الكتاب: فصول في أصول التفسير
المؤلف: د مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار
تقديم: د. محمد بن صالح الفوزان
الناشر: دار ابن الجوزي
الطبعة: الثانية، ١٤٢٣هـ
عدد الصفحات: ١٧٦
الكتاب إهداء من مؤلفه - جزاه الله خيرا - للمكتبة الشاملة
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
صفحة المؤلف: [مساعد الطيار]
المؤلف: د مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار
تقديم: د. محمد بن صالح الفوزان
الناشر: دار ابن الجوزي
الطبعة: الثانية، ١٤٢٣هـ
عدد الصفحات: ١٧٦
الكتاب إهداء من مؤلفه - جزاه الله خيرا - للمكتبة الشاملة
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
صفحة المؤلف: [مساعد الطيار]
فهرس الموضوعات
- مقدمة
- التمهيد
- أصول التفسير
- مراجع أصول التفسير
- موضوعات أصول التفسير
- حكم التفسير وأقسامه
- أقسام التفسير
- ١ ـ باعتبار معرفة الناس له
- ٢ ـ باعتبار طريق الوصول إليه
- ٣ ـ باعتبار أساليبه
- ٤ ـ باعتبار اتجاهات المفسرين فيه
- العودة إلي كتاب فصول في أصول التفسير
مقدمة
فصول في أصول التفسير
إعداد مساعد بن سليمان الطيار
تقديم د. محمد بن صالح الفوزان رئيس قسم الدراسات القرآنية بكلية المعلِّمين بالرياض
دار ابن الجوزي
٣
ـ[عرض كتاب فصول في أصول التفسير]ـ (*)
عرض: عمرو الشرقاوي
تعريف موجز
الكتاب: فصول في أصول التفسير.
المؤلف: الشيخ د. مساعد الطيار.
الناشر: دار ابن الجوزي، وقد نشر الكتاب عن الدار في إصدارين مختلفين، الأول: ١٤١٣ - ١٤٢٠.
ثم أعادت نشره مع تنقيحات وزيادات عام: ١٤٢٣.
وكلاهما غلاف، ونشر قريبًا - بحمد الله - مع تشجير أعده أحد تلاميذ الشيخ، مع تجليد عن نفس الدار.
في وقت من الأوقات وعندما تبحث في المكتبة القرآنية عن كتاب مؤسس لعلم أصول التفسير، فلن تجد كتابًا يصلح للمدارسة ولاستفادة الفكرة الإجمالية لهذا العلم سوى هذا الكتاب - إلا من محاولات لم تخل من ملاحظة -.
وتمتاز كتابات شيخنا الدكتور / مساعد الطيار = بالتحرير والجدة في الطرح مع العمق، وهذا الكتاب ذكر الشيخ قصته في مقال له بعنوان: «عشرون عامًا مع أصول التفسير».
وهذا الكتاب من الكتب التي ينصح بإدمان المطالعة وجمع الفوائد إليها.
ومع اهتمام الناس بهذا العلم، وجدت ملاحظات على الكتاب - ذكر المؤلف بعضها في شرحه -، وكتب الشيخ أبو فهر السلفي بعضها على ملتقى أهل التفسير.
من أراد معرفة العلم والوقوف على مباحثه، فعليه بهذا الكتاب نظرًا وتدقيقًا.
التعريف بكتاب «فصول في أصول التفسير»
بعد المقدمة عرف المؤلف بما صدر من الكتب المتعلقة بأصول التفسير، وقد ذكر (٣٤) عنوانًا منها رسائل جامعية.
وفي بداية الكتاب ذكر المؤلف أن من سبيل النهوض بهذا العلم: النهوض به من الجانب النظري، والنهوض به من الجانب التحقيقي.
ثم عرف المؤلف بمصطلح «أصول التفسير»، واختار أن تعريفه في الاصطلاح؛ «الأسس والمقدمات العلمية التي تعين على فهم التفسير، وما يقع فيه من الاختلاف، وكيفية التعامل معه.».
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا العرض ليس في المطبوع، ومصدره الموقع الرسمي للمؤلف - حفظه الله -.
وأن محور الدراسة في هذا العلم يدور بين أمرين: كيف فُسِّر القرآن؟ وكيف نفسِّر القرآن؟
ثم تعرض المؤلف لمناهج الكتب المؤلفة في العلم، ولأبرز مراجع هذا العلم.
كما تعرض المؤلف لذكر موضوعات هذا العلم منبهًا أن ليس هناك تحديد دقيق لموضوعات هذا العلم، وذلك لأن النظر إلى موضوع (أصول التفسير) يختلف من مؤلف إلى آخر، وذكر بعض الموضوعات التي يرى أنها من أهم موضوعات هذا العلم.
بعد ذلك تكلم المصنف عن حكم التفسير وأقسامه.
وفي طرق التفسير، ذكر أن للتفسير ستة طرق!، والذي يذكر منها غالبًا أربعة، ثم ذكر بيان هذه الطرق، ثم شرحها بإيجاز.
وفي تفسير القرآن بالقرآن ذكر أنه أبلغ طرق التفسير، وذلك لأن كل قائل أعلم بقوله من غيره، ونبه أنه لا يلزم من ذلك أن كل من قال: إن هذه الآية تفسير لهذه الآية صحةُ ذلك وقَبوله؛ لأن هذا تفسير مبني على اجتهاد المفسر ورأيه، وقد لا يكون صحيحًا.
وذكر من اعتنى بهذا الطريق من أهل التفسير، ثم ذكر أنواع تفسير القرآن بالقرآن.
وفي تفسير القرآن بالسنة النبوية، تعرض لأهمية هذا المصدر، وتعرض لذكر الأنواع المستنبطة في تفسير الرسول ﷺ للقرآن.
وفي تفسير القرآن بأقوال الصحابة، ذكر أهمية الرجوع إلى أقوالهم في التفسير، وأسباب ذلك، ومصادرهم التفسير، وحكم تفسيرهم، وعن التابعين كذلك.
وفي تفسير القرآن باللغة، تعرض الشيخ للمقصود بتفسير القرآن بلغة العرب، وسبب اعتبار هذا طريقًا من طرق التفسير، وبعض ضوابط التفسير باللغة، مع ذكر عدة تنبيهات حول تفسير القرآن باللغة.
وفي التفسير بالاجتهاد والرأي، ذكر مسألة: هل وقع خلاف في جواز التفسير بالرأي؟، ومسألة: هل للتفسير المذموم حد يعرف به؟
وتعرض المؤلف لمصطلح التفسير بالمأثور، والإشكالات الواردة على هذا المصطلح.
كما ذكر أن لفظة مأثور غير دقيقة في إعطاء الوصف، ثم قال: «والذي يظهر لي أن ما يمكن أن يطلق عليه تفسير بالمأثور، ويجب الأخذ به، ثلاثة أنواع» وذكرها.
وفي فصل اختلاف السلف في التفسير، بدأ المؤلف بذكر أن الاختلاف سنة في البشر، وتعرض لذكر تقسيم الاختلاف الواقع في التفسير إلى قسمين:
الأول: اختلاف التنوع.
الثاني: اختلاف التضاد.
وقد وقع هذان القسمان في تفسير السلف، إلا أن الثاني قليل.
وتعرض المؤلف لتعريف اختلاف التنوع واختلاف التضاد، كما تعرض المؤلف لأسباب الاختلاف في تفسير السلف.
وفي الكتاب ذكر المؤلف الإجماع في التفسير، وقال: «لئن كان الإجماع في الفقه حظي بعناية العلماء فألَّفوا فيه إفرادًا، أو ضمَّنوه شيئًا من كتبهم، فإن الإجماع في التفسير لم تكن له هذه العناية»!.
وأن ذلك لا يعني عدم اهتمام المفسرين بهذا الجانب، بل تجد منهم من يحكي الإجماع في معنى بعض الآيات، ولكن هذا لا زال مبثوثًا في تفاسيرهم، لم يستخرج بعد.
وذكر فائدة جمع ما أجمع عليه المفسرون وأهميته، وكيف نصل إلى إجماعات المفسرين؟!، مع عدة تنبيهات وفوائد.
وفي الأصول التي يدور عليها التفسير، وهي التي ذكرها ابن القيم فقال: «وتفسير الناس يدور على ثلاثة أصول: تفسير على اللفظ، وهو الذي ينحو إليه المتأخرون، وتفسير على المعنى، وهو الذي يذكره السلف، وتفسير على الإشارة والقياس، وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم».
وذكر طريقة السلف العامة في التفسير هي طريقة الإجمال وعدم التفصيل.
وفي توجيه أقوال السلف، ذكر أن هذا الموضوع يعتبر شرحًا لفهم السلف للآية، وكيفية تفسيرهم لها، وكيف قالوا فيها بهذا القول أو ذاك، وذلك إما لغرابة القول، أو للطافته، أو لقوته.
وفي قواعد التفسير، ذكر أن القواعد هي: الأمور الكلية المنضبطة التي يستخدمها المفسر في تفسيره، ويكون استخدامه لها إما ابتداءً، ويبني عليها فائدة في التفسير، أو ترجيحًا بين الأقوال.
وأنه يمكن استنباط هذه القواعد من كتب التفسير، وكتب اللغة، والبلاغة، والأصول.
وفي الأخير ذكر توجيه القراءات وأثره في التفسير.
وذكر المراد بهذا العلم: بيان وجه القراءة من حيث العربية، ومعرفة الفروق بين القراءات المختلفة.
فوائد متنوعة:
١ - في علم العد تطبيقات مهمة، وهو متصل بعلم الوقف والابتداء، وبعلم البلاغة، وله تعلق بفضائل بعض السور والآيات، والآيات المختلف فيها مجال لمثل هذه التطبيقات.
٢ - غاية أصول التفسير تمييز الصواب من الخطأ، والبرهان على ذلك بالعلم الصحيح.
٣ - تقسيم التفسير إلى تحليلي وإجمالي ومقارن تقسيمات فنية، ولا يعني هذا أن كل تفسير قد تميز بأحدها فقط، بل قد تجد في تفسير من التفاسير هذه الأقسام، ولكن الحكم للأغلب؛ فابن جرير تجد في تفسيره: التحليل والإجمال والمقارنة.
٤ - هل الرأي أداة تُستخدم بها هذه الطرق أو غيرها من الطرق غير المعتبرة، أو هو مصدر وطريق من طرق التفسير؟ محلُّ بحثٍ.
٥ - بيان أحكام القرآن على قسمين:
الأول: قسم لا ينفك عن التفسير، فهو تفسير وبيان حكم في آن واحدٍ.
الثاني: قسم يأتي بعد التفسير؛ أي أن بيان المعنى مستقل عن بيان الحكم الفقهي، فمعرفة المعنى أولًا، ثمَّ بيان الحكم الفقهي ثانيًا.
ولعله يتبين أكثر فيما إذا نظرنا إلى بيان المعاني هل ينقص أو يشكل بعدم معرفة الحكم الفقهي أم لا، فإذا كان ينقص، فالحكم الفقهي هو من باب التفسير ومن باب بيان الحكم أيضًا، وإن كان المعنى لا ينقص بعدم تفصيل الحكم، فإن المعنى قد انتهى، والحكم يكون تابعًا له ومرتّبًا عليه، وليس أصلًا فيه.
بسم الله الرحمن الرحيم
٤
مقدمة طبعة ١٤٣٢هـ
أحمدُك ربنا يا ذا الجلال، على ما أنعمت عليَّ من نِعم لا تُحصى، وأسألك أن تبارك لي في أوقاتي، وأن تعمرها بالطاعات والصالحات.
أحمدُك يا من وفقتني لسلوك هذا الطريق، وجعلتني من خُدَّام كتابك الكريم، فلك الحمد في كل حين.
