المؤلف أ. د. عيادة ابن أيوب الكبيسي
المحرّم 1430 هـ - يناير 2009 م
نبذه عن الكتاب
محتوى الكتاب
- المقدمة
- التمهيد: أهمية التفسير المأثور، وفيه مطلبان:
- المبحث الأول: موقف العلماء والباحثين منه، وفيه ثلاثة مطالب:
- المطلب الأول: موقف الرفض، ومستنده.
- المطلب الثاني: موقف القبول، وأدلته.
- المطلب الثالث: المناقشة والترجيح.
- المبحث الثاني: علاقته بالتفسير المعاصر، وفيه ثلاثة مطالب:
- المطلب الأول: كونه ركيزة الانطلاق في التفسير.
- االمطلب لثاني: نماذج من المرفوع، مقارنا بمعطيات العصر.
- المطلب الثالث: نماذج من سوى المرفوع، مقارنا بمعطيات العصر.
- فائدة: في الفرق بين الجديد والتجديد
- الخاتمة: وفيها أهم ما توصل إليه البحث من نتائج.
-
العودة إلي علوم القرأن
المقدمة
الحمد لله الذي أبدع الخلق على أحسن نظام، وأقام دلائل القدرة على وجه الإتقان
ودقة الإحكام، وهدى إلى طريق الحق من شاء من الأنام، أنزل سبحانه الكتب ثم
توجها بالقرآن العظيم فكان مسك الختام، وأرسل الرسل ثم ختمهم بأكملهم وأفضلهم
عليه وعليهم الصلاة والسلام والحمد لله الذي جعلنا من أمته، ونسأله تعالى أن
يوفقنا لإحياء سنته، وأن يتوفانا بفضله على ملته، حتى نلقاه على الرضا والمحبة
آمين.
وبعد:
فإن مدح العلم والثناء على العلماء في
الإسلام معلوم، والآيات الكريمة في ذلك مبثوثة في ثنايا الكتاب الكريم، ومن ذلك
آية فذة جاء فيها الثناء على من عمل بالعلم على الإطلاق، حيث يقول تعالى:
{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ
الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ
يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا
الأَلْبَابِ} الزمر/٩، فنزّل يعلمون منزلة اللازم أي المتصفون بصفة العلم، وفيه
إشارة ـ كما يقول ابن عاشور ـ إلى أن الإيمان أخو العلم، لأن كليهما نور ومعرفة
وحق.
كما أنه أخبر عن حقائق كونية متعددة، وذكر مشاهد كونية متنوعة،
كان ولم يزل مجال الدراسة والبحث فيها مفتوحا أمام العلماء، وما أسفرت وتسفر
عنه مكتبة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم من الأبحاث المبهرة خير شاهد وأوضح
دليل.
وبعد النظر في أهداف هذا المؤتمر المبارك (التكامل المعرفي
بين علوم الوحي وعلوم الكون) ، والتمعن في محاوره، استخرت الله تعالى ورأيت أن
أكتب في المحور الثاني وتحت فقرة:
"التراث المنقول ومناهج النظر
فيه" :التفسير بالمأثور أنموذجا
محاولا إبراز التكامل المعرفي فيما
ورد في تفسير بعض الآيات من الآثار، وما كشف عنه العلم الحديث، وبيان مدى
الترابط بينهما بما يعدّ إضافة وبناء، والتحذير من التسرع في تجاوز المأثور
وإلغائه، بحجة العصرنة، أوالحداثة، أودعوى ضرورة التجديد في الدين، من غير
تفريق بين الجديد والتجديد!! لما لذلك من أهمية كبرى في الدراسات القرآنية،
لاسيما في أيامنا هذه، التي كثرت فيها الانحرافات التفسيرية، ولتباين أنظار
العلماء والباحثين في التفسير بالمأثور من حيث القبول والرفض.
وقد
بنيت خطة البحث على:
مقدمة وتمهيد ومبحثين وخاتمة، على النحو
الآتي:
المقدمة: وهي هذه.
التمهيد: أهمية التفسير
المأثور، وفيه مطلبان:
الأول: المراد بالمأثور.
الثاني:
بيان أهمية ما صحّ منه.
المبحث الأول: موقف العلماء والباحثين منه،
وفيه ثلاثة مطالب:
الأول: موقف الرفض، ومستنده.
الثاني:
موقف القبول، وأدلته.
الثالث: المناقشة والترجيح.
المبحث
الثاني: علاقته بالتفسير المعاصر، وفيه ثلاثة مطالب:
الأول: كونه
ركيزة الانطلاق في التفسير.
الثاني: نماذج من المرفوع، مقارنا
بمعطيات العصر.
الثالث: نماذج من سوى المرفوع، مقارنا بمعطيات
العصر.
(وفيه بيان التكامل المعرفي في الجمع بين التفسيرين القديم
والحديث بما يعدّ إضافة للآّحق إلى السابق من غير نفور أو تعارض، مع بيان الفرق
بين الجديد المختلق والتجديد لما سبق).
الخاتمة: وفيها أهم ما توصل
إليه البحث من نتائج.
ثم ذكر بعض التوصيات. والله تعالى هو الموفق
والمستعان.
أهمية التفسير المأثور
المطلب الأول: المراد بالمأثور.
ونبدأ ببيان المراد بالتفسير بالمأثور، وذلك يقتضينا أن نعرف
باختصار كلا من التفسير والمأثور، ثم نوضح المراد بذلك، وإنما قلنا باختصار لأن
المقصد من هذا البحث ليس الحديث عن التفسير بالمأثور، وإنما بيان أهميته وإبراز
التكامل المعرفي بينه وبين ما يتبعه من تفاسير معاصرة، فنقول وبالله تعالى
التوفيق:
أما التفسير لغة: فإن محور مادته هو الكشف والإيضاح، ومنه
قوله تعالى: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ
تَفْسِيرًا} الفرقان/٣٣، فالفسر الإبانة وكشف المغطى، يقال: فسرت اللفظ فسرا،
من باب ضرب ونصر [١] ، وقال الراغب: الفَسْر والسَّفْر يتقارب معناهما كتقارب
لفظيهما، لكن جعل الفسر لإظهار المعنى المعقول، وجعل السفر لإبراز الأعيان
للأبصار، فقيل: سفرت المرأة عن وجهها، وأسفر الصبح [٢] .
وأما
اصطلاحا: فقد تعددت تعريفاته، ولعل أحسنها وأجمعها قول من قال:
هو
علم يبحث فيه عن أحوال القرآن المجيد، من حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر
الطاقة البشرية [٣] .
وسر ترجيح هذا التعريف على غيره لأمرين:
الأول:
كونه مختصرا وجامعا مانعا.
الثاني: لقيد بقدر الطاقة البشرية، إذ
الوصول إلى مراد الله تعالى متعذر، ولملاحظته الغاية من نزول القرآن الكريم.
وأما
المأثور،لغة: فهو مأخوذ من الأثر، وهو بقية الشيء، جمع آثار وأثور، والأثر:
مصدر قولك أثرت الحديث آثره، إذا نقلته عن غيرك ورويته، ومن هنا قيل: حديث
مأثور أي يخبر الناس به بعضهم بعضا أي ينقله خلف عن سلف [٤] .
(١)
انظر القاموس ٢/١٥٦، التعريفات ص٨٧.
(٢) انظر مقدمة التفسير للراغب
الأصفهاني ص ١٦٢، ومفردات القرآن له ص ٦٣٦ مادة: فسر.
(٣) انظر
مناهل العرفان ٢/٦.
(٤) انظر لسان العرب ١/٦٩، والقاموس ١/٦٨٢ مادة:
أثر.
واصطلاحا: ما جاء في القرآن الكريم نفسه، أو ما نقل عن النبي
صلى الله عليه وسلم، أو عن أصحابه رضي الله تعالى عنهم، بيانا لمراد الله تعالى
من كتابه [١] .
المطلب الثاني بيان أهمية ما صحّ منه
بعد الوقوف على تعريف التفسير المأثور وبيان المراد به، تتجلى لنا
مدى أهميته، وضرورة العناية به، والوقوف عنده، والحذر من تجاوزه، وندرك أنه من
أفضل أنواع التفسير، ولذا فقد كانت العناية به مبكرة، فكان أول علوم القرآن
تدوينا، وكان رجال الحديث والرواية هم أصحاب الشأن الأول في هذا [٢] .
وإنا
لنجد في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من دواوين السنة المطهرة، أبوابا خاصة
بالتفسير، جمع فيها أصحاب تلك الكتب ما صح عندهم من التفسير المأثور عن النبي
صلى الله عليه وسلم.
ومما يدل على أهمية هذا النوع من التفسير، أنه
سنام معرفة معاني القرآن وإدراك مراميه، وأنه لابد منه لمن أراد أن يستجيب لله
تعالى فيتدبر كلامه، وكذا لمن أراد أن يفسر بالرأي يتحتم عليه أن يطلع على
أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والمكي والمدني ونحوها من العلوم اللازمة، وهذه
كلها لا تؤخذ إلا بالنقل الصحيح عن التفسير بالمأثور بل هي نابعة منه [٣] .
