اسم المؤلف: أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (٣٨٤ - ٤٥٨ هـ)
اسم المحقق: السيد أحمد صقر
الناشر: مكتبة دار التراث - القاهرة
الطبعة: الأولى، ١٣٩٠ هـ - ١٩٧٠ م
عدد الأجزاء: ٢
أعده للمكتبة الشاملة: محمد المنصور (٢١/ ٧/ ١٤٣٦ هـ = ١٠/ ٥/ ٢٠١٥ م)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
صفحة المؤلف: [أبو بكر البيهقي]
الموضوع: سيرة وترجمة العالم النبيل الإسلامي
- -٤١ - باب: ما جاء عن الشافعي، رحمه الله، في مجانبة أهل الأهواء
- -٤٢ - باب: ما يستدل به على حسن اعتقاد الشافعي في متابعة السنة، ومجانبة البدعة
- -٤٣ - باب: ما يستدل به على معرفة الشافعي رضي الله عنه بالحديث
- -٤٤ - باب: ما يستدل به على معرفة الشافعي رحمه الله بالجرح والتعديل
- العودة الي كتاب مناقب الشافعي للبيهقي
باب [١] ما جاء عن الشافعي، رحمه الله، في مجانبة أهل الأهواء وبغضه
إياهم، وذمه كلامهم، وإزْرَائه بهم، ودقه عليهم ومناظرته إياهم
* * *
أخبرنا أبو عثمان: سعيد بن محمد بن عبدان قال: سمعت
أبا العباس: محمد ابن يعقوب الأصم يقول: سمعت الربيع بن سليمان يقول:
سمعت
الشافعي يقول [٢] لأن يلقى الله العبدُ بكل ذنب ما خلا الشرك بالله [٣] خير من
أن يلقاه بشيء من الهوى.
وفي رواية: بشيء من الأهواء.
زاد
فيه غير الربيع: وذلك أنه رأى قوماً يتجادلون في القدر بين يديه فقال الشافعي:
في كتاب الله المشيئة له دون خلقه. والمشيئة [إثبات] إرادة الله، يقول الله عز
وجل: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [٤]} فأَعْلَمَ خَلْقَه
أنّ المشيئة له.
(١) في هامش ا: «أول الجزء الثامن من أصل المصنف.
سمعناه على القاضي أبي عبد الله: الحسين بن أحمد بن علي البيهقي بسماعه من
المصنف رحمه الله».
(٢) راجع آداب الشافعي ١٨٢ و ١٨٧.
(٣)
ليست في ا.
(٤) سورة الإنسان:. ٣٠
وكان يثبت القدر.
أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا عبد الله بن محمد القاضي، قال: حدثنا محمد بن
عبد الرحمن بن زياد، قال: حدثنا أبو يحيى السّاجِي - أو فيما أجاز لي
مُشَافَهَةً - قال: أخبرنا الربيع. فذكره وقال: بشيء من هذه الأهواء.
أخبرنا
أبو عبد الرحمن السلمي، قال: حدثنا أبو الوليد يقول: سمعت إبراهيم بن محمد
يقول. ح.
وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو الوليد
الفقيه قال: حدثنا إبراهيم بن محمود قال:
حدثنا يونس بن عبد الأعلى
قال: قلت لمحمد بن إدريس الشافعي: قال صاحبنا الليث بن سعد: لو رأيتُ صاحب هوى
يمشي على الماء ما قبلته [١]. فقال الشافعي: أما إنه قصَّر، لو رأيتُه يمشي في
الهواء ما قبلتُه [٢].
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرني أبو
الحسن: محمد بن عبد الله ابن محمد العمري، قال: حدثنا أبو بكر: محمد بن إسحاق
قال:
سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: أتيت الشافعي بعد ما كلم حفص
الفرد فقال: غبت عنا يا أبا موسى، لقد اطلعت من أهل الكلام [٣] على شيء
(١)
في ا: «ما قبلت»
(٢) آداب الشافعي ومناقبه: ١٨٤
(٣) في
ح: «أهل الإسلام».
والله ما توهمته قط، ولأن يُبْتَلَى المرءُ بجميع
ما نهى الله عنه خلا الشرك بالله، خير من أن يبتليه الله بالكلام [١].
قلت:
إنما أراد الشافعي، رحمه الله، بهذا الكلام حفصاً وأمثاله من أهل البدع [٢].
وهذا مراده بكل ما حكى عنه في ذمّ الكلام وذم أهله، غير أن بعض الرواة أطلقه،
وبعضهم قيده، وفي تقييد من قيده دليل على مراده:
أخبرنا أبو عبد
الله الحافظ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن حبان، قال: حدثنا محمد بن عبد
الرحمن بن زياد، قال: سمعت أبا الوليد بن الجارود يقول:
دخل «حفص
الفرد» على «الشافعي» فكلمه، ثم خرج إلينا الشافعي [٣] فقال لنا: لأن يلقى
اللهَ العبدُ بذنوب مثل جبال تِهَامَة خير له من أن يلقاه باعتقاد حرف مما عليه
هذا الرجل وأصحابه. وكان يقول بخلق القرآن.
وهذه الروايات تدل على
مراده بما أطلق عنه فيما تقدم [(٤ وفيما لم يذكر هاهنا ٤)] .
وكيف
يكون كلام أهل السنة والجماعة مذموماً عنده وقد تكلم فيه،
(١) آداب
الشافعي ومناقبه: ١٨٢.
(٢) في ح: «الأهواء».
(٣) في ا:
«... على الشافعي. فقال له ...».
(٤) ما بين الرقمين ساقط من ح.
وناظر
من ناظره فيه، وكشف عن تمويه من ألقى إلى سمع بعض أصحابه من أهل الأهواء شيئاً
مما هم فيه؟
أخبرنا بصحة ذلك أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرني أبو
أحمد ابن أبي الحسن، قال: حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن محمد - قال في كتابي عن
الربيع بن سليمان قال:
حضرت الشافعي - أو حدثني أبو شعيب [١] إلا
أني أعلم أنه حضر عبد الله بن عبد الحكم ويوسف بن عمرو بن يزيد وحفص الفرد -
وكان الشافعي يسميه المنفرد - فسأل حفص عبد الله بن عبد الحكم فقال: ما تقول في
القرآن؟ فأبى أن يجيبه، فسأل يوسف بن عمرو فلم يجبه. وكلاهما أشار إلى الشافعي.
فسأل الشافعيَّ، فاحتج الشافعيَّ، وطالت المناظرة، وغلب الشافعي بالحجة عليه:
بأن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق، وكفّر حفصاً الفرد.
قال
الربيع: فلقيت حفصاً الفرد فقال: أراد الشافعي قتلي [٢].
وقرأت في
كتاب أبي يحيى: زكريا بن يحيى الساجي، فيما رواه الشيخ أبو الفضل الجارودي
الحافظ، عن أبي إسحاق القزّاز [٣]، قال: حدثنا زكريا، قال: سمعت أبا شعيب
المصري - شيخ من أصحاب الحديث - يقول:
(١) في ا: «أبو سعيد» وهو
تصحيف.
(٢) آداب الشافعي ومناقبه ١٩٤ - ١٩٥.
(٣) في ح:
«القرار».
حضرت الشافعي: محمد بن إدريس، وعنده يوسف بن عمرو بن
يزيد، وعبد الله بن عبد الحكم، في منزله فدخل عليهم حفصٌ الفرد، وكان متكلماً
مناظراً، فقال ليوسف: ما تقول في القرآن؟ فقال [١]: كلام الله، ليس عندي غير
هذا. وجعلوا يحيلون على الشافعي فأقبل حفص الفرد على الشافعي فقال: إنهم يحيلون
عليك. فقال له الشافعي: [(٢ دع هذا عنك. فلم يزل به، فقال له الشافعي: ٢)] ما
تقول أنت في القرآن؟
قال: أقول: إنه مخلوق.
قال: من أين
قُلْتَ؟
قال: فلم يزل يحتج عليه حفصٌ الفرد بأنه مخلوق، ويحتج
الشافعي، رضي الله عنه، بأنه كلام الله غير مخلوق، حتى كَفَّره الشافعي
وقطعه.
قال أبو شعيب: وحججهما عندي في كتاب [٣]. قال أبو شعيب: فلما
كان من الغد لقيني حفصٌ الفرد في سوق الزّجاج فقال: أما رأيت ما صنع بي
الشافعي؟ أحب أن يريهم أنه عالم. ثم أقبل عليَّ فقال: مع أنه ما تكلم أحد في
هذا مثله ولا أقدر منه على هذا.
وقد ذكرنا قبل هذا مناظرته مع حفص
في زيادة الإيمان ونقصانه، وذكر
(١) في ح: «فقال] أبو يوسف».
(٢)
ما بين الرقمين ساقط من ح.
(٣) في ا: «وحجتهما عندي في شيء في كتاب»
وفي ح: «وحجبهما عندي مرسم في كتاب».
للحميدي أحسن ما يحتج به على
أهل الأرجاء، وذكر [١] لابن هَرِم ما يحتج على من أنكر الرؤية.
وقرأت
في كتاب الساجي عن أحمد بن مدرك الرازي قال:
سمعت عبد الله بن صالح:
كاتب الليث يقول: كنا عند الشافعي في مجلسه فجعل يتكلم في «تثبيت خبر الواحد»
عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكتبناه، وذهبنا به إلى إبراهيم بن إسماعيل بن
عُلَيَّة، وكان من غلمان أبي بكر الأصم، وكان مجلسه بمصر عند باب الضَّوالّ،
فلما قرأناه عليه جعل يحتج بإبطاله، فكتبنا ما قال ابن عُلَيَّة، وذهبنا به إلى
الشافعي، فنقضه الشافعي، وتكلم بإبطال ما قاله ابن علية، وقال: ابن عُلية ضالّ
قد جلس عند باب الضَّوالّ، يضل الناس.
وبلغني عن يعقوب بن سفيان أنه
حكى عن إبراهيم بن عُلَيّة هذا أنه تكلم في القرآن بما لا أستجيز حكايته.
وقرأت
في كتاب أبي نعيم الأصبهاني حكاية عن «الصاحب بن عباد» أنه ذكر في كتابه
بإسناده عن إسحاق أنه قال:
قال لي أبي: كلّم الشافعي يوماً بعض
الفقهاء؛ فدقَّق عليه وحقَّق، وطالب وضيَّق، فقلت له: يا أبا عبد الله. هذا
لأهل الكلام، لا لأهل الحلال والحرام. فقال: أحكمنا ذاك قبل هذا.
(١)
في ح: «وذكر». [أثبتت أولاً في المطبوع لفظة «فذكر»، ثم صححت في فهرس التصويبات
٢/ ٤٦٨ إلى: «وذكره» كما في ح]
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال:
أخبرني نصر بن محمد الصوفي قال: سمعت عبد الرحمن [١] بن حفص الصوفي يقول: سمعت
أبا علي الروذباري يقول: سمعت ابن بحر يقول:
سمعت المزني يقول: دار
بيني وبين رجل مناظرة فسألني عن كلام كاد أن يشكِّكَني في ديني؛ فجئت إلى
الشافعي، فقلت له: كان من الأمر كيت وكيت. قال: فقال لي: أين أنت؟ فقلت: أنا في
المسجد، فقال لي: أنت في مثل «تاران [٢]» تلطمك أمواجه. هذه مسألة الملحدين
والجواب فيها كيت وكيت، ولَأَن يبتلي العبد بكل ما خلق الله من مضارّه [٣] خير
له من أن يبتلى بالكلام.
قلت: «تاران» في بحر القلزم يقال: فيها غرق
فرعون وقومه، فشبه الشافعي المزني فيما أورد عليه بعضُ أهل الإلحاد ولم يكن
عنده جواب، بمن ركب البحر في الموضع الذي أغرق الله فيه فرعونَ وقومه وأشرف على
الهلاك، ثم علّمه جواب ما أُورد عليه حتى زالت عنه تلك الشبهة، وفي تلك دلالة
على حسن معرفته بذلك، وأنه يجب الكشف عن تمويهات أهل الإلحاد عند الحاجة إليه،
وأراد بالكلام: ما وقع فيه أهل الإلحاد من الإلحاد، وأهل البدع من البدع. والله
أعلم.
(١) في ا: «سمعت قسم عبد الرحمن».
(٢) «تاران»
جزيرة في بحر القلزم بين القلزم وأيلة وهو أخبث مكان في هذا البحر. فيه دوران
ماء في سفح جبل إذا وقع الريح على ذروته انقطع الريح قسمين فيلقي المركب بين
شعبتين من هذا الجبل متقابلتين. فتخرج الريح من كليهما فيثور البحر على كل
سفينة تقع في ذلك الدوران. راجع معجم البلدان ٢/ ٣٥٢ - ٣٥٣.
(٣) في
ا: «من مضرّه».
فأما استحبابه ترك الخوض فيه، والإعراض عن المناظرة
فيه [(١ عند الاستغناء عنها فقد كان رحمه الله يميل إليه ١)] مع معرفته به.
أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن
- يعني ابن محمد.
أخبرنا الربيع قال: رأيت الشافعي وهو نازل من
الدرجة وقوم في المجلس يتكلمون في شيء من الكلام فصاح وقال: إما أن تجاورونا
بخير وإما أن تقوموا عنا [٢].
وأخبرنا أبو عبد الله قال: سمعت أبا
الفضل: الحسن بن يعقوب العدل يقول: سمعت أبا أحمد: محمد بن رَوْح يقول:
[سمعت
المزني يقول [٣]:] كنا على باب الشافعي نتناظر في الكلام، فخرج إلينا الشافعي
وسمع بعض ما كنا فيه، فرجع عنا فما خرج إلينا إلا بعد سبعة أيام، ثم خرج فقال:
ما منعني من الخروج إليكم علة عرضت، ولكن لما سمعتكم تتناظرون فيه أتظنون أني
لا أحسنه؟ لقد دخلت فيه حتى بلغت منه مبلغاً وما تعاطيت شيئاً إلا وبلغت فيه
مبلغاً حتى الرّمي: كنت أرمي بين الغرضين فأصيب من العشرة تسعة ولكن الكلام لا
غاية له؛ تناظَرُوا في شيء إن أخطأتم فيه يقال لكم: أخطأتم. ولا تناظروا في شيء
إن أخطأتم فيه يقال لكم: كفرتم.
(١) ما بين الرقمين سقط من ا.
(٢)
آداب الشافعي ومناقبه ١٨٤
(٣) ما بين القوسين سقط من ا.
أخبرنا
أبو عبد الله قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المؤذن، عن أبي العباس:
محمد بن عبد الرحمن يعني الدغولي قال: سمعت زكريا بن يحيى يقول:
سمعت
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول: قال الشافعي: يا محمد، إن سألك رجل عن شيء
من الكلام، فلا تجبه، فإنه إن سألك عن دية فقلت [١]: درهما أو دانقاً قال لك:
أخطأت، وإن سألك عن شيء من الكلام فزللت قال: كفرت.
وفي حكاية
المزني عن الشافعي، رحمه الله، دلالة على أنه كان قد تعلم الكلام وبالغ فيه ثم
استحب ترك المناظرة فيه عند الاستغناء عنها.
وفي رواية زكريا بن
يحيى الساجي عن الربيع في هذه الحكاية بعينها قال:
انحدر علينا
الشافعي من درجته يوماً وهم يتجادلون في القدر، فقال: إما أن تقوموا عنا أو
تجاورونا بخير؛ فلأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك بالله خير من أن
يلقاه بشيء من هذه الأهواء.
فإنما أراد [٢] ذمّ مذهب القدرية؛ ألا
تراه قال بشيء من هذه الأهواء واستحب ترك الجدال فيه.
(١) في ا:
«فقلت».
(٢) ليست في ا.
وكأنه تبع فيه ما رويناه عن عمر
بن الخطاب، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«لا
تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم الحديث [١]» وغير ذلك من الأخبار الواردة في
معناه.
وعلى مثل هذا جرى أئمتنا في قديم الدهر عند [٢] الاستغناء عن
الكلام فيه، فإذا احتاجوا إليه أجابوا بما في كتاب الله عز وجل، ثم في سنة رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، من الدلالة على إثبات القدر لله عز وجل، وأنه لا
يجري في ملكوت السموات والأرض شيء إلا بحكم الله وتقديره وإرادته. وكذلك في
سائر مسائل الكلام اكتفوا بما فيها من الدلالة على صحة قولهم، حتى حدثت «طائفة»
سمّوا ما في كتاب الله عز وجل من الحجة عليهم متشابها، وقالوا بترك القول
بالأخبار أصلا، وزعموا أن الأخبار التي حملت إليهم [٣] لا تصح في عقولهم فقام
جماعة من أئمتنا، رحمهم الله، بهذا العلم وبَيَّنُوا لمن وُفِّق للصواب، ورزق
الفهم، أَنَّ جميع ما ورد في تلك الأخبار صحيح في العقول، وما ادعوه في الكتاب
من التَّشابه باطل في المعقول.
وحين أظهروا بدعهم، وذكروا ما اغتر
به أهل الضّعف من شبههم -
(١) حديث عمر رواه الحاكم في المستدرك ١/
٨٥ والبيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ٢٠٤ وأحمد بن حنبل في مسنده ١/ ٢٤٣ - ٢٤٤ وأبو
داود في سننه ٤/ ٣١٥ و ٣١٨.
(٢) في ا: «عنه».
(٣) في ا:
«عليهم».
أجابوهم وكشفوا عنها بما هو حجة [عليهم [١]] عندهم، كما
فعل الشافعي فيما حكينا عنه؛ لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما في
ترك إنكار المنكر والسكوت عليه من الفساد والتعدي. وكانوا في القديم إنما
يعرفون بالكلام أهل الأهواء.
فأما أهل السنة والجماعة فمعولهم فيما
يعتقدون الكتاب والسنة، فكانوا لا يتسمون [٢] بتسميتهم.
ولهذا قال
الشافعي ما أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا أبو نصر: محمد بن علي بن
طلحة المروروذي قال: حدثنا أبو سعيد: أحمد بن علي الأصبهاني قال: حدثنا زكريا
بن يحيى السّاجِي قال: حدثني محمد بن إسماعيل قال: سمعت أبا ثور [وحسينا
يقولان: سمعنا [٣]] الشافعي يقول:
حكى في أهل الكلام أن يضربوا
بالجريد [٤]، ويحملوا على الإبل، ويطاف بهم في العشائر والقبائل، وينادى عليهم:
هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام.
وأخبرنا أبو عبد
الله: الحسين بن محمد بن الحسين الدّينوري قال: حدثنا الفضل بن الفضل الكندي
قال: حدثنا زكريا بن يحيى السَّاجِي.
(١) الزيادة من ح.
(٢)
في ا: «لا يسمون».
(٣) في ا: «حدثني محمد بن إسماعيل أبا ثور وحدثنا
أنه سمع الشافعي يقول»!
(٤) في ا: «بالحديد».
وأخبرنا
أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو الطيب الفقيه قال: حدثنا أبو جعفر
الأصبهاني قال: حدثنا أبو يحيى: زكريا بن يحيى قال: حدثنا أبو داود - يعني
السِّجْستاني - قال:
حدثنا أبو ثور قال: سمعت الشافعي يقول: من
ارتدى بالكلام لم يفلح [١].
وإنما يعني - والله أعلم - كلام أهل
الأهواء الذين تركوا الكتاب والسنة، وجعلوا مُعَوَّلهم عقولهم، وأخذوا في
تَسْوِيَة الكتاب عليها. وحين حُمِلت إليهم [٢] السنة بزيادة بيان لنقض
أقاويلهم - اتهموا رواتها، وأعرضوا عنها.
فأما أهل السنة فمذهبهم في
الأصول مبني على الكتاب والسنة. وإنما أخذ من أخذ منهم في العقل إبطالا لمذهب
من زعم أنه غير مستقيم على العقل. وبالله التوفيق.
ولاستحباب
الشافعي ومن كان في عصره من أئمتنا تَرْكَ الخوض في الكلام، وترك الاشتهار به
عند الاستغناء عنه - معنى آخر، وهو: أن الشافعي حين قدم العراق في خلافة
«الرشيد» كان قد دخل على المأمون باستدعائه دخوله عليه، ورأى تقريبه [٣] بشر
المريسي وأمثاله من أهل البدع. وحين عاد إلى العراق في خلافة «المأمون» شاهد
غلبة أهل الأهواء على مجلسه، وأحس
(١) راجع آداب الشافعي ومناقبه
١٨٦.
(٢) في ا: «عليهم».
(٣) في ح: «بقربه».
ببعض
ما رأى أهل السنة من غلبة أهل الأهواء في عصره، ثم بما أصابهم من المحنة في
أيام «المعتصم» و «الواثق».
وجرى بينه وبين بشر في مجلس «المأمون»
أظنه قبل خلافته: ما أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا أبو سهل
الإسفراييني قال: حدثنا داود ابن الحسين: أبو سليمان قال: سمعت قتيبة بن سعيد
يقول:
دخل الشافعي يوماً على أمير المؤمنين المأمون.
وأخبرنا
أبو عبد الله الحافظ قال: حدثني محمد بن صالح بن هانئ قال: حدثنا أبو سليمان
دواد بن الحسن البيهقي قال: حدثنا قتيبة ابن سعيد قال:
دخل الشافعي
على أمير المؤمنين - يعني المأمون - وعنده بشر المريسي فقال أمير المؤمنين
للشافعي: أتدري من هذا؟ قال: لا يا أمير المؤمنين. قال: هذا بشر المريسي قال:
فقال الشافعي لبشر: أدخلك الله أسفل السافلين مع فرعون وهارون وقارون. قال:
فقال له بشر: أدخلك الله الجنة أعلى عليين مع محمد وإبراهيم وموسى. فقال أمير
المؤمنين للشافعي هذا أحسن جواباً منك.