أحمدُك بما وهبتني من علوم هذا الكتاب العزيز، ويسَّرت لي من معارفه ما لم أحلم به يومًا، فلك الحمد والمنة والفضل، أنت تعطي من تشاء، وتمنع من تشاء.
أحمدُك ربي على توفيقك لي في بثِّ ما وهبتني من هذه العلوم، ويسَّرت لي من تدوين ما قدرت عليه مما وهبتنيه.
وإني لأسألك أن توفقني لإتمام ما عندي من مشاريع علمية، وأن تتقبَّلها بقَبول حسن.
وأُصلي وأُسلم على رسولك الكريم، سيد الناس أجمعين، المبارك في العالمين، الذي علَّم أمته دينها، فتركها على المحجة البيضاء، ولم يتركهم لغيره في بيان الدين.
ثم أثنِّي بالصلاة والسلام على الآل الكرام، والصحب العظام الذين حملوا الدين، ونشروه في العالمين، فكانوا أسلم الناس فهمًا، وأولاهم بالكتابِ عملًا وعلمًا.
أما بعد:
فقد منَّ الله عليَّ بإخراج هذا الكتاب عام (١٤١٣هـ)، وها أنا في شهر ذي الحجة من عام (١٤٣١هـ)، أُعيد صفَّ الكتاب من جديد، وأضيف له
٥
بعض التعليقات التي لا تخرج الكتاب عن أصله الأول؛ إذ لو تدخَّلت فيه بالتعديل لتغير عن وجهه، فرأيت أن أتركه كما هو، ولعلّ الله ييسِّر لي كتابة كتاب آخر أكبر منه، أضع فيه ما عندي من إضافات في هذا العلم الجليل.
شكر وتقدير:
لا يفوتني في هذا المقام أن أشكر كل من أعانني على إخراج هذه النسخة وأخص بالذكر أخي الكريم عبد الله بن محيَّا الشتوي الذي راجعها وأضاف بعض الجداول المساعدة.
عملي في هذه النسخة:
أولًا: حرصت على بيان صفحات الطبعة السابقة؛ لأنها بقيت تُتداول فوق سبع عشرة سنة، وهذا يفيد القارئ في ضبط صفحات هذه النسخة على النسخة السابقة وقد جعلتها بين معقوفتين هكذا [].
ثانيًا: استدركت على بعض المسائل العلمية حسب المستطاع.
ثالثًا: حرصت على ذكر مرجع لما طرحت من أفكار بتوسع في كتبي الأخرى، وكذا فيما وقفت عليه من غير كتبي.
رابعًا: أفردت - بعد هذه المقدمة - ما صدر من الكتب المتعلقة بأصول التفسير لكي يستفيد منها القارئ، وسأحرص على ترتيبها حسب الطباعة.
وبعد، فإني أسأل الله أن يوفقني للخير أينما كنت، وأن ينفعني وينفع القارئ بما في هذا الكتاب، وأن يهديني إلى سواء السبيل.
رب اغفر لي ولوالدي ولأهل بيتي إنك سميع مجيب.
* * *
٦
ما صدر من الكتب المتعلقة بأصول التفسير
١ - «مقدمة في أصول التفسير»، لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: الدكتور عدنان زرزور، نشر دار القرآن الكريم، الطبعة الثالثة (١٣٩٩هـ ١٩٧٩م).
٢ - «الفوز الكبير في أصول التفسير»، لولي الله أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي، نقله إلى العربية: سلمان الحسيني الندوي، نشر دار البشائر الإسلامية، الطبعة الثانية (١٤٠٧هـ ١٩٨٧م).
٣ - «التكميل في أصول التأويل»، للمعلم عبد الحميد الفراهي، نشر الدائرة المحمدية بالهند، الطبعة الأولى (١٣٨٨هـ).
٤ - «دراسات في أصول تفسير القرآن»، لمحسن عبد الحميد، نشر مطبعة الوطن العربي، بغداد (١٩٨٠م).
٥ - «أصول التفسير وقواعده»، لخالد عبد الرحمن العك، نشر دار النفائس، الطبعة الثانية (١٤٠٦هـ ١٩٨٦م).
٦ - «بحوث في أصول التفسير»، للدكتور محمد لطفي الصباغ، نشر المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى (١٤٠٨هـ ١٩٨٨م).
٧ - «أصول في التفسير»، لمحمد بن صالح بن عثيمين، نشر دار ابن القيم، الطبعة الأولى (١٤٠٩هـ ١٩٨٩م).
٨ - «تفسير الصحابة، مميزاته وخصائصه ومصادره وقيمته العلمية»، للدكتور محمد عبد الرحيم، نشر مكتبة التراث الإسلامي، إيداع سنة (١٩٩١م).
٩ - «أصول التفسير ومناهجه»، للدكتور فهد بن عبد الرحمن الرومي، الطبعة الأولى (١٤١٣هـ).
٧
١٠ - «فصول في أصول التفسير»، لمساعد الطيار، دار النشر الدولي، الطبعة الأولى (١٤١٣هـ).
١١ - «شرح مقدمة التفسير شيخ الإسلام ابن تيمية»، للشيخ محمد بن صالح العثيمين، أعده: الدكتور عبد الله بن محمد الطيار، نشر دار الوطن، الطبعة الأولى (١٤١٥هـ ١٩٩٥م).
١٢ - «أسباب اختلاف المفسرين»، للأستاذ الدكتور محمد بن عبد الرحمن الشايع، نشر مكتبة العبيكان، الطبعة الأولى (١٤١٦هـ ١٩٩٥م).
١٣ - «دراسات في أصول التفسير ومناهجه»، لعمر يوسف حمزة، نشر مكتبة الأقصى، الدوحة، الطبعة الثانية (١٩٩٥م).
١٤ - «قواعد الترجيح عند المفسرين، دراسة نظرية تطبيقية»، للدكتور حسين الحربي، نشر دار القاسم، الطبعة الأولى (١٤١٧هـ ١٩٩٦م).
١٥ - «تفسير القرآن الكريم أصوله وضوابطه»، للأستاذ الدكتور علي بن سليمان العُبيد، نشر مكتبة التوبة، الطبعة الأولى (١٤١٨هـ ١٩٩٨م).
١٦ - «الإجماع في التفسير»، للدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري، نشر دار الوطن، (١٤٢٠هـ).
١٧ - «تفسير التابعين، عرض ودراسة مقارنة»، للدكتور محمد بن عبد الله الخضيري، نشر دار الوطن، الطبعة الأولى (١٤٢٠هـ ١٩٩٩م).
١٨ - «التفسر بالرأي، قواعده وضوابطه وأعلامه»، للدكتور محمد حمد زغلول، نشر مكتبة الفارابي، الطبعة الأولى (١٤٢٠هـ ١٩٩٩م).
١٩ - «التيسير في أصول التفسير»، لعبد الحق عبد الدائم القاضي، نشر مكتبة الجيل الجديد، صنعاء (٢٠٠٠م).
٢٠ - «قواعد التفسير»، للدكتور خالد بن عثمان السبت، نشر دار ابن عفان، الطبعة الأولى (١٤٢١هـ).
٢١ - «دراسات في أصول التفسير»، للدكتور محمد كبير يونس، منشورات كلية الدعوة الإسلامية، الطبعة الأولى (٢٠٠٢م).
٨
٢٢ - «أسباب الخطأ في التفسير، دراسة تأصيلية»، للدكتور طاهر محمود محمد يعقوب، نشر دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى (١٤٢٥هـ).
٢٣ - «الأقوال الشاذة في التفسير، نشأتها وأسبابها وآثارها»، للدكتور عبد الرحمن بن صالح الدهش، من إصدارات الحكمة، الطبعة الأولى (١٤٢٥هـ ٢٠٠٤م).
٢٤ - «اختلاف المفسرين أسبابه وآثاره»، للأستاذ الدكتور سعود بن عبد الله الفنيسان، من إصدارات كنوز أشبيليا، الطبعة الأولى (١٤٢٦هـ).
٢٥ - «شرح مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية»، للدكتور مساعد بن سليمان الطيار، نشر دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى (١٤٢٧هـ).
٢٦ - «شرح مقدمة في أصول التفسير»، لشيخ الإسلام ابن تيمية، شرح الدكتور محمد بن عمر بازمول، نشر دار الإمام أحمد، الطبعة الأولى (١٤٢٧هـ ٢٠٠٦م).
٢٧ - «مقدمة أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية»، لأحمد سعد إبراهيم عبد الرحمن، نشر دار البصائر، الطبعة الأولى (٢٠٠٦م).
٢٨ - «شرح أصول التفسير وشرح مقدمة التفسير»، لمحمد بن صالح بن عثيمين، تحقيق: صلاح الدين محمود السعيد، الطبعة الأولى (١٤٢٨هـ ٢٠٠٧م).
٢٩ - «التيسير في مصادر التفسير»، للأستاذ الدكتور محمد بن صالح البراك، نشر دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى (١٤٢٩هـ ٢٠٠٨م).
٣٠ - «نقد الصحابة والتابعين للتفسير، دراسة نظرية تطبيقية»، للدكتور عبد السلام بن صالح الجار الله، نشر دار التدمرية، الطبعة الأولى (١٤٢٩هـ ٢٠٠٨م).
٣١ - «اختلاف السلف في التفسير بين النظرية والتطبيق»، للشيخ محمد صالح محمد سليمان، نشر دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى (١٤٣٠هـ).
٩
٣٢ - «استدراكات السلف في التفسير في القرون الثلاثة الأولى»، دراسة نقدية مقارنة»، لنايف بن سعيد الزهراني، نشر دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى (١٤٣٠هـ).
٣٣ - «دراسات في قواعد الترجيح المتعلقة بالنص القرآني في ضوء ترجيحات الرازي، دراسة نظرية تطبيقية»، للدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الرومي، نشر دار التدمرية، الطبعة الأولى (١٤٣١هـ).
٣٤ - «علم أصول التفسير محاولة في البناء»، للدكتور مولاي عمر بن حماد، نشر دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، الطبعة الأولى (١٤٣١هـ ٢٠١٠م).
* * *
١٠
تقديم الدكتور محمد بن صالح الفوزان
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم، وبعد:
فقد اطلعت على مجموعة من المسائل تتعلق بالتفسير وأصوله كتبها الأخ الشيخ مساعد بن سليمان الطيار، فألفيتها بحوثًا قيِّمة أجاد فيها وأفاد، وإن أكبر فائدة تظهر لي من خلال اطلاعي على تلك المسائل ذلك المنهج الذي سلكه في تحريرها، حيث اعتمد التأصيل والتدقيق لا مجرد النقل والجمع، كما هو الحال في أكثر ما كُتب في هذا الفن (علوم القرآن وأصول التفسير)، فقد ظهرت فيه كتب كثيرة غلب عليها الجمع والنقل وتكرار ما ذكره الزركشي في «البرهان» والسيوطي في «الإتقان»، مع إضافات واستنباطات، لكنها تبقى تحت ظلال المنهج السابق.
لذا أحسب أن هذه المسائل الخطوة الأولى في منهج علمي تأصيلي يضع هذا العلم (علوم القرآن وأصول التفسير) في مصاف العلوم الأخرى التي خطّت في هذا الطريق.
وإن الباحث - أحسبه إن شاء الله - أهلًا لخوض هذا الغمار؛ لما أعرف عنه من الدأب في البحث، والاطلاع، والفكر النيِّر، الذي يعينه على الاستنباط، أسأل الله له التوفيق والسداد ...
وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم.