إن
قيمة هذا التفسير وأهميته إنما ترجع إلى قيمة مصادره الأصلية وأهميتها، ولا
يخفى على الباحثين في الدراسات القرآنية، أن تلك المصادر هي أحسن طرق التفسير
بلا خلاف كما نص على ذلك علماء علوم القرآن.
(١) انظر مناهل العرفان
٢/١٢، والتفسير والمفسرون ١/١٥٢.
(٢) انظر علوم القرآن الكريم
للدكتور نور الدين عتر ص٧٤ .
(٣) انظر التفسير الصحيح ١/٥.
أما
ما ثبت في القرآن نفسه، فأمره واضح إذ هو قول الله تعالى، والله جل وعلا أدرى
بأسرار كلامه، وهو سبحانه وتعالى أعلم بمراد نفسه من غيره [١]، ولذا فقد عد
العلماء هذا اللون من التفسير في الدرجة الأولى، وأنه من أعلى المصادر وأجودها،
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: (إن أصح الطرق في ذلك ـ أي في التفسير ـ: أن
يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر، وما اختصر في
مكان فقد بسط في موضع آخر) [٢].
وإذا علمنا أن تفسير القرآن بالقرآن
لا يعني تفسير المفردات والجمل فحسب، وإنما يعني وجوها أخر من مثل: تفسير العام
بالخاص، والمطلق بالمقيد، والمجمل بالمبين، وتفسير ما جاء موجزا بما جاء مطنبا،
وتفسير إشكالات معينة، ونحو ذلك.
إذا علمنا هذا أدركنا أن ثمة قدرا
لا بأس به يمكن تحصيله من هذا اللون من التفسير.
ومثل هذا يقال في
تفسير النبي صلى الله عليه و سلم، الذي يأتي في الدرجة الثانية من ألوان
التفسير، إذ هو صلى الله عليه و سلم المكلف بالبيان والشرح، وأن خير الهدي هديه
صلى الله عليه وسلم، مع أنا نقطع بعصمته وتوفيقه صلى الله عليه و سلم [٣]، كما
قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}
النحل/٤٤.
قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى:
إن مما
أنزل الله من القرآن على نبيه صلى الله عليه وسلم ما لا يوصل إلى علم تأويله
إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك تأويل جميع ما فيه من وجوه أمره
واجبه ومندوبه، وإرشاده، وصنوف نهيه، ووظائف حقوقه وحدوده، ومبالغ فرائضه،
ومقادير اللازم بعض خلقه لبعض، وما أشبه ذلك من أحكام آيه التي لم يدرك علمها
إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته.
(١) انظر مناهل
العرفان ٢/ ١٣.
(٢) انظر مقدمة في أصول التفسير ص ٩٣.
(٣)
انظر مناهل العرفان ٢/ ١٣.
وهذا وجه لا يجوز لأحد القول فيه إلا
ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم بتأويله بنص منه عليه، أو بدلالة قد نصبها
دالة أمته على تأويله [١] .
ويشير الإمام الشاطبي في موافقاته إلى
مسألة مهمة في وجوب الرجوع إلى السنة لفهم القرآن فيقول رحمه الله تعالى:
إن
السنة توضح المجمل وتقيد المطلق وتخصص العموم، فتخرج كثيرا من الصيغ القرآنية
عن ظاهر مفهومها في أصل اللغة، وتعلم بذلك أن بيان السنة هو مراد الله تعالى من
تلك الصيغ، فإذا طرحت واتبع ظاهر الصيغ بمجرد الهوى صار صاحب هذا النظر ضالا في
نظره، جاهلا بالكتاب، خابطا في عمياء، لا يهتدي إلى الصواب فيها، إذ ليس للعقول
من إدراك المنافع والمضار في التصرفات الدنيوية إلا النزر اليسير، وهي في
الأخروية أبعد على الجملة والتفصيل [٢] .
ويأتي بعد هذين المصدرين
المصدر الثالث وهو تفاسير الصحابة رضي الله تعالى عنهم، التي تقع في الدرجة
الثالثة، والتي اشتملت على تفاسير كثيرة كانت الحاجة قد اشتدت إليها في زمانهم،
لأسباب كثيرة منها [٣] :
اتساع رقعة الإسلام، واختلاط العرب بغيرهم،
مما أدى إلى اختلاط الثقافات الوافدة مع المسلمين الجدد بالثقافة الإسلامية
وخاصة ثقافة أهل الكتاب اليهود والنصارى، وفلسفة الشرق المتمثلة بالمجوس
وغيرها، ودخول أناس جدد من غير العرب في الدين الحنيف، ونشوء جيل من أبناء
الصحابة رضي الله تعالى عنهم وغيرهم لم يعايشوا الوحي ولم يشهدوا وقائع
التنزيل.
فهذه الأسباب وغيرها جعلت الحاجة ماسة إلى الرجوع إلى
الصحابة رضي الله تعالى عنهم، لمعرفة الحق من الباطل، وتمييز الصحيح من
غيره.
التفسير المأثور ليس محض نقل:
(١) انظر جامع البيان ١/٧٤.دار المعارف بمصر تحقيق أحمد شاكر.
(٢)
انظر الموافقات في أصول الفقه ٤/٢١ .
(٣) انظر مناهج المفسرين في
عصر الصحابة ص ٤١.
تجدر الإشارة والتنبيه هنا إلى أن التفسير
بالمأثور لا يعني محض النقل، فلا يقال إنه لا جهد يذكر لمن يفسر به، وأن عمله
مقصور على نقل الأقوال، وجمعها في مكان واحد، دون إعمال الفكر والتأمل، هذا غير
صحيح، بل للعقل دخل فيه.
وذلك:
أن التفسير المأثور إن
كان من النوع الأول وهو تفسير القرآن بالقرآن، فإنه لا يمكنه ذلك دون تأمل
دقيق، وفكر ثاقب، سواء كان من باب تفسير آية بآية، أو من باب تفسير العام
بالخاص والمطلق بالمقيد ونحو ذلك فكله يتوقف على التروي والتأمل، ولكن لا بد من
أن نفرق بين تفسير القرآن بالرأي، وبين استخدام العقل في بيان تفسير القرآن
بالقرآن، فتأمل [١] .
وإن كان من تفسير النبي صلى الله عليه وسلم،
أو الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فإن للعقل أيضا دخلا في تمييز الصحيح من غيره،
وتمحيص الروايات، والموازنة والترجيح، لينقل نقل المتدبر المتبصر، ولا يكون
كحاطب ليل فينقل ما صح وما لم يصح، أو يضع الشئ في غير موضعه!! كما هو شأن بعض
التفاسير التي ملئت بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، وبالإسرائيليات الباطلة التي
لا يؤيدها شرع ولا عقل.
ولذا فإنا حينما ندعو إلى اعتماد المأثور،
لا نريد بذلك اعتماده على كل حال وكيفما ورد، إنما نريد اعتمادا قائما على
النظر والتأمل والتمحيص والنقد.
المبحث الأول موقف العلماء والباحثين منه
(١) ولذا فإنه لا يقطع بصحة هذا اللون من التفسير إلا إذا كان
الذي فسر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو وقع عليه الإجماع، أو صدر عن أحد
الصحابة رضي الله تعالى عنهم ولم يعلم له مخالف. انظر قواعد التفسير ١/١٠٩.
على
الرغم من أهمية التفسير بالمأثور ـ كما تقدم ـ وبُعْد منزلته، وعلو رتبته، نجد
أن من بين الباحثين من يقلل من شأنه، بل ويرفض الاعتماد عليه، أو الانطلاق منه،
وعليه فإن كلمة الباحثين لم تتفق على قبول هذا اللون من التفسير، ولم تعتمد
عليه ليكون ركيزة الانطلاق في فهم مراد الله تعالى، ولكن هل يفهم من ذلك أن
أدلة الفريقين متكافئة؟
هذا ما سنعرضه في هذا المبحث، ولنبدأ مع
القائلين بالرفض، وذلك بعرض مستندهم فيما ذهبوا إليه، ثم نعرض أدلة الفريق
الثاني فالمناقشة والترجيح، وبذلك تكون المطالب ثلاثة وهي:
المطلب الأول: موقف الرفض ومستنده.
يمكن أن نقسم الذين تحفظوا من التفسير بالمأثور إلى قسمين:
القسم
الأول: هم الذين قالوا: إن أكثر التفسير بالمأثور قد دخله الدخيل، والتبس
الصحيح منه بالعليل، ولم يصح منه إلا النزر القليل، كما وإن عامته منقول من كتب
بني إسرائيل، ولذا فقد أطلقوا القول في رده، وعدم قبوله [١] .
وجواب
هؤلاء أنا نسلم أن التفسير بالمأثور قد دخل فيه الدخيل، ولكن لا نسلم أنه لم
يصح منه إلا القليل، بل قد صح منه قدر لا بأس به، وإن جهابذة العلماء قد ميزوا
الصحيح من غيره، ونخلوا ذلك وغربلوه كما صنعوا مع الحديث الشريف، على أن دراسة
منهج الأسانيد والمتون لدى النقاد المتبصرين كفيل ببيان الصحيح من غيره، فما صح
من ذلك أخذ وعمل به، وما لم يصح رد وطرح [٢] .
