَمَلَ
قَوْلُ اللَّهِ ﷿: (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ): قَانِتِينَ
(١) أَي من
سُئِلَ- من أهل اللُّغَة- عَن معنى لفظ الْقُنُوت من حَيْثُ هُوَ بِقطع النّظر
عَن وُرُوده فى كَلَام الشَّارِع وَكَونه مَأْمُورا بِهِ، وَعَما ورد فى السّنة
من بَيَان المُرَاد مِنْهُ.
(٢) انْظُر الْآثَار الَّتِي أوردهَا فى ذَلِك
الطَّبَرِيّ فى تَفْسِيره (ج ٢ ص ٣٥٢- ٣٥٣)
(٣) انْظُر فتح الْبَارِي (ج ٢ ص
٣٣٤) . وَانْظُر الْمعَانِي الَّتِي يسْتَعْمل فِيهَا لفظ الْقُنُوت، فى (ص ٣٣٥)
مِنْهُ
فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا، وَفِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ.
فَلَمَّا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ تَرَكَ الْقُنُوتَ فِي
بَعْضِهَا «١» وَحُفِظَ عَنْهُ الْقُنُوتُ فِي الصُّبْحِ بِخَاصَّةٍ «٢» -: دَلَّ
هَذَا عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ اللَّهُ أَرَادَ بِالْقُنُوتِ: الْقُنُوتَ فِي
الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ خَاصًّا.» .
«وَاحْتَمَلَ: أَنْ يَكُونَ
فِي الصَّلَوَاتِ، فِي النَّازِلَةِ. وَاحْتَمَلَ طُولُ الْقُنُوتِ:
طُولَ
الْقِيَامِ. وَاحْتَمَلَ الْقُنُوتُ: طَاعَةَ اللَّهِ وَاحْتَمَلَ السُّكَاتَ «٣»
.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَلَا أُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْقُنُوتِ فى
الصُّبْح، سَأَلَ: لِأَنَّهُ إنْ كَانَ اخْتِيَارًا «٤» مِنْ اللَّهِ وَمِنْ
رَسُولِهِ ﷺ: لَمْ أُرَخِّصْ فِي تَرْكِ الِاخْتِيَارِ وَإِنْ كَانَ فَرْضًا:
كَانَ مِمَّا «٥» لَا يَتَبَيَّنُ تَرْكُهُ وَلَوْ تَرَكَهُ تَارِكٌ:
كَانَ
عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ «٦» كَمَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهِ: لَوْ
تَرَكَ الْجُلُوسَ فِي شَيْءٍ.» .
قَالَ الشَّيْخُ- فِي قَوْلِهِ:
«احْتَمَلَ السُّكَاتَ» .-: أَرَادَ: السُّكُوتَ عَنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: «أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ
فِي الصَّلَاةِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. قَالَ: فَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ،
وَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ «٧»» .
(١) رَاجع فى ذَلِك اخْتِلَاف الحَدِيث
بِهَامِش الْأُم (ج ٧ ص ٢٨٥- ٢٨٧)، وَالأُم (ج ٧ ص ١٢٩ و٢٣١)، وَالسّنَن
الْكُبْرَى (ج ٢ ص ٢٠٠- ٢٠١) .
(٢) رَاجع فى ذَلِك اخْتِلَاف الحَدِيث
بِهَامِش الْأُم (ج ٧ ص ٢٨٥- ٢٨٧)، وَالأُم (ج ٧ ص ١٢٩ و٢٣١)، وَالسّنَن
الْكُبْرَى (ج ٢ ص ٢٠٠- ٢٠١) .
(٣) انْظُر الْأَحَادِيث والْآثَار الَّتِي
أوردهَا فى ذَلِك الطَّبَرِيّ فى تَفْسِيره (ج ٢ ص ٣٥٣- ٣٥٤) .
(٤) أَي:
مَنْدُوبًا
(٥) فى الأَصْل «مَا» .
(٦) قَالَ فى الْأُم (ج ١ ص ١١٦)
«لِأَنَّهُ من عمل الصَّلَاة وَقد تَركه» .
(٧) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى
(ج ٢ ص ٢٤٨) وَتَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج ٢ ص ٣٥٤) .
وَكَلَام ابْن حجر فى
الْفَتْح (ج ٨ ص ١٣٨) الْمُتَعَلّق بِهَذَا الحَدِيث.
وَرُوِّينَا
عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ: أَنَّهُ قَالَ: «صَلَّى بِنَا ابْنُ
عَبَّاسٍ صَلَاةَ الصُّبْحِ- وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْبَصْرَةِ- فَقَنَتَ، وَرفع
يَدَيْهِ: حَتَّى لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَيْنَ يَدَيْهِ لَرَأَى بَيَاضَ إبْطَيْهِ،
فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: هَذِهِ
الصَّلَاةُ: الَّتِي ذَكَرهَا اللَّهُ ﷿ فِي كِتَابِهِ: (حافِظُوا عَلَى
الصَّلَواتِ، وَالصَّلاةِ الْوُسْطى، وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) «١» .»
(أَنَا)
أَبُو على الروذبارى، أَنا إسْمَاعِيلَ الصَّفَّارَ، نَا الْحَسَنُ بْنُ
الْفَضْلِ بْنِ السَّمْحِ، ثَنَا سَهْلُ بن تَمام، نَا أَبُو الْأَشْهَبِ،
وَمُسْلِمُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ فَذَكَرَهُ، وَقَالَ: «قَبْلَ
الرُّكُوعِ «٢»» .
(أَخْبَرَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبى عَمْرو، نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ ﵎:
(وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) . فَقِيلَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ):
قَانِتِينَ:
مُطِيعِينَ وَأمر رَسُول لله ﷺ بِالصَّلَاةِ قَائِمًا وَإِنَّمَا «٣» خُوطِبَ
بِالْفَرَائِضِ مَنْ أَطَاقَهَا فَإِذَا لَمْ يُطِقْ الْقِيَامَ: صَلَّى
قَاعِدًا.» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ
﷿: (وَثِيابَكَ)
(١) قد أخرجه الْبَيْهَقِيّ فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٢ ص
٢٠٥) مُخْتَصرا، وَأخرجه الطَّبَرِيّ فى تَفْسِيره (ج ٢ ص ٣٥٤) بِالزِّيَادَةِ
الَّتِي ذكرهَا الْبَيْهَقِيّ هُنَا عقب ذَلِك. [.....]
(٢) رَاجع فى
السّنَن الْكُبْرَى «ج ٢ ص ٢٠٦- ٢١٢» الْأَحَادِيث والْآثَار الَّتِي وَردت فى
أَن الْقُنُوت قبل الرُّكُوع أَو بعده.
(٣) عِبَارَته فى الْأُم «ج ١ ص ٦٩»
«وَإِذا خُوطِبَ بالفرائض من أطاقها: فاذا كَانَ الْمَرْء مطيقا للْقِيَام فى
الصَّلَاة: لم يجز إِلَّا هُوَ، إِلَّا عِنْد مَا ذكرت، من الْخَوْف، وَإِذا لم
يطق الْقيام:صلى قَاعِدا، وَركع وَسجد: إِذا أطَاق الرُّكُوع وَالسُّجُود.» .
(فَطَهِّرْ: ٧٤- ٤) قِيلَ: صَلِّ «١» فِي ثِيَابٍ طَاهِرَةٍ، وَقِيلَ غَيْرُ
ذَلِكَ. وَالْأَوَّلُ: أَشْبَهُ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَ: أَنْ
يُغْسَلَ دَمُ الْحَيْضِ مِنْ الثَّوْب.» . يعْنى «٢»: للصَّلَاة.
قَالَ
الشَّيْخُ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي عُمَرَ صَاحِبِ ثَعْلَبٍ، قَالَ: قَالَ
ثَعْلَبٌ- فِي قَوْلِهِ ﷿: (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) .-: «اخْتَلَفَ النَّاسُ
فِيهِ، فَقَالَتْ طَائِفَة: الثِّيَاب هَاهُنَا: السَّاتِرُ وَقَالَتْ طَائِفَة:
الثِّيَاب هَاهُنَا:
الْقَلْبُ «٣» .» .
(أَخْبَرَنَا) عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَشْرَانَ، عَنْ أَبِي عُمَرَ فَذَكَرَهُ.
(أَخْبَرَنَا)
أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ،
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: «بَدَأَ اللَّهُ (جَلَّ
ثَنَاؤُهُ) خَلْقَ آدَمَ ﵇ مِنْ مَاءٍ وَطِينٍ، وَجَعَلَهُمَا مَعًا طَهَارَةً
وَبَدَأَ خَلْقَ وَلَدِهِ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ. فَكَانَ- فِي ابْتِدَاءِ «٤»
خَلْقِ آدَمَ مِنْ الطَّاهِرَيْنِ: اللَّذَيْنِ هُمَا الطَّهَارَةُ «٥» .-:
دَلَالَةٌ «٦» لِابْتِدَاءِ خَلْقِ غَيْرِهِ: أَنَّهُ مِنْ مَاءٍ طَاهِرٍ
(١)
عبارَة الام «ج ١ ص ٤٧» «يصلى» وَمَا هُنَا أولى وأنسب.
(٢) هَذَا من كَلَام
الْبَيْهَقِيّ ﵀.
(٣) هَذَا هُوَ التَّفْسِير الثَّانِي الَّذِي أَشَارَ
إِلَيْهِ الشَّافِعِي رضى الله عَنهُ.
(٤) عبارَة الْأُم (ج ١ ص ٤٧):
«ابْتِدَائه» وَلَا فرق فى الْمَعْنى.
(٥) فى الأَصْل: «طَهَارَة» وَمَا
أَثْبَتْنَاهُ- وَهُوَ الْأَحْسَن- من عبارَة الْأُم الَّتِي وَردت هَكَذَا: «من
الطهارتين اللَّتَيْنِ هما الطَّهَارَة» .
(٦) عبارَة الْأُم: «دلَالَة أَن
لَا يبْدَأ خلق غَيره إِلَّا من طَاهِر لَا من نجس» .
لَا
نَجَسٌ «١» .» .
وَقَالَ فِي (الْإِمْلَاءِ) - بِهَذَا الْإِسْنَادِ-:
«الْمَنِيُّ لَيْسَ بِنَجَسٍ: لِأَنَّ اللَّهَ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) أَكْرَمُ مِنْ
أَنْ يَبْتَدِئَ خَلْقَ مَنْ كَرَّمَهُمْ «٢»، وَجَعَلَ مِنْهُمْ:
النَّبِيِّينَ
وَالصِّدِّيقِينَ، وَالشُّهَدَاءَ وَالصَّالِحِينَ وَأَهْلَ جَنَّتِهِ.- مِنْ
نَجَسٍ:
فَإِنَّهُ يَقُولُ: (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ: ١٧- ٧٠)
وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:
([خَلَقَ الْإِنْسانَ «٣»] مِنْ نُطْفَةٍ: ١٦- ٤)
([أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ «٤»] مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) .» .
«وَلَوْ لَمْ [يَكُنْ
«٥»] فِي هَذَا، خَبَرٌ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ:
لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ
الْعُقُولُ تَعْلَمُ: أَنَّ الله لَا يبتديء خَلْقَ مَنْ كَرَّمَهُ وَأَسْكَنَهُ
جَنَّتَهُ مِنْ نَجَسٍ. [فَكَيْفَ «٦»] مَعَ مَا فِيهِ: مِنْ الْخَبَرِ، عَنْ
النَّبِيِّ ﷺ: «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ: قَدْ أَصَابَهُ الْمَنِيُّ
فَلَا يَغْسِلُهُ إنَّمَا يَمْسَحُ رَطْبًا، أَوْ يَحُتُّ «٧» يَابِسًا»: عَلَى
مَعْنَى التَّنْظِيفِ «٨» .
(١) فى الْأُم بعد ذَلِك: «ودلت سنه رَسُول الله
على مثل ذَلِك» ثمَّ ذكر حَدِيث عَائِشَة فى فرك المنى من ثوب رَسُول الله ﷺ
وَهُوَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ فى عبارَة الْإِمْلَاء الْآتِيَة.
(٢) فى
الأَصْل: «كرمه» وَقد راعينا فِيمَا أَثْبَتْنَاهُ، قَوْله: وَجعل مِنْهُم
وَظَاهر الْآيَة الْكَرِيمَة الذُّكُورَة بعد.
(٣) زِيَادَة لَا بَأْس
بهَا.
(٤) زِيَادَة لَا بَأْس بهَا.
(٥) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا.
(٦)
زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا. [.....]
(٧) فى الأَصْل: «أَو نعت»، وَهُوَ
تَحْرِيف من النَّاسِخ.
(٨) انْظُر الْأُم (ج ١ ص ٤٧- ٤٨) .
مَعَ
أَنَّ هَذَا: قَوْلُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ،
وَغَيْرِهِمْ ﵃ «١» .» .
(أَخْبَرَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ اللَّهُ ﵎:
(لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا: ٤- ٤٣) .
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ- فِي
قَوْلِ اللَّهِ ﷿:
(وَلا جُنُبًا إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) .-: لَا «٢»
تَقْرَبُوا مَوْضِعَ «٣» الصَّلَاةِ.
قَالَ: وَمَا أَشْبَهَ مَا قَالَ بِمَا
قَالَ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ «٤» فِي الصَّلَاةِ عُبُورُ سَبِيلٍ، إنَّمَا
عُبُورُ السَّبِيلِ: فِي مَوْضِعِهَا وَهُوَ: الْمَسْجِدُ «٥» . فَلَا بَأْسَ
أَنْ يَمُرَّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ مَارًّا «٦»، وَلَا يُقِيمُ فِيهِ.
لِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: (وَلا جُنُبًا إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) .» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: «لَا بَأْسَ أَنْ يَبِيتَ
الْمُشْرِكُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ: فَإِنَّ
اللَّهَ ﷿ يَقُولُ:
(إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ) (نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هَذَا: ٩- ٢٨) فَلَا يَنْبَغِي لِمُشْرِكٍ: أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بِحَالٍ «١» .» .
(١) انْظُر الْأُم (ج ١ ص ٤٨)، وذيل الْأُم (ج ١ ص ٤٩- ٥٠) .
(٢) هُنَا فى
الْأُم (ج ١ ص ٤٦) زِيَادَة: «قَالَ» . وَلَا دَاعِي لَهَا.
(٣) فى الْأُم:
«مَوَاضِع» .
(٤) فى الْأُم: «لِأَنَّهُ لَيْسَ» .
(٥) كَذَا
بِالْأُمِّ، وَعبارَة الأَصْل: «وهى فى الْمَسْجِد»، وَلَعَلَّ الصَّوَاب عبارَة
الْأُم.
(٦) أَي: عابرا.
(أَخْبَرَنَا) أَبُو سَعِيدٍ [أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ «٢»]، أَنَا
الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: «ذَكَرَ اللَّهُ (تَعَالَى) الْأَذَانَ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ:
(وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ: اتَّخَذُوها هُزُوًا وَلَعِبًا: ٥-
٥٨) وَقَالَ تَعَالَى: (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ:
فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ، وَذَرُوا الْبَيْعَ: ٦٢- ٩) .
فَأَوْجَبَ
اللَّهُ ﷿ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): إتْيَانَ الْجُمُعَةِ وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ: الْأَذَانَ لِلصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ. فَاحْتَمَلَ «٣»: أَنْ يَكُونَ
أَوْجَبَ إتْيَانَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ كَمَا أَمَرَنَا
«٤» بِإِتْيَانِ الْجُمُعَةِ، وَتَرْكِ الْبَيْعِ.
وَاحْتَمَلَ: أَنْ
يَكُونَ أَذِنَ بِهَا: لِتُصَلَّى لِوَقْتِهَا.»
«وَقَدْ جَمَعَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: مُسَافِرًا وَمُقِيمًا، خَائِفًا وَغَيْرَ خَائِفٍ. وَقَالَ (جَلَّ
ثَنَاؤُهُ) لِنَبِيِّهِ ﷺ: (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ، فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ:
فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) الْآيَةُ، وَاَلَّتِي بَعْدَهَا «٥» .
وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ
(١) انْظُر مَا ذكره- بعد ذَلِك- فى الْأُم
(ج ١ ص ٤٦)، فَإِنَّهُ مُفِيد.
(٢) زِيَادَة يدل عَلَيْهَا الْإِسْنَاد
السَّابِق واللاحق.
(٣) فى الأَصْل: «وَاحْتمل» . وَمَا أَثْبَتْنَاهُ
عبارَة الْأُم (ج ١ ص ١٣٦)، وهى أولى وَأحسن.
(٤) عبارَة الْأُم: «أَمر»
وَهِي أنسب.
(٥) تَمام الْمَتْرُوك: (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ، فَإِذا
سَجَدُوا: فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ، وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ
يُصَلُّوا، فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ،
وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ
فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً، وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ- إِنْ كانَ
بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ، أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى -: أَنْ تَضَعُوا
أَسْلِحَتَكُمْ، وَخُذُوا، حِذْرَكُمْ، إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ
عَذابًا مُهِينًا فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ: فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيامًا
وَقُعُودًا وَعَلى جُنُوبِكُمْ، فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ: فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ،
إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتابًا مَوْقُوتًا: ٤- ١٠٢ و١٠٣)
.
جَاءَ «١» الصَّلَاةَ: أَنْ يَأْتِيَهَا وَعَلَيْهِ
السَّكِينَةُ وَرَخَّصَ فِي تَرْكِ إتْيَانِ صَلَاةِ «٢» الْجَمَاعَةِ، فِي
الْعُذْرِ-: بِمَا سَأَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ.»
«فَأَشْبَهَ «٣» مَا
وَصَفْتُ-: مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.-: أَنْ لَا يَحِلَّ تَرْكُ أَنْ
تُصَلَّى كُلُّ مَكْتُوبَةٍ فِي جَمَاعَةٍ حَتَّى لَا تَخْلُوَ جَمَاعَةٌ:
مُقِيمُونَ، وَلَا مُسَافِرُونَ- مِنْ أَنْ تُصَلَّى فِيهِمْ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ
«٤» .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: «ذَكَرَ اللَّهُ (تَعَالَى) الِاسْتِئْذَانَ، فَقَالَ
فِي سِيَاقِ الْآيَةِ:
(وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ: فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا
اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: ٢٤- ٥٩) وَقَالَ: (وَابْتَلُوا الْيَتامى
حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ، فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا: فَادْفَعُوا
إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ: ٤- ٦) . فَلَمْ «٥» يَذْكُرْ
(١) فى الام: «أَتَى»
. [.....]
(٢) هَذِه الْكَلِمَة غير مثبتة فى الْأُم.
(٣) فى الْأُم:
«وأشبه»، وَمَا هُنَا أحسن.
(٤) انْظُر مَا اسْتدلَّ بِهِ لذَلِك- من
السّنة- فى الْأُم (ج ١ ص ١٣٦) .
(٥) فى الْأُم (ج ١ ص ٦٠): «وَلم» .
الرُّشْدَ-:
الَّذِي يَسْتَوْجِبُونَ بِهِ أَنْ نَدْفَعَ «١» إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ.- إلَّا
بَعْدَ بُلُوغِ النِّكَاحِ.»