وكتبه د. محمد بن صالح الفوزان رئيس قسم الدراسات القرآنية [٣]
١١
المقدمة
الحمدُ لله، منزل القرآن، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، القائل: «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه»، وعلى آله وصحبه البررة الذين تعلَّموا كتاب ربهم وعملوا به ... وبعد:
فإن شرف (علوم القرآن) لا يخفى على طالب العلم، إذ شَرَفُ هذا العلم بمعلومه، وهو القرآن، ولا شك أن مباحث هذا العلم تتفاضل تفاضلًا بيِّنًا، وأن من أعلاها (علم التفسير) الذي هو بيان عن معنى كلام الله ﷾.
والناظر في هذا العلم يحتاج إلى مقدمات يدرسها لتتبيَّن له معالمه، وتتَّضح له سُبله، فلا يتيه إذا قرأ كتب هذا العلم، ولا يختلط عليه الغث بالسمين. وهذه المقدمات هي ما اصطلح عليه باسم (أصول التفسير) (١).
وهذا المصطلح قد اتخذ عنوانًا لمادة دراسية في بعض المعاهد والكليات، وقد اجتهد القائمون على مفردات هذا المنهج باختيار الموضوعات المناسبة له.
بيد أني لا أزال أرى أن هذه المفردات من حيث الغالب هي في علوم القرآن أكثر منها في (أصول التفسير).
وبما أني قمت بتدريس هذه المادة في (كلية المعلِّمين بالرياض)، فإني
(١) سيأتي إيضاح لهذا المصطلح (ص٢١).
١٣
قد اخترت بعض المباحث التي رأيت أنها ألصق بهذا العلم، اجتهدت في تحرير مسائلها على ما يأذن به الله.
ولا يزال في ذهني بعض المباحث، لكنها تتطلب استقراء كتب التفسير، فأرجو من الله أن ييسر لي ذلك، وأن يعينني عليه، إنه خير مسؤول، وأعظم معطٍ.
وقد اجتهدت أن أعزِّز مسائل هذا البحث بالأمثلة الموضحة لها، وإن كان بعضها قد يخلو منها، إلا أنني سأبحث عنها حتى أضعها في مكانها فيما بعد - إن شاء الله ـ. [٥]
ثم إن المراد بهذه الأمثلة مطلق المثال، فلا يلزمني صحته، ومتابعة تحريره، كما قيل: ليس من عادات الفحل الاعتراض على المثل؛ لأن المراد بيان مسائل هذا العلم وإيضاحها.
وقد يمر بك بعض التقسيمات التي تدخل ضمن المجال الفني فحسب، والمراد بها التنويع والتفنن في إيراد المسائل.
وبعد ... فإن ما ستراه مطروحًا في هذا البحث إنما هو اجتهاد، وما عليك أيها القارئ إلا أن تراسلني بملحوظاتك، وتعينني بآرائك، سواء كان ذلك في تحديد موضوعات هذا العلم، أم كان في المسائل المطروحة، ولك مني جزيل الشكر.
وأخيرًا لا يفوتني أن أشكر - بعد الله - والديَّ، حيث أعاناني على تحصيل العلم، ثم على من له يدٌ عليَّ في البحث، كالشيخ محمد بن صالح الفوزان - رئيس قسم الدراسات القرآنية بالكلية - الذي تقبل مشكورًا قراءتي عليه هذا البحث، وأبدى لي ملحوظاته، والأخ محمد بن عبد العزيز الخضيري - الأستاذ في القسم نفسه - الذي قرأ معي هذا البحث، وأعانني بآرائه وتصويباته.
١٤
وبعض الإخوة الذين امتنعوا من التصريح بذكرهم، فقد كان لهم الأثر - من خلال مدارستي معهم هذا العلم - في بناء لبناته، وصياغة أفكاره، فجزاهم الله خيرًا.
ولا أنسى أم عبد الملك التي أعانتني بما استطاعت، فجزاها ربي خيرًا، وجعلها خير معين لي دنيا وأخرى.
أبو عبد الملك مساعد بن سليمان الطيار الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود
[٦]
attyyar@gmail.com
www.attyyar.net
* * *
١٥
تمهيد
إن «علوم القرآن» علم مترامي الأطراف بموضوعاته المتناثرة؛ كالمكي والمدني، والناسخ والمنسوخ، وعدد الآي، والقراءات ... إلخ.
ولا يزال احتمال اكتشاف موضوعات جديدة في هذا العلم قائمًا، ومن ذلك ظهور (علم التفسير الموضوعي)، و(علم مناهج المفسرين)، وغيرها.
ومن هذه العلوم التي ظهرت - ولكن لم تلق عناية متكاملة - (علم أصول التفسير)، وهو في الحقيقة جزء من علوم القرآن، وإن كان بعضهم يجعله مرادفًا لمصطلح علوم القرآن.
ولما كان (أصول التفسير) جزءًا من (علوم القرآن)، فإني سأطرح بين يديك بعض آراء في مادة علوم القرآن، أجعلها مدار نقاش ومدارسة، رجاء أن توصل هذه المدارسة هذا العلم إلى مستوى مما هو فيه، وأن يكون لطلبة العلم اهتمام به، كما ظهر وبرز اهتمامهم بعلم الحديث وعلم الفقه.
إنه من خلال مطالعتك لمنهج (علوم القرآن) الذي يدرَّس في المعاهد والجامعات، ستلاحظ أن غالب هذه الكتب نُقول وتلخيص لما في كتابَي: «البرهان» للزركشي، «والإتقان» للسيوطي. وبهذا تفقد هذه الكتب جانبي التحقيق والتجديد، وبالأخص ما وضع منها على أنه مذكرات، ثم طبع فيما بعد على أنه كتاب، والفرق واضح بين من يكتب مذكرات للطلاب، ومن يكتب لعامة طلبة العلم.
وهذا في غالب ما كتب؛ إذ لا تخلو المكتبة القرآنية من نظرات تجديدية.
وإن من سبيل النهوض بهذا العلم: النهوض به من الجانب النظري،
١٧
والنهوض به من الجانب التحقيقي، وإن من سبيله - فيما أرى - ما يأتي: [٧]
أولًا: تشتمل مباحث علوم القرآن على جانبين: جانب نظري بحت، وجانب نظري تطبيقي.
فالأول: كعلم عدد الآي (١)، ومعرفة الصيفي والشتائي، والمنامي، والسفري والحضري من النزول ... ونحوها.
فهذه العلوم يمكن أن تدرَّس للطالب بجانبها النظري، ومن رأى فيها جانبًا تطبيقيًّا فليدرسها على الجانب التطبيقي.
والثاني: كقصص القرآن، وأمثال القرآن، وأقسام القرآن ... ونحوها.
فهذه العلوم ونحوها يمكن أن يُجرى عليها التطبيق بعد المعرفة النظرية لها.
وللتطبيق مجالان: القرآن الكريم، والتفسير، ولكل منهما ما يناسبه من الموضوعات.
والمراد بالتطبيق: أن يقوم الطالب باستخراج الأمثلة من القرآن أو التفسير؛ كما يفعله طالب علم الحديث، حينما يقوم بتخريج الأحاديث أو دراسة الأسانيد.
وعلى هذا، فيمكن أن يُطلب من الطالب استخراج الأمثلة من القرآن لموضوع (أمثال القرآن).
ويطلب منه في (المكي والمدني) دراسة أثر معرفة المكي والمدني من خلال التفسير.
بهذا، سيكون عند دارس هذا العلم ميدان تطبيقي يخرِّج منه ما درسه في الجانب المعرفي النظري.
(١) كنت كتبت هذا بناءً على طريقة عرض بعض كتب عد الآي، ثم ظهر لي أن في هذا العلم تطبيقات مهمة، وأنه يتصل بعلم الوقف والابتداء، وبعلم البلاغة، وله تعلق بفضائل بعض السور والآيات، وأن الآيات المختلف فيها مجال لمثل هذه التطبيقات.
١٨
ثانيًا: إن مما يعين في التحقيق، ويثري البحث، الرجوع إلى ما كتبه المتقدِّمون ممن نقل عنهم الزركشي والسيوطي؛ لأنهما في الغالب يلخِّصان مسائل الكتاب، وقد يكون فيما تركوا من مسائله علم يحتاج إليه في علوم القرآن.
ومما يعين - كذلك - جرد مصنفات الحديث وكتب الآثار لتحصيل ما فيها من الأحاديث والآثار في موضوعات (علوم القرآن). [٨]
فلو فهرست الكتب الستة مثلًا على موضوعات (علوم القرآن)، تصور الكم الذي ستحصل عليه هذا الموضوعات من الأحاديث والآثار.
إن الفائدة التي ستجنى من هذه الفهرسة هي الاعتماد على هذه الأحاديث والآثار في استنباط المعلومات.
إن بعض المسائل تفتقد - في كثير من الأحيان - النصوص الدالة على المعلومات التي فيها، فلو بحثت - على سبيل المثال - دليل من قال: إن عثمان جمع الناس على حرف واحد وألغى الستة الأخيرة، أو دليل من قال: إن رسول الله ﷺ كان يقف على رؤوس الآي لتعليم عدِّ الآي، ثم كان بعد ذلك يتتبع المعاني ولا يقف عندها.
إنك إذا قرأت في هذا العلم ستجد مثل هذه الأقوال التي لا يعضدها دليل.
ولذا فإن جمع الأحاديث والآثار في الموضوع الواحد يجلي غوامضه، ويبين فوائده.
وانظر - على سبيل المثال - كتاب الأحرف السبعة، للدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ، حيث جمع الآثار الواردة في الأحرف السبعة، ثم استنبط منها الفوائد والمسائل المتعلقة بها.
وأخيرًا - أيها الأخ الكريم - هذه بعض ملحوظات، أضعها بين يديك لتكون مجال مناقشة وإفادة، سدد الله خطاي وخطاك، ووفقنا لما يحب ويرضى. [٩]
* * *
١٩
أصول التفسير
فصول في أصول التفسير
إعداد مساعد بن سليمان الطيار
تقديم د. محمد بن صالح الفوزان رئيس قسم الدراسات القرآنية بكلية المعلِّمين بالرياض
دار ابن الجوزي
٣
ـ[عرض كتاب فصول في أصول التفسير]ـ (*)
عرض: عمرو الشرقاوي
تعريف موجز
الكتاب: فصول في أصول التفسير.
المؤلف: الشيخ د. مساعد الطيار.
الناشر: دار ابن الجوزي، وقد نشر الكتاب عن الدار في إصدارين مختلفين، الأول: ١٤١٣ - ١٤٢٠.
ثم أعادت نشره مع تنقيحات وزيادات عام: ١٤٢٣.
وكلاهما غلاف، ونشر قريبًا - بحمد الله - مع تشجير أعده أحد تلاميذ الشيخ، مع تجليد عن نفس الدار.
في وقت من الأوقات وعندما تبحث في المكتبة القرآنية عن كتاب مؤسس لعلم أصول التفسير، فلن تجد كتابًا يصلح للمدارسة ولاستفادة الفكرة الإجمالية لهذا العلم سوى هذا الكتاب - إلا من محاولات لم تخل من ملاحظة -.
وتمتاز كتابات شيخنا الدكتور / مساعد الطيار = بالتحرير والجدة في الطرح مع العمق، وهذا الكتاب ذكر الشيخ قصته في مقال له بعنوان: «عشرون عامًا مع أصول التفسير».
وهذا الكتاب من الكتب التي ينصح بإدمان المطالعة وجمع الفوائد إليها.
ومع اهتمام الناس بهذا العلم، وجدت ملاحظات على الكتاب - ذكر المؤلف بعضها في شرحه -، وكتب الشيخ أبو فهر السلفي بعضها على ملتقى أهل التفسير.
من أراد معرفة العلم والوقوف على مباحثه، فعليه بهذا الكتاب نظرًا وتدقيقًا.