وأما القسم الثاني:
فهم الذين رفضوا التفسير بالمأثور، ولم يلتفتوا إلى تقسيمات العلماء له على نحو
ما تقدم، وأغلب هؤلاء من الحداثيين ـ على تفاوت منهم في ذلك ـ، ومثلهم من يسمون
أنفسهم بالقرآنيين وأضرابهم.
(١) راجع مناهل العرفان ٢/٢٣.
(٢)
انظر السابق ٢/٢٢ فقرة (وكلمة الإنصاف أن التفسير بالمأثور نوعان) .
وأراني
لست بحاجة إلى نقل أقوالهم هنا، لأن مدرسة هؤلاء قد قامت على رفض المأثور جملة
وتفصيلا، بل إن الأمر قد تعدى إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث لم تسلم قدسية النص
القرآني الكريم من غمزهم، وأما السنة فقد تناولتها أقلامهم بالنقد اللاذع،
فطعنوا في دواوينها حتى في أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى، وأكثرها قدسية لدى
علماء المسلمين وعامتهم، ويكفي أن نحيل إلى ما سودوا به صحائف كتبهم، ولينظر من
شاء إلى مواضع ذلك الهراء فيها، إذ معظمه أو كله لا يستأهل أن يوضع على مائدة
النقاش العلمي، ولولا أنا مضطرون إلى الإشارة إليه، لما ذكرنا شيئا من ذلك [١]
.
المطلب الثاني: موقف القبول وأدلته.
(١) اقرأ في هذا إن شئت كتب أبي زيد وشحرور وأركون وغلام أحمد
برويز وعبد الله الجكرالوي ومحمد إسعاف النشاشيبي وصدقي وعبد المجيد الشرفي
وأضرابهم فسترى فيها ما لا تكاد تصدق أن تخطه يد باحث!! ومن ذلك ما تبجح به
بعضهم فزعم أن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم يعدّ لونا من ألوان الشرك
بالله!! ولتراجع رسالة "الحداثة والنص القرآني" التي أعدها محمد رشيد أحمد ريان
في الجامعة الأردنية لنيل درجة الماجستير، ورسالة "المدرسة الحداثية والنص
القرآني" التي أعدتها سلامة سلطان المهيري لنيل درجة الماجستير في جامعة
الشارقة، فقد عرضت تلك الرسالتان وناقشت أبرز ما أفرزته أفكار الحداثيين تجاه
النص القرآني الكريم.
أقول: وقد اشتركت في لجنة مناقشة رسالة
المدرسة الحداثية، ومن قبلها رسالة "البرويزية وموقفهم من السنة المشرفة" فوقفت
على عجائب، أدركت من خلالها مدى أهمية التفسير المأثور في الدراسات القرآنية،
ومدى ضرورة التقيد بضوابط التفسير، وأن ذلك هو السبيل إلى العصمة من الوقوع في
تلك المنزلقات، والمجيء بمثل ذلك الهراء والطامات!!
بعد أن بينا
أهمية التفسير بالمأثور، ونقلنا طرفا مما قاله العلماء في ذلك، نبين في هذا
المطلب حكم هذا النوع من التفسير، وهل يجب الأخذ به والوقوف عنده أم لا؟
وذلك
ببيان آراء العلماء والنظر في أحكامهم، فمن ذلك:
ما قاله الإمام
البغوي رحمه الله تعالى وهو يفسر قوله تعالى {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس
ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} النحل /٤٤: أراد بالذكر الوحي، وكان النبي صلى
الله عليه وسلم مبينا للوحي، وبيان الكتاب يطلب من السنة [١] .
ويقول
الإمام الثعالبي رحمه الله تعالى: وليس لأحد مع الحديث إذا صح نظر [٢] .
وقد
تقدم كلام ابن تيمية [٣] في هذا الخصوص ـ وهو يبين أصح طرق التفسير ـ، وقد نقل
كلامه ورضيه ابن كثير والسيوطي وغيرهما رحمهم الله تعالى جميعا.
وأما
المعاصرون، فيقول الدكتور فهد بن عبد الرحمن الرومي: يجب الأخذ بالتفسير
بالمأثور إذا صحّ، ولا يجوز العدول عنه والله تعالى أعلم [٤] .
وينقل
اهتمام السلف بالتفسير بالمأثور ووقوفهم عنده،واجتماعهم على ذلك فيقول:
لا
خلاف بين السلف في قبول هذا النوع من التفسير والإشادة به، والاكتفاء بوروده
عما سواه [٥] .
(١) انظر معالم التنزيل ٣/٧٠.
(٢) انظر
الجواهر الحسان ٣/٢٤٨.
(٣) انظر ص ٦ هامش ١٠ في هذا البحث.
(٤)
انظر بحوث في أصول التفسير ومناهجه للدكتور الرومي ص ٧٨.
(٥) انظر
منهج المدرسة العقلية في التفسير ص ٣٣٤.
ويقول الدكتور محمد زغلول:
ولذا فقد اتفق العلماء على حجة الاعتماد على التفسير بالمأثور والأخذ به، إذا
كان هذا المأثور الذي يفسر به القرآن قرآنا، أو سنة متواترة عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم، وأما قول الصحابة والتابعين فمن العلماء من قال بالاعتماد على
أقوالهم في تفسير القرآن، وهذا ما ذهب إليه كثير من العلماء المفسرين، وهو
الأقرب إلى الصواب كما أرى [١] ، ثم نقل قول ابن كثير : (إذا لم نجد التفسير في
القرآن ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك، لما
شاهدوا من القرائن والأحوال) .
أقول: ذكر التابعين مع الصحابة في
اعتماد التفسير فيه نظر، حيث إن الراجح أن أقوال التابعين ليست حجة في التفسير
ـ إلا إذا أجمعوا ـ [٢] ، ولذا نرى أن الحافظ ابن كثير اقتصر على ذكر الصحابة
رضي الله تعالى عنهم [٣] .
وكل ما تقدم من بيان الأهمية ووجوب
القبول، والتحذير من الرد والإهمال والإغفال إنما هو لما صح سنده بنقل الثقات
العدول، أما ما كان بخلاف ذلك ـ فيجب رده ولا يجوز قبوله ولا الاشتغال به،
اللهم إلا لتمحيصه والتنبيه على ضلاله وخطئه حتى لا يغتر به أحد [٤] ، وإلى هذا
يشير ما روي عن عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله تعالى أنه قال: (لا يجوز أن يكون
الرجل إماما حتى يعلم ما يصح مما لم يصح، وحتى لا يحتج بكل شيء، وحتى يعلم
مخارج العلم) [٥] .
(١) انظر التفسير بالرأي ـ قواعده وضوابطه
وأعلامه ص ١٠٥.
(٢) قال ابن تيمية رحمه الله تعالى في مقدمة في أصول
التفسير ص ٤٥-٤٦: أقوال التابعين ليست حجة في الفروع، فكيف تكون حجة في
التفسير؟
(٣) انظر مقدمة تفسير ابن كثير ١/٧، وتمام كلامه: (التي
اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح) ..
(٤)
انظر مناهل العرفان ٢/٢٢، وقد عد النوع الأول من أقوى العوامل المساعدة على
الاهتداء بالقرآن.
(٥) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء برقم
١٢٨٣٩.
المطلب الثالث: المناقشة والترجيح.
بعد ما تقدم من الوقوف على آراء الفريقين وطرح أدلتهم، نشرع في
المناقشة والترجيح ليتبين لنا وجه الحق في ذلك، ولدى التأمل في تلك الأدلة نرى
أن الحق في هذه القضية إنما هو مع من ذهب إلى وجوب الأخذ بالتفسير بالمأثور،
واعتباره الأساس الذي ينبغي أن يبنى عليه ما سواه من أوجه التفسير، وذلك:
لأن
التفسير بالمأثور إن كان من النوع الأول وهو تفسير القرآن بالقرآن، فلا شك في
قبوله، لأن الله تعالى أدرى بكلامه، وإن كان من النوع الثاني وهو التفسير
بالسنة الصحيحة فكذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو المكلف ببيان كلام ربه،
ولا بيان بعد بيانه عليه الصلاة والسلام، وأما إن كان من النوع الثالث، وهو
التفسير بأقوال الصحابة رضي الله تعالى عنهم: فالأمر لا يخلو إما أن يكون قد
سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا معدود من النوع الثاني، وإما أن يكون
من تفسيرهم الذي بنوه على ما منحهم الله تعالى من أدوات الاجتهاد، وهم أهل لذلك
بلا ريب، فيتعين أخذه والقبول به، لاعتبارات متعددة منها [١] أنهم كانوا:
ـ
شاهدي عيان لأحوال الوحي وقرائنه وأسبابه.
ـ أهل اللسان العربي،
وأصحاب البلاغة والفصاحة والبيان.
ـ أعلم الناس بعادات العرب
وأحوالها وأخبارها.
ـ الجيل المثالي الذي لم يشهد التاريخ مثيلا لهم
في علمهم وإدراكهم وسعة نظرتهم لأمور الحياة والكون والإنسان.
