الكتاب: المنهاجُ المختَصر في عِلمي النَّحو وَالصَّرف
المؤلف: عبد الله بن يوسف بن عيسى بن يعقوب اليعقوب الجديع العنزي
الناشر: مؤسَسَة الريَّان للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان
الطبعة: الثالثة، ١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
عدد الصفحات:
فهرس الموضوعات
- مقدمة
- -مبدأ وضع علم العربية
- -هذا المختصر
- علم النحو والصرف
- تعريف علم النحو
- -موضعه
- علل النحو نوعان
- -نوع ظاهر
- -ونوع خفي
- -تعريف علم الصرف
- المقدمات النحوية
- الكلمة
- ١ - الاسم
- -تعريفه
- -وهو نوعان
- -علاماته
- ٢ - الفعل
- -تعريفه
- أقسامه
- (١) الفعل الماضي
- -علامته
- -دلالته
- -إعرابه
- (٢) فعل الأمر
- -علامته
- -إعرابه
- (٣) الفعل المضارع
- -علاماته
- -دلالته
- -إعرابه
- ٣ - الحرف
- -تعريفه
- -علامته
- تفسير الكلام
- -تعريفه
- -الجملة
- -القول
- الإعراب والبناء
- -تعريف الإعراب
- -المعربات
- -تعريف البناء
- -المبنيات
- -أنواع الإعراب
- الأبواب الخارجة عن قاعدة الإعراب
- ١ - ما جمع بالألف والتاء
- -أنواعه
- -إعرابه
- ٢ - ما لا ينصرف
- -علامته
- -إعرابه
- -أنواع الممنوع من الصرف
- -فائدة
- -تنبيه
- ٣ - الأسماء الستة
- -إعرابها
- ٤ - المثنى
- -تعريفه
- -إعرابه
- -ملحقاته
- ٥ - جمع المذكر السالم
- -تعريفه
- -إعرابه
- -شروطه
- -فائدة
- -ملحقاته
- -تنبيه
- -مسائل
- ٦ - الأفعال الخمسة
- -تعريفها
- -إعرابها
- -فائدة
- ٧ - الفعل المضارع المعتل الآخر
- -تعريفه
- -إعرابه
- -الإعراب المقدر
- النكرة والمعرفة
- ١ - الضمير
- -تقسيمه
- -أحكامه
- ٢ - العلم
- -تعريفه
- -أقسامه
- -فائدتان
- ٣ - اسم الإشارة
- -أحكامه
- ٤ - الموصول
- -تعريفه
- -تقسيمه
- -أحكامه
- -تفسير صلة الموصول
- -تفسير العائد
- ٥ - المعرف بـ (أل)
- -١ - عهدية
- -٢ - جنسية
- ٦ - المعرف بالإضافة
- -تعريفه
- العمد
- -تعريفها
- -أنواعها
- المبتدأ والخبر
- تعريف المبتدأ
- -حكمه
- -تقسيمه
- تعريف الخبر
- -أقسامه ثلاثة
- -تنبيه
- -التقديم والتأخير
- -حذف المبتدأ والخبر
- النواسخ
- ١ - (كان) وأخواتها
- -أنواعها
- -أحكامها
- -خصائص كان
- -لواحق ليس
- -فائدة
- ٢ - (إن) وأخواتها
- -أنواعها
- -أحكامها
- -(لا) النافية للجنس
- -تنبيه
- ٣ - (كاد) وأخواتها
- -أنواعها
- -حكمها
- ٤ - (ظن) وأخواتها
- -أنواعها
- -حكمها
- الفاعل
- -نائب الفاعل
- الفضلات
- ١ - المفعول به
- -تعريفه
- -أحكامه
- ٢ - المنادى
- -تعريفه
- -حروفه
- -أحكامه
- -تنبيه
- -توابعه
- ٣ - المفعول المطلق
- -تعريفه
- -نائب المصدر
- -حذف العامل
- ٤ - المفعول له
- -تعريفه
- ٥ - المفعول فيه
- -تعريفه
- -أحكامه
- -أنواع
- ٦ - المفعول معه
- -تعريفه
- ٧ - الحال
- -تعريفه
- -فائدته
- -شرطه
- -صاحبه
- -أحكامه
- ٨ - التمييز
- -تعريفه
- -تقسيمه
- -تنبيه
- ٩ - المتثنى بـ (إلا)
- -تعريفه
- -أركانه
- -أنواعه
- -إعرابه
- -الاستثناء بغير (إلا)
- العوامل
- ١ - الجر
- الجر بحرف الجر
- -تنبيهان
- -الجر بالإضافة
- ما يمتنع مع المضاف
- -تنبيهان
- ٢ - أحوال الفعل المضارع
- -أولا: رفع الفعل المضارع
- ثانيا: نصب الفعل المضارع
- -حروفه
- -عمل (أن)
- -تنبيه
- ثالثا: جزم الفعل المضارع
- -أدواته
- -أحكام ما يجزم فعلين
- ٣ - ما يعمل عمل الفعل
- أولا: اسم الفعل
- -أنواعه
- -من أحكامه
- ثانيا: المصدر
- -تعريفه
- -حكمه
- ثالثا: اسم الفاعل
- -تعريفه
- -حكمه
- رابعا: صيغ المبالغة
- -تعريفها
- -حكمها
- خامسا: اسم المفعول
- -تعريفه
- -حكمه
- سادسا: الصفة المشبهة
- -تعريفها
- -حكمها
- سابعا: اسم التفضيل
- -تعريفه
- -أحكامه
- -إعرابه
- التوابع
- ١ - النعت
- -تعريفه
- -أغراضه
- -حكمه
- ٢ - التوكيد
- -تقسيمه
- -تنبيه
- -٣ - العطف
- ٤ - البدل
- -تعريفه
- -أنواعه
- -تنبيه
- مختصر في علم الصرف
- فن التصريف
- -تعريفه
- -الميزان المصرفي
- -ففائدة الوزن
- -حروف الزيادة
- -تغييرات أصول الكلمة
- تصريف الأفعال
- ألقاب الفعل
- -١ - الصحيح
- -٢ - المعتل
- أوزان الفعل
- -١ - أوزان الثلاثي المجرد.
- -٢ - أوزان الرباعي المجرد
- -بناء الفعل
- تصريف الاسم
- -أوزان الاسم
- -تنبيه
- -أوزان المصدر
- -لواحق المصدر
- أوزان المشتقات
- -١ - اسم الفاعل
- ٢ - اسم المفعول
- -تنبيه
- -٣ - الصفة المشبهة
- -٤ - أسماء الزمان والمكان
- -٥ - اسم الآلة
- -التثنية والجمع
- -المنقوص والمقصور والممدود
- قواعد متممات
- ١ - قاعدة همزة الوصل
- -موضعها
- -حكمها
- -تنبيه
- -فائدتها
- ٢ - قاعدة التصغير
- -وزنه
- -شرطه
- -أغراضه
- ٣ - قاعدة التأنيث
- -التأنيث نوعان
- -تنبيه
- ٤ - قاعدة النسب
- -ضابطه
- -أحكامه
- ٥ - قاعدة الوقف
- -له أحكام
- قواعد في الإملاء
- (١) قاعدة رسم الهمزة
- -للهمزة ثلاثة أحوال
- -تنبيهات
- (٢) قاعدة رسم الألف المتطرفة
- -فيها قاعدتان
- -تنبيه
- (٣) قواعد أخرى
- -كلمات تلفظ بعض حروفها ولا تكتب
- كلمات تقع في صيغتها الزيادة خطا لا لفظا
- -تنبيهات أخرى
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأشْهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشْهَدُ أن محمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وَصَحْبِهِ وسَلَّمَ تَسليمًا كَثيرًا.
أما بعْدُ ..
فإن أشْرَفَ العلومِ على الإطلاقِ ما عَرَّفَ باللَّهِ تعالى وشَرائعهِ؛ ذلكَ لِما يتحقَّقُ بهِا من وَصْلِ العِبادِ برَبِّهم ﵎، وإنَّهُ بمقدارِ ما يكونُ ذلكَ الوَصْلُ تَكونُ منزِلَةُ ذلكَ العلمِ، وعُلومُ العربيَّةِ كالنَّحْوِ والصَّرْفِ والبَلاغَةِ عُلومٌ اصْطِلاحيَّةٌ، قنَّنَها النَّاسُ لمَّا رأَوا الضَّرورَةَ داعِيَةً إليها، لعِصْمَةِ اللِّسانِ مِنَ اللَّحْنِ في كَلامِ اللهِ وكَلام نَبيِّهِ ﷺ، وعِصْمَةِ الفِكْرِ مِنَ الشَّطَطِ في الفَهْمِ، وذلكَ لأنَّ اللهَ تعالى قَد أنْزَلَ الكِتابَ عَربيَّا، جرى نَظمُهُ وتأليفُهُ على نَهْجِ لِسانِ العَرَبِ، بتراكيبهِم وألْفاظِهِمْ، كما قالَ سُبْحانَهُ: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ
٥
رَبِّ الْعَالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشُّعراء:١٩٢ - ١٩٥] وَقالَ: ﴿قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ﴾ [الزُّمَر: ٢٨]، فتِلاوَةُ الكِتابِ طَريقُ فَهْمِهِ وعَقْلِهِ، فمَن وَقَعَ في اللَّحْنِ في تِلاوَتِهِ فلم يقرأْهُ عَرَبيًّا كَما أنْزِلَ، ومن ثَم فربَّما أوْقَعَهُ ذلكَ في خطأِ الفَهْمِ بسَبَبِ لَحْنهِ في اللَّفْظِ، بَلْ رُبَّما أوْقَعَهُ في الخطَأِ على رَبِّهِ ﵎.
وإن العُجْمَةَ حينَ شاعَت في النَّاسِ؛ أوْجَبَ ذلكَ أن يصيرَ العُلماءُ إلى تَقنينِ الضَّوابِطِ لتَستَقيمَ الألسُنُ بتِلاوَةِ القرآنِ، وهذا أصْلُ ما قَصَدُوهُ، لكنَّها صارَت قوانينَ عامَّةً للُغَةِ العَرَبِ، مطلوبَةً في كُلِّ كَلامٍ عَربيٍّ، إذْ قُبْحُ اللَّحْنِ في كلِّ كَلامٍ قدْ يترتَّبُ عليهِ ضَرَرٌ كَبيرٌ، فإنَّ النَّاسَ إنَّما يُظْهِرونَ مُرادَهُم باللُّغاتِ، فإذا اختَلَّت اللُّغَةُ فَسَدَ الكلامُ ولم يُدْرَكِ المرادُ.
مِن هُنا تأتي أهميَّةُ معرِفَةِ عُلومِ العَربيَّةِ، لنقرأَ القرانَ كَما أنْزَلَهُ اللهُ على مُحمَّدٍ ﷺ، ولنقرأ الْحَديثَ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ على وَجْهِهِ، ولنَفْهَمَ كَلامَ أهْلِ العِلمِ على مُرادهِمْ، ونُحْسِنَ الإبانَةَ عَمَّا نُريدُ في خُطْبَةٍ أو حَديثٍ أو كلامٍ مكْتوبٍ على الوَجْهِ.
٦
مبدأ وضع علم العربية:
أكْثَرُ النَّقَلَةِ أنَّ أوَّلَ مَن تَكَلَّمَّ بقَوانينِ الْعربيَّةِ هُوَ أبو الأسْوَدِ الدُّؤليُّ رَجُلٌ مِن أهْلِ البَصْرَةِ من خِيارِ التَّابعينَ، مِمَّن رأى عُمَرَ بنَ الْخَطَّابِ وكانَ معَ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ، (توفّيَ سنةَ: ٦٩هـ) (١).
قيلَ: إنَّ عُمَرَ بنَ الْخَطَّابِ أمَرَهُ بوَضْعِ عِلمِ النَّحْوِ، وهذا ضَعيفٌ (٢)، وقيلَ: بلْ أمَرَهُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ، وهذا أصحُّ على ضَعْفٍ فيهِ (٣).
كما نُقِلَ أنَّ أوَّلَ مَن تكلَّمَ بأصولِ النَّحْوِ هُوَ أميرُ المؤمنينَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ، ذكَرَ أشياءَ في تَقسيمِ الكَلِمَةِ، وأعطى ذلكَ لأبي الأسْوَدِ فبَنى عليهِ (٤).
كَما حُكِيَت في سَبَبِ ذلكَ أخْبارٌ.
(١) اسْمُ أبي الأسوَد على الأشْهَر: ظالمُ بنُ عَمْرٍو. انظُر ترجمته في: سير أعلام النُّبلاء، للذهبي (٤/ ٨١).
(٢) أخرَجَهُ ابنُ الأنِباريِّ في «الوقف والابتداء» (١/ ٣٨ - ٣٩ رقم: ٥٨).
(٣) أخرَجَهُ أبو الطَّيِّب عبدُ الواحد بنُ عليٍّ في «مراتب النحويين» (ص: ٢٤) وغيرُهُ.
(٤) ذكَرَهُ الذَّهبيُّ في «السِّير» (٤/ ٨٣ - ٨٤).
٧
وأصَحُّ ما وَقَفْتُ عليهِ في شأنِ ما تقدَّمَ، قولُ الإمامِ عاصِمِ بنِ أبي النَّجودِ:
أوَّلُ مَن وَضَعَ النَّحْوَ أبو الأسْوَدِ الدُّؤَليُّ، جاءَ إلى زِيادٍ (١) بالبَصْرَةِ، فقالَ: إنِّي أرى العَرَبَ قدْ خالَطَتْ هذهِ الأعاجِمَ وتغيَّرَتْ ألْسِنَتُهُم، أفتأذَنُ لي أن أضَعَ للعَرَبِ كَلامًا يَعْرِفونَ أو يُقيمُونَ بهِ كَلامَهُم؟ قالَ: لا، فجاءَ رَجُلٌ إلى زِيادٍ، فقالَ: أصْلَحَ اللهُ الأميرَ، تُوفِّيَ أبانا وتَرَكَ بَنونًا، فقالَ زِيادٌ: تُوفِّيَ أبانا وتَرَكَ بَنونًا! ادْعُ لي أبا الأسْوَدِ، فقالَ: ضَعْ للنَّاسِ الَّذي نَهَيْتُكَ أن تَضَعَ لهُم (٢).
قالَ الأديبُ مُحمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحيٌّ:
«كانَ أوَّلَ مَنْ أسَّسَ العربيَّةَ وفتَحَ بابَها وأنْهجَ سَبيلَها ووَضَعَ قِياسَها أبو الأسْوَدِ الدُّؤَليُّ ...، وإنَّما قالَ ذلكَ حينَ اضْطَرَبَ كَلامُ العَرَبِ، فغَلَبَتِ السَّليقيَّةُ (٣)، ولم تَكُن نحويَّةً، فكانَ سَراةُ الناسِ يَلْحَنونَ ووُجوهُ النَّاسِ، فوَضَعَ بابَ الفاعِلِ،
(١) هوَ زِيادُ بنُ أبيهِ الثِّقفيُّ والي العِراق، مات سنة (٥٣هـ).
(٢) أثَرٌ جيِّدُ الإسْنادِ. أخرَجَهُ ابنُ الأنْباريِّ في»الوقف والابتداء" (١/ ٤٢ - ٤٣ رقم:٦١).
(٣) السَّليقيَّة: يعني ما يأتي بالسَّليقَة من غير قَصدِ إعرابٍ ولا تجنُّبِ لَحْنٍ.
٨
والمفعولِ بهِ، والمُضافِ، وحُروفِ الرَّفْعِ والنَّصْبِ وَالَجَرِّ والجَزْمِ» (١).
ثُمَّ صارَ هذا العلمُ إلى مَن بَعْدَ أبي الأسْوَدِ، فزادُوا فيهِ وبيَّنُوا، ثُمَّ جاءَ زَمَنُ التَّصْنيفِ فصنَّفوا فيهِ وحَرَّروا، وتعدَّدَت فيه المدارِسُ، وعَظُمَ في معرِفَتِهِ التَّنافُسُ، وصارَ هذا العلمُ لكُلِّ أصْحابِ الفُنونِ آلَةً لا بُدَّ من حَوْزِها.
وكانَ هذا بالنِّسْبَةِ إلى علمَي النَّحْوِ والصَّرْفِ، أمَّا علمُ البَلاغَةِ فتَقنينُهُ متأخِّرٌ عنهُما، والحاجَةُ إليهِ ماسَّةٌ لكنَّهُ دونَهُما.
هذا المختصر:
وهذا المنْهاجُ بينَ يدَيْكَ قصَدْتُ بهِ تقريبَ الأصولِ النَّحويَّةِ والصَّرفيَّةِ لغيرِ المتخصصِ في فنونِ العربيَّةِ، جارٍ على منْهاجِ التَّقسيمِ الْحَديثِ، معَ الاعتِناءِ بالتَّمثيلِ مِنَ الكِتابِ العَزيزِ، معْرِضًا عنِ الشِّعْرِ ما دُمْتُ أجِدُ المثالَ بآيَةٍ؛ لأنِّي وضَعْتُ هذا المنْهاجَ في الأصْلِ كحَلْقَةٍ في سِلْكِ منْهاجٍ تثقيفيٍّ متكامِلٍ كمقدِّماتٍ لفَهْمِ العُلومِ الإسْلاميَّةِ، وهُوَ الحَلْقَةُ الأولى في هذا السِّلْكِ؛ لعِظَمِ خَطَرِهِ ورِفْعَةِ قَدْرِهِ، ولأنَّهُ قاعِدَةٌ لِما وراءَهُ.
(١) طبقات فحول الشُّعراء، لابن سلاَّم (١/ ١٢).
٩
وأنَبِّهُ إلى أنِّي لم أضمِّنْهُ التَّمريناتِ مع أهمِّيَّتِها في هذا الفَنِّ؛ لانِّي أعدَدْتُهُ لأشرَحَهُ بنَفْسي للطُّلَّابِ، وكنْتُ فعَلْتُ ذلكَ مرَّاتٍ، ولا أزالُ، ورأيْتُ إقْبالَ الكثيرينَ عليهِ، بل شوَّقَهُم أسْلوبُ عَرْضِهِ إليهِ، فرأيْتُ نَشْرَهُ لتَحقيقِ عُمومِ نَفْعِهِ، غيرَ أنِّي أنْصَحُ الطَّالِبَ أن يدْرُسَهُ على أسْتاذٍ بالفَنِّ عارفٍ؛ فذلكَ أنْفَعُ لَهُ وأيْسَرُ عليهِ.
واللهَ وَحْدَةُ أسْألُ التَّوفيقَ والتَّسْديدَ، وأسْتغفِرُهُ مِنَ الزَّلَلِ والتَّقصيرِ، إنَّهُ عَفُوٌّ كَريمٌ.
وكَتَب
أبو مُحمَّد عبدُ الله بنُ يوسُفَ الجُدَيْعُ
في ليلة الثُّلاثاء ٢٧ رمضان ١٤٢٠هـ
الموافق ٣/ ١/ ٢٠٠٠ م
مدينة ليدز - بريطانيا
١٠
علم النحو والصرف
* تعريف علم النحو:
لغةً: من (نحا) أي: قَصَدَ، وسُمِّيَ بذلكَ لأنَّ المتكلِّمَ يَنحو (يقصِدُ) بتعلُّمِهِ كلامَ العَرَب.
واصطلاحًا: علمٌ بأصولٍ تُعرَفُ بها أحوالُ الكلمة العربيَّة من جهةِ الإعرابِ والبناءِ.
* موضعه: آخِرُ الكلمة.
علل النحو نوعان:
نوع ظاهرٌ: وهو ما يمكِنُ التعبير عنه بـ «القاعدة النَّحوية» مثل قولهم: (كلُّ فاعلٍ مرفوعٌ).
ونوع خفيٌّ: وهو بيانُ سببِ القاعدة، كمَعْرِفَةِ: (لم صارَ الفاعلُ مرفوعًا؟ والمفعول منصوبًا؟)، ويُسمَّى هذا
١١
النَّوع: علَّة العلَّة، وليس تعلُّمه ضرورياَّ، إنَّما المهمُّ معرفةُ القواعد لضَبْط الكلام.
* تعريف علم الصرف:
علمٌ يبحثُ في بِنْيةِ الكلمة من حيثُ بناؤُها ووزْنُها وما يطرأ على تَركيبِها من تَغيير.
موضعه: الاسمُ غيرُ المبنيِّ، وَالفِعْلُ غيرُ الجامدِ. ليسَ منه الحروفُ.
***
١٢
المقدمات النحوية
الكلمة
تعريفها:
قولٌ مفرَدٌ، أو: اللَّفظ الموضوع لمعنى مطَّرِد.
(تُطلَق الكلمة في لسان العرب على الجُملة والجُمَلِ المفيدة).
أقسامها:
١ - الاسمُ.
٢ - الفِعْلُ.
٣ - الحَرْفُ.
***
١٣
١ - الاسم
تعريفه:
الاسم: ما دلَّ على معنى في نفسهِ ولم يقترِن بزَمانٍ.
وهو نوعان:
١ - شَخْصٌ، نحو: (زَيْدٌ، رَجُلٌ، فَرَسٌ، حَجَرٌ، بَلَدٌ).
٢ - غير شَخْصٍ، نحو: (الضَّرْب، الأكْل، العِلْم، الوَقْت، اليوم، السَّاعة).
علاماته
١ - النِّداء بحرف النِّداء، نحو: ﴿يا إبراهيمُ قدْ صدَّقْتَ الرُّؤيا﴾.
[ربَّما تجدُ (يا) داخلةً على غيرِ اسمٍ، كالحرفِ؛
١٤
فليسَتْ حينئذٍ للنِّداء، نحو: ﴿يا ليتَ قومي يعلَمون﴾، (يا لَيتَنا نُرَدُّ﴾، «يا رُبَّ كاسيةٍ في الدُّنيا».
وأمَّا ﴿أَلَا ياْ اسْجُدُوا﴾ في قِراءةِ الكِسائيِّ من السَّبعةِ، فلم تدخُلْ على الفِعْلِ، إنَّما دخَلَتْ على مُنادَى محذوفٍ تقديرُهُ (يا هؤلاءِ)].
٢ - التَّنوين، نحو: ﴿مُحمَّدٌ﴾ ﴿صالحًا﴾، ﴿قَومٍ﴾ (١).
(١) التَّنوينُ أربعةُ أَقْسامٍ:
[١] تنوينُ التَّمكين، وهو الَّذي يلحَقُ الأسماءَ المعربَة، للإفصاحِ عن شدَّةِ تمكُّنِها في الاسميَّة.
نحو: (رجُلٌ، قاضٍ).
[٢] تنوينُ التَّنْكِير، وهو الَّذي يَلْحَقُ بعْضَ الأسماءِ المبنيَّة للدَّلالةِ على تنكيرِها.
نحو: (صَهٍ، مَهٍ، سِيبَوَيهٍ) إذا أردتَ النَّكرةَ.
[٣] تنوينُ العِوَض، وهو ثلاثةُ أنواعِ:
١ - عِوَضٌ عن مُفرَدٍ، وهو ما يلْحَقُ (كُلِّ، بَعْض، أيِّ) عِوَضًا عن حذفِ المضافِ إليه نحو: ﴿وَكُلًّا وعَدَ اللَّهُ الحُسْنى﴾، ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُم على بَعْضٍ﴾، ﴿أيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الأسْماءُ الحُسْنى﴾.
٢ - عِوَضٌ عن جُملةٍ، وهو ما يلْحَقُ (إِذْ) عِوضًا عن جملةٍ تكونُ بعْدَها، نحو: ﴿فَلَوْلا إذَا بَلَغَتِ الحُلْقومَ. وَأَنْتُمْ حينَئذٍ تَنْظُرونَ﴾، أي: حينَ بلغَت الرُّوحُ الحُلقومَ. =
١٥
٣ - حرف التَّعريف (أل)، نحو: ﴿الحمدُ﴾، ﴿الكِتابُ﴾، ﴿الحَجُّ﴾.
٤ - الإسناد إليه (أو: الإخْبارُ عنْهُ)، نحو: ﴿وجاءَ رَجُلٌ﴾، ﴿آمَنْتُ﴾.
٥ - قبول الإضافة، نحو: ﴿رَسُولُ الله﴾.
[إذا وجدتَ الفعْلَ مُضافًا إلى اسمٍ، فالفعلُ مؤوَّلٌ بمصدرٍ، نحو: ﴿يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادقينَ﴾، التَّأويل: (هذا يَوْمُ نَفْعِ الصَّادِقينَ)].
٦ - دخول حرف الجرِّ عليه، نحو: ﴿في الجنَّة﴾، ﴿بالعُقودِ﴾، ﴿إِلى قوْمٍ﴾.
[قولُ الشَّاعِر:
* واللهِ ما لَيلِي بِنامَ صاحِبُهُ *
المعنى: ما ليلي بليلٍ نامَ صاحِبُهُ].
= ٣ - عِوَضٌ عن حَرْفٍ، وهو ما يَلْحَقُ الأسماءَ المنقوصةَ الممنوعةَ من الصَّرْفِ في حالَتَىِ الرَّفْعِ والجَرِّ دونَ النَّصْب، نحو: (جَوارٍ، غَواشٍ، عَوادٍ).
٤ - تنوينُ المقابَلةِ، وهو اللاَّحقُ لجمعِ المؤنَّثِ الصَّحيحِ ليُقابِلَ النُّونَ في جمعِ المذكرِّ السَّالمِ.
١٦
٢ - الفعل
تعريفه
ما دلَّ على معنى في نفسِهِ واقترَنَ بزَمانٍ.
أقسامه
١ - الماضي.
٢ - الأمْرُ.
٣ - المضارعُ.
...
(١) الفعل الماضي
علامته
١ - قبولُهُ تاءَ الثَّأنيث السَّاكنة، نحو: ﴿آمَنَتْ﴾، ﴿عَتَتْ﴾، ﴿نِعْمَتْ، بئْسَتْ﴾.
١٧
٢ - قبولُهُ تاءَ الفاعل، نحو: ﴿جَعَلْتُ﴾ ﴿وأَنْعَمْتَ﴾، ﴿جِئْتِ﴾، ﴿شِئْتُما﴾، ﴿عَلِمْتُمْ﴾، ﴿اتَّقَيْتُنَّ﴾.
دلالته
١ - أصلُ وضعهِ الدَّلالة على المُضيِّ.
٢ - ينصَرِفُ إلى الحالِ بمعنى (أفْعَلُ) وذلكَ إذا قَصَدْتَ به الإنشاءَ، كما في ألفاظ العُقود، نحو: (بِعْتُ، اشْتَريْتُ، زوَّجْتُ، قَبِلْتُ).
٣ - ينصَرِفُ إلى المستقبَلِ، بواحدةٍ من القرائن التَّالية:
[١] أن يدلَّ بسياقهِ على الطَّلَبِ، نحو: (غَفَرَ اللهُ لكَ)، (عَزَمْتُ علَيْكَ إلَّا فعَلْتَ).
[٢] أن يُفْهَمَ من سياقهِ الوَعْدُ، نحو: ﴿إِنَّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾.
[٣] أن يقعَ في سياقِ كلامِ عُلِمَ أنَّه مُستقبَل، نحو: ﴿يَقْدُمُ قَوْمَهُ يومَ القِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ﴾، ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ في الصُّورِ فَفَزِعَ﴾.