التعريف بكتاب «فصول في أصول التفسير»
بعد المقدمة عرف المؤلف بما صدر من الكتب المتعلقة بأصول التفسير، وقد ذكر (٣٤) عنوانًا منها رسائل جامعية.
وفي بداية الكتاب ذكر المؤلف أن من سبيل النهوض بهذا العلم: النهوض به من الجانب النظري، والنهوض به من الجانب التحقيقي.
ثم عرف المؤلف بمصطلح «أصول التفسير»، واختار أن تعريفه في الاصطلاح؛ «الأسس والمقدمات العلمية التي تعين على فهم التفسير، وما يقع فيه من الاختلاف، وكيفية التعامل معه.».
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا العرض ليس في المطبوع، ومصدره الموقع الرسمي للمؤلف - حفظه الله -.
وأن محور الدراسة في هذا العلم يدور بين أمرين: كيف فُسِّر القرآن؟ وكيف نفسِّر القرآن؟
ثم تعرض المؤلف لمناهج الكتب المؤلفة في العلم، ولأبرز مراجع هذا العلم.
كما تعرض المؤلف لذكر موضوعات هذا العلم منبهًا أن ليس هناك تحديد دقيق لموضوعات هذا العلم، وذلك لأن النظر إلى موضوع (أصول التفسير) يختلف من مؤلف إلى آخر، وذكر بعض الموضوعات التي يرى أنها من أهم موضوعات هذا العلم.
بعد ذلك تكلم المصنف عن حكم التفسير وأقسامه.
وفي طرق التفسير، ذكر أن للتفسير ستة طرق!، والذي يذكر منها غالبًا أربعة، ثم ذكر بيان هذه الطرق، ثم شرحها بإيجاز.
وفي تفسير القرآن بالقرآن ذكر أنه أبلغ طرق التفسير، وذلك لأن كل قائل أعلم بقوله من غيره، ونبه أنه لا يلزم من ذلك أن كل من قال: إن هذه الآية تفسير لهذه الآية صحةُ ذلك وقَبوله؛ لأن هذا تفسير مبني على اجتهاد المفسر ورأيه، وقد لا يكون صحيحًا.
وذكر من اعتنى بهذا الطريق من أهل التفسير، ثم ذكر أنواع تفسير القرآن بالقرآن.
وفي تفسير القرآن بالسنة النبوية، تعرض لأهمية هذا المصدر، وتعرض لذكر الأنواع المستنبطة في تفسير الرسول ﷺ للقرآن.
وفي تفسير القرآن بأقوال الصحابة، ذكر أهمية الرجوع إلى أقوالهم في التفسير، وأسباب ذلك، ومصادرهم التفسير، وحكم تفسيرهم، وعن التابعين كذلك.
وفي تفسير القرآن باللغة، تعرض الشيخ للمقصود بتفسير القرآن بلغة العرب، وسبب اعتبار هذا طريقًا من طرق التفسير، وبعض ضوابط التفسير باللغة، مع ذكر عدة تنبيهات حول تفسير القرآن باللغة.
وفي التفسير بالاجتهاد والرأي، ذكر مسألة: هل وقع خلاف في جواز التفسير بالرأي؟، ومسألة: هل للتفسير المذموم حد يعرف به؟
وتعرض المؤلف لمصطلح التفسير بالمأثور، والإشكالات الواردة على هذا المصطلح.
كما ذكر أن لفظة مأثور غير دقيقة في إعطاء الوصف، ثم قال: «والذي يظهر لي أن ما يمكن أن يطلق عليه تفسير بالمأثور، ويجب الأخذ به، ثلاثة أنواع» وذكرها.
وفي فصل اختلاف السلف في التفسير، بدأ المؤلف بذكر أن الاختلاف سنة في البشر، وتعرض لذكر تقسيم الاختلاف الواقع في التفسير إلى قسمين:
الأول: اختلاف التنوع.
الثاني: اختلاف التضاد.
وقد وقع هذان القسمان في تفسير السلف، إلا أن الثاني قليل.
وتعرض المؤلف لتعريف اختلاف التنوع واختلاف التضاد، كما تعرض المؤلف لأسباب الاختلاف في تفسير السلف.
وفي الكتاب ذكر المؤلف الإجماع في التفسير، وقال: «لئن كان الإجماع في الفقه حظي بعناية العلماء فألَّفوا فيه إفرادًا، أو ضمَّنوه شيئًا من كتبهم، فإن الإجماع في التفسير لم تكن له هذه العناية»!.
وأن ذلك لا يعني عدم اهتمام المفسرين بهذا الجانب، بل تجد منهم من يحكي الإجماع في معنى بعض الآيات، ولكن هذا لا زال مبثوثًا في تفاسيرهم، لم يستخرج بعد.
وذكر فائدة جمع ما أجمع عليه المفسرون وأهميته، وكيف نصل إلى إجماعات المفسرين؟!، مع عدة تنبيهات وفوائد.
وفي الأصول التي يدور عليها التفسير، وهي التي ذكرها ابن القيم فقال: «وتفسير الناس يدور على ثلاثة أصول: تفسير على اللفظ، وهو الذي ينحو إليه المتأخرون، وتفسير على المعنى، وهو الذي يذكره السلف، وتفسير على الإشارة والقياس، وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم».
وذكر طريقة السلف العامة في التفسير هي طريقة الإجمال وعدم التفصيل.
وفي توجيه أقوال السلف، ذكر أن هذا الموضوع يعتبر شرحًا لفهم السلف للآية، وكيفية تفسيرهم لها، وكيف قالوا فيها بهذا القول أو ذاك، وذلك إما لغرابة القول، أو للطافته، أو لقوته.
وفي قواعد التفسير، ذكر أن القواعد هي: الأمور الكلية المنضبطة التي يستخدمها المفسر في تفسيره، ويكون استخدامه لها إما ابتداءً، ويبني عليها فائدة في التفسير، أو ترجيحًا بين الأقوال.
وأنه يمكن استنباط هذه القواعد من كتب التفسير، وكتب اللغة، والبلاغة، والأصول.
وفي الأخير ذكر توجيه القراءات وأثره في التفسير.
وذكر المراد بهذا العلم: بيان وجه القراءة من حيث العربية، ومعرفة الفروق بين القراءات المختلفة.
فوائد متنوعة:
١ - في علم العد تطبيقات مهمة، وهو متصل بعلم الوقف والابتداء، وبعلم البلاغة، وله تعلق بفضائل بعض السور والآيات، والآيات المختلف فيها مجال لمثل هذه التطبيقات.
٢ - غاية أصول التفسير تمييز الصواب من الخطأ، والبرهان على ذلك بالعلم الصحيح.
٣ - تقسيم التفسير إلى تحليلي وإجمالي ومقارن تقسيمات فنية، ولا يعني هذا أن كل تفسير قد تميز بأحدها فقط، بل قد تجد في تفسير من التفاسير هذه الأقسام، ولكن الحكم للأغلب؛ فابن جرير تجد في تفسيره: التحليل والإجمال والمقارنة.
٤ - هل الرأي أداة تُستخدم بها هذه الطرق أو غيرها من الطرق غير المعتبرة، أو هو مصدر وطريق من طرق التفسير؟ محلُّ بحثٍ.
٥ - بيان أحكام القرآن على قسمين:
الأول: قسم لا ينفك عن التفسير، فهو تفسير وبيان حكم في آن واحدٍ.
الثاني: قسم يأتي بعد التفسير؛ أي أن بيان المعنى مستقل عن بيان الحكم الفقهي، فمعرفة المعنى أولًا، ثمَّ بيان الحكم الفقهي ثانيًا.
ولعله يتبين أكثر فيما إذا نظرنا إلى بيان المعاني هل ينقص أو يشكل بعدم معرفة الحكم الفقهي أم لا، فإذا كان ينقص، فالحكم الفقهي هو من باب التفسير ومن باب بيان الحكم أيضًا، وإن كان المعنى لا ينقص بعدم تفصيل الحكم، فإن المعنى قد انتهى، والحكم يكون تابعًا له ومرتّبًا عليه، وليس أصلًا فيه.
بسم الله الرحمن الرحيم
٤
مقدمة طبعة ١٤٣٢هـ
أحمدُك ربنا يا ذا الجلال، على ما أنعمت عليَّ من نِعم لا تُحصى، وأسألك أن تبارك لي في أوقاتي، وأن تعمرها بالطاعات والصالحات.
أحمدُك يا من وفقتني لسلوك هذا الطريق، وجعلتني من خُدَّام كتابك الكريم، فلك الحمد في كل حين.
أحمدُك بما وهبتني من علوم هذا الكتاب العزيز، ويسَّرت لي من معارفه ما لم أحلم به يومًا، فلك الحمد والمنة والفضل، أنت تعطي من تشاء، وتمنع من تشاء.
أحمدُك ربي على توفيقك لي في بثِّ ما وهبتني من هذه العلوم، ويسَّرت لي من تدوين ما قدرت عليه مما وهبتنيه.
وإني لأسألك أن توفقني لإتمام ما عندي من مشاريع علمية، وأن تتقبَّلها بقَبول حسن.
وأُصلي وأُسلم على رسولك الكريم، سيد الناس أجمعين، المبارك في العالمين، الذي علَّم أمته دينها، فتركها على المحجة البيضاء، ولم يتركهم لغيره في بيان الدين.
ثم أثنِّي بالصلاة والسلام على الآل الكرام، والصحب العظام الذين حملوا الدين، ونشروه في العالمين، فكانوا أسلم الناس فهمًا، وأولاهم بالكتابِ عملًا وعلمًا.
أما بعد:
فقد منَّ الله عليَّ بإخراج هذا الكتاب عام (١٤١٣هـ)، وها أنا في شهر ذي الحجة من عام (١٤٣١هـ)، أُعيد صفَّ الكتاب من جديد، وأضيف له
٥
بعض التعليقات التي لا تخرج الكتاب عن أصله الأول؛ إذ لو تدخَّلت فيه بالتعديل لتغير عن وجهه، فرأيت أن أتركه كما هو، ولعلّ الله ييسِّر لي كتابة كتاب آخر أكبر منه، أضع فيه ما عندي من إضافات في هذا العلم الجليل.
شكر وتقدير:
لا يفوتني في هذا المقام أن أشكر كل من أعانني على إخراج هذه النسخة وأخص بالذكر أخي الكريم عبد الله بن محيَّا الشتوي الذي راجعها وأضاف بعض الجداول المساعدة.
عملي في هذه النسخة:
أولًا: حرصت على بيان صفحات الطبعة السابقة؛ لأنها بقيت تُتداول فوق سبع عشرة سنة، وهذا يفيد القارئ في ضبط صفحات هذه النسخة على النسخة السابقة وقد جعلتها بين معقوفتين هكذا [].
ثانيًا: استدركت على بعض المسائل العلمية حسب المستطاع.
ثالثًا: حرصت على ذكر مرجع لما طرحت من أفكار بتوسع في كتبي الأخرى، وكذا فيما وقفت عليه من غير كتبي.
رابعًا: أفردت - بعد هذه المقدمة - ما صدر من الكتب المتعلقة بأصول التفسير لكي يستفيد منها القارئ، وسأحرص على ترتيبها حسب الطباعة.
وبعد، فإني أسأل الله أن يوفقني للخير أينما كنت، وأن ينفعني وينفع القارئ بما في هذا الكتاب، وأن يهديني إلى سواء السبيل.
رب اغفر لي ولوالدي ولأهل بيتي إنك سميع مجيب.
* * *
٦
ما صدر من الكتب المتعلقة بأصول التفسير
١ - «مقدمة في أصول التفسير»، لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: الدكتور عدنان زرزور، نشر دار القرآن الكريم، الطبعة الثالثة (١٣٩٩هـ ١٩٧٩م).
