اسم الكتاب ـ تفسير الإمام الشافعي المجلد الثاني
المؤلف: الإمام الشافعي؛ محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان ابن شافع الهاشمي القرشي المطلبي، أبو عبد الله
المحقق: أحمد مصطفى الفران
حالة الفهرسة: مفهرس فهرسة كاملة
سنة النشر: 1427 - 2006
عدد المجلدات: 3
رقم الطبعة: 1
عدد الصفحات: 1529
نبذة عن الكتاب: أصل هذا الكتاب رسالة دكتوراة من جامعة القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالخرطوم - تم دمج المجلدات في ملف واحد للتسلسل تاريخ إضافته: 04 / 11 / 2008
فهرست الموضوعات
- سورة الأعراف
- قال الله عز وجل: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا)
- قال الله عز وجل: (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان)
- قال الله عز وجل: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (٣١)
- قال الله عز وجل: (حتى إذا اداركوا فيها جميعا)
- قال الله عز وجل: (وإلى عاد أخاهم هودا)
- قال الله عز وجل: (عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون (١٢٩)
- قال الله عز وجل: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة)
- قال الله عز وجل: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر
- قال الله عز وجل: (فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون (١٥٨)
- قال الله عز وجل: (واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم
- قال الله عز وجل: (وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون (١٦٤)
- قال الله عز وجل: (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى)
- قال الله عز وجل: (والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (١٨٢)
- قال الله عز وجل: (وجعل منها زوجها ليسكن إليها)
-
قال الله عز وجل: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون (٢٠٤)
- العودة الي كتاب تفسير الإمام الشافعي لـ أحمد مصطفي الفران المجلد الأول
- العودة الي كتاب تفسير الإمام الشافعي لـ أحمد مصطفي الفران المجلد الثاني
سورة الأعراف
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الله ﷿: (يَا بَنِي آدَمَ
قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا)
الأم: باب (ميراث الجد):
قال
الشَّافِعِي ﵀: وقلنا إذا وَرث الجد مع الإخوة قاسمهم، ما كانت
القاسمة
خيرًا له من الثلث، فإذا كان الثلث خيرًا له منها أعطِيه، وهذا قول زيد ابن ثابت،
وعنه قبلنا أكثر الفرائض، وقد رُوِيَ هذا القول عن عمر وعثمان أنهما قالا فيه مثل
زيد بن ثابت ﵃، وقد روي هذا أيضًا عن غير واحد من أصحاب النبي ﷺ وهو قول الأكثر
من فقهاء البلدان، وقد خالفنا بعض الناس في ذلك فقال: الجد: أب، وقد اختلف فيه
أصحاب النبي ﷺ.
فقال أبو بكر، وعائشة، وابن عباس، وعبد اللَّه بن عتبة، وعبد
اللَّه بن الزبير، ﵃: إنه أب إذا كان معه الإخوة طرحوا، وكان المال للجد
دونهم.
وقد زعمنا نحن وأنت أن أصحاب النبي ﷺ إذا اختلفوا لم نَصِر إلى قول
واحد منهم دون قول الآخر؛ إلا بالتثبت مع الحجة البينة عليه، وموافقته للسنة،
وهكذا نقول وإلى الحجة ذهبنا في قول زيد بن ثابت ومن قال قوله.
٢
/ ٨٤٦
قالوا: فإئا نزعم أن الحجة في قول من قال: الجد أب لخصال
منها:
أن اللَّه ﷿ قال: (يَا بَنِي آدَمَ) - بكثر من آية -.
وقال:
(مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ)، فأقام الجد في النسب أبًا، وأن المسلمين لم
يختلفوا في أن لم ينقصوه من السدس. . . - ثم بسط النقاش في ذلك -.
* * *
قال
الله ﷿: (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ)
الأم: باب
(الولاء والحلف):
قال الشَّافِعِي ﵀: وقال عز ذكره: (يَا بَنِي آدَمَ لَا
يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ)
فنسب إلى آدم المؤمن من ولده والكافر.
ونسب
رسول الله ﷺ المسلمين
بأمر اللَّه ﷿ إلى آبائهم كفارًا كانوا أو مؤمنين،
كذلك نسب الموالي إلى ولائهم، وإن كان الموالي مؤمنين، والمُعْتَقون مشركين.