[٤] نفيٌ بـ (لا) نحو:
* رِدُوا فوَاللهِ لا ذُدْناكُمُ أبدًا *
١٨
[٥] أن تَسْبِقَهُ (إِن) مسبوقةً بِقَسَمٍ، نحو: ﴿وَلَئِنْ زَالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ﴾ أي: ما يُمْسِكُهُما.
إعرابه
الفعلُ الماضي مبنيٌّ، وله ثلاثةُ أحوالٍ في البِناءِ، هي:
١ - الفَتْحُ، وهو الأصْلُ، نحو: ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا﴾.
٢ - الضمُّ، وذلكَ إذا اتَّصَلتْ به واوُ الجماعة، نحو: ﴿آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحات﴾.
٣ - السُّكونُ، وذلكَ إذا اتَّصَلَ به الضَّميرُ المرفوعُ المتحرِّكُ (تاء المتكلِّم أو المخاطَب أو المخاطبة، أو ضميرُ المتكلِّمينَ [نا]، أو نونُ الإناث، نحو: (قُمْتُ، قُمْتَ، قُمْتِ، قُمْنا، قُمْنَ).
...
(٢) فعل الأمر
علامته
له علامةٌ واحدةٌ مركَّبة من شَيئين:
١ - دلالتُهُ على الطَّلَب.
١٩
٢ - قَبولُهُ ياءَ المخاطَبَة.
نحو: ﴿يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لرَبِّكِ واسْجُدِي وَارْكعِي معَ الرَّاكعينَ﴾.
[إذا أفهَمَ الطَّلَبَ ولم يقبَل الياءَ فهو اسْمُ فعلِ أمْرٍ، نحو: (صَهْ، مَهْ).
وكذا إذا قَبِلَ الياءَ ولم يدلَّ على الطَّلَب، نحو (تقومِين، تأكُلينَ) فهذا مضارعٌ].
إعرابه:
فعلُ الأمرِ مبنيٌّ، وله ثلاثةُ أحوالٍ في البِناءِ، هي:
١ - السُّكونُ، هو الأصْلُ، نحو: ﴿اسْلُكْ يَدَكَ﴾.
٢ - حذفُ حرفِ العلَّةِ، إذا كانَ مُعْتلَّ الآخِر، نحو: ﴿ادْعُ﴾، (اخْشَ)، ﴿اتَّقِ﴾.
٣ - حذفُ النُّونِ، إذا اتَّصلَ بألِفِ اثنينِ أو واوِ جماعةٍ أو ياءِ مخاطبَةٍ، نحو: ﴿اهْبِطا﴾، ﴿افْعَلُوا﴾، ﴿فكُلِي واشْرَبِي وقَرِّي عَيْنًا﴾.
***
٢٠
(٣) الفعل المضارع
علاماته:
١ - دخولُ (لم) عليه، نحو: ﴿لَم يَلِدْ ولَمْ يولَدْ﴾.
٢ - دخولُ (سوفَ) أو سينِ الاستقبال، نحو: ﴿وسَوْفَ تَعْلَمونَ﴾، ﴿وسَيَعْلَمُ﴾.
٣ - دخولُ (لن)، نحو: ﴿لَن يَنْفَعَكُمُ الفِرارُ﴾.
٤ - مجيء حرفِ المضارعة أوَّله، وهي مجموعةٌ في قولك: (أنيت)، نحو: ﴿أَعْلَمُ﴾، ﴿نقصُّ﴾، ﴿يَجْمَعُ﴾، ﴿تَنُوءُ﴾.
[ربَّما وقعَتْ هذه الحروفُ أوَّلَ الفعْلِ الماضِي، نحو: (أَكْرَمَ، نَرْجَسَ، يَرْنَأَ، تعلَّمَ)، فالأصحُّ أنَّها شَرْطٌ للمضارعِ، ولَيْسَتْ علامةً قَطعيَّةً عليهِ].
دلالته:
١ - إذا تجرَّدَت صيغةُ المضارع من قرينةٍ تصرِفُهُ عن الحالِ فهو باقٍ لإفادةِ ذلكَ.
٢ - إذا وُجِدَت قَرينةٌ تدلُّ على كونِهِ للحالِ فهو كذلكَ جَزْمًا، كأَن يقتَرِنَ بلفْظٍ صَريحٍ لإرادةِ الحال، نحو: (ألَا
٢١
تَرانِي أُكَلِّمُهُ الآنَ؟)، أو: (السَّاعَةَ؟) أو: (الحينَ؟)، أو ما أشْبَهَ ذلكَ.
٣ - يتعيَّنُ إرادَةُ المستقبَل، بواحدةٍ من القرائنِ التَّالية:
[١] إذا اقترنَ بظَرْفٍ مُسْتَقْبَل، نحوُ: (أَزُورُكَ إِذا تَزُورُني).
[٢] إذا دلَّ على الطَّلَب بقَرينةٍ لفظيَّةٍ، نحو: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ﴾، أو معنويَّة، نحو: ﴿والوالداتُ يُرْضِعْنَ﴾، ﴿والمطلَّقاتُ يَتَربَّصْنَ﴾، ﴿رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا﴾.
[٣] إذا دلَّ على وَعْدٍ، نَحو: ﴿يَغْفِرُ لمَن يَشاءُ وَيُعذِّبُ مَن يَشاءُ﴾.
[٤] إذا صَحِبَ أداةَ توكيدٍ، نحو ﴿لَنَقولَنَّ لوليِّهِ﴾، ﴿لنَسْفَعًا بالنَّاصيةِ﴾.
[٥] إذا صَحِبَ أداةَ تَرجٍّ، نحو: ﴿لَعلِّي أَبْلُغُ الأسْبَابَ﴾.
[٦] إذا صَحِبَ أداةَ مجازاةٍ، نحو: ﴿مَن يَعْمَلْ سوءًا يُجْزَ بِه﴾.
[٧] إذا صَحِبَ حَرْفَ نصْبٍ، نحو: ﴿أَن نَفْعَلَ في أموالِنا ما نَشاءُ﴾.
٢٢
٤ - ينصرفُ معناهُ إلى المُضيِّ، إذا سُبِقَ بواحدةٍ من الأدواتِ التَّالية:
[١] (لم) النَّافية، نحو: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا كَم أَهْلَكْنا﴾.
[٢] (لمَّا) النَّافية، نحو: ﴿كلَّا لمَّا يَقْضِ ما أمَرَه﴾.
[٣] (لو) الشَّرطية، نحو: ﴿وَلَوْ يؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ﴾.
[٤] (إذْ)، نحو: ﴿وِإذْ تَقولُ للَّذي أنْعَمَ اللهُ عليهِ﴾.
[٥] (رُبَّما)، نحو: (رُبَّما يفْعَلُ الإنْسانُ ما لا رَغْبَةَ له فيه).
إعرابه:
الفعلُ المضارعُ له ثلاثةُ أحوالٍ في البِناءِ والإعرابِ، هي:
١ - البِناءُ على السُّكون، وذلكَ إذا اتَّصلتْ به نونُ الإناثِ، نحو: ﴿يُرْضِعْنَ﴾، ﴿إلاَّ أن يَعْفونَ﴾.
٢ - البِناءُ على الفَتْحِ، وذلكَ إذا اتَّصَلتْ به نونُ التَّوكيدِ مباشَرةً، ثقيلةً أو خفيفةً، نحو: ﴿كلاَّ لَيُنبَذَنَّ﴾، ﴿لَنَسْفَعًا بالنَّاصيةِ﴾.
إذا فَصَلَ بينَ الفِعْلِ والنُّونِ أَلِفُ اثنَيْنِ أو واوُ جماعةٍ
٢٣
أو ياءُ مخاطَبَةٍ، كانَ الفعلُ مُعرَبًا، نحو: ﴿وَلا تَتَّبِعانِّ﴾، ﴿لَتُبْلَوُنَّ﴾، ﴿تَرَيِنَّ﴾.
٣ - الإعرابُ، وهو فيما سِوى الحالتينِ المتقدّمَتَيْنِ، (وسيأتي تفصيلُهُ).
***
٢٤
٣ - الحرف
تعريفه:
ما دلَّ على معنى في غيرِهِ ولم يقترِنْ بزَمان، نحو: ﴿في، لم، هلْ، بَلْ﴾.
ومنه ما يختَصُّ بالاسمِ، ومنه ما يختصُّ بالفعْلِ، ومنهُ مُشتَرَكٌ بينَهُما.
علامته:
عَدَمُ قَبولِهِ شَيئًا من علاماتِ الاسمِ أو الفِعْلِ.
***
٢٥
تفسير الكلام
تعريفه:
هو الجملةُ المفيدةُ معنًى تامًّا مكتفيًا بنفسِهِ، نحو: ﴿مُحمَّدٌ رَسولُ الله﴾.
الجملة:
هي: القولُ المركَّبُ، حَسُنَ السُّكوتُ عليه أم لا.
وهي:
١ - اسميَّة، نحو: (خالِدٌ مجتَهِدٌ).
٢ - فعليَّة، نحو: (قامَ سَعِيدٌ).
٣ - ظرفيَّة، نحو: (عِنْدَكَ ضَيْفٌ) (في الدَّارِ رَجُلٌ) (١).
(١) تنقَسِمُ الجُمَل من حيثُ محلُّها من الإعرابِ وعَدَمُهُ إلى قِسمَيْنِ:
[١] جُملٌ لها محلٌّ من الإعرابِ، وهي سَبعةٌ:
١ - الواقعةُ خبرًا، نحو: (الرَّجُلُ الصَّريحُ أصحابُهُ قَليلونَ). =
٢٦
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ٢ - الواقعةُ حالًا، نحو: (لا تَقْطَعِ الحُكْمَ وأنْتَ غاضبٌ).
٣ - الواقعةُ مفعولًا به، نحو: (ظَنَنْتُ الرجُلَ يقومُ اللَّيْلَ).
٤ - الواقعةُ مُضافًا إليه، نحو: (إذا أَحْسَنْتَ فَلا تَمُنَّ)، إذا: اسمٌ مُضافٌ، وجملةُ (أحْسَنْتَ) مُضافٌ إليه.
٥ - الواقعةُ صِفةً، نحو: (قرأتُ كِتابًا ينفَعُ الصِّغارَ والكِبارَ).
٦ - الواقعةُ جوابَ شرطٍ جازمٍ مقرونةً بالفاءِ أو (إذا) الفُجائيَّة، نحو: ﴿ومَن يوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأولئِكَ همُ المفلِحونَ﴾، ﴿وِإنْ تُصِبْهُمْ سيِّئةٌ بِما قَدَّمَتْ أيديهِمْ إذا هُمْ يَقْنَطونَ﴾.
٧ - إذا وقعَتْ تابعةً لجملةٍ لها محلٌّ من الإعرابِ، نحو: (البِناءُ يَشْمُخُ ويَرْتَفِعُ).
[٢] جملٌ لا محلَّ لها من الإعرابِ، وهي سبعةٌ كذلكَ:
١ - المستأنَفَة، وهي الواقعةُ في صَدْرِ الكلامِ أو في أثنائِهِ منقطعةً عمًّا قَبْلَها، نحو: (النَّحوُ دواءُ اللِّسانِ، جاءَ أبو محمَّدٍ).
٢ - المفسِّرة، نحو: (الْفِقْهَ دَرَسْتُه)، العامِل في (الفقه) فعلٌ محذوفٌ تقديرُهُ (دَرَسْتُ).
٣ - جوابُ القَسَم، نحو: (واللهِ لأقولَنَّ الحقَّ).
٤ - جوابُ الشرطِ غير الجازِمِ، نحو: (مَنْ جَدَّ وجَدَ) أو الجازِم غير المقترِن بالفاءِ، نحو: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سوءًا يُجْزَ بهِ﴾.
٥ - المعترضة، نحو: (احرِصْ يرحَمُكَ اللهُ على الخير).
٦ - جملةُ الصِّلة، نحو: (جاءَ الذي تعْرِفونَ بالخَيْر).
٧ - التَّابعةُ لجملةٍ لا محلَّ لها من الإعراب، نحو: (قَدِمَ الرَّجُلُ الذي نحتَرِمُهُ ونُحبُّهُ).
تنبيه: المقصودُ بقولِهمْ (لا محلَّ لها من الإعراب) أنَّها لمْ تقَعْ في موقعِ لفْظِ يُعْرَبُ عادةً كالفاعل والمفعول به والخَبَرِ والصِّفةِ.
٢٧
القول:
هو: اللَّفظُ الدَّالُّ على معنى.
***
٢٨
الإعراب والبناء
تعريف الإعراب:
لُغةً: الإبانةُ عن الشَّيء، وتقولُ: (أعْرَبَ فُلانٌ) أي: تكلَّمَ بالعربيَّة.
اصطلاحًا: تغيُّرٌ يطرأُ على آخِرِ الكلمةِ بتأثيرِ العامِلِ الدَّاخِلِ عليها.
المعربات:
١ - عامَّةُ الأسماء، إلَّا ما يأتي معيَّنًا في المبنيَّات.
٢ - الفعْلُ المضارعُ الَّذي لم تتَّصِلْ به نونُ الإناثِ ولا نونا التَّوكيد.
تعريف البناء:
اصطلاحًا: ما يلزَمُ آخِرُهُ حالةً واحدةً.
٢٩
المبنيات:
١ - جميعُ الحروفِ.
٢ - الأفعالُ:
[١] الفعلُ الماضي.
[٢] فعْلُ الأمْرِ.
[٣] الفِعْلُ المضارعُ إذا اتَّصَلتْ به نونُ الإناثِ أو نونا التَّوكيد.
٣ - الأسماءُ في ستَّةِ أنواعٍ منها فقط، هي:
[١] المُضمَراتُ.
[٢] أسماءُ الشَّرطِ.
[٣] أسماءُ الاستفهامِ.
[٤] أسماءُ الإشارةِ.
[٥] أسماءُ الأفعالِ.
[٦] الأسماءُ الموصولَةُ.
***
٣٠
أنواع الإعراب
أقسامها:
١ - مشْتَرَكٌ بينَ الاسمِ والفِعْلِ، وهو نوعان:
[١] الرَّفع، ويكونُ للعُمَدِ: (المبتدأ، الخَبَر، اسم [كانَ]، وأخواتِها، خبر [إنَّ] وأخواتِها، الفاعِل، نائب الفاعل)، والفِعْلِ المضارعِ المتجرِّدِ من النَّاصِبِ والجازمِ.
الأصْلُ: الرَّفْعُ بالضَّمَّة، نحو: ﴿يَقومُ النَّاسُ﴾.
[٢] النَّصْب، ويكونُ لـ: (خبر [كانَ]، وأخواتها، اسم [إِن]، وأخواتها، الفَضَلات: كالمفعولاتِ، الفعلِ المضارعِ المسبوقِ بحرفٍ ناصِبٍ).
الأصْلُ: النَّصْبُ بالفَتْحَة، نحو: ﴿لَن يَنالَ اللهَ لُحُومُها﴾.
٢ - مختصٌّ بالاسم، وهو: الجرُّ.
الأصْلُ: الجرُّ بالكَسْرة، نحو: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكُمْ في الكِتابِ﴾.
٣١
٣ - مختصٌّ بالفِعْلِ المضارع، وهو: الجَزْمُ.
الأصْلُ: الجَزْمُ بالسُّكونِ، نحو: ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بأنَّ اللهَ يَرى﴾.
***
٣٢
الأبواب الخارجة عن قاعدة الإعراب
الأصْلُ كما تقدَّمَ أنَّ الإعرابَ إنَّما يكونُ بالضَّمَّةِ رَفعًا، والفَتْحةِ نَصْبًا، والكَسْرةِ جرًّا، والسُّكونِ جَزْمًا، لكنْ خرَجَ عن ذلكَ سبْعَةُ أبواب، هي على النَّحو التَّالي:
١ - ما جمع بالألف والتاء
أنواعه:
١ - المفرَدُ المنتهي بتاءِ التَّأنيث، نحو: (فاطمة، طلحة، ثَمَرَة، نسَّابة، بِنْت، أُخْت).
شَذَّ: (شاة، شَفَة، أَمَة) استغناءً بجمع التَّكسير.
٢ - اسمُ العَلَم المؤنَّث، نحو: (زَينب، سُعدى، عَفراء).
٣ - صفةُ المذكَّر غير العاقِل، نحو: ﴿أيامًا معدوداتٍ﴾، ﴿وقُدورٍ راسِياتٍ﴾، ﴿رَواسِيَ شامِخاتٍ﴾.
٣٣
٤ - مصغَّر المذكَّر غير العاقِل، نحو: (فُلَيْسات، دُرَيْهِمات).
٥ - اسم الجِنْس المؤنَّث بالألف، وليسَ له مذكَّرٌ وزنُهُ على (أفْعَل) أو (فَعْلان)، نحو: (صحراء: صَحْراوات) (حُبلى: حُبلَيات).
وأمَّا نحو: (حمراء، وسَكْرى) فلا يُجمَعانِ بالألفِ والتَّاءِ؛ لأن مذكَّرهما: (أحْمَر، سَكْران).
إعرابه:
يُرْفَعُ بالضَّمَّة، ويُنْصَبُ ويُجرُّ بالكَسْرةِ، نحو: ﴿فيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ﴾، ﴿كَسَبوا السَّيِّئاتِ﴾، ﴿رَفيعُ الدَّرَجاتِ﴾ (١).
(١) قاعدة في حركة عين الكلمة (فعلات):
الجمعُ بألفٍ وتاءٍ قدْ تتأثَّرُ به عينُ الكلمةِ من جهةِ ضَبْطِها عمَّا هي عليه في المفرَدِ، وهي على صورَتَينِ:
[١] إذا كانَ المفرَدُ مؤنَّثًا ثُلاثيًّا صحيحَ العَيْنِ ساكِنَها غيرَ مُضاعَفٍ ولا صِفةٍ، فحركةُ العَيْنِ تَتْبَعُ حركةَ الفاءِ، نحو: (جَفْنَة: جَفَنات) (غُرْفَة: غُرُفات) (سِدْرَة: سِدِرات) (دَعْد: دعَدات) (جُمْل: جُمُلات) (هِنْد: هِنِدات).
[٢] يبقى المفرَدُ على حالهِ ويُزادُ لجمعِهِ الألِفُ والتَّاءُ في حالتَيْن:
١ - إذا كانَ فوقَ الثُّلاثي، نحو: (جَيْأَل) اسمٌ للضَّبُع، تقولُ: (جَيْأَلات).
٢ - إذا كانَ معتلَّ العَين، نحو: (دَوْلة، عوْرَة، نور، نارة، نار، بَيْضة، دِيمة، دِيَم) تقول: (دَوْلات، عَوْرات، نُورات، نارات، بَيْضات، دِيمات، دِيَمات).
٣٤
٢ - ما لا ينصرف
علامته:
لا يقبَلُ التَّنوين، نحو: ﴿وعَصى آدَمُ ربَّهُ﴾، ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ﴾، ﴿يا بَني آدَمَ﴾.
إعرابه:
يُرفَعُ بالضَّمَّة، ويُنصَبُ ويُجَرُّ بالفَتْحة، نحو: ﴿إنَّه مِن سُلَيمانَ﴾.
ويُجَرُّ بالكَسْرَةِ في حالتين:
١ - إذا أُضيفَ، نحو: ﴿في أَحْسَنِ تَقْويمٍ﴾.
٢ - إذا عُرِّفَ بـ (أل)، نحو: ﴿كالأعْمى والأصَمِّ﴾.
أنواع الممنوع من الصرف:
١ - العَلَمُ يأتي على وزنِ الفِعْل، نحو: (أَحْمد، يَزيد، يَشكُر، تَغْلِب).
٢ - العَلَمُ المركَّب تركيبَ مَزْجٍ غير مختومٍ بـ (وَيْهِ)، نحو: (بعلَبَكَّ، حَضْرَمَوت، مَعْدي كَرِب).
٣٥
٣ - العَلَمُ الأعجَمي، نحو: ﴿إبراهيمَ وإسماعِيلَ وإسحاقَ﴾.
ولذلكَ شَرطان:
[١] أن يكونَ عَلمًا في اللسانِ الأعجمي، واستُعْمِلَ علمًا في اللِّسانِ العَربي.
فلو سُمِّيَ إنسانٌ: (ديباج) أو (لِجام) أو (نيروز) أو (قالون) أو (بُندار) انصرف؛ لأنَّها ليسَتْ أعلامًا في لسانِ العجم.
[٢] أن يكونَ زائدًا على ثلاثة أحرُف.
ولذلكَ صُرِفَ: ﴿نُوحٌ﴾ و﴿لوطٌ﴾ (١).
(١) كيف تعرف عجمة الاسم؟
يميِّزُ كونَ الاسمِ أعجميًّا الوجوهُ التَّالية:
١ - النَّقْل.
٢ - خُروجُهُ عن أوزانِ الأسماءِ العربيَّة، مثل: (إبريسَم) فلا يوجَدُ وزنُهُ في أبنيةِ الأسماء.
٣ - أن يقَعَ أوَّلَه نونٌ بعدَها راءٌ، نحو: (نَرْجِس)، أو آخِرَهُ زايٌ بعدَ دالٍ، نحو: (مُهَنْدِز)، ولعلَّة عدَمِ وجودِ مثل هذا التَّتابُع في لِسانِ العَربِ قلَبوا الزَّايَ سينًا فقالُوا: (مُهَنْدِس).
٤ - أن يجتَمِعَ في الكلمةِ من الحُروفِ ما لا يجتمِعُ في كلامِ العَرَبِ، مثْلُ اجتماعِ الجِيم والصَّادِ في نحو: (صَوْلَجان)، أو الجِيمِ والقافِ في نحوِ: (مَنْجَنِيق)، أَو الكافِ والجِيمِ في نحوِ: (أُسْكُرُّجَة).
٣٦
٤ - العَدْلُ، وهو: صَرْفُكَ لفظًا أولى بالمسمَّى إلى آَخَر، وهو خمسُ كلماتٍ:
[١] عَلَمٌ على وَزْنِ (فُعَل) معدولٌ به عن (فاعِل)، وهو أربعةَ عَشَرَ اسمًا في لسانِهمْ: (عُمَر، زُفَر، مُضَر، ثُعَل، هُبَل، زُحَل، عُصَم، قُزَح، جُشَم، قُثَم، جُمَح، جُحا، دُلَف، بُلَع)، ويُقاسُ عليها ما جاء على وزنِها من أسماء الأعلام.
[٢] علَمٌ مؤنَّث على وَزْنِ (فَعال) في لُغة تميمٍ خاصَّةً، نحو: (حَذام، قَطام، سَجاح، رَقاش).
[٣] كلمة (سَحَر) إذا أردتَ به الوَقْتَ المعروف محدَّدًا بيومٍ أو تاريخ، كأن تقولَ: (جِئتُكَ يومَ الجُمعةِ سحَرَ)، فإذا لم تُحدِّد انصَرَف: ﴿نجَّيناهُمْ بِسَحَرٍ﴾.
[٤] صِفةٌ واقعةٌ في الأعداد خاصَّةً على وزنِ (فُعال) أو (مَفْعَل) نحو: ﴿مَثْنى وثُلاثَ ورُباعَ﴾.
واعلَمْ أنَّها للأعداد من الواحدِ إلى الأربعة.
[٥] كلمةُ (أُخَر) جمعُ (الأخرى) نحو: (فعِدَّةٌ من أيَّام أُخَرَ﴾.
٥ - الوَصفُ الَّذي مؤنَّثه على وزنِ (فَعْلى) أو (فَعْلاء) نحو: (سَكْران) مؤنَّثه: (سَكْرى)، و(أحْمَر) مؤنَّثه: (حمراء).
٣٧
وإذا خُتِمَ مؤنَّثُهُ بتاءِ تأنيثٍ صُرِفَ، نحو: (أرْمَل) فمؤنَّثُهُ (أرملة)، و(حَبْلان) مؤنَّثه (حَبْلانة) والمعنى: امتلأ غضَبًا (١).
٦ - العَلَمُ الَّذي آخرُهُ ألفٌ ونونٌ زائدتان، نحو: ﴿وأسْلَمْتُ معَ سُلَيمانَ﴾.
علامةُ الزِّيادة: أن يكونَ قبلَ الألف والنُّونِ أكثرُ من حرفينِ.
(١) الصِّفاتُ الَّتي على وزْنِ (فَعْلان) ومؤنَّثُها على (فَعْلانة) هي التَّاليةُ، ليسَ في كلامِ العَرَبِ غيرُها:
ا- أَلْيَان: كبيرُ الألْيَة.
٢ - حَبْلان: وهو الممتلئ غضَبًا.
٣ - خَمْصان، ويُقال: خُمْصان: جائعٌ.
٤ - دَخْنان: وهو ما يكونُ فيه كُدرةٌ في سَواد، تقول: (يومْ دَخْنان).
٥ - سَخْنان: حارٌّ.
٦ - سَيْفان: وهو الرَّجُلُ الطَّويل.
٧ - صَوْحان: يابِسُ الظَّهر، نحو: (بعيرٌ صَوْحانٌ).
٨ - ضَحْيان: لا غَيْمَ فيه.
٩ - عَلَّان: جاهِلٌ.
١٠ - قَشْوان: دَقيقُ السَّاقَيْنِ ضَعيفُهما.
١١ - مَصَّان: لَئيم، وشَتيمةٌ قَبيحة من فاحِشِ القَوْل.
١٢ - مَوْتان: بَلِيد، يُقالُ: (رجُلٌ مَوْتانُ الفُؤاد) أي بَليد.
١٣ - نَدْمان: من المنادمة على الشَّراب، لا من النَّدَم.
١٤ - نَصْران: نَصْرانيٌّ.
٣٨
فائدة:
إذا كان قبلَ الزِّيادة حرفانِ ثانيهما مُشدَّدٌ، جازَ الصَّرفُ والمنعُ، نحو: (حَسَّان) فإنَّك إنْ جعَلْتَه مُبالغةً من (الحُسْنِ) كانَ وزنُهُ (فعَّال) فليسَ فيه زيادةٌ فيُصْرَف، وإنْ جعَلْتَه من (الحِسِّ) فالألف والنُّونُ زائدتان.
٧ - التَّأنيثُ، وهو ثلاثةُ أقسامٍ:
[١] كُلُّ اسمٍ مؤنَّثٍ أُنِّثَ بالألفِ في آخِرِهِ، نحو (حُبلى، حَمراء، سُكارى، أولياء).
[٢] كُلُّ عَلَمٍ لحِقَتْهُ تاءُ التأنيث، استُعْمِلَ للمؤنَّث أو المذكَّر، نحو (طلحة، فاطمة).
[٣] كُلُّ عَلَمٍ مؤنَّثٍ استُخْدِمَ للمؤنَّث، نحو (سُعاد، زينب، سَمَر).
تنبيه: إذا كانَ العَلَمُ المؤنَّثُ من القِسْمِ الثَّالث يتركَّبُ من ثلاثةِ أحرُفٍ ووسطُهُ ساكنٌ جازَ صَرْفهُ ومَنْعُهُ، نحو: (هِنْد، دَعْد، جُمْل).
٨ - العَلَمُ المنتهي بألفِ إلحاقٍ زائدةٍ، نحو: (أَرْطى) ملحقةً بـ (جَعْفَر)، كذا قالوا، وَفي هذا نَظَرٌ، وذَكَرْتُهُ لأنَّهُم ذَ كَروهُ.