٢ - «الفوز الكبير في أصول التفسير»، لولي الله أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي، نقله إلى العربية: سلمان الحسيني الندوي، نشر دار البشائر الإسلامية، الطبعة الثانية (١٤٠٧هـ ١٩٨٧م).
٣ - «التكميل في أصول التأويل»، للمعلم عبد الحميد الفراهي، نشر الدائرة المحمدية بالهند، الطبعة الأولى (١٣٨٨هـ).
٤ - «دراسات في أصول تفسير القرآن»، لمحسن عبد الحميد، نشر مطبعة الوطن العربي، بغداد (١٩٨٠م).
٥ - «أصول التفسير وقواعده»، لخالد عبد الرحمن العك، نشر دار النفائس، الطبعة الثانية (١٤٠٦هـ ١٩٨٦م).
٦ - «بحوث في أصول التفسير»، للدكتور محمد لطفي الصباغ، نشر المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى (١٤٠٨هـ ١٩٨٨م).
٧ - «أصول في التفسير»، لمحمد بن صالح بن عثيمين، نشر دار ابن القيم، الطبعة الأولى (١٤٠٩هـ ١٩٨٩م).
٨ - «تفسير الصحابة، مميزاته وخصائصه ومصادره وقيمته العلمية»، للدكتور محمد عبد الرحيم، نشر مكتبة التراث الإسلامي، إيداع سنة (١٩٩١م).
٩ - «أصول التفسير ومناهجه»، للدكتور فهد بن عبد الرحمن الرومي، الطبعة الأولى (١٤١٣هـ).
٧
١٠ - «فصول في أصول التفسير»، لمساعد الطيار، دار النشر الدولي، الطبعة الأولى (١٤١٣هـ).
١١ - «شرح مقدمة التفسير شيخ الإسلام ابن تيمية»، للشيخ محمد بن صالح العثيمين، أعده: الدكتور عبد الله بن محمد الطيار، نشر دار الوطن، الطبعة الأولى (١٤١٥هـ ١٩٩٥م).
١٢ - «أسباب اختلاف المفسرين»، للأستاذ الدكتور محمد بن عبد الرحمن الشايع، نشر مكتبة العبيكان، الطبعة الأولى (١٤١٦هـ ١٩٩٥م).
١٣ - «دراسات في أصول التفسير ومناهجه»، لعمر يوسف حمزة، نشر مكتبة الأقصى، الدوحة، الطبعة الثانية (١٩٩٥م).
١٤ - «قواعد الترجيح عند المفسرين، دراسة نظرية تطبيقية»، للدكتور حسين الحربي، نشر دار القاسم، الطبعة الأولى (١٤١٧هـ ١٩٩٦م).
١٥ - «تفسير القرآن الكريم أصوله وضوابطه»، للأستاذ الدكتور علي بن سليمان العُبيد، نشر مكتبة التوبة، الطبعة الأولى (١٤١٨هـ ١٩٩٨م).
١٦ - «الإجماع في التفسير»، للدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري، نشر دار الوطن، (١٤٢٠هـ).
١٧ - «تفسير التابعين، عرض ودراسة مقارنة»، للدكتور محمد بن عبد الله الخضيري، نشر دار الوطن، الطبعة الأولى (١٤٢٠هـ ١٩٩٩م).
١٨ - «التفسر بالرأي، قواعده وضوابطه وأعلامه»، للدكتور محمد حمد زغلول، نشر مكتبة الفارابي، الطبعة الأولى (١٤٢٠هـ ١٩٩٩م).
١٩ - «التيسير في أصول التفسير»، لعبد الحق عبد الدائم القاضي، نشر مكتبة الجيل الجديد، صنعاء (٢٠٠٠م).
٢٠ - «قواعد التفسير»، للدكتور خالد بن عثمان السبت، نشر دار ابن عفان، الطبعة الأولى (١٤٢١هـ).
٢١ - «دراسات في أصول التفسير»، للدكتور محمد كبير يونس، منشورات كلية الدعوة الإسلامية، الطبعة الأولى (٢٠٠٢م).
٨
٢٢ - «أسباب الخطأ في التفسير، دراسة تأصيلية»، للدكتور طاهر محمود محمد يعقوب، نشر دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى (١٤٢٥هـ).
٢٣ - «الأقوال الشاذة في التفسير، نشأتها وأسبابها وآثارها»، للدكتور عبد الرحمن بن صالح الدهش، من إصدارات الحكمة، الطبعة الأولى (١٤٢٥هـ ٢٠٠٤م).
٢٤ - «اختلاف المفسرين أسبابه وآثاره»، للأستاذ الدكتور سعود بن عبد الله الفنيسان، من إصدارات كنوز أشبيليا، الطبعة الأولى (١٤٢٦هـ).
٢٥ - «شرح مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية»، للدكتور مساعد بن سليمان الطيار، نشر دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى (١٤٢٧هـ).
٢٦ - «شرح مقدمة في أصول التفسير»، لشيخ الإسلام ابن تيمية، شرح الدكتور محمد بن عمر بازمول، نشر دار الإمام أحمد، الطبعة الأولى (١٤٢٧هـ ٢٠٠٦م).
٢٧ - «مقدمة أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية»، لأحمد سعد إبراهيم عبد الرحمن، نشر دار البصائر، الطبعة الأولى (٢٠٠٦م).
٢٨ - «شرح أصول التفسير وشرح مقدمة التفسير»، لمحمد بن صالح بن عثيمين، تحقيق: صلاح الدين محمود السعيد، الطبعة الأولى (١٤٢٨هـ ٢٠٠٧م).
٢٩ - «التيسير في مصادر التفسير»، للأستاذ الدكتور محمد بن صالح البراك، نشر دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى (١٤٢٩هـ ٢٠٠٨م).
٣٠ - «نقد الصحابة والتابعين للتفسير، دراسة نظرية تطبيقية»، للدكتور عبد السلام بن صالح الجار الله، نشر دار التدمرية، الطبعة الأولى (١٤٢٩هـ ٢٠٠٨م).
٣١ - «اختلاف السلف في التفسير بين النظرية والتطبيق»، للشيخ محمد صالح محمد سليمان، نشر دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى (١٤٣٠هـ).
٩
٣٢ - «استدراكات السلف في التفسير في القرون الثلاثة الأولى»، دراسة نقدية مقارنة»، لنايف بن سعيد الزهراني، نشر دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى (١٤٣٠هـ).
٣٣ - «دراسات في قواعد الترجيح المتعلقة بالنص القرآني في ضوء ترجيحات الرازي، دراسة نظرية تطبيقية»، للدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الرومي، نشر دار التدمرية، الطبعة الأولى (١٤٣١هـ).
٣٤ - «علم أصول التفسير محاولة في البناء»، للدكتور مولاي عمر بن حماد، نشر دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، الطبعة الأولى (١٤٣١هـ ٢٠١٠م).
* * *
١٠
تقديم الدكتور محمد بن صالح الفوزان
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم، وبعد:
فقد اطلعت على مجموعة من المسائل تتعلق بالتفسير وأصوله كتبها الأخ الشيخ مساعد بن سليمان الطيار، فألفيتها بحوثًا قيِّمة أجاد فيها وأفاد، وإن أكبر فائدة تظهر لي من خلال اطلاعي على تلك المسائل ذلك المنهج الذي سلكه في تحريرها، حيث اعتمد التأصيل والتدقيق لا مجرد النقل والجمع، كما هو الحال في أكثر ما كُتب في هذا الفن (علوم القرآن وأصول التفسير)، فقد ظهرت فيه كتب كثيرة غلب عليها الجمع والنقل وتكرار ما ذكره الزركشي في «البرهان» والسيوطي في «الإتقان»، مع إضافات واستنباطات، لكنها تبقى تحت ظلال المنهج السابق.
لذا أحسب أن هذه المسائل الخطوة الأولى في منهج علمي تأصيلي يضع هذا العلم (علوم القرآن وأصول التفسير) في مصاف العلوم الأخرى التي خطّت في هذا الطريق.
وإن الباحث - أحسبه إن شاء الله - أهلًا لخوض هذا الغمار؛ لما أعرف عنه من الدأب في البحث، والاطلاع، والفكر النيِّر، الذي يعينه على الاستنباط، أسأل الله له التوفيق والسداد ...
وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم.
وكتبه د. محمد بن صالح الفوزان رئيس قسم الدراسات القرآنية [٣]
١١
المقدمة
الحمدُ لله، منزل القرآن، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، القائل: «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه»، وعلى آله وصحبه البررة الذين تعلَّموا كتاب ربهم وعملوا به ... وبعد:
فإن شرف (علوم القرآن) لا يخفى على طالب العلم، إذ شَرَفُ هذا العلم بمعلومه، وهو القرآن، ولا شك أن مباحث هذا العلم تتفاضل تفاضلًا بيِّنًا، وأن من أعلاها (علم التفسير) الذي هو بيان عن معنى كلام الله ﷾.
والناظر في هذا العلم يحتاج إلى مقدمات يدرسها لتتبيَّن له معالمه، وتتَّضح له سُبله، فلا يتيه إذا قرأ كتب هذا العلم، ولا يختلط عليه الغث بالسمين. وهذه المقدمات هي ما اصطلح عليه باسم (أصول التفسير) (١).
وهذا المصطلح قد اتخذ عنوانًا لمادة دراسية في بعض المعاهد والكليات، وقد اجتهد القائمون على مفردات هذا المنهج باختيار الموضوعات المناسبة له.
بيد أني لا أزال أرى أن هذه المفردات من حيث الغالب هي في علوم القرآن أكثر منها في (أصول التفسير).
وبما أني قمت بتدريس هذه المادة في (كلية المعلِّمين بالرياض)، فإني
(١) سيأتي إيضاح لهذا المصطلح (ص٢١).
١٣
قد اخترت بعض المباحث التي رأيت أنها ألصق بهذا العلم، اجتهدت في تحرير مسائلها على ما يأذن به الله.
ولا يزال في ذهني بعض المباحث، لكنها تتطلب استقراء كتب التفسير، فأرجو من الله أن ييسر لي ذلك، وأن يعينني عليه، إنه خير مسؤول، وأعظم معطٍ.
وقد اجتهدت أن أعزِّز مسائل هذا البحث بالأمثلة الموضحة لها، وإن كان بعضها قد يخلو منها، إلا أنني سأبحث عنها حتى أضعها في مكانها فيما بعد - إن شاء الله ـ. [٥]
ثم إن المراد بهذه الأمثلة مطلق المثال، فلا يلزمني صحته، ومتابعة تحريره، كما قيل: ليس من عادات الفحل الاعتراض على المثل؛ لأن المراد بيان مسائل هذا العلم وإيضاحها.
وقد يمر بك بعض التقسيمات التي تدخل ضمن المجال الفني فحسب، والمراد بها التنويع والتفنن في إيراد المسائل.
وبعد ... فإن ما ستراه مطروحًا في هذا البحث إنما هو اجتهاد، وما عليك أيها القارئ إلا أن تراسلني بملحوظاتك، وتعينني بآرائك، سواء كان ذلك في تحديد موضوعات هذا العلم، أم كان في المسائل المطروحة، ولك مني جزيل الشكر.
وأخيرًا لا يفوتني أن أشكر - بعد الله - والديَّ، حيث أعاناني على تحصيل العلم، ثم على من له يدٌ عليَّ في البحث، كالشيخ محمد بن صالح الفوزان - رئيس قسم الدراسات القرآنية بالكلية - الذي تقبل مشكورًا قراءتي عليه هذا البحث، وأبدى لي ملحوظاته، والأخ محمد بن عبد العزيز الخضيري - الأستاذ في القسم نفسه - الذي قرأ معي هذا البحث، وأعانني بآرائه وتصويباته.