«قَالَ: وَفَرَضَ اللَّهُ الْجِهَادَ،
فَأَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
أَنَّهُ «٢» [عَلَى «٣»] مَنْ اسْتَكْمَلَ «٤»
خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِأَنْ أَجَازَ ابْنُ عُمَرَ- عَامَ الْخَنْدَقِ-: ابْنَ
خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَرَدَّهُ- عَامَ أُحُدٍ-: ابْنَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ
سَنَةً.»
«قَالَ: فَإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ الْحُلُمَ، وَالْجَارِيَةُ
الْمَحِيضَ-: غَيْرَ مَغْلُوبِينَ عَلَى عُقُولِهِمَا.-: وَجَبَتْ «٥»
عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالْفَرَائِضُ كُلُّهَا: وَإِنْ كَانَا ابْنَيْ أَقَلَّ
مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً «٦» وَأُمِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالصَّلَاةِ:
إذَا عَقَلَهَا وَإِذَا «٧» لَمْ يَفْعَلَا «٨» لَمْ يَكُونَا كَمَنْ تَرَكَهَا
بَعْدَ الْبُلُوغِ وَأُدِّبَا «٩» عَلَى تَرْكِهَا «١٠» أَدَبًا خَفِيفًا.» .
(١)
فى الْأُم: «تدفع» .
(٢) فى الْأُم: «بِهِ» وَهُوَ خطأ.
(٣) زِيَادَة
لَا بُد مِنْهَا، عَن الْأُم (ج ١ ص ٦٠) .
(٤) فى الأَصْل: «استملك»: وَهُوَ
تَحْرِيف ظَاهر، والتصحيح عَن الْأُم.
(٥) فى الْأُم: «أوجبت» أَي: حكمت
بِالْوُجُوب.
(٦) فى الْأُم بعد ذَلِك: «وَجَبت عَلَيْهِمَا الصَّلَاة» وهى
زِيَادَة من النَّاسِخ. تضر فى فهم الْمَعْنى كَمَا لَا يخفى.
(٧) عبارَة
الْأُم: «فَإِذا» .
(٨) عبارَة الأَصْل وَالأُم: «يعقلا»، وهى محرفة
قطعا.
(٩) فى الأَصْل: «وأدبهما» وفى الْأُم: «وأؤدبهما»، وَهُوَ مُنَاسِب
لقَوْله:
«أوجبت»، وَغير مُنَاسِب لقَوْله: «وَأمر» . وَمَا أَثْبَتْنَاهُ
مُنَاسِب لقَوْله: «وَجَبت» وَلقَوْله: «وَأمر» . فَلْيتَأَمَّل.
(١٠) كَذَا
بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «تَركهمَا»، وَعبارَة الْأُم أظهر. [.....]
«قَالَ:
وَمَنْ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ بِعَارِضٍ أَوْ مَرَضٍ «١» أَيِّ مَرَضٍ كَانَ-:
ارْتَفَعَ «٢» عَنْهُ الْفَرْضُ. لِقَوْلِ»
اللَّهِ تَعَالَى: (وَاتَّقُونِ
يَا أُولِي الْأَلْبابِ: ٢- ١٩٧) وَقَوْلِهِ: (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُو
الْأَلْبابِ: ١٣- ١٩ و٣٩- ٩): وَإِنْ كَانَ مَعْقُولًا: أَنْ لَا يُخَاطَبَ «٤»
بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ إلَّا مَنْ عَقَلَهُمَا.» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ،
أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀:
«وَإِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ بِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ. وَصِبْيَانٍ ذُكُورٍ-:
فَصَلَاةُ النِّسَاءِ مُجْزِئَةٌ، وَصَلَاةُ الرِّجَالِ وَالصِّبْيَانِ
الذُّكُورِ غَيْرُ مُجْزِئَةٍ. لِأَنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) جَعَلَ الرِّجَالَ
قَوَّامِينَ عَلَى النِّسَاءِ، وَقَصَرهنَّ «٥» عَنْ أَنْ يَكُنَّ أَوْلِيَاءَ،
وَغَيْرَ ذَلِكَ. فَلَا «٦» يَجُوزُ: أَنْ تَكُونَ امْرَأَةٌ إمَامَ رَجُلٍ فِي
صَلَاةٍ، بِحَالٍ أَبَدًا.» .
وَبَسَطَ الْكَلَام فِيهِ هَاهُنَا «٧»، وَفِي
كِتَابِ الْقَدِيمِ.
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ
(١) فى الْأُم: بِعَارِض مرض» .
(٢)
كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «أَن يَقع»، وَهُوَ تَحْرِيف من النَّاسِخ.
(٣)
عبارَة الْأُم: «فى قَول»، وَعبارَة الأَصْل أصح أَو أظهر، فَلْيتَأَمَّل.
(٤)
فى الأَصْل: «وَإِن معقولا أَنه أَن لَا يُخَاطب»، وفى الام: «وَإِن كَانَ معقولا
لَا يُخَاطب» .
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ (ج ١ ص ١٤٥)، وَفِي الأَصْل: «وَقصر
بِهن» .
(٦) فى الام: «وَلَا»، وَمَا هُنَا أظهر.
(٧) فَانْظُرْهُ فى
الْأُم (ج ١ ص ١٤٥- ١٤٦) .
﵀: «التَّقْصِيرُ «١» لِمَنْ خَرَجَ
غَازِيًا خَائِفًا: فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿ «٢» .
قَالَ اللَّهُ جَلَّ
ثَنَاؤُهُ: (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ، فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ
تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا
إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا: ٤- ١٠١) .»
«قَالَ:
وَالْقَصْرُ لِمَنْ خَرَجَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ «٣»: فِي السُّنَّةِ «٤» .»
«قَالَ
الشَّافِعِيُّ: فَأَمَّا مَنْ خَرَجَ «٥»: بَاغِيًا عَلَى مُسلم، أَو معاهد أَوْ
يَقْطَعُ طَرِيقًا، أَوْ يُفْسِدُ فِي الْأَرْضِ أَو العَبْد يخرح: آبِقًا مِنْ
سَيِّدِهِ أَوْ الرَّجُلُ: هَارِبًا لِيَمْنَعَ دَمًا «٦» لَزِمَهُ، أَوْ مَا فِي
مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى، أَوْ غَيْرِهِ: مِنْ الْمَعْصِيَةِ.-: فَلَيْسَ لَهُ
أَنْ يَقْصُرَ [فَإِنْ قَصَرَ: أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا «٧» .] لِأَنَّ
الْقَصْرَ رُخْصَةٌ وَإِنَّمَا جُعِلَتْ الرُّخْصَةُ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ
عَاصِيًا: أَلَا تَرَى إلَى
(١) أَي: الْقصر، قَالَ النيسابورى فى تَفْسِيره
(ج ٥ ص ١٥٢): «يُقَال: قصر صلَاته، وأقصرها، وقصرها، بِمَعْنى» . وَقَالَ فى فتح
الْبَارِي (ج ٢ ص ٣٧٩): «تَقول: قصرت الصَّلَاة (بِفتْحَتَيْنِ مخففا) قصرا،
وقصرتها (بِالتَّشْدِيدِ) تقصيرا، وأقصرتها إقصارا. والاول أشهر فى
الِاسْتِعْمَال» . وَانْظُر تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج ٥ ص ١٥٧)، وَتَفْسِير
الآلوسى (ج ٥ ص ١١٩)، وَالْمُخْتَار.
(٢) انْظُر كَلَام الشَّافِعِي
الْمُتَعَلّق بذلك فى الْأُم (ج ١ ص ١٥٩) وفى اخْتِلَاف الحَدِيث بذيل الْأُم (ج
١ ص ١٦١) أَو بِهَامِش الام (ج ٧ ص ٦٨)، وتأمله.
(٣) عِبَارَته فى الام (ج ١
ص ١٦١): «وَسَوَاء فى الْقصر: الْمَرِيض وَالصَّحِيح، وَالْعَبْد وَالْحر،
وَالْأُنْثَى وَالذكر إِذا سافروا مَعًا فى غير مَعْصِيّة الله تَعَالَى» .
(٤)
انْظُر كَلَام الشَّافِعِي الْمُتَعَلّق بذلك فى الْأُم (ج ١ ص ١٥٩) وفى
اخْتِلَاف الحَدِيث بذيل الْأُم (ج ١ ص ١٦١) أَو بِهَامِش الام (ج ٧ ص ٦٨)،
وتأمله.
(٥) فى الْأُم: «سَافر» .
(٦) عبارَة الْأُم: «حَقًا» وهى
وَإِن كَانَت أَعم من عبارَة الأَصْل، إِلَّا أَن عبارَة الأَصْل أنسب لما
بعْدهَا. فليتامل.
(٧) الزِّيَادَة عَن الام. [.....]
قَوْلُ
اللَّهِ ﷿: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ: ٢-
١٧٣) .؟.»
«قَالَ: [وَ«١»] هَكَذَا: لَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَلَا
يَجْمَعُ الصَّلَاةَ مُسَافِرٌ فِي مَعْصِيَةٍ. وَهَكَذَا: لَا يُصَلِّي لِغَيْرِ
«٢» الْقِبْلَةِ نَافِلَةً وَلَا تَخْفِيفَ «٣» عَمَّنْ كَانَ سَفَرُهُ فِي
مَعْصِيَةِ اللَّهِ ﷿.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: وَأَكْرَهُ تَرْكَ
الْقَصْرِ، وَأَنْهَى عَنْهُ: إذَا كَانَ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ فِيهِ «٤» .»
. يَعْنِي «٥»: لِمَنْ خَرَجَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ.
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ
اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ- فِيمَا
أَخْبَرْتُ عَنْهُ-: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ، نَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ
الْأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀ - فِي قَوْله تَعَالَى: (فَلَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) .- قَالَ: [نَزَلَ
بِعُسْفَانَ] «٦»: مَوْضِعٍ بِخَيْبَرَ، فَلَمَّا ثَبَتَ: أَنَّ
(١)
الزِّيَادَة عَن الْأُم
(٢) فى الْأُم: «إِلَى غير» .
(٣) عبارَة الام.
«يُخَفف» وَعبارَته فى مُخْتَصر الْمُزنِيّ (ج ١ ص ١٢٧) .
«وَلَا تَخْفيف
على من سَفَره فى مَعْصِيّة» .
(٤) انْظُر الام (ج ١ ص ١٥٩، ومختصر
الْمُزنِيّ (ج ١ ص ١٢١) .
(٥) هَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ ﵀.
(٦)
هَذِه الزِّيَادَة لَا بُد مِنْهَا: لِأَن قَوْله: «مَوضِع بِخَيْبَر» نَاقص
مُحْتَاج إِلَى تَكْمِلَة وَلَعَلَّ مَا أَثْبَتْنَاهُ هُوَ الصَّحِيح
الْمَقْصُود: فقد ذكر فى تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج ٥ ص ١٥٦):
أَن آيَة الْقصر
نزلت بعسفان فَإِذا لاحظنا: أَن «عسفان» من أَعمال «الْفَرْع» (كَمَا ذكر فى
مُعْجم الْبكْرِيّ) وَأَن «الْفَرْع» ولَايَة بِالْمَدِينَةِ وَاقعَة على بعد
ثَمَانِيَة برد مِنْهَا (كَمَا ذكر فى مُعْجم ياقوت) وَأَن «خَيْبَر» وَاقعَة على
بعد ثَمَانِيَة برد من الْمَدِينَة أَيْضا (كَمَا ذكر الْبكْرِيّ وَيَاقُوت)
وَأَنَّهَا أشهر من «الْفَرْع» -: صَحَّ أَن يُقَال: إِن عسفان مَوضِع بِخَيْبَر
(أَي قريب مِنْهَا): وَإِن لم يكن من أَعمال خَيْبَر نَفسهَا.
رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ لَمْ يَزَلْ يَقْصُرُ مَخْرَجَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ
كَانَتْ السُّنَّةُ فِي التَّقْصِيرِ. فَلَوْ أتمّ رجل متعمد: مِنْ غَيْرِ أَنْ
يُخْطِئَ مِنْ قَصْرٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ. فَأَمَّا إنْ أَتَمَّ:
مُتَعَمِّدًا، مُنْكِرًا لِلتَّقْصِيرِ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ «١» .»
وَقَرَأْتُ-
فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْ الشَّافِعِيِّ-: «يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ: أَنْ
يَقْبَلَ صَدَقَةَ اللَّهِ «٢» وَيَقْصُرَ فَإِنْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ-: عَنْ
غَيْرِ رَغْبَةٍ عَنْ قَبُولِ رُخْصَةِ اللَّهِ ﷿.-: فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ
كَمَا يَكُونُ- إذَا صَامَ فِي السَّفَرِ-: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَقَدْ قَالَ
﷿: (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ
أُخَرَ: ٢- ١٨٤) . وَكَمَا تَكُونُ الرُّخْصَةُ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى: فَقَدْ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ
رَأْسِهِ: فَفِدْيَةٌ) الْآيَةُ «٣» . فَلَوْ تَرَكَ الْحَلْقَ وَالْفِدْيَةَ،
لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَأْسٌ: إذَا لَمْ يَدَعْهُ رَغْبَةً عَنْ رُخْصَةٍ.» .
(أَنَا)
أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ
يَعْقُوبَ، أَنَا الرَّبِيعُ
(١) انْظُر كَلَام الشَّافِعِي الْمُتَعَلّق
بذلك، فى اخْتِلَاف الحَدِيث بذيل الْأُم (ج ١ ص ١٦٦) أَو بِهَامِش الْأُم (ج ٧ ص
٧٥- ٧٦) .
(٢) اقتباس من قَول النَّبِي ﵇ فى حَدِيث يعلى بن أُميَّة
الْمَشْهُور الَّذِي ذكره الشَّافِعِي فى الْأُم (ج ١ ص ١٥٩) وفى اخْتِلَاف
الحَدِيث بذيل الْأُم (ج ١ ص ١٦١- ١٦٢) .
(٣) تَمامهَا: (مِنْ صِيامٍ أَوْ
صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى
الْحَجِّ: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ: فَصِيامُ
ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ
كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ
وَاتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ: ٢- ١٩٦) .
ابْن
سُلَيْمَانَ، أَنَا الشَّافِعِيُّ ﵀، قَالَ: «قَالَ الله ﷿: (وَإِذا ضَرَبْتُمْ
فِي الْأَرْضِ: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ)
الْآيَةُ.
قَالَ: فَكَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ: أَنَّ «١» قَصْرَ
الصَّلَاةِ- فِي الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ، وَالْخَوْفِ- تَخْفِيفٌ مِنْ اللَّهِ ﷿
عَنْ خَلْقِهِ لَا: أَنَّ فَرْضًا عَلَيْهِمْ أَنْ يَقْصُرُوا. كَمَا كَانَ
قَوْلُهُ «٢»: (لَا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ: مَا لَمْ
تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً: ٢- ٢٣٦) [رُخْصَةً «٣»] لَا:
أَنَّ حَتْمًا عَلَيْهِمْ أَنْ يُطَلِّقُوهُنَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ «٤» .
وَكَمَا «٥» كَانَ قَوْله تَعَالَى:
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ
تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ: ٢- ١٩٨) يُرِيدُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): أَنْ
تَتَّجِرُوا فِي الْحَجِّ لَا: أَنَّ حَتْمًا أَنْ تَتَّجِرُوا «٦» . وَكَمَا «٧»
كَانَ قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ «٨»: (أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ
بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ)
(١) عِبَارَته فى اخْتِلَاف الحَدِيث- بِهَامِش
الْأُم: (ج ٧ ص ٦٨) -: «أَن الْقصر فى السّفر- فى الْخَوْف وَغير الْخَوْف مَعًا-
رخصَة لَا: أَن الله فرض أَن تقصرُوا.» .
(٢) عِبَارَته فى اخْتِلَاف
الحَدِيث: «كَمَا كَانَ بَينا فى كتاب الله أَن قَوْله» وهى أنسب.
(٣)
زِيَادَة عَن اخْتِلَاف الحَدِيث، وَالأُم (ج ١ ص ١٥٩) .
(٤) عبارَة الْأُم:
«الْحَال»، وَعبارَته فى اخْتِلَاف الحَدِيث: «لَا أَن حتما من الله أَن يطلقوهن
من قبل أَن يمسوهن)» .
(٥) قَوْله: «وكما» إِلَى قَوْله: «لَا أَن حتما أَن
تتجروا»، غير مَوْجُود فى اخْتِلَاف الحَدِيث. [.....]
(٦) عبارَة الْأُم:
«لَا أَن حتما عَلَيْهِم أَن يتجروا»، وَعبارَة الأَصْل أنسب.
(٧) قَوْله:
«وكما» إِلَى قَوْله: «غَيرهم»، مُؤخر فى الْأُم، عَن القَوْل الَّذِي بعده.
(٨)
كَذَا بِالْأَصْلِ وبالأم، وَلَيْسَ هَذَا القَوْل من الْآيَة الْكَرِيمَة،
وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الشَّافِعِي (رضى الله عَنهُ): أَن يبين مُتَعَلق (أَن
تَأْكُلُوا) بِالْمَعْنَى. وَعبارَته فى اخْتِلَاف الحَدِيث «وكما كَانَ بَينا فى
كتاب الله [أَن] لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَأْكُلُوا، إِلَى جَمِيعًا وأشتاتا،
رخصه»، وهى أسلم وأوضح. وَعدم ذكر قَوْله: «رخصَة» فى الْأُم وَالْأَصْل،
لدلَالَة مَا قبل عَلَيْهِ.
(آبائِكُمْ: ٢٤- ٦١) «١» لَا: أَنَّ
حَتْمًا عَلَيْهِمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِهِمْ، وَلَا بُيُوتِ غَيْرِهِمْ.
وَكَمَا «٢» كَانَ قَوْلُهُ: (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لَا
يَرْجُونَ نِكاحًا: فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ
غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ: ٢٤- ٦٠) فَلَوْ «٣» لَبِسْنَ ثِيَابَهُنَّ
وَلَمْ يَضَعْنَهَا: مَا أَثِمْنَ.
وَقَوْلُ اللَّهِ ﷿: (لَيْسَ عَلَى
الْأَعْمى حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ)
يُقَالُ: نَزَلَتْ: (لَيْسَ عَلَيْهِمْ حَرَجٌ بِتَرْكِ الْغَزْوِ وَلَوْ غَزَوْا
مَا حَرِجُوا) .» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ:
«قَالَ اللَّهُ ﵎ «٤»: (وَشاهِدٍ
وَمَشْهُودٍ: ٨٥- ٣) . [قَالَ الشَّافِعِيُّ] «٥» أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ
مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ،
وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ-: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «شَاهِدٌ: يَوْمُ
الْجُمُعَةِ وَمَشْهُودٌ: يَوْمُ عَرَفَةَ «٦» .»
(١) عِبَارَته فى
اخْتِلَاف الحَدِيث: «لَا أَن الله تَعَالَى حتم عَلَيْهِم أَن يَأْكُلُوا من
بُيُوتهم وَلَا من بيُوت آبَائِهِم، وَلَا جَمِيعًا، وَلَا أشتاتا» .
(٢)
قَوْله: «وكما» إِلَى قَوْله: «حرجوا»، غير مَوْجُود باخْتلَاف الحَدِيث.