قال أبو سليمان [الراوي عن
قتيبة [١]] : فذكرت هذا عند أصحاب الحديث وعندهم رجل من أهل بغداد يقال له: أبو
جعفر، متكلم يرد عليهم أبداً فقال: يا أبا سليمان أتدري ما جوابه؟ طَنَزَ [٢]
فيه بشر المريسي. أي ليس ثَمَّةَ
(١) الزيادة من ح.
(٢)
في اللسان ٧/ ٢٣٦: «طنز يَطْنُزُ طنْزاً. كلمة استهزاء؛ فهو طنَّاز. قال
الجوهري. أظنه مولداً أو معرباً. والطنزُ: السخرية».
جنة ولا نار.
لفظ حديث أبي عبد الله
ورواه أبو سعيد محمد بن شاذان النيسابوري عن
قتيبة، وزعم أن ذلك كان في مجلس «هارون الرشيد».
وأيّهما كان، فحين
كان شاهد الشافعي هذا وأمثال ذلك، وأحس ببعض ما كان وراء ذلك، مع كراهيته [١]
وكراهية أمثاله من أهل الورع الدخولَ على السلاطين والاختلاط بهم - استحب
لأصحابه تَرْكَ الخوض فيه؛ لئلا يُدْعَوْا إلى مجالسهم للمناظرة فيه، ولكيلا
يكون ذلك سبباً لمحبتهم؛ ولهذا قال لأبي يعقوب البويطي رحمه الله: «أما أنت يا
أبا يعقوب فستموت في حديدك» فكان كما تفرّس؛ وذاك لأنه كان شديداً على أهل
البدع، ذابًّا بالكلام عن أهل السنة، فدعى في أيام «الواثق» إلى القول بخلق
القرآن» فامتنع منه، فحمل من مصر إلى العراق حتى مات في أَقْيَادِه محبوساً،
ثابتاً على دينه، صابراً على ما أصابه من الأذى. رحمة الله ورضوانه عليه.
ومشهور
عند أهل العلم ما أصاب «أحمد بن حنبل» في أيام «المعتصم» من الحبس والضرب، وما
أصاب «أحمد بن نصر الخُزَاعي» في أيام «الواثق» من القتل والصلب، وما أصاب
غيرهما من المحنة العظيمة حتى أجاب بعضهم إلى ما دُعِيَ إليه؛ خوفاً على نفسه.
أعاذنا الله من أمثالها.
والذي بين هذا: ما أخبرنا أبو عبد الله
الحافظ قال: سمعت عبد الله
(١) في ح: «مع كراهة وكراهة؟؟؟
[م
٣٠] مناقب
ابن محمد الخواري يقول: سمعت أبا نعيم يقول: سمعت أبا
القاسم الأَنْمَاطِي يقول:
جالست «المزني» عشر سنين فلما كان بأخرة
اجتمعنا في جنازة بعض أصحابه فقلت [١]: إن الناس يتحدثون بمذهب المزني فينسبونه
إلى أنه يتكلم في القرآن ويقول بالمخلوق، فلو سألناه؟ قال: فتقدمنا إليه فقلنا:
يا أبا إبراهيم، إنما [٢] نسمع منك هذا العلم، ونحب أن يؤخذ عنا ما نسمع منك،
والناس يذكرون [٣] أنك سألت عن القول بما يقول أهل الحديث في القرآن، ونحن نعلم
أنك تقول بالسنة وعلى مذهب أهل الحديث، فلو أظهرت لنا ما نعتقده؟ فأجابنا فقال:
أنا لم أعتقد قطّ إلا أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ولكني كرهت الخوض في هذا
مخافة أن يكثر عليّ، وأطالب بالنظر في هذا، وأشتغل عن الفقه. فلما كان من الغد
بعث إليه رئيس من رؤساء الجهمية بمصر يقال له ابن الأصبغ رسولا فقال: يا أبا
إبراهيم، بعثني إليك فلان وهو يقول: لم تزل تُمْسِكُ عن الخوض في القرآن
والكلام فيه، فما الذي بدا لك الآن؟ وقد بلغني أنك أجبت بكذا وكذا فما حجتك
فيما أجبت: أن القرآن غير مخلوق؟ فنظر إلينا فقال: ألم أقل لكم: إني كنت أمتنع
من أجل أني أطالب بمثل هذا؟!
قال أبو القاسم: فقلت أنا أتولّى عنك
جوابه. قال: شأنك. فمضيت إليه فقلت له: إن رسولك جاء إلى أبي إبراهيم بكذا
وكذا، فجئت لأتولى عنه الجواب وأنا أحد من يحمل عنه العلم. فقال: ما حجتك؟
(١)
في ا «فقلت: أتتحدثون بمذهب المزني وتنسبونه».
(٢) في ح: «إنا».
(٣)
في ا: «يذكرونك أنك».
فقلت له: أقول: القرآن غير مخلوق، وأدلّ عليه
بكتاب الله وسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإجماع أمته، ومن حجج العقول
التي ركَّبها الله في عباده قال: فأوردت عليه ذلك فبقى متحيِّراً.
فالمزني،
رحمه الله، كان رجلا ورعاً وزاهداً يتجنّب السلاطين، فامتنع من الكلام؛ مخافة
أن يبتلى بالدخول عليهم، مع ما شاهد من محنة البويطي وأمثاله من أهل السنة في
أيام المعتصم والواثق.
وفي كل ذلك دلالة على أن استحباب من استحب
أئمتنا ترك الخوض في الكلام - إنما هو للمعنى الذي أشرنا إليه، وأن الكلام
المذموم إنما هو كلام أهل البدع الذي يخالف الكتاب والسنة. فأما الكلام الذي
يوافق الكتاب والسنة، وبُيِّنَ بالعقل والعبرة - فإنه محمود مرغوب فيه عند
الحاجة، تكلم فيه الشافعي وغيره من أئمتنا، رضي الله عنهم، عند الحاجة، كما سبق
ذكرنا له.
وحدثنا أحمد بن عبد الملك الحافظ قال: حدثنا أبو عبد
الله: الحسين بن محمد بن فنجويه [١] الدينوري قال: حدثنا ظفران بن الحسين، قال
حدثنا أبو محمد: بن أبي حاتم الرازي قال: حدثنا أبي قال: حدثني أحمد بن خالد
الخلال قال:
سمعت الشافعي يقول: ما كلمت رجلا في بدعة قطّ إلا كان
يتشيع [٢] وهذا
(١) في ح: «ابن فتحون».
(٢) آداب الشافعي
ومناقبه ١٨٦.
يدل على كثرة مناظرته أهل البدع حتى عرف عادتهم في
إظهار مذهب الشيعة، وإضمار ما وراءه من البدعة التي هي أقبح منه.
ثم
ذكر من مذهب من يتشيع: ما أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه فيما قرأت عليه قال:
حدثنا عبيد الله بن محمد بن شيبة قال: حدثنا أبو بكر: محمد بن أحمد ابن إبراهيم
الكرابيسي، قال: حدثنا أبو بكر: محمد بن أحمد بن إبراهيم الكرابيسي قال: حدثنا
أبو حاتم الرازي قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول:
سمعت الشافعي
يقول: أُجيز شهادة أهل الأهواء كلّهم إلا الرَّافِضة؛ فإنهم يشهد بعضهم لبعض
[١].
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا تراب يقول: سمعت
محمد بن المنذر يقول: سمعت أبا حاتم الرازي يقول: سمعت حرملة يقول:
سمعت
الشافعي يقول: لم أر أحداً أشهَد بالزور من الرافضة [٢].
وأخبرنا
محمد بن عبد الله قال: أخبرني الزبير بن عبد الواحد قال: حدثني إبراهيم بن عبد
الرحمن بن عبد الملك بن مروان بدمشق قال:
سمعت يونس بن عبد الأعلى
يقول: سمعت الشافعي إذا ذكر الرافضة عابهم أشدّ العيب فيقول: شر عصابة.
قلت:
والمحدثات من الأمور، على ما أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل قال: حدثنا أبو
العباس الأصم قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال:
(١) آداب الشافعي
ومناقبه ١٨٩ والسنن الكبرى ١٠/ ٢٠٩.
(٢) السنن الكبرى ١٠/ ٢٠٨ وآداب
الشافعي ومناقبه ١٨٧.
حدثنا الشافعي قال: المحدثات من الأمور
ضربان.
أحدهما: ما أحدث يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً.
فهذه البدعة الضلالة.
والثانية: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد
من هذا. وهذه محدثة غير مذمومة.
[وقد] قال عمر، رضي الله عنه، في
قيام شهر رمضان: نعمت البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها
ردّ لما مضى.
قلت: فكذا مناظرة أهل البدع إذا أظهروها، وذكروا شبههم
منها، وجوابهم عنها، وبيان بطلانهم فيها.
وإن كانت من المحدثات فهي
محمودة ليس فيها ردَّ ما مضى. وقد سئل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن القدر،
[فأجاب عنه [١]] وسئل عنه بعض الصحابة فأجابوا عنه بما روينا عنهم، غير أنهم
[٢] إذ ذاك كانوا يكتفون بقول النبي، صلى الله عليه وسلم، ثم بَعده بالخبر
عنه.
وأهل البدع في زماننا لا يكتفون بالخبر ولا يقبلونه، فلا بدّ
من ردّ شبهِهم إذا أظهروها بما هو حجة عندهم. وبالله التوفيق.
وكان
الشافعي، رضي الله عنه، شديداً على أهل الإلحاد وأهل البدع، مجاهراً ببغضهم
وهجرتهم.
قرأت في كتاب العاصمي، عن الزبير بن عبد الواحد، عن يوسف
بن عبد الأحد، عمن حدثه، قال:
(١) الزيادة من ح.
(٢) في
ا: «غير أنه».
جاء رجل إلى الشافعي يملي عليه كتاب وصيته، فأراد
الشافعي أن يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال: ليس هكذا أريد ولكن اكتب: إن
أتى عليّ ريب من الزمان. فلما [١] ابتدأ بالكلام رفسه الشافعي برجله فألقاه على
ظهره ثم قال: قم يا زنديق.
قرأت في كتاب زكريا بن يحيى الساجي:
حدثني محمد بن إسماعيل قال: سمعت أبا الوليد بن أبي الجارود يقول:
لما
حضرت الشافعي الوفاة: فأغنى عليه ثم أفاق، فجعل يسأله رَجلٌ رَجلٌ فيقول: من
أنا؟ فيقول: أنت فلان بن فلان. فقال له حفص الفرد: من أنا؟ فقال: أنت حفص، لا
حفظك الله إلا أن تتوب.
قال: حدثني محمد بن إسماعيل قال: سمعت
الحسين بن علي يقول:
قال الشافعي: كل متكلم على الكتاب والسنة فهو
الحَدّ الذي يجب، وكل متكلم على غير أصل كتاب ولا سنة فهو هَذَيَان.
وفي
هذه الحكاية كالدّالِّ على أنه إنما كره من الكلام ما ليس له أصل في الكتاب أو
السنة. وبالله التوفيق.
(١) في ا: «فكما ابتدأ».
باب ما يستدل به على حسن اعتقاد الشافعي في متابعة السنة، ومجانبة البدعة.
وذلك بيِّن في كتبه ومسائله. ونحن نقتصر هاهنا على حكايات وردت في معناه.
وبالله التوفيق
* * *
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: أخبرنا الحسن
بن رشيق إجازة قال: [ذكر [١]] زكريا بن يحيى قال: قال أبو طالب:
سمعت
«أحمد بن حنبل» يقول: ما رأيت أتبع للأثر من الشافعي [٢].
وقرأته في
كتاب زكريا الساجي عن إسماعيل بن شجاع البغدادي قال: حدثنا الفضل بن زياد، عن
أبي طالب. فذكره.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا الزبير بن
عبد الواحد الحافظ قال: حدثني محمد بن حفص الدوري، قال: حدثني أبو إسماعيل
الترمذي قال:
سمعت «أحمد بن حنبل» وذكر الشافعي فقال: لقد كان يذبّ
عن الآثار [٣].
(١) الزيادة من ح.
(٢) راجع الحلية ٩/
٢٠٢.
(٣) تاريخ دمشق الكبير لابن عساكر ١٠/ ١٩٦ - اوتوالي التأسيس
٥٧.
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني نصر بن محمد قال:
حدثنا أبو طالب بن الربيع بن سليمان قال: حدثنا علي بن محمد الأنصاري قال: سمعت
حرملة بن يحيى يقول:
سمعت الشافعي يقول: سُمِّيتُ ببغداد: «ناصر
الحديث [١]»
أخبرنا أبو سعيد: محمد بن موسى قال: حدثنا أبو العباس
الأصم، قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال:
قال الشافعي: قد أعطيتك
جملة تغنيك إن شاء الله: لا تدع لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، حديثاً أبداً،
إلا أن يأتي عن [٢] رسول الله، صلى الله عليه وسلم خلافه، فتعمل بما قلت لك في
الأحاديث إذا اختلفت [٣].
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو عبد
الرحمن السلمي، وأبو سعيد بن أبي عمرو؛ قالوا: سمعنا أبا العباس: محمد بن يعقوب
يقول: سمعت الربيع بن سليمان المُرَادِي يقول:
سمعت الشافعي يقول:
إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقولوا بسنة رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، ودعوا ما قلت [٤].
وأخبرنا أبو الحسين بن
بشران قال: حدثنا دعلج بن أحمد بن دعلج قال:
(١) تاريخ دمشق ١٠/ ١٩٥
- ب وحلية الأولياء ٩/ ١٠٧.
(٢) في ا: «علي».
(٣) توالي
التأسيس ٦٣.
(٤) توالي التأسيس ٦٣.
سمعت أبا محمد
الجارودي يقول: سمعت الربيع يقول:
سمعت الشافعي يقول: إذا وجدتم سنة
[من [١]] رسول الله: صلى الله عليه وسلم، خلاف قولي فخذوا بالسنة [٢] ودعوا
قولي؛ فإني أقول بها.
أخبرنا أبو حازم: عمر بن أحمد العبدوني الحافظ
قال: سمعت أبا عمرو بن مطر يقول: سمعت أبا جعفر الأرغياني يقول: سمعت أحمد بن
علي بن عيسى ابن مَاهَان الرّازي يقول: سمعت الربيع بن سليمان يقول:
سمعت
الشافعي يقول: كل مسألة تكلمت فيها صح الخبر فيها عن النبي، صلى الله عليه
وسلم، عند أهل النقل بخلاف ما قلت - فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي [٣].
أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرني الحسين بن محمد الدارمي قال: حدثنا عبد
الرحمن بن محمد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا حرملة بن يحيى قال:
قال
الشافعي: كل ما قلت، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، خلاف قولي مما يصح - فحديث
النبي، صلى الله عليه وسلم، أولى ولا تقلِّدوني [٤].
أخبرنا أبو عبد
الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو؛ قالا: سمعنا [أبا العباس محمد بن يعقوب
يقول: سمعت الربيع بن سليمان يقول:
(١) الزيادة من ح.
(٢)
في ا: «السنة».
(٣) الأم ٧/ ١٨٤ وخطاب الشافعي فيه للربيع. وهو في
توالي التأسيس ٩٣.
(٤) آداب الشافعي ٦٧، ٦٨، ٩٣ وحلية الأولياء ٩/
١٠٦ - ١٠٧.
سمعت الشافعي يقول. وروى حديثاً، فقال له الرجل: تأخذ
بهذا يا أبا عبد الله؟
فقال: متى رويتُ عن رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، حديثاً صحيحاً فلم آخذ به والجماعة - فأُشهدكم أنّ عقلي قد ذهب. وأشار
بيده عن رءوسهم [١].
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: سمعت عليُ
بن عمر الحافظ ببغداد يقول: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: سمعت بشر بن موسى
قال:
سمعت الحميدي يقول: سأل رجل الشافعي بمصر عن مسألة فأفتاه
وقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم كذا. فقال الرجل: أتقول بهذا؟.
قال:
أرأيت في وسطي زِنَّاراً؟ أتراني خرجت من الكنيسة؟ أقول: قال النبي، صلى الله
عليه وسلم، وتقول لي: أتقول بهذا؟ أروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا
أقول به [٢]؟!
وقرأت في كتاب أبي الحسن العاصمي فيما أخبره أبو
العباس الأزهري قال: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: سمعت الحميدي يقول:
كنا عند الشافعي فأتاه رجل. فذكر معنى هذه الحكاية.
وأخبرنا محمد بن
عبد الله الحافظ قال: أنبأني أبو عمرو بن السّمّاك
(١) المعرفة ١/
١٤٥ وحلية الأولياء ٩/ ١٠٦.
(٢) حلية الأولياء ٩/ ١٠٦ وتوالي
التأسيس ٦٣ ومفتاح الجنة ٥٤.
مشافهة أنّ أبا سعيد الجصّاص حدثهم
قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول:
سمعت الشافعي يقول سأله رجل عن
مسألة فقال: روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، [أنه قال [١]] كذا وكذا. فقال
له السائل: يا أبا عبد الله، أتقول بهذا؟ فارتعد الشافعي واصفَرّ لَوْنُه وقال:
ويحك. أيّ أرض تقلّني؟ وأي سماء تظلّني؟ إذا رويت عن رسول، لله صلى الله عليه
وسلم، شيئاً فلم أقل به. نعم على الرأس والعينين، على الرأس والعينين [٢]
قال:
وسمعت الشافعي يقول:
ما من أحد إلا ويَذهب عليه سنّة رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، وتعزب عنه. فمهما قلتُ من قولٍ أو أصَّلْتُ من أصْلٍ فيه عن
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خلاف ما قلتُ - فالقول ما قال رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، وهو قولي.
قال: وجعل يردد هذا الكلام.
أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد: محمد بن موسى، قالا: حدثنا أبو العباس: محمد بن
يعقوب قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال:
حدثنا محمد بن إدريس
الشافعي قال: لم أسمع أحداً نسبته عامة [٣]، أو نسب نفس إلى علم - يُخالِفُ في
أنّ فرضَ الله: إتباعُ أمرِ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم والتسليم لحكمه؛
فإن الله لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قولٌ بكل حال إلا بكتاب
الله أو سنة رسوله، صلى الله عليه وسلم
(١) الزيادة من ح.
(٢)
حلية الأولياء ٩/ ١٠٦.
(٣) في جماع العلم ١١ «نسبه الناس».
وأن
ما سواهما تبع لهما. وأن فَرْضَ الله علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر
عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم - واحدٌ لا يختلف [١] فيه أنه الفَرْض وواجب
قبول الخبر عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلا فرقةٌ سأصف قولها، إن شاء
الله. فذكر تفرق أهل الكلام في تثبيت خبر الواحد، ثم ذكر الحجة في تثبيته في
«كتاب جماع العلم».
أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد العبدوي الحافظ،
قال: سمعت أبا عمرو بن مطر يقول: سمعت أبا جعفر: محمد بن عبد الرحمن الأصبهاني
قال:
سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: قال أبي: قال لنا
الشافعي: إذا صح عندكم الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فقولوا حتى اذهب
إليه [٢].
أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد قال: أخبرني الزبير بن
عبد الواحد الحافظ قال: أخبرني أبو بكر: محمد بن مخلد الدّوري، قال: حدثنا أحمد
بن أبي عثمان قال:
سمعت «أحمد بن حنبل» يقول: كان أحسن أمر الشافعي
أنه كان إذا سمع الخبر لم يكن عنده - قال به وترك قوله [٣].
أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا الحسين: محمد بن محمد بن يعقوب
(١)
كذا في ا، ح وفي جماع العلم: «لا يختلف أن الفرض والواجب قبول الخبر ...».
(٢)
في الحلية ٩/ ١٠٦ بعد ذلك: «في أي بلد كان».
(٣) توالي التأسيس
٦٣.
الحجاجي يقول: سمعت يحيى بن منصور القاضي يقول:
سمعت
«أبا بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيْمَةَ» وقلت له: هل تعرف سنّة لرسول الله، صلى
الله عليه وسلم، في الحلال والحرام لم يودعها الشافعي كتابه؟ قال: لا [١].
وأخبرنا
عمر بن أحمد العبدوي الحافظ قال: حدثنا أبو بكر: محمد بن جعفر البغدادي الحافظ
قال: سمعت محمد بن الربيع بن سليمان الجيزي قال: سمعت سعد بن عبد الله بن عبد
الحكم يقول:
سمعت الشافعي يقول: كلما رأيت رجلا من أصحاب الحديث
فكأنما رأيتُ رجلا من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم [٢]. ورواه أيضاً يونس
بن عبد الأعلى عن الشافعي.
أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد بن موسى،
قال: سمعت الحسين بن علي ابن محمد بن يحيى يقول: سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة
يقول: سمعت الربيع ابن سليمان يقول:
سمعت الشافعي يقول: لولا أصحاب
الحديث لكنا بيَّاع القُول.
أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد الضّبي
قال: حدثنا أبو بكر: محمد بن علي الفقيه الشاشي، إن شاء الله، أو الثقة قال:
حدثنا عبد الله بن إسحاق المدائني قال:
حدثنا الميموني قال:
(١)
تاريخ دمشق ١٠/ ٢٠٠ - ا، وتوالي التأسيس ٦١.
(٢) حلية الأولياء ٩/
١٠٩.
سمعت «أحمد بن حنبل» يقول: سألت الشافعي عن القياس فقال: ضرورة
[١].