١٤
وبعض الإخوة الذين امتنعوا من التصريح بذكرهم، فقد كان لهم الأثر - من خلال مدارستي معهم هذا العلم - في بناء لبناته، وصياغة أفكاره، فجزاهم الله خيرًا.
ولا أنسى أم عبد الملك التي أعانتني بما استطاعت، فجزاها ربي خيرًا، وجعلها خير معين لي دنيا وأخرى.
أبو عبد الملك مساعد بن سليمان الطيار الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود
[٦]
attyyar@gmail.com
www.attyyar.net
* * *
١٥
تمهيد
إن «علوم القرآن» علم مترامي الأطراف بموضوعاته المتناثرة؛ كالمكي والمدني، والناسخ والمنسوخ، وعدد الآي، والقراءات ... إلخ.
ولا يزال احتمال اكتشاف موضوعات جديدة في هذا العلم قائمًا، ومن ذلك ظهور (علم التفسير الموضوعي)، و(علم مناهج المفسرين)، وغيرها.
ومن هذه العلوم التي ظهرت - ولكن لم تلق عناية متكاملة - (علم أصول التفسير)، وهو في الحقيقة جزء من علوم القرآن، وإن كان بعضهم يجعله مرادفًا لمصطلح علوم القرآن.
ولما كان (أصول التفسير) جزءًا من (علوم القرآن)، فإني سأطرح بين يديك بعض آراء في مادة علوم القرآن، أجعلها مدار نقاش ومدارسة، رجاء أن توصل هذه المدارسة هذا العلم إلى مستوى مما هو فيه، وأن يكون لطلبة العلم اهتمام به، كما ظهر وبرز اهتمامهم بعلم الحديث وعلم الفقه.
إنه من خلال مطالعتك لمنهج (علوم القرآن) الذي يدرَّس في المعاهد والجامعات، ستلاحظ أن غالب هذه الكتب نُقول وتلخيص لما في كتابَي: «البرهان» للزركشي، «والإتقان» للسيوطي. وبهذا تفقد هذه الكتب جانبي التحقيق والتجديد، وبالأخص ما وضع منها على أنه مذكرات، ثم طبع فيما بعد على أنه كتاب، والفرق واضح بين من يكتب مذكرات للطلاب، ومن يكتب لعامة طلبة العلم.
وهذا في غالب ما كتب؛ إذ لا تخلو المكتبة القرآنية من نظرات تجديدية.
وإن من سبيل النهوض بهذا العلم: النهوض به من الجانب النظري،
١٧
والنهوض به من الجانب التحقيقي، وإن من سبيله - فيما أرى - ما يأتي: [٧]
أولًا: تشتمل مباحث علوم القرآن على جانبين: جانب نظري بحت، وجانب نظري تطبيقي.
فالأول: كعلم عدد الآي (١)، ومعرفة الصيفي والشتائي، والمنامي، والسفري والحضري من النزول ... ونحوها.
فهذه العلوم يمكن أن تدرَّس للطالب بجانبها النظري، ومن رأى فيها جانبًا تطبيقيًّا فليدرسها على الجانب التطبيقي.
والثاني: كقصص القرآن، وأمثال القرآن، وأقسام القرآن ... ونحوها.
فهذه العلوم ونحوها يمكن أن يُجرى عليها التطبيق بعد المعرفة النظرية لها.
وللتطبيق مجالان: القرآن الكريم، والتفسير، ولكل منهما ما يناسبه من الموضوعات.
والمراد بالتطبيق: أن يقوم الطالب باستخراج الأمثلة من القرآن أو التفسير؛ كما يفعله طالب علم الحديث، حينما يقوم بتخريج الأحاديث أو دراسة الأسانيد.
وعلى هذا، فيمكن أن يُطلب من الطالب استخراج الأمثلة من القرآن لموضوع (أمثال القرآن).
ويطلب منه في (المكي والمدني) دراسة أثر معرفة المكي والمدني من خلال التفسير.
بهذا، سيكون عند دارس هذا العلم ميدان تطبيقي يخرِّج منه ما درسه في الجانب المعرفي النظري.
(١) كنت كتبت هذا بناءً على طريقة عرض بعض كتب عد الآي، ثم ظهر لي أن في هذا العلم تطبيقات مهمة، وأنه يتصل بعلم الوقف والابتداء، وبعلم البلاغة، وله تعلق بفضائل بعض السور والآيات، وأن الآيات المختلف فيها مجال لمثل هذه التطبيقات.
١٨
ثانيًا: إن مما يعين في التحقيق، ويثري البحث، الرجوع إلى ما كتبه المتقدِّمون ممن نقل عنهم الزركشي والسيوطي؛ لأنهما في الغالب يلخِّصان مسائل الكتاب، وقد يكون فيما تركوا من مسائله علم يحتاج إليه في علوم القرآن.
ومما يعين - كذلك - جرد مصنفات الحديث وكتب الآثار لتحصيل ما فيها من الأحاديث والآثار في موضوعات (علوم القرآن). [٨]
فلو فهرست الكتب الستة مثلًا على موضوعات (علوم القرآن)، تصور الكم الذي ستحصل عليه هذا الموضوعات من الأحاديث والآثار.
إن الفائدة التي ستجنى من هذه الفهرسة هي الاعتماد على هذه الأحاديث والآثار في استنباط المعلومات.
إن بعض المسائل تفتقد - في كثير من الأحيان - النصوص الدالة على المعلومات التي فيها، فلو بحثت - على سبيل المثال - دليل من قال: إن عثمان جمع الناس على حرف واحد وألغى الستة الأخيرة، أو دليل من قال: إن رسول الله ﷺ كان يقف على رؤوس الآي لتعليم عدِّ الآي، ثم كان بعد ذلك يتتبع المعاني ولا يقف عندها.
إنك إذا قرأت في هذا العلم ستجد مثل هذه الأقوال التي لا يعضدها دليل.
ولذا فإن جمع الأحاديث والآثار في الموضوع الواحد يجلي غوامضه، ويبين فوائده.
وانظر - على سبيل المثال - كتاب الأحرف السبعة، للدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ، حيث جمع الآثار الواردة في الأحرف السبعة، ثم استنبط منها الفوائد والمسائل المتعلقة بها.
وأخيرًا - أيها الأخ الكريم - هذه بعض ملحوظات، أضعها بين يديك لتكون مجال مناقشة وإفادة، سدد الله خطاي وخطاك، ووفقنا لما يحب ويرضى. [٩]
* * *
١٩
أصول التفسير
ويطلق الأصل على مبدأ الشيء، وما يبنى عليه غيره، وعبَّر عنه بعضهم بأنه: ما
يفتقر إليه غيره، ولا يفتقر هو إلى غيره، وهذا مستوحى من المعنى اللغوي.
ويقرب من معنى الأصل: القاعدة، وهي: الأساس الذي يبنى عليه البيت.
ويقرب من معنى الأصل: القاعدة، وهي: الأساس الذي يبنى عليه البيت.
والتفسير في اللغة:
مأخوذ من مادة (فَسَرَ)، وهي تدل على ظهور الشيء وبيانه، ومنه الكشف عن المعنى
الغامض.
وللتفسير في الاصطلاح تعاريف (١)، ومن أوضحها:
بيان كلام الله المعجز المنزل على محمد ﷺ.
وأصول التفسير: هي الأسس والمقدمات العلمية التي تعين على فهم التفسير، وما يقع فيه من الاختلاف، وكيفية التعامل معه.
ويدور محور الدراسة في هذا العلم بين أمرين: كيف فُسِّر القرآن؟ وكيف نفسِّر القرآن؟
ففي الأولى يكون الرجوع إلى تفاسير السابقين ومعرفة مناهجهم وطرقهم فيها، خاصة تفاسير السلف التي تُعَدُّ العمدة في هذا العلم.
(١) فصَّلت في تعريف التفسير، وناقشت بعض التعريفات فيه في موضعين: الأول في كتابي «التفسير اللغوي» (ص١٩ - ٣٢)، ثم في كتابي «مفهوم التفسير والتأويل والتدبر والاستنباط والمفسر» (ص٥٣ - ٨٨).
٢١
وفي الثانية يكون الاعتماد على ما قُعِّدَ من أصول في تفاسير السابقين، لكي يُعتَمد الصحيح في التفسير، ويتجنب الخطأ فيه (١).
ومما يجدر ذكره، أنه لا توجد دراسة متكاملة لموضوعات هذا العلم، الكتب التي كتبت في هذا العلم سارت على ثلاثة مناهج:
• الأول: ما غلب موضوعات علوم القرآن؛ ككتاب (الفوز الكبير في أصول التفسير)، للدهلوي. [١١]
• والثاني: ما اعتمد مسائل أصول الفقه المتعلقة بالقرآن، ودرسها من باب التفسير؛ ككتاب (دراسات في أصول تفسير القرآن) للدكتور: محسن عبد الحميد.
• والثالث: كتب قعَّدت مسائل من هذا العلم؛ ككتاب (مقدمة في أصول التفسير) لشيخ الإسلام ابن تيمية.
وسأجتهد في أن أسير في هذا البحث على منهج التقعيد والتجديد، وأرجو أن أستطيع تغطية شيءٍ من جوانبه، وعرض جزءٍ من مسائله على هذا الجانب التقعيدي.
(١) في حديث عَائِشَةَ ﵂ في الصحيحين، قالت: (تَلاَ رَسُولُ اللهِ ﷺ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَاوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَاوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: ٧] قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذين سَمَّى اللهُ فَاحْذَرُوهُم») وجدت أنه أصل في أصول التفسير؛ لأنه يتضمن الفائدة الكبرى من أصول التفسير:
الأولى: معرفة القول الصواب وتمييزه عن غيره.
الثانية: معرفة القول الخطأ بأنه خطأ، وإلا لما أمكن الحذر منه.
وغاية أصول التفسير تمييز الصواب من الخطأ، والبرهان على ذلك بالعلم الصحيح.
٢٢
مراجع هذا العلم:
١ - كتب مصدرة بهذا الاسم، وهو: (أصول التفسير)
وهذه الكتب لم تحوِ جميع مادة هذا العلم، ولكن فيها مسائل متناثرة منه، ومن أهم هذه المؤلفات:
أـ «مقدمة في أصول التفسير»، لشيخ الإسلام ابن تيمية (ت:٧٢٨هـ).
وليس هذا الاسم (مقدمة في أصول التفسير) من وضع شيخ الإسلام، بل هو من وضع مفتي الحنابلة بدمشق، جميل الشطي الذي طبع الكتاب سنة ١٣٥٥هـ (١).
وقد نبه شيخ الإسلام في المقدمة على أن ما سيكتبه هو قواعد تعين على فهم القرآن وتفسيره وبيان معانيه (٢).
ب - «الفوز الكبير في أصول التفسير» للدهلوي (ت:١١٧٦هـ).
جـ «أصول في التفسير» للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين.
د - «أصول التفسير وقواعده» لخالد العك.
هـ «بحوث في أصول التفسير» لمحمد لطفي الصباغ، وقد اعتمد مقدمات المفسرين وبعض الكتب؛ ككتاب شيخ الإسلام، وكتاب الدهلوي، وهو - في كل هذا - يذكر ملخصًا لمسائل هذه المقدمات، وهذه الكتب.
وـ «دراسات في أصول التفسير» لمحسن عبد الحميد.
ز - «أصول التفسير ومناهجه» للدكتور فهد الرومي. [١٢]
وقد ألف ابن القيم في هذا الباب، لكن لم توجد هذه الرسالة بعد (٣).
(١) انظر: مقدمة عدنان زرزور لكتاب شيخ الإسلام، (ص٢٢).
(٢) انظر: (ص٣٣) من مقدمة في أصول التفسير (ت: عدنان زرزور).