قال
الشَّافِعِي ﵀: أخبرنا مالك وسفيان، عن عبد اللَّه بن دينار، عن
ابن عمر ﵄:
أن النبي ﷺ:
«نهى عن بيع الولاء وعن هبته» الحديث.
٢ /
٨٤٧
أخبرنا الشَّافِعِي ﵀ قال أخبرنا محمد بن الحسين، عن يعقوب،
عن
عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر ﵄، عن النبي ﷺ قال:
«الولاء لحمة
كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب» الحديث.
أحكام القرآن: ما يؤثر عنه - الشافعى
- في التفسير في آيات متفرقة سوى ما مضى:
أخبرنا أبو عبد الرحمن السُّلمي،
أخبرنا الحسن بن رشيد (إجازة)، قال:
قال عبد الرحمن بن أحمد المهدي: سمعت
الربيع بن سليمان يقول:
سمعت الشَّافِعِي ﵀ يقول: من زعم - من أهل العدالة -
أنه يرى
الجن، أبطلتُ شهادته، لأن اللَّه ﷿ ثقول:
(إِنَّهُ يَرَاكُمْ
هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ) الآية، إلا أن يكون نبيًا.
*
* *
قال الله ﷿: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ
(٣١)
الأم: باب (جماع لبس المصلى):
قال الشَّافِعِي ﵀: قال الله ﷿
(خُذُوا
زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)
فقيل: - واللَّه ﷾ أعلم - أنه الثياب،
وهو يشبه ما قيل.
٢ / ٨٤٨
وقال رسول اللَّه
ﷺ:
«لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء» الحديث.
فدل
على أن ليس لأحد أن يصلي إلا لابسًا إذا قَدِرَ على ما يلبس.
وأمر رسول الله
ﷺ بغسل دم الحيض من الثوب، والطهارة إنما تكون في الصلاة، فدلَّ على أن على المرء
لا يصلي إلا في ثوب طاهر، وإذا أمر رسول الله ﷺ
بتطهير المسجد من نجس؛ لأنه
يصلى فيه وعليه، فما يُصلى فيه أولى أن يطهر.
قال الشَّافِعِي ﵀: وكل ما
وارى العورة غير نجس أجزأت الصلاة
الأم (أيضًا): الإحداد:
قال
الشَّافِعِي ﵀: وفي الثياب زينتان:
إحداهما: جمال الثياب على اللابس التي
تجمع الجمال، وتستر العورة.
قال الله تعالى: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ
كُلِّ مَسْجِدٍ) الآية.
فقال بعض أهل العلم بالقرآن: الثياب.
ثانيهما:
فالثياب زينة لمن لبسها، وإذا أفردت العرب التزيين على بعض
اللابسين دون
بعض، فإنما تقول تزين مَنْ زَيَّنَ الثياب، التي هي الزينة.
بأن يدخل عليها
شيء من غيرها، من الصبغ خاصة.
٢ / ٨٤٩
قال
الله ﷿: (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا)
الزاهر باب (ما يلزم
عند الإحرام. .):
قال الشَّافِعِي ﵀: وإن تدارك عليه رميان، أي: تتابعا عليه
لتفريطِ.
كان في رمي الأول في وقته، يقال: تدارك القوم، واداركوا: إذا
تتابعوا. وهو لازم ومتعدٍ، وكذلك أدرك لازم ومتعدِ.
يقال: تداركته واداركته،
أي: أدركته، قال اللَّه ﷿:
(حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا)
الآية، أي تتابعوا.
فائدة: الزاهر (أيضًا): باب (الوصية):
قال أبو
إسحاق النحوي في قوله ﷿:
(فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ)
أي:
عذاباَ»مضاعفًا، لأنه الضعف في كلام العرب على ضربين:
أحدهما: المثل.
والآخر:
أن يكون في معنى تضعيف الشيء.
* * *
قال الله ﷿: (وَإِلَى عَادٍ
أَخَاهُمْ هُودًا)
٢ / ٨٥٠
وقال الله ﷿:
(وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا)
وقال الله ﷿: (وَإِلَى مَدْيَنَ
أَخَاهُمْ شُعَيْبًا)
الرسالة: الحجة في تثبيت خبر الواحد:
قال
الشَّافِعِي ﵀: وقال - اللَّه تعالى -: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا)
وقال:
(وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا) الآية.