كذا أخبرناه في «كتاب المناقب» وأخبرنا في «التاريخ» عن أبي
بكر قطعاً. وكأنّه أخرجه في «المناقب» من حفظه فشك [٢] فيه.
وقد
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا الزبير بن عبد الواحد قال: سمعت أبا بكر
بن زياد الفقيه يقول:
سمعنا «أحمد بن حنبل» يقول: سألت الشافعي عن
القياس، فقال: ضرورة.
أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمْرو قال: حدثنا أبو
العباس الأصم قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال:
قال الشافعي: لا
نترك الحديث عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بأن يدخله القياس، ولا يوضع [٣]
القياس مع السنة.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ [رحمة الله تعالى عليه
[٤]] قال: أخبرنا أبو العباس: محمد بن يعقوب قال: حدثنا الربيع بن سليمان
قال:
حدثنا الشافعي قال [٥]: وقد روى عن النبي، صلى الله عليه وسلم
- بأبي هو وأمي - أنه قضى في بَرْوَع بنت وَاشِق [٦] - ونكحت بغير مهر، فمات
(١)
في ح: «ضرورة الضرورات» وانظر معرفة السنن والآثار للبيهقي ١/ ١١١ طبع المجلس
الأعلى للشئون الإسلامية.
(٢) في ح: «فسكت»!
(٣) في ا:
«ولا موضع».
(٤) الزيادة من ح.
(٥) في الأم ٥/ ٦١.
(٦)
أسد الغابة ٥/ ٤٠٨.
زوجها - فقضى لها بمهر نسائها [١]، وقضى لها
بالميراث.
فإن كان يثبت [٢] عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فهو أولى
الأمور بنا، ولا حجّة في قول أحدٍ دون النبي، صلى الله عليه وسلم [٣]، ولا في
قياس، ولا [٤] شيء في قوله إلا طاعة الله بالتسليم له.
وإن كان لا
يثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يكن لأحد أن يثبت عنه ما لم يثبت.
ولم
أحفظه من وجه يثبت مثله. هو مرة يقال: عن مَعْقِل بن يَسَار، ومرة عن معقل بن
سنان، ومرة عن بعض أشجع، ولا يسمَّى.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ،
وأبو عبد الرحمن السّلمي؛ قالا: سمعت أبا العباس: محمد بن يعقوب يقول: سمعت
الربيع بن سليمان يقول:
سمعت الشافعي يقول: لا يحل لأحد أن يكَتنى
بأبي القاسم، كان اسمه محمداً أو غيره [٥].
قلت: وإنما قال ذلك؛ لأن
الاخبار الصحيحة مطلقة في النهي عن ذلك. والذي روى في النهي عن الجمع بينهما لم
يثبت إسناده ثبوت أسانيد النهي المطلق. وقد ذكرنا ذلك بشرحه في كتاب «السنن» و
«المعرفة».
(١) مسند أحمد ٤/ ٢٧٩ - ٢٨٠.
(٢) في الأم
«ثبت».
(٣) في الأم بعد ذلك: «وإن كثروا».
(٤) في ا:
«ولا في شيء» وفي الأم: «فلا شيء».
(٥) السنن الكبرى ٩/ ٣٠٩ والآداب
للبيهقي ل ٢٢٣ - ب وحلية الأولياء ٩/ ١٢٧ وآداب الشافعي ٣٠٩.
أخبرنا
محمد بن عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن قال: حدثنا عبد
الرحمن - يعني ابن أبي حاتم - قال:
حدثنا الربيع بن سليمان قال: قال
الشافعي: اسقني قائماً؛ فإن النبي، صلى الله عليه وسلم، شرب قائماً [١].
قلت:
وقد روينا شربه قائماً، واستدللنا به وبغيره على نسخ ما ورد فيه من النهي.
والله أعلم.
* * *
أخبرنا أبو سعيد: محمد بن موسى قال:
حدثنا أبو العباس الأصم قال:
قال الربيع [٢]: قلت للشافعي: إن علي
بن مَعْبِد أخبرنا بإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه أجاز بيع القمح في
سنبله إذا ابيض. قال: أما هو فَغَرّر؛
(١) قال البيهقي في كتاب
الآداب ل ٢٥١ - ب «وقد وردت الرخصة في الشرب قائماً بما أخبرنا أبو عبد الله
الحافظ، حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم ابن مرزوق، حدثنا وهيب
بن جرير، حدثنا شعبة، عن عاصم، عن الشعبي، عن ابن عباس، قال:
«مر
النبي، صلى الله عليه وسلم بزمزم، فاستسقى، فأتيته بدلو من ماء زمزم، فشرب وهو
قائم».
(٢) قول الربيع في السنن الكبرى ٥/ ٣٠٢ كما هنا. وكذلك في
آداب الشافعي ومناقبه ٨٧ ولكن ورد في الأم ٣/ ٥٩ «قلت للشافعي: إن علي بن معبد
روى لنا حديثاً عن أنس: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أجاز بيع القمح في
سنبله إذا ابيض. فقال الشافعي: إن ثبت الحديث قلنا به، فكان الخاص مستخرجاً من
العام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، نهى عن بيع الغرر. . وبيع القمح في سنبله
غرر؛ لأنه لا يرى. وكذلك =
لأنه محول [١] دونه لا يرى. فإن ثبت
الخبر عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قلنا به، وكان هذا خاصًّا مُسْتَخْرَجاً
من عام؛ لأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نهى عن بيع الغرر.
وأجاز
هذا. وكذلك أجاز بيع الشِّقْص [٢] من الدار، فجعل فيه الشّفعة لصاحب الشفعة،
وإن كان فيه غرر، وكان خاصًّا مخرجاً من عام.
وأخبرنا أبو عبد الله
الحافظ قال: حدثنا أبو أحمد بن أبي الحسن قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد
قال:
قال الربيع بن سليمان المصري: قلت للشافعي. فذكر هذه الحكاية
وزاد فيها: كما أجزنا بيع الصُّبْرَة، بعضها فوق بعض؛ لأنها غرر. فلما أجازها
النبي، صلى الله عليه وسلم، أجزناها كما أجازها، وكان خاصًّا مستخرجا من عام
[٣].
وكذلك أجاز بيع الشّقْص من الدار، وجعل لصاحبها الشفعة وإن كان
الأساس مُغَيَّباً لا يرى، وخشبا في الحائط لا يرى. فلما أجاز ذلك أجزناه كما
أجازه، وإن كان فيه غرر، وكان خاصًّا مستخرجًا من عام [٤].
* * *
=
بيع الدار والأساس لا يرى. وكذلك بيع الصبرة بعضها فوق بعض. أجزنا ذلك كما
أجازه النبي. فكان هذا خاصاً مستخرجاً من عام. وكذلك نجيز بيع القمح في سنبله
إذا ابيض، إن ثبت الحديث، كما أجزنا بيع الدار والصبرة».
(١) كذلك
في السنن الكبرى، وفي ح: «يحول».
(٢) في لسان العرب ٨/ ٣١٤: قال
الشافعي في باب الشفعة: «فإن اشترى شقصاً من ذلك» أراد بالشقص: «نصيباً معلوماً
غير مفروز».
(٣) آداب الشافعي ٨٨ والسنن الكبرى ٥/ ٣٣٨.
(٤)
الأم ٣/ ٤٥ - ٤٦ وآداب الشافعي ٨٨.
[م - ٣١] مناقب
أخبرنا
أبو سعيد بن أبي عمْرو قال: حدثنا أبو العباس الأصم قال:
حدثنا
الربيع بن سليمان قال: [١] سألت الشافعي عن رفع الأيدي في الصلاة؟ فقال: يرفع
المصلي يديه إذا افتتح الصلاة حَذْوَ منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه
من الركوع رفعهما كذلك، ولا يفعل ذلك في السجود.
فقلت للشافعي: فما
الحجة في ذلك؟
فقال: حدثنا ابن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه،
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، مثل قولنا.
قال الربيع: فقلت: فإنا
نقول: يرفع في الابتداء ثم لا يعود.
قال الشافعي: أخبرنا مالك، عن
نافع: أنّ «ابن عمر» كان إذا ابتدأ الصلاة يرفع يديه حَذْوَ منكبيه، وإذا رفع
من الركوع رفعهما كذلك [٢].
قال الشافعي وهو - يَرْوِي عن النبي،
صلى الله عليه وسلم: أنّه كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حَذْوَ منكبيه، وإذا
رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك. ثم خالفتم رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
وابن عمر، فقلتم: لا يرفع يديه إلا في ابتداء الصلاة، وقد رويتم عنهما: أنهما
رفعا في الابتداء، وعند الرفع من الركوع.
أفيجوز لعالم أن يترك [٣]
على النبي، صلى الله عليه وسلم وابن عمر لرأي نفسه؟ أو على النبي، صلى الله
عليه وسلم، لرأي ابن عمر؟ ثم القياس على قول ابن
(١) الأم ٧/
٢٣٢.
(٢) الموطأ ١/ ٧٥ والسنن الكبرى ٢/ ٢٣ - ٢٤ والأم ٧/ ١٨٦.
(٣)
في ا: «ينزل» وما أثبتناه موافق لما في الأم ٧/ ٢٣٣.
عمر؟ ثم يأتي
موضع آخر يصيب فيه، فيترك [١] على ابن عمر لما روى عن النبي صلى الله عليه
وسلم؟
فكيف لم ينهه بعض هذا عن بعض؟ أرأيت إن جاز له أن يروى عن
النبي صلى الله عليه وسلم: أنه رفع يديه في الصلاة مرتين أو ثلاثا، وعن ابن عمر
فيه اثنتين، ويأخذ بواحدة ويترك واحدة يُجَوِّزُ [٢] لغيره ترك الذي أخذ به
وأخذ الذي ترك؟ أو يُجَوِّزُ لغيره [تركه عليه. قال الشافعي: لا يجوز له ولا
لغيره ترك] [٣] ما روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم.
فقلت للشافعي:
[فإن صاحبنا قال: ما معنى رفع الأيدي؟ قال الشافعي:] [٤] هذه الحجة غاية من
الجهالة [٥] معناه تعظيم الله واتباعٌ لسنة، النبي صلى الله عليه وسلم [٦]،
معنى الرفع في الأوّل [٧] معنى الرفع الذي خالف [٨] فيه النبي، صلى الله عليه
وسلم، عند الركوع، وعند [٩] رفع الرأس من الركوع. ثم خالفتم فيه روايتكم [١٠]
عن النبي، صلى الله عليه وسلم وابن عمر معاً لغير قول واحد روى [١١] عنه رفع
الأيدي في الصلاة تثبت [١٢] روايته. يروى ذلك عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم
- ثلاثة عشر رجلا أو أربعة عشر رجلا، ويروى عن أصحاب
(١) في الأم:
«يترك».
(٢) في الأم: «أيجوز».
(٣) ما بين القوسين من
الأم.
(٤) ما بين القوسين من الأم.
(٥) في الأم: «من
الجهل»
(٦) في الأم: «واتباع السنة».
(٧) في ا:
«الأولى».
(٨) في ح: «خالفه».
(٩) في الأم: «وبعد».
(١٠)
في ا: «لم خالفتهم فيه من روايتكم».
(١١) في ا: «أحد رواة عنه».
(١٢)
في ا: «تثبيت».
رسول الله، صلى الله عليه وسلم من غير وجه فقد ترك
السنة [١].
* * *
وأخبرنا أبو سعيد قال: حدثنا أبو
العباس الأصم قال:
حدثنا الربيع قال [٢]: سألت الشافعي عن الطيب قبل
الإحرام بما يبقى ريحه بعد الإحرام، وبعد رمي الجمر والحلاق، وَقبل
الإفاضَة؟
فقال: جائز وأًحِبُّه ولا أكرهه؛ لثبوت السنة فيه عن رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، والأخبار عن غير واحد من الصحابة.
فقلت:
وما حجتك فيه؟ فذكر فيه الأخبار والآثار [٣] ثم قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو
بن دينار، عن سالم، قال: قال عمر [٤]: مَنْ رمى الجمرة فقد حلّ له ما حرم عليه
إلا الطيب والنساء.
قال سالم [٥]: وقالت عائشة: طيَّبت رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، بيدي. وسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أحقَّ أن
تُتَّبع.
قال الشافعي: وهكذا ينبغي أن يكون الصالحون [من] [٦] أهل
العلم. فأمّا ما تذهبون إليه من ترك السنة لغيرها، وترك ذلك الغير لرأي أنفسكم
- فالعلم إذاً إليكم تأتون منه ما شئتم، وتدعون [منه [٧]] ما شئتم. وبسط الكلام
فيه [٨].
(١) الأم ٧/ ٢٣٣، واختلاف الحديث بهامش الأم ٧/ ٢١٣ -
٢١٤.
(٢) الأم ٧/ ١٩٩ - ٢٠٠.
(٣) راجع الأم ٧/ ٢٠٠.
(٤)
الأم ٧/ ٢٠٠.
(٥) اختلاف الحديث ٧/ ٢٨٨، ٢٩٠.
(٦) من
الأم.
(٧) من الأم.
(٨) في الأم (٧/ ٢٠٠) بعد هذا:
«تأخذون بلا تبصر لما تقولون، ولا حسن روية فيه. . .».
وألزم
الشافعي [١]، رحمه الله، أهل العراق: أخذهم بحديث حج رجل عن غيره وبحديث
العُمْرَي، وتركهم حديث التّفْلِيس، و [حديث] القضاء باليمين مع الشاهد. وتركهم
حديث حج الرجل عن غيره، وحديث العُمْرَى.
وأن كل واحد من الفريقين
عاب صاحبه فيما ترك. فإن كانت له حجة فيما أخذ به وتركه غيره، فلغيره حجة فيما
أخذ به وتركه. فالحجة إذاً لازمة لهما. والحق مع من أخذ بالجميع.
هذا
معنى كلامه فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ عن أبي العباس، عن الربيع، عن
الشافعي في «كتاب اختلاف الأحاديث».
وقرأت في كتاب «القديم» رواية
الزعفراني عن الشافعي في مسألة بيع المدبر، وقول من قال له: فإن بعض أصحابك قد
قال [خلاف [٢]] هذا.
قال الشافعي: قلت له: من تبع سنة رسول الله،
صلى الله عليه وسلم وافقته، ومن غلط فتركه [٣] خالفته. صاحبي الذي لا أُفارِقه
اللازمُ الثابتُ عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم وإن بعد، والذي أُفارِق من
لم يقبل سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإن قرب.
قلت: وللشافعي
في هذا الجنس كلام كثير تركته لكثرته، وهو منقول في «المبسوط المردود إلى ترتيب
المختصر» وبعضه في كتاب «المعرفة».
والله يغفر لنا وله برحمته.
(١)
الأم ٢/ ٩٨ - ٩٩، ٧/ ٢٠٢، واختلاف الحديث ٧/ ٦، ٧/ ٢٠٧ - ٢١١.
(٢)
من ح.
(٣) في ح: «فتركها».
باب ما يستدل به على معرفة الشافعي رضي الله عنه بالحديث
* * *
وهذا الباب يشتمل على أبواب منها:
باب ما يستدل به على معرفته بالأسامي [١] والأنساب والتواريخ
* * *
أخبرنا أبو عبد الله: محمد بن عبد الله الحافظ،
رحمه الله، قال: أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن قال: حدثنا عبد الرحمن - يعني
ابن أبي حاتم - قال: حدثنا علي بن الحسن قال:
سمعت «أحمد بن حنبل»
[يحدث [٢]] عن الشافعي، قال [٣]:
أبو طالب: اسمه عبد مناف بن عبد
المطلب.
وعبد المطلب: اسمه شَيْبة بن هاشم.
وهاشم: اسمه
عمرو بن عبد مناف.
واسم عبد مناف: المغيرة بن قُصَيّ.
(١)
في ا: «معرفة الأسامي».
(٢) من ح.
(٣) آداب الشافعي ص
٢٤٦.
واسم قُصَيّ: زيد بن كِلاَب بن مُرَّة بن كعب بن لؤي بن غالب
بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.
وأم
هانئ بنت أبي طالب: اسمها هند.
وأم حكيم: بنت الزبير بن عبد المطلب:
هي ضُبَاعة.
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني الحسين بن
محمد بن يحيى الدارمي قال: حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن محمد الحنظلي - قال:
أخبرني عبد الله بن أحمد ابن حنبل فيما كتب إليّ، قال: وجدت في كتاب أبي بخط
يده: حدثنا محمد بن إدريس الشافعي، قال [١].
أوّل الناس يلقى النبي،
صلى الله عليه وسلم، بالنسب: بنو عبد المطلب. فذكرهم، وذكر بطون قريش
وقبائلهم.
ونقل ذلك هاهنا مما يطول به الكتاب فتركته [٢].
أخبرنا
محمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرني أبو عمر بن السّمّاك، شِفَاهاً، أن عبد
الله بن أحمد بن حنبل حدّثهم [عن أبيه [٣]] قال:
إني كنت أجالس محمد
بن إدريس الشافعي بمكة، فكنت أذاكره بأسماء الرجال، فقال: روينا عن عمر بن
الخطاب عن [٤] أهل المدينة، عن فلان بن فلان، وفلان بن فلان، فلا يزال يسمي
رجلا، رجلا، وأسمى له جماعة، ثم يذكر هو عدداً من أهل مكة، فأذكر له أنا جماعة
منهم. فقال لنا عبد الله:
(١) آداب الشافعي ٢٥٢.
(٢)
راجع آداب الشافعي ٢٥٢ - ٢٧٠
(٣) من ح.
(٤) في ا:
«من».
وكان أبي يصف الشافعي فَيُطْنِبُ في وصفه. وقد كتب عنه أبي
حديثاً صالحاً. وكتبتُ من كتبه بخطه، بعد موته، أحاديث عدّة مما سمعه من
الشافعي، رحمة الله عليهما [١].
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا
أبو الوليد الفقيه قال: حدثنا إبراهيم بن محمود، قال: حدثني أبو سليمان،
قال:
حدثني مصعب بن عبد الله الزّبيري، قال: ما رأيت أحداً أعلم
بأيام الناس من الشافعي، رحمة الله عليه.
أخبرنا محمد بن الحسين
السّلمي، قال: حدثنا الحسن بن رشيق، إجازة، قال: حدثنا أحمد بن علي المدائني،
قال:
قال المزني: قدم علينا الشافعي، رحمه الله، فأتاه «ابن هشام»
صاحب المغازي، فذاكره أنساب الرجال فقال له الشافعي بعد ان تذاكرا: دع عنك
أنساب الرجال؛ فإنها لا تذهب عنا وعنك، وخذ بنا في أنساب النساء. فلما أخذوا
فيما بَقِيَ ابن هشام [أي انقطع [٢]] .
أخبرنا محمد بن عبد الله
الحافظ قال: حدثنا أبو الوليد: حسان بن محمد الفقيه قال: سمعت أبا العباس بن
سريج يحكي عن بعض من يذكر بمعرفة الأنساب قال:
(١) توالي التأسيس ص
٥٧.
(٢) من ح، والخبر في توالي التأسيس ص ٦٠.
كان
الشافعي من أعلم الناس بالأنساب؛ لقد اجتمعوا معه ليلة فذاكرهم بأنساب النساء
وإلى الصباح، وقال: أنساب الرجال يعرفها كل أحد.
أخبرنا أبو إسحاق:
إبراهيم بن محمد الفقيه قال: أخبرنا شافع بن محمد، حدثنا أبو جعفر بن سلامة،
حدثنا المزني، حدثنا الشافعي، حدثنا مالك، عن «عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي
صَعْصَعَة» عن أبيه: أنّ أبا سعيد الخدري قال له [١]: إني أراك تحبّ الغنم
والبادية. فذكر الحديث.
قال الشافعي: وأخبرنا سفيان بن عيينة، قال:
سمعت «عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة» قال: سمعت أبي - وكان يتيما في حجر
أبي سعيد الخدري - قال:
قال لي أبو سعيد الخدري: أي بني، إذا كنت في
هذه البوادي فارفع صوتك بالآذان؛ فإني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
يقول: «لا يسمعه إنس ولا جن ولا حجر ولا شجر، إلا شهد له [٢]» هذا لفظ حديث
سفيان.
قال الشافعي: يشبه أن يكون مالك أصاب اسم الرجل [٣].
قلت:
هو كما قال الشافعي، وهو: عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي صعصعة
المازني الأنصاري المديني. سمع أباه وعطاء بن يسار. روى
(١) في ح:
«قال له: أبي إني أراك».
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الأذان: باب رفع
الصوت بالنداء ٢/ ٧٢ والبيهقي في السنن الكبرى ١/ ٣٩٧، وه في الأم ١/ ٧٥.
(٣)
قال ابن المديني: وهم ابن عيينة في نسبه حيث قال: عبد الله بن عبد الرحمن. وقد
وردت رواية سفيان هذه في مسند أحمد ٣/ ٦ وعقب عليها عبد الله بن أحمد، قال: قال
أبي: وسفيان مخطئ في اسمه، والصواب: عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن
أبي صعصعة.
عنه يزيد بن خصيفة ومالك [١] وأبو عبد الله [٢]. سمع منه
ابناه: محمد، وعبد الرحمن [٣].
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال:
سمعت أبا الحسن [٤]: محمد بن موسى الصيدلاني يقول: سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة
يقول: سمعت المزني يقول:
سمعت الشافعي يقول: وهم مالك، رحمه الله،
فقال: عباد بن زياد، من ولد المغيرة بن شعبة. وإنما هو مولى المغيرة بن شعبة
[٥].