(٣)
قَوْله: «فَلَو» إِلَى قَوْله. «حرجوا» . غير مَوْجُود بِالْأُمِّ.
(٤) فى
الْأُم (ج ١ ص ١٦٧) زِيَادَة آيَة النداء الْآتِيَة بعد.
(٥) زِيَادَة عَن
الْأُم للايضاح.
(٦) أخرجه الْبَيْهَقِيّ فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٣ ص ١٧٠)
عَن أَبى هُرَيْرَة مَوْقُوفا بِلَفْظ: «الشَّاهِد، والمشهود»، وَعَن على
مَرْفُوعا بِلَفْظ: «الشَّاهِد: يَوْم عَرَفَة وَيَوْم الْجُمُعَة، والمشهود
هُوَ: الْيَوْم الْمَوْعُود: يَوْم الْقِيَامَة» وَأخرجه عَن أَبى هُرَيْرَة
أَيْضا مَرْفُوعا بِلَفْظ: «الْيَوْم الْمَوْعُود: يَوْم الْقِيَامَة،
وَالشَّاهِد: يَوْم الْجُمُعَة، والمشهود: يَوْم عَرَفَة.» .
وَبِهَذَا
الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ
مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ:
٦٢- ٩) . وَالْأَذَانُ- الَّذِي يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْجُمُعَةِ:
أَنْ يَذَرَ عِنْدَهُ الْبَيْعَ.-: الْأَذَانُ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَذَلِكَ: الْأَذَانُ الثَّانِي «١»: بَعْدَ الزَّوَالِ،
وَجُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ.» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ. قَالَ
الشَّافِعِيُّ: «وَمَعْقُولٌ: أَنَّ السَّعْيَ- فِي هَذَا الْمَوْضِعِ-:
الْعَمَلُ لَا «٢»: السَّعْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ. قَالَ اللَّهُ ﷿: (إِنَّ
سَعْيَكُمْ لَشَتَّى: ٩٢- ٤) وَقَالَ «٣» ﷿: (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى
لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ: ١٧- ١٩) وَقَالَ: (وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا:
٧٦- ٢٢) وَقَالَ تَعَالَى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا مَا سَعى: ٥٣- ٣٩)
وَقَالَ: (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها: ٢- ٢٠٥) .
وَقَالَ زُهَيْرٌ «٤»:
(١) عبارَة الْأُم (ج ١ ص ١٧٣): «الَّذِي» .
(٢)
قَوْله: «لَا السعى على الْأَقْدَام» غير مَوْجُود بِالْأُمِّ. وموجود بالسنن
الْكُبْرَى (ج ٣ ص ٢٢٧) .
(٣) قَوْله: «وَقَالَ» إِلَى «مشكورا» غير
مَوْجُود بِالْأُمِّ، وموجود بالسنن الْكُبْرَى.
(٤) فى لاميته الجيدة
الَّتِي مدح بهَا هرم بن سِنَان والْحَارث بن عَوْف (انْظُر شرح ثَعْلَب لديوان
زُهَيْر: ص ٩٦- ١١٥) .
سَعَى بَعْدَهُمْ قَوْمٌ لِكَيْ
يُدْرِكُوهُمْ «١» فَلَمْ يَفْعَلُوا «٢»، وَلَمْ يُلَامُوا «٣»، وَلَمْ يَأْلُوا
[وَمَا يَكُ «٤» مِنْ خَيْرٍ أَتَوْهُ: فَإِنَّمَا تَوَارَثَهُ آبَاءُ آبَائِهِمْ
قَبْلُ وَهَلْ يَحْمِلُ «٥» الْخَطِّيَّ إلَّا وَشِيجُهُ وَتُغْرَسُ- إلَّا فِي
مَنَابِتِهَا- النَّخْلُ] «٦»
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْها
وَتَرَكُوكَ قائِمًا: ٦٢- ١١) . قَالَ «٧»:
وَلَمْ «٨» أَعْلَمْ مُخَالِفًا:
أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي خُطْبَةِ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ الْجُمُعَةِ «٩» .» .
قَالَ
الشَّيْخُ: فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ وَغَيْرِهِ- عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ
بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ-:- «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَخْطُبُ
يَوْمَ الْجُمُعَةِ
(١) فى الأَصْل: «يدركونهم» وَزِيَادَة النُّون خطأ لَا
ضَرُورَة لارتكابه. [.....]
(٢) هَذِه رِوَايَة الدِّيوَان وَالأُم (ج ١ ص
١٧٤)، وفى الأَصْل: «يدركونهم»، وَلَعَلَّ النَّاسِخ روى بِالْمَعْنَى وَلم
يتَنَبَّه إِلَى أَن زِيَادَة «هم» تخل بِالْوَزْنِ.
(٣) هَذِه رِوَايَة
الأَصْل، وهى مُوَافقَة لرِوَايَة ثَعْلَب. وَرِوَايَة الْأُم: «وَلم يليموا»
أَي: لم يَأْتُوا مَا يلامون عَلَيْهِ.- وهى مواقفة لرِوَايَة الْأَصْمَعِي
والشنتمرى.
(٤) رِوَايَة الشنتمرى «فمايك»، وَرِوَايَة ثَعْلَب: «فَمَا
كَانَ» .
(٥) رِوَايَة الدِّيوَان: «ينْبت» .
(٦) زِيَادَة عَن
الرّبيع، أثبتناها لجودتها.
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ (ج ١ ص ١٧٦) . وفى
الأَصْل: «وَقَالَ» .
(٨) فى الْأُم: «فَلم» .
(٩) انْظُر فى الْأُم (ج
١ ص ١٧٧) مَا ذكره الشَّافِعِي فى سَبَب نزُول الْآيَة، غير مَا ذكر هُنَا.
قَائِمًا،
فَانْفَتَلَ «١» [النَّاسُ «٢»] إلَيْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَهُ إلَّا اثْنَا
عَشَرَ رَجُلًا. فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ» .
وَفِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ
عُجْرَةَ «٣»: دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ نُزُولَهَا كَانَ فِي خُطْبَتِهِ قَائِمًا.
قَالَ «٤»: وَفِي حَدِيثِ حُصَيْنٍ «٥»: «بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي الْجُمُعَةَ»
فَإِنَّهُ عَبَّرَ بِالصَّلَاةِ عَنْ الْخُطْبَةِ.
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ،
قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ
فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ: ٤- ١٠٢) .
قَالَ
الشَّافِعِيُّ: فَأَمَرَهُمْ-: خَائِفِينَ، مَحْرُوسِينَ.-: بِالصَّلَاةِ فَدَلَّ
ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ: لِلْجِهَةِ الَّتِي وُجُوهُهُمْ
لَهَا: مِنْ الْقِبْلَةِ.» .
«وَقَالَ تَعَالَى: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا
أَوْ رُكْبانًا: ٢- ٢٣٩) .
فَدَلَّ إرْخَاصُهُ- فِي أَنْ يُصَلُّوا رِجَالًا
أَوْ رُكْبَانًا-: عَلَى أَنَّ الْحَالَ الَّتِي أَجَازَ لَهُمْ فِيهَا: أَنْ «٦»
يُصَلُّوا رِجَالًا وَرُكْبَانًا مِنْ الْخَوْفِ غَيْرُ الْحَالِ الْأُولَى
الَّتِي
(١) كَذَا بِالْأَصْلِ. أَي انْصَرف، وفى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٣ ص
١٩٧): «فانتقل» .
(٢) الزِّيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى.
(٣) حَيْثُ
يَقُول فى عبد الرَّحْمَن بن الحكم: «انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْخَبيث: يخْطب
قَاعِدا: وَقد قَالَ الله ﷿: (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا
إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِمًا) .»،
انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٣ ص ١٩٦-
١٩٧):
(٤) الظَّاهِر أَن الْقَائِل الْبَيْهَقِيّ.
(٥) أَي: فِيهِ
دلَالَة كَذَلِك على أَن نزُول الْآيَة كَانَ فى الْخطْبَة قَائِما وَقَوله:
فَإِنَّهُ إِلَخ: توضيح لوجه الدّلَالَة.
(٦) فى الأَصْل، «بِأَن»، وَمَا
أَثْبَتْنَاهُ أولى، وموافق لما فى الْأُم (ج ١ ص ١٩٧) . [.....]
أَمَرَهُمْ
فِيهَا: بِأَنْ يَحْرُسَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. فَعِلْمنَا: أَنَّ الْخَوْفَيْنِ
مُخْتَلِفَانِ، وَأَنَّ الْخَوْفَ الْآخَرَ-: الَّذِي أَذِنَ لَهُمْ فِيهِ أَنْ
يُصَلُّوا رِجَالًا وَرُكْبَانًا.- لَا يَكُونُ إلَّا أَشَدَّ [مِنْ] الْخَوْفِ
الْأَوَّلِ «١» . وَدَلَّ: عَلَى أَنَّ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا حَيْثُ
تَوَجَّهُوا: مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا فِي هَذِهِ
الْحَالِ وَقُعُودًا عَلَى الدَّوَابِّ، وَقِيَامًا عَلَى الْأَقْدَامِ «٢» .
وَدَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ السُّنَّةُ.» . فَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ
«٣» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ،
أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ- فِي قَوْلِهِ ﷿: (فَإِذا سَجَدُوا:
فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ: ٤- ١٠٢) -.
قَالَ: «فَاحْتَمَلَ «٤»: أَنْ
يَكُونُوا إذَا سَجَدُوا مَا عَلَيْهِمْ: مِنْ السُّجُودِ كُلِّهِ كَانُوا «٥»
مِنْ وَرَائِهِمْ. وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى مَا احْتَمَلَ الْقُرْآنُ مِنْ
هَذَا فَكَانَ أُولَى مَعَانِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ» .
(أَنَا) أَبُو
سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا
الشَّافِعِيُّ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ ﵎ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ: (وَلِتُكْمِلُوا
الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى مَا هَداكُمْ: ٢- ١٨٥) . قَالَ:
فَسَمِعْتُ مَنْ
(١) انْظُر الام (ج ١ ص ١٩٠ و١٩٧) .
(٢) انْظُر الام
(ج ١ ص ١٩٧) ومختصر الْمُزنِيّ (ج ١ ص ١٤٤- ١٤٥) .
(٣) اُنْظُرْهُ فى الْأُم
(ج ١ ص ١٩٧) .
(٤) عِبَارَته فى الْأُم (ج ١ ص ١٨٧): وَاحْتمل قَول الله ﷿:
(فَإِذا سَجَدُوا):
إِذا سجدوا مَا عَلَيْهِم: من سُجُود الصَّلَاة كُله.
ودلت على ذَلِك سنة رَسُول الله ﷺ، مَعَ دلَالَة كتاب الله ﷿» .
(٥) كَذَا
بِالْأَصْلِ، ولعلها زَائِدَة:
أَرْضَى-: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
بِالْقُرْآنِ.- يَقُولُ «١»: (لتكملوا [الْعِدَّةَ] «٢»):
عِدَّةَ صَوْمِ
شَهْرِ رَمَضَانَ (وَلِتُكَبِّرُوا «٣» اللَّهَ): عِنْدَ إكْمَالِهِ (عَلى مَا
هَداكُمْ) وَإِكْمَالُهُ: مَغِيبُ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ
رَمَضَانَ. وَمَا أَشْبَهَ مَا قَالَ، بِمَا قَالَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.» .
(أَنَا)
أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ،
[أَنَا الرَّبِيعُ «٤»]، أَنَا الشَّافِعِيُّ، [قَالَ»
]: «قَالَ اللَّهُ ﵎:
(وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا
لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ) الْآيَةُ
«٦» وَقَالَ: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ
وَالنَّهارِ، وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ) الْآيَةُ «٧» مَعَ مَا
ذَكَرَ اللَّهُ-: مِنْ الْآيَاتِ.- فِي كِتَابِهِ.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ:
فَذَكَرَ اللَّهُ الْآيَاتِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهَا سُجُودًا إلَّا مَعَ
الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَأَمَرَ: بِأَنْ لَا يُسْجَدَ لَهُمَا وَأَمَرَ: بِأَنْ
يُسْجَدَ لَهُ. فَاحْتَمَلَ [أَمْرُهُ] «٨»: أَنْ يُسْجَدَ لَهُ عِنْدَ «٩»
ذِكْرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ.-: أَنْ
(١) فى الْأُم (ج ١ ص ٢٠٥): «أَن
يَقُول»، وَلَعَلَّ «أَن» زَائِدَة من النَّاسِخ.
(٢) زِيَادَة عَن
الْأُم.
(٣) فى الْأُم: «تكبروا» .
(٤) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ١ ص
٢١٤) .
(٥) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ١ ص ٢١٤) .
(٦) تَمامهَا: (إِنْ
كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ: ٤١- ٣٧) . وَقد زَاد فى الْأُم الْآيَة التالية
لَهَا.
(٧) تَمامهَا: (بِما يَنْفَعُ النَّاسَ، وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ
السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ
كُلِّ دَابَّةٍ، وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ
السَّماءِ وَالْأَرْضِ- لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ: ٢- ١٦٤) .
(٨)
الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ١ ص ٢١٤) .
(٩) قَوْله: عِنْد إِلَخ مُتَعَلق
بقوله: «أمره» فَلْيتَأَمَّل. [.....]
أَمَرَ «١» بِالصَّلَاةِ
عِنْدَ حَادِثٍ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. وَاحْتَمَلَ: أَنْ يَكُونَ إنَّمَا
نَهَى عَنْ السُّجُودِ لَهُمَا كَمَا نَهَى عَنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ.
فَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ «٢» ﷺ: عَلَى أَنْ يُصَلَّى لِلَّهِ عِنْدَ
كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. فَأَشْبَهَ «٣» ذَلِكَ مَعْنَيَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا):
أَنْ يصلّى عِنْد كسوفهما [لَا يَخْتَلِفَانِ فِي ذَلِكَ] «٤»
وَ[ثَانِيهِمَا]:
أَنْ لَا يُؤْمَرَ «٥» - عِنْدَ آيَةٍ كَانَتْ فِي
غَيْرِهِمَا- بِالصَّلَاةِ كَمَا أُمِرَ بِهَا عِنْدَهُمَا.
لِأَنَّ اللَّهَ
لَمْ يَذْكُرْ فِي شَيْءٍ-: مِنْ الْآيَاتِ.- صَلَاةً. وَالصَّلَاةُ- فِي كُلِّ
حَالٍ- طَاعَةٌ [لِلَّهِ ﵎] «٦»، وَغِبْطَةٌ لِمَنْ صَلَّاهَا. فَيُصَلَّى-
عِنْدَ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ- صَلَاةُ جَمَاعَةٍ وَلَا يُفْعَلُ ذَلِكَ
فِي شَيْءٍ: مِنْ الْآيَاتِ غَيْرِهِمَا.» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ
الشَّافِعِيُّ: «أَنَا الثِّقَةُ «٧»: أَنَّ مُجَاهِدًا كَانَ يَقُولُ:
(١)
كَذَا بِالْأَصْلِ وفى الْأُم (ج ١ ص ٢١٤): «بِأَن يَأْمر» وَمَا فى الأَصْل هُوَ
الظَّاهِر.
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «فَدلَّ رَسُول الله»، وَمَا
فى الْأُم أولى.
(٣) أَي: غلب على الظَّن أَن ذَلِك يدل عَليّ مَجْمُوع
أَمريْن. فَلْيتَأَمَّل.
(٤) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٥) الزِّيَادَة
عَن الْأُم.
(٦) فى الأَصْل وَالأُم: «وَأَن لَا يُؤمر»، فَزِيَادَة
«ثَانِيهمَا» للايضاح.
(٧) قَالَ الإِمَام الْحَافِظ أَبُو حَاتِم
الرَّازِيّ ﵀: «إِذا قَالَ الشَّافِعِي: أخبرنى الثِّقَة عَن ابْن أَبى ذِئْب،
فَهُوَ: ابْن أَبى فديك. وَإِذا قَالَ: الثِّقَة عَن اللَّيْث بن سعد، فَهُوَ:
يحيى ابْن حسان. وَإِذا قَالَ: الثِّقَة عَن الْوَلِيد بن كثير، فَهُوَ: عمر بن
سَلمَة. وَإِذا قَالَ: الثِّقَة فَهُوَ: مُسلم بن خَالِد الزنْجِي، وَإِذا قَالَ:
الثِّقَة عَن صَالح مولى التوأمه، فَهُوَ: إِبْرَاهِيم بن يحيى.» . اهـ انْظُر
هَامِش الْأُم (ج ١ ص ٢٢٣) .
الرَّعْدُ: مَلَكٌ وَالْبَرْقُ:
أَجْنِحَةُ الْمَلَكِ يَسُقْنَ السَّحَابَ «١» . قَالَ الشَّافِعِيُّ:
مَا
أَشْبَهَ مَا قَالَ مُجَاهِدٌ، بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ.» .
وَبِهَذَا
الْإِسْنَادِ، أَنَا الشَّافِعِيُّ: «أَنَا الثِّقَةُ عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّهُ
قَالَ: مَا سَمِعْتُ بِأَحَدٍ ذَهَبَ الْبَرْقُ بِبَصَرِهِ. كَأَنَّهُ ذَهَبَ
إلَى قَوْله تَعَالَى: (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ: ٢- ٢٠) .»
«قَالَ:
وَبَلَغَنِي عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ تُصِيبُهُ
الصَّوَاعِقُ وَكَأَنَّهُ «٢» ذَهَبَ إلَى قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (وَيُرْسِلُ
الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ: ١٣- ١٣) . وَسَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ:
الصَّوَاعِقُ رُبَّمَا قَتَلَتْ وَأَحْرَقَتْ.» .
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ،
قَالَ: أَنَا الشَّافِعِيُّ: «أَنَا مَنْ لَا أُتَّهَمُ «٣»، نَا الْعَلَاءُ ابْن
رَاشِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: مَا هَبَّتْ رِيحٌ
قَطُّ إلَّا جَثَا النَّبِيُّ ﷺ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ:
اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلَا
(١) كَذَا بِالْأُمِّ (ج ١ ص ٢٢٤)، وفى الأَصْل:
«أَجْنِحَة لسقى السَّحَاب»، وَقَوله:
لسقى، محرف عَن: «لسوق»، إِذْ
السَّحَاب إِنَّمَا يسقى من بخار الْبَحْر كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِك الطَّائِي
فى قَوْله:
كالبحر يمطره السَّحَاب، وَلَيْسَ من فضل عَلَيْهِ: لِأَنَّهُ من
مَائه
(٢) فى الْأُم: «كَأَنَّهُ» .
(٣) قَالَ الرّبيع بن سُلَيْمَان
﵀: «إِذا قَالَ الشَّافِعِي: أخبرنى من لَا أتهم، يُرِيد:
إِبْرَاهِيم بن
يحيى. وَإِذا قَالَ: بعض أَصْحَابنَا، يُرِيد: أهل الْحجاز.»، وفى رِوَايَة:
«يُرِيد:
أَصْحَاب مَالك ﵀.» . اهـ انْظُر هَامِش الْأُم (ج ١ ص ٢٢٣) .