وقال: (وَإِلَى مَدْيَنَ
أَخَاهُمْ شُعَيْبًا) الآية.
فأقام جلَّ ثناؤه حجته على خلقه في أنبيائه،
وفي الأعلام التي
باينوا بها خلقه سواهم، وكانت الحجة بها ثابتة على من شاهد
أمور الأنبياء.
ودلائلهم التي باينوا بها غيرهم، ومن بعدهم، وكان الواحد في
ذلك وأكثر منه سواء، تقوم الحجة بالواحد منهم قيامها بالأكثر - ثم بسط الكلام في
ذلك -.
٢ / ٨٥١
قال الله ﷿: (عَسَى رَبُّكُمْ
أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ
تَعْمَلُونَ (١٢٩)
الرسالة: باب (كيف البيان)؛:
قال الشَّافِعِي ﵀:
والبيان اسم جامع لمعاني مجتمعة الأصول، متشعبة
الفروع: فأقل ما في تلك
المعاني المجتمعة المتشعبة، أنها بيان لمن خوطب بها ممن
نزل القرآن بلسانه،
متقاربة الاستواء عنده، وإن كان بعضها أشد تأكيدَ بيانٍ من بعض، ومختلفة عند من
يجهل لسان العرب.
قال الشَّافِعِي ﵀: فجماع ما أبان اللَّه لخلقه في كتابه،
مما تعبَّدهم به، لما مضى من حكمه جل ثناؤه من وجوه:
منها: ما فرض اللَّه
على خلقه الاجتهاد في طلبه، وابتلى طاعتهم في
الاجتهاد، كما ابتلى طاعتهم في
غيره مما فرض عليهم، قال تعالى:
(عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ
وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) .
* *
*
قال الله ﷿: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا
بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)
الرسالة: باب
(البيان الأول):
قال الشَّافِعِي ﵀: وقال اللَّه تعالى: (وَوَاعَدْنَا
مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ
أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) الآية.
فكان بينًا عند من خوطب بهذه الآية، أن ثلاثين
وعشرًا أربعون ليلة.
٢ / ٨٥٢
وقوله:
(أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) يحتمل ما احتملت الآية قبلها: من أن تكون
إذا
جُمِعَتْ ثلاثون إلى عشر كانت أربعين، وأن تكون زيادة في التبيين.
* * *
قال
الله ﷿: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي
يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ
وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ
وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ
وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ
أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٥٧)
الأم: باب (ذبائح بني إسرائيل):
قال
الشَّافِعِي ﵀: وأنزل اللَّه فيهم - أي: في أهل الكتاب -: (الَّذِينَ
يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا
عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) إلى قوله: (وَالْأَغْلَالَ الَّتِي
كَانَتْ عَلَيْهِمْ) الآية.
فقيل - واللَّه أعلم -: أوزارهم، وما مُنِعُوا
(بما أحدثوا) قَبْلَ ما شُرع من دين محمد ﷺ، فلم يبق خلق
يعقل، منذ بعث
اللَّه تعالى محمدًا ﷺ كتابي، ولا وثني، ولا حي ذو روح - من جن ولا إنس - بلغته
دعوة محمد ﷺ إلا قامت عليه حجة اللَّه ﷿ باتباع دينه،
٢ /
٨٥٣
وكان مؤمنًا باتباعه، وكافرًا بترك اتباعه، ولزم كل امرئ
منهم آمن به أو كفر، تحريم ما حرم الله على لسان نبيه ﷺ، كان مباحًا قبله في شيء
من الملل.
الأم (أيضًا): ما يحرم من جهةٍ ما لا تأكل العرب:
قال
الشَّافِعِي ﵀: أصل التحريم، نص كتاب أو سنة، أو جملة كتاب
أو سنة أو إجماع،
قال الله ﵎: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي
يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ
وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) الآية.
وإنما تكون الطيبات والخبائث
عند الآكلين كانوا لها، وهم: العرب الذين سألوا عن هذا، ونزلت فيهم الأحكام،
وكانوا يكرهون من خبيث المآكل ما لا يكرهها غيرهم.
الأم (أيضًا): ما حُرِّم
بدلالة النص:
قال الشَّافِعِي ﵀: قال الله ﵎:
(وَيُحِلُّ لَهُمُ
الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) الآية.