٣٩
٩ - ما كانَ من الأسماءِ جمعًا على هيئةِ (مَفاعِل) أو (مَفاعِيل) سواءٌ ابتدأ بميمٍ أو غيرِها بشَرطِ فَتْحِ أوَّلِهِ وكَسْرِ ما بَعْدَ الألِفِ.
نحو: ﴿مَساجِدُ﴾، ﴿مساكِين﴾، ﴿صَوامِع﴾، ﴿عناقِيد)، ﴿أساور﴾، ﴿أباريق﴾.
ومنه: (دوابّ) لأنَّ أصلَه: (دوابِب).
ومنه: (سَراويلَ) لمجيئه على صيغتهِ.
...
٣ - الأسماء الستة
هي:
أَبوه، أَخوه، حَموه، فُوه، ذو (بمعنى صاحب)، هَنوهُ.
إعرابها:
تُرْفَعُ بالواوِ، وتُنْصَبُ بالألف، وتُجرُّ بالياءِ، بشروطٍ ثلاثةٍ:
١ - أن تكونَ مُضافةً إلى غير ياءِ المتكلِّم، نحو: ﴿ما كانَ أبوكِ امرأَ سَوْءٍ﴾، ﴿وجاءوا أَباهُمْ﴾، ﴿يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبيكُمْ﴾.
٤٠
فإذا لمْ تُضَفْ، أو أُضيفَت إلى ياءِ المتكلِّم أُعْرِبَت بالحرَكاتِ، نحو: ﴿إِنَّ لهُ أبًا﴾، ﴿سَرَقَ أَخٌ لهُ من قَبْلُ﴾، ﴿ائتونِي بأَخٍ﴾، ﴿وهذا أخِي﴾، ﴿وإنَّ أَبي يدعوكَ﴾، ﴿فأُوارِيَ سوْءَةَ أًخي﴾.
٢ - أن تكونَ مُفردةً، فإنْ ثُبِّيَت أعرِبَت إعرابَ المثنَّى، وإنْ جُمِعَتْ جمعًا سالمًا أعرِبَت إعرابَ جمعِ المذكَّرِ السَّالمِ، وإنْ جُمِعَت تكسيرًا أعْرِبَت بالحركات.
٣ - أن لا تكونَ مصغَّرةً، فإنْ صُغِّرَت أُعربَت بالحركاتِ، نحو: (هذا أُخَيُّكَ وأبَيُّكَ)، (رأيتُ أُخَيَّكَ وأُبَيَّكَ)، (مَرَرْتُ بأُخَيِّكَ وأُبَيِّكَ).
...
٤ - المثنى
تعريفه:
ما دلَّ على اثنينِ بزيادةٍ في آخرهِ يصلحُ للتَّجريد منها.
إعرابه:
يُرْفَعُ بالألفِ، ويُنْصَبُ ويُجرُّ بالياءِ، نحو: ﴿قالَ رَجُلانِ﴾، ﴿فاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ﴾، ﴿خَلَقَ الأرْضَ في يَوْمَينِ﴾.
٤١
ملحقاته:
يُعْرَبُ إعرابَ المثنَّى:
١ - ألفاظ تثنيةٍ في الأصْل، لكن جَرى استعمالُها كاللَّفْظِ المفرَد، نحو: (الكَلْبَتَين) آلة الحدَّاد، و(البَحرَين) اسمُ عَلَمٍ للبِلادِ المعْروفَةِ.
٢ - اثْنانِ واثنَتان، نحو: ﴿ومِنَ الإبِلِ اثنَيْنِ﴾، ﴿فانْفَجَرَتْ منهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَينًا﴾، ﴿وبَعَثْنا منهُمُ اثْنَي عَشَرَ نَقيبًا﴾.
٣ - استعمالات عربيَّة جَرَت على سبيل التَّغليب، نحو: (الأبوَين) للأب والأم، و(القَمَرَيْن) للشَّمس والقمَر، و(العُمَرَين) لأبي بَكْرٍ وعُمَرَ، و﴿البَحْرَيْنِ﴾ للعَذْبِ والمِلْحِ.
٤ - كِلا، وكِلْتا، إذا أُضيفَا إلى مُضْمَرٍ، نحو: ﴿إِمَّا يَبْلُغنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحدُهُما أو كِلاهُما﴾.
فإنْ أُضيفا إلى ظاهِرٍ لَزِما الألِفَ، تقولُ: (جاءَني كِلا الرَّجُلَين) (رأيتُ كِلا الرَّجلينِ) (مرَرْتُ بِكِلا الرَّجُلين).
٥ - اللَّذانِ، واللَّتان، وهذان، وهاتان، مُلْحَقاتٌ كذلكَ بالمثنَّى في مذْهَبٍ قويٍّ.
***
٤٢
٥ - جمع المذكر السالم
تعريفه:
ما دلَّ على أكثر من اثنينِ بزيادةٍ في آخرهِ يصلحُ للتَّجريد منها.
إعرابه:
يُرْفَعُ بالواوِ، ويُنْصَبُ ويُجَرُّ بالياءِ، نحو: ﴿وجاءَ المعذِّرونَ﴾، ﴿إنَّ المتَقينَ في جَنَّاتٍ﴾، ﴿وكونوا معَ الصَّادِقينَ﴾.
شروطه:
١ - أن يكونَ لعاقلٍ، نحو: (زَيدون، صالحون)، أو مُشبَّهًا به، نحو: ﴿رأيتُهُمْ لي ساجِدينَ﴾، ﴿قالَتا أَتَيْنا طائعينَ﴾.
٢ - أن يكونَ مفردُهُ خاليًا من تاءِ التَّأنيثِ، نحو: (أحمد، مؤمِن) ويمتنعُ نحو: (حَمزة، قائمة).
٣ - أن يكونَ عَلمًا، نحو: (بَكْر)، أو صِفةً مُصغَّرة، نحو: (رُجَيْل، غُلَيِّم، أُحَيْمِر، سُكَيران)، أو صِفةً يقْبلُ مفردُهُ
٤٣
تاءَ التَأنيثِ لوْ أدْخَلْتَها عليه، نحو: (ضارِب، مُصْلِح، مأمون، أرْمَل).
فيمتَنِعُ نحو: (رجُلٌ، فتى، غُلام، أحمر، سكران، عانِس، صَبور، قَتيل، جَريح).
فائدة: المنقوصُ والمقصورُ يُجْمَعانِ جَمعًا سالمًا بحذْفِ آخِرِهما، وهو الياء من المنقوصِ كـ (القاضِي)، ويُضَمُّ ما قبلَ واوِ الجَمْعِ في الرَّفْعِ: (القاضُون) ويُكْسَرُ ما قبلَ الياءِ في النَّصْبِ والجَرِّ، (القاضِينَ)، كما تُحْذَفُ الألفُ من المقصورِ كـ (الأعلى)، لكن يثبُتُ ما قبلَ الواوِ والياءِ مفتوحًا، نحو: ﴿وأنْتُمُ الأعْلَوْنَ﴾ ﴿وإنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَينَ﴾.
ملحقاته:
١ - ألفاظُ العُقود (عِشْرونَ) إلى (تِسعينَ)، نحو: (عِشْرونَ صابِرونَ﴾، ﴿ثَمانِينَ جَلْدةً﴾.
٢ - أَهْلون، جمعُ (أهْل)، نحو: ﴿شَغَلَتْنا أموالُنا وأهْلونا﴾، (ما تُطْعِمونَ أهْلِيكُمْ﴾.
٣ - أَرَضونَ، بفتْحِ الرَّاء، جمعُ (أرض).
٤ - عالَمونَ، جمع (عالَم) وهو اسمُ جَمْع، نحو: ﴿رَبِّ العالَمين﴾.
٤٤
٥ - بَنُون، جمع (ابن)، نحو: ﴿المالُ وَالبَنونَ﴾، ﴿أفَأَصْفاكُمْ ربُّكُمْ بالبَنينَ﴾، ومِثْلُهُ: (أبون، أَخون، هَنون، ذَوو) مِن الأسماء السِّتَّةِ على ندْرَةِ اسْتِعمالٍ لها على هذا الجَمْعِ، وهُوَ جَمْعٌ شاذٌّ.
٦ - أولو، وهو وصفٌ لا واحِدَ له من لفظِهِ، نحو: ﴿وَلا يأْتَلِ أولو الفَضْلِ منكُمْ والسَّعَة﴾.
٧ - سُنون، جمعُ (سَنة).
٨ - أجمعون، نحو: ﴿فسَجَدَ الملائِكَةُ كُلُّهُم أجْمَعُونَ﴾، ﴿فَنَجَّيناهُ وَأَهْلَهُ أجْمَعينَ﴾.
تنبيه: بعْضُ العربِ يُعْرِبُ ما تقدَّمَ من اللَّواحِقِ بالحركاتِ على النُّونِ، ويُلْزِمُها الياء.
مسائل:
١ - نونُ المثنَّى مكسورةٌ دائمًا، ونونُ الجمعِ مفتوحةٌ دائمًا.
٢ - تُحْذفُ النُّونُ عندَ الإضافة، نحو: ﴿بَلْ يَداهُ مبسوطَتان﴾، ﴿والمقيمي الصَّلاةِ﴾، ﴿غيرَ مُحلِّي الصَّيدِ﴾.
٣ - إذا نُقِلَت صيغةُ المثنَّى أو الجمعِ السَّالم علَمًا، ففيه لُغتان صحيحتانِ: إعرابُهُ بالحروفِ على أنَّه مثنَّى
٤٥
أو جَمْع، وبالحركاتِ على النُّونِ، كأنْ تُسمِّيَ شخصًا: (زيدان) أو (زيدون)، ومنه قولُهُ تعالى: ﴿إِنَّ كِتابَ الأبْرارِ لَفي علِّيِّينَ. وما أدراكَ ما علِّيُّونَ﴾، ونحو: (نَصيبِين، صفِّين، قِنَّسْرين، فِلَسْطين) (١).
(١) شروط التثنية والجمع:
لإمكانِ تثنيةِ اللَّفْظِ وجَمْعِهِ شروطٌ، فما تحقَّقَتْ فيه أمْكنَ تثنيتُهُ وجمعُه، هي:
١ - الإفراد، نحو: (رجُل، كِتاب).
فيمتنعُ تثنيةُ وجمعُ: المثنَّى، الجَمْع السَّالم، جمع التَّكسير.
واسمُ الجمعِ نحو: (فئة) والجِنس نحو: (ماء) لا يُثنَّيان أو يُجْمَعان إلَّا باعتبارِ تعدُّدِ الصِّنْف.
٢ - الإعراب.
فيمتنعُ تثنيةُ وجمْعُ المبنيات.
٣ - عَدَمُ التَّركيب.
فيمتنِعُ تثنيةُ وجمعُ: المركب تركيبَ إسنادٍ، نحو: (تأبَّطَ شرًّا)، وإنَّما تُثنِّيه وتجمعُهُ بـ (ذُو) تقولُ: (جاءَني ذَوا تأبَّطَ شَرًّا) و(ذَوو تأبَّطَ شَرًّا).
أمَّا المركبُ المزجيُّ نحو: (مَعْدي كَرِب) فقولانِ بالجوازِ وعدمِهِ، وعلى القولِ بالمنع فيُثنَّى ويُجْمَعُ بـ (ذو).
وأمَّا تركيبُ الإضافة نحو: (عبد الله) (أبو بكر)، فتثنيتُهُ وجمعُهُ يقعانِ على جُزئه الأوَّل، فتقول: (عَبْدا الله، عِبادُ الله، عَبيدُ الله، أبَوا بَكْرٍ، آباء بكرٍ).
٤ - التَّنكيرُ.
فيمتنِعُ تثنيةُ وجمعُ: أسماء الأعلام، وكناياتِها نحو: (فُلان، فُلانة)، وإذا رأيتَ علَمًا قدْ ثُنِّيَ أو جُمِعَ فقدْ خرجَ من العلميَّة إلى التَّنكيرِ. =
٤٦
٦ - الأفعال الخمسة
تعريفها:
هي: الفعلُ المضارع يتَّصلُ به: ألفُ الاثنينِ أو واوُ الجماعة للغائب والحاضِر، أو ياءُ المخاطَبة.
أوزانُها: (يَفعَلانِ، تَفْعَلانِ، يَفْعَلونَ، تَفْعَلونَ، تَفْعَلين).
إعرابها:
تُرْفَعُ بثُبوتِ النونِ، وتُنصَبُ وتُجْزَمُ بحَذْفِ النُّونِ،
= ٥ - اتَّفاقُ اللَّفْظ، بمعنى: إمكانُ تعدُّده في الواقِع.
فيمتنِعُ تثنيةُ وجمْعُ نحو: (شَمس، قَمر، الثُّريَّا)، لأنَّه لا يُتصوَّرُ وجودُ أكْثَرَ من شَمْسٍ أو قَمَرٍ أو ثُرَيَّا على الحقيقةِ.
٦ - أن لا يُسْتَغنى عن تثنيتِهِ وجمْعِهِ بتثنيةِ غيرهِ وجمعِه.
فلا يُثَّنى (بعض) استغناءً بتثنية (جُزْء).
ولا (سواء) استغناءً بتثنيةِ (سِي) على: (سِيَّان).
ولا تُثنَّى ولا تُجْمَعُ أسماءُ العَدَدِ غير (مئة) و(ألف) للاستغناء عن ذلكَ بمضاعفةِ العدد، فتثنيةُ (عَشْرة) (عِشرون) وجمعُها (ثلاثون).
٧ - أن يكونَ فيه فائدة.
فيمتنِعُ تثنيةُ وجمعُ (كُلِّ) لأنَّه دالٌّ بنفسِهِ على التَّعدُّد.
٨ - أن لا يَشْبَه الفِعْلَ.
فيمتنِعُ تثنيةُ وجمعُ (أَفْعَلُ مِن) لأنَّه جارٍ مجرى التَّعجُّب.
٤٧
نحو: ﴿يَقُومَان﴾، ﴿تَكْسِبون﴾، ﴿يُؤمِنون﴾، ﴿تَأْمُرِينَ﴾، ﴿فإن لم تَفْعَلوا ولَن تَفْعَلوا﴾.
فائدة:
ربَّما حُذِفَت النُّونُ في الرَّفْع في لُغةٍ صحيحةٍ، كما في قِراءة: ﴿قالُوا سِحْرانِ يَظَّاهَرا﴾، وكما في الحديث: «لا تدْخُلون الجنَّةَ حتَّى تؤمِنوا، ولا تُؤمِنوا حتَّى تحابُّوا» (١).
...
٧ - الفعل المضارع المعتل الآخر
تعريفه:
هو: ما آخِرهُ حرْفُ علَّة.
إعرابه:
في حالتي الرَّفْع والنَّصْب يُعرَبُ بالحركاتِ، لكنَّه يُجْزَمُ بحذْفِ حرفِ العلَّة، نحو: ﴿ولا تَقْفُ ما ليسَ لكَ به علمٌ﴾، ﴿وَلْيَخْشَ الَّذينَ لَوْ تَرَكوا﴾، ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ﴾.
...
(١) أخرجه مسلم في «صحيحه» برقم ٥٤.
٤٨
الإعراب المقدر
أنواعه:
١ - ما يُقدَّرُ فيه الحَرَكاتُ الثَّلاث، وهو أربَعَة أشياء:
[١] المضاف لياء المتكلِّم، نحو: (هذا عَمَلي)، (أتْقَنْتُ عَمَلي)، (أَثِقُ بعَمَلِي).
[٢] الحرف المسكَّن للإدغام، كما في قِراءَة الإدغام في نحوِ: ﴿وتَرى النَّاسْ سُكارَى﴾.
[٣] المحكِي، في نحو: (مَنْ زَيْدٌ؟)، (مَنْ زيدًا؟)، (مَنْ زَيْدٍ)، لمن قالَ لكَ: (قامَ زَيْدٌ)، (رأيتُ زيدًا)، (مررْتُ بزيدٍ).
[٤] الاسم المقصور، لتعذُّر تحريك الألف، نحو: (هذه سَلْمى) (رأيتُ سَلْمى) (مررتُ بسَلْمى).
٤٩
٢ - ما يُقدَّرُ فيه حَركتانِ فقط، وهوَ شيئان:
[١] الضَّمَّة والكَسْرة لعلَّة الثِّقَل، وهو: الاسم المنقوص الَّذي آخِرُهُ ياءٌ خَفيفةٌ لازمةٌ بعدَ حرْفٍ مكسورٍ، نحو: (القاضِي، الدَّاعِي).
[٢] الضَّمَّة والفتحة لعلَّةِ التَّعذُّر، وهو: المضارع المعتلُّ الآخر بالألف، نحو: ﴿يَخْشى﴾.
٣ - ما تُقدَّرُ فيه الضَّمَّة فقط، وهو:
المضارعُ المعتلُّ الآخِر بواوٍ أو ياءٍ، نحو: ﴿يَدْعُو﴾، ﴿يَهْدِي﴾.
٤ - ما يُقدَّرُ فيه السُّكونُ، وهو:
ما كُسِرَ لالتقاءِ السَّاكنَيْنِ، نحو: ﴿لم يَكُنِ الَّذِينَ كَفَروا﴾.
***
٥٠
النكرة والمعرفة
النَّكرة والمعرفة لا يحصُرُهما تعريفٌ مُنضبطٌ، ولِذا أعرَضَ طائفةٌ من المحقِّقينَ من أئمَّة العربيَّة عن اعتبارِ وَضعِ تعريفٍ لهما، واكتَفَوا بذِكْرِ أقسامِ المعارفِ، فيُعْرَفُ أنَّ ما عداها النَّكرةَ.
أقسام المعرفة:
ستَةٌ: الضَّمير، العَلَم، الإشارة، الموصول، المعرَّف بـ (أل)، المعرَّف بالإضافة.
١ - الضمير
تقسيمه:
١ - متَّصلٌ، وهو تسعةُ ألفاظٍ كلُّها لَواحقُ لا يُبدأُ بها، على النَّحو التَّالي:
٥١
[١] ضمائر مرفوعةٌ دائمًا، وهي: تاءُ الفاعِل، نونُ الإناثِ، واوُ الجماعة، ألفُ التَّثنية، ياء المخاطبة، نحو: (ضَرَبْتُ، ضَرَبْتَ، ضَرَبْتِ، ضَرَبْنَ، ضَرَبُوا، ضَرَبا، اضْرِبي).
[٢] ضمائر تُنْصَبُ وتُجرُّ، وهي: كافُ الخطابِ، وهاءُ الغائب، وياءُ المتكلِّم، (ضَرَبَكَ، مَرَّ بِكَ)، (ضَرَبَهُ، مَرَّ بهِ)، (ضَرَبَني، مَرَّ بِي).
[٣] ضَميرٌ يقعُ مرفوعًا ومنصوبًا ومجرورًا، وهو ضمير جماعة المتكلِّمين (نا)، تقولُ: (قُمْنا، ضَرَبَنا، مَرَّ بِنا).
٢ - منفصلٌ، وهو نوعان:
[١] ضمائرُ لا تأتي إلَّا مرفوعةً، وهي: أَنا، أنْتَ، أَنْتِ، أَنْتُما، أَنْتُمْ، أَنْتُنَّ، نحنُ، هُوَ، هِيَ، هُما، هُمْ، هُنَّ.
[٢] ضَميرٌ لا يأتي إلا منصوبًا، وهو (إِيَّا)، ويتصرَّفُ: إيَّايَ، إيَّانا، إيَّاكَ، إيَّاكِ، إيَّاكُما، إيَّاكُمْ، إيَّاكُنَّ، إيَّاهُ، إيَّاها، إيَّاهُما، إيَّاهُمْ، إيَّاهُنَّ.
أحكامه:
١ - هو نوعان: ظاهرٌ، ومستَتِرٌ، أما الظَّاهرُ فظاهِرٌ، وأمَّا المستترُ فقِسمانِ:
٥٢
[١] مستترٌ وجوبًا، وعلامتُهُ: أنَّه لا يمكِنُ أن يخْلُفَه ظاهِرٌ، ويقَعُ في:
فعلِ الأمْرِ؛ نحو: (اضْرِب)، والمضارعِ المتكلِّمِ؛ نحو: (أَضْرِبُ، نَضْرِبُ)، والمضارعِ المخاطَبِ؛ نحو: (تَضْرِب)، واسْمِ فعْلِ الأمْرِ، نحو: (صَهْ).
[٢] مستَتِرٌ جوازًا، وهو عَكْسُ سابِقهِ، ويقعُ في:
الفعْلِ الماضي، نحو: (ضَرَبَ)، واسْمِ فعْلِهِ، نحو: (هَيْهاتَ)، والمضارعِ الغائبِ، نحو: (يَضْرِبُ، تَضْرِبُ)، والوَصْفِ نحو: (ضارِب، مضروب).
٢ - تاءُ الفاعِل وكافُ الخِطابِ وهاءُ الغائب إذا جَمَعْتَ زِدتَ ميمًا ساكنةً، فتقولُ: (ضَرَبْتُمْ، ضَرَبَكُمْ، ضَرَبَهُمْ)، فإنْ زِدْتَ واوَ الجْمعِ ضُمَّت الميمُ، نحو: (ضَرَبْتُمُوهُمْ)، وإنْ زدتَ ألفَ تثنيةٍ فُتِحَتْ، تقولُ: (ضَرَبَهُما).
٣ - ياءُ المتكلِّمِ إذا وقعَتْ في محلِّ نصْبٍ فُصِلَتْ عمَّا اتَّصَلتْ به بنونٍ تُسمَّى (نون الوِقاية) لوقايةِ الفِعْلِ من الكَسْرِ، نحو: (أَكْرَمَني، يُكْرِمُنِي، أَكْرِمْنِي).
٥٣
وتَلْحَقُ هذه النُّونُ الأدواتِ غيرَ الفِعْلِ؛ نحو: (إنَّني، لَيْتَني، لعلَّني، كأنَّني، لكنَّني)، ويجوزُ حَذْفُها مِنْها إلَّا (ليتَ) لقوَّة شَبَهها بالفِعْل.
٤ - ضمير الغائب خاصَّةً يحتاجُ إلى ما يعودُ عليه، يُسمَّى (المفسِّر)، نحو: (سَعْدٌ يَضْحَكُ) الضَمير المستترُ في (يضْحَك) يعودُ على (سَعْد).
والأصْلُ أنَّ الضَّميرَ يعودُ إلى أقرب مذكررٍ، إلاَّ إذا قامَتْ قرينةٌ على عدَمِ إرادةِ ذلكَ، نحو: ﴿وَوَهَبْنا لَهُ إسْحاقَ ويَعْقوبَ وجَعَلْنا في ذُرِّيَتِهِ النُّبُوَّةَ والكِتابَ﴾، فالضَّمير في ﴿ذُرِّيَّتِهِ﴾ يعودُ على (إبراهيم) بقرينةِ القصَّةِ.
كما قدْ يُحذَفُ (المفسِّرُ) عندَ العلْمِ به، نحو: ﴿إنَّا أنزَلْناهُ في ليلة القَدْرِ﴾.
٥ - ما يُسمَّى بـ (ضمير الفَصْل) لا محلَّ له من الإعراب، ويُرادُ به التأكيدُ، نحو: ﴿كُنْتَ أَنْتَ الرَّقيبَ علَيْهِمْ﴾ ﴿إِنَّ هذا لَهُوَ القَصَصُ الحَق﴾ ﴿تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيرًا﴾.
***
٥٤
٢ - العَلَم
تعريفه:
هو ما وُضِعَ لمعيَّن لا يتناوَلُ غيرَه.
أقسامه:
١ - مُفرَد، نحو: (محمَّد).
٢ - منقول من جملة، نحو: (تأبَّطَ شَرًّا)، (بَرِقَ نَحْرُهُ)، (شابَ قَرْناها).
٣ - مركَّب تركيبَ مَزْجٍ، نحو: (سِيبَوَيْهِ) و(معْدِي كَرِب).
٤ - ذو الإضافة، نحو: (عبْد الله، أبو بكر، ابن آوَى).
فائدتان:
١ - من علامة العَلَم أن لا تدخُلَ عليه (أل) إلَّا في أسماء مسموعةٍ قَليلةٍ، كـ (الحارث، الفَضْل، العبَّاس)، وأسماء الأعداد نحو: (الأوَّل، الثَّاني الثَّالث ...).
٢ - (فُلان) و(فُلانة) كنايةٌ عن الشَّخص العاقِل مذكَّرًا أو مؤنَّثًا عَلَمانِ، ويَستَعملونَ ذلكَ لغيرِ العاقِلِ أيْضًا، لكنَّهم
٥٥
إذا كَنَوا بها عن غيرِ عاقِلٍ عرَّفوهُ بـ (أل) فيقولونَ: (الفُلان، الفُلانة).
...
٣ - اسم الإشارة
هو:
١ - للمفرد المذكَّر: ذا، ذاكَ، ذلكَ.
٢ - للمفرَد المؤنَّث: ذِي، تِي، تا، ذِهِ، ذِهْ، تِهِ، تِهْ، ذِهِي، تِهِي، ذاتُ، تِيكَ، تَيْكَ، ذِيكَ، تِلْكَ، تَلْكَ، تالكَ.
٣ - للمثنى المذكَّر: ذانِ، ذانِكَ، ذَيْنِ، ذَيْنِكَ.
٤ - للمثنَّى المؤنَّث: تانِ، تانِكَ، تَيْنِ، تَيْنِكَ.
٥ - للجَمْع: أولاءِ، أولئِكَ.
٦ - للمكان: هُنا، هُناكَ، هُنالكَ، ثَمَّ للبعيد فقط، وربَّما كانت: هُنا، هُناك، هُنالِك، للزَّمان أيضًا.
أحكامه:
١ - ما كانَ بغيرِ كافٍ في آخرهِ فهو للإشارةِ للقَريبِ، وتَصْحَبُهُ (ها) للتَّنبيهِ كثيرًا، تقولُ: (هذا).
٥٦
وما كانَ بكافٍ فهو للإشارةِ للبعيدِ، وقَدْ تصحبُهُ (ها) أحيانًا، تقول: (هَذاكَ).
٢ - تُفْصَلُ (ها) التَّنبيه عن اسم الإشارة بـ (أنا) وأخواتِها من ضمائر الرَّفْعِ المنفصلة، نحو: ﴿ها أنْتُمْ أُولاءِ﴾، وإذا أُعيدَتْ (ها) بعدَ الفَصْلِ كانت للتَّوكيد، نحو: ﴿ها أنتُمْ ها أولاء﴾.
٣ - قدْ ينوبُ اسمُ الإشارةِ للبعيدِ عن القريبِ والعَكْس، نحو: ﴿ذلكَ الكِتابُ﴾، ﴿أهذا الَّذي يذكرُ آلهَتَكُمْ﴾.
٤ - هُنا، هُناكَ، ثَمَّ، لا تكونُ إلَّا ظَرفًا في محلِّ نَصْبٍ أو جَرٍّ، ولا تكونُ فاعلًا ولا مفعولًا به ولا مُبتدأً، أمَّا قولُهُ تعالى: ﴿وإذا رأيْتَ ثَمَّ﴾ فحُذِفَ المفعولُ اختصارًا، وتقديرُهُ: الموعودَ به.
...