(٣) انظر: «جلاء الأفهام» (ص١٥٩).
٢٣
- مقدمات المفسرين التي يقدمون بها تفاسيرهم:
تجد في بعض التفاسير مقدماتٍ مهمة تتعلق بهذا العلم، حيث يذكرون شيئًا من مباحثه، ومن أمثلة ذلك:
• مقدمة ابن كثير، وقد استفادها من شيخ الإسلام ابن تيمية.
• مقدمة النكت والعيون، للماوردي.
• مقدمة ابن جزي الكلبي لتفسيره.
• مقدمة جامع التفاسير، للراغب الأصفهاني.
• مقدمة القاسمي لتفسيره.
• مقدمة التحرير والتنوير.
وغيرها من المقدمات التي تطول فصولها وتستوعب كثيرًا من المباحث، فإنها لا تخلو من مباحث في هذا العلم.
- كتب علوم القرآن:
يعتبر أصول التفسير جزءًا من علوم القرآن (١) - وإن كان بعضهم يجعله مصطلحًا مرادفًا - ولذا؛ فإن الباحث في كتب علوم القرآن سيظفر بمجموعة من مسائل هذا العلم.
ومن هذه الكتب:
كتاب «البرهان في علوم القرآن» لبدر الدين الزركشي (ت:٧٩٤هـ)، وكتاب «الإتقان في علوم القرآن» لجلال الدين السيوطي (ت:٩١١هـ).
وغيرها من الكتب التي تشمل جملة من علوم القرآن. [١٣]
٤ - كتب التفاسير:
استقراء كتب التفسير أهم هذه المراجع، وبه تظهر فوائد هذا العلم،
(١) كتبت في هذه المسألة تفصيلًا، ينظر: «مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير»، ط. دار المحدث (ص٣٣ - ٣٥)؛ و«المحرر في علوم القرآن» (ص٥٣ - ٥٥).
٢٤
والرجوع إلى التفاسير واستنباط المعلومات منها يثري البحث ويزيده قوة، ومن أهم الكتب التي يمكن استقراؤها في التفسير كتب المحققين الذين يعتمدون النقاش والترجيح بعد نقل الأقوال.
ومن هذه الكتب على سبيل المثال:
١ - تفسير الإمام الطبري.
٢ - تفسير ابن عطية.
٣ - تفسير الشنقيطي.
٤ - تفسير الطاهر بن عاشور.
موضوعات هذا العلم:
ليس هناك تحديد دقيق لموضوعات هذا العلم، وذلك لأن النظر إلى موضوع (أصول التفسير) يختلف من مؤلف إلى آخر، وسأذكر لك بعض الموضوعات التي أرى أنها من أهم موضوعات هذا العلم، وهي التي ستجدها في هذا البحث:
١ - حكم التفسير وأقسامه.
٢ - طرق التفسير.
٣ - التفسير بالرأي والمأثور.
٤ - الأصول التي يدور عليها التفسير (١).
٥ - طريقة السلف في التفسير (٢).
٦ - أسباب الاختلاف في التفسير.
٧ - أنواع الاختلاف في التفسير.
٨ - الإجماع في التفسير. [١٤]
٩ - توجيه أقوال السلف.
(١) و(٢) هذان الموضوعان يحسن دمجهما لتقارب الفكرة بينهما.
٢٥
١٠ - توجيه القراءات (١).
١١ - أساليب التفسير.
١٢ - كليَّات القرآن (٢).
١٣ - قواعد عامة في التفسير.
١٤ - القواعد الترجيحية في التفسير. [١٥]
* * *
(١) و(٢) هذا الموضوع لا يدخل في أصول التفسير.
٢٦
حكم التفسير وأقسامه
حكم التفسير:
أنزل الله كتابه ليتدبره الناس، قال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ [ص: ٢٩]، ونعى على من لم يتدبره، فقال: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: ٢٤]، والتدبر يكون بعد تفسير ألفاظه وفهم معانيه، ولذا فالمسلم مأمور بهذا الفهم والتفسير (١).
(١) انظر: «تفسير الطبري» (١/ ٣٦، ٣٧)، قال الطبري: «وَفِي حَثِّ اللهُ ﷿ عِبَادَهُ عَلَى الاِعْتِبَارِ بِمَا فِي آيِ الْقُرْآنِ، مِنَ الْمَوَاعِظِ وَالتِّبْيَانِ، بِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، لِنَبِيِّهِ ﷺ: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ﴾ [ص: ٢٩] وَقَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ *قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الزمر: ٢٧، ٢٨] وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ آيِ الْقُرْآنِ، الَّتِي أَمَرَ اللهُ عِبَادَهُ، وَحَثَّهُمْ فِيهَا، عَلَى الاِعْتِبَارِ بِأَمْثَالِ آيِ الْقُرْآنِ، وَالاِتِّعَاظِ بِمَوَاعِظِهِ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَةَ [ص:٧٧] تَاوِيلِ مَا لَمْ يَحْجُبْ عَنْهُمْ تَاوِيلَهُ مِنْ آيَاتٍ، لأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ لاَ يَفْهَمْ مَا يُقَالُ لَهُ وَلاَ يَعْقِلُ تَاوِيلَهُ: اعْتَبِرْ بِمَا لاَ فَهْمَ لَكَ بِهِ، وَلاَ مَعْرِفَةَ مِنَ الْقِيلِ وَالْبَيَانِ إِلاَّ عَلَى مَعْنَى الامْرِ بِأَنْ يَفْهَمَهُ وَيَفْقَهَهُ، ثُمَّ يَتَدَبَّرَهُ وَيَعْتَبِرَ بِهِ. فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ، فَمُسْتَحِيلٌ أَمْرُهُ بِتَدَبُّرِهِ. وَهُوَ بِمَعْنَاهُ جَاهِلٌ، كَمَا مُحَالٌ أَنْ يُقَالَ لِبَعْضِ أَصْنَافِ الامَمِ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ كَلاَمَ الْعَرَبِ وَلاَ يَفْهَمُونَهُ.
لَوْ أُنْشِدَتْ قَصِيدَةُ شِعْرٍ مِنْ أَشْعَارِ بَعْضِ الْعَرَبِ، ذَاتُ أَمْثَالٍ وَمَوَاعِظَ وَحِكَمٍ: اعْتَبِرْ بِمَا فِيهَا مِنَ الامْثَالِ، وَادَّكَّرْ بِمَا فِيهَا مِنَ الْمَوَاعِظِ إِلاَّ بِمَعْنَى الامْرِ لَهَا بِفَهْمِ كَلاَمِ الْعَرَبِ وَمَعْرِفَتِهِ، ثُمَّ الاِعْتِبَارُ بِمَا نَبَّهَهُ عَلَيْهِ مَا فِيهَا مِنَ الْحِكَمِ، فَأَمَّا وَهِيَ جَاهِلَةٌ بِمَعَانِي مَا فِيهَا مِنَ الْكَلاَمِ وَالْمَنْطِقِ؛ فَمُحَالٌ أَمْرُهَا بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مَعَانِي مَا حَوَتْهُ مِنَ الامْثَالِ وَالْعِبَرِ. بَلْ سَوَاءٌ أَمْرُهَا بِذَلِكَ وَأَمْرُ بَعْضِ الْبَهَائِمِ بِهِ، إِلاَّ بَعْدَ الْعِلْمِ بِمَعَانِي الْمَنْطِقِ وَالْبَيَانِ الَّذِي فِيهَا. فَكَذَلِكَ مَا فِي آيِ كِتَابِ اللهِ، مِنَ الْعِبَرِ وَالْحِكَمِ وَالامْثَالِ وَالْمَوَاعِظِ، لاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: اعْتَبِرْ بِهَا، إِلاَّ =
٢٧
وتعلُّم التفسير واجب على الأمة من حيث العموم، فلا يجوز أن تخلو الأمة من عالم بالتفسير يعلّم الأمة معاني كلام ربها.
أما الأفراد فعلى كلٍّ منهم واجبٌ منه، وهو ما يقيمون به فرائضهم، ويعرفون به ربهم.
ولابن عباس تقسيم للتفسير، ويمكن تقسيم الحكم على كل قسم بحسبه، ومنه معرفة ما يجب على أفراد الأمة (١) كما سيأتي:
أقسام التفسير:
للتفسير أقسام عدة، وكل قسم مبني على اعتبار، ويكون هذا الاعتبار بالنظر إلى جهة من جهات التفسير.
ويمكن تقسيم هذه الاعتبارات إلى ما يلي:
١ - باعتبار معرفة الناس له.
٢ - باعتبار طريق الوصول إليه.
٣ - باعتبار أساليبه.
٤ - باعتبار اتجاهات المفسرين فيه.
هذه بعض الاعتبارات، وهناك اعتبارات أخرى يمكن تقسيم التفسير
= لِمَنْ كَانَ بِمَعَانِي بَيَانِهِ عَالِمًا، وَبِكَلاَمِ الْعَرَبِ عَارِفًا، وَإِلاَّ بِمَعْنَى الامْرِ لِمَنْ كَانَ بِذَلِكَ مِنْهُ جَاهِلًا، أَنْ يَعْلَمَ مَعَانِي كَلاَمِ الْعَرَبِ، ثُمَّ يَتَدَبَّرُهُ بَعْدُ، وَيَتَّعِظُ بِحِكَمِهِ وَصُنُوفِ عِبَرِهِ [ص:٧٨] فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، قَدْ أَمَرَ عِبَادَهُ بِتَدَبُّرِهِ، وَحَثَّهُمْ عَلَى الاِعْتِبَارِ بِأَمْثَالِهِ، كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ لَمْ يَامُرْ بِذَلِكَ مَنْ كَانَ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ آيُهُ جَاهِلًا. وَإِذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَامُرَهُمُ بِذَلِكَ، إِلاَّ وَهُمْ بِمَا يَدُلُّهُمْ عَلَيْهِ عَالِمُونَ = صَحَّ أَنَّهُمْ بِتَاوِيلِ مَا لَمْ يَحْجُبْ عَنْهُمْ عِلْمَهُ مِنْ آيِهِ، الَّذِي اسْتَاثَرَ اللهُ بِعِلْمِهِ مِنْهُ دُونَ خَلْقِهِ، الَّذِي قَدْ قَدَّمْنَا صِفَتَهُ آنِفًا عَارِفُونَ.
وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ، فَسَدَ قَوْلُ مَنْ أَنْكَرَ تَفْسِيرَ الْمُفَسِّرِينَ مِنْ كِتَابِ اللهِ وَتَنْزِيلِهِ، مَا لَمْ يَحْجُبْ عَنْ خَلْقِهِ تَاوِيلَهُ». «تفسير الطبري»، تحقيق د. عبد الله التركي (١/ ٧٨).
(١) أفادني بترتيب هذه الأحكام على هذا التقسيم الأخ محمد عبد العزيز الخضيري.
٢٨
عليها، كاللفظ [١٦] والمعنى - وسيأتي - والاعتبار الزماني، والمكاني وغيرها.
أولًا: باعتبار معرفة الناس له:
قسَّم حبر الأمة ابن عباس التفسير، وجعله أربعة أوجه (١):
١ - وجه تعرفه العرب من كلامها.
٢ - وتفسير لا يعذر أحد بجهله.
٣ - وتفسير يعلمه العلماء.
٤ - وتفسير لا يعلمه إلا الله، ومن ادعى علمه فقد كذب.
تفصيل هذه الأوجه وبناء الحكم عليها (٢):
الوجه الأول: ما تعرفه العرب من كلامها:
يشمل هذا القسم ألفاظ القرآن، وأساليبه في الخطاب، وذلك لأنه نزل بلغتهم وعلى طرائقهم في الكلام.