وقال: عبد الملك بن قرير. وإنما هو عبد الملك بن قريب
الأصمعي.
وقال: عن عمر بن عثمان. وإنما هو عمرو بن عثمان.
كذا
وقع في هذه الرواية ٠ [٦]: عبد الملك بن قريب. كذلك قاله يحيى بن معين. فالصحيح
عن الشافعي أنه قال: إنما هو عبد العزيز بن قريب.
أخبرنا محمد بن
عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا بكر محمد بن جعفر المزكّي،
(١) راجع
ترجمة عبد الرحمن بن عبد الله في التهذيب ٦/ ٢٠٩.
(٢) في ح: «عبد
الرحمن» وهو خطأ.
(٣) راجع ترجمته في التهذيب ٥/ ٢٩٤.
(٤)
في ا: «الحسين» وهو خطأ؛ راجع معرفة علوم الحديث للحاكم ص ١٥٠.
(٥)
الرسالة ١٦٩، والأم ١/ ٢٧٢، ٤/ ٤٠٢، ٦/ ١٦٢.
(٦) في ا: «كذا في هذه
اللغة».
الثقة المأمون، من أصل كتابه يقول: سمعت محمد بن إسحاق
يقول: سمعت المزني يقول:
سمعت الشافعي يقول: وهم مالك في ثلاثة
أسامي:
قال: عمر بن عثمان، وإنما هو عمرو بن عثمان.
وقال:
عمر بن عبد الحكم، وإنما هو معاوية بن عبد الحكم السلمي.
وقال: عبد
الملك بن قرير، وإنما هو عبد العزيز بن قرير.
وأخبرنا أبو عبد الله
الحافظ، رحمة الله تعالى عليه، قال: أخبرنا الحسين بن محمد الدارمي، قال: حدثنا
عبد الرحمن بن محمد الحنظلي قال: قال إسماعيل بن يحيى المزني: سمعت الشافعي
يقول [١]:
صحّف مالك في عمر ابن عثمان، وإنما هو عمرو بن عثمان.
وفي
جابر بن عتيك، وإنما هو جبر بن عتيك.
وفي عبد الملك بن قرير، وإنما
هو عبد العزيز بن قرير.
قال عبد الرحمن: فذكرت ذلك لأبي فقال: صدق
الشافعي، هو كما قال.
قال أبي: قال يحيى بن معين في عبد العزيز بن
قرير: هذا ليس عبد العزيز ابن قرير، وإنما هو عبد الملك بن قُريب الأصمعي [٢].
قال: قدم المدينة فجالس
(١) آداب الشافعي ص ٢٢٤
(٢) آداب
الشافعي ص ٢٢٥
مالكا فحدث عنه مالك. ولعله حدث عن شيخ عن ثابت،
فأسقط مالك الشيخ وقال عن ثابت نفسه.
قال عبد الرحمن: سمعت أبي
يقول: غلط يحيى بن معين، وما يقوله الشافعي أشبه؛ فإنّ عبد العزيز بن قرير شيخ
بصري ليس بالقوي عندهم، قدم عليهم بالمدينة فحدثهم عن ثابت. وكذلك رواه محمد بن
الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة عن جده، عن المزني، عن الشافعي في هؤلاء
الثلاثة الذين ذكرهم عبد الرحمن بن أبي حاتم.
أخبرنا أبو عبد الله
قال: أخبرني محمد بن الفضل. فذكره.
وفي كل واحدة من هذه الحكايات
الثلاثة زيادة مستفادة [و [١]] مثل ما ذهب الشافعي، رحمه الله، في هذه الأسامي
ذهب جماعة من الحفاظ. والله أعلم.
وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ
قال: أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد قال: حدثنا
عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي قال [٢]: وجدت في كتاب أبي بخط يده:
حدثني
محمد بن إدريس الشافعي قال:
قال لي - يعني محمد بن الحسن - يا محمد
بن إدريس، قد روى شريك حديث مجاهد، عن أيمن بن أم أيمن، أخي أسامة بن زيد
لأمه.
(١) من ح.
(٢) هذا الخبر من العلل ومعرفة الرجال
لأحمد ١/ ٣٩٢.
فقلت: لا علم لك بأصحابنا: أيمن أخو أسامة قتل مع
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم حنين قبل أن يولد مجاهد. ولم يبق بعد
النبي، صلى الله عليه وسلم، فيحدث عنه [١].
وأخبرنا أبو عبد الله
الحافظ قال: حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب قال: حدثنا الربيع بن سليمان،
قال:
قال الشافعي [٢]: قلت لبعض الناس: هذه سنة رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، أن يقطع في ربع دينار فصاعداً، فكيف قلت: لا تقطع اليد إلا في عشر
دراهم فصاعداً؟
قال: قد روينا عن شريك، عن منصور، عن مجاهد، عن
أيمن، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، شبيهاً بقولنا. قلت: أو تعرف أيمن [٣]؟
أما أيمن الذي روى عنه عطاء فرجل حَدَثٌ لعله أصغر من عطاء. روى عنه عطاء حديثا
عن تُبَيْع [٤] بن امرأة كعب، عن كعب، فهذا منقطع، والحديث المنقطع لا يكون
حجة.
قال: فقد روى عن شريك بن عبد الله، عن مجاهد، عن أيمن بن أم
أيمن أخي أسامة لأمه.
(١) آداب الشافعي ١١٤، والأم ٦/ ١١٥.
(٢)
الأم ٦/ ١١٥، والسنن الكبرى ٨/ ٢٥٧.
(٣) ترجمته في التهذيب ١/ ٣٩٤ -
٣٩٥، والجرح والتعديل ١/ ١/٣١٨، والتاريخ الكبير ١/ ٢/٢٦.
(٤) في
الأم ٦/ ١١٥ «ربيع بن امرأة كعب» وهو تحريف؛ راجع ترجمة تبيع في التهذيب ١/
٥٠٨.
قلت: لا علم لك بأصحابنا: أيمن أخو أسامة قتل مع رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، يوم حنين قبل (أن) [١] يولد مجاهد، ولم يبق بعد النبي، صلى
الله عليه وسلم، فيحدث عنه. وذكر باقي المناظرة.
أخبرنا محمد بن عبد
الله الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن حيان قال: حدثنا محمد بن عبد
الرحمن - يعني ابن عبد الله بن عبد الحكم - يقول:
اختلفت أنا وأخي
عبد الحكم فقال أحدنا: مات النبي، صلى الله عليه وسلم، وعلى مُلْك الروم
«قيصر». وقال الآخر: بل مات رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعلى مُلْك الروم
«هرقل». فتراضينا [٢] جميعا بالشافعي، فأتيناه فذكرنا له القضية [٣] فقال:
أصبتما واتفقتما [٤]: إن قيصر إنما هو لقب ملك مثل ما يقال: أمير المؤمنين،
وهرقل اسم ملك مثل ما يقال: هارون.
أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو
قال: حدثنا أبو العباس الأصم قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال:
قلت
للشافعي، رحمه الله: أسمع ابن الزبير من النبي، صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم،
وحفظ عنه، فكان يوم توفى، صلى الله عليه وسلم، ابن تسع سنين.
(١) من
الأم.
(٢) في ا: «وتواطينا».
(٣) في ا: «القصة».
(٤)
ا: أو اتفقتما».
وأخبرنا أبو سعيد قال: حدثنا أبو العباس قال: حدثنا
الربيع قال:
حدثنا الشافعي في مسألة ذكرها: قد كان «سعيد بن العاص»
من صالحي ولاة أهل المدينة [١].
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال:
حدثنا الحسن بن رشيق، إجازة، قال: حدثنا محمد بن رمضان الزيات قال: حدثنا محمد
بن عبد الله بن عبد الحكم قال:
سمعت الشافعي يقول: ولد مالك سنة
ثلاث وتسعين، أو أربع وتسعين. ومات سنة تسع وسبعين ومائة.
أخبرنا
محمد بن الحسين السلمي قال: حدثنا الحسن بن رشيق، إجازة، قال: حدثنا علي بن
يعقوب قال: حدثنا عبد الله بن محمد البردي قال: قال ابن أبي دُكين [٢]: سمعت
الشافعي يقول: قالت لي عمتي ونحن بمكة: يا بني، رأيت في هذه الليلة عجباً. قلت:
وما هو؟ قالت: رأيت كأن فلانا يقول لي: مات الليلة أعلم أهل الأرض. قال
الشافعي: فحسبنا ذلك، فإذا هو يوم مات مالك ابن أنس.
(١) توفى سنة
٥٩. راجع ترجمته في التحفة اللطيفة ٢/ ١٨٠ - ١٨٣ والإصابة ٣/ ٩٨ - ٩٩، والطبقات
الكبرى ٥/ ١٩ ط. ل، ٣٠ ط. ب.
(٢) في ا: «زكير».
قرأت في
كتاب أبي الحسن العاصمي: أخبرني ابن عبد الواحد، بحمص، قال: أخبرني علي بن محمد
قال: حدثني إسماعيل بن يحيى المزني قال:
قال الشافعي، رحمه الله:
مات «شعبة» سنة ستين ومائة.
ومات «الثوري» سنة إحدى وستين ومائة.
ومات
«مالك بن أنس» سنة تسع وسبعين ومائة.
ومات «هشيم» [١] سنة ثلاث
وثمانين ومائة.
ومات «خالد بن عبد الله» سنة ثلاث وثمانين ومائة.
ومات
«ابن المبارك» سنة إحدى وثمانين ومائة.
ومات «سفيان بن عيينة» سنة
ثمان وتسعين ومائة.
ومات «عبد الرحمن بن مهدي» سنة ثمان وتسعين
ومائة.
ومات «يحيى بن سعيد القطان» سنة ثمان وتسعين ومائة.
ومات
«حسين الجعفي» سنة ثلاث ومائتين.
ومات «وكيع بن الجراح» سنة ست
وتسعين ومائة.
* * *
قرأت في كتاب أبي الحسن العاصمي عن
الزبير بن عبد الواحد، قال: حدثنا سهل بن محمد بن عيسى قال: حدثنا أحمد بن
الوزير [٢] التجيبي قال:
(١) في ح: «هشام» وهو خطأ. فهو هشيم بن
بشير، كما في العبر ١/ ٢٨٦.
(٢) في ا: «بن يحيى الوزير».
سمعت
محمد بن إدريس الشافعي يقول:
إنما وُرِّخَ التاريخ من مقدم النبي،
صلى الله عليه وسلم، المدينة، ليس من موته.
وفيه عن محمد بن رمضان،
عن محمد بن عبد الله بن الحكم قال:
حدثنا الشافعي قال: قبض رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، والمسلمون ثلاثون ألفاً بالمدينة، وثلاثون ألفا في
قبائل العرب، وغير ذلك.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: [(١
أخبرنا أبو أحمد، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ١)] أخبرني عبد الله بن أحمد بن
حنبل فيما كتب إليّ قال: وجدت في كتاب أبي:
حدثني محمد بن إدريس
الشافعي قال [٢]:
لما أراد عمر بن الخطاب أن يُدَوِّن الدَّوَاوِين
ويَضَعَ [٣] الناسَ على قبائلهم، ولم يكب قِبَله ديوان، استشار الناس فقال: بمن
ترون أن أبدأ؟ فقال قائل: تبدأ بقرابتك. فقال: بل أبدأ بالأقرب [٤] فالأقرب من
رسول الله، صلى الله عليه وسلم. فبدأ ببني هاشم وبني المطلب وقال: حضرتُ رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، عام خيبر [٥]. حين أعطاهم الخمس معاً دون بني عبد
مناف. فكانت السن
(١) ما بين الرقمين ساقط من ح.
(٢)
آداب الشافعي ص ١١٥، والأم ٤/ ٨٢، والسنن الكبرى ٦/ ٣٦٤.
(٣) في ا:
«وضع».
(٤) في ا: «أبدا لما».
(٥) في ا: «حنين».
[م
- ٣٢] مناقب
إذا كانت في بني هاشم قدّمها، وإذا كانت في نبي المطلب
قدَّمها، وكذلك كان يصنع في جميع القبائل: يدعوهم على الأسنان [١]. ثم نظر
فاستوت [٢] قرابة بني عبد شمس وبني نوفل النبي، صلى الله عليه وسلم، فرأى أنّ
عبد شمس أخا هاشم لأمه دون نوفل فرآه بهذا أقرب، ورأى فيهم سابقةً وصهراً
للنبي، صلى الله عليه وسلم، دون بني نوفل فقدَّم دعوتهم على دعوة بني نوفل. ثم
جعل بني نوفل بعدهم. ثم استوت قرابة بني أسد بن عبد العُزَّي وبني عبد الدار
فرأى أنّ في بني أسد سابقة وصهراً، وأنهم من المطيبين، ومِنْ حلف الفُضُول،
وأنهم كانوا أَذَبَّ عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم فقدَّمهم على بني عبد
الدار. ثم جعل بني عبد الدار بعدهم ثم رأى بني زهرة وهُم لا ينازعهم أحد. ثم
استوت له قرابة بني تيم بن مرة وبني مخزوم بن يقظة بن مرة، فرأى أن لبني تيم
سابقة وصهراً للنبي، صلى الله عليه وسلم، وأن بني تيم من المطيبين ومن حلف
الفضول - فقدَّمهم على بني مخزوم. ثم وضع بني مخزوم بعدهم. ثم استوت قرابة بني
جمح وسهم وعدي بن كعب: رهطه فقال:
أما بنو عدي بن كعب وسهم فمعا؛
وذلك أنّ الإسلام دخل عليهم وهم كذلك. لكن بمن ترون أن أبدأ: بسهم أم بجمح؟ ثم
رأى أن يبدأ بجمح. فلا أدرى، ألسِنِّ جمح أو لغير ذلك؟ ثم وضع بني سهم وبني عدي
بعدهم. ثم وضع بني عامر بن لؤي. ثم بني فهر. وقد زعموا أن «أبا عبيدة بن
الجراح» لما رأى من تقدم بين يديه قال: أيدعى هؤلاء كلّهم قبلي؟ فقال: أنت
حيث
(١) في ا: «الأنساب».
(٢) في ح: «فاستوت عنده».
وضعك
الله. فلما رأى جزعه قال: أما على نفسي وأهل بيتي فأنا طيب النفس بأن أقدمك.
وكلم قومك فإن هم طابوا بذلك أنفساً لم أمنعكه [١]. وقد ادعو بنو الحارث بن
فهر: أن عمر قدمهم فجعلهم بعد بني عبد مناف أو بعد بني قصيّ. فسألت عن ذلك أهل
العلم من أصحابه فأنكروه وقالوا: أبو عبيدة من بني محارب بن فِهْرٍ لا من بني
الحارث.
وهذه الدعوة المتقدمة [٢] في غير موضعها لنبي الحارث لا
لبني محارب. وإنما قدمهم معاوية بن أبي سفيان لخؤولة كانت له فيهم [٣].
ساق
شيخنا أبو عبد الله بهذا الإسناد بعض [٤] هذا المتن، والباقي كتبته من كتاب عبد
الرحمن بن أبي حاتم.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين
الدينوري قال: حدثنا الفضل بن الفضل الكندي قال: حدثنا زكريا بن يحيى قال:
حدثنا ابن بنت الشافعي قال: سمعت أبي يقول:
أقام الشافعي على
العربية وأيام الناس عشرين سنة، فقلنا له في ذلك؟ فقال: ما أردت بهذا إلا
الاستعانة للفقه [٥].
(١) في ح: «لم أمنعكم».
(٢) في ا:
«المقدمة».
(٣) آداب الشافعي ص ١٢٠.
(٤) في ا:
«بغير».
(٥) في هامش ح: «بلغ مقابلة في المجلس الثاني عشر».
باب ما يستدل به على معرفة الشافعي رحمه الله بالجرح والتعديل
* * *
أخبرنا أبو عبد الله: محمد بن عبد الله الحافظ
قال: أخبرني الحسين بن محمد الدارمي قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد قال: حدثنا
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال:
سمعت الشافعي يقول [١]:
«الشّعبي» في كثرة الرواية مثل عروة بن الزبير.
أخبرنا محمد بن
الحسن السلمي قال: حدثنا علي بن محمد بن عمر الدارمي قال: حدثنا ابن أبي
حاتم.
وأخبرنا محمد بن عبد الله قال: أخبرني الحسين بن محمد الدارمي
قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد قال: حدثنا محمد بن مسلم بن وارة قال:
سمعت
بعض أصحاب الشافعي يروي عن الشافعي قال [٢]:
ليس من التابعين أحد
أكثر اتباعاً للحديث من «عطاء».
أخبرنا أبو سعيد: محمد بن موسى قال:
حدثنا أبو العباس الأصم، قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال:
(١) آداب
الشافعي ص ٢٠٨.
(٢) آداب الشافعي ص ٢٠٦.
سمعت الشافعي
وسأله رجل عن المشي فحنث بالمشي إلى الكعبة فأفتاه بكفارة يمين فقال له الرجل:
بهذا [١] تقول يا أبا عبد الله؟ فقال: هذا قول من هو خير مني. قال: من هو؟ قال:
«عطاء بن أبي رباح».
قرأت في كتاب أبي الحسن العاصمي: حدثنا الزبير
بن عبد الواحد بالشام قال: أخبرني علي بن محمد بن عيسى قال: حدثنا محمد [٢] بن
عبد الله بن عبد الحكم قال:
حدثني محمد بن إدريس قال: حدثنا سفيان،
عن معمر، عن الزهري، قال: حدثني «طاوس» ولو رأيت طاوسا لعلمت أنه لا يكذب.
قرأت
في كتاب أبي الحسن العاصمي فيما أخبرهم محمد بن يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن عبد
الحكم قال: أخبرني الشافعي أو غيره.
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ
قال: قال أحمد بن طاهر صديقنا: حدثنا محمد ابن يحيى بن آدم المصري قال: حدثنا
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال:
سمعت الشافعي يقول: ذكر
«الزهري» عند «عمرو بن دينار» فقال عمرو: أي شيء عند الزهري؟ أنا لقيتُ جابراً،
ولم يلقه، ولقيتُ ابن عُمَر، ولم يلقهن ولقيت ابن عباس ولم يلقه. قال: فقدم
الزهري مكة فقيل لعمرو: جاء
(١) في الأم ٧/ ٦١: قال الشافعي رحمه
الله تعالى: ومن نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام لزمه أن يمشي إن قدر على
المشي ... قال الربيع: وللشافعي، رحمه الله تعالى قول آخر: أنه إذا حلف أن يمشي
إلى بيت الله الحرام فحنث، فكفارة يمين تجزيه من ذلك إن أراد بذلك اليمين. وهو
أيضا في الأم ٢/ ٢٢٨.
(٢) في ا: «أحمد» وهو تحريف.
الزهري.
فقال عمرو: احملوني إليه - وكان عمرو قد أقعد - فَحُمِل إليه فلم يأت إلى
أصحابه إلا بعد ليل، فقيل له: كيف رأيت؟ فقال: والله ما رأيت مثل هذا القرشي
قط.
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس: محمد بن
يعقوب قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال:
أخبرنا الشافعي قال: حدثني
ابن سعد بن إبراهيم قال: سألت «الزهري» عن شيء من أمر الخُلع فقال: إن عندي فيه
ثلاثين حديثا ما سألني عنها أحد قط.
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي
قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا إبراهيم بن إبراهيم النسائي قال:
حدثنا أبو الحديد: عبد الوهاب بن سعد قال: حدثنا محمد بن نصر الخواص قال: حدثنا
عمرو بن سواد [١] قال: قال الشافعي: لولا «الزهري» ذهبت السنن من المدينة.
أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ وأبو عبد الرحمن السلمي قالا: سمعنا أبا العباس: محمد بن
يعقوب يقول: سمعت الربيع بن سليمان يقول:
سمعت الشافعي يقول [٢]:
لولا «مالك» و «سفيان» لذهب علم أهل الحجاز.
(١) في ا: «عمر بن
سوار» وهو خطأ.
(٢) الحلية ٩/ ٧٠، ومقدمة الجرح والتعديل ص ٤٢ ومسند
الشافعي ص ١١٢ - ١١٣ وفي ح: حدثنا عمرو بن سواد قال: قال الشافعي: لولا الزهري
ذهبت السنن من المدينة، وعن الربيع قال: سمعت الشافعي يقول: لولا مالك ...».
أخبرنا
محمد بن عبد الله الحافظ، ومحمد بن الحسين السلمي قالا: سمعنا أبا العباس الأصم
يقول: سمعت الربيع يقول:
سمعت الشافعي يقول:
إذا وجدت
«لمالك) حديثا صحيحا فشدّ يدك به؛ فإنه حجة.
أخبرنا أبو عبد الله
الحافظ قال: سمعت أبا العباس: محمد بن يعقوب يقول: سمعت الربيع بن سليمان
يقول:
سمعت الشافعي يقول [١]: إذا ذُكر العلماء «فمالك» النجم.
أخبرنا
محمد بن الحسين السُّلمي قال: سمعت أبا محمد: عبد الله بن محمد بن علي يقول:
سمعت محمد بن إسحاق يقول: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول:
سمعت
الشافعي يقول: إذا جاء الأثر «فمالك» النجم.
أخبرنا أبو علي: الحسين
بن محمد الروذبادي قال: سمعت محمد بن يعقوب الأصم.
وأخبرنا أبو عبد
الرحمن الصيرفي قال: سمعت أبا العباس - هو الأصم - يقول: سمعت الربيع بن سليمان
يقول:
سمعت الشافعي يقول: كان «مالك» إذا شك في شيء من الحديث تركه
كله [٢].
(١) مقدمة الجرح والتعديل ص ١٤.