٤ - الموصول
تعريفه:
هو ما يدلُّ على معيَّنٍ بواسطةِ جُملةٍ أو شِبْهِ جُملةٍ تُذْكَرُ بعْدَه، تُسمَّى (صلة الموصول).
٥٧
تقسيمه:
١ - حرفيٌّ، وضابطُهُ: أن يؤوَّلَ معَ صلتِهِ بمصدرٍ، وهو خمسة أحرُف:
[١] (أَنْ) وهي النَّاصبةُ للمضارع، وتُسمَّى (أن المصدريَّة)، وتوصَلُ بالفِعلِ الماضي غير الجامد، نحو: (أعْجَبَني أن قُمْتَ) أي: (قيامُكَ)، وبالفِعْلِ المضارعِ، نحو: ﴿وَأَن تَصومُوا خَيرٌ لَكُمْ﴾ أي: (وصَوْمُكُمْ).
لكنْ (أَنْ) في ﴿أَنْ عَسى﴾ ليْسَتْ مصدريَّة؛ لأنَّ (عَسى) ماضِ جامِدٌ.
[٢] (كَي)، وتوصَلُ بالفِعلِ المضارعِ، وتقترنُ باللَّامِ للتَّعليلِ، نحو: (جِئْتَ كَيْ تُكْرِمَني)، و(جِئْتَ لكَي تُكْرِمَني)، أي: (لإكْرامي).
[٣] (أَنَّ) إحدى أخوات (إنَّ)، نحو: (يُعْجِبُني أنَّ زَيْدًا قائِمٌ)، أي: (قِيامُ زَيْدٍ).
[٤] (ما) المصدريَّة، وتوصَل بالفِعْلِ الماضِي غير الجامِد والمضارع، نحو: ﴿وضاقَتْ عليكُمُ الأرْضُ بما رَحُبَتْ﴾ أي: (برُحْبِها)، ﴿لِما تَصِفُ ألْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ﴾ أيَ: (لوَصْفِ)، ﴿خالِدينَ فيها ما دامَت السَّماواتُ والأرْض﴾ أي:
٥٨
(دَوامَ السَّماواتِ وَالأرْضِ﴾، وفي الموضع الأخير مصدريَّة ظرفيَّة (١).
[٥] (لو)، وَتوصَلُ بالجُمَلِ الفعليَّةِ الَّتي فِعْلُها مُتَصرِّفٌ، وليسَ فعلَ أمرٍ، نحو: ﴿وَدُّوا لَو تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾.
٢ - اسميٌ، وهو ألفاظ: للمذكَّر: الَّذي، اللَّذان، الَّذين، الألى، وللمؤنَّث: الَّتي، اللَّتان، اللَّاتي، اللَّائي، اللَّواتي.
ويشتركُ المذكَّرُ والمؤنَّثُ إفرادًا وتثنيةً وجمعًا بـ: مَنْ، ما، ذُو، ذات الطَّائيَّتين.
مثالُ الأخيرَين في لغةِ طيِّء:
فإنَّ الماءَ ماءُ أبي وجَدِّي وبئري ذو حَفَرْتُ وذو طَوَيْتُ.
وقولُ القائل: (بالفَضْلِ ذو فضَّلَكُم اللهُ به، والكَرامةِ ذاتُ أكرمَكُم الله بها).
(١) الموْصولاتُ الْحَرْفيَّةُ لا عَلاقَةَ لها بالمعارِفِ، إلَّا من جهة حُصولِ المناسَبَةِ بذِكْرِ مبْحَثِ (الموْصول)، فيأتي ذِكْرُها هُنا إتْمامًا للفائِدَةِ في معرفةِ الموْصولاتِ.
واعْلَم أنَّ الموْصولَ الْحَرْفيَّ يحتاجُ إلى صِلَةٍ، وهيَ الَّتي يُسْبَكُ معها سَبْكًا يتكوَّنُ منْهُ مصْدَرٌ، ولا يحتاجُ إلى عائدٍ، بخِلافِ الموْصولِ الاسْميِّ، كذلكَ يُعْرَبُ الموْصولُ الْحَرْفيُّ قبْلَ تأويلهِ بمصدَرٍ أو بعْدَ تأويلِهِ بمَصْدَرٍ بحَسَبِ موْضعِهِ في الْجُمْلَةِ.
٥٩
ومن الأسماء الموصولة:
(ذا) إذا وقعَتْ بعدَ استفهامٍ وصحَّ إقامةُ (الَّذي) مقامَها، نحو: ﴿يَسْأَلونَكَ مَاذا يُنْفِقونَ﴾.
(أَيِّ) المضافة إلى المعرفة، نحو: (لنَنْزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أيُّهُمْ أشَدُّ على الرَّحمنِ عِتِيًّا﴾.
فإذا أُضيفَتْ إلى نكرةٍ فليْسَتْ موصولةً، نحو: (أَيَّ مُنْقَلَبٍ﴾.
(أل) الدَّاخلة على اسم الفاعِل، نحو: (القائِم)، أو اسمِ المفعول، نحو: (المرحوم)، أو الصِّفة المشبَّهة، نحو: (الجَميل)، فهذه ليسَت موْصولًا حَرْفيًّا ولا حَرْفَ تَعْريفٍ، كقوْلِهِ تعالى: ﴿إنَّ المُصَّدقِينَ وَالمُصَّدِّقاتِ﴾.
أحكامه:
١ - ما الَّذي يحتاجُهُ الاسمُ الموصولُ؟
يحتاجُ الاسمُ الموصولُ إلى: صِلَةٍ، وعائدٍ.
تفسير صلة الموصول:
هي جملةٌ أو شبْهُ جملةٍ تُذْكَرُ بعدَه تُتمِّمُ معناهُ، نحو: (جاءَ الَّذي أكرَمْتُهُ)، (أَكْرِمْ مَنْ عِنْدَهُ أَدَبٌ)، (أَحْسِنْ إلى مَنْ في المسجِدِ).
٦٠
تفسير العائد:
هو ضَميرٌ يعودُ إلى الاسم الموصولِ، وتشتَمِلُ عليه جُملةُ الصِّلَة، فالعائد في الأمثلة السَّابقة: الهاء في (أكرمتُهُ) وفي (عندَه)، وضميرٌ مستترٌ جوازًا تقديرُهُ (هو) في المثالِ الثَّالث، فكأنَّه قيلَ: (أَحْسِنْ إلى مَنْ هُوَ في المسجدِ).
٢ - جميع الأسماء الموصولةِ مبنيَّةٌ، إلاَّ (أيّ) فتكونُ مبنيَّةً في حالةٍ واحدةٍ، هي: إذا كانت مُضافةً وعائدُها ضميرًا مستترًا، نحو: (ثُمَّ لنَنْزِعَنَّ مِنْ كُل شيعةٍ أيُّهُمْ أشَدُّ﴾، فـ (أيُّ) مبنيةٌ على الضَّم، والعائد ضميرٌ مستترٌ تقديرُهُ: (هُو).
٣ - (مَنْ) للعاقِل، وتُستَخْدَمُ لغيرِ العاقل في حالتين:
[١] أن يُنزَّلَ منزلةَ العاقِل، نحو: ﴿وَمَنْ أَضلُّ مِمَّن يَدْعُو مِنْ دونِ الله مَن لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إلى يَوْمِ القِيامَةِ﴾.
[٢] أن يقترِنَ العاقِلُ وغيرُ العاقِلِ في السِّياقِ، نحو: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشي على أرْبَعٍ﴾.
٤ - (ما) لغيرِ العاقِل غالبًا، وتُسْتَخْدَمُ للعاقِلِ أحيانًا، نحو: ﴿لما خَلَقْتُ بيَدَيَّ﴾، ﴿ولا أنْتُمْ عابِدونَ ما أعْبُدُ﴾.
٥ - (مَنْ) و(ما) تقعانِ شَرطيَّتينِ نحو: ﴿مَنْ يَعْمَلْ
٦١
سوءًا يُجْزَ بهِ﴾، ﴿وَما تَفْعَلوا مِنْ خَيرِ يَعْلَمْهُ الله﴾، واستفهاميَّتَين، نحو: ﴿مَنْ إلهٌ غيرُ الله﴾، ﴿وَما رَبُّ العالمينَ﴾.
...
٥ - المعرف بـ (أل)
أنواع (أل):
١ - عَهْديَّة: وهي ما عُهِدَ مدلولُ صاحِبِها بحُضورٍ حِسِّي، بأن يكونَ تقدَّمَ ذكرُهُ لفظًا فأُعيدَ مصحوبًا بـ (أل) نحو: ﴿أَرْسلْنا إلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا. فعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾، أو ثَبَتَ في العِلْمِ أنَّ المرادَ بـ (أل) شيءٌ محدَّدٌ وإن لم يُذْكَر في السياقِ، نحو: ﴿إِذْ هُما في الغارِ﴾، ﴿إِذْ يُبايِعونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾، ﴿إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بالوادِ المقدَسِ﴾.
٢ - جِنْسيَّة، لاستغراقِ الجِنْسِ، نحو: (إنَّ الإنسانَ لَفي خُسْرِ﴾ في استغراقِ جِنْسِ الإنسانِ، ونحو: ﴿ذلكَ الكِتابُ لا ريْبَ فيه﴾ أي المستغرقِ لصفاتِ الكمالِ.
٣ - زائِدَة، وهي الدَّاخلة على الأسماء الموصولة، نحو: (الَّذي، الَّتي) وهي لازمةٌ، أو الدَّاخلة على بعضِ
٦٢
الأعلامِ، نحو: (الفَضْل، الحارِث) وهي غيرُ لازمةٍ، أي يجوزُ حَذْفُها.
...
٦ - المعرف بالإضافة
تعريفه:
هو كُلُّ اسمٍ أُضيفَ إلى واحِدٍ من أنواعِ المعرفةِ الخمسةِ المتقدّمة، فـ:
١ - المضافُ إلى ضميرٍ، نحو: (كِتابِي).
٢ - المضافُ إلى عَلَمٍ، نحو: (كِتابُ خالدٍ).
٣ - المضافُ إلى اسمِ إشارةٍ، نحو: (كِتابُ هذا) كأنْ تُسأَلَ: كِتابُ مَنْ؟ فتُجيب مشيرًا إلى صاحبهِ. ونحو: ﴿فَلْيَعْبُدُوا ربَّ هَذا الْبَيتِ﴾.
٤ - المضافُ إلى اسمٍ موصولٍ، نحو: (كِتابُ الَّذي زاركَ بالأمْسِ). ونحو: ﴿لِسانُ الَّذي يُلْحِدُونَ إلَيهِ أعْجَمِيٌّ﴾.
٥ - المضافُ إلى معرَّفٍ بـ (أل)، نحو: (كِتابُ الأميرِ).
***
٦٣
العُمَد
تعريفها:
جمعُ (عُمْدة)، وهي عِبارةٌ عمَّا لا يَسوغُ حذْفُهُ من أجزاء الكلامِ إلاَّ بدليلٍ، ويُسمَّى (رُكنًا).
أنواعها:
١ - المرفوعات، وَهِيَ: المبتدأُ، الخبرُ، اسمُ (كان) وأخواتِها، خبرُ (إنَّ) وأخواتِها، الفاعِلُ، نائبُ الفاعل.
٢ - المنصوبُ بالنَّواسخ (كانَ) وأخواتِها و(إنَّ) وأخواتِها.
***
٦٤
المبتدأ والخبر
تعريف المبتدأ:
هو اسمٌ يكونُ غالبًا في صدرِ الجملةِ، على أنَّ حُكمًا سيُسْنَدُ إليه، وهو نوعان:
١ - اسمٌ صريحٌ، نحو: ﴿محمَّدٌ رَسولُ الله﴾.
٢ - اسمٌ مؤوَّلٌ، نحو: ﴿وَأَن تَصوموا خيرٌ لكُمْ﴾ فـ (أن) والفعلُ بعدَها مؤوَّلان بـ (صيامُكُمْ) وهو مبتدأٌ.
حكمه:
١ - مرفوعٌ.
٢ - يتقدَّمُ على خبرهِ، وقدْ يؤخَّرُ لسبَبٍ.
٣ - الأصْلُ أن يكونَ معرفةً، وقَدْ يكونُ نكرةً.
٤ - لا بُدَّ أن يُطابِقَ الخبرَ في الإفرادِ والتثنيةِ والجمعِ والتَّذكيرِ والتَّأنيثِ.
٦٥
تقسيمه:
هو قِسمان:
١ - مبتدأٌ له خبَرٌ، نحو: (سَعْدٌ عابِدٌ).
٢ - مبتدأٌ له فاعلٌ سَدَّ مسدَّ الخبرِ، نحو: (أعابدٌ سَعدٌ؟) فـ (عابدٌ) مبتدأٌ وهو اسمُ فاعلٍ، فاعلُهُ (سعْدٌ)، وهو فاعلٌ سَدَّ مَسدَّ الخبرِ.
تعريف الخبر:
هو الجزء الَّذي يُتمِّمُ الفائدةَ للمبتدأِ.
أقسامه ثلاثة:
١ - مفرَدٌ، نحو: ﴿اللهُ قَدِيرٌ﴾.
٢ - جملةٌ، ولا بُدَّ فيها من رابطٍ يربُطُ بالمبتدأِ، وروابطُ الجُملِ الخبريَّة بالمبتدأِ هي:
[١] الضَّمير، نحو: (أَنَسٌ أبوهُ عالمٌ).
[٢] الإشارة إلى المبتدأِ، نحو: ﴿ولِباسُ التَّقوى ذلكَ خيرٌ﴾.
الإعراب: ﴿لباسُ﴾ مبتدأٌ، و﴿التَّقوى﴾ مضافٌ إليه،
٦٦
و﴿ذلك﴾ مبتدأٌ ثانٍ، و﴿خيرٌ﴾ خبرُ المبتدأِ الثَّاني، وجملة ﴿ذلك خيرٌ﴾ خبرُ المبتدأِ الأوَّل، والرَّابطُ الإشارة.
[٣] إعادةُ المبتدأِ بلفظهِ، نحو: ﴿الحاقَّة. ما الحاقَّة﴾.
الإعراب: ﴿الحاقَّةُ﴾ مبتدأٌ، و﴿ما﴾ مبتدأٌ ثانٍ، و﴿الحاقَّةُ﴾ خبرُ ﴿ما﴾، وجملة ﴿ما الحاقَّةُ﴾ خبرُ المبتدأِ الأوَّل، والرَّابطُ تكرارُ المبتدأِ.
[٤] العُمومُ الشَّاملُ للمبتدأِ، نحو: (إبراهيمُ نِعْمَ الصَديقُ).
الإعراب: (إبراهيمُ) مبتدأٌ، و(نِعْمَ الصَّدِيقُ) جملةٌ فعليَّةٌ وهي الخبرُ، والرَّابطُ دخولُ (إبراهيم) في عُمومِ لفظِ (الصَّدِيق).
تنبيه: إذا كانت جملةُ الخبرِ نفْسَ المبتدأِ في المعنى لم يُحْتَجْ إلى رابطٍ، نحو: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أحدٌ﴾ فـ ﴿هو﴾ مبتدأٌ، و﴿اللهُ أحَدٌ﴾ مبتدأٌ وخبرٌ، وجملةُ المبتدأِ والخبرِ خبرٌ لـ ﴿هُوَ﴾، والارتباطُ حاصلٌ لأنَّ ﴿اللهُ أحدٌ﴾ نفْسُ ﴿هو﴾ في المعنى.
٣ - شِبْهُ جُملةٍ، وهي:
[١] ظَرْفٌ، نحوُ: ﴿والرَّكْبُ أَسْفَلَ منكُمْ﴾.
٦٧
[٢] جارٌّ ومجرورٌ، نحو: ﴿الحمدُ للهِ رَبّ العالمينَ﴾.
التقديم والتأخير:
في تقديمِ الخبرِ على المبتدأِ ثلاثةُ أحوالٍ:
١ - جوازُ التَّقديم، وذلكَ إذا لم يُخْشَ به التباسٌ، وقامَتْ قرينةٌ على التَّقديم، كقولِكَ: (في الدَّارِ زَيْدٌ)، فقولُكَ: (في الدَّار) شِبهُ جملةٍ، وشِبْهُ الجملة لا يكونُ مبتدأً.
ونحوُ قولِهِ تعالى: ﴿سَلامٌ هِيَ﴾ خبرٌ مقدَمٌ ومبتدأٌ مؤخَّر، بقرينةِ الأصْلِ في أن يكونَ المبتدأُ معرفةً لا نكرةً، و﴿سلامٌ﴾ نكرةٌ، و﴿هي﴾ معرفةٌ، فناسَبَ أن تكونَ المبتدأ.
٢ - وجوبُ تأخيرِ الخبَرِ، وذلكَ في حالاتٍ:
[١] أن يكونَ المبتدأُ ممَّا له الصَدارةُ في الكلامِ، مثلُ أسماءِ الشَرْطِ، نحو: ﴿مَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ له مخرَجًا﴾، وأسماءِ الاستفهامِ، نحو: (مَنْ جاءَ؟)، وأما، التَّعجُّبيَّة، نحو: (ما أجمَلَ الصَّراحَةَ!)، و[كم]، الخبريَّة، نحو: (كم مَوْعِدٍ لَديَّ!).
[٢] أن يقترِنَ المبتدأُ بلامِ التَّوكيد (لام الابتداء)، نحو: ﴿لَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِن مُشْرِكٍ﴾.
٦٨
[٣] أن لا توجَدَ في الكلامِ قرينةٌ تُعيِّنُ المبتدأَ من الخبَرِ، فالمتقدِّمُ هو المبتدأُ والمتأخِّرُ هو الخبرُ، نحو: (أَبوكَ صالحٌ)، والعلَّةُ خوفُ الالتباسِ، فإن لم يتعيَّن تقديمُ المبتدأِ وتأخيرُ الخبَرِ ظُنَّ (صالحٌ) خبرًا، كما ظُنَّ أن يكونَ اسمَ عَلمٍ لـ (أبيكَ).
[٤] أن يكونَ المبتدأُ محصورًا في الخبرِ، نحو: ﴿وما محمَّدٌ إلا رَسولٌ﴾، ﴿إنَّما أَنا بَشَرٌ﴾.
٣ - وجوبُ تقديمِ الخبَرِ، وذلكَ في حالاتٍ:
[١] إذا كانَ المبتدأُ نكرةً غيرَ مُفيدةٍ، نحو: ﴿لَدَيْنا مَزِيدٌ﴾، ﴿على أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ﴾.
[٢] إذا كانَ الخبرُ اسمَ استفهامٍ، نحو: (كيفَ حالُكَ؟).
[٣] إذا اتصَلَ بالمبتدأِ ضميرٌ يعودُ إلى شيءٍ من الخبَرِ، نحو: (في البَيْتِ أهْلُهُ).
[٤] إذا كانَ الخبرُ محصورًا في المبتدأِ، نحو: (ما خالقٌ إلَّا الله).
حذف المبتدأِ والخبر:
ربَّما حُذِفَ المبتدأُ أو الخبَرُ إذا دلَّتْ عليهِ قرينةٌ، نحو:
٦٩
﴿سورةٌ أنزلناها﴾، أي: هذه سورةٌ، ونحو: ﴿أُكلُها دائمٌ وظِلُّها﴾، أي: دائمٌ.
ويجبُ حذْفُ الخبرِ في أربعةِ أحوالٍ:
١ - قبلَ جوابِ (لولا)، نحو: ﴿لَوْلا أنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمنِينَ﴾ أي: لولا أنتُمْ صدَدتُمونا عن الهُدى.
٢ - قبلَ جوابِ القَسَم، نحو: ﴿لَعَمْرُكَ إنَّهُمْ لَفي سَكْرَتِهِمْ﴾ أي: لَعَمْرُكَ قَسَمي.
٣ - قبلَ الحالِ الَّتي يمتنِعُ كونُها خبرًا، نحو: (أَخْطَبُ ما يكونُ الأميرُ قائمًا) أي: حاصِلٌ قائمًا.
٤ - بعْدَ واوِ المصاحبة، نحو: (كلُّ إنْسانٍ وذمَّتُهُ) أي: كلُّ إنسانٍ وذمَّتُهُ مقترِنانِ.
***
٧٠
النواسخ
تعريفها:
مِنَ النَّسْخ، وهو الإزالة.
سمِّيَ بذلكَ: (كانَ) وأخَواتُها، و(إنَّ) وأخَواتُها، و(ظَنَّ) وأخَواتُها، و(كادَ) وَأَخَواتُها؛ لأنَّها تَنْسَخُ حُكْمَ المبتدأِ والخبَر من الرَّفْعِ إلى غيرِهِ.
١ - (كان) وأخواتها
أنواعها:
١ - ناسخٌ بلا شرط، وهي: كانَ، أمْسى، أصْبَحَ، أضْحى، ظَلَّ، باتَ، صارَ، ليسَ.
٢ - ناسخٌ بشرْطِ أن يتقدَّمَه نفيٌ أو شِبهُهُ كالنَّهي والدُّعاءِ، وهي: زالَ، بَرِحَ، فَتِئَ، انفكَّ.
٧١
تقولُ: (ما زالَ، ما بَرِحَ، ما فَتِئَ، ما انفَكَّ) (لا تَزَلْ، لا تَبْرَحْ، لا تَفْتَأْ، لا تنفَكَّ) وهكذا.
٣ - ناسخٌ بشرطِ أن يتقدَّمَه (ما) المصدريَّة الَّتي فيها معنى التَّوقيت، وهو: دامَ.
﴿ما دُمْتُ حيّا﴾ أي: مُدَّة دوامِي.
أحكامها:
١ - تُسمَّى (أفعالًا ناقصةً) وذلكَ لعدمِ اكتفائها بالمرفوعِ واحتياجِها للمَنصوبِ.
٢ - تَرْفَعُ المبتدأَ ويُسمَّى (اسْمَها) وتَنْصِبُ الخبرَ ويُسمَّى (خبَرَها).
٣ - الأصْلُ تأخيرُ الخبَرِ عن الفعلِ النَّاقِصِ واسمِهِ، لكن يجوزُ أن يتوسَّطَ الخبَرُ، نحو: ﴿وَكانَ حقَّا علَينا نَصْرُ المؤمنينَ﴾.
كما يجوزُ تقدُمُ الخبَرِ على الفعْلِ النَّاقصِ إلاَّ خبرَ (دامَ) و(ليس) فلا يتقدَّمهما، تقولُ: (صالحًا كانَ محمودٌ).
٤ - جميعُ هذه الأفعالِ الناقصةِ يمكِنُ مجيئُها تامَّةً مستغنيةً بالفاعِلِ كسائر الأفعالِ اللَّازمة، لا تحتاجُ إلى منصوبٍ، ما عَدا [ليْسَ، فَتِئَ، زالَ] فإنَّها لا تأتي إلا ناقصةً.
٧٢
نحو: ﴿وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرةٍ﴾ أي: وقَعَ، ﴿فَسُبْحانَ اللهِ حينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبحونَ﴾، ﴿خالِدِينَ فيها ما دامَتِ السَّمواتُ والأرْضُ﴾.
خصائص كان:
١ - تُحْذَفُ معَ اسمِها ويبقى عمَلُها ناسخةً، وذلكَ بعْدَ (إنْ) و(لَوْ) الشَّرطيَّتينِ.
نحو: (كُلٌّ مُحاسَبٌ بعَمَلِهِ، إنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وإِنْ شَرًّا فشَرٌّ) التَّقديرُ: إِنْ كانَ العَمَلُ خَيْرًا، وإنْ كانَ العَمَلُ شَرّا، ونحو قولهِ ﷺ: «التَمِسْ وَلَوْ خاتَمًا مِن حَديدٍ» التَّقديرُ: ولَوْ كانَ الملتَمَسُ خاتَمًا من حديدٍ.
٢ - تأتي زائدةً لا تَعْمَل، في نحو صيغةِ: (ما كانَ أحْسَنَ بَكْرًا).
٣ - يجوزُ حذْفُ نونِ (كانَ) بثلاثةِ شُروطٍ:
[١] أن تكونَ مُضارعًا مجزومًا بالسُّكَونِ.
[٢] أن لا توصَلَ بضميرٍ، كما في قولهِ ﷺ في قصَّةِ ابنِ صيَّادٍ: «إن يَكُنْهُ فلَنْ تُسَلَّطَ عليه».
[٣] أن لا توصَلَ بِساكِنٍ، نحو: ﴿لَمْ يَكُنِ الَذينَ كفَروا﴾.
٧٣
فإذا حقَّقَتْ هذه الشُروطَ جازَ حَذْفُها، نحو: ﴿ولَم أَكُ بَغيًّا﴾، ﴿لم نَكُ من المصلِّينَ﴾، ﴿ولا تَكُ في ضَيقٍ مِمَّا يمكرونَ﴾.
لواحق ليس:
يعمَلُ عمَلَ (ليس) ثلاثةُ أحْرُفٍ، هي:
١ - (ما) النَّافية، نحو: ﴿ما هذا بَشَرًا﴾، ﴿ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ﴾.
ولا بُدَّ من توفُّرِ شُروطٍ لتعملَ عملَ (ليسَ)، هي:
[١] أن لا ينقطعَ نفيُها بالاستثناءِ، نحو: ﴿وما أمْرُنا إلَّا واحِدةٌ﴾.
[٢] أن يتقدَّمَ اسمُها على خبرِها.
[٣] أن لا تقتَرِنَ بـ (إن) الزَّائدة.
٢ - (لا) النَّافية، وذهبوا -على اختلافٍ بينهمْ- إلى أنها تعمَلُ في الشِّعْرِ خاصَّةً ولا أثَرَ لها في سائرِ الكلامِ.
٣ - (لاتَ)، وهي في الأصْلِ (لا) النَّافية دخلَت عليها تاءُ التَأنيثِ.
وشَرْطُ إعمالِها عملَ (ليسَ) أن يُحْذَفَ اسمُها أو
٧٤
خبرُها، ويكونَ المذكورُ (الاسمُ أو الخبرُ) لفظَ (حين)، نحو: ﴿فنادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ المعنى: وليْسَ الحِينُ حينَ مَناصٍ.
فائدة: قدْ تُزادُ الباءُ في خبرِ (ليسَ) و(ما)، نحو: ﴿ألَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَه؟﴾، ﴿وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ﴾.
والعلَّةُ في ذلكَ دَفْعُ التَّوهُّمِ، فربَّما سَمِعَ السَّامِعُ الكلامَ ولم يسْمَع النَّفْيَ فيظنُّهُ موجَبًا.
...
٢ - (إنّ) وأخواتها
أنواعها:
١ - (إنَّ) ومنها (أنَّ)، للتَّأكيدِ، نحو: ﴿إنَّ اللهَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾، ﴿وأنَّ اللهَ توَّابٌ حَكيمٌ﴾.
٢ - (لكنَّ) للاستدراكِ، نحو: ﴿ولكنَّ اللهَ سَلَّمَ﴾.
٣ - (كأنَّ) للتَّشبيه، نحو: ﴿كأنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ﴾.
٤ - (لَيْتَ) للتَمنِّي، نحو: ﴿يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمونَ﴾.
٥ - (لَعَلَّ) للتَّرجِّي، نحو: ﴿لعَلَّ السَّاعَةَ قَريبٌ﴾.