فيقال: يحل لهم
الطيبات عندهم، ويحرم عليهم الخبائث
عندهم.
٢ / ٨٥٤
الأم
(أيضًا): كتاب الأطعمه وليس في التراجم، وترجم فيه ما يحل ويحرم:
قال
الشَّافِعِي ﵀: فإن العرب كانت تحرم أشياء على أنها من
الخبائث، وتحل أشياء
على أنها من الطيبات، فأحلت لهم الطيبات عندهم، إلا ما استُثنى منها، وحرمت عليهم
الخبائث عندهم، قال الله ﷿:
(وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)
الآية.
الرسالة: باب (العلل في الأحاديث):
قال الشَّافِعِي ﵀: فأما ما
تركتم أنكم لم تعدوه من الطيبات، فلم
يُحرّم عليكم مما كنتم تستحلون إلا ما
سمى الله، ودلَّت السنة على أنه حَرَّم
عليكم منه ما كنتم تحرمون، لقول
الله: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)
الآية.
* * *
قال الله ﷿: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ
الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ
تَهْتَدُونَ (١٥٨)
الرسالة: بيان فرض الله في كتابه باتباع سنة نبيه ﷺ:
قال
الشَّافِعِي ﵀: وضع اللَّه رسوله من دينه وفرضه وكتابه، الموضع
الذي أبان جل
ثناؤه أنه جعله علمًا لدينه، بما افترض من طاعته، وحَرَّم من
٢
/ ٨٥٥
معصيته، وأبان من فضيلته، بما قرن من الإيمان برسوله مع
الإيمان به، فقال
﵎: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا
ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ
أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ) الآية.
قلت: وقع الاستدلال بالآية السابقة من
الإمام الشَّافِعِي ﵀ هفوة.
فالآية هنا وردت تفيد الإيمان بالله ورسله كافة،
بينما المقصود قَرْنُ الإيمان باللَّه مع الإيمان برسوله محمد ﷺ وقد جاءت آيات
كثيرة تفيد المطلوب، منها قوله
تعالى: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ
لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) .
وهذه الآية هي التي تناسب الاستدلال بها هنا -
واللَّه أعلم -.
* * *
قال الله ﷿: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ
الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ
تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ
لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٣)
الأم:
باب (حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها):
قال الشَّافِعِي ﵀: وقال
اللَّه تعالى: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ
الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ) الآية.
دلَّ على أن العادين فيه
أهلها دونها.
٢ / ٨٥٦
الرسالة: باب (الصنف
الذي يُبين سياقُهُ معناه):
قال الشَّافِعِي ﵀: قال اللَّه ﵎:
(وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ) إلى آخر
الآية، فابتدأ جل ثناؤه ذكر الأمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر، فلما قال:
(إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ) الآية، دل على أنه إنما أراد أهل القرية؛ لأن
القرية لا تكون عادية، ولا فاسقة بالعدوان في السبت ولا غيره، وأنه إنما أراد
بالعدوان أهل القرية الذين بلاهم بما كانوا يفسقون.
* * *
قال الله ﷿:
(وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ
أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ
وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٦٤)
قال الله ﷿: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا
بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ
ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٥)
أحكام القرآن:
ما يؤثر عنه - الشَّافِعِي - في التفسير في آيات متفرقة:
أخبرنا أبو عبد
اللَّه الحافظ في كتاب (المستدرك)، أخبرنا أبو العباس محمد
ابن يعقوب،
أخبرنا الربيع بن سليمان.
أخبرنا الشَّافِعِي ﵀: أخبرني يحيى بن سُليم،
أخبرنا ابن جُريج، عن
عِكرمة، قال: دخلت على ابن عباس ﵄ وهو يقرأ في المصحف
-
٢ / ٨٥٧
قبل أن يذهب بصره - وهو يبكي؛ فقلت
ما يبكيك يا أبا عباس؟
جعلني الله فداك.