ـ
صفاء نفوسهم، وطهارة قلوبهم، وشدة إخلاصهم.
ـ كبير محبتهم لنبيهم
صلى الله عليه وسلم، وعظيم تضحيتهم لنشر دينهم.
(١) انظر أصول
التفسير وقواعده ص١١٧.
حتى إن الحاكم أطلق القول بأن ما صح وروده عن
الصحابة رضي الله تعالى عنهم له حكم المرفوع [١] ، إلا أن غيره قيده بما كان في
بيان النزول ونحوه مما لا مجال للرأي فيه، وإلا فهو من الموقوف، قال الزرقاني
بعد أن نقل ما تقدم عن الحاكم:
(ووجهة نظر الحاكم ومن وافقه، أن
الصحابة رضوان الله عليهم قد شاهدوا الوحي والتنزيل، وعرفوا وعاينوا من أسباب
النزول ما يكشف لهم النقاب عن معاني الكتاب، ولهم من سلامة فطرتهم، وصفاء
نفوسهم، وعلو كعبهم في الفصاحة والبيان، ما يمكنهم من الفهم الصحيح لكلام الله،
وما يجعلهم يوقنون بمراده من تنزيله وهداه [٢] .
هذه أقسام التفسير
بالمأثور المجمع عليها بين علماء علوم القرآن وأصول التفسير، وهناك من يضيف
قسما رابعا، وهو:
تفسير القرآن بأقوال التابعين، ولا نطيل في الكلام
عن هذا، ولنقتصر على ذكر القول الراجح في ذلك وهو:
قول التابعي في
التفسير ليس بحجة، فلا ينبغي الجمود عند قوله، ولا أن نعطل فهم القرآن، أو نحجم
عن تفسيره اكتفاء بفهمه واستغناء بتفسيره، بل يجب أن يكون باب التأمل في الآيات
مفتوحا، وذهن من أهّل لاستنباط ما فيها من أسرار ومعارف مشغولا، اللهم إلا فيما
أجمعوا عليه، فإن الإجماع حجة ملزمة، وإلى هذا جنح الدكتور الذهبي رحمه الله
تعالى حيث قال:
والذي تميل إليه النفس هو أن قول التابعي في التفسير
لا يجب الأخذ به إلا إذا كان مما لا مجال للرأي فيه، فإنه يؤخذ به حينئذ عند
عدم الريبة، فإن ارتبنا فيه بأن كان يأخذ من أهل الكتاب، فلنا أن نترك قوله ولا
نعتمد عليه، أما إذا أجمع التابعون على رأي فإنه يجب علينا أن نأخذ به ولا
نتعداه إلى غيره [٣] .
(١) انظر معرفة علوم الحديث ص ٢٠، والمستدرك
١/٢٧، ١٢٣، ٥٤٢.
(٢) انظر مناهل العرفان ٢/١٣، وانظر البرهان ٢/
٢٩٣.
(٣) انظر التفسير والمفسرون ١/١٢٨-١٢٩.
أقول: لعل
بقاء تفسير التابعين خارج دائرة التفسير بالمأثور هو الأولى، ما لم يكن هناك
إجماع منهم ـ والله تعالى أعلم ـ.
المبحث الثاني علاقته بالتفسير المعاصر
المطلب الأول: كونه ركيزة الانطلاق في التفسير.
إن الدعوة إلى الالتزام بالتفسير بالمأثور، والاهتمام به،
والتذكير بوجوب الأخذ به وعدم تجاوزه، لا يعني الجمود عليه، والوقوف عنده، إذ
لا يخفى ما في هذه النظرة من قصور، وحجر على الإفادة من فيوضات القرآن غير
المحدودة، ذاك الكتاب العظيم الذي قال الله فيه: {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا
لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين} النحل/٨٩، فلا يصح ولا يقبل أن يكون
التفسير بالمأثور عائقا عن الانتهال من ذلك المعين الذي لا ينضب.
وإنما
يعنى بذلك أن يكون ما صح من التفسير بالمأثور هو الأساس الذي يبني عليه المفسر
ما يمكن أن يضيفه من أفهام جديدة، كشفت عنها معطيات العصر، ومستجدات الحياة.
(فالتفسير
بالمأثور هو القاعدة الأساسية، والركيزة الجوهرية، التي ينبغي أن ينطلق منها كل
مفسر) [١] ، وفي هذا يقول الإمام البيهقي في قوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر
لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} : فما ورد بيانه عن صاحب الشرع ففيه
كفاية عن فكرة من بعده، وما لم يرد بيانه ففيه حينئذ فكرة أهل العلم بعده،
ليستدلوا بما ورد بيانه على ما لم يرد) [٢]
ويقول القرطبي وهو يتكلم
عن وجوه منع تفسير القرآن بالرأي:
(والوجه الثاني: أن يتسارع إلى
تفسير القرآن بظاهر العربية، من غير استظهار بالسماع والنقل..)، إلى أن يقول:
(والنقل والسماع لا بد له منه في ظاهر التفسير أولا ليتقي به مواضع الغلط، ثم
بعد ذلك يتسع الفهم والاستنباط) [٣] .
(١) انظر مناهج المفسرين ص٥٥،
للدكتور أحمد الشرقاوي .
(٢) ذكره الزركشي في البرهان ٢/٣٠٤،
والسيوطي في الإتقان ٣/٣٥٩، ونسباه إلى المدخل للبيهقي.
(٣) انظر
الجامع لأحكام القرآن ١/٣٤.
ويقول الإمام ابن تيمية: (.. إن من فسر
القرآن أو الحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين فهو
مفتر على الله، ملحد في آيات الله، محرف للكلم عن مواضعه، وهذا فتح لباب
الزنادقة والإلحاد، وهو معلوم البطلان بالاضطرار من دين الإسلام) [١] .
ويقول
ابن القيم: (إن إحداث القول في تفسير كتاب الله الذي كان السلف والأئمة على
خلافه يستلزم أمرين: إما أن يكون خطأ في نفسه، أو تكون أقوال السلف المخالفة له
خطأ، ولا يشك عاقل أنه أولى بالغلط والخطأ من قول السلف [٢] .
وإلى
مثل هذا ذهب القاضي أبو يعلى حيث قال: (وأما تفسير الصحابة فيجب الرجوع إليه
وهذا ظاهر كلا أحمد ـ رحمه الله ـ في مواضع من كتاب طاعة الرسول، والوجه فيه
أنهم شاهدوا التنزيل، وحضروا التأويل، فعرفوا ذلك، ولهذا جعلنا قولهم حجة) [٣]
.
حتى السيد محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى، الذي يمثل المدرسة
العقلانية في عصره، أقر بأهمية التفسير المأثور، فقد قال في مقدمة تفسير
المنار:
(وأما الروايات المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم
وأصحابه وعلماء التابعين في التفسير فمنها ما هو ضروري أيضا، لأن ما صح من
المرفوع لا يقدم عليه شئ، ويليه ما صح عن علماء الصحابة مما يتعلق بالمعاني
اللغوية أو عمل عصرهم، والصحيح من هذا وذاك قليل) [٤] .
(١) مجموع
الفتاوى ١٣/٢٤٣-٢٤٤.
(٢) انظر مختصر الصواعق المرسلة ٢/١٢٨.
(٣)
انظر العدة في أصول الفقه ٣/٧٢١ و ٧٢٤.
(٤) انظر تفسير المنار ١/٧،
وقوله: قليل لا يسلم، بل صح من ذلك قدر لا بأس به، قال الشيخ الزرقاني رحمه
الله تعالى في مناهل العرفان ٢/١٣، بعد أن أورد ما جاء في السنة شرحا للقرآن:
(وفي صحيح السنة من ذلك شيء كثير) .
إن الخروج على هذا المنهج، وعدم
التقيد بضوابط التفسير، جرّ إلى انحرافات تفسيرية خطيرة، ولا يخفى على المتتبع
ما تطالعنا به أفكار الحداثيين، ومن يسمون أنفسهم بالقرآنيين ونحوهم من جنوح عن
جادة الصواب، بل ووقوع في بعض الأحيان في الكفر الصراح، والإتيان بأفهام سقيمة
لا تستأهل أن توضع على مائدة النقاش العلمي [١] !!
وليس الهدف من
هذا البحث عرض ذلك ومناقشته، وإنما أردنا أن نشير إلى أن الذي جرّ إلى ذلك إنما
هو الخروج على ذلك المنهج السليم الذي سارت عليه الأمة عبر القرون.
المطلب الثاني: نماذج من المرفوع، مقارنا بمعطيات العصر.
المقصود من هذا المطلب إيراد بعض النماذج من التفسير المرفوع إلى
النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إيراد ما كشف عنه العلم الحديث في الموضع نفسه،
وبيان وجه التوافق بين التفسيرين، بما يعد إضافة تفسيرية لا تتعارض مع ما صح من
التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ريب أن مثل هذا يعدّ لونا من ألوان
التكامل المعرفي بين علوم الوحي وعلوم الكون عنوان هذا المؤتمر المبارك.