٧٥
أحكامها:
١ - تَنْصِبُ المبتدأَ ويُسمَّى (اسمَها) وترفعُ الخبَر ويُسمَّى (خبَرَها).
٢ - تُسمَّى (الحروفَ المشبَّهَةَ بالفِعْلِ) لما لها من مُشابهةِ الفِعْلِ في الرَّفْعِ والنَّصْبِ.
٣ - لا يجوزُ أن يتقدَّمَ خبَرُ هذه الحروفِ عليها.
٤ - يجوزُ تقدُّمُ الخبَرِ على الاسمِ في حالَتَين:
[١] إذا كانَ الخبرُ ظَرفًا، نحو: ﴿إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا﴾.
[٢] إذا كانَ جارًّا ومجرورًا، نحو: ﴿إِنَّ علَينا جَمْعَهُ وقُرْآنْهُ﴾.
٥ - يسقُطُ عملُها إذا اتَّصَل بها حرفُ (ما) ما عدا (ليتَ) نحو: ﴿إِنما اللهُ إلهٌ واحِدٌ﴾، ﴿أنَّما إلهُكُمْ إلهٌ واحِدٌ﴾.
ويجوزُ في (ليتَ) إعمالُها فيما بعْدَها وإهمالُها إذا اتَّصَلَتْ بها (ما)، تقولُ: (لَيْتَما محمَّدًا حاضِرٌ)، و(ليتَما محمَّدٌ حاضِرٌ).
٦ - دخولُ اللاَّم على اسم (إنَّ) أو خبرِها لا يُلغِي عمَلَها، نحو: ﴿وإنَّ لَكَ لأجْرًا﴾، ﴿وإنَّ ربَّكَ لَذُو فَضْلٍ﴾، وهي لامُ الابتداءِ لا محلَّ لها من الإعرابِ.
٧٦
٧ - إذا خُفِّفَت (إن) و(لكن) سَقَطَ عملُهُما، نحو: ﴿إِنْ هذانِ لَساحِرانِ﴾، ﴿وآخِرُ دعْواهُمْ أنِ الحَمْدُ للهِ﴾، ﴿لكنِ الرَّاسِخونَ في العِلْمِ﴾ (١).
(١) قاعدة في ضَبْط همزة (إنّ):
لـ (إنَّ) ثلاثةُ أحوالٍ:
١ - وجوبُ كَسْرِ الهمزةِ، ويكونُ في مواضِعَ:
[١] أن تَقعَ صِلَةً، نحو: ﴿وآتَيناهُ من الكُنوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوءُ﴾.
[٢] أن تَقعَ حالًا، نحو: ﴿كما أخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيتِكَ بالحَقِّ وِإنَّ فَريقًا من المؤمنينَ﴾.
[٣] أن تَقعَ محكيَّةً بالقَوْلِ، نحو: ﴿قالَ: إِنِّي عَبْدُ الله﴾.
[٤] أن تَقعَ قبلَ لامِ الابتداءِ، نحو: ﴿واللهُ يعلَمُ إنَّكَ لَرَسولُهُ﴾.
[٥] أن تَقعَ في ابتداءِ الجملةِ، نحو: ﴿إنَّا أعْطَيناكَ الكَوْثَرَ﴾.
[٦] أن تَقعَ جوابَ قَسَم، نحو: ﴿تاللهِ إنَّكَ لَفي ضَلالِكَ القَدِيمِ﴾.
[٧] أن تَقَعَ بعْدَ (حَيْثُ)، نحو: (مِنْ حَيْثُ إنهُ رَجُلٌ صالحٌ).
٢ - وجوبُ فَتْحِ الهمزةِ، ويكونُ في مواضِعَ:
[١] أن تَقعَ بَعْدَ (لَولا)، نحو: ﴿فَلَوْلا أنَّهُ كانَ مِنَ المسبِّحينَ﴾.
[٢] أن تَقعَ بَعْدَ (لَوْ)، نحو: ﴿وَلَوْ أَنهُمْ صَبَروا﴾.
[٣] أن تَقعَ بَعْدَ (ما) الظَّرفيَّة، نحو: (لا أُفارِقُكَ ما أن في السَّماءِ نَجمًا).
[٤] أن تَقعَ بَعْدَ (حتَّى) العاطفةِ والجارَّةِ، نحو: (عَلِمْتُ أحوالَكَ حتَّى أنَّكَ تاجِرٌ)، أمَّا إذا جعَلْتَ حتَّى ابتدائيَّةً كَسَرْتَ، نحو: (مَرِضَ حتَّى إنَّهُ لا يُرْجَى).
[٥] أن تَقعَ بَعْدَ (أَمَا) المخفَّفة إذا كانتْ بمعنى (حقًّا)، نحو: (أَمَا أنَّكَ مُسافِزٌ).
[٦] أن تَقعَ بَعْدَ (لا جَرَمَ)، نحو: ﴿لَا جَرَمَ أَن لَهُمُ النَّارَ﴾، وقيلَ: يجوزُ الكَسْرُ. =
٧٧
(لا) النافية للجنس:
يَلْحَقُ بـ (إنَّ) في عمَلِها (لا) الَّتي تُسمَّى بـ (النَّافية للجِنْسِ)، لأنَّها لا تدخُلُ إلَّا على النَّكراتِ.
ويكونُ اسْمُها:
ا- مُضافًا، نحو: (لا صاحِبَ عِلْمٍ ممقوتٌ).
٢ - شَبيهًا بالمضافِ، نحو: (لا قَبيحًا فعْلُهُ ممدوحٌ).
= [٧] أن تَقعَ في موضعِ جَرٍّ بحرفٍ، نحو: ﴿ذلكَ بأَنَّ اللهَ﴾، أو إِضافةٍ، نحو: ﴿مِثْلَ ما أنَّكُمْ تَنْطِقونَ﴾.
[٨] أن تَقَعَ اسْمَ (كانَ)، نحو: (كانَ في ظنِّي أنَّكَ فاضِلٌ).
[٩] أن تَقعَ في موضِع رَفْعٍ بفِعلٍ، بأن تكونَ:
١ - فاعلًا، نحو: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ﴾، أي: إِنْزالُ.
٢ - نائبَ فاعِلٍ، نحو: ﴿قُلْ أوحِيَ إلىَّ أنَّه استَمَعَ﴾، أي: استماعُ.
٣ - مبتدأً، نحو: ﴿ومِنْ آياتِهِ أنَّكَ تَرى الأرْضَ﴾، أي: رؤيتُكَ.
٣ - جوازُ الكَسْرِ والفَتْح، ويكونُ في مواضِعَ:
[١] أن تَقعَ بَعدَ (إذا) الفُجائيَّة، نحو: (كُنْتُ أحسَبُهُ صادقًا إذا أنَّه أفَّاكٌ).
[٢] أن تَقعَ بَعْدَ فاء الجزاءِ، نحو: (مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سوءًا بجَهالةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وأصْلَحَ فأنَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾.
[٣] أن تَقعَ بَعْدَ (أيْ) المفسِّرة، نحو: (ونَظَرَ إليّ، أيْ: إنَّكَ صاحبِي الَّذي أُريدُ).
[٤] أن تَقعَ بَعْدَ صيغةِ (أوَّلُ ما أقولُ) أو: (أوَّلُ قَوْلي)، نحو: (أوَّلُ ما أقولُ أنِّي أحْمَدُ الله).
[٥] أن تَقعَ بَعْدَ (مُذْ) و(مُنْذُ) نحو: (لم أَرَهُ مُذْ أنَّ اللهَ خَلَقَني).
٧٨
٣ - مُفرَدًا، نحو: ﴿لا إِلهَ إلَّا اللهُ﴾، (لا رِجالَ في البَيْتِ)، (لا رَجُلَيْنِ في الدَّارِ)، (لا بالِغِينَ في المنْزِلِ)، (لا مُسْلِماتِ في القاعَةِ).
إعرابُهُ: في حالِ الإضافةِ وشِبْهِ الإضافةِ منصوبٌ، أمَّا في حالِ الإفرادِ فمبنيٌّ على ما يُنْصَبُ بهِ لو كانَ مُعرَبًا، فـ ﴿إلهَ﴾ و(رجالَ) على الفَتحِ، و(رجُلَينِ) على الياءِ لأنَّه مثنَّى، و(بالِغينَ) على الياءِ لأنَّه جمعٌ سالمٌ، و(مُسلماتِ) على الكَسْرِ لأنَّه جمعُ مؤنَّثٍ سالمٍ، ويجوزُ في هذه الحالةِ الفَتْحُ.
تنبيه: يجوزُ حذفُ خَبرِ (لا) إذا كانَ معلومًا، نحو: «لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ»، ﴿لا ضَيْرَ﴾، «لا عَدوى ولا طِيَرَةَ»، (لا بَأْسَ).
...
٣ - (كاد) وأخواتها
أنواعها:
تُسمَّى (أفعالَ المقارَبة)، ولا تكونُ كذلكَ إلَّا إذا جاءَت للمعاني التَّالية:
١ - لمقاربةِ الفعْلِ، وهي: كادَ، كَرِبَ، أَوْشَكَ، هَلْهَلَ، أوْلى، أَلَمَّ.
٧٩
٢ - للشُّروعِ في الفِعْلِ، وهي: جعَلَ، طَفِقَ، أَخَذَ، عَلِقَ، أَنْشَأَ، هَبَّ.
٣ - لترجِّي الفِعْلِ، وهما فِعْلانِ: عَسى، اخلَوْلَقَ.
وجَميعُ هذه الأفعالِ جامدةٌ لا تتصرَّف، مُلازِمةٌ للَفظِ الماضيِ، ما عَدا (كادَ) و(أوْشَكَ) فيأتي منهُما المُضارعُ.
حكمها:
١ - تعمَلُ عمَلَ (كانَ) فترفَعُ المبتدأَ اسمًا لها، وتنصِبُ الخَبَرَ خبرًا لها.
٢ - تختَصُّ بمجيءِ خبرِها جملةً فعليَّةً فِعلُها مُضارعٌ.
نحو: ﴿وما كادُوا يَفْعَلونَ﴾، ﴿وَعَسى أن تَكْرَهوا شَيئًا﴾، ﴿فهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ توَلَّيْتُمْ أن تُفْسِدُوا في الأرْضِ﴾.
٣ - يجوزُ حذْفُ خبرِها إذا عُلِمَ، نحو: ﴿فَطَفِقَ مَسحًا﴾ أي: فطَفِقَ يَمْسَحُ مَسْحًا.
والإعرابُ: طَفِقَ فِعْلُ مقاربةٍ جامِدٍ من أخواتِ (كاد) مبنيٌّ على الفتحِ، واسْمُهُ ضَميرٌ مستترٌ مرفوعٌ تقديرُهُ (هُوَ) يعودُ على سُليمانَ، و(يمْسَحُ) فعلُ مضارعٌ مرفوعٌ، والفاعِلُ
٨٠
مستترٌ فيه، و(مَسحًا) مفعول مطلَقٌ منصوبٌ، وجملةُ (يَمْسَحُ مَسحًا) في محلِّ نصْبٍ خَبَرُ (طَفِقَ).
...
٤ - (ظنّ) وأخواتها
أنواعها:
١ - أفعالُ القُلوبِ، وهي ثلاثةُ أقسامٍ:
[١] ما دلَّ على ظَنِّ، وهي: حَجا، عَدَّ، زَعَمَ، جَعَلَ، هَبْ.
[٢] ما دلَّ على يقينٍ، وهي: عَلِمَ، وَجَدَ، أَلْفى، دَرَى، تَعَلَّمْ.
[٣] ما استُعْمِلَ في الظنِّ واليَقينِ، وهي: ظَنَّ، حَسِبَ، خالَ، رَأى.
٢ - أفعالُ التحويلِ، أو: التَّصيير، وهي: صَيَّرَ، أَصارَ، جَعَلَ، وَهَبَ، رَدَّ، ترَكَ، تَخَذَ، اتَّخَذَ.
حكمها:
هذه الأفعالُ إذا جاءَت للمعنيينِ المذكورَيْنِ (فعلٍ قَلْبيٍّ،
٨١
أو تحويليٍّ) ودخلَتْ على المبتدأِ والخَبَرِ نَصَبَتْهُما على أنَّهما مفعولانِ.
نحو: ﴿وجَعَلوا الملائكةَ الَّذينَ هُمْ عِبادُ الرَّحمنِ إناثًا﴾، جعَلَ بمعنى ظَنَّ، نَصَبَتْ مفعولَينِ هما: ﴿الملائكةَ﴾ و﴿إِناثًا﴾.
ونحو: ﴿وإن وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقينَ﴾، وجَدَ بمعنى عَلِمَ وتيقَّنَ، نَصَبَتْ مفعولَينِ: ﴿أَكْثَرَ﴾ و﴿فاسقينَ﴾.
ونحو: ﴿إنَّا جعَلْناهُ قُرْآنًا عرَبيًّا﴾، جعَلَ بمعنى صَيَّرَ، نصَبَتْ مفعولَين: الضَّميرَ الهاءَ و﴿قُرآنًا﴾.
ونحو: ﴿إنَّهمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا ونَراهُ قَريبًا﴾، ﴿يرونَ﴾ بمعنى يظنُّونَ، و﴿نَراهُ﴾ بمعنى نعلَمُهُ، وقدْ نَصَبَتا مفعولَينِ: الضَّميرَ الهاءَ في الفعلينِ، و﴿بَعيدًا﴾ و﴿قَريبًا﴾.
ونحو: ﴿وإنِّي لأظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبورًا﴾، فنصَبَتْ ﴿أظُنُّ﴾ الكافَ و﴿مَثبورًا﴾.
والمفعولانِ في هذه الأمثلةِ أصلُهُما مبتدأٌ وخبرٌ، والجُمْلَةُ فِعْليَّةٌ.
***
٨٢
الفاعل
تعريفه:
هو: ما أُسْنِدَ إليهِ عامِلٌ أثَّرَ فيه الرَّفْعَ.
والعامِلُ هو: الفِعْلُ، نحو: ﴿وَجاءَ رَبُّكَ﴾، أو ما يعْمَلُ عمَلَ الفِعْلِ كاسمِ الفاعِلِ، نحو: ﴿مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ﴾، ﴿ألوانُهُ﴾ فاعِلٌ لـ ﴿مُختَلِفَ﴾، على تأويلِ: يختلفُ.
أحكامه:
١ - الفاعِلُ مرفوعٌ أبدًا.
٢ - الأصْلُ أنَّ الفاعِلَ اسمٌ صَريحٌ، لكنَّه قدْ يأتي مؤوَّلًا من (أن) والفعْل، نحو: ﴿أَلَمْ يَأنِ للَّذينَ آمَنوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ﴾ فاعِلُ ﴿يَأْن﴾ قولُهُ: ﴿أَن تَخْشَعَ﴾ على تأويلِهِ بـ (خُشوع).
٨٣
٣ - فِعْلُ الفاعِلِ الظَّاهِرِ لا المضمَر يلزَمُ حالةَ الإفرادِ مهْما تغيَّرَ تصريفُ الفاعِلِ تثنيةً وجمعًا.
تقولُ: (جاءَ الرَّجُلُ)، (جاءَ الرَّجُلانِ)، (جاءَ الرِّجالُ)، (جاءَ النِّسوةُ)، وتُزادُ تاءُ التأنيثِ الساكنةُ للدَّلالةِ على تأنيثِ الفاعِل، تقولُ: (جاءَت المرأةُ)، و(المرأتانِ)، و(النِّساءُ).
وجازَ في لغةٍ صحيحةٍ تُعرَف بـ (لغة أكلوني البراغيثُ) إثباتُ ضميرِ التثنيةِ والجمعِ، ومنه قولُ النَّبيِّ ﷺ: «يتعاقَبونَ فيكُمْ ملائكةٌ باللَّيلِ وملائكةٌ بالنَّهارِ».
٤ - لا يجوزُ أن يتقدَّمَ الفاعِلُ على الفِعْلِ، فإن قُلْتَ: (زَيْدٌ جاءَ) فهي جملةٌ صحيحةٌ، لكنَّكَ تُعْرِبُها: (زَيْدٌ) مبتدأٌ، و(جاءَ) فعلٌ ماضٍ فاعلهُ مستترٌ تقديرُهُ (هو) يعودُ على زيدٍ، وجملةُ (جاءَ) والفاعلِ في محلِّ رفعٍ خَبَرٌ.
٥ - الأصْلُ تقدُّمُ الفاعِلِ على المفعولِ به، نحو: ﴿وَوَرِثَ سُلَيمانُ داوُدَ﴾، لكنَّه قد يتأخَّرُ، ويأتي ذلكَ على ثلاثةِ أحكامٍ:
[١] جوازُ التَّأخير، نحو: ﴿ولَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ﴾.
٨٤
[٢] وجوبُ التَّأخيرِ، وذلكَ إذا اتَّصلَ بالفاعِلِ ضميرٌ يعودُ على المفعولِ، نحو: ﴿وِإذِ ابتَلى إبراهيمَ ربُّهُ﴾.
[٣] وجوبُ التَّقديمِ، وذلكَ إذا لم يُؤمَن اللَّبْس، نحو: (زارَ موسى عِيسى) (١).
(١) قاعدة الاشتغال:
الاشْتِغالُ، هو: أن يتقدَّمَ اسمٌ ويتأخَّرَ عنه فعلٌ منشغلٌ بضميرهِ، بحيثُ لو تفرَّغَ هذا الفعلُ من العملِ في الضَّميرِ لنصَبَ ذلكَ الاسمَ.
صور إعراب الاسم المتقدم:
١ - ترجيحُ النَّصْبِ، وذلكَ:
[١] إذا كانَ الفِعْلُ فِعْلَ طلَبٍ، نحو: (اللَّهُمَّ عَبْدَكَ ارْحَمْهُ).
[٢] إذا اقتَرَنَ الاسمُ بعاطِفٍ مسبوقٍ بجُملةِ فعليَّةٍ، نحو: ﴿خَلَقَ الإنْسانَ مِن نُطْفَةٍ فإذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ. وَالأنْعامَ خَلَقَها﴾.
[٣] أن تدخُلَ على الاسم أداةٌ الغالِبُ أن تدْخُلَ على الأفعالِ، نحو: ﴿أَبَشَرًا مِنَّا واحدًا نَتَّبِعُه﴾.
٢ - وجوبُ النصْب، وذلكَ: إذا تقدَّمَ على الاسمِ أداةٌ خاصَّةٌ بالفِعْلِ، مثلُ أدواتِ الشَّرْطِ أو التَّحضيضِ نحو: (إِنْ بَكْرًا لَقِيتَ فسلِّمْ عَليهِ)، (هلَّا سَعيدًا دعَوْتَه).
٣ - وجوبُ الرَّفْعِ، وذلكَ: إذا تقدَّمَ على الاسمِ أداةٌ خاصَّةٌ بالدُّخولِ على الجُملةِ الاسميَّة كـ (إذا) الفُجائيَّة، نحو: (خَرَجْتُ فإذا صالحٌ يُعانِقُهُ خالِدٌ).
٤ - استواءُ الرَّفْعِ والنَّصْبِ، وذلكَ: إذا تقدَّمَ على الاسمِ عاطِفٌ مسبوقٌ بجُملةٍ فعليَّةٍ واقعةٍ خبرًا عن اسمٍ قبلَها، نحو: (محمَّدٌ دَخَلَ أخوهُ وبَكْرًا أكرَمْتُهُ) أو: (بَكْرٌ).
٥ - ترجيحُ الرَّفْعِ، وذلكَ في غيرِ الأحوالِ المتقدِّمةِ، نحو: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلونَها﴾.
٨٥
نائب الفاعل
تعريفه:
هوَ المفعولُ بهِ في الأصْلِ يُقامُ مقامَ الفاعِلِ عندَ حَذْفِهِ لسَبَبٍ، ويأخُذُ أحكامَ الفاعِلِ.
ويقعُ حذْفُ الفاعِلِ لأسْبابٍ، منها:
ا- العلمُ به، نحو: ﴿كُتِبَ عليكُمُ القِتالُ﴾.
٢ - الجَهْلُ به، نحو: (سُرِقَ المتاعُ).
٣ - الخَوْفُ منه أو عليهِ، نحو: (كُسِرَ الإناءُ).
أحكامه:
١ - مرفوعٌ.
٢ - تتغيَّرُ بِنْيَةُ فِعْلهِ، فتقولُ مثلًا في (نَصَرَ: ينصُرُ): (نُصِرَ: يُنْصَرُ) إشعارًا بحذفِ الفاعِل.
٨٦
٣ - إذا لم يوجَد المفعولُ به في أصْلِ الجملةِ لينوبَ عن الفاعِلِ عندَ حذْفِهِ جازَ أن ينوبَ عنه:
[١] الظَّرْفُ، نحو: (سِيرَ ميلٌ)، (صِيمَ رَمَضانُ).
[٢] الجارُّ والمجرورُ، نحو: (أُذِّنَ للصَّلاةِ).
[٣] المصدَرُ، نحو: (جُلِسَ جُلوسُ الأميرِ).
ويُلاحظُ أنَّ الظَّرْفَ والمصْدَرَ لا ينوبانِ إلَّا إذا كانا مختصَّينِ بشيءٍ، فلا يجوزُ أن تقولَ مثلًا: (سِيرَ مكانٌ) أو (صيمَ زَمانٌ) أو (جُلِسَ جُلوسٌ) حتَّى يكونَ سَيْرًا محدَّدًا وصومًا معيَّنًا وجُلوسًا موصوفًا أو معرَّفًا.
***
٨٧
الفضلات
تعريفها:
جمعُ فَضْلَة، وهي: ما يأتي من الأسماء تتميمًا للكلامِ، ويمكِنُ الاستغناءُ عنه غالبًا في بناءِ الجملةِ.
أنواعها:
المفعولاتُ: (المفعولُ به [ويندرجُ تحته: المنادَى]، المفعولُ المطلَقُ، المفعولُ له، المفعولُ فيه، المفعولُ معهُ)، الحالُ، التَّمييزُ.
ويتبعُ ذلكَ تتمَّةً للكلامِ في المنصوباتِ: الاستثناءُ.
١ - المفعول به
تعريفه:
هو: ما وقعَ عليهِ فِعْلُ الفاعِلِ.
٨٨
نحو: (قرأَ سَعْدٌ القُرآنَ).
أحكامه:
١ - منصوبٌ دائمًا.
٢ - الأصْلُ فيه التَّأخُّرُ عن الفِعْلِ والفاعِلِ، نحو: ﴿وكلَّمَ اللهُ موسى﴾، لكنَّه قدْ يتقدَّمُ على كُلِّ منهُما.
فأمَّا تقديمُهُ على الفاعِلِ فسَبَقَتْ أحكامُهُ في مبحَثِ (الفاعِل).
وأمَّا تقديمُهُ على الفِعْلِ فيقعُ:
[١] جَوازًا، نحو: ﴿فَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَريقًا تَقْتُلُونَ﴾.
[٢] وُجوبًا، وذلكَ في حالاتٍ:
١ - إذا تضَّمَنَ شَرْطًا، أو أُضيفَ إلى شَرْطٍ، نحو: (مَنْ تُكْرِمْ أُكْرِمْهُ)، ﴿أيَّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الأسماءُ الحُسْنى﴾، (رأْيَ مَنْ تأخُذْ أَأْخُذْ)، الشَّرطُ له صدرُ الكلامِ.
٢ - إذا تضمَّنَ استفهامًا، أو أُضيفَ إلى استفْهامِ، نحو: (مَنْ رَأَيْتَ؟)، (سَيَّارةَ مَن اشتَرَيْتَ؟)، الاستفهامُ له صَدْرُ الكلامِ.
٣ - إذا نَصَبَهُ جوابُ (أمَّا)، نحو: ﴿فَأمَّا اليَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ﴾.
٨٩
٤ - إذا نَصَبَهُ فِعْلُ أمْرٍ دخَلَتْ عليهِ الفاءُ، نحو: ﴿اللَّهَ فَاعْبُدْ﴾، (النِّعْمَةَ فاشْكُرْ).
وَهَذِهِ الفاءُ تُسَمَّى (فاء الفَصيحَة)، وتُعْرَبُ عاطِفَةً، أو زائِدَةً.
...
٢ - المنادَى
تعريفه:
هو: الاسمُ الَّذي يطْلُبُ المتكلِّمُ إقبالَهُ، كانَ عاقِلًا، نحو: ﴿يا موسَى﴾، أو غيرَ عاقِلٍ، نحو: ﴿يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ﴾.
حروفه:
النِّداءُ يَكونُ بحروفٍ مخصوصةٍ، أكثرُها استعمالًا: (يا)، ويُنادى بـ: (الهمزةِ، أَيْ، أَيَا، وا).
على أنَّ هذه الأخيرةَ إنَّما تُستعْمَلُ للنداءِ قليلًا، نحو قولِ عُمَرَ ﵁: (واعَجبًا لكَ يا ابْنَ العاصِ).
والغالبُ فيها أن تُسْتعْمَلَ للنُّدْبةِ.
٩٠
أحكامه:
١ - يأتي الاسمُ المنادَى مُعرَبًا ومبنيًّا:
[١] الإعرابُ، وهو النَّصْبُ، ويقعُ في ثلاثِ حالاتٍ:
١ - إذا كانَ مُضافًا، نحو: (يا رَسولَ اللهِ).
٢ - إذا كانَ شَبيهًا بالمضافِ، وهو: ما اتَّصلَ به شيءٌ من تمامِ معناهُ.
نحو: (يا حَسَنًا وَجْهُهُ)، (يا ناطِحًا جَبَلًا)، (يا رَفيقًا بالعِبادِ).
٣ - إذا كانَ نكرةً غيرَ مقصودةٍ، نحو قولِ الأعمى: (يا رَجُلًا خُذْ بيَدِي).
[٢] البِناءُ، ويُقالُ في صفةِ إعرابِهِ: منادَى مَبنيٌّ على ما يُرْفَعُ به في محلِّ نَصْبٍ، ويقعُ:
١ - غيرَ مُضافٍ، نحو: ﴿يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا﴾.
٢ - غيرَ شَبيهِ بمُضافٍ، نحو: (يا راحِلونَ غَدًا).
٣ - نَكِرةً مَقصودَةً، نحو: (يا رجُلُ اتَّقِ اللهَ) تُنادِي رجُلًا مُعيَّنًا، ﴿يا جِبالُ أَوِّبي﴾.
٩١
٢ - إذا كانَ المنادَى مُضافًا إلى ياءِ المتكلِّمِ، جازَ في آخِرهِ لُغاتٌ معَ بقاءِ إعرابهِ منصوبًا:
[١] إثباتُ الياءِ وتَسْكينُها، نحو: (يا أوْلادِيْ اتَّقوا اللهَ في أُمِّكُمْ).
[٢] حَذْفُ الياءِ وإبقاءُ الكَسْرةِ دَليلًا عليها، نحو: ﴿يا عِبادِ فَاتَّقونِ﴾.
[٣] إثباتُ الياءِ وفَتْحُها، نحو: ﴿يا عِبادِىَ الَّذينَ آمَنوا إِنَّ أرْضِي واسِعَةٌ﴾.
[٤] حَذْفُ الياءِ وقَلْبُ الكَسْرَةِ فتحةً، ثُمَّ قَلْبُ الفَتحةِ ألِفًا، نحو: ﴿يا أَسَفا على يوسُفَ﴾.