تَجْعَلْهَا
عَذَابًا. اللَّهُمَّ: اجْعَلْهَا رِيَاحًا، وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا.» . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ «١»:
فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿: ([إِنَّا] «٢» أَرْسَلْنا
عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا: ٥٤- ١٩)، وَ: (أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ
الْعَقِيمَ: ٥١- ٤١) وَقَالَ: (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ: ١٥- ٢٢) و:
أرسلنَا «٣» (الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ: ٣٠- ٤٦) .» .
(١) بَيَانا للْحَدِيث
الشريف
(٢) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ١ ص ٢٢٤) .
(٣) هَذَا بَيَان
لِلْعَامِلِ فى قَوْله: «الرِّيَاح»، وَإِلَّا فَلفظ الْآيَة الْكَرِيمَة
هَكَذَا: (وَمن آيَاته أَن يُرْسل الرِّيَاح لَوَاقِح) . وَكَثِيرًا مَا يَقع
هَذَا فى عِبَارَات الْقَوْم فليتنبه لَهُ.
«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي الزَّكَاةِ «١»»
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀ - فِي قَوْلِهِ ﷿: (فَوَيْلٌ
لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ
وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ: ١٠٧- ٤- ٧) .- قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَقَالَ «٢»
بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: هِيَ: الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ «٣» .» .
(أَنَا)
أَبُو سَعِيد، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ
الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ اللَّه ﷿: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ
وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ-: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ
أَلِيمٍ: ٩- ٣٤) فَأَبَانَ: أَنَّ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ زَكَاةً «٤» .
وَقَوْلُ اللَّهِ ﷿: (وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ) [يَعْنِي] «٥» -
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ-: فِي سَبِيلِهِ الَّتِي فَرَضَ: مِنْ الزَّكَاةِ
وَغَيْرِهَا.»
(١) هَذَا العنوان كَانَ فى الأَصْل وَاقعا قبل الْإِسْنَاد
الثَّانِي، فَرَأَيْنَا أَن الْأَنْسَب تَقْدِيمه على الأول. [.....]
(٢) فى
الرسَالَة (ص ١٨٧): «فَقَالَ» .
(٣) تَفْسِير الماعون بِالزَّكَاةِ مأثور
عَن بعض الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ: كعلى وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس. (فى
رِوَايَة عَنهُ) وَمُجاهد وَابْن جُبَير (فى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا)
وَابْن الحنيفة وَالْحسن وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك. وَذهب غَيرهم: إِلَى أَنه
الْمَتَاع الَّذِي يتعاطاه النَّاس، أَو الزَّكَاة وَالْمَتَاع، أَو الطَّاعَة،
أَو الْمَعْرُوف أَو المَال. انْظُر تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج ٣٠ ص ٢٠٣- ٢٠٦)
وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٤ ص ١٨٣- ١٨٤ وَج ٦ ص ٨٧- ٨٨) .
(٤) انْظُر الْأُم
(ج ٢ ص ٢) فَالْكَلَام فِيهَا أطول وأفيد.
(٥) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
«فَأَمَّا
«١» دَفْنُ الْمَالِ: فَضَرْبٌ [مِنْ «٢»] إحْرَازِهِ وَإِذَا حَلَّ إحْرَازُهُ
بِشَيْءٍ: حَلَّ بِالدَّفْنِ وَغَيْرِهِ.» . وَاحْتَجَّ فِيهِ: بِابْنِ عُمَرَ
وَغَيْرِهِ «٣» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، نَا
الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: «النَّاسُ عَبِيدُ اللَّهِ (جَلَّ
ثَنَاؤُهُ) فَمَلَّكَهُمْ مَا شَاءَ أَنْ يُمَلِّكَهُمْ، وَفَرَضَ عَلَيْهِمْ-
فِيمَا مَلَّكَهُمْ- مَا شَاءَ: (لَا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَهُمْ
يُسْئَلُونَ «٤») .
فَكَانَ فِيمَا «٥» آتَاهُمْ، أَكْثَرَ مِمَّا جَعَلَ
عَلَيْهِمْ فِيهِ وَكُلٌّ: أَنْعَمَ بِهِ «٦» عَلَيْهِمْ، (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) .
وَكَانَ «٧» - فِيمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ، فِيمَا مَلَّكَهُمْ-: زَكَاةٌ
أَبَانَ:
[أَنَّ «٨»] فِي أَمْوَالِهِمْ حَقًّا لِغَيْرِهِمْ- فِي وَقْتٍ-
عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ﷺ .»
(١) فى الْأُم: «وَأما» .
(٢)
الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٣) كَابْن مَسْعُود وأبى هُرَيْرَة رضى الله
عَنْهُم انْظُر أَقْوَالهم فى الْأُم (ج ٢ ص ٢- ٣) وَانْظُر السّنَن الْكُبْرَى
(ج ٤ ص ٨٢- ٨٣) .
(٤) سُورَة الْأَنْبِيَاء: (٢٣) .
(٥) كَذَا
بِالْأَصْلِ وَالأُم (ج ٢ ص ٢٣) وَالْمرَاد: وَكَانَ الْبَاقِي لَهُم من أصل مَا
آتَاهُم، أَزِيد مِمَّا وَجب عَلَيْهِم إِخْرَاجه مِنْهُ.
(٦) فى الأَصْل
وَالأُم: «فِيهِ» .
(٧) فى الْأُم: «فَكَانَ» وَيُرِيد الشَّافِعِي (رضى
الله عَنهُ) بذلك، أَن يَقُول: إِن الْأَشْيَاء الَّتِي قد ملكهَا الله للعباد،
قد أوجب عَلَيْهِم فِيهَا حقوقا كَثِيرَة وَمن هَذِه الْحُقُوق:
الزَّكَاة.
ثمَّ لما كَانَ فرض الزَّكَاة- فى الْكتاب الْكَرِيم- مُجملا غير مُبين وَلَا
مُقَيّد بِوَقْت وَلَا غَيره-: أَرَادَ الشَّافِعِي أَن يبين لنا أَن الله قد
بَين ذَلِك على لِسَان رَسُوله ﷺ، فَقَالَ: «أبان» إِلَخ.
(٨) الزِّيَادَة
عَن الْأُم (ج ٢ ص ٢٣) .
«فَكَانَ «١» حَلَالًا لَهُمْ مِلْكُ
الْأَمْوَالِ وَحَرَامًا عَلَيْهِمْ حَبْسُ الزَّكَاةِ:
لِأَنَّهُ
مَلَّكَهَا غَيْرَهُمْ فِي وَقْتٍ، كَمَا مَلَّكَهُمْ أَمْوَالَهُمْ، دُونَ
غَيْرِهِمْ.» .
«فَكَانَ بَيِّنًا- فِيمَا وَصَفْتُ، وَفِي قَوْلِ اللَّهِ
﷿: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً [تُطَهِّرُهُمْ «٢»]: ٩- ١٠٣) .-: أَنَّ
كُلَّ مَالِكٍ تَامِّ «٣» الْمِلْكِ-: مِنْ حُرٍّ «٤» - لَهُ مَالٌ: فِيهِ
زَكَاةٌ.» . وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ «٥»
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ
الشَّافِعِيُّ- فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ فِي بَابِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ «٦»، فِي
قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (وَآتُوا حَقَّهُ «٧» يَوْمَ حَصادِهِ: ٦- ١٤١) -: «وَهَذَا
دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ الزَّكَاةَ عَلَى الزَّرْعِ «٨»» .
وَإِنَّمَا «٩» قَصَدَ: إسْقَاطَ الزَّكَاةِ عَنْ حِنْطَةٍ حَصَلَتْ فِي يَدِهِ
مِنْ غَيْرِ زِرَاعَةٍ.
(١) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «وَكَانَ»: وَمَا
فى الْأُم أظهر.
(٢) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٢ ص ٢٣) [.....]
(٣)
كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «قَامَ» وَهُوَ تَحْرِيف ظَاهر.
(٤) فى
الأَصْل: «خر»، وَهُوَ تَحْرِيف ظَاهر، والتصحيح عَن الْأُم.
(٥) اُنْظُرْهُ
فى الْأُم (ج ٢ ص ٢٣- ٢٤) .
(٦) من الْأُم (ج ٢ ص ٣١) .
(٧) انْظُر فى
السّنَن الْكُبْرَى (ج ٤ ص ١٣٢- ١٣٣) الْآثَار الَّتِي وَردت فى المُرَاد
بِالْحَقِّ هُنَا: أهوَ الزَّكَاة؟ أم غَيرهَا؟
(٨) انْظُر فى وَقت
الْأَخْذ، الرسَالَة (ص ١٩٥) وَالأُم (ج ٢ ص ٣١) .
(٩) هَذَا من كَلَام
الْبَيْهَقِيّ ﵀، وَقَوله: «قصد» إِلَخ، أَي قصد الشَّافِعِي بِكَلَامِهِ هَذَا،
مَعَ كَلَامه السَّابِق الَّذِي لم يُورِدهُ الْبَيْهَقِيّ هُنَا.
وَبِهَذَا
الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ ﷿ لِنَبِيِّهِ ﷺ:
(خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها، وَصَلِّ
عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) . قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالصَّلَاةُ
عَلَيْهِمْ:
الدُّعَاء لَهُم عِنْد أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْهُمْ.»
«فَحُقَّ
عَلَى الْوَالِي- إذَا أَخذ صَدَقَة امرى-: أَنْ يَدْعُو لَهُ وَأُحِبُّ أَنْ
يَقُولَ: آجَرَكَ «١» اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَجَعَلَهَا لَكَ طَهُورًا
وَبَارَكَ لَكَ فِيمَا أَبْقَيْتَ «٢» .»
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: أَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ، وَلَسْتُمْ
بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ: ٢- ٢٦٧ «٣») .
يَعْنِي
(وَاَللَّهُ أَعْلَمُ): لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ «٤» لِأَنْفُسِكُمْ مِمَّنْ لَكُمْ
عَلَيْهِ حَقٌّ فَلَا تُنْفِقُوا مِمَّا «٥» لَمْ تَأْخُذُوا لِأَنْفُسِكُمْ
يَعْنِي: [لَا «٦»] تُعْطُوا مَا خَبُثَ عَلَيْكُمْ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ):
وَعِنْدَكُمْ
الطَّيِّبُ.» .
(١) فى الْأُم «أجرك»، وَكِلَاهُمَا صَحِيح، ومعناهما
وَاحِد. انْظُر الْمُخْتَار (مَادَّة أجر) .
(٢) فى الْأُم بعد ذَلِك:
«وَمَا دَعَا لَهُ بِهِ أَجزَأَهُ إِن شَاءَ الله» وَانْظُر مَا ورد فى ذَلِك، فى
السّنَن الْكُبْرَى (ج ٤ ص ١٥٧) .
(٣) انْظُر سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة، فى
السّنَن الْكُبْرَى (ج ٤ ص ١٣٦) .
(٤) فى الْأُم (ج ٢ ص ٤٩): «تأخذون» وَلَا
ذكر فِيهَا لقَوْله: «لَسْتُم» .
(٥) عبارَة الْأُم: «مَا لَا تأخذون
لأنفسكم» .
(٦) زِيَادَة عَن الْأُم، قد تكون متعينة.
«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي الصِّيَامِ»
قَرَأْتُ- فِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيّ، عَنْ الشَّافِعِيِّ- أَنَّهُ قَالَ:
«قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ
عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُوداتٍ:
٢- ١٨٣- ١٨٤) ثُمَّ أَبَانَ: أَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ:
شَهْرُ رَمَضَانَ
«١» بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ
«٢») إلَى قَوْله تَعَالَى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ: فَلْيَصُمْهُ: ٢-
١٨٥) .» .
«وَكَانَ بَيِّنًا- فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿: [أَنَّهُ «٣»] لَا
يَجِبُ صَوْمٌ، إلَّا صَوْمَ شهر رَمَضَانَ. وَكَانَ عِلْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ-
عِنْدَ مَنْ خُوطِبَ بِاللِّسَانِ-:
أَنَّهُ الَّذِي بَيْنَ شَعْبَانَ
وَشَوَّالٍ «٤» .» .
وَذَكَرَهُ- فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ-
بِمَعْنَاهُ، وَزَادَ قَالَ: «فَلَمَّا أَعْلَمَ اللَّهُ النَّاسَ: أَنَّ فَرْضَ
الصَّوْمِ عَلَيْهِمْ: شَهْرُ رَمَضَانَ وَكَانَتْ الْأَعَاجِمُ «٥»: تَعُدُّ
الشُّهُورَ بِالْأَيَّامِ «٦»، لَا بِالْأَهِلَّةِ وَتَذْهَبُ: إلَى أَنَّ
الْحِسَابَ- إذَا عُدَّتْ الشُّهُورُ بِالْأَهِلَّةِ- يَخْتَلِفُ.-: فَأَبَانَ
اللَّهُ تَعَالَى: أَنَّ الْأَهِلَّةَ هِيَ: الْمَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ
(١)
انْظُر الرسَالَة (ص ١٥٧) وَاخْتِلَاف الحَدِيث بِهَامِش الْأُم (ج ٧ ص- ١٠٥) .
[.....]
(٢) تَمام الْمَتْرُوك: (هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى
وَالْفُرْقانِ) .
(٣) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا.
(٤) انْظُر الرسَالَة
(ص ١٥٧- ١٥٨) .
(٥) مُرَاده بالأعاجم: الْفرس وَالروم والقبط لَا خُصُوص
الْفرس.
(٦) فتجعل بعض الشُّهُور ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَبَعضهَا أَكثر،
وَبَعضهَا أقل. انْظُر تَفْسِير الشوكانى (ج ٢ ص ٣٤٢) .
وَالْحَجِّ
«١» وَذَكَرَ الشُّهُورَ، فَقَالَ: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ
اثْنا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتابِ اللَّهِ: ٩- ٣٦) فَدَلَّ: عَلَى أَنَّ
الشُّهُورَ لِلْأَهِلَّةِ-: إذْ جَعَلَهَا الْمَوَاقِيتَ.- لَا مَا ذَهَبَتْ
إلَيْهِ الْأَعَاجِمُ: مِنْ الْعَدَدِ بِغَيْرِ الْأَهِلَّةِ.»
«ثُمَّ
بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَلِكَ، عَلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ وَبَيَّنَ:
أَنَّ الشَّهْرَ: تِسْعٌ وَعِشْرُونَ يَعْنِي: أَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ
تِسْعًا وَعِشْرِينَ. وَذَلِكَ: أَنَّهُمْ قَدْ يَكُونُونَ يَعْلَمُونَ: أَنَّ
الشَّهْرَ يَكُونُ ثَلَاثِينَ فَأَعْلَمَهُمْ: أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ تِسْعًا
وَعِشْرِينَ «٢» وَأَعْلَمَهُمْ: أَنَّ ذَلِكَ لِلْأَهِلَّةِ «٣» .» .
(أَخْبَرَنَا)
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا الْعَبَّاس، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ (تَعَالَى) فِي فَرْضِ الصَّوْمِ: (شَهْرُ
رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) إلَى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ
الشَّهْرَ: فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضًا، أَوْ عَلى سَفَرٍ: فَعِدَّةٌ مِنْ
أَيَّامٍ أُخَرَ: ٢- ١٨٥)» «فَبَيَّنَ «٤» - فِي الْآيَةِ-: أَنَّهُ فَرَضَ
الصِّيَامَ عَلَيْهِمْ عِدَّةً «٥»، وَجَعَلَ «٦» لَهُمْ: أَنْ يُفْطِرُوا
فِيهَا: مرضِي ومسافرين ويخصوا حَتَّى يُكْمِلُوا الْعِدَّةَ.
(١) انْظُر
اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٣٠٣)، وَانْظُر سَبَب خلق الْأَهِلّة، فى تَفْسِير
الطَّبَرِيّ (ج ٢ ص ١٠٧- ١٠٨) .
(٢) انْظُر الرسَالَة (ص ٢٧- ٢٨) .
(٣)
انْظُر اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٣٠٢- ٣٠٣) .
(٤) فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص
٧٦): «فَكَانَ بَينا» .
(٥) كَذَا فى اخْتِلَاف الحَدِيث، وَهُوَ الملائم
لما بعد. وفى الأَصْل: «عددا.
(٦) فى اخْتِلَاف الحَدِيث «فَجعل» .
وَأَخْبَرَ
أَنَّهُ أَرَادَ بِهِمْ الْيُسْرَ.»
«وَكَانَ قَوْلُ «١» اللَّهِ ﷿: (وَمَنْ
كانَ مَرِيضًا، أَوْ عَلى سَفَرٍ: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) يَحْتَمِلُ
مَعْنَيَيْنِ:» «(أَحَدُهُمَا): أَنْ لَا يَجْعَلَ عَلَيْهِمْ «٢» صَوْمَ شَهْرِ
رَمَضَانَ: مَرْضَى وَلَا مُسَافِرِينَ وَيَجْعَلَ عَلَيْهِمْ عَدَدًا- إذَا
مَضَى السَّفَرُ وَالْمَرَضُ-: مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.»
«(وَيَحْتَمِلُ «٣»):
أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالْفِطْرِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ:
عَلَى الرُّخْصَةِ إنْ شَاءُوا لِئَلَّا يُحْرَجُوا إنْ فَعَلُوا.» .
«وَكَانَ
فَرْضُ الصَّوْمِ، وَالْأَمْرُ بِالْفِطْرِ فِي الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ-: فِي
آيَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا: أَنَّ كُلَّ آيَةٍ إنَّمَا
أُنْزِلَتْ مُتَتَابِعَةً، لَا مُفَرَّقَةً «٤» . وَقَدْ تَنْزِلُ الْآيَتَانِ
فِي السُّورَةِ مُفَرَّقَتَيْنِ «٥» فَأَمَّا آيَةٌ: فَلَا لِأَنَّ مَعْنَى
الْآيَةِ: أَنَّهَا كَلَامٌ وَاحِدٌ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ، [يَسْتَأْنِفُ بَعْدَهُ
غَيْرُهُ] «٦»» .
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ:
«لِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: مَعْنَى «٧» قطع الْكَلَام.» .
(١) كَذَا فى
اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٧٧)، وفى الأَصْل: «فى قَول»، وَزِيَادَة «فى» من
النساخ.
(٢) كَذَا فى اخْتِلَاف الحَدِيث، وَعبارَة الأَصْل: «لَهُم»، وهى
محرفة.
(٣) كَذَا فى اخْتِلَاف الحَدِيث، وَعبارَة الأَصْل: «يحْتَمل» .
وَهَذَا بَيَان للمعنى الثَّانِي. [.....]
(٤) فى اخْتِلَاف الحَدِيث:
«مُتَفَرِّقَة» .
(٥) فى اخْتِلَاف الحَدِيث: «مفترقتين» .
(٦)
الزِّيَادَة عَن اخْتِلَاف الحَدِيث، للايضاح.
(٧) كَذَا فى اخْتِلَاف
الحَدِيث، وبالأصل: «بِمَعْنى» .
«فَإذْ «١» صَامَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ-: وَفَرْضُ شَهْرِ رَمَضَانَ إنَّمَا أُنْزِلَ
فِي الْآيَةِ.-: عِلْمنَا «٢» أَنَّ الْآيَةَ بِفِطْرِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ
رُخْصَةٌ.» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: «فَمَنْ أَفْطَرَ أَيَّامًا مِنْ
رَمَضَانَ- مِنْ عُذْرٍ «٣» -:
قَضَاهُنَّ مُتَفَرِّقَاتٍ، أَوْ
مُجْتَمَعَاتٍ «٤» . وَذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ ﷿ قَالَ: (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ
أُخَرَ) وَلَمْ يَذْكُرْهُنَّ مُتَتَابِعَاتٍ «٥» .» .