(٢) مقدمة
الجرح والتعديل ص ١٤. والحلية ٩/ ٧٠.
أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي
قال: سمعت أبا عبد الله: محمد بن العباس يقول حدثنا أحمد بن محمد بن عمر القرشي
قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول:
سمعت الشافعي يقول:
إذا
شك الناس في الشيء تقدموا، وإذا شك «مالك» في الشيء تأخر.
أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا محمد: عبد الله بن محمد بن زياد يقول: سمعت
محمد بن إسحاق: أبا بكر يقول: سمعت ابن عبد الحكم يقول:
قيل
للشافعي: من نَسَج البِساطَ «لمالك»؟ فقال الشافعي: «عمر بن الخطاب» قيل له:
أين؟ قال: قال «عمر بن الخطاب»: من وهب هبة يرى أنه يريد ثوابها فهو أحق بها ما
لم يثب منها.
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا عمر بن أحمد
بن شاهين قال: حدثنا أحمد بن نصر قال: حدثنا محمد بم عقيل الفريابي قال: حدثنا
محمد بن يحيى بن أبي عمرو قال:
سمعت الشافعي يقول: «مالك»
أستاذي.
* * *
أخبرنا أبو طاهر الفقيه وأبو عبد الله
الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا: حدثنا أبو
العباس: محمد بن يعقوب قال: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول:
سمعت
الشافعي يقول:
قال «مالك»: الحبس الذي جاء محمد، صلى الله عليه
وسلم، بإطلاقه هو الذي في كتاب الله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ
وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ [١]} قال محمد بن عبد الله: كلم
به مالك أبا يوسف عند أمير المؤمنين [٢]:
أخبرنا أبو عبد الله
الحافظ قال: أخبرني الحسين بن علي التميمي قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم
قال: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول:
سمعت الشافعي
يقول:
اجتمع «مالك» و «أبو يوسف» عند أمير المؤمنين فتكلما في
الوقوف وما يحبسه الناس، فقال يعقوب: هذا باطل. قال شريح: جاء محمد، صلى الله
عليه وسلم، بإطلاق الحبس. فقال مالك: إنما جاء محمد بإطلاق ما كانوا يحبسونه
لآلهتهم من البَحيرة والسائبة. فأما الوقوف فهذا «وقف عمر بن الخطاب» حيث
استأذن النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: حبِّس أصلها وسبِّل ثمرتها.
وهذا
«وقف الزبير» فأعجَب الخليفةَ ذلك منه. وبقى يعقوب [٣].
وقرأت في
كتاب زكريا بن يحيى الساجي حدثني عبد الرحمن بن عبد الله قال: سمعت الحسين بن
علي يقول:
سمعت الشافعي يقول:
(١) سورة المائدة: ١٠٣.
(٢)
السنن الكبرى ٦/ ١٦٣ والأم ٣/ ٢٧٥، ٢٨٠.
(٣) السنن الكبرى ٦/
١٦٣.
حج هارون الرشيد فقال له جعفر: يا أمير المؤمنين قد اجتمع
عندكم عالم العراق وعالم الحجاز: «مالك» و «أبو يوسف» فإن رأى أمير المؤمنين أن
يأمر بهما، يتناظران. فقال هارون لمالك: يا أبا عبد الله، ناظر أبا يوسف قال:
فأمسك، فأعاد عليه فأمسك قال: فقال مالك: يا أمير المؤمنين، إنما يناظِر
العالِمُ العالِمَ ليتعلم الناس فيما بينهم، أو عالمُ يتعلم منه. فأما هذا فقد
باعده الله من ذلك. قال:
فاشتد ذلك على هارون فقال له «مالك»: يا
أمير المؤمنين، نشدتك بالله، هل تعلم أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صدَّق
ماله؟ وأبو بكر صدَّق ماله؟ وعمر كذلك؟
فقال: اللهم نعم.
قال:
فهذا يزعم أن فعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والأئمة الراشدين باطل.
قال:
فقال هارون: يا أبا يوسف، ما تقول في الوقف؟
قال: كان أبو حنيفة لا
يراها، وأنا فقد رأيت أن أخرجها إذا كان من الثلث قال: فأعرض هارون عنه.
*
* *
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني الحسين [١] بن أبي
الحسن الدارمي،
(١) في ا: «الحسن».
قال: حدثنا عبد
الرحمن بن محمد الحنظلي قال: حدثنا أبي قال:
حدثنا حرملة بن يحيى
قال: لم يكن الشافعي يقدِّم على «مالك» في الحديث أحداً.
أخبرنا أبو
عبد الله قال: سمعت علي بن عيسى بن إبراهيم الحيرى يقول: سمعت أحمد بن خالد
الدامغاني يقول: سمعت أبا الطاهر يقول:
سمعت الشافعي يقول: ما أعلم
شيئا بعد كتاب الله أصح من «موطأ مالك».
وأخبرنا أبو عبد الله قال:
حدثنا دعلج بن أحمد قال: حدثني أحمد بن علي الأبار قال: حدثنا يونس بن عبد
الأعلى قال:
سمعت الشافعي يقول:
ما أعلم في الأرض كتابا
في العلم أكثر صوابا من «كتاب مالك».
وأخبرنا أبو عبد الله قال:
حدثنا أبو جعفر: محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي قال: حدثنا يحيى بن عثمان
[١] بن صالح قال: حدثنا هارون بن سعيد الأَيْلي قال:
سمعت الشافعي
يقول: ما كتاب، بعد كتاب الله عز وجل، أنفع للمسلمين من «موطأ مالك [٢]».
(١)
في ح: «يحي بن يحي».
(٢) الحلية ٩/ ٧٠.
أخبرنا محمد بن
الحسين السلمي قال: حدثنا الحسن بن رشيق - إجازة - قال: حدثنا عبد الله بن محمد
بن سليمان [١] المقدس قال: حدثنا محمد بن أبي عمر العبدي [٢] قال:
سمعت
محمد بن إدريس الشافعي يقول: «مالك بن أنس» معلمي، وعنه أخذنا العلم.
أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو تراب المذكر قال: حدثنا محمد بن المنذر بن
سعيد قال:
حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: لم يزل الشافعي
يقول بقول «مالك» ولا يخالفه إلا كما يخالف بعض أصحابه، حتى أكثر فتيان على
الشافعي من خَلْفه الألفاظَ التي لا تجوز؛ فحمله ذلك على أن [٣] وضع على
«مالك». وإلا فالدهر إذا سئل عن الشيء قال: هذا قول الأستاذ «مالك».
قلت:
هذا الذي ذكره ابن عبد الحكم في عذر الشافعي فيما وضع من الكتاب على مالك فإنه
يحتمل بعض الاحتمال.
وقد قرأت في كتاب أبي يحيى زكريا بن يحيى
الساجي فيما حدثه المصريون:
أن الشافعي إنما وضع الكتاب على «مالك»
أنه بلغه أن بأندلس كُمَّةً لمالك - يعني قلنسوة - يُستسقى بها. وكان يقال لهم:
قال رسول الله، صلى الله
(١) في ا: «مسلم».
(٢) في ا:
«العدني».
(٣) في ا: «ما».
عليه وسلم فيقولون: قال مالك:
فقال الشافعي: إن مالكا آدمي قد يخطئ ويغلط. فالذي دعاه إلى أن وضع عليه هذا
الكتاب: ذلك. وكان يقول: كرهت أن أفعل ذلك، ولكني استخرت الله في ذلك سنة كذا.
حكاه الساجي.
وأبين من هذا ما أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال:
حدثنا الحسن بن رشيق المصري، إجازة، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن آدم قال: حدثنا
الربيع بن سليمان قال:
سمعت الشافعي يقول:
قدمت مصر ولا
أعرف أن «مالكا» يخالف من الأحاديث [١] إلا ستة عشر حديثا، فنظرت فإذا هو يقول
بالأصل ويدع الفرع، ويقول بالفرع ويدع الأصل.
وهذا الذي حكاه عنه
الربيع هو الأصل في وضعه عليه. وذلك بَيِّنٌ في كتابه الذي وضعه عليه، وهو أنه
بدأ الكتاب بما [٢] أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال: حدثنا أبو العباس الأصم
قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال [٣]:
قال الشافعي رحمه الله: إذا
[٤] حدث الثقة عن الثقة حتى ينتهي إلى رسول
(١) في ح: (من
حديثه».
(٢) في ا: «ما».
(٣) الأم ٧/ ١٧٧.
(٤)
الذي في اختلاف مالك والشافعي:
سألت الشافعي: بأي شيء تثبت الخبر عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقال: قد كتبت هذه الحجة في كتاب
«جماع العلم». ...
فقلت: أعد من هذا مذهبك ولا تبال أن يكون فيه في
هذا الموضع.
فقال الشافعي: إذا حدث الثقة ... الخ.
الله،
صلى الله عليه وسلم. [فهو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم] [١].
ولا
يُترك لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، حديثٌ أبداً إلا حديث وجد عن رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، حديث يخالفه.
فإذا اختلفت الأحاديث عنه
فالاختلاف فيها وجهان:
أحدهما: أن يكون أحدهما بها ناسخ ومنسوخ
فنعمل بالناسخ ونترك [٢] المنسوخ.
والآخر: أن تختلف ولا دلالة على
أيّها [٣] الناسخ فنذهب إلى أثبت الروايتين.
فإن تكافأتا ذهبتُ إلى
أشبه الحديثين بكتاب الله وسنة نبيه، صلى الله عليه وسلم، فيما سوى ما اختلف
فيه الحديثان من سنته.
ولا يعدو حديثان اختلفا عن رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، أن يوجد فيهما [٤] هذا أو غيره مما يدل على الأثبت [٥] من
الرواية عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وإذا كان الحديث عن رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، لا مخالف له عنه، وكان يروى عمن دون رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، حديث يوافقه لم يزده قوة، وحديث النبي، صلى الله عليه وسلم،
مستغن بنفسه.
(١) ما بين القوسين من ح ومن الأم.
(٢) في
ا: أن يكون لها ناسخ ومنسوخ فعمل بالناسخ وترك المنسوخ».
(٣) ليست
في ح.
(٤) في ا. «فيها».
(٥) في ا: «ألا يثبت».
وإن
كان يروى عمن دون رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حديث يخالفه لم ألتفت إلى ما
خالفه، وحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم. أولى أن يؤخذ به.
ولو
علم من روي عنه خلاف [١] سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سنته اتبعها إن
شاء الله.
قال الربيع: قلت للشافعي: أفيذهب صاحبنا هذا المذهب؟
قال:
نعم، ذهبه في بعض العلم، وتركه في بعضه.
ثم ذكر ما ذهب فيه هذا
المذهب [٢].
ثم ذكر ما تركه لقول واحد من الصحابة أو لقول بعض
التابعين أو لرأي نفسه.
ثم ذكر ما ترك من أقاويل الصحابة، لرأي بعض
التابعين، أو لرأي نفسه.
وذكره مع هذا قوله في بعض ما ذهب إليه:
الأمر المجتمعَ عليه عندنا وهو مختَلفٌ فيه.
ولا يجوز ادعاء الإجماع
بالمدينة أو في غيرها، وفي القول الذي ادعى فيه الإجماع اختلاف.
وذكر
مثال [٣] ذلك في قوله: «اجتمع الناس على أن سجود القرآن إحدى عشرة وليس في
المُفَصَّل منها شيء [٤]».
(١) في ا: «بخلاف».
(٢) في ا:
«ما ذهب به المذهب».
(٣) ليست في ا.
(٤) راجع تفصيل
مناظرة الربيع للشافعي في الأم ٧/ ٢٤٨.
وقد روى «هو» [١] عن أبي
هريرة أنه سجد في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} .
وأخبرهم أن رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، سجد فيها، وأن [٢] عمر بن عبد العزيز أمر محمداً -
يعني ابن قيس - أن يأمر القراء أن يسجدوا في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} ،
وأن عمر بن الخطاب سجد في «النجم» [٣] وأن عمر وابن عمر سجدا في سورة الحج
سجدتين [٤].
فقد روى السجود في المفصّل عن النبي، صلى الله عليه
وسلم، وعن عمر، وأبي هريرة، وعمر بن عبد العزيز [٥] فمَن الناس الذين اجتمعوا
[٦] على أن لا سجود في المفصل.
ثم بسط الكلام إلى أن قال:
أكثر
الفقهاء على أن في المُفَصَّل سجوداً، وأكثر أصحابنا على أن في سورة الحج
سجدتين، و «هو [٧]» لا يعد في الحج إلا سجدة، ويزعم أن الناس اجتمعوا [٨] على
ذلك: وأي ناس يجتمعون وهو يروى عن عمر وابن عمر
(١) أي مالك في
الموطأ كتاب القرآن: باب ما جاء في سجود القرآن ١/ ٢٠٥ والسنن الكبرى ٢/
٣١٥.
(٢) لم ترد رواية عمر بن عبد العزيز في الموطأ من رواية يحيى
بن يحيى.
(٣) السنن الكبرى ٢/ ٣١٤، ٣٢٣، والموطأ ١/ ٢٠٦
(٤)
السنن الكبرى ٢/ ٣١٧ والموطأ ١/ ٢٠٥ - ٢٠٦.
(٥) الأم ٧/ ٢٤٨ وفيها
أن عمر بن عبد العزيز أمر محمد بن سلمة.
(٦) في ح: «اجتمعوا له».
(٧)
أي مالك.
(٨) في ا: «اجتمعوا له».
أنهما سجدا في الحج
سجدتين؟!.
وذكر من أمثال هذا ما يطول الكتاب بنقله.
وقال
في هذا الكتاب في بعض ما قال مالك: الأمر المجتمع عليه كذا. وليس فيه إجماع:
فياليت شعري [١]، من هؤلاء المجتمعون الذين لا يسمَّوْن فإنا لا نعرفهم؟ والله
المستعان، ولم يكلِّف الله أحداً أن يأخذ دينه عمن لا يعرفه [٢].
وهذا
فيما أخبرناه أبو سعيد بن أبي عمرو قال: حدثنا أبو العباس الأصم قال: أخبرنا
الربيع قال: أخبرنا الشافعي. فذكره.
* * *
وأخبرنا أبو
سعيد بن أبي عمرو قال: حدثنا أبو العباس الأصم قال: حدثنا الربيع بن سليمان
قال: حدثنا الشافعي قال:
حدثنا مالك، عن أبي الزبير، عن عطاء بن أبي
رباح، عن «ابن عباس»: أنه سئل عن رجل وقع على أهله وهو محرم بمنى قبل أن يُفيض؟
فأمره أن ينحر بَدَنَة [٣].
قال الشافعي: وبهذا نأخذ.
وقال
«مالك»: عليه عمرة وبدنة وحجّه تام [٤] ورواه عن «ربيعة». فترك قول ابن عباس
لرأي ربيعة [٥].
(١) عن الأم ٣/ ١٩٤، وانظر الأم ٢/ ٢١٦.
(٢)
في الأم بعد هذا: «ولو كلفه أفيجوز له أن يقبل عمن لا يعرف؟ إن هذه لغفلة
طويلة. ولا أعرف أحداً يؤخذ عنه العلم يؤخذ عليه مثل هذا في قوله».
(٣)
الموطأ، كتاب الحج: باب من أصاب أهله قبل أن يفيض ١/ ٣٨٤.
(٤)
الموطأ في الموضع السابق.
(٥) في الموطأ، وقال بعقبه: وذلك أحب ما
سمعت إلى في ذلك.
[م - ٣٣] مناقب
ورواه عن ثور بن زيد عن
«عكرمة» يظنه عن ابن عباس [١]، وهو سيء القول في «عكرمة» لا يرى لأحد أن يقبل
حديثه [٢]، وهو يروى بيقين عن عطاء عن ابن عباس خلافه، وعطاء الثقة عنده وعند
الناس.
والعجب له أن يقول في «عكرمة» ما يقول، ثم يحتاج إلى شيء من
علمه يوافق قوله فيسميه مرة ويروى عنه ظنا ويسكت عنه أخرى.
ويروى عن
ثور بن زيد عن ابن عباس في «الرضاع [٣]» و «ذبائح نصارى العرب [٤]» وغيره،
ويسكت عن «عكرمة»، وإنما يحدِّثه ثور عن «عكرمة».
(١) في الموطأ عن
ثور بن زيد الديلي، عن عكرمة مولى ابن عباس، قال: لا أظنه إلا عن عبد الله بن
عباس أنه قال: الذي يصيب أهله قبل أن يفيض: يعتمر ويهدي.
(٢) في
التهذيب ٧/ ٢٦٨: وقال إبراهيم بن المنذر عن معن بن عيسى وغيره: كان مالك لا يرى
عكرمة ثقة ويأمر أن لا يؤخذ عنه، وقال الدوري عن ابن معين: كان يكره عكرمة،
قلت: فقد روى عن رجل عنه؟ قال: نعم. شيء يسير، ثم نقل قول الشافعي المذكور
هنا.
(٣) في الموطأ ٢/ ٦٠٢ عن ثور بن زيد الديلي، عن عبد الله بن
عباس أنه كان يقول: «ما كان في الحولين، وإن كان مصة واحدة فهو يحرم».
وهو
في تفسير ابن كثير ١/ ٨٥٥ من رواية الدراوردي، عن ثور، عن عكرمة. وكانت وفاة
ثور بن زيد الديلي سنة ١٣٥ وترجمته في تهذيب التهذيب ٢/ ٣١ - ٣٢ وميزان
الاعتدال ١/ ٣٧٣ وفيه: قال البيهقي: «مجهول»!.
(٤) حيث روى في
الموطأ ٢/ ٤٨٩: عن ثور بن زيد الديلي، عن عبد الله، أنه سئل عن ذبائح نصارى
العرب؟ فقال: لا بأس بها. وتلا هذه الآية: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ
فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} .
وفي الأم ٢/ ١٩٦. ولم يدرك ثور ابن عباس.
وهذا
من الأمور التي ينبغي لأهل العلم أن يتحفظوا منها فيأخذ بقول ابن عباس: «مَنْ
نَسِى من نُسْكه شيئا أو تركه فليُهْرق دما» فيقيس عليه ما شاء الله من الكثرة،
ويترك قوله في غير هذا منصوصا لغير معنى!.
هل رأى أحداً قطّ تم [١]
حجُّه فعمل في الحج شيئاً لا ينبغي له - فقضاه بعمرة؟!.
وكيف
يَعْتَمِرُ عنده وهو في [٢] بقية مِنْ حِجِّه؟ فإن قلتم: يعتمر بعد الحج، فكيف
يكون حجٌّ قد خرج منه كله وقضى عنه حجة الإسلام وخرج من إحرامه بالحج، ثم يقول:
عليه إحرام بعمرة، عن حج؟ ما علمت أحداً من مفتي الأمصار قال هذا قبل «ربيعة»
إلا ما روى عن «عكرمة».
وهذا من قول «ربيعة» عفا الله عنا وعنه، من
ضرب: «من أفطر يوما من شهر رمضان قضى باثني عشر يوما»، ومن قبّل امرأته [٣] وهو
صائم اعتكف ثلاثة أيام». وما أشبه هذا من أقاويل كان يقولها!!.
وأخبرنا
أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو الوليد الفقيه قال: حدثنا إبراهيم بن محمد
قال: سمعت الربيع يقول: قال الشافعي:
قال «ربيعة»: من أفطر من رمضان
يوما قضى اثني عشر يوما؛ لأن الله تعالى اختار شهراً من اثني عشر شهراً، فعليه
أن يقضي بدلا من يوم اثني عشر يوماً.
(١) ليست في ح.
(٢)
ليست في ا.
(٣) في ح: «امرأة».
فقال الشافعي: يلزمه أن
يقول: من ترك الصلاة [ليلة القدر لزمه ألف يوم لأن [١]] ليلة القدر خير من ألف
شهر.
قلت: وإنما حملني على بيان ما حمل الشافعي، رضي الله عنه، على
خلاف مالك في بعض المسائل إبلاء [٢] عذره في ذلك. ومع خلافه إياه هو قائل بفضله
وتقدُّمه فيما هو مقدّم فيه من الحديث وغيره. رحمنا الله وإياه.
وقد
ذكرنا في هذا الكتاب مناظرة الشافعي لمحمد بن الحسن في تقديم مالك.
وحين
وضع ذلك الكتاب لم يقصد به الردّ على مالك، ولم يصرح به.
وحين قال
له الربيع - وكان يذهب في الابتداء مذهب مالك: فاذكر مما روينا شيئا [٣] - يعني
فخالفناه - فقال الشافعي: لا أرب لي في ذكره وإن سألتني عن قولي لأُوَضّح لك
الحجة فيه.
قال الربيع: فقلت للشافعي: لست أريد مسألتك ما كرهت من
ذكر أحد، ولكني أسألك في أمر أحبّ أن توضّح لي فيه الحجة. قال: فسل. فجعل
الربيع يسأله وهو يجيب.
وجملة الكتاب فيما قرأته على أبي سعيد بن
أبي عمرو أن أبا العباس الأصم حدثهم قال: حدثنا الربيع قال: حدثنا الشافعي.
فذكره.
(١) زيادة واجبة.
(٢) في ح: «إبداء».
(٣)
في الأم ٧/ ١٨٤: «فقلت للشافعي: فاذكر مما روى شيئا، فقال: لا أرب».