[٥] كالَّتي قبْلَها، لكن بحَذْفِ الألِفِ وإبقاءِ الفَتْحةِ دليلًا عليها، تقولُ: (يا أَسَفَ).
تنبيه: إذا كانَ المضافُ إلى ياءِ المتكلِّمِ كلمتَي: (أُمّ، أَب) جازَ لكَ أن تقولَ: (يا أَبيْ، يا أُمِّيْ، يا أَبِ، يا أُمِّ، يا أَبُ، يا أُمُّ، يا أَبيَ، يا أُمِّيَ، يا أَبا، يا أُمَّا، يا أَبَ، يا أُمَّ، يا أَبَتِ، يا أُمَّتِ، يا أَبَتَ، يا أُمَّتَ).
٣ - يجوزُ في تابعِ المنادَى المعرَّفِ بـ (أل) الرَّفْعُ والنَّصْبُ إذا كانَ المنادى مبنيًّا، نحو: (يا خالِدُ البَطَلُ)
٩٢
و(البَطَلَ)، ومنه: ﴿يا جِبالُ أوِّبي معَهُ والطَّيرَ﴾، وقُرىءَ شاذًّا: ﴿والطَّيْرُ﴾ بالرَّفْعِ.
وإذا لم يكن تابعُ المنادَى معرَّفًا بـ (أل) فهوَ منصوبٌ فقط، نحو: «يا فاطِمَةُ بِنْتَ محمَّدٍ».
٤ - إذا نادَيْتَ العَلَمَ الموصوفَ بـ (ابن) في نحو: (زَيْدُ بنُ ثابِتٍ) فالقاعِدةُ أن تقولَ: (يا زَيْدُ بنَ ثابتٍ)، لكنْ لكَ أن تُتْبعَ المنادى حركةَ (ابن) فتقول: (يا زَيْدَ بنَ ثابتٍ).
٥ - إذا نادَيْتَ اسمَ الإشارةِ وجَبَ أن تَصِفَه، فتقولُ: (يا هذا الرَّجُلُ)، (يا هذا الَّذي جاءَ بالأمسِ).
٦ - إذا نادَيْتَ (أيّ) بنيْتَها على الضَّمِّ، وألْحَقْتَ بها (ها) التَّنبيهِ، نحو: ﴿يا أيُّها النَّبيُّ﴾، ﴿يا أيُّها الإنْسانُ﴾.
ويُعْرَبُ ﴿النَبيُّ﴾ ﴿الإنْسانُ﴾ عطْفَ بَيانٍ.
٧ - يجوزُ حذْفُ حرفِ النِّداءِ اختصارًا، نحو: ﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا﴾، ﴿رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا﴾.
توابعه:
١ - المرخَّمُ، من التَّرخيمِ، وهو: حذْفُ آخِرِ المنادَى تخفيفًا، تقولُ في نحو (يا عائِشَةُ): (يا عائِشَ) و(يا عائِشُ)،
٩٣
والفتحُ إبقاءً لحركةِ الحرفِ الأصليَّة، وتكونُ علامةُ الإعرابِ مقدَّرةً، والضَّمُّ على نقْلِ حركةِ المحذوفِ إلى آخِرِ الكلمة بعْدَ التَّرخيمِ.
٢ - المستَغاثُ به، من الاستغاثةِ، وهي: نِداءُ شَخْصٍ لدَفعِ ضَرَرٍ أو تخليصٍ من شِدَّة، نحو: (يا لَلَّهِ لِلْمُسْلمينَ)، ويُلاحَظُ أنَّ المستَغاثَ به يُجَرُّ بلامٍ مفتوحةٍ، والمستَغاثَ له بلامٍ مكسورةٍ.
٣ - المتعجَّبُ منه، وهو ما أثارَ إعجابَكَ من شيءٍ، تقولُ مثلًا: (يا لَلْجَمالِ!)، (يا لَلْخُضْرةِ!)، (يا لَلطَّبيعةِ الخلَّابَةِ!)، ويُلاحَظُ جَرُّ المتعجَّبِ منه بلامٍ مفتوحةٍ كالمستغاثِ به.
٤ - المندوبُ، من النُّدْبةِ وهي: التَّفجُّعُ على شيءٍ، أو التَوجُّعُ منه، ويُستعمَلُ بـ (وا) غالبًا، وقلَّما استُعْمِلَ بـ (يا) لمعنى النُّدبةِ.
نحو: (وا زَيْدُ)، ويجوزُ إلحاقُهُ الألفَ فتقولُ: (وا زَيْدا)، وتجوزُ زيادَةُ هاءِ السَّكْتِ، فتقولُ: (وا زَيْداهْ)، ومنه: (وا أَبَتاهْ، وا كَرْباهْ، وا رَأْساهْ).
***
٩٤
٣ - المفعول المطلق
تعريفه:
هو: مَصْدَرٌ تَسلَّطَ عليهِ عامِلٌ من لَفْظِهِ أو معناهُ فنَصَبَهُ.
والعامِلُ واحِدٌ من ثلاثةِ أشياءٍ:
١ - الفِعْلُ، ويكونُ من لفظِ المصدَرِ، نحو:
﴿وَكَلَّمَ اللهُ موسى تَكليمًا﴾، أو من معنى المصدَرِ، نحو: (قَعَدْتُ جُلوسًا)، فالقُعودُ والجُلوسُ واحِدٌ في المعنى.
٢ - المصدَرُ، فيعملُ في مَصْدَرٍ بنفْسِ لفظِهِ، نحو: ﴿فإِنَّ جَهَنَّمَ جزاؤكُمْ جزاءً موفورًا﴾.
فـ ﴿جَزاءً﴾ مفعولٌ مُطلَقٌ عَمِلَ فيه مصدَرُ ﴿جَزاؤكُمْ﴾.
٣ - الوَصْفُ، ويكونُ من لفْظِ المصدَرِ، كاسمِ فاعِلٍ، نحو: ﴿والذَّارياتِ ذَرْوًا﴾، ﴿والصَّافَّاتِ صَفَّا﴾، واسْمِ مفعولٍ، نحو: (البَيْضُ مَسلوقٌ سَلْقًا).
نائب المصدر:
ينوبُ عن المصدَرِ ويأخُذُ حُكْمَهُ في النَّصبِ على أنَّه مفعولٌ مُطلَقٌ:
٩٥
١ - (كُلِّ) و(بَعْض) وما أدَّى معناهُما، نحو: ﴿فَلا تَميلُوا كُلَّ الميلِ﴾، ﴿ولَوْ تقوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الأقاوِيلِ﴾.
ومِثالُ ما أدَّى مَعناهما: ﴿وَلا تَضرُّونَهُ شَيئًا﴾، ﴿لا أُعذِّبُهُ أحَدًا من العالَمينَ﴾، ﴿والنَّازِعاتِ غَرْقًا﴾ فالنَّزْعُ يكونُ بالإغراقِ وغيرِهِ والإغراقُ بَعْضٌ منه، ونحو: (رَجَعْتُ القَهْقَرى) نوعٌ من الرُّجوع وليسَ كُلُّ رُجوعٍ قَهْقَرَى، و(قَعَدْتُ القُرْفُصاءَ) نوعٌ من القُعودِ.
٢ - العَدَد، نحو: ﴿فَاجْلِدوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً﴾، فـ ﴿ثَمانِينَ﴾ مفعولٌ مطْلَقٌ.
٣ - أسماءُ الآلاتِ المستعملةِ للفِعْلِ، نحو: (ضَرَبْتُهُ سَوْطًا).
حذف العامل:
قَدْ يُحْذَفُ العامِلُ في المصْدَرِ، نحو قولِكَ: (اعترافًا)، والتَّقديرُ: (أَعْترِفُ اعترافًا)، وتقولُ: (أفْعَلُهُ رَغْمًا)، التَّقديرُ: (أفْعلُهُ وإِنْ رَغِمَ أنْفُهُ رَغْماَ)، وتقولُ: (طلَّقَها البتَّةَ) أي: قَطْعًا، فكأنَّكَ قُلْتَ: (طلَّقها قائلًا: بتَتُّكِ البتَّةَ).
***
٩٦
٤ - المفعول له
تعريفه:
هو: مَصْدَرٌ مُعلِّلٌ لحدَثٍ مُشارِكٍ له في الزَّمانِ والفاعِلِ واقِعٍ في جوابِ (لماذا؟)، منصوبٌ.
ويُسمَّى: (المفعولَ لأجْلِهِ).
نحو: (جاءَ خالِدٌ رَغْبةً في الخَيْرِ)، فكأنَّكَ أجَبْتَ مَن قال: (لماذا جاءَ خالِدٌ؟)، وكانتْ رَغْبةُ خالدٍ في الخيرِ حاصِلةً وقْتَ مجيئهِ، وليسَ الحديثُ عن رغبتِهِ في الخيرِ في وَقْتٍ آخَرَ، وكذلكَ ففاعِلُ المجيءِ والرَّغبةِ واحِدٌ، وهو خالِدٌ.
وهكذا في نحوِ قولهِ تعالى: ﴿يجعَلونَ أصابِعَهُمْ في آذانِهِمْ من الصَّواعِقِ حَذَرَ الموتِ﴾، وقولِكَ: (ضَرَبْتُ ابْني تأديبًا).
...
٥ - المفعول فيه
تعريفه:
هو. اسمُ زَمانٍ أو مكانٍ سُلِّطَ عليهِ عامِلٌ على معنى (في).
٩٧
نحو: (صُمْتُ يومَ الخميسِ) أي: في يومِ الخَميسِ، (جَلَسْتُ خَلْفَكَ) أي: في تلكَ الجِهَةِ.
فإذا لم يكن الظَّرْفُ بمعنى (في) فليسَ مفعولًا فيهِ.
أحكامه:
١ - كلُّ أَسماءِ الزَّمانِ تقبَلُ النَّصْبَ على الظَّرفيَّة، نحو: (اليوم، الأسبوع، الشَّهر، العام، الوقت، الزَّمان، الصَّيف، الشِّتاء، الصَّباح، المساء، البُكْرة، العَشيّ ...).
٢ - أسماءُ المكانِ الَّتي تقبَلُ النَّصْبَ على الظَّرفيَّة ثلاثةُ أنواعٍ:
[١] أسماءُ الجِهاتِ ومُلحقاتُها: (فَوق، تَحْت، أعلى، أسْفَل، يَمين، شِمال، يَسار، ذات اليَمين، ذات الشِّمال، وَراء، أَمام، ناحية، نَحْو، قَريبًا، جِهَة، قُرْب، وَسْط، شَطْر، بَدَل، عِنْد، لَدَى ...).
نحو: ﴿قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا﴾، ﴿والرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾، ﴿تَزاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذاتَ اليَمينِ وِإذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشمالِ﴾، ﴿وكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ﴾، ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسْجِدِ الحرامِ﴾، ﴿تَجِدوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾.
٩٨
[٢] أسماءُ مقاديرِ المساحاتِ، كـ (فَرْسَخ، مِيل، بَريد، مِتْر)، نحو: (سِرْتُ مِيلًا).
[٣] ما كانَ مَصوغًا من مَصْدَرِ عامِلِه، نحو: ﴿وأنَّا كُنَّا نقْعُدُ مِنها مَقاعِدَ﴾ هي جمعُ (مَقْعَد) وهو مصدَرٌ مَصوغٌ من نفْس ما صيغَ منه الفِعْلُ ﴿نَقْعُدُ﴾ فكِلاهما من القُعودِ، والمرادُ هُنا مكانُ القُعودِ.
وتقولُ: (رَمَيْتُ مَرمَى الأشْبالِ)، فـ (مرمى) مفعولٌ فيهِ، والتَّقديرُ: (رميتُ الكُرةَ في مرمى فَريقِ الأشبالِ)، ولا يكونُ مفعولًا فيه لو اختلفَتْ صيغةُ العامِلِ عن صيغةِ المصدَرِ، كأنْ تقولَ: (أصَبْتُ مَرْمى الأشْبالِ)، إنَّما (مَرمى) هُنا مفعولٌ به.
٣ - من الظُّروفِ ما يأتي مبنيًّا، وإليْكَ بيانَها:
[١] (إِذْ) للزَّمنِ الماضي، وتأتي دائمًا مُضافةً إلى جُملةٍ، نحو: ﴿واذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ﴾، ﴿واذْكُرُوا نِعْمةَ اللهِ علَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً﴾.
[٢] (إِذا) للزَّمن المستقبَلِ، نحو: ﴿إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ والفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ في دِينِ اللهِ أَفْواجًا. فَسَبِّحْ ...﴾، ﴿واللَّيْلِ إِذا سَجَى﴾.
٩٩
وإذا جاءَتْ فُجائيةً كانت للزَّمَنِ الحاضِر، نحو: ﴿فَأَلْقاهَا فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾.
[٣] (الآنَ) للزَّمَنِ الحاضِر، نحو: ﴿الآنَ باشِروهُنَّ﴾.
[٤] (أَمْسِ) لليَوْمِ الذي قبْلَ يومِكَ، مبني في لُغةِ أهْلِ الحجازِ، نحو: (ذَهَبَ أَمْسِ بِما فيهِ، أَحْبَبْتُ أَمْسِ، ما رأَيْتُ بَكْرًا مُذْ أَمْسِ).
إذا عُرِّفَ بـ (أل) أو بالإضافةِ أو أردتَ يومًا ماضيًا غيرَ محدَّدٍ أعْرِبَ، نحو: (كانَ الأمْسُ جميلًا، رأيتُ الأمْسَ لَطيفًا) ﴿كَأَن لم تَغْنَ بالأمْسِ﴾، (كانَ أمْسُنا حارًّا)، (مَرَّ بِنا أَمْسٌ جَميلٌ).
[٥] (بَيْنَ) ظَرْفُ مَكانٍ وزَمانٍ، نحو: ﴿لَقَدْ تَقَطَّعَ بَينَكُمْ﴾ ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذلكَ﴾.
إذا جاءَت مُضافًا إليهِ أو دَخَلَ عليها حرفُ الجَرِّ أُعْرِبَتْ، نحو: ﴿هذا فِراقُ بَيني وَبَينِكَ﴾، ﴿مِنْ بَينِ فَرْثٍ وَدَمٍ﴾.
قدْ تُضافُ إليها الألِفُ (بَيْنا) أو (ما): (بَيْنَما) فلا تُسْتَعْمَلُ حينئذٍ إلَّا مُضافةً إلى جملةٍ، معَ لزومِها للبِناءِ، نحو قولِهِ ﷺ: «بَيْنا أنَا نائِمٌ رَأَيْتُ الناسَ يُعْرَضُونَ عَليَّ»، (بَينَما يَقْصِدُ الهَدَفَ أصابَ أخاهُ).
١٠٠
[٦] (حَيْثُ) ظَرْفُ مكان، ولا تُستَعْمَلُ إلا مُضافةً إلى جُملةٍ، نحو: ﴿اللَّهُ أعْلَمُ حَيثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ﴾، (اجْلِسْ حَيْثُ أَنَسٌ جالِسٌ).
[٧] (رَيْثَ) تُستَعْمَلُ أحيانًا ظرْفَ زَمانٍ بمعنى (قَدْرُ بُطْءِ)، وربَّما لحقَتْها (ما)، نحو:
* لا يَصْعُبُ الأمْرُ إلاَّ رَيْثَ يركَبُهُ *
[٨] (عَوْضَ) للزَّمَنِ المستقبَلِ، ومعناها: (أبدًا)، نحو: (لا أُفارِقُكَ عَوْضَ).
فإذا أُضيفَتْ أو أُضيفَ إليها أُعْرِبَتْ، نحو: (لا أَفْعَلُهُ عَوْضَ العائِضينَ).
[٩] (قَطُّ) للزَّمنِ الماضِي، نحو: (ما فعَلْتُهُ قَطُّ).
[١٠] (لَدُنْ، لَدَى) ظَرفا زَمانٍ ومَكانٍ، نحو: ﴿هَبْ لَنا مِن لَدُنْكَ رَحْمةً، ﴿لَدَيْنا مَزِيدٌ﴾.
ما بَعْدَهما مُضافٌ إليهما دائمًا، إلا كلمةَ (غُدْوَة) فإنَّها تأتي بعْدَ (لَدُن) منصوبةً: (لَدُنْ غُدْوَةً).
[١١] (قَبْلُ) و(بَعْدُ) وملحقاتُهُما: (أَوَّلُ، أَمامُ، قُدَّامُ، وَراءُ، خَلْفُ، أَسْفَلُ، يَمينُ، شِمالُ، فَوْقُ، تَحْتُ، عَلُ، دونُ).
١٠١
تُبْنى على الضَّمِّ إذا لم تَكُن مُضافَةً، لكنْ معَ بَقاء إمكانِ تقديرِ معنى المضافِ إليهِ، نحو: ﴿للهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ يمكِنُكَ تقديرُ المضافِ إليه على معنى: (مِنْ قَبْلِ الغَلَبَةِ ومِنْ بعدِها).
فإذا أُضيفَتْ هذه الكلماتُ أُعْرِبَت ظُروفًا منصوبةً، أو مجرورةً بحرفٍ الجَر، نحو: ﴿وَلَقَدْ فَتَنا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ﴾، ﴿قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِن قَبْلِكُمْ﴾.
وكذلكَ إذا قُطِعَتْ عن الإضافةِ لَفْظًا ومعنًى، نحو:
فَساغَ ليَ الشَّرابُ وكنْتُ قَبلًا ... أَكادُ أَغَصُّ بالماءِ الفُراتِ
...
٦ - المفعول معه
تعريفه:
هو اسمٌ فَضْلةٌ يأتي بعدَ واوٍ يُرادُ بها معنى (معَ) مسبوقةٍ بفِعْلٍ أو ما فيه معنى الفِعْلِ وحُروفِهِ كاسم الفاعِلِ.
نحو: (سِرْتُ والقَمَرَ)، (أنا سائِرٌ والقَمَرَ).
وتُسمَّى الواوُ المذكورةُ (واوَ المصاحَبة)، فكأنَّ المعنى في المثالينِ: (سِرْتُ مُصاحبًا القَمَرَ)، (أنا سائرٌ مُصاحبًا
١٠٢
القمَرَ) أو: (سِرْتُ وصاحَبْتُ القَمَرَ)، (أنا سائِرٌ ومُصاحِبٌ القَمَرَ).
وتُعْرَبُ الواوُ: حَرْف عَطْفٍ.
...
٧ - الحال
تعريفه:
هو وَصْفٌ فَضْلَةٌ، علامتُهُ أنَّه يصلُحُ جوابًا لـ (كيف).
نحو أن يسْأَلَكَ سائلٌ: (كيفَ أكَلْتَ الطَعامَ؟) فتقولُ: (أكلْتُ الطَّعامَ ساخِنًا)، فـ (ساخنًا) حالٌ منصوبٌ واقِعٌ في جوابِ (كيفَ)، وهو فَضْلَةٌ لأنَّ الجُملةَ تَستغني عنه، فهي مكتفيةٌ بقولِكَ: (أكلتُ الطَّعامَ).
فائدته:
يأتي الحالُ لمَعْنَيينِ:
١ - مُبيِّنًا، وهو الَّذي يدلُّ على معنى لا يُفْهَمُ مِمَّا قَبْلَه، نحو: ﴿أَنْزَلَ إليكُمُ الكِتابَ مُفَصَّلًا﴾.
١٠٣
٢ - مُؤكِّدًا، وهو الَّذي يُستفادُ معناهُ بِدُونِهِ، نحو: ﴿فَتَبَسَّمَ ضاحِكًا﴾.
شرطه:
يجبُ أن يكونَ نَكِرَةً، فـ ﴿مُفصَّلًا﴾ و﴿ضاحِكًا﴾ في المثالينِ المتقدمينِ نكرتانِ.
فإذا وقعَ الحالُ معرَّفًا فهو مؤوَّلٌ بنكرةٍ، نحو: (ادخُلوا الأوَّلَ فالأوَّلَ) هو بمعنى: (ادْخُلوا أوَّلًا فأَوَّلًا).
صاحبه:
هو الموصوفُ حالُهُ، والأصْلُ أن يكونَ معرفةً، وقدْ يكونُ نكرةً مخصَّصةً، نحو: ﴿في أرْبَعَةِ أيَّامِ سَواءً للسَّائلينَ﴾ فالحالُ: ﴿سَواءً﴾، وصاحِبُهُ: ﴿أَرْبَعةِ﴾ نكرةٌ مخصَّصةٌ بإضافتِها إلى ﴿أيَّامٍ﴾.
كما يجوزُ أن يكونَ نكرةً كذلكَ إذا تقدَّمهُ نفيٌ أو نهيٌ أو استفهامٌ، نحو: ﴿وَما أَهْلَكْنا مِن قَرْيةٍ إلا لَها مُنْذِرونَ﴾، فالحالُ: جملةُ ﴿لها مُنْذِرونَ﴾ وصاحِبُها: ﴿قريَةٍ﴾ نكرةٌ وقَعَتْ في سِياقِ نفيٍ.
١٠٤
أحكامه:
١ - يأتي الحالُ لَفْظًا مفردًا، نحو: ﴿فخَرَجَ مِنْها خائفًا﴾، ويأتي جُملةً، نحو: ﴿خَرَجوا مِن ديارِهِمْ وَهمْ أُلوفٌ﴾، ﴿واللَّهُ يحكُمُ لا مُعقِّبَ لحُكْمِهِ﴾.
٢ - يجوزُ حَذْفُ الحالِ لأنَّه فَضْلَةٌ، لكنْ يجبُ إبقاؤهُ ويمتنِعُ حذْفُهُ إذا كانَ ذلكَ مُفْسِدًا للمعنى كأنْ يقَعَ مَنْهيًّا عنه، كما في نحو: ﴿وَلا تَمْشِ في الأرْضِ مَرَحًا﴾، ﴿لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأَنْتُمْ سُكَارَى﴾.
٣ - قدْ يأتي الحالُ اسمًا غيرَ صِفةٍ لكن يرادُ بهِ الصِّفةُ، نحو: ﴿فَانْفِرُوا ثُباتٍ﴾، ﴿ثُبات﴾ اسمٌ معناهُ الصِّفة: متفرِّقينَ، ونحو: ﴿ادْعوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾، مصدَرانِ بمعنى: خائفينَ طامِعِينَ، (بِعْتُهُ يَدًا بيَدٍ) أي: مُتماثِلًا، (ادْخُلوا رَجُلًا رجُلًا) أي: مُرتَّبِين، (تَرَكَهمْ شَذَرَ مَذَرَ) أي: متفرِّقينَ.
فالحالُ في هذه النَّماذِجِ هو معنى الاسمِ المؤوَّلِ بصِفةٍ، والقاعِدةُ في ذلكَ: أنَّ هذه الصُّورَ وما في معناها صالحةٌ للوُقوعِ جوابًا لـ (كيفَ).
***
١٠٥
٨ - التمييز
تعريفه:
هو اسمٌ فَضْلَةٌ نَكِرَةٌ جامِدٌ تُفَسَّرُ به ذاتٌ مُبْهَمَةٌ، نحو: ﴿فاجْلِدوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً﴾.
تقسيمه:
هو قسمان:
١ - تمييزُ مُفرَدٍ، ويقَعُ بعْدَ:
[١] المقادِير: المساحاتِ، نحو: (مَتْرٍ قِماشًا).
الكَيلِ، نحو: (صاعٍ تَمْرًا).
الوَزْنِ، نحو: (غِرامٍ ذَهَبًا).
[٢] العَدَدِ، نحو: ﴿إِنِّي رأيتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا﴾، ﴿تِسْعٌ وتِسْعونَ نَعْجَةً﴾.
ومنه تمييزُ (كم) الاستفهاميَّة، نحو: (كَمْ جُنَيْهًا تَمْلِكُ؟) (١).
(١) قاعدة في التفريق بين (كم) الاستفهامية والخبرية:
فرَّقَ النحويُّونَ بينَ (كَم) الاستفهاميَّة والخبريَّة بوجوهٍ، منها: =
١٠٦
تنبيه: يُنْصَبُ تمييزًا تمييزُ الأعدادِ من (أَحَدَ عَشَرَ) إلى (تِسعةٍ وتِسعينَ)، أمَّا تمييزُ (ثلاثة) إلى (عَشْرَة) فإنَّه يكونُ مجموعًا مجرورًا بالإضافةِ إلى مُميَّزِهِ، نحو: ﴿سَبْعَ لَيالٍ وثمانيةَ أيَّامٍ﴾، وكذلكَ (مِئة) فما فوقَها تمييزُها مُفرَدٌ مُضافٌ إليها، نحو: ﴿مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾، ﴿أَلْفَ سَنَةٍ﴾ (١).
=
١ - تمييزُ الاستفهاميَّة منصوبٌ، نحو: (كم دينارًا عِنْدَكَ؟)، وتمييزُ الخبريَّةِ مجرورٌ، نحو: (كَمْ دينارٍ مَلَكْتُ!).
٢ - تمييزُ الاستفهاميَّة لا يكونُ إلَّا مُفردًا، والخبريَّة يجوزُ مجيئهُ جمعًا، نحو: (كَمْ دنانِيرَ ملكتُ!).
٣ - الخبريَّةُ تدلُّ على التَّكثير بخِلافِ الاستفهاميَّة.
٤ - الاستفهاميَّة سؤالٌ يحتاجُ إلى جوابٍ، بخلافِ الخبريَّة.
٥ - الاستفهاميَّة تُستعْمَلُ للسُّؤالِ عن الأزمنةِ الثلاثةِ، تقولُ: (كمْ قَلمًا اشتَرَيْتَ؟)، (كَمْ قَلَمًا تُريدُ؟)، (كَمْ قَلَمًا سَأَشْتَري؟)، والخبريَّة لا تكونُ إلَّا للماضِي، تقولُ: (كَمْ قَلَمِ اشْتَرَيْتُ!).
٦ - الخبريَّة تحتمِلُ الصِّدْقَ والكذِبَ، بِخِلافِ الاستفهاميَّة.
(١) قاعدة في العدد:
* هو على ثلاثةِ أقسامٍ:
١ - ما يجري على القِياسِ في التَّذكيرِ والتَّأنيثِ، فيُذكَّرُ معَ المذكَّرِ ويؤنَّثُ معَ المؤنَّث، وهو: (واحدٌ، ثانٍ، اثنانِ، ثالثٌ، رابعٌ، خامِسٌ، سادِسٌ، سابعٌ، ثامِنٌ، تاسِعٌ، عاشِرٌ) للمذكَّر، و(واحدةٌ، ثانيةٌ، ثالثةٌ) إلى (عاشرة) بإضافةِ تاء التَّأنيث، و(اثنتان) للمثنى، وهذا للمؤنَّث.
٢ - ما يجري على عكسِ القِياسِ دائمًا، فيؤنَّثُ معَ المذكَّرِ ويُذكَّرُ معَ =
١٠٧
[٣] ما دلَّ على مُماثلةٍ أو مُغايرةٍ، نحو: ﴿وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾، (إنَّ لَنا مِثْلَها كُتُبًا)، (إِنَّ لَنا غَيْرَها كُتُبًا).