وَبِهَذَا
الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ ﵎: (وَعَلَى الَّذِينَ
يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ: ٢- ١٨٤) فَقِيلَ: (يُطِيقُونَهُ «٦»): كَانُوا
يُطِيقُونَهُ ثُمَّ عَجَزُوا «٧» فَعَلَيْهِمْ- فِي كُلِّ يَوْمٍ-: طَعَامُ
مِسْكِينٍ «٨» .» .
(١) فى اخْتِلَاف الحَدِيث: «فَإِذا» .
(٢) عبارَة
اخْتِلَاف الحَدِيث: «أَلَيْسَ قد علمنَا» وهى وَارِدَة فى مقَام مناقشة بَين
الشَّافِعِي وَغَيره.
(٣) عِبَارَته فى الْأُم (ج ٢ ص ٨٨): «من عذر: مرض أَو
سفر قضاهن فى أَي وَقت مَا شَاءَ: فى ذى الْحجَّة أَو غَيرهَا، وَبَينه وَبَين
أَن يأتى عَلَيْهِ رَمَضَان آخر.- متفرقات» إِلَخ. وَانْظُر- فى مسئلة الْقَضَاء
قبل رَمَضَان التَّالِي- السّنَن الْكُبْرَى (ج ٤ ص ٢٥٢) .
(٤) انْظُر
السّنَن الْكُبْرَى (ج ٤ ص ٢٥٨- ٢٦٠) .
(٥) انْظُر مَا ذكره بعد ذَلِك فى
الْأُم: فَإِنَّهُ مُفِيد.
(٦) أَي تَأْوِيل مَعْنَاهُ وَهُوَ يتلخص فى أَنه
مجَاز مُرْسل بِاعْتِبَار مَا كَانَ.
(٧) انْظُر مَا نَقله الْمُزنِيّ- فى
الْمُخْتَصر الصَّغِير (ج ٢ ص ٢٢- ٢٣) - عَن ابْن عَبَّاس وَالشَّافِعِيّ: مِمَّا
يتَعَلَّق بِهَذَا فَإِنَّهُ مُهِمّ. وَانْظُر كَذَلِك: السّنَن الْكُبْرَى (ج ٤
ص ٢٠٠ و٢٣٠ و٢٧٠- ٢٧٢) وَتَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج ٢ ص ٧٧- ٨٢) .
(٨) انْظُر
فى الْأُم (ج ٢ ص ٨٩) كَلَام الشَّافِعِي فى الْفرق بَين فرض الصَّلَاة وَفرض
الصَّوْم: من حَيْثُ السُّقُوط وَعَدَمه، فَهُوَ الْغَايَة فى الْجَوْدَة.
فِي
كِتَابِ الصِّيَامِ «١» (وَذَلِكَ: بِالْإِجَازَةِ.) قَالَ: «وَالْحَالُ (الَّتِي
يَتْرُكُ بِهَا الْكَبِيرُ الصَّوْمَ): أَنْ يُجْهِدَهُ الْجَهْدَ غَيْرَ «٢»
الْمُحْتَمَلِ. وَكَذَلِكَ: الْمَرِيضُ وَالْحَامِلُ:
[إنْ «٣» زَادَ مَرَضُ
الْمَرِيضِ زِيَادَةً بَيِّنَةً: أَفْطَرَ وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةً
مُحْتَمَلَةً: لَمْ يُفْطِرْ «٤» . وَالْحَامِلُ] إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا:
[أَفْطَرَتْ] «٥» . وَكَذَلِكَ الْمُرْضِعُ:
إذَا أَضَرَّ بِلَبَنِهَا
الْإِضْرَارَ الْبَيِّنَ.» . وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِهِ «٦» .
وَقَالَ
فِي الْقَدِيمِ ([رِوَايَةُ] الزَّعْفَرَانِيِّ عَنْهُ): «سَمِعْتُ مِنْ
أَصْحَابِنَا، مَنْ نَقَلُوا «٧» - إذَا سُئِلَ [عَنْ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ
تَعَالَى] «٨»: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) .-:
فَكَأَنَّهُ «٩» يَتَأَوَّلُ: إذَا لَمْ يُطِقْ الصَّوْمَ: الْفِدْيَةُ» .
(١)
أَي: الْكتاب الصغيرى، وَهُوَ فى الْجُزْء الثَّانِي من الْأُم (ص ٨٠- ٨٩)،
وَمِمَّا يؤسف لَهُ: أَن الْكتاب الْكَبِير لم يعثر عَلَيْهِ.
(٢) كَذَا
بِالْأُمِّ (ج ٢ ص ٨٩) وفى الأَصْل: «عَن»، وَهُوَ محرف. [.....]
(٣) فى
الْأُم: و«إِن»، وَلَعَلَّ الْوَاو زَائِدَة من النَّاسِخ، فَلْيتَأَمَّل. وَمَا
بَين المربعات هُنَا زِيَادَة عَن الْأُم.
(٤) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج
٤ ص ٢٤٢- ٢٤٣) وَتَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج ٢ ص ٨٧) .
(٥) انْظُر فى الْأُم (ج
٧ ص ٢٣٣): الْخلاف فى أَن على الْحَامِل الْمُفطر الْقَضَاء أم لَا، ومناقشة
الشَّافِعِي لمن أوجبه كَالْإِمَامِ مَالك. فهى مناقشة قَوِيَّة مفيدة.
(٦)
اُنْظُرْهُ فى الْأُم (ج ٢ ص ٨٩) .
(٧) أَي: من نقلوا عَن بعض أهل الْعلم
بِالْقُرْآنِ القَوْل الْآتِي بعد.
(٨) الزِّيَادَة للايضاح.
(٩) فى
الأَصْل: «فَكَانَ» والتصحيح عَن الْأُم. وَقد ورد هَذَا القَوْل فِيهَا مُسْندًا
للشافعى (رضى الله عَنهُ) وَلَا ذكر للاية الْكَرِيمَة قبله. وَهُوَ مروى
بِالْمَعْنَى عَن ابْن عَبَّاس كَمَا فى تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج ٢ ص ٨٠) .
وَقَرَأْتُ
فِي كِتَابِ حَرْمَلَةَ- فِيمَا رُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ ﵀: أَنَّهُ قَالَ:
«جِمَاعُ
الْعُكُوفِ: مَا «١» لَزِمَهُ الْمَرْءُ، فَحَبَسَ عَلَيْهِ نَفْسَهُ: مِنْ
شَيْءٍ، بِرًّا كَانَ أَوْ مَأْثَمًا. فَهُوَ: عَاكِفٌ.»
«وَاحْتَجَّ
بِقَوْلِهِ ﷿: (فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ: ٧- ١٣٨)
وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى [حِكَايَةً] «٢» عَمَّنْ رَضِيَ قَوْلَهُ: (مَا هذِهِ
التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ: ٢١- ٥٢) .»
«قِيلَ: فَهَلْ
لِلِاعْتِكَافِ الْمُتَبَرَّرِ، «٣» أَصْلٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿؟.
قَالَ:
نَعَمْ «٤» قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ: «٥» وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ
فِي الْمَساجِدِ: ٢- ١٨٧) وَالْعُكُوفُ فِي الْمَسَاجِدِ: [صَبْرُ الْأَنْفُسِ
فِيهَا، وَحَبْسُهَا عَلَى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَطَاعَتِهِ] .» «٦»
(١)
قَوْله: مَا لزمَه إِلَخ فِيهِ تجوز، وَظَاهره غير مُرَاد قطعا. إِذْ أصل
العكوف:
الْإِقَامَة على الشَّيْء أَو بِالْمَكَانِ، ولزومهما، وَحبس
النَّفس عَلَيْهِمَا. انْظُر اللِّسَان (مَادَّة:
عكف)، وَتَفْسِير
الطَّبَرِيّ (ج ٢ ص ١٠٤) .
(٢) الزِّيَادَة للايضاح والمرضى قَوْله هُنَا
هُوَ الْخَلِيل، ﵇.
(٣) أَي: المتبرر بِهِ على حد قَوْلهم: الْوَاجِب
الْمُخَير أَو الموسع أَي: فى أَفْرَاده، أَو أوقاته.
(٤) فى الأَصْل:
«يعْنى»، وَهُوَ تَحْرِيف من النَّاسِخ.
(٥) أخرج فى السّنَن الْكُبْرَى (ج
٤ ص ٣٢١) عَن ابْن عَبَّاس، أَنه قَالَ:
«الْمُبَاشرَة وَالْمُلَامَسَة
والمس: جماع كُله وَلَكِن الله ﷿ يكنى مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ» وَانْظُر الْخلاف
فى تَفْسِير الْمُبَاشرَة، فى الطَّبَرِيّ (ج ٢ ص ١٠٤- ١٠٦) .
(٦) هَذِه
الزِّيَادَة قد تكون صَحِيحَة متعينة إِذْ لَيْسَ المُرَاد: بَيَان أَن العكوف
المتبرر يكون فى الْمَسَاجِد، أَو لَا يكون إِلَّا فِيهَا، وَإِنَّمَا المُرَاد:
بَيَان أَن العكوف فى الْمَسَاجِد متبرر بِهِ لِأَنَّهُ حبس للنَّفس فِيهَا من
أجل الْعِبَادَة. وَلَو كَانَ قَوْله:
والعكوف فى الْمَسَاجِد (بِدُونِ
الْوَاو) مَذْكُورا عقب قَوْله: نعم، لما كَانَ ثمَّة حَاجَة للزِّيَادَة: وَإِن
كَانَ الْجَواب حِينَئِذٍ لَا يكون ملائما للسؤال تَمام الملاثمة،
فَلْيتَأَمَّل.
«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي الْحَجِّ»
وَفِيمَا أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ (إجَازَةً):
أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، حَدَّثَهُمْ، قَالَ: أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: «الْآيَةُ الَّتِي فِيهَا بَيَانُ فَرْضِ الْحَجِّ عَلَى
مَنْ فُرِضَ عَلَيْهِ، هِيَ «١»: قَوْلُ اللَّهِ ﵎: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ:
حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا: ٣- ٩٧) . وَقَالَ تَعَالَى:
(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ: ٢- ١٩٦) «٢» .»
«قَالَ
الشَّافِعِيُّ: أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ
عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ
دِينًا: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) الْآيَةُ «٣» .- قَالَتْ الْيَهُودُ «٤»:
فَنَحْنُ مُسْلِمُونَ فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ ﷺ: فَحُجَّهُمْ «٥» فَقَالَ
لَهُمْ النَّبِيُّ ﷺ: حُجُّوا «٦» فَقَالُوا: لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْنَا وَأَبَوْا
أَنْ يَحُجُّوا. فَقَالَ «٧» اللَّهُ تَعَالَى: (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ
غَنِيٌّ عَنِ)
(١) فى الأَصْل: «فى قَول» . وفى الْأُم (ج ٢ ص ٩٣): «قَالَ»
. وَلَعَلَّ مَا أَثْبَتْنَاهُ هُوَ الظَّاهِر. [.....]
(٢) انْظُر- فى كَون
الْعمرَة وَاجِبَة- مُخْتَصر الْمُزنِيّ (ج ٢ ص ٤٨- ٤٩)، وَالأُم (ج ٢ ص ١١٣)
.
(٣) تَمام الْمَتْرُوك: (وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ: ٣- ٨٥)
.
(٤) انْظُر- فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٤ ص ٣٢٤) - مَا ذكره مُجَاهِد.
(٥)
فى السّنَن الْكُبْرَى: «فاخصمهم) يعْنى بحجتهم)» .
(٦) عبارَة السّنَن
الْكُبْرَى: «إِن الله فرض على الْمُسلمين حج الْبَيْت: من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ
سَبِيلا.» .
(٧) بِالْأَصْلِ وَالأُم وَالسّنَن: «قَالَ»، وَلَعَلَّ
زِيَادَة الْفَاء أظهر.
(الْعالَمِينَ: ٣- ٩٧) . قَالَ
عِكْرِمَةُ: وَمَنْ كَفَرَ-: مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ «١» .-: فَإِنَّ اللَّهَ
غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ.» .
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا أَشْبَهَ مَا
قَالَ عِكْرِمَةُ، بِمَا قَالَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) -:
لِأَنَّ هَذَا
كُفْرٌ بِفَرْضِ الْحَجِّ: وَقَدْ أَنْزَلَهُ اللَّهُ وَالْكُفْرُ بِآيَةٍ مِنْ
كِتَابِ اللَّهِ:
كُفْرٌ.» .
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَنَا مُسْلِمُ
بْنُ خَالِدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ «٢» جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ
مُجَاهِدٌ- فِي قَوْلِ اللَّهِ: (وَمَنْ كَفَرَ) .- قَالَ: هُوَ «٣» فِيمَا: إنْ
حَجَّ لَمْ يَرَهُ بِرًّا، وَإِنْ جَلَسَ لَمْ يَرَهُ إثْمًا «٤» .»
«كَانَ
سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، يَذْهَبُ: إلَى أَنَّهُ كُفْرٌ بِفَرْضِ الْحَجِّ. قَالَ
«٥»:
وَمَنْ كَفَرَ بِآيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ﷿: كَانَ كَافِرًا.»
«وَهَذَا
(إنْ شَاءَ اللَّهُ): كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَمَا قَالَ عِكْرِمَةُ فِيهِ:
أَوْضَحُ وَإِنْ كَانَ هَذَا وَاضِحًا.» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي
عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا
الشَّافِعِيُّ، قَالَ: «قَالَ اللَّهُ ﵎: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ
الْبَيْتِ)
(١) فى الأَصْل: «الْملك» وَهُوَ تَحْرِيف ظَاهر، والتصحيح عَن
الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٢) فى السّنَن الْكُبْرَى: «عَن سُفْيَان عَن
ابْن أَبى نجيح» .
(٣) فى الْأُم: «هُوَ مَا إِلَخ»، وفى السّنَن
الْكُبْرَى: «من إِن حج.. وَمن تَركه..» .
(٤) أخرجه فى السّنَن الْكُبْرَى
أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس بِلَفْظ: «من كفر بِالْحَجِّ: فَلم يرجحه برا، وَلَا
تَركه إِثْمًا» .
(٥) فى الْأُم: «قَالَ الشَّافِعِي»، وَالظَّاهِر أَن
الْقَائِل سعيد. فَلْيتَأَمَّل.
(مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ
سَبِيلًا) . وَالِاسْتِطَاعَةُ- فِي دَلَالَةِ السُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ-: أَنْ
يَكُونَ الرَّجُلُ يَقْدِرُ عَلَى مَرْكَبٍ وَزَادٍ: يُبَلِّغُهُ ذَاهِبًا
وَجَائِيًا وَهُوَ يَقْوَى عَلَى «١» الْمَرْكَبِ. أَوْ: أَنْ يَكُونَ لَهُ
مَالٌ، فَيَسْتَأْجِرَ بِهِ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ. أَوْ:
يَكُونَ لَهُ مَنْ:
إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ، أَطَاعَهُ «٢» .» . وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي
شَرْحِهِ «٣» .
وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ: الِاسْتِطَاعَةَ الَّتِي هِيَ
سَبَبُ وُجُوبِ «٤» الْحَجِّ. فَأَمَّا الِاسْتِطَاعَةُ- الَّتِي هِيَ: خَلْقُ
اللَّهِ تَعَالَى، مَعَ كَسْبِ الْعَبْدِ «٥» .-: فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي
أَوَّلِ كِتَابِ (الرِّسَالَةِ) «٦»:
«وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا
يُؤَدَّى شُكْرُ نِعْمَةٍ- مِنْ نِعَمِهِ- إلَّا بِنِعْمَةٍ مِنْهُ:
تُوجِبُ
عَلَى مُؤَدِّي مَاضِي نِعَمِهِ، بِأَدَائِهَا-: نِعْمَةً حَادِثَةً يَجِبُ
عَلَيْهِ شُكْرُهُ [بِهَا] «٧» .» .
وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: «وَأَسْتَهْدِيه
بِهُدَاهُ «٨»: الَّذِي لَا يَضِلُّ مَنْ أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ.» .
وَقَالَ
فِي هَذَا الْكِتَابِ «٩»: «النَّاسُ مُتَعَبَّدُونَ: بِأَنْ يَقُولُوا، أَوْ
يَفْعَلُوا
(١) أَي: على الثُّبُوت عَلَيْهِ.
(٢) انْظُر السّنَن
الْكُبْرَى (ج ٤ ص ٣٢٧- ٣٣٠ وَج ٥ ص ٢٢٤- ٢٢٥) .
(٣) اُنْظُرْهُ فى الْأُم
(ج ٢ ص ٩٦- ٩٨ و١٠٤- ١٠٧) ومختصر الْمُزنِيّ (ج ٢ ص ٣٩- ٤١) . [.....]
(٤)
بِالْأَصْلِ: «وجود» وَهُوَ تَحْرِيف من النَّاسِخ.
(٥) بِالْأَصْلِ:
«الْعَهْد» وَهُوَ تَحْرِيف أَيْضا.
(٦) ص (٧- ٨) .
(٧) الزِّيَادَة
عَن الرسَالَة.
(٨) فى الأَصْل: «بهداية» والتصحيح عَن الرسَالَة.
(٩)
أَي: كتاب أَحْكَام الْقُرْآن.
مَا أُمِرُوا: أَنْ «١»
يَنْتَهُوا إلَيْهِ، لَا يُجَاوِزُونَهُ. لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعْطُوا أَنْفُسَهُمْ
شَيْئًا، إنَّمَا هُوَ: عَطَاءُ اللَّهِ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) . فَنَسْأَلُ اللَّهَ:
عَطَاءً: مُؤَدِّيًا لَحَقّه، مُوجِبًا لِمَزِيدِهِ.» .
وَكُلُّ هَذَا:
فِيمَا أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ
الرَّبِيعِ، عَنْ الشَّافِعِيِّ.
وَلَهُ- فِي هَذَا الْجِنْسِ- كَلَامٌ
كَثِيرٌ: يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ اعْتِقَادِهِ فِي التَّعَرِّي «٢» مِنْ حَوْلِهِ
وَقُوَّتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الْعَبْدُ أَنْ يَعْمَلَ بِطَاعَةِ
اللَّهِ ﷿، [إلَّا بِتَوْفِيقِهِ «٣»] . وَتَوْفِيقُهُ: نِعْمَتُهُ الْحَادِثَةُ:
الَّتِي بِهَا يُؤَدَّى شُكْرُ نِعْمَتِهِ الْمَاضِيَةِ وَعَطَاؤُهُ: الَّذِي
بِهِ يُؤَدَّى حَقُّهُ وَهُدَاهُ: الَّذِي بِهِ لَا يَضِلُّ مَنْ أَنْعَمَ بِهِ
عَلَيْهِ.