(١)
من ذلك ما ذهب إليه صاحب الفن القصصي في القرآن الكريم من أن القصة القرآنية
وليدة الخيال!! انظر مثلا ص ٧٣-٧٤، وص ١٩٨ وغيرها، وانظر ما تقدم في ص ١٠ هامش
١٩ في هذا البحث.
والأمثلة على ذلك متعددة، وأرى أن خير مثال واقعي
مفيد نذكره هنا هو تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للقوة في قوله تعالى:
{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ
تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا
تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} الأنفال/٦٠، فهذه آية عظيمة فيها أمر
إلهي لعباده المؤمنين بأن يبذلوا جهدهم في إعداد ما استطاعوا من قوة لعدوهم [١]
، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر هذه القوة بالرمي، كما في صحيح
مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا إن القوة الرمي) ثلاثا [٢] .
ولا
يخفى ما تشهده البشرية اليوم من التطور الهائل في أنواع السلاح، فهل يفهم من
الحديث الحصر، وأنه لا يجوز إضافة شيء من التفسير إليه؟ نقول في جواب هذا
السؤال: لا شك أن الحصر غير مراد، وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أهم
أنواع الأسلحة وهو الرمي، فلا مانع إذن من إضافة بعض وجوه القوة الأخرى مثل:
القوة الاقتصادية والسياسية والعلمية والصناعية فإن اللفظ يتسع لذلك، بل قد
يضاف إليها أيّ وجه آخر قد يكشف عنه المستقبل، ما دام اللفظ يتسع له ولا
يأباه.
(١) ينظر بيان المراد بقوله تعالى: {ترهبون} ، وربط هذه
الآية بسابقتها، في بحثنا: (الاستطاعة بين التقوى وإعداد القوة وأثرها في
مواجهة التحديات) ، المنشور في وقائع مؤتمر "الاجتهاد في القرن الحادي والعشرين
تحديات وآفاق" ٢/٩٦ الذي عقد في كوالالمبور بماليزيا في ١٠-١٢/٨/١٤٢٩هـ الموافق
١٢-١٤/٨/٢٠٠٨م.
(٢) أخرجه مسلم برقم ١٩١٧ عن عقبة بن عامر الجهني
رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال على منبره ثلاثا: (ألا إن
القوة الرمي) ، في كتاب الإمارة ـ باب: فضل الرمي والحث عليه ٣/١٥٢٢.
ونظير
هذه الآية ما ورد في قوله تعالى عن النحل: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ
مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً
لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} النحل/٦٩.
فتأمل كيف جاءت كلمة {شفاء}
مطلقة، وقد صح في الحديث: (أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا
رسول الله، إن أخي استطلق بطنه، فقال: اسقه عسلا فسقاه عسلا، ثم جاء فقال:
سقيته عسلا فما زاده إلا استطلاقا، قال: اذهب فاسقه عسلا فذهب فسقاه، ثم جاء
فقال: ما زاده إلا استطلاقا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق الله وكذب
بطن أخيك، اذهب فاسقه عسلا، فذهب فسقاه عسلا فبرأ) [١] .
ولا نريد
هنا أن نستطرد في ذكر منافع العسل، فتلك حقيقة علمية لا نزاع فيها، وقد أفاض
الأطباء في بيان ذلك، إنما نريد أن نبين، أن اللفظ الكريم يبقى متسعا لكل ما
يتوصل إليه العلم الحديث من المنافع، فيدخل فيه ما ذكروه من أنه يصلح علاجا:
(١)
متفق عليه من حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه، أخرجه البخاري برقم ٥٦٨٤في
كتاب الطب ـ باب الدواء بالعسل ١٣/١٤، ومسلم برقم ٢٢١٧ في كتاب السلام ـ باب
التداوي بسقي العسل ١٤/١٦٧.
للمصابين بآفات قلبية، ولمرضى السل
الرئوي، وأمراض الكبد، وأمراض العيون، وللالتئام الجروح، وعلاج حموضة المعدة،
والنزيف المعدي، والإمساك، والقيئ، وقرح المعدة والاثني عشر، والأمراض الجلدية،
وغير ذلك مما بسطه علماء الطب بالأدلة والتقارير الطبية [١] ، حتى قال أحد كبار
علماء الطب [٢] : (إن عسل النحل هو سلاح الطبيب في أغلب الأمراض، واستعماله في
ازدياد مستمر بتقدم الطب، فهو يعطى بالفم، وبالحقن الشرجية، وتحت الجلد وفي
الوريد، ويعطى ضد التسمم الناشىء من مواد خارجية مثل الزرنيخ والزئبق
والكلوروفورم، وكذلك ضغط التسمم الناشىء من أمراض أعضاء في الجسم مثل التسمم
البولى، والناتج من أمراض الكبد والمعدة والأمعاء، وفي الحميات والحصبة وفي
حالات الذبحة الصدرية، وفي احتقان المخ والأورام المخية، وغير ذلك من أمراض)
.
وجاء في كتاب الطب في القرآن عند ذكر الآية {فِيهِ شِفَاءٌ
لِلنَّاسِ} :
ففي ذلك إشارة واضحة ومباشرة إلى كون العسل يستعمل
كعقار، وهو مذكور في كثير من دساتير الأدوية العالمية في فائدته كغذاء وكدواء
لكثير من الأمراض، وهذا يدخل في موضوع الطب الغذائي والطب العلاجي، وقد نشرت
مئات الأبحاث والكتب الطبية حول دواعي استعمالاته وفائدته (مصادر كثيرة) ، وهذه
الآية والله أعلم معناها طبي تخصصي واضح، يتفق عليه المتخصصون كلهم [٣] .
(١)
انظر كتاب: (الإعجاز العلمي في الإسلام ـ القرآن الكريم) فقرة (عسل النحل) ص
٢٤٠-٢٤٥.
(٢) هو الدكتور عبد العزيز إسماعيل رحمه الله تعالى، نقلا
عن المرجع السابق ص ٢٤١.
(٣) انظر الطب في القرآن ـ مبحث أنواع
الإشارات الطبية ـ الإشارات الصريحة والمخصصة ص ٣٩.
وهكذا نرى أن
اللفظ يتسع لكل أنواع العلاج التي توصل إليها الأطباء، ويتسع أيضا لما عسى أن
يتوصلوا إليه في مستقبل الأيام، علما بأن اللفظ قد ورد مطلقا أيضا في الحديث
كما في القرآن، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالشفاءين العسل والقرآن)
[١] ، ولا غرابة في ذلك إذ هما يخرجان من مشكاة واحدة، {وَمَا يَنْطِقُ عَنْ
الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} /٣و٤.
وهذا بخلاف ما إذا
كان اللفظ لا يتسع له، ومن أمثلة ذلك:
قول بعضهم في قوله تعالى: {
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}
الأنعام/٨٢:
وقد أراد المفسرون أن يجعلوا معنى الظلم في مثل هذه
الآيات الشرك، وهو تعيين لا أرى ما يسوغه، وفي قوله تعالى : { ولم يلبسوا
إيمانهم بظلم } قالوا : هو الشرك، ولا أستطيع أن أفهمه على هذا الوجه فإن
المؤمن لا يكون مشركاً!! إنما لبس إيمانه بذنوب كالتي تدل عليها عبارة ظلم
النفس، فيكون المعنى: ولم يلبسوا إبمانهم بذنوب يظلمون بها أنفسهم [٢] .
(١)
أخرجه ابن ماجه برقم ٣٤٥٢ في كتاب الطب باب العسل، وفي الزوائد: إسناده صحيح
رجاله ثقات، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان برقم ٢٥٨١، والحاكم في كتاب الطب
٤/٤٠٣ وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه من حديث ابن مسعود رضي
الله تعالى عنه.
(٢) انظر مجلة اللغة العربية ١٣/٨١.
وهذا
فهم غير سديد، أدى إليه عدم الرجوع إلى التفسير المأثور، ولو رجع إليه لرأى أن
النبي صلى الله عليه وسلم قد فسره بذلك، فقد جاء في الصحيحين [١] عن عبد الله
بن مسعود رضي الله عنه قال : لما نزلت { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا
إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا
: أينا لا يظلم نفسه? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس كما تظنون، إنما
هو كما قال لقمان لابنه: { يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ
لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} لقمان/١٣
فقد بين صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي
الله عنهم أن ظاهر الآية غير مراد، وأن الظلم ليس على إطلاقه وعمومه، بل هو من
العام الذي أريد به الخاص، فالمراد بالظلم أعلى أنواعه وهو الشرك كما قال لقمان
لابنه، فالصحابة رضي الله عنهم حملوا الظلم على عمومه المتبادر منه وهو وضع
الشيء في غير موضعه وهو مخالفة الشرع، فشق عليهم إلى أن أعلمهم النبي صلى الله
عليه وسلم بالمراد بهذا الظلم [٢] .
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري
برقم ٣٢ في كتاب الإيمان باب: ظلم دون ظلم ١/١٨٣، ومسلم برقم ١٢٤ ي كتاب
الإيمان باب: صدق الإيمان وإخلاصه ١/١١٤-١١٥.
(٢) انظر النووي على
مسلم ٢/١٤٣، فتح الباري ١/١٨٤.