٢ - تمييزُ جُملةٍ، ويأتي على قِسمَينِ:
[١] منقلًا من فاعِلٍ، نحو: ﴿واشْتعَلَ الرَّأْسُ شَيبًا﴾، أصلُه: اشتعَلَ شَيْبُ الرَأْسِ، أو مِن مُبتدأٍ، نحو: (أنا أَكثَرُ مِنْكَ مالًا﴾ أصلُهُ: مالي أكْثَرُ من مالكَ.
[٢] شَبيهًا بالمنقولِ، وهو ما يُمْكِنُ تأويلُهُ بغيرِ الحالِ في جملةٍ صحيحةٍ تُفيدُ معنى الحالِ، نحو: (امتلأَ الإناءُ ماءً) فلوْ قُلتَ: (ملأَ الماءُ الإناءَ) فالمعنى متَّحِدٌ، ونحو: (نِعْمَ بَشيرٌ أخًا)، فلوْ قُلْتَ: (نِعْمَ الأخُ بَشيرٌ) فالمعنى متَّحِدٌ.
...
= المؤنَّث، وهو: (ثلاثة) إلى (تِسعة)، فتقولُ: (رأيتُ أربعةَ رجالٍ وخمْسَ نِسْوةٍ)، سَبْعَ لَيالٍ وثمانيةَ أيَّامٍ.
٣ - ما له حالَتان، وهو (عشرة) فيأتي:
[١] مركَّبًا، نحو: (خمسَة عَشَرَ)، فيُذكَّرُ معَ المذكَّرِ ويؤنَّثُ مع المؤنَّث، تقول: (رأيتُ ثلاثةَ عشَرَ رجلًا وسَبْعَ عَشْرةَ امرأةً).
[٢] مُفردًا، فعلى عكْسِ القِياسِ كـ (ثلاثة) وأخواتها، فتقولُ: (عَشْرةُ رجالٍ وعَشْرُ نِسْوةٍ).
١٠٨
٩ - المتثنى بـ (إلا)
تعريفه:
الاستثناءُ: هو إخراجُ ما بعْدَ أداةِ الاستثناءِ من حُكْم ما قَبْلَها، نحو: ﴿الأخِلَّاءُ يومَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلاَّ المتَّقينَ﴾.
أركانه:
المستثنى، المستثنى منه، أداةُ الاستثناءِ.
أنواعه:
أنواعُ الاستثناءِ ثلاثةُ أقسامٍ:
١ - باعتبارِ ما يتقدَّمُهُ من حيثُ الإثباتُ والنَّفيُ:
[١] استثناءٌ موجَبٌ، وهو الَّذي لم يتقدَّمْهُ نفيٌ أو نَهْيٌ أو استفهامٌ، نحو: ﴿فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا منهُمْ﴾.
[٢] استثناءٌ غيرُ موجَبٍ، وهو عكْسُ الَّذي قَبلَه، نحو: ﴿ما فَعَلُوهُ إلاَّ قَليلٌ مِنْهُمْ﴾، ﴿وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إلَّا امرَأَتَكَ﴾ وقَرَأَ ابنُ كَثيرٍ وأبو عَمْرٍو من السَّبعةِ: ﴿إلَّا امرَأَتُكَ﴾، ونحو: ﴿وَمَن يَقْنَطُ مِن رَحْمَةِ رَبّهِ إلَّا الضَّالُّونَ؟﴾.
١٠٩
٢ - باعتبارِ كونِ المسْتثنى جُزءًا من المستثنى منه أم لا:
[١] استثناءٌ متَّصِلٌ، وهو ما كانَ فيه المستثنى من نفْسِ جِنْسِ المستثنى منه، نحو قولِكَ: (زارَني الأصحابُ إلَّا بَكْرًا)، و(ما زارَني الأصحابُ إلَّا محمَّدٌ) و(محمَّدًا).
فـ (بكرٌ) و(محمَّدٌ) من جِنْسِ الأصحابِ الَّذينَ استُثنيَ منهم:
[٢] استثناءٌ منقَطِعٌ، وهو ما كانَ فيه المستثنى من غيرِ جِنْسِ المستثنى منه، نحو قولِكَ: (وَصَلَ الأصحابُ إلَّا سيَّارةً)، و(ما وَصَلَ الأصحابُ إلَّا سيَّارةً).
فـ (سيَّارةً)، في الموضعينِ مستثنى من الأصحابِ، لكنَّها ليسَتْ من جِنْسِهِمْ حيثُ تُريدُ بها وسيلةَ الرُّكوبِ المعروفةَ.
٣ - باعتبارِ ذِكْرِ المستثنى منه أو حَذْفِهِ:
[١] استثناءٌ تامٌ، وهو الَّذي ذُكِرَ فيه المستثنى منه، كالأمثلةِ المتقدِّمة.
[٢] استثناءٌ مُفَرَّغٌ، وهو الَّذي حُذِفَ فيه المستثنى منه، نحو: (ما قامَ إلا حُسامٌ).
١١٠
إعرابه:
له ثلاثُ حالاتٍ:
١ - وجوبُ نصبِ المستثنى، وذلكَ:
[١] إذا كانَ الاستثناءُ موجَبًا تامًّا، نحو: ﴿فنَجَّيناهُ وأَهْلَهُ أجْمَعينَ. إِلَّا عَجوزًا﴾، أو موجَبًا مُنْقَطِعًا، نحو: ﴿فَسَجَدَ المَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلَّا إِبْليسَ﴾.
[٢] إذا كانَ الاستثناءُ منقطعًا غيرَ موجَبٍ، نحو: ﴿ما لَهُمْ به مِنْ عِلْمٍ إلاَّ اتّباعَ الظَّنِّ﴾.
[٣] إذا تقدَّمَ المستثنى على المستثنى منه على أيِّ حالٍ كانَ الاستثناءُ، نحو:
وما ليَ إلاَّ آلَ أحْمَدَ شِيعَةٌ ... وما ليَ إلاَّ مَذْهَبَ الحقِّ مَذْهَبُ
٢ - جوازُ إعرابهِ إعرابَ المستثنى منه، وجوازُ نَصبِهِ، وذلكَ: إذا كانَ الاستثناءُ متَّصلًا غيرَ موجَبٍ، نحو: ﴿مَا فَعَلوهُ إلَّا قَليلٌ مِنْهُمْ﴾، وقرأها ابنُ عامِرٍ من السَّبعةِ: ﴿إِلَّا قَليلًا﴾.
٣ - يُعامَلُ المستثنى كما لوْ لم توجَدْ (إلَّا)، وذلكَ: إذا كانَ الاستثناءُ مفرَّغًا، تقولُ: (ما جاءَ إلاَّ سَعيدٌ)، (ما رأيْتُ إلَّا سَعِيدًا)، (ما مَرَرْتُ إلَّا بِسَعِيدٍ).
١١١
الاستثناء بغير (إلا):
يُستعمَلُ للاستثناءِ أدواتٌ غيرُ (إلَّا) هى على ثلاثةِ أقْسامٍ:
١ - أداتانِ يأتي المستثنى مُضافًا إليهما، هما: (غير) و(سِوى).
وتُعرَبان إعرابَ المستثنى، تقولُ: (حَضَرَ الضُيوفُ غَيْرَ رَجُلٍ)، و(سِوى رجُلٍ)، و(ما حَضَرَ الضُّيوفُ غيْرَ رجُلٍ) و(غَيْرُ رجُلٍ).
٢ - أدواتٌ تَنْصِبُ المستثنى دائمًا، وهي: لَيْسَ، لا يكونُ، ما خَلا، ما عَدا.
تقولُ: (اجتمَعَ الأعضاءُ لَيْسَ المديرَ)، أو: لا يكونُ المديرَ)، أو: (ما خلا المديرَ)، أو (ما عَدا المديرَ)، ومنه الحديثُ: «ما أَنْهَرَ الدَّمَ وذُكِرَ اسْمُ اللهِ علَيْهِ فكُلُوه ليسَ السِّنَّ والظُّفُرَ».
الإعرابُ: كلمةُ (المديرَ) بعْدَ (ليسَ، لا يكونُ) خبَرٌ منصوبٌ، وكذا «السِّنَّ والظُّفُرَ»، و(المديرَ) بعدَ (ما خلا، ما عَدا) مفعولٌ به منصوبٌ.
٣ - أدواتٌ تُستَعمَلُ حروفًا وأفعالًا، فإنْ قدَّرتَها حروفًا
١١٢
جَرَرْتَ المستثنى بها، وإن قدَّرْتَها أفعالًا نَصَبْتَه، وكلُّ ذلكَ سائغٌ، وهي: خَلا، عَدا، حاشا، تقولُ: (حَضَرَ الطَّلَبةُ خَلا عليٍّ) و(خَلا عليًّا)، و(عَدا عليٍّ)، و(عَدا عليًّا)، و(حاشا عليٍّ) و(حاشا عليًّا).
***
١١٣
العوامل
هي:
جمعُ عامِلٍ، وهو: الكلمةُ المؤثِّرةُ في إعرابِ الكلماتِ الواقعةِ بعدَها وعلاماتِ ضَبْطِها.
ويندرجُ تحتَها:
١ - الفِعْلُ بأقسامِهِ: الماضِي، المضارع، الأمْر.
٢ - ما يعْمَلُ عمَلَ الفِعْلِ، وهو سبعةُ أشياءٍ: اسمُ الفِعْلِ، المصْدَرُ، اسمُ الفاعِلِ، صِيَغُ المبالغة، اسمُ المفعولِ، الصِّفةُ المشبَّهة، اسمُ التَّفضيلِ.
٣ - الحروف، وهي قِسمانِ:
[١] عاملةٌ في الأسماءِ، وهي: حُروفُ الجرِّ، الحروفُ المشبَّهةُ بالفِعْلِ (إنَّ وأخواتُها).
١١٤
[٢] عاملةٌ في الأفعالِ، وهي: حروفُ نصبِ المضارعِ، وجَزْمِهِ.
وقدْ تقدَّمَ بيانُ أحكامِ فِعْلَي الماضِي والأمْرِ، وكذا ما يتعلَّقُ بحالَتي بِناءِ الفِعْلِ المضارعِ، و(إنَّ) وأخواتُها، وهُنا بيانُ أحكامِ سائرِ العوامِلِ:
١ - الجر
الجر بحرف الجر:
حروفُ الجرِّ هي: الباءُ، اللَّامُ، الكافُ، الواوُ، التَّاءُ، مِنْ، عَنْ، في، مُذْ، رُبَّ، إلي، على، مُنْذُ، خَلا، عَدا، حتَّى، حاشا.
نحو: ﴿بِبَدْرٍ﴾، ﴿للمتَّقينَ﴾، ﴿كَدَأْبِ﴾، ﴿وَرَبِّنا﴾، ﴿تاللَّهِ﴾، ﴿مِنْ تُرابٍ﴾، ﴿عَنِ السَّاعةِ﴾، ﴿في الجَنَّةِ﴾، (ما رأيتُ خالدًا مُذْ عامٍ)، (رُبَّ أَخٍ لكَ لم تَلِدْهُ أمُّكَ)، ﴿إلى المرافِقِ﴾، ﴿على الفُلْكِ﴾، (لم نَلْتَقِ مُنْذُ سَنَةٍ)، ﴿حتَّى مَطْلَعِ﴾.
تنبيهان:
١ - اتِّصالُ (ما) ببعْضِها لا يكفُّها عن الجرِّ، نحو:
١١٥
﴿عَمَّا قَليلٍ ليُصْبحُنَّ نادمينَ﴾، ﴿فَبما رَحْمةٍ﴾، ﴿مِمَّا خَطيئاتِهِمْ﴾.
٢ - لكلِّ حرْفٍ من حروفِ الجرِّ معنى أو أكثَرُ يحْتَصُّ به، تُراجَع من المعاجِمِ اللُّغويَّة، أو من كُتبٍ ألِّفَتْ في ذلكَ، من أجوَدِها:
[١] رَصْفُ المباني في شَرْحِ حروفِ المعاني، تأليفُ: أحمد بن عبد النُّورِ المالقي.
[٢] الجَنى الدَّاني في حُروفِ المعاني، تأليفُ: الحَسَنِ بنِ قاسِمٍ المراديِّ.
الجر بالإضافة:
نحو: ﴿رَسولُ الله﴾، فـ ﴿اللهِ﴾ اسمٌ مجرورٌ بإضافتهِ إلى ﴿رَسُولُ﴾.
وما الَّذي عَمِلَ الجَرَّ؟ هلْ هو نفْسُ الاسمِ المُضافِ أو حَرفُ جَرٍّ مُقدَّرٍ؟ فيه خِلافٌ ليسَ له أثَرٌ، والمهمُّ في هذا معرفةُ كونِ هذه الصُّورةِ لازِمةً للجرِّ دائمًا.
ما يمتنع مع المضاف:
١ - التَّنوينُ، فلا تَقُلْ: (كِتابٌ محمَّدٍ)، وقُلْ: (كِتابُ محمَّدٍ).
١١٦
٢ - التعريفُ بـ (أل)، فلا تقُلْ: (الكِتابُ محمَّدٍ)،
وقُلْ: (كِتابُ مُحمَّدٍ).
ويُستَثنى: إذا كانَ المُضافُ صِفةً عاملةً في المضافِ إليهِ جازَ دخولُ (أل) على المُضافِ، تقولُ: (الضَّارِبا زَيْدٍ، الضَّارِبو زَيْدٍ، الضَّارِبُ الرَّجُلِ، الضَّارِبُ رَأْسِ الرَّجُلِ).
٣ - النُّونُ الواردةُ في المثنَّى وجمعِ المذكَّرِ السَّالمِ، فلا تَقُلْ: (جاءَني موظَّفانِ الدَّائرةِ) أو: (موظَّفونَ الدَّائرةِ)، ولكنْ قُلْ: (جاءَني موظَّفا الدَّائرةِ) و(موظَّفو الدَّائرةِ).
تنبيهان:
١ - كلمةُ (وَحْدَه) لازمةُ الإضافةِ للضَّميرِ دائمًا، نحو: ﴿لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ﴾، وإعرابُ (وَحْدَ) مفعولٌ مطلَقٌ لفعلٍ مقدَّرٍ من لفظِهِ كـ (وَحِدَ)، وقدْ يُجرُّ إذا وقعَ مُضافًا إليهِ، كقولِهِمْ: (فُلانٌ نَسيجُ وَحْدِهِ).
٢ - الجارُّ والمجرورُ (بالحرفِ أو الإضافةِ) يجبُ أن يتعلَّقا (يرتبِطا) بفِعْلٍ أو ما يُشْبِهُ الفِعْلَ كاسْمِ الفاعِلِ لَفْظًا أو معنًى، مذكورًا أو مقدَّرًا، وذلكَ لأجْلِ إظهارِ فائدةِ الكلامِ وبيانِ مواقِعِه، وإلَيْكَ أربعةَ أمثلةٍ موضِّحةٍ لذلكَ:
١١٧
[١] ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ﴾، ﴿عليهِمْ﴾ جارٌّ ومجرورٌ متعلِّقانِ بـ ﴿أَنْعَمْتَ﴾.
[٢] ﴿والقائِلينَ لإخوانِهِمْ﴾، ﴿لإخوانِهِمْ﴾ جارٌّ ومجرورٌ متعلِّقانِ بـ ﴿القائِلينَ﴾.
[٣] ﴿وهُوَ الَّذي في السَّماءِ إلهٌ﴾، التَّقديرُ: (وهو الَّذي هو إلهُ في السَّماءِ)، فـ: ﴿في السَّماء﴾ جارٌ ومجرورٌ متعلِّقانِ بـ ﴿إله﴾ الَّذي هو بمعنى (معبود) وهو اسمُ مفعولٍ.
[٤] ﴿الحَمْدُ للهِ﴾، ﴿للهِ﴾ جارٌّ ومجرورٌ تعلَّقا بمحذوفٍ تقديرُهُ: (كائنٌ) أو (استقرَّ).
...
٢ - أحوال الفعل المضارع
أولًا: رفع الفعل المضارع
الفِعْلُ المضارعُ إذا تجرَّدَ من حروفِ النَّصْب والجزْمِ التَّاليةِ فهو مرفوعٌ، نحو: ﴿يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ﴾.
١١٨
ثانيًا: نصب الفعل المضارع
حروفه:
يُنْصَبُ الفِعْلُ المضارعُ بدخولِ حرفٍ من حروفِ النَّصْبِ المختصَّةِ به عليه، وهي أربعةٌ:
١ - (لَنْ)، نحو: ﴿لَنْ نَبْرَحَ عليهِ عاكِفينَ﴾.
٢ - (كَي)، وعلامةُ كونِها ناصبةً دخولُ اللَّامِ عليها لَفظًا أو تقديرًا، نحو: ﴿لِكَيلا تَأْسَوْا﴾، (لكَيلا يكونَ على المؤمنينَ حَرَجٌ﴾، وتقولُ: (جئتُكَ كيْ أْحَدِّثَكَ) أي: لكَيْ أُحدِّثَكَ.
وفَصْلُ (لا) بينَها وبينَ الفِعْلِ لا يُلْغي عمَلَها.
٣ - (إِذَنْ)، وتكونُ ناصبةً إذا توفَّرت لها الشُّروطُ التَّاليةُ:
[١] أن تأتيَ في صَدْرِ الكلامِ.
[٢] أن يكونَ الفِعْلُ بعْدَها لمعنى مُستقبَلٍ.
[٣] أن لا يُفْصَلَ بينَها وبينَ فِعْلِها بِفاصِلٍ، إلَّا أن يكونَ الفاصِلُ القَسَمَ.
١١٩
نحو: (إِذَنْ أُكلِّمَكَ)، (إِذنْ واللَّهِ أزورَكَ).
لكنْ لو قالَ لكَ شخصٌ: (إنِّي أُحبُّكَ) تقولُ: (إذَنْ أظنُّكَ صادقًا) بفعلٍ مرفوعٍ؛ لأنَّ المعنى في الفِعْلِ الحال لا المستقْبَل.
٤ - (أنْ) المصدريَّة، وهي الَّتي يمكِنُكَ أن تؤؤِّلَها معَ الفِعْلِ بعْدَها بمصدَرٍ، نحو: (يُسْعِدُني أن تتعلَّمَ الفِقْهَ) بمعنى: (يُسْعِدُني تعلُّمُكَ الفِقْهَ).
عمل (أن):
تَنْصِبُ (أنْ) الفِعْلَ المضارعَ الواقِعَ بعدَها بشرطِ أن لا تَكُونَ مسبوقةً بلَفْظِ عِلْمٍ وما في معناهُ، فنحو: ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكونُ﴾، و﴿أَفَلا يَرَوْنَ أن لا يَرْجِعُ إليهِمْ قَولًا﴾، سُبِقَتْ بِلفظِ عِلْمٍ صَريحٍ، وغيرِ صَريحٍ وهو ﴿يَرَوْنَ﴾، فلم تَنْصِب الفِعْلَ بعْدَها، لأنَّها في هذه الحالةِ (أن) المخفَّفة من الثَّقيلة، أي أصلُها (أنَّ).
وعمَلُ (أنْ) على حالَين:
١ - ظاهِرةً، وهو الأصْلُ في عملِها، نحو: ﴿يُريدُ اللهُ أن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾.
١٢٠
٢ - مُضْمَرةً، وذلكَ بعدَ:
[١] واوٍ عاطفةٍ على مصدَرٍ، نحو:
وَلُبْسُ عَباءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْني ... أَحَبُّ إليَّ مِن لُبْسِ الشُّفوفِ
إضْمارُ (أنْ) هُنا جائِزٌ، فيمكنُكَ القولُ: (وأَن تَقرَّ).
[٢] اللَّامِ الَّتي لم تُفْصَلْ عن الفِعْلِ بـ (لا)، نحو: ﴿لِتُبيِّنَ للنَّاسِ ما نُزِّلَ إلَيهِمْ﴾، ﴿وأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لرَبِّ العالَمينَ﴾ وإضمارُ (أن) هنا جائزٌ ويمكنُ تقديرُها (لأن تُبيِّنَ) (لأن نُسلمَ).
أمَّا إذا وقعَتْ في سياقِ نفيٍ فالإضمارُ واجِبٌ، نحو: ﴿لم يَكُنِ اللهُ ليَغْفِرَ لهُمْ﴾.
وتُسمَّى اللَّامُ الواقعةُ في سياقِ نفيٍ: (لامَ الجُحودِ).
وإذا فُصِلَ بينَ اللَّامِ وفعلِها بـ (لا) فإظهارُ (أن) واجِبٌ، نحو: ﴿لئلَّا يكونَ للنَّاسِ على اللهِ حُجَّةٌ﴾.
[٣] (حتَّى)، نحو: ﴿لَن نَبْرَحَ عليهِ عاكِفينَ حتَّى يَرْجِعَ إلينا موسى﴾.
[٤] (أَو) الَّتي بمعنى (إلى) أو (إلَّا)، نحو: (لأنْشُرنَّ العِلْمَ أوْ أموتَ).
١٢١
[٥] فاءِ السَّببيَّةِ، بشَرْطِ أن تكونَ مسبوقةً بـ:
١ - نفيٍ، نحو: ﴿لا يُقْضى عليهِمْ فيَموتُوا﴾.
٢ - أَمرٍ، نحو: (احضُرْ دروسَ الفِقْهِ فتَنْتَفِعَ).
٣ - نهيٍ، نحو: ﴿ولا تَطْغَوْا فيهِ فَيَحِلَّ عليكُمْ غَضَبي﴾.
٤ - استفهامٍ، نحو قولِ النَّبيّ ﷺ عن اللهِ ﷿: «مَن يَدْعوني فَأَسْتَجيبَ لَه؟».
٥ - دُعاءٍ، نحو: (رَبِّ أعنِّي فأكفَّ عن السَّيِّئاتِ).
٦ - تحضيضٍ، نحو: ﴿لَوْلا أخَّرْتَني إلى أجَلٍ قَرِيبٍ فأصَّدَقَ﴾.
٧ - تمنٍّ، نحو: ﴿يا ليتَني كنْتُ معهُمْ فأفوزَ فوزًا عظيمًا﴾.
٨ - تَرجٍّ، نحو: ﴿لعلِّي أبْلُغُ الأسْبابَ. أَسْبابَ السَّمواتِ فأطَّلِعَ إلى إلهِ موسى﴾.
٩ - عَرْضٍ، نحو: (أَلا تَزورُنا فنأْنَسَ بلِقائِكَ؟).
[٦] واوِ المعيَّة، بنفْسِ شرْطِ فاءِ السَببيَّة، وهو أن تكونَ مسبوقةً بـ:
١٢٢
١ - نفيٍ، نحو: ﴿ولمّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذينَ جاهَدوا مِنْكُمْ ويَعْلَمَ الصَّابِرينَ﴾.
٢ - أَمرٍ، نحو: (صِلْ رَحِمَكَ وتَحتَسِبَ الأجرَ).
٣ - نهيٍ، نحو: (لا تُعالِجِ المنكَرَ بمثْلِهِ وتَنْصَحَ لإخوانِكَ).
٤ - استفهامٍ، نحو: (ألمْ نجْلِسْ تلكَ المجالِسَ ونَغْتَرِفَ من مناهِلِ المعرفةِ؟).
٥ - دُعاءٍ، نحو: (رَبِّ أعنِّي على طاعتِكَ وأشْكُرَكَ).
٦ - تحضيضٍ، نحو: (هلَّا تَزورُنا وتُكْرِمَنا).
٧ - تمنٍّ، نحو: ﴿يا لَيتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكونَ من المؤمنينَ﴾.
٨ - تَرجٍّ، نحو: (لعلَّ اللهَ يكْشِفُ الغُمَّةَ ونَعودَ إلى الأوْطانِ).
٩ - عَرْضٍ، نحو: (أَلا تَنْزِلُ وتُصيبَ خيرًا؟).
تنبيه: إضمارُ (أَنْ) بعدَ (حتَّى، أو، الفاءِ، الواوِ) واجِبٌ.
***
١٢٣
ثالثًا: جزم الفعل المضارع
أدواته:
هي قسمان:
١ - ما يجزِمُ فِعلًا واحدًا، وهي:
[١] لمْ، نحو: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يولَدْ﴾.
[٢] لمَّا، نحو: ﴿كلَّا لمَّا يَقْضِ ما أمَرَهُ﴾.
[٣] لامُ الطَلَبِ، نحو: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِن سَعَتِهِ﴾، ﴿لِيَقْضِ علَينا رَبُّكَ﴾.
وهي مكسورةٌ عندَ الابتداءِ، ساكنةٌ عندَ التَّوسُّطِ، نحو: ﴿فَلْيَدْعُ نادِيَه﴾.
[٤] (لا) الطَّلبيَّة، للنَّهي، نحو: ﴿لا تُشْرِكْ باللهِ﴾، وللدُّعاءِ، نحو: ﴿لا تُؤاخِذْنا﴾.
[٥] الطَّلَبُ إذا تقدَّمَ المضارعَ، وجاءَ المضارعُ على معنى جوابِ الطَّلَبِ، انجزَمَ بغيرِ أداةٍ، نحو: ﴿قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ﴾، فـ ﴿أَتْلُ﴾ جوابٌ وجزاءٌ لإتيانِهِمْ، فعلٌ مجزومٌ بالطَّلَبِ.
١٢٤
٢ - ما يجزِمُ فِعْلينِ، وهي: إِنْ، أَيْنَ، أَيّ، مَنْ، ما، مَهْما، مَتى، أيَّانَ، حيثُما، إِذْما، أنَّى.
من أمثلتها: ﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾، ﴿أينَما تَكونوا يُدْرِككُّمُ الموتُ﴾، ﴿مَن يَعْمَلْ سوءًا يُجْزَ بهِ﴾، ﴿وَما تَفْعَلوا مِن خَيرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ﴾.
أحكام ما يجزم فعلين:
١ - جميعُ الأدوات الَّتي تجزِمُ فعْلَين أسماءٌ إلَّا (إِنْ) فهي حَرْفٌ.
٢ - تُسمَّى (أدواتِ الشَّرْطِ)، والفِعْلُ الأوَّلُ (فِعْلَ الشَّرْط)، والثَّاني: (جوابَ الشَرْط).
٣ - جميعُ أدواتِ الشَّرْطِ حقُّها أن تكونَ في صَدْرِ الجُملةِ.
٤ - يأتي فعلُ الشَّرْطِ وجوابُهُ فعلينِ مُضارِعَيْنِ، كما في الأمثلةِ المتقدِّمة، ويأتيانِ فعلَيْنِ ماضيين، نحو: ﴿إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ﴾، كما يأتي الأوَّلُ ماضيًا والثَّاني مُضارِعًا، ولُغةُ القُرآنِ في هذه الصُّورةِ جَزْمُ الفِعْلِ المضارعِ، نحو: ﴿مَنْ كانَ يُرِيدُ الحياةَ الدُّنيا وزينَتَها نُوفِّ إليهِمْ﴾، ﴿مَن كانَ يُريدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ في حَرْثِهِ﴾.
١٢٥
٥ - يجبُ أن يتَّصِلَ حرفُ الفاءِ بجوابِ الشَّرْطِ في أحوالٍ:
[١] أن يأتيَ جملةً اسميَّةً، نحو: ﴿وإِن يَمْسَسْكَ بخيرٍ فهُوَ على كُلِّ شيءٍ قَديرٌ﴾.
[٢] أن يأتيَ جملةً فعليَّةً فعلُها طلبيٌّ، نحو: ﴿وحيثُ ما كُنْتُمْ فَولُّوا وجوهَكُمْ شَطْرَه﴾.