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبى عَمْرو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ،
أَنا الرّبيع، نَا الشَّافِعِيُّ- فِي قَوْله تَعَالَى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ
مَعْلُوماتٌ: ٢- ١٩٧) . قَالَ «٤»: «أَشْهُرُ الْحَجِّ «٥»: شَوَّالٌ، وَذُو
الْقِعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ «٦» . وَلَا يُفْرَضُ الْحَجُّ [إلَّا «٧»] فِي
(١)
فى الأَصْل: «وينتهوا» وَهُوَ خطأ.
(٢) فى الأَصْل: «التقرى» وَهُوَ
تَحْرِيف من النَّاسِخ.
(٣) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا.
(٤) انْظُر
مُخْتَصر الْمُزنِيّ (ج ٢ ص ٤٦- ٤٧)، وَالشَّرْح الْكَبِير وَالْمَجْمُوع (ج ٧ ص
٧٤ و١٤٠- ١٤٢) .
(٥) انْظُر فى الْمَجْمُوع (ج ٧ ص ١٤٥- ١٤٦) مَذَاهِب
الْعلمَاء فى أشهر الْحَج.
(٦) أخرجه فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٤ ص ٣٤٢) عَن
ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود وَابْن الزبير، بِلَفْظ: «وَعشر من ذى
الْحجَّة» .
(٧) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا.
شَوَّالِ
كُلِّهِ، وَذِي الْقَعْدَةِ كُلِّهِ، وَتِسْعٍ «١» مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. وَلَا
يُفْرَضُ: إِذا خلت عشر ذِي الْحِجَّةِ «٢» فَهُوَ: مِنْ شُهُورِ الْحَجِّ
وَالْحَجُّ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ.» .
وَقَالَ- فِي قَوْله تَعَالَى: (ذلِكَ
لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ: ٢- ١٩٦) -:
«فَحَاضِرُهُ: مَنْ قَرُبَ مِنْهُ وَهُوَ: كُلُّ مَنْ كَانَ أَهْلُهُ مِنْ دُونِ
أَقْرَبِ الْمَوَاقِيتِ، دُونَ لَيْلَتَيْنِ «٣»» .
(وَأَنَا) أَبُو
سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀
- فِيمَا بَلَغَهُ عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ- فِي هَذِهِ الْآيَةِ: (وَأَتِمُّوا
الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ: ٢- ١٩٦) «٤» .- قَالَ: «أَنْ يُحْرِمَ الرَّجُلُ
مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ «٥»» .
(١) انْظُر الِاعْتِرَاض الْوَارِد على
هَذَا التَّعْبِير، وَدفعه- فى الشَّرْح الْكَبِير وَالْمَجْمُوع (ج ٧ ص ٧٥ و١٤٣)
. [.....]
(٢) قَالَ عَطاء (كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى ج ٤ ص ٣٤٣):
«إِنَّمَا قَالَ الله تَعَالَى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) لِئَلَّا يفْرض
الْحَج فى غَيْرهنَّ» . وَقَالَ عِكْرِمَة: «لَا ينبغى لأحد أَن يحرم بِالْحَجِّ
إِلَّا فى أشهر الْحَج من أجل قَول الله جلّ وَعز: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ
مَعْلُوماتٌ) .»،
انْظُر ذَلِك وَمَا روى عَن عَطاء أَيْضا فى مُخْتَصر
الْمُزنِيّ وَالأُم (ج ٢ ص ٤٦- ٤٧ و١٣٢) .
(٣) عِبَارَته فى مُخْتَصر
الْمُزنِيّ (ج ٢ ص ٥٩): «من كَانَ أَهله دون لَيْلَتَيْنِ، وَهُوَ حِينَئِذٍ أقرب
الْمَوَاقِيت» فتأملها وَانْظُر مَا ذكر فى لمجموع (ج ٧ ص ١٧٥) .
(٤) انْظُر
فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٤ ص ٣٤١) مَا روى فى تَفْسِير ذَلِك عَن ابْن مَسْعُود
وَابْن عَبَّاس.
(٥) أخرجه عَن على وأبى هُرَيْرَة- فى السّنَن الْكُبْرَى
(ج ٤ ص ٣٤١ وَج ٥ ص ٣٠ بِلَفْظ: «تَمام الْحَج أَن تحرم من دويرة أهلك» وَانْظُر
فى ذَلِك الشَّرْح الْكَبِير وَالتَّلْخِيص وَالْمَجْمُوع (ج ٧ ص ٧٩ و١٩٩- ٢٠٢)
.
(وَأَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، نَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ:
«وَلَا يَجِبُ دَمُ الْمُتْعَةِ
عَلَى الْمُتَمَتِّعِ، حَتَّى يُهِلَّ بِالْحَجِّ «١»: لِأَنَّ اللَّهَ (جَلَّ
ثَنَاؤُهُ) يَقُولُ: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ: فَمَا
اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ: ٢- ١٩٦) . وَكَانَ بَيِّنًا- فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿:
أَنَّ التَّمَتُّعَ هُوَ:
التَّمَتُّعُ بِالْإِهْلَالِ مِنْ الْعُمْرَةِ «٢»
إلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَأَنَّهُ إذَا دَخَلَ فِي
الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ: فَقَدْ أَكْمَلَ التَّمَتُّعَ «٣»، وَمَضَى
التَّمَتُّعُ وَإِذَا مَضَى بِكَمَالِهِ:
فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمُهُ.
وَهُوَ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ «٤» .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَنَحْنُ
نَقُولُ: مَا اسْتَيْسَرَ-: مِنْ الْهَدْيِ.-: شَاةٌ (وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ
عَبَّاسٍ) «٥» . فَمَنْ لَمْ يَجِدْ: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ: فِيمَا
بَيْنَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ إلَى يَوْمِ عَرَفَةَ فَإِذَا لَمْ يَصُمْ: صَامَ
بَعْدَ مِنَى: بِمَكَّةَ أَوْ فِي سَفَرِهِ وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ
ذَلِكَ.»
«وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَسَبْعَةً فِي الْمَرْجِعِ. وَقَالَ
فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ «٦» .» .
(١) قَالَ سعيد بن
الْمسيب (كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى ج ٤ ص ٣٥٦): «كَانَ أَصْحَاب النَّبِي ﷺ
يتمتعون فى أشهر الْحَج فَإِذا لم يحجوا عَامهمْ ذَلِك: لم يهدوا شَيْئا،» .
(٢)
كَذَا بِالْأَصْلِ وَالْمرَاد: الِانْتِقَال من الإهلال بِالْعُمْرَةِ إِلَى
الإهلال بِالْحَجِّ. إِذْ أصل الإهلال بِالْعُمْرَةِ مُتَحَقق من قبل.
(٣)
انْظُر مُخْتَصر الْمُزنِيّ (ج ٢ ص ٥٦- ٥٧) .
(٤) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى
(ج ٥ ص ٢٤) .
(٥) وَعَطَاء وَالْحسن وَابْن جُبَير وَالنَّخَعِيّ كَمَا فى
السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢٤) .
(٦) انْظُر- فى هَذَا الْمقَام- السّنَن
الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢٤- ٢٦) ومختصر الْمُزنِيّ (ج ٢ ص ٥٨- ٥٩) وَالْمَجْمُوع (ج ٧
ص ١٨٧- ١٨٩) .
(أَنَا) أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ،
نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ: «أَنَا ابْنُ
عُيَيْنَةَ، نَا هِشَامٌ، عَنْ طَاوُوسٍ «١» - فِيمَا أَحْسَبُ «٢» - أَنَّهُ
قَالَ: الْحِجْرُ «٣» مِنْ الْبَيْتِ «٤» . وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
(وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ: ٢٢- ٢٩) وَقَدْ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ «٥» .» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ- فِي غَيْرِ هَذِهِ
الرِّوَايَةِ-: «سَمِعْتُ عَدَدًا- مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: مِنْ قُرَيْشٍ.-
يَذْكُرُونَ: أَنَّهُ تُرِكَ مِنْ الْكَعْبَةِ فِي الْحِجْرِ، نَحْوٌ مِنْ
سِتَّةِ أَذْرُعٍ «٦» .» .
وَقَالَ- فِي قَوْلِهِ: (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ
مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ:)
(١) فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص
٩٠): «عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس» .
(٢) فى الأَصْل: «أحسن» وَهُوَ
تَحْرِيف من النَّاسِخ.
(٣) انْظُر الْمَجْمُوع (ج ٨ ص ٢٢- ٢٦): فَفِيهِ
فَوَائِد جمة.
(٤) قَالَ بعد ذَلِك- كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى-: «لِأَن
رَسُول الله ﷺ طَاف بِالْبَيْتِ من وَرَائه قَالَ الله تَعَالَى:
(وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) .» وَقَالَ أَيْضا (كَمَا فى السّنَن
الْكُبْرَى ج ٥ ص ١٥٦): «من طَاف بِالْبَيْتِ فليطف وَرَاء الْحجر» . [.....]
(٥)
انْظُر فى الْأُم (ج ٢ ص ١٥٠- ١٥١) كَلَام الشَّافِعِي الْمُتَعَلّق بذلك:
فَإِنَّهُ جيد مُفِيد.
(٦) قَالَ رَسُول الله ﷺ لعَائِشَة: «إِن قَوْمك-
حِين بَنو الْبَيْت- قصرت بهم النَّفَقَة، فتركوا بعض الْبَيْت فى الْحجر. فاذهبى
فصلى فى الْحجر رَكْعَتَيْنِ» انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٥٨) وَانْظُر
فِيهَا (ج ٥ ص ٨٩) مَا روى عَن يزِيد بن رُومَان، وَانْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٥١)
.
(٢- ١٩٦) «١» .-: «أَمَّا الظَّاهِرُ: فَإِنَّهُ مَأْذُونٌ
بِحِلَاقِ «٢» الشَّعْرِ: لِلْمَرَضِ، وَالْأَذَى فِي الرَّأْسِ: وَإِنْ لَمْ
يَمْرَضْ «٣» .» .
(أَنْبَأَنِي) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (إجَازَةً): أَنَّ
أَبَا الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ: أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀
- فِي الْحَجِّ: فِي أَنَّ لِلصَّبِيِّ حَجًّا: وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ
فَرْضُهُ.-: «إنَّ اللَّهَ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) بِفَضْلِ نِعْمَتِهِ، أَثَابَ
النَّاسَ عَلَى الْأَعْمَالِ أَضْعَافَهَا وَمَنَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ-: بِأَنْ
أَلْحَقَ بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ، وَوَفَّرَ عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ.- فَقَالَ:
(أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ
شَيْءٍ: ٥٢- ٢١) .»
«فَكَمَا مَنَّ عَلَى الذَّرَارِيِّ: بِإِدْخَالِهِمْ
جَنَّتَهُ بِلَا عَمَلٍ «٤» كَانَ: أَنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ-: بِأَنْ يَكْتُبَ
عَلَيْهِمْ عَمَلَ الْبِرِّ فِي الْحَجِّ: وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ.-: مِنْ
ذَلِكَ الْمَعْنَى.» . ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ «٥» .
(١)
انْظُر سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة، فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٥٤- ٥٥) .
(٢)
كل من الحلاق وَالْحلق: مصدر لحلق كَمَا ذكر فى الْمِصْبَاح، وَنَصّ عَلَيْهِ فى
الْمَجْمُوع (ج ٨ ص ١٩٩) . وَلم يذكر الحلاق مصدرا فى غَيرهمَا من المعاجم
المتدوالة وَذكر فى اللِّسَان: أَنه جمع للحليق وَهُوَ الشّعْر المحلوق. وَكَلَام
الشَّافِعِي حجَّة فى اللُّغَة.
(٣) انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٥١) .
(٤)
فى الأَصْل: «بِالْأَعْمَالِ» وَهُوَ خطأ وتحريف من النَّاسِخ. والتصحيح عَن
الْأُم (ج ٢ ص ٥٩) .
(٥) انْظُر.. فى ذَلِك.. الْأُم (ج ٢ ص ٩٥ و١٥١)
وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٥٥- ١٥٦) .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ
اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ
الشَّافِعِيُّ ﵀: «قَالَ اللَّهُ ﵎: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً
لِلنَّاسِ، وَأَمْنًا) «١» إلَى [قَوْلِهِ] «٢»: (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ: ٢-
١٢٥) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: المثابة- فى كلاب الْعَرَبِ-: الْمَوْضِعُ:
يَثُوبُ النَّاس إِلَيْهِ، ويؤوبون: يَعُودُونَ إلَيْهِ بَعْدَ الذَّهَابِ عَنْهُ
«٣» . وَقَدْ يُقَالُ: ثَابَ إلَيْهِ: اجْتَمَعَ إلَيْهِ فَالْمَثَابَةُ تجمع
الِاجْتِمَاع ويؤوبون: يَجْتَمِعُونَ إلَيْهِ: رَاجِعِينَ بَعْدَ ذَهَابِهِمْ
عَنْهُ، وَمُبْتَدَئِينَ. قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ «٤»، يَذْكُرُ
الْبَيْتَ:
مَثَابًا لِأَفْنَاءِ الْقَبَائِلِ كُلِّهَا تَخُبُّ إلَيْهِ
الْيَعْمُلَاتُ «٥» الذَّوَابِلُ «٦» وَقَالَ خِدَاشُ بْنُ زُهَيْرٍ
[النَّصْرِيُّ]:
فَمَا بَرِحَتْ بَكْرٌ تَثُوبُ وَتَدَّعِي وَيَلْحَقُ «٧»
مِنْهُمْ أَوَّلُونَ فَآخِرُ «٨»»
(١) تَمام الْمَتْرُوك: (وَاتَّخِذُوا
مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ:
أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ) .
(٢) الزِّيَادَة
عَن الْأُم.
(٣) فى الْأُم: «مِنْهُ» .
(٤) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم،
وتفاسير الطَّبَرِيّ (ج ١ ص ٤٢٠) والطبرسي الشيعي (ج ١ ص ٢٠٢) وأبى حَيَّان (ج ١
ص ٣٨٠) والقرطبي (ج ٢ ص ١١٠) والشوكانى (ج ١ ص ١١٨) . وروى فى اللِّسَان والتاج
(مَادَّة: ثوب) عَن الشَّافِعِي: مَنْسُوبا لأبى طَالب.
وَالَّذِي تطمئِن
إِلَيْهِ النَّفس أَن الْبَيْت لورقة ويؤكد ذَلِك خلو ديوَان أَبى طَالب (المطبوع
(بالنجف سنة ١٣٥٦ هـ) مِنْهُ.
(٥) جمع يعملة، وهى: النَّاقة السريعة.
(٦)
كَذَا بِالْأَصْلِ وَتَفْسِير الشوكانى، وفى الْأُم وَاللِّسَان والقرطبي:
«الذوامل»، وفى التَّاج: «الزوامل»، وفى تفاسير الطَّبَرِيّ والطبرسي وأبى
حَيَّان: «الطلائح»، وَالْكل صَحِيح الْمَعْنى.
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى
الأَصْل: «وتلحق» . [.....]
(٨) وفى الْأُم: «وَآخر» .
«قَالَ
الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ اللَّهُ ﵎: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَمًا
آمِنًا: وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ: ٢٩- ٦٧) يَعْنِي (وَاَللَّهُ
أَعْلَمُ):
[آمِنًا «١»] مَنْ صَارَ إلَيْهِ: لَا يُتَخَطَّفُ اخْتِطَافَ
مَنْ حَوْلَهُمْ.»
وَقَالَ ﷿ لِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِهِ- ﵇: (وَأَذِّنْ فِي
النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا، وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ
كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ: ٢٢- ٢٧) .»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ «٢»
[بَعْضَ مَنْ أَرْضَى] «٣» - مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ- يَذْكُرُ: أَنَّ اللَّهَ ﷿
لَمَّا أَمَرَ بِهَذَا، إبْرَاهِيمَ ﵇: وَقَفَ عَلَى الْمَقَامِ، وَصَاحَ «٤»
صَيْحَةً: عِبَادَ اللَّهِ أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ. فَاسْتَجَابَ لَهُ حَتَّى
مَنْ [فِي «٥»] أَصْلَابِ الرِّجَالِ، وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ «٦» . فَمَنْ حَجَّ
الْبَيْتَ بَعْدَ دَعْوَتِهِ، فَهُوَ: مِمَّنْ أَجَابَ دَعْوَتَهُ. وَوَافَاهُ
مَنْ وَافَاهُ، يَقُولُ «٧»: لَبَّيْكَ دَاعِيَ رَبِّنَا لَبَّيْكَ «٨» .» .
وَهَذَا-:
مِنْ قَوْلِهِ: «وَقَالَ لِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِهِ» .-: إجَازَةً وَمَا قَبْلَهُ:
قِرَاءَةً.
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ
عَمَّنْ قَتَلَ مِنْ الصَّيْدِ شَيْئًا: وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: «مَنْ قَتَلَ
مِنْ
(١) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٢) فى الْأُم (ج ٢ ص ١٢٠):
«فَسمِعت» .
(٣) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا، عَن الْأُم.
(٤) فى الْأُم:
«فصاح» .
(٥) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا، عَن الْأُم.
(٦) انْظُر فى
السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٧٦) مَا روى عَن ابْن عَبَّاس فى هَذَا.
(٧) فى
الْأُم: «يَقُولُونَ» وَلَا خلاف فى الْمَعْنى.
(٨) انْظُر فى الْأُم،
كَلَامه بعد ذَلِك: فَهُوَ مُفِيد.
دَوَابِّ «١» الصَّيْدِ،
شَيْئًا: جَزَاهُ بِمِثْلِهِ: مِنْ النَّعَمِ. لِأَنَّ اللَّهَ (تَعَالَى)
يَقُولُ:
(فَجَزاءٌ: مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ: ٥- ٩٥) وَالْمِثْلُ
لَا يَكُونُ إلَّا لِدَوَابِّ «٢» الصَّيْدِ «٣» .»
«فَأَمَّا الطَّائِرُ:
فَلَا مِثْلَ لَهُ وَمِثْلُهُ: قِيمَتُهُ «٤» . إلَّا أَنَّا نَقُولُ فِي حَمَامِ
مَكَّةَ-: اتِّبَاعًا «٥» لِلْآثَارِ «٦» -: شَاةٌ «٧» .» .
(أَنَا أَبُو
سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا
الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ- فِي قَوْلِهِ ﷿: (وَمَنْ قَتَلَهُ
مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا: (فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) .-:
«وَالْمِثْلُ وَاحِدٌ لَا: أَمْثَالٌ. فَكَيْفَ زَعَمْتَ: أَنَّ عَشَرَةً لَوْ
قُتِلُوا صَيْدًا: جَزَوْهُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالٍ «٨» .؟!» .
(١) فى
الأَصْل: «ذَوَات» وَهُوَ خطأ وتحريف من النَّاسِخ والتصحيح عَن الْأُم (ج ٧ ص
٢٢١) .
(٢) فى الأَصْل: «لذوات» وَهُوَ تَحْرِيف أَيْضا قَالَ الشَّافِعِي
فى الْأُم (ج ٢ ص ١٦٥- ١٦٦): «والمثل لدواب الصَّيْد لِأَن النعم دَوَاب رواتع فى
الأَرْض» إِلَخ فَرَاجعه وَانْظُر كَلَامه فى الْفرق بَين الدَّوَابّ وَالطير:
فَهُوَ جيد.