وأما قوله: ولا أستطيع أن أفهمه على
هذا الوجه ... إلخ: فإن اللبس جاء من أن خلط الإيمان بالشرك لا يتصور، وليس
الأمر كما توهم، لأن المراد: أنه لم تحصل لهم الصفتان كفر متأخر عن إيمان متقدم
أي: لم يرتدوا. ويحتمل أن يراد: أنهم لم يجمعوا بينهما ظاهراً وباطناً، أي: لم
ينافقوا. ذكر هذا الحافظ ابن حجر وقال: وهذا أوجه ولهذا عقبه المصنف ـ أي
البخاري ـ بباب علامات النفاق، وهذا من بديع ترتيبه رحمهما الله تعالى [١] .ثم
إن من فوائد الحديث: أن من لم يشرك بالله تعالى شيئا فله الأمن وهو مهتد [٢]
على خلاف ما ذهب إليه الدكتور في فهمه السابق، فإنه قد ضيق واسعا!!
المطلب الثالث: نماذج من غير المرفوع، مقارنا بمعطيات العصر.
وأمثلة هذا النوع كثيرة جدا والحمد لله، خذ مثلا قوله تعالى: {أَوَلَمْ
يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا
فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا
يُؤْمِنُونَ} الأنبياء/٣٠، ففي المأثور نجد أن الحاكم أخرج أثرا وصححه عن ابن
عباس رضي الله تعالى عنهما قال: فتقت السماء بالغيث، وفتقت الأرض بالنبات [٣]
.
(١) انظر فتح الباري ١/١٨٥.
(٢) السابق، والنووي على
مسلم ٢/١٤٣.
(٣) أخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال
الذهبي: قلت طلحة واه (٢/٤١٤) ، والبيهقي في الأسماء والصفات والفريابي وعبد بن
حميد كما في فتح القدير ٣/٤٠٦، وذكره ابن عطية ١٠/١٤١ دون أن ينسبه إلى ابن
عباس مستشهدا بقوله تعالى: {والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع} الطارق١١و١٢
وقال: وهذا قول حسن، يجمع العبرة وتعديد النعمة، والحجة بمحسوس بين، ويناسب
قوله تعالى: {وجعلنا من الماء كل شئ حي} ، أي من الماء الذي أوجد الفتق، فيظهر
معنى الآية ويتوجه الاعتبار.
فهذا الأثر لا يمنع أن يضاف إليه ما
توصل إليه العلم الحديث في زماننا مما يسمى بنظرية "لابلاس" أو نظرية "السديم"
عند علماء الفلك، الذين يثبتون أن الشمس والكواكب والأرض كانت قطعة واحدة، وأن
الشمس كانت كرة نارية، وهي في أثناء سيرها السريع انفصلت عنها أرضنا والكواكب
السيارة الأخرى [١] ، فالسموات والأرض كانتا كتلة واحدة ملتصقتين ، ثم فصلهما
الله تعالى بقدرته القاهرة فصارتا على ما هي عليه الآن.
فلا تعارض
بين هذا وما جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ـ على فرض صحتهـ، وما درج
عليه أهل التفسير في القديم، لإمكان الجمع بين المعنيين، وان ذلك يكون لونا من
ألوان التكامل المعرفي بين علوم الوحي وعلوم الكون، والله تعالى أدرى بأسرار
كلامه.
ومن ذلك قوله تعالى حكاية عن الشيطان في إغوائه بني آدم:
وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ
وَلآمُرَنَّهُمْ
فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ
اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ
خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًاالنساء/١١٩.
(١) وتلك الكواكب تسعة مرتبة
حسب قربها من الشمس، وهي: عطارد والزهرة والأرض والمريخ والمشتري وزحل وأورانوس
ونبتون وبلوتوه، ولكل منها مدار حسب تأثير الجاذبية، وهي تجري في الفلك، وهي
تسعة أفلاك دون السموات المطبقة التي يعيش فيها الملائكة، والفلك استدارة في
السماء تدور بالنجوم مع ثبوت السماء، أو هو مجراها وسرعة سيرها. انظر التفسير
المنير ١٧/٤٤، وآيات الخالق الكونية ص ١٠٤، والمعجزات القرآنية ص ١٦.
فقد
ذهب المفسرون رحمهم الله تعالى على أن المراد بتبتيك آذان الأنعام ههنا هو قطع
آذان البحيرة، وذلك أنهم كانوا يشقون آذان الناقة إذا ولدت خمسة أبطن وجاء
الخامس ذكرا، وحرموا على أنفسهم ركوبها والحمل عليها، وسائر وجوه الانتفاع بها،
وقال آخرون المراد أنهم يقطعون آذان الأنعام نسكا في عبادة الأوثان، فهم يظنون
أن ذلك عبادة مع أنه في نفسه كفر وفسق [١] .
وأخرج ابن جرير وابن
أبي حاتم عن قتادة في قوله تعالى: { وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ
الأَنْعَامِ } قال: البتك في البحيرة والسائبة، كانو يبتكون آذانها لطواغيتهم
[٢] ، وأخرجا عن السدي قال: أما يبتكن آذان الأنعام، فييشقونها فيجعلونها بحيرة
[٣] .
وهذا معنى صحيح وثابت في التفسير، غير أن العلم الحديث كشف عن
لون آخر من التفسير، له تعلق بأبحاث الاستنساخ وذلك: (أن تبتيك آذان الأنعام
ارتبط بتغير الخلق في القرآن الكريم، وقد ظهر حديثا تبتيك آذان الأنعام كتقنية
تستخدم في عملية الاستنساخ، ومن جانب آخر فقد ثبت حديثا أن أفضل الخلايا
الجسدية المستخدمة لغرض الاستنساخ هي خلايا آذان الأنعام) [٤] .
(١)
انظر التفسير الكبير ١١/٤٩، ونقل عن الواحدي إجماع المفسرين على ذلك، المقتطف
١/٥٠٥ وغيرهما من كتب التفسير.
(٢) أخرجه ابن جرير برقم ١٠٤٤٥ وابن
أبي حاتم برقم ٤١٢٨ وإسناده صحيح، وذكره السيوطي في الدر المنثور وعزاه أيضا
إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر ٢/٢٢٣، وكذا الشوكاني في فتح القدير
١/٥١٨.
(٣) أخرجه ابن جرير برقم ١٠٤٤٦ وابن أبي حاتم برقم ٤١٢٧
وإسناده حسن.
(٤) اقرأ بحث: "الاستنساخ والقدرة على الخلق بين
القرآن والعلماء" للأستاذين أصيل محمد علي زكر ود. صلاح الدين جمال الدين
بدر.
فهذه إضافة حسنة لا تعارض الفهم السابق، إذ من الممكن الجمع
بينهما، لاسيما وأن البتك يقارب البت في اللغة، لكن البتك يستعمل في قطع
الأعضاء والشعر، وهذا هو المستعمل في عملية الاستنساخ من قبل علماء الغرب
اليوم، حيث يتم قطع جزء من الأذن وإزالة الشعر. [١]
وفي مثل هذا
التكامل المعرفي يقول الدكتور زغلول النجار لدى بحث ما في قوله تعالى: {
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ } الذاريات/٧ من إعجاز علمي:
(وقد يرى
القادمون في هذا الوصف القرآني ما لا نراه الآن، لتظل اللفظة القرآنية مهيمنة
على المعرفة الإنسانية مهما اتسعت دوائرها، وتظل دلالاتها تتسع مع الزمن، ومع
اتساع معرفة الإنسان في تكامل لا يعرف التضاد، وليس هذا لغير كلام الله) [٢]
.
وهذا بخلاف ما لم يتسع اللفظ له، ومن أمثلة ذلك:
(١)
انظر السابق.
(٢) انظر مقال: "من أسرار القرآن ـ الإشارات الكونية
في القرآن الكريم، ومغزى دلالاتها العلمية {والسماء ذات الحبك} المنشور في
جريدة الأهرام بتاريخ ٣/٩/٢٠٠١، نقلا عن كتاب ظواهر كونية بين العلم والإيمان ص
١٠٥."
ما نضطر لإيراده من تفسير قوله تعالى: { وَلا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى
جُيُوبِهِنَّ } النور/٣١ بقول بعضهم: إن جسد المرأة كله زينة، والزينة هنا حتما
ليست المكياج والحلي وما شابه ذلك، وإنما هي جسد المرأة كله، ثم يقسم الجسد إلى
قسمين: قسم ظاهر بالخلق، وهو ما أظهره الله تعالى في خلقها كالرأس والبطن
والظهر والرجلين واليدين، وقسم غير ظاهر بالخلق، وهو ما أخفاه الله في بنية
المرأة وتصميمها، وهو الجيوب المرادة بالآية الكريمة، فالجيوب في المرأة ـ على
زعمه ـ لها طبقتان أو طبقتان مع خرق، وهي ما بين الثديين، وتحت الثديين وتحت
الإبطين والفرج والإليتين، وهذه كلها جيوب، فهذه الجيوب يجب على المرأة المؤمنة
أن تغطيها، ولذا قال: { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ }
!!