[٣] أن يأتيَ جملةً فعليَّةً فعلُها جامِدٌ، نحو: ﴿إِن تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فنِعِمَّا هِي﴾.
[٤] أن يأتيَ جملةً فعليَّةً فعلُها منفيٌّ بـ (لن)، نحو: ﴿وما يَفْعَلوا مِن خيرٍ فَلَن يُكْفَروهُ﴾.
[٥] أن يأتيَ جملةً فعليَّةً فعلُها منفيٌّ بـ (ما)، نحو: (إنْ فعَلَها بَكْرٌ فما يفعَلُها أخوهُ).
[٦] أن يأتيَ جملةً فعليَّةً فعلُها مقرونٌ بـ (قَدْ)، نحو: ﴿إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ﴾.
[٧] أن يأتيَ جملةً فعليَّةً فعلُها مقرونٌ بحرفِ تنفيسٍ، نحو: ﴿مَن يَرْتدَّ منكُمْ عن دينِهِ فسَوْفَ يأتي اللهُ بقَوْمٍ﴾.
***
١٢٦
٣ - ما يعمل عمل الفعل
أولًا: اسم الفعل
أنواعه:
١ - اسمُ فِعْلٍ ماضٍ، نحو: ﴿هَيْهاتَ﴾، و(شتَّانَ) أيْ: بَعُدَ، و(سَرْعانَ) أيْ: سَرُعَ.
٢ - اسمُ فِعْلِ أمْرٍ، نحو: (صَهْ) أيْ: اسكُتْ، و(مَهْ) أيْ: اكْفُفْ، و(هَيْتَ) أيْ: أَسْرِعْ، و(آمِين) أيْ: استَجِبْ، و(حَيَّ) أيْ: أقْبِلْ، و(مكانَكَ) أيْ: اثبُتْ، و(عِنْدَكَ، لَدَيْكَ، دونَكَ) أيْ: خُذْ، و(وَراءَكَ) أيْ: تأخَّرْ، و(أمامَكَ) أيْ: تقدَّمْ، و(إليكَ) أيْ: تَنَحَّ، و(علَيْكَ) أيْ: الْزَمْ.
٣ - اسمُ فِعْلٍ مُضارعٍ، نحو (وَيْ) أيْ: أتعجَّبُ، و(أُوَّهْ) أيْ: أتوجَّعُ، و(اُفٍّ) أيْ: أتضجَّرُ.
من أحكامه:
١ - لا يجوزُ أن يتأخَّرَ عن معمولِهِ، فقُلْ: (علَيْكَ البَلَدَ)، ولا تَقُلْ: (البَلَدَ عَلَيْكَ).
١٢٧
٢ - إذا دلَّ على الطَّلَبِ جازَ جَزْمُ المضارعِ في جوابهِ، نحو: (نَزالِ نُحدِّثْكَ) أي: انْزِلْ نحدِّثْكَ.
...
ثانيًا: المصدر
تعريفه:
هو اسمٌ دالٌّ على حَدَثِ جارٍ على حروفِ الفِعْلِ، نحو: الكَرَم، الإحْسان.
حكمه:
١ - يعمَلُ المصدَرُ عمَلَ الفِعْلِ إذا صحَّ إقامَةُ (أن) أو (ما) والفِعْلِ مقامَه، تقولُ: (سَرَّني حَمْدُكَ رَبَّكَ) على تأويلِ: (سَرَّني أَن تَحْمَدَ رَبَّكَ) أو: (سَرَّني ما تَحْمَدُ ربَّكَ).
٢ - الَّذي يعملُ من المصادِرِ عمَلَ الفِعْلِ قِسمانِ:
[١] المضافُ، ويقعُ مضافًا للفاعِلِ، نحو: ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاس﴾، ومُضافًا للمفعولِ، نحو: ﴿وَللَّهِ على النَّاسِ حِجُّ البَيتِ مَن اسْتَطاعَ إليهِ سَبيلًا﴾.
[٢] المنوَّن، نحو: ﴿أَوْ إِطْعامٌ في يَوْمٍ ذي مَسْغَبَةٍ. يَتيمًا﴾.
١٢٨
ثالثًا: اسم الفاعل
تعريفه:
هو اسمٌ مَصوغٌ لِلَّذي وقعَ منه الفِعْل، نحو: (قائِم، ناشِر، مُكْرِم، منتصِر).
حكمه:
١ - إذا دخَلَتْ عليه (أل) عَمِلَ عَمَلَ الفِعْلِ الَّذي اشتُقَّ منه بغيرِ شرطٍ، نحو: (هذا محمَّدٌ النَّاشِرُ عِلْمَه)، ﴿وَالحافِظينَ فُروجَهُمْ والحافِظاتِ﴾.
٢ - إذا تجرَّدَ مِن (أل) عَمِلَ بشرطين:
[١] أن يكونَ بمعنى الحالِ أو الاستقبالِ.
[٢] أن يعتمِدَ على واحدٍ من أمورٍ خمسةٍ:
١ - نفيٍ، نحو: (ما قاطِعٌ بَكْرٌ رحِمَه).
٢ - استِفهامٍ، نحو: (هَلْ أنْتَ سامِعٌ قولَ الخَطيبِ؟).
٣ - اسْمٍ وقعَ مُخبرًا عنه به، نحو: (بِلالٌ متحدِّثٌ أبوهُ).
٤ - موصوفٍ، نحو: ﴿إِنَّ اللهَ بالِغٌ أمْرَهُ﴾ في قِراءةِ عامَّةِ السَّبْعة غيرِ عاصِمٍ.
١٢٩
٥ - اسْمِ يكونُ هُوَ حالًا له، نحو: (يُشيرُ خالدٌ على صديقِهِ مُلْفِتًا نَظَرَه إلى شيءِ).
...
رابعًا: صيغ المبالغة
تعريفها:
هي أوزانٌ مخصوصةٌ موضوعةٌ لإفادةِ المبالغةِ في الوَصْفِ، وتُسمَّى (أمثلةَ المبالغة).
وهي: فَعَّالٌ، فَعولٌ، مِفْعالٌ، فَعِيلٌ، فَعِلٌ.
نحو: (غَفَّارٌ، غَفورٌ، مِعْطاءٌ، رَحيمٌ، حَذِرٌ).
حكمها:
تعمَلُ عمَلَ اسْمِ الفاعِلِ بشُروطِهِ، تقولُ: (اللَّهُ غَفَّارٌ ذنوبَ عِبادِهِ) و(اللهُ سَميعٌ دُعاءَ المضطرِّ).
...
خامسًا: اسم المفعول
تعريفه:
هو اسمٌ مَصوغٌ للَّذي وقعَ عليهِ الفِعْل، نحو: (مَعْلوم، محمود، مُحتَرَم).
١٣٠
حكمه:
يعْمَلُ عمَلَ الفِعْلِ المجهولِ، فيَرْفَعُ نائِبَ الفاعِل، وعملُهُ بنفسِ شُروطِ اسمِ الفاعِل.
نحو: (الحاجُّ مَشْكورٌ سَعْيُهُ، مَغْفورٌ ذَنْبُهُ).
...
سادسًا: الصفة المشبهة
تعريفها:
هي الصِّفةُ المصوغَةُ لغيرِ تفضيلٍ لإفادةِ نِسبةِ الحدثِ إلى موصوفِها دونَ إفادَةِ الحدوثِ.
وسُمِّيَت (مُشبَّهة) لشَبَهِها باسْمِ الفاعِلِ من جهةِ كونِها تُذكَّرُ وتؤنَّثُ وتُثَنَّى وتُجْمَعُ.
نحو: (حَسَنٌ، قَبيحٌ، قويٌ، ضَعيفٌ، سَمينٌ، نَحيفٌ).
حكمها:
تعْمَلُ الضِّفةُ المشبَّهةُ عمَلَ الفِعْلِ فتَرْفَعُ وتَنْصِبُ:
نحو: (رأيتُ شابًّا حَسَنًا وجْهُهُ) و(وجْهُ) فاعِلٌ مرفوعٌ، وتقولُ: (مرَرْتُ بشابِّ حَسَنٍ وَجْهًا) منصوبٌ على التَّمييز،
١٣١
ويجوزُ: (حَسَنٍ الوَجْهَ) منصوبٌ على أنَّه شَبيهٌ بالمفعولِ به.
كما تعمَلُ في الاسمِ الجرَّ إذا أُضيفَتْ إليهِ، تقولُ: (مَرَرتُ بشابٍّ حَسَنِ وَجْهٍ) و(حَسَنِ الوَجْهِ).
...
سابعًا: اسم التفضيل
تعريفه:
هو صِفةٌ دالَّةٌ على المشاركةِ في معنى والزِّيادةِ فيهِ، على وَزْنِ (أَفْعَل)، نحو: (أَفْضَل، أَعْلَم، أكثَر).
أحكامه:
١ - تُلازِمُ صيغتُهُ الإفرادَ والتَّذكيرَ، وذلكَ:
[١] إذا جاءَ بعدَه (مِن) جارَّةً للمفضولِ، نحو: (أحمَدُ أَعْلَمُ مِن بَكرٍ)، (أحمدُ وصالحٌ أَفْقَهُ مِن بَكْرٍ)، (أحمَدُ وصالحٌ وَسَعيدٌ أَكبَرُ من بَكْرٍ)، (زَيْنَبُ أفْضَلُ مِن هِنْدٍ)، (زَيْنبُ وسُعادُ أَحسَنُ من هِنْدٍ)، (زينبُ وسُعادُ ومريَمُ أَكمَلُ من هِنْدٍ).
[٢] إذا جاءَ مُضافًا إلى نكرةٍ، نحو: (صالحٌ أَسْعَدُ إنْسانٍ)، (صالحٌ وزوجتُهُ أَسْعَدُ زَوجَيْنِ) (صالحٌ ووالِداهُ أَكرَمُ أهْلِ البَلَدِ)، (شَيماءُ أذكى طالبةٍ).
١٣٢
٢ - يُطابِقُ موصوفَه في التَّصريفِ إذا اتَّصَلَتْ به (أل):
تقولُ: (أحمَدُ الأعْلَمُ)، (أحمَدُ وصالحٌ الأفْقهانِ)، (أحمَدُ وصالحٌ وَسعيدٌ الأكبَرونَ)، (زَينَبُ الفُضْلى)، (زينَبُ وسُعادُ الحُسنَيانِ)، (زينَبُ وسُعادُ ومريَمُ الكُمْلَياتُ) و(الكُمَّلُ).
٣ - جوازُ المطابقةِ والإفرادِ إذا كانَ مُضافًا إلى معرفةٍ:
تقولُ: (جَعْفَرٌ وأخوهُ أَفْصَحُ القَوْمِ)، ويجوزُ: (أَفْصَحا القومِ).
وبالمطابقةِ وترْكِها وردَ القُرآنُ، قالَ تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُم أحْرَصَ النَّاسِ على حياةٍ﴾، فأفرَدَ، و﴿وكَذلكَ جَعَلْنا في كُلِّ قريَةٍ أكابِرَ مُجرميها﴾ فطابَقَ.
إعرابه:
لا يعملُ اسْمُ التَّفضيلِ عمَلَ الفِعْلِ إلَّا في حالَتَيْنِ:
١ - يُرْفَعُ به الضَّميرُ المستترُ على أنَّه فاعِلٌ، في نحوِ: (محمودٌ أكبَرُ من سَعْدِ)، فالتَّقديرُ: (محمودٌ أكبَرُ هُوَ من سَعدٍ)، الضميرُ (هو) في محلِّ رفعٍ فاعِلٌ لـ (أكبَر).
٢ - لا يُرْفَعُ الاسمُ الظَّاهِرُ باسْمِ التَّفضيلِ إلَّا في مسألةٍ واحدةٍ تُسمَّى (مسألةَ الكُحْلِ)، وهي: (ما رأيتُ رجُلًا أَحْسَنَ
١٣٣
في عَيْنِهِ الكُحْلُ منهُ في عَيْنِ زَيْدٍ) ومنها قولهُ ﷺ: «ما مِنْ أيامِ أحَبُّ إلى اللهَ العَمَلُ فيهِنَّ من هذه الأيَّامِ» (١).
(١) تذييل في تعريف الفعل اللازم والمتعدي:
الفعل اللازم:
هو ما يلزَمُ الفاعِلَ مكتفيًا به، نحو (قامَ، جَلَسَ) تقولُ: (قامَ خالدٌ) و(جَلَسَ بَكْرٌ).
الفعل المتعدي:
هو ما تعدَّى الفاعِلَ إلى المفعول به، لتوقُّفِ المعنى على وجودهِ، نحو (نَصرَ، ضَرَبَ)، تقولُ: (نَصَرَ اللَّهُ عَبْدَه) و(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا)، ولوْ وقَفْتَ على: (نَصرَ اللَّهُ) و(ضَرَبَ الله) لكانَ الكلامُ قاصرًا.
وهو ثلاثةُ أقسام:
١ - متعدٍّ إلى مفعولٍ واحدٍ، نحو: (أكْرَمْتُ سَعْدًا)، وهذا من تعدِّي الفِعْلِ بنفْسهِ.
ومن الأفعال ما يتعدَّى إلى المفعولِ به بحرْفِ الجرِّ، نحو: (تمسَّكْ بحَبْلِ الله) فهو بمعنى (الْزَم حَبْلَ الله)، فتعدَّى (تمسَّكْ) بحرفِ الجرِّ، ولو وقفْتَ على (تَمَسَّكْ) لكانَ الكلامُ قاصِرًا.
ومن الأفعال ما يتعدَّى بنفْسِهِ وبحرْفِ الجرِّ،، نحو (شَكَرَ، نَصَحَ)، فتقولُ: (شَكَرْتُ بَكْرًا ونَصحْتُهُ)، وتقول: (شَكَرْتُ لبكرٍ ونَصَحْتُ لَه).
٢ - متعدٍّ إلى مفعولَين، وهو قِسمانِ:
[١] ما يجوزُ الاقتصارُ فيه على مفعولٍ واحدٍ، نحو: (أعْطى، كَسى)، فتقول: (أَعْطَيْتُ السَّائلَ جُنَيهًا، وكَسَوتُهُ ثوبًا)، فـ (السَّائِلَ) و(جُنَيهًا) مفعولانِ، والهاءُ من (كَسَوْتُهُ) و(ثوبًا) مفعولانِ.
وتقولُ: (أَعْطَيْتُ السَّائلَ وكسَوْتُهُ) بالتَّعدِّي إلى مفعولٍ واحدٍ.
والكلامُ تامٌّ في الصُّورتينِ. =
١٣٤
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
...
= [٢] ما لا يكتفي بمفعولٍ واحدٍ، وهو (ظنَّ وأخواتُها)، وقد فُصِّلَت في مواضعِها.
٣ - متعدٍّ إلى ثلاثةِ مفاعيل، وهو سبعُ كلماتٍ: (أعْلَمَ، أنبأَ، نبَّأَ، أَرَى) وألحِقَ بها: (خَبَّرَ، أخْبَرَ، حَدّثَ).
نحو: (أعْلَمَ المدرِّسُ الطُّلَّابَ خالِدًا ناجِحًا)، (أنْبأَ أخوكَ أباكَ أحْمَدَ قادِمًا).
١٣٥
التوابع
تعريفها:
جَمْعُ تابعٍ، وهو الكلمةُ الَّتي تتبَعُ غيرَها في إعرابِها.
وهي: النَّعْتُ، التَّوكيدُ، العَطْفُ (عَطْفُ البَيانِ، عَطْفُ النَّسَقِ)، البَدَلُ.
١ - النعت
تعريفه:
هو تابعٌ مكمِّلٌ لمتبوعِهِ مشتقٌّ أو مؤوَّلٌ به، يأتي مختلفًا بلَفْظِهِ عن لفْظِ متبوعِهِ.
أغراضه:
١ - تخصيصُ نكرةٍ، نحو: ﴿فتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤمِنَةِ﴾.
٢ - توضيحُ معرفةٍ، نحو: (رأيْتُ سَعْدًا النَّجَّارَ).
١٣٦
٣ - مَدْحٌ، نحو: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَحيمِ﴾.
٤ - ذَمٌّ، نحو: (أعوذُ باللهِ من الشَّيطانِ الرَّجيمِ).
٥ - ترحُّمٌ، نحو: (اللهُمَّ الْطُفْ بعَبْدِكَ الضَّعيفِ).
٦ - توكيدٌ، نحو: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ﴾، ﴿لا تتَّخِذُوا إلهَينِ اثنَينِ﴾.
حكمه:
١ - يتبَعُ منعوتَهُ في تصريفِهِ وإعرابِهِ، تقولُ: (مررتُ برجُلٍ قائِمٍ)، (برجُلَيْنِ قائمَينِ)، (برِجالٍ قائِمينَ)، (بامرأةٍ قائمةٍ)، (بامرأتينِ قائمتينِ)، (بنِساءٍ قائِماتٍ).
٢ - إذا كانَ الموصوفُ معلومًا بدونِ الصِّفةِ (النَّعتِ) جازَ أن تتبَعَ الموصوفَ وجازَ أن تُقْطَعَ عن إتباعِهِ، تقولُ: (زُرْتُ طَبيبًا حاذِقًا) بإتباعِ النَّعْتِ للمنعوتِ، وتقولُ: (حاذِقٌ) بالقَطْعِ عن الإتباعِ، وفي هذه الحالةِ يكونُ النَّعْتُ في الحقيقةِ متأثِّرًا بعامِلٍ مقدَّرٍ، كأنَّكَ قُلتَ: (هو حاذِقٌ)، ومن ذلكَ قراءةُ عاصِمٍ: ﴿وامرَأَتُهُ حمَّالَةَ الحَطَبِ﴾، والتَّقديرُ: (أذمُّ حمَّالةَ) لأنَّها في سياقِ الذَّمِّ، ويُقالُ في هذه الصُّورةِ: ﴿حمَّالَةَ﴾ منصوبٌ بالذَّمِّ.
كما قيلَ في قولِهِ تعالى ﴿لكنِ الرَّاسِخونَ في العِلْمِ
١٣٧
مِنْهُمْ والمؤمنونَ يُؤمِنونَ بِما أُنْزِلَ إليكَ وَما أُنْزِلَ من قَبْلِكَ، والمقيمينَ الصَّلاةَ والمؤتونَ الزَّكاةَ ...﴾، فنصبَ ﴿المقيمينَ﴾ بالمدحِ، وكأنَّ التَقديرَ: (أعني- أو أخصُّ- المقيمينَ).
٣ - إذا تكرَّرَت النُّعوتُ جازَ المجيءُ بحرفِ العَطْفِ وتَرْكِهِ، نحو: ﴿هُوَ الأوَّلُ والآخِرُ والظَّاهِرُ والباطِنُ﴾، و﴿هُوَ اللهُ الخالِقُ البارىءُ المصوِّرُ﴾.
...
٢ - التوكيد
تقسيمه:
١ - لفظيٌّ، وهو: تكرارُ اللَّفْظِ الأوَّلِ بعينِهِ، كقولِكَ لإنسانٍ: (نَفْسَكَ نَفْسَكَ).
وقيلَ منه: ﴿إِذا دُكَّتِ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا. وجاءَ ربُّكَ والملَكُ صَفَّا صَفًّا﴾.
٢ - معنويٌّ، ويكونُ بألفاظٍ مخصوصةٍ، هي:
[١] لفظُ (نَفْسٍ) و(عَيْن) و(ذاتِ)، نحو: (قَدِمَ بَكْرٌ نَفْسُهُ)، (هذا إبراهيمُ عَيْنُهُ) أو (ذاتُه).
فإذا ثنَّيتَ المؤكَّدَ بـ (نَفْسِ) و(عَيْن) أو جمَعْتَهُ جعلتَهُما
١٣٨
على صيغة (أَفْعُل) ولا بُدَّ، تقولُ: (جاءَ العامِلانِ أنْفُسُهما)، (أعيُنُهُما)، (هؤلاءِ الطُّلَّابُ أنْفُسُهُمْ)، (أَعْيُنُهُمْ)، ولجمعِ المؤنَّثِ: (أنْفُسُهُنَّ)، (أعينُهُنَّ)، ولا تقُلْ: (نفسُهُما، نفسُهُمْ، نفسُهُنَّ، عينُهُما، عَيْنُهُم، عَينُهُنَّ).
[٢] لفظُ (كُلّ)، نحو: (حَضَرَ المدعوُّونَ كُلُّهُمْ).
[٣] لفظُ (كِلا) و(كِلْتا)، نحو: (سافَرَ بَدْرٌ وخالِدٌ كلاهُما) (مررْتُ بأرْوى وأختِها كلتَيهما).
[٤] ألفاظُ (أَجْمَعُ، جَمْعاءُ، أجمَعونَ، جُمَع، جَمْعاوات)، ويُؤكَّدُ بها غالبًا بعدَ (كُلّ)، نحو: (اشتَرَيْتُ البُستانَ كُلَّهُ أجْمَعَ)، (اشتَرَيْتُ السَيَّارةَ كُلَّها جَمعاءَ)، ﴿فَسَجَدَ الملائكةُ كُلُّهُمْ أجمعونَ﴾.
كما يمكِنُ التَّوكيدُ بها من غير (كُلّ) نحو: ﴿لأغْوِيَنَّهُمْ أجمَعينَ﴾، ﴿لموعِدُهُمْ أجمعينَ﴾.
تنبيه: ألفاظُ التَّوكيدِ لا تتعاطَفُ إذا اجتمعَتْ لأنَّها نفْسُ المؤكَّدِ، والعَطْفُ يقتضي المغايرةَ، فلا تَقُلْ: (حضرَ صالحٌ نفْسُهُ وعينُهُ)، وقُلْ: (حَضَرَ صالحٌ نفسُهُ عَيْنُهُ).
كما لا يؤكَّدُ بهذه الألفاظِ النَّكراتُ، إنَّما تؤكَّدُ بها المعارِفُ، فلا تقلْ: (جاءَ رجلٌ نفسُهُ).
١٣٩
٣ - العطف
تعريفه:
لُغةً: الرُّجوعُ إلى الشَّيءِ بعدَ الانصرافِ عنه.
واصطلاحًا: نوعانِ:
١ - عَطْفُ البيان:
وهو: تابِعٌ جامِدٌ، موضِّحٌ للمعارِفِ، أو مخصِّصٌ للنَّكراتِ.
نحو: (قضى أبو حَفْصٍ عُمَرُ)، و(هذا خاتَمٌ ذَهَبٌ)، ﴿يوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبارَكةٍ زيتونةٍ﴾.
٢ - عَطْفُ النَّسَقِ:
وهو: تابعٌ يتوسَّطُ بينَه وبينَ متبوعِهِ حَرْفُ عَطْفٍ.
حروفُ العَطْفِ هي: الواوُ، الفاءُ، ثُمَّ، حتَّى، أَوْ، أَمْ، لا (بعدَ إيجابٍ)، لكنْ (بعدَ نفيٍ)، بَلْ.
ومن أمثلتِها: ﴿وَداوُدَ وسُلَيمانَ﴾، (زُرْتُ القاهِرَةَ فبَيروتَ)، (رُزِقْتُ بمحمَّدٍ ثُمَّ يوسُفَ)، (أكَلْتُ السَّمكَةَ حتَّى
١٤٠
رَأْسَها)، ﴿مِن أوسَطِ ما تُطْعِمونَ أهليكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَو تَحْريرُ رَقَبَةٍ﴾، ﴿أَذلكَ خَيرٌ أَمْ جَنَّةُ الخُلْدِ؟﴾، (جاءَني أحمَدُ لا أخوهُ)، (ما جاءَني خالِدٌ لكنْ أخوهُ)، (ما أدْركْتُ جدَّكَ بلْ أباكَ).
...
٤ - البدل
تعريفه:
لُغةً: العِوَض، واصطلاحًا: تابِعٌ مقصودٌ بالحُكْمِ كالمُبْدَلِ منه، بلا واسِطةِ حرْفِ عَطْفٍ.
أنواعه:
١ - بَدَلُ كُلِّ من كُلِّ، وهو: ما يتَّحِدُ فيه البَدَلُ والمُبدَلُ منه، نحو: ﴿اهْدِنا الصِّراطَ المستقيمَ. صِراطَ الَّذينَ أنْعَمْتَ عليهِمْ﴾، ﴿لعلِّي أبْلُغُ الأسْبابَ. أَسْبابَ السَّمواتِ﴾.
٢ - بَدَلُ بَعْضٍ من كُلِّ، وهو: ما يدلُّ فيه البَدَلُ على بعضِ معنى المُبْدَلِ منه، نحو: (أكَلَ خالِدٌ الرَّغيفَ ثُلُثَهُ).
٣ - بَدَلُ اشتِمالٍ، وهو: ما يدلُّ فيه البَدَلُ على معنى
١٤١
يوجَدُ في المُبْدَلِ منه، أو يَسْتَلْزِمُهُ المُبْدَلُ منه، نحو: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحرامِ قِتالٍ فيهِ؟﴾ فـ ﴿قِتالٍ﴾ بدَلُ اشتِمالٍ من ﴿الشَّهْرِ﴾، وذلكَ لكونِ القِتالِ إنَّما يقَعُ في الشَّهْرِ.
ونحو: ﴿قُتِلَ أصْحابُ الأخدودِ. النَّارِ ذاتِ الوَقودِ﴾، فـ ﴿النَّارِ﴾ بدَلُ اشتِمالٍ من قولِهِ: ﴿الأخْدُودِ﴾ ذلكَ أنَّ النَّارَ كانَتْ فيه.
٤ - بَدَلُ البَداءِ (أو: الإضْرابِ)، وهو: ما لا تناسُبَ بينَهُ وبينَ المُبْدَلِ منه، إنَّما هو ناتِجٌ عن تغييرِ المتكلِّمِ رأيَهُ فيما قالَ أوَّلًا، نحو: (أتصدَّقُ بدِرْهَمٍ دينارٍ) فأبْدَلَ الدِّرْهَمَ بالدّينارِ.
٥ - بَدَلُ الغَلَطِ، وهو: أن تُريدَ الحديثَ عن شيءٍ فيزلَّ اللِّسانُ بغيرِهِ، فتُبادِرَ إلى إصلاحِ الغَلَطِ، نحو: (دَخَلَ عامِرٌ سُلَيمانُ)، فـ (سُليمانُ) هو المرادُ بخبرِكَ، فلما وقَعَ (عامِرٌ) غَلَطًا أبْدَلْتَهُ.
٦ - بَدَلُ النّسيانِ، وهو كالَّذي قَبْلَه، لكنَّه بالفِكْرِ لا باللِّسانِ، وفي الفَرْقِ بينَهما يقولونَ: الغَلَطُ باللِّسانِ، والنِّسْيانُ بالجَنانِ.
١٤٢
تنبيه:
كما يأتي البَدَلُ مُفرَدًا يأتي جُملةً، نحو: ﴿أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمونَ. أَمَدَّكُمْ بأنْعامِ وبَنينَ﴾.
...
آخر المنهاج لدراسة علم النحو
والحمد لله وحده وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه فرغ من مراجعته لهذه الطبعة مساء يوم الأحد الثالث والعشرين من شهر محرم سنة ١٤٢٨هـ
الموافق للحادي عشر من شهر فبراير سنة ٢٠٠٧ م
***