أخبرنا
أحمد بن منصور التاجر قال: حدثنا أبو علي: الحسن بن حفص ابن الحسن القضاعي ثم
الأندلسي قال: حدثنا أبو الحسين: علي بن الحسن القطان البلخي قال: حدثنا عبد
العزيز [١] بن جعفر قال: حدثنا محمد بن عبد الغني قال: حدثنا أبي قال:
قلت
للشافعي: يا أبا عبد الله، رأيت أحدا ممن أدركت مثل مالك بن أنس؟ فقال أبو عبد
الله الشافعي: سمعت مَنْ تقدَّمَنا في السن والعلم يقولون: لم نَرَ مثل مالك
فكيف نرى مثله؟
ثم قال الشافعي: إن مالكا كان مقدَّماً عند أهل
العلم، قديما بالمدينة والحجاز والعراق، قديم الفضل معروفا عندهم بالإتقان في
الحديث ومجالسة العلماء. وكان ابن عيينة إذا ذكره رفع بذكره ويحدث عنه، وكان
مسلم بن خالد الزِّنْجي - وهو مفتي أهل مكة وفقيهُها في زمانه - يقول: جالست
مالك بن أنس في حياة جماعة من التابعين منهم: زيد بن أسلم، ويحيى بن سعيد،
وهشام بن عروة.
وقال الشافعي: كان «مسلم بن خالد» حين أردتُ الخروج
إلى «مالك» كتب لي إليه كتابا فأخذ كتابه مني وقرأه [٢].
سمعت
الحكاية من أحمد بن منصور بقراءة شيخي عليه وصح ذلك.
وأخبرنا أبو
عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا زكريا: يحيى بن محمد العنبري
(١) في
ا: «عبد الله».
(٢) توالي التأسيس ٥٠.
يقول: سمعت أبا
العباس الأزهري يقول: سمعت النوفلي يقول:
سمعت الشافعي يقول:
ما
أعلم على وجه الأرض كتابا أنفع للمسلمين من «موطأ مالك».
ثم قال
الشافعي: لولا مالك وابن عيينة مَنْ كان يحفظ أحاديث أهل الحجاز؟
أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا دعلج بن أحمد قال: حدثنا أحمد ابن علي الأبَّار
قال: حدثنا أحمد بن خالد - يعني الخلال قال:
قال الشافعي: قيل لمالك
بن أنس: عند ابن عيينة أحاديث عن الزهري (١ ليست عندك، قال: وأنا أحدث عن
الزهري ١) بكل ما سمعت؟ إذا أريد أن أضلّهم [٢].
وقرأت في كتاب
العاصمي عن الزبير بن عبد الواحد، عن أحمد بن يحيى قال: سمعت الربيع يقول:
سمعت
الشافعي يقول: سمعت «مالك بن أنس» يقول [٣] ليس يَسْلَم رجلٌ يحدِّث بكُل ما
سمع.
أخبرنا أبو سعد: أحمد بن محمد الماليني قال: أخبرنا أبو أحمد
بن عدي الحافظ قال: حدثنا الحسن بن إسحاق الخولاني، والحسين بن محمد بن الضحاك
قالا: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال:
(١) ما بين الرقمين ساقط من ا.
والخبر في الحلية ٦/ ٣٢١ - ٣٢٢.
(٢) آداب الشافعي ١٩٩.
(٣)
سقطت من ا.
قال لي الشافعي: إذا جاء الحديث فمالكٌ النَّجم [١].
قال:
وسمعته يقول: مالك وابن عيينة القَرِينَان [٢].
أخبرنا أبو عبد الله
الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن حيان قال: حدثنا محمد - يعني ابن عبد
الرحمن بن زياد قال: حدثنا الحسن بن علي الطوسي قال: حدثنا أبو إسماعيل: محمد
بن إسماعيل السُّلَمي قال؟ سمعت البُوَيْطي يقول:
سئل الشافعي فقيل
له: كم أصول الأحكام؟ فقال: خمسمائة. قيل له: فكم أصول السُّنن؟ قال: خمسمائة.
فقيل له: كم منها عند مالك؟ قال: كلها إلا خمسةً وثلاثين. قيل له: كم عند ابن
عيينة؟ قال: كلها إلا خمسة.
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال:
أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس قال:
حدثني أبي قال: حدثنا حرملة قال:
سمعت الشافعي يقول: كان على
المدينة «الهاشمي» فأرسل إلى «مالك» فقال: أنت الذي تفتي في الإكراه وإبطال
البيعة؟ فضربه مُجَرِّداً ثيابه حتى أصاب كتفه خلع، فكان لا يزر أزراره
بيده.
قال حرملة: «الهاشمي» هو جد جعفر الهاشمي.
قال
حرملة: قال ابن وهب: مكث مالك بن أنس حتى مات لا يقدر أن يزر زره بيده اليسرى
من شدة ما مُدَّ حيث ضُرب.
(١) ترتيب المدارك ٢/ ٧٠، والحلية ٦/
٣١٨، والانتقاء ٢٣.
(٢) مقدمة الجرح والتعديل ص ٣٣، والحلية ٦/ ٣١٨،
وآداب الشافعي ٢٠٤، ٢٠٥.
قلت: وزعم الواقدي أن الذي ضربه «جعفر بن
سليمان بن علي». وكذلك قاله أبو داود السجستاني.
وقال غيرهما:
«سليمان بن جعفر بن سليمان».
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ في
التاريخ قال: سمعت أبا زكريا العنبري يقول: سمعت أبا عبد الله البوشنجي
يقول:
سمعت أبا عبد الرحمن الشافعي يقول: سمعت الشافعي يقول:
أنا
أعلم الناس فيم ضُرب مالك: كان بالمدينة والٍ زبيري، أراه قال: «بَكار الزبيري»
فبلغه أن مالكا سُئل عن عثمان وعلي فقال: لست أجعل مَنْ خاض الدماء كمَنْ لم
يخضها. قال: فاعتل عليه بأيمان البيعة فضربه، فبلغ الرشيد فأنكره وعزل العامل
[١].
* * *
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو
محمد: دعلج بن أحمد السجزي قرأته عليه في كتابه قال: حدثنا علي بن أحمد الأبّار
قال: حدثنا أحمد ابن خالد قال:
حدثنا الشافعي قال: قلت الزنجي بن
خالد: عند سفيان بن عيينة عن الزهري أحاديث ليس عندك؟ فقال: أنا إنما سمعت قبل
ابن عيينة: جئت فجلست إلى الزهري فقال لي: أي شيء اسم هذا الجبل؟ وأي شيء كذا؟
وأي شيء كذا؟ فجاءه ابن عيينة فسأله عن هذه الأحاديث.
(١) ترتيب
المدارك ٢/ ١٣٠ - ١٣١، والتحفة اللطيفة ١/ ٤٠٥، ٤٠٦، والعقد الثمين ٢/ ٤١٩،
وآداب الشافعي ٢٠٣، ٢٠٤.
أخبرنا أبو سعد الماليني قال: حدثنا أبو
أحمد بن عدي قال: حدثنا الحسن بن إسحاق الخولاني قال: حدثنا يونس بن عبد
الأعلى.
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا سَهْل: محمد بن
سليمان الفقيه إمام الشافعيين في عصره يقول: سمعت أبا بكر: محمد بن إسحاق يقول:
سمعت:
وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: سمعت الشيخ أبا سهل: محمد
ابن سليمان يقول: أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: حدثني يونس ابن عبد
الأعلى قال:
قال الشافعي: لم أر أحداً جمع الله فيه من آلة الفتوى
[١] ما جمع في «ابن عيينة» أمسك عنه منه.
وفي رواية الماليني: ما
رأيت وقال: أَوْقَف أو أَجْبن عن الفتيا منه [٢].
وأخبرنا أبو عبد
الله الحافظ قال: أخبرنا أبو أحمد الدارمي قال: حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن
محمد الحنظلي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حرملة بن يحيى قال:
سمعت
الشافعي يقول:
ما أدركت أحداً من الناس فيه من آلة الفُتْيا ما في
«سفيان بن عيينة» وما رأيت أحداً أكفّ عن الفُتْيَا منه، وما رأيت أحداً أحسن
تفسيراً للحديث منه [٣].
* * *
أخبرنا محمد بن عبد الله
الحافظ قال: أخبرني محمد بن يوسف الدقيقي
(١) في ا: «الفنون» وهو
خطأ.
(٢) آداب الشافعي ٢٠٥ - ٢٠٦، ومعرفة علوم الحديث للحاكم ص
٦٥.
(٣) آداب الشافعي ص ٢٠٦، ومقدمة الجرح والتعديل ص ٣٢ - ٣٣.
قال:
سمعت حامد بن الشرقي الحافظ يقول: سمعت محمد بن إسحاق يذكر عن الربيع بن أبا
سليمان:
سمعت الشافعي يقول: ما رأيت رجلا أشبه فقهه بحديثه من
«الأوزاعي».
أخبرنا أبو سعد الماليني قال: حدثنا أبو أحمد بن عدي
قال: حدثنا محمد ابن يحيى بن آدم، ويحيى بن زكريا بن حَيْوةَ [١] قالا: حدثنا
محمد بن عبد الله ابن عبد الحكم.
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال:
أخبرني أحمد بن محمد المسافري [٢] قال: حدثنا محمد بن المنذر الهروي قال: حدثنا
ابن عبد الحكم قال:
سمعت الشافعي يقول: قال «الزهري»: لا يزال بهذه
الخَرَّة علم ما دام بها ذاك الأحول. يريد محمد بن إسحاق. لفظهما سواء.
أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني نصر بن محمد بن أحمد الصوفي قال: حدثنا أبو
إسحاق: إبراهيم بن محمد بن أحمد البخاري [٣] ببغداد، وقد كتبت أنا عن الشيخ
بنيسابور قال: حدثنا العباس بن عمر [٤] بن القطان المروزي قال: حدثنا حرملة بن
يحيى التُّجيبي قال:
سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول:
الناس
عيال على هؤلاء: من أراد أن يتبحَّر في المغازي فهو عيال على «محمد بن إسحاق بن
يسار».
(١) في ا: «حيوية».
(٢) في ح: «المسامري».
(٣)
في ح: «النماري».
(٤) في ح: «ابن عزير».
ومن أراد أن
يتبحر في الشعر فهو عيال على «زُهير بن أبي سُلْمى».
ومن أراد أن
يتبحر في تفسير القرآن فهو عيال على «مقاتل بن سليمان».
وأخبرنا أبو
عبد الله قال: سمعت أبا أحمد الحافظ قال: حدثنا أبو محمد: عبد الله بن جامع
الحُلْواني [١] قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح المصري قال: سمعت حرملة بن
يحيى يقول: سمعت الشافعي يقول: من أراد الحديث الصحيح فعليه بمالك.
ومن
أراد الجدل فعليه بأبي حنيفة.
ومن أراد التفسير فعليه بمقاتل بن
سليمان.
أخبرنا أبو عبد الله: محمد بن عبد الله قال: أخبرنا دعلج بن
أحمد بن دعلج السجزي ببغداد قال: حدثنا أحمد بن علي الأبّار قال: حدثنا أحمد بن
يحيى ابن وزير قال:
سمعت الشافعي، وذكر داود بن قيس الفرّاء، وأفلح
بن حميد الأنصاري فرفع بهما في الثقة والأمانة والإتقان لما رَوَوْا.
أخبرنا
محمد بن عبد الله قال: أنبأنا أبو زكريا العنبري قال: حدثنا أبو عبد الله: محمد
بن إبراهيم البوشنجي قال:
قال إسحاق بن إبراهيم: قلت للشافعي: ما
حال «جعفر بن محمد» عندكم؟ فقال: ثقة كتبنا عن إبراهيم [٢] بن أبي يحيى عنه
أربعمائة.
أخبرنا أبو الحسن: محمد بن يعقوب الفقيه قال: حدثنا أبو
أحمد
(١) في ح: «الخولاني».
(٢) في ا: يعد كتبا عن
إبراهيم بن أبي يحيى ...».
ابن عدي قال: حدثنا إبراهيم بن السمرقندي
بمصر قال: سمعت أبا عبد الله ابن أحمد بن [أخي بن وهب [١]] قال:
سمعت
الشافعي يقول: «الليث» أفقه من «مالك» إلا أن أصحابه لم يقوموا به [٢].
أخبرنا
أبو عبد الرحمن السلمي قال: سمعت إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي يقول: سمعت
محمد بن المسيّب يقول: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول:
سمعت الشافعي
يقول: ما فاتني أحد فأسفت عليه ما أسفت على الليث وابن أبي ذئب [٣].
وكذلك
رواه عبد الرحمن بن أبي حاتم عن يونس.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ
قال: أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن، قال: حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن أبي حاتم
قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال:
قال لي الشافعي: ما اشتد عليّ
فوت [٤] أحد من العلماء مثل فوت «ابن أبي ذئب» و «الليث بن سعد» فذكرت ذلك لأبي
فقال: ما ظننت أنه أدركهما حتى تأسف عليهما [٥].
(١) ما بين القوسين
سقط من ا.
(٢) الرحمة الغيثية لابن حجر ص ٦.
(٣) توالي
التأسيس ٥١، وحلية الأولياء ٩/ ٧٤، ١٠٩، وتاريخ بغداد ٢/ ٣٠٠ - ٣٠١.
(٤)
في ا: «موت» وهو خطأ.
(٥) آداب الشافعي ص ٢٩، ونقلها ابن حجر في
توالي التأسيس ٥١. وعقب عليها بقوله: قلت: أما الليث فادركه؛ فإنه حين اجتمع
بمالك وقرأ عليه في الموطأ كان موجودا لكن بمصر. وأسف أن لا يكون له إذ ذاك -
معرفة بقدر الليث فكان يرحل إليه. أو كان يعرف لكن لم يكن له قدرة على الرحلة
إليه، فأسف على فوته، وأما ابن أبي ذئب =
وأخبرنا محمد بن عبد الله
الحافظ قال: سمعت الحسين بن محمد الدارمي يقول: سمعت أبا بكر: محمد بن إسحاق
يقول: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول:
قال الشافعي رضي
الله عنه: ما فاتني أحد فيمن أدركت زمانه كان أشدَّ علي من «الليث بن سعد» و
«ابن أبي الزناد [١]» كذا قال، ولعله قالهما مع الليث فحفظ أحدهما يونس، والآخر
ابن عبد الحكم. والله أعلم.
* * *
أخبرنا أبو سعد: أحمد
بن محمد بن الخليل الماليني قال: حدثنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال: حدثنا أحمد
بن علي قال: حدثنا بحر بن نصر عن الشافعي قال:
كان «المنصور بن
المعتمر» حافظاً عندهم.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو
الوليد: حسان بن محمد الفقيه قال: حدثنا إبراهيم بن محمود قال: سمعت محمد بن
عبد الله بن عبد الحكم يقول:
سمعت الشافعي وسأله يونس بن عبد
الأعلى: إذا روى الحديث: «منصور»، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، أتقوم به
حجة؟ قال: لا حتى يروى بالحجاز وإن كان منقطعا مع ذلك. وإنّ بالعراق قوما
صالحين ما يُستظهر عليهم بأحد.
= فمات والشافعي ابن تسع سنين
بالمدينة، والشافعي إذ ذاك صغير.
ولا يلزم من ذلك أن لا يصح منه
الأسف على فوت لقيه. بمعنى أنه أسف أن لا يكون له إدراك زمانه.
(١)
في ا: «ابن أبي زياد».
وبهذا الإسناد قال إبراهيم بن محمود: وقلت
للربيع: سمعتَ الشافعي يقول: إذا جاوز الحديث الحرمين ضعف نُخُاعُه؟ قال: نعم
[١].
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني دعلج بن أحمد السجزي
قال:
حدثنا أحمد بن علي الأبار قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى
قال:
قال الشافعي رضي الله عنه في شيء ناظرته فيه: والله ما أقول لك
إلا نُصْحاً: إذا وجدت أهل المدينة على شيء فلا يدخلن قلبَك شكٌّ أنه الحق. وكل
ما جاءك وإن صح وقوى كلّ القوة ولم تجد له بالمدينة أصلا وإن ضعف - فلا تعبا به
ولا تلفتْ إليه.
وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا أبو
الحسن: علي بن محمد ابن عمر الرازي الفقيه قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم
قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول:
سمعت الشافعي يقول: والله لو صح
الإسناد من أصحاب أهل العراق غاية ما يكون من الصحة ثم لم أجد له أصلاً - يعني
بالمدينة ومكة - على أي وجه كان، مرسلا عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أو
متصلاً، أو قال به واحد من علماء الحجاز، أو على أي وجه كان - لم أكن أعبأ بذلك
الحديث على أي صِحَّة كان.
هكذا كان يقول الشافعي، رضي الله عنه،
وكذلك كان يقول مالك ابن أنس والمتقدمون من أهل الحجاز؛ لما ظهر من تدليسات -
يعني أهل العراق،
(١) آداب الشافعي ص ٢٠٠.
والزيادات
التي وقعت في رواياتهم. وقد ذكرنا قول السلف في ذلك في «كتاب المدخل» فطَلَبُوا
فيما رُوي من روايات أهل الحجاز ما يؤكده.
وأخبرنا أبو عبد الله
الحافظ قال: أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن قال: حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن
أبي حاتم قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم.
وأخبرنا أبو
سعد: أحمد بن محمد بن محمد بن الهروي قال: حدثنا أبو أحمد ابن عدي قال: حدثنا
يحيى بن زكريا بن حَيّوية قال: قرئ على محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال:
سمعت
الشافعي يقول: حدث شعبة عن حماد عن إبراهيم بحديث. قال شعبة: فلقيت حمادا فقلت
له: أما سمعتَ من إبراهيم؟ قال: لا، ولكن حدثني مغيرة. قال: فذهبت إلى مغيرة
فقلت له: إن حمادا أخبرني عنك بكذا وكذا. فقال: صدق. قلت: سمعتَ من إبراهيم؟
قال: لا، ولكن حدثني منصور. فلقيت منصورا فقلت: حدثني عنك مغيرة بكذا وكذا.
فقال: صدق. فقلت سمعتَ من إبراهيم؟ قال: لا، ولك حدثني الحكم. فجهدت أن أعرف من
طريقه فلم أعرفه ولم يمكني [١].
قال عبد الرحمن: فذكرته لأبي فقال:
هذا حديث إبراهيم في الضحك في الصلاة.
قلت: ثم قام بهذا العلم جماعة
من أهل العراق وغيرهم فميزوا صحيح رواياتهم من سقيمها، ومن دلَّس منهم ومن لم
يُدلّس، فقامت الحجة بما صح منها.
(١) معرفة السنن والآثار للبيهقي
١/ ٧٢.
وعاد إلى القول به الشافعيُّ رحمه الله أيضا. والله أعلم.
وذلك
فيما أخبرنا أحمد بن أحمد بن محمد بن الخليل الصوفي قال: أخبرنا عبد الله بن
عدي قال: حدثنا علي بن أحمد المدائني قال: حدثنا بحر بن نصر، قال:
أملى
علينا الشافعي، رحمه الله، قال: مَنْ عُرِفَ من أهل العراق ومن أهل بلدنا
بالصدق والحفظ - قبلنا حديثه. ومن عرف منهم ومن أهل بلدنا بالغلط رددنا حديثه.
وما حَابَيْنَا أحداً، ولا حملنا عليه.
وأخبرنا محمد بن عبد الله
قال: أخبرني نصر (٢ بن محمد بن أحمد العدل [١] قال: حدثنا عمر بن الربيع بن
سليمان، بمصر، قال: حدثنا الحضرمي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:
حدثني أبي قال:
قال لنا الشافعي: أنتم أعلم بالحديث والرجال مني،
فإذا كان الحديث الصحيح فأعلموني، إن شاء، يكون كوفيا أو بصريا أو شاميا؛ حتى
أذهب إليه إذا كان صحيحا [٢].
وهذا لأن أحمد بن حنبل كان من أهل
العراق، فكان أعلم برجالها من الذي لم يكن من أهلها، وكان أحمد عند الشافعي من
أهلها، وكان أحمد عند الشافعي من أهل العلم بمعرفة الرجال فكان يرجع إلى قوله
فيهم [٣].
أخبرنا أبو عبد الرحمن السُّلَمي، وأبو زكريا بن أبي
إسحاق المزكي،
(١) في ح: «منصور. . . بن العدل» وهو خطأ.
(٢)
الحلية ٩/ ١٧٠، وتاريخ دمشق لوحة ٢٠٢ - ا.
(٣) تاريخ دمشق: الموضع
السابق.
وأبو أحمد: عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني، وأبو
عثمان بن عبدان في آخرين قالوا: أخبرنا أبو العباس: محمد بن يعقوب الأصم قال:
حدثنا يوسف بن عبد الله الخوارزمي قال: سمعت حرملة يقول:
سمعت
الشافعي يقول: خرجت من بغداد وما خلّفت بها أحداً أتقى ولا أورع ولا أعلم -
وأظنه قال: ولا أفقه - من «أحمد بن حنبل [١]».
* * *
أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو الوليد الفقيه قال: حدثنا الحسن ابن سفيان
[٢] قال: حدثنا حرملة بن يحيى.
وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال:
حدثنا أحمد بن محمد بن رُمَيح قال: حدثنا الحسن بن صاحب الشلشي [٣] قال: حدثنا
أبو حاتم قال: سمعت حرملة يقول: قال الشافعي:
لولا «شعبة» ما [٤]
عرف الحديث بالعراق. وكان يجئ إلى الرجل فيقول: لا تحدث وإلا استعديت عليك
بالسلطان [٥].
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو
الوليد الفقيه قال: حدثنا أبو عوانة: يعقوب بن إسحاق عن الربيع قال:
كان
الشافعي إذا قاس إنسان فأخطأ القياس قال: هذا قياس «شعبة» [٦].
(١)
طبقات الشافعية للعبادي ص ١٤.