ثم يقول: إن السبب في ذلك النهي { وَلا يَضْرِبْنَ
بِأَرْجُلِهِنَّ } هو لكي لا يعلم ما يخفين من زينتهن ـ وهنا الكلام عن الزينة
المخفية وهو الجيوب ـ لأنها لا يمكن أن تعلم إلا إذا أرادت المرأة ذلك، فهذا
يعني أن الله منع المرأة المؤمنة من العمل والسعي (الضرب) بشكل يظهر جيوبها أو
بعضها، كأن تعمل عارضة (ستربتيز) أو تقوم برقصات تظهر فيها الجيوب أو بعضها
ولكنه لم يحرم الرقص بشكل مطلق بل حرم عليها إظهار الجيوب أو بعضها بشكل إرادي
وهذا لا يحصل إلا من أجل كسب المال أو على شواطئ البحار [١] .
فانظر
كيف نسف ما استقر عليه إجماع المسلمين على مدى أكثر من أربعة عشر قرنا من
الزمان؟ منذ فسرته أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها حين قالت: (يرحم الله
نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى
جُيُوبِهِنَّ } شققن مروطهن فاختمرن بها) [٢] .
(١) انظر الكتاب
والقرآن ـ قراءة معاصرة ص ٦١٣.
(٢) أخرجه البخاري برقم ٤٧٥٨ في كتاب
التفسير ١٠/٥١٠.
فلو تأمل ما ورد من المأثور في هذا المجال لاحترم
عقله ووقف عنده، وما سمح لقلمه أن يخط مثل هذا الهراء [١] ، المؤدي إلى الهدم
والإلغاء.
فائدة: في الفرق بين الجديد والتجديد.
يستحسن هنا أن نشير إلى الفرق بين الجديد المختلق، وبين التجديد
لما سبق، لما لذلك من أهمية وارتباط بموضوع البحث، وذلك باختصار على النحو
الآتي:
بالرجوع إلى قواميس اللغة نجد أنهم قالوا: جد يجدّ فهو جديد،
وجدده واستجده: صيره جديدا، فتجدد، والجديد: ضد البلى [٢] .
والتجديد
في أصل معناه اللغوي ـ كما يقول الشيخ بسطامي ـ يبعث في الذهن تصورا تجتمع فيه
ثلاث معان متصلة [٣] ، لا يمكن فصل أحدها عن الآخر، ويستلزم كل واحد منها
المعنى الآخر، وهذه المعاني كالتالي:
١. أن الشيء المجدد قد كان في
أول الأمر موجودا وقائما، وللناس به عهد.
٢. أن هذا الشيء أتت عليه
الأيام فأصبح قديما.
٣. أن ذلك الشيء قد أعيد إلى مثل الحالة التي
كان عليها قبل أن يبلى ويخلق.
وبالرجوع إلى الكتاب الكريم لم نجد
فيه لفظ التجديد، إنما وجدنا لفظ {جديد} ، وذلك في ثلاث آيات وهي قوله تعالى: {
وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا
جَدِيدًا } الإسراء/٤٩، وقوله تعالى: { بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ
جَدِيدٍ } ق/١٥ وقوله تعالى:
{ وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي
الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } السجدة/١٠.
والمراد
بالجديد في الآيات الكريمات، هو البعث والإعادة، وهو ما كان يستبعده المشركون
ويتعجبون منه.
(١) انظر إضافة إلى ما ذكره البخاري الآثار التي
أخرجها ابن جرير ١٨/٩٧ طبعة دار المعرفة، وابن أبي حاتم الرازي ٢/٢٨٠ في تفسير
سورة النور.
(٢) انظر القاموس المحيط ١/٥٥١، المعجم الوسيط
١/١٠٩.
(٣) انظر مفهوم تجديد الدين للأستاذ بسطامي محمد سعيد ص
١٥.
ولدى التأمل في المعنى اللغوي، نستطيع أن نقول: إن إطلاق لفظ
التجديد على الدين إطلاق سليم، ويمكن أن نعد قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله
يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) [١] أصلا لهذا الفهم
السليم، ومثله ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (جددوا إيمانكم قيل: يا
رسول الله، كيف نجدد إيماننا؟ قال: أكثروا من قول لا إله إلا الله) [٢] .
وهذا
الفهم هو الذي عناه أبو سهل الصعلوكي [٣] رحمه الله تعالى بقوله: أعاد الله هذا
الدين بعد ما ذهب يعني أكثره بأحمد بن حنبل وأبي الحسن الأشعري وأبي نعيم
الاستراباذي [٤] .
(١) أخرجه أبو داود برقم ٤٢٩١ في كتاب الملاحم
باب ما يذكر في قرن المائة ٤/١٠٩، وقد استوفينا تخريجه في تحقيق رسالة "قراءة
البسملة أول براءة" لملا علي القاري، المنشورة في مجلة الدراسات الإسلامية
بإسلام آباد العدد الرابع المجلد الثامن والعشرون سنة ١٤١٤هـ/١٩٩٣م.
(٢)
أخرجه الإمام أحمد برقم ٨٧١٠ ، والحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه
الذهبي فقال: فيه صدقة ضعفوه ٤/٢٥٦، وأبو نعيم في الحلية ٢/٣٥٧ وغيرهم.وقال
العزيزي في السراج المنير ٣/٧٦: وإسناد أحمد صحيح، وكذا قال المناوي في التيسير
١/٤٨٥، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده ضعيف ١٤/٣٢٨.
(٣) هو الإمام
محمد بن سليمان، قال الذهبي: الفقيه الشافعي الأديب اللغوي، المتكلم المفسر
النحوي الشاعر المفتي الصوفي، حبر زمانه، بقية أقرانه، هذا قول الحاكم فيه،
وقال الصاحب بن عباد: ما رأينا مثله ولا رأى مثل نفسه، توفي سنة ٣٦٩هـ رحمه
الله تعالى. انظر تاريخ الإسلام ـ حوادث وفيات (٣٥١-٣٨٠) ص٤٢٣، الأعلام
٦/١٤٩.
(٤) انظر تبين كذب المفتري لابن عساكر ص ٥٣، وفيه: بعد
الصعلوكي: أم الشيخ الإمام أبا بكر الاسماعيلي.
وقد سار في ضوئه
علماء التفسير عبر القرون، ومن هنا تعددت مناهج المفسرين، وكثرت الإضافات
التفسيرية السديدة، بما شغل حيزا واسعا في مكتبة التفسير في العالم
الإسلامي.
غير أن هذا الفهم السليم لم يكن هو المقصود عند دعاة
التجديد لاسيما في عصرنا الحديث، وإنما يعنون به:
إعمال الفكر في
فهم القرآن فهما جديدا، دون الرجوع إلى شئ من أفهام السابقين، من رجال المأثور
والمعقول، أوالتقيد بقواعد لغة القرآن، أو بشئ من الضوابط التي وضعها علماء
أصول الفقه وعلوم القرآن [١] .
وهو مسلك غير حميد، أدى إلى تلاعب
عجيب بالألفاظ، وجنوح عن المنهج السليم أفرز كما هائلا من الانحرافات الخطيرة
في التفسير، الأمر الذي حدا برجال العلم والفكر في العالم الإسلامي للتصدي لذلك
الضلال ورده ودحضه.
وقد أخذ هذا الفهم الجديد مسمى جديدا، في
السنوات الأخيرة يقال له: "الهرمنوطيقيا" [٢] ، وهي القراءة الجديدة للقرآن
الكريم.
وخلاصة القول إن ثمة فرقا بين الجديد والتجديد، وان ما يسمى
هذه الأيام بالتجديد الرافض للمأثور، المتحلل من القيود والضوابط، يعدّ معول
هدم في الإسلام، يؤدي إلى ظهور إسلام جديد، غير ما جاء به محمد صلى الله عليه
وسلم، وغير ما عرفه المسلمون عبر القرون، فلا يصح لذي علم أن يسكت عليه، بل يجب
رفضه ورده بحزم وقوة.
الخاتمة
(١) انظر بحثنا: "القراءة الجديدة للقرآن الكريم .. بين المنهج
الصحيح والانحراف المسيئ" ، الذي نشرته حولية كلية الشريعة بجامعة أفريقيا بأم
درمان السودان في عددها الحادي عشر سنة ٢٠٠٨م.
(٢) الهرمنوطيقيا
تعني القراءة الجديدة للقرآن والنصوص الدينية، بمعنى إطلاق الحرية لقارئ النص
في تفسيره دون الاحتكام إلى اللغة التي جاء بها، والسنة الشارحة للقرآن، وما
أطبق عليه علماء التفسير في شتى العصور. انظر بحث الشيخ حسن الجواهري ص٣،
المقدم إلى المجمع الفقهي في دورته السادسة عشرة.
وبعد الوصول ـ
بحمد الله تعالى وتوفيقه ـ إلى إكمال هذا البحث، أذكر هنا ما توصل إليه من
نتائج، وذلك على شكل نقاط محددة على النحو الآتي:
[١] يعدّ ما صحّ
من التفسير بالمأثور، من أحسن طرق التفسير التي ينبغي أن يسلكها المفسر في
الكشف عن مراد الله تعالى.
[٢] ترجع قيمة التفسير بالمأثور إلى قيمة
مصادره الأصلية، وتظهر مدى أهميته من مدى أهميتها.