وهذه الألفاظ والأساليب معلومةٌ لديهم غير خافية، وإن كان قد يخفى على أفراد منهم شيء منها، وذلك لغرابتها على مسمعه، أو لعدم اعتياده عليها في لغة قومه، كما خفي على ابن عباس بعض معاني مفرداته؛ كلفظ «فاطر»، وغيرها.
ولذا تجد في تفاسير السلف تفسيرهم اللغوي لمعنى الصمد، والكفؤ، والفلق، والغاسق ... إلخ.
والأساليب لما كانت على سَنَنِهم في الكلام (٣) لم يَخْفَ عليهم
(١) «تفسير الطبري» (١/ ٣٤)، وانظر ما قبله من كلام الطبري، و«إيضاح الوقف والابتداء» (١/ ١٠١).
(٢) أضفت إلى هذا شرحًا، ينظر: «مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير»، ط. دار المحدث (ص١٢١ - ١٢٦).
(٣) راجع في ذلك: «تأويل مشكل القرآن» لابن قتيبة، و«الصاحبي في فقه اللغة» لابن فارس.
٢٩
المراد بها، فيعلمون من قوله تعالى: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: ٤٩]، أن هذا الخطاب خطاب امتهان وتهكم، وإن كانت ألفاظه مما يستعمل في المدح، وذلك لأن السياق يدل على معنى الامتهان (١).
حكمه:
وهذا الوجه من فروض الكفاية، إذ لا يجب على كل مسلم معرفة جميع المعاني اللغوية والأساليب الكلامية الواردة في القرآن. [١٧]
وقد يرتقي إلى الواجب إذا توقف عمل الواجب على هذه المعرفة.
الوجه الثاني؛ ما لا يعذر أحد بجهله:
وهذا يشمل الأمر بالفرائض، والنهي عن المحارم، وأصول الأخلاق والعقائد.
فقوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ١١٠]، وقوله: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧]، وقوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٣] لا يعذر أحد بجهل مثل هذه الخطابات وهو يقرأ القرآن.
وكذا يدخل فيه ما جاء من أمر بالصدق والأمانة والنهي عن الكذب
(١) قال الطبري: «فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ قِيلَ وَهُوَ يُهَانُ بِالْعَذَابِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ، وَيُذَلُّ بِالْعَتْلِ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ؟ قِيلَ: إِنَّ قَوْلَهُ: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: ٤٩] غَيْرُ وَصَفٍ مِنْ قَائِلِ ذَلِكَ لَهُ بِالْعِزَّةِ وَالْكَرَمِ، وَلَكِنَّهُ تَقْرِيعٌ [ص:٦٢] مِنْهُ لَهُ بِمَا كَانَ يَصِفُ بِهِ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا، وَتَوْبِيخٌ لَهُ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْحِكَايَة، لأَنَّهُ كَانَ فِي الدُّنْيَا يَقُولُ: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ، فَقِيلَ لَهُ فِي الاخِرَةِ، إِذْ عُذِّبَ بِمَا عُذِّبَ بِهِ فِي النَّارِ: ذُقْ هَذَا الْهَوَانَ الْيَوْمَ، فَإِنَّكَ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ، وَإِنَّكَ أَنْتَ الذَّلِيلُ الْمَهِينُ، فَأَيْنَ الَّذِي كُنْتَ تَقُولُ وَتَدَّعِي مِنَ الْعِزِّ وَالْكَرَمِ، هَلاَّ تَمْتَنِعُ مِنَ الْعَذَابِ بِعِزَّتِكَ». «تفسير الطبري»، تحقيق د. عبد الله التركي (٢١/ ٦١).
٣٠
والخيانة، وعن إتيان الفواحش، وغير هذه من الأوامر والنواهي المتعلقة بالأخلاق.
ويدخل فيه ما يتعلق بالعقائد؛ كقوله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ﴾ [محمد: ١٩]، وقوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٢٥]، وغيرها من الأوامر والنواهي المتعلقة بالتوحيد.
حكمه:
هذه كلها داخلة ضمن الواجب الذي يجب على المسلم تعلمه من التفسير.
الوجه الثالث؛ ما تعلمه العلماء:
ومما يشمله هذا القسم، ما تشابه منه على عامة الناس، وما يستنبط منه من فوائد وأحكام.
حكمه:
وهذا القسم من فروض الكفاية.
الوجه الرابع؛ ما لا يعلمه إلا الله، ومن ادعى علمه فقد كذب:
ويشمل هذا حقائق المغيبات، ووقت وقوعها (١).
فالدابة التي تخرج في آخر الزمان لا يعلم كيفها وحقيقتها إلا الله، ولا يعلم وقت خروجها إلا الله، وهكذا سائر الغيبيات.
(١) هذا النوع لا يدخل فيه (المعنى)؛ لأن المعنى معلوم لكل المخاطبين، إذ لا يجوز أن يُخاطب العباد بما لا يعلمون معناه، وقد سبق نقل كلام للطبري وفيه إشارة لهذا.
وإنما يصحَّ أن يقال بأنه مما استأثر الله بعلمه في بعض الحِكَم، وفي وقت المغيبات، وفي كيفياتها، فهذه التي يصح إطلاق هذه العبارة عليها، أما المعنى فلا، ولا يُعرف عن واحد من السلف أنه ادعى أن كلمة من القرآن لا يعرف معناها جميع الناس، بل كان الواحد منهم يتوقف عما لا يعلم من المعاني، ولا يدَّعي أن غيره لا يعرفها.
٣١
حكمه:
وهذا النوع غير واجب على أحد، بل من تجشم تفسيره فقد أثمَ وافترى على الله [١٨] وادعى علمًا لا يعلمه إلا الله سبحانه.
ثانيًا: باعتبار طريق الوصول إليه:
ينقسم بهذا الاعتبار إلى قسمين:
الأول: ما يكون طريق الوصول إليه الأثر، وهو التفسير بالمأثور (١).
الثاني: ما يكون طريق الوصول إليه الاجتهاد، وهو التفسير بالرأي (٢).
ثالثًا: باعتبار أساليبه (٣):
ينقسم بهذا الاعتبار إلى أربعة أقسام:
١ - التفسير التحليلي.
٢ - التفسير الإجمالي.
٣ - التفسير المقارن (٤).
٤ - التفسير الموضوعي.
وإليك تفصيلًا موجزًا عن هذه الأقسام:
أولًا: التفسير التحليلي:
هذا القسم هو الغالب على التفاسير، ويعمد المفسر بهذا الأسلوب إلى
(١) و(٢) سيأتي تفصيل لهذين المصطلحين فيما بعد، انظر: (ص٤٧، ٥٣).
(٣) ظهر لي أن هذا من باب التقسيم الفني، ولا يوجد له فائدة في نظري، وقد أشرت إلى هذا، ينظر: «مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير»، ط. دار المحدث (ص٢٣٩).
(٤) اشتهر استعمال مصطلح المقارن في الدراسات المعاصرة، والصحيح لفظ (الموازن)، لأن المقارن من مادة (قرن) التي تعني القرن بين الشيئين، أي الربط بينهما، وما يقوم به من يعمل ما يسمى بالمقارنة، إنما هو موازنة.
٣٢
التحليل في الآية، فيبين سبب نزولها، وبيان غريبها، وإعراب مشكلها، وبيان مجملها ... إلخ، ومن أمثلته: تفسير ابن عطية والآلوسي والشوكاني وغيرهم.
ثانيًا: التفسير الإجمالي:
يعمد المفسر بهذا الأسلوب إلى بيان المعنى العام للآية دون التعرض للتفاصيل؛ كالإعراب واللغة والبلاغة والفوائد وغيرها.
ومن أمثلته: تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، وتفسير المكي الناصري، وتجده [١٩] كذلك في تفسير المراغي وأبي بكر الجزائري تحت عنوان «المعنى الإجمالي».
ثالثًا: التفسير المقارن:
يعمد المفسر بهذا الأسلوب إلى قولين في التفسير، ويقارن بينهما مع ترجيح ما يراه راجحًا (١). ومن أمثلته: تفسير ابن جرير الطبري، وغيره ممن يذكر أقوال المفسرين ويرجح بعضها على بعض.
ومنه ما يقوم به - الآن - أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري من عرضه في الإذاعة لتفسيره المسمى «تفسير التفاسير».
رابعًا: التفسير الموضوعي (٢):
يعتمد هذا الأسلوب على دراسة لفظة، أو جملة، أو موضوع في القرآن، وهو أقسام:
(١) هذه التقسيمات المذكورة من تحليلي وإجمالي ومقارن تقسيمات فنية، ولا يعني هذا أن كل تفسير قد تميز بأحدها فقط، بل قد تجد في تفسير من التفاسير هذه الأقسام، ولكن الحكم للأغلب؛ فابن جرير تجد في تفسيره: التحليل والإجمال والمقارنة.
(٢) ذكرت نقدًا لهذا الأسلوب من تناول آيات القرآن، ينظر: «مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير» (ص٢٤٠ - ٢٤٩)، وقد ظهر للدكتور سامر رشواني كتاب نفيس في هذا اللون، وهو بعنوان: «منهج التفسير الموضوعي للقرآن الكريم دراسة نقدية»، دار الملتقى ٢٠٠٩م.
٣٣
١ - أن يكون عرض الموضوع من خلال القرآن كله؛ كموضوع (صفات عباد الرحمن في القرآن).
٢ - أن يكون عرض الموضوع من خلال سورة؛ كموضوع (الأخلاق الاجتماعية في سورة الحُجرات).
٣ - أن يستعرض المفسر لفظة أو جملة قرآنية، ويبين معانيها في القرآن؛ كلفظة (الأمة في القرآن)، وجملة ﴿الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ [المائدة: ٥٢] في القرآن (١).
رابعًا: باعتبار اتجاهات المفسرين فيه (٢):
المراد بالاتجاه: الوجهة التي قصدها المفسر في تفسيره وغلبت عليه، أو كانت بارزة في تفسيره، بحيث تميز بها عن غيره. [٢٠]
والاتجاهات في التفسير لها اعتبارات، فمنها ما يكون بالنظر إلى المذهب العقدي للمفسر، فمثلًا:
الاتجاه السلفي، يمثله: تفسير ابن جرير وابن كثير والشنقيطي.
والاتجاه المعتزلي، يمثله: تفسير الزمخشري.
والاتجاه الأشعري، يمثله: تفسير الرازي.
ومنها ما يكون بالنظر إلى العلم الذي غلب على التفسير، ومن أمثلته:
• كتاب «معاني القرآن» للفراء، و«مجاز القرآن» لأبي عبيدة، وتمثِّل الاتجاه اللغوي.
• كتاب «إعراب القرآن» للنحاس، و«البحر المحيط» لأبي حيان، و«الدر المصون» للسمين الحلبي، وتمثل الاتجاه النحوي.
(١) انظر في موضوع أساليب التفسير: «دراسات في التفسير الموضوعي للقصص القرآني» د. أحمد جمال العمري (ص٣٧، ٤٦)، «أصول التفاسير ومناهجه» للدكتور فهد الرومي، (ص٥٧).
(٢) ألقيت محاضرات في مناهج المفسرين واتجاهاته، وهي موجودة في موقع البث الإسلامي، وقد فصّلت فيها هذا الموضوع.
٣٤
• كتاب «الكشاف» للزمخشري، و«التحرير والتنوير» للطاهر بن عاشور، وتمثل الاتجاه البلاغي.
وهكذا مما تجده مدونًا في كتب علوم القرآن، أو ما كتب في موضوع اتجاهات المفسرين (١). [٢١]
* * *
(١) انظر: «التفسير والمفسرون» لمحمد الذهبي، «اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر» د. فهد الرومي، وغيرها مما كتب في هذا الموضوع.
٣٥