فقال: هل تعرف (أيلَةَ)؟
قلت:
وما (أيلة)؟ قال: قرية كان بها ناس من اليهود، فحرّم اللَّه عليهم الحيتان يوم
السبت، فكانت حيتانهم تأتيهم يوم سبتهم
شرعًا - بيض سِمان: كأمثال المخاض،
بأفنياتهم وأبنياتهم، فإذا كان في غير يوم السبت لم يجدوها، ولم يدركوها إلا في
مشقة ومؤنة شديدة، فقال بعضهم - أو من قال ذلك منهم -، لعلنا لو أخذناها يوم
السبت، وأكلناها في غير يوم السبت، ففعل ذلك أهل بيت منهم: فأخذوا فشووا، فوجد
جيرانهم ريح الشوي، فقالوا: واللَّه ما نرى إلا أصاب بني فلان شيء، فأخذها آخرون،
حتى فشا ذلك فيهم فكثر، فافترقوا فرقًا ثلائًا:
فرقة: مملت. وفرقة: نهت.
وفرقة قالت:
(لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ
مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا) الآية.
فقالت الفرقة التي نهت: إنا نحذركم
غضب الله وعقابه، أن يصيببهم اللَّه بخسف، أو قذف، أو ببعض ما عنده من العذاب،
والله
لا نباَيتُكم في مكان، وأنتم فيه.
قال: فخرجوا من البيوت فغدوا
عليهم من الغد، فضربوا باب البيوت، فلم يجبهم أحد، فأتوا بسُلَّم، فأسندوه إلى
البيوت، ثم رقى منهم راق على السور، فقال: يا عباد الله قردة، والله لها أذناب،
تعاوى ثلاث مرات، ثم نزل من السور ففتح البيوت، فدخل الناس عليهم، فعرفت القرود
أنسابها من الإنس، ولم يعرف الإنس أنسابها من القرود.
قال: فيأتي القرد إلى
نسيبه وقريبه من الإنس، فيحتك
٢ / ٨٥٨
به،
ويلصق، ويقول الإنسان: أنت فلان؛ فيشير برأسه، أي: نعم، ويبكي. وتأتي القردة إلى
نسيبها وقريبها من الإنس، فيقول لها الإنسان: أنت فلانة؟ فتشير برأسها، أي: نعم،
وتبكي، فيقول لها الإنسان انا حذرناكم غضب اللَّه وعقابه، أن يصيبكم بخسف، أو
مسخ، أو ببعض ما عنده من العذاب.
قال ابن عباس ﵄: واسمَع، اللَّه ﷿ يقول: فـ
(أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا
بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) الآية.
فلا أدري ما فعلت
الفرقة الثالثة.
قال ابن عباس ﵄: فكم قد رأينا من منكر، لم ننه عنه!
قال
عكرمة: ألا ترى (جعلني الله فداك) أنهم أنكروا وكرهوا، حين قالوا: (لِمَ
تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا)؟!
الآية، فأعجبه قولي ذلك، وأمر لي ببردين غليظين، فكسانيهما.
* * *
قال
الله ﷿: (وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا
بَلَى)
الزاهر باب في (الردة والكفر وألفاظهما):
قال الشَّافِعِي ﵀ في
المخنصر -: (ولا يُسبى للمرتدين ذرِّية) يعني:
صغار أولادهم، واختلف أهل
اللغة في تسميتهم (ذرية)، فقال بعضهم: أصلها:
٢ / ٨٥٩
ذرمِية
- بالميم - فترك فيها الميم. أصلها: فُعْلِية من الذَّر؛ لأن اللَّه تعالى
أخرج
الخلق من صلب آدم كالذر: (وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ
بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى) الآية.
وقال بعض النحويين (ذُرِّيَّة) كان في
الأصل: ذرُّوْرَه على وزن فُعلوله.
ولكن التصنيف لما كثر أبدلوا من الراء
الأخيرة ياء فصارت ذروية، ثم أدغمت الواو في الياء فصارت (ذُرِّيَّة) .