(٣) قَالَ الشَّافِعِي: «والمثل: مثل صفة مَا قتل.» انْظُر
السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٥- ١٨٧) .
(٤) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥
ص ٢٠٦- ٢٠٧)، وَانْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٦٦) فى الِاسْتِدْلَال على أَن الطَّائِر
يفدى وَلَا مثل لَهُ من النعم.
(٥) أَي: لَا قِيَاسا. [.....]
(٦)
الَّتِي ذكرهَا عَن عمر وَعُثْمَان وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَعَاصِم ابْن عمر
وَعَطَاء وَابْن الْمسيب انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٦٦) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص
٢٠٥- ٢٠٦) وَانْظُر مَا نَقله فى الْجَوْهَر النقي. عَن صَاحب الاستذكار: من فرق
الشَّافِعِي بَين حمام مَكَّة وَغَيره ثمَّ انْظُر الْمَجْمُوع (ج ٧ ص ٤٣١) .
(٧)
انْظُر فى ذَلِك وفى الْفرق بَين الْحمام وَغَيره، مُخْتَصر الْمُزنِيّ وَالأُم
(ج ٢ ص ١١٣ و١٦٦- ١٦٧ و١٧٦) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٥٦) .
(٨) كَذَا
بِالْأُمِّ (ج ٧ ص ١٩) وَقَالَ فى الْأُم (ج ٢ ص ١٧٥): «وَإِذا أصَاب المحرمان-
أَو الْجَمَاعَة صيدا: فَعَلَيْهِم كلهم جَزَاء وَاحِد» وَنقل مثل ذَلِك عَن
عَمْرو عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَابْن عمر وَعَطَاء ثمَّ قَالَ (ص ١٧٥- ١٧٦):
«وَهَذَا مُوَافق لكتاب الله ﷿:
لِأَن الله ﵎ يَقُول: (فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا
قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)، وَهَذَا: مثل. وَمن قَالَ:
عَلَيْهِ مثلان، فقد
خَالف الْقُرْآن» .
وَجَرَى فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ-: فِي
الْفَرْقِ بَيْنَ الْمِثْلِ وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ «١» .-:
أَن
الْكَفَّارَة: موقتة وَالْمِثْلُ: غَيْرُ مُوَقَّتٍ فَهُوَ- بِالدِّيَةِ
وَالْقِيمَةِ- أَشْبَهُ.
وَاحْتَجَّ- فِي إِيجَاب الْمثل فى جَزَاءِ
دَوَابِّ «٢» الصَّيْدِ، دُونَ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ-:
بِظَاهِرِ الْآيَةِ
[فَقَالَ] «٣»:
«قَالَ اللَّهُ ﷿: (فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ
النَّعَمِ) «٤» وَ[قَدْ] «٥» حَكَمَ عُمَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعُثْمَانُ
[وَعَلِيٌّ «٦»] وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَغَيْرُهُمْ «٧» ﵃ - فِي
بُلْدَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَأَزْمَانٍ شَتَّى-: بِالْمِثْلِ مِنْ النَّعَمِ»
فَحَكَمَ حَاكِمُهُمْ فِي النَّعَامَةِ: بِبَدَنَةٍ «٨» وَالنَّعَامَةُ لَا
(١)
رَاجع بتأمل ودقة، كَلَامه فى الْأُم (ج ٢ ص ١٥٨- ١٦١ وَج ٧ ص ١٩- ٢٠) .
(٢)
فى الأَصْل ذَوَات والتصحيح عَن الْأُم.
(٣) زِيَادَة مفيدة.
(٤) قَالَ
بعد ذَلِك، فى مُخْتَصر الْمُزنِيّ (ج ٢ ص ١٠٧- ١٠٨): «وَالنعَم: الْإِبِل
وَالْبَقر وَالْغنم، وَمَا أكل من الصَّيْد، صنفان: دَوَاب وطائر. فَمَا أصَاب
الْمحرم: من الدَّوَابّ، نظر إِلَى أقرب الْأَشْيَاء من الْمَقْتُول، شبها
بِالنعَم، ففدى بِهِ» .
(٥) الزِّيَادَة عَن الْمُخْتَصر.
(٦)
الزِّيَادَة عَن الْمُخْتَصر.
(٧) كزيد بن ثَابت، وَابْن مَسْعُود،
وَمُعَاوِيَة، وَابْن الْمسيب، وَهِشَام بن عُرْوَة.
انْظُر السّنَن
الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٢) .
(٨) قَالَ الشَّافِعِي- بعد أَن روى ذَلِك عَن
ابْن عَبَّاس وَكثير من الصَّحَابَة، من طَرِيق عَطاء الخرسانى-: «هَذَا غير
ثَابت عِنْد أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ، وَهُوَ قَول الْأَكْثَر: مِمَّن لقِيت.
فبقولهم: إِن فى النعامة بَدَنَة، وبالقياس- قُلْنَا: فى النعامة بَدَنَة. لَا
بِهَذَا» . اهـ أَي: لِأَن الرِّوَايَة عَنْهُم ضَعِيفَة ومرسلة، إِذْ عَطاء قد
تكلم فِيهِ أهل الحَدِيث، وَلم يثبت سَمَاعه عَن ابْن عَبَّاس. انْظُر الْأُم (ج
٢ ص ٢٦٢) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٢) ثمَّ الْمَجْمُوع (ج ٧ ص ٤٢٥- ٤٢٧)
.
لَا تُسَاوِي «١» بَدَنَةً «٢»، وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ:
بِبَقَرَةٍ وَهُوَ لَا يُسَاوِي بَقَرَةً وَفِي الضَّبُعِ:
بِكَبْشٍ «٣»
وَهُوَ لَا يُسَاوِي كَبْشًا وَفِي الْغَزَالِ: بِعَنْزٍ «٤» وَقَدْ يَكُونُ
أَكْثَرَ «٥» ثَمَنًا مِنْهَا أَضْعَافًا وَمِثْلَهَا، وَدُونَهَا وَفِي
الْأَرْنَبِ: بِعَنَاقٍ «٦» وَفِي الْيَرْبُوعِ: بِجَفَرَةٍ «٧» وَهُمَا لَا
يُسَاوَيَانِ «٨» عَنَاقًا وَلَا جَفَرَةً «٩» .»
«فَهَذَا يَدُلُّكَ «١٠»:
عَلَى أَنَّهُمْ إنَّمَا «١١» نَظَّرُوا إلَى أَقْرَبِ مَا قَتَلَ «١٢» -: مِنْ
الصَّيْدِ.- شَبَهًا بِالْبَدَنِ «١٣» [مِنْ النَّعَمِ «١٤»] لَا بِالْقِيمَةِ.
وَلَوْ حَكَمُوا بِالْقِيمَةِ:
(١) فى الْمُخْتَصر وَالأُم (ج ٧ ص ٢٠):
«تسوى»، وهى لُغَة قَليلَة (من بَاب تَعب) . وَقد أنكرها جمَاعَة من عُلَمَاء
اللُّغَة، وَزَعَمُوا أَنَّهَا عامية. ورد عَلَيْهِم بِأَنَّهَا وَردت فى بعض
الْآثَار عَن ابْن عمر وَالْأَعْمَش، فزعموا أَن ذَلِك من تَغْيِير الروَاة.
انْظُر الْمُخْتَار والمصباح وتهذيب النَّوَوِيّ.
(٢) هى- فِي أصل
اللُّغَة-: نَاقَة أَو بقرة أَو بعير ذكر. وَالْمرَاد بهَا هُنَا: الْبَعِير ذكرا
كَانَ أَو أُنْثَى، بِشَرْط أَن تكون قد دخلت فى السّنة السَّادِسَة. انْظُر
تَهْذِيب النَّوَوِيّ.
(٣) انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٦٧ و١٧٥) وَالسّنَن
الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٢- ١٨٤) . [.....]
(٤) انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٦٧ و١٧٥)
وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٢- ١٨٤) .
(٥) فى الْمُخْتَصر: «أَكثر من
ثمنهَا أضعافا دونهَا وَمثلهَا» .
(٦) انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٦٧ و١٧٥)
وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٢- ١٨٤) .
(٧) انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٦٧
و١٧٥) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٢- ١٨٤) .
(٨) كَذَا بالمختصر وَالأُم
(ج ٧ ص ٢٠)، وفى الأَصْل: «يسويان» .
(٩) الجفرة: الْأُنْثَى من ولد الْمعز
تفطم وتفصل عَن أمهَا فتأخذ فى الرَّعْي، وَذَلِكَ بعد أَرْبَعَة أشهر. والعناق:
الْأُنْثَى من ولد الْمعز من حِين يُولد إِلَى أَن يرْعَى. قَالَ
الرَّافِعِيّ:
«هَذَا مَعْنَاهُمَا فى اللُّغَة. لَكِن يجب أَن يكون
المُرَاد من الجفرة هُنَا: مَا دون العناق، فَإِن الأرنب خير من اليربوع.» .
انْظُر تَهْذِيب النَّوَوِيّ.
(١٠) فى الْمُخْتَصر: «فَدلَّ ذَلِك» . وفى
الْأُم (ج ٧ ص ٢٠) فَهَذَا يدل.
(١١) هَذِه الْكَلِمَة غير مَوْجُودَة
بالمختصر.
(١٢) فى الْمُخْتَصر: «يقتل» .
(١٣) كَذَا بِالْأَصْلِ
وَالأُم (ج ٧ ص ٢٠) . وفى الْمُخْتَصر: بِالْبَدَلِ.
(١٤) الزِّيَادَة عَن
الْمُخْتَصر.
لَاخْتَلَفَتْ أَحْكَامُهُمْ «١» لِاخْتِلَافِ «٢»
أَسْعَارِ مَا يُقْتَلُ فِي الْأَزْمَانِ وَالْبُلْدَانِ «٣» .» .
(أَنَا)
أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا
الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ: «أَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ
جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ-[فِي] «٤» قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (لَا تَقْتُلُوا
الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا) .- قُلْتُ
[لَهُ] «٥»: مَنْ «٦» قَتَلَهُ خَطَأً: أَيَغْرَمُ؟. قَالَ: نَعَمْ يُعَظِّمُ
بِذَلِكَ حُرُمَاتِ اللَّهِ، وَمَضَتْ «٧» بِهِ السُّنَنُ.» .
قَالَ:
«وَأَنَا مُسْلِمٌ وَسَعِيدٌ «٨»، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
دِينَارٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ النَّاسَ يَغْرَمُونَ فِي الْخَطَإِ «٩» .» .
وَرَوَى
الشَّافِعِيُّ- فِي ذَلِكَ- حَدِيثَ عُمَرَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
(١)
هَذِه الْكَلِمَة غير مَوْجُودَة فى الْمُخْتَصر.
(٢) فى الْمُخْتَصر:
«لاخْتِلَاف الأسعار، وتباينها فِي الْأَزْمَان» .
(٣) قَالَ الشَّافِعِي فى
الْأُم (ج ٢ ص ١٦٧): «ولقالوا: فِيهِ قِيمَته كَمَا قَالُوا فى الجرادة» .
[.....]
(٤) الزِّيَادَة للايضاح.
(٥) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٢ ص
١٥٦) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٠) .
(٦) فى الْأُم وَالسّنَن
الْكُبْرَى: «فَمن» .
(٧) فى الأَصْل: «ومنعت» وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح
عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٨) أَي: مُسلم بن خَالِد، وَسَعِيد بن
سَالم، كَمَا فِي الْأُم (ج ٢ ص ١٥٦) .
(٩) انْظُر ذَلِك، وَمَا روى عَن
الْحسن، وَابْن جُبَير، وَالنَّخَعِيّ- فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٠- ١٨١)
.
﵄: فِي رَجُلَيْنِ أَجْرَيَا فَرَسَيْهِمَا، فَأَصَابَا
ظَبْيًا: وَهُمَا مُحْرِمَانِ فَحَكَمَا عَلَيْهِ: بِعَنْزٍ «١» وَقَرَأَ عُمَرُ-
﵁: (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بالِغَ الْكَعْبَةِ: ٥- ٩٥) «٢»
.
وَقَاسَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ فِي الْخَطَإِ: عَلَى قَتْلِ الْمُؤْمِنِ
خَطَأً «٣» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
(وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً:
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ: ٤- ٩٢) وَالْمَنْعُ عَنْ قَتْلِهَا: عَامٌّ
وَالْمُسْلِمُونَ: لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْغُرْمِ فِي الْمَمْنُوعِ-: مِنْ
النَّاسِ وَالْأَمْوَالِ.-: فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ «٤»
(أَنَا) أَبُو
سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا
الشَّافِعِيُّ، قَالَ: «أَصْلُ الصَّيْدِ: الَّذِي يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَإِنْ
كَانَ غَيْرُهُ يُسَمَّى صَيْدًا.
أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ اللَّهِ
تَعَالَى: (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ
مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ: ٥- ٤) .؟!
لِأَنَّهُ مَعْقُولٌ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ إنَّمَا يُرْسِلُونَهَا عَلَى مَا
يُؤْكَل «٥» . أَو لَا تَرَى إلَى قَوْلِ اللَّهِ ﷿:
(١) فى الْأُم: (ج ٢ ص ١٧٥): «بِشَاة» .
(٢) رَاجع أثر عمر وَعبد
الرَّحْمَن، فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٠- ١٨١، و٢٠٣) .
(٣) رَاجع
كَلَامه فى الْأُم (ج ٢ ص ١٥٥): فَهُوَ جيد جدا.
(٤) رَاجع- فى ذَلِك
أَيْضا- مُخْتَصر الْمُزنِيّ (ج ٢ ص ١٠٦- ١٠٧) وَالْمَجْمُوع (ج ٧ ص ٣٢٠- ٣٢٣)
.
(٥) قَالَ فى الْأُم (ج ٢ ص ٢١٢): «فَذكر (جلّ ثَنَاؤُهُ) إِبَاحَة صيد
الْبَحْر للْمحرمِ، و(مَتَاعا لَهُ) يعْنى: طَعَاما، وَالله أعلم. ثمَّ حرم
عَلَيْهِم صيد الْبر، فَأشبه:
أَن يكون إِنَّمَا حرم عَلَيْهِم بِالْإِحْرَامِ، مَا كَانَ أكله مُبَاحا
لَهُ قبل الْإِحْرَام.» إِلَخ، فَرَاجعه.
(لَيَبْلُوَنَّكُمُ
اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ: ٥- ٩٤)
وَقَوْلُهُ: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعًا لَكُمْ
وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا: ٥-
٩٦) .؟!
فَدَلَّ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ): عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا حَرَّمَ
عَلَيْهِمْ فِي الْإِحْرَامِ-: [مِنْ «١»] صَيْدِ الْبَرِّ.- مَا كَانَ حَلَالًا
لَهُمْ- قَبْلَ الْإِحْرَامِ-: [أَنْ «٢»] يَأْكُلُوهُ «٣» .» .
زَادَ فِي
مَوْضِعٍ آخَرَ «٤»: «لِأَنَّهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لَا يُشْبِهُ: أَنْ
يَكُونَ حَرَّمَ فِي الْإِحْرَامِ «٥» خَاصَّةً، إلَّا مَا كَانَ مُبَاحا قبله
«٦» . فأماما كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى الْحَلَالِ:
فَالتَّحْرِيمُ الْأَوَّلُ
كَافٍ مِنْهُ «٧» .» .
قَالَ: وَلَوْلَا أَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ: مَا أَمَرَ
«٨» رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:
بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَالْعَقْرَبِ،
وَالْغُرَابِ، وَالْحِدَأَةِ، وَالْفَأْرَةِ-: فِي الْحِلِّ
(١) زِيَادَة
لَا بُد مِنْهَا.
(٢) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا.
(٣) انْظُر
الْمَجْمُوع (ج ٧ ص ٣١٤) . [.....]
(٤) قَالَ فى الْأُم (ج ٢ ص ١٥٥):
«فَلَمَّا أثبت الله ﷿ إحلال صيد الْبَحْر، وَحرم صيد الْبر مَا كَانُوا حرما-:
دلّ على أَن الصَّيْد الَّذِي حرم عَلَيْهِم مَا كَانُوا حرما): مَا كَانَ أكله
حَلَالا لَهُم قبل الْإِحْرَام، لِأَنَّهُ» إِلَخ.
(٥) كَذَا بِالْأَصْلِ
ومختصر الْمُزنِيّ (ج ٢ ص ١١٦، وفى الْأُم: «بِالْإِحْرَامِ»، وَلَا خلاف فى
الْمَعْنى.
(٦) فى الأَصْل: «قَتله»، والتصحيح عَن مُخْتَصر الْمُزنِيّ
وَالأُم (ج ٢ ص ١١٦ و١٥٥) .
(٧) قَالَ فى الْأُم- بعد ذَلِك-: «وَسنة رَسُول
الله تدل على معنى مَا قلت، وَإِن كَانَ بَينا فى الْآيَة، وَالله أعلم» .
(٨)
انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٥٥) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢٠٩- ٢١٠)
وَالْحَرَمِ.
وَلَكِنَّهُ إنَّمَا أَبَاحَ لَهُمْ قَتْلَ مَا أَضَرَّ: مِمَّا لَا يُؤْكَلُ
لَحْمُهُ.» . وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ «١» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا
أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ: «أَنَا مُسْلِمٌ:
عَنْ
ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: لَا يفدى الْمُحْرِمُ مِنْ الصَّيْدِ،
إلَّا: [مَا] «٢» يُؤْكَلُ لَحْمُهُ.» .
(وَفِيمَا أَنْبَأَ) أَبُو عَبْدِ
اللَّهِ (إجَازَةً): أَنَّ الْعَبَّاسَ حَدَّثَهُمْ: أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا
الشَّافِعِيُّ: «أَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ
لِعَطَاءٍ [فِي «٣»] قَوْلِ اللَّهِ: (عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ: ٥- ٩٥)
قَالَ: عَفَا اللَّهُ عَمَّا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قُلْتُ: وَقَوْلُهُ «٤»:
(وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ: ٥- ٩٥) !.
[قَالَ: وَمَنْ عَادَ
فِي الْإِسْلَامِ: فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ «٥»]، وَعَلَيْهِ «٦» فِي ذَلِكَ
الْكَفَّارَةُ «٧» .» .
وَشَبَّهَ الشَّافِعِيُّ ﵀ فِي ذَلِكَ: بِقَتْلِ
الْآدَمِيِّ وَالزِّنَا، وَمَا فِيهِمَا وَفِي الْكُفْرِ-: مِنْ الْوَعِيدِ.- فِي
قَوْلِهِ: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ)
(١)
رَاجعه فى الْأُم (ج ٢ ص ٢٠٨ و٢١٨ و٢٢١)
(٢) الزِّيَادَة عَن السّنَن
الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢١٣)
(٣) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٢ ص ١٥٧)
(٤)
كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «وفى قَوْله» .
(٥) الزِّيَادَة عَن الام،
وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٠- ١٨١) .
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن
الْكُبْرَى، وفى الأَصْل: «أَو عَلَيْهِ» .
(٧) انْظُر فى الْأُم، بَقِيَّة
الْأَثر.
إلَى قَوْلِهِ «١»: (وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهانًا: ٢٥-
٦٨- ٦٩) .- وَمَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: مِنْ الْحُدُودِ فِي
الدُّنْيَا.