(٢) في ح: «رشيق».
(٣) في
ح: «الحارث صاحب الشاشي».
(٤) في أ: «لما) ٩.
(٥) آداب
الشافعي ٢٠٩، ومقدمة الجرح والتعديل ص ١٢٧، والتذكرة ١/ ١٩٣.
(٦)
آداب الشافعي ٢٠٩.
[م - ٣٤] مناقب
قال الشافعي: وكان
«شعبة» - إذا أتاه الرجل يسأله عن مسألة - يسأل عن اسمه وموضوعه وصناعته، ثم
يجيب في مسألته، ويجئ أصحابه فيلقيها على أصحابه، فإن أصاب فذلك، وإن أخطأ ذهب
إليه وقال: يا هذا، ليس كما أفتيتك: الأمر كذا وكذا [١].
ورواه عبد
الرحمن بن أبي حاتم عن أبيه عن الربيع بأشبع [٢] من هذا الكلام قال: سمعت محمد
بن إدريس الشافعي يقول:
كان الرجل - إذا سأل «شعبة» عن مسألة - سأله
عن اسمه واسم أبيه وصناعته ومنزله، ثم يفتيه في ذلك، ثم يجئ إلى أصحابه
فيذاكرهم بالمسألة [٣]، فيقولون: هو كذا وكذا خلاف ما أفتى فيقول: نعم. فيأخذ
بيد أصحابه ويذهب إلى الرجل فيقول: ليس هو كما أفتيتك: هو كذا وكذا. قال: ثم لا
يمنعه بعد ذلك أن يستفتي في ذلك فيفتي فيه بذلك [٤].
أخبرنا أبو
سعيد: أحمد بن محمد الماليني قال: حدثنا عبد الله بن عدي الحافظ قال: حدثنا
الحسين بن محمد الضحاك، ويحيى بن زكريا بن حيوية وإسماعيل بن داود بن وردان -
كلهم بمصر - قالوا: حدثنا محمد بن عبد الله ابن عبد الحكم قال:
سمعت
الشافعي يقول: قال لي محمد بن الحسن: لو علمتُ أن «سيف بن سليمان» يروي حديث
اليمين مع الشاهد أفسدتُه. قال: فقلت يا أبا عبد الله، إذا أفسدتَه فسدَ
[٥].
(١) آداب الشافعي: الموضع السابق.
(٢) في أ: «ما
شبع» وهو تصحيف.
(٣) ليست في أ.
(٤) في أ: «كذلك».
(٥)
السنن الكبرى ١٠/ ١٦٧، والحلية ٩/ ١٠٨.
قلت: قد روينا عن يحيى بن
سعيد القطان أنه قال: كان «سيف بن سليمان» عندنا ثقةً ممن يحفظ ويصدق [١].
أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن، قال: حدثنا عبد الرحمن
- يعني ابن أبي حاتم الرازي - قال: أخبرني أبي قال: حدثنا حرملة بن يحيى
قال:
قال الشافعي: أنا استأذنت لابن وهب على إبراهيم بن سعد.
قال
أبو محمد - يعني ابن أبي حاتم - هذا يدل أنه كان حظيًّا عنده مستمكنا [٢] منه
حتى استأذن لابن وهب عليه [٣].
أخبرنا محمد بن الحسين قال: حدثنا
علي بن محمد بن عمر الفقيه قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سمعت أبي
يقول: حدثنا أحمد بن أبي سريح قال:
سمعت الشافعي يقول: يقولون
يحابي! ولو حابينا حابينا «الزهري [٤]». وإرسال «الزهري» ليس بشيء. وذاك أنك
تجده يروي عن «سليمان بن أَرْقَم [٥]».
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ
قال: أخبرني أبو ترب المذكر قال: حدثنا
(١) الكلمة في ترجمته. تهذيب
التهذيب ٤/ ٢٩٤. وكانت وفاته سنة ١٥٦، وله ترجمة في الميزان ٢/ ٢٥٥.
(٢)
في أ: «متمكنا».
(٣) آداب الشافعي ص ٢٩ - ٣٠.
(٤) آداب
الشافعي ص ٨٢، ومعرفة السنن والآثار ١/ ٨٢، والفقيه والمتفقه لوحة ١٢٢،
والكفاية ٣٨٦، والرسالة ٤٦٩.
(٥) قال ابن حبان في ترجمته في كتاب
المجروحين لوحة ٢١٨: كان ممن يقلب الأخبار، ويروى عن الثقات الموضوعات، وقال
عنه يحيى بن معين: ليس بشيء.
وله ترجمة في التاريخ الكبير ٢/ ٢/٣،
والضعفاء للعقيلي لوحة ١٥٦، وميزان الاعتدال ٢/ ١٩٦.
شكر الهروي
قال: حدثني يحيى بن عثمان بن صالح قال: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم
يقول:
سمعت الشافعي يقول: كان في «إبراهيم بن أبي يحيى» حمق، وكان
يدلس في الحديث.
قال الشافعي: قال إبراهيم: وصف لي أن أخرج هراوة
لإنسان من فأسه [١] ثم أبول فيه فيولد لي فقلت له: لم يولد لك وأنت شاب؛ فلما
كبرت وضعفت يولد لك؟!
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: [(٢ سمعت أبا
بكر: محمد بن جعفر بن أحمد بن موسى المزكي يقول: ٢)] سمعت أبا بكر: محمد بن
خزيمة يقول. ح.
وأخبرنا أبو عبد الرحمن السُّلَمي قال: سمعت محمد بن
أحمد بن حمدان يقول: سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: سمعت محمد بن عبد الله
بن عبد الحكم يقول:
سمعت الشافعي يقول: كان «ابن أبي يحيى» أحمق
قال: وكان لا يمكنه جماع النساء. فأخبرني رجل أنه رآه ومعه فأس فقلت له: ما
تريد أن تصنع؟ قال: بلغني أنه من بال في ثقب فأس أمكنه جماع النساء. فدخل خربة
فوضع الفأس فجعل يبول في ثقبه.
لفظ حديث السلمي. وفي رواية أبي عبد
الله: رأيته، وهو معه فأس.
أخبرنا أبو سعد الماليني قال: أخبرنا أبو
أحمد بن عدي قال: سمعت أحمد ابن علي المدائني يقول: سمعت الربيع يقول:
(١)
في الأصول: «هراوة الإنسان من رأسه».
(٢) ما بين الرقمين ليس في
ح.
سمعت الشافعي يقول: كان «إبراهيم بن أبي يحيى» قدريًّا.
وأخبرنا
أحمد بن محمد الصوفي قال: حدثنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن
حيوية قال: سمعت الربيع يقول:
سمعت الشافعي يقول: كان «إبراهيم بن
يحيى» قدريًّا.
قلت للربيع: فما حَمَل الشافعي على أن يروي عنه؟
قال: كان يقول: لأن يخرّ إبراهيم من بُعْدٍ أحبّ إليه من أن يكذب. وكان ثقة في
الحديث [١].
* * *
أخبرنا أبو عبد الرحمن السّلمي قال:
حدثنا أبو العباس الأصم قال: سمعت الربيع يقول:
كان الشافعي إذا
قال: أخبرنا الثقة فإنه يريد [به [٢]] يحيى بن حسان، وإذا قال: أخبرنا من لا
أتهم، يريد به إبراهيم بن أبي يحيى،
وإذا قال: بعض الناس يريد به
أهل العراق.
وإذا قال: بعض أصحابنا يريد به أهل الحجاز.
(١)
راجع التاريخ الكبير ١/ ١/٣٢٣، والصغير ص ٢١٣، والضعفاء للبخاري ص ٣، والضعفاء
للنسائي ص ٣، وتذكره الحفاظ ١/ ٢٤٦ - ٢٤٧، وتهذيب التهذيب ١/ ١٥٨ - ١٦١، ومناقب
الشافعي للفخر الرازي ص ٥٠. والضعفاء للعقيلي لوحة ٢١، والطبقات الكبرى لابن
سعد ٥/ ٤٢٥ ط. ب والكامل لابن عدي ٢/ ٢٣ - أ، والمجروحين لابن حبان لوحة ٦٧ -
٦٨ وفيه يقول: وأما الشافعي فإنه كان يجالسه في حدانته، ويحفظ عنه حفظ الصبي،
والحفظ في الصغر كالنقش في الحجر، فلما دخل مصر في آخر عمره، وأخذ يصنف الكتب
المبسوطة احتاج إلى الأخبار، ولم يكن معه كتاب، فأكثر ما أودع الكتب من حفظه
فمن أجله ما روى عنه، وربما كنى عنه، ولا يسميه في كتبه».
ونقل ابن
حبان عن يحيى بن سعيد القطان ويحيى بن معين: أن إبراهيم كان يكذب».
(٢)
الزيادة من ح.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو الحسن:
أحمد بن محمد بن عبدوس العنبري قال: حدثنا أبو سعد [١]: يحيى بن منصور قال:
حدثنا إبراهيم ابن محمد الشافعي يقول: حدثنا داود العطّار، قال إبراهيم:
وسمعت
الشافعي يقول: لم أر مثله ولم يروا مثله.
أخبرنا أبو عبد الله
الحافظ قال: سمعت أبا بكر: محمد بن جعفر المُزَكِّي قال: سمعت أبا بكر محمد بن
إسحاق يقول: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: سمعت عمرو بن سواد السَّرْحِي يقول:
سمعت
الشافعي يقول: ما أخرجت مصر مثل «أَشْهَبْ بن عبد العزيز» لولا طيش فيه [٢].
أخبرنا
محمد بن عبد الله الحافظ قال. أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن قال: حدثنا عبد
الرحمن بن محمد قال: حدثنا الربيع قال:
قال الشافعي: وقف أعرابي على
«ربيعة بن أبي عبد الرحمن» فجعل يسجع في كلامه. ثم نظر إلى الأعرابي فقال: يا
أعرابي، ما البلاغة فيكم؟ قال: خلاف ما كنتَ فيه منذ اليوم [٣].
أخبرنا
أبو عبد الله قال أخبرنا أبو عبد الله: الحسين بن الحسن بن أيوب
(١)
في ح: «أبو يوسف».
(٢) قول الشافعي في تهذيب التهذيب ١/ ٣٦٠ وفيه:
«قال ابن عبد الحكم: سمعته يدعو في سجوده على الشافعي بالموت، فمات الشافعي
ومات أشهب بعده بثمانيةَ عشر يوما. وقال ابن يونس: ولد أشهب سنة ١٤٥، ومات يوم
السبت لثمان بقين من شعبان سنة ٢٠٤».
(٣) آداب الشافعي ٣١٦ -
٣١٧.
الطوسي قال: حدثنا أبو حاتم: محمد بن إدريس الرازي قال: حدثنا
حرملة بن يحيى قال:
سمعت محمد بن إدريس الشافعي، وسئل عن «أبي
الزبير [١]» فقال: أبو الزبير يحتاج إلى دِعَامَة.
ورواه محمد بن
المنذر عن أبي حاتم قال: حدثني يونس بن عبد الأعلى قال: قال لي الشافعي.
فذكره.
أخبرناه أبو عبد الله قال: أخبرني أبو تراب قال: حدثنا محمد
بن المنذر. فذكره.
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا
أحمد: محمد بن أحمد بن هارون الفقيه يقول: حدثنا أبو الحسين [بن صالح [٢]] بن
محمد البغدادي قال: حدثني أحمد بن خالد الخلال [٣] قال:
سمعت
الشافعي [٤]: قيل لمالك بن أنس، وسئل عن «ابن شبرمة» فقال: كان مقاربا (*) .
(١)
هو محمد بن مسلم بن تدرس، الأسدي المكي، قال محمد بن جعفر المدائني، عن ورقاء:
قلت لشعبة: مالك تركت حديث أبي الزبير؟ قال: رأيته يزن ويسترجح في الميزان.
وقال ابن حبان في الثقات: كتاب التابعين ل ٩٥ - ب: لم ينصف من قدح فيه؛ لأن من
استرجح في الوزن لنفسه لم يستحق الترك لأجله» وترجمته في الكبير ١/ ١/٢٢١ - ٢٢٢
والجرح والتعديل ٤/ ١/٧٤ - ٧٦ وطبقات ابن سعد ٥/ ٣٥٤ ل وميزان الاعتدال ٤/ ٣٨
وهدى الساري مقدمة فتح الباري ٤٦٤ وتهذيب التهذيب ٩/ ٤٤٠ - ٤٤٣.
(٢)
ليست في ح.
(٣) في ح: «الجلاد».
(٤) آداب الشافعي ص
٢١١.
(*) أثبتت أولاً في المطبوع لفظة «مماريًا»، ثم صححت في فهرس
التصويبات ٢/ ٤٦٩ إلى: «كان مقاربًا» كما في تقدمة الجرح والتعديل.
وسئل
عن «عثمان البَتِّي [١]» فقال: كان مُقَارِبا [٢].
وسئل عن «أبي
حنيفة» فقال: لو جاء إلى أساطينكم هذه لقايَسَكم عليها، حتى يجعلها ذهبا.
كذا
وجدته في نسختين.
وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو
أحمد بن أبي الحسن قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحنظلي، قال: حدثنا أبي قال:
حدثنا أحمد بن خالد الخلال قال:
سمعت الشافعي يقول [٣]: سئل مالك بن
أنس عن «ابن شبرمة» فقال: كان مقلوبا.
وسئل عن البَتِّي فقال: كان
مقاربا.
فقيل له: «فأبو حنيفة» فقال: لو جاء إلى أساطينكم هذه
لقايسكم حتى يجعلها من خشب. يعني: وإن كانت من حجارة.
وأخبرنا أبو
عبد الله قال: حدثنا مخلد بن جعفر البَاقَرْحِي [٤] قال: حدثنا محمد بن جرير
قال: حدثنا أحمد بن خالد الخلال قال:
سمعت الشافعي يقول: سئل مالك
عن «ابن شبرمة» فقال: كان رجلا مقاربا.
(١) في ح: «التيمي» وهو
خطأ.
(٢) في ح: «معاديا».
(٣) آداب الشافعي ص ٢١١.
(٤)
في أ: «الباقرجي» وهو تصحيف؛ فهو منسوب إلى باقرح، بالهاء المهملة: قرية من
نواحي بغداد، وهو أبو علي: مخلد بن جعفر بن مخلد بن سهل الدقاق الفارسي
الباقرحي، سمع جعفر بن محمد الفريابي، ومحمد بن جرير الطبري، وروى عنه أبو نعيم
الحافظ، وكانت وفاته في ذي الحجة سنة ٣٧٠.
وترجمته في الأنساب ٢/ ٥١
- ٥٢، وتاريخ بغداد ١٣/ ١٧٦ - ١٧٧.
قيل: فأبو حنيفة قال: لو جاء إلى
أساطينكم هذه فقايسكم لجعلها من ذهب.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ
قال: حدثنا أبو الوليد الفقيه قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال: حدثنا هارون
بن سعيد الأَيْلي قال:
سمعت الشافعي يقول: ما أعلم أحداً أدلَّ على
عوار [١] قوله من «أبي فلان».
أخبرنا أبو سعد: أحمد بن محمد
الماليني قال: حدثنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال: سمعت موسى بن العباس يقول:
سمعت الربيع بن سليمان يقول:
سمعت الشافعي يقول: سأل رجل «عبد
الرحمن بن زيد بن أسلم [٢]»: حدّثك أبوك، عن أبيه، عن جده: أن سفينة نوح طافت
بالبيت وصلت ركعتين؟ قال: نعم [٣].
وأخبرنا أبو سعد الماليني قال:
حدثنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا الحسين ابن محمد الضحاك ومحمد بن أحمد بن
حماد، وإسماعيل بن داود بن وردان، ويحيى بن زكريا بن حيوية؛ قالوا: حدثنا محمد
بن عبد الله بن عبد الحكم قال:
سمعت الشافعي يقول: ذكر «لمالك بن
أنس» رجل حديثا فقال له:
(١) في ح: «عور».
(٢) قال ابن
حبان: مات سنة ثنتين وثمانين [ومائة، كما في الأصول] . كان ممن يقلب الأخبار
وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقوف فاستحق
الترك، وقال ابن خزيمة: ليس هو ممن يحتج أهل العلم بحديثه لسوء حفظه، هو رجل
صناعته العبادة والتقشف، ليس من أحلاس الحديث.
وترجمته في الكبير ٣/
١/٢٨٤، والجرح والتعديل ٢/ ٢/٢٣٣، وطبقات ابن سعد ٥/ ٣٠٦ ط. ل و ٥/ ٤١٣ ط. ب،
وميزان الاعتدال ٢/ ٥٦٤ - ٥٦٦ وتهذيب التهذيب ٦/ ١٧٧ - ١٧٩، والمجروحين لابن
حبان لوحة ٢٨٦.
(٣) الخبر في الميزان ٢/ ٥٦٥، والتهذيب ٦/ ١٧٩.
من
حدثك؟ فذكر إسناداً فقال له مالك: اذهب إلى «عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم» يحدثك
عن أبيه عن نوح [١].
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو
عبد الله: أحمد بن محمد الطُّوسي قال: حدثنا محمد بن المنذر بن سعيد قال: حدثنا
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال:
سمعت الشافعي يقول: ذكر رجل
«لمالك» حديثا. فذكره بمثله غير أنه زاد فقال: إسناداً منقطعا.
أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو عبد الله. أحمد بن محمد بن مهدي قال:
حدثنا محمد بن المنذر بن سعيد قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول:
سمعت
الشافعي يقول: سمعت سفيان بن عيينة يقول: سمعت من جابر الجعفي [٢] كلاما بادرت،
خفت أن يقع علينا السقف.
وأخبرنا أبو سعيد الماليني قال: أنبأنا أبو
أحمد بن عدي الحافظ قال: حدثنا
(١) الخبر في المجروحين في الموضع
السابق، والتهذيب ٦/ ١٧٨، والميزان في الموضع السابق.
(٢) قال ابن
حبان: مات سنة ثمان وعشرين ومائة، وكان سبئيا: من أصحاب عبد الله بن سبأ، وكان
يقول: إن عليا يرجع إلى الدنيا، ونقل عن يحيى بن معين أنه قال عنه: لا يكتب
حديثه ولا كرامة، ونقل عن أبي حنيفة قوله: ما لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر
الجعفي: ما أتيته بشيء قط من رأي إلا جاء فيه بحديث.
وترجمة جابر في
التاريخ الكبير ١/ ٢/٢١٠، والمجروحين لابن حبان لوحة ١٤٠، والضعفاء للبخاري ص
٧، والضعفاء للنسائي ص ٤٠، والجرح والتعديل ١/ ١/٤٩٧، والضعفاء للعقيلي ص ٦٨،
وطبقات ابن سعد ٦/ ٣٤٥ ط. ب وميزان الاعتدال ١/ ٣٧٩، وتهذيب التهذيب ٢/ ٤٦ -
٥١، وانظر علل احمد ١/ ٣٥٥/٣٩٢.
الحسين بن محمد الضحاك، ويحيى بن
زكريا بن حيوية، ومحمد بن يحيى بن آدم، وإسماعيل بن وَرْدان - كلهم بمصر -
قالوا: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال:
سمعت الشافعي
يقول: سمعت ابن عيينة يقول: سمعت من «جابر الجعفي» كلاما بادرت خفت أن يقع
علينا السقف.
وأخبرنا أبو سعد قال: حدثنا أبو أحمد قال: أخبرنا
الشافعي قال: حدثنا محمد بن خالد [قال: حدثنا المقدمي [١]] عن الشافعي قال: قال
لي ابن عُيَينة: حدثني «جابر الجعفي» عن عبد الله بن نُجَيّ [٢] وكان جابر يؤمن
بالرجعة.
قلت: اختصر أبو أحمد هذه الحكاية مع معرفته فوهم فيها:
وقد
قرأتها في كتاب زكريا بن يحيى الساجي، حدثني محمد بن خالد قال: سمعت المقدمي
يحدث عن الشافعي، فذكر مناظرته مع محمد بن الحسن واحتجاج محمد بعلي [٣] بن أبي
طالب في جواز شهادة القابلة. قال الشافعي: فقلت له: إنما رواه عن [٤] رجل مجهول
يُقَال له: عبد الله بن يحيى: رواه عنه جابر الجعفي،
(١) ما بين
القوسين سقط من أ.
(٢) في أ: «بن يحي» وفي ح: «بن بحر» وكلاهما خطأ؛
فهو عبد الله بن نجي - بضم النون، وفتح الجيم مصغرا. روى عن عمار، وحذيفة،
والحسين بن علي وغيرهم، وروى عنه أبو زرعة وشرحبيل بن مدرك وجابر الجعفي
وغيرهم، قال الدارقطني: ليس بقوي في الحديث، وقال الشافعي: مجهول، وذكره ابن
حبان في الثقات.
راجع ترجمته في التاريخ الكبير ٤/ ٢/١٢١، والجرح
والتعديل ٢/ ٢/١٨٤، والضعفاء للعقيلي ٢٢٤ - ٢٢٥، وميزان الاعتدال ٢/ ٥١٤ وذكر
أن النكارة في حديثه من جابر.
(٣) في أ: «لعلي».
(٤) في
ح، أ: «عنه»
وكان جابر يؤمن بالرَّجْعة، قال لي ابن عيينة: دخلت على
جابر الجُعفي فسأل عن شيء من أمر الكهنة.
وقد مضت هذه الحكاية
بتمامها في هذا الكتاب [١].
والذي ذكره الشافعي من إيمان جابر
بالرجعة يحتمل أن يكون قد أخذه [٢] عن ابن عيينة، فقد رواه غيره أيضاً عن ابن
عيينة.