* *
*
قال الله ﷿: (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ
حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (١٨٢)
الأم: الخلاف (أي: في توزيع الفيء):
قال
الشَّافِعِي ﵀: أخبرنا من أهل العلم أنه: لما قُدِمَ على عمر بن
الخطاب ﵁
بما أصيب بالعراق، قال له صاحب بيت المال: ألا أدخله بيت المال؟
قال: لا
وربِّ الكعبة لا يُؤوى تحت سقف بيت حتى أقسمه، فأمر به فوضع في المسجد، ووضعت
عليه الأنطاع، وحرسه رجال المهاجرين والأنصار، فلما أصبح غدا مع العباس بن عبد
الطلب، وعبد الرحمن بن عوف، أخذ بيد أحدهما، أو أحدهما أخذ بيده، فلما رأوه كشطوا
الأنطاع عن الأموال، فرأى منظرًا لم يُرَ مثله، رأى الذهب فيه، والياقوت،
والزبرجد، واللؤلؤ يتلألًا، فبكى عمر بن الخطاب ﵁ فقال له أحدهما: واللَّه ما هو
بيوم بكاء، ولكنه يوم شكر
٢ / ٨٦٠
وسرور.
فقال: إني والله ما ذهبتُ حيث ذهبتَ، ولكنه واللَّه ما كثر هذا في قوم قط إلا وقع
بأسهم بينهم، ثم أقبل على القبلة ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إني أعوذ بك
أن كون مستدرجًا، فإني أسمعك تقول: (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا
يَعْلَمُونَ) الآية.
ثم قال: أين سراقة بن جعشم؛ فأوتي به أشعر الذراعين
دقيقهما، فأعطاه سواري كسرى فقال: البسهما، ففعل، فقال - قل -:
الله أكبر،
فقال: اللَّه أكبر، ثم قال: قل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز، وألبسهما
سراقة بن جعشم أعرابي من بنى مُدلج، وجعل يقلب بعض ذلك بعصا، ثم قال: إن الذي أدى
هذا لأمين، فقال له رجل: أنا أخبرك، أنت أمين الله، وهم يؤدون إليك ما أديت إلى
الله ﷿، فإذا رتعت رتعوا قال: صدقت، ثم فرَّقه.
قال الشَّافِعِي ﵀:»وإنما
ألبسهما سراقة؛ لأن النبي ﷺ قال لسراقة ونظر إلى ذراعيه: «كأني بك وقد لبست سواري
كسرى» الحديث.
قال الشَّافِعِي ﵀: ولم يجعل له إلا سوارين.
الزاهر باب
(الغنيمة والفيء):
فائدة: قال الأزهري ﵀: ولما حُمِل إلى عمر ﵁ كنوز كسرى،
فنظر إليهم فقال: اللهم إني أعوذ بك أن أكون مستدرجًا فإني أسمعك تقول:
٢
/ ٨٦١
(سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ)
الآية، قيل في تفسير قوله تعالى:
(سَنَسْتَدْرِجُهُمْ) أي: سنأخذهم قليلًا
قليلًا ولا نباغتهم.
وأصله - من دَرج الغلام يَدْرُج: إذا مشى قليلًا قليلًا
أول ما يمشي.
* * *
قال الله ﷿: (وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا
لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)
الأم: ما جاء في أمر النكاح:
قال الشَّافِعِي ﵀:
والرجل يدخل في بعض أمره في معنى الأيامى.
الذين على الأولياء أن ينكحوهن؛
إذا كان مولى بالغًا يحتاج إلى النكاح، ويقدر بالمال، فعلى وليه إنكاحه، فلو كانت
الآية، والسنة في المرأة خاصة، لزم ذلك عندي الرجل؛ لأن معنى الذي أريد به نكاح
المرأة العفاف لما خُلق فيها من الشهوة، وخوف الفتنة، وذلك في الرجل، مذكور في
الكتاب لقول اللَّه ﷿:
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ
النِّسَاءِ) .
قال الشَّافِعِي ﵀: إذا كان الرجل ولي نفسه والمرأة، أحببتُ
لكل واحد
منهما النكاح، إذا كان ممن تتوق نفسه إليه؛ لأن اللَّه ﷿ أمر به،
ورضيه، وندب إليه، وجعل فيه أسباب منافع، قال: (وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا
لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) الآية.
الأم (أيضًا): ما يجوز للأسير في ماله إذا
أراد الوصية:
قال الشَّافِعِي ﵀: وقال القاسم بن محمد، وابن المسيب: عطية
الحامل جائزة.
٢ / ٨٦٢
قال الشَّافِعِي ﵀:
وما وصفت مِن قول مَن سميت وغيرهم من أهل
المدينة، وقد رُوي عن ابن أبي ذئب
أنه قال: عطية الحامل من الثلث، وعطية الأسير من الثلث، ورُوي ذلك عن الزهري
﵀.