[٣] تفسير القرآن
بالسنة لا يتوقف على توضيح المفردات، بل يدخل في ذلك توضيح المجمل وتقييد
المطلق وتخصيص العام، وبذلك تخرج كثيرا من الصيغ القرآنية عن ظاهر مفهومها في
أصل اللغة.
[٤] ليس التفسير بالمأثور محض نقل، بل للعقل دخل فيه.
[٥]
الدعوة إلى الالتزام بالمأثور لا تعني الجمود عليه، وإنما تعني أنه قاعدة
الانطلاق إلى وجوه التفسير، والانتهال من معين القرآن الذي لا ينضب.
[٦]
والدعوة إليه ـ أيضا ـ لا تعني اعتماده على كل حال، وإنما اعتمادا قائما على
النظر والتأمل والتمحيص والنقد.
[٧] إن كثيرا من الانحرافات
التفسيرية الخطيرة، إنما وقعت لجنوح أصحابها عن التفسير بالمأثور، وعدم التقيد
بضوابط التفسير وقواعده المقررة.
[٨] إن التكامل المعرفي بين
التفسير بالمأثور ومستجدات العلوم يتحقق فيما يتسع له اللفظ العربي الذي نزل به
القرآن الكريم، وأمثلة ذلك كثيرة متنوعة.
[٩] هناك فرق بين الجديد
والتجديد، وإذا كانت فكرة الجديد مرفوضة لأنها بدعة، فإن التجديد مطلوب، وعلى
هذا سارت الأمة عبر القرون.
التوصيات:
وأذكر هنا بعض
التوصيات في نقاط محددة كما يأتي:
[١] أن يكون هناك مجمع عالمي لأهل
التفسير، على غرار المجامع الفقهية واللغوية.
[٢] أن تنبثق من خلال
ذلك المجمع لجان متخصصة في تتبع وجمع ما يصدر من آراء جديدة في التفسير.
[٣]
أن تشكل لجان علمية من كبار علماء التفسير في العالم الإسلامي، تكون مهمتها
دراسة تلك الآراء ونقدها نقدا علميا هادفا.
أهم مراجع البحث
بعد
القرآن الكريم.
(١) أبرز أسس التعامل مع القرآن الكريم أ.د/ عيادة
بن أيوب الكبيسي ـ دار البحوث وإحياء التراث ـ دبي ـ الطبعة الثالثة.
(٢)
اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر أ.د/ فهد بن عبد الرحمن الرومي ـ مؤسسة
الرسالة ـ بيروت.
(٣) أصول التفسير وقواعده الشيخ خالد العك ـ دار
النفائس ـ دمشق.
(٤) الإعجاز العلمي في الإسلام، القرآن الكريم
تأليف محمد كامل عبد الصمد ـ نشر الدار المصرية اللبنانية الطبعة الخامسة سنة
١٤٢١هـ / ٢٠٠٠م.
(٥) إعجاز القرآن والبلاغة العربية للأستاذ محمد
صادق الرافعي (ت ١٩٣٧م) ـ
تحقيق عبد الله المنشاوي ـ مكتبة الإيمان
ـ القاهرة.
(٦) الأعلام للأستاذ خير الدين الزركلي (ت١٣٩٦هـ) ـ دار
العلم للملايين.
(٧) بحوث في أصول التفسير ومناهجه أ.د/ فهد الرومي
ـ مكتبة التوبة ـ الرياض.
(٨) بحوث الدورة السادسة عشرة لمجمع الفقه
الإسلامي ـ دبي.
(٩) البرهان في علوم القرآن للإمام بدر الدين
الزركشي (ت٧٩٥هـ) ـ تحقيق الدكتور يوسف المرعشلي وغيره ـ دار المعرفة ـ
بيروت.
(١٠) تاريخ الإسلام للإمام محمد بن أحمد الذهبي (ت ٧٤٨هـ) ـ
تحقيق د/عمر عبدالسلام تدمري ـ دار إحياء الكتاب العربي ـ بيروت.
(١١)
التعريفات للإمام علي بن محمد الجرجاني (ت ٨١٦هـ) ـ دار الكتاب العربي .
(١٢)
التفسير بالرأي.. قواعده وأعلامه للدكتور محمد زغلول ـ مكتبة الفارابي ـ
دمشق.
(١٣) التفسير الصحيح أ.د/ حكمت بشير ـ دار المآثر ـ المدينة
النبوية.
(١٤) التفسير والمفسرون أ.د/ محمد حسين الذهبي ـ دار إحياء
التراث العربي ـ بيروت.
(١٥) ـ تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير
(ت٧٧٤هـ) ـ دار إحياء الكتب العربية.
(١٦) تفسير المنار للسيد محمد
رشيد رضا (ت١٣٥٤هـ) ـ دار الفكر للطباعة والنشر.
(١٧) الجواهر
الحسان للإمام عبد الرحمن الثعالبي (ت٨٧٥هـ) ـ تحقيق الأستاذ محمد الفاضلي ـ
المكتبة العصرية ـ بيروت.
(١٨) الحداثة والنص القرآني رسالة ماجستير
إعداد محمد رشيد أحمد ريان ـ الجامعة الأردنية.
(١٩) سنن ابن ماجة
بشرح السندي ـ دار المعرفة ـ بيروت.
(٢٠) الطب في القرآن تأليف
الدكتور محمد جميل الحبّال، والدكتور وميض رمزي العمري ـ دار النفائس ـ بيروت ـ
الطبعة الأولى سنة ١٤١٨هـ/١٩٩٧م.
(٢١) ظواهر كونية بين العلم
والإيمان للمهندس عبد الدائم الكحيل الطبعة الأولى سنة ١٤٢٩هـ / ٢٠٠٨م ـ جائزة
دبي الدولية للقرآن الكريم.
(٢٢) صحيح البخاري الإمام محمد بن
إسماعيل (ت٢٥٦هـ) ـ دار أبي حيان ـ القاهرة، ومعه فتح الباري للحافظ ابن حجر (ت
٨٥٢هـ) .
(٢٣) صحيح مسلم الإمام أبو الحسين النيسابوري (ت٢٦١هـ) ـ
دار الكتب العلمية.
(٢٤) العدة في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى
الحنبلي ـ تحقيق د أحمد بن علي المباركي ـ الطبعة الثالثة سنة ١٤١٤هـ .
(٢٥)
علوم القرآن الكريم أ.د/ نور الدين العتر ـ مطبعة الصباح ـ دمشق.
(٢٦)
القاموس المحيط للإمام مجد الدين الفيروزآبادي (ت٨١٧هـ) دار إحياء التراث
العربي.
(٢٧) قواعد التفسير جمعا ودراسة للأستاذ خالد السبت ـ دار
ابن عفان، الخبر، السعودية.
(٢٨) الكتاب والقرآن قراءة معاصرة
للمهندس د.محمد شحرور ـ الأهالي ـ دمشق.
(٢٩) لسان العرب الإمام
محمد بن منظور (ت ٧١١هـ) ـ دار صادر ـ بيروت.
(٣٠) مجموع فتاوى ابن
تيمية (ت ٧٢٨هـ) ـ جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم وابنه محمد الطبعة الأولى سنة
١٣٩٨هـ.
(٣١) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة محمد
الموصلي ـ مكتبة الرياض الحديثة ـ الرياض.
(٣٢) المدرسة الحداثية
والنص القرآني رسالة ماجستير إعداد سلامة سلطان راشد المهيري ـ جامعة
الشارقة.
(٣٣) المستدرك على الصحيحين للإمام الحاكم (ت٤٠٥هـ) ـ
مطابع النصر ـ الرياض.
(٣٤) معالم التنزيل للإمام البغوي (ت٥١٦هـ) ـ
دار المعرفة بيروت.
(٣٥) المعجزات القرآنية تأليف هارون يحيى ـ
ترجمة مصطفى الستيتي.
(٣٦) مفردات القرآن للراغب الأصفهاني (ت في
حدود ٤٢٥هـ) ـ دار القلم ـ دمشق.
(٣٧) المعجم الوسيط إخراج إبراهيم
مصطفى وغيره ـ دار الدعوة ـ إستانبول. تركيا.
(٣٨) مقدمة في أصول
التفسير للإمام ابن تيمية (ت٧٢٨هـ) ـ تحقيق أ.د عدنان زرزور دار القرآن الكريم
ـ الكويت.
(٣٩) مقدمة التفسير للراغب الأصفهاني ـ نشر قديمي كتب
خانة ـ كراجي ـ باكستان.
(٤٠) مناهج المفسرين للدكتور أحمد بن محمد
الشرقاوي ـ الرياض سنة ١٤٢٤هـ.
(٤١) مناهج المفسرين في عصر الصحابة
للأستاذ الدكتور مصطفى مسلم ـ دار المسلم ـ الرياض.
(٤٢) مناهل
العرفان في علوم القرآن للشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني ـ تحقيق فواز أحمد
زمرلي ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت.
(٤٣) الموافقات للإمام أبي
إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي (ت٧٩٠هـ) بشرح عبد الله دراز ـ دار المعرفة ـ
بيروت.