أخبرنا أبو الحسين: محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان
قال: حدثنا عبد الله بن جعفر النحوي قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو
بكر الحميدي قال: حدثنا سفيان قال: سمعت رجلا سأل جابرا عن قوله: {فَلَنْ
أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَاذَنَ لِي أبي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ
خَيْرُ الْحَاكِمِينَ [٣]} فقال جابر: لم يجئ تأويل هذه (الآية) [٤] بعد. قال
سفيان: وكذب [٥]. فقلنا لسفيان: وما أراد بهذا؟ فقال: إنّ الرَّافِضَةَ تقول:
إن عليًّا في السحاب فلا نخرج مع مَنْ خرج [٦] مِنْ ولده حتى ينادي منادٍ من
السماء: نريد عليًّا، إنه ينادي اخرجوا مع فلان. يقول جابر: هذا تأويل هذه
الآية. وكذب؛ كانت في إخوة يوسف [٧].
قال سفيان: كان الناس يحملون
عن جابر قبل أن يُظهر ما أظهر، فلما أَظهر ما أظهر اتهمه الناس في حديثه، وتركه
بعض الناس. فقيل له: وما أظهر؟ قال: الإيمانَ بالرجعة.
(١) راجع
ص.
(٢) في ح: «اخذها».
(٣) سورة يوسف: ٨٠.
(٤)
الزيادة من ح.
(٥) في ح: «وكذا»، وهو تحريف.
(٦) في ح:
«يخرج».
(٧) ميزان الاعتدال ١/ ٣٨١ - ٣٨٢.
وأخبرنا أبو
عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو عبد الله: أحمد بن محمد الطوسي قال: حدثنا
محمد بن المنذر [قال: حدثنا [١]] ابن عبد الحكم قال:
سمعت الشافعي
يقول: أرسل «الثوري» إلى «شعبة»: لئن تكلمت في «جابر الجعفي» لأتكلَّمن فيك.
وأخبرنا
أبو سعد الماليني قال: حدثنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا الحسين ابن محمد
الضحاك ويحيى بن زكريا بن حيوية، وإسماعيل بن وردان قالوا: حدثنا محمد بن عبد
الله بن عبد الحكم يقول:
سمعت الشافعي يقول: قال سفيان لشعبة: فإن
تكلمت في جابر الجعفي.
قلت: يحتمل أن يكون سفيان الثوري قال هذا على
طريق المطايبة [٢] ولم يبلغه من حال جابر ما بلغ غيره والله أعلم.
وأخبرنا
أبو سعيد بن أبي عمرو قال: حدثنا أبو العباس الأصم قال: أخبرنا الربيع قال:
قال
الشافعي في حديث ذكروه له: إنما رواه الشعبي، عن الحارث، عن الأعور. والحارث
مجهول.
قال الربيع: أخبرني بعض أهل العلم عن جرير، عن مغيرة، عن
الشعبي قال: الحارث الأعور كان كذابا.
أخبرنا أبو سعد الماليني قال:
حدثنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا أحمد ابن علي قال: حدثنا بحر بن نصر قال:
(١)
ما بين القوسين سقط من أ.
(٢) لا مطايبة في دين الله!
أملى
علينا الشافعي قال: «هانئ بن هانئ» لا يعرف، و «أبو قلابة» لم ير بلالا قط، ولا
نعلم «عبد الرحمن بن أبي ليلى» رأى بلالا قط: عبد الرحمن بالكوفة وبلال
بالشام.
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو عبد الله
الحسين بن الحسن ابن أيوب الطوسي قال: حدثنا أبو حاتم الرازي قال: حدثنا حرملة
بن يحيى قال:
سمعت الشافعي يقول: الرواية عن «حَرَام بن عثمان»
حَرَامٌ [١].
وسئل عن الربيع بن صبيح فقال: كان غَزَّاءً [٢].
أخبرنا
أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا
يعقوب بن سفيان قال: سمعت حرملة بن يحيى يقول:
قال الشافعي: الرواية
عن حَرَامٍ حَرَامٌ.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا نصر:
فتح بن عبد الله الفقيه يقول: سمعت الحسن بن سفيان يقول: سمعت حرملة بن يحيى
يقول.
سمعت الشافعي يقول: حديث «أبي العالية الرياحي» رياحٌ [٣].
وحديث مُجالد يُجْلَد وحديث حَرامٍ حرامٌ.
(١) آداب الشافعي ص
٢١٨.
(٢) في تهذيب التهذيب ٣/ ٢٤٧ تعقيبا على ذلك: وإذا مدح الرجل
بغير صناعته فقد وهص: أي دق عنقه.
(٣) آداب الشافعي ٢٢٢.
قال
أبو عبد الله: إنما أراد الشافعي بقوله: حديث أبي العالية الرياحي رياح: حديثه
في القهقهة وحده [١].
قرأت في كتاب الغريبين في قول الشافعي: مجالد
يُجْلَد [٢] أي يكذب. قال: وقال أبو زيد الأنصاري: فلان يجلد بكل خير: أي يظن
به. قال أبو حمزة: يقول الشافعي: ينبغي أن يكون يُتَّهم. والله أعلم. وضعه موضع
الشّرَ.
أخبرنا أبو سعيد الماليني قال: حدثنا أبو أحمد بن عدي
الحافظ قال: سمعت إسماعيل بن داود، والحسين بن محمد بن الضحاك، ويحيى بن زكريا
بن حيوية، ومحمد ابن أحمد بن حماد - كلهم بمصر - يقول: سمعنا محمد بن عبد الله
بن عبد الحكم يقول:
(١) الزيادة من ح.
قال عبد الرحمن بن
أبي حاتم في مناقب الشافعي وآدابه ص ٢٢٢:
يعني الذي يروى عن النبي
صلى الله عليه وسلم في الضحك في الصلاة: أن على الضاحك الوضوء، ورواه البيهقي
في السنن الكبرى ١/ ١٤٦ بسنده عن «أبي العالية»: أن رجلا أعمى جاء والنبي صلى
الله عليه وسلم في الصلاة فتروى في بئر فضحك طوائف من أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة.
ثم
قال: وهذا حديث مرسل ومراسيل أبي العالية ليست شيء. كان لا يبالي عمن أخذ
حديثه.
ثم نقل البيهقي عن أبي أحمد بن عدي أنه قال: وأكثر ما نقم
على أبي العالية هذا الحديث، وكل من رواه غيره فإنما مدارهم ورجوعهم إلى أبي
العالية، والحديث له وبه يعرف؛ ومن أجل هذا الحديث تكلموا في أبي العالية،
وسائر أحاديثه مستقيمة صالحة.
(٢) في اللسان ٤/ ١٠١ وفي حديث
الشافعي: كان مجالد يُجلد: أي كان يُتهم ويُرمى بالكذب: أي يُظن به.
سمعت
الشافعي يقول: الحديث عن حرام بن عثمان حرامٌ [١].
وبهذا الإسناد
قال: سمعت الشافعي يقول: من حدث عن «أبي جابر البيّاضي» بيّض الله عَيْنيه
[٢].
أخبرنا أبو سعد الماليني قال: حدثنا أبو أحمد بن عدي قال:
حدثنا محمد ابن خالد بن يزيد قال: حدثنا الربيع قال:
سمعت الشافعي
يقول: من حدث عن «أبي جابر البيّاضي» بَيَّضَ الله عينيه.
أخبرنا
أبو سعد الماليني قال: أنبأنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا يحيى ابن زكريا بن
حيوية قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال:
سألت الشافعي
عن «مجالد» فقال: هو يُجالد. كذا وجدته.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ
قال: أنبأنا أبو عمرو بن السماك - شفاها - أن أبا سعيد الجصّاص حدثهم قال: سمعت
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول:
(١) قال ابن حبان: كان غاليا
في التشيع، منكر الحديث فيما يرويه، يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، مات سنة
تسع وأربعين ومائة.
راجع ترجمته في المجروحين ل ١٨٣، وميزان
الاعتدال ١/ ٤٦٨، ولسان الميزان ٢/ ١٨٢، وتاريخ بغداد ٨/ ٢٧٧ - ٢٨٠، وتهذيب
التهذيب: ٢/ ١/٩٤، والجرح والتعديل ١/ ٢/٢٨٢ والضعفاء للعقيلي ل ١١٤.
(٢)
أبو جابر البياضي: هو محمد بن عبد الرحمن من أهل المدينة. قال عنه ابن حبان:
كان ممن يروي ما لا يشبه حديث الأثبات. ونقل عن مالك قوله فيه: «لم يكن بثقة»
وعن ابن معين: كان أبو جابر البياضي كذابا».
راجع ترجمته في
المجروحين ل ٤٠٠ والضعفاء للعقيلي لوحة ٣٨٩، وميزان الاعتدال ٣/ ٦١٧، ولسان
الميزان ٥/ ٢٤٤.
وانظر الخبر أيضاً في آداب الشافعي ص ٢١٨، ومناقب
الفخر: ص ٨٣.
سمعت الشافعي يقول: الرواية عن «حرام بن عثمان» حرام،
ومن روى عن أبي جابر البيّاضي بيّض الله عينيه، وكان ابن جريج يستحقن بالشيوخ
لأجل الوطء.
أخبرنا أبو سعيد: أحمد بن محمد الماليني قال: حدثنا أبو
أحمد بن عدي الحافظ قال: حدثنا إسماعيل بن داود بن وَرْدان، ويحيى بن زكريا
قالا: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال:
سمعت الشافعي
يقول: سمعت سفيان بن عيينة يقول: «عمرو بن عبيد» سمع الحسن. وأنا أستغفر الله
إن كان سمع الحسن.
وأخبرنا أبو سعد الصوفي قال: حدثنا أبو أحمد بن
عدي قال: حدثنا إسماعيل بن داود بن وردان، ويحيى بن زكريا قالا: أخبرنا محمد بن
عبد الله ابن عبد الحكم قال:
سمعت الشافعي يقول عن سفيان بن عيينة:
إن «عمرو بن عبيد» سئل عن مسألة فأجاب فيها وقال: هذا من رأي الحسن فقال له
رجل: إنهم يروون عن الحسن خلاف هذا فقال: إنما قلت هذا من رأي الحسن. يريد
نفسه.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو عبد الله: الحسين
بن الحسن بن أيوب الطوسي قال: حدثنا أبو حاتم الرازي قال: حدثنا حرملة بن يحيى
قال:
سمعت الشافعي، وسئل عن «أبي عبد الله الجدلي [١]» فقال: كان
جيد الضرب بالسيف.
(١) قيل: اسمه عبد بن عبد، وقيل: عبد الرحمن. روى
عن خزيمة بن ثابت، وسلمان الفارسي، ومعاوية، وأبي مسعود الأنصاري. وثقة أحمد،
وابن معين، والعجلي، وابن حبان. وقال ابن سعد: «يستضعف في حديثه، وكان شديد
التشيع، ويزعمون أنه كان على شرطة المختار بن أبي عبيد. =
[م - ٣٥]
مناقب
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أحمد بن محمد
المسافري بالنوقان [١] قال حدثنا محمد بن المنذر قال: سمعت الربيع يقول:
سمعت
الشافعي يقول: كان «أبو عبد الله الجدلي» على راية المختار.
* *
*
قال: وسمعت الشافعي يقول: لم يكن «شريح» قاضياً لعمر.
قلت:
قد اختلفوا فيه. وإلى هذا ذهب جماعة من أهل العلم. وذكر الشافعي رحمه الله في
«كتاب الدعوى» عن عمر بن الخطاب أنه أخذ فرسا من صاحبها [٢] على طريق السَّوْم
فسار بها لينظر [٣] إلى مشيها فكُسِرت فحاكم فيها عمرَ صاحبُها إلى رجل فحكم
عليه أنها مضمونة [٤] عليه حتى يردها كما أخذها، سالمة، فأعجب ذلك عمر فأنفذ
قضاءه واستقضاه.
وقد روينا عن الشعبي في هذه القصة أن ذلك الرجل كان
شُريحا القاضي [٥]. وروينا من وجه آخر عن الشعبي أن عمر بن الخطاب بعث شريحا
على قضاء الكوفة [٦]. والله أعلم
* * *
أخبرنا أبو عبد
الله الحافظ قال: أخبرني دعلج بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن علي الأبار قال:
حدثنا أحمد بن يحيى بن وزير قال:
= راجع ترجمته في تهذيب التهذيب
١٢/ ١٤٨، وميزان الاعتدال ٤/ ٥٤٤ والكنى للدولابي ٢/ ٥٤ وفيه عن ابن معين أنه
ليس بمتروك.
(١) في ح: «بالبرقان».
(٢) في ح: «بأمر
صاحبها».
(٣) في الأم ٦/ ٢٦٨: «فشار إليها بنظر». قال مصححه: لعله
فشارها، في اللسان: شار الدابة يشورها: إذا بلاها ينظر ما عندها.
(٤)
في أ: «ضامنة».
(٥) راجع ترجمته في قضاة وكيع ٢/ ١٨٩.
(٦)
راجع كتب عمر إليه في قضاة وكيع ٢/ ١٨٩ - ١٩٤.
سمعت الشافعي، وسئل
عن «زعمة بن صالح [١]» فذكر منه فضلا.
وسئل عن «أسامة بن زيد الليثي
[٢]» و «محمد بن أبي حميد [٣]» فقال: لا بأس بهما، وغَمَّضَ على «ليث بن أبي
سُلَيم [٤]».
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أحمد بن مهدي
الطوسي قال: حدثنا محمد بن المنذر قال: حدثنا أبو داود السجتاني قال: حدثنا
محمد بن الوزير المصري قال:
سمعت الشافعي يقول: «كثير بن عبد الله
المزني [٥]» ذاك ركن من أركان
(١) في ح: «ربيعة» بالراء المهملة،
وهو خطأ. ترجمة زمعة في الميزان ٢/ ٨١ والتهذيب ٣/ ٣٣٨، والتاريخ الكبير ٢/
١/٤١٣، والجرح والتعديل ١/ ٢/٦٢٤، والضعفاء للنسائي ص ١٣.
(٢) وثقه
ابن معين، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن عدي، ليس به بأس، وقال أحمد: ليس
بشيء، فراجعه ابنه عبد الله فيه، فقال: إذا ما تدبرت حديثه تعرف فيه النكرة.
مات سنة ١٥٣.
وترجمته في التاريخ الكبير ١/ ٢/٢٣، والجرح والتعديل
١/ ١/٢٨٤ - ٢٨٥، وتهذيب التهذيب ١/ ٢٠٨ - ٢١٠، والأحكام لابن حزم ٥/ ١٣٦،
وميزان الاعتدال ١/ ١٧٤.
(٣) قال البخاري: منكر الحديث، وقال
النسائي: ليس بثقة، وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث. راجع ترجمته في التاريخ الكبير
١/ ١/٧٠، والجرح والتعديل ٣/ ٢/٢٣٣ - ٢٣٤، وميزان الاعتدال ٣/ ٥٣١ وتهذيب
التهذيب ٩/ ١٣٢ - ١٣٤.
(٤) قال أبو زرعة: لين الحديث لا تقوم به
الحجة عند أهل العلم بالحديث وقال أبو حاتم وأبو زرعة: «ليث» لا يشتغل به؛ هو
مضطرب الحديث.
مات سنة ١٤٨ على خلاف. وترجمته في التاريخ الكبير ٤/
١/٢٤٦، والجرح والتعديل ٣/ ٢/١٧٧ - ١٧٩، وميزان الاعتدال ٣/ ٤٢٠ - ٤٢٣،
والضعفاء للعقيلي لوحة ٣٦٨، والمجروحين لوحة ٣٨٤، وتهذيب التهذيب ٨/ ٤٦٥ -
٤٦٨
(٥) ترجم له ابن حبان في المجروحين لوحة ٣٨٠ باسم كثير بن سليم
ثم قال: وهو الذي يقال له: كثير بن عبد الله.
كان يروي عن أنس ما
ليس من حديثه - من غير روايته - ويضع عليه =
الكذب، أو يشد أركان
الكذب [١]
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو أحمد بن أبي
الحسن قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرني أبي قال: حدثنا أحمد بن أبي
شريح قال:
سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول: الواقدي وَصَل حديثين.
يعني: لا يُوصَلان [٢].
قال: وأخبرنا عبد الرحمن بن محمد
الحَنْظَلي، قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: قال لي الشافعي «كُتُب الواقدي
كذب [٣]».
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس: محمد
بن يعقوب قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال:
قال الشافعي، رحمه الله:
قال لي ابن عيينة [٤]: «الجلد بن أيوب [٥]» أعرابي لا يعرف الحديث.
=
ثم يحدث به، لا يحل كتبة حديثه، ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاختبار.
راجع
ترجمته كذلك في ميزان الاعتدال ٣/ ٤٥٥، ٤٠٦ وتهذيب التهذيب ٨/ ٤١٦، ٤١٧ والجرح
والتعديل ٣/ ٢/١٥٢، ١٥٤، والضعفاء للعقيلي لوحة ٣٦٦ وفي كل منها ترجمتان:
إحداهما باسم كثير بن سليم والأخرى باسم كثير بن عبد الله.
وانظر
الكامل لابن عدي ٢٤٤ - أ، وتاريخ بغداد ٢/ ٤٨٠.
(١) ميزان الاعتدال
٣/ ٤٠٧.
(٢) الخبر في تاريخ بغداد ٣/ ١٤ بسنده عن ابن أبي حاتم
ولكنه ليس في آداب الشافعي.
(٣) آداب الشافعي ٢٢٠، وتاريخ بغداد ٣/
١٤.
(٤) في ح: «ابن علية» وهو تحريف.
(٥) ضعفه ابن
راهويه، وكان ابن المبارك يقول: أهل البصرة يضعفونه، وقال الدارقطني: متروك.
راجع
ترجمته في التاريخ الكبير ١/ ٢/٢٥٦، وعلل أحمد ١٢٥، وميزان الاعتدال ١/ ٤٢٠ -
٤٢١ ولسان الميزان ٢/ ١٣٣، والجرح والتعديل ١/ ١/٥٤٨.
قرأت في كتاب
أبي الحسن العاصمي فيما أخبره محمد بن يوسف بن النضر الشافعي قال: حدثني أحمد
بن المعلي بن يزيد الأسدي قال: حدثنا سليمان بن الأشعث: أبو داود قال: حدثنا
الحسن بن علي - يعني الحُلْواني - قال:
سمعت الشافعي يقول: سمعت
سفيان بن عيينة يقول: «فضيل بن مرزوق [١]» ثقة. «عطية» ما أدرى ما «عطية
[٢]»؟
أخبرنا أبو سعد: أحمد بن محمد الماليني قال: حدثنا أبو أحمد
بن عدي الحافظ قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق السمرقندي - بمصر - قال: حدثنا محمد
بن عبد الله بن عبد الحكم قال:
سمعت الشافعي، رحمه الله، يقول: قال
«الحجاج بن أرطاة [٣]» لا تتم مروءة
الرجل حتى يترك الصلاة في
الجماعة. وهذا إنما حكاه على وجه الذم لقوله.
(١) قال عنه ابن حبان:
منكر الحديث جدا، كان ممن يخطئ على الثقات، ويروى عن عطية الموضوعات، وعن
الثقات الأشياء المستقيمة فاشتبه أمره، والذي عندي أن كل ما روى عن عطية من
المناكير يلزق ذلك بعطية، ويبرأ فضيل منها، وفيما وافق الثقات من الروايات عن
الأثبات يكون محتجا به. وفيما انفرد عن الثقات مما لم يتابع عليه يتنكب عنها في
الاحتجاج.
راجع ترجمته كذلك في ميزان الاعتدال ٣/ ٣٦٢ - ٣٦٣،
والتاريخ الكبير ٤/ ١/١٢٢ والجرح والتعديل ٣/ ٢/٧٥، وتهذيب التهذيب ٨/ ٢٩٨ -
٣٠٠.
(٢) هل هو عطية بن سعد العوفي الكوفي، التابعي الضعيف، المترجم
في التهذيب ٣/ ٧٩ - ٨٠ أ؟ أو عطية بن عارض الذي لا يدري من هو؟ وهو المترجم في
الميزان ٣/ ٨٠.
(٣) ترجم له ابن حبان في المجروحين لوحة ١٥٠ وقال:
تركه ابن المبارك، ويحيى القطان، وابن مهدي، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، ثم
حكى قول ابن معين في الحجاج ابن أرطاة. أنه ضعيف ضعيف. وساق عنه خبر صلاة
الجماعة وغيره.
راجع ترجمته كذلك في التاريخ الكبير ١/ ٢/٣٧٥ والجرح
والتعديل ١/ ٢/١٥٤، وطبقات ابن سعد ٦/ ٣٥٩ ط. ب، وتاريخ بغداد ٨/ ٢٣٠ - ٢٣٦،
وميزان الاعتدال ١/ ٤٥٨ - ٤٦٠.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال:
حدثني أبو الحسن: محمد بن عبد الله الشريف الأديب قال: حكى لنا عن محمد بن عبد
الله بن عبد الحكم قال:
سمعت الشافعي يقول: ناظرت رجلا بالعراق
قطعته فروى حديثا فقلت له: من روى هذا؟ فقال لي: أمسك: أبو بكر وعمر وعثمان
وعلي، حتى عد العشرة، فأسكتني وتفرقنا، فلما كان بعد ذلك رأيته فقلت له: يا أبا
فلان، من روى ذلك الحديث فقال: ما رواه أحد ولا رويته عن أحد، إنما قلت لك:
أمسك: أبو بكر وعمر [١].
(١) في هامش ح: - ل ٩٣ - أ: بلغ مقابلة في
المجلس الثالث عشر.