قال الشَّافِعِي ﵀: وليس يجوز إلا واحد من هذين القولين - واللَّه
تعالى
أعلم - ثم قال: في الحُبلى عطيتها جائزة حتى تتم ستة أشهر، وتأول قول الله ﷿:
(حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ) الآية، وليس في
قول الله ﷿: (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ) دلالة على المرض، ولو كانت فيه دلالة على مرض
يُغير الحكمُ، قد يكون مرضًا غير ثقيل، وثقيلًا، وحكمه: في أن لا يجوز له في ماله
إلا الثلث سواء، ولو كان ذلك فيه، كان الإثقال يحتمل أن يكون حضور الوِلاَد حين
تجلس بين القوابل؛ لأن ذلك الوقت الذي يخشيان فيه قضاء اللَّه ﷿، ويسألانه أن
يأتيهما صالحًا.
فإن قال: قد يدعوان اللَّه قبلُ؟
قيل: نعم مع أول
الحمل، ووسطه، وآخره، وقبله، والحُبلَى في أول حملها أشبه بالمريض منها بعد ستة
أشهر؛ للتغير، والكسل، والنوم، والضعف، وَلَهيِ في شهرها أخف منها في شهر البدء
من حملها، وما في هذا إلا أن الحَبَل سرور ليس بمرض حتى تحضر الحال المخوفة
للوِلاَد، أو يكون تغيرها بالحبل مرضًا كله، من أوله إلى آخره، فيكون ما قال ابن
أبي ذئب، فأما غير هذا لا يجوز - واللَّه تعالى أعلم - لأحدٍ أن يتوهمه.
٢
/ ٨٦٣
الأم (أيضًا): ما يجوزللأسير في ماله وما لا يحوز:
قال
الشَّافِعِي ﵀: ولا وجه لقول من قال: تجوز عطية الحامل حتى
تستكمل ستة أشهر،
ثم تكون كالمريض في عطيتها بعد الستة عندي، ولا لما تأول من قول اللَّه ﷿:
(حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ
رَبَّهُمَا) الآية.
وليس في هذا دلالة على حد الإثقال متى هو؟
أهو
التاسع أو الثامن أو السابع أو السادس أو الخامس أو الرابع أو الثالث حتى يتبين؛
ومن ادعى هذا بوقت لم يجز له
إلا بخبر، ولا يجوز أن يكون الإثقال المخوف إلا
حين تجلس بين القوابل. ..
وما أعلم الحامل بعد الشهر الأول إلا أثقل وأسوأ
حالًا، وكثر قيئًا.
وامتناعًا عن الطعام، وأشبه بالمريض منها بعد ستة أشهر،
وكيف تجوز عطيتها في الوقت الذي هي فيه أقرب من المرض، وترد عطيتها في الوقت الذي
هي فيه أقرب إلى الصحة؟
فإن قال: هذا وقت يكون فيه الولد تامًا، لو خرج
فخروجه تامًا أشبه لسلامة أمه من خروجه لو خرج سِقْطًا، والحكم إنما هو لأمه ليس
له - واللَّه أعلم -.
* * *
قال الله ﷿: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ
فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤)
أحكام
القرآن: فصل (فيما يؤثر عنه - الشَّافِعِي - من التفسير والمعاني في الطهارات
والصلوات):
قال الشيخ ﵀: قرأت في كتاب القديم (رواية الزعفراني عن
الشَّافِعِي)
في قوله ﷿:
(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا)
الآية.
فهذا عندنا: على القراءة التي تسمع خاصة؛ فكيف يُنصت لما لا يسمع؟!
.
٢ / ٨٦٤
وهذا: قول كان يذهب إليه، ثم يرجع
عنه في آخر عمره، وقال: (يقرًا
بفاتحة الكتاب، في نفسه، في سكتة الإمام)
.
قال أصحابنا: ليكون جامعًا - بين الاستماع، وبين قراءة الفاتحة -
بالسنة،
وإن قرأ مع الإمام، ولم يرفع بها صوته، لم تمنعه قراءته في نفسه، من
الاستماع
لقراءة إمامه، فإنما أمِرنا بالإنصات عن الكلام، وما لا يجوز في
الصلاة.
وهو
مذكور بدلائله، في غير هذا الموضع.
٢ / ٨٦٥