[قَالَ] «٢»: «[فَلَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
الْحُدُودَ «٣»]: دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ النِّقْمَةَ «٤» فِي الْآخِرَةِ، لَا
تُسْقِطُ حُكْمًا «٥» غَيْرَهَا فِي الدُّنْيَا.» .
(أَنَا) أَبُو
زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، نَا
الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ: «أَنَا سَعِيدٌ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ [فِيهِ] «٦»: أَو،
أَو «٧» أيّة»
: أَيَّةٌ «٩» شَاءَ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: إلَّا قَوْلَ
اللَّهِ ﷿: (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسادًا: ٥- ٢٣) فَلَيْسَ بِمُخَيَّرٍ فِيهَا.»
«قَالَ
الشَّافِعِيُّ: كَمَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ، فِي الْمُحَارِبِ
وَغَيْرِهِ- فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ- أَقُولُ.» .
(١) تَمام الْمَتْرُوك:
(وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلا
يَزْنُونَ. وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ: يَلْقَ أَثامًا يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ
يَوْمَ الْقِيامَةِ) .
(٢) زِيَادَة مفيدة. [.....]
(٣) الزِّيَادَة
عَن الْأُم (ج ٢ ص ١٥٧) .
(٤) فى الأَصْل: «النِّعْمَة»، والتصحيح عَن
الْأُم.
(٥) فى الام: «حكم» .
(٦) زِيَادَة متعينة أَو مُوضحَة.
(٧)
كآية كَفَّارَة الْيَمين، والآيتين المذكورتين بعد.
(٨) أَي: للمخاطب بِهِ
أَن يُحَقّق أَيَّة خصْلَة اخْتَارَهَا.
(٩) كَذَا بِالْأَصْلِ والام (ج ٢ ص
١٦٠) وفى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٥ «أيه»، وَلَا خلاف فى الْمَعْنى.
وَرَوَاهُ
(أَيْضًا) سعيد [عَن ا] بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ: «كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ
[فِيهِ]: أَوْ، أَوْ «١» يَخْتَارُ «٢» مِنْهُ صَاحِبُهُ مَا شَاءَ» .
وَاحْتَجَّ
الشَّافِعِيُّ- فِي الْفِدْيَةِ-: بِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ «٣» .
(وَأَنَا)
أَبُو زَكَرِيَّا، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا
الشَّافِعِيُّ: «أَنَا سَعِيد، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ [قَالَ «٤»]: قُلْتُ
لِعَطَاءٍ: (فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ، يَحْكُمُ بِهِ ذَوا
عَدْلٍ مِنْكُمْ، هَدْيًا بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ،
أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِيامًا: ٥- ٩٥)؟. قَالَ «٥»: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَصَابَهُ
فِي حَرَمٍ (يُرِيدُ: الْبَيْتَ «٦» .)، كَفَّارَةُ ذَلِكَ: عِنْدَ الْبَيْتِ.»
.
فَأَمَّا الصَّوْمُ: (فَأَخْبَرَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو
الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ جَزَاهُ
بِالصَّوْمِ: [صَامَ «٧»] حَيْثُ شَاءَ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِمَسَاكِينِ
الْحَرَمِ، فِي صِيَامِهِ «٨» .» .
(١) فى الأَصْل: «إِذْ» (غير مكررة)
والتصحيح عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٢) فى السّنَن الْكُبْرَى:
«فليختر» .
(٣) من أَن رَسُول الله ﷺ قَالَ لَهُ: «أَي ذَلِك فعلت أجزاك»
.
انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٦٠) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٥)
وَالْمَجْمُوع (ج ٧ ص ٢٤٧) .
(٤) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٢ ص ١٥٧)
وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٧) .
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن
الْكُبْرَى وفى الأَصْل: «مَا قَالَ» . فَلَعَلَّ «مَا» زَائِدَة من النَّاسِخ،
أَو لَعَلَّ فى الأَصْل سقطا. فَلْيتَأَمَّل.
(٦) الظَّاهِر أَن هَذَا من
كَلَام الشَّافِعِي أَو الروَاة عَن عَطاء.
(٧) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا،
عَن الْأُم (ج ٢ ص ١٧٥) . [.....]
(٨) رَاجع فى هَذَا الْمقَام، مُخْتَصر
الْمُزنِيّ وَالأُم (ج ٢ ص ١١٠ و١٦٢) .
وَاحْتَجَّ [فِي
الصَّوْمِ «١»]- فِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ (إجَازَةً)،
عَنْ أَبِي الْعَبَّاس، عَنْ الرَّبِيعِ، عَنْ الشَّافِعِيِّ- فَقَالَ: «أَذِنَ
اللَّهُ لِلْمُتَمَتِّعِ:
أَنْ يَكُونَ صَوْمُهُ «٢» ثَلَاثَةَ «٣» أَيَّامٍ
فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ. وَلَمْ يَكُنْ فِي الصَّوْمِ: مَنْفَعَةٌ
لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَكَانَ عَلَى بَدَنِ الرَّجُلِ. فَكَانَ «٤» عَمَلًا
بِغَيْرِ وَقْتٍ: فَيَعْمَلُهُ حَيْثُ شَاءَ.» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ
أَبى عَمْرو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ،
قَالَ: «الْإِحْصَارُ الَّذِي ذَكَرَ [هـ «٥»] اللَّهُ ﵎ فِي الْقُرْآنِ «٦» .-
فَقَالَ:
(فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ: ٢- ١٩٦)
.- نَزَلَ «٧» يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ «٨» وَأُحْصِرَ النَّبِيُّ ﷺ [بِعَدُوٍّ
«٩»] .»
فَمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، مَرَضٌ حَابِسٌ-:
فَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي مَعْنَى الْآيَةِ «١٠» . لِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي
الْحَائِلِ مِنْ الْعَدُوِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ «١١»» .
(١) الزِّيَادَة
عَن الْأُم (ج ٢ ص ١٦٠) .
(٢) فى الْأُم: «من صَوْمه»، وَلَعَلَّ مَا فى
الأَصْل هُوَ الْأَظْهر.
(٣) فى الْأُم: «ثَلَاث فى الْحَج» .
(٤)
كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «وَكَانَ» .
(٥) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج
٢ ص ١٨٤- ١٨٥) .
(٦) قَوْله: «فى الْقُرْآن»، غير مَوْجُود بِالْأُمِّ.
(٧)
فى الام: «نزلت»، وَلَعَلَّ مَا فى الأَصْل هُوَ الْمَقْصُود الْمُنَاسب.
فَلْيتَأَمَّل.
(٨) انْظُر الام (ج ٢ ص ١٣٥ و١٣٩) .
(٩) الزِّيَادَة
عَن الْأُم (ج ٢ ص ١٨٤- ١٨٥) .
(١٠) رَاجع- فى ذَلِك وفى الْفرق بَين
الْمحصر بالعدو والمحصر بِالْمرضِ- مُخْتَصر الْمُزنِيّ والام (ج ٢ ص ١١٩- ١٢٠
و١٣٦ و١٣٩ و١٤٢ و١٨٥) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢١٤) .
(١١) قَوْله: فَمن
حَال» إِلَى هُنَا، مروى عَن الشَّافِعِي، فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢١٩) .
فانظرها وَانْظُر مَا ذكره صَاحب الْجَوْهَر النقي.
وَعَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ: «لَا حَصْرَ إلَّا حَصْرُ الْعَدُوِّ «١»» وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ
وَعَائِشَةَ، مَعْنَاهُ «٢» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَنَحَرَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ: فِي الْحِلِّ وَقَدْ قِيلَ: نَحَرَ فِي الْحَرَمِ.»
«وَإِنَّمَا
«٣» ذَهَبْنَا إلَى أَنَّهُ نَحَرَ فِي الْحِلِّ-: وَبَعْضُ الْحُدَيْبِيَةِ فِي
الْحِلِّ، وَبَعْضُهَا فِي الْحَرَمِ «٤» .-: لِأَنَّ اللَّهَ (تَعَالَى)
يَقُولُ: (وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ
يَبْلُغَ مَحِلَّهُ: ٤٨- ٢٥) وَالْحَرَمُ: كُلُّهُ مَحِلُّهُ عِنْدَ أَهْلِ
الْعِلْمِ.»
«فَحَيْثُ مَا أُحْصِرَ [الرَّجُلُ: قَرِيبًا كَانَ أَوْ
بَعِيدًا بِعَدُوٍّ حَائِلٍ: مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ وَقَدْ أَحْرَمَ «٥»]-:
ذَبَحَ شَاةً وَحَلَّ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ «٦» - إلَّا «٧»
(١) انْظُر
الام (ج ٢ ص ١٣٩ و١٨٥) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢١٩- ٢٢٠) .
(٢) انْظُر
مَا روى عَنْهُمَا، فى الام (ج ٢ ص ١٣٩- ١٤٠) . [.....]
(٣) قد ورد هَذَا
الْكَلَام، فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢١٧- ٢١٨) مَعَ تَقْدِيم وَتَأْخِير.
فَلْينْظر.
(٤) قَالَ الشَّافِعِي: «وَالْحُدَيْبِيَة مَوضِع من الأَرْض:
مِنْهُ مَا هُوَ فى الْحل، وَمِنْه مَا هُوَ فى الْحرم. فَإِنَّمَا نحر الْهدى
عندنَا فى الْحل وَفِيه مَسْجِد رَسُول الله ﷺ:
الَّذِي بُويِعَ فية تَحت
الشَّجَرَة فَأنْزل الله تَعَالَى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ
إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) .» . انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٣٥)
وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢١٧- ٢١٨) وَانْظُر فِيهَا مَا نَقله عَن
الشَّافِعِي بعد ذَلِك، فى قَوْله: (وَلَا تحلقوا رؤوسكم) فَإِنَّهُ مُفِيد.
(٥)
الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٢ ص ١٨٥) .
(٦) انْظُر الْمَجْمُوع (ج ٨ ص ٣٥٥)
.
(٧) عبارَة الْمُخْتَصر (ج ٢ ص ١١٧): «إِلَّا أَن يكون وَاجِبا
فَيقْضى»
أَنْ يَكُونَ حَجُّهُ «١»: حَجَّةَ الْإِسْلَامِ
فَيَحُجُّهَا «٢» .-: مِنْ قِبَلِ قَوْلِ اللَّهِ ﷿: (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ: فَمَا
اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) وَلَمْ يَذْكُرْ قَضَاءً «٣» .» .
(أَنَا)
أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ
الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ
الْبَحْرِ [وَطَعامُهُ مَتاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ «٤»]: ٥- ٩٦) وَقَالَ:
(وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ: هَذَا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ، وَهذا مِلْحٌ
أُجاجٌ. [وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا «٥»]: ٣٥- ١٢) «٦» .»
«قَالَ
الشَّافِعِيُّ: فَكُلُّ مَا كَانَ فِيهِ: صَيْدٌ «٧» -: فِي بِئْرٍ كَانَ، أَوْ
فِي
(١) فى الأَصْل: «حج» وَهُوَ خطأ. والتصحيح عَن الْأُم (ج ٢ ص ١٣٥) .
(٢)
فى الأَصْل: «فحجها» وَهُوَ خطأ والتصحيح عَن الْأُم، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥
ص ٢١٨) .
(٣) قَالَ الشَّافِعِي- بعد ذَلِك، كَمَا فى الْأُم (ج ٢ ص ١٣٥)
وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢١٨) -: «وَالَّذِي أَعقل فى أَخْبَار أهل
الْمَغَازِي: شَبيه بِمَا ذكرت من ظَاهر الْآيَة. وَذَلِكَ،: أَنا قد علمنَا من
متواطىء أَحَادِيثهم: أَن قد كَانَ مَعَ رَسُول الله ﷺ - عَام الْحُدَيْبِيَة-
رجال يعْرفُونَ بِأَسْمَائِهِمْ ثمَّ اعْتَمر رَسُول الله ﷺ عمْرَة الْقَضِيَّة،
وتخلف بَعضهم بِالْحُدَيْبِية من غير ضَرُورَة فى نفس وَلَا مَال عَلمته. وَلَو
لَزِمَهُم الْقَضَاء: لأمرهم رَسُول الله ﷺ - إِن شَاءَ الله-: بِأَن لَا يتخلفوا
عَنهُ» . اهـ.
(٤) زِيَادَة مفيدة، عَن الْأُم (ج ٢ ص ١١٧) .
(٥)
زِيَادَة مفيدة، عَن الْأُم (ج ٢ ص ١١٧) .
(٦) انْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى
(ج ٥ ص ٢٠٨- ٢٠٩) مَا روى عَن عَطاء وَالْحسن.
(٧) هَذَا خبر كل،
فليتنبه.
مَاءِ مُسْتَنْقِعٍ «١»، أَوْ عَيْنٍ «٢»، وَعَذْبٍ،
وَمَالِحٍ فَهُوَ بَحْرٌ.-: فِي حِلٍّ كَانَ أَوْ حَرَمٍ مِنْ حُوتٍ أَوْ
ضَرْبِهِ: مِمَّا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ [أَكْثَرَ «٣»] عَيْشِهِ «٤» .
فَلِلْمُحْرِمِ
وَالْحَلَالِ: أَن يُصِيبهُ ويأكله.»
«فَأَمَّا طَائِرُهُ: فَإِنَّهُ «٥»
يَأْوِي إلَى أَرْضٍ فِيهِ [فَهُوَ «٦»] مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ: إذَا أُصِيبَ
جُزِيَ «٧» .» .
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: وَقَالَ
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَاسَرْجِسِيِّ- فِيمَا أَخْبَرَنِي عَنْهُ أَبُو
«٨» مُحَمَّدِ بْنُ سُفْيَانَ-: أَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى) - فِي قَوْله تَعَالَى: (ثُمَّ
أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ)
(١) كَذَا بِالْأُمِّ (ج ٢ ص ١٧٧) أَي:
المَاء الَّذِي اجْتمع فى نهر وَغَيره وَأما المستنقع (بِفَتْح الْقَاف) فَهُوَ
مَكَان اجْتِمَاع المَاء. وفى الأَصْل: «منتقع» وَلم يرد إِلَّا فى الْوَجْه إِذا
تغير لَونه. وَلَعَلَّه محرف عَن «المنقع» (كمكرم) وَإِن كَانَ لم يرد كَذَلِك
إِلَّا فى الْمَحْض من اللَّبن يبرد، أَو الزَّبِيب ينقع فى المَاء. رَاجع
اللِّسَان، والتاج، وتهذيب النَّوَوِيّ، والمصباح.
(٢) عبارَة الْأُم: «أَو
غَيره، فَهُوَ بَحر. وَسَوَاء كَانَ فى الْحل وَالْحرم يصاد ويؤكل لِأَنَّهُ
مِمَّا لم يمْنَع بِحرْمَة شىء. وَلَيْسَ صَيْده إِلَّا مَا كَانَ يعِيش فِيهِ
أَكثر عيشه» . [.....]
(٣) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٤) فى الأَصْل:
«عيشة» .
(٥) فى الْأُم: «فَإِنَّمَا» .
(٦) الزِّيَادَة عَن
الْأُم.
(٧) عبارَة الشَّافِعِي- على مَا نَقله عَن الْمَاوَرْدِيّ وَغَيره،
فِي الْمَجْمُوع (ج ٧ ص ٢٩٧) - هى: «وكل مَا كَانَ أَكثر عيشه فى المَاء- فَكَانَ
فى بَحر أَو نهر أَو بِئْر أَو وَاد أَو مَاء مستنقع أَو غَيره-: فَسَوَاء وَهُوَ
مُبَاح صَيْده للْمحرمِ فى الْحل وَالْحرم. فَأَما طَائِره: فَإِنَّمَا يأوى
إِلَى أَرض فَهُوَ صيد بر: حرَام على الْمحرم.» . وهى توضح عبارَة الأَصْل
وَالأُم.
(٨) فى الأَصْل: «أَبَا» فَلْيتَأَمَّل.
(النَّاسُ:
٢- ١٩٩) .- قَالَ: «كَانَتْ قُرَيْشٌ وَقَبَائِلُ «١» لَا يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ
«٢» وَكَانُوا يَقُولُونَ: نَحْنُ الْحُمْسُ «٣»، لَمْ نُسَبَّ قَطُّ، وَلَا
دُخِلَ عَلَيْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَيْسَ نُفَارِقُ الْحَرَمَ «٤» .
وَكَانَ سَائِرُ النَّاسِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ. فَأَمَرَهُمْ اللَّهُ ﷿: أَنْ
يَقِفُوا بِعَرَفَةَ مَعَ النَّاسِ.» .
قَالَ: وَقَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ
إدْرِيسَ: «الْأَيَّامُ «٥» الْمَعْلُومَاتُ: أَيَّامُ الْعَشْرِ كُلِّهَا «٦»
وَالْمَعْدُودَاتُ: أَيَّامُ مِنًى «٧» فَقَط.» . زَاد «٨» فى كِتَابُ
الْبُوَيْطِيِّ:
«وَيُظَنُّ [أَنَّهُ «٩»] كَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ
عَبَّاسٍ.» .
(١) فى الأَصْل: «قبائل وقباثل» وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ
كَمَا هُوَ ظَاهر ويؤكد ذَلِك قَول عَائِشَة (كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى ج ٥ ص
١١٣): «كَانَت قُرَيْش وَمن دَان دينهَا يقفون بِالْمُزْدَلِفَةِ» .
(٢)
انْظُر حد عَرَفَة، فى الْمَجْمُوع (ج ٨ ص ١٠٥- ١٠٩)، وتهذيب النَّوَوِيّ:
فَفِيهِ
فَوَائِد جمة.
(٣) جمع «أحمس» (بِسُكُون الْحَاء وَفتح الْمِيم) وَقد فسره
ابْن عَيْنِيَّة (كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى ج ٥ ص ١١٤): بِأَنَّهُ الشَّديد فى
دينه، زَاد فى الْمُخْتَار: والقتال.
(٤) فى رِوَايَة أُخْرَى عَن عَائِشَة:
«قَالَت قُرَيْش: نَحن قواطن الْبَيْت، لَا تجَاوز الْحرم.»، وَقَالَ ابْن
عَيْنِيَّة: «وَكَانَت قُرَيْش لَا تجَاوز الْحرم، يَقُولُونَ: نَحن أهل الله لَا
نخرج من الْحرم.»، انْظُر السّنَن الْكُبْرَى.
(٥) عِبَارَته فى مُخْتَصر
الْمُزنِيّ (ج ٢ ص ١٢١): «وَالْأَيَّام المعلومات: الْعشْر، وَآخِرهَا يَوْم
النَّحْر. والمعدودات: ثَلَاثَة أَيَّام بعد النَّحْر» . وَانْظُر مَا قَالَه
الْمُزنِيّ بعد ذَلِك:
فَإِنَّهُ مُفِيد جدا.
(٦) أخرجه فى السّنَن
الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢٢٨) بِدُونِ ذكر «كلهَا» .
(٧) فى السّنَن الْكُبْرَى:
«أَيَّام التَّشْرِيق» .
(٨) الظَّاهِر أَن هَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ،
لَا من كَلَام يُونُس. [.....]
(٩) لَعَلَّ هَذِه الزِّيَادَة متعينة،
فَلْيتَأَمَّل.